برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي
(نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.
-----------
- 1 حكم " تسبيب الحكم .
التسبيب المعيب". قتل " قتل عمد". قصد جنائي . نقض " أسباب
الطعن . ما يقبل من أسباب الطعن".
تميز جرائم القتل العمد بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهي
تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم . العمدية .
وجوب إبراز هذه النية وإيراد الأدلة التي تثبت توافرها . مثال لتسبيب معيب للتدليل
علي توافر نية القتل في حق الطاعن .
جريمة القتل العمد تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء إزهاق الروح وهي
تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية، فإنه
يجب على الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة أن يستظهر هذه النية ويبين توافرها
بأدلة سائغة.
- 2 إثبات " اعتراف".
الاعتراف الذي يعول عليه . شرطه .
ينبغي في الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختياريا، وهو لا يعتبر
كذلك ولو كان صادقاً إذا صدر تحت تأثير الإكراه أو التهديد.
- 3 دفوع " الدفع ببطلان
الاعتراف".
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه. جوهري. اثر ذلك؟
استناد الحكم في الرد على الدفع بأن الأوراق خلت من وقوع إكراه على الطاعن رغم أن
الثابت بالأوراق يخالف ذلك. قصور.
الدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه هو دفاع جوهري ينبغي على
المحكمة إن هي رأت التعويل على الاعتراف أن ترد على الدفع بما يفنده، وإذ كان
الحكم قد اقتصر في رده على الدفع على قوله أن الأوراق قد خلت من أن إكراهاً قد وقع
على الطاعن، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ثمة برقيتين أرسلت إحداهما إلى
المحامي العام والأخرى إلى رئيس النيابة تحملان شكوى أخ الطاعن مما تعرض له أخوه
من تعذيب حمله على الاعتراف بطلب ندب طبيب لإثبات ما به من إصابات نتجت عن هذا
التعذيب، وإذ التفتت المحكمة عن دلالة تلك البرقيتين ولم تحقق ما ورد بهما، وعولت
في إدانة الطاعن - من بين ما عولت عليه - على اعترافه، فإن حكمها يكون قاصراً بما
يبطله.
- 4 إثبات " بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه .
الأدلة في المواد الجنائية متساندة إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر
التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
- 5 إكراه . حكم " تسبيب الحكم
. التسبيب المعيب".
الدفع بانتفاء المسئولية تأسيسا على أن ما قارفه الجاني كان نتيجة . أكراه
. جوهري ? الإرادة والاختيار هما مناط المساءلة الجنائية . عدم الرد علي الدفع بالإكراه
. قصور . مثال .
الدفع بانتفاء المسئولية تأسيساً على أن ما قارفه الجاني كان نتيجة
الإكراه هو دفع جوهري لما له من أثر على الإرادة والاختيار وهما مناط المساءلة
الجنائية، وكان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن من أنه إنما توجه باختياره مع
المحكوم عليه الآخر إلى منزل المجني عليه لا يصلح رداً لأن ذلك من الحكم مصادرة
للدفاع لا رداً عليه، إذ كان لزاماً على المحكمة أن تقسط دفاع الطاعن حقه بلوغاً
إلى غاية الأمر فيه وتستظهر ما كان للسلاح الذي يحمله المتهم الآخر (الطاعن الأول)
من أثر على إرادة الطاعن واختياره، أما وهي لم تفعل، وكانت الأسباب التي أوردتها لتفنيده لا تؤدي إلى ذلك، فإن حكمها يكون قد تعيب بالقصور.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1)....... (2)...... (الطاعن
الأول). (3)........ (الطاعن الثاني) بأنهم في ليلة.... (أولا) المتهمون الثلاثة:
قتلوا عمدا مع سبق الإصرار والترصد..... بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله
وأعدوا لذلك سلاحاً حاداً (مطواة) وترصد له المتهمان الثاني والثالث في الطريق
الموصل إلى منزله والذي أيقنا مروره فيه في مثل هذا الوقت وما أن ظفرا به حتى
استدرجه المتهم الثاني إلى منزله بسيارته حيث كان المتهم الأول في انتظارهما فقام
أحدهما بطعنه طعنة واحدة ثم قام المتهمون الثلاثة بنقله في سيارته إلى مكان خال ووضعوا
النار عمداً في السيارة وبداخلها جثة المجني عليه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به
الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه
الجناية بجناية أخرى هي أنهم في نفس المكان والزمان سالفي الذكر سرقوا المبلغ
النقدي المبين وصفاً بالتحقيقات المملوك للمجني عليه الذي كان بجيبه وكان ذلك
بطريق الإكراه الواقع عليه بأن قام المتهم الأول بالضغط على رقبة المجني عليه وكتم
أنفاسه حتى فقد الوعي وتمكنوا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على المبلغ النقدي.
(ثانيا) المتهمان الثاني والثالث: سرقا المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات
المملوكة للمجني عليه سالف الذكر حالة كون أحدهما حاملا سلاحاً ظاهرا (مطواة).
(ثالثاً): المتهمون الثلاثة: أتلفوا عمدا منقولا مملوكاً للمجني عليه هي السيارة
رقم.... ملاكي منوفية على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة الجنايات
لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... و.... مدنيا قبل
المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات....
بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى أن المتهمين الأول والثاني قتلا....... عمداً
بأن عقدا العزم على ذلك وطعنه أحدهما بآلة حادة مدببة في صدره ثم وضعاه في سيارته
وأشعلا النار فيها قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات والحروق الموصوفة بتقرير
الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان القصد من ذلك هو تسهيل سرقته، قضت غيابياً
للأول وحضورياً للمتهمين الثاني والثالث عملاً بالمواد 317/4 - 5، 234/1-3، 361/2،
316 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/2 من القانون ذاته والمادة 304/2 من
قانون الإجراءات الجنائية: أولا: بمعاقبة كل من المتهمين........ و........
بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما. ثانياً: بمعاقبة المتهم........
بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الثانية المسندة إليه. وبراءته من
التهمتين الأولى والثالثة وبإلزام المتهمين الثاني والثالث بأن يدفعا للمدعين
بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما (الثاني والثالث) في هذا الحكم بطريق النقض...
الخ.
--------------
المحكمة
أولا- الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني.
من حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم
القتل العمد بقصد تسهيل جنحة سرقة والسرقة ليلا مع آخر يحمل سلاحا ظاهرا وإتلاف
منقول عمدا قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه عول في توافر
نية القتل على أن الآلة المستعملة في طعن المجني عليه هي آلة حادة من شأنها إحداث
القتل وهو ما لا يصلح سندا لقيام هذه النية, وما أسند له في هذا الخصوص من إحراق
المجني عليه حيا لا ينهض بدوره دليلا قبل الطاعن الذي كان قد وقر في نفسه أن
المجني عليه قد قضى نحبه قبل وضع النار في السيارة, وأن الحرق كان بقصد إخفاء
الجثة لا إزهاق الروح, هذا إلى أن الطاعن تمسك ببطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير
الإكراه إلا أن المحكمة عولت على الاعتراف وطرحت دفاعه قولا منها أن الأوراق خلت
مما يظاهره والتفتت عن برقيتين أرسلتا إلى المحامي العام ورئيس النيابة تحملان
شكوى الطاعن من التعذيب وأنه أكره على الاعتراف وأن به إصابات طلب ندب طبيب
لإثباتها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أنه لما كانت جريمة القتل العمد تتميز قانونا بنية خاصة هي
انتواء إزهاق الروح وهي تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر
الجرائم العمدية, فإنه يجب على الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة أن يستظهر
هذه النية ويبين توافرها بأدلة سائغة. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل على توافر نية
القتل في حق الطاعن في قوله "وحيث أن نية القتل ثابتة - في حق المتهمين الأول
والثاني (الطاعن) من طعن أحدهما المجني عليه بآلة حادة من شأنها إحداث القتل وقد
أحدثته فعلا وفي مقتل منه وبقيامهما بإحراقه وهو ما زال حيا مما أدى إلى وفاته مما
يقطع بتوافر هذه النية لديهما وأنهما قصدا التخلص من المجني عليه بإزهاق
روحه" وكان ما أورده الحكم من استعمال أحد الجناة سلاحا من شأنه إحداث القتل
وإصابة المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى تعمد الفعل المادي ولا يكفي بذاته للتدليل
على نية إزهاق الروح, وكان الحكم قد حصل اعتراف الطاعن الذي عول عليه في الإدانة
في قوله "فقد قرر المتهم الثاني أنه استدرج المجني عليه إلى منزله بحجة
استبدال لنقود مصرية بأخرى أجنبية بعد اتفاقه مع المتهم الأول على ذلك وهناك اشتبك
مع المتهم الأول حتى سقط على الأرض فاقد النطق فذهب بسيارة المجني عليه إلى المتهم
الثالث وأحضره بسيارته الأجرة ونقلوا جثة المجني عليه فيها ثم نقلوها إلى سيارة
المجني عليه وفي الطريق اشتروا بنزينا وبطريق زوير قام المتهم الأول بإشعال النار
في سيارة المجني عليه وهو فيها..." فإن الحكم إذ عول في التدليل على توافر
نية القتل في حق الطاعن على قيامه وآخر بإحراق المجني عليه حيا يكون قاصرا, ذلك
بأنه كان لزاما عليه أن يستظهر علم الطاعن أن المجني عليه كان لا يزال حيا وقت
إشعال النار في السيارة وإذ اعتد الحكم في التدليل - على نية القتل على دعامتين
فاسدتين فإنه يكون - فوق فساد استدلاله - قاصر التسبيب بما يوجب نقضه. لما كان
ذلك, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك ببطلان
اعترافه لأنه وليد إكراه وقال أن ذويه قد أبرقوا إلى النيابة العامة شاكين ما وقع
على الطاعن من تعذيب لحمله على الاعتراف, وقد رد الحكم على هذا الدفاع في قوله "وحيث
أن ما أثاره المتهم الثاني (الطاعن) مردود أنه ليس في أوراق الدعوى ما يشير من
قريب أو بعيد إلى أن إكراها وقع عليه أثناء اعترافه أمام النيابة العامة عند
استجوابه بعد أن أظهر ممثلها على صفته ومن ثم تطمئن المحكمة إلى أن اعتراف المتهم
المذكور إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن وليد إكراه ومتى تحققت المحكمة من أن
الاعتراف سليم مما يشوبه فإنها تطمئن إليه وتأخذ به". لما كان ذلك, وكان
ينبغي في الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختياريا, وهو لا يعتبر كذلك ولو كان
صادقا إذا صدر تحت تأثير الإكراه أو التهديد, وكان الدفع ببطلان الاعتراف لأنه
وليد إكراه هو دفاع جوهري ينبغي على المحكمة إن هي رأت التعويل على الاعتراف أن
ترد على الدفع بما يفنده, وإذ كان الحكم قد اقتصر في رده على الدفع على قوله أن
الأوراق قد خلت من أن إكراها قد وقع على الطاعن, وكان الثابت من المفردات المضمومة
أن ثمة برقيتين أرسلت إحداهما إلى المحامي العام والأخرى إلى رئيس النيابة تحملان
شكوى أخ الطاعن مما تعرض له أخوه من تعذيب حمله على الاعتراف بطلب ندب طبيب لإثبات
ما به من إصابات نتجت عن هذا التعذيب, وإذ التفتت المحكمة عن دلالة تلك البرقيتين
ولم تحقق ما ورد بهما, وعولت في إدانة الطاعن - من بين ما عولت عليه - على
اعترافه, فإن حكمها يكون قاصرا بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب أيضا دون
حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن, مع إلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف
المدنية. ولا يمنع من ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى, ذلك أن الأدلة في
المواد الجنائية متساندة إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي
كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
ثانيا- الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث........:
حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
السرقة ليلا مع آخر يحمل سلاحا ظاهرا قد شابه قصور في التسبيب, ذلك بأن الدفاع قد
تمسك بعدم مسئوليته عن الجريمة لأنه لم يتوجه مع الطاعن الأول إلى مسكن المجني
عليه إلا تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من ذلك الطاعن الذي كان يحمل سلاحا, ومع أن
الحكم قد سلم بأن الطاعن لم يغنم من المسروقات شيئا, وهو ما كان يؤذن بصحة دفاعه,
ويوجب على المحكمة بالتالي أن تحققه أو ترد عليه ما ينفيه إلا أنها ردت عليه بأنه
توجه مع المتهم الآخر باختياره, وهي عبارة قاصرة لا تواجه دفاعه, مما يعيب حكمها
ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع قد تمسك بأن ما وقع
من الطاعن كان تحت تأثير الإكراه وقد حصل الحكم هذا الدفاع ورد عليه في قوله
"وحيث أن ما أثاره المتهم الثالث مردود بأن مرافقته المتهم الثاني باختياره
إلى منزل المجني عليه وقيام هذا الأخير بسرقة الساعتين والولاعة وهو يحمل سلاحا
يدل بما لا يدع مجالا للشك أنه قصد في الاستيلاء على مال المجني عليه بنية تملكه
ولا يغير من الأمر شيئا أنه لم يغنم شيئا من السرقة". لما كان ذلك, وكان
الدفع بانتفاء المسئولية تأسيسا على أن ما قارفه الجاني كان نتيجة الإكراه هو دفع
جوهري لما له من أثر على الإرادة والاختيار وهما مناط المساءلة الجنائية, وكان ما
رد به الحكم على دفاع الطاعن من أنه إنما توجه باختياره مع المحكوم عليه الآخر إلى
منزل المجني عليه لا يصلح ردا لأن ذلك من الحكم مصادرة للدفاع لا ردا عليه, إذ كان
لزاما على المحكمة أن تقسط دفاع الطاعن حقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه وتستظهر ما
كان للسلاح الذي يحمله المتهم الآخر (الطاعن الأول) من أثر على إرادة الطاعن
واختياره, أما وهي لم تفعل, وكانت الأسباب التي أوردتها لتفنيده لا تؤدي إلى ذلك,
فإن حكمها يكون قد تعيب بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون
ضدهما (المدعيين بالحقوق المدنية) المصاريف دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.