الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 يونيو 2019

الطعن 5822 لسنة 61 ق جلسة 24 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 190 ص 1222

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي وفتحي الصباغ نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي.
----------------
(190)
الطعن رقم 5822 لسنة 61 القضائية
 (1)مواد مخدرة. نقض "المصلحة في الطعن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه. لا ينال من صحته طالما لم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها.
مثال.
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل أن تجري المحاكمة باللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطات التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك. خضوع طلبه في هذا الشأن لتقديرها.
(3) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
تعارض المصلحة في الدفع. مقتضاه: أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع الآخر. بما يتعذر معه على محام واحد أن يترافع عنهما معاً. أساس هذا التعارض الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه ما دام لم يبده بالفعل.
 (4)دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان تفتيش المسكن الذي جرى تفتيشه.
 (5)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن رداً عليه.
 (6)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الطلب المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
قرار المحكمة الذي يصدر في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. لا تتولد عنه أية حقوق للخصوم.
مثال.
 (7)مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن بتفتيش شخص أو معرفته الشخصية السابقة به. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين. متى اقتنع بصحة ما نقلوه إليه.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
 (8)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال.
 (9)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (10)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزاًًًً لها ولو أحرزها مادياً شخص غيره.
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن حيازة المخدر. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده ما يكفي للدلالة على قيامه.
 (11)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الإتجار بالمخدر. موضوعي.
 (12)مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المخدرة المضبوطة هي التي جرى تحليلها. لا تثريب عليها إن قضت في الدعوى بناء على ذلك أو أمسكت عن تحقيق الاختلاف في الوزن.
 (13)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى على حدة. علة ذلك؟
--------------------
1 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن ومدونات الحكم المطعون فيه أن التهمة المسندة إلى الطاعن الأول بموجب قرار الاتهام هي حيازة مخدر الهيروين بقصد الإتجار، وهي بذاتها التي كانت مطروحة بالجلسات ودارت عليها المرافعة، ولم تجر المحكمة تعديلاً في وصفها، وأن أسباب حكمها جاءت قاصرة عليها في إسنادها إليه وإثباتها عليه، فإن خطأ المحكمة من بعد بإضافة جريمة أخرى لم تقع منه وهي حيازة مخدر الحشيش لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقعت فيه المحكمة بجمعها المتهمين الأربع الأول على واقعتي إحراز وحيازة مخدري الهيروين والحشيش، لا يخفي على قارئ الحكم، وهو خطأ لا ينال من صحة الحكم إذ لم يمس حقاً للطاعن طالما أن الحكم لم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة وهي الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه وهي عقوبة حيازة مخدر الهيروين بقصد الإتجار التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها.
2 - لما كان الأصل أن تجري المحاكمة باللغة الرسمية - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطات التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة، أو يطلب منها المتهم ذلك، ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المرافعة الختامية أن المدافع عن الطاعنين قد تنازل عن طلبه الاستعانة بمترجم، وأن أياً من الطاعنين لم يعترض على ذلك باعتبار أن هذا الطلب يتعلق بمصلحة خاصة به، ويكون منعاهما في هذا الخصوص في غير محله.
3 - لما كان من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا محل للقول بقيام تعارض المصلحة الذي أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الختامية أن المتهم الخامس لم يدفع ببطلان إذن تفتيش مسكنه لصدوره من غير المختص قانوناً، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى هذا الدفع الذي أثاره الطاعن الثاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن تفتيش الشقة محل الضبط بقالة إنه كان يتعين استصداره من القاضي الجزئي فمردود بأن إذن النيابة العامة قد انصب على تفتيش شخص ومسكن المتهم الخامس وتفتيش شخص كل من المتهمين الثالث والرابع - الطاعنين الثاني والثالث - وكان الدفع ببطلان تفتيش المسكن لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة تلحقه بالتبعية وحدها، وإذا كان المتهم الثالث لم يدع ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه، فإنه لا يقبل منه إبداء هذا الدفع لانتفاء صفته" لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات أن أمر إقامة الطاعنين الثاني والثالث بالمسكن الذي جرى تفتيشه إقامة مستقرة أو مؤقتة لم يكن محل بحث ولم يقل به أحد في أي مراحل التحقيق، فضلاً عن أن المتهم الخامس أقر لشاهدي الإثبات أن الطاعنين الثاني والثالث يصونان لديه فحسب المواد المخدرة والآلات المضبوطة، ومن ثم يكون الحكم قد أطرح الدفع بما يسوغ إطراحه قانوناً.
5 - لما كان الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة شاهد الإثبات بأن ضبط الواقعة كان بعد استئذان النيابة العامة بالتفتيش، فإن النعي ببطلان إذني التفتيش يكون غير سديد.
6 - لما كان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب سؤال شهود نفي وضم دفتر أحوال قسم الشرطة إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله.
7 - لما كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
8 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعنين الثاني والثالث ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما أورده في بعض مواضعه من أن الثلاث قطع التي ضبطت على منضدة إليها يجلسان في مسكن المتهم الخامس تحوي مخدر الحشيش حالة أن تقرير المعامل الكيماوية أشار إلى أن اثنتين منها فحسب تحتويان على مخدر الحشيش، ما دام ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يتأدى من هذا الخطأ ما يذهب إليه الطاعنان من أن المحكمة لم تكن بعناصر الدعوى بصيرة، إذ هي - على ما هو ثابت من مدونات حكمها - أفصحت في معرض ردها على الدفاع القائم على اختلاف وزن المواد المخدرة المضبوطة عند التحريز عن وزنها عند التحليل، عن إدراكها بما أثبته تقرير المعامل الكيماوية في هذا الخصوص.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة عناصر الدعوى وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
11 - لما كانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الإتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كل من الطاعنين الثلاثة للمخدر المضبوط كان بقصد الإتجار فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافر وواقع الدعوى.
12 - اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المخدرة المضبوطة هي التي جرى تحليلها تأسيساً على أن الفرق بين الوزنين يسير، فلا تثريب عليها إن قضت في الدعوى بناء على ذلك، ولا جناح عليها إن هي أمسكت عن تحقيق الاختلاف في الوزن، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن خطأ الحكم في مقولته بأن فرق الوزن جاء نتيجة وزن المواد المخدرة عند التحريز على ميزان قسم المخدرات غير الحساس في حين أن الثابت بالأوراق هو أن وزنها تم في إحدى الصيدليات، فإن هذا ولئن كان صحيحاً، إلا أنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من الحكم لا أثر له في منطقه والنتيجة التي انتهى إليها من أن المخدر المضبوط هو بذاته الذي صار تحليله.
13 - لما كان من المقرر أنه ليس لزاماً على المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى على حدة، ومن ثم فلا جناح عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت أن المادة المضبوطة والمنسوب حيازتها إلى كل واحد من الطاعنين من عداد المواد المخدرة المبينة حصراً في الجدول الملحق بالقانون الذي انطوى على نصوص التجريم والعقاب نظراً لوحدة الواقعة، وما دامت الأدلة قبلهم تتحدد وتتساند، وما دام حكمها قد سلم من عيب التناقض أو الغموض في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهم محددة بغير لبس.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -...... 2 -...... (طاعن) 3 -........ (طاعن) 4 -..... (طاعن) 5 -...... بأنهم: المتهمين الأول أحرز والثاني حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًًًًً. المتهمين الثالث والرابع حازا وأحرزا والخامس حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقمي 57، 103 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 395 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه، وبمعاقبة المتهمين الثالث والرابع بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه ومعاقبة الخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدرات والأدوات المضبوطة.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني والمحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق، وران عليه البطلان ذلك بأنه دان الطاعن الأول عن واقعة إحراز مخدر الحشيش رغم أنها لم ترد في قرار الاتهام ولم يلفت نظر الدفاع إليها، وخلت أوراق الدعوى ومدونات الحكم من ذكرها، كما رفضت المحكمة طلب الطاعنين الثاني والثالث الاستعانة بمترجم لكونهما أجنبيين وجرت محاكمتهما باللغة العربية التي يجهلانها، فضلاً عن أن محامياً واحداً تولى الدفاع عنهما رغم قيام التعارض في المصلحة بينهما، ومما قيد الدفاع بعدم إسناد المسئولية إلى أحدهما خشية إضراره، هذا وقد دفعا ببطلان تفتيش منزل المتهم الخامس لعدم صدوره من القاضي الجزئي بسبب إقامتهما فيه مؤقتاً، إلا أن الحكم أطرحه بانتفاء صفتيهما رغم تمسك المتهم المذكور بهذا الدفع. كما أن الطاعنين الثلاثة تمسكوا بأن ضبطهم وتفتيشهم قد تما قبل صدور إذن النيابة العامة، وطلبوا سؤال شهود عينوهم، وضم دفتر الأحوال عن يوم الحادث للتدليل على صحة دفاعهم إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يكفي ودون تحقيق رغم أنها كانت قد أجلت نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال، وأثار الطاعن الأول بطلان إذن النيابة الصادر بضبطه وتفتيشه لانتفاء ما يسوغ صدوره مدللاً على ذلك بأن مستصدر الإذن يجهل شخصيته ولم يجر التحريات بنفسه واعتمد على أقوال المبلغ دون تحر صدقه، كما دفع الطاعنان الثاني والثالث ببطلان هذا الإذن لابتنائه على تحريات غير جدية إلا أن المحكمة أطرحت ذلك بما لا يسوغ، وقد عول الحكم في قضائه بالإدانة على ما حصله من أدلة الثبوت أن الثلاث قطع التي ضبطت بمسكن المتهم الخامس والتي نسبت إليه وللطاعنين الثاني والثالث تحوي مادة الحشيش المخدرة رغم أن الثابت من تقرير المعامل الكيماوية أن إحداها خالية من أي أثر لمخدر ما، الأمر الذي ينبئ أن المحكمة لم تتبصر عناصر الدعوى. علاوة على ذلك، لم يدلل الحكم على نحو كاف وسائغ على نسبة كل المواد المخدرة المضبوطة إلى الطاعنين الثاني والثالث ودون تفريدها بنسبتها إلى كل متهم بالذات، وعول على أقوال المتهم الأول وشاهدي الإثبات في إدانة هذين الطاعنين بحيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار وهي لا تكفي، ودون أن يورد لدى تحصيله لأقوال الشاهدين ما يفيد توافر ذلك القصد، فضلاً عن أنه رفع قصد الاتجار عن المتهم الخامس بعلة عدم ضبطه يبيع مادة مخدرة وهي علة تصدق في شأن هذين الطاعنين، كما دفع الطاعنين الثاني والثالث بانتفاء صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة لاختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير معامل التحاليل من أوزان، إلا أن المحكمة أطرحته تأسيساً على أن فارق الوزن نتيجة وزن المخدرات المضبوطة بميزان قسم المخدرات غير الحساس رغم أن الثابت بالأوراق أن وزنها تم في إحدى الصيدليات، علاوة على أنها لم تجر تحقيقاً لاستجلاء حقيقة اختلاف الوزن، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية في إجمال وإبهام فلم يستظهر منه مقدار وكنه المادة التي ضبطت مع المتهم الأول والتي نسبت إلى هذا والطاعن الأول، كما لم يبين قدر وكنه كل مادة ضبطت مع الطاعنين الآخرين، ولكل ذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان كل من الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها، مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن ومدونات الحكم المطعون فيه أن التهمة المسندة إلى الطاعن الأول بموجب قرار الاتهام هي حيازة مخدر الهيروين بقصد الاتجار، وهي بذاتها التي كانت مطروحة بالجلسات ودارت عليها المرافعة، ولم تجر المحكمة تعديلاً في وصفها، وأن أسباب حكمها جاءت قاصرة عليها في إسنادها إليه وإثباتها عليه، فإن خطأ المحكمة من بعد بإضافة جريمة أخرى لم تقع منه وهي حيازة مخدر الحشيش لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقعت فيه المحكمة بجمعها المتهمين الأربع الأول على واقعتي إحراز وحيازة مخدري الهيروين والحشيش، لا يخفى على قارئ الحكم، وهو خطأ لا ينال من صحة الحكم إذ لم يمس حقاً للطاعن طالما أن الحكم لم يوقع عليه سوى عقوبة واحدة وهي الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة ثلاثة آلاف جنيه وهي عقوبة حيازة مخدر الهيروين بقصد الاتجار التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها، ويكون منعى الطاعن الأول عليه بالبطلان لا جدوى منه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحكمة واجهت الطاعنين الثاني والثالث بالتهمة المسندة إليهما فأنكراها، ولم يدع أيهما أنه لم يفهم مضمون ما واجهته به المحكمة، وإذ كان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطات التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة، أو يطلب منها المتهم ذلك، ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المرافعة الختامية أن المدافع عن الطاعنين قد تنازل عن طلبه الاستعانة بمترجم، وأن أياً من الطاعنين لم يعترض على ذلك باعتبار أن هذا الطلب يتعلق بمصلحة خاصة به، فإن منعاهما في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا محل للقول بقيام تعارض المصلحة الذي أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الختامية أن المتهم الخامس لم يدفع ببطلان إذن تفتيش مسكنه لصدوره من غير المختص قانوناً، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى هذا الدفع الذي أثاره الطاعن الثاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن تفتيش الشقة محل الضبط بقالة إنه كان يتعين استصداره من القاضي الجزئي فمردود بأن إذن النيابة العامة قد انصب على تفتيش شخص ومسكن المتهم الخامس وتفتيش شخص كل من المتهمين الثالث والرابع - الطاعنين الثاني والثالث - وكان الدفع ببطلان تفتيش المسكن لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة تلحقه بالتبعية وحدها، وإذا كان المتهم الثالث لم يدع ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه، فإنه لا يقبل منه إبداء هذا الدفع لانتفاء صفته" لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات أن أمر إقامة الطاعنين الثاني والثالث بالمسكن الذي جرى تفتيشه إقامة مستقرة أو مؤقتة لم يكن محل بحث ولم يقل به أحد في أي مراحل التحقيق، فضلاً عن أن المتهم الخامس أقر لشاهدي الإثبات أن الطاعنين الثاني والثالث يصونان لديه فحسب المواد المخدرة والآلات المضبوطة، ومن ثم يكون الحكم قد أطرح الدفع بما يسوغ إطراحه قانوناً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى الدفع ببطلان إذني النيابة بالتفتيش لصدورهما بعد تمام ضبط الواقعة وأطرحه تأسيساً لما ثبت من أقوال شاهد الإثبات الأول الذي اطمأن إليها أن إجراءات ضبط وتفتيش الطاعنين تمت بعد استئذان النيابة العامة. وإذ كان الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة شاهد الإثبات بأن ضبط الواقعة كان بعد استئذان النيابة العامة بالتفتيش، فإن النعي ببطلان إذني التفتيش يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب سؤال شهود نفي وضم دفتر أحوال قسم الشرطة إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعنين الثاني والثالث ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما أورده في بعض مواضعه من أن الثلاث قطع التي ضبطت على منضدة إليها يجلسان في مسكن المتهم الخامس تحوي مخدر الحشيش حالة أن تقرير المعامل الكيماوية أشار إلى أن اثنتين منها فحسب تحتويان على مخدر الحشيش، ما دام ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يتأدى من هذا الخطأ ما يذهب إليه الطاعنان من أن المحكمة لم تكن بعناصر الدعوى بصيرة، إذ هي - على ما هو ثابت من مدونات حكمها - أفصحت في معرض ردها على الدفاع القائم على اختلاف وزن المواد المخدرة المضبوطة عند التحريز عن وزنها عند التحليل، عن إدراكها بما أثبته تقرير المعامل الكيماوية في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة عناصر الدعوى وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إثبات حيازة الطاعن الأول لمخدر الهيروين وحيازة وإحراز الطاعنين الثاني والثالث لمخدري الهيروين والحشيش وذلك بقصد الاتجار على أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وما قرره لهما المتهم الأول، والتي اطمأن إليها وحصل مؤداها فيما مجمله أن معلومات وردت للضابطين...... و....... من أحد مصادرهما السرية تفيد أن كل من..... و...... ترددا على أحد تجار المخدرات وعرضا عليه عينة من مخدر الهيروين بقصد ترويج كمية كبيرة منه، وأنهما في سبيل عودتهما بالسيارة التي يستخدماها إلى منطقة دوران زينهم التابع لقسم شرطة السيدة زينب لبيع كمية من ذلك المخدر لأحد تجار المخدرات. وتنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش تربص الضابطان بهما في ميدان دوران زينهم حتى عادا بالسيارة التي تعرف عليها المرشد السري فور وصولها، وسعى الضابطان إلى المكان الذي توقفت فيه السيارة وأخبراهما بأمر تفتيشهما، وعندئذ قام المتهم..... بمناولة الضابط...... كيساً أخضر اللون كان في يده وبفضه تبين أن بداخله كيساً أبيض بداخله كيس من الورق يحتوي على مسحوق الهيروين المخدر والذي بلغ وزنه 125 جراماً، وقد أقر بإحرازه إياه بالاشتراك مع المتهم..... الطاعن الأول الذي كان يجلس على مقعد قيادة السيارة وأنهما قصدا بيعه لصالح الطاعنين الثاني والثالث اللذين ما زالا يحوزان كمية أخرى من هذا المخدر داخل مسكن المتهم الآخر.....، وأن هذين الطاعنين في انتظار عودتهما لتسلم ثمن بيع المخدر منهما، وأخذ باقي كمية المخدر لبيعها، ونفاذاً لإذن من النيابة انتقل الضابطان إلى مسكن.... الذي أخبرهما بأنه المنتفع بهذا المسكن وإذ دلفا إليه ضبطا الطاعنين الثاني والثالث اللذين بتفتيشهما عثر مع كل واحد منهما على لفافة تحوي مسحوق الهيروين، كما تم ضبط ثلاث قطع لمادة سمراء اللون تشبه الحشيش وشفرة عليها آثار لمخدر الهيروين على منضدة كان يجلس إليها الطاعنان المذكوران، ثم عثر بحجرة النوم على لفافة كبيرة من الورق الأبيض بداخلها مادة هيروين وميزان حساس وأدوات وزن، وقد أقر المتهم....... بحيازته للمواد المخدرة لحساب الطاعنين الثاني والثالث لحين عودة المتهمين...... و..... لاستلامها بقصد بيعها. وبوزن مادة الهيروين المضبوطة بالشقة بلغت 190 جراماً وبوزن الثلاث قطع من المادة السمراء بلغت 27 جراماً، وقد ثبت من تقرير المعامل الكيماوية أن كل مسحوق الهيروين والذي بلغ وزنه 306.8 جراماً يحوي مخدر الهيروين وأن المادة الأخرى السمراء اللون تحوي مخدر الحشيش. لما كان ذلك، وكانت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية قد رأت أن أقوال شاهدي الإثبات كافية وسائغة في الدلالة على حيازة الطاعنين الثلاثة للمخدر المضبوط، وأوردت في حكمها - على النحو السالف بيانه - من الواقع والظروف ما يكفي للتدليل على اتصال كل من الطاعنين الثلاثة بالمادة المخدرة وكنهها سواء اتصالاً مباشراً أو بالوساطة دون لبس أو غموض، وعلى نحو يتفق وصحيح القانون. هذا ولما كانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كل من الطاعنين الثلاثة للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافر وواقع الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن كل ما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان الثاني والثالث من تشكيك في انقطاع صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة لاختلاف وزنها عند التحريز عن وزنها عند التحليل، ورد عليه رداً سائغاً أوضح به اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المضبوطة هي التي جرى تحليلها تأسيساً على أن الفرق بين الوزنين يسير، فلا تثريب عليها إن قضت في الدعوى بناء على ذلك، ولا جناح عليها إن هي أمسكت عن تحقيق الاختلاف في الوزن، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن خطأ الحكم في مقولته بأن فرق الوزن جاء نتيجة وزن المواد المخدرة عند التحريز على ميزان قسم المخدرات غير الحساس في حين أن الثابت بالأوراق هو أن وزنها تم في إحدى الصيدليات، فإن هذا ولئن كان صحيحاً، إلا أنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من الحكم لا أثر له في منطقه والنتيجة التي انتهى إليها من أن المخدر المضبوط هو بذاته الذي صار تحليله، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان مجموع ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال شاهديها بضمه ما أثبته من تقرير المعامل الكيماوية - على النحو السالف بيانه - كافياً في استظهار قدر وكنه الجوهر المخدر الذي اتصل به كل من الطاعنين الثلاثة بالذات أو بالوساطة، وكان منعى الطاعنين بتعميم الحكم نتيجة تقرير المعامل الكيماوية بشأنهم مردوداًً بما سلف، وبأنه ليس لزاماً على المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من المتهمين في الدعوى على حدة، ومن ثم فلا جناح عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت أن المادة المضبوطة والمنسوب حيازتها إلى كل واحد من الطاعنين من عداد المواد المخدرة المبينة حصراً في الجدول الملحق بالقانون الذي انطوى على نصوص التجريم والعقاب نظراً لوحدة الواقعة، وما دامت الأدلة قبلهم تتحد وتتساند، وما دام حكمها قد سلم من عيب التناقض أو الغموض في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهم محددة بغير لبس، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم بما سبق يكون غير صائب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 82 لسنة 61 ق جلسة 4 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 117 ص 762


جلسة 4 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره.
------------
(117)
الطعن رقم 82 لسنة 61 القضائية

نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". طعن "ميعاده". قانون "تفسيره". إجراءات. إعلان "ميعاد مسافة".
الميعاد المحدد للتقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب. أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري. المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959.
قانون المرافعات. متى يرجع إليه؟
ميعاد المسافة. عدم منحه إلا حيث يوجب القانون حصول إعلان يبدأ من تاريخه سريان ميعاد الطعن.
ميعاد التقرير بالطعن وإيداع الأسباب المنصوص عليه بالمادة 34 من القانون 57 لسنة 1959. لا يضاف إليه ميعاد مسافة.
إيداع أسباب الطعن بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.

-----------------
لما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت على أن ميعاد الطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها هو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان الأصل أنه لا يرجع إلى قانون المرافعات إلا لسد نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، وقد نص القانون الأخير على احتساب ميعاد مسافة في المادة 398 منه في شأن المعارضة في الأحكام الغيابية فقال إنها تقبل في ظرف العشرة أيام التالية لإعلان المحكوم عليه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد مسافة الطريق، وقد اشتمل قانون تحقيق الجنايات الملغى على نص بالمادة 154 منه يقضي بأنه لا تزاد على ميعاد العشرة أيام المقرر للاستئناف مواعيد مسافة، ولم ير الشارع ضرورة للنص على ذلك في قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بأن الأصل في ميعاد المسافة ألا يمنح إلا حيث يوجب القانون حصول إعلان يبدأ من تاريخه سريان ميعاد الطعن، وإذ لا يوجب قانون الإجراءات الجنائية إعلان الأحكام الحضورية حتى يبدأ ميعاد الطعن فيها، فإنه لم ينص على ميعاد المسافة إلا عند وجوب الإعلان لسريان ميعاد الطعن - كما هو الحال في المعارضة - ومن ثم فإن الميعاد المشار إليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر لا يضاف إليه ميعاد مسافة. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم في الميعاد القانوني، إلا أن أسباب الطعن لم تقدم إلا بعد فوات الميعاد، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في....... عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المرفق والمعدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 22 من فبراير سنة 1990، فقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 10 من مارس سنة 1990، غير أنه لم يقدم تقرير أسباب طعنه إلا بتاريخ 4 من إبريل سنة 1990 - أي في اليوم الواحد والأربعين ولما كانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت على أن ميعاد الطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها هو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان الأصل أنه لا يرجع إلى قانون المرافعات إلا لسد نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، وقد نص القانون الأخير على احتساب ميعاد مسافة في المادة 398 منه في شأن المعارضة في الأحكام الغيابية فقال إنها تقبل في ظرف العشرة أيام التالية لإعلان المحكوم عليه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد مسافة الطريق، وقد اشتمل قانون تحقيق الجنايات الملغى على نص بالمادة 154 منه يقضي بأنه لا تزاد على ميعاد العشرة أيام المقرر للاستئناف مواعيد مسافة، ولم ير الشارع ضرورة للنص على ذلك في قانون الإجراءات الجنائية، ذلك بأن الأصل في ميعاد المسافة ألا يمنح إلا حيث يوجب القانون حصول إعلان يبدأ من تاريخه سريان ميعاد الطعن، وإذ لا يوجب قانون الإجراءات الجنائية إعلان الأحكام الحضورية حتى يبدأ ميعاد الطعن فيها، فإنه لم ينص على ميعاد المسافة إلا عند وجوب الإعلان لسريان ميعاد الطعن - كما هو الحال في المعارضة - ومن ثم فإن الميعاد المشار إليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر لا يضاف إليه ميعاد مسافة. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم في الميعاد القانوني، إلا أن أسباب الطعن لم تقدم إلا بعد فوات الميعاد، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 1805 لسنة 61 ق جلسة 1 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 115 ص 753


جلسة الأول من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي.
------------------
(115)
الطعن رقم 1805 لسنة 61 القضائية

مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
وقوع الفعل المسند إلى الطاعن في جريمة إحراز مخدر مجرد من القصود قبل صدور القانون رقم 122 لسنة 1989. مؤداه: خضوعه لحكم المادتين 37، 38 من القانون 182 لسنة 1960. معاقبة الطاعن طبقاً للقانون الأول خطأ في القانون. علة ذلك؟
حجب الخطأ محكمة الموضوع عن إعمال تقديرها للعقوبة في الحدود القانونية. وجوب أن يكون مع النقض الإعادة.

----------------
لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد نص في المادة 37 منه على أنه "يعاقب بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه مصري أو خمسة آلاف ليرة إلى ثلاثين ألف ليرة سورية كل من حاز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) أو حازها أو اشتراها وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك ما لم يثبت أنه قد رخص له بذلك بموجب تذكرة طبية أو طبقاً لأحكام القانون ولا يجوز أن تنقص مدة الحبس عن ستة أشهر في حالة تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات المصري أو المادة 243 من قانون العقوبات السوري" ثم نصت المادة 38 من ذات القانون على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة، أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) أو حازه أو اشتراه أو سلمه أو نقله، وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك كله في غير الأحوال المصرح بها قانوناً". ثم صدر القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بالقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - والذي عمل به بتاريخ 5 من يوليه سنة 1989 - ونص في المادة 38 منه على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول (5) وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيهاً إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (1)". وكانت المادة الخامسة من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. مع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" فإن الفعل المسند إلى المطعون ضده - وقد وقع على ما جاء بالحكم - في 30/ 7/ 1987 - يسري عليه حكم المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - لوقوعه في فترة العمل به - دون المادة 38 من القانون رقم 122 لسنة 1989 الذي صدر بعد وقوعه ما دام أنه لم يتحقق به معنى القانون الأصلح لتقديره عقوبتين - سالبة للحرية وغرامة - أشد وأزيد من تلك المقررتين في القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان هذا الخطأ مع كونه خطأ في تطبيق القانون إلا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع
اتهمت النيابة المطعون ضده بأنه حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "سيكونال وهيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته والبندين 66، 103 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدرات والسيارة المضبوطين - باعتبار أن إحراز المخدر مجرداً من القصود.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قد دان المطعون ضده بجريمة حيازة مخدرات بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي طبقاً لنص المادة 38 من القانون رقم 122 لسنة 1989 في حين أن الواقعة المسندة إلى المطعون ضده قد جرت قبل سريانه فتظل محكومة بالعقوبة المقررة في المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قبل تعديلهما باعتبارهما الأصلح للمتهم. مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت واقعة حيازة المطعون ضده للجواهر المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المسندة إليه قد وقعت في 30/ 7/ 1987 أفصح عن معاقبة المطعون ضده - بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 122 لسنة 1989 - بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نص في المادة 37 منه على أنه "يعاقب بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه مصري أو خمسة آلاف ليرة إلى ثلاثين ألف ليرة سورية كل من حاز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) أو حازها أو اشتراها وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك ما لم يثبت أنه قد رخص له بذلك بموجب تذكرة طبية أو طبقاً لأحكام القانون ولا يجوز أن تنقص مدة الحبس عن ستة أشهر في حالة تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات المصري أو المادة 243 من قانون العقوبات السوري" ثم نصت المادة 38 من ذات القانون على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة، أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) أو حازه أو اشتراه أو سلمه أو نقله، وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك كله في غير الأحوال المصرح بها قانوناً". ثم صدر القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - والذي عمل به بتاريخ 5 من يوليو سنة 1989 - ونص في المادة 38 منه على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول (5) وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (1)". وكانت المادة الخامسة من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" فإن الفعل المسند إلى المطعون ضده - وقد وقع على ما جاء بالحكم - في 30/ 7/ 1987 - يسري عليه حكم المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - لوقوعه في فترة العمل به - دون المادة 38 من القانون رقم 122 لسنة 1989 الذي صدر بعد وقوعه ما دام لم يتحقق به معنى القانون الأصلح لتقديره عقوبتين - سالبة للحرية وغرامة - أشد وأزيد من تلك المقررتين في القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان هذا الخطأ مع كونه خطأ في تطبيق القانون إلا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 328 لسنة 62 ق جلسة 15 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 180 ص 1153


جلسة 15 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل موسى.
--------------------
(180)
الطعن رقم 328 لسنة 62 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي
 (2)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشهود. فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما لا تثق فيه
الجدل بقصد إثارة الشبهة في الدليل أمام النقض. غير جائز
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه
الجدل الموضوع في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض
 (4)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع وحدها. لها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. الجدل الموضوعي في ذلك غير جائز أمام النقض
(5) جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد
الأداة المستعملة في الاعتداء. ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة
(6)قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". قتل عمد. قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
حق المحكمة في استخلاص نية القتل من ظروف الدعوى وملابساتها. لا يقيدها في ذلك ما ذكره شهود الإثبات في خصوصها
 (8)نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق الإصرار. ترصد. ظروف مشددة
حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار. عدم مجادلة الطاعنين في توافر ظرف الترصد. لا جدوى فيما يثيرانه من خطأ الحكم في إثبات ظرف سبق الإصرار
 (9)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 
استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدان المحكمة. موضوعي
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه. كفاية قضائها بالإدانة رداً عليه
(10) إثبات "بوجه عام". قتل عمد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟ 
مثال.
 (11)قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه وبين وفاته. نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية. لا قصور
(12) قتل عمد. رابطة السببية. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
رابطة السببية في المواد الجنائية وجودها وتقدير توافرها. موضوعي
الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه. بفرض صحته. لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمد تجسيم المسئولية

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
2 - إن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليها قضاءها، ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها فتأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ المرجع في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون أقوال شهود الإثبات - وكان الطاعنان لا يجادلان في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن الجدل في ذلك توصلاً إلى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض
3 - تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلاص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدته ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم فذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود والأدلة الأخرى في الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعنين دون المتهم الآخر الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض
5 - من المقرر أن الأداة المستعملة في الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول
6 - أن قصد القتل أمر خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية عن عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية
7 - لما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ثبوتها في حق الطاعنين أما القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر هذه النية فمردود بأن هذا القول - بفرض صحته - لا يقيد حرية المحكمة في استخلاص قصد القتل من كافة ظروف وملابساتها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد
8 - من المقرر أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أحدهما يغنى عن إثبات توافر الآخر فإنه لا يجدي الطاعنان ما يثيرانه عن خطأ الحكم في إثبات توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما بفرض صحته ما دام أنهما لا يجادلان في توافر ظرف الترصد
9 - لما كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد كما هي معرفة به في القانون وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب - هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول
10 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه، ويصر عليه مقدمة في طلباته الختامية، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعنين بمحضر الجلسة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه من أنه "كان يجب مناقشة الطبيب الشرعي في الإصابات هل يمكن حدوثها على الوجه الموضح بأقوال الشهود من عدمه....." فضلاً عن أنه لم يصر عليه في طلباته الختامية التي اقتصر فيها على طلب براءة الطاعنين واحتياطياً اعتبار الواقعة ضرباً، فإنه على هذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد
11 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي نقل تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته من واقع ذلك التقرير في قوله ".... وإن الوفاة حدثت نتيجة الإصابات الرضية والقطعية مجتمعة وما صاحبها من هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية". فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد
12 - من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه، وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمد لتجسيم المسئولية - وهو ما لم يزعمه الطاعنان - ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر قضى ببراءته - بأنهما قتلا ..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وأداة (عصا) وكمنا له في الطريق الذي أيقنا مروره فيه وما أن ظفرا به حتى طعنه الأول في عنقه وانهال الثاني عليه ضرباً بالعصا قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت.... زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولاده القصر مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و25 مكرراً 1/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 81 والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة المطواة المضبوطة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أورد الأدلة التي عول عليها في الإدانة بصورة مبتورة اجتزأ منها ما برر به قضاءه رغم تعارضها فيما بينها خاصة بالنسبة للآلة المستخدمة في الحادث، ثم عاد من بعد وأطرح هذه الأدلة بالنسبة للمتهم الآخر المقضى ببراءته، ولا يستفاد من أقوال شاهدي الإثبات توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين واقتصر اعترافهما على القول باعتدائهما على المجني عليه دون أن يقصدا قتله بما تكون معه الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى الموت، وأطرحت المحكمة طلبهما استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته عن صحة تصوير الشهود للواقعة وفي دفاعهما بأن التأخر في إسعاف المجني عليه هو الذي أدى لوفاته مما يقطع رابطة السببية بين إصاباته وبين الوفاة ولم تعرض الدفع رغم جوهريته. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة وما تبين من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية واعترافهما بالتحقيقات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها فتأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ المرجع في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون أقوال شهود الإثبات - وكان الطاعنان لا يجادلان في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن الجدل في ذلك توصلاً إلى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدته ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم فذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود والأدلة الأخرى في الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعنين دون المتهم الآخر الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأداة المستعملة في الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل لدى الطاعنين في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الواقعة متحققة في الجريمة ثابتة في حق المتهمين.... و.....، وذلك مما هو ثابت بالتحقيقات وسائر أوراق الدعوى وشهودها ومن اعتراف المتهم.... بالتحقيقات وسائر أوراق الدعوى وشهودها ومن اعتراف المتهم..... بالتحقيقات من أنه كان يقصد قتل المجني عليه ومن موالاته والمتهم...... الاعتداء على المجني عليه بقصد إزهاق روحه ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية من بيان للإصابات المتعددة والمتنوعة التي أحدثها المتهمين بالمجني عليه ووصفه لطبيعتها مما يؤكد أن المتهمين كانا ينتويان إزهاق روح المجني عليه ومن ثم تنتهي المحكمة إلى توافر نية القتل في حق المتهمين" وكان قصد القتل أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ثبوتها في حق الطاعنين أما القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر هذه النية فمردود بأن هذا القول - بفرض صحته - لا يقيد حرية المحكمة في استخلاص قصد القتل من كافة ظروف وملابساتها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر فإنه لا يجدي الطاعنان ما يثيرانه عن خطأ الحكم في إثبات توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما بفرض صحته ما دام إنهما لا يجادلان في توافر ظرف الترصد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد كما هي معرفة به في القانون وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب - هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمه بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهه يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعنين بمحضر الجلسة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه من أنه "كان يجب مناقشة الطبيب الشرعي في الإصابات هل يمكن حدوثها على الوجه الموضح بأقوال الشهود من عدمه...." فضلاً عن أنه لم يصر عليه في طلباته الختامية التي اقتصر فيها على طلب براءة الطاعنين واحتياطياً اعتبار الواقعة ضرباً، فإنه على هذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي نقل تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته من واقع ذلك التقرير في قوله ".... وإن الوفاة حدثت نتيجة الإصابات الرضية والقطعية مجتمعة وما صاحبها من هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية". فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد. ذلك أنه من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه، وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمد لتجسيم المسئولية - وهو ما لم يزعمه الطاعنان - ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.