الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 أبريل 2020

الطعن 28911 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 196 ص 1078


جلسة 10 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومجدى منتصر وحسن حمزه نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
-------------------
(196)

الطعن رقم 28911 لسنة 59 القضائية
(1) محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". قضاه "صلاحيتهم".
قضاء المحكمة ضد الطاعن في دعوى أخرى لا يقيدها بشيء وهى بصدد الدعوى المطروحة. أساس ذلك ؟
 (2)تزوير "تزوير أوارق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها: بمجرد إعطاء الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها.
لا يشترط أن تكون الورقة قد صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها. كفاية احتوائها على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر الإجراءات في حدود اختصاصه.
(3) إثبات "خبرة" تزوير "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وقوع تزوير التوقيعات في المحرر بيد شخص أخر خلاف المتهم. لا يؤثر في مسئوليته.
خلو تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن التوقيعات محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة. اطمئنان المحكمة إلى توافر التزوير في حقه. لا تناقض.
 (4)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها. غير مقبول.
 (5)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها به.
إثارة الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبولة. علة ذلك ؟
مثال:
 (6)دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. من النظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرط ذلك ؟

----------------
1 - لما كان قضاء المحكمة في دعوى أخرى ضد الطاعن ليس من شأنه أن يقيدها بشيء وهى بصدد الفصل في الدعوى المطروحة ولا يعد من بين أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية والتي يحظر فيها على القاضي الذى يقوم به أحد هذه الأسباب أن يجلس للفصل في الدعوى وذلك درءا لشبهة تأثره بصالحه الشخصي أو بصلة خاصة أو برأي سبق له أن أبداه في الدعوى ذاتها اصطيانا لمكانة القضاء وعلو كلمته في أعين الناس ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
2 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل بكفى لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية - ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفى في المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر إجراءاته في حدود اختصاصه.
3 - لما كان الحكم فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية - المنسوبة إلى إدارة مرور....... بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مقارفة الطاعن هذه الجريمة استنادا إلى ما أورده مرتدا إلى أصل ثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - من أن الطاعن هو الكاتب لبيانات تلك المحررات والتي تحريرها من اختصاص موظف عام على مقتضى وظيفته وفى حدود اختصاصه، بما يصح أن يكون قد زور التوقيعات الموجودة عليها والمنسوبة الى الموظفين العموميين المختصين بنفسه أو بواسطة غيره وكان وقوع تزوير التوقيعات بيد شخص أخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فلا يجديه نفيه تزويرها بنفسه، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذى استخلصته المحكمة وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذى يبين من الاطلاع عليه أنه وإن خلا من أن التوقيعات المشار إليها آنفا محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة في هذا الشأن, إلا أنه أثبت أنها مزورة على ذويها بطريق التقليد دون ما إسناد كتابتها إلى شخص معين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما تقدم يكون غير سديد.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يذكر أن تزوير المحررات لا يقع الا من الموظفين ذوى الشأن بها، ولم يطلب استكتابهم للمضاهاة، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع موضوعي لم يبد أمامها أو عدم اتخاذها إجراء لم يطلبه منها.
5 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بهذا الحكم، وكان ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من أن المحكمة اطرحت الدفع بعدم الارتباط بين الدعوى الراهنة وبين دعاوى أخرى مماثلة في وصفها القانوني مقيدة بأسباب غير سائغة، فإن هذا النعي بحسب ما ساقه لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو تدويناته من العبارات التي حملها منعاه، ومن ثم فإن لا يكون مقبولا، وكذلك لا يقبل من الطاعن أن يثير دعوى الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب بإجرائه.
6 - لما كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو من أرباب الوظائف العمومية "مندوب الفحص بشركة....... لدى إدارة مرور إسكندرية ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو النموذج 102 مرور المؤرخ...... الخاص بنتيجة الفحص الفني للمركبة....... نقل إسكندرية واصطنعه على غرار الأوراق الصحيحة بأن أثبت به البيانات الخاصة بالمركبة الأخيرة واللازم إدراجها فيه ونسب صدورها زورا لمهندس المرور المختص وأثبت به على خلاف الحقيقة صلاحية المركبة فنيا للاستعمال ووقع عليه بإمضاءات نسبها زورا للمختصين. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بالمادتين 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذلك القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التزوير في محررات رسمية قد شابه الإخلال بحق الدفاع والبطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم صدر عن هيئة فقدت صلاحيتها بما أبدته من رأى سابق بإدانة الطاعن في دعوى مماثلة هذا ولم يعرض الحكم إلى دفاعه القائم على أن البيانات التي حررها بالمحررات المقول بتزويرها مطابقة للواقع وثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن التوقيعات المنسوبة زورا إلى الموظفين العموميين المختصين على هذه المحررات ليست بخطه مما لا يوفر في حقه أركان جريمة التزوير - فضلا عن أن المحكمة أغفلت ما أثاره الطاعن من أن تزوير تلك المحررات لا يقع إلا من الموظفين ذوى الشأن بها وكذا طلبه استكتابهم لكشف من مهرها بالتوقيعات المزورة على ذويها - كما نفى الحكم قيام الارتباط بين هذه الدعوى وبين دعاوى أخرى مماثلة تأسيسا على اختلاف زمان أحداث التزوير في المحررات وتغاير محلها وهو تبرير غير سائغ ويخالف ما نصت عليه المادة 32 من قانون العقوبات ويضاف إلى ذلك، أنه سبق الحكم بإدانة الطاعن عن ذات الواقعة المطروحة التي أسندت إليه في الجناية رقم........ لسنة 1983 قسم اللبان مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد خالف قوة الأمر المقضي. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان قضاء المحكمة في دعوى أخرى ضد الطاعن ليس من شأنه أن يقيدها بشيء وهى بصدد الفصل في الدعوى المطروحة ولا يعد من بين أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية والتي يحظر فيها على القاضي الذى يقوم به أحد هذه الأسباب أن يجلس للفصل في الدعوى وذلك درءا لشبهة تأثره بصالحه الشخصي أو بصلة خاصة أو برأي سبق له أن أبداه في الدعوى ذاتها اصطيانا لمكانة القضاء وعلو كلمته في أعين الناس ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل بكفى لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية - ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفى في هذا المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر إجراءاته في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم التزم هذا النظر فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية ـ المنسوبة إلى إدارة مرور الإسكندرية بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مقارفة الطاعن هذه الجريمة استنادا إلى ما أورده مرتدا إلى أصل ثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - من أن الطاعن هو الكاتب لبيانات تلك المحررات والتي تحريرها من اختصاص موظف عام على مقتضى وظيفته وفى حدود اختصاصه، بما يصح أن يكون قد زور التوقيعات الموجودة عليها والمنسوبة إلى الموظفين العموميين المختصين بنفسه أو بواسطة غيره وكان وقوع تزوير التوقيعات بيد شخص أخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فلا يجديه نفيه تزويرها بنفسه، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذى استخلصته المحكمة وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذى يبين من الاطلاع عليه أنه وإن خلا من أن التوقيعات المشار إليها آنفا محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة في هذا الشأن، إلا أنه أثبت أنها مزورة على ذويها بطريق التقليد دون ما إسناد كتابتها إلى شخص معين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يذكر أن تزوير المحررات لا يقع إلا من الموظفين ذوى الشأن بها، ولم يطلب استكتابهم للمضاهاة، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع موضوعي لم يبد أمامها أو عدم اتخاذها إجراء لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان الطاعن - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة - لم يتمسك بوجود ارتباط بين الدعوى المطروحة وبين دعاوى أخرى، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بهذا الحكم، وكان ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من أن المحكمة اطرحت الدفع بقيام الارتباط بين الدعوى الراهنة وبين دعاوى أخرى مماثلة في وصفها القانوني مقيدة بأسباب غير سائغة، فإن هذا النعي بحسب ما ساقه لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو تدويناته من العبارات التي حملها منعاه، ومن ثم فإن لا يكون مقبولا، وكذلك لا يقبل من الطاعن أن يثير دعوى الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب بإجرائه. لما كان ذلك وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائيا بإدانته في القضية التي أشار إليها في أسباب طعنه وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.

الطعن 29291 لسنة 59 ق جلسة 13 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 198 ص 1094


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. على فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نواب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم.
-----------------
(198)
الطعن رقم 29291 لسنة 59 القضائية

 (1)حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره".
عدم رسم القانون شكلا لصياغة الحكم.
(2) مأمور الضبط القضائي. قبض. تفتيش "تفتيش السيارات".
القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة للسيارات. نطاقه ؟
حق مأموري الضبط القضائي إيقاف السيارات المعدة للإيجار للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور.
 (3)استيقاف. رجال السلطة العامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاستيقاف. ما هيته ؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف من عدمه. موضوعي.
(4) مأمورو الضبط القضائي. تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
(5) مواد مخدرة. قانون "تفسيره".
لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا لها. كفاية أن يكون سلطانه. مبسوطا عليها ولو كان المحرز لها شخصا غيره.
(6) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. قوامه العلم بكنه المادة المخدرة.

-------------
1 - إن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2 - من المقرر أن القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها، أما السيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي كان يستقلها الطاعن - فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور.
3 - من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا في موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه.
4 - ان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقيا مع المقدمات والوقائع التي اثبتها في حكمها.
5 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره.
6 - إن القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة إنما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التي يحرزها هي من المواد المخدرة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تحصيلا لواقعة الدعوى وبيانا لأدلة الثبوت وردا على ما أثاره الدفاع كافيا وسائغا في الدلالة على صلة الطاعن بالمخدر المضبوط وعلى علمه بحقيقته، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز جوهرا مخدرا (حشيش) وكان ذلك بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وإحالته إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم 1 المحلق والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط باعتبار أن حيازة المخدر كانت بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأنه لم يستظهر بأدلة كافية أركان الجريمة التي دانه بها، ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يصلح ردا، كما اطرح الدفع بانتفاء صلة الطاعن باللفافة المحتوية على المخدر المضبوط وعدم علمه بكنه محتوياتها بما لا يسوغ اطراحه وقد نقل الحكم عن ضابط الواقعة أنه لاحظ تحريك الطاعن لساقيه حركة غير طبيعية أثناء وجوده بالسيارة التي كان يستقلها ولما فتح هو بابها زاد الطاعن من حركة قدميه محاولا دفع علبة ورقية لاختفائها اسفل المقعد الذى كان يجلس عليه في حين أن الضابط وإن شهد في التحقيقات بأن الطاعن كان يحرك قدميه داخل السيارة بصورة أثارت شكوكه إلا أنه لم يصف هذه الحركة بانها غير طبيعية كما لم يذكر أن الطاعن كان يحاول دفع علبة ورقية تحت مقعدة وإنما قال أنه رأى لفافة تحت المقعد. هذا إلى أنه ذكر أن الطاعن هو الذى قام بفتح باب السيارة بقوة محاولا الهرب، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما أورده بصدد بيان واقعة الدعوى ثم بصدد الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد بين هذه الواقعة بما يجمل في أن الطاعن كان يستقل سيارة نقل ويجلس بجوار قائدها وعند احدى نقط المرور أوقفها الملازم أول........ للاطلاع على الرخص، وكان الرائد....... رئيس قسم مكافحة المخدرات بمحافظة قنا موجودا بالقرب منه في مهمة للتحري عن احد تجار المخدرات, وأراد التحقيق من شخصية الطاعن فطالبه بإبراز بطاقته الشخصية، ولاحظ أنه قد بدا عليه الارتباك عندما وضع يده بين طيات ملابسه خراج البطاقة، واخذ يحرك ساقيه بصورة غير طبيعية ثم زاد من هذه الحركة مما جعل الضابط يتجه بصره نحو قدميه فرآه يدفع بهما علبة من الورق في محاولة لإخفائها تحت المقعد الذى كان يجلس عليه، ثم ما لبث أن نزل من السيارة محاولا الهرب فأمسك به الضابط، كلف الملازم أول......... بالتقاط العلبة الورقية التي تركها بالسيارة والتي تبين عند فضها أنها تحوى سبع طرب من الحشيش وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة كل من الرائد....... والملازم أول..... الذين حصل الحكم أقوالها بما يتفق مع بيانه للواقعة، ونقل عنهما أن الطاعن اعترف بحيازته للمخدر المضبوط، كذلك من تقرير المعامل الكيماوية الذى اثبت أن المادة المضبوطة هي لمخدر الحشيش، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم على السياق المتقدم بيانه كافيا لتفهم واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم استظهار الحكم لأركان الجريمة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه استنادا الى أن الجريمة كانت في حالة تلبس، وان ما قام به الضابط قبل ذلك كان مجرد استيقاف بعد أن وضع الطاعن نفسه موضع الريب والشبهات بما ظهر عليه من ارتباك ومحاولته دفع العلبة الورقية بقدميه لإخفائها أسفل مقعدة ثم مغادرته السيارة ومحاولا الهرب لمجرد أن ضابط المرور استوقف السيارة النصف نقل التي كان يركبها للاطلاع على الرخص والتحقيق من شخصية راكبيها. وهو إجراء مشروع يبيحه القانون. وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك أنه لما كان من المقرر أن القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها، أما السيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي كان يستقلها الطاعن - فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور. وكان من المقرر كذلك ان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا في موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقيا مع المقدمات والوقائع التي اثبتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة التي كان يستقلها الطاعن الذى وضع نفسه اثر ذلك موضع الريب على نحو برر استيقافه، وان حالة التلبس ترتبت على مشاهدة الضابط للمخدر في العلبة بعد أن تخلى عنها الطاعن عند نزوله من السيارة محاولا الهرب. فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في شأن عدم علمه بكنه ما تحويه العلبة التي ضبط بها المخدر وانتفاء صلته بها بقوله "وعن الدفع بعدم صلة المتهم الأول (الطاعن) بالعلبة المضبوطة كانت اسفل المتهم وكان يدفعها بقدميه محاولا إخفائها الأمر الذى يتوافر معه الركن المادي في جريمة الإحراز وهو اتصال المتهم اتصالا ماديا بالمخدر المضبوط وانبساط سلطانه عليه. وأما عن الدفع بعدم علم المتهم الأول بمحتويات العلبة فلا تساير المحكمة الدفاع في هذا الشأن ذلك أن محاولة المتهم إخفاء العلبة عن نظر ضابط الواقعة ثم محاولته الفرار بعد النزول من السيارة بخلاف ما بدا عليه من علامات الارتباك جميعها بعلمه بما في داخل العلبة وان ما بداخلها يشكل حيازته جريمة ولذا حاول إخفاءها ثم حاول الهرب الأمر الذى تطمئن معه المحكمة تماما إلى المتهم الأول هو الحائز الفعلي لعلبة المخدر المضبوط وانه كان يعلم تمام العلم بما تحويه من مخدر". وإذ كان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره. وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة إنما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التي يحرزها هي من المواد المخدرة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تحصيلا لواقعة الدعوى وبيانا لأدلة الثبوت وردا على ما أثاره الدفاع كافيا وسائغا في الدلالة على صلة الطاعن بالمخدر المضبوط وعلى علمه بحقيقته، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال ضابط الواقعة له صداه واصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 60637 لسنة 59 ق جلسة 13 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 199 ص 1100


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قوره، حسن عميره، محمد زايد ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة.
----------------
(199)
الطعن رقم 60637 لسنة 59 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى اعتمد عليها الحكم. غير لازم. كفاية إيراد مضمونه.
النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد. غير مقبول. أساس ذلك وشرطه ؟
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قبض. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة.
لمأموري الضبط القضائي اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في المادة 35 إجراءات.
تقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب. منوط بمأمور الضبط القضائي تحت إشراف محكمة الموضوع.
 (3)مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تهريب جمركي. إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة.
حق موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي في تفتيش الأشياء والأشخاص في حدود نطاق الرقابة الجمركية. متى توافرت شبهة التهريب الجمركي. عدم تقيدهم في ذلك - بالنسبة للأشخاص - بقيود القبض والتفتيش المبينة بقانون الإجراءات.
عثورهم أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية. صحة الاستدلال به في هذه الجريمة.
(4) تهريب جمركي. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
معنى الشبهة في توافر التهريب الجمركي. تقدير توافرها. موضوعي.
(5) نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "نظرها الدعوى والحكم فيها".
نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض لتفصل فيها من جديد. مخالفتها حكم الإعادة. لا يصلح بذاته وجهاً للطعن على قضائها ما لم يكن موضوع المخالفة موجباً لذلك.
- مثال:

---------------
1 - لا يلزم قانونا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى أعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به - ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافيه ولم يجهل بها - كما تدعى الطاعنة في طعنها - أو يحرفها عن مواضعها - على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله.
2 - إن المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 إذ نصت في فقرتها الثانية على أنه "وفى غير الأحوال السابقة اذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة.. " فقد دلت على أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص اذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحه من الجنح المنصوص عليها في هذه المادة وتقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب منوط بمأمور الضبط القضائي تحت أشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات الإجراء التحفظي الذى اتخذه ضابط مكتب مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي قبل الطاعنة باقتيادها إلى مأمور الجمرك - وهو ما يعد قبضا كما هو معرف به في القانون - فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
3 - لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فمين يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في احدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل انه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فاذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
4 - من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها.
5 - من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، ولا يقيدها بشيء فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض, فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا اذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لان يكون موجهاً للطعن على الحكم الجديد وإذ كان وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان القبض والتفتيش حسبما تزعم الطاعنة في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكان الحكم المطعون فيه بريئا من هذا العيب فإن منعى الطاعنة في هذا الوجه يكون غير مقبول.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أولا: جلبت لداخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانيا: شرعت في تهريب البضائع المبينة الوصف بالأوراق بأن أدخلتها للبلاد بطريق غير مشروع وبالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفتها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهريب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتها فيه هو ضبطها والجريمة متلبس بها , وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 - لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والقرارات المنفذة له والمادتين رقمي 45، 47 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 1، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمها عشرة آلاف جنيه عما أسند إليها وبمصادرة المخدر المضبوط وبتغريمها مبلغ 39600، 720 مليم.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة 58 القضائية. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة "بهيئة أخرى" قضت حضورياً بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمها عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.


المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي جلب جوهر مخدر والشروع في التهريب الجمركي قد شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم لم يورد أقوال الشهود في بيان مفصل وحصلها في عبارة مجهلة لطمس حقيقة الواقع في الدعوى تأدياً من ذلك إلى رفض الدفع ببطلان القبض التفتيش وقد اطرحت المحكمة هذا الدفع بما لا يسوغ في حين أن الطاعنة لم تكن في حالة تقتضى استيقافها أو القبض عليها بل كانت في حالة عادية حسبما جاء بأقوال الشهود بالتحقيقات، وما أورده الحكم من أن رجال الجمارك قد ارتابوا في الطاعنة التي كانت في حالة ارتباك يخالف الثابت في الأوراق، كما أن التفتيش الذى قام به مأمور الجمرك لم يكن عن شبهة قامت لديه إنما بناء على تكليف من ضابط مكتب مكافحة المخدرات بمطار القاهرة الدولي الذى قام بالقبض على الطاعنة قبضاً باطلاً لعدم توافر حالة التلبس قبلها هذا إلى أن محكمة الإعادة إذ خلصت إلى صحة التفتيش تكون قد خالفت قضاء محكمة النقض الذى أحال إليها الدعوى مجدداً. كل ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الرائد...... الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي علم من أحد مصادره السرية أن الطاعنة التي قدمت إلى البلاد من بيروت بلد إنتاج المواد المخدرة قد جلبت كمية منها فقام بمتابعتها منذ وصولها إلى صالة الوصول رقم (1) بالمطار حتى وصلت حقائبها على سير الحقائب فوضعتها على عربة دفعتها أمامها فتوجه إليها واصطحبها إلى....... مأمور الجمرك لتفتيشها جمركياً وأبلغه أن لديه معلومات تفيد جلبها لجوهر المخدر ولم يسفر تفتيش أمتعتها عن ضبط أية ممنوعات وعندئذ قام مأمور الجمرك بتكليف........ المساعدة الإدارية بالجمرك بتفتيش الطاعنة تفتيشاً ذاتيا بداخل غرفة التفتيش الخاصة بذلك بعد أن قامت لديه شبهة التهريب لما لاحظه عليها من حالة الارتباك التي ألمت بها وقت تفتيش أمتعتها وقد أسفر التفتيش عن ضبط لفافة من القماش الدمور داخل سروالها الذى ترتديه فقامت المساعدة الإدارية آنفة الذكر بتسليم اللفافة إلى مأمور الجمرك الذى قام بفضها فوجد بداخلها كيساً من البلاستيك به مسحوق لمخدر الهيروين وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى أعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به - ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافيه ولم يجهل بها - كما تدعى الطاعنة في طعنها - أو يحرفها عن مواضعها - على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات في أنهم ارتابوا في الطاعنة التي كانت في حالة ارتباك أثناء تفتيش أمتعتها له أصله في الأوراق حسبما يبين من المفردات فأن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن حصل مؤدى الأدلة بما يتطابق وما أثبته في واقعة الدعوى عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما أورده من "أن ما أتاه الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي من اصطحاب المتهمة إلى مأمور الجمرك لتفتيشها جمركياً - بعد أن توافرت لديه دلائل كافية على اتهامها بجريمة جلب جواهر مخدرة لقدومها من مناطق إنتاج المخدرات وما تلقاه من معلومات تفيد جبها مخدر - لا يعد ذلك قبضاً بالمعنى القانوني إجراء تحفظي تخوله المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972، كما أن لموظفي الجمارك حق تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية التي يعملون فيها إذا قامت لديهم دواعي الشك ومظنة التهريب في أمر المتهم حسبما نصت المواد من 26 إلى 30 من الفانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك, إذ أن نصوص هذا القانون لا تتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل يكفى أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش بتلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها"، وكان ما أورده الحكم على ما سلف بيانه سديد في القانون ذلك أن المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 إذ نصت في فقرتها الثانية على أنه "وفى غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على إتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة ....." فقد دلت على أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في هذه المادة وتقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب منوط بمأمور الضبط القضائي تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات الإجراء التحفظي الذي اتخذه ضابط مكتب مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي قبل الطاعنة باقتيادها إلى مأمور الجمرك - وهو ما لا يعد قبضاً كما هو معرف به في القانون - فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فمين يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في احدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل انه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون ـ حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وكان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها. لما كان ذلك وكان البين مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش الطاعنة الذى أسفر عنه ضبط جوهر المخدر مخبأ داخل سروالها الذى ترتديه تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة موظفي الجمارك - وهم من مأموري الضبط القضائي وبعد أن قامت لديهم من الاعتبارات ما يؤدى إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعنة لما لاحظوه من ارتباكها وما تناهى إليهم من إبلاغ ضابط إدارة مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي من أن لديه معلومات تفيد أنها جلبت مادة مخدرة من الخارج وإذ نتج عن التفتيش الذى أجرى دليل يكشف عن جلب مخدر فإنه يصح لاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا ومن ثم يكون الحكم أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ببطلان القبض والتفتيش. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، ولا يقيدها بشيء فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض، فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا اذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأن يكون موجهاً للطعن على الحكم الجديد وإذ كان وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان القبض والتفتيش حسبما تزعم الطاعنة في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكان الحكم المطعون فيه بريئاً من هذا العيب فإن منعى الطاعنة في هذا الوجه يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 17846 لسنة 59 ق جلسة 17 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 200 ص 1109

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدى منتصر نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.
-----------------
(200)
الطعن رقم 17846 لسنة 59 القضائية
 (1)حكم "وصفه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه" نقض "أسباب الطعن . ما يقبل منها". بطلان.
وجوب وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوما من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة.
ايداع مسودة الحكم خلال الميعاد لا يزيل البطلان. إيداع نسخة الحكم الأصلية موقعاً عليها من القاضي. في الميعاد المذكور هو المعول عليه لصحة الحكم في هذا الخصوص
مسودة الحكم مشروع للمحكمة الحرية في تغيره بالنسبة للوقائع والأسباب.
عدم إنشاء الحكم المطعون فيه لأسباب مستقلة وأخذه بأسباب الحكم الابتدائي الذي لا وجود له. يبطله.
 (2)حكم "بيانات حكم الإدانة"
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
 (3)مسئولية مدنية. نقض "الحكم في الطعن" "أثر الطعن". دعوى مدنية.
نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يوجب نقضه كذلك بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية. أساس ذلك ؟
-----------------
1 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوما من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد صدر في...... بإدانة الطاعن، ولم تحرر نسخته الأصلية حتى الآن، على ما يبين من مذكرة نيابة النقض الجنائي المرفقة بأوراق الطعن، فإنه يكون في الواقع قد خلا من أسبابه ولا يشفع في هذا أن تكون مسودة أسباب ذلك الحكم قد أودعت ملف الدعوى موقعا عليها من القاضي الذى أصدره إذ العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، أما مسودة الحكم فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفي إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب بما لا تتحد به حقوق الخصوم عن إيراده الطعن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه التي أفصح عن أخذه بها دون أن ينشئ لنفسه أسبابا جديدة مستقلة بذاتها عن أسباب الحكم المستأنف الذى خلا من أسبابه فإنه يكون قد أحال إلى أسباب حكم لا وجود له.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يشتمل على بيان للواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد الأسباب التي اعتمد عليها فيما انتهى إليه من ثبوت التهمتين اللتين دان الطاعن بهما، فإنه يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها كما أغفل إيراد الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفا في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بنى عليها، الأمر الذى يعجز محكمة النقض على التقرير برأي فيما يثيره الطاعن بأوجه طعنه.
3 - من المقرر أن نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضى نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين بها الطاعن، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معا.

الوقائع
اتهمت النيابة كلا من (1)..... (طاعن) (2)..... (3)..... بأنهم التهم الأول: (1) تعدى على موظف عمومي هو المتهم الثاني الموظف بنيابة .... وحدث مع التعدي ضرب نشأ عنه الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي (2) أهان بالقول موظفين عموميين هما المتهان الثاني والثالث الموظفان بنيابة..... بأن وجه إليهما الألفاظ المهينة بهما والمبينة بالتحقيقات - المتهم الثاني: أحدث عمداً بالمتهم الأول الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما باستخدام أداه - المتهم الثاني وأيضا الثالث: سبا المتهم الأول ووجها إليه الألفاظ المخدشة بالحياء المبينة بالتحقيقات , وطلبت عقابهم بالمواد 133/ 1، 136، 137، 171، 242/ 1، 3، 306/ 1 من قانون العقوبات. وأدعى المتهم الأول مدنيا قبل المتهمين الثاني والثالث والسيد وزير العدل بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت، كما ادعى المتهم الثاني مدنيا قبل المتهم الأول بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح العياط قضت حضوريا للأول والثالث وحضوريا اعتباريا للثاني عملا بمواد الاتهام أولاً: بحبس كل من المتهمين الأول والثاني شهرا مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيها لكل منهما لوقف التنفيذ. ثانيا: بالزام المتهم الثاني المسئول عن الحقوق المدنية المدعى عليه الأول بأن يؤديا للمجني عليه (المتهم الأول) مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت ثالثا: بالزام المتهم الأول بأن يؤدى للمجنى عليه (المتهم الثاني) مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. رابعاً: ببراءة المتهم الثالث مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية وقبل المسئول عن الحقوق المدنية التابع له. استأنف المتهمين الأول والثاني والمدعى بالحقوق المدنية قبل المتهم الثالث والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول استئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التعدي على الموظفين وشابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وانطوى على التناقض والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك بأنه لم يبين أركان الجرائم التي دانه بها، كما أن النيابة العامة نسبت إليه جرائم التعدي على الموظفين وطلبت عقابه على مقتضى المواد 133، 136، 137، من قانون العقوبات وهو ما أورده الحكم في مدوناته إلا أنه دانه بالمادة 242/ 3 من ذات القانون وأوقع عليه عقوبة واحدة دون تنبيه إلى هذا التعديل، وعول في إدانته على أقوال المجنى عليهما وشاهد الإثبات حال أن تصويرهم للواقعة غير مقبول عقلا ومنطقا ويخالف أقوال الشهود وأن حقيقه الواقعة أن المجنى عليهما هما اللذين تعديا على الطاعن بالضرب فضلا عن خلو الحكم الاستئنافي من تاريخ صدوره، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوما من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد صدر في........ بإدانة الطاعن، ولم تحرر نسخته الأصلية حتى الآن، على ما يبين من مذكرة نيابة النقض الجنائي المرفقة بأوراق الطعن، فإنه يكون في الواقع قد خلا من أسبابه ولا يشفع في هذا أن تكون مسودة أسباب ذلك الحكم قد أودعت ملف الدعوى موقعا عليها من القاضي الذى أصدره إذ العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، أما مسودة الحكم فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفى إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب بما لا تتحد به حقوق الخصوم عن إيراده الطعن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه التي أفصح عن أخذه بها دون أن ينشئ لنفسه أسبابا جديدة مستقلة بذاتها عن أسباب الحكم المستأنف الذى خلا من أسبابه فإنه يكون قد أحال إلى أسباب حكم لا وجود له، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يشتمل على بيان للواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد الأسباب التي اعتمد عليها فيما انتهى إليه من ثبوت التهمتين اللتين دان الطاعن بهما، فإنه يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها كما أغفل إيراد الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفا في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بنى عليها، الأمر الذى يعجز محكمة النقض على التقرير برأي فيما يثيره الطاعن بأوجه طعنه، بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث أسباب الطعن. لما كان ما تقدم، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضى نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين بها الطاعن، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.

الطعن 589 لسنة 59 ق جلسة 27 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 201 ص 1114


جلسة 27 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور على فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل (نواب رئيس المحكمة) وأحمد جمال عبد اللطيف.
------------------
(201)
الطعن رقم 589 لسنة 59 القضائية

 (1)محضر الجلسة. حكم "بيانات الديباجة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ذكر اسم قاض في الحكم سهوا بدلا من آخر ورد اسمه بمحضر الجلسة. لا عيب.
(2) خيانة أمانة. تبديد. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التسليم في جريمة خيانة الأمانة. يستوى حصوله من المجنى عليه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه.
 (3)خيانة أمانة. تبديد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام المانع الأدبي أو انتفاؤه. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في الإثبات باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر إلا اذا قيده القانون بدليل معين.
(5) خيانة أمانة. تبديد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الالتزام بقواعد الإثبات المدنية في جريمة التبديد. مقصور على إثبات عقد الأمانة. حصول الاختلاس أو نفي حصوله أو رد الشيء محل عقد الأمانة. خضوعه لاقتناع قاضى الموضوع.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا محل للنعي على الحكم عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة. أساس ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(7) محكمة ثاني درجة "نظرها الدعوى والفصل فيها".
محكمة ثاني درجة. تحكم على مقتضى الأوراق. لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه.

----------------
1  - إنه وإن جاء بديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة من رئيس المحكمة...... القاضيين..... و.....، إلا أن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى اعتبارا من جلسة 8/ 4/ 1986 وحتى حجزها للحكم بجلسة 29/ 4/ 1986 كانت مشكلة من رئيس المحكمة..... والقاضيين..... و...... وان هذه الهيئة ذاتها هي التي نطقت بالحكم، بجلسة 20/ 5/ 1986 مما يبين منه أن ذكر اسم القاضي...... في ورقة الحكم بدلا من اسم القاضي....... باعتباره عضو اليمين بتلك الهيئة إنما كان وليد سهو وقع فيه الكاتب وهو ما يؤكده ما هو ثابت من المفردات من توقيع القاضي..... على منطوق الحكم المدون برول المحكمة، ومن ثم يكون النعي بصدور الحكم من غير الهيئة التي سمعت المرافعة غير صحيح.
2 - لما كان لا يشترط في التسليم باعتباره عنصرا في جريمة خيانة الأمانة أن يكون حاصلا من ذات المجنى عليه، وإنما يستوى أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه، وكان الطاعن لا ينازع في أنه تسلم المال محل الجريمة بناء على عقد من عقود الأمانة، فإنه لا جدوى مما يثيره من أن المال لم يسلم إليه من شخص المجنى عليه لأن ذلك بفرض صحته غير مؤثر في قيام الجريمة.
3 - لما كان من المقرر أن قيام المانع الأدبي أو عدم قيامه هو مما يدخل في نطاق الوقائع فتقديره متروك لقاضى الموضوع تبعا لوقائع كل دعوى وملابساتها وانه متى أقام الحكم قضاءه بذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - على أسباب مؤدية إليه فلا تجوز المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم فان النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم.
4 - الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وانه لا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر إلا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
5 - إن ما هو مقرر من وجوب الالتزام بقواعد الإثبات المدنية في صدد جريمة التبديد إنما يقتصر على إثبات عقد الأمانة، أما حصول الاختلاس أو نفى حصوله وهو ما يدخل فيه رد الشيء محل عقد الأمانة فإن المحكمة لا تتقيد فيه بتلك القواعد رجوعا إلى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع.
6 - إن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة - المنصوص عليها في المادة 114 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - إلى المدعى بالحقوق المدنية في شأن واقعة رد مبلغ الأمانة لا يكون له محل، إذ لا يعرف قانون الإجراءات الجنائية سوى اليمين المنصوص عليها في المادة 283 منه والتي يجب أن يحلفها الشاهد قبل أداء الشهادة، وهو ما أكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعى بالحقوق المدنية وذلك نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، وإذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعى بالحقوق المدنية طبقا الحكم هذه المادة، فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الإجراء الذى لم يطلبه منها.
7 - أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وانها لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه.


الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الشرق ضد الطاعن بوصف انه خان الأمانة الموكولة إليه بموجب التوكيل رقم 353 لسنة 1979 عام مصر الجديدة بأنه بدد حق المدعى بالحقوق المدنية في شركة (........) على غير إرادته ودون توجيه منه وذلك بسوء قصد وإضرارا به وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات والزامه بأن يدفع له مبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ والزامه بأن يؤدى المدعى بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة بورسعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف بالنسبة لعقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة الأمانة قد شابه بطلان وخطأ في تطبيق القانون وأخلال بحق الدفاع ذلك بأنه صدر من غير الهيئة التي سمعت المرافعة، وان الطاعن رغم عدم توافر أركان الجريمة في حقه ذلك أن المال المدعى بتبديده لم يسلم إليه من شخص المجنى عليه هذا إلى أنه رده إليه وأن لم يحصل منه على دليل كتابي بسبب المانع الأدبي المتمثل في علاقتي القرابة والمصاهرة القائمة بينهما والتي لم يعتد بها الحكم رغم اعتداده بها كمبرر بعدم قيام المجنى عليه إلغاء التوكيل الصادر منه للطاعن، كما رد الحكم بما لا يصلح ردا على ما تمسك به الطاعن أمام محكمة ثاني درجة من توجيه اليمين الحاسمة إلى المجنى عليه المدعى بالحقوق المدنية في شأن واقعة الرد، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه وإن جاء بديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة من رئيس المحكمة..... القاضيين...... و......، إلا أن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى اعتبارا من جلسة 8/ 4/ 1986 وحتى حجزها للحكم بجلسة 29/ 4/ 1986 كانت مشكلة من رئيس المحكمة..... والقاضيين..... و.... وان هذه الهيئة ذاتها هي التي نطقت بالحكم، بجلسة 20/ 5/ 1986 مما يبين منه أن ذكر اسم القاضي...... في ورقة الحكم بدلا من اسم القاضي..... باعتباره عضو اليمين بتلك الهيئة إنما كان وليد سهو وقع فيه الكاتب وهو ما يؤكده ما هو ثابت من المفردات من توقيع القاضي... على منطوق الحكم المدون برول المحكمة، ومن ثم يكون النعي بصدور الحكم من غير الهيئة التي سمعت المرافعة غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه. وكان لا يشترط في التسليم باعتباره عنصرا في جريمة خيانة الأمانة أن يكون حاصلا من ذات المجنى عليه، وإنما يستوى أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه، وكان الطاعن لا ينازع في أنه تسلم المال محل الجريمة بناء على عقد من عقود الأمانة، فإنه لا جدوى مما يثيره من أن المال لم يسلم إليه من شخص المجنى عليه لأن ذلك بفرض صحته غير مؤثر في قيام الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعن من قيام مانع أدبى حال دون حصوله على دليل كتابي يثبت قيامه برد المال محل الجريمة وأطرحه في قوله "كما أنه لا يغير من هذا النظر ما ذكره وكيل المتهم من أن الأخير قد سلم المدعى المدني مبلغ العشرة آلاف جنيه ولكنه لم يحصل على سند مكتوب يفيد ذلك لوجود مانع أدبى بينهما وذلك مردود أيضا بان المانع الأدبي قد افتقد بين الطرفين بعد ما ثار الخلاف بين شقيق المدعى بالحق المدني - ..... - وبين....... شريك المدعى المدني والذى ذكر فيه الأول أن شقيقه - المدعى المدني - طلب منه أن يقوم بإدارة الشركة أثناء غيبته في الخارج ومحاولته الحصول على مفاتيح تلك الشركة ثم شكاية المدعى بالحق المدني بالمحضر رقم 2624 لسنة 1986 إداري الشرق والذى ذكر فيها بانه كانت توجد خلافات سابقة بينه وبين شريكة نظراً لأنه لم يحصل على أرباحه من الشركة فضلا عن عدم وجود دفاتر حساب منتظمة للشركة كل ذلك يدل على افتقاد الثقة بين الطرفين وبالتالي لم يعد هناك ثمة موانع من الحصول على سند وقد دب الشك في نفوس الشركاء واستطال النزاع إلى أسرتيهما". وإذ كان من المقرر أن قيام المانع الأدبي أو عدم قيامه هو مما يدخل في نطاق الوقائع فتقديره متروك لقاضى الموضوع تبعا لوقائع كل دعوى وملابساتها وانه متى أقام الحكم قضاءه بذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - على أسباب مؤدية إليه فلا تجوز المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم فان النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - قد اقتنعت بعدم صحة ما أثاره الطاعن من قيامه برد المال محل الجريمة، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وانه لا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر إلا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان ما هو مقرر من وجوب الالتزام بقواعد الإثبات المدنية في صدد جريمة التبديد إنما يقتصر على إثبات عقد الأمانة، أما حصول الاختلاس أو نفى حصوله وهو ما يدخل فيه رد الشيء محل عقد الأمانة فإن المحكمة لا تتقيد فيه بتلك القواعد رجوعا إلى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة - المنصوص عليها في المادة 114 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - إلى المدعى بالحقوق المدنية في شأن واقعة رد مبلغ الأمانة لا يكون له محل، إذ لا يعرف قانون الإجراءات الجنائية سوى اليمين المنصوص عليها في المادة 283 منه والتي يجب أن يحلفها الشاهد قبل أداء الشهادة، وهو ما أكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعى بالحقوق المدنية وذلك نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، وإذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعى بالحقوق المدنية طبقا الحكم هذه المادة، فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الإجراء الذى لم يطلبه منها، هذا فضلا عما هو مقرر من أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وانها لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع الزام الطاعن المصاريف المدنية.