الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 أبريل 2020

الطعن 2 لسنة 31 جلسة 16/ 5/ 1961 مكتب فني 12 ج 2 هيئة عامة ق 2 ص 385

جلسة 16 من مايو سنة 1961
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحى الصباغ، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفى، ومحمد عطية اسماعيل، ومحمود حلمى خاطر، وعادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسن خالد المستشارين.
-----------
(2)
الطعن رقم 2 لسنة 31 "هيئة عامة"
(أ) نقض. عقوبة الإعدام.
عرض القضايا المحكوم فيها حضوريا بعقوبة الإعدام على محكمة النقض. ميعاد المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959. ميعاد تنظيم. أثر ذلك: اتصال محكمة النقض بالقضية بمجرد عرضها عليها سواء قدمت النيابة مذكرة أو لم تقدم. وسواء قدمت المذكرة قبل فوات ميعاد المادة 34 أو بعده.
(ب) قتل عمد. حكم "تسبيبه". نقض.
نية إزهاق الروح. علاقة السببية بين الإصابة والوفاة. وجوب استظهار الحكم هذين الركنين. إغفال ذلك. قصور. نقض. 
الخروج عن قاعدة نسبية أثر الطعن. نقض الحكم أيضا بالنسبة لمن لم يقدم أسبابا لطعنه. المادة 42 من القانون 57 لسنة 1959.
(جـ) حكم "تسبيبه".
ما يعيبه. التخاذل والتهاتر وتعارض الأدلة والغموض. مثال.
----------------
1 - تجاوز الميعاد المبين بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة القضية المحكوم فيها حضوريا بعقوبة الإعدام على محكمة النقض عملا بنص المادة 46 من القانون المذكور، ذلك بأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية، والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا (وجاهيا)، وتتصل المحكمة بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر، وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها - سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده، وذلك درءا للشبهة بين حق النيابة وواجبها: حقها في الطعن بطريق النقض في الحكم بوصف أنها من خصوم الدعوى الجنائية، وواجبها في أن تعرض القضية طبقا للمادة 46 المذكورة.
2 -  القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص، هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه، وهذا العنصر بطبيعته أمر داخلي في نفس الجاني، ويجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وإيراد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه قد كان في الواقع يقصد به إزهاق روح المجنى عليه. فإذا كان الحكم قد اقتصر على بيان إصابات المجنى عليهما دون أن يستظهر نية إزهاق الروح، كما أنه لم يستظهر علاقة السببية بين تلك الإصابات كما أوردها الكشف الطبي وبين الوفاة التي حدثت، فإنه يكون معيبا بما يكفى لنقضه بالنسبة إلى الطاعن الأول وكذلك بالنسبة إلى الطاعن الثاني - ولو أنه لم يقدم أسبابا لطعنه - لاتصال هذا الوجه من الطعن به عملا بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - إذا أثبت الحكم أن الجناية وقعت بسبب حقد المتهم على المجنى عليه ورغبته في الانتقام منه والثأر لما يزعمه من عرض مهان مرده الحادث الخلقي، ثم نفى في الوقت نفسه قيام هذا الدافع لمضى عشر سنوات على الحادث المذكور وإتمام الصلح بين المتهم وبين زوجته وخصمه المجنى عليه وقبضه منه مالا لقاء هذا الصلح، فإن الحكم يكون منطويا على تهاتر وتخاذل لتعارض الأدلة التي ساقها في هذا الخصوص بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر، هذا فضلا عن غموض الحكم في خصوص تحصيله دفاع المتهم بشأن ما أثاره من اعتراض على بطلان بعض إجراءات التحقيق بما يعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على سلامة إجراءات الدعوى.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - حسن بن خضره عده و 2 - بلعباس ابن أحمد بقاره الجيلانى و 3 - على بن صالح الإبراهيم بأنهم في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1958 بدمشق أولا - قتلوا "المغدور" ديب سنبل وزوجته "المغدورة" ديبة عرابي وأشعلوا النار بمكان آهل بالسكان - ثانيا - اقتنوا سلاحا ممنوعا. وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة جنايات دمشق طبقا للمواد 314 و 318 و 535 و 574 من قانون العقوبات السوري، فقرر بذلك بتاريخ 22 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1959. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات دمشق ادعى بحق شخصي عبد الجليل عرابي عن نفسه وبصفته أحد ورثة ابنته ديبه عرابي ووصيا على القاصرين ولدى المجنى عليه والمحكمة المذكورة قضت وجاهيا بالاتفاق: 1 - تفريق محاكمة المتهم الموقوف بلعباس بن أحمد بقاره المريض لحين شفائه وإمكانية معاودة محاكمته. 2 - تجريم المتهم الموقوف حسن بن خضره عده بجناية الاشتراك بقتل المغدورين ديب سنبل وزوجته ديبه عرابي عن سبق تصور وتصميم والتحريض على ذلك. 3 - الحكم عليه بعقوبة الإعدام وفقا للفقرة الأولى من المادة 535 عقوبات والمادتين 216 و 217 عقوبات. 4 - براءته من جرم الاشتراك بالحريق لضعف الدليل. 5 - براءته أيضا من جرم حمل سلاح ممنوع للسبب ذاته. 6 - تحسب له المدة اعتبارا من تاريخ توقيفه الواقع في 8/ 11/ 1958. 7 - تجريم المتهم الموقوف على صالح الإبراهيم بجناية الاشتراك بجريمة القتل المذكورة. 8 - الحكم عليه بعقوبة الإعدام وفقا للفقرة الأولى من المادة 535 عقوبات. 9 - للسبب المخفف التقديري تبديل هذه العقوبة بالأشغال الشاقة المؤبدة عملا بالمادة 243 عقوبات... إلى آخر ما قضى به منطوق الحكم. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض. كما طعن فيه المحكوم عليه الثاني ولكنه لم يقدم أسبابا لطعنه. وبتاريخ 24 يناير (كانون الثاني) سنة 1961 قررت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض بدمشق بأكثرية الآراء إحالة الدعوى إلى الهيئة العامة للمواد الجزائية بمحكمة النقض للحكم فيها بما تراه طبقا لنص المادة 4 فقرة أخيرة من القانون 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية.

المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا (وجاهيا) بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1960 بمعاقبة الطعن الأول "حسن بن خضره عدة " بالإعدام ومعاقبة الطاعن الثاني "على بن صالح الإبراهيم" بالأشغال الشاقة المؤبدة وبحجر المحكوم عليهما المذكورين وتجريدهما وإلصاق الحكم بحقهما ومنعهما من الإقامة مدة ثلاث سنوات وبتضمينها بالتكافل والتضامن حقا شخصيا إلى ورثة المغدورين مبلغ عشرين ألف ليرة سورية وتضمينهما الرسم النسبي للحق الشخصي وبمصادرة أدوات الجريمة وبإعادة ما تبقى من السلفة إلى المدعى وتضمينهما أتعاب محاماة خمسمائة ليرة سورية يدفع ريعها لصندوق نقابة المحامين وبإيصال سند الكفالة وتضمين المحكوم عليهما مبلغ ألف وخمس وثلاثين ليرة سورية المصروف من نفقات الجرائم العامة لقاء نفقات خبرة وتحليل وكشوف وسبع ليرات ونصف خرج التحقيق وعشرين ليرة سورية رسم الحكم - وبتفريق (تأجيل) محاكمة المتهم الثاني في الدعوى "بلعباس بن أحمد بقاره" لحين شفائه وإمكانية إعادة محاكمته، وقد أدين الطاعن الأول في جناية الاشتراك في قتل المجنى عليهما (المغدورين) ديب سنبل وزوجته ديبه عرابي مع سبق "التصور" والتصميم عملا بالمواد 216 و 217 و 535/ 1 من قانون العقوبات السوري كما أدين الطاعن الثاني بجنايتي الاشتراك في القتل سالفة الذكر والحريق العمد وجنحة حمل سلاح ممنوع عملا بالمواد 243 و 314 و 535/ 1 و 573 و 574 من قانون العقوبات السوري مع تطبيق المادة 204 من القانون المذكور وتطبيق المواد 49 و 25 و 67 و 82 بالنسبة إلى الطاعنين معا. وقد عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بمذكرة برأيها في الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1960 عملا بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مجاوزة في ذلك الميعاد المبين بالمادة 34 من القانون المذكور وهو أربعون يوما من تاريخ الحكم سالف البيان.
وحيث إن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة للقضية على محكمة النقض، ذلك بأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحا إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضوريا (وجاهيا) وتتصل المحكمة بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقا للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده وذلك درءاً للشبهة بين حق النيابة وواجبها: حقها في الطعن بطريق النقض في الحكم بوصف أنها من خصوم الدعوى الجنائية، وواجبها في أن تعرض القضية طبقا للمادة 46 المذكورة. لما كان ذلك، وكانت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض التي عقدت بدمشق قد قررت بتاريخ 24 كانون الثاني (يناير) سنة 1960 بأكثرية الآراء إحالة الدعوى إلى هذه الهيئة العامة للفصل فيها وفقا للمادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية لما ارتأته من عدول عن المبدأ القانوني الذى قررته أحكام سابقة القاضي بعدم قبول عرض النيابة للقضايا المحكوم فيها بالإعدام ما لم تكن مقدمة في الميعاد القانوني المنوه عنه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكانت الهيئة العامة ترى بإجماع الآراء إقرار الدائرة الجزائية بمحكمة النقض على ما ارتأته أكثرية أعضائها من عدول عن المبدأ سالف البيان والقضاء بأن تجاوز الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 المذكورة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة المنصوص عليه في المادة 34 المذكورة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة للقضايا المحكوم فيها حضوريا (وجاهيا) بعقوبة الإعدام على محكمة النقض عملا بنص المادة 46 من القانون المذكور للأسباب المتقدمة والفصل في الدعوى عملا بالمادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله "أن الطاعن الأول أقام وزوجته اللبنانية الجنسية - بعد تركه الخدمة العسكرية - بالقرب من جسر نورا عند مدخل دمشق الشمالي حيث كان المجنى عليه (المغدور) ديب سنبل يعمل بدكانه "كسمان" ويظهر أن الزوجة كانت على علاقة بالمجنى عليه المذكور إذ فاجأها زوجها (الطاعن الأول) ذات يوم بحالة مريبة فأقدم على ضرب المجنى عليه وجرحه وهدده بنسف دكانه وقد طلق زوجته مدة من الزمن ثم تصالح مع المجنى عليه لقاء مبلغ من المال ورضى برجوع الزوجة إليه للعناية بابنته منها ومرت الأيام ولكن الغيظ والحقد كانا قد تملكا منه بعد مغادرته جسر نورا إلى حرستا حيث كان يعمل سائق سيارة بنزين وكان رفيقه القديم في الجندية "المتهم الثاني في الدعوى" على صلات معه وعلى علم بحادث الزوجة مع المجنى عليه فحرض الطاعن الأول على الانتقام وعرض عليه خدماته لقاء مبلغ من المال كان الطاعن المذكور يدفعه إليه على أقساط مقترا على نفسه حتى سدد المبلغ بالكامل وهو ألف ليرة سورية. وعندما دخلت الجريمة المتفق عليها حيز التنفيذ وتواعد المجرمون على اللقاء بالقرب من دار المجنى عليه وكان المتهم الثاني (بلعباس) قد طلب من اثنين من رفاقه أحدهما "المتهم الثالث على صالح الإبراهيم" (الطاعن الثاني) وهو مغربي مثله والرابع بقى مجهولا، على المساهمة في هذه الجناية فلبوا طلبه ووزعوا العمل فيما بينهم حيث بقى الطاعن الأول يراقب خارج دار المجنى عليه ودخل الآخرون إلى حيث يرقد المجنى عليهما وأطفالهما ففتكوا بالأولين ثم أضرموا النار في البيت للتضليل وإخفاء معالم الجريمة" وأورد الحكم نقلا عن التقرير الطبي الإصابات التي شوهدت بجثتي المجنى عليهما وكيفية حدوثها وسبب الوفاة وساق الأدلة على ثبوت الواقعة بالنسبة إلى الطاعن الأول وحصرها في اعترافه المتكرر أمام القاضي المحقق المؤيد بشهادة الشهود الذين استمعوا إليه وهم الرائد بهاء الدين الخوجة والمقدم أكرم طباره والمقدم رسلان بن سعيد الشطا وعبد الجليل بن عزو الشماع والمؤيد أيضا بالأمارات المادية المستمدة من العثور على نقطة دماء من زمرة (فصيلة) دماء القتيلين "بجراب" الطاعن المذكور ووجود مفك البراغي الإنكليزي الذى كان يستعمله في مهنته كسائق ملوثا بالدماء في دار المجنى عليهما على اثر مقتلهما وحرق دارهما وبتمثيل الجريمة من قبل الطاعن المذكور في محضر الضبط المؤرخ 24/ 12/ 1959 ووجود فردة حذاء له في دار المجنى عليهما وما جزم به إلياس بن يوسف الصباغ في التحقيق من أن الفردة المذكورة هي إحدى فردتي الحذاء الذى كان يلبسه الطاعن وباستعراف الكلب البوليسي على هذا الأخير بعد ما عرضت عليه فردة الحذاء المذكورة وما شهدت به فاطمة محمد بناري زوجة المتهم الثاني "بلعباس" في التحقيق وأمام المحكمة من أن زوجها لم يكن صديقا للطاعن الأول وإنما كانت بينهما معرفة عندما كانا في الجيش سويا. وأورد الحكم من بين أدلة الثبوت ما شهد به عبد الفتاح اسماعيل حلاوة أمام المحكمة من أنه اضطر خوفا من رجال المباحث إلى أن يقرر لهم ولقاضي التحقيق أن المفك الذي عثر عليه بحديقة المنزل هو للطاعن المذكور وبأنه لا معلومات لديه. وخلص من ذلك إلى أخذ الطاعن الأول بالمادة 535 من قانون العقوبات بفقرتها الأولى "لأن الجريمة وقعت على أثر تصور وتصميم من قبله بالاشتراك منه والتحريض عليها من قبله ودفعه المال لقاء ذلك وحضوره بالذات حين تنفيذها وتوليه مهمة مراقبة مكان اقترافها وتسهيل مهمة شريكيه. فهو الذي دعا إليها وحضرها وأشار إلى محل وجود غريمه وقد وقعت الجناية بسبب حقده على المغدور ورغبته بالانتقام منه والثأر لما يزعمه من عرض مهان". وقصر مساءلته على الاشتراك في القتل دون ارتكاب الحريق عمدا. ثم عرض الحكم إلى ما دفع به المدافع عن الطاعن المذكور من قيام الدافع الشريف فقال "يطلب الدفاع اعتبار الجريمة وقعت بدافع شريف وهذا الطلب متناقش مع طلب البراءة إذ أن المتهم (الطاعن الأول) لابد له من الاستفادة (أي لا حق له) من أحكام المادة 192 عقوبات لجريمة ينكرها ولا يعترف بها أصلا. هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يوجد في القضية دافع شريف بعد أن مضى على الحادثة الأخلاقية - سبب الجريمة - عشر سنوات وتصالح المتهم حسن مع زوجته ومع خصمه المغدور وقبض منه مالا لقاء ذلك ولم يعد في القضية أي تهديد أو تعرض لشرف المتهم من قبل أحد". وعرض الحكم إلى الدفع ببطلان اعتراف الطاعن المذكور في قوله "يزعم الدفاع بأن اعتراف حسن انتزع منه انتزاعا بوسائل قسرية ولكن هذا الطعن لم يتأيد بأي دليل - لا بل إن كل ما في التحقيق يدل بجلاء ووضوح على أن الحادث كما رواه حسن مطابق للواقع إذ لا يعقل أن يكون المحقق على علم بالغيب حتى يسرد كل هذه التفاصيل ويشير إلى الأمكنة والأشياء ويسمى الأشخاص ويقوم بتصوير الجريمة كما مثلها المتهم المذكور، فضلا عن أن الاعتراف المشار إليه قد
تكرر أمام الشهود المذكورين آنفا وبعضهم غرباء عن التحقيق وعن الشرطة". لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر بطبيعته أمر داخلي في نفس الجاني ويجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وإيراد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه قد كان في الواقع يقصد به إزهاق روح المجني عليه. وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على بيان إصابات المجنى عليهما دون أن يستظهر نية إزهاق الروح، كما أنه لم يستظهر علاقة السببية بين تلك الإصابات كما أوردها الكشف الطبي وبين الوفاة التي حدثت مما يعيب الحكم بما يكفى لنقضه بالنسبة إلى الطاعن الأول وكذلك بالنسبة إلى الطاعن الثاني ولو أنه لم يقدم أسبابا لطعنه لاتصال هذا الوجه من الطعن به عملا بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959، فضلا عما تردى فيه الحكم من تناقض وفساد في الاستدلال على نفى الدافع الشريف لدى الطاعن الأول إذ أثبت أن الجناية وقعت بسبب حقده على المجنى عليه ورغبته في الانتقام منه والثأر لما يزعمه من عرض مهان مرده الحادث الخلقي ثم نفى في الوقت نفسه قيام هذا الدافع لمضى عشر سنوات على الحادث المذكور واتمام الصلح بين الطاعن وبين زوجته وخصمه المجنى عليه وقبضه منه مالا لقاء هذا الصلح وحتم الإعمال حكم المادة 192 من قانون العقوبات السوري - التي توجب في حالة ما إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفا استبدال عقوبة الاعتقال المؤقت بالإعدام - ضرورة اعتراف المتهم بالجريمة. وهذا الذي ذهب إليه الحكم ينطوي على تهاتر وتخاذل لتعارض الأدلة التي ساقها الحكم في هذا الخصوص بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر كما يتضمن خطأ في تأويل القانون، ذلك أنه لا يشترط لتوافر الدافع الشريف في حكم المادة 192 المذكورة أن يكون المتهم معترفا بجرمه بل يكفى أن يكون ظاهرا من الواقع والأدلة التي أوردها الحكم. هذا فضلا عن غموض الحكم في خصوص تحصيله دفاع الطاعن المذكور بشأن ما أثاره من اعتراض على بطلان بعض إجراءات التحقيق بما يعجز هذه المحكمة من إعمال رقابتها على سلامة إجراءات الدعوى. لم كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى المحكوم عليهما والإحالة إلى محكمة جنايات دمشق للفصل في القضية مجددا من هيئة أخرى وألزمت المطعون ضده المصاريف.

الطعنان 428 ، 451 لسنة 25 ق جلسة 5 / 1 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 1 ص 45


جلسة 5 من يناير سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.
-------------
(1)
الطعنا رقما 451، 428 لسنة 25 القضائية

نقض "إجراءات الطعن" "إعلان الطعن".
سريان أحكام المواد من 9 - 17/ 1 من القانون 57/ 59 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التي لم تحدد بعد جلسة لنظرها أمام دائرة المواد المدنية والتجارية عند العمل به. إطلاق المادة 5 من مواد الإصدار حكمها في هذا الشأن مما يفيد وجوب إعمال حكم المادة 11 بالنسبة لجميع الطعون التي لم تكن قد حددت لها جلسة ولو كانت رفعت قبل العمل بالقانون 401/ 55. مثال.

-------------
إذا كان الواقع أن طعنا رفع قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - ولم تكن قد حددت جلسة لنظرة أمام دائرة المواد المدنية والتجارية عند العمل بهذا القانون في 21 من فبراير سنة 1959، فإنه إعمالاً لحكم المادة الخامسة من مواد إصداره تسري عليه أحكام المواد من 9 إلى 17 فقرة أولى منه، ولما كانت المادة 11 من القانون المشار إليه توجب على الطاعن إذا ما صدر قرار بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة أن يقوم بإعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم مؤشراً عليه بقرار الإحالة خلال الخمسة عشر يوماً التالية لهذا القرار، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على اعتبار هذا الإجراء من الإجراءات الجوهرية التي يتعين على الطاعن التزامها لتعلقه بميعاد حتمي يتصل بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكان الثابت أن الطاعن لم يعلن طعنه مؤشراً عليه بقرار الإحالة إلى الخصوم الذين وجه إليهم فإن ذلك يستوجب الحكم بعدم قبوله - ولا يغير من هذا النظر أن يكون الطعن قد تم التقرير به قبل العمل بالقانون رقم 401 الصادر في 21 من أغسطس سنة 1955 بإنشاء دوائر بمحكمة النقض لفحص الطعون في المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية، وأن يكون هذا الطعن قد أعلن للمطعون عليهما في 15 و16 من أغسطس سنة 1955 وفقاً للقانون الذي رفع في ظله - ذلك أن المادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 57 لسنة 1959 أطلقت حكمها الذي قررت بموجبه سريان المواد من 9 إلى 17/ 1 من هذا القانون بالنسبة لجميع الطعون المرفوعة في الإقليم المصري في المواد غير الجزائية إذا لم تكن قد حددت لنظرها جلسة أمام دائرة المواد المدنية والتجارية أو دائرة مواد الأحوال الشخصية - مما يفيد وجوب إعمال حكم المادة 11 بالنسبة لجميع الطعون التي لم تكن قد حددت لها جلسة ولو كانت قد رفعت قبل العمل بالقانون 401 لسنة 1955، ومن ثم فإن إعلان الطعن إلى المطعون عليهما خلال الخمسة عشر يوماً التالية للتقرير به طبقاً للمادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955، لا يغني عن الإعلان طبقاً للمادة 11 السالفة الذكر بعد صدور قرار دائرة فحص الطعون بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعنين لتخلف الطاعن في كل منهما عن إعلان طعنه إلى الخصوم الذين وجه إليهم.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطعن رقم 451 سنة 25 ق والطعن المضموم إليه رقم 428 سنة 25 ق وإن رفعا قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إلا أنه لم تكن قد حددت جلسة لنظرهما أمام دائرة المواد المدنية والتجارية عند العمل بهذا القانون في 21 من فبراير سنة 1959 وعلى ذلك فإنه عملاً بالمادة الخامسة من مواد إصدار القانون المذكور تسري على الطعنين أحكام المواد من 9 إلى 17 فقرة أولى من هذا القانون. ولما كانت المادة 11 توجب على الطاعن إذا ما صدر من دائرة فحص الطعون قرار بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة أن يقوم بإعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم مؤشراً عليه بقرار الإحالة خلال الخمسة عشر يوماً التالية لهذا القرار، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على اعتبار هذا الإجراء من الإجراءات الجوهرية التي يتعين على الطاعن التزامها لتعلقه بميعاد حتمي يتصل بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن في كل من الطعنين لم يعلن طعنه مؤشراً عليه بقرار الإحالة الصادر في 17 من فبراير سنة 1960 إلى الخصوم الذين وجه إليهم فإن ذلك يستوجب الحكم بعدم قبول الطعن. ولا يغير من هذا النظر أن يكون أحد الطعنين وهو الطعن رقم 428 سنة 25 ق قد تم التقرير به في 10 من أغسطس سنة 1955 قبل العمل بالقانون رقم 401 الصادر في 21 من أغسطس سنة 1955 بإنشاء دوائر بمحكمة النقض لفحص الطعون في المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية، وأن يكون هذا الطعن قد أعلن للمطعون عليهما في 15 و16 من أغسطس سنة 1955 وفقاً للقانون الذي رفع في ظله، ذلك لأن المادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 57 لسنة 1959 قد أطلقت حكمها الذي قررت بموجبه سريان المواد من 9 إلى 17/ 1 من هذا القانون بالنسبة لجميع الطعون المرفوعة في الإقليم المصري في المواد غير الجزائية إذا لم تكن قد حددت لنظرها جلسة أمام دائرة المواد المدنية والتجارية أو دائرة مواد الأحوال الشخصية. مما يفيد وجوب إعمال حكم المادة 11 بالنسبة لجميع الطعون التي لم تكن قد حددت لها جلسة ولو كانت قد رفعت قبل العمل بالقانون 401 لسنة 1955. فلا يغني إعلان الطعن رقم 428 لسنة 25 إلى المطعون عليهما خلال الخمسة عشر يوماً التالية للتقرير به طبقاً للمادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955. لا يغني هذا الإعلان عن الإعلان طبقاً للمادة 11 السالفة الذكر بعد صدور قرار دائرة فحص الطعون بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية، ومما يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 57 لسنة 1959 قد استحدث حكماً جديداً بالمادة 12 أتاح به للمطعون عليه أن يتمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بفتح مواعيد جديدة له عن طريق إعلانه بتقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة.

الطعن 478 لسنة 25 ق جلسة 5 / 1 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 2 ص 49


جلسة 5 من يناير سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.
-----------------
(2)
الطعن رقم 478 لسنة 25 القضائية

(أ) نقض "أسباب الطعن". دعوى "طلبات الخصوم".
إغفال الحكم في بعض الطلبات الموضوعية ليس سبباً من أسباب الطعن بطريق النقض. المادة 368 مرافعات. مثال لحكم قضى ببطلان الاستئناف دون أن يعرض في قضائه للاستئناف المرفوع عن دعوى الضمان.
(ب) استئناف "ميعاد الاستئناف".
إيجاب المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات على المستأنف أن يعلن استئنافه في الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً. البطلان من النظام العام للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. مثال لعريضة استئناف تم إعلانها بعد الميعاد. في ذلك ما يبطل الاستئناف طبقاً للمادة 406 مكرراً.

----------------
1 - المادة 368 مرافعات صريحة في أنه إذا أغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه. وقد آثر القانون بذلك أن يكون علاج الإغفال هو الرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، والمقصود بالإغفال هنا هو الإغفال الكلي الذي يجعل الطلب باقياً معلقاً لم يقض فيه قضاء ضمنياً، فإذا كان المطعون عليه الأول قد دفع ببطلان الاستئناف لإعلانه في غير المحل المختار المبين في ورقة إعلان الحكم ولأن الإعلان اللاحق تم بعد الميعاد قاصداً بذلك الاستئناف الموجه إليه هو والمرفوع عن الدعوى الأصلية، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بقبول الدفع وبطلان الاستئناف دون أن يعرض في قضائه للاستئناف المرفوع عن دعوى الضمان وبما يجعل موضوع هذا الاستئناف باقياً معلقاً أمام المحكمة، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون لإغفال الفصل فيه يكون في غير محله.
2 - إذا كان الطاعن قد قدم عريضة استئنافه إلى قلم كتاب المحكمة في 15 أبريل سنة 1954 فإن إعلانها الحاصل في 22 من مايو سنة 1954 وعلى فرض صحته - يكون قد تم بعد الميعاد وفي ذلك ما يبطل الاستئناف طبقاً لنص المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات وهو بطلان من النظام العام للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 554 سنة 1953 تجاري كلي الإسكندرية بطلب إلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 4150 ج بموجب الإيصال المؤرخ 22 من يناير سنة 1952 وتثبيت الحجوز التحفظية الواقعة تحت يد باقي المدعى عليهم مع المصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بغير كفالة. وإذ أودع الطاعن مبلغ 1650 ج خزانة المحكمة على ذمة الفصل في النزاع كما أودع البنك العثماني فرع الإسكندرية مبلغ 2500 ج فقد عدل المطعون عليه الأول طلباته إلى طلب الحكم بأحقيته في صرف هذين المبلغين وأدخل الطاعن المطعون عليه الثاني ضامناً له في الدعوى طالباً الحكم عليه بما عساه أن يحكم به للمطعون عليه الأول فيما زاد عن مبلغ 1650 ج وفي 14 من مارس سنة 1954 قضت المحكمة أولاً في الدعوى الأصلية بأحقية المدعي محمد حسن الرحماني بصرف مبلغ 4150 ج قيمة الوديعتين الأولى وقدرها 1650 ج المودعة خزانة محكمة الإسكندرية الابتدائية بتاريخ 24/ 8/ 1952 من المدعى عليه والثانية وقدرها 2500 ج المودعة خزانة محكمة الإسكندرية الابتدائية من البك العثماني فرع الإسكندرية بتاريخ 16/ 9/ 1952 تحت رقم 37 يومية وألزمت المدعى عليه بالمصاريف وخمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة. ثانياً. برفض دعوى الضمان الموجهة من المدعى عليه إلى عبد السلام براغيث وألزمت المدعى عليه بمصروفاتها. واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم في موضوع الدعوى الأصلية برفضها ومن باب الاحتياط بعدم قبولها ومن باب الاحتياط الكلي بإحالة الدعوي إلى التحقيق لإثبات أن سبب الدين هو حصة في شركة لا قرض وأن الشركة لم تتم تصفيتها مع إلزام المطعون عليه الأول بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وفي موضوع دعوى الضمان بإلزام المطعون عليه الثاني بما عساه أن يحكم به على الطاعن مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وقيد استئنافه برقم 194 سنة 10 قضائية، ودفع المطعون عليه الأول ببطلان الاستئناف لإعلانه في غير المحل المختار المبين في ورقة إعلان الحكم ولأن الإعلان اللاحق تم بعد الميعاد. وفي 31 من مايو سنة 1955 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع وببطلان الاستئناف وألزمت المستأنف بالمصاريف وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب محاماة للمستأنف عليه الأول محمد حسن الرحماني وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليه الثاني، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
ومن حيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية وتجاهل الاستئناف المرفوع عن دعوى الضمان وأهمله بينما هو قائم لم يدفع ببطلانه ولم تشب إجراءاته شائبة وكان يتعين على محكمة الاستئناف الفصل فيه وإذ هي لم تفعل فإنها تكون قد خالفت القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 368 مرافعات صريحة في أنه "إذا أغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه" وجاء في المذكرة التفسيرية للقانون ما نصه "وقد آثر القانون الجديد أخذاً بمذهب مشروع قانون المرافعات الفرنسي والقوانين الألمانية أن يكون علاج الإغفال هو الرجوع لنفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه ولا يتقد الطالب بأي ميعاد من المواعيد المحددة في القانون للطعن في الحكم وهذا هو الحل الطبيعي المعقول وعلى مقتضاه وضعت المادة 368 فأجازت لصاحب الشأن إذا كانت المحكمة قد أغفلت الفصل في بعض الطلبات الموضوعية أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه وغنى عن البيان أن الإغفال هنا هو الإغفال الكلي الذي يجعل الطلب باقياً معلقاً لم يقض فيه قضاءً ضمنياً" ومتى كان ذلك وكان المطعون عليه الأول قد دفع ببطلان الاستئناف لأن الإعلان الحاصل في 22 من مايو سنة 1954 وجه إلى غير موطنه المختار المبين في ورقة إعلان الحكم والإعلان الحاصل في 5 من مارس سنة 1955 تم بعد الميعاد قاصداً بذلك الاستئناف الموجه إليه هو والمرفوع عن الدعوى الأصلية وقضى الحكم المطعون فيه بقبول الدفع وبطلان الاستئناف دون أن يعرض قضائه للاستئناف المرفوع عن دعوى الضمان وبما يجعل موضوع هذا الاستئناف باقياً معلقاً أمام المحكمة فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون لإغفاله الفصل فيه يكون في غير محله.
ومن حيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ تأويل القانون إذ لم يضع في اعتباره غش المطعون عليه الأول بإخفاء موطنه الأصلي وتغيير موطنه المختار المعلوم للطاعن والذي تم الإعلان فيه واتخاذه موطناً آخر في ورقة إعلان الحكم مما كان يتعين معه الحكم بصحة الإعلان لأن البطلان المترتب على عدم الإعلان في الموطن الأصلي لا يتعلق بالنظام العام ويكفي لزواله قبول الإعلان في الموطن المختار والعلم به وحضور المطعون عليه ممثلاً بوكيله في الجلسة. وأن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً عن تحصيل دفاع الطاعن والرد عليه من وجوه - أولها - أن حق المطعون عليه الأول في الدفع ببطلان الإعلان قد سقط بحضوره في جلسة 16 يناير سنة 1955 وأغفل الحكم هذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه. وثانيها - أنه وقد ذكر المطعون عليه الأول عنواناً وهمياً لموطنه الأصلي يكون قد ارتكب غشاً لا يجوز أن يفيد منه ورد الحكم بأن الطاعن لم يقدم دليلاً على هذا الغش في حين أن هذا الدليل قائم ومستمد من أوراق المحضرين والغش يجوز إثباته بكافة الطرق وكان يتعين على المحكمة أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثباته. وثالثها - أن الطاعن أنكر واقعة إعلانه بالحكم الابتدائي وقرر أنه لم يعلم به إلا عند ما قدم المطعون عليه الأول أصل ورقة الإعلان في جلسة 19 مارس سنة 1955 وتبين أن صورته سلمت لمأمور سجن الحدراء وطلب الطاعن ضم دفتر تسليم الصور إلى المساجين في يوم الإعلان والحكم المطعون فيه لم يجب الطاعن إلى هذا الطلب واعتبر أن الإعلان قد تم لمجرد تسليم الصورة لمأمور السجن بينما النزاع لا يدور حول صحة الإعلان ولكن حول علم الطاعن به وبالموطن المختار المبين في ورقة الإعلان.
ومن حيث إن هذا النعي غير مجد ذلك أنه وقد قدم الطاعن عريضة الاستئناف إلى قلم كتاب المحكمة في 15 إبريل سنة 1954 فإن الإعلان الحاصل في 22 مايو سنة 1954 - وعلى فرض صحته - يكون قد تم بعد الميعاد وفي ذلك ما يبطل الاستئناف طبقاً لنص المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات وهو بطلان من النظام العام تمسكت به النيابة العامة في مذكرتها وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


الطعن 1417 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 630 ص 782


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك ومحمد المفتى الجزائرلى بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.
--------------
(630)
القضية رقم 1417 سنة 15 القضائية

تفتيش.
قضاء المحكمة ببطلانه. إدانة المتهم بناء على أقواله أمام النيابة بعد حصول التفتيش. معناه أن هذه الأقوال لم تصدر عنه تحت تأثير التفتيش الذي وقع عليه.
--------------
إذا كانت المحكمة مع قضاءها ببطلان التفتيش الذي وقع على المتهم قد أدانته بناء على ما استخلصته مما شهد به الشهود، وعلى أقواله هو أمام النيابة، فهذا منها سليم ولا شائبة فيه. لأن تعويلها على أقواله أمام النيابة بعد حصول التفتيش معناه أن هذه الأقوال تعدّ دليلا قائما بذاته ومستقلا عن التفتيش بمعنى أن قائلها لم يقلها متأثرا بالتفتيش الذي وقع عليه.


الطعن 1415 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 629 ص 782


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندى عبد الملك بك ومحمد المفتى الجزائرلى بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
----------------
(629)
القضية رقم 1415 سنة 15 القضائية

(أ) سب.
حصوله من المتهم وهو فوق سطح منزل على مسمع ممن كانوا بالطريق العام. توافر العلانية.
(المادة 148 ع = 171(
)ب) نقض وإبرام.

خطأ الحكم في ذكر المكان الذي كان به أحد الشهود وقت الواقعة. لا يهم ما دام الخطأ لم يؤثر في جوهر الشهادة ولا في الحكم.
-------------
1 - إذا كانت الواقعة الثابتة على المتهم هي أنه سب المجنى عليهنّ وهو فوق سطح المنزل على مسمع ممن كانوا بالطريق العام، فإن العلانية تكون متوافرة في هذه الحالة. لأن القانون صريح في أن القول أو الصياح يعتبر علنيا إذا حصل الجهر به في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق، أو إذا حصل الجهر به بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان.
2 - إن خطأ الحكم في ذكر المكان الذى كان به أحد الشهود وقت الواقعة لا يهم ما دام هذا الخطأ لا يؤثر في جوهر الشهادة. وخصوصا إذا كان الحكم قد اعتمد على أدلة أخرى غير هذه الشهادة.

الطعن 1426 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 632 ص 783


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندى عبد الملك بك ومحمد المفتى الجزائرلى بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
----------------
(632)
القضية رقم 1426 سنة 15 القضائية

تلبس.
مشاهدة المتهم ومعه السلاح الناري في يده وعدم تقديمه لمأمور الضبط الذى شاهده الرخصة التي تخوّله حمله. تلبس بجنحة حمل السلاح ولو استطاع فيما بعد تقديم هذه الرخصة. لا يتشرط في التلبس أن تكون الجريمة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة عناصرها أو ثابتة على المتهم. القبض على المتهم وتفتيشه. صحيح سواء لداعى مجرد القبض عليه أو للبحث عن أدلة متعلقة بالجريمة كالخراطيش مثلا. حق المأمور الذى باشر التفتيش أن يضع يده على ما يصادفه متعلقا بجريمة أخرى. الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء هذا التفتيش. جائز.
-----------------
إن مشاهدة المتهم ومعه السلاح الناري في يده، وعدم تقديمه لمأمور الضبط القضائي الذى شاهده الرخصة التي تجيز له حمل السلاح - ذلك يعتبر تلبسا بجنحة حمل السلاح ولو استطاع المتهم فيما بعد أن يقدّم الرخصة. إذ لا يشترط في التلبس أن يثبت أن الواقعة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة فيها عناصر الجريمة أو أن المتهم هو الذى قارفها. وإذن فالقبض على هذا المتهم يكون صحيحا وتفتيشه، سواء لداعى مجرّد القبض عليه أو للبحث عن أدلة مادية متعلقة بالجريمة كالخراطيش الخاصة بالسلاح الذى ضبط معه، صحيح كذلك. ومتى كان التفتيش صحيحا فإن مأمور الضبط القضائي الذى باشره يكون له بمقتضى القانون أن يضع يده على ما يجده في طريقه أثناء عملية التفتيش، سواء في ذلك ما يكون متعلقا بالجريمة التي يعمل على كشف حقيقة أمرها أو بأية جريمة أخرى لم تكن وقتئذ محل بحث. إذ لا تصح مطالبته، وهو بحكم القانون إذا علم، عن أي طريق، بوقوع جريمة مختص بتحرّي حقيقتها، وأن يغض بصره عن دليل يكشف عن جريمة وقعت، والحال أن هذا الدليل هو الذى قابله مصادفة أثناء مباشرته عملا مشروعا، ولم يكن في الواقع وحقيقة الأمر، ناتجا عن أي إجراء أو عمل مما يصح وصفه في القانون بالصحة أو البطلان. أما الضبط - وهو عمل من أعمال التحقيق كالتفتيش وإن كان أهون منه على الناس في خطره - فإنه يكون صحيحا على أساس التلبس إذا كان ما شوهد أثناء التفتيش تعد حيازته جريمة كالمخدّر مثلا، فإذا لم يكن إلا دليلا كشف عن جريمة سبق وقوعها فإن هذا الدليل يكون بمثابة بلاغ عنها يخوّل مأمور الضبط القضائي أن يثبت حالته في محضر يحرره ويسير في التحري عنه ثم يتحفظ عليه مؤقتا حتى يقدمه لسلطة التحقيق المختصة بضبطه قانونا كما هو مقتضى المادة 10 من قانون تحقيق الجنايات. وإذن ففي كل الأحوال يكون الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء التفتيش الصحيح سائغا جائزا.


المحكمة
وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن العلة التي دعت إلى إجراء التفتيش منهارة لأن المسدّس الذى وجد معه مرخص به، فضلا عن أن تسليم المسدس والطلقات إلى الكونستابل كان من شأنه أن يمتنع هذا عن اتخاذ أي إجراء في حق الطاعن فما كان له أن يقبض عليه ويسوقه من عربة الدرجة الثالثة حيث كان إلى عربة الدرجة الثانية حيث كان الضابط الذى أمر بتفتيشه على الرغم من عدم توفر حالة التلبس بجريمة. وفوق هذا فانه مقرّر أن من يباشر التفتيش لا يجوز له أن يتجاوز الغرض الذي يفتش من أجله فما كان للضابط إذن أن يأمر بالتفتيش عن أشياء أخرى غير السلاح. وإذن فضبط المخدّر غير جائز. على أن الخمسة الخراطيش التي كان يجرى البحث عنها ليست حيازتها في ذاتها جريمة تبيح التفتيش ما دام إحراز المسدّس ذي الطلقات التسع بصفة قانونية يسوغها.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "وجدت في حيازته مادة مخدّرة (أفيون) بدون مبرر قانوني". ومحكمة أوّل درجة دانته والمحكمة الاستئنافية أيدت حكم الإدانة وذكرت: أن الواقعة تتحصل كما يرويها على عبد العزيز كونستابل المباحث في أنه كان يسافر يوم الحادث مع قوّة من مكتب المخدّرات تحت رياسة الضابط عبد بالحكيم أفندي كمال محمد في القطار الذي يصل إلى دشنا مساء ذلك اليوم وقبيل وصول القطار إلى نجع حمادي وجد المتهم واقفا بجوار البوفيه في العربة الثالثة ووجده يحمل طبنجة ظاهر مقبضها فسأله عما إذا كان يحمل ترخيصا لها فأجابه بالإيجاب فطلب منه الترخيص فأفهمه أنه غير موجود معه. وأنه بمركز منفلوط فطلب منه الطبنجة فسلمها إليه وأخذه إلى رئيسه الضابط عبد الحكيم أفندي كمال الذي كان يركب في الدرجة الثانية وعرض عليه الأمر ولاحظ أن بالطبنجة أربع طلقات في حين أن مرتبها تسع طلقات، كما شك في ادعاء المتهم بأنها مرخصة لأنها من نوع ألماني، وظن أن باقي الظروف مع المتهم فأمر بتفتيشه. ويقول الشاهد إن الكونستابل والضابط الأوّل قام بالتفتيش تحت إشراف ومرأى الثاني فعثر أخيرا في جيب السترة الخارجي العلوي على ورقة ملفوفة وهي جزء من إعلان قضائي وبها مادة داكنة تبين أنها أفيون، كما ثبت ذلك من معاينتها بمعرفة الكونستابل والضابط ومن التحليل الكيماوي. وقد شهد بهذه الوقائع الكونستابل والضابط. وحيث إن المتهم دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان التفتيش لسببين: الأوّل أن المتهم لم يكن في حالة من حالات التلبس إذا لم يكن هناك جريمة لأن المسدّس مرخص بحمله والسبب الثاني أن التفتيش كان لغرض معين وهو البحث عن الأظرف فلا يجوز أن يقع على شيء غيرها. وحيث إن هذا الدفع في غير محله لأنه بالنسبة للسبب الأوّل فقد ضبط المتهم وهو يحمل مسدّسا، وهذا يكون جريمة طبقا للقانون 8 سنة 1917 سلاح والأوامر العسكرية شدّدت عقوبة إحرازه ولم يستطع المتهم أن يقدّم الرخصة عند ضبطه وقد قام عند الضابط والكونستابل شك في ادعائه بالترخيص، لأن المسدّس من ماركة ألمانية فكان لهما الحق إذن في ضبط المتهم والقبض عليه وتحقيق الجريمة إلى أن يثبت المتهم دفاعه، وطالما أن الضبط والقبض في محلهما وكان المتهم أيضا في حالة تلبس، فإن التفتيش الذى يقوم به رجال الضبطية القضائية لا يحتاج إلى إذن من النيابة طبقا للمادتين 15 و18 تحقيق جنايات، ولا وجه للاعتراض على صحته. وحيث إنه بالنسب للسبب الثاني فإنه من المقرر أنه متى كان التفتيش من أجل جريمة معينة جائزا قانونا فإن العثور على شيء يكون إحرازه جريمة أخرى يقع صحيحا هو الآخر طالما أنه قد عثر عليه أثناء وبسبب التفتيش والبحث عن الجريمة الأولى. وهذا أمر ظاهر الحجة، فإن الغرض من القيود الواردة بصدد التفتيش هو المحافظة على حرمة الأشخاص وحرياتهم، فإذا وجد ما يبرر التفتيش بجريمة معينة فلا يقوم إذن وجه للاعتراض عليه إذا ما كشف عن جريمة أخرى طالما أن عملية التفتيش واحدة ولم تستلزم في سبيل الكشف عن الجريمة الثانية إضرارا أو انتهاكا لحرية المتهم أكثر مما كان يتطلبه التفتيش عن الجريمة الأولى. ومن جهة أخرى فإنه لما يبتعد عن المنطق القضائي أن تشل يد الضبطية القضائية عن جريمة ظهرت لها سافرة أثناء تفتيش عن جريمة أخرى فيلزم رجال الضبطية القضائية بإغضاء عنها وعدم تحقيقها. وحيث إن الكونستابل والضابط أمرا بالتفتيش في حالة تلبس المتهم بإحرازه سلاحا ناريا لم يثبت أثناء التفتيش أنه مرخص وذلك للبحث عن الخمس طلقات الناقصة من مرتبه، فعثورهما على المخدّر أثناء التفتيش يكون صحيحا. ومن ثم يتعين رفض الدفع المذكور. وحيث إن الحكم الابتدائي في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة ومن ثم يتعين تأييده.
وحيث إنه لا وجه لما يتمسك به الطاعن في طعنه. فإنه وقد شوهد ومعه السلاح الناري في يده ولم يقدّم لمأمور الضبط القضائي الذي شاهده الرخصة التي تجيز له حمل السلاح يعتبر قانونا في حالة تلبس بجنحة حمل السلاح ولو استطاع فيما بعد أن يقدم الرخصة إذ لا يشترط في التلبس أن تكون في الجريمة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة عناصرها بالقانونية أو ثابتة على من يتهم فيها. وإذن فالقبض على الطاعن ثم تفتيشه سواء لداعى مجرّد القبض عليه أو للبحث عن أدلة مادية متعلقة بالجريمة كالخراطيش الخاصة بالسلاح الذي ضبط معه يكون صحيحا. ومتى كان التفتيش صحيحا فإن مأمور الضبط القضائي الذي باشره يكون له بمقتضى القانون أن يضع يده على كل ما يجده في طريقة أثناء عملية التفتيش، سواء في ذلك ما يكون متعلقا بالجريمة التي يعمل على كشف حقيقة أمرها أو بأية جريمة أخرى ولو لم تكن وقتئذ محل بحث. ولا تصح مطالبته في هذه الحالة بأن يغض بصره عن دليل يكشف عن جريمة وقعت وهو مختص قانونا بتحرّي حقيقتها متى علم بها عن أي طريق، ما دام هذا الدليل هو الذي قابله مصادفة أثناء مباشرته عملا مشروعا ولم يكن في حدّ ذاته في الواقع وحقيقة الأمر ناتجا عن أي إجراء أو عمل مما يصح وصفه في القانون بالصحة أو البطلان. هذا بالنسبة إلى التفتيش. أما عن الضبط في ذاته - وهو عمل من أعمال التحقيق كالتفتيش وإن كان أهون منه على الناس في خطره - فإنه إذا كان ما شوهد أثناء التفتيش تعدّ حيازته جريمة كالمخدّر محل الدعوى هذه، فإن الضبط يكون صحيحا بلا شك على أساس التلبس بها، أما إذا لم يكن إلا دليلا كشف عن جريمة سبق وقوعها فإن وجوده يكون بمثابة بلاغ عنها يخوّل مأمور الضبط القضائي إثبات حالته في محضر يحرّره والسير في التحري عنه ثم التحفظ عليه مؤقتا حتى يقدّمه لسلطة التحقيق المختصة بضبطه قانونا، كما هو مقتضى المادة 10 من قانون تحقيق الجنايات. وإذن ففي كل الأحوال يكون الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء التفتيش الصحيح سائغا جائزا. ومتى كان ذلك كذلك فإن القضاء بإدانة الطاعن على الأساس الذي قالته المحكمة يكون سليما خلافا لما يزعمه في طعنه.

الطعن 1421 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 631 ص 783


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك ومحمد المفتي الجزائرلي بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
----------------
(631)
القضية رقم 1421 سنة 15 القضائية

مواد مخدّرة.
تسلم المتهم المخدّر بعد تمام الاتفاق على شرائه. جريمتان تامتان. وقوع المخدّر في يده حيازة تامة، واتفاقه على شرائه شراء تام ولو استرد منه المخدّر بسبب عدم وجود الثمن معه وقتئذ أو بناء على التدابير المحكمة التي وضعها البوليس لضبطه الواقعة.
---------------
إن تسلم المتهم المخدّر بعد تمام الاتفاق على شرائه يكون جريمتين تامتين، فإن وصول يده بالفعل إلى المخدّر بتسلمه إياه هو حيازة تامة، واتفاقه جدّيا من جهته على شرائه هو شراء تام ولو كان قد استردّ منه بعد ذلك بسبب عدم وجود الثمن معه وقتئذ أو بناء على التدابير المحكمة التي وضعها البوليس لضبط الواقعة والمتهم فيها متلبساً بجرمه.

الطعن 1436 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 633 ص 788


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندى عبد الملك بك ومحمد المفتى الجزائرلى بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
---------
(633)

القضية رقم 1436 سنة 15 القضائية

دفاع.
متهم بجنحة. عهده إلى محام بمهمة الدفاع عنه. يتعين على المحكمة أن تسمعه. طروء عذر قهري على هذا المحامي منعه عن القيام بمهمته. يجب على المحكمة أن تمهله الوقت الكافي لتحضير دفاعه. اعتذار المحامي بمرضه وتقديم زميل له شهادة بذلك. على المحكمة أن تقدّر هذا العذر. رفضها تأجيل الدعوى. يجب أن تبين أسبابه. على المحكمة مراعاة حالة المتهم ومبلغ اتصاله بالعذر. وجوب تأجيل الدعوى إذا كان لا اتصال للمتهم به وكان معوّلا على المحامي في دفاعه. ترخيص المحكمة في تقديم مذكرات. لا يكفي.
-----------

إنه وإن كان حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانونا إلا أنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع عنه، فانه يتعين على المحكمة أن تسمعه. فإذا طرأ عليه عذر قهري منعه عن القيام بمهمته فيكون على المحكمة، متى ثبتت صحة عذره، أن تمهله الوقت الكافي لتحضير دفاعه، إلا فإنها تكون قد أخلت بحق المتهم في الدفاع. فإذا كان الثابت بمحضر الجلسة أن محامي المتهم اعتذر بمرضه وقدم زميله إلى المحكمة شهادة بذلك، فإنه يكون على المحكمة أن تقدر هذا العذر، فإذا اقتنعت بصحته أجلت القضية إلى جلسة أخرى حتى يتمكن المحامي من القيام بواجب الدفاع عن المتهم، وإذا رأت أنه غير صحيح ورفضت التأجيل كان عليها أن تبين أسباب ذلك، وأن تراعى في الوقت نفسه حالة المتهم ومبلغ اتصاله بالعذر الذى أبداه المحامي حتى إذا ما تبين لها أنه لا علاقة له به وأنه كان معوّلا في دفاعه على المحامي أجلت له الدعوى ليستعد هو للدفاع. ولا يقلل من ذلك ترخيصها في تقديم مذكرات، لأن المذكرات في المواد الجنائية لا يصح أن يجبر الخصوم على الاكتفاء بها في دفاعهم.

الثلاثاء، 28 أبريل 2020

الطعن 93 لسنة 26 ق جلسة 26 / 10 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 94 ص 609


جلسة 26 من أكتوبر سنة 1961
برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.
-----------------
(94)
الطعن رقم 93 لسنة 26 القضائية

(أ) شهر عقاري. طلب شهر المحرر مؤقتاً.
لم يرتب الشارع حقاً لصاحب الشأن في الطعن المباشر في قرارات مأمور الشهر العقاري باستيفاء بيانات أو مستندات متعلقة بطلبات الشهر. جواز طلب الشهر مؤقتاً.
(ب) استئناف. 
القرار بإبقاء الرقم الوقتي للمحرر أو بإلغائه. التظلم منه. الطعن في الحكم الصادر في التظلم. جوازه.
الحكم بقبول التظلم من قرار قاضي الأمور الوقتية بإبقاء الرقم الوقتي للمحرر أو بإلغائه استناداً للمادة 35 ق 114 لسنة 1957. الطعن فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف جائز وإن كان القرار محل التظلم لا يقبل الطعن فيه بأي وجه من الوجوه.

-------------
1 - مفاد نص المادة 35 من القانون 114 سنة 1957 الخاص بتنظيم الشهر العقاري أن المشرع لم يرتب لصاحب الشأن حقاً المباشر في القرارات التي تصدرها مأموريات الشهر العقاري باستيفاء بيان أو استحضار مستند يتعلق بطلب الشهر بل جعل من القضاء مرجعاً للتظلم منها عن طريق غير مباشر وذلك بطلب شهر المحرر شهراً مؤقتاً إلى أن يقول قاضي الأمور الوقتية كلمته فيه بإبقاء الرقم الوقتي أو بإلغائه.
2 - لا يعتبر القرار الصادر من قاضي الأمور الوقتية بإبقاء الرقم الوقتي أو بإلغائه استناداً للمادة 35 من القانون رقم 114 سنة 1957 من قبيل الأوامر على العرائض التي يصدرها قاضي الأمور الوقتية طبقاً للمادتين 369 و370 من قانون المرافعات بل هو قرار يحسم به قاضي الأمور الوقتية جميع أوجه الخلاف القائمة بين صاحب الشأن وبين مصلحة الشهر العقاري بخصوص شهر المحرر. وهذا القرار لا يقبل الطعن بأي طريق كان ومن ثم فلا يصح إعادة طرح النزاع من جديد على أي وجه من الوجوه. وإذ كان الحكم الابتدائي قد خالف هذا النظر بقبول التظلم من القرار سالف الذكر والقضاء في موضوعه، جاز الطعن فيه بطريق الاستئناف أمام محكمة الاستئناف طبقاً للقواعد العامة باعتبار أنه صادر من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما تقدماً إلى مأمورية الشهر العقاري بالسيدة زينب بطلبات عن شراء أرض كائنة بناحية دار السلام بحوض الجزيرة فصل ثان ضمن القطعة رقم 11 تبلغ مساحتها 3 ف و8 ط و11 س، وقد أعادت إليهما المأمورية هذه الطلبات بتاريخ 19/ 7/ 1953 بختم "صالح للشهر" مع رفض البيع على التحديد لأنها رأت أن يكون البيع على الشيوع ما لم تقدم إليها عقود مسجلة أو ثابتة التاريخ قبل سنة 1924 تقيد أن ملكية المتصرف فيها على التحديد، ولما لم ير المطعون عليهما وجهاً لاستيفاء هذه الأوراق فقد قدما طلباً بتاريخ 29 من يوليه سنة 1953 إلى أمين مكتب الشهر العقاري بالقاهرة موضحاً فيه الأسباب التي يستندان إليها في ذلك ومرفقاً به المستندات التي تؤيد وجهة نظرهما وطلباً منه شهر المحررات شهراً مؤقتاً ورفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية ليصدر قراره بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة كنص المادة 35 من القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري. وقد عرض الأمر فعلاً على قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المذكورة فأصدر قراراً فيه بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1953 بإلغاء أرقام الشهر المؤقت، فرفع المطعون عليهما تظلماً من هذا القرار إلى نفس القاضي قيد برقم 3997 سنة 1953 تظلمات مدني كلي مصر طلباً فيه الحكم بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الأمر المتظلم منه وإبقاء الأرقام المؤقتة للمحررات وجعلها دائماً، فدفع الحاضر عن مصلحة الشهر العقاري بعدم قبول التظلم تأسيساً على أن الفقرة الأخيرة من المادة 35 من القانون سالف الذكر لا تجيز الطعن في القرارات التي تصدر من قاضي الأمور الوقتية على هذا الوجه بأي طريق. وبتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1953 أصدر قاضي الأمور الوقتية حكمه وهو يقضي برفض الدفع وبقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الأمر المتظلم منه وإبقاء الأرقام الوقتية للمحررات وجعلها دائمة، وقد أقام قضاءه برفض الدفع على أن مراد الشارع من الفقرة الأخيرة من المادة 35 هو عدم جواز الطعن بطريق الاستئناف في القرارات التي تصدر من قاضي الأمور الوقتية في هذا الشأن، أما التظلم منها فهو ليس طعناً فيها وإنما هو مجرد عرض دفاع الطرف الذي لم يكن عالماً بوجود العريضة على القاضي الآمر عندما أصدر الأمر المتظلم منه، وخلص من ذلك إلى أنه يصح التظلم من القرارات المذكورة لنفس القاضي الآمر وفقاً للمادة 375 مرافعات. استأنفت مصلحة الشهر العقاري (الطاعنة) هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 7 سنة 71 ق طلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول التظلم لعدم جواز الطعن في القرار المتظلم منه ولانعدام ولاية قضاء الأمور الوقتية على نظر النزاع بعد صدور القرار المتظلم منه، ومن ب الاحتياط الحكم برفض دعوى المطعون عليهما. وقد دفع هذان الأخيران بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن الفقرة الأخيرة من المادة 35 من قانون الشهر العقاري تمنع الطعن بطريق الاستئناف في الحكم الذي يصدر في التظلم من الأمر الذي يصدره قاضي الأمور الوقتية بإبقاء أو إلغاء الأرقام الوقتية. وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة الاستئناف بقبول الدفع وعدم جواز الاستئناف. وبتاريخ 22 من فبراير سنة 1955 قررت مصلحة الشهر العقاري بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم، فقررت دائرة الفحص في نفس الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وحدد لنظره جلسة 12 من أكتوبر سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بقضائه بعدم جواز الاستئناف المرفوع منها، وفي بيان ذلك تقول إن القرار الذي يصدر من قاضي الأمور الوقتية طبقاً للمادة 35 من قانون الشهر العقاري لا يعتبر من قبيل الأوامر على العرائض التي يصدرها القاضي الآمر وفقاً لقانون المرافعات. بل هو يختلف عنها كل الاختلاف، لأنه طبقاً لقانون المرافعات يصدر القاضي أمره بعد الاطلاع على العريضة المقدمة إليه من الطالب دون علم الخصم الذي صدر عليه الأمر، والحال غير ذلك بالنسبة للقرارات التي تصدر من قاضي الأمور الوقتية وفقاً للمادة 35 فهو يصدر قراره بعد الاطلاع على دفاع الطالب وفحص مستنداته واعتراضات مصلحة الشهر العقاري. وهذا القرار غير قابل للطعن بأي وجه من الوجوه طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، أما الحكم المستأنف فهو صادر في دعوى التظلم من قرار القاضي وهو حكم لم يرد نص بعدم جواز الطعن فيه، وهو أيضاً صادر في مسألة تتعلق بولاية المحكمة في نظر التظلم، ومن ثم يجوز استئنافه طبقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات ولا يدخل في نطاق الفقرة الأخيرة من المادة 35 سالفة الذكر.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 35 من القانون رقم 114 سنة 1947 الخاص بتنظيم الشهر العقاري تنعى على أنه لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له أن يتقدم بالمحرر نفسه في خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء إليه ويطلب إلى أمين الشهر العقاري للأسباب التي يستند إليها وبعد إيداع كفالة قدرها نصف في المائة من قيمة الالتزام الذي يتضمنه المحرر على إلا يزيد مقدار هذه الكفالة على عشرة جنيهات، إعطاء المحرر رقماً وقتياً، وفي هذه الحالة يجب على أمين المكتب إعطاء المحرر رقماً وقتياً في دفتر الشهر المشار إليه في المادة 31 ودفاتر الفهارس، وعليه "أمين المكتب" أن يرفع الأمر قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها المكتب، ويصدر القاضي قراره على وجه السرعة بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة أو بإلغائه تبعاً لتحقق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر. ولا يجوز الطعن في القرارات التي تصدر على هذا الوجه بأي طريق. ومفاد هذا النص، كما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور، أن المشرع لم يرتب لصاحب الشأن حقاً في الطعن المباشر في القرارات التي تصدرها مأموريات الشهر العقاري باستيفاء بيان أو استحضار مستند متعلق بطلبات الشهر، بل جعل من القضاء مرجعاً للتظلم فيها عن طريق غير مباشر، وذلك بطلب شهر المحرر شهراً مؤقتاً إلى أن يقول قاضي الأمور الوقتية كلمته فيه بإبقاء الرقم الوقتي أو بإلغائه - والقرار الذي يصدره القاضي على هذا الوجه غير قابل للطعن بأي وجه من الوجوه، لما كان ذلك فإن هذا القرار لا يعتبر من قبيل الأوامر على العرائض التي يصدرها قاضي الأمور الوقتية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 369 و370 مرافعات، بل هو قرار يحسم به قاضي الأمور الوقتية جميع أوجه الخلاف القائمة بين صاحب الشأن وبين مصلحة الشهر العقاري بخصوص شهر المحرر، وهذا القرار لا يقبل الطعن بأي طريق كان. ومن ثم فلا يصح إعادة طرح النزاع من جديد بأي وجه من الوجوه - ولما كان الحكم الابتدائي قد خالف هذا النظر بقبوله التظلم والقضاء في موضوعه وكان هذا الحكم مما يجوز استئنافه لدى محكمة الاستئناف طبقاً للقواعد العامة، باعتباره صادراً من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن 131 لسنة 26 ق جلسة 22 / 11 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 112 ص 687


جلسة 22 من نوفمبر سنة 1961
برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.
---------------
(112)
الطعن رقم 131 لسنة 26 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". وعاء الضريبة. "لجان التقدير".
لجنة التقدير هي الهيئة المختصة بتقدير الأرباح. لها تحقيق إقرارات الممول وملاحظات مأمورية الضرائب بمختلف الوسائل. قرارها بإعادة ملف الموضوع للمأمورية لتصحيح بعض الأخطاء أو استجلاء بعض عناصر الأرباح. لا بطلان.

--------------
لجان التقدير هي الهيئة المختصة أصلاً بتقدير أرباح الشركات غير المساهمة والأفراد تستقيها من واقع إقرارات الممول ودفاتره ومستنداته وملاحظات مصلحة الضرائب عليها أو من واقع تقديرات المصلحة المبتدأة في حالة عدم تقديم الإقرارات غير مقيدة بشيء منها وتتولى تحقيقها بمختلف الوسائل المتعارف عليها ومنها مناقشة الخصوم واستجوابهم وسماع أقوالهم وأوجه دفاعهم ودفوعهم فيما هو معروض عليها من نزاع ومن ثم فإنه لا يعيب حكمها أو يبطله أن تعيد ملف الموضوع إلى مأمورية الضرائب لتصحيح ما عساها أن تكون قد وقعت فيه من أخطاء أو لاستدراك ما فاتها وجلاء ما ترى اللجنة استجلاءه من عناصر الأرباح في ضوء ما تسفر عنه هذه المناقشات.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 10 سنة 1949 تجاري كلي دمنهور ضد مصلحة الضرائب يطلب الحكم ببطلان قرار لجنة تقدير الضرائب بالإسكندرية الصادر بتاريخ 15/ 8/ 1948 واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المصلحة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت أبراحه من ماكينتي طحين بشبرا خيت وكفر مستناد عن السنوات من 1939 إلى 1944 بالمبالغ الآتية 288 ج و288 ج و308 ج و304 ج و354 ج و402 ج ولم يوافق على هذه التقديرات وعرض الأمر على لجنة التقدير. وفي 21/ 3/ 1946 قررت اللجنة إعادة الملف إلى المأمورية لإعادة تقدير الأرباح على ضوء البيانات التي أدلى بها أمامها وأعدت المأمورية تقديرها بالمبالغ الآتية 402 ج و393 ج و377 ج و757 ج و581 ج و448 ج كما قدرت أرباحه عن سنة 1945 بمبلغ 443 ج وإذ دفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في 21/ 3/ 1946 بإعادة الملف إلى المأمورية لإعادة تقدير الأرباح وبطلان التقدير الثاني الذي بني على هذه الإعادة ورفضت اللجنة الدفع وأصدرت قرارها المطعون فيه بتقدير أرباحه في السنوات من 1939 إلى 1945 بالمبالغ 380 ج و370 ج و315 ج و670 ج و545 ج و310 ج و310 ج فقد انتهى إلى طلب الحكم ببطلانه. وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1949 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وبقبول الدفع وببطلان قرار اللجنة المطعون فيه بالنسبة لأرباح المدعي عن السنوات من 1939 إلى 1944 وتعديله بالنسبة لأرباح المدعي عن سنة 1945 إلى اعتبارها 250 ج وألزمت المدعى عليها بالمصاريف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه وتأييد قرار اللجنة بالنسبة لجميع سني النزاع مع إلزام المستأنف عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد استئنافها برقم 106 سنة 5 ق. وبتاريخ 23/ 11/ 1950 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير من خبراء الضرائب بمكتب الخبراء التابع لوزارة العدل لأداء المأمورية الواردة بأسباب الحكم وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى تقدير الأرباح بالمبالغ 387 ج و382 ج و950 م و319 ج و500 م و717 ج و350 م و521 ج و790 م و323 ج و100 م و323 ج و100 م. وبتاريخ 7/ 5/ 1953 حكمت المحكمة حضورياً وفي موضوع الاستئناف (أولاً) بإعادة أوراق الدعوى إلى محكمة دمنهور الابتدائية لتقدير أرباح المستأنف عليه من استغلال الماكينتين موضوع هذا النزاع في السنوات من 1939 حتى سنة 1944 وإلزام المستأنفة بالمصروفات الخاصة بذلك (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لتقدير الأرباح عن سنة 1945 وبتأييد قرار لجنة التقدير الصادر في 15 أغسطس سنة 1948 بتحديد أرباح المستأنف عليه في السنة المذكورة بمبلغ ثلاثمائة جنيه وعشرة وإلزام المستأنف عليه بالمصروفات الخاصة بذلك عن الدرجتين (ثالثاً) بالمقاصة في أتعاب المحاماة - وقد طعنت مصلحة الضرائب على هذين الحكمين بطريق النقض للسبب الوارد في التقدير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصرت الطاعنة على طلب نقضهما ولم يحضر المطعون عليهم ولم يقدموا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن محكمة الاستئناف قضت ببطلان قرار لجنة التقدير الصادر في 15/ 8/ 1948 استناداً إلى أن اللجنة هي وحدها صاحبة الحق في تقدير الأرباح وأنها إذ أعادت الملف إلى المأمورية بقرارها الصادر في 21/ 3/ 1946 تكون قد تخلت عن ولايتها وعهدت بها إلى أحد طرفي النزاع، وهذا من المحكمة خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن لجان التقدير هي جهة الاختصاص الأولى في تحديد وعاء الضريبة وتقدير الأرباح ولها كامل السلطة في إجراء هذا التقدير غير مقيدة بتقديرات مأمورية الضرائب ولا بإقرارات الممول كما أن لها في سبيل الوصول إلى حقيقة الأرباح أن تستمع إلى أقوال الشهود وأن تندب الخبراء وتجرى المعاينات وتستأنس بملاحظات الممول والمأمورية ولا يبطل قرارها أن تعيد الأوراق إلى المأمورية لاستجلاء ما ترى استجلاءه من بيانات أو لإبداء ملاحظاتها على أقوال الممول ومحاولة الاتفاق معه - يضاف إلى ذلك أن المحكمة تصدت لموضوع الأرباح في حكمها الأول ثم أحالته إلى محكمة أول درجة في حكمها الثاني بينما وقفت محكمة أول درجة بقضائها عند حد القول ببطلان قرار اللجنة دون أن تعرض لموضوع الأرباح وكان واجباً إذن أن يحال الموضوع إلى اللجنة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن لجان التقدير هي الهيئة المختصة أصلاً بتقدير أرباح الشركات غير المساهمة والأفراد تستقيها من واقع إقرارات الممول ودفاتره ومستنداته وملاحظات مصلحة الضرائب عليها أو من واقع تقديرات المصلحة المبتدأة في حالة عدم تقديم الإقرارات، غير مقيدة بشيء منها، وتتولى تحقيقها بمختلف الوسائل المتعارف عليها ومنها مناقشة الخصوم واستجوابهم وسماع أقوالهم وأوجه دفعهم ودفوعهم فيما هو معروض عليها من نزاع، ومن ثم، فإنه لا يعيب عملها أن تعيد ملف الموضوع إلى المأمورية لتصحيح ما عساها أن تكون قد وقعت فيه من أخطاء أو لاستدراك ما فاتها وجلاء ما ترى اللجنة استجلاءه من عناصر الأرباح في ضوء ما تسفر عنه هذه المناقشات، وإذ يبين من الأوراق أن مورث المطعون عليهم حضر أمام اللجنة في جلسة 21/ 3/ 1946 واعترض بأن ماكينة شبرا خيت ليست ملكه وحده بل يشاركه فيها أخوه وأن المأمورية قدرت عدد الكيلات التي تطحنها كل من الماكينتين بأقل مما جاء في إقراراته بينما زادت في أجور الطحن وأن لديه مستندات عن كثير من المصروفات التي أغفلت المأمورية احتسابها فأصدرت اللجنة قرارها بإعادة الملف للمأمورية ليتسنى لها إعادة التقدير على ضوء ما ذكر، وهو إجراء تملكه ولا يعدو أن يكون بمثابة استطلاع رأى المأمورية فيما اعترض به الممول أمامها - إذ كان ذلك فإن قرار اللجنة الصادرة في 15/ 8/ 1948 بتقدير أرباح مورث المطعون عليهم - وهو القرار المطعون فيه - لا يكون مشوباً بالبطلان وبالتالي فإن محكمة الاستئناف وقد قضت ببطلانه تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه إذ اقتصرت طلبات مورث المطعون عليهم أمام محكمة أول درجة على طلب الحكم ببطلان قرار اللجنة الصادر في 15/ 8/ 1948 دون أن يطلب إلغاءه أو تعديله فيما انطوى عليه من تقديرات الأرباح، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.