الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 يناير 2019

الطعن 93 لسنة 32 ق جلسة 9 / 1 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 1 ص 5

جلسة 9 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

-------------

(1)
الطعن رقم 93 لسنة 32 القضائية

(أ) محاماة. "أتعاب المحاماة". طلب التقدير المقدم إلى مجلس نقابة المحامين "تكييفه". "أثره". "أمر تقدير الأتعاب" "تكييفه". اختصاص حكم.
لمجلس نقابة المحامين عند تقدير أتعاب المحامي في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها اختصاصاً قضائياً. فصله فيها يعد فصلاً في خصومة تنعقد أمامه بتقديم الطلب إليه. ويعد أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة في هذا الخصوص بمثابة حكم صادر في خصومة.
(ب) محاماة. "أتعاب المحاماة". "تقديرها". "التظلم من أمر التقدير". اختصاص. "اختصاص المحاكم". حكم. طرق الطعن في الأحكام "التظلم".
فصل المحاكم في التظلم من قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير الأتعاب، ليس فصلاً من جهة تقدرها ابتداء بل باعتبارها جهة طعن.
(جـ) حكم. "الطعن في الحكم". "من يفيد من الطعن". دعوى. "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "ترك الخصومة".
لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يضار الطاعن من طعنه.
عدم جواز اعتراض المطعون ضده على ترك الطاعن للخصومة في الطعن الذي أقامه.
(د) محاماة. "أتعاب محاماة". "اختصاص مجلس النقابة بتقديرها" أمر تقدير الأتعاب.
عدم فقد أمر تقدير أتعاب المحاماة الأركان الأساسية للأحكام عند تجاوز مجلس النقابة حدود اختصاصه في تقديرها.
(هـ) بطلان. "البطلان في الأحكام". حكم. "بطلان الحكم". دعوى. "دعوى البطلان الأصلية".
عدم قبول الطعن في الأحكام بدعوى بطلان مبتدأة ما دام القانون نظم طرقاً للطعن فيها.
(و) حكم "عيوب التدليل". "القصور. ما لا يعد كذلك". دفاع.
عدم حاجة الحكم للتعرض لدفاع الطاعنة إذا كان قد انتهى إلى أن أمر التقدير محل الدعوى أصبح نهائياً.

-------------
1 - تفيد نصوص المواد 80/ 6 و44 و45 و46 و48 من القانون 98 لسنة 1944 والخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية - والمطبق على واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن المشرع جعل لمجلس نقابة المحامين ولاية الفصل في تقدير أتعاب المحامي عند الاختلاف على قيمتها في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها وذلك بناء على طلب المحامي أو الموكل، وتقدير مجلس النقابة للأتعاب في هذه الحالة يعتبر فصلاً في خصومة بدليل أن الالتجاء إليه لا يكون إلا عند الخلاف على الأتعاب في حالة عدم وجود اتفاق كتابي في شأنها وبدليل إباحة الالتجاء إلى مجلس النقابة من كل من المحامي والموكل على السواء. هذا إلى أنه مما يؤكد أن لمجلس النقابة اختصاصاً قضائياً في مثل هذه الحالة ما أوجبه القانون من لزوم إخطار المطلوب التقدير ضده بصورة من الطلب وبالجلسة بمقتضى خطاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو ليقدم ملاحظاته، مما مفاده أن تقديم الطلب إلى المجلس تنعقد به الخصومة. كما أفاد المشرع بما رسمه من طريق للتظلم في أمر تقدير الأتعاب وبيان طرق الطعن في الحكم الصادر في التظلم أنه اعتبر فصل مجلس النقابة في تقدير الأتعاب فصلاً في خصومة بين الطرفين (1) إذا كان المشرع قد أجاز الالتجاء إلى المحاكم أو إلى مجلس النقابة لتقدير أتعاب المحاماة في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها، وكانت المادة 48 من القانون رقم 98 لسنة 1944 تجيز للمحامي بمقتضى أمر التقدير الصادر لصالحه أن يحصل على اختصاص بعقارات من صدر ضده الأمر، فقد دل المشرع بذلك جميعه على أن أمر التقدير هو بمثابة حكم صادر في خصومة بين الطرفين.
2 - فصل المحكمة في التظلم من قرار مجلس النقابة بتقدير أتعاب المحامي لا يعتبر منها - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - فصلاً في تقدير الأتعاب ابتداء بل باعتبارها جهة طعن في تقدير أصدره مجلس النقابة في حدود اختصاصه القضائي (2).
3 - لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يضار الطاعن من طعنه، فإذا كانت الطاعنة لم تسلك سبيل الطعن في أمر التقدير الصادر ضدها من مجلس نقابة المحامين في الميعاد المقرر قانوناً فإنه لا يجوز لها أن تعترض على ترك الخصومة في التظلم المرفوع ضدها عن هذا الأمر.
4 - إذا كان أمر تقدير مجلس النقابة لأتعاب المحامي هو بمثابة حكم، فإن العيب الذي وجهته الطاعنة إليه بتجاوز مجلس النقابة حدود اختصاصه في تقدير أتعاب المطعون عليه للمنازعة في وكالته عن الطاعنة - وعلى فرض صحة هذا الادعاء - لا يفقد أمر التقدير الأركان الأساسية للأحكام.
5 - إذا كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل الطعن في الأحكام بالبطلان بدعوى مبتدأة ما دام أن القانون قد نظم طرقاً للطعن عليها وذلك تقديراً لحجيتها (3) ، وكان الحكم قد انتهى إلى أن للمطعون عليه الأول الحق في ترك الخصومة في التظلم المرفوع منه عن أمر التقدير الصادر لصالحه استناداً إلى أن التظلم لا يعتبر بمثابة دعوى مبتدأة بل هو طعن يحق لمن قام برفعه أن يتنازل عنه، وقضى برفض دعوى الطاعنة ببطلان أمر التقدير الصادر من مجلس نقابة المحامين على أساس أنها فوتت على نفسها مواعيد وإجراءات الطعن على هذا الأمر، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن من حق المطعون عليه الأول ترك الخصومة في التظلم المرفوع منه وحده في أمر تقدير الأتعاب الصادر لصالحه من مجلس نقابة المحامين ضد الطاعنة وإلى أنه لا يجوز إقامة دعوى مبتدأة ببطلان أمر التقدير بعد أن فوتت الطاعنة على نفسها الطعن على هذا الأمر طبقاً للقواعد المقررة في القانون وأصبح الأمر بذلك نهائياً، فإن الحكم لا يكون بحاجة بعد ذلك للتعرض لدفاع الطاعنة بشأن عدم وكالة المطعون ضده عنها في الدعوى المرفوعة عليها أمام محكمة الأحوال الشخصية والخاصة بفرز حصة الخيرات ويكون النعي على الحكم بالقصور بعدم الرد على دفاع الطاعنة في هذا الخصوص غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول الأستاذ محمد محمود بدير المحامي تقدم بطلب إلى مجلس نقابة المحامين ضد وزارة الأوقاف (الطاعنة) وضد المطعون عليه الثاني قيد برقم 205 سنة 1956، وقال الطالب بياناً لطلبه إن شخصين تقدما إلى محكمة الأحوال الشخصية بطلب فرز حصة الخيرات وقدرها أربعة قراريط في أرض موقوفة تطل على ميدان السيدة زينب بالقاهرة مساحتها 2200 متر مربع بدعوى أن باقي الوقف أهلي وأنهما المستحقان الوحيدان فيه وقدما كتاب الوقف بعد أن أسقطت منه بعض سطوره فلم تعترض الطاعنة على هذا الطلب وندبت محكمة الأحوال الشخصية خبيراً لفرز حصة الخيرات وقدم الخبير تقريره غير أن المطعون عليه الثاني اتصل بالطالب (المطعون عليه الأول) وأفهمه أن هذه الدعوى قد دبرت لاغتيال أعيان الوقف لأنه جميعه على الخيرات فاتخذ الطالب الإجراءات أمام محكمة الأحوال الشخصية وانتهى الأمر أمامها إلى اعتبار الوقف جميعه وقف خيري وبذلك منع الطالب بعمله أمام محكمة الأحوال الشخصية اغتيال أعيان هذا الوقف البالغ قيمتها حوالي الربع مليون من الجنيهات. واستطرد الطالب إلى القول بأن هذين الشخصين لم يقف بهما الأمر عند هذا الحد بل تقدما بعد ذلك إلى مجلس الأوقاف الأعلى وطلبا استبدال قطعة صغيرة من أرض الوقف المشار إليه تطل على ميدان السيدة زينب بما يترتب عليه أن لا تطل باقي الأرض الموقوفة على الميدان وهو ما ينقص من قيمتها وقد وافق مجلس الأوقاف الأعلى على الاستبدال، إلا أن الطالب شكا الأمر إلى وزارة الأوقاف وأحيلت شكواه إلى المحكمة الشرعية فرفضت طلب الاستبدال وترتب على عمله هذا أن استفادت وزارة الأوقاف نتيجة لعدم نقص قيمة أعيان الوقف، وانتهى الطالب في طلبه المقدم إلى مجلس نقابة المحامين إلى تقدير أتعابه بمبلغ عشرة آلاف جنيه. دفعت الطاعنة أمام مجلس النقابة بأن المطعون عليه الأول لم يكن وكيلاً عنها ولا يستحق أتعاباً قبلها. وبتاريخ 21/ 2/ 1957 قدر مجلس نقابة المحامين أتعاب المطعون عليه الأول بمبلغ ألف جنيه ينفذ به على الطاعن وأقام مجلس النقابة قراره على أساس أن أعمال الفضالة التي قام بها المطعون عليه الأول قد تحولت إلى وكالة بإقرار الطاعنة لعمله مما يجعلها مسئولة عن أتعابه. قام المطعون عليه الأول بإعلان أمر التقدير إلى الطاعنة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه ثم تظلم منه أمام محكمة القاهرة الابتدائية وطلب زيادة أتعابه إلى مبلغ عشرة آلاف جنيه غير أنه لم يقم بقيد هذا التظلم بل قامت الطاعنة بهذا الإجراء وقيد التظلم برقم 1839 سنة 1957 مدني كلي القاهرة كما أقامت الطاعنة الدعوى رقم 2117 سنة 1957 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليهما طلبت فيها الحكم ببطلان قرار مجلس نقابة المحامين الصادر بتاريخ 21/ 2/ 1957 على أساس أن المجلس غير مختص بإصدار هذا القرار. وفي أثناء نظر النزاع قرر المطعون عليه الأول بترك الخصومة في التظلم المشار إليه بتقدير أتعابه ودفع بسقوط حق الطاعنة في الطعن في هذا الأمر، وقضت المحكمة برفض طلب ترك الخصومة في التظلم وبرفض الدفع ثم قضت بتاريخ 30/ 4/ 1959 في الدعويين ببطلان أمر التقدير الصادر من نقابة المحامين بتاريخ 21/ 2/ 1957 وبعدم اختصاص مجلس النقابة بإصداره. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 679 سنة 78 ق وطلب الحكم بترك الخصومة في التظلم رقم 1839 سنة 1957 مدني كلي القاهرة وإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى 2117 سنة 1957 مدني كلي القاهرة. وبتاريخ 14/ 1/ 1962 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وقبول ترك الخصومة في التظلم رقم 1839 سنة 1957 مدني كلي القاهرة وبرفض الدعوى رقم 2117 سنة 1957 مدني كلي القاهرة، فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول منهما الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، وتقول الطاعنة في بيان الوجه الأول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بقبول ترك الخصومة من المطعون عليه الأول في التظلم رقم 1839 سنة 1957 مدني كلي القاهرة استناداً إلى أن اعتراض الطاعنة على ترك الخصومة إنما يقبل في الدعاوى المبتدأة وليست في خصوص حكم صدر ضد الطاعنة ولم تتخذ في شأنه طرق الطعن طبقاً للقانون وإلى أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه. هذا في حين أن قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب المطعون عليه الأول ضد الطاعنة هو أمر على عريضة صادر من هيئة ذات اختصاص ولائي وليس لها اختصاص قضائي ويراد بالتظلم طرح الأمر على القضاء ابتداء واختصاص مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب المحامي بناء على طلبه أو طلب موكله لا يقوم إلا حيث يوجد توكيل للمحامي عند عدم وجود اتفاق كتابي على الأتعاب ولا تعتبر الطاعنة موكلة للمطعون عليه الأول فيكون القرار الصادر بتقدير أتعابه ضد الطاعنة قراراً معدوماً لا يعتد به وبذلك فلا محل لاعتبار التظلم من أمر التقدير بمثابة طعن في حكم وإعمال القواعد المقررة في هذا الخصوص في المادة 384 من قانون المرافعات لأنها لا تسري في أحوال الانعدام، ويجوز أن ترفع دعوى مبتدأة بانعدام الحكم كما يجوز التمسك بذلك في صورة دفع في أية خصومة تستند إلى الحكم المعدوم، ولا محل للقول بأن الطاعنة فوتت على نفسها الطعن في أمر التقدير في الميعاد لأن الدعوى المطروحة تتناول قرار مجلس النقابة وليس حكماً قضائياً. وتقول الطاعنة في بيان الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن من حق المطعون عليه الأول ترك الخصومة في التظلم لأنه هو صاحب المصلحة فيه وقد طلب الحكم بترك الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى وأن الطاعنة لم تسلك سبيل الطعن المقرر في القانون على قرار مجلس النقابة فلا تفيد من التظلم المرفوع من المطعون عليه الأول وليس للطاعنة أن تعترض على ترك الخصومة، هذا في حين أن ترك الخصومة ليس معلقاً على محض إرادة المدعي بل إنه لا يتم إذا ما أبدى المدعى عليه طلباته ولم يقبل من المدعي ترك الخصومة لأنه قد يكون من مصلحة المدعى عليه حسم موضوع النزاع ولا يبقى مهدداً بدعوى ترفع عليه في المستقبل من المدعي، وقد قامت الطاعنة بقيد التظلم المرفوع من المطعون عليه الأول وطلبت الحكم ببطلان أمر التقدير وبذلك يكون من غير المقبول الحكم بترك الخصومة دون موافقة الطاعنة على ذلك بعد أن ارتبط حقها بالدعوى.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود ذلك أنه إذ تنص المادة 80/ 6 من القانون 98 سنة 1944 - الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية - والمنطبق على واقعة الدعوى. على "يختص مجلس النقابة بالوساطة بين المحامين وموكليهم للفصل في المنازعات التي تقوم بينهم متى طلب منه، وكذلك تقدير الأتعاب عند الاختلاف على قيمتها وفقاً لأحكام هذا القانون". وتنص المادة 44 على "عند عدم وجود اتفاق كتابي تقدر أتعاب المحامي بناء على طلبه أو طلب الموكل بمعرفة مجلس النقابة ويجب أن تخطر النقابة المطلوب التقدير ضده بصورة من طلب التقدير وبالجلسة التي تحدد لنظره بخطاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو ليقدم ملاحظاته كتابة في المدة التي يحددها المجلس - وعلى المحامي أن يعلن موكله بصورة من أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة الابتدائية أو المحكمة الجزئية التابع لها المحامي حسب الأحوال" كما تنص المادة 45 على "للمحامي وللموكل حق التظلم من أمر التقدير في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإعلانه بالأمر وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة المقيم بدائرتها المحامي كلية كانت أو جزئية حسب قيمة الطلب"، وتنص المادة 46 على "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في التظلم بكافة أوجه الطعن العادية وغير العادية ما عدا المعارضة". وتنص المادة 48 على "للمحامي الذي بيده أمر تقدير بأتعابه أو محضر صلح مصدق عليه من المجلس أو المحكمة أو حكم صادر في التظلم أن يحصل على اختصاص بعقارات من صدر أمر التقدير أو الحكم أو محضر الصلح ضده". فقد أفادت هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل لمجلس نقابة المحامين ولاية الفصل في تقدير أتعاب المحامي عند الاختلاف على قيمتها في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها وذلك بناء على طلب المحامي أو الموكل. وتقدير مجلس النقابة للأتعاب في هذه الحالة يعتبر فصلاً في خصومة بدليل أن الالتجاء إليه لا يكون إلا عند الخلاف على الأتعاب في حالة عدم وجود اتفاق كتابي في شأنها وبدليل إباحة الالتجاء إلى مجلس النقابة من كل من المحامي والموكل على السواء. هذا إلى أنه مما يؤكد أن لمجلس النقابة اختصاصاً قضائياً في مثل هذه الحالة ما أوجبه القانون من لزوم إخطار المطلوب التقدير ضده بصورة من الطلب وبالجلسة بمقتضى خطاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو ليقدم ملاحظاته. مما مفاده أن تقديم الطلب إلى المجلس تنعقد به الخصومة. كما أفاد المشرع بما رسمه من طريق للتظلم من أمر تقدير الأتعاب وبيان طرق الطعن في الحكم الصادر في التظلم أنه اعتبر فصل مجلس النقابة في تقدير الأتعاب فصلاً في خصومة بين الطرفين وإذ أجاز المشرع الالتجاء إلى المحاكم أو إلى مجلس النقابة لتقدير أتعاب المحاماة في مثل هذه الحالة. وكانت المادة 48 من القانون رقم 98 سنة 1944 السالفة البيان قد أجازت للمحامي بمقتضى أمر التقدير الصادر لصالحه أن يحصل على اختصاص بعقارات من صدر ضده الأمر، فقد دل المشرع بذلك جميعه على أن أمر التقدير هو بمثابة حكم صادر في خصومة بين الطرفين. ولما كان الفصل من المحكمة في التظلم من قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب المحامي لا يعتبر منها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فصلاً في تقدير الأتعاب ابتداء بل باعتبارها جهة طعن في تقدير أصدره مجلس النقابة في حدود اختصاصه القضائي على ما سلف بيانه، وكان لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يضار الطاعن من طعنه، وإذ لم تسلك الطاعنة سبيل الطعن في أمر التقدير الصادر ضدها من مجلس نقابة المحامين في الميعاد المقرر قانوناً، فإنه لا يجوز لها أن تعترض على ترك الخصومة في التظلم المرفوع ضدها عن هذا الأمر. لما كان ذلك، وكان أمر تقدير مجلس النقابة لأتعاب المحامي هو بمثابة حكم - على ما سبق بيانه - وكان العيب الذي وجهته الطاعنة بتجاوز مجلس النقابة حدود اختصاصه في تقدير الأتعاب المطعون عليه للمنازعة في وكالته عن الطاعنة - على فرض صحة هذا الادعاء - لا يفقد أمر التقدير السالف البيان الأركان الأساسية للأحكام، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل الطعن في الأحكام بالبطلان بدعوى مبتدأة ما دام أن القانون قد نظم طرقاً للطعن عليها وذلك تقديراً لحجيتها. وكان الحكم قد انتهى إلى أن للمطعون عليه الأول الحق في ترك الخصومة في التظلم المرفوع منه عن أمر التقدير الصادر لصالحه استناداً إلى أن التظلم لا يعتبر بمثابة دعوى مبتدأة بل هو طعن يحق لمن قام برفعه أن يتنازل عنه وقضى برفض دعوى الطاعنة ببطلان أمر التقدير الصادر من مجلس نقابة المحامين على أساس أنها فوتت على نفسها مواعيد وإجراءات الطعن على هذا الأمر، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وتقول في بيان ذلك إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها لم توكل المطعون عليه الأول في الدعوى المرفوعة أمام محكمة الأحوال الشخصية الخاصة بفرز حصة الخيرات وأنه لذلك قد تجاوز مجلس نقابة المحامين حدود اختصاصه فتزول عن قراره بتقدير أتعاب المطعون عليه الأول كل حصانة. كما تمسكت بأن المطعون عليه الأول كان مدعياً أمام المحكمة الشرعية في طلب استبدال الوقف فلا يمكن اعتباره وكيلاً، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن من حق المطعون عليه الأول ترك الخصومة في التظلم المرفوع منه وحده من أمر تقدير الأتعاب الصادر لصالحه من مجلس نقابة المحامين ضد الطاعنة وإلى أنه لا يجوز إقامة دعوى مبتدأة ببطلان أمر التقدير بعد أن فوتت الطاعنة على نفسها الطعن على هذا الأمر طبقاً للقواعد المقررة في القانون وأصبح الأمر بذلك نهائياً على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، فإن الحكم ما كان بحاجة بعد ذلك للتعرض إلى دفاع الطاعنة الذي تثيره بسبب الطعن ويكون النعي به غير منتج.


 (1) راجع نقض 8/ 6/ 1961 - الطعن 51 لسنة 26 ق مجموعة المكتب الفني السنة 12 ص 532، ونقض 4/ 1/ 1966 الطعن 241 لسنة 31 ق مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 37.
 (2) راجع نقض 18/ 3/ 1965 - الطعن 299 لسنة 30 ق مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 356.
 (3) راجع نقض 16/ 5/ 1967 - الطعن 216 لسنة 33 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 997.

الطعن 129 لسنة 33 ق جلسة 3 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 2 ص 7


برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
------------
- 1  استئناف " تقرير التلخيص". دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة . تقرير التلخيص".
جواز الاستدلال على تلاوة تقرير التلخيص من محاضر الجلسات.
يجوز الاستدلال من محاضر الجلسات على حصول تلاوة تقرير التلخيص في  حالة خلو الحكم من هذا البيان.
- 2  تنفيذ " تنبيه نزع الملكية . سقوطه".
سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية اذا لم يتبعه تسجيل الحكم بنزعها خلال 160 يوما المادة 540 مرافعات قديم وجوب تجديده كلما أوشك على السقوط.
تقضى المادة 540 من قانون المرافعات القديم بسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية بكل آثاره إذا لم يتبعه تسجيل حكم نزع الملكية في  ميعاد مائة وستين يوماً، ويؤشر قلم الكتاب من تلقاء نفسه بحصول هذا السقوط على هامش التنبيه. ومؤدى ذلك أنه يتعين على الدائن طالب التنفيذ تجديد تسجيل التنبيه كلما أوشك التسجيل الأول على السقوط بانقضاء هذا الميعاد.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام أصلا الدعوى رقم 242 سنة 1958 مدني الوايلي ضد الطاعنة والمطعون عليه الثاني يطلب الحكم ببطلان حكم مرسي المزاد الصادر في الدعوى رقم 38 سنة 1949 بيوع الوايلي وشطب التسجيلات المترتبة عليه والأمر بتسجيل حكم مرسي المزاد الصادر له في الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي. وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 27/ 12/ 1953 صدر حكم في الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي رسا عليه بمقتضاه مزاد 4ط شائعة في عدد من القطع، غير أن المدين رفع إشكالا في تنفيذ هذا الحكم وتدخلت الطاعنة وهي زوجة المدين منضمة إليه في طلباته استنادا إلى أنها تملك هذه القطع بمقتضى حكم مرسي المزاد الصادر في الدعوى رقم 38 سنة 1949 بيوع الوايلي بتاريخ 1/ 3/ 1950 وقضى برفض هذا الإشكال. وإذ امتنعت مصلحة الشهر العقاري عن تسجيل حكم مرسي المزاد الصادر لصالحه لتعارضه مع حكم مرسي المزاد المسجل الصادر لصالح الطاعنة فقد رفع دعواه للحكم له بطلباته وأختصم فيها المطعون عليه الثاني الذي أشترى جزءا من العقار موضوع النزاع. وأضاف المطعون عليه الأول أنه يستند في دعواه إلى أن تنبيه نزع الملكية في الدعوى رقم 38 سنة 1949 بيوع الوايلي التي صدر فيها حكم مرسي المزاد لصالح الطاعنة سجل في 3/ 11/ 1948، في حين أن تنبيه نزع الملكية في الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي التي صدر فيها حكم مرسي المزاد لصالحه سجل في 15/ 4/ 1941. وقضت محكمة الوايلي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 117 سنة 1959 مدني كلي القاهرة. وبتاريخ 12/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بطلبات المطعون عليه الأول. استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 217 سنة 79ق استئناف القاهرة، وقضت المحكمة في 27/ 1/ 1963 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وفي 28/ 3/ 1963 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين طلبت فيهما رفض الطعن.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة 
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل السبب الأول بطلان الحكم المطعون فيه لأنه لم يرد به ما يفيد حصول تلاوة تقرير التلخيص
وحيث إن النعي مردود بانه وان خلا الحكم المطعون فيه مما يفيد حصول تلاوة تقرير التلخيص ، إلا انه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز الاستدلال من محاضر الجلسات على حصول هذه التلاوة في  حالة خلو الحكم من هذا البيان ، ولما كان الثابت من محضر جلسة 5/1/1963 التي تمت فيها المرافعة أن التقرير تلى بهذه الجلسة ، فان النعي على الحكم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في  التسبيب ذلك أنه قضى ببطلان حكم مرسى المزاد الصادر للطاعنة في  الدعوى رقم 38 سنة 1949 بيوع الوايلي وأمر بتسجيل حكم مرسى المزاد الصادر للمطعون عليه الأول في  الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي - تأسيسا على أن تسجيل تنبيه نزع الملكية الخاص بالطاعنة لا يسرى في  حق المطعون عليه الأول لأنه لاحق على تسجيل التنبيه الذى اتخذه الدائن مباشر الإجراءات في  الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي ، هذا في  حين أن الطاعنة تمسكت في  مذكرتها أمام محكمة الاستئناف بسقوط تسجيل التنبيه في  هذه الدعوى الأخيرة لأنه تم في  15/4/1941 ولم يجدد ميعاد مائة وستين يوما طبقا لما تقضى به المادة 540 من قانون المرافعات القديم وانه بسقوط التسجيل يسقط التنبيه ذاته ويكون للطاعنة أن تنفذ على العقار دون اعتداد بالتنبيه ، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه بالقصور
وحيث انه لما كانت المادة 540 من قانون المرافعات القديم الذى اتخذت في  ظله إجراءات نزع الملكية في  الدعوى رقم 3098 لسنة 1941 بيوع الوايلي - تقضى بسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية بكل آثاره اذا لم يتبعه تسجيل حكم نزع الملكية في  ميعاد مائة وستين يوما ويؤشر قلم الكتاب من تلقاء نفسه بحصول هذا السقوط على هامش التنبيه - فان مؤدى ذلك انه يتعين على الدائن طالب التنفيذ تجديد تسجيل التنبيه كلما أوشك التسجيل الأول على السقوط بانقضاء هذا الميعاد . ولما كان الثابت أن الطاعنة قدمت بواسطة محاميها أمام محكمة الاستئناف بجلسة 5/1/1963 حافظة تشمل على مذكرة من أحد رجال القانون تضمنت أن تسجيل تنبيه نزع الملكية الذى أجراه الدائن مباشر الإجراءات في  الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي قد سقط وأصبح عديم الأثر لان هذا التنبيه سجل في  15/4/1941 وكان يتعين أن يجدد تسجيله في  ميعاد مائة وستين يوما ، وإذ لم يجدد التسجيل إلا في  22/11/1941 أي بعد الميعاد فانه يترتب على ذلك سقوط التسجيل وبسقوطه يسقط التنبيه ذاته ويكون للطاعنة أن تتخذ إجراءاتها بالتنفيذ على أساس عدم وجوده ، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد اتخذت من هذه المذكرة التي قدمتها إلى محكمة الاستئناف أساساً لدفاعها بسقوط تسجيل التنبيه في  الدعوى رقم 3098 سنة 1941 بيوع الوايلي ، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بتسجيل التنبيه المشار إليه واستند للحكم في  الدعوى إلى أسبقيته على تسجيل التنبيه الخاص بالطاعنة دون أن يحقق دفاعها بسقوطه ، وكان هذا الدفاع جوهريا ومن شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في  الدعوى ، فان الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور يعيبه بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب .

الطعن 110 لسنة 33 ق جلسة 3 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 1 ص 3


برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا.
-----------
حكم " الأحكام غير جائز الطعن فيها". نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الحكم الذي لا يبت في أساس الخصومة عدم جواز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع . مثال.
إذا كان الحكم حين قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص بالنسبة للسندات التي لا تجاوز قيمة كل منها 250 ج، قد اعتبر مديونية شركة التأمين المدعى عليها بالنسبة لهذه السندات ناشئة عن سبب قانوني واحد - هو عقد التأمين - ولم يحسم النزاع المردد في  الدعوى حول تكييف هذا العقد الذى تعهدت بمقتضاه الشركة بضمان وفاء قيمة السندات إلى البنك المدعى. وكان الحكم حين قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لأحد السندات قد عرض لعلاقة شركة التأمين بالمدين فاعتبرها في  مركز الكفيل المتضامن، ولم يثبت في  طبيعة العلاقة التي تربط الشركة بالبنك وهى أساس الخصومة في الدعوى، فإن الحكم فيما قضى به شأن الاختصاص وقبول الدعوى على أساس الذى أقيم عليه في  الحالتين لا يكون قد أنهى الخصومة بعضها أو كلها، فلا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في  الموضوع.
--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أنه بتاريخ 12/ 7/ 1961 استصدر بنك ..... – المطعون عليه الأول – من رئيس الدائرة المختصة بمحكمة القاهرة الابتدائية أمرا بأن تؤدي إليه شركة ..... للتأمين – الطاعنة – مبلغ 1959ج وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع ضد الطاعنة تحت يد باقي المطعون عليهم. وقال البنك شرحا لطلبه أنه بموجب ثلاث وثائق تأمين تعاقد ...... التاجر بالقاهرة مع الشركة الطاعنة على أن تضمن الشركة للبنك دفع قيمة السندات الإذنية المحررة على عملاء ...... في حالة عدم وفائهم بقيمتها في ميعاد الاستحقاق، ثم قام ....... بخصم سندات قيمتها 1959ج لدى البنك بطريق التظهير الناقل للملكية، وإذ لم يقم المدينون بالسداد في ميعاد الاستحقاق ولم تدفع الشركة قيمة هذه السندات رغم أن البنك سحب عليها كمبيالتي رجوع في 11/ 6/ 1961 فقد تقدم البنك بطلبه لاستصدار أمر الأداء المشار إليه
عارضت الشركة في هذا الأمر وقيدت معارضتها برقم 1482 سنة 1961 تجاري كلي القاهرة. وبتاريخ 16/ 12/ 1961 قضت محكمة أول درجة بإلغاء الأمر المعارض فيه وبعدم اختصاص القاضي الآمر بإصداره بالنسبة للسندات التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 250ج، وبعدم قبول الأمر بالنسبة للسند الموقع عليه من المدين ......، وإلغاء كل أثر ترتب على الأمر المشار إليه
استأنف البنك هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 92 سنة 79ق استئناف القاهرة. ومحكمة الاستئناف قضت في 12/ 2/ 1963 بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة. وفي 19/ 3/ 1963 طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين دفعت فيهما بعدم جواز الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.

----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة 
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه ألغى حكم محكمة أول درجة وضمن أسبابه القضاء باختصاص القاضي الآمر بالنسبة للسندات التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 250 ج والقضاء بقبول الدعوى بالنسبة للسند الموقع عليه من انتريح جرابيديان ، وكلاهما قضاء غير منه للخصومة كلها أو بعضها فلا يجوز الطعن فيه بالنقض على استقلال عملا بالمادة 378 من قانون المرافعات
وحيث إن هذا الدفع في  محله ذلك انه لما كانت المادة 378 من قانون المرافعات تقضى بعدم جواز الطعن في  الأحكام التي تصدر قبل الفصل في  الموضوع ولا تنتهى بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في  الحكم الصادر في  الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإلغاء حكم محكمة أول درجة في  شقة الخاص بعدم الاختصاص على ما قرره من " أن أحمد محمد قطب عقد اشتراطا لمصلحة بنك الجمهورية - المطعون عليه الأول - بالذات بعقد وثيقة تأمين من مقتضاها أن تضمن شركة أفريقيا للتأمين - الطاعنة - سداد الأقساط المستحقة الأداء على عملاء أحمد محمدة قطب لتمكين هذا الأخير من خصم السندات الإذنية لدى بنك الجمهورية والحصول على قيمتها منه فاذا ما رجع بنك الجمهورية على شركة أفريقيا للتأمين بموجب ضمانها أو كفالتها للدين بمقتضى هذه الوثيقة وتوقيعها على السندات تنفيذا لها يكون البنك مستندا إلى سبب قانوني واحد وهو كفالة الدين بعقد وثيقة التأمين المشار إليها وتكون محكمة أول درجة قد جانبها الصواب إذ قضت بعدم الاختصاص القاضي الآمر بالنسبة للسندات التي في  حدود مبلغ 250 ج ...... " واستند الحكم في  إلغاء حكم محكمة أول درجة في  شقة الخاص بعدم القبول إلى قوله " انه عند السند الموقع عليه في  انتريج جرابيديان وقيمته 275 ج فان القاضي الأمر مختص بإصدار الأمر به أيضا ولا ترى المحكمة صواب ما ذهبت إليه محكمة أول درجة عدم قبول الأمر به لعدم سبق التنبيه بالوفاء على المدين الأصلي ذلك أن عبارة الضمان الواردة على هذا السند بتوقيع الشركة المستأنف عليها - الطاعنة - تجعلها في  مركز الكفيل المتضامن وليس لها حق الدفع والتجريد طبقا للمادة 793 مدنى كما ترى خطل ما ارتأته المحكمة كذلك من وجوب الرجوع على المستأنف عليها طبقا للإجراءات المقررة بقانون التجارة لان الكفيل المتضامن يعتبر في  مركز محرر الورقة وتصح مقاضاته بطريق أمر الأداء طبقا للمادة 852/1 مرافعات " وكان يبين من هذا الذى أورده الحكم انه لم يثبت في  أساس الخصومة ذلك انه لم يبت في  أساس الخصومة ذلك انه وان اعتبر مديونية الشركة بالنسبة للسندات التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 250 ج ناشئة عن سبب قانوني واحد هو عقد التأمين الذى أبرمه......... مع الشركة الطاعنة ، إلا انه لم يحسم النزاع المرد في  الدعوى حول تكييف هذا العقد الذى تعهدت بمقتضاه شركة التأمين بضمان وفاء قيمة السندات إلى البنك ، وكذلك فان ما قرره الحكم بشأن السند المحرر من انتريج جرابيديان وان عرض فيه لعلاقة الشركة بهذا المدين فاعتبرها في  مركز الكفيل المتضامن إلا انه لم يبت في  طبيعة العلاقة التي تربط شركة التأمين بالبنك ، وهى أساس الخصومة . لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه فيما قضى به بشأن الاختصاص وقبول الدعوى على الأساس الذى أقيم عليه لم ينه الخصومة كلها أو بعضها فلا يجوز الطعن فيه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا مع الطعن في  الحكم الصادر في  الموضوع ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز الطعن .

الطعن 31 لسنة 60 ق جلسة 17 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 81 ص 388

جلسة 17 فبراير سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
------------
(81)
الطعن 31 لسنة 60 ق
(1) إيجار " التزامات المؤجر: ضمان التعرض".
ضمان المؤجر للتعرض القانوني الحاصل من الغير مناطه ادعاء اجنبي حقا يتعلق بالعين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجرة في  استعماله لها بالطريقة المشروطة في  عقد الإيجار . تعرض الغير المبني على مخالفة المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بالطريقة المنصوص عليها في عقد الإيجار خروجه عن هذا الضمان م 572 / 1 مدنى .
(4 - 2) تعويض. تقادم " التقادم المسقط ". مسئولية . حكم . محكمة الموضوع .
(2) علم المضرور بالضرر وبالشخص المسئول عنه الذى يبدا به سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في  المادة 172 مدنى هو العلم الحقيقي الذى يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه لا العلم الظني علة ذلك .
(3) استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه استقلال محكمة الموضوع به متى كان تحصيلها سائغا اعتداد الحكم في  بدء سريان التقادم الثلاثي بتاريخ رفع دعوى إثبات الحالة باعتباره تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر والمسئول عنه لا خطأ.
(4) محكمة الموضوع سلطتها في استخلاص الفعل للخطأ المكون للخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر مادام استخلاصها سائغا .
(5) تعويض. محكمة الموضوع .
محكمة الموضوع سلطتها في  تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في  القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في  خصوصه شرط ذلك .
--------------
1 - النص في المادة 572 /1 من القانون المدني على أن "إذا ادعى أجنبي حقاً يتعارض مع ما للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد الإيجار، وجب على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بذلك، وكان له أن يخرج من الدعوى وفي هذه الحالة لا توجه الإجراءات إلا إلى المؤجر" يدل على مناط ضمان المؤجر للتعرض الصادر من الغير المبني على سبب قانوني يكون بادعاء أجنبي حقاً يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر في استعماله لها بالطريقة المنصوص عليها في عقد الإيجار أما إذا كان التعرض الصادر من الغير مبنياً على مخالفة المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بالطريقة المشروطة في عقد الإيجار فإن المؤجر لا يضمن هذا التعرض.
2 - إذ تجري عبارة الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني بأن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه..." فإن المراد بالعلم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لبدء سريان التقادم الثلاثي في هذه الحالة هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن القضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
3 - استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغاً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد اعتد في بدء سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة سنة 1984 باعتباره تاريخ العلم الحقيقي الذي أحاط به المطعون ضده الأول بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه فتكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى سنة 1986 كان هذا الاستخلاص سائغاً ويكفي لحمله.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه.
5 - تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان تقديره سائغا وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة في شأن تقدير التعويض كافيا لحمل قضائها.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3051 لسنة 1986 مدني طنطا الابتدائية على الشركة الطاعنة ومورث المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 7500 جنيه وقال بيانا لذلك إن الشركة الطاعنة استأجرت من مورث المطعون ضده الثاني قطعة أرض زراعية لتشوين معداتها إلا أنها أقامت عليها محطة خلط مواد الرصف مما نشأ عنه إلحاق ضرر بأرضه الزراعية المجاورة قدر عنه الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 150 لسنة 1984 مستعجل تعويضا مقداره 7500 جنيه وإذ امتنعت الطاعنة عن دفع هذا التعويض رغم توافر أركان المسئولية التقصيرية قبلها فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. حكمت المحكمة بتاريخ 24/6/1987 بإلزام الطاعنة بدفع التعويض المطالب به ورفض الدعوى قبل مورث المطعون ضده الثاني. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 1027 لسنة 37 ق وبتاريخ 8/11/1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها وفقا لحكم المادة 572/1 من القانون المدني فقد أدخلت المؤجر في الدعوى وطلبت إخراجها منها إلا أن المحكمة رفضت ذلك وقصرت المسئولية على الطاعنة وحدها دون مراعاة لنص المادة سالفة الذكر الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 572/1 من القانون المدني على أن "إذا ادعى أجنبي حقا يتعارض مع ما للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد الإيجار, وجب على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بذلك, وكان له أن يخرج من الدعوى وفي هذه الحالة لا توجه الإجراءات إلا إلى المؤجر" يدل على أن مناط ضمان المؤجر للتعرض الصادر من الغير المبني على سبب قانوني يكون بادعاء أجنبي حقا يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر في استعماله لها بالطريقة المنصوص عليها في عقد الإيجار أما إذا كان التعرض الصادر من الغير مبنيا على مخالفة المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بالطريقة المشروطة في عقد الإيجار فإن المؤجر لا يضمن هذا التعرض, لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول أقام الدعوى على الشركة الطاعنة ومورث المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بتعويض عن الأضرار التي لحقت بزراعته تأسيسا عن أن الأخير أجر للشركة الطاعنة أرضا زراعية تجاوز أرضه لتشوين معدات الرصف عليها إلا أنها خالفت شروط عقد الإيجار وأقامت عليها محطة خلط مواد الرصف وأن الغبار الناجم عن عملية الخلط أضر بزراعته وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - على النحو الذي سيجئ- إلى أن الشركة الطاعنة هي المسئولة وحدها عن الضرر لمخالفتها شروط عقد الإيجار بإقامتها محطة خلط مواد الرصف بالمخالفة للغرض الذي من أجله أجرت العين فإنه لا مجال لإعمال أحكام ضمان المؤجر المنصوص عليه في المادة 572/1 من القانون المدني وإذ كان دفاع الشركة الطاعنة لا يستند إلى أساس قانوني سليم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على الدفاع المشار إليه بوجه النعي لا يكون مشوبا بالقصور ويضحى النعي على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتقول بيانا لذلك إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع المبدي منها بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني على سند من أن التقادم بدأ من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة سنة 1984 وهو تاريخ علم المطعون ضده اليقيني بالضرر ومحدثه في حين أن الواقعة المنشئة للضرر حدثت منذ إنشاء محطة خلط مواد الرصف في عام سنة 1967 فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بتاريخ رفع دعوى إثبات الحالة لبدء سريان التقادم الثلاثي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 172 من القانون المدني إذ تجرى عبارة الفقرة الأولى منها بأن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه...", فإن المراد بالعلم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لبدء سريان التقادم الثلاثي في هذه الحالة هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه وكان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغا. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد اعتد في بدء سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة سنة 1984 باعتباره تاريخ العلم الحقيقي الذي أحاط به المطعون ضده الأول بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه فتكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى سنة 1986 وكان هذا الاستخلاص سائغا ويكفي لحمله فإن ما يثيره الطاعن في هذا السبب لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية, وهو مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إنها استأجرت الأرض لاستعمالها في أعمال الرصف وهو ما يبيح لها إقامة محطة لخلط مواد الرصف عليها وأن مورث المطعون ضده الثاني هو الذي أخطأ بتأجيره أرض زراعية لأعمال الرصف كما أن وجود الخلاطة أو تطاير الأتربة ليس العامل الأساسي لإتلاف زراعة المطعون ضده الأول ومن ثم لا تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذي حاق به أو على الأقل لا تكون مسئولة وحدها عنه هذا فضلا عن أن المحكمة أخطأت بتقدير التعويض تقديرا جزافيا
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله "أن الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى وأمام هذه المحكمة أن الشركة المستأنفة هي التي تستأجر الأطيان المملوكة للمستأنف ضده الثالث والمجاورة للأطيان المملوكة للمستأنف ضده الأول وأن الشركة المستأنفة هي التي أقامت محطة خلط تقوم بتكسير الحجارة مما أدى إلى إتلاف المزروعات في الأرض المملوكة للمستأنف ضده الأول وهو المدعي أمام محكمة أول درجة كما ثبت ذلك من دعوى إثبات الحالة المنضمة رقم 150 لسنة 1984 مدني مستعجل طنطا أن المحطة المذكورة التي أنشأتها الشركة المستأنفة بالمخالفة لعقد الإيجار المحرر بينها وبين المستأنف ضده الثاني مالك الأرض المؤجرة لها حيث أن الغرض من الإيجار هو استعمال الأرض المؤجرة مخزن لمتابعة عمليات التنفيذ وتشوين المعدات والمواد اللازمة لذلك ومن ثم فتقع المسئولية على الشركة المستأنفة دون المستأنف ضده الثاني المؤجر لها الأرض المقام عليها المحطة" مما مفاده أن الحكم المطعون فيه استخلص من مستندات الدعوى وقوع الفعل المكون للخطأ من الطاعنة وحدها وأن هذا الخطأ هو الذي نتج عنه تلف زراعة المطعون ضده الأول وكان هذا الذي استخلصه الحكم سائغا ومستمدا من أوراق الدعوى وكان تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان تقديره سائغا وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة في شأن تقدير التعويض كافية لحمل قضائها فإن ما تنعاه الطاعنة في شأن هذا التقدير لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1862 لسنة 59 ق جلسة 17 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 80 ص 382


برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود وعبد الملك نصار نواب رئيس المحكمة.
----------
- 1  عقد " التراضي. الغش والتدليس".
الغش المفسد للرضا . شرطه . أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التأثير على إرادة المتعاقد وتجعله غير قادر على الحكم على الأمور حكماً سليماً . مجرد الكذب . لا يكفى للتدليس ما لم يثبت أن المدلس عليه لم يكن في  استطاعته استجلاء الحقيقة بالرغم من هذا الكذب . استطاعته ذلك . أثره . انتفاء التدليس .
الغش المفسد للرضا يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالتعاقد بحيث تشوب إدارته ولا تجعله قادرا على الحكم على الأمور حكما سليما، وأن مجرد الكذب لا يكفي للتدليس ما لم يثبت بوضوح أن المدلس عليه لم يكن يستطيع استجلاء الحقيقة بالرغم من هذا الكذب فإذا كان يستطيع ذلك فلا يتوافر التدليس.
- 2  تدليس . غلط . عقد " التراضي. التدليس".
صدور التدليس من غير المتعاقدين . أثره .؟ ليس للمتعاقد المدلس عليه طلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس . م126 مدنى .
إنه وفقا للمادة 126 من القانون المدني إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا التدليس.
- 3  عقد " التراضي. الغش والتدليس". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير التدليس المبطل للعقد".
استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد وتقدير ثبوته أو نفيه من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع .
استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع.
- 4  عقد " التراضي. الغلط". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير الغلط المبطل للعقد".
الغلط الذي يجيز إبطال العقد .م120 مدنى . شرطه . استقلال محكمة الموضوع بتقدير ثبوت واقعة الغلط .
المقرر طبقاً لنص المادة 120 من القانون المدني أنه يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، وأن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها.
- 5  عقد " التراضي. الاستغلال ".  محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير الاستغلال المبطل للعقد".
الاستغلال الذى يجيز إبطال العقد .م129 مدني . شرطه . أن يكون المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً . تقدير ما إذا كان الاستغلال هو الدافع إلى التعاقد أم لا . من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع .
يشترط لتطبيق المادة 129 من القانون المدني التي تجيز إبطال العقد للغبن أن يكون المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً بمعنى أن يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع المتعاقد المغبون إلى التعاقد وتقدير ما إذا كان الاستغلال هو الدافع إلى التعاقد أم لا هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1303 سنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده الأول والشركة المطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8/8/1966 الصادر من الشركة للمطعون ضده الأول عن قطعة الأرض المبينة به وبصحيفة الدعوى وبإقرار التنازل المؤرخ 10/2/1974 وبصحة ونفاذ هذا الإقرار الأخير, وقال بيانا لذلك إنه بموجب الإقرار المشار إليه تنازل له المطعون ضده الأول عن قطعة الأرض المذكورة والتي كان قد اشتراها من الشركة المطعون ضدها الثانية وتم التنازل لقاء مبلغ 2260 جنيه وتأكيدا للتنازل قدم المطعون ضده الأول طلبا للشركة المطعون ضدها الثانية بتنازله هذا وباستعداده لسداد المتأخر من الأقساط إلا أن المطعون ضده الأول حاول العدول عن تنازله فأقام الدعوى, بتاريخ 30/3/1975 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى, استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1788 سنة 92ق وبتاريخ 28/1/1980 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 8/8/1966 المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الثانية للمطعون ضده الأول قطعة الأرض الفضاء رقم 137 أ المبينة بالعقد لقاء ثمن مقداره 3200 جنيه وبصحة ونفاذ الإقرار المؤرخ 10/2/1974 المتضمن تنازل المطعون ضده الأول للطاعن عن قطعة الأرض محل عقد البيع المذكور, طعن المطعون ضده الأول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 639 سنة 50ق وبتاريخ 14/6/1984 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبعد أن عجل الاستئناف أمامها أحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود المطعون ضده الأول حكمت بتاريخ 8/3/1989 بتأييد الحكم المستأنف, طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 13/1/1994 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحددت جلسة 27/1/1994 لنظر الموضوع وفيها مثل المستأنف ضده الأول وقدم مذكرة تمسك فيها ببطلان إقرار التنازل المؤرخ 10/2/1974 للتدليس والغلط والغبن.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إنه عن موضوع الدعوى فلما كان المستأنف ضده الأول قد تمسك ببطلان إقرار التنازل المؤرخ 10/2/1974 لصدوره منه تحت تأثير التدليس والغلط والغبن وكان المقرر أن الغش المفسد للرضا يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالمتعاقد بحيث تشوب إرادته ولا تجعله قادرا على الحكم على الأمور حكما سليما, وأن مجرد الكذب لا يكفي للتدليس ما لم يثبت بوضوح أن المدلس عليه لم يكن يستطيع استجلاء الحقيقة بالرغم من هذا الكذب فإذا كان يستطيع ذلك فلا يتوافر التدليس, وأنه وفقا للمادة 126 من القانون المدني إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس, وأن استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع, لما كان ذلك وكانت المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف ضده الأول أن إقرار التنازل موضوع الدعوى صدر منه تحت تأثير التدليس فأشهد ثلاثة شهود وكان محصل ما قرره هؤلاء أن المستأنف ضده الأول عندما توجه إلى الشركة لسداد ما عليه من أقساط أوهمه موظف بالشئون القانونية أن الأرض سيفقدها لتقاعسه عن سداد أقساط باقي الثمن المؤجل ونصحه بالتنازل عنها لآخر فحرر ورقة التنازل نتيجة لذلك, وكان ما قرره المستأنف ضده الأول وشهوده - بفرض صحته - لا يتوافر به التدليس الذي يستوجب إبطال إقرار التنازل في حكم المادة 125 من القانون المدني, فضلا عن أن التدليس المدعي به لم يقع من المتنازل له - المستأنف - وإنما صدر من موظف تابع للشركة المستأنف ضدها الثانية, ولا يوجد في الأوراق ما يدل على أن المتنازل له كان يعلم به, هذا بالإضافة إلى أن ما قرره موظف الشركة هو مجرد كذب لا يرقى إلى مرتبة التدليس وليس فيه من مظاهر الحيل أو الغش ما يفسد رضاء المستأنف ضده الأول بتوقيع إقرار التنازل عن الأرض أو يفقده القدرة على الحكم على الأمور حكما سليما خاصة وأنه رجل متعلم, فإن ادعاءه إنه كان ضحية تدليس لم يقم عليه دليل في الأوراق. لما كان ذلك وكان المقرر طبقا لنص المادة 120 من القانون المدني أنه يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه, وأن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها, وكان لا يوجد في الأوراق أي دليل على أن المستأنف قد وقع مع المستأنف ضده الأول في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه, إذ اقتصرت أقوال شهود المستأنف ضده الأول على أن موظف الشئون القانونية بالشركة المطعون ضدها الثانية هو الذي أوهمه أن الأرض ستضيع عليه لتقاعسه عن سداد أقساط مؤجل الثمن مما دفعه إلى التنازل عنها للمستأنف ولم يذكروا أن الأخير كان على علم بذلك, بل إن إبرامه التنازل مع المستأنف ضده الأول يفيد بقاء عقد البيع الصادر من الشركة مما يكون معه التمسك بالغلط لم يقم عليه دليل في الأوراق, لما كان ذلك وكان يشترط لتطبيق المادة 129 من القانون المدني التي تجيز إبطال العقد للغبن أن يكون المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشا بينا أو هوى جامحا بمعنى أن يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع المتعاقد المغبون إلى التعاقد وتقدير ما إذا كان الاستغلال هو الدافع إلى التعاقد أم لا هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وكان ما يقول به المستأنف ضده الأول أنه وقع في غبن عندما حرر إقرار التنازل لمجرد بيعه الأرض بسعر يقل كثيرا عن سعرها الحقيقي لا يتوافر به الغبن الذي يشترطه القانون, طالما لم يقم الدليل على أن الطرف الآخر في إقرار التنازل - المستأنف - قد استغل فيه طيشا بينا أو هوى جامحا وأن هذا الاستغلال هو الذي دفعه إلى التعاقد مما يكون دفاعه في هذا الخصوص قائما على غير أساس
وحيث إن عقد البيع المؤرخ 8/8/1966 وإقرار التنازل المؤرخ 10/2/1974 قد توافرت لهما كافة أركانهما وشرائطهما القانونية الأمر الذي يتعين معه إجابة المستأنف إلى طلب صحتهما ونفاذهما وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يتعين إلغاءه والحكم بصحتهما ونفاذهما.