الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 يناير 2020

الطعن 21687 لسنة 60 ق جلسة 21 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 82 ص 561


جلسة 21 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة.
------------------
(82)
الطعن رقم 21687 لسنة 60 القضائية

 (1)مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". جمارك. تهريب جمركي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
حق موظفي الجمارك الذين منحهم القانون صفة الضبط القضائي. تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. شرطه: قيام الشك لدى المأمور في البضائع أو الأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجد بتلك المناطق.
كفاية أن لدى موظف الجمرك الذي له صفة الضبط القضائي. حالة تنم عن شبهة تهريب جمركي ليكون له حق التفتيش. توافر قيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات. غير لازم.
الشبهة المقصودة. تعريفها؟
تقدير توافرها. منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع.
إثبات الحكم أن مأمور الجمرك قام بتفتيش سيارة الطاعن ومعه أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء في نطاق الدائرة الجمركية بعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لديه. كفايته رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
(2) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش "التفتيش بغير إذن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره، نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء. موضوعي. لا تقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (3)تفتيش. قبض. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "المصلحة في الدفع". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
حق مأمور الضبط في الاستعانة في إجراء التفتيش بمن يرى. ولو لم يكن للأخير صفة الضبط. ما دام يعمل تحت إشرافه.
العثور أثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر. صحيح.
التفات الحكم عن الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء وفي غير حالة من حالات التلبس. لا يعيبه. علة ذلك: أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
 (4)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما دام لم يكن له أثر في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها.
مثال.
(6) مواد مخدرة. مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قانون "تفسيره". موانع العقاب.
الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960. مناطه: أن تثبت صلة المبلغ عنهم بالجريمة ذاتها التي قارفها طالب الإعفاء.
مثال.

-------------
1 - لما كان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل أنه يكفي أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون. حتى يثبت له حق الكشف عنها. لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذي وقع على سيارة الطاعن إنما تم في نطاق الدائرة الجمركية وبعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لدى مأمور الجمرك مما دعاه إلى الاعتقاد بأن الطاعن يحاول تهريب بضاعة بطريقة غير مشروعة فقام بتفتيش السيارة ومعه باقي أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء على النحو الوارد في مدونات الحكم فإنه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
2 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء، فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى.
3 - من المقرر أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه وإذ نتج عن التفتيش الذي أجري دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء أو لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
4 - لما كان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله "أما ما يثيره الدفاع عن المتهم من عدم علم الأخير بوجود المخدر المضبوط فإن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن: - السيارة مملوكة للمتهم وأن أماكن العثور على المضبوطات قد أعدت خصيصاً لهذا الغرض وأنه ما إن قدم إليه مأمور الجمرك لإجراء التفتيش حتى اعترته حالة من الارتباك الأمر الذي يفيد أن هناك محظوراً يخفيه ويبغي عدم الكشف عنه" وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الواضح من الحكم أن الجوهر المخدر ضبط مخبأ بداخل السيارة وأن ضبط المخدر - سواء وجد في مكان موجود أصلاً بالسيارة أو أعد لهذا الغرض - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها فإن الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص - بفرض صحته - لا يعيب الحكم في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
6 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجريمة الخطيرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإعفاء وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان ذلك، فإن ضبط المتهمين الثاني والثالث ليس معناه قيام صلتهما بالجوهر المخدر المضبوط مع الطاعن مما يكون اتهام الطاعن لهما بأن المخدر المضبوط يخصهما قد جاء مرسلاً على غير سند فلا يكون له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: جلب وآخرين جوهراً مخدراً (هيروين) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة المختصة. ثانياً: - شرع في تهريب البضائع الممنوعة موضوع التهمة الأولى بأن أدخلها إلى أراضي الجمهورية بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 33/ 1 - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 3 من الجدول الأول الملحق والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 5، 13، 121/ 1، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مع إعمال المادتين 32/ 1، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي جلب جوهر مخدر والشروع في التهريب الجمركي قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لمخالفة نصوص المواد من 25 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك وقد رد الحكم على هذا الدفع في حدود هذه النصوص وفاته أن الدفع قد قام أصلاً على أن ضباط مباحث الميناء هم الذين قاموا بالتفتيش مما يدل على أن المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تطلع على ما قدم إليها من مذكرات كما أن الحكم التفت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس قبل الطاعن وإلى قصوره في الرد على دفاعه بانتفاء علمه بحقيقة الجوهر المضبوط وتدليله غير السائغ على توافر هذا العلم وأن ما أورده الحكم من أن أماكن العثور على الجوهر المخدر أعدت خصيصاً لهذا الغرض لا يتفق مع الواقع إذ أن تلك الأماكن موجودة أصلاً بأي سيارة، كما أن الحكم لم يحط بدفاع الطاعن الذي تمسك به باستحقاقه الإعفاء من العقوبة عملاً بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لإبلاغه السلطات العامة بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة بأنه يخص كلاً من المتهمين الثاني والثالث اللذين قدما معه على الباخرة وأبدى للسلطات البيانات الخاصة بهما فتم ضبطهما وحبسهما إلى أن قضت المحكمة ببراءتهما - ورد عليه بما لا يصلح رداً. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه أثناء قيام مأمور الجمرك....... بعمله ومعه باقي أعضاء اللجنة المشكلة لفحص غير المصريين القادمين من الخارج إلى ميناء نويبع، قدم الطاعن الأردني الجنسية ومعه سيارته التي تحمل رقم....... الأردن وحال وجود هذه السيارة بالدائرة الجمركية لاحظ مأمور الجمرك آنف الذكر ارتباك الطاعن وخلو سيارته من الأمتعة إلا من حقيبة صغيرة الحجم، فقامت لديه مظنة أن يكون الطاعن قد أخفى بسيارته ما يكشف عن جريمة تهريب فقام بفحص السيارة يعاونه في ذلك بعض أعضاء اللجنة وتبين له أن هناك تجويفاً بجسم السيارة أسفل الباب المجاور للمكان المخصص لقائدها فنزع الجزء المغطى لهذا الموضع فتبين له العديد من لفافات مخدر الهيروين وتبين مثلها في الموضع الأخر أسفل الباب الأمامي الأيمن للسيارة. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن حصل مؤدى الأدلة بما يتطابق وما أثبت في واقعة الدعوى عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله "إن المشرع منح موظفي الجمارك صفة الضبطية القضائية أثناء تأديتهم لواجبات وظيفتهم من تفتيش الأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك والريبة ومؤدى هذا أنه يكفي أن يكون لدى الموظف المنوط به المراقبة لتلك المناطق مظنة شبهة التهريب الجمركي فيكون له الحق بالبحث والتفتيش للكشف عنها وإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن ارتكابه جريمة معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل لظهوره عرضاً أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أي مخالفة". لما كان ذلك، وكان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ولم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل أنه يكفي أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون، حتى يثبت له حق الكشف عنها، لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش الذي وقع على سيارة الطاعن إنما تم في نطاق الدائرة الجمركية وبعد ظهور أمارات أثارت الشبهة لدى مأمور الجمرك مما دعاه إلى الاعتقاد بأن الطاعن يحاول تهريب بضاعة بطريقة غير مشروعة فقام بتفتيش السيارة ومعه باقي أعضاء اللجنة من ضباط مباحث الميناء على النحو الوارد في مدونات الحكم فإنه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان القبض والتفتيش للالتجاء إليه من ضباط مباحث الميناء، فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يماري في أن ضباط مباحث الميناء قد اشتركوا مع مأمور الجمرك في إجراء تفتيش السيارة، فإنه لا يؤثر في ذلك أن يكون قد عاون مأمور الجمرك في إجراء التفتيش بعض مأموري الضبط القضائي بمباحث الميناء، لما هو مقرر من أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه وإذ نتج عن التفتيش الذي أجري دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من ضباط مباحث الميناء أو لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله "أما ما يثيره الدفاع عن المتهم من عدم علم الأخير بوجود المخدر المضبوط فإن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن السيارة مملوكة للمتهم وأن أماكن العثور على المضبوطات قد أعدت خصيصاً لهذا الغرض وأنه ما إن قدم إليه مأمور الجمرك لإجراء التفتيش حتى اعترته حالة من الارتباك الأمر الذي يفيد أن هناك محظوراً يخفيه ويبغى عدم الكشف عنه" وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم أن الجوهر المخدر ضبط مخبأ بداخل السيارة وأن ضبط المخدر - سواء وجد في مكان موجود أصلاً بالسيارة أو أعد لهذا الغرض - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها فإن الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص - بفرض صحته - لا يعيب الحكم في شيء ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل ورد عليه في قوله "أما عن قالة أن من كانا يرافقانه من العقبة إلى نويبع ذا شأن في هذا الأمر فإن الأوراق لم تكشف عنه والمحكمة تطمئن إلى أن المتهم كان على علم بأن المواد المخدرة المضبوطة في سيارته ولا يقلل من هذا الذي ذهبت إليه المحكمة ما أثير من أن هناك تماثل في الخطوط التي حررت بها بعض الأوراق فإن هذا وإن صح لا يكشف عن اتصال بالمتهم وهذين الآخرين ولا يوضح أن لهما صلة بما عثر عليه بالسيارة ولا يقيم أساساً لطلبه تطبيق المادة 48/ 2 من قانون المخدرات". لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء، وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجريمة الخطيرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإعفاء وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان ذلك، فإن ضبط المتهمين الثاني والثالث ليس معناه قيام صلتهما بالجوهر المخدر المضبوط مع الطاعن مما يكون اتهام الطاعن لهما بأن المخدر المضبوط يخصهما قد جاء مرسلاً على غير سند فلا يكون له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21150 لسنة 60 ق جلسة 14 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 77 ص 524


جلسة 14 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة، أحمد جمال عبد اللطيف، بهيج القصبجي وحسن عبد الباقي.
----------------
(77)
الطعن رقم 21150 لسنة 60 القضائية

مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. حده: أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى ووازنت بينها وأطرحت دفاع الطاعن وهي على بينة من أمره.
دفاع الطاعن بشيوع التهمة بينه وبين زوجته التي سبق اتهامها بحيازة جوهر مخدر. جوهري. يوجب على الحكم مواجهته بما يحمل إطراحه له. إغفال ذلك. قصور.

----------------
لما كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة - إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها وأنها أطرحت دفاع الطاعن وهي على بينة من أمره، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - لا يكفي بذاته لدحض دفاع الطاعن القائم على شيوع التهمة بينه وبين زوجته التي أثار المدافع عنه سبق اتهامها بحيازة جوهر مخدر فغدت بذلك غير بعيدة عن مواطن الشبهات بالنسبة لهذا النوع من الاتهام، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم أن يواجه دفاع الطاعن - الذي يعد في واقعة الدعوى دفاعاً جوهرياً - بما يحمل إطراحه له، أما وهو لم يفعل فقد تعيب بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيون) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 9 من الجدول الأول الملحق به والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمه ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر - أفيون - بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع بشيوع التهمة لضبط المخدر في لفافة أسفل سرير بحجرة نوم بالمسكن الذي يشاركه السكن فيه زوجته وأولاده وخاصة أن للزوجة اتهاماً سابقاً في جناية حيازة جوهر مخدر، غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسيغ إطراحه ولا يصلح رداً عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع التهمة بما أثاره في وجه طعنه من شيوع المخدر بين الطاعن وزوجته وأولاده وخاصة أن للزوجة اتهاماً سابقاً في الجناية رقم....... لسنة....... مخدرات المنشية لحيازة مخدر الأفيون - لم يتم الفصل فيها بعد، وقد عرض الحكم لهذا الدفاع وأطرحه بقوله: "كما تلتفت المحكمة عما أشار إليه الدفاع تلميحاً إلى شيوع التهمة بمقولة إن للمتهم أولاد كبار يشاركونه الإقامة بالمنزل محل الضبط ولم يثبت ذلك من التحقيقات إذ قرر المتهم صراحة بأن زوجته وأولاه الصغار هم الذين كانوا بالمسكن وقت الضبط والتفتيش وقامت القوة بإخراج زوجته...... إلى خارج المسكن قبل الضبط والتفتيش وتطمئن المحكمة إلى ارتكاب المتهم للاتهام المسند إليه وإلى نسبة حيازته للمخدر المضبوط.......". لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة - إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها وأنها أطرحت دفاع الطاعن وهي على بينة من أمره، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - لا يكفي بذاته لدحض دفاع الطاعن القائم على شيوع التهمة بينه وبين زوجته التي أثار المدافع عنه سبق اتهامها بحيازة جوهر مخدر فغدت بذلك غير بعيدة عن مواطن الشبهات بالنسبة لهذا النوع من الاتهام، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم أن يواجه دفاع الطاعن - الذي يعد في واقعة الدعوى دفاعاً جوهرياً - بما يحمل إطراحه له، أما وهو لم يفعل فقد تعيب بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 22697 لسنة 60 ق جلسة 13 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 74 ص 507


جلسة 13 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نقديموس وفتحي خليفة وإبراهيم عبد المطلب نواب رئيس المحكمة ومحمود دياب.
-----------------
(74)
الطعن رقم 22697 لسنة 60 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. عدم إيداعها".
عدم تقديم الطاعن أسباب طعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)مسئولية جنائية "الإعفاء منها". فانون "تفسيره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الإعفاء من المسئولية بعد علم السلطات بالجريمة. طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. حده ومناطه وعلته؟
رفض الحكم إعفاء الطاعن من العقاب لعدم جدية ما أخبر به من معلومات عن المساهم معه في الجريمة. دون التدليل على أن عدم ضبط المساهم راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن. قصور.
(3) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
حق المحكمة في أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أوردته من أقوال شاهد آخر. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.

---------------
1 - لما كان المحكوم عليهما ...... و...... ولئن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنهما شكلاً.
2 - لما كان مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون - المار ذكره -، باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب وإطراحه - على السياق المتقدم - لا يعد كافياً للرد على ذلك الدفع ومسوغاً لإطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط المتهم السابع........ أو ضبط مخدرات بمسكنه ومخازنه حال تفتيشها كان راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عن ذلك المتهم، حتى تستقيم قالة الحكم في هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لا تتسم بالجدية والكفاية، وتحمل عليها النتيجة التي انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب، كما أن ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد من عدم جدية أقوال الطاعن وكفايتها، لا يتلاءم واستناده إلى تلك الأقوال في إدانة المتهم السابع بجريمة حيازة الجوهر المخدر بقصد الإتجار. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أوردته من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: - حازوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في...... عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 3، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهمين "الطاعنين" بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم مبلغ خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وأمرت بتسليم السيارة لمالكها وقت الضبط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المحكوم عليهما...... و...... ولئن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنهما شكلاً.
أولاً: أسباب الطعن: - المقدم من المحكوم عليه الأول.
من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم أطرح الدفع بإعفائه من العقاب طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، تأسيساً على أن ما أدلي به من أقوال في خصوص المتهم السابع......، لا يتسم بالجدية والكفاية، إذ لم يؤدي إلى ضبط ذلك المتهم أو ضبط مخدرات بمسكنه ومخازنه حال تفتيشها، وهو ما لا يسوغ إطراح الدفع إذ أن عدم ضبط المتهم السابع وقت تنفيذ إذن النيابة لهروبه وتقاعس السلطات عن ضبطه ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من عدم جدية أقوال الطاعن في هذا الشأن، ومن انتفاء موجب الإعفاء من العقاب طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وقد عول الحكم على تلك الأقوال في مقام التدليل على ثبوت الجريمة في حق ذلك المتهم - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى، وأورد الأدلة على ثبوتها في حق المتهمين، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله "وكان الثابت من الأوراق أن المتهم الأول لم تؤد أقواله وهو في مجال الاعتراف بجرمه إلى ضبط الرأس المدبرة لهذه الجريمة وأهم المتهمين وهو الذي يبيع ويتاجر في هذه السموم - وهو المتهم السابع....... ولم يؤد إخباره أيضاً عن ضبط أية مخدرات بمسكنه ومخازنه حال تفتيشها - بل إنه - أي الإخبار جاء غير متسم بالجدية والكفاية لضبط باقي المخدرات - وهو الذي يزعم أن لديه كميات كبيرة منها، ومن ثم يكون هذا الإخبار - وفي حدود السلطة التقديرية للمحكمة - غير متسم بالجدية والكفاية لا يبيح للمتهم الأول الاستفادة من نص المادة 48/ 2 سالفة الذكر". لما كان ذلك وكان مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصيل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون - المار ذكره -، باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب وإطراحه - على السياق المتقدم - لا يعد كافياً للرد على ذلك الدفع ومسوغاً لإطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط المتهم السابع....... أو ضبط مخدرات بمسكنه ومخازنه حال تفتيشها كان راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عن ذلك المتهم، حتى تستقيم قالة الحكم في هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لا تتسم بالجدية والكفاية، وتحمل عليها النتيجة التي انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب، كما أن ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد من عدم جدية أقوال الطاعن وكفايتها، لا يتلاءم واستناده إلى تلك الأقوال في إدانة المتهم السابع بجريمة حيازة الجوهر المخدر بقصد الاتجار. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي يوجب نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن.
ثانياً: أسباب الطعن: - المقدم من المحكوم عليه الثالث.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم أحال في بيان أقوال الشاهد الرابع - المساعد...... - إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول - الملازم أول....... - رغم اختلاف أقوالهما، إذ أن الشاهد الرابع لم يشهد بالتحقيقات بأن المتهمين أقروا للشاهد الأول عند ضبطهم بحيازتهم للمخدرات ونقلها لحساب المتهم الرابع - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود - الملازم أول...... والرائد...... والملازم أول....... والمساعد....... وما أقر به المتهمون الأول والثاني والسادس بالتحقيقات، وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل شهادة الشاهد الأول الملازم...... بقوله فقد شهد الملازم أول....... بقسم مكافحة سرقات السيارات بأنه أثناء تواجده بالكمين المعين..... وبرفقته الشهود الثاني والثالث والرابع وقوة من الشرطة والأمن المركزي، شاهد السيارة رقم....... قادمة من القاهرة في طريقها لدخول مدينة الإسكندرية تتوقف فجأة على مسافة خمسة عشر متراً من الكمين ويفتح المتهمون الأربعة الأول أبوابها ويفروا هاربين منها، وتعثر المتهم الثالث وسقط أرضاً. فأسرع إلى هذا المتهم الذي نهض واقفاً وهو يرفع يديه صارخاً أنه ليس له دخل بما في داخل السيارة، فاستفسر منه عما يقصده، فأخبره أن داخل حقيبة السيارة الخلفية كمية لمخدر الحشيش، ثم قام بفتح حقيبة السيارة وأشار إلى جوال بداخلها من الحشيش فاستدعى الشاهد الرابع وسلمه المتهم للتحفظ عليه وقام هو بفض الجوال فعثر بداخله على عدد كبير من الطرب الكاملة لمخدر الحشيش، فكلف المرافقين له من رجال الشرطة بضبط باقي المتهمين الهاربين حيث تمكن الشاهد الثاني من ضبط أحدهم، والشاهد الثالث أمسك بمتهم آخر، وتمكن أحدهم من الفرار وهو المتهم.......، ثم قام بحصر المخدرات التي بداخل الجوال فوجدها 60 طربة كاملة لمخدر الحشيش، وبتفتيش من ضبط من المتهمين لم يعثر معهم على شيء سوى مبالغ نقدية، وبمواجهتهم بالمضبوطات أقروا له بحيازتهم لها ونقلها لحساب المتهم الرابع، على أن يتم دفع الثمن بالإسكندرية في وجود المتهم الخامس...."، وبعد أن انتهى الحكم من إيراد شهادة الشاهد الأول - على النحو المار بيانه - أحال في بيان مضمون أقوال باقي الشهود على شهادته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أوردته من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وإذا كان الحكم المطعون فيه عند تحصيله شهادة الشاهد الأول عني بإبراز دوره ودور كل من مرافقيه من الشهود، فلا عليه إن هو أحال في بيان شهادة الشاهد الرابع - المساعد....... - إلى أقوال الشاهد الأول، لأن مفاد ذلك، أن الحكم أخذ من أقوال الشاهد الرابع ما اتفق فيه مع الشاهد الأول واستند إليه في خصوص إيضاح الظروف التي أحاطت بضبط المتهمين وأن دوره اقتصر على التحفظ على المتهم الثالث عند ضبطه - وهو ما لا يجادل الطاعن في أن له معينه الصحيح في الأوراق، ولا يقدح في سلامة الحكم أن الشاهد الرابع لم يكن حاضراً وقت مواجهة الشاهد الأول للمتهمين بالمخدر المضبوط وإقرارهم بحيازتهم له لحساب المتهم الرابع، ما دام الثابت من الحكم أن ما حصله من أقوال الشاهد الأول - على النحو المار بيانه - لم ينسب فيه إلى الشاهد الرابع أنه كان حاضراً وقت تلك المواجهة، وأن إقرار المتهمين بحيازتهم للمخدر قد تمت في حضوره بالتالي فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 22701 لسنة 60 ق جلسة 7 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 73 ص 497


جلسة 7 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة وأنس عمارة ومحمود شريف فهمي.
------------------
(73)
الطعن رقم 22701 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "الطعن بالنقض. التقرير به".
إبداء المتهم السجين رغبته في الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده في الميعاد وإثبات هذه الرغبة كتابة بتوقيعه عليها. اعتبار ذلك تقريراً بالطعن وإن لم يحرر طبقاً لما قرره القانون. علة ذلك؟
 (2)مواد مخدرة. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
صدور الإذن بتفتيش شخص ومسكن المتهم استناداً إلى ما دلت عليه التحريات من اتجاره في المواد المخدرة وقيامه بترويجها. النعي على الإذن بصدوره لضبط جريمة مستقبلة. غير صحيح.
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. موضوعي.
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
 (6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
 (7)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الإتجار واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
اقتناع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار. النعي عليها بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. غير سديد.
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال أحدهم. لا يعيبه ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود ما تطمئن إليه.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.

----------------
1 - من حيث إنه يبين من الأوراق أن المحكوم عليه...... قد أبدى رغبته في الطعن في الحكم الصادر بإدانته بطريق النقض بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1989 ووقع باسمه على هذه الرغبة وهو بسجن الزقازيق وقبل ترحيله إلى ليمان وادي النطرون - على ما يبين من الكتاب الرسمي المرفق والموقع عليه من مدير ليمان وادي النطرون. ثم قدم الأستاذ....... بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1989 أسباب الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن بالنقض وإن لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانوناً إلا أن هذا المتهم وإن أبدى رغبته في أن يطعن في الحكم بطريق النقض وأثبت ذلك كتابة بالأوراق ووقع على ما أثبت من ذلك، فإن ذلك يعتبر قانوناً تقريراً بالطعن ولو أنه لم يحرر طبقاً لما يتطلبه القانون في هذا الشأن لأن الطاعن في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولاً شكلاً.
2 - من المقرر أن تقدير التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الملازم أول........ قد استصدر إذن النيابة بتفتيش شخص ومسكن الطاعن بعد أن دلت التحريات على أنه يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها...... ويعاونه في ذلك...... وأنه يحتفظ بأجزاء منها في مسكنه، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون مجادلة حول حق محكمة الموضوع في تفسير عبارات محضر التحريات بما لا خروج فيه عن معناها.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها إلى عدم الأخذ بها.
6 - للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات - الضباط - وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الإتجار في قوله: "حيث إنه عن قصد الإتجار في المواد المخدرة فإنه متوافر لدى المتهم من كبر حجم الكمية المضبوطة والمطواة المستعملة في تجزئة المادة المخدرة لإعدادها للتوزيع فضلاً عن أن المتهم مسجل شقي خطر مخدرات لدى قسم مكافحة المخدرات" وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يكون سديداً.
8 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم عليها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين....... و....... متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي مشاهدتهما تفتيش الطاعن وضبط المخدر معه فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهما في غير ذلك إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقوا فيه أنه لم يستند في قضائه إلى ما اختلفا فيه من أقوال طالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه يبين من الأوراق أن المحكوم عليه...... قد أبدى رغبته في الطعن في الحكم الصادر بإدانته بطريق النقض بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1989 ووقع باسمه على هذه الرغبة وهو بسجن الزقازيق وقبل ترحيله إلى ليمان وادي النطرون - على ما يبين من الكتاب الرسمي المرفق والموقع عليه من مدير ليمان وادي النطرون. ثم قدم الأستاذ....... بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1989 أسباب الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن بالنقض وإن لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانوناً إلا أن هذا المتهم وإن أبدى رغبته في أن يطعن في الحكم بطريق النقض وأثبت ذلك كتابة بالأوراق ووقع على ما أثبت من ذلك، فإن ذلك يعتبر قانوناً تقريراً بالطعن ولو أنه لم يحرر طبقاً لما يتطلبه القانون في هذا الشأن لأن الطاعن كان في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولاً شكلاً.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبلة إلا أن الحكم رد على هذا الدفع برد قاصر وبما لا يتفق وصحيح القانون. كما أن دفاع الطاعن قام على أن مكان الضبط وزمانه يختلفا عما أثبته في محضره إذ أنه تم ضبطه في مسكنه بمعرفة الشاهد الرابع العقيد...... وليس بالطريق العام كما جاء بتصوير الشاهد الأول...... كما أن وقت الضبط كان الساعة الثانية مساء وليس الساعة 4.27 مساء إلا أن المحكمة لم تحفل بهذا الدفاع برغم أنه تأيد بأقوال شاهدي النفي واستند الحكم في استظهار قصد الاتجار إلى أن الطاعن مسجل شقي خطر وتلوث نصل المطواة المضبوطة بالمخدر وأنه لم يفطن لدفاع الطاعن بعدم وجود سوابق له وأنه زج به في هذا الاتهام يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه أحال في بيان أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع والخامس إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهم في شأن رؤيتهم تفتيش مسكن الطاعن إذ أن الشاهدين الرابع والخامس لم يحضرا واقعة تفتيش المسكن كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الملازم أول....... قد استصدر إذن النيابة بتفتيش شخص ومسكن الطاعن بعد أن دلت التحريات على أنه يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها بدائرة...... ويعاونه في ذلك ولديه........ وأنه يحتفظ بأجزاء منها في مسكنه، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون مجادلة حول حق محكمة الموضوع في تفسير عبارات محضر التحريات وبما لا خروج فيه عن معناها. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات - الضباط - وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الإتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار في المواد المخدرة فإنه متوافر لدى المتهم من كبر حجم الكمية المضبوطة والمطواة المستعملة في تجزئة المادة المخدرة لإعدادها للتوزيع فضلاً عن أن المتهم مسجل شقي خطراً مخدرات لدى قسم مكافحة المخدرات" وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أنم يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين......،...... متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي مشاهدتهما تفتيش الطاعن وضبط المخدر معه فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهما في غير ذلك إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول........ فيما اتفقوا فيه أنه لم يستند في قضائه إلى ما اختلفا فيه من أقوال طالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 20873 لسنة 60 ق جلسة 7 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 72 ص 493


جلسة 7 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
---------------
(72)
الطعن رقم 20873 لسنة 60 القضائية

ضرب "أفضى إلى موت". فاعل أصلي. جريمة "أركانها". رابطة السببية. سبق إصرار. اتفاق. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتبار الجاني فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. شرطه؟
افتقار الحكم إلى بيان رابطة السببية بين الضرب والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. قصور.

------------------
لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، متى كان ذلك، وكان الحكم غير قائم على أن هناك اتفاقاً بين المتهمين على مقارفة الضرب، وكانت المحكمة فيما ذكرته في بيان الواقعة حسبما حصلتها وسطرته في صدر الحكم أن الطاعنين ضربا المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي التي أفضت إلى موته، وكان تقرير الصفة التشريحية المعول عليه ضمن أدلة الدعوى قد أثبت أن بالمجني عليه إصابة واحدة سحجية احتكاكية بسيطة لا دخل لها في إحداث الوفاة - وخلا الحكم من بيان محدثها - وأنها - الوفاة - تعزي إلى حالة مرضية بالقلب مهد وعجل بحدوثها الشجار الذي حدث والمقول به من شهود الإثبات، فإن الحكم بما أورده واستدل به - على السياق المتقدم - يكون قد افتقر إلى بيان - رابطة السببية كما عناها القانون. الأمر الذي يعيبه بالقصور المبطل له والموجب لنقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: ضربا...... عمداً بجسم صلب راض فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وكذا الأعراض المرضية بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في....... عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يورد بياناً كافياً لواقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجريمة بكافة عناصرها القانونية وتناول دفاع الطاعنين القائم على تخلف الركن المادي وانعدام رابطة السببية برد قاصر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه بتاريخ...... ضرب المتهمان...... و...... المجني عليه...... فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته" ثم حصل أقوال شهود الإثبات التي عول عليها في قضائه بما مؤداه أن على إثر نقاش بين المجني عليه والمتهمين - الطاعنين - لخلاف حول منقولات زوجية تخص شقيقة الأخيرين زوجة ابن المجني عليه. وإذ ذاك اعتدى المتهمان على المجني عليه بالضرب فسقط أرضاً وتوفى إلى رحمة الله، ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية - المعول عليه ضمن أدلة الثبوت - أن الإصابة المشاهدة بجثة المجني عليه لا دخل لها في حدوث وفاة المجني عليه وأن وفاته مرضية تعزي إلى هبوط حاد في القلب إثر نوبة قلبية مفاجئة، وقد اقتصر دور الشجار على التمهيد والتعجيل في حدوث النوبة القلبية التي أدت إلى الوفاة. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنين القائم على انتفاء رابطة السببية وانتهى إلى رفضه وتوافر علاقة السببية مستنداً في ذلك إلى ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية من أن واقعة الشجار قد مهدت وعجلت بحدوث النوبة القلبية التي انتهت بوفاة المجني عليه وإجماع الشهود على حدوث هذا الشجار بين المتهمين والمجني عليه والذي أكدته تحريات الشرطة وسبق علم المتهمين بالحالة المرضية للمجني عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، متى كان ذلك، وكان الحكم غير قائم على أن هناك اتفاقاً بين المتهمين على مقارفة الضرب، وكانت المحكمة فيما ذكرته في بيان الواقعة حسبما حصلتها وسطرته في صدر الحكم أن الطاعنين ضربا المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي التي أفضت إلى موته، وكان تقرير الصفة التشريحية المعول عليه ضمن أدلة الدعوى قد أثبت أن بالمجني عليه إصابة واحدة سحجية احتكاكية بسيطة لا دخل لها في إحداث الوفاة - وخلا الحكم من بيان محدثها - وأنها - الوفاة - تعزي إلى حالة مرضية بالقلب مهد وعجل بحدوثها الشجار الذي حدث والمقول به من شهود الإثبات، فإن الحكم بما أورده واستدل به - على السياق المتقدم - يكون قد افتقر إلى بيان - رابطة السببية كما عناها القانون. الأمر الذي يعيبه بالقصور المبطل له والموجب لنقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.


الطعن 15766 لسنة 60 ق جلسة 7 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ق 71 ص 485


جلسة 7 من مايو 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
--------------
(71)
الطعن رقم 15766 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها". محكمة النقض "حقها في الرجوع عن أحكامها".
حق محكمة النقض الرجوع عن حكمها بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم تقديم أسباب له. متى تبين لها أن الأسباب قدمت ولم تعرض عليها.
 (2)دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
 (3)دستور "تفسيره". تفتيش "تفتيش المساكن" "التفتيش بإذن". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون. "تفسيره". إثبات "بوجه عام". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون. أساس ذلك ومؤداه؟
دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم، لا يعد تفتيشاً. هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد.
التفتيش. إجراء من إجراءات التحقيق. مقصوده: البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها. ضرورة صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه.
تعويل الحكم على الدليل المستمد من تفتيش مسكن الطاعن رغم عدم صدور إذن من الجهة المختصة بذلك. خطأ في القانون يجوز التمسك به لأول مرة أمام النقض. متى كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية مؤداه؟

------------------
1 - لما كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة...... بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم أسباباً لطعنه غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة الزقازيق الكلية ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن - على ما هو ثابت من مذكرة رئيس القلم الجنائي المرفقة - لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة...... بالنسبة للطاعن.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان.
3 - لما كان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب. وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته على السياق المتقدم - أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى ومن ثم فإنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته - على السياق المتقدم - ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون الذي يبطله ويوجب نقضه.
4 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن. أولاً: قلد - وآخر سبق محاكمته - عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر هي الأوراق المالية المضبوطة المقلدة من فئة العشرين جنيهاً مصرياً بأن اصطنعها على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بقصد ترويجها. - ثانياً: شرع وآخر سبق محاكمته في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر وهي الأوراق المالية المضبوطة المقلدة من فئة العشرين جنيهاً مصرياً بأن اصطنعها على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بقصد ترويجها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه قبل إتمام عملية التقليد. ثالثاً: حاز - وآخر سبق محاكمته - بقصد الترويج الأوراق المالية المضبوطة المقلدة، المبينة بالتهمة الأولى مع علمه بأمر تقليدها. رابعاً: حاز بغير مسوغ أدوات مما تستعمل في تقليد الأوراق المالية المضبوطة سالفة الذكر وذلك على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 5 من يونيه سنة 1990 عملاً بالمواد 202، 203، 204 مكرراً ب من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه ومصادرة الماكينة والأوراق المقلدة والمزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في...... وهذه المحكمة قضت بعدم قبول الطعن شكلاً وفي 16 من نوفمبر سنة 1991 وردت أسباب الطعن من محكمة الزقازيق الكلية موقعة من المحامي...... وكانت قد أودعت بتاريخ....... وتحدد لنظر الطعن جلسة اليوم.


المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة.... 1991 بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم أسباباً لطعنه غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة الزقازيق الكلية ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن - على ما هو ثابت من مذكرة رئيس القلم الجنائي المرفقة - لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة...... بالنسبة للطاعن.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي تقليد عملات ورقية محلية وحيازة أدوات مما تستعمل في التقليد بغير مسوغ، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك لأنه دفع ببطلان تفتيش مسكنه لعدم صدور إذن به من النيابة العامة وأن أمرها انصب فقط على ضبطه وإحضاره وأن هذا الأمر لا يبرر تفتيش مسكنه إلا أن المحكمة سوغت التفتيش. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أسس دفعه ببطلان تفتيش مسكنه لكونه يقع بمدينة أخرى، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله: "دلت التحريات السرية التي قام بها النقيب...... رئيس وحدة مباحث قسم أول المنصورة على أن........ الذي صدر أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله لانقضائها بوفاته يقوم بتقليد وتزييف الورقة المالية فئة العشرين جنيهاً ويقوم بترويجها بمدينة الزقازيق مستخدماً السيارة رقم....... - ملاكي القاهرة فاتصل بالمقدم....... رئيس قسم الأموال العامة بالزقازيق وأفضى إليه بما أسفرت عنه تحرياته وبناء على هذه التحريات قام باستصدار إذن من النيابة العامة بضبط المتهم سالف الذكر وتفتيش السيارة.
وبناء على هذا الإذن قام بالاشتراك مع المقدم....... لضبطه وضبط السيارة أثناء تواجده بمدينة الزقازيق وبجوار المتهم...... وعثر مع المتهم...... على ورقة في حجم الفلوسكاب مصور عليها أربعة ورقات مالية من فئة العشرين جنيهاً وقسائم بيع ماكينة تصوير مستندات وأدوات وأوراق كتابية وبتفتيش السيارة عثر على خمسة عشر ورقة في حجم الفلوسكاب مصور على كل منها أربعة ورقات مالية من فئة العشرين جنيهاً المصرية ذات الطبعة الصغيرة، وبسؤال المتهم....... اعترف بالتهمة المسندة إليه وقرر بأنه اتفق مع المتهم....... على تقليد الأوراق - المضبوطة بالاتفاق مع المتهم........ - الطاعن - من القنطرة غرب الذي قام بشراء ماكينة التصوير وأدوات وآلات التصوير وتم لهم تصوير بعض الأوراق المالية فئة العشرين جنيهاً الطبعة الصغيرة وبناء على هذه الوقائع أصدرت النيابة العامة قرارها بضبط المتهم...... وما يحوزه من أدوات مستخدمة في تصوير العملات الورقية وتنفيذاً لهذا الأمر قام الرائد........ وكيل قسم مكافحة الأموال العامة وبرفقته النقيب....... ضباط مباحث قسم أول الزقازيق بالانتقال إلى مسكن المتهم...... بإرشاد المتهم..... و..... بناحية القنطرة غرب وتم ضبط المتهم وضبط بحجرة بمسكنه على ماكينة تصوير مستندات وأدوات للتصوير والتلوين وأوراق مصور عليها صورة ضوئية للورقة المالية فئة العشرين جنيهاً وعدد 38 ثمانية وثلاثون ورقة مالية مزورة فئة العشرين جنيهاً ذات الطبعة الصغيرة وكاملة التقليد ومعدة للترويج وتبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وجود تشابه بين هذه الأوراق والأوراق مثيلتها الصحيحة بحيث يمكن أن ينخدع بها بعض الناس". ثم أورد الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة في حق الطاعن - على السياق المتقدم - أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ومن ضبط الأوراق المزيفة والآلات والأدوات التي تستعمل في التزييف لديه. لما كان ذلك، وكان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته على السياق المتقدم - أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى ومن ثم فإنه يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تحمل مقوماته - على السياق المتقدم - ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون الذي يبطله ويوجب نقضه ولا يمنع من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى. إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم. فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة للتعرض لباقي أوجه الطعن.