الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يوليو 2018

الطعن 5732 لسنة 63 ق جلسة 8 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 75 ص 488

جلسة 8 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

--------------

(75)
الطعن رقم 5732 لسنة 63 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب. جريمة "أركانها". تعذيب.
إيراد الحكم بيان الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التعذيب التي دان الطاعنين بها والأدلة على ثبوتها في حقهم. لا قصور.
(3) تعذيب. قانون "تفسيره". جريمة. مأمورو الضبط القضائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المتهم المقصود في حكم المادة 126 عقوبات. هو كل من وجه إليه الاتهام بارتكاب جريمة ولو كان ذلك أثناء البحث والتحري عن الجرائم.
قيام مأمور الضبط القضائي بتعذيب المتهم لحمله على الاعتراف بالجريمة. مؤثم على مقتضى المادة 126 عقوبات. أياً كان الباعث على ذلك.
 (4)تعذيب. اعتراف. قانون "تفسيره". جريمة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط حصول الاعتراف فعلاً لتطبيق حكم المادة 126 عقوبات.
كفاية أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف.
 (5)تعذيب. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. اختصاص. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة التعذيب المنصوص عليها في المادة 126 عقوبات. لا يشترط لتحققها أن يكون القائم بالتعذيب مختصاً بإجراء الاستدلالات أو التحقيق بشأن الواقعة المؤثمة التي ارتكبها المتهم. كفاية أن يكون للموظف العام سلطة بموجب وظيفته العامة تسمح له بتعذيب المتهم لحمله على الاعتراف.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
 (7)إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تعذيب.
لا محل للنعي على الحكم إشارته في مدوناته أن دفاع المتهمين ناقش الطبيب الشرعي واضع تقرير الصفة التشريحية ولم تخرج أقواله عما أثبته. ما دام لم يعول على تلك الأقوال.
(8) علاقة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تعذيب.
علاقة السببية في المواد الجنائية. مناط تحققها؟ تقديرها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر رابطة السببية بين التعذيب والوفاة.
 (9)إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير حق لمحكمة الموضوع.
قعود الطاعنين عن إثارة التناقض بين الدليلين القولي والفني أمام محكمة الموضوع. عدم قبول إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دفاع الطاعنين بعدم صحة الواقعة. موضوعي. كفاية استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت السائغة التي عولت عليها المحكمة.
 (11)موظفون عموميون. تعذيب. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". جريمة "أركانها". قصد جنائي. باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التعذيب المنصوص عليها في المادة 126 عقوبات. تحققه بتعمد الموظف العام أو المستخدم العمومي تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف أياً كان الباعث له على ذلك.
تقدير توافر ذلك القصد. موضوعي.
مثال لاستدلال سائغ على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين في جريمة تعذيب.
 (12)فاعل أصلي. مسئولية جنائية. تضامن. قصد جنائي. اتفاق جنائي. جريمة "أركانها". تعذيب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاتفاق. تعريفه؟ وجه الاستدلال به. موضوعي.
التدليل على اتفاق المتهمين من نوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه. أثره: اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية تعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف متضامنين في المسئولية، سواء عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف.
 (13)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
(14) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
تضارب الشاهد في أقواله أو مع غيره من الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
 (15)إثبات "معاينة". نقض "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نعى الطاعن بعدم جواز ندب المحكمة للنيابة العامة لإجراء المعاينة. غير مجد. ما دام الحكم لم يعول في قضائه على نتيجة تلك المعاينة.
 (16)إثبات "اعتراف" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين. ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
 (17)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
طاعة الرئيس لا تمتد إلى ارتكاب الجرائم. ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه.
الدفاع الظاهر البطلان. لا يستوجب رداً.
 (18)مسئولية جنائية. موانع العقاب "حالة الضرورة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حالة الضرورة التي تسقط المسئولية. هي التي تحيط بالشخص وتدفعه إلى الجريمة وقاية لنفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس وشيك الوقوع. وجوب أن تكون الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لدفع ذلك الخطر.
مثال لتسبيب سائغ في إطراح دفاع الطاعن بأنه كان مكرهاً على تنفيذ أوامر رؤسائه وإتيان الأفعال التي يؤثمها القانون.
 (19)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الشهادة. ورودها على الحقيقة المراد إثباتها بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
 (20)إثبات "اعتراف". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
 (21)إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تعذيب.
عدم التزام المحكمة نص اعتراف المتهم وظاهره. لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع تستنتج منها ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة.
 (22)إجراءات "إجراءات المحاكمة". استجواب.
صحة مناقشة المتهم في الاتهام المسند إليه والأدلة القائمة عليه. رهن بقبوله. المادة 274 إجراءات.
(23) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". أمر إحالة. نيابة عامة. بطلان.
إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بالمحكمة. غير جائز. للمتهم أن يطلب من المحكمة استكمال ما فات النيابة العامة من تحقيقات وإبداء دفاعه بشأنها أمامها.
 (24)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تعذيب.
خطأ الحكم فيما هو غير مؤثر في عقيدة المحكمة. لا يعيبه.
مثال.
 (25)إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير. إثبات "بوجه عام". محضر الجلسة.
اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة. إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير. يقتضيه واجبها في فحص الدليل الأساسي في الدعوى. إغفالها ذلك. يعيب الإجراءات. علة ذلك؟
 (26)تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي بطريق الغش. بوسيلة مما نص عليها القانون. تتحقق به جريمة التزوير في المحررات الرسمية.
 (27)تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(28) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. مناط تحققه؟
 (29)نقض "المصلحة في الطعن". قصد جنائي.
نعي الطاعن خطأ المحكمة في تأويل وتفسير العبارات والألفاظ التي بني عليها دفاعه بعدم توافر القصد الجنائي لديه. غير مقبول. ما دام لم يكن له تأثير على عقيدة المحكمة.
 (30)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تعذيب
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟

------------
1 - لما كان الطاعن الرابع.... ولئن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المتهمين....، ....، ....، ....، .... وقت عمل الأول والثاني ضابطي شرطة وعمل الثالث مساعد شرطة وعمل كل من الرابع والخامس جندي شرطة بسجن....، قاموا بتعذيب المجني عليه.... أثناء حبسه احتياطياً بالسجن في الجناية رقم.... جنايات مركز....، وذلك لحمله على الاعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه وللإدلاء بأسماء شركاء له، وتم التعذيب بكيه بأسياخ حديدية قام المتهمان الرابع والخامس بتسخينها في النار بمخبز السجن وبإطفاء لفافات التبغ المشتعلة في مواضع مختلفة من جسده وبضربه بأجسام صلبة راضة، فأحدثوا به حروق بالوجه والذراعين والبطن والظهر والإليتين والساقين مع الدرجات الثلاث الأول، وكدمات بالذراعين والفخذ الأيسر والقدمين وبأنسجة فورة الرأس، أدت إلى حدوث تسمم دموي توكسيمي والتهام رئوي مضاعف من جراء تقيح الأنسجة بمواضع هذه الإصابات المتعددة وصاحب ذلك صدمة للمجني عليه، مما أدى إلى موته. وأن المتهم السادس.... طبيب السجن الذي وقع الكشف الطبي على المجني عليه ارتكب تزويراً لدى تحريره تقريراً بنتيجة هذا الكشف، بأن لم يثبت به إصابات الحروق النارية، كما استعمل التقرير المزور بتقديمه لإدارة السجن مع علمه بتزويره". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة - بهذه الصورة - في حق الطاعنين وباقي المتهمين، أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الخامس.... بتحقيقات النيابة العامة، وما جاء بمعاينتها لمحل الحادث، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، وما ورد بتقرير الكشف الطبي المحرر بمعرفة المتهم السادس. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى - على السياق المتقدم - يعد كافياً في الإلمام بها وبالظروف التي أحاطت بها، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأن ما ساقه من أدلة للتدليل على ثبوتها في حقهما، وهي أدلة سائغة من شأنه أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وهو ما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي تطلبه القانون.
3 - لما كان المتهم في حكم الفقرة الأولى من المادة 126 من قانون العقوبات، هو كل من وجه إليه الاتهام بارتكاب جريمة معينة ولو كان ذلك أثناء قيام مأموري الضبط القضائي بمهمة البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى على مقتضى المادتين 21، 29 من قانون الإجراءات الجنائية، ما دامت قد حامت حوله شبهة أن له ضلعاً في ارتكاب الجريمة التي يقوم أولئك المأمورون بجمع الاستدلالات فيها، ولا مانع من وقوع أحدهم تحت طائلة نص المادة 126 من قانون العقوبات إذا ما حدثته نفسه بتعذيب ذلك المتهم لحمله على الاعتراف أياً ما كان الباعث له على ذلك، ولا وجه للتفرقة بين ما يدلي به المتهم في محضر تحقيق تجريه سلطة التحقيق، وما يدلي به في محضر جمع الاستدلالات، ما دام القاضي الجنائي غير مقيد بحسب الأصل بنوع معين من الدليل وله الحرية المطلقة في استمداده من أي مصدر في الدعوى يكون مقتنعاً بصحته، ولا محل للقول بأن الشارع قصد حماية نوع معين من الاعتراف لأن ذلك يكون تخصيصاً بغير مخصص ولا يتسق مع إطلاق النص.
4 - من المقرر أنه لا يشترط لانطباق حكم المادة 126 عقوبات حصول الاعتراف فعلاً، وإنما يكفي - وفق صريح نصها - أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف.
5 - من المقرر أنه لا يشترط لتطبيق نص المادة 126 من قانون العقوبات، أن يكون الموظف العام الذي قام بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، مختصاً بإجراءات الاستدلال أو التحقيق بشأن الواقعة المؤثمة التي ارتكبها المتهم أو تحوم حوله شبهة ارتكابها أو اشتراكه في ذلك، وإنما يكفي أن تكون للموظف العام سلطة بموجب وظيفته العامة تسمح له بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وأياً ما كان الباعث له على ذلك.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه ولئن أشار في مدوناته أن الدفاع عن المتهمين قام بمناقشة الطبيب الشرعي واضع تقرير الصفة التشريحية، وأن أقواله لم تخرج عما أثبته بالتقرير، إلا أنه لم يعول على تلك الأقوال، أو يحصل منها ما لا يتفق وما قرره الطبيب الشرعي بمحضر جلسة المحاكمة، أو يتعارض مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على النحو المار بيانه - ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن.
8 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين توافر علاقة السببية بين أفعال التعذيب التي وقعت منهما وبين النتيجة التي أدت إليها هذه الأفعال وهي وفاة المجني عليه في قوله: "ومن حيث إنه عما أثاره الدفاع من عدم توافر رابطة السببية بين الأفعال التي بدرت من المتهمين وبين وفاة المجني عليه، فإن هذه الرابطة قد توافرت استناداً لما قطع به الدليل الفني في الدعوى وهو تقرير الصفة التشريحية من أن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه تحدث على التصوير الذي قرره شهود الإثبات في خصوص كيفية اعتداء المتهمين على المجني عليه وعلى النحو وبالآلات التي ذكر الشهود أن المتهمين الخمس الأوائل استخدموها في الاعتداء على المجني عليه، وأن إصابات الحروق هي التي أدت إلى إصابة المجني عليه بالتسمم الدموي التوكسيمي وبالالتهابات الرئوية لتقيح بعضها مما أفضى إلى موته، الأمر الدال على أن ما ارتكبه المتهمون من خطأ تمثل في تعذيب المجني عليه وإحداث إصابات به أثناء التعذيب هو الذي تسبب وأفضى إلى موته" وهو تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم في شأن توافر علاقة السببية بين الأفعال التي اقترفها الطاعنان والتي نشأ عنها إصابة المجني عليه بالحروق النارية التي أدت إلى حدوث النتيجة وهي وفاته، وبما يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليه جميعها قد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، فإن ما عولت عليه من أقوال شهود الإثبات بشأن تحديد تاريخ الواقعة يكون متفقاً مع الدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية - على النحو السالف بيانه - إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم ينازعا في تاريخ الواقعة أو يدفعا بقيام التناقض بين أقوال الشهود - في هذا الخصوص - والتقرير الطبي الشرعي، فإنه لا تقبل منهما المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، وما ساقه من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعنين، إنما يفصح عن اقتناع المحكمة بصحة الواقعة، فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تعرض بالرد على دفاع الطاعنين بشأن عدم صحتها، إذ لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي عولت عليها المحكمة.
11 - من المقرر أن القصد الجنائي المتطلب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات، يتحقق كلما عمد الموظف أو المستخدم العمومي إلى تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أياً كان الباعث له على ذلك، وكان توافر هذا القصد مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض، متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من أوراق الدعوى، وكان الحكم قد رد على الدفع المبدى من الطاعنين بشأن انتفاء القصد الجنائي لديهما وأطرحه استناداً إلى ما استظهرته المحكمة بأسباب سائغة من الظروف التي أحاطت بالواقعة، والدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، وما قرره المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة أن تعدياً وقع على المجني عليه، وأن الاعتداء لم يكن بقصد إيذائه، وإنما تجاوز نشاطهما في الاعتداء على المجني عليه إلى قصد إجباره وحمله على الاعتراف بالجريمة التي اتهم فيها، ومن ثم يكون الحكم قد دلل على توافر القصد الجنائي للجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات في حق الطاعنين.
12 - من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - يعد كافياً في استظهار اتفاق المتهمين جميعاً على ضرب وتعذيب المجني عليه، من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية تعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف والذي أدى إلى موته، ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية، سواء عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف.
13 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
14 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم، ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بنيت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
15 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على نتيجة المعاينة التي تمت بواسطة النيابة العامة تنفيذاً للقرار الصادر من المحكمة بندبها للقيام بذلك الإجراء، وإنما عول على المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث أثناء التحقيقات، فإنه لا جدوى للنعي على الحكم في هذا الخصوص.
16 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال المحكوم عليه الخامس، لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
17 - من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على مرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان مما لا يستأهل من المحكمة رداً.
18 - من المقرر أن حالة الضرورة تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به، كما أنه من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - يستفاد منه الرد على دفاع الطاعن من أنه كان مكرهاً على تنفيذ أوامر رؤسائه وإتيان الأفعال التي يؤثمها القانون، ويسوغ به إطراحه لدفعه بارتكاب الواقعة صدوعاً تلك الأوامر، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة القصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون غير سديد.
19 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قالة الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
20 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
21 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم، أن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
22 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة سألت الطاعن عن التهمة المسندة إليه فأنكرها، ولم يطلب منها مناقشته في الاتهام المسند إليه والأدلة القائمة عليه، وهو إجراء وإن كان يحظر على المحكمة القيام به طبقاً للفقرة الأولى من المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنه يصح بناء على طلب المتهم نفسه يبديه بالجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته.
23 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي، ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها.
24 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم في هذا الشأن ما أثبته في مدوناته من أن الطاعن أنكر ما أسند إليه من اتهامات عند سؤاله بتحقيقات النيابة العامة، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما اقتنعت به بشأن صحة الواقعة المسندة إلى الطاعن، والأدلة التي ساقتها على ثبوتها في حقه.
25 - من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على المحرر محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة، لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى اعتباراً بأن تلك الورقة هي الدليل الذي يكمل شواهد التزوير.
26 - من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية، تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها.
27 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
28 - من المقرر أنه يتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية، متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة.
29 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلتها وفي مقام التدليل على ثبوت جريمة التزوير في المحرر الرسمي في حق الطاعن - على السياق المتقدم - كافياً في إثبات تزوير الطاعن للتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وأنه تعمد عدم إثبات إصابات الأخير الناشئة عن الحروق النارية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في المحرر الرسمي التي دانه بها، كما أفصح في هذا المقام عن عدم اطمئنان المحكمة لكافة الاعتبارات التي ساقها الطاعن في دفاعه بشأن عدم استطاعته تحديد الجروح النارية التي كان المجني عليه مصاباً بها، ولا ينال من سلامة الحكم في هذا الخصوص ما يثيره الطاعن بشأن خطأ المحكمة في تأويل وتفسير العبارات أو الألفاظ التي بني عليها دفاعه بعدم توافر القصد الجنائي لديه، إذ أن ذلك الخطأ - بفرض حصوله - لا تأثير له على وجدان المحكمة وتكوين عقيدتها بشأن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن.
30 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الخامس: بصفتهم موظفين عموميين (ضباط وجنود بسجن.... العمومي) عذبوا.... المتهم - المحبوس احتياطياً على ذمة القضية رقم.... لحمله على الاعتراف بالجريمة المسندة إليه في تلك القضية بأن شدوا وثاقه بحبل من القماش وأوسعوه ضرباً بعصا وسير من الجلد وقاموا بكيه في مواضع مختلفة من جسمه بلفافات تبلغ مشتعلة وأسياخ من الحديد المحمي في النار فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الأول: هتك عرض المجني عليه سالف الذكر بالقوة بأن أولج عصا في دبره على النحو الوارد بالتحقيق. ثالثاً: المتهم السادس: ( أ ) بصفته موظفاً عاماً (طبيب سجن.... العمومي) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه السالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن تعمد عند توقيعه الكشف الطبي على المجني عليه المذكور بالسجن على خلاف الحقيقة عدم إثبات ما به من حروق نارية في ذلك التقرير. (ب) استعمل المحرر المزور السالف الذكر بأن قدمه لإدارة سجن.... العمومي مع علمه بتزويره. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 126/ 1، 2، 211، 213، 214، 234/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون نفسه بالنسبة للمتهم السادس والمادة 17 للمتهمين جميعاً أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني والثالث بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهم ثانياً: بمعاقبة المتهمين الرابع والخامس بالسجن لمدة ثلاث سنوات لكل منهما. ثالثاً: بمعاقبة المتهم السادس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين. رابعاً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الرابع.... ولئن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً.
أولاً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني:
ينعى الطاعنان الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف تعذيباً أدى إلى موته، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يورد واقعة الدعوى في بيان كاف تحقق به أركان الجريمة المسندة إلى الطاعنين والظروف التي أحاطت بها، إذ لم يعرض لبيان وقائع الاتهام المنسوب إلى المجني عليه والإجراءات التي اتخذت ضده من قبل السلطات ودفاعه بشأن ذلك الاتهام سواء بالاعتراف أو الإنكار، حتى يبين وجه استدلاله على أن تعذيب المجني عليه كان بقصد حمله على الاعتراف، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على قيام العلاقة بين ارتكاب الجريمة ومباشرة الطاعنان لوظيفتهما، إذ تفطن المحكمة إلى أن الطاعنين وقت وقوع الأفعال المنسوبة إليهما، كانا يعملان ضابطين للمباحث بسجن....، وينحصر اختصاصهما الوظيفي في الجرائم والمخالفات التي تقع من المسجونين داخل السجن، ولا يمتد اختصاصهما إلى الجرائم المحبوس من أجلها نزلاء السجن والتي وقعت بخارجه كما هو الحال بالنسبة للجريمة التي ارتكبها المجني عليه والتي وقعت منه خارج السجن، بما لا تتوافر معه أركان الجريمة التي دان الحكم الطاعنين بها، وأن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون جريمة استعمال قسوة أو ضرب أفضى إلى موت، وعول الحكم في إدانة الطاعنين - ضمن ما عول - على ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وما جاء بأقوال الطبيب الشرعي بجلسات المحاكمة، والتي أورد الحكم في مدوناته أنها لا تخرج عن مضمون ما ثبت بذلك التقرير، في حين أن تلك الأقوال التي استند إليها الحكم لا تتفق وما قرره الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة، إذ أن الثابت بأقواله أنه لا يستطيع الجزم باحتمال إصابة المجني عليه بالتهاب رئوي قبل دخوله السجن، كما قرر بأنه لم يطلع على أوراق المجني عليه بالسجن أو يرسل أية عينات من الأجزاء المصابة أو دم أو إفرازات المجني عليه للتحليل، وهو ما يخالف ما أثبته الطبيب في تقريره من أن الوفاة نشأت عن مضاعفات تقيح الإصابات، ويقطع علاقة السببية بين الأفعال المنسوبة إلى الطاعنين ووفاة المجني عليه، كما عول الحكم على أقوال الشهود، برغم أن ما شهودا به من حصول واقعة التعذيب في تاريخ....، يتعارض مع الدليل الفني المستند من التقرير الطبي الشرعي، إذ أثبت الطبيب في تقريره بتاريخ.... وجود حروق من الدرجة الأولى والدرجة الثانية بجسم المجني عليه، وهو ما يستحيل معه حدوث تلك الحروق بالمجني عليه في تاريخ....، لما هو متعارف عليه في علم الطب الشرعي من أن إصابات الحروق من الدرجتين الأولى والثانية لا يبقي لها أثر أكثر من أربع وعشرين ساعة، وأغفل الحكم الرد على دفاع الطاعنين بشأن عدم صحة الواقعة وانقطاع رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليهما ووفاة المجني عليه، وعدم توافر القصد الخاص في جريمة التعذيب لحمل المجني عليه على الاعتراف إذ أن الاعتداء عليه - لو صح - فقد كان بغرض منعه من الاستمرار في الهياج والاقتصار عن تنفيذ قرار مأمور السجن بوضعه في الحجز الانفرادي لخطورته، وأنه لا صلة للطاعنين بالوقائع المسندة إلى المجني عليه أو بالجهة المنوط بها التحقيق بشأنها، ولم يدلل الحكم على وجود اتفاق بين الطاعنين وباقي المتهمين على ضرب المجني عليه وتعذيبه أو توافر ظرف سبق الإصرار على ذلك، بما لا يستقيم معه مساءلة المتهمين جميعاً عن وفاة المجني عليه، إذ أن إصاباته متعددة وقد ساهم بعضها في إحداث الوفاة والبعض الآخر لم يساهم في إحداثها. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المتهمين.... و.... و.... و.... و.... وقت عمل الأول والثاني ضابطي شرطة وعمل الثالث مساعد شرطة وعمل كل من الرابع والخامس جندي شرطة بسجن....، قاموا بتعذيب المجني عليه.... أثناء حبسه احتياطياً بالسجن في الجناية رقم....، وذلك لحمله على الاعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه وللإدلاء بأسماء شركاء له، وتم التعذيب بكيه بأسياخ حديدية قام المتهمان الرابع والخامس بتسخينها في النار بمخبز السجن وبإطفاء لفافات التبغ المشتعلة في مواضع مختلفة من جسده وبضربه بأجسام صلبة راضة، فأحدثوا به حروق بالوجه والذراعين والبطن والظهر والإليتين والساقين مع الدرجات الثلاث الأول، وكدمات بالذراعين والفخذ الأيسر والقدمين وبأنسجة فورة الرأس، أدت إلى حدوث تسمم دموي توكسيمي والتهام رئوي مضاعف من جراء تقيح الأنسجة بمواضع هذه الإصابات المتعددة وصاحب ذلك صدمة للمجني عليه، مما أدى إلى موته وأن المتهم السادس.... طبيب السجن الذي وقع الكشف الطبي على المجني عليه ارتكب تزويراً لدى تحريره تقريراً بنتيجة هذا الكشف، بأن لم يثبت به إصابات الحروق النارية، كما استعمل التقرير المزور بتقديمه لإدارة السجن مع علمه بتزويره". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة - بهذه الصورة - في حق الطاعنين وباقي المتهمين، أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الخامس.... بتحقيقات النيابة العامة، وما جاء بمعاينتها لمحل الحادث، وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، وما ورد بتقرير الكشف الطبي المحرر بمعرفة المتهم السادس. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى - على السياق المتقدم - يعد كافياً في الإلمام بها وبالظروف التي أحاطت بها، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأن ما ساقه من أدلة للتدليل على ثبوتها في حقهما، وهي أدلة سائغة من شأنه أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وهو ما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي تطلبه القانون، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المتهم في حكم الفقرة الأولى من المادة 126 من قانون العقوبات، هو كل من وجه إليه الاتهام بارتكاب جريمة معينة ولو كان ذلك أثناء قيام مأموري الضبط القضائي بمهمة البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى على مقتضى المادتين 21، 29 من قانون الإجراءات الجنائية، ما دامت قد حامت حوله شبهة أن ضلعاً في ارتكاب الجريمة التي يقوم أولئك المأمورون بجمع الاستدلالات فيها، ولا مانع من وقوع أحدهم تحت طائلة نص المادة 126 من قانون العقوبات إذا ما حدثته نفسه بتعذيب ذلك المتهم لحمله على الاعتراف أياً ما كان الباعث له على ذلك، ولا وجه للتفرقة بين ما يدلي به المتهم في محضر تحقيق تجريه سلطة التحقيق، وما يدلي به في محضر جمع الاستدلالات، ما دام القاضي الجنائي غير مقيد بحسب الأصل بنوع معين من الدليل، وله الحرية المطلقة في استمداده من أي مصدر في الدعوى يكون مقتنعاً بصحته، ولا محل للقول بأن الشارع قصد حماية نوع معين من الاعتراف لأن ذلك يكون تخصيصاً بغير مخصص ولا يتسق مع إطلاق النص، وكان لا يشترط لانطباق حكم هذه المادة حصول الاعتراف فعلاً، وإنما يكفي - وفق صريح نصها - أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن ما أتاه الطاعنان من أفعال على المجني عليه، كان بمناسبة اتهامه في القضية رقم....، وأن إيقاعهما تلك الأفعال إنما كان بقصد حمله على الاعتراف، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان بشأن عدم اختصاصهما الوظيفي بالجريمة التي وقعت من المجني عليه وإجراءات التحقيق المتعلقة بها وانتفاء العلاقة بين وظيفتهما وارتكاب الجريمة المسندة إليهما، وأطرحه في قوله "ومن حيث إنه عن الدفع بعدم توافر صفة الموظف العام المختص التي يستلزمها تطبيق نص المادة 126 عقوبات في حق كل من المتهمين الخمس الأول، فمردود بأنه لما كانت جريمة التعذيب المنصوص عليها في تلك المادة هي جريمة السلطة ضد الأفراد، فإنه لا يشترط لتوافر هذه الصفة في مرتكبها، أن يكون القائم بالتعذيب مختصاً باستجواب المجني عليه فيها، وإنما يكفي وجود علاقة بين ارتكاب الجريمة ومباشرة الوظيفة، أي أن يكون الجاني أثناء ارتكابها قائماً بأعمال وظيفته، وأن يستخدم سلطة وظيفته في اقترافها، وأن يكون له بحكم هذه الوظيفة اتصالاً بالمجني عليه، والثابت من أوراق الدعوى أن هذه الشروط الثلاثة متوافرة في حق كل من المتهمين الخمس، مما يشكل قناعة المحكمة إلى توافر الصفة الوظيفية التي يستلزمها تطبيق نص المادة 126 عقوبات لدى كل منهم، وأن جريمتهم قد وقعت استناداً إلى سلطة وظيفة كل منهم، سيما وأن المجني عليه كان مقيد الحرية بداخل السجن الذي يعمل به كل منهم وقت ارتكاب الحادث". لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتطبيق نص المادة 126 من قانون العقوبات، أن يكون الموظف العام الذي قام بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، مختصاً بإجراءات الاستدلال أو التحقيق بشأن الواقعة المؤثمة التي ارتكبها المتهم أو تحوم حوله شبهة ارتكابها أو اشتراكه في ذلك. وإنما يكفي أن تكون للموظف العام سلطة بموجب وظيفته العامة تسمح له بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف، وأياً ما كان الباعث له على ذلك، وبالتالي فإن ما ساقه الحكم - على النحو السالف بيانه - يكون كافياً في التدليل على توافر الاختصاص الوظيفي للطاعنين وصلته بأفعال التعذيب التي وقعت منهما على المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف، ويتفق والتطبيق القانوني الصحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى كما استقرت في وجدان المحكمة، أن الطاعنين وباقي المتهمين قاموا بتعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف، والذي أدى إلى موته وساقت المحكمة من الأدلة السائغة وسائر العناصر الأخرى التي كانت مطروحة عليها، ما يؤيد اقتناعها بالصورة الصحيحة لواقعة الدعوى على النحو المار بيانه، كما عرضت المحكمة لما أثاره الدفاع عن الطاعنين والمتهمين الثالث والرابع والخامس من أن الواقعة بفرض صحتها تشكل جريمة استعمال القسوة المنصوص عليها في المادة 129 من قانون العقوبات، وأطرحته تأسيساً على ما ثبت لها من الأوراق، أن الاعتداء على المجني عليه قد وقع عليه بصفته متهماً في الجناية رقم....، ولم يكن ذلك الاعتداء لمجرد إلحاق الأذى به وإنما كان بهدف حمله على الاعتراف بما أسند إليه من اتهام في تلك القضية، ويجاوز الأفعال المعاقب عليها بالمادة 129 من قانون العقوبات، ويندرج تحت طائلة العقاب بالمادة 126 من القانون ذاته، بما يكشف عن اقتناع المحكمة بتوافر كافة العناصر القانونية للواقعة المؤثمة والمعاقب عليها بالمادة سالفة الذكر والتي دانت الطاعنين بها، وبالتالي فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في شأن اختصاصهما الوظيفي وصلته بالجريمة التي وقعت منهما، وفي الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مؤدى التقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد انتهى تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه....، أنه وجد بها حروق متعددة بعضها تقيح منتشرة بالوجه والذراعين والظهر والبطن والإليتين والساقين مستديرة الشكل قطرها حوالي نصف سم، وأيضاً حروق متعددة بعضها تقيح منتشرة بالذراعين والبطن والظهر والإليتين والساقين طولية تتراوح أطوالها ما بين أربعة إلى ثمانية سم وعرضها يتراوح ما بين واحد إلى اثنين سم وكدمات بالجبهة الوحشية من العضد الأيسر والأيمن وبظهر اليدين وببطن القدمين وبالجبهة الأنسية من الفخذ الأيسر وانسكابات غزيرة شاملة لأنسجة فروة الرأس، وأن هذه الحروق حيوية من الدرجات الثلاث الأول ذات طبيعة نارية تحدث من ملامسة الجسم لسطح جسم ساخن، وقد مضى عليها بعضة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، وانتهى التقرير إلى أنه لا يجود ما يتعارض فنياً وإمكان حدوثها نتيجة ملامسة الجسم لأسياخ حديدية ساخنة ولفافات تبغ مشتعلة، وأن الكدمات الموجودة ذات طبيعة رضية وتحدث من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه وقد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، وخلص التقرير إلى أن وفاة المجني عليه ناشئة من تسمم دموي توكسيمي والتهاب رئوي مضاعف لتقيح الأنسجة بمواضع الإصابات المتقيحة الموصوفة بالجثة وما صاحب ذلك من صدمة". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه ولئن أشار في مدوناته أن الدفاع عن المتهمين قام بمناقشة الطبيب الشرعي واضع تقرير الصفة التشريحية، وأن أقواله لم تخرج عما أثبته بالتقرير، إلا أنه لم يعول على تلك الأقوال، أو يحصل منها ما لا يتفق وما قرره الطبيب الشرعي بمحضر جلسة المحاكمة، أو يتعارض مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على النحو المار بيانه - ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين توافر علاقة السببية بين أفعال التعذيب التي وقعت منهما وبين النتيجة التي أدت إليها هذه الأفعال وهي وفاة المجني عليه في قوله: "ومن حيث إنه عما أثاره الدفاع من عدم توافر رابطة السببية بين الأفعال التي بدرت من المتهمين وبين وفاة المجني عليه، فإن هذه الرابطة قد توافرت استناداً لما قطع به الدليل الفني في الدعوى وهو تقرير الصفة التشريحية من أن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه تحدث على التصوير الذي قرره شهود الإثبات في خصوص كيفية اعتداء المتهمين على المجني عليه وعلى النحو وبالآلات التي ذكر الشهود أن المتهمين الخمس الأوائل استخدموها في الاعتداء على المجني عليه، وأن إصابات الحروق هي التي أدت إلى إصابة المجني عليه بالتسمم الدموي التوكسيمي وبالالتهابات الرئوية لتقيح بعضها مما أفضى إلى موته، الأمر الدال على أن ما ارتكبه المتهمون من خطأ تمثل في تعذيب المجني عليه وإحداث إصابات به أثناء التعذيب هو الذي تسبب وأفضى إلى موته". وهو تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم في شأن توافر علاقة السببية بين الأفعال التي اقترفها الطاعنان والتي نشأ عنها إصابة المجني عليه بالحروق النارية التي أدت إلى حدوث النتيجة وهي وفاته، وبما يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليه جميعها قد مضى عليها بضعة أيام وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الواقعة، فإن ما عولت عليه من أقوال شهود الإثبات بشأن تحديد تاريخ الواقعة يكون متفقاً مع الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية - على النحو السالف بيانه - إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم ينازعا في تاريخ الواقعة أو يدفعا بقيام التناقض بين أقوال الشهود - في هذا الخصوص - والتقرير الطبي الشرعي، فإنه لا تقبل منهما المجادلة في ذلك لأول مرة أمام النقض. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، وما ساقه من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعنين، إنما يفصح عن اقتناع المحكمة بصحة الواقعة، فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تعرض بالرد على دفاع الطاعنين بشأن عدم صحتها، إذ لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي عولت عليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بشأن انقطاع رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليهما ووفاة المجني عليه، وأطرحه بما يسوغ به إطراحه، على النحو الذي سبق تناوله بالرد عند معالجة وجه الطعن المتعلق بذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي المتطلب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات، يتحقق كلما عمد الموظف أو المستخدم إلى تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أياً كان الباعث له على ذلك، وكان توافر هذا القصد مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض، متى كان استخلاصها سليماً مستنداً من أوراق الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعنين بشأن انتفاء القصد الجنائي لديهما وأطرحه استناداً إلى ما استظهرته المحكمة بأسباب سائغة من الظروف التي أحاطت بالواقعة، والدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، وما قرره المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة أن تعدياً وقع على المجني عليه، وأن الاعتداء لم يكن بقصد إيذائه، وإنما تجاوز نشاطهما في الاعتداء على المجني عليه إلى قصد إجباره وحمله على الاعتراف بالجريمة التي اتهم فيها، ومن ثم يكون الحكم قد دلل على توافر القصد الجنائي للجريمة المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات في حق الطاعنين، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما من افتراض حصول الاعتداء على المجني عليه بغرض إجباره على الالتزام بتنفيذ القوانين والقرارات الصادرة بشأن تنظيم السجون، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعاً لم تر فيه المحكمة ما يغير من وجه الرأي الذي انتهت إليه، أو يؤثر في عقيدتها بشأن واقعة الدعوى التي اقتنعت بها، والأدلة التي اطمأنت إليها فالتفتت عنه، أما ما يثيره الطاعنان بشأن انقطاع صلتهما بالوقائع المسندة إلى المجني عليه أو بالجهة المنوط بها التحقيق بشأنها، فمردود بما سبق تناوله بالرد على وجه الطعن المتعلق بذلك، وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في مدوناته من وقائع الدعوى وأدلتها، أن الطاعنين والمتهمين الثالث والرابع والخامس، وهم من الضباط وصف الضباط والجنود والعاملين بسجن....، كانوا موجودين على مسرح الجريمة داخل ذلك السجن، وأن الطاعنين والمتهم الثالث تعدوا على المجني عليه بالضرب وقاموا بتعذيبه بإطفاء لفافات التبغ المشتعلة في جسمه، وكيه بأسياخ حديدية محماة في النار، وأن المتهمين الرابع والخامس أحضرا الأسياخ الحديدية وقاما بتسخينها بطاقة النار الخاصة بمخبز السجن وتسليمها للطاعنين لكي المجني عليه بها، كما أن المتهم الرابع تعدى على المجني عليه بالضرب، وأن ذلك الضرب والتعذيب كان بقصد حمله على الاعتراف بالجريمة التي اتهم بارتكابها، وقد أدى التعذيب إلى موت المجني عليه، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - يعد كافياً في استظهار اتفاق المتهمين جميعاً على ضرب وتعذيب المجني عليه، من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية تعذيب المجني عليه بقصد حمله على الاعتراف والذي أدى إلى موته، ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية، سواء عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف، وهو ما لم يخطئه الحكم، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثالث:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أدى إلى موته، قد شابه تناقض وقصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم عول - ضمن ما عول - في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات برغم تناقض أقوالهم، إذ أن ما شهد به الشاهد....، يناقض ما قرره الشاهد....، وأن أقوال الشاهد.... تتعارض مع أقوال الشاهد....، وشهد بعض الشهود بأن الطاعن حضر بعد الانتهاء من اعتداء المتهمين على المجني عليه، وشهد البعض الآخر بأن الطاعن تعدى على المجني عليه بيده وبقطعة من الجلد وأخرى من الخشب، كما شهد فريق من الشهود بأنه كان يحمل أسياخ حديدية محماة ويناولها للمتهمين الأول والثاني، وهو ما يتعذر معه استخلاص الصورة الحقيقية للواقعة المنسوبة إليه، ودفع الطاعن بقيام التناقض بين الدليلين القولي والفني، إذ قرر المتهم الخامس بأن الطاعن تعدى على المجني عليه بقطعة من الخشب، وقرر شاهدان آخران بأنه تعدى عليه بقطعة من الجلد، وهو ما يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية، إذ خلا ذلك التقرير من بيان وجود إصابات رضية بكتف المجني عليه الأيمن وأن باقي الإصابات حدثت من استعمال أجسام صلبة راضة، بما لا يتفق والقول بأنه اعتدى على المجني عليه بجلدة، ولم يعرض الحكم لهذا الدفع أو يعني برفع التناقض بين الدليلين القولي والفني، برغم أنه تمسك بانتفاء علاقة السببية بين ما نسب إليه من فعل وحدوث النتيجة وهي وفاة المجني عليه، كما تمسك بطلب إجراء المحكمة معاينة لسجن....، إلا أنها ندبت النيابة العامة لإجراء تلك المعاينة وهو ما لا يجوز طبقاً للقانون، وعول الحكم في إدانة الطاعن على اعتراف المتهم الخامس.... في حين أنه لا يصح الأخذ باعتراف متهم على متهم آخر، ودفع الطاعن بانعدام مسئوليته الجنائية لأنه لم تكن لديه الفرصة للتفكير والتروي بشأن الأوامر التي صدرت إليه من رؤسائه في العمل مما أفقده إرادته، ولم يعرض الحكم لهذا الدفع إيراداً ورداً، كما أغفل الرد على دفاعه بشأن انتفاء القصد الجنائي لديه استناداً إلى أن صفته الوظيفية لا تخوله الحق في تعذيب المجني عليه، ودون أن تتجه إرادته إلى اقتراف فعل من أفعال التعذيب ولا مصلحة له في تحقيق الغرض من تلك الأفعال وهو الحصول على اعتراف من المجني عليه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم، ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بنيت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن التعارض بين الدليلين القولي والفني، وانتفاء علاقة السببية بين ما نسب إليه من فعل وحدوث النتيجة وهي وفاة المجني عليه، مردود بما سبق الرد عليه بأوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني، من أن ما ساقه الحكم المطعون فيه في مدوناته، كافياً في استظهار قيام الاتفاق بين المتهمين جميعاً على ضرب المجني عليه وتعذيبه بقصد حمله على الاعتراف، وقد أدى ذلك إلى موته، وقد دلل الحكم على مساهمة الطاعن في أفعال الضرب والتعذيب التي وقعت على المجني عليه والتي أدت إلى وفاته، وأنه كان فاعلاً أصلياً في ارتكاب تلك الجريمة، ومن ثم فإن الطاعن يكون مسئولاً عن موت المجني عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وبالتالي فإن منعاه على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على نتيجة المعاينة التي تمت بواسطة النيابة العامة تنفيذاً للقرار الصادر من المحكمة بندبها للقيام بذلك الإجراء، وإنما عول على المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث أثناء التحقيقات فإنه لا جدوى للنعي على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال المحكوم عليه الخامس، لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على مرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان مما لا يستأهل من المحكمة رداً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن الرد على الدفع بانتفاء القصد الجنائي لديه، مردود بما سبق الرد عليه بأوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والثاني، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الخامس:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أدى إلى موته، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على الدفع بامتناع مسئوليته طبقاً للمادتين 61، 63 من قانون العقوبات، لوقوعه تحت تأثير إكراه معنوي، وأنه قام بتنفيذ أمر رئيسه اعتقاداً منه بمشروعيته باعتبار أنه جندي مجند واجب عليه إطاعة أوامر رؤسائه، إلا أن المحكمة أغفلت الرد على الدفع بتوافر حالة الإكراه المعنوي، وأطرحت الدفع بانطباق المادة 63 من قانون العقوبات بما لا يسوغ به إطراحه، وعول الحكم في إدانة الطاعن على شهادة الشرطي.... واعترافه، في حين أن ما قرره ذلك الشاهد هو مجرد سرد لواقعة مادية ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من توافر أركان الجريمة في حقه، كما أن ما أدلى به من أقوال لا يعد اعترافاً صريحاً بما نسب إليه من اتهام. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع المبدى من الطاعن بشأن انعدام مسئوليته استناداً إلى أن ما اقترفه من أفعال كان تنفيذاً لأوامر رؤسائه وأطرحه في قوله "فإن هذا الدفع يستند إلى نص المادة 63 عقوبات، ولما كانت الشروط التي يستلزمها هذا النص لعدم تجريم أفعال المتهم تستلزم أن يعتقد أن أوامر رؤسائه الصادرة له واجبة النفاذ، أو أنه ينفذ ما أمرت به القوانين أو ينفذ فعلاً يعتقد بمشروعيته، فتأسيساً على ذلك وعلى ضوء بشاعة الأفعال الصادرة من المتهمين قبل المجني عليه، فيبدو من الواضح عقلاً ومنطقاً أن أي من هذه الحالات لا تتوافر للمتهم سيما وأن البين من وقائع الدعوى أنه اقترف ما ارتكبه دون أن يحاول أن يثبت من مشروعيته أو أن يتحرى عن سلامته، وبالتالي لا يمكن أن يستفيد المتهم من النص القانوني المتقدم، وتقضي المحكمة برفض هذا الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حالة الضرورة تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلى الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به، كما أنه من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - يستفاد منه الرد على دفاع الطاعن من أنه كان مكرهاً على تنفيذ أوامر رؤسائه وإتيان الأفعال التي يؤثمها القانون، ويسوغ به إطراحه لدفعه بارتكاب الواقعة صدوعاً لتلك الأوامر، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة القصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قالة الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد.... في بيان واف يتلاءم مع ما أورده من أقوال باقي شهود الإثبات، والتي من شأنها في مجموعها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت للواقعة في حق الطاعن بعناصرها القانونية كافة، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم، أن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع - في أسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من اعترافه بتحقيقات النيابة له أصله الثابت بالأوراق، ولم يحد عن نص ما أدلى به من أقوال بتلك التحقيقات، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
رابعاً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن السادس:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محرر رسمي واستعماله مع العلم بتزويره، قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان أمر الإحالة استناداً إلى أنه سئل بتحقيقات النيابة العامة باعتباره شاهداً بعد حلف اليمين القانونية، ولم يوجه إليه اتهام بالتزوير، مما حال دون إبداء دفاعه بشأن ما أسند إليه من اتهام، وبرغم ذلك أثبت الحكم في مدوناته - على خلاف الثابت بالأوراق - أنه سئل بتحقيقات النيابة العامة وأنكر ما أسند إليه من اتهامات، وأغفلت المحكمة إثبات اطلاعها على التقرير الطبي موضوع جريمتي التزوير المسندة إليه، ولم تعرض ذلك المحرر على الطاعن والمدافع عنه للاطلاع عليه، وتمسك الطاعن في دفاعه بأنه لم يتعمد عدم إثبات الحروق النارية التي أصيب المجني عليه بها بالتقرير الطبي الذي قام بتحريره أو إن ذلك كان من قبيل النسيان كما جاء بأمر الإحالة وورد بأدلة الثبوت، وإنما ذكر بالتحقيقات ما مفاده أنه غم عليه الأمر فلم يتمكن من تحديد نوع الجروح التي أثبتها بتقريره عند الكشف الطبي الظاهري على المجني عليه، إذ أن تلك الجروح كانت مغطاة بمادة الميكروكروم ولم يكن لديه من الأجهزة العلمية التي تساعد في الكشف عن نوع الجروح، وقد قرر الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة أن الحروق هي نوع من الجروح، وأن ما خلص إليه الحكم في مدوناته من أن تعليل الطاعن بأنه سهى عليه إثبات الحروق، يخالف الثابت بأقواله في الأوراق، ولم يعن الحكم باستظهار القصد الجنائي لدى الطاعن، برغم أن دفاعه بتحقيقات النيابة بشأن عدم استطاعته تحديد ماهية الجروح التي وضعها بالتقرير الطبي، مفاده أن ما وقع منه لا يعدو أن يكون مجرد إهمال لا يتوافر به القصد الجنائي لجريمة التزوير في المحرر الرسمي، وهو ما لم يعرض له الحكم إيراداًً ورداً، كما أغفل الرد على دفاعه بشأن انتفاء جريمة التزوير بالترك، وأن ما أورده الحكم في أسبابه بشأن ارتكاب الطاعن لجريمتي التزوير في التقرير الطبي واستعماله، يتناقض مع استناده إلى ذلك التقرير في إدانة المتهمين الآخرين بشأن ما تضمنه من الإصابات التي وجدت بالمجني عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة سألت الطاعن عن التهمة المسندة إليها فأنكرها، ولم يطلب منها مناقشته في الاتهام المسند إليه والأدلة القائمة عليه، وهو إجراء وإن كان يحظر على المحكمة القيام به طبقاً للفقرة الأولى من المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنه يصح بناء على طلب المتهم نفسه يبديه بالجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي، ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها، فإنه لا محل للقول بوجود ضرر يستدعي بطلان أمر الإحالة، وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح الدفع ببطلان أمر الإحالة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص، كما لا ينال من سلامة الحكم في هذا الشأن ما أثبته في مدوناته من أن الطاعن أنكر ما أسند إليه من اتهامات عند سؤاله بتحقيقات النيابة العامة، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما اقتنعت به بشأن صحة الواقعة المسندة إلى الطاعن، والأدلة التي ساقتها على ثبوتها في حقه. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على المحرر محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة، لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى اعتباراً بأن تلك الورقة هي الدليل الذي يكمل شواهد التزوير، ومن ثم فإن عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور المدافع عن الطاعن لإبداء رأيه فيها وليطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى التي دارت مرافعته عليها، إلا أنه لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن التقرير الطبي المؤرخ.... - موضوع جريمة التزوير - مرفق بالأوراق دون تحريز، وهو ما يتأدى منه أن ذلك التقرير كان معروضاً على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت جريمة التزوير في المحرر الرسمي - التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه - وتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عما أسند للمتهم السادس، فإن الثابت من الاطلاع على ما سطره بتقرير الكشف الطبي على المجني عليه أنه أغفل تماماً إثبات إصابات الحروق المتعددة والكثيرة التي أصيب بها، وهذه الإصابات التي أغفلها هي غالبية إصاباته، وهي إصابات جسيمة لأنها وليدة حروق من الدرجات الثلاث ومنتشرة بجميع أجزاء الجسم كاشفة عن بشاعة التعذيب الذي تعرض له المجني عليه، مصورة بصدق كم هذا التعذيب ومداه، ومن ثم فإن تعليل المتهم أنه سهى عليه إثباتها بالتقرير الطبي تعلل لا يتسم بالصدق، فلا يقبل السهو في عدم إثبات غالبية إصابات المصاب، وهي إصابات من نوع لا يخفى على الشخص العادي، وبالتالي لا يمكن أن يخفى على الطبيب الدارس، ومن هذه الأمارات والمظاهر الخارجية، فإن المحكمة تستدل من عدم إثبات المتهم لغالبية إصابات المجني عليه أنه توافر له قصد تزوير ذلك التقرير بإثبات إصابات المجني عليه على نحو غير الحقيقة أي إثبات وقائع مزورة به في صورة وقائع صحيحة، ولما كان القصد الجنائي هو أمر يضمره الجاني في سريرته، فإن المحكمة بحدسها القانوني وتقديرها للمظاهر الخارجية التي أحاطت بما ارتكبه المتهم تستشف منها أنه قد تعمد عدم إثبات الإصابات الكاملة للمجني عليه بالتقرير الرسمي، وتحرير هذا التقرير على نحو مزور واستعماله بعد ذلك، ما تطمئن معه لثبوت الاتهام المسند في حقه، ودفاع محاميه بأن التقرير بالصورة التي حرر بها يضمن وصفاً إجمالياً يشمل كافة الإصابات على اعتبار أنها جميعاً من قبيل الجروح، وهو محاولة للإفلات بالمتهم من العقاب لا وزن له في التقدير القانوني السليم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية، تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها، متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها، وأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة، إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه، كما أنه من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية، متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلتها وفي مقام التدليل على ثبوت جريمة التزوير في المحرر الرسمي في حق الطاعن - على السياق المتقدم - كافياً في إثبات تزوير الطاعن للتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه وأنه تعمد عدم إثبات إصابات الأخير الناشئة عن الحروق النارية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في المحرر الرسمي التي دانه بها، كما أفصح في هذا المقام عن عدم اطمئنان المحكمة لكافة الاعتبارات التي ساقها الطاعن في دفاعه بشأن عدم استطاعته تحديد الجروح النارية التي كان المجني عليه مصاباً بها، ولا ينال من سلامة الحكم في هذا الخصوص ما يثيره الطاعن بشأن خطأ المحكمة في تأويل وتفسير العبارات أو الألفاظ التي بني عليها دفاعه بعدم توافر القصد الجنائي لديه، إذ أن ذلك الخطأ - بفرض حصوله - لا تأثير له على وجدان المحكمة وتكوين عقيدتها بشأن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن، وبالتالي فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بقالتي القصور في التسبيب والفساد في التدليل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم، إذ أن تدليل الحكم على تزوير التقرير الطبي الذي حرره الطاعن لعدم إثباته الجروح النارية التي أصيب بها المجني عليه، لا يتعارض مع أخذ الحكم بذلك التقرير في خصوص ما ورد به من إصابات حدثت بالمجني عليه عند توقيع الكشف الطبي الظاهري عليه، باعتبار أن ذلك التقرير كان من بين عناصر الدعوى المطروحة على المحكمة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 40144 لسنة 59 ق جلسة 8 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 74 ص 483

جلسة 8 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة وهاني خليل.

----------------

(74)
الطعن رقم 40144 لسنة 59 القضائية

إصابة خطأ. دعوى مدنية. طعن "الطعن لثاني مرة". نقض "نظر الطعن والفصل فيه".
مثال لحكم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية صادر من محكمة النقض في جريمتي إصابة خطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر حال نظرها موضوع الدعوى.

-------------------
لما كان دفاع المتهم أمام درجتي التقاضي في مرحلة المحاكمة السابقة قام على نفي ارتكاب الحادث، وأن الأوراق قد خلت من معاينة مكان وقوعه، ومعاينة السيارة والدراجة البخارية التي كان يستقلها المجني عليهما، للوقوف على كيفية وقوع الحادث.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم ومن الاطلاع على الأوراق أن المجني عليهما أسندا إلى المتهم قيادته للسيارة بسرعة كبيرة دون أن يحددا مقدارها، وأن تلك السرعة هي التي أدت إلى وقوع الحادث. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من إجراء معاينة لمكان الحادث والسيارة المملوكة للمتهم والدراجة البخارية التي كان يستقلها المجني عليهما، حتى يتسنى الوقوف على كيفية وقوع الحادث والظروف التي وقع فيها، والاستدلال على مقدار السرعة التي كانت تسير عليها سيارة المتهم، لبيان ما إذا كانت السرعة قد جاوزت الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور في زمان الحادث ومكانه وأنها كانت السبب في وقوعه، ومن ثم فإن المحكمة لا ترى في أقوال المجني عليهما بمجردها ما يؤدي إلى بيان كيفية وقوع الحادث ومقدار السرعة التي كانت عليها السيارة وقت اصطدامها بهما، ولا ترى في الأوراق ما تستطيع أن تكون به عقيدتها بشأن توافر عنصر الخطأ المستوجب لمساءلة المتهم جنائياً عن جريمة الإصابة الخطأ المسندة إليه، ويتعين من ثم القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المستأنف مما أسند إليه عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى المدنية، فإن المحكمة وقد انتهت إلى عدم ثبوت ركن الخطأ المستوجب لمساءلة المتهم جنائياً عن جريمة الإصابة الخطأ التي أسند إليه، فإن الدعوى المدنية التابعة لها والمسندة عليها تكون على غير أساس، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفضها، وإلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - تسبب خطأ في إصابة كل من.... و.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فاصطدم بالمجني عليهما وأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق. 2 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 واللائحة التنفيذية. وادعى المجني عليه الثاني.... مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم ثلاثين جنيهاً عن التهمتين وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم 4226 لسنة 56 ق). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد - هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية".... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق، تتحصل فيما جاء بمحضر الضبط المؤرخ....، من أنه قد وردت إشارة من المستشفى.... تتضمن حضور كل من.... و.... إلى المستشفى صحبة الأهالي وهما مصابان من حادث سيارة تحمل رقم.... ملاكي.... .
ومن حيث إنه بسؤال.... بمحضر الضبط قرر بأنه وزميله.... كانا يستقلان دراجة بخارية "فسبا" ويسيران بها بشارع....، ويتجهان إلى شارع....، وقد فوجئا بسيارة ملاكي قادمة من شارع.... تسير بسرعة كبيرة واصطدمت بهما، وأضاف بأنه حالة المرور بالطريق كانت عادية، ولا توجد إشارات ضوئية، وأنه قد أصيب من جراء الحادث بإصابات بذراعه الأيسر ووجهه وقدميه. ومن حيث إنه بسؤال.... بمحضر الضبط قرر بمضمون ما قرر به المجني عليه الأول، وأضاف بأنه قد أصيب من جراء الحادث برجله اليمنى ويده اليمنى. ومن حيث إنه بسؤال....، قرر بأنه مالك السيارة رقم.... ملاكي....، ونفى ارتكابه للحادث، وأضاف بأنه لا يقود سيارته منذ أعوام مضت، وأن وقت وقوع الحادث الذي حدده المجني عليهما، هو وقت وجوده في عيادته الطبية. ومن حيث إن محكمة الإعادة قد استمعت إلى أقوال المجني عليه.... فقررت بذات أقواله التي أدلى بها بمحضر الضبط وأضاف بأن المتهم هو الذي قام باصطحابه إلى المستشفى. ومن حيث إن دفاع المتهم أمام درجتي التقاضي في مرحلة المحاكمة السابقة قام على نفي ارتكابه الحادث، وأن الأوراق قد خلت من معاينة مكان وقوعه، ومعاينة السيارة والدراجة البخارية التي كان يستقلها المجني عليهما، للوقوف على كيفية وقوع الحادث. ومن حيث إنه يبين مما تقدم ومن الاطلاع على الأوراق أن المجني عليهما أسندا إلى المتهم قيادته للسيارة بسرعة كبيرة دون أن يحددا مقدارها، وأن تلك السرعة هي التي أدت إلى وقوع الحادث. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من إجراء معاينة لمكان الحادث والسيارة المملوكة للمتهم والدراجة البخارية التي كان يستقلها المجني عليهما، حتى يتسنى الوقوف على كيفية وقوع الحادث والظروف التي وقع فيها، والاستدلال على مقدار السرعة التي كانت تسير عليها سيارة المتهم، لبيان ما إذا كانت السرعة قد جاوزت الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور في زمان الحادث ومكانه وأنها كانت السبب في وقوعه، ومن ثم فإن المحكمة لا ترى في أقوال المجني عليهما بمجردها ما يؤدي إلى بيان كيفية وقوع الحادث ومقدار السرعة التي كانت عليها السيارة وقت اصطدامها بهما، ولا ترى في الأوراق ما تستطيع أن تكون به عقيدتها بشأن توافر عنصر الخطأ المستوجب لمساءلة المتهم جنائياً عن جريمة الإصابة الخطأ المسندة إليه، ويتعين من ثم القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المستأنف مما أسند إليه عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى المدنية، فإن المحكمة وقد انتهت إلى عدم ثبوت ركن الخطأ المستوجب لمساءلة المتهم جنائياً عن جريمة الإصابة الخطأ التي أسندت إليه، فإن الدعوى المدنية التابعة لها والمسندة عليها تكون على غير أساس، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفضها، وإلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.

الطعن 5619 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 73 ص 476

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

-----------------

(73)
الطعن رقم 5619 لسنة 63 القضائية

(1) مواد مخدرة. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد مهنة الطاعن محددة في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية التحريات.
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. حد ذلك؟
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بتقديرها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) مصادرة. حكم "حجيته". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة المنصوص عليها في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. ماهيتها؟
حجية الأحكام لا ترد إلا على المنطوق وما يكون من الأسباب مكملاً له ومرتبطاً به بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به.
سكوت الحكم في منطوقه عن بيان كنه المضبوطات التي قضى بمصادرتها وبيانها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها. لا عيب. أساس ذلك؟
(5) نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن مصادرة المبلغ المضبوط لأنه مملوك لغيره. أساس ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وكان عدم إيراد مهنة الطاعن محددة في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
3 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز مخدر الحشيش المضبوط فإن المحكمة تساير سلطة الاتهام في أن الإحراز كان بقصد الاتجار ذلك اطمئناناً منها لما شهد به شاهدي الإثبات بما دلت عليه تحرياتهما من اتجار المتهم بالمواد المخدرة ومن طريقة إعداد المخدر المضبوط في لفافات معدة للتوزيع ومن إقرار المتهم لشاهدي الإثبات لدى ضبطه من أنه يحرز المخدر بقصد الاتجار". وكان فيما أورده الحكم على ذلك النحو ما يكفي للدلالة على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي نحو تراه متى كان ما حصلته واقتنعت به للأسباب التي أوردتها - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - يفيد أن الإحراز كان بقصد الاتجار. فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 توجب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم (5) وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه ضبط مع الطاعن - إلى جانب المواد المخدرة - مبلغ 1040 جنيه وقضى بمصادرة المضبوطات بالتطبيق لنص المادة 42 سالفة الذكر مما مفاده انصراف المصادرة إلى جميع المضبوطات، وإن سكت في منطوقه عن بيان كنه المضبوطات التي قضى بمصادرتها إلا أنه بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه وهو بيان كاف، لما هو مقرر في القانون أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به.
5 - لما كان الطاعن لا مصلحة له في نعيه على الحكم المطعون في شأن مصادرته للمبلغ المضبوط بدعوى أنه مملوك لزوجته. فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاسترداده إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامه - لما هو مقرر أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34 فقرة أولى بند/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع - ذلك بأن الحكم رد على الدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش بما لا يصلح رداً، وعول على أقوال الشاهد الثاني ولم يورد مؤداها وأحال في بيانها إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما في خصوص كيفية ووقت ومكان الضبط، ودلل على قصد الاتجار بما لا يوفره في حق الطاعن، وقضى بمصادرة المضبوطات ولم يبين ماهيتها، كما قضى بمصادرة المبلغ المضبوط رغم أنه مملوك لزوجة الطاعن - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش وزميله المرافق له ومن تقرير التحليل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وكان عدم إيراد مهنة الطاعن محددة في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال العقيد.... رئيس مكافحة المخدرات بالدقهلية، وعند إيراد الحكم لأقوال زميله الملازم أول.... أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد السابق وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز مخدر الحشيش المضبوط فإن المحكمة تساير سلطة الاتهام في أن الإحراز كان بقصد الاتجار ذلك اطمئناناً منها لما شهد به شاهدي الإثبات بما دلت عليه تحرياتهما من اتجار المتهم بالمواد المخدرة ومن طريقة إعداد المخدر المضبوط في لفافات معدة للتوزيع ومن إقرار المتهم لشاهدي الإثبات لدى ضبطه من أنه يحرز المخدر بقصد الاتجار". وكان فيما أورده الحكم على ذلك النحو ما يكفي للدلالة على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي نحو تراه متى كان ما حصلته واقتنعت به للأسباب التي أوردتها - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - يفيد أن الإحراز كان بقصد الاتجار. فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 توجب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم (5) وبذورها، وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه ضبط مع الطاعن - إلى جانب المواد المخدرة - مبلغ 1040 جنيه وقضى بمصادرة المضبوطات بالتطبيق لنص المادة 42 سالفة الذكر مما مفاده انصراف المصادرة إلى جميع المضبوطات، وإن سكت في منطوقه عن بيان كنه المضبوطات التي قضى بمصادرتها إلا أنه بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه وهو بيان كاف، لما هو مقرر في القانون أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حدد ماهية المضبوطات التي قضى بمصادرتها على نحو ما سلف بيانه، فإنه لا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا مصلحة له في نعيه على الحكم المطعون في شأن مصادرته للمبلغ المضبوط بدعوى أنه مملوك لزوجته. فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاسترداده إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامه - لما هو مقرر أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5612 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 72 ص 463

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وطه سيد قاسم وسلامة عبد المجيد.

----------------

(72)
الطعن رقم 5612 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه من نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم. ما دام لم يوردها.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تلاقي أقوال الشهود في جوهرها مع الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة. النعي عليها غير مقبول.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم صحيحاً إلى دليل ثابت في الأوراق. كفايته.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. عدم إيرادها أي دليل آخر. مفاده: إطراحها له وعدم التعويل عليه.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد الاعتداء.
مثال لتسبيب سائغ في رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
(7) ضرب "أفضى إلى موت". رابطة السببية. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون وفاة المجني عليه مرجعها إلى تلوث الإصابة بمرض التيتانوس كمضاعفة لإصاباته النارية الرشية. يقطع بتوافر رابطة السببية بين الإصابة والوفاة.
(8) إثبات "شهود". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين الشاهدين والمتهم. قول جديد. حق المحكمة في تقديره وإطراحها له دون بيان السبب. أساس ذلك؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز. ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(10) ضرب "أفضى إلى موت" "أحدث عاهة". سلاح. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
إدانة الطاعن بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته ومعاقبته بعقوبة الغرامة بالإضافة إلى عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت. عملاً بالمادة 32 عقوبات. خطأ في القانون. وجوب تصحيح الحكم بإلغاء عقوبة الغرامة.

-------------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.
3 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني.... والشاهدة الثالثة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول....، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على الإبلاغ عن تعدي الطاعن على شخصه بساطور، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الأداء على شقيقة الشاهد الأول، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهما الأول والثاني، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم الثلاثة مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالث، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهادتهم وهو إطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص وإصابته بها المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد.
4 - لما كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر ذلك أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجني عليهم أما ما وجد به من إصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجني عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم، ولما كان كل منهم حريصاًً على الاعتداء على الآخر فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الأحكام ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم إلى مسكنه بعد إصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجني عليهم بداخل مسكنه" وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار إليه له صداه من أوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجني عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت إلى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت إلى إلحاق إصابات بالطرفين، وورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجني عليهم، واتهم الطاعن المجني عليهم بإحداث إصاباته، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها.
5 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه.
6 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما تبين من المفردات صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن أطلق النار على المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالث منهم وأنه هو البادئ عليهم، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون.
7 - لما كان الحكم قد أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي - الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية - أن إصابة المجني عليه الأول.... إصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين أصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن. بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الرأس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزي إلى تلك الإصابات كما أن إصابات المجني عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم - فيما سلف - له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذي تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة، بأنها حالة تيتانوس - فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ - كمضاعفة - لإصابات المجني عليه النارية الرشية، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين والوفاة.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليهما الثاني والثالث وورثة المجني عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع، وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح.
9 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع إلى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفي صلته بالحادث، وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية منه، هو في مجموعه مردوداً، بأن الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وإجراء تحقيق في خصوص ما أثاره على النحو المتقدم - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، ووجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين - إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وكمن له بالطريق الذي أيقن مروره فيه وأعد لذلك سلاحاً نارياً (فرد خرطوش) وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل.... و.... عمداً بأن أطلق على كل منهما عياراً نارياً من السلاح الناري سالف الذكر قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليهما بالعلاج. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش). ثالثاً: أحرز ذخائر (ست طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه، رابعاً: أطلق أعيرة نارية داخل قرية وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 240/ 1، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه مبلغ مائتي جنيه وبمصادرة السلاح والطلقات المضبوطة. باعتبار أن التهمة الأولى ضرب أفضى إلى موت وإحداث عاهة مستديمة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأن أحال في بيان شهادة كل من.... و.... إلى مضمون ما شهد به الشاهد.... رغم وجود خلافات جوهرية في أقوالهم، ودفع الاتهام بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما يخالف الثابت بالأوراق وبما لا يصلح رداً، كما أقام دفاعه على أن موت المجني عليه.... يرجع إلى معاناته من مرض التيتانوس مما ينفي مسئوليته عنه، وأعرض الحكم عن دلالة محضر الصلح الذي أقر فيه المجني عليهما الثاني والثالثة وورثة المجني عليه الأول بأنه لا صلة له بالحادث، فضلاً عن أنه أثار أن الاعتداء عليه جعله في حالة لا يستطيع معها حمل السلاح وإطلاق أعيرة نارية منه، بيد أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي تحقيقاً لما أثاره من أوجه دفاعه سالفة البيان، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في يوم 21/ 4/ 1990" لخلاف بين المجني عليهم والطاعن بشأن فتح مطل، وحال عودة المجني عليه الأول.... وبصحبته ابنه.... المجني عليه الثاني وخلفهما ابنه.... توجه إليهم الطاعن واعتدى بساطور على المجني عليه الثاني فأحدث إصابة بساقه اليسرى كما اعتدى بذات الأداة على شقيقه.... وأسرع إلى مسكنه وعاد حاملاً سلاحاً نارياً غير مرخص وأطلق منه أعيرة نارية صوبهم فأصاب المجني عليه الأول في رأسه وفي جانبه الأيمن - مما أفضى إلى موته، وأصاب المجني عليه الثاني في ساقه اليمنى مما أدى إلى بترها هي والجزء السفلي للفخذ الأيمن وعقب ذلك حضرت.... - زوجة شقيقه - فعاجلها بعيار ناري أصاب، عينها اليسرى مما نشأ عنه فقد إبصارها وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها - وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني.... والشاهدة الثالثة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول....، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على الإبلاغ عن تعدي الطاعن على شخصه بساطور، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الأداة على شقيقة الشاهد الأول، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهما الأول والثاني، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم الثلاثة - مما أفضى على موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالثة -، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهادتهم وهو إطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص وإصابته بها المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر ذلك أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجني عليهم أما ما وجد به من إصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجني عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم. ولما كان كل منهم حريصاً على الاعتداء على الآخر، فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الأحكام، ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم إلى مسكنه بعد إصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجني عليهم بداخل مسكنه، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار إليه له صداه من أوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجني عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت إلى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت إلى إلحاق إصابات بالطرفين، وورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجني عليهم، واتهم الطاعن المجني عليهم بإحداث إصاباته، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها وتنحسر عنه بذلك دعوى الخطأ في التحصيل وفساد التدليل، وإذ كان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما تبين من المفردات صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن أطلق النار على المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالث منهم وأنه هو البادئ بالاعتداء عليهم، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي - الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية - أن إصابة المجني عليه الأول.... إصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين أصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن، بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الرأس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزي إلى تلك الإصابات كما أن إصابات المجني عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم - فيما سلف - له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذي تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة بأنها حالة تيتانوس - فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ - كمضاعفة - لإصابات المجني عليه النارية الرشية، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين والوفاة، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليهما الثاني والثالث وورثة المجني عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع، وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع إلى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفي صلته بالحادث، وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية منه، هو في مجموعه مردوداً، بأن الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وإجراء تحقيق في خصوص ما أثاره - على النحو المتقدم - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، ووجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين - إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد.

الطعن 5318 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 71 ص 453

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

----------------

(71)
الطعن رقم 5318 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها".
عدم توقيع أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب" "بطلانه". بطلان.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب.
(3) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق. اقتضاؤها وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة.
دخول المال في ملك الدولة. لا يتأتى إلا إذا آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه أو يكون الموظف سهل لغيره ذلك بشرط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء.
وجوب بيان الحكم صفة الطاعن وكونه موظفاً وأن الوظيفة قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت لتوافر أركان الجريمة.
(4) استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام. غير لازم. شرط ذلك: أن يكون ما أورده من وقائع ما يدل على قيامه.
(5) تزوير. اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. استخلاص توافره. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) تزوير. اشتراك. قصد جنائي.
جريمة استعمال الورقة المزورة. قيامها: بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة. مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها لا يكفي. ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
(7) استيلاء على أموال أميرية. تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
عدم بيان الحكم كيفية تسهيل الوظيفة استيلاء الغير على مال الدولة واستظهار نية كل طاعن. وخلوه من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو شارك فيه وكيفية المشاركة والدليل على ذلك. قصور.
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليه قضى بعدم قبول طعنه شكلاً. أثره: امتداد أثر الطعن إليه. صدور الحكم غيابياً على المحكوم عليهما الآخرين من محكمة الجنايات. لا يمتد أثر الطعن إليهما. علة ذلك؟

-----------------
1 - لما كان الطاعن الرابع عشر.... وإن قرر بالطعن به في الميعاد القانوني إلا أن مذكرة الأسباب لم يوقع عليها في أصلها وصورها محامي حتى فوات ميعاد الطعن إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن طعنه يكون قد فقد أحد مقوماته الشكلية ويتعين القضاء بعدم قبوله شكلاً.
2 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
3 - من المقرر أن جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحم أن يبين صفة كمل طاعن وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة.
4 - من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
5 - من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
6 - من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلى تضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمة تسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات الثمانية موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحرر المزور، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان. فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه للطاعنين والطاعن الآخر الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. دون المحكوم عليهما الخامس عشر والسادسة عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبيته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 - .... "طاعن". 2 - .... "طاعن". 3 - .... "طاعن". 4 - .... "طاعن". 5 - .... "طاعن". 6 - .... "طاعن". 7 - .... "طاعن". 8 - .... "طاعن". 9 - .... "طاعن". 10 - .... "طاعن". 11 - .... "طاعن". 12 - .... "طاعن". 13 - .... "طاعن". 14 - .... "طاعن". 15 - .... 16 - .... .
أولاً: المتهمون من الأول حتى الرابع عشر: - بصفتهم موظفين عموميين "الأول والثاني" باحثان بقسم....، والثالث.... والباقون عاملون.... سهلوا للمتهمين الخامس عشر والسادسة عشر الاستيلاء بغير حق على مبالغ قدرها 304320 (ثلاثمائة وأربعة ألف وثلاثمائة وعشرون جنيهاً) لبنك.... بأن تقدم المتهمون الرابع والخامس والثالث عشر إلى جهة عملهم باستمارات ضمت أسماء موظفين وهميين وحقيقيين نسب إليهم بمقتضاها طلبهم الحصول على قروض إنتاجية جماعية من بنك.... حيث اعتمدها وباقي المستندات المزورة المتعلقة بها المتهمون من السادس إلى الثاني عشر رغم علمهم بعدم صحة إجراءاتها وقد واكب كل ما تقدم تداخل المتهمين الثلاثة الأول في إجراءات قبول واعتماد تلك المستندات حالة كونهم يعلمون بحقيقة أمرها، وبتلك الحيل تمكن الجناة من الاستيلاء بغير حق على المال العام وقد ارتبطت هذه الجريمة بجنايتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة على النحو الموضح بالتهمتين الثانية والثالثة. ثانياً: ( أ ) المتهمون من الثالث عشر إلى الخامس عشر: ارتكبوا تزويراً في محررات رسمية هي "استمارات طلب قروض إنتاجية جماعية من بنك.... وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن اصطنعوا تلك الاستمارات على غرار المحررات الصحيحة وضمنوها على خلاف الحقيقة طلبات بعض موظفي.... لقروض وقد أسبغت صفة الرسمية على هذه الاستمارات باعتمادها من الموظفين المختصين على النحو المبين بالتحقيقات. (ب) المتهمون من السادس إلى الثاني عشر اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر في ارتكاب جريمة التزوير موضوع التهمة السابقة بأن اتفقوا معهم على اصطناع استمارات على غرار تلك التي يحررها راغبي الحصول على قروض إنتاجية جماعية وساعدوهم على ذلك بأن تلقوها منهم وقدموها لاتخاذ إجراءات إقرارها من المختصين حسني النية ثم اعتمادهم بأنفسهم مسبغين عليها صفة رسمية لتأخذ المظهر الرسمي الذي يعتد به بنك.... ثالثاً المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر استعملوا المحررات المزورة سالفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها لبنك.... للحصول على مبالغ القروض سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41، 113/ 1 - 2، 118، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من (الطاعنين) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وعزلهم من وظائفهم عدا السابع والتاسع وبتغريمهم جميعاً والآخرين متضامنين مبلغ 304320 جنيهاً (فقط ثلاثمائة وأربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين جنيهاً).
فطعن الأساتذة.... المحامون عن المحكوم عليهم من الأول حتى الرابع عشر.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الرابع عشر.... وإن قرر بالطعن به في الميعاد القانوني إلا أن مذكرة الأسباب لم يوقع عليها في أصلها وصورها محامي حتى فوات ميعاد الطعن إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن طعنه يكون قد فقد أحد مقوماته الشكلية ويتعين القضاء بعدم قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة - مال لبنك.... - والتزوير في محررات رسمية والاشتراك فيها واستعمالها مع العلم بتزويرها قد شابه القصور في البيان والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه جاء قاصراً في بيان واقعات الدعوى والظروف التي لابساتها والأفعال التي أتاها كل منهم وخلا من استظهار عناصر الجرائم التي دانهم بها وأركانها وإيراد مؤدى الأدلة المؤيدة لذلك، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن الأول سلم المتهم الخامس عشر وهو صاحب شركة قطاع خاص استمارة قرض إنتاجي جماعي ليقوم بتصويرها عدة نسخ وملأ بياناتها بأسماء بعض العاملين بهيئة.... بالمخالفة للتعليمات التي توجب تسليم الاستمارات لمندوب الجهة طالبة القروض وقام الأخير بالتواطؤ مع الطاعنين الثالث عشر والرابع عشر وهما من موظفي هيئة.... بتحرير الاستمارات بأسماء بعض الموظفين اللذين جحدوا رغبتهم في الحصول على قروض كما جحدوا التوقيعات المنسوبة إليهم وقام الأخيران بتقديم الاستمارات للطاعنين السادس والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر وهم من موظفي الهيئة فقاموا باعتمادها رغم علمهم بحقيقة أمرها متواطئين بذلك مع المتهم الخامس عشر، وقام الطاعن السادس بالتوقيع على ثلاث خطابات موجهة من الهيئة إلى بنك.... بتفويض الطاعن الخامس بإنجاز إجراءات القروض مع موظفي البنك وهم الطاعنين الأول والثاني والثالث كما حرر خطابين بتفويض الطاعن الرابع بإنجاز البنك مع الطاعنين الثاني والسابع على أن يتم تسليم الشيكات لكل من الطاعنين الرابع والخامس وقام الطاعن السابع بالتوقيع على ثلاث خطابات موجهة من الهيئة للبنك بتفويض الرابع في استكمال الإجراءات واستلام الشيكات مع الخامس والسادس والثامن. ثم قام المتهم الخامس عشر بإضافة أسماء وعناوين وهمية وذيلت بتوقيعات وهمية ثم قام ومعه الطاعن الرابع بالتقدم بتلك الاستمارات لكل من الطاعنين الأول والثاني والثالث لاعتمادها فقاموا بذلك رغم أن هناك توقيعات لم تستوف من المختصين بالهيئة وبذلك تمكن المتهم الخامس عشر من استلام شيكات بالمبلغ موضوع القضية وقامت زوجته المتهمة السادسة عشر بصرفها باسمها إذ كانت تقف على جميع الخطوات المار ذكرها ثم أورد الحكم مؤدى أدلته مستقاة من أقوال الشهود وما قرره المتهمان الخامس عشر والسادسة عشر والطاعنون الرابع والخامس والثالث عشر بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة كل طاعن وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ومن المقرر أيضاً أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك كله، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلى تضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمة تسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات الثمانية موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحرر المزور، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه للطاعنين والطاعن الآخر الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. دون المحكوم عليهما الخامس عشر والسادسة عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبيته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية. وذلك دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الطعن 15096 لسنة 62 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 70 ص 448

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وطه سيد قاسم ورجب فراج وزغلول البلشي.

---------------

(70)
الطعن رقم 15096 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن". وكالة.
عدم تقديم المحامي التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عن المحكوم عليه للتحقق من صفته. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سلامة الحكم: تستوجب بيان الواقعة ومؤدى أدلة الثبوت في بيان كاف.
عدم إيراد الحكم الواقعة وأدلة الثبوت ومؤدى كل منهما في بيان كاف. قصور.
(3) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في المخالفات وحدها. غير جائز.
الطعن بالنقض في الحكم الصادر في جنحة ومخالفات. جائز وإن تميزت الواقعة في كل منهما.
نقض الحكم في إحدى التهم يقتضي نقضه بالنسبة للتهم الأخرى. أساس ذلك: حسن سير العدالة.
(4) نقض "أثر الطعن".
اتصال وجه الطعن بالطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً. أثره: امتداد أثر الطعن إليه. أساس ذلك: المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

--------------
1 - لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الأستاذ/ .... المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض نيابة عن المحكوم عليه.... كان موكلاً عن المدعو/ .... بمثابة الأخير نائباً عن المحكوم عليه سالف الذكر بموجب توكيل أشير إلى رقمه بالتوكيل المرفق بأوراق الطعن، بيد أن هذا التوكيل لم يقدم للتثبت من صفة المقرر. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته، وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله هذا الحق، فإن هذا الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
2 - لما كان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى. فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يوجب نقض الحكم المطعون فيه.
3 - من المقرر أن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفات وحدها، فإذا كان الطعن منصباً على الحكم الصادر في الجنحة والمخالفة معاً، وكانت الجرائم المنسوبة إلى الطاعن - وإن تميزت الواقعة في كل منها عن الأخرى - فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم كله والإحالة بالنسبة إلى التهم العشر موضوع الدعوى.
4 - لما كان الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إليه أيضاً وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: قاما بتعيين العمال دون الحصول على شهادة قيد من المكتب المختص. ثانياً: لم يقما بإخطار المكتب المختص عن الوظائف الشاغرة. ثالثاً: لم يقما بتحرير عقد عمل للعمال لديهما وتسليم نسخة منه لمكتب التأمينات. رابعاً: لم يقدما حصول العمال على أجورهم. خامساً: لم يقما بإنشاء ملف كامل مستوف لكل عامل. سادساً: لم يقما بتوفير وسائل الإسعاف والإنقاذ بالمنشأة بما يكفل الحماية من مخاطر العمل وأضراره. سابعاً: لم يقما بتعليق جدول بمواعيد العمل. ثامناً: لم يقما بتعليق لائحة تشغيل الأحداث. تاسعاً: لم يقما بتعليق لائحة تشغيل النساء. عاشراً: لم يقما بتعليق لائحة الجزاءات ونظام العمل الأساسي. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 3، 8، 18، 21، 30، 35، 55، 121، 141، 148، 157، 165، 170، 172/ 1 من القانون 137 لسنة 1981. ومحكمة جنح السيدة زينب قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل منهما عشرة جنيهات عن كل تهمة من الأولى إلى العاشرة وخمسين جنيهاً عن التهمة السادسة، وتعدد الغرامة بعدد تسعة عشر عاماً لكل التهم عدا التهمة الثانية. عارضا وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفا ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الأستاذ/ .... المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض نيابة عن المحكوم عليه.... كان موكلاً عن المدعو/ .... بمثابة الأخير نائباً عن المحكوم عليه سالف الذكر بموجب توكيل أشير إلى رقمه بالتوكيل المرفق بأوراق الطعن بيد أن هذا التوكيل لم يقدم للتثبت من صفة المقرر. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته، وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله هذا الحق، فإن هذا الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم قيامه بتعيين العمال دون الحصول على شهادة قيد من المكتب المختص. وعدم إخطار المكتب المختص عن الوظائف الشاغرة، وعدم تحريره عقد عمل للعمال لديه وتسليم نسخة منه لمكتب التأمينات، وعدم تقديمه ما يفيد حصول العمال على أجورهم، وعدم إنشاء ملف كامل مستوفي لكل عامل، وعدم قيامه بتوفير وسائل الإسعاف والإنقاذ بالمنشأة بما يكفل الحماية من مخاطر العمل وأضراره، وعدم قيامه بتعليق جدول بمواعيد العمل ولائحة تشغيل الأحداث، ولائحة تشغيل النساء، ولائحة الجزاءات ونظام العمل الأساسي. قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه قد خلا من الأسباب التي بني عليها مخالفاً بذلك نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر فيما أقام عليه قضاءه على قوله (وحيث إن المحكمة ترى أن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة قبله مما جاء بمحضر ضبط الواقعة الأمر الذي يتعين معه معاقبته بمواد الاتهام عملاً بنص المادة 304/ 2 أ. ج). وإذ كان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإحالة، ولا يحول دون ذلك، أن تكون الجرائم العشر عدا الجريمة السادسة مخالفات، ذلك بأن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها، فإذا كان الطعن منصباً على الحكم الصادر في الجنحة والمخالفة معاً، وكانت الجرائم المنسوبة إلى الطاعن - وإن تميزت الواقعة في كل منها عن الأخرى - فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم كله والإحالة بالنسبة إلى التهم العشر موضوع الدعوى، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إليه أيضاً وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الثلاثاء، 24 يوليو 2018

الطعن 13173 لسنة 62 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 69 ص 445

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وسلامة أحمد عبد المجيد.

-----------------

(69)
الطعن رقم 13173 لسنة 62 القضائية

(1) تبديد. حكم "بيانات حكم الإدانة".
الدفع بتجارية العلاقة أو كونها مدنية. جوهري. إبداؤه يوجب التصدي له.
القضاء بالإدانة في جريمة خيانة الأمانة. شرطه: اقتناع القاضي أن المتهم تسلم المال بعقد من عقود الأمانة المبينة حصراً بالمادة 341 عقوبات.
(2) تبديد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العبرة بقيام عقد من عقود الأمانة. هي بالواقع.
تأثيم إنسان بناء على اعترافه شفاهة أو كتابة. لا يصح إذا كان مخالفاً للحقيقة.
دفاع الطاعن أن العلاقة التي تربطه بالمجني عليه مدنية. جوهري. إغفال تحقيقه. قصور.

-------------------
1 - من المقرر أن الدفع بتجارية العلاقة أو كونها مدنية صرف فيما بين الطاعن والمجني عليه من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها ذلك أنه من المقرر أنه لا يصح إدانة المتهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر بالمادة 341 من قانون العقوبات.
2 - من المقرر أن العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود، في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع إذ لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو كتابة متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية - حال نظر معارضته - بأن العلاقة التي تربطه بالمطعون ضده هي علاقة مدنية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع ولم يقل كلمته فيه بل اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه ولم يضف إليها إلا مبررات تخفيض العقوبة، فإنه يكون معيباً بما يبطله.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح المعادي ضد الطاعن - بوصف أنه بدد البضائع المسلمة إليه على سبيل الأمانة بصفته وكيلاً بأجر وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية – قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه دفع بأن العلاقة التي تربطه بالمدعي بالحقوق المدنية علاقة تجارية وأنه لم يتسلم البضائع موضوع الدعوى بصفته وكيلاً بل بصفته عميلاً بدلالة فاتورة الشراء المقدمة منه والمظهرة بتسوية الحسابات بينهما إلا أن الحكم سكت عن هذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدفع بتجارية العلاقة أو كونها مدنية صرف فيما بين الطاعن والمجني عليه من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها ذلك أنه من المقرر أنه لا يصح إدانة المتهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر بالمادة 341 من قانون العقوبات والعبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود، في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع إذ لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو كتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية - حال نظر معارضته - بأن العلاقة التي تربطه بالمطعون ضده هي علاقة مدنية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع ولم يقل كلمته فيه بل اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه ولم يضف إليها إلا مبررات تخفيض العقوبة، فإنه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون بحث الوجه الثاني من وجهي الطعن وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.