الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 نوفمبر 2019

الطعن 14530 لسنة 76 ق جلسة 27 / 12 / 2007

باسم الشعب 

محكمــــة النقــض 
الدائرة المدنية والتجارية 
----- 
برئاسة السيد المستشـار / محمـد محمد طيطــــة نائب رئيس المحكمـــة 
وعضوية السادة المستشارين/ محمـــــد الجابــرى ، عبد الجــواد موســى 
محمــود سعيد عبد اللطيف و عبـد اللـــه لملـوم نـواب رئيس المحكمــة 
وبحضور رئيس النيابة السيد / محمد فهمى . 
وبحضور أمين السر السيد / خالد حسن حوا 
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة . 
فى يوم الخميس 18 من ذى الحجة سنة 1428 هـ الموافق 27 من ديسمبر سنة 2007 م 
أصدرت الحكم الآتى : 
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 14530 لسنة 76 ق . 
المرفــوع مــن 
السيد / ....... - المقيم ..... – قسم البساتين – القاهرة . 
لم يحضر أحد عن الطاعن بالجلسة . 
ضــــــد 
بنك مصر " شركة مساهمة مصرية " ويمثله قانوناً رئيس مجلس إدارته بصفته – ومحله المختار الإدارة القانونية للبنك الكائن مقرها – 153 شارع محمد فريد – عابدين – القاهرة .

لم يحضر أحد عن المطعون ضده بالجلسة . 
الوقــائـــع 
فـى يوم 17/8/2006 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 26/7/2006 فى الاستئناف رقم 512 لسنة 123 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . 
وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة . 
وفى 27/8/2006 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن . 
ثم أودعت النيابـة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه . 
وبجلسة 25/10/2007 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 27/12/2007 وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـ والمحكمة قررت إصدار الحكم بذات الجلسة . 
المحكمـــة 
بعـد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / عبد اللـه لملوم عبدالرحمن " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة . 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . 
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن البنك المطعون ضده تقدم فى يوم 22/6/2004 بطلب إلى رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لاستصدار أمر أداء ضد الطاعن بمبلغ 74973 جنيه وفوائده القانونية من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد على سند من أن ذلك المبلغ هو جملة الرصيد المدين الناتج عن السند الإذنى المؤرخ 28/11/1994 رفض رئيس المحكمة الطلب وقيدت الدعوى برقم 1339 لسنة 2004 تجارى جنوب القاهرة الابتدائية . دفع الطاعن بسقوط الحق فى المطالبة بقيمة السند للتقادم ، وبتاريخ 31/12/2005 حكمت المحكمة أولاً : برفض الدفع بسقــوط الحق بالتقـادم . ثانياً : إلزام الطاعن بأن يؤدى للبنك المطعون ضده مبلغ وقدره 96900 جنيه والعائد عن التأخير وفقاً للسعر الذى يتعامل به البنك المركزى من تاريخ 22/6/2004 وحتى تمام السداد . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 512 لسنة 123 ق القاهرة والمحكمة قضت بتاريخ 26/7/2006 بتعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعن بأن يؤدى للبنك المطعون ضده مبلغ 74973 جنيه وتأييده فيما عدا ذلك . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . 
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال إذ دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط حق البنك المطعون ضده فى المطالبة بقيمة السند موضوع الدعوى بالتقادم على سند من نص المادة 194 من قانون التجارة القديم والمادة 465 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 لمرور أكثر من تسع سنوات على تاريخ تحرير السند فى 28/11/1994 دون تقديمه للمطالبة بقيمته أو الاطلاع إذ أن هذا السند جاء خلواً من تاريخ الاستحقاق وبالتالى يعتبر واجب الوفاء لدى الاطلاع عليه ، وطالما خلا من تاريخ الاستحقاق فإن مدة التقادم تحسب من اليوم التالى لتاريخ إنشائه فى 28/11/1994 إلا أنه لم يقدم للوفاء إلا فى 22/6/2004 – تاريخ تقديمه لاستصدار أمر الأداء – وطوال هذه الفترة لم يتخذ أى إجراء قاطع للتقادم إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بذلك وقضى برفض هذا الدفع دون أن يقسط هذا الدفاع حقه إيراداً ورداً مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن الأصل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القانون يسرى بأثر فورى مباشر على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو فى إنقضائها وأن المركز القانونية التى نشأت وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم هو الذى يحكم العناصر والآثار التى تحققت فى ظله فى حين يحكم القانون الجديد العناصــر والآثار التى تتم بعد نفاذه ، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى نشأت فى ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن فى بيان عناصر نشوئها وتحديد آثارها وأسباب انقضائها ، إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يتعين تطبيق القانون الجديد بأثر فورى على ما لم يكن قد اكتمل نشوؤه من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة ، كما يحكم أسباب انقضائها . إذ كان ذلك وكان النص فى المادة 190/1 من قانون التجارة القديم على أن " يبين فى السند الذى تحت إذن تاريخ اليوم والشهر والسنة المحرر فيها والمبلغ الواجب دفعه واسم من تحرر تحت إذنه والميعاد الواجب الدفع فيه ويذكر فيه أن القيمة وصلت وتوضع عليه إمضاء أو ختم من حرره " يدل على أنه يجب أن يحتوى السند على البيانات الإلزامية التى يتطلبها القانون ومن بينها أن يتضمن ميعاداً للاستحقاق معيناً أو قابلاً للتعيين ، وأن السند الذى يخلو من ميعاد الاستحقاق يفقد صفته كورقة تجارية ويصبح سنداً عادياً لا تسرى عليه أحكام قانون الصرف وإنما قواعد القانون العام ، وأن الأصل فى الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمسة عشر سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدنى إلا أن المشرع التجارى خرج على هذا الأصل فى المادة 194 من قانون التجارة القديم وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية ويقوم هذا التقادم على قرينة قانونية هى أن المدين أوفى بما تعهد به وهذا التقادم اقتضته الطبيعة الخاصة للالتزامات الصرفية مما يتعين معه عدم جريانه إلا على الدعاوى التى يناط بها حماية أحكام قانون الصرف وهى تلك الناشئة مباشرة عن الورقة التجارية أما إذا كانت الدعوى لا تمت بسبب إلى قانون الصرف أى لا تتصل مباشرة بورقة تجارية فإنها تخضع للتقادم العادى كما أنه لا يبطل الحكم مجرد القصور فى أسبابه القانونية ، ما دام أنه لم يؤثر فى النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها كما أنه لا يبطله مجرد القصور فى الإفصاح عن سنده فى القانون أو إغفال الرد على دفاع قانونى للخصوم إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم فى بيانه من ذلك كما لها أن تعطى الوقائع الثابتة فيه كيفها الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها . لما كان ذلك ، وكان يبين من أوراق الطعن أن السند الإذنى موضوع الدعوى قد حرر فى عام 1994 فى ظل قانون التجارة القديم ومن ثم فإن البنك المطعون ضده قد اكتسب مركزاً قانونياً بالنسبة لطبيعة هذا السند – وكونه ورقة تجارية من عدمه ، وكان قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 قد خلا من نص يقرر أثراً رجعياً لـه وبالتالى فإنه يسرى بأثر مباشر ولا يسرى على الوقائع السابقة عليه ، إذ كان ذلك ، وكان الثابت من الورقة موضوع الطعن – السند الإذنى – أنه لم يدون بها تاريخاً للاستحقاق وقد خلا قانون التجارة القديم – الذى يحكم نشأة تلك الورقة وتوصيفها القانونى والمركز القانونى لطرفيها – من نص للسند لأمر يماثل نص المادة 128 منه والتى تعتبر الكمبيالة فى حال إثبات تاريخ واحد بها هو تاريخ تحريرها مستحقة الدفع عند الاطلاع الأمر الذى تكون معه الورقة موضوع الطعن سند معيباً لخلوه من بيان جوهرى من بياناته ولا يصحح ما اعتراه صدور قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 والذى نص فى الفقرة (أ) من المادة 469 منه على أن " الصك الخالى من أحد البيانات المذكورة فى المادة السابقة لا يعتبر سنداً لأمر إلا فى الأحوال الآتية : (أ) إذ خلا السند لأمر من بيان ميعاد الاستحقاق اعتبر واجب الوفاء لدى الاطلاع " لأنه قد نشأ باطلاً كسند صرفى فى ظل القانون القديم ولا يعد من ضمن الأوراق التجارية لخلوه من ذلك البيان الجوهرى ويصبح سنداً عادياً لا تسرى عليه أحكام قانون الصرف وإنما قواعد القانون العام ، ومن ثم لا يجرى عليه التقادم الصرفى ويخضع للتقادم العادى خمسة عشر عاماً تبدأ من تاريخ تحريره وبالتالى فإن الورقة سند الدين تخضع للتقادم سالف الذكر من تاريخ تحريرها فى 28/11/1994 ، وإذ التزم الحكم المطعون فى نتيجته هذا النظر ورفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ولا ينال منه الالتفات عن دفاع الطاعن لأنه لا يقوم على أساس قانونى صحيح وليس من شأنه تغيير وجه الرأى فى الدعوى ، كما لا ينال من الحكم القصور فى الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال الرد على دفاع قانونى للخصوم إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم فى بيانه من ذلك كما لها أن تعطى الوقائع الثابتة فيه كيفها القانونى الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها الأمر الذى يكون معه النعى على غير أساس . 
ولما تقدم يتعين رفض الطعن . 
لــــذلـــك 
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة .

الجمعة، 1 نوفمبر 2019

الطعن 1949 لسنة 36 ق جلسة 9 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 9 ص 63


جلسة 9 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, ومحمد محمد محفوظ, وحسين سامح, ومحمود عباس العمراوي.
---------------
(9)
الطعن رقم 1949 لسنة 36 القضائية

(أ) تزوير. "تزوير المحررات الرسمية".
لا يشترط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر. قد يكون عرفيا ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته. انسحاب رسميته على ما سبق من الإجراءات. مثال بالنسبة لصورة حكم مدني معلنة.
(ب) تزوير. إثبات. "إثبات بوجه عام".
عدم رسم القانون الجنائي طريقا خاصا لإثبات التزوير.
(ج) تزوير. اشتراك.
الاشتراك في ارتكاب جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقادا سائغا.
(د و هـ) تزوير. "استعمال المحرر المزور". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) تحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور. غير لازم.
(هـ) إثبات وقوع التزوير من المتهم فاعلا أم شريكا. كفايته لإثبات توافر ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
(و) إجراءات المحاكمة. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة, إلا إذا قيده القانون بذلك.
(ز) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم عدم رده على دفاع لم يطرحه المتهم أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه. غير مقبول.

----------------
1 - من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر, فقد يكون عرفيا في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته, ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات, إذ العبرة بما يؤول إليه لا بما كان عليه. ولا محل بعد ذلك للتحدي بعدم صلاحية صورة الحكم المعلنة كأداة للتنفيذ لأن صفة المحرر من حيث رسميته أو عرفيته أمر يختلف عن صلاحيته واعتباره أداة تنفيذ جبري. ولما كانت علة استلزام إعلان السند التنفيذي للمحكوم عليه هى إحاطته علما به ليتسنى له من بعد مراقبة استيفائه شروط التنفيذ الجبري وما هو مطلوب منه حتى ينفسح له المجال لأدائه اختيارا فيتحاشى عنت التنفيذ الجبري أو يبادر بالاعتراض عليه بالوسائل التي شرعها القانون له, فإنه يلزم عن ذلك أن تكون الصورة المعلنة مطابقة لأصلها من بيانات أعدت لإثباتها وأي عبث متعمد فيها تتوافر به جريمة التزوير في المحرر الرسمي لما ينبني عليه من احتمال مبادرة المدين بوفاء ما لم يحكم عليه به بناء على هذا البيان المزور.
2 - لم يجعل القانون الجنائي لإثبات التزوير طريقا خاصا.
3 - من المقرر أن الاشتراك في ارتكاب جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه, ويكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
4 - الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت مدوناته تغني عن ذلك.
5 - إن إثبات وقوع التزوير من المتهم - فاعلا كان أو شريكا - يلزم عنه أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
6 - الأصل في المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بدليل معين وهو يحكم بما اطمأن إليه من أي عنصر من عناصر الدعوى وظروفها المعروضة عليه.
7 - لا يقبل من المتهم النعي على الحكم عدم رده على دفاع لم يطرحه هو أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في الفترة من 2 يوليه سنة 1963 إلى 10 يوليه سنة 1963 بناحية قسم أول طنطا محافظة الغربية: (الأول) ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو الصورة التنفيذية من الحكم في القضية رقم 1063 سنة 1962 مدني بندر طنطا والمعلنة إلى فايد خليل عبد المعطي وكان ذلك بزيادة كلمات بأن أضاف على غير الحقيقة إلى منطوق الحكم عبارة "ومع تسليمه المنقولات". (الثاني) 1 - اشترك مع المتهم الأول بطريق الإتفاق والمساعدة في تزوير المحرر سالف الذكر بأن اتفق معه على تزويره وساعده بتقديم الصورة التنفيذية للحكم إليه وكلفه بنسخها مع إضافة عبارة (مع تسليمه المنقولات) إلى منطوق الحكم فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه إلى قلم محضري محكمة بندر طنطا لإعلانه مع علمه بتزويره. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و211 و212 و214 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 27 فبراير سنة 1966 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين, فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
)أولا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول عثمان أحمد هلال.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير في محرر رسمي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال كما أخل بحق الدفاع, ذلك بأنه اعتبر التزوير الحاصل في الصورة المعلنة من الحكم الصادر في الدعوى المدنية تزويرا في ورقة رسمية في حين أنها لا تعدو أن تكون ورقة عرفية إذ لا تتوافر فيها شروط الرسمية التي حددتها المادة 390 من القانون المدني, إذ يحررها أصحاب الشأن ولا تنقلب بتداخل المحضر بإعلانها إلى ورقة رسمية. يؤكد ذلك أن التنفيذ لا يجري بموجبها وإنما بالصورة التنفيذية من الحكم, وما عول عليه الحكم في إدانة الطاعن من أنه يعلم بالمنطوق الصحيح الذي تضمنته الصورة التنفيذية بوصفه كاتب المحامي الذي باشر الدعوى, هو مجرد افتراض واستنتاج لا تبني عليه الأحكام ينقضه أنه لم يقم بتحرير الصورة التنفيذية. وقد مضى على صدور الحكم المدني وتحرير صورته المعلنة أكثر من شهرين مما يقطع بعدم إلمامه بالمنطوق الحقيقي, كما أنه غير صحيح ما تضمنه الحكم المطعون فيه من أن التزوير في الصورة المعلنة كان تمهيدا للتنفيذ طبقا للمنطوق المزور لأن التنفيذ لا يكون إلا بموجب الصورة التنفيذية لا الصورة المعلنة طبقا لصريح المادتين 457, 458 من قانون المرافعات, هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على ما قرره المجني عليه في بلاغه وبتحقيقات النيابة والجلسة من أنه إثر إكتشافه التزوير في الصورة المعلنة إليه, طابقها على الأصل المودع بالملف بقلم المحضرين فوجدها مطابقة له, إلا أن موظفي المحكمة عمدوا إلى تمزيق هذا الأصل وحرروا آخر صحيحا بدلا منه درءا لمسئوليتهم, وعلى الرغم من جوهرية هذه الواقعة في نفي مسئولية الطاعن فإن المحكمة لم تعن بمناقشتها أو الرد عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه بتاريخ 11/ 5/ 1963 استصدر المتهم الثاني مصطفى حسن قاسم حكما من محكمة بندر طنطا الجزئية ضد أحمد إبراهيم المصري وفايز خليل عبد المعطي وقلم المحضرين في الدعوى رقم 1063 سنة 1962 قضى بأحقية المدعي "المتهم الثاني" للأشياء المحجوز عليها والموضحة بمحضر الحجز التحفظي المؤرخ 11/ 8/ 1962 وبصحيفة افتتاح الدعوى وإلغاء الحجز المتوقع عليها واعتباره كأن لم يكن وألزمت المدعي عليه الأول المصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة, وتمهيدا لتنفيذ هذا الحكم حصل المتهم الثاني من قلم الكتاب على صورة تنفيذية منه في 2/ 7/ 1963 وسولت له نفسه أن يصور الحكم بأنه تضمن على خلاف الحقيقة أمرا بتسليم المنقولات المحكوم بأحقيته بها فعهد تنفيذا لهذا الغرض بتلك الصورة إلى المتهم الأول عثمان أحمد هلال واتفق معه على تحرير صورتين مطابقتين لها ويضيف فيهما على منطوق الحكم عبارة "مع تسليم المنقولات" حتى إذا ما أعلنت صورة الحكم المزورة إلى كل من المحكوم عليهما كانت شاهدة كذبا على صدور الحكم متضمنا ذلك الإلزام بالتسليم فقام المتهم الأول بإحداث تلك الإضافة بناء على ما كان قد اتفق عليه مع المتهم الثاني, وما أن تم التزوير على هذا النحو قدم المتهم الثاني هاتين الصورتين إلى قلم المحضرين لإعلانهما إلى المحكوم عليهما... المحضر حسن سمير إسماعيل بإعلان فايد خليل عبد المعطي بإحدى الصورتين المزورتين في يوم 10/ 7/ 1963 بمحل إقامته بدائرة قسم أول طنطا ففطن المعلن إليه المذكور إلى هذا التزوير فبادر إلى الإبلاغ بالحادث وتولت النيابة التحقيق وفيه اعترف المتهم الأول بإحداث هذا التزوير بتحريره عبارة "مع تسليم المنقولات" مضافة إلى منطوق الحكم في صورته المعلنة". وأورد الحكم المطعون فيه على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من شهادة فايد خليل عبد المعطي وإقرار الطاعنين وما ثبت من الاطلاع على الصورة التنفيذية للحكم ومقارنتها بالصورة المعلنة إلى شاهد الإثبات. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعن بشأن حقيقة المحرر موضوع التزوير وخلص إلى أنه ما دام الثابت أن الطاعن عند تحريره الصورة المعلنة من واقع الصورة التنفيذية للحكم الصادر في الدعوى المدنية قد أضاف متعمدا في الأولى إلى منطوق الحكم عبارة "مع تسليم المنقولات" وهى عبارة لم تصدر أصلا عن قاضي الدعوى ولم تتضمنها الصورة التنفيذية الأصلية. ثم قام قلم المحضرين بإعلان هذه الصورة المزورة إلى المحكوم عليه فعلا, واعتبر الحكم أن التزوير الحاصل في هذه الصورة تزويرا في ورقة رسمية, فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا, ذلك أنه من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي - أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر, فقد يكون عرفيا في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته, ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات, إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه. ولا محل بعد ذلك للتحدي بعدم صلاحية الصورة المعلنة كأداة للتنفيذ إذ هو قول - في صورة الدعوى - غير ذي موضوع لأن صفة المحرر من حيث رسميته أو عرفيته أمر يختلف عن صلاحيته واعتباره أداة تنفيذ جبري. ولما كانت علة استلزام إعلان السند التنفيذي للمحكوم عليه هى إحاطته علما بما ليتسنى له من بعد مراقبة استيفائه شروط التنفيذ الجبري وما هو مطلوب منه حتى ينفسح له المجال لأدائه اختيارا - فيتحاشى عنت التنفيذ الجبري أو يبادر بالاعتراض عليه بالوسائل التي شرعها القانون له, فإنه يلزم عن ذلك أن تكون الصورة المعلنة مطابقة لأصلها من بيانات أعدت لإثباتها, وأي عبث متعمد فيها تتوافر به جريمة التزوير في المحرر الرسمي لما ينبني عليه من احتمال مبادرة المدين بوفاء ما لم يحكم عليه به بناء على هذا البيان المزور. لما كان ذلك, وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة في العقل والمنطق ارتكاب الطاعن للتزوير وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وأعرض عن دفاع الطاعن بأنه حرر ما أملاه عليه المتهم الثاني عن غير علم منه بحقيقة منطوق الحكم ودلل على فساد ذلك الزعم. وإذا ما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هي بإقناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بدليل معين وهو يحكم بما أطمأن إليه من أي عنصر من عناصر الدعوى وظروفها المعروضة عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات التزوير طريقا خاصا، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى وعناصرها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئا أمام محكمة الموضوع بشأن ما قرره المجني عليه من تمزيق صورة تنفيذية كانت مودعة الملف وأخذ منها الصورة المعلنة المزورة، أو يبين للمحكمة وجه إفادته من هذه الواقعة على فرض صحتها، فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن ذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل من المتهم النعي على الحكم عدم رده على الدفاع لم يطرحه هو أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون هذا الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(ثانيا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الثاني مصطفى حسن قاسم.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد انطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين عناصر هذا الاشتراك أو يورد الأدلة الإيجابية اليقينية عليه وما استند إليه من أن الطاعن هو صاحب المصلحة في إحداث التزوير حتى يتمكن من استلام المنقولات وافتراض علمه بالمنطوق الصحيح للحكم المدني الصادر لصالحه هو استدلال غير سائغ لأن التنفيذ لم يتم بالصورة المعلنة المزورة وإنما بالصورة التنفيذية الصحيحة وهذه قد سلمها للمتهم الأول لتحرير الصورة - التي يجري تسليمها للمدعي عليه - منها وقد أعادهما إليه دون أن يدري هو شيئا من أمر التزوير الحاصل بتلك الصورة المعلنة فضلا عن أنها لا تعدو أن تكون ورقة عرفية لفقدانها الشروط اللازم توافرها في المحررات الرسمية كما عرفتها المادة 390 من القانون المدني كما أن الحكم المطعون فيه لم يدلل على علمه بالتزوير.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى على النحو السالف، أورد على ثبوتها في حق الطاعن الثاني أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستظهرا عناصر اشتراكه في التزوير وارتكابه تهمة استعمال المحرر المزور مع علمه بتزويره وذلك بقوله " إن اشتراك المتهم الثاني مع المتهم الأول في إحداث التزوير ثابت في حقه مما ثبت من أن صورة الحكم التنفيذية جاءت خالية من العبارة المضافة إلى الصورة المعلنة وهو صاحب المصلحة الأصلية في إحداث هذا التزوير إذ بمقتضاه يتمكن من استلام المنقولات، ومما قاله المتهم الأول من أن المتهم الثاني هو الذي سلمه صورة الحكم التنفيذية الأمر الذي لم يجحده المتهم الثاني. ولا جدال في أن هذا المتهم الأخير يعلم بالمنطوق الصحيح للحكم وبأنه لم يتضمن أمرا بالتسليم كما أنه لا مراء بعد هذا في علمه لما في ورقة الإعلان من تزوير لمعرفته اليقينية بما حكم به. وحيث أن المتهم الثاني قد اعترف في التحقيق بأنه هو الذي قدم ورقتي إعلان الحكم مع صورته التنفيذية إلى قلم المحضرين لإعلانهما إلى المحكوم عليهما وقد تم إعلان المحكوم عليه فايد خليل عبد المعطي بإحداها بما فيها من تزوير، ومن ثم فإن تهمة استعمال المحرر المزور ثابتة في حق المتهم الثاني وعلمه بالتزوير قائم طبقا لما سبق بيانه ". وما أورده الحكم من ذلك سائغ وكاف في التدليل على قيام الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير، إذ من المقرر أن الاشتراك في ارتكاب هذه الجرائم يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ويكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
ولما كان الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت مدوناته تغني عن ذلك، وكان إثبات التزوير من الطاعن - فاعلا كان أو شريكا - يلزم عنه أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. ولما كان باقي ما ينعاه مردودا بما سبق بيانه في معرض الرد على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 1952 لسنة 36 ق جلسة 9 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 10 ص 72


جلسة 9 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود عباس العمراوي.
-------------
(10)
الطعن رقم 1952 لسنة 36 القضائية

استيلاء على مال للدولة بغير حق. اختلاس.
شرط تطبيق المادة 113 مكررا عقوبات: أن تكون صفة الوظيفة قائمة لم تزل عن الجاني وقت ارتكاب الحادث بعزل أو نحوه.
-----------------

يشترط لتطبيق المادة 113 مكررا من قانون العقوبات أن تكون صفة الوظيفة قائمة لم تزل عن الجاني وقت ارتكاب الحادث بعزل أو نحوه. واستمرار الجاني في مباشرة أعمال وظيفته بالفعل من بعد انتهاء عقد عمله لا يدرجه في عداد المكلفين بخدمة عامة ما لم يثبت أنه كلف بالعمل العام ممن يملك هذا التكليف إذ لا يكفي أن يكون الشخص قد ندب نفسه لعمل من الأعمال العامة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 6 أغسطس سنة 1965 بدائرة بندر شبين الكوم محافظة المنوفية: بصفته موظفا عموميا خفيرا بالجمعية التعاونية الزراعية بشبين الكوم استولى بغير حق على مال للجمعية سالفة الذكر هو كمية المبيدات الحشرية المبينة بالمحضر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمقتضى المواد 111/ 6 و 113/ 1 و 118 و 119 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 8 مارس سنة 1966 عملا بالمادة 317/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بوصف أن ما قارفه من أفعال يكون جنحة سرقة وليس جناية اختلاس استنادا إلى زوال صفة الوظيفة عنه بفصله من عمله بالجمعية التعاونية الزراعية - التي كان يعمل بها - في تاريخ سابق على وقوع الإختلاس المسند إليه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المطعون ضده استمر - على الرغم من فصله - يقوم بالفعل بأعمال الوظيفة وهو لا يرفع عنه صفة الموظف أو المستخدم العمومي فضلا عن أنه يعتبر مكلفا بخدمة عامة مما من شأنه مساءلته عن الواقعة باعتبارها جناية اختلاس منطبقة على المادتين 111/ 6 و 113/ 1 مكررا من قانون العقوبات.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده لأنه في يوم 16 أغسطس سنة 1965 بدائرة بندر شبين الكوم بصفته مستخدما عموميا - خفيرا بالجمعية العمومية الزراعية بشبين الكوم - استولى بغير حق على مال للجمعية سالفة الذكر هو كمية المبيدات الحشرية المبينة بالمحضر، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 111/ 6 و113/ 1 مكرر 118 و119 من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر وطبقت في حقه المادة 317/ 4 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم - المطعون ضده - كان يشتغل من سنتين سابقتين على يوم 6 أغسطس سنة 1965 عاملا مؤقتا بالجمعية التعاونية الزراعية بشبين الكوم وجرى العمل معه على أن يعين كعامل مؤقت مدة تسعة وخمسين يوما ثم يفصل مدة ثلاثة أيام تالية ليعاد تعيينه ثم فصله وهكذا، وقد فصل آخر مرة في 29 يوليه سنة 1967 ولم يجدد تعيينه حتى إذا كان يوم 6 أغسطس سنة 1965 انتهز فرصة وجود مفتاح الجمعية معه فدخلها وسرق مبيدات حشرية مما تملكه بما قيمته 32 جنيها وبينما هو يحملها في الطريق استوقفه أحد الشرطة السريين ليستوضحه أمره فلما زادت شبهته فيه اقتاده إلى قسم الشرطة حيث اعترف بالسرقة. وأورده الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود وما أسفرت عنه المعاينة ومن اعتراف المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف الواقعة المسندة إلى المطعون ضده بأنها جنحة سرقة مستندا في ذلك إلى أن المطعون ضده قد زالت عنه صفة الوظيفة بعزله من الجمعية التعاونية الزراعية - التي كان يعمل بها - قبل ارتكابه للحادث وذلك بانتهاء عقد عمله فيها في 29 يوليه سنة 1965 وعدم تجديد هذا العقد من بعد إلى حين ارتكابه الحادث في 6 أغسطس سنة 1965، ولما كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما استند إليه الحكم من ذلك له معينه الصحيح من الأوراق، وكان يشترط لتطبيق المادة 113 مكررا من قانون العقوبات أن تكون صفة الوظيفة قائمة لم تزل عن الجاني وقت ارتكابه الحادث بعزل أو نحوه. ولما كان استمرار الطاعن في مباشرة أعمال وظيفته بالفعل من بعد انتهاء عقد عمله لا يدرجه في عداد المكلفين بخدمة عامة ما لم يثبت أنه كلف بالعمل العام ممن يملك هذا التكليف، إذ لا يكفي أن يكون الشخص قد ندب نفسه لعمل من الأعمال العامة، وكان لا يبين من الأوراق صدور هذا التكليف ممن يملكه كما لم تدع الطاعنة به. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما خلص إليه من اعتبار الواقعة جنحة سرقة، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته في غير محله متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 1754 لسنة 36 ق جلسة 2 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 2 ص 28


جلسة 2 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري, ومحمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمود عزيز الدين سالم, ونصر الدين عزام.
--------------
(2)
الطعن رقم 1754 لسنة 36 القضائية

حكم. "إصداره". "بياناته".
صدور الحكم باسم الأمة لازم لاكتساب شرعيته.
خلو الحكم الابتدائي مما يفيد صدوره باسم الأمة. إيراد الحكم المطعون فيه هذا البيان وتأييده الحكم الإبتدائي لأسبابه دون أن ينشئ لقضائه أسبابا جديدة. مخالفة لحكم من أحكام الدستور. لمحكمة النقض القضاء به من تلقاء نفسها ونقض الحكم ولو لم يثره الطاعن في أسباب طعنه.

---------------
إن صدور الحكم باسم الأمة لازم لاكتساب شرعيته, وخلوه من هذا البيان يفقده السند التشريعي لإصداره. ولما كان الحكم الابتدائي قد خلا مما يفيد صدوره باسم الأمة, فإن الحكم المطعون فيه وإن أورد ذلك البيان إلا أنه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه ولم ينشئ لقضائه أسبابا جديدة, وكان هذا العوار يكمن في مخالفة حكم من أحكام الدستور رائد كل القوانين. فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم يثره الطاعن في أسباب طعنه وذلك عملا بالحق المخول لها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 6 مايو سنة 1965 بدائرة قسم الدرب الأحمر: (أولا) تسبب خطأ في موت محمد عبد العال حسن وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته القوانين واللوائح بأن قاد السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر فاصطدمت بالمجني عليه وأحدثت إصاباته التي أدت إلى وفاته. (ثانيا) قاد السيارة بحالة تعرض حياة الناس للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و80 و81 و88 و90 من القانون 449 لسنة 1955 والمادة 2 من قرار وزير الداخلية. وادعى كمال عبد العال وفاروق عبد العال وفوزيه عبد النبي مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 31 يناير سنة 1966 عملا بمواد الإتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ" وإلزامه أن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 16 يونيه سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن المادة 155 من دستور سنة 1964 المعمول به إعتبارا من 25 مارس سنة 1964 تنص على أنه "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة" مما مفاده أن صدور الحكم باسم الأمة لازم لاكتساب شرعيته. وخلوه من هذا البيان يفقده السند التشريعي لإصداره. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي الذي صدر في 31 يناير سنة 1966 قد خلا مما يفيد صدوره باسم الأمة, فإن الحكم المطعون فيه وإن أورد ذلك البيان إلا أنه أيد الحكم الإبتدائي لأسبابه ولم ينشئ لقضائه أسبابا جديدة. لما كان ما تقدم, وكان هذا العوار يكمن في مخالفة حكم من أحكام الدستور رائد كل القوانين - فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم يثره الطاعن في أسباب طعنه وذلك عملا بالحق المخول لها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم, يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن التي أثارها الطاعن.

الطعن 1123 لسنة 37 ق جلسة 23 / 10 / 1967 مكتب فني 18 ج 3 ق 202 ص 994


جلسة 23 من أكتوبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.
--------------
(202)
الطعن رقم 1123 لسنة 37 القضائية

(أ) وكالة. طعن. استئناف. دعوى مدنية.
انتهاء الوكالة بموت الموكل. المادة 714 مدني.
الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم. تدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم.
تقرير وكيل المدعي بالحقوق المدنية بالاستئناف بعد وفاة موكله. أثره: عدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية. لا يغني عن ذلك.
(ب) نقض. "الطعن لثاني مرة". "سلطة محكمة النقض".
الطعن مرة ثانية في الحكم الصادر من محكمة الإحالة. على محكمة النقض الحكم في الموضوع كون العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون. على محكمة النقض تصحيح ذلك الخطأ والحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع. ما دام تصحيح ذلك الخطأ لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
(ج، د، هـ) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. خطأ. قتل خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.

--------------
1 - تنتهي الوكالة طبقاً لحكم المادة 714 من القانون المدني بموت الموكل. والأصل أن الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه، فإذا كان الثابت بالأوراق أن المحامي قرر باستئناف الحكم الابتدائي بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية، في حين أن هذا الأخير كان قد توفى قبل التقرير بالاستئناف، فإن الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية يكون قد تقرر به من غير ذي صفة. ولا يغير من الأمر حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية، إذ أن مثولهم أمام هذه المحكمة لا يغني عن وجوب التقرير بالاستئناف ممن له صفة في ذلك.
2 - تنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه: "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع، وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت". غير أنه إذا كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصيلة المنصوص عليها في المادة 35 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع، ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
3 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى فإذا كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على خطأ الطاعن في قيادته السيارة واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقع منه، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن.
4 - إذا كان الحكم قد أثبت أن قتل المجني عليه كان نتيجة خطأ الطاعن ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. فإن ما يثيره الطاعن من جدل في هذا الشأن لا يكون له محل.
5 - لا تلتزم المحكمة بالرد على ما أثاره الطاعن من أن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حصول الحادث بعبوره الطريق دون تريث لأن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوري وقوع الحادث مما يكفي للرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي استقرت في وجدانها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 2 من أبريل سنة 1956 بدائرة قسم الجمرك: أولاً: تسبب في قتل المجني عليه بغير قصد ولا تعمد وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة نقل غير مستكملة شروط الأمن والمتانة المنصوص عليها في القانون الخاص بالمرور وقرار وزير الداخلية دون أن ينبه المارين بالطريق فصدم المجني عليه السائر أمامه وأصابه مما أدى إلى وفاته. ثانياً: قاد سيارة نقل مخالفاً شروط المتانة والأمن من حيث حمولتها بأن حملها أكثر من الحمولة المقررة بالرخصة. ثالثاً: قاد السيارة دون أن يكون بها وسيلتان متصلتان يمكن معهما التحكم في سير السيارة وفي إيقافها بطريقة فعالة وسريعة ومأمونة. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والمواد 84/ 1 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 والمادتين 22 و27 من قرار وزير الداخلية. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه ثم أدخل معه أمين محمد الصيرفي بصفته وصياً على أخيه محمد محمود أمين الصيرفي مسئولاً عن الحقوق المدنية. ومحكمة الجمرك الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1960 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى التهمة الأولى وبمواد الاتهام بالنسبة إلى التهمتين الثانية والثالثة (أولاً) ببراءة المتهم من التهمة الأولى المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصاريف المدنية. (ثانياً) تغريم المتهم 200 قرش عن التهمة الثانية بلا مصروفات. (ثالثاً) تغريم المتهم 100 قرش عن التهمة الثالثة. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة ووكيل المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام: (أولاً) بقبول الاستئنافين شكلاً. وثانياً - وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أداء مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي المدني والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 10 فبراير سنة 1964 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضدهما المصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة نظرت الدعوى من جديد حيث قررت إعلان ورثة المدعي بالحقوق المدنية الذي توفي فمثلوا في الدعوى ودفع المتهم بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة ثم قضت المحكمة في الدعوى حضورياً في 20 من أبريل سنة 1966 عملاً بالمواد 55 و56 و238 من قانون العقوبات بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم من التهمة الأولى وحبسه عنها ستة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم بلا مصاريف. (وثانياً) وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يؤديا للمدعين مدنياً مبلغ 500 ج والمصاريف المدنية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. فطعن وكيل المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية في 26 مايو سنة 1966 وقدم تقريراً بالأسباب في التاريخ ذاته موقعاً عليه منه. غير أن المسئول عن الحقوق المدنية لم يودع رسماً أو كفالة فقررت محكمة النقض بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1967 استبعاد طعنه من الرول.

المحكمة
من حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه مصطفى السيد عامر قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة قتل خطأ وألزمه التعويض، قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وقصور في التسبيب، ذلك بأنه استظهر خطأ الطاعن في قيادته السيارة دون أن يستعمل آلة التنبيه لدى انحرافه إلى الشارع الذي وقع به الحادث وعدم مراقبته خلو الطريق أمام السيارة في أثناء سيرها، مستدلاً على ذلك بما شهد به الشرطي السيد السيد محمود، في حين أن أقوال هذا الشاهد لا تؤدي إلى ما خلص إليه الحكم إذ أنه شهد بأن المجني عليه قد عبر الشارع فجأة وهو يجري مما يكفي لنفي وقوع الخطأ من جانب الطاعن الذي لم يكن في استطاعته تلافي الاصطدام بالمجني عليه على ما جاء بأقوال الخبير الفني لدى مناقشته أمام المحكمة الجزئية - وليس في عدم إطلاق آلة التنبيه ما يوفر ركن الخطأ قبل قائد السيارة لأن مجرد سيره بالسيارة في الطريق - وهي سيارة نقل محملة بالبضائع - يحدث صوتاً كافياً لتنبيه المارة. هذا فضلاً عن أن إغفاله استعمال تلك الآلة وما ذهب إليه الحكم من عدم مراقبته خلو الطريق أمام السيارة لم يكن السبب في وقوع الحادث لأن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حدوث النتيجة التي وقعت. وقد تمسك الطاعن بذلك في دفاعه الذي أبداه أمام المحكمة الاستئنافية غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد عليه على الرغم من أهميته فجاء بذلك قاصراً معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها ما ينتجه من وجوه الأدلة انتهى إلى إدانة الطاعن بقوله: "وحيث إنه يبين من عرض وقائع الدعوى على نحو ما سلف أن الثابت من أقوال الشرطي السري السيد السيد محمود أن المتهم (الطاعن) لابد أن يكون قد رأى المجني عليه يعبر الطريق بشارع النصر من على بعد خمسة أو ستة أمتار إذ لم يكن هناك ما يحول دون ذلك، كما قرر هذا الشاهد أن السيارة صدمت المجني عليه بمقدمتها من الجهة اليسرى وتأيدت هذه الواقعة بما ثبت من المعاينة التي أجراها محقق الشرطة من وجود آثار دماء بالعجلة الأمامية اليسرى للسيارة ولذا فإن المحكمة تطرح ما قال به المتهم والشاهد سعيد متولي أبو شهبة من أن السيارة صمت المجني عليه بإحدى عجلاتها الخلفية لأن هذا القول يتناقض مع الماديات التي يطمئن إليها ويوثق بها. لما كان ذلك، وكان الشرطي السري قد قرر أن المتهم لم يستعمل آلة التنبيه وكان هذا الأخير قد ذكر صراحة أنه لم ير المجني عليه وأنه لو كان قد شاهده من على بعد خمسة أو ستة أمتار من السيارة لأمكنه إيقافها، فإن المحكمة تخلص من كل ذلك إلى أن المتهم لم يستعمل آلة التنبيه عند انحرافه بالسيارة إلى طريق آخر وأهمل في مراقبة الطريق أمامه ولو كان قد فعل لأمكنه إيقاف السيارة ومفاداة وقوع الحادث وهذا الفعل يشكل من جانبه ركن الخطأ الذي أدى مباشرة إلى إحداث إصابات المجني عليه المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته". لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن ما استند إليه الحكم من أقوال الشرطي السيد السيد محمود له مأخذه الصحيح مما أدلى به هذا الشاهد بمحضر ضبط الواقعة. كما يبين من مطالعة أقوال المهندس الفني في التحقيق وبمحضر جلسة محكمة أول درجة أنها لا تؤدي المعنى الذي يحمله لها الطاعن في طعنه، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى. وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على خطأ الطاعن في قيادته السيارة واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقع منه فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن قتل المجني عليه كان نتيجة خطأ الطاعن ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على ما أثاره الطاعن من أن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حصول الحادث بعبوره الطريق دون تريث لأن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعاً في شان تصوير وقوع الحادث مما يكفي للرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي استقرت في وجدانها. لما كان ذلك، فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب، ذلك لأن الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الاستئناف في الدعوى المدنية لرفعه من غير ذي صفة لوفاة المدعى بالحقوق المدنية قبل أن يقرر محاميه بالاستئناف نيابة عنه ومن ثم فقد انتهت الوكالة في تاريخ سابق على التقرير بالاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع استناداً إلى مجرد مثول ورثة المجني عليه أمام المحكمة الاستئنافية مع أن حضور الورثة لا يصحح الإجراء الباطل ولا يؤدي إلى اعتبار الاستئناف قائماً. هذا فضلاً عن أن الحكم أغفل بيان اسم المسئول عن الحقوق المدنية الذي ألزم الطاعن أداء التعويض المتضامن معه، وقضى بهذا التعويض لورثة المدعى بالحقوق المدنية مقابل ضرر أدبي، في حين أن تعويض مورثهم عن حزنه على وفاة ولده ما كان ليورث لهم عنه فلا يبقى لهم سوى المطالبة بتعويض مستقل عما أصابهم هم من حزن على وفاة المجني عليه - وهو ما لم يطالبوا به على ما هو ثابت بمحاضر جلسات المحاكمة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الجزئية ادعى راشد محمد محروس مدنياً قبل الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض. وإذ قضى ابتدائياً في 26 ديسمبر سنة 1960 ببراءة المتهم (الطاعن) من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى المدنية - قرر الأستاذ محمود زكي المحامي بتاريخ 5 يناير سنة 1961 باستئناف الحكم الابتدائي وذلك بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية (راشد محمد محروس) بتوكيل رقم 136 سنة 1957 إسكندرية. ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية بعد إحالة الدعوى إليها بناءً على حكم محكمة النقض الأول دفع الطاعن بعدم قبول ذلك الاستئناف شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة - استناداً إلى أن المدعى بالحقوق المدنية كان قد توفى في أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وقبل أن يقرر محاميه باستئناف الحكم الابتدائي نيابة عنه - وقدم الطاعن إثباتاً لدفعه مستخرجاً رسمياً يفيد وفاة راشد محمد محروس بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1957 وقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع وأطرحه بقوله: "وحيث إن ورثة المجني عليه مثلوا أمام هذه المحكمة وطلبوا الحكم لهم بالتعويض ومن ثم فإن الدعوى المدنية تكون مستقيمة ولا عيب يشوبها). وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير صحيح في القانون، ذلك بأن الوكالة طبقاً لحكم المادة 714 من القانون المدني - تنتهي بموت الموكل، والأصل أن الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه. ولما كان الثابت بالأوراق أن الأستاذ محمود زكي المحامي هو الذي قرر باستئناف الحكم الابتدائي بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية راشد محمد محروس، في حين أن هذا الأخير كان قد توفى قبل التقرير بالاستئناف - على ما هو ثابت بالشهادة الرسمية المقدمة في الدعوى ولذلك فقد انتهت وكالة محاميه عنه بوفاته في تاريخ سابق على حصول ذلك التقرير في قلم الكتاب. لما كان ذلك، فإن الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية يكون قد تقرر به من غير ذي صفة. ولا يغير من الأمر حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية إذ أن مثولهم أمام محكمة ثاني درجة لا يغني عن وجوب التقرير بالاستئناف ممن له صفة في ذلك. لما كان ذلك، فإن المحكمة الاستئنافية إذ قضت بقبول الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية على الوجه السالف بيانه تكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يستوجب نقض حكمها المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية - بغير ما حاجة إلى التطرق إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في طعنه خاصاً بقضائها في تلك الدعوى. ولما كان الطعن مقدماً من الطاعن للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت" غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبول الاستئناف المرفوع عنها لرفعه من غير ذي صفة وإلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الخميس، 31 أكتوبر 2019

الطعن 37 لسنة 51 ق جلسة 26 / 6 / 1986 مكتب فني 37 ج 2 ق 157 ص 769


جلسة 26 من يونيه سنة 1986
برئاسة السيد المستشار/ عزت حنورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي، د. محمد بهاء الدين باشات ومحمد خيري الجندي.
-------------
(157)
الطعن رقم 37 لسنة 51 القضائية

 (1)وقف "تدخل النيابة". دعوى. نيابة عامة.
- المنازعة في ملكية جهة وقف لعقار معين. ليست من المسائل المتعلقة بأصل الوقف. مؤداه. عدم لزوم تدخل النيابة العامة في الدعوى.
(2) وقف. إثبات "عبء الإثبات".
- الوقف المندثر. ماهيته. عدم إمكان التعرف على جهة الاستحقاق فيه. أثره. اعتباره وقفاً على جهة بر. على ناظره إثبات ما يدعيه من تبعية عين متنازع عليها لهذا الوقف.
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه - عدم التزامها بالرد على كل منها على استقلال. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد المنازعة في ملكية جهة وقف لعقار معين ليس من المسائل المتعلقة بأصل الوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية قبل إلغائها بل كانت المحاكم المدنية هي المختصة بالفصل فيها وبالتالي لا تندرج ضمن الدعاوى التي يلزم تدخل النيابة العامة فيها طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955.
2 - الوقف المندثر هو ذلك الذي تتأكد له صفة الوقف أصلاً وإنما لم تعد جهة الاستحقاق فيه معروفة لا من كتاب وقف ولا من عمل النظار السابقين ولذا يحمل على أنه وقف على جهة بر عملاً بالقاعدة الشرعية من أن كل وقف لا يعرف له مصرف فهو صدقة. ومن ثم فأن اندثار الوقف لا يعفي ناظره من إثبات ما يدعيه من تبعية عين متنازع عليها لهذا الوقف.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه دون حاجة إلى تتبع هذه الحجج والرد على كل منها على استقلال وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 15 لسنة 76 مدني أدكو على الطاعنين طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للأرض المبينة بالصحيفة، وقالوا بياناً لها أن هذه الأرض مملوكة لمورثهم ولهم من بعده بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن الطاعنين ينازعانهم في الملكية فأقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 21/ 3/ 1979 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية حيث قيدت بها برقم 1138 سنة 79 مدني كلي. بتاريخ 25/ 6/ 1979 قضت المحكمة للمطعون ضدهم بطلباتهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 706 سنة 35 ق طالبين إلغائه والحكم برفض الدعوى. بتاريخ 8/ 11/ 1980 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها سبباً لنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة تنعى على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إن الطاعنين جحدا ملكية المطعون ضدهم أمام محكمة الموضوع على سند من أن الأرض محل النزاع موقوفة وقفاً خيرياً وأنها مؤجرة لهما خلفاً لمورثهما وهو نزاع يتعلق بأصل الوقف مما كانت تختص بنظره المحاكم الشرعية قبل إلغائها الأمر الذي يتعين معه تدخل النيابة العامة في الدعوى لإبداء رأيها فيها وإلا بطل الحكم الصادر فيها عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955، ولما كانت - النيابة لم تتدخل في الدعوى لإبداء الرأي فيها حتى صدور الحكم المطعون فيه فإنه يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد المنازعة في ملكية جهة وقف لعقار معين ليس من المسائل المتعلقة بأصل الوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية قبل إلغائها بل كانت المحاكم المدنية هي المخلصة بالفصل فيها وبالتالي لا تندرج ضمن الدعاوى التي يلزم تدخل النيابة العامة فيها طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بهما على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أن دفاعهما أمام محكمة الموضوع بدرجتيها قام على أن الأرض محل النزاع من أعيان وقف الجبرتي الخيري وأن حيازة مورث المطعون ضدهم لها كانت بوصفه مستأجراً لها من جهة الوقف، وأن عدم تقديمهما حجة الوقف لا يمنع من ثبوت تبعية تلك العين لذلك الوقف باعتباره وقفاً مندثراً طال عليه العهد فضلاً عن أنهما قدما لخبير الدعوى دليل استئجار مورث المطعون ضدهم تلك الأرض وهو الشكوى المقدمة منه إلى رئيس مجلس مدينة أدكو بسبب زيادة الأجرة. وإذ عول الحكم المطعون فيه على تقرير الخبير الذي خلص إلى أن الطاعنين لم يقدما ما يعد سنداً على ملكية الوقف للعين محل النزاع أو دليلاً على قيام علاقة إيجارية عنها بين الأوقاف وبين ذلك المورث، وأقام على ذلك قضاءه بثبوت ملكية المطعون ضدهم لتلك الأرض بالتقادم المكسب يكون فضلاً عن قصوره ومخالفة الثابت بالأوراق قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الوقف المندثر هو ذلك الذي تتأكد له صفة الوقف أصلاً وإنما لم تعد جهة الاستحقاق فيه معروفة لا من كتاب وقف ولا من عمل النظار السابقين ولذا يحمل على أنه وقف على جهة بر عملاً بالقاعدة الشرعية من أن كل وقف لا يعرف له مصرف فهو صدقة. ومن ثم فإن اندثار الوقف لا يعفي ناظره من إثبات ما يدعيه من تبعية عين متنازع عليها لهذا الوقف، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه دون حاجة إلى تتبع هذه الحجج والرد على كل منها على استقلال وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقدما لمحكمة الموضوع ثمة دليل على ملكية الوقف للأرض محل النزاع أما الشكوى المنسوبة لمورث المطعون ضدهم إلى رئيس مجلس مدينة أدكو فلم تتضمن ما يفيد أنها تخص تلك الأرض إذ خلت من بيان الموقع والمساحة والحدود ومن ثم لا يعتبر دليلاً بما لا يعيب الحكم إغفال الرد عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعتد بما انتهى إليه تقرير الخبير من عدم قيام الدليل على تبعية محل النزاع للوقف واستئجار مورث المطعون ضدهم لها يكون قد التزم صحيح القانون، وإذا خلص الحكم المطعون فيه صحيحاً - على ما سلف بيانه - إلى رفض ما ادعاه الطاعنان من أن الأرض محل النزاع كانت موقوفة أو مؤجرة منهما بما مؤداه انتفاء قيام أي حق لهما يتعلق بها، فمن ثم لا يقبل منهما النعي عليه بما جاوز ذلك من سببي الطعن.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.