الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

الطعن 281 لسنة 61 ق جلسة 11 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 126 ص 824


جلسة 11 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة وعبد الله المدني.
------------
(126)
الطعن رقم 281 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن. إيداع الأسباب".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب في الميعاد: شرط لقبوله.
التقرير بالطعن وتقديم أسبابه. يكونان وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)مصادرة. عقوبة "تطبيقها". سلاح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مصادرة ما لا يجوز إحرازه أو حيازته: تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لخروجه عن دائرة التعامل. أساس ذلك؟
(3) نقض "المصلحة في الطعن". نيابة عامة. مصادرة.
تقيد النيابة العامة بقيد المصلحة في الطعن.
عدم قبول طعن النيابة العامة إذا لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة في الطعن. علة ذلك؟ المصلحة أساس الدعوى.
نعي النيابة العامة على الحكم قضائه بالمصادرة رغم أمرها بإيداعه تمهيداً لمصادرته بعد انقضاء الدعوى بمضي المدة. غير مقبول لقيامه على مصلحة نظرية صرفة.

-------------
1 - من حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن مصادرة ما لا يجوز إحرازه أو حيازته من الأشياء التي تخرج بذاتها عن دائرة التعامل إنما هو تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء ذاته لإخراجه عن تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها، ومن ثم كانت المصادرة الوجوبية في معنى نص المادة 30/ 2 من قانون العقوبات والمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 54 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل. لأن الشارع ألصق بالسلاح طابعاً جنائياً يجعله في نظره مصدر ضرر أو خطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته.
3 - لما كان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، فإذا انعدمت فلا دعوى وإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة السلاح المضبوط مع الحائزة المجهولة وكان ما أثارته النيابة العامة بأسباب طعنها في شأن نسخ صورة من الأوراق - خصصت لواقعة ضبط السلاح وصدور الأمر فيها - على نحو ما أثبت بالإفادة المرفقة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل وإيداع السلاح المضبوط مخزن الشرطة تمهيداً لمصادرته بعد انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، يلتقي مع ما خلص إليه الحكم المطعون فيه. ومن ثم فإن ما تثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية صرفة لا يؤبه لها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - أولاً: قتل عمداً.... بأن أطلق عليه عياراً نارياً من سلاح كان يحمله "مسدس" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". ثالثاً: أحرز ذخيرة (طلقة واحدة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات (.......) لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت (.......) مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 251 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن عدلت القيد والوصف في التهمة الأولى إلى ضرب أفضى إلى موت عملاً بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات، 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول. معاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. ثانياً في الدعوى المدنية بإلزامه أن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ 251 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى - ضمن ما قضى به - بمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن السلاح المقضي بمصادرته لم يستعمل في الحادث الأمر الذي يمتنع القضاء بمصادرته قانوناً. خاصة وقد نسخت صورة من الأوراق خصصت عن السلاح المضبوط وتم التصرف فيها استقلالاً بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان المطعون ضده بها برر قضاءه بمصادرة السلاح الناري الذي لم يستعمل في الحادث بقوله "وحيث إنه بالنسبة للسلاح المضبوط فالثابت أن رجال الإدارة توجهوا لمنزل المتهم وقابلتهم إحدى السيدات المجهولات وقدمت لهم ذلك المسدس الذي لم يثبت أن له ترخيصاً لشخص ما ومن ثم فإن حيازته بالنسبة لهذه المجهولة مؤثم ويتعين مصادرته عملاً بالمادة 30 عقوبات وعلى النيابة والشرطة موالاة البحث لمعرفة اسم السيدة المذكورة لمعاقبتها قانوناً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مصادرة ما لا يجوز إحرازه أو حيازته من الأشياء التي تخرج بذاتها عن دائرة التعامل إنما هو تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء ذاته لإخراجه عن تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها، ومن ثم كانت المصادرة الوجوبية في معنى نص المادة 30/ 2 من قانون العقوبات والمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 54 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل. لأن الشارع ألصق بالسلاح طابعاً جنائياً يجعله في نظره مصدر ضرر أو خطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته. لما كان الحكم المطعون فيه قد أبان في - مدوناته - على النحو المار بيانه - أن السلاح قد سبق ضبطه على ذمة الفصل في الدعوى ولم يثبت أنه مرخص باسم من حازته أو باسم شخص معين فإن مصادرته تكون وجوبية لخروجه عن دائرة التعامل. ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون، لما كان ذلك، وكان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام في تحقيق موجبات القانون إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، فإذا انعدمت فلا دعوى وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة السلاح المضبوط مع الحائزة المجهولة وكان ما أثارته النيابة العامة بأسباب طعنها في شأن نسخ صورة من الأوراق - خصصت لواقعة ضبط السلاح وصدور الأمر فيها - على نحو ما أثبت بالإفادة المرفقة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل وإيداع السلاح المضبوط مخزن الشرطة تمهيداً لمصادرته بعد انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، يلتقي مع ما خلص إليه الحكم المطعون فيه. ومن ثم فإن ما تثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية صرفة لا يؤبه لها، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 9223 لسنة 66 ق جلسة 15 / 12 / 2009

باسم الشعب 
محكمـة النقـض 
الدائرة المدنية 
دائرة الثلاثاء (أ) المدنية 
ــــ 
برئاسة السيد المستشـــار/عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين / جرجـس عدلى ، مصطفـى مرزوق 
محمود العيسوى و سالــــم سرور نواب رئيس المحكمة 
بحضور رئيس النيابة السيد / محمد رجاء . 
وأمين السر السيد / أحمد مصطفى النقيب . 
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة . 
فى يوم الثلاثاء 28 من ذى الحجة سنة 1430هـ الموافق 15 من ديسمبر سنة 2009م 
أصدرت الحكم الآتى 

فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 9223 لسنة 66 ق . 
المرفوع من 
شركة الشرق للتأمين ويمثلها رئيس مجلس الإدارة بصفته . ومقرها 15 شارع قصر النيل بالقاهرة لم يحضر عنها أحد . 

ضــد 
..... . المقيم ... ـ القاهرة لم يحضر عنه أحد . 

" الوقائـــع
فى يوم 12/9/1996 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 24/7/1996 فى الاستئناف رقم 14116 سنة 11ق ـ وذلـك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وذلك للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضده المصاريف والأتعاب . 
وفى اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة . 
وفى 2/8/2009 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن . 
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً . 
وبجلسة 3/3/2009 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 3/11/2009 وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتـها والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم . 

المحكمة
بعـد الاطلاع علـى الأوراق وسمـاع التقريـر الـذى تلاه السيد المستشار المقرر/ سالم سرور ـ نائب رئيس المحكمة ـ والمرافعة وبعد المداولة . 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية . 
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة وأخرى ـ شركة أوتوبيس الوجه القبلى ـ الدعوى 5065 لسنة 1991 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزامهما بأن يؤدياً له متضامنتين مبلغ ـ ر3000 جنية تعويضاً عما لحق به من أضرار مادية وأدبية نتيجة إصابته فى حادث سيارة الأوتوبيس المؤمن عليها لدى الطاعنة والتى أدين قائدها بحكم بات . حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف 14116 لسنة 111ق القاهرة . قضت المحكمة بإلزام الطاعنة وشركة أوتوبيس الوجه القبلى بالتضامم فيما بينهما بأن يؤديا للمطعون ضده التعويض الذى قدرته . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن . وإذ عرض على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . 
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم انتهى إلى رفض الدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون ضده فى رفع الدعوى بالتقادم الثلاثى على ما أورده من أن الحكم الجنائى الصادر بإدانة قائد السيارة أداة الحادث لم يصبح باتاً إلا فى 28/11/1993 تاريخ الحكم فى الطعن بالنقض القاضى بعدم قبوله شكلاً وأن الدعوى أقيمت بتاريخ 18/3/1991 ...... فى حين أن هذا الحكم صار باتاً بفوات ميعاد الطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 16/12/1987 ولا يغير من ذلك إقامة طعن بالنقض على ذلك الحكم بعد الميعاد والقضاء فيه بعدم قبوله شكلاً كما أن الدعوى 16078 لسنة 1987 مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية التى سبق أن أقامها المطعون ضده على الطاعنة بذات الطلبات وشطبت لا أثر لها فى قطع التقادم لعدم تجديدها من الشطب ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه . 

وحيث إن هذا النعى غير سديد . ذلك أن مفاد نص المادة 82/1 من قانون المرافعات ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا ظلت الدعوى مشطوبة دون أن يعلن المدعى غيره من الخصوم باستئناف سيرها فى خلال الستين يوماً التالية لقرار الشطب ، فإنها تعتبر ـ بقوة القانون ـ كأن لم تكن ، متى تمسك بذلك ذوو الشأن ، مما يترتب زوال الخصومة وزوال أثرها فى قطع التقادم دون أن يؤثر ذلك على حق المدعى فى إقامة دعوى جديدة بذات الحق المطالب به ، وعكس ذلك إذا لم يتمسك المدعى عليه فى الدعوى الجديدة باعتبار الدعوى السابقة كأن لم تكن ـ مع توافر موجبات توقيع هذا الجزاء ـ فإن الدعوى السابقة تظل محتفظة بكل آثارها القانونية بما فيها قطع التقادم ، لأن شطب الدعوى لا يعنى زوالها إذ تبقى قائمة منتجة لكافة الآثار التى تترتب على رفعها سواء الإجرائية منها أو الموضوعية وإن استبعدت من جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة كأثر لشطبها ، ومؤدى ذلك أن اعتبار الدعوى كأن لم يكن ، وإن كان جزاء يقع بقوة القانون ـ متى توافرت موجبات توقيعه ـ فى حكم المادة 82/1 المشار إليها ـ بحيث يتعين على المحكمة أن تقضى به دون أن يكون لها سلطة تقديرية فى هذا الصدد إلا أن المحكمة لا تملك توقيع هذا الجزاء من تلقاء نفسها ـ ولو طالعتها عناصره من الأوراق ـ دون ما دفع به من الخصم الذى تقرر توقيع الجزاء لمصلحته ، باعتبار أن الدفع به يعد من قبيل الدفوع الشكلية الغير متعلقة بالنظام العام ، إذ يستهدف مصلحة الخصم الذى لم يتم إعلانه بصحيفة تجديد الدعوى المشطوبة فى الميعاد المقرر بالنص المار ذكره . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده سبق أن أقام الدعوى 16078 لسنة 1987 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية بذات الحق المطالب به على ذات الشركة الطاعنة فقررت المحكمة شطبها بتاريخ 5/6/1990 ولم يجددها فى الميعاد القانونى وأقام الدعوى الحالية بإجراءات جديدة ولم تتمسك الطاعنة باعتبار الدعوى السابقة كأن لم تكن ومن ثم يظل أثرها فى قطع التقادم قائماً ويكون الدفع بالتقادم الثلاثى على غير سند وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه أن تنكب الوسيلة وذلك فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه التقديرات دون أن تنقضه ويكون النعى عليه بأسباب الطعن على غير أساس . 

لذلـــك 
رفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات مع مصادرة الكفالة .

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

الطعنان 5345 ، 5569 لسنة 44 ق جلسة 5 / 7 / 2014 مكتب فني 59 ج 1 توحيد المبادئ ق 6 ص 83


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم سليمان, ومحمد عبد العظيم محمود سليمان, وفايز شكري حنين, ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم, وربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي, ولبيب حليم لبيب, ومحمود محمد صبحي العطار, وحسن كمال محمد أبو زيد شلال, وحسن عبد الحميد محمد البرعي, وأحمد عبد الحميد حسن عبود. نواب رئيس مجلس الدولة

----------
- 1  موظف
تأديب - الإجراءات أمام المحكمة التأديبية - القانون الواجب التطبيق عند خلو النظام التأديبي من نص(1) - القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات، فيتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية في كل حالة يرى القاضي التأديبي أن الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه(2) - كذلك فإن قانون المرافعات هو القانون العام للإجراءات القضائية وغير القضائية، فيتعين الرجوع إلى أحكامه إذا شاب القوانين الإجرائية الأخرى نقص أو غموض أو إبهام، شريطة أن يكون الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي.
- 2  دعوى
الحكم بوقفها جزائيا وباعتبارها كأن لم تكن - خول المشرع المحكمة الحق في أن تحكم بوقف نظر الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا متى تخلف أحد الخصوم عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات كلفته به وحددته له المحكمة - يجب على المحكمة أن تحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يمتثل صاحب الشأن لتنفيذ ما أمرته به المحكمة.
- المادة رقم (99) من قانون المرافعات.

- 3  دعوى
الطعن في الأحكام - الحكمة التي تغياها المشرع من المادة (99) من قانون المرافعات هي الحرص على تعجيل الفصل في الدعاوى- هذه الحكمة تظل واجبة النفاذ على الطعون تحقيقا لسرعة الفصل فيها، أيا كانت أنواعها ودون النظر إلى طبيعة الطعن - لا يوجد ما يحول دون محكمة الطعن وتطبيق المادة (99) بجميع أشطارها.
- المادتان رقما (99) و(273) من قانون المرافعات.

- 4  دعوى
الحكم بوقفها جزائيا وباعتبارها كأن لم تكن - ليس هناك ما يحول وتطبيق المادة (99) من قانون المرافعات على الطعون أو المنازعات التأديبية المقامة من النيابة الإدارية - وضع المشرع القوانين الإجرائية لخدمة العدالة، وراعى المساواة بين جهات الإدارة وسلطة الاتهام وجميع المواطنين، أيا كانت طبيعة منازعاتهم أو نوعها.
- المادة رقم (99) من قانون المرافعات.

----------------
الوقائع
في يوم 20/5/1998 أودع الأستاذ/ ... بصفته وكيلا عن السيد/ ... سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 5345 لسنة 44 ق. عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 29/3/1998 في الدعوى رقم 176 لسنة 21 ق القاضي بمجازاته بخصم خمسة عشر يوما من أجره.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها في تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاته بخصم خمسة عشر يوما من أجره، وببراءته مما نسب إليه.
وبتاريخ 26/5/1998 أودعت هيئة النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم المطعون عليه بالطعن رقم 5345 لسنة 44 ق عليا، قيد برقم 5569 لسنة 44 ق عليا.
وطلبت هيئة النيابة الإدارية للأسباب التي أوردتها في تقرير طعنها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المتهمين الثالث والرابع مما نسب إليهما والقضاء بإدانتهما.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن رقم 5345 لسنة 44 ق عليا شكلا ورفضه موضوعا، وبقبول الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة كل من: ... و... ومجازاتهما بخصم خمسة عشر يوما من راتب كل منهما.
وقد نظر الطعنان بدائرة فحص الطعون على النحو المبين بالمحاضر، حيث قررت إحالتهما إلى الدائرة الرابعة عليا موضوع، وقد تدوول الطعنان بجلسات الدائرة الرابعة عليا موضوع على النحو المبين بالمحاضر، و بجلسة 23/5/2009 قضت بقبول الطعن رقم 5345 لسنة 44 ق شكلا ورفضه موضوعا، وقضت بوقف نظر الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا جزائيا لمدة شهر.
وأقامت المحكمة حكمها بوقف نظر الطعن استنادا إلى أن النيابة الإدارية لم تقم بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن بالرغم من تأجيله للسبب نفسه منذ جلسة 27/3/2004 وحتى اليوم، مما يستوجب إعمال حقها المقرر في المادة (99) مرافعات وأن تقضي بوقف الدعوى.
وبتاريخ 4/7/2009 طلبت هيئة النيابة الإدارية تعجيل السير في الطعن المطروح، وقدمت حافظة مستندات خلت مما يفيد تنفيذها قرار المحكمة بإعلان المطعون ضدهما بعريضة الطعن.
وبجلسة 17/3/2012 قررت الدائرة الرابعة عليا موضوع إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة لتقرر مدى جواز وقف الطعن المقام من هيئة النيابة الإدارية في الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية إذا تخلفت عن تنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضده، وما يترتب على ذلك من آثار باعتبار الخصومة في الطعن كأن لم تكن إذا مضت المواعيد المنصوص عليها في المادة 99 من قانون المرافعات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه جواز تطبيق نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى وعلى الطعون المقامة في الأحكام الصادرة فيها، مع ما يترتب على ذلك من أثار، أخصها اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يقم المدعى أو الطاعن بتعجيل نظر الدعوى أو الطعن خلال الميعاد المقرر قانونا، أو إذا لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، وكان سببا في وقف الدعوى أو الطعن جزائيا.
وقد نظر الطعن بجلسات دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 3/5/2014 قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 5/7/2014 حيث تقرر إعادة الدعوى إلى المرافعة لتغير التشكيل، وصدر الحكم في نهاية الجلسة حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما تنطق بها عيون الأوراق في أنه بتاريخ 14 من يناير سنة 1993 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 176 لسنة 21 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد السادة:
1- ... المدرس بمدرسة ...........
2- ... المدرس بمدرسة ...........
3- ... وکيل مدرسة ...............
4- ... الموجه الأول ...............
لأنهم بتاريخ 14/5/1989 لم يؤدوا عملهم المنوط بهم بدقة، ولم يحافظوا على ممتلكات وأموال الجهة التي يعملون بها، وخالفوا القواعد والأحكام المالية وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: قاد السيارة رقم ....... حكومة التابعة لمدرسة ......... متوجها إلى محطة بنزين بناحية شربين لإحضار مواد بترولية، رغم أنها مخصصة لتدريب الطلاب، مصطحبا معه الطالب/ ... لمساعدته في إحضار تلك المواد، دون تزويدها بوسائل الأمان ضد الحريق، مما أدى إلى اشتعال النيران بها وإتلافها ووفاة الطالب المذكور بداخلها.
الثاني: استعمل السيارة المبينة سالفا في ذلك اليوم مصطحبا معه الطالب/ ... لمساعدته في إحضار مواد بترولية دون تزويدها بوسائل الأمان مما أدى إلى اشتعال النيران بها وإتلافها ووفاة الطالب المذكور.
الثالث: قام بالتوقيع على أمر الشغل الخاص بالسيارة المبينة سالفا بتكليف الأول بإحضار المواد البترولية والبنزين بها، وبها الطالب المذكور، بالمخالفة للتعليمات.
الرابع: قام باعتماد أمر تشغيل السيارة المبينة سالفا، وأهمل في الإشراف على قسم السيارات بالمدرسة، مما نتج عنه احتراق السيارة ووفاة الطالب المذكور. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيا ومجازاتهم بإحدى العقوبات المنصوص عليها بنظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
وبجلسة 29/3/1998 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بمجازاة كل من المتهم الأول والثاني بخصم خمسة عشر يوما من أجر كل منهما، وببراءة المتهم الثالث والرابع مما أسند إليهما.
ولم يرتض المتهم الثاني هذا القضاء فطعن عليه بالطعن رقم 5345 لسنة 44 ق عليا.
كما لم ترتض هيئة النيابة الإدارية هذا القضاء فطعنت عليه بالطعن رقم 5569 لسنة 44 ق، طالبة إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المتهم الثالث والرابع، وبمجازاتهما بإحدى العقوبات المقررة قانونا.
وقد نظر الطعنان بجلسات الدائرة الرابعة عليا موضوع على النحو المبين بمحاضرها، حيث كلفت النيابة الإدارية بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا، كما قررت تأجيل نظر هذا الطعن عدة جلسات لهذا السبب، وإزاء تقاعس هيئة النيابة الإدارية عن تنفيذ قرار المحكمة فقد قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/5/2009 بوقف الطعن جزائيا لمدة شهر، وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نص المادة (99) من قانون المرافعات على أنها كلفت النيابة الإدارية بجلسة 27/3/2004 بإعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن رقم 5569 لسنة 44 ق عليا، وبالرغم من تأجيل نظر الطعن لهذا السبب عدة مرات فإن النيابة الإدارية لم تقم بتنفيذ ما كلفتها المحكمة بتنفيذه، مما يتعين معه استعمال حقها المقرر بالمادة (99) من قانون المرافعات، وأن تقضي بوقف نظر الطعن جزائيا لمدة شهر.
ومن حيث إنه بتاريخ 4/7/2009 قدمت هيئة النيابة الإدارية طلبا لتعجيل السير في الطعن، وأرفقت به حافظة مستندات خلت مما يفيد قيامها بتنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن، وهو السبب نفسه الذي أوقفت نظر الطعن من أجله.
وبجلسة 17/3/2012 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادىء، وأقامت قرارها على أن المستقر عليه أن قانون المرافعات يسري على الطعون على قرارات الجزاء، وأن قانون الإجراءات الجنائية يسري على الدعاوى التأديبية التي تقيمها هيئة النيابة الإدارية وعلى الطعون التي تقيمها أيضا في الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية، وأنه إذا تخلفت هيئة النيابة الإدارية عن تنفيذ قرار المحكمة بإعلان المطعون ضده فإن قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من نص يقضي بمجازاتها، لذلك ارتأت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقرر مدى جواز وقف الطعن جزائيا في مثل هذه الحالة، وما يترتب على ذلك من آثار باعتبار الخصومة في الطعن كأن لم تكن إذا انقضى الميعاد المقرر بالمادة (99) مرافعات، أو إذا لم تقم النيابة الإدارية بتنفيذ ما كلفتها به المحكمة.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه جواز تطبيق نص المادة (99) من قانون المرافعات على الدعاوى التأديبية وعلى الطعون المقامة في الأحكام الصادرة فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اعتبار الدعوى – أو الطعن – كأن لم تكن إذا لم يقم المدعي - أو الطاعن - بتعجيل نظر الدعوى - أو الطعن - خلال الميعاد المحدد قانونا، أو إذا لم ينفذ أي منهما ما أمرت به المحكمة وكان سببا في وقف الدعوى أو الطعن جزائيا.
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدى جواز وقف الطعون المقامة من هيئة النيابة الإدارية طعنا في الأحكام الصادرة عن المحاكم في الدعاوى التأديبية المقامة منها جزائيا إذا تقاعست عن تنفيذ ما كلفتها به المحكمة من إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن.
ومن حيث إن المشرع حينما أنشأ القضاء التأديبي بمقتضى القانون رقم 117 لسنة 1958 لم يُفْصل الإجراءات التي يتعين مراعاتها في مختلف مراحل المحاكمات التأديبية، وحين صدر القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة نص المشرع في المادة الثالثة من قانون إصداره على أن: "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي"، وإذ خلا قانون مجلس الدولة من تنظيم قانوني للإجراءات المتبعة أمام المحاكم التأديبية؛ لذلك وجد اتجاهان في قضاء المحكمة الإدارية العليا: الاتجاه الأول يرى أن قانون الإجراءات الجنائية هو القانون الأصل الذي يتعين الالتجاء إليه في حالة عدم وجود النص؛ وذلك بالنظر إلى التشابه الكبير بين الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية، وأنه لا يمكن الاستناد إلى قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص في مجال التأديب؛ لأن الإجراءات المدنية وضعت لمصلحة خاصة، أما إجراءات المحاكمة التأديبية وهي أقرب إلى المحاكمة الجنائية فقد نظمت لمصلحة عامة وروعي فيها سير المرفق العام، وأن المحاكمة التأديبية أقرب إلى المحاكمة الجنائية؛ لأن القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات، ومن ثم يتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية بصورة تلقائية في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص.
أما الاتجاه الثاني فيرى أن القاضي التأديبي له أن يرجع إلى كل من القانونين (قانون المرافعات والإجراءات الجنائية) في كل حالة يرى أن الحكم الوارد بهما ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، وله ألا يتقيد بأي منهما إذا وجد أن الحكم المقرر بهما لا يستقيم مع النظام التأديبي.
- ومن حيث إنه ولئن كانت المحاكمة التأديبية أقرب إلى المحاكمة الجنائية؛ لأن القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات، وأنه يتعين الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية في كل حالة يرى القاضي التأديبي أن الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، فإن المقرر أن قانون المرافعات يعتبر قانونا عاما بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإنه يتعين الرجوع إليه لسد ما يوجد في القانون الأخير من نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها فيه، شريطة أن يكون الحكم الوارد في قانون المرافعات ينسجم أيضا مع النظام التأديبي وأهدافه.
ومن حيث إن المشرع في القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية نص في المادة السابعة على أن: "... وتسري على الشهود الأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية للتحقيق بمعرفة النيابة العامة، بما في ذلك الأمر بضبط الشاهد وإحضاره"، ثم نص في المادة (26) على أنه: "في حالة وجود سبب من أسباب التنحي المنصوص عليها في قانون المرافعات بالنسبة لرئيس المحكمة أو أحد أعضائها يجب عليه التنحي عن نظر الدعوى"، ومن ثم فإن المشرع نفسه يكون قد أوجب الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية وإلى قانون المرافعات المدنية لسد النقص في إجراءات المحاكمات التأديبية.
ومن حيث إن المادة (232) من قانون الإجراءات الجنائية ولئن نصت على أن: "تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضي التحقيق، أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة ... "، فقد خلا هذا القانون من بيان للإجراءات الخاصة بالإعلان وكان قانون المرافعات هو القانون العام للإجراءات القضائية وغير القضائية فإنه يتعين الرجوع إلى أحكام هذا القانون إذا شاب القوانين الإجرائية الأخرى نقص أو غموض أو إبهام متى كان الحكم الوارد به ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي.
ومن حيث إن تقرير الاتهام أو تقرير الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية هي أوراق شكلية، ويجب أن يراعى في تحريرها الأوضاع التي قررها القانون لها، ويجب إعلانها إعلانا قانونيا صحيحا، وقد حدد المشرع في قانون المرافعات أوراق التكليف بالحضور، التي يقصد بها دعوة المعلن إليه إلى الحضور أمام القضاء، وأوجب المشرع على وكلاء النيابة العامة أن يقوموا بتوجيه هذه الإجراءات وتقديم أوراقها للمحضرين لإعلانها، كما حدد المشرع البيانات التي يجب توفرها في الإعلان، وكيفية إعلان هذه الأوراق للمعلن إليه، وتمكينه من الاطلاع عليها وتسليمه صورة منها، كما بينت المادة (10) من قانون المرافعات كيفية الإعلان، فأوجبت أن تسلم هذه الأوراق إما إلى الشخص نفسه أو في موطنه، فإذا لم يجد المحضر المراد إعلانه فقد أوجب المشرع تسليم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار.
وقد رتب المشرع على عدم مراعاة قواعد المرافعات جزاءات مختلفة.
وحرصا منه على تأكيد سلطة المحكمة في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها – بقصد تعجيل الفصل في الدعوى – فقد نص في المادة (99) على أن: "تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة ...، ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه، وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه ... أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة، حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن".
ومفاد ما تقدم أن المشرع وضع القوانين الإجرائية لخدمة العدالة، وحتى ترسم على هديها إجراءات التقاضي، ويلتزم بها الخصوم ويحترمها القضاة، وهو في هذا السبيل قد راعى التسوية بين جهات الإدارة وسلطة الاتهام وجميع المواطنين أيا كانت طبيعة منازعاتهم أو نوعها.
ومن حيث إن المادة (273) من قانون المرافعات تنص على أن: "تسري على قضايا الطعون أمام محكمة النقض القواعد والإجراءات الخاصة بنظام الجلسات، كما تسرى عليها القواعد الخاصة بالأحكام ...". ومؤدى هذا النص أن الباب الخامس من قانون المرافعات المعنون: "إجراءات الجلسات ونظامها"، والمكون من فصلين: أولهما معنون: "إجراءات الجلسات"، وتضمن من بين مواده نص المادة (99) المشار إليها، والفصل الثاني جاء بعنوان "نظام الجلسة" يسريان على الطعون المقامة أمام محكمة النقض نظير المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم فإن المادة (99) المبينة سالفا تجد مجالا للتطبيق على الطعون المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا أيا كانت أنواعها، ودون النظر إلى طبيعة الطعن وما إذا كان مقاما على حكم صادر في منازعة إدارية أو على حكم صدر في منازعة تأديبية أو طعن تأديبي، فجميعها طعون أمام هذه المحكمة، تظلها وتحكمها قواعد وإجراءات واحدة، لا ينال منها أو يغير فيها اختلاف أو تعدد الإجراءات المرعية عند نظر المنازعة الأصلية المطعون على الحكم الصادر فيها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، وإذ كان المشرع قد خول المحكمة الحق في أن تحكم بوقف نظر الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا متى تخلف أحد الخصوم عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات كلفته به وحددته له المحكمة، وأوجب عليها الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يمتثل صاحب الشأن لتنفيذ ما أمرته به المحكمة، وكانت الحكمة التي تغياها المشرع من كل هذه الإجراءات هي الحرص على تعجيل الفصل في الدعاوى؛ فإن هذه الحكمة تظل واجبة النفاذ على الطعون تحقيقا لسرعة الفصل فيها، ومن ثم فإنه لا يوجد ما يحول دون محكمة الطعن وتطبيق المادة (99) بجميع أشطارها إعمالا لنص المادة (273) المبينة سالفا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بسريان نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على الطعون المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه في ضوء ذلك.

الطعن 39372 لسنة 57 ق جلسة 7 / 6 / 2014 مكتب فني 59 ج 1 توحيد المبادئ ق 5 ص 73


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى أحمد راغب دكروري, وعبد الله عامر إبراهيم سليمان, ومحمد عبد العظيم محمود سليمان, ود. عبد الفتاح صبري أبو الليل, ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم, وربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي, ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف, ولبيب حليم لبيب, ومحمود محمد صبحي العطار, وحسن كمال محمد أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة

---------
- 1  موظف
تأديب - استقلال النظام التأديبي عن النظام الجنائي - القانون التأديبي يعد قانونا قائما بذاته - يجتمع النظامان التأديبي والجنائي في كون كل منهما نظاما للعقاب، بغرض كفالة احترام قيم جماعة معينة - يتمثل استقلال نظام التأديب عن النظام الجنائي في استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية، وفي استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني، وفي دوران كل نظام للعقاب في فلكه، بحيث إن ما يجري في أحد النظامين لا يؤثر في النظام الآخر، وفي القواعد الإجرائية التي تحيط إصدار كل منهما- يختلف النظامان فيما يلي:
1 - المخالفة التأديبية أساسها تهمة قائمة بذاتها (مستقلة عن التهمة الجنائية)، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته أو مقتضياتها أو كرامتها، بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما نهى عنه قانون العقوبات - الاستقلال قائم بينهما حتى لو كان هناك ارتباط بين الجريمتين - الاستقلال قائم بينهما في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني.
2 - العديد من التصرفات يمكن أن تكون أخطاء تأديبية دون أن تكون جرائم جنائية، وكذلك العكس - إذا جمع الفعل الواحد بين مخالفة تأديبية وجريمة جنائية، فليس من شأن هذا الجمع عدم استقلال كل منهما عن الأخرى.
3 - لا يجوز للقاضي التأديبي أن يفصل في الجريمة الجنائية ليقيم مخالفة تأديبية على أساسها، بل يجب أن يقيم تكييف الجريمة التأديبية المعاقب عليها على جانب إداري صرف، دون التعرض للجريمة الجنائية وتوفر أركانها القانونية.
4 - لا يسلب القضاء التأديبي اختصاصه بالنظر في تأديب الموظف إذا ما أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية علاوة على المخالفة الإدارية التي ارتكبها، والتي تتعلق بسلوكه الوظيفي.
5 - العقاب التأديبي، وإن كان عقابا، إلا أنه لا يختلط مع العقاب الجنائي، فهذا الأخير لا يختص بفرد أو طائفة، بل هو عام، يطبق على جميع الأفراد، بمن فيهم الموظفين العموميين، ولكنه لا يقتصر عليهم، وهو يؤدي إلى توقيع جزاءات تمس المتهم، ليس في وظيفته بل في حريته.
6 - الاستقلال بين النظامين في الإجراءات يعني أن كل ما يجري من تصرفات في النطاق الجنائي من تحريك الدعوى العمومية، أو صدور حكم فيها أو صدور عفو عن الجريمة المحكوم فيها أو عفو عن العقوبة، لا يقيد سلطات التأديب.
- المادة رقم (17) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.

- 2  موظف
تأديب - مناط الرجوع إلى قانوني المرافعات والإجراءات الجنائية في شأن الإجراءات التأديبية(1) - لا يكون الرجوع لأيهما إلا في حالة كون الحكم الوارد بالنص ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، أما إذا كان النص الوارد بأيهما لا ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه فإنه لا يؤخذ به.
- 3  موظف
تأديب - أثر تنازل الزوج عن دعوى الزنا في الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة أو شريكها إذا كانا من الموظفين العموميين - هذا التنازل لا يحول دون مساءلة الزوجة أو الشريك تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، متى كان في مسلكهما إخلال بواجبات الوظيفة وظهور بمظهر لا يتفق مع واجباتها وقدسيتها.
- المادتان رقما (3) و(10) من قانون الإجراءات الجنائية.

------------
الوقائع
في يوم الأحد الموافق 7/8/2011 أودعت الأستاذة/ ... المحامية المقبولة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيلة عن السيد/ ... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 39372 لسنة 57 ق. عليا ضد السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة بنها بصفته في الحكم الصادر عن مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة بنها بجلسة 13/6/2011 في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011، القاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن – للأسباب التي أوردها في تقرير طعنه – الحكم (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. (ثانيا) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بانقضاء الدعوى التأديبية.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 10/4/2013 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة عليا موضوع، وحددت لنظره أمامها جلسة 11/5/2013، وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/9/2013 حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 12/10/2013، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/10/2013 لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972، والمضافة بموجب القانون رقم (136) لسنة 1984 لما بأن من أن الطعن يثير مسألة قانونية اختلفت بشأنها المبادئ التي قررتها دوائر المحكمة الإدارية العليا، وهي أثر تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا على الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة.
ففي الطعن رقم 619 لسنة 39 ق. عليا الصادر بجلسة 19/2/1994 ذهبت إلى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة، ويمتنع على المحكمة إثارة موضوع الزنا بأي طريق مباشر أو غير مباشر حفاظا على كرامة العائلة وشرفها.
خلافا لما قضت به بجلسة 13/4/1996 في الطعن رقم 2174 لسنة 40 ق عليا من أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة.
وقد نظر الطعن بجلسات دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 3/4/2014 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص حسبما تنطق به عيون الأوراق في أنه بتاريخ 18/1/2011 أصدر السيد رئيس جامعة بنها القرار رقم 833 لسنة 2011 بإحالة السيد ... المعيد بكلية ... إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة بنها لضبطه يوم 22/4/2010 في واقعة زنا.
وبجلسة 13/6/2011 قضى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011 بمعاقبته بالفصل من الخدمة، وأقام المجلس قضاءه على ثبوت واقعة الزنا في شأنه.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن الزوج تنازل عن شكواه في جريمة الزنا، وهو ما يوجب الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدى سريان تنازل الزوج عن دعوى الزنا على الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة أو شريكها إذا كانا من الموظفين العموميين.
ومن حيث إن مثار هذا التساؤل هو وجود اتجاهين في قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن: الاتجاه الأول (ويمثله الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 19/2/1994 في الطعن رقم 619 لسنة 39 ق. عليا)، ويرى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة، ولا يجوز محاكمة الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، ويمتنع على المحكمة إثارة موضوع الزنا بأي طريق مباشر أو غير مباشر حفاظا على مصلحة العائلة وشرفها.
أما الاتجاه الثاني (ويمثله الحكم الصادر عن المحكمة ذاتها بجلسة 13/1/1996 في الطعن رقم 2174 لسنة 40ق. عليا) فإنه يرى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة.
ومن حيث إن العقاب التأديبي وإن كان عقابا إلا أنه لا يختلط أبدا مع العقاب الجنائي، فهذا الأخير لا يختص بفرد أو طائفة، وإنما هو عام يسري على جميع الأفراد، بمن فيهم الموظفين العموميين، ولكنه لا يقتصر عليهم، وهو يتدخل بالنسبة للأفعال التي توصف بأنها جرائم والتي لا ترتبط بممارسة وظيفة ما، وهو يؤدي إلى توقيع جزاءات تمس المتهم ليس في وظيفته وإنما في حريته.
واختلاف العقابين في الطبيعة يؤدي إلى استقلالهما، ويظهر هذا الاستقلال في أن العديد من التصرفات يمكن أن تكون أخطاء تأديبية دون أن تكون جرائم جنائية وكذلك العكس، ولذلك لا يجوز الخلط بين السلطة التأديبية وقانون العقوبات، وإذا كان لا يثار شك في أن النظامين التأديبي والجنائي نظامان للعقاب بغرض كفالة احترام قيم جماعة معينة، إلا أنهما يختلفان من حيث الغاية من فرضهما، والأشخاص الذين يخضعون لهما، ونوع الجزاءات التي توقع، والقواعد الإجرائية التي تحيط إصدار الجزاء التأديبي، ولهذا السبب يعد القانون التأديبي قانونا قائما بذاته.
ومن حيث إن المخالفة التأديبية أساسها تهمة قائمة بذاتها (مستقلة عن التهمة الجنائية)، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته أو مقتضياتها أو كرامتها، بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما نهى عنه قانون العقوبات، ومن ثم فإن هذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين.
وهذا الاستقلال للمسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية ينعكس على كل النظام القانوني الذي تخضع له المخالفة التأديبية، فعلى الرغم من أن الفعل الواحد الذي يقترفه الموظف العام قد يكون جريمة جنائية ومخالفة تأديبية في الوقت نفسه، إلا أن المخالفتين تظلان مستقلتين كل الاستقلال في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني. فالمخالفة التأديبية تستقل عن الجريمة الجنائية في الوصف القانوني، وإن اتحدتا في الوصف اللغوي، فلجرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على المال العام معان محددة وأركان منضبطة في قانون العقوبات، ولكنها إذا نسبت إلى الموظف العام كمخالفة تأديبية فإنه لا يمكن أن يحاسب عليها من الزاوية الجنائية وطبقا لضوابط قانون العقوبات.
والمخالفة التأديبية لا تستقل عن الجريمة الجنائية في الوصف فحسب، وإنما هي تستقل عنها في الأركان المكونة لها، فلكل من الجرائم التأديبية والجرائم الجنائية طبيعتها الخاصة بها بما ترتبه من نطاق مستقل تجري فيه كل منهما، كما يظهر أيضا استقلال المخالفات التأديبية عن الجرائم العادية في التكييف، فمجالس التأديب والمحاكم التأديبية تنظر القضية التأديبية بحالتها المعروضة عليها في حدود اختصاصها القضائي، وعلى ذلك تنظر إلى الوقائع المادية المطروحة عليها نظرة مجردة للوقوف على ما إذا كانت تلك الوقائع تشكل جريمة تأديبية، ثم توقع إحدى العقوبات التأديبية المناسبة إذا توفرت تلك الجريمة، دون أن تبحث تلك الوقائع من زاوية جنائية أو تنظر إليها نظرة جنائية.
ومن حيث إنه استنادا إلى ما تقدم فإنه إذا جمع الفعل الواحد بين مخالفة تأديبية وجريمة جنائية، فليس من شأن هذا الجمع عدم استقلال كل منهما عن الأخرى، ومن مظاهر هذا الاستقلال أنه لا يجوز للقاضي التأديبي أن يفصل في الجريمة الجنائية ليقيم مخالفة تأديبية على أساسها، وإنما يجب أن يقيم تكييف الجريمة التأديبية المعاقب عليها على جانب إداري صرف بدون التعرض للجريمة الجنائية وتوفر أركانها القانونية؛ ذلك أن اختصاص القاضي التأديبي ينحصر في تكييف الوقائع المادية المقدمة إليه، سواء من النيابة الإدارية أو جهات التحقيق المختصة تكييفا إداريا مجردا ومقصورا على التحقق من قيام المخالفة التأديبية قانونا، تلك المخالفة التي لا تخرج عن الإطار الخارجي للجرائم التأديبية، والتي تقوم بصفة عامة على مخالفة الواجب الوظيفي أو الخروج على مقتضاه أو سلوك مسلك يتنافى مع قدسية الوظيفة العامة.
ومن حيث إن استقلال نظام التأديب عن النظام الجنائي لا يتمثل في استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية فحسب، وفي استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني، وإنما يتمثل أيضا في دوران كل نظام للعقاب في فلكه بحيث إن ما يجري في أحد النظامين لا يؤثر في النظام الآخر.
وهذا الاستقلال في الإجراءات يعني أن كل ما يجري من تصرفات في النطاق الجنائي من تحريك الدعوى العمومية، أو صدور حكم فيها أو صدور عفو عن الجريمة المحكوم فيها أو عفو عن العقوبة، لا يقيد سلطات التأديب.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ولئن كانت لا تجيز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد الزوجة في جريمة الزنا إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من الزوج أو من وكيله الخاص، وقررت المادة العاشرة من هذا القانون للزوج أن يتنازل عن شكواه في أي وقت، وأن تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل، فإن المادة (17) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية تنص على أنه: "إذا أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى النيابة العامة، وتتولى النيابة العامة التصرف في التحقيق واستيفاءه إذا تراءى لها ذلك"، وقد وردت هذه المادة في الفصل الرابع من القانون، وهو الفصل الخاص بالتصرف في التحقيق، مما يفهم منه غرض المشرع بعدم سلب القضاء التأديبي اختصاصه بالنظر في تأديب الموظف إذا ما أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية علاوة على المخالفة الإدارية التي ارتكبها والتي تتعلق بسلوكه الوظيفي، تأسيسا على استقلال المخالفة الإدارية ومغايرتها للجريمة الجنائية من حيث الطبيعة والنوع وإجراءات المحاكمة، ومن حيث الجزاءات والعقوبات المقررة لكل منهما وما يترتب عليها من آثار.
وعلى هذا الأساس فإن المخالفة التأديبية هي تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته ومقتضياتها أو كرامتها، في حين أن الجريمة الجنائية هي خروج المتهم عما تنهى عنه القوانين الجنائية أو تأمر به، وعلى هذا الأساس فإن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين متى كان في مسلكهما إخلال صارخ بواجبات الوظيفة وظهور بمظهر لا يتفق مع واجبات وقدسية تلك الوظيفة. ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة من تطبيق نصوص قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وما جرى عليه العمل بمحاكم مجلس الدولة من الرجوع في بعض الحالات إلى قانون الإجراءات الجنائية، باعتبار أن القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات؛ إذ إن هذا الرجوع يكون في حالة واحدة: هي حالة أن يكون الحكم الوارد بهما ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، أما إذا كان هذا النص لا ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه فإنه لا يُؤخذ به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بترجيح الاتجاه الذي يقضي بأن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة الزوجة أو الشريك تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين.