الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 مايو 2019

الطعن 24966 لسنة 59 ق جلسة 7 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ق 84 ص 566


جلسة 7 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
------------------
(84)
الطعن رقم 24966 لسنة 59 القضائية

(1) تهريب جمركي. عقوبة. "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983. شرطه؟
(2) تهريب جمركي. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
نوعا الإعفاء الجمركي المنصوص عليهما في القوانين أرقام 65 لسنة 1971، 43 لسنة 1974، 203 لسنة 1989؟
(3) تهريب جمركي. قانون "قانون أصلح".
القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً أصلح من القانون القديم قانون أصلح للمتهم. المادة الخامسة عقوبات.
 (4)تهريب جمركي. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة التهريب الجمركي. عمديه. يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها.
عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذ نص عليها الشارع صراحة. أو كان استخلاصها سائغاً من نصوص القانون. إذ الأصل ثبوت القصد ثبوتاً فعلياً.
عدم مساءلة الشخص فاعلاً كان أو شريكاً إلا بقيامة بالفعل أو الامتناع المجرم قانوناً.
افتراض المسئولية. استثناء. قصره في الحدود التي نص عليها القانون فحسب.
(5) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". تهريب جمركي.
تجهيل الحكم. لأدلة الثبوت في الدعوى. يعيبه
مثال 

-----------------
1 - لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 1983 تنص على أن "يجوز بقرار رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير المالية الإعفاء من كل أو بعض الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها..... وذلك بالنسبة إلى الجهات الآتية: - 1 - ..... 2 - المشروعات التي يوافق عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974..... بالنسبة لما تستورده من أصول رأسماليه ومواد تركيبات البناء اللازمة لإنشاء هذه المشروعات.....". كما نصت المادة الخامسة منه على أن "تعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها وبشرط المعاينة: 1 - ما تستورده المنشآت المرخص لها بالعمل في المناطق الحرة من الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل (فيما عدا سيارات الركوب والأثاث) اللازمة لمزاولة نشاطها داخل المنطقة الحرة، وذلك دون إخلال بالأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادتين 36، 37 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 42 لسنة 1974، 2 - ....". ونصت المادة 11 من ذات القانون على أن مع عدم الإخلال بما نص عليه في هذا القانون من أحكام خاصة تخضع الإعفاءات الجمركية للأحكام الآتية: - 1 - .... 2 - .... 3 - تطبق الإعفاءات الجمركية الممنوحة للمشروعات المقامة داخل المناطق الحرة والدوائر الجمركية على ما يستخدم فقط داخل هذه المناطق..... وإذ كانت واقعات الدعوى على النحو السالف بيانه وعلى ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، تقطع بأن البضائع المضبوطة ليست من الأصول الرأسمالية أو مواد تركيبات البناء اللازمة لإنشاء الشركة مالكتها وأنها غير مستوردة من خارج البلاد بل مدخلة إلى المنطقة الحرة من داخل جمهورية مصر العربية ولا يدعى الطاعنان صدور قرار من رئيس الجمهورية بالإعفاء الجمركي، كما أنها ليست من المهمات والآلات اللازمة لمزاولة نشاط الشركة داخل المنطقة الحرة أو مما يستخدم فقط داخل المنطقة الحرة الخاصة بالشركة، ودخلتها خلسة ولم تخضع للمعاينة من الجهات المختصة قبل دخولها المنطقة الحرة، ومن ثم فإنها لا تتمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في أي من المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983.
2 - صدور القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار - بعد صدور الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى بحكم بات - وقد أورد في المادتين 31، 32 منه ذات الإعفاءات الجمركية المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 65 لسنة 1971 والمادتين 36، 37 من القانون 43 لسنة 1974 المقابلة لهما، ذلك أن البين من استعراض نصوص القوانين الثلاثة المذكورة أنها تضمنت نوعين من الإعفاء الجمركي أحدهما إعفاء مطلق من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها يرد على البضائع أو المواد الغير ممنوع تداولها والتي تصدر من المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التي تستورد إلى المنطقة الحرة من خارج البلاد وذلك فيما عدا ما هو منصوص عليه في هذه القوانين، إذ البين من استقراء تلك القوانين أن المشرع قصد المغايرة في الأحكام بين تلك الحالة - التي قصر الإعفاء الجمركي عليها - وبين إدخال بضائع ومواد محلية من داخل البلاد إلى المنطقة الحرة أو سحب بضائع منها للاستهلاك المحلي، فتعامل معاملة البضائع المستوردة من الخارج إلى داخل البلاد أو المصدرة من البلاد إلى الخارج من ضرورة اتخاذ الإجراءات المتبعة للاستيراد أو التصدير حسب الأحوال وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها. أما النوع الآخر من الإعفاءات الجمركية فهو إعفاء معينة يرد على الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل الضرورية للمنشآت المرخص بها في المنطقة الحرة والمواد المحلية التي تشتمل عليها البضائع التي تسحب من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي وكذا ما يسمح بإدخاله من بضائع إلى البلاد من المنطقة الحرة أو إليها من داخل البلاد وذلك بصفة مؤقتة لإصلاحها، ولإجراء عمليات تكميلية عليها.
3 - القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم.
4 - جريمة التهريب الجمركي جريمة عمديه يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
5 - من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وكان الحكم لم يبين كيفية استفادة الطاعنين من الجريمة وارتكاب المتهم الثالث لها لصالحهما ولحسابهما ودون أن يدلل على علمهما بارتكابه الجريمة أو يفصح عن سنده في أن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما فإن يكون معيباً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (طاعن) (2)..... (طاعن) (3)..... بأنهم شرعوا في تهريب البضائع الأجنبية والمحلية المبينة بالأوراق دون سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها بأن قاموا بإدخالها إلى المنطقة الحرة التابعة لشركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية دون اتخاذ الإجراءات الجمركية الواجبة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبس بها على النحو الوارد بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 45، 47، 37، 38، 57 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون 32 لسنة 1977 والمواد 56، 57، 59 من قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والمواد 4/ 2، 11، 13 من القانون رقم 91 لسنة 1983 بشأن تنظيم الإعفاءات الجمركية والمواد 121، 122، 124، 124 مكرراً، 125 من القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980 في شأن الجمارك.
ومحكمة جنح الشئون المالية والتجارية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل متهم سنتين مع الشغل وغرامة ألف جنيه وكفالة ألف جنيه لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لمصلحة الجمارك مبلغ 6088 جنيه و400 مليم ضعف الرسوم الجمركية المستحقة والمصادرة. عارضوا وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني (الطاعنان).
ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في التهريب الجمركي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنهما يتمتعان بالإعفاء الجمركي المنصوص عليه في القوانين أرقام 65 لسنة 1961 بشأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة 65 لسنة 1974 بإنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية كما أقام الحكم مسئولية الطاعنين عن الجريمة على مجرد كون الطاعن الأول رئيساً لمجلس إدارة الشركة التي يعمل بها المتهم الثالث وأن الطاعن الثاني هو المدير التجاري لها دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي لديهما بما يكفي لحمل قضائه منشئاً بذلك قرينة لم ينص عليها القانون هي افتراض علم الطاعنين بالواقعة، كل ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الأوراق ومدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه توجز في أنه بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1983 ضبط المتهم الثالث حال إدخاله سيارة محملة ببضائع أجنبية ومحلية مملوكة لشركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية، إلى المنطقة الحرة التابعة لها، بقصد اتجار الشركة فيها، وذلك دون اتخاذ الإجراءات الواجب إتباعها وسداد الضرائب والرسوم المقررة، وأن الطاعن الأول هو رئيس مجلس إدارة تلك الشركة وأن الطاعن الثاني المدير التجاري بها، وقد دفع الطاعنان تهمة الشروع في التهريب الجمركي المسندة إليهما بأنهما يتمتعان بالإعفاء الجمركي المنصوص عليه في القانونين رقمي 65 لسنة 1971 بشأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة عملاً بالقانون رقم 65 لسنة 1974 بإنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية. إلا أن هذا الدفع مردود بأن الإعفاءات الجمركية في تاريخ الواقعة - 27/ 11/ 1983 - يحكمها القانون رقم 91 لسنة 1983 بتنظيم الإعفاءات الجمركية الصادر بتاريخ 18 من يوليو سنة 1983 والمعمول به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 28 من يوليو سنة 1983، وذلك بحسبانه القانون الذي وقعت الجريمة في ظل العمل بأحكامه، وقد نص في المادة 13 منه على أن يعمل بالأحكام المنظمة للإعفاءات الجمركية الواردة به وإلغاء كل ما يخلف ذلك من إعفاءات جمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في العديد من القوانين والقرارات من بينها القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك والقانون رقم 43 لسنة 1974 - وهذا القانون الأخير قد نص صراحة على إلغاء القانون رقم 65 لسنة 1971 فضلاً عن أنه لاحق القانون إنشاء شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية - ولما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 1983 تنص على أن "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير المالية الإعفاء من كل أو بعض الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها..... وذلك بالنسبة إلى الجهات الآتية: - 1 - ..... 2 - المشروعات التي يوافق عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974..... بالنسبة لما تستورده من أصول رأسمالية ومواد وتركيبات البناء اللازمة لإنشاء هذه المشروعات.....". كما نصت المادة الخامسة منه على أن "تعفى من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها وبشرط المعاينة: 1 - ما تستورده المنشآت المرخص لها بالعمل في المناطق الحرة من الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل (فيما عدا سيارة الركوب والأثاث) اللازمة لمزاولة نشاطها داخل المنطقة الحرة وذلك دون إخلال بالأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادتين 36، 37 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974. 2 - ....". ونصت المادة 11 من ذات القانون على أن مع عدم الإخلال بما نص عليه في هذا القانون من أحكام خاصة تخضع الإعفاءات الجمركية للأحكام الآتية: 1 - ..... 2 - ..... 3 - تطبق الإعفاءات الجمركية الممنوحة للمشروعات المقامة داخل المناطق الحرة والدوائر الجمركية على ما يستخدم فقط داخل هذه المناطق.....". وإذ كانت واقعات الدعوى على النحو السالف بيانه وعلى ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، تقطع بأن البضائع المضبوطة محل الإدانة ليست من الأصول الرأسمالية أو مواد وتركيبات البناء اللازمة لإنشاء الشركة مالكتها وأنها غير مستوردة من خارج البلاد بل مدخلة إلى المنطقة الحرة من داخل جمهورية مصر العربية ولا يدعي الطاعنان صدور قرار من رئيس الجمهورية بالإعفاء الجمركي، كما أنها ليست من المهمات والآلات اللازمة لمزاولة نشاط الشركة داخل المنطقة الحرة أو مما يستخدم فقط داخل المنطقة الحرة الخاصة بالشركة فضلاً عن دخولها إليها خلسة دون أن تخضع للمعاينة من الجهات المختصة قبل دخولها المنطقة الحرة، ومن ثم فإنها لا تتمتع بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها المنصوص عليها في أي من المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 91 لسنة 1983 فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دفاع الطاعنين في هذا الصدد تأسيساً على أن القانون رقم 91 لسنة 1983 والقانون رقم 66 لسنة 1963 هما اللذان يحكمان واقعة الدعوى لا يكون قد أخطأ في شيء وتكون النتيجة التي خلص إليها في هذا الشأن متفقة والتطبيق القانون السليم. ولا يقدح في ذلك صدور القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار - بعد صدور الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى بحكم بات - وقد أورد في المادتين 31، 32 من ذات الإعفاءات الجمركية المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 65 لسنة 1971 والمادتين 36، 37 من القانون رقم 43 لسنة 1974 المقابلة لهما، ذلك أن البين من استعراض نصوص القوانين الثلاثة المذكورة أنها تضمنت نوعين من الإعفاء الجمركي أحدهما إعفاء مطلق من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها يرد على البضائع أو المواد الغير ممنوع تداولها والتي تصدر من المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التي تستورد إلى المنطقة الحرة من خارج البلاد وذلك فيما عدا ما هو منصوص عليه في هذه القوانين، والآخر إعفاء مقيد يرد على الأدوات والمهمات والآلات ووسائل النقل الضرورية للمنشآت المرخص بها في المنطقة الحرة والمواد المحلية التي تشتمل عليها البضائع التي تسحب من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي وكذا ما يسمح بإدخاله من بضائع إلى البلاد من المنطقة الحرة أو بإدخاله إليها من داخل البلاد وذلك بصفة مؤقتة لإصلاحها أو لإجراء عمليات تكميلية عليها. وفيما عدا ما تقدم فإن سحب بضائع من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي أو إدخال بضائع ومواد محلية من داخل البلاد إلى المنطقة الحرة، يعامل معاملة البضائع المستوردة من الخارج إلى داخل البلاد أو المصدرة من البلاد إلى الخارج من ضرورة اتخاذ الإجراءات المتبعة للاستيراد أو التصدير حسب الأحوال وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها. وإذ كانت واقعة الدعوى بما أظهرته من كيفية حدوث الضبط ونوعية البضائع المضبوطة التي دين الطاعنان بالشروع في تهريبها - على نحو ما سلف بيانه - تفصح عن أنها مما لا يشملها الإعفاء الجمركي بأي من نوعية التي أعاد القانون رقم 230 لسنة 1989 العمل بها، فلا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعنين، ذلك أن القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم، ويكون القانون رقم 91 لسنة 1983 هو الذي يسرى على واقعة الدعوى دون غيره تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أحال إلى الحكم المستأنف بشأن وقائع الدعوى التي خلص إلى تسبيب قضائه بالإدانة بقوله "لما كان ذلك، وكان المتهم الأول هو رئيس مجلس إدارة شركة إسكندرية للملاحة والمتهم الثاني المدير التجاري بها، بمعنى أنهما المسئولين عن الإدارة بالشركة والمستفيدين في النهاية وأن هذه الجريمة إنما ارتكبت لصالحهما وحسابهما ولا يقدح في ذلك ما أثاره الدفاع بشأن الجريمة وأن المتهم الثالث هو المسئول عنها إذ أنه يعمل لحسابهما وأمرهما فإذا كان هو فاعلاً أصلياً فإن المتهمين الأصليين شركاء له في الجريمة بما تنعقد معه مسئوليتهما الجنائية عند التهمة المسندة إليهما. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهريب الجمركي جريمة عمديه يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصاً سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفي الحدود التي نص عليها القانون، ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت ارتكاب الطاعنين للواقعة ولم يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعن الأول هو رئيس مجلس إدارة الشركة وأن الطاعن الثاني هو المدير التجاري بها وأنهما المستفيدين وأن الجريمة ارتكبت لصالحهما ولحسابهما وأن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما، مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها مسئولية الطاعنين عن واقعة التهريب الجمركي التي اقترفها المتهم الثالث - لمجرد كون الأول رئيس مجلس إدارة الشركة والثاني المدير التجاري بها وأنهما المسئولين عن الإدارة المستفيدين في النهاية من الجريمة ورغم ما قدمه الطاعن الأول من مستندات تفيد أنه لم يكن رئيساً لمجلس الإدارة وقت وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وكان الحكم لم يبين كيفية استفادة الطاعنين من الجريمة وارتكاب المتهم الثالث لها لصالحهما ولحسابهما ودون أن يدلل على علمهما بارتكابه الجريمة أو يفصح عن سنده في أن المتهم الثالث يعمل لصالحهما ولحسابهما، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 16420 لسنة 59 ق جلسة 25 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ق 78 ص 546


جلسة 25 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومحمد شعبان وعلي شكيب.
-----------
(78)
الطعن رقم 16420 لسنة 59 القضائية

محال صناعية وتجارية. قانون "تفسيره". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
إقامة محل تجاري أو صناعي أو مخزن وإدارتها. غير جائز إلا بترخيص. المادة 2 من القانون 453 لسنة 1954 والقسم الثاني من الجدول الملحق به.
قضاء الحكم بتبرئة المطعون ضده استناداً إلى أن إقامة مخزن لا يخضع لشروط الترخيص. خطأ في القانون.

----------------
لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية قد جرى نصها بأنه لا تجوز إقامة أي محل تسرى عليه أحكام هذا القانون أو إدارته إلا بترخيص وأن كل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري أو يضبط إن كان الإغلاق متعذراً، وكان القسم الثاني من جدول المحلات الصناعية والتجارية الملحق بالقانون المار بيانه يوجب الحصول على ترخيص عند إقامة المخازن ومحال بيع الأغذية، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر بما انتهى إليه من أن إقامة مخزن للمواد الغذائية لا يخضع لشروط الترخيص يكون قد أخطأ صحيح القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أقام المحل المبين بالمحضر بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18 من القانون 453 سنة 54 المعدل بالقانون رقم 359 لسنة 56 والقانون 117 سنة 1981. ومحكمة البلدية بالقاهرة قضت غيابياً بتغريم المتهم مائة جنيه والغلق على نفقته. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم.
فطعنت النيابة العامة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إقامة محل تجاري بدون ترخيص استناداً إلى أنه مخزن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالبراءة بقوله: "وحيث تبين من واقع محضر الضبط أن المحل موضوع المخالفة عبارة عن مخزن وهو بهذه الصفة غير خاضع للترخيص ومن ثم تنتفي التهمة ويتعين إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه" لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية قد جرى نصها بأنه لا تجوز إقامة أي محل تسرى عليه أحكام هذا القانون أو إدارته إلا بترخيص وأن كل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري أو يضبط إن كان الإغلاق متعذراً، وكان القسم الثاني من جدول المحلات الصناعية والتجارية الملحق بالقانون المال بيانه يوجب الحصول على ترخيص عند إقامة المخازن ومحال بيع الأغذية، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر بما انتهى إليه من أن إقامة مخزن للمواد الغذائية لا يخضع لشروط الترخيص يكون قد أخطأ صحيح القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك وكان خطأ الحكم المطعون فيه قد حجبه عن تمحيص موضوع الدعوى، فإنه يتعين مع نقضه الإعادة.

الأربعاء، 29 مايو 2019

الطعن 19153 لسنة 61 ق جلسة 18 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ق 74 ص 499


جلسة 18 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ بدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر ومصطفى عبد المجيد وعبد الرحمن أو سليمه.
-----------------
(74)
الطعن رقم 19153 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "وضعه. إصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة. غير لازم. كفاية التنبيه بأي كيفية تراها المحكمة.
 (3)تزوير "أوراق رسمية". عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
اعتبار الحكم جريمتي الاشتراك في تزوير بياني قيد الميلاد والبطاقات الشخصية والعائلية جريمة واحدة. ومعاقبة الطاعن الأول بالعقوبة المقررة للجريمة الأخيرة التي لم يقبل نعيه بشأنها. انتفاء مصلحته فيما يثيره بشأن جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد الميلاد.
(4) تزوير "أوراق رسمية". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
أثر الارتباط في العقوبة والمصلحة في الطعن في الحكم.
 (5)إثبات "بوجه عام" "شهود" "استعراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون صورة خاصة للتعرف على المتهم.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم. حد ذلك؟
 (6)إثبات "بوجه عام". أوراق رسمية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقناعية الدليل في المواد الجنائية. مؤداها: حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
 (7)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (8)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم - صحيحاً - إلى دليل ثابت في الأوراق. كفايته.
 (9)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تزوير "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في منطقه. لا يعيبه.
(10) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب تحقيق النيابة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم. علة ذلك؟
(11) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. نقص "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تمسك الطاعن بوجود متهمين آخرين في الدعوى. عدم جدواه. طالما أنه لا يحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها.
(12) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
 (13)تزوير "أوراق رسمية". قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب "أسباب الإباحة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات. عدم امتدادها إلى ارتكاب الجرائم.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
 (14)دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (16)تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. لا يلزم التحدث عنه صراحة في الحكم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
 (17)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير "أوراق رسمية حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
مثال:

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن القانون لا يتطلب اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأية كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء أكان هذا التنبيه سرياً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه، 
3 - لا يجدي الطاعن فيما أثاره في طعنه بالنسبة إلى جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية، ما دام الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية موضوع الدعوى وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية سالف الذكر، التي ثبتت في حقه وبرئ الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها، مما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة للجريمة المعنية.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جميعاً - بما فيها التهمة الأخيرة كفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً عن اسم غير حقيقي... مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة وأوقع عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم وهي جناية الاشتراك في تزوير محررات رسمية فإنه لا يكون للطاعنين - من بعد - مصلحة في هذا الوجه من الطعن.
5 - إن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المتهمة الثانية على الطاعن الأول ما دام تقديره قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون في غير محله.
7 - الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
8 - لما كانت مدونات الحكم واضحة الدلالة على أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول - العقيد..... - له أصوله الثابتة فيما قرره بجلسة المحاكمة بتاريخ 12 من يونيه سنة 1991، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فقد انحسرت عنه بذلك قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل.
9 - إن ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها وخلطه بينها، فإنه بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله إلى مقارفته والجرائم المسندة إليه.
10 - حيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة في السابع من يوليو سنة 1991 أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن (دفعاً) بقصور تحقيقات النيابة العامة لاستبعاد.... و.... دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المهلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه.
11 - من المقرر أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهام ذلكما الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
12 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع 
الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
13 - من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه لم ترد عليه.
14 - نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
15 - من المقرر إنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض.
16 - لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار باقي المتهمين وتلتفت عما أثاره دفاع كل منهم من أوجه التشكيك في أدلة الثبوت في الدعوى والسالف بيانها لاطمئنان المحكمة إلى تلك الأدلة التي جاءت متساندة مبرأة من قالة التناقض وتستخلص منها ما تطمئن معه إلى أن المتهم الرابع (أي الطاعن) هو الفاعل الأصلي في جريمة تزوير صورتي قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية بطريق الاصطناع بأن أنشأهما على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأديته وظيفته بسجل مدني.... ويختص بما كلفه به رؤساءه من أعمال سواء كان هذا التكليف مكتوباً أو شفوياً والثابت أنه قام بتحرير هذين المحررين بتكليف من رئيسه المتهم الثالث وهو ملم بأن البيانات التي أثبتها في هذين المحررين مخالفة للحقيقة وتستخلص المحكمة هذا العلم من كونه موظفاً بالسجل المدني وعلى دراية بالأعمال التي يباشرها فيه وبإجراءاتها ومع أن العمل المسند إليه كتابة ينصب على قيد واقعات الوفاة فإن إقدامه على تحرير بيانات صورتي قيد واقعتي الميلاد محل الاتهام معتمداً على إملائها له من المتهم الثالث دون أن يرجع في شأنها إلى دفتر قيد المواليد اعتماداً على ثقته في المتهم الثالث حسبما ادعى لا يعتبر إهمال في مباشرة أعمال وظيفته وإنما يكشف بجلاء عن علمه بأن ما أثبته في هذين المحررين مخالف للحقيقة وأنهما مزورين الأمر الذي أكده الشاهد المقدم.... في أقواله بتحقيق النيابة..... وحيث إنه بالنسبة لواقعه تزوير البطاقات الشخصية والعائلية واستمارات طلب الحصول عليها...... تستخلص المحكمة علم المتهم الرابع بتزوير تلك البطاقات من ثبوت علمه بمخالفة البيانات التي حررها في صورتي قيد ميلاد المجانيتين لغرض الحصول على بطاقة للأسباب التي سبق أن أوردتها المحكمة بصدد تزويره لهذين المحررين فضلاً عن توقيعه كشاهد على استمارتي طلب جوازي سفر المتهمتين الأولى والثانية في وقت معاصر الأمر الذي يكشف عن معرفته بحقيقة أمر هاتين المتهمتين ومخالفة البيانات الخاصة بهما للحقيقة....." وهو رد سليم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين "محكوم عليهم" بأنهم أولاً: الطاعنون اشتركوا بطريق الاتفاق فيما بينهم بطريق المساعدة مع موظفين عموميين آخرين حسنى النية بسجل مدني.... في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي طلبات الحصول على البطاقات أرقام 127093 شخصية.....، 100730عائلية..... بدل فاقدها و127142 شخصية..... وبدل فاقدها وكررت تلك البطاقات وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن أثبتوا بتلك المحررات أن المتهمين الآخرين مسيحيتين الديانة وأنهما من مواليد..... وذلك على خلاف الحقيقة وأرفقوا بها المحررات المزورة موضوع التهمة المنسوبة للآخرين وأمدوه بالبيانات اللازمة فقام الموظفان حسنى النية باستخراج البطاقتين سالفتا الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق فيما بينهم وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمون (الطاعنون) اشتركوا والمتهمتين الأخرتين وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو الموظف المختص باستخراج جوازات السفر بقسم جوازات.... في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما طلبات الحصول على الجوازين رقمي 536093، 529076 وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرهما بأن أمدوه بطلبات جوازي السفر والبيانات الواردة بالبطاقتين المزورتين السالف الإشارة إليهما وذلك على خلاف الحقيقة فقام الموظف المذكور باستخراج الجوازين سالفي الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق فيما بينهم وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 42، 211، 213، 214، 216 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة الطاعن الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: بمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما أسند إليهم باعتبار أن التهمة المسندة إلى الطاعن الثاني هي تزوير في محررين رسميين هما بياني قيد ميلاد المتهمتين الأخرتين. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنين الأول والثالث ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم تزوير محررات رسمية واشتراك فيه وكفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية (..... و.....) في استحصالها على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد، ذلك أنه قد اكتفى في بيان واقعة الدعوى على ما ورد عنها بوصف الاتهام ودون أن يفطن إلى تعديل الوصف، كما إن المحكمة عدلت وصف التهمة بالنسبة للطاعن الأول من فاعل أصلي في جريمة تزوير - في محررين رسميين هما بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية - إلى اشتراك فيها دون لفت نظر الدفاع، وأضافت - بعد أن سمعت الدعوى وقررت إقفال باب المرافعة - تهمة جديدة (التهمة الأخيرة) لم ترد في أمر الإحالة، كما أن الطاعن تمسك ببطلان عملية العرض وإهدار الدليل المترتب عليها استناداً إلى أنه عرض منفرداً على المتهمة الثانية أثناء تواجدها في غرفة التحقيق، إلا أن المحكمة عولت في قضائها بإدانته على الدليل المستمد من تلك العملية، وقدم للمحكمة مستندين ثابت منهما عدم اختصاصه بالإشراف على السجل المدني بـ...... وأن ذلك من عمل أمين السجل وتمسك بدلالتهما على انتفاء مسئوليته، إلا أن المحكمة أغفلت هذين المستندين ولم تقل كلمتها فيهما، كما خالف الحكم الثابت في الأوراق إذ أورد بمدوناته - فيما أورد - أن الطاعن الأول كان يعمل يوم 20/ 12/ 1989 بمكتب سجل..... منوف وأن استخراج البطاقة المزورة للمتهمة الأولى تم في ذلك اليوم استناداً من الأوراق والكشوف التي قدمها الشاهد الأول - في حين أن الثابت أن تاريخ استخراج تلك البطاقة كان يوم 20/ 12/ 1989 أثناء قيام هذا الطاعن بإجازة مرضية، ونسب الحكم إلى الشاهد المذكور قوله أن الطاعن المذكور كان يعمل - في الفترة المعاصرة لوقائع الاتهام - مفتشاً مساعداً بمكتب السجل بـ..... ويشرف على أعمال المكتب وموظفيه وله الرئاسة على أمين السجل في حين أن أقواله في التحقيقات التي أجرتها المحكمة بجلسة 13/ 6/ 1991 قد خلت من ذلك إذ أنه شهد بأن أمين السجل هو المسئول عن أعمال المكتب وموظفيه وكل موظف مسئول عن عمله بصفته شخصية وأن المفتش المساعد مسئول عن أعماله الشخصية التي تصدر منه، وأطرح الحكم بأسباب غير سائغة دفاعه القائم على أنه لم يكن موجوداً في مكتب السجل المدني بـ..... في تواريخ استخراج البطاقات المزورة وأنه كان في إجازة اعتيادية ومرضية في تلك الفترة، ونسب الحكم إلى الشاهدين.... و.... في هذا الشأن ما لم يقولا به وخلط بين أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله:"..... تتحصل في أن التهمة الأولى.... المولودة بتاريخ 15/ 6/ 1942 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط المطلقة من زوجها....، وبنتها المتهمة الثانية..... المولودة، بتاريخ 5/ 7/ 1966 بدولة أثيوبيا والمسلمتي الديانة بعد اعتناق الأولى للدين المسيحي - سعياً من كليهما للحصول على بطاقة وجواز سفر ليتمكناً من مغادرة الجمهورية إلى الخارج دون أن تكشف السلطات المختصة بسر أمرهما فقد اتخذت كل منهما لنفسها اسماً مسيحياً فتسمت المتهمة الأولى باسم.... وتمست الثانية باسم.... واتفقتا مع المتهم الثالث (الطاعن الأول)..... المفتش المساعد بسجل مدني..... محافظة....... على أن يحصل لكل منهما على بطاقة وجواز سفر مزورين بالاسم الذي تسمت به وبناء على هذا الاتفاق وفى خلال شهري ديسمبر سنة 1989 ويناير سنة 1990 قام المتهم الثالث بدوره بالاتفاق مع المتهم الرابع (الطاعن الثاني)..... الموظف بسجل مدني..... على تزوير صورة رسمية مجانية تفيد واقعة ميلاد لغرض استخراج بطاقة لكل من المتهمتين الأولى والثانية بالاسم الذي تسمت به السالفة بيانه على أنهما مولودتان بـ..... وذلك بطريق الاصطناع وساعده على تزوريها أن أملاه بياناتهما على أن المتهمة الأولى مولودة بتاريخ 15/ 6/ 1942 بـ.... وأن واقعة ميلادها مقيدة بدفتر مواليد السجل برقم 7801 بتاريخ 19/ 11/ 1962 وأن المتهمة الثانية مولودة بتاريخ 18/ 8/ 1968 بـ..... وأن واقعة ميلادها مقيدة بدفتر مواليد ذلك السجل برقم 7365 بتاريخ 27/ 8/ 1968 وذلك خلافاً للحقيقة إذ أن الواقعة الأولى خاصة بميلاد..... والواقعة الثانية خاصة بميلاد....، فقام المتهم الرابع بإنشاء هذين المحررين الرسميين على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأدية وظيفته بأن أثبت فيهما بخطه تلك البيانات المخالفة للحقيقة مع علمه بتزويرها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. كما قام المتهم الثالث، بناء على اتفاقه مع المتهمتين الأولى والثانية والرابع والخامس (الطاعن الثالث)..... الموظف بسجل مدني بـ.... بمساعدة موظفي سجل مدني بـ.... المختصين باستخراج البطاقات الخاضعين لرئاسته وإشرافه والحسنى النية، على تزوير البطاقات رقم 127093 شخصية بـ..... الصادرة بتاريخ 24/ 12/ 1989 وبدل فاقدها الصادر بتاريخ 1/ 1/ 1991 بالاسم الذي تسمت به المتهمة الثانية بأن قدم المتهم الثالث لهؤلاء الموظفين استمارات طلبات حصول كل من المتهمتين الأولى والثانية على تلك البطاقات ثابت بها أن كل منهما مولودة بـ..... وبالتاريخ المعطى لميلادهما وأنهما مسيحيتي الديانة خلافاً للحقيقة مشوبة بإمضاءات وبصمات كل من المتهمتين التي حصل المتهم الثالث عليها منهما بمنزله بـ..... وتوقيعات المتهمين السادس والسابع كشاهدين على تلك الاستمارات مرفقاً بها صورتي قيد ميلاد المزورين اللتين أنشأهما المتهم الرابع لهذا الغرض وأدلى المتهم الثالث لهؤلاء الموظفين بالبيانات اللازمة وكلفهم بحكم رئاسته لهم باستكمال بيانات هذه الاستمارات واتخاذ إجراءات استخراج تلك البطاقات للمتهمتين على أنهما معرفتين له واستجابة لطلبه قام كل من.... الموظف المختص باستلام استمارات الحصول على البطاقات الشخصية باستكمال بيانات هذه الاستمارات بتأشير كل منهما بإمضائه على الاستمارات المختص بها بما يفيد أنه الأخذ لبصمة كل من المتهمتين على ما يخصها من استمارات واعتماد توقعي شاهدي كل استمارة على أنها صدرت منهم أمام كل منهما خلافاً للحقيقة استجابة لطلب المتهم الثالث، بينما قام المتهم الخامس..... بناء على اتفاق مع المتهم الثالث، بالمساعدة في تزوير البطاقة العائلية رقم 100730 بـ..... الخاصة بالمتهمة الأولى بقيد بياناتها بالسجل المدني برقم قيد عائلي جديد على أنها رب أسرتها التي تشمل بنتها المتهمة الثانية بعد وفاة زوجها الذي سمي في الاستمارة باسم..... خلافاً للحقيقة رغم أنها لم تقدم ما يثبت ذلك بالمخالفة لقانون الأحوال المدنية ولائحته التنفيذية وبناء على هذا الاتفاق بين المتهمين من الأولى للخامس والمساعدة التي قدمها المتهمون الثالث والرابع والخامس قام الموظفون المختصون بسجل مدني منوف باستخراج البطاقات المزورة سالفة الذكر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. كما استعملت المتهمة الأولى بطاقتها العائلية رقم 100730 بدل فاقد بـ.... المزورة واستعملت المتهمة الثانية بطاقتها الشخصية رقم 127042 بـ..... المزورة مع علمهما بتزويرهما بأن قدمت كل منهما بطاقتها سالفة الذكر إلى قسم جوازات بـ..... وحصلت بموجبها على جواز سفرها بالاسم الغير حقيقي، كما قامت المتهمة الأولى بالحصول على جواز السفر رقم 536092 بـ..... بتاريخ 9/ 1/ 1991 وحصلت المتهمة الثانية على جواز السفر رقم 29076 بـ..... بتاريخ 26/ 12/ 1989 وتسمت كل منهما في جوازها بالاسم الغير حقيقي الذي تسمت به في بطاقتها المزورة حسبما سلف البيان بينما كفل المتهمون الثالث والرابع والخامس كل من المتهمتين في الحصول على جوازها المشتمل على الاسم الغير حقيقي مع علمهم بذلك بأن وقع المتهمان الرابع والخامس على استمارات طلب كل من جوازي المتهمتين كشاهدين على بياناتهما وضامنين لهما ووقع المتهم الثالث على الاستمارتين باعتماد توقيعي المتهمين الرابع والخامس عليهما وإدراج اسمه فيهما مقروناً بعنوانه ورقم تليفون منزله بـ..... الذي أقر بصحته - باعتباره ممن يمكن مراجعتهم عند الضرورة" وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين بما ينتجها من وجوه الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون وإذ كان صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يتطلب اتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأيه كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء أكان هذا التنبيه سرياً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المحكمة عدلت وصف التهمة المرفوعة به الدعوى من تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية إلى اشتراك فيه بالنسبة للطاعن الأول وذلك في الجلسة العلنية وفى مواجهة الطاعن ذاته والمدافع عنه قبل أن يبدأ مرافعته ثم أبدى مرافعته على هذا الأساس، فإن في ذلك ما يكفي لتنبيهه إلى هذا التعديل ومن ثم ينحسر عن الحكم دعوى الإخلال بحق الدفاع ومن جهة أخرى لا يجدي هذا الطاعن فيما أثاره في طعنه بالنسبة إلى جريمة الاشتراك في تزوير بياني قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية، ما دام الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية موضوع الدعوى وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الاشتراك في تزوير البطاقات الشخصية والعائلية سالفي الذكر، التي ثبتت في حقه وبرئ الحكم من المناعي الموجهة إليه بخصوصها، مما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة للجريمة المعنية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جميعاً - بما فيها التهمة الأخيرة كفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي..... مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة وأوقع عليها العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم وهي جناية الاشتراك في تزوير محررات رسمية فإنه لا يكون للطاعنين - من بعد - مصلحة في هذا الوجه من الطعن. لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يقم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المتهمة الثانية على الطاعن الأول ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، فإن بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن الأول من خطأ الحكم - في بيان تاريخ استخراج إحدى البطاقات التي دين بالاشتراك في تزويرها وبأن تاريخ استخراجها الصحيح كان في فترة إجازته المرضية - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها بعد أن اطمأنت المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات من حضور الطاعن المذكور إلى مكتب السجل المدني في تاريخ استخراج البطاقات التي دين بالاشتراك في تزويرها ومن أن حصوله على إجازة مرضية لم يكن ليحول دون حضوره إلى مكتب السجل المدني طالما لم يثبت أنه كان ملازماً الفراش، ومن ثم فإن ما يثيره هذا الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم واضحة الدلالة على أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول - العقيد.... - له أصوله الثابتة فيما قرره بجلسة المحاكمة بتاريخ 12 من يونيه سنة 1991، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فقد انحسرت عنه بذلك قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان أرقام البطاقات المستخرجة وتواريخ صدورها وخلطة بينها، فإنه بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله إلى مقارفته والجرائم المسندة إليه، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة لما هو مقرر - على ما سلف - من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها - لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير في محررات رسمية واشتراك في وكفالة كل من المتهمتين الأولى والثانية في استحصالهما على جواز سفر مشتملاً على اسم غير حقيقي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع بقصور تحقيق النيابة لإغفاله آخرين هما...... و...... وبتلفيق التهمة وبانحسار الحقيقة عنها، كما دفع بانطباق حكم المادة 63 من قانون العقوبات عليه لأن ما صدر من الطاعن كان طاعة لأمر رئيسه (المحكوم عليه......) وبأن هذا الأخير هو المتهم الوحيد في الدعوى كما دفع - أيضاً - بعدم توافر القصد الجنائي في حق الطاعن تأسيساً على أنه لم يكن يعلم بأن البيانات التي أمليت عليه مزورة، إلا أن الحكم أطرح كل هذا الدفاع بما لا يسوغ به إطراحه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة في السابع من يوليو سنة 1991 أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن (دفعاً) بقصور تحقيقات النيابة العامة لاستبعاد...... و..... دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المهلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه هذا فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهام ذالكما الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومن ثم منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه لم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وفي وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار باقي المتهمين وتلتفت عما أثاره دفاع كل منهم من أوجه التشكيك في أدلة الثبوت في الدعوى والسالف بيانها لاطمئنان المحكمة إلى تلك الأدلة التي جاءت متساندة مبرأة من قالة التناقض وتستخلص منها ما تطمئن معه إلى أن المتهم الرابع (أي الطاعن) هو الفاعل الأصلي في جريمة تزوير صورتي قيد ميلاد المتهمتين الأولى والثانية بطريق الاصطناع بأن أنشأهما على غرار المحررات الصحيحة في أثناء تأديته وظيفته بسجل مدني بـ...... ويختص بما كلفه به رؤساءه من أعمال سواء كان هذا التكليف مكتوباً أو شفوياً والثابت أنه قام بتحرير هذين المحررين بتكليف من رئيسه المتهم الثالث وهو ملم بأن البيانات التي أثبتها في هذين المحررين مخالفة للحقيقة وتستخلص المحكمة هذا العلم من كونه موظفاً بالسجل المدني وعلى دراية لأفعال التي يباشرها فيه وبإجراءاتها ومع أن العمل المسند إليه كتابه ينصب على قيد واقعات الوفاة فإن إقدامه على تحرير بيانات صورتي قيد واقعتي الميلاد محل الاتهام معتمداً على إملائها له من المتهم الثالث دون أن يرجع في شأنها إلى دفتر قيد المواليد اعتماداً على ثقته في المتهم الثالث حسبما ادعى لا يعتبر إهمال في مباشرة أعمال وظيفته وإنما يكشف بجلاء عن علمه بأن ما أثبته في هذين المحررين مخالف للحقيقة وأنهما مزورين الأمر الذي أكده الشاهد المقدم..... في أقواله بتحقيق النيابة..... وحيث إنه بالنسبة لواقعة تزوير البطاقات الشخصية والعائلية واستمارات طلب الحصول عليها..... تستخلص المحكمة علم المتهم الرابع بتزوير تلك البطاقات من ثبوت علمه بمخالفة البيانات التي حررها في صورتي قيد ميلاد المجانيتين لغرض الحصول على بطاقة للأسباب التي سبق أن أوردتها المحكمة بصدد تزويره لهذين المحررين فضلاً عن توقيعه كشاهد على استمارتي طلب جوازي سفر المتهمتين الأولى والثانية في وقت معاصر الأمر الذي يكشف عن معرفته بحقيقة أمر هاتين المتهمتين ومخالفة البيانات الخاصة بهما للحقيقة..." وهو رد سليم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون كسابقة - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 19324 لسنة 61 ق جلسة 19 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ق 75 ص 518


جلسة 19 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة ومصطفى محمد صادق وأحمد عبد القوي خليل.
--------------
(75)
الطعن رقم 19324 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
مفاد اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليه؟
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
التناقض في أقوال المجني عليه. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً. لا تناقض فيه.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لها أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة.
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأخر المجني عليه في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. ما دامت قد أطمأنت إليها. خصومة الشاهد للمتهم لا تمنع من الأخذ بشهادته.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
 (4)إكراه. اعتراف. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". استجواب.
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه أو بناء على استجواب باطل لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
 (5)إثبات "بوجه عام" "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناع المحكمة بالأدلة.
 (6)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
مثال.
 (7)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأخر الضابط في تحرير محضر ضبط الواقعة لا يدل حتماً على عدم جديته.
تقدير القوة التدليلية من سلطة محكمة الموضوع. المجادلة في ذلك أمام النقض غير جائز.
 (8)استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول. أمام النقض.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
 (10)إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين المجني عليه والطاعنين قول جديد. حق المحكمة في تقديره.
 (11)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. شرط ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(12) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
(13) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(14) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
سكوت المحكمة عن التعرض لشهادة شهود النفي. مؤداه؟
(15) حكم "تسبيه. بيانات التسبيب. عقوبة "العقوبة المبررة". بطلان.
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة واجبة التطبيق.
مثال.
 (16)سلاح. ظروف مشددة. سرقة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
مناط اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في جريمة المادة 316 عقوبات؟
(17) ظروف مشددة. سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ظرف الليل في جريمة السرقة. موضوعي.

----------------
1 - لما كان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع. وكان التناقض في أقوال المجني عليه. بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
2 - إن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك.
3 - إن تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها. وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة فإن كافة ما يثيره الطاعنان في شأن أقوال المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا ببطلان أقوالهما بمحضر جمع الاستدلالات وأنها كانت وليدة إكراه أو بناء على استجواب باطل فإنه لا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها وكان ما أورده الحكم بالنسبة لإقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في بيان دليلاً الإثبات الذي استمده منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس.
6 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وكانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال الضابط المذكور في أن الطاعنين ارتكباً الجريمة التي دانهما الحكم بها فإن منعى الطاعنين يضحى ولا محل له إذ هو لا يعدو أن يكون عودا إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية.
7 - مجرد التأخير في فتح محضر الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال الضابط ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
8 - لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بشأن تعويل الحكم على أقوال المجني عليه والضابط شاهد الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيئاً عن إقرار التنازل المشار إليه بأسباب الطعن فإنه لا يكون لأيهما أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه أو الرد على دفاع لم يثر أمامها.
10 - لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين الطاعنين في معرض نفي التهمة عنهما إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أو تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى إطراح الصلح ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد.
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهد بها وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها المجني عليه والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتها فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليه أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
12 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
13 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير مقبول.
14 - لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض لشهادة النفي لأن مؤدى السكوت أن المحكمة أطرحتها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت.
15 - لما كانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة أخذاً من أسباب حكمها أن السرقة قد وقعت ليلاً من شخصين فأكثر أحدهم يحمل سلاحاً المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات وليست المادة 315 كما ورد خطأ بالحكم المطعون فيه، وكان من المقرر إن الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق فإن خطأه في ذكر مادة العقاب لا يبطله ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أنه لم يبين الطريق ومن تعديل وصف التهمة من سرقة بالمادة 316 من قانون العقوبات إلى سرقة في الطريق العام بالمادة 315 من ذات القانون في غير محله.
16 - العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاً من الأسلحة التي تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة وهو الأمر الذي خلصت إليه المحكمة في الدعوى المطروحة في حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير سديد.
17 - من المقرر أن ظرف الليل في جريمة السرقة مسألة موضوعية ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - بأنهما سرقا الخاتم الذهبي والنقود المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ..... وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه إلى مكان الواقعة وقاما بالإمساك بكلتا يديه من الخلف بقصد شل حركته بينما قام المتهم الآخر بإشهار مطواة في وجهه وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر وكان ذلك ليلاً حال كونهما أكثر من شخصين وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن ما ينعاه الطاعنان - في تقريري الأسباب المقدمين منهما - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما وآخر بجريمة السرقة ليلاً مع تعدد الجناة وحمل السلاح قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه عول على أقوال المجني عليه في حمل قضائه بالإدانة مع أنها لا تؤدى إلى النتيجة التي رتبها عليها، وبالرغم من تأخره من الإبلاغ عن الواقعة، وتعدد رواياته وتناقض ما قرره بمحضر جمع الاستدلالات مع ما شهد به في تحقيقات النيابة العامة، ورغم ما بينه وبين المحكوم عليه الثالث من خلافات، كما عول الحكم على أقوال الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات ولم يورد مضمون ومؤدى تلك الأقوال ووجه استدلاله بها على ثبوت التهمة في حقهما، وعلى الرغم من أنهما أدلياً بها وهما في قبضة الشرطة وتحت إكراه وبناء على استجواب باطل، كما استند الحكم من بين ما استند إليه إلى شهادة الرائد...... ومرجعها التحريات التي اعتمد الحكم على ما جاء بها وهي لا تصلح دليلاً على الإدانة والتفت الحكم عن الإقرار الذي تنازل فيه المجني عليه عن الاتهام، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعنين باستحالة وقوع الحادث حسب تصوير المجني عليه له ومن أن الاتهام ملفق وأن محضر الضبط تم تحريره بعد احتجاز الطاعنين بقسم الشرطة أكثر من ثلاثة أيام بدون مقتض وتأيد ذلك بأقوال الطاعنين وشهود النفي، هذا وفات الحكم أن يستظهر ظرفي السلاح والليل، ولم يبين الطريق العام، كما أن المحكمة عدلت وصف التهمة دون لفت نظر الدفاع كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع. وكان التناقض في أقوال المجني عليه - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك. وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها. وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة فإن كافة ما يثيره الطاعنان في شأن أقوال المجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا ببطلان أقوالهما بمحضر جمع الاستدلالات وأنها كانت وليدة إكراه أو بناء على استجواب باطل فإنه لا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها وكان ما أورده الحكم بالنسبة لإقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في بيان دليل الإثبات الذي استمده منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وكانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال الضابط المذكور في أن الطاعنين ارتكبا الجريمة التي دانهما الحكم بها فإن منعى الطاعنين يضحى ولا محل له إذ هو لا يعدو أن يكون عوداً إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية. لما كان ذلك وكان مجرد التأخير في فتح محضر الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال الضابط ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وإنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بشأن تعويل الحكم على أقوال المجني عليه والضابط شاهد الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيئاً عن إقرار التنازل المشار إليه بأسباب الطعن فإنه لا يكون لأيهما أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه أو الرد على دفاع لم يثر أمامها، هذا فضلاً عن أن ما أثاره الطاعنان بوجه النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته صلحاً. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين الطاعنين في معرض نفي التهمة عنهما إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى إطراح الصلح ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهد بها وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها المجني عليه والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتها فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليه أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض لشهادة النفي لأن مؤدى السكوت أن المحكمة أطرحتها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت. لما كان ذلك وكانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة أخذاً من أسباب حكمها أن السرقة قد وقعت ليلاً من شخصين فأكثر أحدهم يحمل سلاحاً المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات وليست المادة 315 كما ورد خطأ بالحكم المطعون فيه، وكان من المقرر أن الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق فإن خطأه في ذكر مادة العقاب لا يبطله ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أنه لم يبين الطريق ومن تعديل وصف التهمة من سرقة بالمادة 316 من قانون العقوبات إلى سرقة في الطريق العام بالمادة 315 من ذات القانون في غير محله لما كان ذلك وكانت العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاً من الأسلحة التي تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة وهو الأمر الذي خلصت إليه المحكمة في الدعوى المطروحة في حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن ظرف الليل في جريمة السرقة مسألة موضوعية ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعنين يكونان على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً.