الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 أبريل 2020

الطعن 6007 لسنة 58 ق جلسة 8/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 195 ص 1261


جلسة 8 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وأحمد جمال عبد اللطيف.
-----------------
(195)
الطعن رقم 6007 لسنة 58 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة العامة للدعاوى المقضي فيها حضورياً بالإعدام ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. أساس ذلك؟
 (2)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
دخول الطعن في حوزة محكمة النقض. مناطه: التقرير به في الميعاد.
تقديم أسباب الطعن. لا يغني عن التقرير به.
 (3)حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. وجوب تبيانه مضمون كل دليل من أدلة الثبوت وذكر مؤداه وإلا كان باطلاً.
 (4)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل" "إثبات "اعترف" "شهود".
للمحكمة أن تحيل في بيان مضمون اعتراف المتهم إلى أقوال أحد الشهود. شرط ذلك: أن تنصب هذه الأقوال على واقعة واحدة وألا يوجد خلاف فيها.
استناد الحكم إلى اعتراف المتهم دون بيان مضمونه اكتفاء بالإحالة إلى أقوال المجني عليها على الرغم من قيام الخلاف بينها. يعيب الحكم.
 (5)مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اشتراك.
الأصل ألا يسأل الجاني إلا عن الجريمة التي ارتكبها أو اشترك فيها.
مسئولية المتهم عن النتائج المحتملة لجريمته الأصلية. متى كان في مقدوره أو كان من واجبه توقع حدوثها. أساس ذلك: المادة 43 عقوبات.
 (6)إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إقامة الحكم قضاءه على ما ليس له أصل في الأوراق. يبطله.
مثال.
(7) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(8) إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة. مؤدى ذلك وأساسه؟
(9)  خطف. جريمة "أركانها". إكراه. إثبات "بوجه عام". فاعل أصلي. اشتراك.
إبعاد الأنثى عن مكان خطفها باستعمال طرق احتيالية أو أية وسيلة من شأنها سلب إرادتها وحملها على مواقعة الجاني لها. كفايته لتحقق جريمة المادة 290 عقوبات.
مساواة القانون بين الفعل والشريك في تلك الجريمة. اعتبار المتهم فاعلاً أصلياً فيها سواء ارتكبها بنفسه أو بوساطة غيره. ما دام قد ثبت مساهمته فيها.
(10) جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الجريمة الاحتمالية قيامها قبل المتهم. رهن بثبوت مساهمته في جريمة أصلية قصد إليها فاعلاً كان أم شريكاً.
 (11)نقض "أثر الطعن".
بطلان الحكم ذاته ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة. توجب امتداد أثر الطعن لباقي الطاعنين والمحكوم عليه لم يقبل طعنه شكلاً.
 (12)نقض "أثر الطعن".
نقض الحكم في شقه الجنائي يوجب نقضه في شقه المدني. علة ذلك؟

------------------
1- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليهم الأول والثاني والخامس، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ودون التقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد أو بعد فواته.
2 - لما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسبابه له.
3 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان باطلاً.
4 - إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تحيل في بيان مضمون اعتراف متهم على ما حصلته من أقوال أحد الشهود إلا أن ذلك مشروط بأن تنصب هذه الأقوال على واقعة واحدة وأن لا يوجد خلاف بين أقوالهما في شأن تلك الواقعة أما إذا وجد خلاف في أقوالهما عن الواقعة الواحدة أو انصبت أقوال أحدهما على واقعة تغاير تلك التي انصرفت إليها أقوال الآخر، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد فحوى أقوال كل منهما على حدة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات أن الطاعن الثاني نفى بتحقيق النيابة العامة مواقعته المجني عليها، كما نفى الطاعن الرابع ما أسندته إليه، فإنه كان على الحكم المطعون فيه، حتى يستقيم قضاؤه، أن يورد مضمون اعتراف كل من الطاعنين، وإذ كان الحكم قد عول في إدانتهما، ضمن ما عول، على الدليل المستمد من اعترافهما دون بيان مضمونه مكتفياً بالإحالة على ما حصله من أقوال المجني عليها على الرغم من الخلاف القائم بين أقوالها وما قرره كل منهما، على السياق المتقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب مشوباً بالخطأ في الإسناد.
5 - لما كانت المادة 43 من قانون العقوبات وإن جاءت على خلاف الأصل في المسئولية الجنائية من أن الجاني لا يسأل إلا عن الجريمة التي ارتكبها أو اشترك فيها بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 40 من القانون ذاته، إلا أن الشارع إذ تصور حالات تقع فيها نتائج غير مقصودة وإنما تقع نتيجة محتملة للمساهمة في الجريمة الأصلية المقصودة ابتداء وفقاً للمجرى العادي للأمور، قد خرج عن ذلك الأصل وجعل المتهم مسئولاً أيضاً عن النتائج المحتملة لجريمته الأصلية متى كان في مقدوره أو كان من واجبه أن يتوقع حدوثها، على أساس افتراض أن إرادة الجاني لا بد أن تكون قد توجهت نحو الجرم الأصلي ونتائجه الطبيعية، وهو ما نص عليه في المادة 43 من قانون العقوبات، التي وإن كانت قد وردت في باب الاشتراك إلا أنها قد وردت في باب الأحكام الابتدائية فدل الشارع بذلك وبعبارتها الصريحة المطلقة على أنها إنما تقرر قاعدة عامة هي أن مناط تقدير الاحتمال إنما يكون بالنظر إلى الجريمة التي اتجهت إليها إرادة الفاعل ابتداء وبالذات وما يتحمل أن ينتج عنها عقلاً وبحكم المجرى العادي للأمور.
6 - لما كان الحكم قد أسند - لدى تحصيله لاعترافات الطاعنين - للطاعن الرابع القول بأن المتهم السادس أخبره بأن باقي المتهمين خطفوا المجني عليها وتوجهوا بها إلى مسكن المتهم الثالث فتوجه إليه، وكان البين من الأوراق أن أقوال الطاعن الرابع قد خلت مما يفيد أن المتهم السادس قد أخبره بواقعة خطف المجني عليها، وإذ كان الأصل أنه يجب على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في تلك الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما لا أصل له في التحقيقات يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد.
7 - إن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
8 - إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية كانت أم شكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك القضايا، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية ومن المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه.
9 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جريمة خطف الأنثى المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 لا تتحقق إلا بإبعاد الأنثى هذه عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان، بقصد العبث بها، وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مواقعة الجاني لها، أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، لتحقيق ذلك القصد، ومن ثم فإن كل من قارف الفعل المادي بنفسه أو بوساطة غيره أو أسهم في ذلك بقصد مواقعة الأنثى بغير رضاها يعد فاعلاً أصلياً في الجريمة، ذلك بأن القانون ساوى بين الفاعل والشريك في جريمة الخطف تلك سواء ارتكبها بنفسه أو بوساطة غيره.
10 - من المقرر أنه لا قيام للجريمة الاحتمالية قبل المتهم إلا إذا ثبت بيقين أنه أسهم فاعلاً كان أم شريكاً في جريمة أصلية قصد إليها ابتداء.
11 - لما كان ما تقدم، فإنه يتعين رفض مذكرة النيابة العامة فيما طلبته من إقرار الحكم بإعدام كل من....... و....... و.......، والقضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم وللطاعن الرابع...... بغير حاجة إلى النظر في باقي وجوه الطعن، وكذلك للطاعن الثالث..... وذلك لبطلان الحكم ذاته ونظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
12 - إن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين في شقه الجنائي، يقتضي نقضه كذلك بالنسبة إليهم في شقه المدني، لقيام مسئوليتهم عن التعويض على ثبوت ذات الواقعات التي دينوا بها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من:
1 -..... (طاعن) 2 -...... (طاعن) 3 -..... (طاعن) 4 -..... (طاعن) 5 -..... (طاعن) 6 -..... (طاعن)
أولاً: المتهمون جميعاً: خطفوا بالإكراه أنثى هي..... بأن اعترض المتهمان الأول والثاني طريقها أثناء سيرها بالطريق العام مع قريب لها وهددها المتهم الخامس بسلاح أبيض (مطواة قرن غزال) واعتدى على رفيقها بالضرب لشل مقاومته وحملها المتهمان الأول والثاني عنوة على ركوب السيارة الأجرة قيادة المتهم السادس وانطلقوا بها إلى مقربة من سكن المتهم الثالث حيث بارحوا السيارة وقصدوا دون المتهم السادس إلى ذلك المسكن واحتجزوا المجني عليها ثم لحق بهم المتهم الرابع. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أن المتهمين سالفي الذكر في ذات الزمان والمكان واقعوا المجني عليها بغير رضاها بأن طرحها المتهم الأول أرضاً وجردها من ثيابها وجثم فوقها وهي عارية وأولج قضيبه قسراً في فرجها ثم تغشاها تباعاً كل من المتهمين الثاني والثالث وأتياها على غرار ما فعل بها المتهم الأول وقد وقعت الجناية الأخيرة بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس كنتيجة محتملة لمساهمتهما في جناية خطف المجني عليها الأمر المنطبق على المادة 43 من قانون العقوبات.
ثانياً: المتهمان الثالث والرابع: - هتكا عرض المجني عليها سالفة الذكر التي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أتياها عنوة تباعاً من دبر حالة كونهما ممن لهم سلطة فعلية عليها. ثالثاً: المتهم الخامس: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت....... بصفتها وصية على ابنتها القاصر المجني عليها قبل المتهمين طالبة إلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. وبجلسة...... قررت المحكمة: - أولاً: إرسال أوراق القضية إلى مفتي جمهورية مصر العربية. ثانياً: حددت جلسة...... للنطق بالحكم ثم قضت في....... حضورياً بالنسبة للمتهمين الخمسة الأول وغيابياً للأخير عملاً بالمواد 267، 268، 290، 43 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول الأول الملحق به مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة كل من..... و...... و..... بالإعدام شنقاً وذلك عما أسند إليهم. ثانياً: بمعاقبة كل من...... و...... و..... بالأشغال الشاقة المؤبدة وذلك عما أسند إليهم. ثالثاً: بإلزامهم جميعاً متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحق المدني مبلغ خمسين ألف جنيه.
رابعاً: بمصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع والخامس في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في إلى مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليهم الأول والثاني والخامس، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ودون التقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد أو بعد فواته ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المحكوم عليه...... وإن قدمت أسباب طعنه في الميعاد، إلا أنه لم يقرر بالطعن بطريق النقض في الحكم. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من باقي المحكوم عليهم قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة خطف أنثى بالإكراه المقترنة بجناية مواقعتها بغير رضاها ودان الرابع أيضاً بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بغير رضاها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه اقتصر في بيان اعترافات الطاعنين على الإحالة إلى أقوال المجني عليها، ودان الطاعن الرابع بجريمتي المواقعة وهتك العرض على اعتبار أنها نتيجة محتملة لجريمة الخطف دون أن يدلل على اشتراك هذا الطاعن في واقعة الخطف، وأسند له القول بأنه توجه إلى مسكن المحكوم عليه الثالث بعد أن أخبره المتهم السادس....... المحكوم عليه غيابياً بأن باقي المحكوم عليهم خطفوا المجني عليها وتوجهوا بها إلى ذلك المسكن مع أن أقوال الطاعن الرابع خلت من القول بأن المتهم السادس أخبره بواقعة خطف المجني عليها. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأفصح عن أدلة الثبوت التي استند إليها في إدانة الطاعنين، ومن بينها أقوال المجني عليها واعترافات الطاعنين بتحقيقات النيابة العامة، حصل أقوال المجني عليها بقوله "وقررت أنها في مساء يوم الحادث أثناء سيرها صحبة ابن خالتها..... بشارع الحجاز فوجئت بالمتهم...... يستوقفها مدعياً أنه يعرفها وعلى علاقة بها ولما أراد..... مناقشته في عدم صحة ذلك أشهر المتهم المذكور في وجهه مطواة قرن غزال وضربه وتقدم إليها كل من المتهمين....... و...... وأوقفا سيارة أجرة يقودها المتهم...... ودفعاها بداخلها وأمراه بالانصراف وتمكن المتهم...... من التعلق بمؤخرة السيارة وساروا بها حتى أحد الشوارع الجانبية وكانت تستغيث فهددها المتهم..... بالمطواة واصطحبوها إلى شقة المتهم....... وبعد أن تعاطوا بعض المخدرات واتفقوا فيما بينهم على كيفية اغتصابها بدأ بها........ الذي جردها من ملابسها حتى قطع العقد الذي كانت تتحلى به في صدرها وطرحها أرضاً واغتصبها وأمنى فيها ثم أمرها بالاغتسال في الحمام وأعيدت إلى الحجرة ثانية حيث دخل عليها...... الذي أراد أن يولج قضيبه في فرجها وإذ لم تمكنه من ذلك فأتاها من الخلف حتى أمنى عليها ثم اغتصبها...... وبعد ذلك لما أراد...... أن يواقعها لم تمكنه من ذلك فأتاها من دبرها وكانت قد انهارت قواها فنامت ونام أيضاً..... لكثرة المخدرات التي تعاطاها واستيقظت في صباح اليوم التالي على طرق باب الشقة حيث طلب أحد الأشخاص مغادرتها لها فاصطحبها....... تحت تهديد المطواة التي كانت معه حيث أركبها سيارة أجرة قيادة سائق يعرفه وكان يضع المطواة على مقدمة السيارة من الداخل وكلف السائق بتوصيلها إلى ميدان حلمية الزيتون". ثم أورد الحكم اعترافات الطاعنين بقوله "وقد اعترف المتهمون الخمسة الأول (الطاعنون) بتحقيقات النيابة العامة تفصيلاً بارتكابهم الحادث على النحو الذي وصفته المجني عليها، كما قرر المتهم..... (الطاعن الرابع) أن المتهم........ أخبره بأن المتهمين الآخرين قد خطفوا المجني عليها وهي في شقة...... فتوجه إليهم". لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان باطلاً، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تحيل في بيان مضمون اعتراف متهم على ما حصلته من أقوال أحد الشهود إلا أن ذلك مشروط بأن تنصب هذه الأقوال على واقعة واحدة وأن لا يوجد خلاف بين أقوالهما في شأن تلك الواقعة، أما إذا وجد خلاف في أقوالهما عن الواقعة الواحدة أو انصبت أقوال أحدهما على واقعة تغاير تلك التي انصرفت إليها أقوال الآخر، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد فحوى أقوال كل منهما على حدة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات أن الطاعن الثاني نفى بتحقيق النيابة العامة مواقعته المجني عليها، كما نفى الطاعن الرابع ما أسندته إليه، فإنه كان على الحكم المطعون فيه، حتى يستقيم قضاؤه، أن يورد مضمون اعتراف كل من الطاعنين، وإذ كان الحكم قد عول في إدانتهما، ضمن ما عول، على الدليل المستمد من اعترافهما دون بيان مضمونه مكتفياً بالإحالة على ما حصله من أقوال المجني عليها على الرغم من الخلاف القائم بين أقوالها وما قرره كل منهما - على السياق المتقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب مشوباً بالخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض القواعد العامة في تطبيق المادة 43 من قانون العقوبات أورد ما نصه "وحيث إنه بإنزال هذه القواعد القانونية على الوقائع محل الاتهام وما قارفه كل منهم في القضية الراهنة فإن المحكمة استقر في يقينها وارتاح وجدانها إلى وقوع الحادث وفقاً لتصوير المجني عليها ذلك التصوير الذي تأيد بأقوال شهود الإثبات وتأكد باعترافات المتهمين المضبوطين سواء بمحضر جمع الاستدلالات أو بتحقيقات النيابة. ومن ثم فيكون المتهمان..... و..... قد اختطفا المجني عليها واقترن ذلك باغتصابها وأن المتهم...... بالإضافة إلى أنه خطف المجني عليها فهو مسئول أيضاً عن اغتصابها بمعرفة الآخرين دون أن يكون قد قام بذلك الفعل استناداً إلى ما جرى عليه نص المادة 43 من قانون العقوبات هذا هو الحال أيضاً بمساءلة كل من..... و..... (الطاعن الرابع) عن جريمة الخطف التي قارفها المتهمون...... و...... و...... والاغتصاب الذي قام به كل من...... و...... بالإضافة إلى أنهما هتكا عرضها أيضاً ومساءلة....... عن جريمة اغتصاب المجني عليها علاوة إلى قيامه بخطفها أصلاً وذلك كله استناداً إلى قاعدة القصد الاحتمالي". لما كان ذلك، وكانت المادة 43 من قانون العقوبات وإن جاءت على خلاف الأصل في المسئولية الجنائية من أن الجاني لا يسأل إلا عن الجريمة التي ارتكبها أو اشترك فيها بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 40 من القانون ذاته، إلا أن الشارع إذ تصور حالات تقع فيها نتائج غير مقصودة وإنما تقع نتيجة محتملة للمساهمة في الجريمة الأصلية المقصودة ابتداء وفقاً للمجرى العادي للأمور، قد خرج عن ذلك الأصل وجعل المتهم مسئولاً أيضاً عن النتائج المحتملة لجريمته الأصلية متى كان في مقدوره أو كان من واجبه أن يتوقع حدوثها، على أساس افتراض أن إرادة الجاني لا بد أن تكون قد توجهت نحو الجرم الأصلي ونتائجه الطبيعية، وهو ما نص عيه في المادة 43 من قانون العقوبات، التي وإن كانت قد وردت في باب الاشتراك إلا أنها قد وردت في باب الأحكام الابتدائية فدل الشارع بذلك وبعبارتها الصريحة المطلقة على أنها إنما تقرر قاعدة عامة هي أن مناط تقدير الاحتمال إنما يكون بالنظر إلى الجريمة التي اتجهت إليها إرادة الفاعل ابتداء وبالذات وما يتحمل أن ينتج عنها عقلاً وبحكم المجرى العادي للأمور. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في السياق المتقدم قد خلا تماماً من أي دليل تتوافر به الرابطة التي تصل الطاعن الرابع بمرتكبي جريمة الخطف، وكانت الأفعال التي باشرها هذا الطاعن، وكذلك المحكوم عليه الثالث، مع المجني عليها - على النحو الوارد بالحكم - إنما هي أفعال لاحقة لجريمة الخطف ويصح في العقل وطبقاً للمجرى العادي للأمور أن تكون منفصلة عنها فلا تتحقق بها - مستقلة - أركان هذه الجريمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب من هذه الناحية أيضاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أسند - لدى تحصيله لاعترافات الطاعنين - للطاعن الرابع القول بأن المتهم السادس أخبره بأن باقي المتهمين خطفوا المجني عليها وتوجهوا بها إلى مسكن المتهم الثالث فتوجه إليه، وكان البين من الأوراق أن أقوال الطاعن الرابع قد خلت مما يفيد أن المتهم السادس قد أخبره بواقعة خطف المجني عليها، وإذ كان الأصل أنه يجب على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في تلك الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما لا أصل له في التحقيقات يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، ولا يغني في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
ومن حيث إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية كانت أم شكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك القضايا، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بقوله "أنها تجمل في أنه مساء يوم 17 أغسطس سنة 1987 أثناء سير........ بصحبة ابنة خالته....... التي تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة وشهرين بشارع الحجاز بدائرة قسم مصر الجديدة استوقفه المتهم....... مدعياً أنه يعرف........ وعلى علاقة سابقة بها ولما أراد..... مناقشته في عدم صحة ذلك أشهر المتهم المذكور في وجهه سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وركله في بطنه وتقدم المتهمان...... و....... اللذان أشارا إلى المتهم...... وكان يقود سيارة أجرة في ذلك الوقت وقام كل من....... و....... بدفع...... إلى داخل السيارة وتحرك قائدها بعد أن تعلق المتهم...... بمؤخرتها وسار بهم دون أن يعبأ بصياح....... وكان ذلك كله على مرأى من..... و....... اللذان كان يقفان مع المتهمين قبل وقوع الحادث وبعد أن ابتعدوا بالمجني عليها من مكان الخطف وقفوا في أحد الشوارع الجانبية وأنزلوها من السيارة وكان..... شاهراً المطواة للمجني عليها واقتادوها إلى شقة يحوزها المتهم...... والذي أحضر...... ثم تشاوروا فيما بينهم من يغتصبها في الأول بعد أن تعاطوا بعضاً من المخدرات فقد بدأ بها..... بأن أدخلها في حجرة في مواجهة صالة الشقة وجردها من ملابسها حتى أنه قطع العقد الذي كانت تتحلى به في صدرها وعثر على أحد حباته في المعاينة التي أجرتها النيابة العامة بعد ذلك لمحل الحادث، وطرحها أرضاً واغتصبها وأمنى فيها وأمرها بعد ذلك أن تدخل الحمام لتغتسل ودخل وراءها ثم أعيدت إلى الحجرة حيث دخل عليها..... وأراد أن يولج قضيبه بفرجها إلا أنها لم تمكنه من ذلك فأتاها من دبرها حتى أمنى عليها وخرج حيث دخل...... الذي تمكن من أن يغتصبها وبعد أن تركها دخل عليها...... الذي كان قد حضر إلى الشقة بعد أن أخبره المتهم...... سائق السيارة بخطفي المجني عليها ووجودها بشقة...... ولما أراد..... أن يغتصبها لم تمكنه من ذلك فأتاها من دبرها ولما انصرف الجميع انفرد بها...... الذي كان قد اتفق معهم على أنه سيمضي باقي الليلة معها ولكثرة تعاطيه المخدرات نام ونامت هي الأخرى من فرط التعب وإنهاك قواها واستيقظت في صباح اليوم التالي على صوت طرق باب الشقة حيث طلب منها أحد الأشخاص مغادرتها فنزلت مع....... الذي أوقف سيارة أجرة ووضع المطواة أمامه على مقدم السيارة من الداخل ونزل عند ورشته وكلف السائق الذي يعرفه بتوصيل المجني عليها إلى ميدان حلمية الزيتون فقام بذلك......."، ثم خلص الحكم إلى إدانة المحكوم عليهم بقوله أنهم "خطفوا بالإكراه أنثى هي...... بأن اعترض المتهمان الأول والثاني طريقها أثناء سيرها في الطريق العام مع قريب لها وهددها المتهم الخامس بسلاح أبيض (مطواة قرن غزال) واعتدى على رفيقها بالضرب لشل مقاومته وحملها المتهمان الأول والثاني عنوة على ركوب السيارة الأجرة قيادة المتهم السادس وانطلقوا بها إلى مقربة من مسكن المتهم الثالث حيث بارحوا السيارة وقصدوا دون المتهم السادس إلى ذلك المسكن واحتجزوا المجني عليها فيه ثم لحق بهم المتهم الرابع، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أن المتهمين سالفي الذكر في ذات الزمان والمكان واقعوا المجني عليها بغير رضاها بأن طرحها المتهم الأول أرضاً وجردها من ثيابها وجثم فوقها وهي عارية وأولج قضيبه قسراً في فرجها حتى أمنى فيه، ثم تغشاها كل من المتهمين الثاني والثالث وأتياها على غرار ما فعل بها المتهم الأول، وقد وقعت الجناية الأخيرة بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس والسادس كنتيجة محتملة لمساهمتهم في جناية خطف المجني عليها الأمر المنطبق على المادة 43 من قانون العقوبات" لما كان ذلك، وكان ما أسنده الحكم للمحكوم عليه الثالث لدى تحصيله صورة الواقعة من أنه لم يتمكن من مواقعة المجني عليها فأتاها من دبر يغاير ما خلص إليه - من بعد - من إدانته بفعل المواقعة، كما أن ما أورده في بيان الواقعة خلا مما يفيد إسهام المحكوم عليه الرابع في جريمة الخطف المرفوعة بها الدعوى الجنائية. وإذ كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن جريمة خطف الأنثى المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 لا تتحقق إلا بإبعاد الأنثى هذه عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان، بقصد العبث بها، وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مواقعة الجاني لها، أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، لتحقيق ذلك القصد، ومن ثم فإن كل من قارف الفعل المادي بنفسه أو بوساطة غيره أو أسهم في ذلك بقصد مواقعة الأنثى بغير رضاها يعد فاعلاً أصلياً في الجريمة، ذلك بأن القانون ساوى بين الفاعل والشريك في جريمة الخطف تلك سواء ارتكبها بنفسه أو بوساطة غيره، وهو ما قصر الحكم المطعون فيه عن استظهاره كلية، ومن ثم فإن مؤاخذة المحكوم عليه المعنى، بجريمة المواقعة بحسبانها نتيجة محتملة لجناية خطف المجني عليها، يكون غير مقترن بالصواب، لما هو مقرر من أنه لا قيام للجريمة الاحتمالية قبل المتهم إلا إذا ثبت بيقين أنه أسهم فاعلاً كان أم شريكاً في جريمة أصلية قصد إليها ابتداء، فإن لم يدلل الحكم على ذلك وهو الحال في الدعوى الماثلة كان ما تناهى إليه من قيام الجريمة الاحتمالية في حق المتهم ذاك غير صحيح في القانون، ولما كان ما تقدم، فإن ما أسنده الحكم للمحكوم عليهما الثالث والرابع على السياق بادي الذكر يعيبه بالقصور في التسبيب والتناقض والتعارض في صورة الواقعة، ويدل على اختلاف فكرته عن عناصر الواقعة برمتها وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة وينبئ عن أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة إلى الحد الذي يؤمن به الخطأ في تقدير مسئولية المحكوم عليهم ويعجز من ثم محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الوقائع كما صار إثباتها في الحكم وهو ما يجعل الحكم متخاذلاً متناقضاً يمحو بعضه البعض ولا يعرف منه ما قصدته المحكمة، ويعيبه بما يبطله، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين رفض مذكرة النيابة العامة فيما طلبته من إقرار الحكم بإعدام كل من...... و...... و.......، والقضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم وللطاعن الرابع...... بغير حاجة إلى النظر في باقي وجوه الطعن، وكذلك للطاعن الثالث..... وذلك لبطلان الحكم ذاته ونظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين في شقه الجنائي، يقتضي نقضه كذلك بالنسبة إليهم في شقه المدني، لقيام مسئوليتهم عن التعويض على ثبوت ذات الواقعات التي دينوا بها، فإنه يتعين أن يكون النقض شاملاً ما قضى به الحكم في الدعويين الجنائية والمدنية، مع إلزام المدعية بالحقوق المدنية بصفتها المصاريف المدنية.

الطعن 3452 لسنة 58 ق جلسة 11/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 196 ص 1281


جلسة 11 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
----------------
(196)
الطعن رقم 3452 لسنة 58 القضائية

 (1)استئناف. محكمة استئنافية "تسبيب أحكامها". حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم الاستئنافي أسباب مكملة لأسباب حكم أول درجة الذي اعتنقه. مفاده: أخذه بتلك الأسباب فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أضافها.
خلو الحكم المطعون فيه من ذكر مواد العقاب. لا يعيبه. طالما أنه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي التي سجلت في صلبها تطبيق تلك المواد على المتهم. أخذه بها فيه ما يتضمن بذاته مواد العقاب.
 (2)تبوير أرض زراعية. جريمة "أركانها". دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
جريمة تبوير أرض زراعية. من الجرائم المستمرة استمراراً تجددياً ويظل المتهم مرتكباً لها في كل وقت ما دام التبوير مستمراً. أثر ذلك: عدم بدء المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة لها إلا عند انتهاء حالة الاستمرار.
لا على الحكم. إغفاله الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
 (3)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة" "بوجه عام".
للمحكمة كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى.
عدم التزام المحكمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو إعادة مناقشته. ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والقانون.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
 (4)تبوير أرض زراعية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حظر ترك الأرض الزراعية غير منزرعة أو المساس بخصوبتها. أساس ذلك: المادة 151 ق 116 لسنة 1983. عدم اشتراط النص لتحقق الجريمة السالفة. اتخاذ إجراءات معينة أو تعليق تنفيذ أحكامها على شروط.
الإجراءات المنصوص عليها بالمادتين الأولى والثانية من قرار وزير الزراعة رقم 289 لسنة 1985 إجراءات تنظيمية لا تأثير لها على قيام الجريمة ولا يترتب على مخالفتها البطلان.
دفاع الطاعن في جريمة تبوير أرض زراعية بعدم التزام محرر محضر الضبط بتحرير محضر إثبات حالة وإعلانه به. دفاع ظاهر البطلان. لا يعيب الحكم التفاته عنه.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب ضم قضايا بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة. الالتفات عنه. لا عيب.

-----------------
1 - من المقرر أن إيراد الحكم الاستئنافي أسباباً مكملة لأسباب حكم محكمة أول درجة الذي اعتنقه مقتضاه أنه يأخذ بهذه الأسباب فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أضافها وكان من المقرر أن الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً في صلبه من ذكر المواد التي طبقتها المحكمة، إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أوردها.
وكان الحكم الابتدائي قد سجل في صلبه أنه يطبق على المتهم المادتين 151، 155 من القانون 116 لسنة 1983 المعدل بقانون 2 لسنة 1985 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها والتي بينها في صدر أسبابه فلا يصح نقضه، إذ أن أخذه بأسباب الحكم الابتدائي فيه ما يتضمن بذاته المادتين التي عوقب المتهم بهما.
2 - من المقرر أن الجريمة المسندة إلى المتهم - الطاعن - من الجرائم المستمرة التي لا تبدأ المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلا عند انتهاء حالة الاستمرار وهو استمرار تجددي ويظل المتهم مرتكباً للجريمة في كل وقت وتقع جريمته تحت طائلة العقاب ما دامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته، ولا تبدأ مدة التقادم ما دام التبوير قائماً. وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان، ومن ثم فإن النعي على الحكم بعدم رده على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها وهي في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي العقل والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير الأدلة من إطلاقاتها، فإن ما يثيره الطاعن - من أن المحكمة لم تجبه طلبه إعادة المأمورية للخبير لإعادة بحثها - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كانت المادة 151 المضافة بالقانون 116 لسنة 1983 للقانون 53 لسنة 1966 والمستبدلة بالقانون 2 لسنة 1985 قد جرى نصها على "يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التي تحدد بقرار من وزير الزراعة. كما يحظر عليهم ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها". وكان نص هذه المادة قد جاء عاماً دون أن يستلزم لتحقق الجريمة اتخاذ إجراءات معينة أو تعليق تنفيذ أحكامها على شروط، فضلاً عن أن الإجراءات التي نصت عليها المادتان الأولى والثانية من قرار السيد وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 289 لسنة 1985 ما هي إلا إجراءات تنظيمية لا تؤثر على قيام الجريمة المنصوص عليها بالمادة 151 سالفة الذكر، كما أن القانون 53 لسنة 66 المعدل بالقانون 116 لسنة 1983 و2 لسنة 1985 لم ينص على البطلان جزاء مخالفة الإجراءات الخاصة التي نص عليها القرار الوزاري سالف الذكر، فإن ما يثيره الطاعن من أن محرر المحضر لم يتخذ الإجراءات القانونية بعدم تحرير محضر إثبات حالة وإخطار الطاعن به لا يعدو أن يكون في واقع الدعوى دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فلا يعيب الحكم التفاته عدم الرد عليه.
5 - من المقرر أن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه أو التفتت عن إجابته.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قام بأعمال من شأنها تبوير مساحة من أرض زراعية. وطلبت عقابه بالمادتين 151، 155 من القانون رقم 116 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1985. ومحكمة جنح ملوي قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وغرامة خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء منه. استأنف ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية "مأمورية ملوى" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبوير أرض زراعية قد ران عليه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه خلا من بيان نص القانون الذي دانه بموجبه، ولم يشر إلى الدفاع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، كما أن المحكمة لم تستجب لطلبه إعادة المأمورية لذات الخبير لتحقيق دفاعه، فضلاً عن أنها أغفلت دفاع الطاعن القائم على أن محرر المحضر لم يلتزم بالإجراءات التي نص عليها قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي الرقيم 289 لسنة 1985، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب إلى طلب ضم الجنحة رقم...... لسنة 1986 مركز ملوى. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة كافية وسائغة ولها أصلها الصحيح في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك كان من المقرر أن إيراد الحكم الاستئنافي أسباباً مكملة لأسباب حكم محكمة أول درجة الذي اعتنقه مقتضاه أنه يأخذ بهذه الأسباب فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أضافها وكان من المقرر أن الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً في صلبه من ذكر المواد التي طبقتها المحكمة، إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أوردها. وكان الحكم الابتدائي قد سجل في صلبه أنه يطبق على المتهم المادتين 151، 155 من القانون 116 لسنة 1983 المعدل بقانون 2 لسنة 1985 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها والتي بينها في صدر أسبابه فلا يصح نقضه، إذ أن أخذه بأسباب الحكم الابتدائي فيه ما يتضمن بذاته المادتين التي عوقب المتهم بهما.
لما كان ذلك، وكانت الجريمة المسندة إلى المتهم - الطاعن - من الجرائم المستمرة التي لا تبدأ المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلا عند انتهاء حالة الاستمرار وهو استمرار تجددي ويظل المتهم مرتكباً للجريمة في كل وقت وتقع جريمته تحت طائلة العقاب ما دامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته، ولا تبدأ مدة التقادم ما دام التبوير قائماً. وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان، ومن ثم فإن النعي على الحكم بعدم رده على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها وهي في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي العقل والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير الأدلة من إطلاقاتها، فإن ما يثيره الطاعن - من أن المحكمة لم تجبه طلبه إعادة المأمورية للخبير لإعادة بحثها - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك وكانت المادة 151 المضافة بالقانون 116 لسنة 1983 للقانون 53 لسنة 1966 والمستبدلة بالقانون 2 لسنة 1985 قد جرى نصها على "يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التي تحدد بقرار من وزير الزراعة. كما يحظر عليهم ارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها". وكان نص هذه المادة قد جاء عاماً دون أن يستلزم لتحقق الجريمة اتخاذ إجراءات معينة أو تعلق تنفيذ أحكامها على شروط، فضلاً عن أن الإجراءات التي نصت عليها المادتان الأولى والثانية من قرار السيد وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 289 لسنة 1985 ما هي إلا إجراءات تنظيمية لا تؤثر على قيام الجريمة المنصوص عليها بالمادة 151 سالفة الذكر، كما أن القانون 53 لسنة 66 المعدل بالقانون 116 لسنة 1983 و2 لسنة 1985 لم ينص على البطلان جزاء على مخالفة الإجراءات الخاصة التي نص عليها القرار الوزاري سالف الذكر، فإن ما يثيره الطاعن من أن محرر المحضر لم يتخذ الإجراءات القانونية بعدم تحرير محضر إثبات حالة وإخطار الطاعن به لا يعدو أن يكون في واقع الدعوى دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان فلا يعيب الحكم التفاته عدم الرد عليه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه أو التفتت عن إجابته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 3888 لسنة 58 ق جلسة 11/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 197 ص 1289


جلسة 11 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي.
-----------------
(197)
الطعن رقم 3888 لسنة 58 القضائية

 (1)محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي في المادة 378 إجراءات على وجوب أن يكون تأجيل نظر القضية ليوم معين سواء في ذات الدور أو دور مقبل من قبيل الأحكام التنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
الدفع ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة. إنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة.
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته أو قرابته للمجني عليه. لا يمنع المحكمة من الأخذ بها. ما دامت قد اطمأنت إليها. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي. لا على المحكمة إن هي التفتت عنه. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
 (5)إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق الدليل القولي مع الدليل الفني ليس بلازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع مناحي دفاع المتهم والرد عليها استقلالاً. طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها.
 (7)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ بالشهادة السماعية. حد ذلك؟
 (8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
 (9)سلاح. محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلوص الحكم إلى ثبوت تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة في حق الطاعنين استنتاجاً من ثبوت ارتكابهما واقعة قتل المجني عليهما عمداً مع سبق الإصرار بإطلاق مقذوفات نارية عليهما أحدثت إصاباتهما التي أودت بحياتها. استنتاج لازم في منطق العقل. النعي على الحكم بالقصور في الاستدلال لإغفاله التحدث عن تقرير فحص السلاح المضبوط الذي أثبت عدم صلاحيته في غير محله.
 (10)ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير سبق الإصرار".
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي.
 (11)قتل عمد. جريمة "أركانها". سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار. النعي على الحكم في شأن الظرف المشدد. غير مقبول.
 (12)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستأهل رداً.
 (13)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعي على الحكم خطأه في الإسناد. متى أقيم على ما له أصل في الأوراق.

-------------------
1 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذلك الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
2 - من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
5 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها.
8 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليهما حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدث تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنها حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
10 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون.
11 - لما كان الحكم قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
12 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
13 - لما كان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - أولاً: قتلوا..... و...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وانتظروهما في الطريق الذي أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى أطلق عليهما المتهمان الأول والثاني عدة أعيرة نارية قاصدين قتلهما بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها - وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهمان الأول والثاني عدة أعير نارية قاصدين قتله بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما كما تلت تلك الجناية جناية أخرى أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وتوجهوا إلى مكان تواجده أمام مسكنه وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله وقد خاب أثر الجريمتين لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فرار المجني عليهما. ثانياً: أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" بدون ترخيص من الجهة المختصة. ثالثاً: أحرز كل منهم ذخائر "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من..... والد المجني عليهما....... و....... مديناً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 1، 32، 231، 232، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون المذكور مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما ومصادرة المضبوطات وبراءة المتهم الآخر مما أسند إليه. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامها متضامنين بأن يؤديا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية شروع في قتل وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم خلا من بيان المحكمة التي أصدرته. كما أن المحكمة بهيئة سابقة قررت بجلسة...... حجز الدعوى للحكم لجلسة..... مع استمرار حبس المتهمين وبتلك الجلسة الأخيرة قررت إعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل، وقد جاء هذا القرار باطلاً ومخالفاً لقانون الإجراءات الجنائية الذي استوجب أن يكون التأجيل ليوم محدد في دور محدد ما دام أن المتهمين محبسون. هذا إلى أن دفاع الطاعنين قام على أساس التأخير في الإبلاغ عن الحادث وخلو البلاغ من ذكر أسماء المتهمين وأن أياً من الشهود لم ير واقعة إطلاق النار على المجني عليهما وأن الشاهد...... لم يكن بمكان الحادث ولم يتقدم للشهادة إلا بعد مضي مدة طويلة من بداية التحقيق وأن الشاهدة..... تربطها بالمجني عليهما صلة القربى، وأن الشهود أجمعوا على أن إطلاق الأعيرة النارية كان في مواجهة المجني عليهما في حين أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن جميع إصاباتهما من الخلف، وأن المحكمة عولت على أقوال الشهود رغم أن شهادتهم سماعية خاصة وقد أكد شهود النفي براءة الطاعنين، وأن السلاح المضبوط ثبت أنه غير صالح للاستعمال فضلاً عن عدم توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين وانتفاء الجريمة في حقهما إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه واعتمد كلية في قضائه على قائمة أدلة الثبوت التي طوت مسخاً وتحريراً لأقوال الشهود دون الرجوع إلى التحقيقات، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايتي شروع في قتل وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية الشرعية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ديباجته قد اشتملت على بيان المحكمة التي أصدرته - خلافاً لما يزعم الطاعنان فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذات الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، وكان من المقرر أيضاً أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدة الإثبات...... بما مفاده أنه في صباح يوم الحادث تناهى إلى سمعها صوت إطلاق أعيرة نارية فخرجت إلى الطريق الزراعي لاستطلاع الأمر وشاهدت المتهمين "الطاعنين" يخرجان من خلف منزل وأطلقا عدة أعيرة نارية من بندقية كان يحملها كل منهما على المجني عليهما اللذين كان يركبان دراجتهما فسقطا على الأرض، وأرجعت الحادث إلى الأخذ بثأر والد الطاعنين كما حصل أقوال الشاهد...... بما مؤداه أنه كان يستذكر دروسه في صباح يوم الحادث بالطريق الزراعي وإذ بالطاعنين يخرجان من خلف ماكينة دراس ويطلقان عدة أعيرة نارية من مسافة أربعة أمتار على المجني عليهما حال ركوبهما دراجتهما، وكان المجني عليه الثاني يركب الدراجة أمام شقيقه ويواجه ضرب النار، ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه...... أصيب بالبطن والصدر والإلية والوجه بثلاث طلقات نارية معمر كل منها بمقذوف مفرد، كما أصيب بيسار الظهر في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من الخلف واليسار للأمام واليمين قليلاً ويميل من أسفل إلى أعلا وقد أصابه مقذوف آخر أسفل زاوية الفك اليسرى في اتجاه أساسي من اليسار إلى اليمين بمستوى أفقي تقريباً مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك يتخذ أوضاعاً شتى بالنسبة للجسم من الإطلاق والمقذوف الثالث أصابه بمنتصف وحشية الإلية اليسرى في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من أسفل واليسار ولأعلى أمام الإصابة الموصوفة بوحشية أسفل الفخذ الأيمن فحكما على شكلها فإنها تشير إلى إمكانية حدوثها من عدة طلقات مجتمعة من سلاح ناري ذات سرعة عالية وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حدا الإطلاق القريب من 1/ 4 إلى 1/ 2 متر وقد تزيد قليلاً أو كثيراً تبعاً لطول مساورة السلاح المستعمل وحدثت الوفاة من الأعيرة النارية التي أصابته بالظهر والوجه وأسفل الفخذ الأيمن وما أحدثته من تهتك بالأحشاء الباطنية والصدرية وكسور الأضلاع وتهتك العضلات والأوعية الدموية الرئيسة للفخذ الأيمن والنزيف الخارجي والداخلي الغزير والصدمة، وأن المجني عليه...... أصيب بسبعة أعيرة نارية معمرة كل بمقذوف مفرد وقد أصابه مقذوفان منها بالرأس في اتجاه أساسي في الوضع القائم للجسم من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك وخمسة مقذوفات منها أصاب مقدم وجانبي الصدر مع الوضع في الاعتبار إمكانية إصابة العضد الأيمن وجانب الصدر الأيمن بمقذوف ناري واحد إذا كان العضد الأيمن في يسار المقذوف عند إصابة الجانب الأيمن وكان اتجاه الإطلاق من الأمام واليمين إلى الخلف واليسار قليلاً وكان اتجاه الإطلاق بالنسبة للمقذوف الذي أصاب العضد الأيمن في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اليمين إلى اليسار مع الوضع في الاعتبار أن الطرف العلوي الأيمن يتخذ أوضاعاً متعددة بالنسبة للجسم عند الإطلاق، وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حد الإطلاق القريب وأن الوفاة حدثت من الإصابات النارية مجتمعة وما أحدثته من كسور في الجمجمة والعمود الفقري وتهتك الأحشاء والصدر والقلب وجوهر المخ والنزيف الغزير الخارجي والداخلي والصدمة والإصابات جائزة الحدوث حسبما ورد بمذكرة النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، لما كان أقوال شاهدي الإثبات كما أوردها الحكم - والتي لا ينازع الطاعنان في أن لها سندها من الأوراق - لا تتعارض بل تتلائم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها. أما ما ساقه الطاعنان في شأن إغفال الحكم الرد على دفاعهما من أن شهود النفي أكدوا براءة الطاعنين فمردود بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول. ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليها حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدثت تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنهما حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.