الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 يوليو 2019

الطعن 8359 لسنة 83 ق جلسة 8 / 10 / 2014 مكتب فني 65 ق 82 ص 638

جلسة 8 من أكتوبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفى ، إبراهيم عوض ، محمد العشماوي نواب رئيس المحكمة وياسر كرام .
----------
(82)
الطعن 8359 لسنة 83 ق
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " " المصلحة في الطعن " " الصفة في الطعن " . عقوبة " الإعفاء منها " .
  عدم جواز الطعن في الأحكام ممن قُضيَ له بكل طلباته . أساس ذلك ؟
    معيار المصلحة في الطعن . ماهيته ؟
   وجود مصلحة للطاعن تضفي عليه الصفة في رفع الطعن . شرط لقبوله .
   الطعن بالنقض على الحكم الصادر بإعفاء الطاعنة من العقوبة . غير جائز . أساس وعلة ذلك ؟
(2) اشتراك . اتفاق . إثبات " بوجه عام " " قرائن " . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الاشتراك بالاتفاق . يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه .
النية . من مخبآت الصدور ودخائل النفوس التي لا تقع تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة .
للقاضي الجنائي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن . ما دام سائغاً . ما لم يقم دليل مباشر عليه .
الاشتراك في التزوير . يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة حصوله من ظروف الدعوى . ما دام سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم .
مثال .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بقول للشاهد أدلى به في إحدى مراحل التحقيق أو المحاكمة . ولو خالف قولاً آخر له أبداه في مرحلة أخرى . دون بيان العلة.
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . النعي على الحكم في هذا الصدد . غير مقبول . علة ذلك ؟
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . أهلية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم على التمييز .
النعي بعدم قدرة الشاهدة على التمييز . غير جائز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .
مثال .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " أوراق رسمية " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(7) دستور . قانون " القانون الأصلح " " تطبيقه ". محكمة الجنايات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بوجوب تطبيق المادة 77 من الدستور الجديد بوصفها أصلح للطاعن فيما تضمنته من جعل المحاكمة في الجنايات على درجتين . غير مقبول . علة ذلك ؟
---------
1- لمَّا كَانت المادة 211 من قانون المرافعات – وهي من كليات القانون – لا تجيز الطعن في الأحكام ممن قُضي له بكُل طلباته ، وذلك أخذاً بقاعدة أن المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من القانون سالف الذكر والتي تُطَبق حال الطعن بالنقض وعند استئناف الحُكم وكَذا ابتداءً حال إقامة الدعوى ، ومعيار المصلحة الحقة سواء كَانت حالة أو مُحتَملة إنما تكون بكون الحُكم المُتَخذ فيه إجراء الطعن قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كُلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن إذا ما كَان الحُكم قد صَدر وفق طلباته أو مُحققاً لمقصوده ، وبعبارة أُخرى فإن ثبوت الحق في الطعن لا يَكفي لقبوله ، وإنما يَلزم زيادة على ذلك توافر شروط مُبَاشرة حق الطعن وهو أن يكون للطاعن مصلحة في إلغاء الحُكم موضوع الطعن بناءً على الأسباب التي ساقها وأوجه الطعن التي تَقدَّم بها ، فإذا انتفت تلك المصلحة كَان الطعن غير مقبول ، ومن ثم فإن شرط قبول الطعن هو وجود مصلحة للطاعن تضفي عليه الصفة في رفعه ، ومناط ذلك هو ما يَدعيه الطاعن من حق ينسبه لنفسه . لمَّا كَان ذلك ، وكَانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بالنقض في غير الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجُنح ، ومناط ذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون الحُكم قد أضر بالطاعن حتى يَصح له أن يَطعن فيه ، فإذا تَخلَّف هذا الشرط – كالحال في الطعن الماثل – كَان الطعن غير جائزً باعتبار أن المصلحة مناط الطعن . لمَّا كَان ذلك ، وكَان قضاء الحُكم المطعون فيه بإعفاء الطاعنة من العقوبة لا يُعد قد أضر بها حتى يَصح لها أن تطعن فيه بأي وجه من الوجوه ، ومن ثم يضحى الطعن المُقدَّم منها قد قُرِّر به على غير ذي محل ، ويَتعيَّن الحُكم بعدم جواز الطعن ، مع مُصَادرة الكفالة ، وتغريمها مبلغاً مُساوياً لها .
2- لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يَتكوَّن من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المُتَفق عليه وهذه النية من مُخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تَقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مُباشر أن يَستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يُبرِّره ، ومن المُقرَّر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يُمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تُبرِّره الوقائع التي أثبتها الحُكم ، وكَان الحُكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى وأدلتها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يَكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن في ارتكاب جريمتي التزوير في مُحررين رسميين واستعمالهما ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، وذلك فضلاً عن أن الحُكم المطعون فيه عَرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه في منطق سائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحُكم بقالة القصور في التسبيب في هذا الشأن يكون غير قويم .
3- من المُقرَّر أن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للشاهد أدلى به في إحدى مراحل التحقيق أو المُحَاكمة ولو خالف قولاً آخر له أبداه في مرحلة أُخرى دون أن تُبيِّن العلة إذ المرجع في ذلك إلى ما تَقتنع به ويطمئن إليه وجدانها ، وكَان تنَاقُض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحُكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تنَاقُض فيه – كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، لِمَا فيه من مُصَادرة لحُرية محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتكوين مُعتقدها في الدعوى .
4- لمَّا كَان لمحكمة الموضوع أن تُكوّن عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم في التمييز وكَانت المحكمة قد رَكنت إلى أقوال/ .... وأخذت من إقرارها باصطحاب الطاعن لها إلى السجل المدني مُدعياً استخراج بطاقة وجواز سفر لها مُستغلاً أُميتها وكبر سنها ، وكَان الطاعن على ما يبين من محاضر جلسات المُحَاكمة لم يثر شيئاً عن قُدرة تلك الشاهدة على التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
5- لما كَان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تَستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المُجَادلة في تعويل الحُكم على أقوال العقيد/ .... التي استقاها من تحرياته بدعوى أنها مكتبية وعدم توصلها للمجهول الذي اصطحب والدته ومُخالفتها للمُستَند المُقدَّم بشأن سوابقه أو أنها ترديد لأقوال المُتَهمة الأولى – كُل أولئك – لا ينال من صحتها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن – بفرض صحته – يكون غير قويم ، ويَتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يُقبل أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن الحُكم عَرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ .
6- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن المُتَهمة الأولى وبعدم ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التُهمة ، وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كَان الرد عليها مُستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحُكم – كما هو الحال في الدعوى – وبحسب الحُكم كيما يتم تدليله ويَستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المُنتجة التي صَحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المُتَهم ولا عليه أن يَتعقبه في كُل جُزئية من جُزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، وكَان من المُقرَّر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يَصح في العقل أن يكون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحُكم بأنه لم يعرض للمُستندات المُقدَّمة منه والتي تنفي الاتهام عنه يكون في غير محله .
7- لمَّا كَان ما يثيره الطاعن بشأن الدستور الجديد فيما تَضمنه من جعل المُحَاكمة في الجنايات على درجتين مما يبيح له التقرير بالاستئناف على الحُكم الصادر قِبَله فمردود بأن ما تَضمَّنه الدستور في هذا الشأن لا يُفيد وجوب تطبيق هذا التعديل إلا باستجابة المُشرع والتَدخُل منه لإفراغ ما تضمنه في نص تشريعي محدد ومنضبط ينقله إلى مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه بدءاً من التاريخ الذي تُحدده السُلطة التشريعية لسريان أحكامه ، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي على الحُكم بالخطأ في تطبيق القانون لا سند له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعنين بأنهما :ــــ أولا : اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما وبطريق المُسَاعدة مع موظفين عموميين وأُخرى حسنة النية هم المُختصون بالسجل المدني والجوازات بــ .... ، ووالدة المُتَهم الثاني .... في ارتكاب تزوير في مُحررين رسميين منسوب صدورهما للجهتين سالفتي البيان هما "بطاقة تحقيق شخصية وجواز سفر" بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المُختص بوظيفته بأن اتفقا على تزويرهما وأمدَّت المُتَهمة الأولى المُتَهم الثاني بالبيانات اللازمة وقام الثاني باصطحاب والدته سالفة البيان أمام الموظفين المُختصين على أنها المجني عليها/ .... واستخرج المُستندين سالفي الذكر ونسبهما زوراً للأخيرة فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المُسَاعدة . ثانيا : استعملا المُحررين المُزورين فيما زُورا من أجله بأن قدَّماهما للجهتين سالفتي البيان مع علمهما بذلك . ثالثا : توصَّلا بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على نقود المجني عليها / .... ، بأن أوهماها على قدرتهما على تجديد جواز سفر والدة المجني عليها مقابل مبلغ مالي ، وتَمكَّنا بتلك الوسيلة من الاستيلاء على أموالها على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .
        وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمُحَاكمتهما وفقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
        والمحكمة المذكورة قَضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، ثالثاً ، 41/1 ، 211 ، 212 ، 214 ، 217 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من القانون ذاته ، وكذا المادة 210 من القانون ذاته وذلك بالنسبة للمُتَهمة الأولى ، بمعاقبتهما بالسجن المُشدد لمُدة ثلاث سنوات، ومُصَادرة المُحررات المُزورة ، وأعفت المُتَهمة الأولى من العقوبة، وذلك بعد أن التفتت المحكمة عن الاتهام الثالث المُسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
أولاً : عن الطعن المُقدَّم من الطاعنة الأولى / .... :
من حيث إنه لمَّا كَانت المادة 211 من قانون المرافعات – وهي من كليات القانون – لا تجيز الطعن في الأحكام ممن قُضي له بكُل طلباته ، وذلك أخذاً بقاعدة أن المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من القانون سالف الذكر والتي تُطَبق حال الطعن بالنقض وعند استئناف الحُكم وكَذا ابتداءً حال إقامة الدعوى ، ومعيار المصلحة الحقة سواء كَانت حالة أو مُحتَملة إنما تكون بكون الحُكم المُتَخذ فيه إجراء الطعن قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كُلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن إذا ما كَان الحُكم قد صَدر وفق طلباته أو مُحققاً لمقصوده ، وبعبارة أُخرى فإن ثبوت الحق في الطعن لا يَكفي لقبوله ، وإنما يَلزم زيادة على ذلك توافر شروط مُبَاشرة حق الطعن وهو أن يكون للطاعن مصلحة في إلغاء الحُكم موضوع الطعن بناءً على الأسباب التي ساقها وأوجه الطعن التي تَقدَّم بها ، فإذا انتفت تلك المصلحة كَان الطعن غير مقبول ، ومن ثم فإن شرط قبول الطعن هو وجود مصلحة للطاعن تضفي عليه الصفة في رفعه ، ومناط ذلك هو ما يَدعيه الطاعن من حق ينسبه لنفسه . لمَّا كَان ذلك ، وكَانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بالنقض في غير الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجُنح ، ومناط ذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون الحُكم قد أضر بالطاعن حتى يَصح له أن يَطعن فيه ، فإذا تَخلَّف هذا الشرط – كالحال في الطعن الماثل – كَان الطعن غير جائزً باعتبار أن المصلحة مناط الطعن . لمَّا كَان ذلك ، وكَان قضاء الحُكم المطعون فيه بإعفاء الطاعنة من العقوبة لا يُعد قد أضر بها حتى يَصح لها أن تطعن فيه بأي وجه من الوجوه ، ومن ثم يضحى الطعن المُقدَّم منها قد قُرِّر به على غير ذي محل ، ويَتعيَّن الحُكم بعدم جواز الطعن ، مع مُصَادرة الكفالة ، وتغريمها مبلغاً مُساوياً لها .
ثانياً : عن الطعن المُقدَّم من الطاعن الثاني / .... :
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحُكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير مُحررين رسميين ، واستعمالهما مع علمه بذلك قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دانه بالجريمتين المُسنَدتين إليه رغم قيام دفاعه على خلو الأوراق من ثمة دليل على اشتراكه فيهما ، وتساند في إدانته إلى أقوال الشاهدتين الأولى والثانية مع تنَاقُض أقوال الشاهدة الأولى في مراحل الدعوى المُختَلفة ، وكون الثانية فاقدة الأهلية لمرض أصابها ، كما عَوَّل على تحريات الشرطة وأقوال مُجريها في حين أنه دفع بعدم جديتها - لشواهد عددها بأسباب طعنه – هـذا إلى أن المحكمة لــم تَــعرض للمستندات المُقدَّمة منه والتي تنفي الاتهام عنه وتقطع في اتهام المُتَهمة الأُخرى ، وأخيراً فإن المادة 77 من الدستور الجديد تُعد أصلح له مما يستوجب تطبيقها ، كُل ذلك يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .
   ومن حيث إن الحُكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مُستَمدة من أقوال شهود الإثبات وإقراري المُتَهمة الأولى و.... والدة الطاعن ، ومن تحريات الشرطة وهي أدلة سائغة تُؤدي إلى ما رَتَّبه الحُكم عليها . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الاشتراك بالاتفاق إنما يَتكوَّن من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المُتَفق عليه وهذه النية من مُخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تَقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مُباشر أن يَستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يُبرِّره ، ومن المُقرَّر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يُمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تُبرِّره الوقائع التي أثبتها الحُكم ، وكَان الحُكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى وأدلتها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يَكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن في ارتكاب جريمتي التزوير في مُحررين رسميين واستعمالهما ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، وذلك فضلاً عن أن الحُكم المطعون فيه عَرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه في منطق سائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحُكم بقالة القصور في التسبيب في هذا الشأن يكون غير قويم . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للشاهد أدلى به في إحدى مراحل التحقيق أو المُحَاكمة ولو خالف قولاً آخر له أبداه في مرحلة أُخرى دون أن تُبيِّن العلة إذ المرجع في ذلك إلى ما تَقتنع به ويطمئن إليه وجدانها ، وكَان تنَاقُض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحُكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تنَاقُض فيه – كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، لِمَا فيه من مُصَادرة لحُرية محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتكوين مُعتقدها في الدعوى . لمَّا كَان ذلك ، وكَان لمحكمة الموضوع أن تُكوّن عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم في التمييز وكَانت المحكمة قد رَكنت إلى أقوال/ .... وأخذت من إقرارها باصطحاب الطاعن لها إلى السجل المدني مُدعياً استخراج بطاقة وجواز سفر لها مُستغلاً أُميتها وكبر سنها ، وكَان الطاعن على ما يبين من محاضر جلسات المُحَاكمة لم يثر شيئاً عن قُدرة تلك الشاهدة على التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لمَّا كَان ذلك ، وكَان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تَستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المُجَادلة في تعويل الحُكم على أقوال العقيد/ .... التي استقاها من تحرياته بدعوى أنها مكتبية وعدم توصلها للمجهول الذي اصطحب والدته ومُخالفتها للمُستَند المُقدَّم بشأن سوابقه أو أنها ترديد لأقوال المُتَهمة الأولى – كُل أولئك – لا ينال من صحتها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن – بفرض صحته – يكون غير قويم ، ويَتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يُقبل أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن الحُكم عَرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ . لمَّا كَان ذلك ، وكَان ما يثيره الطاعن بشأن المُتَهمة الأولى وبعدم ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التُهمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كَان الرد عليها مُستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحُكم – كما هو الحال في الدعوى – وبحسب الحُكم كيما يتم تدليله ويَستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المُنتجة التي صَحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المُتَهم ولا عليه أن يَتعقبه في كُل جُزئية من جُزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، وكَان من المُقرَّر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يَصح في العقل أن يكون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحُكم بأنه لم يعرض للمُستندات المُقدَّمة منه والتي تنفي الاتهام عنه يكون في غير محله . لمَّا كَان ذلك ، وكَان ما يثيره الطاعن بشأن الدستور الجديد فيما تَضمنه من جعل المُحَاكمة في الجنايات على درجتين مما يبيح له التقرير بالاستئناف على الحُكم الصادر قِبَله فمردود بأن ما تَضمَّنه الدستور في هذا الشأن لا يُفيد وجوب تطبيق هذا التعديل إلا باستجابة المُشرع والتَدخُل منه لإفراغ ما تضمنه في نص تشريعي محدد ومنضبط ينقله إلى مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه بدءاً من التاريخ الذي تُحدده السُلطة التشريعية لسريان أحكامه ، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي على الحُكم بالخطأ في تطبيق القانون لا سند له . لمَّا كَان ما تَقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيّناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 5648 لسنة 57 ق جلسة 15 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 66 ص 396

جلسة 15 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.
-------------
(66)
الطعن رقم 5648 لسنة 57 القضائية
دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". دعوى مدنية "انقضاؤها بمضي المدة". استئناف "نظره والحكم فيه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". 
انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة
الإجراءات القاطعة للتقادم؟
مضي ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ الحكم الابتدائي إلى يوم التقرير بالطعن فيه بالاستئناف. دون اتخاذ إجراء قاطع للتقادم. يوجب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرط ذلك؟ قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن. رغم انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. خطأ في القانون. يوجب نقضه والحكم بانقضائها بمضي المدة
الدعوى المدنية التابعة. عدم انقضاؤها إلا بمضي المدة المقررة لها في القانون المدني
----------------------
لما كان قانون الإجراءات الجنائية يقضي في المادتين 15 و17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات - التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وكان قد مضى - في صورة الدعوى - ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ الحكم الابتدائي إلى يوم التقرير بالطعن فيه بالاستئناف دون اتخاذ إجراء من قبيل ما ذكر، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة هو مما تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تشهد بصحته، وهو الحال في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن رغم انقضاء الدعوى الجنائية يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه فيما قضى به في الدعوى الجنائية والحكم بانقضائها بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على الدعوى المدنية المرفوعة معها فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.

الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح المنزلة ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ كذباً مع سوء القصد بأن افتعل بنفسه إصابات وتوجه إلى مفتش الصحة للحصول على تقرير طبي فرفض الاستجابة له وطلب عقابه المادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب وإلزامه بالتعويض قد خالف القانون، ذلك بأنه لم يعمل من تلقاء نفسه أثر انقضاء الدعوى الجنائية بمضي أكثر من ثلاث سنوات منذ صدور الحكم الابتدائي بتاريخ 13 من ديسمبر سنة 1980 حتى تقرير الطاعن بالاستئناف في 8 مارس سنة 1984. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق والمفردات المضمومة أن الطاعن، وهو محكوم عليه في جنحة، قرر بتاريخ 8 من مارس سنة 1984 باستئناف الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1980 بإدانته وإلزامه بالتعويض أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات دون أن يتخذ أي إجراء قاطع للتقادم من تاريخ صدور الحكم الابتدائي إلى حين التقرير باستئنافه. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية يقضي في المادتين 15 و17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وكان قد مضى - في صورة الدعوى - ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ الحكم الابتدائي إلى يوم التقرير بالطعن فيه بالاستئناف دون اتخاذ إجراء من قبيل ما ذكر، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة هو مما تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم تشهد بصحته، وهو الحال في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن رغم انقضاء الدعوى الجنائية يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه فيما قضى به في الدعوى الجنائية والحكم بانقضائها بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على الدعوى المدنية المرفوعة معها فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني. لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن وإن شمل قضاء الحكم في الدعوى المدنية إلا أن الطاعن لم ينع على الحكم شيئاً بصددها ومن ثم يتعين رفض الطعن في هذا الخصوص.

الأحد، 21 يوليو 2019

الطعن 740 لسنة 43 ق جلسة 1 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 233 ص 1346

جلسة أول يونيه سنة 1977
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.
-----------
(233)
الطعن رقم 740 لسنة 43 القضائية
 (1)إيجار "إيجار الأماكن". قانون.
امتداد عقود إيجار الأماكن تلقائيا وبحكم القانون لمدة غير محددة بعد انقضاء مدتها الأصلية.
 (2)إيجار "إيجار الأماكن". دعوى. استئناف.
دعوى الإخلاء هي دعوى بفسخ عقد الإيجار. غير قابلة لتقدير قيمتها. جواز استئناف الحكم الصادر فيها. علة ذلك. لا عبرة بالاستناد إلى نص المادة 594/ 2 مدني
 (3)إيجار "إيجار الأماكن".
تكليف المستأجر لآخر بإدارة المقهى المنشئ في المكان المؤجر مع التزامه بتسليمه إليه فور طلبه. لا يعد بذلك تنازلا عن الإيجار.
 (4)إيجار "إيجار الأماكن". إثبات.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة للتنازل عن الإيجار. مطالبة المستأجر ومشترى الجدك بتقديم أصل التعاقد المبرم بينهما دون الاكتفاء بصورته. لا سند له.
-------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن لا تنتهي بانقضاء المدة المتفق عليها، إنما تمتد تلقائيا بحكم القانون بعد انقضائها - دون توقف على إرادة الطرفين الصريحة أو الضمنية امتدادا تنظمه أحكام قوانين إيجار الأماكن وتضع ضوابطه وتحكم آثاره على نحو يغاير أحكام القانون المدني المتعلقة بالإيجار المنعقد لمدة غير معينة أو للإيجار الذى يتجدد بإرادة المتعاقدين الضمنية بعد انتهاء مدته الأصلية.
2 - إذ كانت الدعوى - بإخلاء المستأجر - هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار يدور النزاع فيها حول امتداد العقد، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضى بأنه إذا كانت الدعوى بطلب فسخ عقد مستمر كان تقدير قيمتها باعتبار المقابل النقدي عن المدة الواردة في العقد فاذا كان العقد قد نفذ في جزء منه كان التقدير باعتبار المدة الباقية وإذ كان عقد الإيجار موضوع النزاع قد امتد تلقائيا إلى مدة غير محدودة طبقا لأحكام قوانين ايجار الأماكن، فمن ثم يكون المقابل النقدي لهذه المدة غير محدد وتكون الدعوى غير قابلة لتقدير قيمتها وبالتالي تعتبر زائدة عن مائتين وخمسين جنيها طبقا للمادة 41 من قانون المرافعات ويكون الحكم الصادر فيها جائزا استئنافه لا يقدح في ذلك استناد المطعون عليهما للطاعن إلى المادة، 594/ 2 من القانون المدني، إذ لا تأثير لهذه المنازعة على تقدير قيمه الدعوى.
3 - إذ كان البين من الاتفاق أن المطعون عليها الأولى - المستأجر الأصلية - ناطت بآخر تشغيل وإدارة المقهى بشروط معينة والتزم هذا الأخير بتسليمه فور طلبها، بما مفاده أنه عقد إدارة واستغلال أو مشاركة من نوع خاص، فانه لا يعد إخلالا بالشرط المانع من التنازل عن الإيجار أن يتم ذلك بموجب عقد لم يدع بصوريته.
4 - إذا كان الطاعن - المؤجر - ليس طرفا في الورقة - العقد المبرم بين المستأجرة وبين مشترى الجدك - ولا حجية لها قبله، وكان بيع المتجر يعتبر عقدا رضائيا يمكن أن يتم شفاهة وليس بعقد شكلي، ولا تلزم الكتابة لانعقاده ولا لإثباته، فيجوز ثبوته بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يحاج الطاعن بصورة العقد وإنما أسس قضاءه على أن بيع المقهى وما تضمنه من التنازل عن إيجارها - وهى واقعة أقر بها الطرفان كلاهما - متى توافرت فيها شروط المادة 594/ 2 من القانون المدني، وهو ما يملكه بموجب سلطته الموضوعية، فإن مطالبة الطاعن بالاستيثاق من مضمون التعاقد استنادا إلى أن صور الأوراق في الإثبات لا تقوم مقام الأصل - يكون على غير أساس.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1432 لسنة 1970 أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإخلائهما من العين المبينة بالصحيفة وقال شرحا لها أنه بعقد مؤرخ 1/ 3/ 1953 استأجرت منه المطعون عليها الأولى دكانا بالمنزل رقم 27 شارع بور سعيد بالمحلة الكبرى لاستعماله مقهى وإذ تنازلت عنه بتاريخ 5/ 4/ 1970 للمطعون عليها الثانية بدون إذن كتابي منه فقد أقام دعواه وأضاف في مذكرته الشارحة أن المطعون عليهما الأولى سبق أن أجرت المقهى إلى ..... بعقد مؤرخ 22/ 2/ 1970 وأن هذا الأخير أنشأ شركة بينه وبين المطعون عليها الثانية لاستغلال المقهى. أجابت المطعون عليها الثانية بأن المطعون عليها الأولى كانت قد أبرمت عقد شركة لاستغلال المقهى بينها وبين المرحوم..... زوج المطعون عليها الثانية وبعد وفاته حلت في الشركة خلفا له، ولأن المطعون عليها الأولى أصبحت طاعنة في السن وغير قادرة على العمل واحتاجت إلى رعاية ابنها المقيم بالقاهرة فقد انسحبت من الشركة. وبتاريخ 18/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإخلاء المطعون عليهما من العين استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 166 لسنة 21 ق طنطا طالبين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى. وبتاريخ 6/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن بالعين المؤجرة جدكا تنازلت عنه مضطرة للمطعون عليها الثانية وأن بالعين ضمانا كافيا ولم يصب الطاعن من جراء التنازل ضرر، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 17/ 5/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف لأن الدعوى رفعت بطلب فسخ عقد الإيجار بما يتعين معه تقدير قيمتها وفقا لحكم المادة 38/ 2 من قانون المرافعات وإذ كان العقد قد أبرم مشاهرة وكانت الأجرة مائتين وخمسين قرشا شهريا فان قيمة الدعوى أقل من النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية لا يغير من ذلك أن العقد ممتد لمدة غير محدودة طبقا لقوانين إيجارات الأماكن لأن منازعة الخصم تستند إلى تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني ولأن البند الثاني من عقد الإيجار نص على امتداده بذات شروطه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف فانه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تنتهى عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن بانقضاء المدة المتفق عليها، وإنما تمتد تلقائيا بحكم القانون بعد انقضائها - دون توقف على إرادة الطرفين الصريحة أو الضمنية - امتدادا تنظمه أحكام قوانين إيجار الأماكن وتضع ضوابطه وتحكم آثاره على نحو مغاير لأحكام القانون المدني المتعلقة بالإيجار المنعقد لمدة غير معينة أو الإيجار الذى يتجدد بإرادة المتعاقدين الضمنية بعد انتهاء مدته الأصلية لما كان ذلك وكانت الدعوى الحالية هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار يدور النزاع فيها حول امتداد العقد، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضى بأنه إذا كانت الدعوى بطلب فسخ عقد مستمر كان تقدير قيمتها باعتبار المقابل النقدي المدة الواردة في العقد فاذا كان العقد قد نفذ في جزء منه كان التقدير باعتبار المدة الباقية وإذ كان عقد الإيجار موضوع النزاع قد امتد تلقائيا إلى مدة غير محدودة طبقا لأحكام قوانين إيجار الأماكن فمن ثم يكون المقابل النقدي لهذه المدة غير محدد وتكون الدعوى غير قابلة لتقدير قيمتها وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيها طبقا للمادة 41 من قانون المرافعات ويكون الحكم الصادر فيها جائزا استئنافه لا يقدح في ذلك استناد المطعون عليهما في منازعتهما للطاعن إلى المادة 594/ 2 من القانون المدني إذ لا تأثير لهذه المنازعة على تقدير قيمة الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف فانه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقول أنه قدم شهادة رسمية من دفتر إثبات التاريخ تدل على أن المطعون عليها الأولى أجرت المقهى بتاريخ 22/ 2/ 1970 إلى...... وأورد في دفاعه أن هذا العقد قد نفذ لمدة شهرين سابقين على التنازل الصادر للمطعون عليها الثانية وأن القانون أجاز بيع الجدك على سبيل الاستثناء ولم يجيز تأجيره، وإذ كانت هذه الواقعة كافية وحدها للحكم بإخلاء المطعون عليها الأولى، فان الحكم المطعون فيه إذ أغفل التعرض لها، مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود بأن الدفاع الذى تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى، وإذ كان البين من الاتفاق المشار إليه بسبب النعي أن المطعون عليها الأول ناطت بمن يدعى...... تشغيل وإدارة المقهى بشروط معينة والتزام هذا الأخير بتسليمه فور طلبها، بما مفاده أنه عقد إدارة واستغلال أو مشاركة من نوع خاص وكان لا يعد إخلالا بالشرط المانع من التنازل عن الإيجار أن يتم ذلك بموجب عقد لم يدع بصوريته فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول أن المطعون عليها الثانية قررت أمام محكمة الاستئناف أن المطعون عليها الأولى تنازلت لها عن العين المؤجرة في 1/ 4/ 1971 وقدمت صورة التنازل فأنكر الطعن الاحتجاج عليه بالصورة وطلب تقديم الأصل إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأنه لا يجوز للطاعن أن يجحد واقعة التنازل بعدم تقديم أصله اكتفاء بتقديم الصورة طالما أسس دعواه على هذه الواقعة وفى هذا القول مخالفة للقانون لأن صور الأوراق في مجال الإثبات لا تقوم مقام الأصل فضلا عن أن الطاعن يبغى بتقديم الأصل الاستيثاق من مضمونه، إذ قد يكون متضمنا التنازل عن العين خالية أو تأجيرها من الباطن مما يخرج عن مجال تطبيق المادة 594/ 2 من القانون المدني.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه بالرجوع إلى مذكرة الطاعن أمام محكمة الاستئناف يبين أنه أورد فيها قوله "... ذهبت المستأنفتان - المطعون عليهما - إلى أن هناك تنازلا مؤرخ 5/ 4/ 1970 صادر من الأولى إلى الثانية وأن هذا التنازل توافرت له شرائطه وركزت المستأنفتان كل دفاعهما على هذا التنازل ولما كانت الدعوى أصلا خالية من التنازل المزعوم الذى لم يقدم أصله للمحكمة فإن لعدالة المحكمة أن تتأكد من عدم صحة هذا التنازل وعدم جديته على كل تقدير...، وإذ كانت هذه العبارات لا تعنى طلب الزام الخصم بتقديم الورقة المشار اليها فإن المحكمة لا تكون ملزمه بالرد على أمر لم يطلب إليها صراحة على الوجه المبين بالقانون أما عن قول الطاعن أن صور الأوراق في الإثبات لا تقوم مقام الأصل فمردود بأنه لما كان الطاعن ليس طرفا في الورقة المشار إليها ولا حجية لها قبله، وكان بيع المتجر يعتبر عقد رضائيا يمكن أن يتم شفاهة وليس بعقد شكلي، ولا تلزم الكتابة لا لانعقاده ولا لإثباته فيجوز ثبوته بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يحاج الطاعن بصورة العقد وإنما أسس قضاءه على أن بيع المقهى وما تضمنه من التنازل عن إيجارها وفى واقعة أقر بها الطرفان كلاهما قد توافرت فيها شروط المادة 594/ 2 من القانون المدني وهو ما يملكه بموجب سلطته الموضوعية، فإن مطالبة الطاعن الإستيثاق من مضمون التعاقد تعد نافلة، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان يقول أنه نسب في مدوناته إلى المطعون عليها الأولى تمسكها أمام محكمة أول درجة بأنها لم تؤجر من الباطن وإنما تنازلت عن الجدك للمطعون عليها الثانية، في حين أن الثابت من أسباب حكم محكمة أول درجة أن المطعون عليها الأولى لم تحضر أمامها ولم تدفع الدعوى بدفع أو دفاع ما.
وحيث إن النعي غير منتج، ذلك أن المطعون عليهما الأولى والثانية أبدتا في صحيفة استئنافهما وفى مذكرتهما أمام محكمة الاستئناف أن التنازل المؤرخ 5/ 4/ 1970 قد توافر به شروط تطبيق المادة 594/ 2 من القانون المدني، ومن ثم فلا جدوى من النعي على الحكم أنه نسب إلى المطعون عليها الأولى على خلاف الواقع تمسكها بالدفاع المشار إليه أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين (الأول) أن المطعون عليها الثانية قدمت المحكمة أول درجة محررا مؤرخ 1/ 6/ 1969 معنون بأنه عقد شركة بينهما وبين...... مورث المطعون عليها الثانية وهذا المحرر ليس شركة وإنما هو تأجير للجدك كاف وحد للحكم بالإخلاء لأن المادة 594/ 2 من القانون المدني إنما تنطبق على بيع الجدك فقط دون إيجاره (الثاني) أن شهود المطعون عليهما قرروا أن التنازل الصادر من الأولى إلى الثانية كان بنية التبرع رعاية لأولاد المطعون عليها الثانية القصر، في حين أن المادة 594/ 2 من القانون المدني لا تنطبق على عقد الهبة وإنما تنطبق على البيع وحده.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير مقبول لتعلقه يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعي في وجهه الثاني مردود بأن الثابت من الاطلاع على الأوراق انه وإن كان الشاهد الأول من شهود المطعون عليها قد قرر في سياق أقواله أن المطعون عليها الأولى تنازلت عن المقهى للمطعون عليها الثانية رعاية لأولادها القصر، فقد قرر الشاهدان الثاني والثالث أن التنازل كان بمقابل قدره خمسون جنيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود المطعون عليهما ورجحها واستخلص منها استخلاصا سائغا النتيجة التي انتهى من أن التصرف الصادر من المطعون عليها الأولى إلى المطعون عليها الثانية هو بيع جدك توافرت فيه شروط المادة 594/ 2 من القانون المدني وكان تقدير الدليل واستنباطه هو من إطلاقات محكمة الموضوع فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا يحوز التحدي به أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 280 لسنة 49 ق جلسة 22 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 405 ص 365


جلسة 22 من ديسمبر سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. إبراهيم على صالح، عبد العزيز عبد العاطي، حسن عثمان، ورابح لطفى جمعه.
-----------
(405)
الطعن رقم 280 لسنة 49 القضائية

 (1)استئناف. إيجار. "فسخ العقد". اختصاص. "الاختصاص القيمي". حكم. دعوى.
الاتفاق على أن عقد الإيجار معقود مشاهرة وأنه لا يجوز طرد المستأجر إلا للتأخر في سداد الاجرة. اعتبار مدة العقد غير معينة. الدعوى بطلب فسخه. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. باعتبارها غير مقدرة القيمة. جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
2)،  (3 استئناف. "نطاقه". دعوى.
 (2)نطاق الاستئناف. جواز إبداء أوجه دفاع جديدة أمام محكمة الاستئناف.
 (3)عدم جواز إبداء الطلبات الجديدة أمام محكمة الاستئناف. جواز تغيير سبب الدعوى أو الاضافة إليه. شرطه. أن يكون القصد منه تأكيداً لأحقيته في ذات الطلب.
 (4)إيجار. "فسخ العقد" استئناف. "الطلب الجديد". دعوى.
دعوى المؤجر بطرد المستأجر لانتهاء مدة العقد. استئنافه الحكم برفض الدعوى طالباً طرده لتخلفه عن سداد الأجرة. اعتباره طلباً جديداً وليس مجرد تغيير لسبب الدعوى.

-------------
1 - تقدير قيمة الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد مستمر هو باعتبار المقابل النقدي عن المدة الواردة في العقد طبقاً للبند الثامن من المادة 37 من قانون المرافعات، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه. والتي لم تكن محل نعى من الطاعن - أنه وإن كان عقد الإيجار سند الدعوى معقوداً مشاهرة إلا أنه منصوص فيه على أنه لا يجوز طرد المستأجر إلا بسبب التأخر في دفع الأجرة فإن مؤداه أن العقد يظل مستمراً ما دام المستأجر قائماً بأداء الأجرة وذلك إعمالاً لاتفاق الطرفين ومن ثم تكون مدته غير معينة، ولما كانت قواعد تحديد قيم الدعاوى التي أوردها قانون المرافعات خلواً من النص على تقدير قيمة الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد مستمر غير معين المدة. فإن الدعوى الراهنة تكون غير قابلة لتقدير قيمتها وفقاً للقواعد المنصوص عليها فيها، ومن ثم تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً التزاماً بحكم المادة 41 من قانون المرافعات، ويكون الاختصاص بنظرها معقوداً تبعاً لذلك بنص المادة 47 مرافعات، إذ التزمت محكمة الاستئناف هذا النظر وقضت بجواز الاستئناف وفقاً للمادة 223 مرافعات وفصلت في موضوعه، فإن النعي على حكمها بهذا السبب الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
2 - الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذى لم يرتضى الحكم الصادر في شأنه لذلك قضت المادة 232 مرافعات على أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. وإنه ولئن كان القانون قد أجاز للمحكوم عليه تدارك ما فاته في المرحلة الأولى من التقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلا عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى إعمالاً لنص المادة 233 مرافعات.
3 - التزاماً بالأصل المقرر بأن يكون التقاضي على درجتين وتجنباً لاتخاذ الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضة على محكمة أول درجة فقد حظرت المادة 235 مرافعات قبول أي طلب جديد أمام المحكمة الاستئنافية وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها وأنه ولئن أجاز هذا النص - دون تعديل في موضوع الطلب - تغيير سببه أو الإضافة إليه فإن ذلك مشروط بأن يكون قصد المدعى من تغييره أو اضافته إلى جانب السبب الذى كان يستوى عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى هو تأكيد لأحقيته في ذات الطلب الذى كان مطروحاً عليها.
4 - إذا كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن موضوع الطلب الذى أيداه المطعون عليه - المؤجر - أمام محكمة الدرجة الأولى هو طرد الطاعن - المستأجر - من عين النزاع استعمالاً من المطعون عليه لحقه المقرر في العقد في إنهاء الإيجار لانتهاء مدته وتجرد يد الطاعن تبعا لذلك من السند وصيرورتها يداً غاصبة في حين أن موضوع الدعوى - حسبما عدله المطعون عليه أمام المحكمة الاستئنافية - هو طلب اعتبار عقد الايجار مفسوخا نتيجة لإصرار الطاعن بالتزامه العقدي بسداد الأجرة وأحقية المطعون عليه في طرده من العين المؤجرة، ولما كان ما استحدثه المطعون عليه في المرحلة الاستئنافية على هذا النحو لم يقف عند حد إبداء سبب جديد لطلبه وإنما استطال إلى طلب جديد أقامه على واقعة حاصلها تأخر الطاعن في سداد الأجرة المستحقة في ذمته وفقاً لشروط عقد الإيجار ورتب عليها طلبه باعتبار العقد مفسوخاً جزاء على هذا التأخير وهو تعديل لموضوع الطلبات في الدعوى لا يجوز للمحكمة الاستئنافية قبوله لأنه لم يسبق عرضه على محكمة الدرجة الأولى - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أتخذ من مجرد تمسك المطعون عليه في طلبه الختامي أمام محكمة الاستئناف بطرد الطاعن من العين سنداًًًًً للقول بأنه لم يغير من طلباته في الدعوى في حين أنه كان عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة اسباغ التكييف القانوني الصحيح على موضوع الدعوى دون التقيد بتكييف الخصوم له أو الوقوف عند حد الظاهر من عباراتهم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد فصل في الدعوى على أساس هذه الطلبات رغم أنه لا يجوز قبولها قانوناً فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 464 سنة 1978 مدنى كلى دمياط ضد الطاعن للحكم بطرده من العين الموضحة بصحيفتها وتسليمها إليه بمشتملاتها المبينة بعقد إيجارها المؤرخ 15/ 4/ 1974، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب ذلك العقد استأجر الطاعن من المالك السابق للعقار مقهى بأدواته وملحقاته مشاهرة بأجرة قدرها 7 جنيهاً تدفع مقدماً في أول كل شهر وأنه إذا تأخر عن أدائها يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه وإذ آلت ملكية العقار إليه - المطعون عليه - وكان غير راغب في تجديد العقد فقد نبه على الطاعن بإخلاء عين النزاع، وإذ لم يستجب فقد أضحت يده على العين يد غاصب ومن ثم فقد أقام دعواه. قضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 158 سنة 10 ق مأمورية دمياط، وبتاريخ 19/ 1/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد الطاعن من العين المؤجرة وتسليمها بمشتملاتها إلى المطعون عليه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم وقد اعتبر الطاعن متخلفاً عن أداء أجرة العين وانفساخ عقد الإيجار تبعاً لذلك، وكان العقد خاضعاً لحكم القواعد العامة المقررة في القانون المدني لعقد الإيجار دون تلك التي تنظمها قوانين الإيجار الاستثنائية التي تقضى بامتداد الإيجار لمدة غير محدودة بعد انتهاء مدته الاتفاقية، فإن قيمة الدعوى تقدر بأجرة المدة الواردة في العقد - وهي شهر - أي بمبلغ 27 جنيهاً، ومن ثم ينعقد الاختصاص بها للمحكمة الجزئية، وإذ كان الاختصاص القيمي للدعوى من النظام العام فقد كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الجزئية أو بعدم جواز الاستئناف، وإذ خالفت هذا النظر فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان تقدير قيمة الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد مستمر هو باعتبار المقابل النقدي عن المدة الواردة في العقد طبقاً للبند الثامن من المادة 37 من قانون المرافعات، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - والتي لم تكن محل نعى من الطاعن - أنه وإن كان عقد الإيجار سند الدعوى معقوداً مشاهرة إلا أنه منصوص فيه على أنه لا يجوز طرد المستأجر إلا بسبب التأخير في دفع الأجرة، فإن مؤداه أن العقد يظل مستمراً ما دام المستأجر قائماً بأداء الأجرة وذلك إعمالاً لاتفاق الطرفين ومن ثم تكون مدته غير مبينة ولما كانت قواعد تحديد قيم الدعاوى التي أوردها قانون المرافعات خلواً من النص على تقدير قيمة الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد مستمر غير معين المدة، فإن الدعوى الراهنة تكون غير قابلة لتقدير قيمتها وفقاً للقواعد المنصوص عليها فيها، ومن ثم تعتبر قيمة متزايدة على مائتين وخمسين جنيهاً، التزاماً بحكم المادة 41 من قانون المرافعات، ويكون الاختصاص بنظرها معقوداً تبعاً لذلك للمحكمة الابتدائية عملاً بنص المادة 47 مرافعات. وإذ التزمت محكمة الاستئناف هذا النظر وقضت بجواز الاستئناف وفقاً للمادة 223 مرافعات وفصلت في موضوعه، فإن النعي على حكمها بهذا السبب - الخطأ في تطبيق القانون - يكون في غير محله.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن........ على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى في موضوع الاستئناف على أساس طلب جديد أبداه المطعون عليه أمام محكمة الاستئناف لأول مرة هو فسخ عقد الإيجار للتخلف عن أداء الأجرة، وهو ما لا يجوز قبوله قانوناً في مرحلة الاستئناف ذلك لأن طلب المطعون عليه في الدعوى أمام محكمة أول درجة إنما كان طرد الطاعن من العين لانقضاء عقد إيجارها بعد أن أبدى المطعون عليه رغبته في إنهائه، وصيرورة يد الطاعن على العين بهذه المثابة يداً غاصبة بعد انفصام الرابطة العقدية، في حين أن طلبه المبدى أمام محكمة الاستئناف وهو فسخ العقد، لا ينصب إلا على عقد قائم ولذلك يعد طلباً جديداً وليس مجرد سبب لطلبه السابق وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى اعتباره سببا فقد خلط بين السبب والطلب ولم ينزل عليه التكييف القانوني السليم مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذى لم يرتض الحكم الصادر في شأنه، لذلك نصت المادة 232 مرافعات على أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. وأنه ولئن كان القانون قد أجاز للمحكوم عليه تدارك ما فاته في المرحلة الأولى من التقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلاً عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى إعمالاً لنص المادة 233 مرافعات، إلا أنه التزاماً بالأصل المقرر بأن يكون التقاضي على درجتين وتجنباً لاتخاذ الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضة على محكمة أول درجة فقد حظرت المادة 235 مرافعات قبول أي طلب جديد أمام المحكمة الاستئنافية وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها. وأنه ولئن أجاز هذا النص - دون تعديل في موضوع الطلب - تغيير سببه أو الإضافة إليه فإن ذلك مشروط بأن يكون قصد المدعى من تغييره أو إضافته إلى جانب السبب الذى كان يستوى عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى هو تأكيداً لأحقيته في ذات الطلب الذى كان مطروحاً عليها - ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن موضوع الطلب الذى أيداه المطعون عليه أمام محكمة الدرجة الأولى هو طرد الطاعن من عين النزاع استعمالاً من المطعون عليه لحقه المقرر في العقد في إنهاء الإيجار لانتهاء مدته وتجرد يد الطاعن تبعاً لذلك من السند وصيرورتها يداً غاصبة، في حين أن موضوع الدعوى - حسبما عدله المطعون عليه أمام المحكمة الاستئنافية - وهو طلب اعتبار عقد الإيجار مفسوخاً نتيجة لإخلال الطاعن بالتزامه العقدي بسداد الأجرة وأحقية المطعون عليه في طرده من العين المؤجرة، ولما كان ما استحدثه المطعون عليه في المرحلة الاستئنافية على هذا النحو لم يقف عند حد إبداء سبب جديد لطلبه وإنما استطال إلى طلب جديد أقامه على واقعة حاصلها تأخر الطاعن في سداد الأجرة المستحقة في ذمته وفقاً لشروط عقد الإيجار ورتب عليها طلبه....... باعتبار العقد مفسوخاً جزاء على هذا التأخير وهو تعديل لموضوع الطلبات في الدعوى لا يجوز للمحكمة الاستئنافية قبوله لأنه لم يسبق عرضه على محكمة الدرجة الأولى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد تمسك المطعون عليه في طلبه الختامي أمام محكمة الاستئناف بطرد الطاعن من العين سنداً للقول بأنه لم يغير من طلباته في الدعوى في حين أنه كان عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إسباغ التكييف القانوني الصحيح على موضوع الدعوى دون التقيد بتكييف الخصوم له أو الوقوف عن حد الظاهر من عبارتهم ولما كان الحكم المطعون فيه قد فصل في الدعوى على أساس هذه الطلبات رغم أنه لا يجوز قبولها قانوناً فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون ويتعين نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث ما جاوزه من اسباب.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم.
ولما كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه، وإذ كان طلب المستأنف أمام محكمة الاستئناف اخلاء العين للتأخر في أداء أجرتها يعد طلبا جديدا لا يجوز قبوله لما سلف بيانه، ولما كانت أسباب الاستئناف لا تنال من سلامة الحكم المستأنف فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 63 لسنة 57 ق جلسة 15 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 125 ص 589


جلسة 15 من أبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني، محمد رشاد مبروك نائبي رئيس المحكمة، أحمد أحمد أبو الضراير ومحمد يسري زهران.
-----------
(125)
الطعن رقم 63 لسنة 57 القضائية

(1، (2إيجار. "إيجار ملك الغير". ملكية. التزام. "حق الحبس". حكم "تسبيبه".
1 - إيجار ملك الغير صحيح فيما بين المؤجر والمستأجر غير نافذ في حق المالك الحقيقي. إقامة الغير دعوى بشأن ملكيته للعين المؤجرة. أثره. اعتباره تعرضاً قانونياً للمستأجر يجيز له حبس الأجرة حتى يدفع المؤجر التعرض.
2 - ادعاء الغير جدياً ملكيته للعين المؤجرة. أثره. اعتباره منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة. وجوب الفصل فيه باعتباره مسألة لازمة للفصل في طلب الأجرة المتأخرة.

-----------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي وإذ ادعى الغير أنه المالك للعين المؤجرة وأقام دعوى بحقه الذي يدعيه كان هذا تعرضاً قانونياً للمستأجر يجيز له حبس الأجرة تحت يده حتى يدفع المؤجر التعرض.
2 - يكون الادعاء - ملكية الغير للعين المؤجرة - إذا كان جدياً منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة، يتعين تصفيتها أولاً قبل الفصل في طلب المؤجر بالأجرة المتأخرة، وإذ كانت هذه المنازعة من اختصاص المحكمة المطروح عليها النزاع تعين عليها حسمها وإلا أمرت بوقف الدعوى حتى يبت فيها من المحكمة المختصة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على حصول تعرض للمطعون عليها الأولى - المستأجرة - من قبل المطعون عليها الثانية إدعاءً منها بأنها المالكة للأرض محل النزاع ورتب على ذلك أحقية المستأجرة في التوقف عن سداد الأجرة حتى ينتهي النزاع على المكية دون أن يفصل في هذا النزاع أو يوقف الدعوى حتى يفصل فيه من المحكمة المختصة باعتبار أن دعوى الملكية مسألة أولية لازمة للحكم في طلب الأجرة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن خاصم الشركة المطعون ضدها عليها الأولى في الدعوى رقم 6691 لسنة 1980 مدني الإسكندرية الابتدائية طالباً إلزامها بمبلغ 2220 جنيهاً تأسيساً على أنها استأجرت منه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1975 أرضاً فضاء تأجرة شهرية مقدارها ستون جنيهاً وقد تأخرت في سداد الأجرة المستحقة عن المدة من 1/ 10/ 1977 حتى نهاية أكتوبر سنة 1980، تدخلت الهيئة المطعون عليها الثانية خصماً في الدعوى تأسيساً على أنها المالكة للأرض محل النزاع كما تدخل المطعون عليهما الثالث والرابع فيها بطلب رفض الدعوى على سند من أن الأرض محل النزاع مملوكة للدولة، وبعد أن أودع الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1985 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 251 لسنة 42 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية التي حكمت بتاريخ 5/ 11/ 1986 - بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على حدوث تعرض جدي للمطعون عليها الأولى - المستأجرة - في الانتفاع بالعين ورتب على ذلك أحقيتها في التوقف عن سداد الأجرة طبقاً للبند الخامس من عقد الإيجار حال أنه يتعين على المحكمة - وهي مختصة بدعوى الملكية - أن تفصل في تلك المسألة الأولية أو توقف الدعوى أو تضمها إلى دعوى الملكية رقم 5589 لسنة 1987 مدني الإسكندرية الابتدائية.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي وإذ ادعى الغير أنه المالك للعين المؤجرة وأقام دعوى بحقه الذي يدعيه كان هذا تعرضاً قانونياً للمستأجر يجيز له حبس الأجرة تحت يده حتى يدفع المؤجر التعرض ويكون هذا الادعاء إذا كان جدياً منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة، يتعين تصفيتها أولاً قبل الفصل في طلب المؤجر بالأجرة المتأخرة، وإذ كانت هذه المنازعة من اختصاص المحكمة المطروح عليها النزاع تعين عليها حسمها وإلا أمرت بوقف الدعوى حتى يبت فيها من المحكمة المختصة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على حصول تعرض للمطعون عليها الأولى - المستأجرة - من قبل المطعون عليها الثانية إدعاءً منها بأنها المالكة للأرض محل النزاع ورتب على ذلك أحقية المستأجرة في التوقف عن سداد الأجرة حتى ينتهي النزاع على المكية دون أن يفصل في هذا النزاع أو يوقف الدعوى حتى يفصل فيه من المحكمة المختصة باعتبار أن دعوى الملكية مسألة أولية لازمة للحكم في طلب الأجرة فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 30 لسنة 37 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 17 ص 96

جلسة 14 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وعثمان زكريا، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين مصطفى.
------------
(17)
الطعن رقم 30 لسنة 37 القضائية
(أ، ب، ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". قانون.
(أ) منازعات الأحوال الشخصية بين الزوجين غير المسلمين مختلفي الطائفة أو الملة. وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. دعوى الطلاق يرجع فيها لشريعة الزوجين مختلفي الطائفة أو الملة لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق. م 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(ب) الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس مختلفان في الطائفة. تطبيق الشريعة الخاصة لغير المسلمين مشروط باتحاد الطائفة والملة. وجود جهة قضائية ملية لهما وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 لا أثر له.
)ج) الاعتقاد الديني مسألة نفسية لا يجوز للقاضي أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها.
-----------
1 - مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قصد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير المسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة، ولم يشأ أن يخالف ما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية في هذا الشأن، وهي التي كانت تختص بالفصل في المنازعات بينهم باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية فاستبقى المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، دفعاً للحرج الذي قد يحدث عند الطلاق في حالة ما إذا كان الزوجان لا يدينان بوقوعه، وتنص الفقرة السابعة منها على أن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الدين المسيحي على اختلاف مذاهبه لا يعرف الطلاق بالإرادة المنفردة، ذلك أن المقصود من المادة المشار إليها أن يكون الطلاق مشروعاً في ملة الزوجين غير المسلمين ولو توقف على حكم من القاضي، وأنه لا يرجع لشريعة الزوجين عند اختلافهما في الطائفة أو الملة إلا لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق، إذ أن الملة الوحيدة التي لا تجيز التطليق هي ملة الكاثوليك.
2 - لا وجه للقول بأن الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدان في العقيدة والملة والمذهب طالما أنهما مختلفان طائفة ونص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 يشترط الاتحاد في الطائفة والملة مع باقي الشروط التي فرضها لتطبيق شريعتهما الخاصة، وذلك بصرف النظر عما إذا كانت لهما جهات قضائية ملية وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 أم لم تكن.
3 - الاعتقاد الديني مسألة نفسانية، ولا يجوز لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن حبيب زكي سمعان أقام الدعوى رقم 747 لسنة 1965 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية، ضد السيدة عزيزة ميخائيل بطرس طلب فيها الحكم بإثبات طلاقها طلقة أولى رجعية بتاريخ 18/ 8/ 1965 مع المصروفات والأتعاب وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بالمدعى عليها في 25/ 1/ 1953 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ثم غير طائفته وانضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 3/ 8/ 1965 وأخطر كنيسة الأقباط الأرثوذكس بهذا التغيير، ونظراً لأنه أوقع عليها الطلاق عند تحرير صحيفة الدعوى بقوله: "زوجتي ومدخولتي السيدة/ عزيزة ميخائيل بطرس طالق مني وهذه أول طلقة رجعية" فقد طلب الحكم بإثبات هذا الطلاق. وبتاريخ 15 مايو سنة 1966 حكمت المحكمة غيابياً بإثبات طلاق المدعي من المدعى عليها طلاقاً رجعياً بتاريخ 18/ 8/ 1965 وألزمت المدعى عليها المصروفات جنيهاً واحداً مقابل أتعاب المحاماة، وعارضت المدعى عليها في هذا الحكم استناداً إلى أن طائفتي الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدتان بالعقيدة والإيمان وأن تغيير المدعي لطائفته وقع بطريق الغش للوصول إلى إيقاع الطلاق بعد أن أقام الدعوى رقم 862 سنة 1962 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب الطلاق وقضي فيها بالرفض وتأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 26 لسنة 80 ق ثم أقام الدعوى رقم 264 لسنة 64 ق أحوال شخصية، وقضي فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. وبتاريخ 25 ديسمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، وألزمت المعارضة المصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. استأنفت المعارضة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 6 لسنة 84 قضائية. وبتاريخ 25 يونيه سنة 1967 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة المصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وأودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة، حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون ضده رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات طلاق المطعون ضده من الطاعنة استناداً إلى أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، فأصبح مختلف الملة مع زوجته وهي قبطية أرثوذكسية، وهذا التغيير من شأنه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على النزاع بين الطرفين، وهي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة وهو من الحكم خطأ في القانون وقصور في التسبيب، ذلك أن المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين تخضع بنص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 لأحكام شريعتهم متى كانوا متحدي الطائفة والملة، وكانت لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون. وثابت أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، وهي لا تختلف عن طائفة الأقباط الأرثوذكس التي تنتمي إليها الطاعنة في المذهب أو الملة، وأن المجلس الملي أصدر بذلك قراراً أيده فيه المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس، وهو ما يستوجب تطبيق أحكام الشريعة المسيحية في شأن زواج الطرفين، وهي لا تجيز حل ربط الزوجية بمجرد الإرادة المنفردة، ولكن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الأحكام وطبق أحكام الشريعة الإسلامية في شأن الطلاق وأغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من أن السريان الأرثوذكس لم يكن لهم مجلس ملي منظم ومعترف به وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قصر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير المسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة، ولم يشأ أن يخالف ما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية في هذا الشأن وهي التي كانت تختص بالفصل في المنازعات بينهم باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية، فاستبقى المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية دفعاً للحرج الذي قد يحدث عند الطلاق في حالة ما إذا كان الزوجان لا يدينان بوقوعه وتنص الفقرة السابعة منها على أن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الدين المسيحي على اختلاف مذاهبه لا يعرف الطلاق بالإرادة المنفردة، ذلك أن المقصود من المادة المشار إليها أن يكون الطلاق مشروعاً في ملة الزوجين غير المسلمين، ولو توقف على حكم من القاضي، وأنه لا يرجع لشريعة الزوجين عند اختلافهما في الطائفة والملة إلا لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق، إذ أن الملة الوحيدة التي لا تجيز التطليق هي ملة الكاثوليك كما لا وجه للقول بأن الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدان في العقيدة والملة والمذهب طالما أنهما مختلفان طائفة، ونص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 يشترط الاتحاد في الطائفة والملة مع باقي الشروط التي فرضها لتطبيق شريعتهما الخاصة.، ولما كان الثابت بوقائع الدعوى أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس قبل رفعها، وأن الطاعنة تنتمي إلى طائفة الأقباط الأرثوذكس قبل زواجها فأصبحا بذلك مختلفي الطائفة وتطبق في شأن واقعة الطلاق أحكام الشريعة الإسلامية بصرف النظر عما إذا كان لهما جهة قضائية ملية وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الزوجين مختلفان طائفة، وأعمل أحكام الشريعة الإسلامية في إثبات واقعة الطلاق ولم يتعرض لبحث الجهة القضائية الملية التي كانت للطرفين وقت صدور ذلك القانون، وكان في تخلف شرط اتحادهما طائفة ما يغني عن البحث في باقي الشروط التي أوجب القانون توافرها لإعمال شريعتهما الخاصة، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب، ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإثبات الطلاق تأسيساً على أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، في حين أنه لم يلجأ إلى هذا السبيل إلا بعد أن أقامت الطاعنة دعوى النفقة، وقضي بإلزام المطعون ضده بأدائها، كما أنه أقام دعاوى سابقة بطلب تطليقها وقضي فيها بالرفض وهذا ضرب من الاحتيال والغش لا يصلح رداً عليه تعلق الحكم بالمظاهر الخارجية الرسمية لأن الغش يفسد كل إجراء.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الاعتقاد الديني مسألة نفسانية، ولا يجوز لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.