الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 مارس 2019

الطعن 60 لسنة 60 ق جلسة 1/3 /1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 5 ص 24


جلسة 3 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. علي فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نواب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم.
-----------
(5)
الطعن رقم 60 لسنة 60 القضائية

 (1)قتل عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة". ارتباط. إعدام. سرقة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". 
سبق الإصرار. اقتضاؤه. قيام القصد المصمم لدى الجاني على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير فيها في هدوء وروية
البحث في توافر سبق الإصرار. لمحكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها شرط ذلك؟ 
توافر نية السرقة والتصميم عليها. عدم انعطافه حتماً على جريمة القتل
يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 3 عقوبات. أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار
(2) قتل عمد. ظروف مشددة. جريمة "أركانها". سبق إصرار. عقوبة "تطبيقها". إعدام. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
العقوبة المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد المنصوص عليها في المادة 230 عقوبات هي الإعدام. عقوبة جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد والمرتبط بجنحة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات. هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة
قيام الحكم بالإعدام استناداً إلى قيام سبق الإصرار والارتباط في حق الطاعن. قصوره في التدليل على ظرف سبق الإصرار. أثره؟ 
 (3)نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". إعدام
وجوب عرض النيابة العامة الحكم الصادر حضورياً بالإعدام على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها. أساس ذلك؟
(4) نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "أثر الطعن". إعدام
اندراج العيب الذي شاب الحكم تحت حكم المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. أثره: وجوب نقض الحكم.
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. توجب امتداد أثر الطعن لمحكوم عليه لم يقرر بالطعن.

------------
1 - لما كان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية، وكان البحث في توافر هذا الظرف، ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وإذ كان ما ساقه الحكم المعروض استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهم، وإن كان يوحي في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث مما لا يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهم على سرقة حلي المجني عليها وتدبيرهم لارتكاب هذه السرقة وتصميمهم عليها، وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهم على قتل المجني عليها لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً على جريمة القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين خاصة وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث واعترافات المحكوم عليها الأولى قد خلا مما يدل يقيناً على توافر سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل، بل إن الحكم في بيانه لاعترافات المحكوم عليها الأولى - وهي عماد قضائه - قد نقل عنها أن ما قامت به بناءً على اتفاق مع المحكوم عليهما الآخرين من استدراج المجني عليها إنما كان بقصد الاستيلاء على حليها الذهبية دون الإشارة إلى أن قتل المجني عليها كان يدخل في تنفيذ الخطة الموضوعة للاستيلاء على تلك الحلي، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المعروض أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهم، وأن يورد الإمارات والمظاهر الخارجية المنتجة التي تكشف عن توافره، وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون عقوبة الإعدام التي أنزلها بالمحكوم عليهما الثاني والثالث مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجنحة سرقة طبقاًَ للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها
2 - أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار والترصد في حين تنص المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه "وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة". ولما كان الحكم المعروض - وعلى ما يبين من مدوناته - قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين - سبق الإصرار والاقتران - وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث، فإنه وقد شاب استدلاله على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه، في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر - وهو الاقتران - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام
3 - إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه "إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39
4 - لما كان العيب الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 30 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المعروض والإعادة بالنسبة للمحكوم عليهما الثاني والثالث المقضي عليهما بعقوبة الإعدام وأيضاً بالنسبة للمحكوم عليها الأولى التي لم تطعن في الحكم، وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلها وكان ذلك بأن توجهت إليها المتهمة الأولى بمنزلها وأقنعتها بالخروج للنزهة وما أن تقابل معهما المتهمان الآخران انقض أولهما عليها وكتم أنفاسها وساعده ثانيهما في ذلك قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكبوا هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة وهي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا المصوغات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/ خامساً عقوبات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قررت حضورياً وبإجماع الآراء إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية. وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهمة الأولى بالأشغال الشاقة المؤبدة، ثانياً: وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهمين الآخرين بالإعدام شنقاً
وقد عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة طبقاً لما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وقدمت في الميعاد المبين بالمادة 34 من هذا القانون مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما الثاني والثالث
ومن حيث إن الحكم المعروض، بين واقعة الدعوى في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها في الجلسة تتحصل في أن كلاً من المتهمين..... و...... اتفقا مع المتهمة..... على استدراج المجني عليها...... لقتلها وسرقة مصاغها لما يعلمانه من علاقة الجوار والصداقة التي تربطهما والتي وصلت إلى الحد الذي كانت تبوح فيه الأخيرة للأولى بأسرارها ومن تحب ومن تكره فتقابلت معها وزعمت لها أن من يدعى...... وهي من تحبه المجني عليها يريد مقابلتها صباح يوم الأحد بميدان أم المصريين بالجيزة واتفقا على اللقاء أمام إحدى المكتبات ومن هناك توجهت بها إلى ناحية مستشفى أم المصريين حيث كان ينتظرهما المتهمان في إحدى سيارات الأجرة وقد ترددت المجني عليها بادئ الأمر في الركوب فأقنعتها حتى ركبت إلى جوار المتهمين في المقعد الخلفي بينما ركبت المتهمة بجوار السائق، وكان المتهمان يوجهانه حتى وصل الجمع إلى منطقة أبي زعبل فنزلوا وانصرفت السيارة بعد أن نقد المتهم...... قائدها عشرة جنيهات وتوجهوا ناحية المقابر ودخلوا أرضاً منزرعة بالفول وجلسوا تحت شجرة حيث جلس....... والمجني عليها وقبالتهم جلست المتهمة وزميلها........ متظاهرين بالمزاح وفجأة انقض عليها المتهم الثاني مكمماً فمها بمنديل أخرجه من جيبه بينما قام زميله المتهم الثالث بالضغط على رقبتها بإيشارب كانت ترتديه قاصدين قتلها وكانت المتهمة الأولى بجوارها ترقب كل ذلك حتى اطمأن الثلاثة إلى موتها فقاموا بسرقة سوارين من الذهب كانتا بيدها اليمنى وغادروا المكان"، واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من شهادة الرائد...... رئيس مباحث مركز شبين القناطر ومن اعتراف المتهمة الأولى بالتحقيقات ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وقد حصل الحكم أقوال الشاهد بما مؤداه أن تحرياته دلت على أن المتهمة الأولى شوهدت مع المجني عليها صباح يوم الحادث، وإذ ناقشها في ذلك فقد اعترفت له بمضمون ما اعترفت به في التحقيقات وقد أورد الحكم مؤدى هذا الاعتراف في قوله "واعترفت المتهمة....... في التحقيقات بأن المتهمين..... و..... كانا قد اتفقا معها على استدراج المجني عليها...... للاستيلاء على حليها الذهبية فتوجهت إلى المذكورة وزعمت لها بأن من يدعى..... تربطه بها علاقة عاطفية يريد مقابلتها واتفقا على اللقاء صباح يوم الحادث وما إن التقيا حتى توجهت بها إلى ناحية مستشفى أم المصريين حيث كان ينتظرهما المتهمان في سيارة أجرة وقد ترددت في الركوب فأقنعتها بالإذعان وقد ركبت بجانب السائق بينما ركبت المجني عليها في الخلف بجوار المتهمين وتوجهت السيارة بإرشاد المذكورين إلى منطقة أبي زعبل حيث نزلوا بعد أن قام المتهم..... بإعطاء قائدها عشرة جنيهات ودلف ثلاثتهم إلى أرض منزرعة بالفول وجلسوا تحت شجرة وكان المتهم........ يجلس بجوار المجني عليها وكانت هي تجلس قبالتهما مع المتهم..... وبعد فترة مزاح قام المتهم....... بإخراج منديل من جيب بنطلونه وضعه على فم المجني عليها بينما قام المتهم........ بلف إيشارب كانت تلتفح به على رقبتها حتى فاضت روحها، ثم قام المتهم...... بنزع سوارين من الذهب كانت باليد اليمنى للمجني عليها وعادوا إدراجهم - وبعد أن أورد الحكم مؤدى تقرير الصفة التشريحية، وأورد دفاع المتهمين، ورد عليه، وعرض لذلك القتل منتهياً إلى توافرها تحدث عن ظرف سبق الإصرار في قوله: "وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الذين دبروا لجريمتهم غير مدفوعين أو انفعال وحسبما اتفقوا عليه توجهت المتهمة الأولى إلى منزل المجني عليها لتخبرها أن صديقاً لها تربطه بها علاقة عاطفية تقابلت معه وأبدى رغبته في لقاء تلك المجني عليها صباح يوم الحادث وفي الموعد المضروب تقابلت المتهمة الأولى مع المذكورة في المكان الذي حدداه بينما كان الاتفاق بينهما وبين زميليها المتهمين الثاني والثالث أن ينظراها بسيارة أمام مستشفى أم المصريين وأركبتها السيارة بعد تردد منها وساروا إلى مكان تقل فيه السابلة في ظاهر من الود وحسن العلاقات حتى إذ وصلوا إلى المكان الذي اختاروه مسرحاً لجريمتهم صرفوا السيارة التي كانوا يستقلونها فيما جلسوا إلى جذع شجرة وقد انتحى المتهم الثاني بالمجني عليها جانباً متظاهراً بمداعبتها بينما جلست المتهمة الأولى وزميلها المتهم الثالث قبالتهما وبعدها انقض عليها المتهم الثاني كالوحش الكاسر مكمماً فمها بمنديل حتى قام زميله المتهم الثالث بالضغط على رقبتها بإيشارب كانت ترتديه قاصدين قتلها وكانت المتهمة الأولى بجوارهما ترقب كل ذلك حتى اطمأنوا إلى موتها فقاموا بسرقتها وغادروا المكان". لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية، وكان البحث في توافر هذا الظرف، ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وإذ كان ما ساقه الحكم المعروض استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهم، وإن كان يوحي في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث مما لا يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهم على سرقة حلي المجني عليها وتدبيرهم لارتكاب هذه السرقة وتصميمهم عليها، وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهم على قتل المجني عليها لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً على جريمة القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين خاصة وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث واعترافات المحكوم عليها الأولى قد خلا مما يدل يقيناً على توافر سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل، بل إن الحكم في بيانه لاعترافات المحكوم عليها الأولى - وهي عماد قضائه - قد نقل عنها ما قامت به بناءً على اتفاق مع المحكوم عليهما الآخرين من استدراج المجني عليها إنما كان بقصد الاستيلاء على حليها الذهبية دون الإشارة إلى أن قتل المجني عليها كان يدخل في تنفيذ الخطة الموضوعة للاستيلاء على تلك الحلي، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المعروض أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهم، وأن يورد الأمارات والمظاهر الخارجية المنتجة التي تكشف عن توافره، وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون عقوبة الإعدام التي أنزلها بالمحكوم عليهما الثاني والثالث مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجنحة سرقة طبقاًَ للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها، فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو الترصد في حين تنص المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه "وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار أو الترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة". ولما كان الحكم المعروض - وعلى ما يبين من مدوناته - قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين - سبق الإصرار والاقتران - وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث، فإنه وقد شاب استدلاله على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه، في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر - وهو الاقتران - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالفة البيان تنص على أنه "إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 - وكان العيب الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 30 - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المعروض والإعادة بالنسبة للمحكوم عليهما الثاني والثالث المقضى عليهما بعقوبة الإعدام وأيضاً بالنسبة للمحكوم عليها الأولى التي لم تطعن في الحكم، وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الطعن 38 لسنة 60 ق جلسة 1/13 /1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 11 ص 59


جلسة 13 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
----------------
(11)
الطعن رقم 38 لسنة 60 القضائية

 (1)اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن الدولة "طوارئ". قانون "تفسيره". قتل عمد. سلاح. ذخائر
اختصاص محاكم أمن الدولة طوارئ ببعض الجرائم طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 وتعديلاته في شأن الأسلحة والذخائر. خلو أي منها وأي تشريع آخر من النص على انفراد محاكم أمن الدولة بالاختصاص دون غيرها. أثر ذلك. إبقاء اختصاص القضاء العادي بهذه الجرائم قائماً
 (2)اختصاص "الاختصاص الولائي" "اختصاص محاكم أمن الدولة". أوامر عسكرية. سلاح
محاكم أمن الدولة استثنائية. اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك تلك المعاقب عليها بالقانون العام. اختصاص محاكم أمن الدولة بجرائم السلاح لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها. أساس ذلك؟ 
 (3)ارتباط. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجرائم المرتبطة". إحالة. شروع. سلاح، نيابة عامة
تبعية الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها. علة ذلك
مثال
 (4)اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قضاء المحكمة العادية خطأ بعدم اختصاصها وتخليها عن الفصل في موضوع الدعوى يعد مانعاً من السير فيها لحرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كفله له الدستور. أثر ذلك؟
 (5)نيابة عامة. نقض "المصلحة والصفة في الطعن". 
للنيابة العامة الطعن في الحكم ولو كان لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟

--------------
1 - لما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له. قد خلا كلاهما كما خلا أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها - دون سواها - بالفصل في الدعاوى المرفوعة عن الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 آنف البيان
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية ومن يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون سالف الذكر مانع من القانون ولا يمنع أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي ولا يغير من هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد كانت إحدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة بالفصل وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة
3 - قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاًَ للمادة 32 من قانون العقوبات إذ أن جريمة الشروع في القتل معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً لأحكام المادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن وفقاً لحكم المادة 26/ 1 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل
4 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر - مخطئاً بعدم الاختصاص ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه لم يعد في الواقع وفقاً لقواعد التفسير الصحيح للقانون - مانعاً من السير فيها - ما دام يترتب عليه حرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كلفه له الدستور بنصه في الفقرة الأولى من مادته الثانية والستين على أن "لكل مواطن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي" وما يوفر له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء استثنائي، وما دامت المحكمة - محكمة الجنايات - قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين يديها، وانتهت بذلك الخصومة أمامها دون أن ينحسر سلطانه عنها ومن ثم فإن حكمها يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض.
5 - لما كانت النيابة العامة - في مجال المصلحة والصفة في الطعن - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، اعتباراً بأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام - مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمتهم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية الجناية بأنه: 1 - شرع في قتل..... عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً من سلاح ناري كان يحمله (فرد) قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج. 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً بماسورة مصقولة من الداخل (فرد) وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 3 - أحرز ذخيرة (طلقة واحدة) مما تستعمل في السلاح الناري آنف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته وإحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيه
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى المرفوعة على المتهم بجريمتي الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه انتهى إلى القول بأن الاختصاص بنظر هذه الدعوى إنما ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ بينما تشترك محكمة الجنايات مع محكمة أمن الدولة العليا في الاختصاص مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية قبل المتهم لمحاكمته عن جريمة الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص وطلبت عقابه بالمواد 45، 46/ 2 - 3، 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل ومحكمة الجنايات قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. لما كان ذلك وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له. قد خلا كلاهما كما خلا أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها - دون سواها - بالفصل في الدعاوى المرفوعة عن الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 آنف البيان - وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية ومن يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون سالف الذكر مانع من القانون ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية ولا يمنع أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي ولا يغير من هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد كانت إحدى الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة بالفصل وحدها دون سواها في أن نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة، هذا فضلاً عن أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاًَ للمادة 32 من قانون العقوبات إذ أن جريمة الشروع في القتل معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً لأحكام المادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن وفقاً لحكم المادة 26/ 1 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل. لما كان ذلك وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى على المتهم أمام المحكمة العادية صاحبة الولاية العامة فإنه ما كان يجوز لهذه المحكمة أن تتخلى عن ولايتها الأصلية تلك، وأن تقضي بعدم اختصاصها استناداً إلى ما أوردته بأسباب حكمها من الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن صدر - مخطئاً بعدم الاختصاص ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه لم يعد في الواقع وفقاً لقواعد التفسير الصحيح للقانون - مانعاً من السير فيها - ما دام يترتب عليه حرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كلفه له الدستور بنصه في الفقرة الأولى من مادته الثانية والستين على أن "لكل مواطن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي" وما يوفر له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء استثنائي، وما دامت المحكمة - محكمة الجنايات - قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين يديها، وانتهت بذلك الخصومة أمامها دون أن ينحسر سلطانه عنها ومن ثم فإن حكمها يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض. لما كانت النيابة العامة - في مجال المصلحة والصفة في الطعن - هي خصم عادل تختص بمركز قانون خاص، اعتباراً بأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام - مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمتهم، وتتمثل - في صورة الدعوى - في الضمانات التي توفرها له محاكمته أمام المحاكم العادية - دون محاكم أمن الدولة العليا طوارئ - وأخصها حقه في الطعن بطريق النقض - متى توافرت شروطه - في الحكم الذي قد يصدر ضده، فإن صفة النيابة العامة في الانتصاب عنه في طعنها تكون قائمة، وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون، ولما تقدم يكون الحكم المطعون فيه واجب النقض، وإذا كان قد قصر بحثه على مسألة الاختصاص ولم يعرض للواقعة الجنائية ذاتها، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة إلى محكمة الجنايات

الطعن 43 لسنة 60 ق جلسة 1/8 /1991 مكتب فني 42 ج 1 ج 1 ق 8 ص 45

جلسة 8 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ سمير ناجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نبيل رياض وطلعت الاكيابي نائبي رئيس المحكمة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.
-----------
(8)
الطعن رقم 43 لسنة 60 القضائية

(1) اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب طبقاً للمادة 112 عقوبات؟ 
 (2)اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن بذاته أن يكون دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟ 
 (3)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس. دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين
إثارة الطاعن دفاعاً بأن العجز في حسابه مرده إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر وطلبه عرض المستندات الدالة على الاختلاس للطعن عليها بالتزوير. دفاع جوهري. عدم تمحيصه. يعيب الحكم
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة اختلاس

-----------------
1 - لما كان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤمن عليه بما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه.
2 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو عدم انتظام العمل أو لسبب آخر.
3 - الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حددته لجان الجرد واكتفى بالإحالة إلى الأوراق وكشوف الصرف وبعض المستندات المزورة دون أن يورد مضمونها وذكر مؤداها بطريقة وافية حتى يتضح وجه استدلاله بها واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يورد ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي مع أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر كما طلب عرض المستندات الدالة على الاختلاس المدعى بتوقيعه عليها للطعن عليها بالتزوير وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها مما من شأنه لو ثبت أن تغير به وجه الرأي في الدعوى - ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يسقطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه في جناية أخرى بأنه أولاً: 1 - بصفته في حكم الموظف العمومي (أمين مخزن وحدة......) التابعة لشركة النيل العامة لأتوبيس....... التي تملك الدولة أموالها اختلس الأدوات والمعدات المبينة بالمحضر المملوكة للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمتها 14739.148 أربعة عشر ألفاً وسبعمائة وتسعة وثلاثون جنيهاً ومائة وثمانية وأربعون مليماً والتي سلمت إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. 2 - ارتكب تزويراً في محررات للشركة سالفة الذكر وذلك بجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة حالة تحريرها المختص بوظيفته مع علمه بذلك بأن ( أ ) اصطنع أذونات صرف وهمية تفيد إرسال أدوات ومعدات إلى الفروع الأخرى التابعة للشركة دون طلبها من تلك الفروع الأخرى ودون إرسالها إليها. (ب) لم يثبت بدفاتره ورود كميات من الأدوات والمعدات وردت إليه من الوحدات الأخرى. (ج) أثبت من كشف صرف المعدات والأدوات صرفه لمعدات وأدوات تزيد عن القدر الموضح ببونات الصنف، 3 - استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها للموظفين المختصين بالشركة. ثانياً: متهم وآخر سبق الحكم عليه 1 - بوصفهما في حكم الموظفين العموميين الأول أميناً لمخازن الشركة والثاني رئيساً للقسم الفني بها اختلسا الأدوات والمعدات المبينة بالأوراق والمملوكة للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمتها 1571.302 ألف وخمسمائة وواحد وسبعون جنيهاً وثلاثمائة واثنين مليماً والمسلمة إليهما بسبب وظيفتهما حالة كون الأول أميناً على الودائع 2 - ارتكبا تزويراً في محررات الشركة بجعلهما وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة حالة تحريرها المختص بوظيفتهما مع علمهما بذلك بأن: ( أ ) اصطنعا أمر الصرف رقم 165 مكرر بتاريخ 20/ 9/ 1971 يفيد إرسالهما معدات إلى فرع...... دون طلبها منه ودون إرسالها إليه. (ب) أثبتا بكشف الصرف رقم 533 بتاريخ 22/ 4/ 1970 صرفهما لستة شمايز تزيد عن الثابت ببون الصرف رقم 4353 بتاريخ 28/ 3/ 1970 (ج) أثبتا بكشفي المؤرخين 26، 28/ 8/ 1990 على خلاف الحقيقة صرفهما لوصلتي عمود كردان لسيارتين رقمي 78، 173. ثالثاًً: استعملا المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمهما بتزويرها بأن قدماها للموظفين المختصين بالشركة المذكورة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمواد 111/ 6، 112/ 1 - 2، 118، 119، 214 مكرر فقرة/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 8721.895 وبإلزامه بأن يرد للشركة المجني عليها مبلغ 8721.895 مع عزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه دلل على توافر القصد الجنائي بما لا يكفي لإثباته إذ أورد أن الأوراق والمستندات كشفت عن ذلك دون أن يبين ماهية هذه الأوراق وتلك المستندات والتفت الحكم عن دفاعه القائم على أساس أن العجز في عهدته مرجعه عدم انتظام العمل وعدم اكتمال الدفاتر واعتبرت العجز في عهدته دليلاً على حصول الاختلاس كما لم تستجب إلى طلبه القائم على عرض الأوراق المدعي بتوقيعه عليها عليه ليتسنى له الطعن عليها بالتزوير مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى أقوال الشهود وتقرير الخبراء انتهى إلى ثبوت التهمة وتوافر القصد الجنائي في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية الاختلاس فهي ثابتة في حق المتهم مما كشفت عنه الأوراق والمستندات من إغفال قيد بعض الأدوات والأصناف في الدفاتر المخزنية واصطناع أذون الصرف الوهمية والعبث بكشوف الصرف وتزوير بعض المستندات واكتشاف الاختلاس الذي يقطع بأن العجز الذي ثبت كان وليد اختلاس من المتهم" لما كان ذلك وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو عدم انتظام العمل أو لسبب آخر وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حددته لجان الجرد واكتفى بالإحالة إلى الأوراق وكشوف الصرف وبعض المستندات المزورة دون أن يورد مضمونها وذكر مؤداها بطريقة وافية حتى يتضح وجه استدلاله بها واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يورد ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي مع أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر كما طلب عرض المستندات الدالة على الاختلاس المدعي بتوقيعه عليه للطعن عليها بالتزوير وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع في خصوصية هذه أركان الجريمة التي دين الطاعن بها مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى - ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يسقطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 4930 لسنة 60 ق جلسة 2 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 104 ص 722

جلسة 2 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن ومحمد طلعت الرفاعي.
----------
(104)
الطعن رقم 4930 لسنة 60 القضائية
 (1)نقض "سقوط الطعن".
عدم تقدم المحكوم عليه لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه. أثره: سقوط الطعن
 (2)محكمة الجنايات. حكم "سقوطه". نقض "ما يجوز الطعن فيه من أحكام". نيابة عامة. طعن "الطعن بالنقض". 
جواز طعن النيابة العامة بالنقض في الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات في جناية. أساس ذلك؟ 
(3) اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قصد جنائي
اختلاف جريمة الاختلاس عن جريمة الاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك للغير بغير حق. رغم وقوعها جميعاً من موظفين عموميين على مال عام
جريمة الاختلاس. من صور خيانة الأمانة ويكون المال فيها في حيازة الجاني. تحقيقها بتغيير الأمين نيته في حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة ناقصة على سبيل الأمانة إلى حيازة كاملة بنية التملك
تسهيل الاختلاس. يخضع للقواعد العامة في الاشتراك في أحوال المساهمة الجنائية في الاختلاس
 (4)استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. فاعل أصلي. شريك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". 
قيام جريمتي الاستيلاء على مال عام أو تسهيل الاستيلاء عليه. ليس رهناً بكون المال فيهما في حيازة الجاني
جريمتا الاستيلاء على مال عام أو تسهيل الاستيلاء عليه. مناط تحققهما؟ 
إدانة الحكم المطعون فيه المتهم الأول بجريمة اختلاس أموال عامة وجدت في حيازته بسبب وظيفته وإدانة المتهم الثاني بجريمة تسهيل استيلاء المتهم الأول على ذات المال موضوع تهمة الاختلاس رغم اقتضاءها ألا يكون المال في حيازته. يعيبه بالاضطراب والتخاذل
(5) نقض "أثر الطعن" "الحكم في الطعن". 
امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه الذي قضي بسقوط طعنه وكذلك للمحكوم عليه غيابياً الذي طعنت النيابة العامة ضده بالنقض. علة ذلك؟ 
---------------
1 - لما كان المحكوم عليه...... - وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه
2 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً من محكمة أمن الدولة العليا بإدانة المطعون ضده - ..... - إلا أنه وقد أفصحت النيابة العامة عن أن هذا الحكم ما زال قائماً لم يسقط بالقبض على المحكوم عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره وصدور حكم فيها، وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادرة بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية فإن طعنها يكون جائزاً
3 - إن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات وجريمتي الاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك للغير بغير حق المنصوص عليهما في المادة 113 من ذات القانون وإن كانت من الجرائم التي تقع من الموظفين العموميين على المال العام إلا أن كلاً منهما تختلف عن الأخرى، فجريمة الاختلاس ما هي إلا من صور خيانة الأمانة ويكون فيها المال في حيازة الجاني وتتحقق الجريمة بتغيير الأمين نيته في حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة ناقصة على سبيل الأمانة إلى حيازة كاملة بنية التملك، ولذلك فإن تسهيل الاختلاس لم يكن بحاجة إلى أن يجعله المشرع جريمة خاصة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة في الاشتراك في أحوال المساهمة الجنائية في الاختلاس
4 - جريمتي الاستيلاء على المال العام أو تسهيل الاستيلاء عليه فإن المال لا يكون في حيازة الجاني - فإذا قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد تسهيل استيلاء الغير على هذا المال فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العامة وقد يكون هذا الغير فرداً عادياً من آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما استولى هذا الغير على المال فاعتبر الموظف فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما في حكمها وبناءً على هذا الوصف الجديد فإن الغير هو الذي يصبح شريكاً للموظف في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً لأنه في الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المتهم الأول - المحكوم عليه غيابياً والمطعون ضده في الطعن المقدم من النيابة العامة - بجريمة اختلاس أموال عامة وجدت في حيازته بسبب وظيفته ودان الطاعن بجريمة تسهيل استيلاء المتهم الأول على ذات المال موضوع تهمة الاختلاس وهي جريمة مقتضاها ألا يكون المال في حيازته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جمع بين صورتين متعارضتين وأخذ بهما معاً مما يشوبه بالاضطراب والتخاذل ويدل على اختلال فكرته عن العناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها وهو ما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها على الوجه الصحيح ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه
5 - لما كان السبب الذي من أجله نقض الحكم يتصل بالمحكوم عليه - ...... - الذي قضي بسقوط طعنه وكذلك المحكوم عليه غيابياً المتهم الأول - ....... - الذي طعنت النيابة العامة ضده بالنقض فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لهما.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ...... (طاعن) 3 - ...... 4 - ...... 5 - ...... (طاعن) 6 - ...... بأنهم المتهم الأول - بصفته موظفاً عمومياً (صراف خزينة شركة..... فرع...... اختلس مبلغ 41953.330 المملوك للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محرر رسمي واستعماله ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر ( أ ) بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأديته لوظيفته تزويراً في محرر رسمي هو تابلوه الصراف بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن لم يثبت عدد 279 قسيمة والبالغ قيمتها 186.915 جنيه المبنية بالتحقيقات بالتابلوه حالة تحريره المختص بوظيفته وتمكن بهذه الوسيلة من اختلاس قيمتها (ب) استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه للمختصين بالشركة للمحاسبة على أساسه مع علمه بتزويره. المتهمون الثاني (طاعن) والثالث والسادس بصفتهم موظفين عموميين (الثاني والثالث أميناً قسم المعمرة بشركة...... فرع....... والسادس كنترول بذات الشركة" سهلوا للمتهم الأول الاستيلاء بغير حق على مبلغ 3918.915 جنيه المملوك للجهة سالفة الذكر وارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتبطا لا يقبل التجزئة هما أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر (أ) المتهمان الثاني والثالث - بصفتها سالفة الذكر ارتكبا أثناء تأديتهما لوظيفتهما تزويراً في محررات رسمية هي كشوف مسلسل مبيعات يومي والقسائم المبينة بالتحقيقات بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن لم يثبتا القسائم البالغ عددها 279 والتي ضبطت لدى المتهم الأول بكشوف مسلسل المبيعات اليومي ولم يثبتا تاريخ تحرير هذه القسائم بها حال تحريرها المختصين بوظيفتهما مما مكن المتهم الأول من الاستيلاء على قيمتها (ب) - استعملا المحررات المزورة "كشوف مسلسل المبيعات اليومي" بأن قدماها للمختصين بالشركة للمحاسبة على أساسها مع علمهما بتزويرها. المتهمان الثاني (طاعن) والثالث - اختلسا البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 23123.497 جنيه المملوكة للجهة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازتهما بسبب وظيفتهما حال كونهما من الأمناء على الودائع وسلم إليهما المال بهذه الصفة المتهم الثاني (طاعن) - اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 4709.764 جنيه المملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة. المتهم الرابع - بصفته موظفاً عمومياً (أمين عهدة المنزلية ج بشركة..... فرع..... اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 5316.491 جنيه المملوكة للجهة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة. المتهم الخامس (طاعن) أ - بصفته موظفاً عمومياً (مدير فرع شركة....... أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن مكَّن المتهمين من الأول حتى الرابع من اختلاس عهدهم على النحو سالف الذكر بأن تعمد عدم جرد عهدة الصراف يومياً وتوريد الحصيلة لحساب الشركة بالبنك. ب - بصفته سالفة الذكر سهل للمتهم الأول الاستيلاء بغير حق على قيمة القسائم المبينة بالتحقيقات والبالغة 39186.915 جنيه المملوكة للشركة سالفة الذكر بتعمده عدم جرد الصرافة وتوريد حصيلتها لحساب الشركة بالبنك، وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للمتهمين الأول والثالث وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 112/ 1، 23 ( أ )، 113/ 1، 2، 116/ 1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119/ هـ مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون أولاً - بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليه وبعزله من وظيفته وبإلزامه برد مبلغ 39186.915 جنيه وبغرامة مساوية لمبلغ الرد المحكوم به ثانياً - بمعاقبة كل من الثاني والثالث بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزلهما من وظيفتها عن التهمة الأولى المسندة إليهما وببراءتهما من باقي التهم المسندة إليهما. ثالثاً - بمعاقبة الخامس بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته. رابعاً - براءة كل من الرابع والسادس عما أسند إليهما
فطعن كل من الأستاذ/ ...... عن المحكوم عليه الثاني، والأستاذ/ ...... المحامي عن المحكوم عليه الخامس والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه....... وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر غيابياً من محكمة أمن الدولة العليا بإدانة المطعون ضده - ....... - إلا أنه وقد أفصحت النيابة العامة عن أن هذا الحكم ما زال قائماً لم يسقط بالقبض على المحكوم عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره وصدور حكم فيها، وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية فإن طعنها يكون جائزاً
وحيث إن مما ينعاه الطاعن....... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام بغير حق للغير قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنه استدل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن بأمور لا تتجه ولا تستقيم مع ما قضى به الحكم من براءته من تهمة الاختلاس التي أسندت إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات وجريمتي الاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك للغير بغير حق المنصوص عليهما في المادة 113 من ذات القانون وإن كانت من الجرائم التي تقع من الموظفين العموميين على المال العام إلا أن كلاً منها تختلف عن الأخرى، فجريمة الاختلاس ما هي إلا من صور خيانة الأمانة ويكون فيها المال في حيازة الجاني وتتحقق الجريمة بتغيير الأمين نيته في حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة ناقصة على سبيل الأمانة إلى حيازة كاملة بنية التملك، ولذلك فإن تسهيل الاختلاس لم يكن بحاجة إلى أن يجعله الشرع جريمة خاصة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة في الاشتراك في أحوال المساهمة الجنائية في الاختلاس. بعكس الحال في جريمتي الاستيلاء على المال العام أو تسهيل الاستيلاء عليه فإن المال لا يكون في حيازة الجاني - فإذ قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد تسهيل استيلاء الغير على هذا المال فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العامة وقد يكون هذا الغير فرداً عادياً من أحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما استولى الغير على هذا المال فاعتبر الموظف فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما في حكمها وبناءً على هذا الوصف الجديد فإن الغير هو الذي يصبح شريكاً للموظف في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً لأنه في الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المتهم الأول - المحكوم عليه غيابياً والمطعون ضده في الطعن المقدم من النيابة العامة - بجريمة اختلاس أموال عامة وجدت في حيازته بسبب وظيفته ودان الطاعن بجريمة تسهيل استيلاء المتهم الأول على ذات المال موضوع تهمة الاختلاس وهي جريمة مقتضاها إلا يكون المال في حيازته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جمع بين صورتين متعارضتين وأخذ بهما معاً مما يشوبه بالاضطراب والتخاذل ويدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها وهو ما يعجز محكمة النقض أعمال رقابتها على الوجه الصحيح ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. لما كان ما تقدم وكان السبب الذي من أجله نقض الحكم يتصل بالمحكوم عليه - ....... - الذي قضي بسقوط طعنه وكذلك المحكوم عليه غيابياً المتهم الأول - ...... - الذي طعنت النيابة العامة ضده بالنقض فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لهما بغير حاجة لبحث وجه الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المتهم الأول.

الطعن 554 لسنة 60 ق جلسة 2 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 103 ص 719


جلسة 2 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.
------------
(103)
الطعن رقم 554 لسنة 60 القضائية

إثبات "اعتراف" "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
اعتبار متهم شاهداً على متهمين آخرين يتحقق به التعارض بين مصالحهم بما يستلزم فصل دفاعه عنهما. السماح لمحام واحد بالمرافعة عنهم جميعاً. إخلال بحق الدفاع

------------
لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن محامياً واحداً تولى الدفاع عن الطاعنين الثلاثة، كما يتضح من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإدانتهم على اعتراف الطاعن الثالث بارتكابه الحادث مع الطاعنين الأول والثاني اللذين التزما جانب الإنكار، مما مؤداه أن الحكم اعتبر الطاعن الثالث شاهد إثبات ضد الطاعنين الآخرين وهو ما يتحقق به التعارض بين مصالحهم ويستلزم فصل دفاع الطاعن الثالث عن دفاع الطاعنين الأول والثاني، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت لمحام واحد بالمرافعة عنهم جميعاً على الرغم من قيام هذا التعارض فإنها بذلك تكون قد أخلت بحق الدفاع. مما يعيب إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا - وآخر حدث....... عمداً بأن صعدوا إليها بمسكنها بهدف سرقة متاعها ولما حاولت الاستغاثة بادر المتهمان الثاني والثالث بشل مقاومتها في حين قام المتهم الأول بكتم أنفاسها والإطباق على عنقها قاصدين قتلها فأحدثوا بها الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وكان القصد من الأولى ارتكاب جنحة السرقة. ذلك أن الجناة في ذات الزمان والمكان (1) واقعوا المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن شلوا مقاومتها وتتابعوا على اغتصابها الأمر المنطبق عليه المادة 267 من قانون العقوبات. (2) سرقوا الحلي الذهبية المبينة الوصف بالتحقيقات للمجني عليها المذكورة وكان ذلك من مسكنها وبطريق التسور من الخارج الأمر المنطبق عليه المادة 316 مكرراً ثانياً/ ثالثاً من قانون العقوبات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... أرمل المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى...... (ابن المجني عليها) عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 101 ج على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وبأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت بعد استبعاد جريمة مواقعة المجني عليها بغير رضاها من الوصف
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد بقصد ارتكاب جنحة سرقة وإلزامهم بالتعويض، قد شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة سمحت لمحام واحد بالدفاع عنهم جميعاً على الرغم من تعارض مصالحهم، إذ عول الحكم من بين ما عول عليه في قضائه على اعتراف الطاعن الثالث على نفسه وعلى الطاعنين الأول والثاني مما كان يتعين معه أن توكل مهمة الدفاع عن الأخيرين إلى محام مستقل، وذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن محامياً واحداً تولى الدفاع عن الطاعنين الثلاثة، كما يتضح من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإدانتهم على اعتراف الطاعن الثالث بارتكابه الحادث مع الطاعنين الأول والثاني اللذين التزما جانب الإنكار، مما مؤداه أن الحكم اعتبر الطاعن الثالث شاهد إثبات ضد الطاعنين الآخرين وهو ما يتحقق به التعارض بين مصالحهم ويستلزم فصل دفاع الطاعن الثالث عن دفاع الطاعنين الأول والثاني. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت لمحام واحد بالمرافعة عنهم جميعاً على الرغم من قيام هذا التعارض فإنها بذلك تكون قد أخلت بحق الدفاع. مما يعيب إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.

الطعن 10581 لسنة 60 ق جلسة 4 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 154 ص 1110


جلسة 4 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.
------------
(154)
الطعن رقم 10581 لسنة 60 القضائية

 (1)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. طعن "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام للدفاع عنه أساسه الواقع. لا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من دفاع ما دام لم يبده بالفعل
 (2)اتفاق. إثبات "قرائن". اشتراك
الاتفاق. ماهيته؟ الاستدلال عليه بالاستنتاج والقرائن
 (3)فاعل أصلي. قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
إثبات الحكم في حق الطاعنين الثاني والثالث مساهمتهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وذلك بتزويدها للطاعن الأول بالذخيرة حالة إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم. كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين
 (4)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بعدم قيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حالة الدفاع الشرعي. عدم توافرها متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه. تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي وانتقائها. موضوعي
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء توافر حالة الدفاع الشرعي

---------------
1 - من المقرر أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل
2 - من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت مساهمة الطاعنين الثاني والثالث في الأفعال المادية المكونة للجريمة وذلك بقيامها بتزويد الطاعن الأول بالذخيرة حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها
4 - لما كان الحكم قد عرض للدفع لقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أنه بخصوص ما أثاره الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي فمردود عليه بأنه لم يثبت في حق المجني عليهم أنهم البادئون بالاعتداء على أي من المتهمين أو أقاربهم بل على العكس فإن الثابت أن المتهم هو الذي بدأ بهذا الاعتداء حين أسرع بإحضار مسدسه وأطلق الأعيرة النارية منه على المجني عليهم الذين كانوا مجردين من السلاح، ومن ثم تلتفت المحكمة عنه" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، إذ أن من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضي ببراءته بأنهم أولاً: - المتهمون الأول والثاني والثالث: - قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم المصمم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً مرخص به للأول وذخيرة مما تستعمل في هذا السلاح وما أن ظفروا به حتى قام الأول بإطلاق الأعيرة النارية التي كان يعدها الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ( أ ) قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم المصمم على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً مرخص به للأول وذخائر مما تستعمل على هذا السلاح وما أن ظفروا به حتى أطلق الأول أعيرة نارية من الذخائر التي أمده بها الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي والتي أودت بحياته الأمر المعاقب عليه بالمادتين 230، 231 عقوبات (ب) شرعوا في قتل...... عمداً بأن أطلق عليها الأول عدة أعيرة نارية من سلاح ناري مرخص له بإحرازه من طلقات قدمها له الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركتها بالعلاج الأمر المعاقب عليه بالمواد 45، 46، 234/ 1 عقوبات، (ج) شرعوا في قتل........ عمداً بأن أطلق عليه الأول عدة أعيرة نارية من سلاحه المرخص بطلقات أمده بها الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً - المتهمين الثاني والثالث: - أحرزا بغير ترخيص ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخص لأيهما بحيازة أو إحراز سلاح ناري. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 2 عقوبات والمادتين 6، 26/ 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل مع إعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما نسب إليهم وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... قضائية ومحكمة النقض قضت أولاً: - بعدم قبول الطعنين المقدمين من الطاعنين الثاني والثالث شكلاً، ثانياً - قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول...... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة له ولباقي الطاعنين، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد المقترن بجنايات قتل وشروع فيه، ودان الثاني والثالث بجريمة إحراز ذخيرة، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة سمحت لمحام واحد بالدفاع عنهم جميعاً رغم تعارض المصالح بينهم، إذ قرر الثاني والثالث بالتحقيقات أن الأول هو الذي أطلق النار على المجني عليهم ولم يدلل الحكم على اشتراك الطاعنين الثاني والثالث في ارتكاب الجريمة، واستدل على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول بما لا أصل له في الأوراق وهو قيامه بتصويب المسدس تجاه المجني عليهما عند إطلاق النار، ورد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ إطراحه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما مفاده أنه بتاريخ 22/ 5/ 1986 احتك ابن الطاعن الأول بسيارة كان يقودها بشقيق المجني عليه الأول....... مما أدى على نشوب مشاجرة بين الطرفين قام الطاعن الأول خلالها بإحضار مسدسه المرخص من سكنه وأطلق منه عيارين على المجني عليه المذكور - وكان الطاعنان الثاني والثالث يقفان بجوار شقيقهما الطاعن الأول يشدان من أزره ويمدانه بالذخيرة قاصدين قتل المجني عليه باتفاق بينهم كان وليد ساعته، فأحدثوا به الإصابات التي أودت بحياته واستمر الطاعن الأول في إطلاق النار صوب المجني عليه الثاني "......" حتى أصابه بالإصابات التي أودت بحياته، وواصل إطلاق النار - وبجواره شقيقاه وهم على نفس القصد - فأصاب كلاً من..... و...... اللذين تم تداركهما بالعلاج، ثم ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما الأخيرين، وشهادة كل من..... و...... و...... و...... و..... ومن اعتراف الطاعن الأول وما ورد بالتقارير الطبية وتقرير فحص السلاح والذخيرة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان لا يبين من أسباب الحكم المطعون فيه قيام تعارض بين مصالح الطاعنين، فإنه لا يعيب الحكم أن يتولى الدفاع عنهم محام واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل، ومتى كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحامي الذي تولى الدفاع عن الطاعنين هو محام موكل منهم جميعاً لهذا الغرض، وأن كلاً من الطاعنين قد أنكر التهمة ولم يلق بالاتهام على أي من الآخرين، كما أن المحكمة لم تعول في إدانة أي منهم على أقوال الآخرين، فإن دعوى الإخلال بحقهم في الدفاع لا يكون لها محل، لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة في قوله "أن الثابت من أقوال الشهود الأول والرابع والسادس أن المتهمين الثاني والثالث كانا يقفان بجوار شقيقهما ويمدانه بالذخيرة لمواصلة الاعتداء على المجني عليهم مما يقطع باتفاقهما مع هذا المتهم - في تلك اللحظة - على قتلهم، وبهذا تتحقق مسئوليتهما مع المذكور كفاعلين أصليين" وكان المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه، وكان مجمل ما أورده الحكم فيما تقدم وفي معرض تحصيله للواقعة - من معرفة الطاعنين لبعض في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وأن كلاً منهم قصد الآخر في إيقاع الجريمة كاف وسائغ في التدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أثبت مساهمة الطاعنين الثاني والثالث في الأفعال المادية المكونة للجريمة وذلك بقيامها بتزويد الطاعن الأول بالذخيرة حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان المذكوران في شأن التدليل على مشاركتها في ارتكاب الجريمة في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل، واستقاها ثبوتاً في حق الطاعنين من موالاة الطاعن الأول إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما الأولين بالذخيرة التي كان شقيقاه الطاعنين الثاني والثالث يزودانه بها، واستمرارهم في ذلك إلى أن سقط المجني عليهما على الأرض وتأكد الطاعنون من موتهما، ومن اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات بأن قصده من إطلاق النار على المجني عليهما هو قتلهما، هذا فضلاً عما أبان عنه الحكم في معرض تحصيله لاعتراف الطاعن الأول من وجود نزاع سابق بينه وبينهما، وكان ما أورده الحكم كاف وسائغ في التدليل على توافر تلك النية، ولا ينال منه ما سطره الحكم من أن الطاعن الأول قام بتصويب مسدسه على المجني عليهما، وهو ما لا يعدو أن يكون استخلاصاً - تملكه المحكمة للوقائع - قصد به التعبير عما يشهد به الواقع في الدعوى ولا يمارى فيه الطاعنون من أن الطاعن الأول كان يطلق النار تجاه المجني عليهما بقصد قتلهما، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع لقيام حالة الدفاع الشرعي وإطراحه بقولة "أنه بخصوص ما أثاره الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي فمردود عليه بأنه لم يثبت في حق المجني عليهم أنهم البادئون بالاعتداء على أي من المتهمين أو أقاربهم، بل على العكس فإن الثابت أن المتهم هو الذي بدأ بهذا الاعتداء حين أسرع بإحضار مسدسه وأطلق الأعيرة النارية منه على المجني عليهم الذين كانوا مجردين من السلاح، ومن ثم تلتفت المحكمة عنه" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.