الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 يناير 2018

دستورية العقاب على جريمة البلطجة (بقانون رقم 10 لسنة 2011)

القضية رقم 13 لسنة 37 ق " دستورية
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق                  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى وسعيد مرعى عمــرو والدكتور حمـــــدان حسن فهمى وحاتم حمـــــد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان                                 نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل           رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع                           أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى
    فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 37 قضائية " دستورية
المقامة من
أحمد محمد عبده الخطيب
ضد

1 - رئيس الجمهورية
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - النائب العام
 
الإجراءات

    بتاريخ الخاس من فبراير سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمـة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة السادس من مايو سنة 2017، ثم قررت مد أجل إصدار الحكم لجلسة اليوم.

المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى، وآخرين، فى الجناية رقم 5228 لسنة 2014 المعادى، بأنهم فى يوم 25/1/2014، بدائرة قسم شرطة المعادي - محافظة القاهرة:
أولاً : أحرزوا هم وآخرون مجهولون مفرقعات قبل الحصول على ترخيص بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيًا : اشتركوا هم وآخرون مجهولون فى تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة والتأثير على رجال السلطة العامة فى أداء أعمالهم بالقوة والعنف حال حملهم مفرقعات وأدوات من شأنها إحداث الموت إذا ما استعملت، وقد وقعت تنفيذًا للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الآتية :
(1) اشتركوا هم وآخرون مجهولون فى تظاهرة غير مخطر بها أخلت بالأمن العام وعرضت مصالح المواطنين للخطر وأثرت على سير المرافق العامة وعرضت الممتلكات العامة للخطر حال إحرازهم مفرقعات ومواد حارقة وأدوات حادة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
(2) قاموا هم وآخرون مجهولون باستعراض القوة والتلويح بالعنف ضد العامة من المواطنين ورجال الضبط المتواجدين بشارع 77 بالمعادى لتعطيل تنفيذ القوانين وتكدير الأمن والسكينة العامة حال كونهم أكثر من شخصين ويحملون أدوات تعدّ (مفرقعات، مواد حارقة، أدوات حادة) بأن احتشدوا مرددين هتافات مسيئة لمؤسسات الدولة لفرض سطوتهم وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب فى أنفس العامة وتكدير أمنهم وسكينتهم والمساس بحريتهم الشخصية على النحو المبين بالتحقيقات.
(3) أحرزوا هم وآخرون مجهولون أدوات (زجاجات مولوتوف، شوكة حديدية، نبلة حديدية) مما تستعمل فى الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت النيابة العامة معاقبته, وباقى المتهمين، بالمادتين (102 (أ)، 375 مكررًا) من قانون العقوبات، والمواد (1، 2، 3 مكررًا/1) من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، والمواد (1، 25 مكررًا/1، 30/1) من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم (7) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007، والبندين رقمي (69، 77) من قرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 بشأن المواد التي تعتبر فى حكم المفرقعات، والمواد (6، 7، 8، 17، 19، 21، 22) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، والمواد أرقام (95، 111، 122) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008. وتدوولت الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة، وبجلسة 12 من نوفمبر سنة 2014 دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية نص المادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات، فقررت المحكمة تأجيل نظر الجناية لجلسة 13 من نوفمبر سنة2014، وبتلك الجلسة، إذ قدرت المحكمة جدية الدفع، قررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة التاسع من فبراير سنة 2015، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية يدور رحاها حول اتهام المدعى وآخرين بارتكاب عدد من الجرائم، من بينها استعراض القوة والتلويح بالعنف ضد العامة من المواطنين ورجال الضبط لتعطيل تنفيذ القوانين وتكدير الأمن والسكينة العامة، حال كونهم أكثر من شخصين ويحملون أدوات تعدّ (مفرقعات، مواد حارقة، أدوات حادة) قاصدين التأثير على إرادتهم لفرض سطوتهم، وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب فى أنفس العامة وتكدير أمنهم وسكينتهم والمساس بحريتهم الشخصية، وهى الجريمة المؤثمة بالمادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية ذلك النص يرتب انعكاس أكيد ومباشر على الطلبات فى الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى يتوافر معه شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فى هذه المادة.
وحيث إن المادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 تنص على أن : "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشـد واردة فى نص آخــــــر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجنى عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مـدى أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شــأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو بحمل أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة، أو إذا وقع الفعل على أنثى، أو على من لم يبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة.
ويقضى فى جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها ".
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه غموضه إذ صيغَ بألفاظ فضفاضة متميعة على نحو يتعذر على المخاطبين بها تحديد الأفعال المؤثمة، وهو ما يخل بمبدأ مشروعية النصوص العقابية، فضلاً عن مخالفته لمبدأ اليقين القانوني، وعدم وجود ضرورة اجتماعية لتجريم تلك الأفعال، بما ينحل عدوانًا على الحرية الشخصية وإخلالاً بمبدأ المساواة، إضافة إلى سلبه القاضي سلطة تفريد العقوبة من وجهين، الأول : سلب القاضي سلطة وقف تنفيذ عقوبة الحبس إذا توافرت الظروف المشددة المبينة في الفقرة الثانية من نص المادة المطعون عليها، والثاني : حرمان القاضي من سلطة تقدير عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة؛ بالمخالفة لنصوص المواد (4, 5, 9, 51, 53, 54, 59، 92, 94, 95, 96/1, 99/1, 184, 186) من الدستور.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين فى سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها فى اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التى يأمرهـم بها، أو التخلي عن تلك التى ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيّا أن يحـدد من منظور اجتماعي، ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التى اقتضتها ظروف الجماعة فى مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية، ومن ثم يتعين على المشرع، دومًا، إجراء موازنة دقيقة بين مصلحة المجتمع والحرص على أمنه واستقراره من جهة، وحريات وحقوق الأفراد من جهة أخرى. وكان من المقرر، أيضًا، وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيّدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بيّنة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.
وحيث إن قالة المدعى بعدم وجود ضرورة اجتماعية لتجريم الأفعال محل النص المطعون فيه، وتميع ألفاظه وغموضها على نحو يتعذر معه على المخاطبين به الوقوف على حقيقة الأفعال المؤثمة والمعاقب عليها، فذلك مردود عليه بأن تأثيم الأفعال الواردة بهذا النص، يجد ضرورته الاجتماعية فى حماية الآمنين من الترويع، ومنع الافتئات على النواميس، وصون دولة القانون، مما يُعد مسوغًا دستوريًّا لتأثيمها. كذلك فإن الجرائم الواردة فى هذا النص يؤبه فيها، بالأساس، لخطورة الأفعال المؤثمة وما يمكن أن تحدثه من مساس أو عدوان على الحقوق والحريات، والمصالح الاجتماعية محل الحماية الجنائية، وهى جميعًا حقوق وحريات ومصالح اجتماعية معتبرة، قدر المشرع، صائبًا، أن حمايتها من أى أفعال من شأنها المساس بها أو النيل منها، يسوغ التجريم، وقد أورد الدستور جلها كالحق فى الحياة الآمنة والكرامة، والحق فى سلامة الجسد، والحرية الشخصية، والحق فى صون الشرف والاعتبار، وحق الملكية، والحق فى الأمن والسكينة، والتي حرص الدستور على توكيدها فى المواد (33، 35، 51، 54، 59، 60) منه، بحيث صار لكل من الألفاظ الواردة فى النص، سواء المحددة للفعل أو للحقوق والحريات والمصالح المحمية، معنى محدد منضبط، ومن ثم تنداح عنها قالة الاتساع والتميع، وتنتفى عنها شبهة الخفاء والغموض. ولا تثريب على النص المطعون عليه إذ اتخذ من تعدد الجناة، أو اصطحاب الجانى لحيوان يثير الذعر، أو حمله لأسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات ما تستخدم فى العدوان؛ ظروفًا توجب تشديد العقاب، لما فى التعدد واستخدام الأسلحة أو الحيوانات من تقوية لعزم الجناة وتشجيعهم على مقارفة الجريمة، وتثبيط لهمم المجنى عليهم والنيل من عزائمهم وإلقاء الروع فى نفوسهم. ولا تثريب كذلك على النص إن اتخذ من صفة المجنى عليه، وهى الأنوثة والطفولة، ظرفًا مشددًا بحسبانهما، فى غالب الأحوال، أقل قدرة على مقاومة أفعال البلطجة وأكثر تأثرًا بالتهديد والعنف. وغنى عن البيان أن الجريمة المقررة فى المادة المطعون عليها هى جريمة عمدية، ولا يجزئ فى التأثيم الخطأ مهما كانت صورته أو بلغت درجته، فلا تقع الجريمة إلا إذا ارتُكِبَ الفعل عن علم بطبيعته وإرادة إتيانه، واتجهت إرادة الجانى، متبصرًا، إلى التهديد بالإضرار بأحد الحقوق والحريات والمصالح الواردة بهذه المادة. فضلاً عن تطلبها توافر قصد خاص من القصود المتعددة التى تضمنها النص، وغنى عن البيان أيضًا، أن صياغة هذه المادة قد كرست شخصية المسؤلية، فلا يسأل عن الجريمة سوى من قارفها بالفعل، فالإثم شخصى لا يقبل الاستنابة. لما كان ذلك، فإن نص المادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات يكون منضبطًا بالضوابط الدستورية للتجريم، ولا يخالف المواد (54/1، 73، 92/2، 95) من الدستور.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل فيها إلا بقدر، نأيًا بها عن أن تكون إيلامًا غير مبرر، يؤكد قسوتها فى غير ضرورة. وكان من المقرر أيضًا، أن المتهمين لا تجوز معاملتهم بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم فى قالبها، بما مؤداه أن الأصل فى العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، ذلك أن مشروعية العقوبة، من زاوية دستورية، مناطها أن يباشر كل قاض سلطته فى مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، فى الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور عادل يتعلق بها وبمرتكبها.
    وحيث إن الدستور الحالي إذ نص فى المادة (94) منه على خضوع الدولة للقانون وأن استقلال القضاء، وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، كما أكد على هذه المبادئ فى المادتين (184) و(186) منه، فقد دلَّ على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها، وأيًّا كانت طبيعة سلطاتها، بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازًا شخصيًّا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها، ولأن الدولة القانونية هى التى يتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكل سلطة، ورادعًا ضد كل عدوان.
    وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العقوبة التخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازى بعقوبة أصلية أشد - عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة فى مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل عملاً بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقـاف تنفيذ عقوبتي الغرامة أو الحبس الذى لا تزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون، على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتساند القاضي إليها - بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففى الأحوال التي يمتنع فيها إعمال إحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص الحصري بتفريد العقوبة المعقود للقاضي يكون قد استغلق عليه تمامًا، بما يفتئت على استقلاله، ويسلبه حريته فى تقدير العقوبة، ويفقده جوهر وظيفته القضائية، وينطوى على تدخل محظور فى شئون العدالة والقضايا.
    وحيث إن العقوبة المقررة بمقتضى نص المادة (375 مكررًا) من قانون العقوبات، هى الحبس مدة لا تقل عن سنة، وتغلظ العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين، إذا توافرت الظروف المشددة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من هذه المادة، مما يجعلها من العقوبات المقررة للجنح لا الجنايات، وهى عقوبات تتناسب مع خطورة وفداحة الإثم المجرّم فى المادة المطعون عليها دون غلوّ أو تفريط. وقد أعطت هذه المادة للقاضي سلطة تفريد العقوبة واختيار العقوبة التى يوقعها على كل متهم على حدة، بحسب الظروف التي ارتكب فيها الجريمة أو ظروفه الشخصية، فله أن يقضى بالحبس مراوحًا بين حدّين أدنى وأقصى، كما لم تسلبه المادة خيار وقف تنفيذ العقوبة المقررة فى الفقرة الأولى من هذا النص؛ إن هو قدر ذلك. ولا يقدح في ذلك ما ينعاه المدعى من أن النص سلب القاضي سلطة تفريد عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة، ذلك أن مدة هذه العقوبة كما قررها النص تساوى مدة عقوبة الحبس المقضي بها، ومن ثم يظل زمام تقديرها رهنًا بالقاضي، إذ يضعها بحسبانه حال تقدير عقوبة الحبس، بحيث تتكامل العقوبتين بما يحقق الردع الخاص، في كل واقعة على حدة، ولتتضامم مدتي عقوبتي الحبس والوضع تحت مراقبة الشرطة، وصولاً للغاية من العقوبة، وهى تحقيق الردع العام والخاص. متى كان ما تقدم؛ فإن النص المطعون فيه لا يكون قد خالف المواد (54/1، 94، 95، 96/1، 184، 186) من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أى نص آخر في الدستور.
 فلهذه الأسباب
     حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة. 
أمين السر                                                      رئيس المحكمة


الطعن 47245 لسنة 59 ق جلسة 24 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 205 ص 1424

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وطه سيد قاسم نواب رئيس المحكمة وزغلول البلش.

------------

(205)
الطعن رقم 47245 لسنة 59 القضائية

 (1)دخول عقار بقصد منع حيازته. حيازة. جريمة "أركانها". قانون "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
وجوب أن يكون الجاني في جريمة التعدي على الحيازة المنصوص عليها في المادة 370 عقوبات من غير حائزي المكان أو المشاركين في حيازته.
خروج المنازعات المدنية بين حائزي المكان الواحد أو المشاركين فيه من نطاق تطبيق المادة 370 عقوبات. إذا توافرت لكل منهم شروط الحيازة الجديرة بالحماية.
ثبوت أن لكل من الطاعنة والمجني عليه حيازة بالعين موضوع النزاع تتوافر به لكل منهما شروط الحيازة الفعلية الجديرة بالحماية. النزاع بينهما على الحيازة لا تتوافر به أركان الجريمة سالفة البيان. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون
.
 (2)
نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها متى بني على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه.
ثبوت أن الفعل الذي قارفته الطاعنة لا يجرمه القانون. أثره: نقض الحكم والقضاء ببراءة الطاعنة
.
(3)
دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". اختصاص "الاختصاص النوعي".
القضاء بالبراءة لانتفاء الجريمة في الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية. ولأن النزاع مدني بحت. أثره: عدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.

--------------
1 - لما كانت المادة 370 عقوبات جرى نصها على أنه "كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معداً للسكنى أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه" وقد وردت في الباب الرابع عشر من قانون العقوبات وهو خاص بانتهاك حرمة ملك الغير فإن تلك المادة مع صراحة نصها ووضوح عباراتها تدل بجلاء على أن الجاني في هذه الجريمة يجب أن يكون من غير حائزي المكان أو المشاركين في حيازته، وبذلك تخرج عن نطاق تطبيق هذه المادة المنازعات المدنية بين حائزي المكان الواحد أو المشاركين فيه إذا توافرت لكل منهم شروط الحيازة الجديرة بالحماية. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن كلاً من المجني عليه - المدعي بالحقوق المدنية - والطاعنة - له حيازة بالعين موضوع النزاع وبذلك صدر قرار النيابة العامة في منازعة الحيازة وأورده الحكم - وأيده بتمكين......... في حيازة منطقة الردود موضوع النزاع مع حماية حق انتفاع لـ........... - الطاعنة - وبمنع تعرض كل منهما للآخر والغير لهما في ذلك ومن ثم فقد توافرت لكل منهما شروط الحيازة الفعلية الجديرة بالحماية ومن ثم فإن النزاع بينهما على تلك الحيازة وهو ما تمثل في منع الطاعنة للمدعي بالحقوق المدنية من دخول عين النزاع لا يعدو تعرضاً مدنياً لا تتوافر فيه أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 370 من قانون العقوبات سالفة الذكر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - لما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى الجنائية ببراءة الطاعنة مما هو منسوب إليها - خاصة وأن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة - لا يندرج تحت أي وصف قانوني آخر يجرمه القانون.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة ببراءة الطاعنة أساسه هو عدم وجود جريمة في الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية وأن النزاع بين الطاعنة والمدعي بالحقوق المدنية هو نزاع مدني بحت فإنه يتعين القضاء في الدعوى المدنية بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنة مما هو منسوب إليها وبعدم اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها دخلت بوجه قانوني أحد ملحقات بيت مسكون في حيازة......... وهو حديقة العقار وبقيت فيه قاصدة من ذلك منع حيازته بالقوة. وطلبت عقابها بالمادتين 370، 373 مكرراً/ 2 من قانون العقوبات. وادعى....... مدنياً قبل المتهمة بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام أولاً: بتغريم المتهمة خمسين جنيهاً وتأييد قرار قاضي الحيازة وإلزامها بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت المحكوم عليها والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً أولاً بقبول استئناف المتهمة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وبعدم قبول استئناف المدعي بالحقوق المدنية للتقرير به بعد الميعاد.
فطعن الأستاذ/.......... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة دخول ملحق عقار في حيازة أخر بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يستظهر ركن القوة في ارتكابها لهذه الجريمة مما تنتفي معه هذه الجريمة في حقها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعنة بوصف أنها....... دخلت بوجه قانوني أحد ملحقات بيتاً مسكوناً في حيازة......... وهو حديقة العقار......... وبقيت فيه قاصدة من ذلك منع حيازته له بالقوة... وطلبت النيابة العامة معاقبتها بالمادتين 370، 373 من قانون العقوبات، إذ جرى نصها على أنه "كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معداً للسكنى أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة أخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه" وقد وردت في الباب الرابع عشر من قانون العقوبات وهو خاص بانتهاك حرمة ملك الغير - فإن تلك المادة مع صراحة نصها ووضوح عباراتها تدل بجلاء على أن الجاني في هذه الجريمة يجب أن يكون من غير حائزي المكان أو المشاركين في حيازته. وبذلك تخرج عن نطاق تطبيق هذه المادة المنازعات المدنية بين حائزي المكان الواحد أو المشاركين فيه إذا توافرت لكل منهم شروط الحيازة الجديرة بالحماية. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن كلاً من المجني عليه - المدعي بالحقوق المدنية - والطاعنة - له حيازة بالعين موضوع النزاع وبذلك صدر قرار النيابة العامة في منازعة الحيازة وأورده الحكم - وأيده بتمكين........... في حيازة منطقة الردود موضوع النزاع مع حماية حق انتفاع............ - الطاعنة - وبمنع تعرض كل منهما للآخر والغير لهما في ذلك ومن ثم فقد توافرت لكل منهما شروط الحيازة الفعلية الجديرة بالحماية ومن ثم فإن النزاع بينهما على تلك الحيازة وهو ما تمثل في منع الطاعنة للمدعي بالحقوق المدنية من دخول عين النزاع لا يعدو تعرضاً مدنياً لا تتوافر فيه أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 370 من قانون العقوبات سالفة الذكر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى الجنائية ببراءة الطاعنة مما هو منسوب إليها - خاصة وأن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة - لا يندرج تحت أي وصف قانوني آخر يجرمه القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة ببراءة الطاعنة أساسه هو عدم وجود جريمة في الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية وأن النزاع بين الطاعنة والمدعي بالحقوق المدنية هو نزاع مدني بحت فإنه يتعين القضاء في الدعوى المدنية بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنة مما هو منسوب إليها وبعدم اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية وذلك بغير حاجة لبحث باقي ما تثيره الطاعنة مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية
.

الطعن 13364 لسنة 64 ق جلسة 23 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 204 ص 1414

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة وشبل حسن.

----------------

(204)
الطعن رقم 13364 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(3) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش والاعتراف. غير مجد. ما دام لم يستند الحكم في الإدانة إلى أي دليل مستمد منهم. أساس ذلك؟
(4) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه.
مثال.
(5) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك من الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات. ما دامت مطروحة على بساط البحث.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
مثال.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". اختصاص "الاختصاص الولائي" "الاختصاص النوعي".
الأصل في الأعمال الإجرائية. جريانها على حكم الظاهر. هي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع.
الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده. عمل باطل.
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي. غير مقبول أمام النقض.
(9) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الحكم الطاعن بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة بعد ذكرها. يتحقق به مراد الشارع من إيجاب الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن. ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - من المقرر أن تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن النعي بشأن تناقض أقوال المجني عليه، لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، ومن استدلاله أنه بني قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها والمستمدة من أقوال شاهدي الإثبات، وهو دليل مستقل منبت الصلة عن القبض والتفتيش والاعتراف المدعي ببطلانهم، ولم يعول الحكم على أي دليل مستمد من القبض أو التفتيش أو الاعتراف، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الشأن. لما كان من المقرر أن بطلان القبض والاعتراف لا يحول دون أخذ القاضي بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنها والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها القبض والاعتراف المقول ببطلانهما.
4 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإنه لا يقبل من الطاعن الأول ما يثيره من أن اصطحاب الضابط للطاعن الرابع إلى منزله كان بناء على قبض واستجواب باطلين، فإن ما يثيره الطاعن المذكور في الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهدين الواردة بالتحقيقات والمحكمة وأمرت بتلاوتها وتليت، ولم يثبت أن الطاعن الأول قد اعترض على ذلك أو طلب هو أو المدافع عنه سماع أقوالهما، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين الثالث والرابع لم يثر أمام محكمة الموضوع الدفع بعدم اختصاص محرر محضر ضبط الواقعة باتخاذ إجراءات الضبط والتحقيق لوجود مساهمين مدنيين من بين المتهمين فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة إغفالها الرد على دفاع ما يثيراه أمامها.
7 - من المقرر أنه لا ينال من الحكم ما اتضح - من بعد - من أن الاختصاص معقود لجهة القضاء العادي اعتباراً بأن الطاعنين الأول والثاني والرابع - شركاء في جريمة سرقة بإكراه - من غير الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية، وأن التهمة المسندة إلى الطاعن الثالث، وهي الاشتراك في سرقة بالإكراه - ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من هذا القانون ولم تقع بسبب تأدية أعمال وظيفته، على ما يقضي به مفهوم المخالفة لنص المادة 7/ 2 منه - ذلك أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع، كما أن من البداهة أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون خلافات عن معاملات تجارية ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد واقعة الدعوى خلص إلى إدانة الطاعنين بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة وذلك بعد ذكرها، بما يتحقق به مراد الشارع من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ..... (طاعن) 2 - .... (طاعن) 3 - ... 4 - ..... (طاعن) 5 - ..... (طاعن) بأنهم 1 - المتهمون من الأول إلى الثالث: سرقوا المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق المملوك لـ...... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استوقفوه حال سيره بالطريق العام وشهروا في وجهه أسلحة بيضاء "سنجتان" وآلة راضة "حديدة" وهددوه باستخدامهم، فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على نقوده على النحو المبين بالأوراق. 2 - المتهمان الرابع والخامس: اشتركا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين سالفي الذكر على سرقة المجني عليه المذكور بأن حرضاهم على سرقته واتفقا معهم على كيفية إتمامها وساعداهم بأن أمداهم بالأسلحة اللازمة واستدرجا المجني عليه لمكان الحادث على النحو المبين بالأوراق. 3 - المتهمون جميعاً: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية السرقة بالإكراه بأن اتفقوا على استدراج المجني عليه واستيقافه حال سيره بالطريق العام صحبة المتهم الرابع وتهديده بالسلاح بغرض سرقة نقوده. 4 - المتهمان الأول والثالث: أحرزا أسلحة بيضاء "سنجتان" دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية بالمخالفة لأحكام القانون. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للمتهم الثالث وحضورياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 40، 41، 48/ 2.1، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والخامس والأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الاتفاق الجنائي ودان الطاعنين الأول والثاني بجريمة السرقة بالإكراه والطاعنين الثالث والرابع بالاشتراك فيها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على مخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان، ذلك أنه عول على أقوال المجني عليه وهي لا تصلح دليلاً لتناقض أقواله، ورد بما لا يكفي أو يصلح رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش وضبط الأسلحة المستخدمة في الحادث والمبلغ المسروق خاصة وأن الطاعنين الأول والثاني والرابع من المدنيين الذين لا يخضعون لقانون الأحكام العسكرية، واستند في ذلك إلى ما يخالف الثابت بالأوراق ذلك أن الشاهد الثاني ضابط الشرطة العسكرية المحقق محرر محضر الضبط قام بالقبض على الطاعنين الأول والثاني والرابع وتفتيش الأول والثالث ومسكنه بدون إذن من النيابة العامة وفي غير حالة التلبس، وأن الطاعن الثالث أرسل مقبوضاً عليه للشاهد المذكور على خلاف ما حصله الحكم من أنه قد استدعاهم فحضروا إليه طواعية واختياراً، كما أغفل الحكم الرد على الدفع ببطلان الاعتراف لحصوله نتيجة قبض باطل على الطاعنين وإكراه واقع على الطاعن الأول وطلب هذا الطاعن سماع أقوال المجني عليه والضابط محرر محضر الضبط، والتفت الحكم إيراداً ورداً على الدفع بعدم اختصاص الشاهد الثاني باتخاذ إجراءات الضبط والتحقيق لوجود مدنيين بين المتهمين وكذلك دفاعهم بأن حقيقة الواقعة هي معاملات تجارية بين المجني عليه والطاعنين ويضيف الطاعن الثاني أن الحكم خلا من بيان نصه القانون الذي حكم بموجبه كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي بشأن تناقض أقوال المجني عليه، لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم في تطبيق القانون لبطلان القبض والتفتيش ومخالفته الثابت في الأوراق في اطراحه دفعهم في هذا الشأن، وأغفل الرد على دفعهم ببطلان الاعترافات لحصولها نتيجة قبض باطل وإكراه واقع عليهم. مردوداً - بفرض صحته - بأن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، ومن استدلاله أنه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها والمستمدة من أقوال شاهدي الإثبات، وهو دليل مستقل منبت الصلة عن القبض والتفتيش والاعتراف المدعي ببطلانهم، ولم يعول الحكم على أي دليل مستمد من القبض أو التفتيش أو الاعتراف، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الشأن، لما هو مقرر من أن بطلان القبض والاعتراف لا يحول دون أخذ القاضي بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنها والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها القبض والاعتراف المقول ببطلانهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، فإنه لا يقبل من الطاعن الأول ما يثيره من أن اصطحاب الضابط للطاعن الرابع إلى منزله كان بناء على قبض واستجواب باطلين، فإن ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهدين الواردة بالتحقيقات، والمحكمة وأمرت بتلاوتها وتليت، ولم يثبت أن الطاعن الأول قد اعترض على ذلك أو طلب هو أو المدافع عنه سماع أقوالهما، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين الثالث والرابع لم يثر أمام محكمة الموضوع الدفع بعدم اختصاص محرر محضر ضبط الواقعة باتخاذ إجراءات الضبط والتحقيق لوجود مساهمين مدنيين من بين المتهمين فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثيراه أمامها، وفضلاً عن ذلك، فإنه لا ينال من الحكم ما اتضح - من بعد - من أن الاختصاص معقود لجهة القضاء العادي اعتباراً بأن الطاعنين الأول والثاني والرابع - شركاء في جريمة سرقة بإكراه - من غير الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية، وأن التهمة المسندة إلى الطاعن الثالث، وهي الاشتراك في سرقة بالإكراه - ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من هذا القانون، ولم تقع بسبب تأدية أعمال وظيفته، على ما يقضي به مفهوم المخالفة لنص المادة 7/ 2 منه - ذلك أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع، كما أن من البداهة أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون خلافات عن معاملات تجارية ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد واقعة الدعوى خلص إلى إدانة الطاعنين بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة وذلك بعد ذكرها، بما يتحقق به مراد الشارع من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 11430 لسنة 60 ق جلسة 23 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 203 ص 1410

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه نائبي رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن.

------------------

(203)
الطعن رقم 11430 لسنة 60 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الشيك في حكم المادة 337 عقوبات. تعريفه؟
السبب في إصدار الشيك. لا يغير من طبيعته.
مثال.
(2) شيك بدون رصيد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جمع الشخص بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه في الشيك. جائز.
التفات الحكم عن دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
(3) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الوفاء اللاحق بقيمة الشيك أو قبل تاريخ استحقاقه. لا ينفي قيام الجريمة. ما دام صاحبه لم يسترده في الحالة الأخيرة.

------------------
1 - من المقرر أن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغنى عن استعمال النقود في المعاملات، وما دام أنه قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون، فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أن الشيك تحرر ضماناً لعملية مرابحة من البنك المدعي بالحقوق المدنية، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات، ولا جناح على الحكم إن هو أعرض عما يثيره الطاعن بشأن السبب الذي حدى به إلى إصدار الشيك.
2 - لما كان القانون لا يمنع أن يجمع شخص واحد بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه، فإن ما تمسك به الطاعن في هذا الشأن - بفرض إثارته - لا يعدو أن يكون دفاعاً ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه.
3 - من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن صاحب الشيك لم يسترده من المجني عليه، كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم ثان طنطا ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغنى عن استعمال النقود في المعاملات، وما دام أنه قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون. فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أن الشيك تحرر ضماناً لعملية مرابحة من البنك المدعي بالحقوق المدنية، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات، ولا جناح على الحكم إن هو أعرض عما يثيره الطاعن بشأن السبب الذي حدى به إلى إصدار الشيك، ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لا يمنع أن يجمع شخص واحد بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه، فإن ما تمسك به الطاعن في هذا الشأن - بفرض إثارته - لا يعدو أن يكون دفاعاً ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن صاحب الشيك لم يسترده من المجني عليه، كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً، ويتعين التقرير بذلك.

الطعن 47522 لسنة 59 ق جلسة 23 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 202 ص 1406

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.

------------------

(202)
الطعن رقم 47522 لسنة 59 القضائية

(1) أحداث. محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حضور محام للدفاع عن المتهم الحدث في الجنايات. واجب. علة وأساس ذلك؟
تخلف المحامي. منتدباً كان أو موكلاً في جناية عن الدفاع عن المتهم أو تعيين من يقوم مقامه في الدفاع عنه. عقوبته. الغرامة والمحاكمة التأديبية إذا اقتضى الأمر. المادة 375 إجراءات.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب سماع المحكمة مرافعة المحامي الموكل عن المتهم. عدم إجابة المحكمة المحامي إلى طلب التأجيل. يوجب عليها تنبيهه إلى الرفض. علة ذلك؟
اقتصار المدافع عن الطاعن على طلب التأجيل دون المرافعة. إدانة المحكمة الطاعن دون تنبيهه إلى رفض ذلك الطلب. يعيب إجراءات المحاكمة.
(3) استئناف "نطاقه" محكمة ثان درجة. أحداث. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الاستئناف يعيد طرح الدعوى برمتها على محكمة الدرجة الثانية. مؤدى ذلك؟

----------------
1 - لما كان القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد أوجب في الفقرة الأولى من المادة 33 منه أن يكون للحدث في مواد الجنايات محام يدافع عنه، تطبيقاً للقاعدة الأساسية التي أوجبها الدستور في الفقرة الثانية من المادة 67 منه، وهي أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا يؤتي هذا الضمان ثمرته إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع، وحرصاً من الشارع على فاعليه هذا الضمان الجوهري قد فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدباً كان أو موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية - إذا هو لم يدافع عنه، أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عنه، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال.
2 - من المقرر أنه متى عَهِدَ المتهم إلى محام بمهمة الدفاع، فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته، وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه، وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المعارضة الاستئنافية أن الحاضر مع الطاعن قد اقتصر على طلب التأجيل ولم يترافع عنه أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة له وانتهت المحكمة إلى إدانة الطاعن دون أن تنبه المدافع عنه إلى رفضها طلب التأجيل، فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع، وهو أيضاً واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية، يكون قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، حتى يتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانوناً.
3 - من المقرر أن الاستئناف يعيد طرح الدعوى برمتها على محكمة الدرجة الثانية مما لازمه أن تتحقق في المحاكمة أمامها ذات ضمانات الدفاع التي أوجبها القانون لكل متهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب..... عمداً بأداة راضه "عصا" فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاًً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت عقابه بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات و1، 15/ 1 - 2 من القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث. ومحكمة أحداث قسم أول أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين. استأنف ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بسقوط الاستئناف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة الذي دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحامي الحاضر معه طلب تأجيل نظر الدعوى للاطلاع والاستعداد، إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وفصلت في الدعوى دون أن تمكنه من إبداء دفاعه، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المعارضة الاستئنافية أن الحاضرين مع الطاعن قد اقتصرا على طلب تأجيل الدعوى، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وقضت بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد أوجب في الفقرة الأولى من المادة 33 منه أن يكون للحدث في مواد الجنايات محام يدافع عنه، تطبيقاً للقاعدة الأساسية التي أوجبها الدستور في الفقرة الثانية من المادة 67 منه، وهي أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقاً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا يؤتي هذا الضمان ثمرته إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع، وحرصاً من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهري قد فرض عقوبة الغرامة من المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدباً كان أو موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية - إذا هو لم يدافع عنه، أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عنه، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال، وأنه متى عَهِدَ المتهم إلى محام بمهمة الدفاع، فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته، وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه، وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المعارضة الاستئنافية أن الحاضر مع الطاعن قد اقتصر على طلب التأجيل ولم يترافع عنه أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة له وانتهت المحكمة إلى إدانة الطاعن دون أن تنبه المدافع عنه إلى رفضها طلب التأجيل، فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع، وهو أيضاً واجب على المحكمة حيث يكون الاتهام بجناية، يكون قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، حتى يتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانوناً. ولا يمنع من ذلك أن تكون ضمانات الدفاع عن الطاعن قد تحققت أمام محكمة أول درجة، لما هو مقرر أن الاستئناف يعيد طرح الدعوى برمتها على محكمة الدرجة الثانية مما لازمه أن تتحقق في المحاكمة أمامها ذات ضمانات الدفاع التي أوجبها القانون لكل متهم.

الطعن 26818 لسنة 64 ق جلسة 22 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 201 ص 1401

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

----------------

(201)
الطعن رقم 26818 لسنة 64 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأمناء على الودائع. ماهيتهم؟
مثال.
(2) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها".
رد مقابل المال المتصرف فيه. لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس.
(3) عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها. موضوعي.
(4) نقض "أسباب الطعن. تحديدها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً.
الدفاع الموضوعي لا يستوجب رداً. استفادة الرد من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة.

-----------------
1 - لما كان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع على شخص من ذوي الصفة العمومية اؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال، ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته، أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به، أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري - فإذا كان الثابت من الحكم أن المتهم هو يعمل أميناً للتوريدات بمدرسة...... التابعة لوزارة التربية والتعليم قد تسلم 419 استمارة نجاح لدبلوم التجارة الثانوية عن عام 1990 من مخازن مديرية التربية والتعليم بـ...... بصفته الوظيفية ثم اختلس قيمتها - وقد اعترف المتهم بذلك، فإن الحكم إذ اعتبره من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني مقابل المال الذي تصرف فيه لأن الظروف التي تَعرِض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعى الطاعن بأنه قام بسداد المبلغ المختلس لا يكون له محل.
3 - لما كان النعي بأن المحكمة لم تعامل الطاعن بمزيد من الرأفة لسداده المبلغ المختلس وعدم وجود سوابق له ولكونه العائل الوحيد لأسرة كبيرة ومن مصابي حرب أكتوبر وأن المحكمة التأديبية لم تقم بفصله واكتفت بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
4 - لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أبداها ولم يحددها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً (أمين توريدات بمدرسة........ التابعة لوزارة التربية والتعليم إحدى وحدات الدولة) اختلس مبلغ 3771 جنيه والمملوك للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع وسلم إليه هذا المال بهذه الصفة على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بـ....... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 ( أ )، 118، 119، 199 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وتغريمه مبلغ 3771 جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن ليس من الأمناء على الودائع لعدم حصوله على مؤهل يؤهله لشغل تلك الوظيفة حسب تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، فضلاً على أنه قام بسداد المبلغ المختلس مما ينفي عنه نية الاختلاس، هذا إلى أنه كان يتعين على المحكمة وقد أعملت في حقه المادة 17 من قانون العقوبات أن تنزل بالعقوبة إلى الحبس البسيط لمدة لا تقل عن ستة شهور لكونه قد سدد المبلغ المختلس وعدم وجود سوابق له ولكونه العائل الوحيد لأسرة كبيرة ومن مصابي حرب أكتوبر وأن المحكمة التأديبية لم تقم بفصله واكتفت بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وأخيراً التفتت المحكمة عن دفاع الطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة العمومية اؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال، ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته، أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به، أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نُظمت بأمر كتابي أو إداري - فإذا كان الثابت من الحكم أن المتهم هو يعمل أميناً للتوريدات بمدرسة....... التابعة لوزارة التربية والتعليم قد تسلم 419 استمارة نجاح لدبلوم التجارة الثانوية عن عام 1990 من مخازن مديرية التربية والتعليم بـ....... بصفته الوظيفية ثم اختلس قيمتها - وقد اعترف المتهم بذلك، فإن الحكم إذ اعتبره من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني مقابل المال الذي تصرف فيه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعى الطاعن بأنه قام بسداد المبلغ المختلس لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامل الطاعن بمزيد من الرأفة لسداده المبلغ المختلس وعدم وجود سوابق له ولكونه العائل الوحيد لأسرة كبيرة ومن مصابي حرب أكتوبر وإن المحكمة التأديبية لم تقم بفصله واكتفت بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أبداها ولم يحددها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 26297 لسنة 64 ق جلسة 22 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 200 ص 1392

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

---------------

(200)
الطعن رقم 26297 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "إقرار". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الإقرار القضائي وغير القضائي. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استجواب.
لمأمور الضبط القضائي سؤال المتهم عن التهمة المسندة إليه دون استجوابه وإثبات ما يجيب به المتهم بمحضره. أساس ذلك؟
للمحكمة الاستناد في حكمها إلى ما ورد بمحضر الاستجواب. شرط ذلك؟
للمحكمة التعويل على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات. متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدرات فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها".
التحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة. غير لازم. حد ذلك؟
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
عدم وجود معرفة سابقة بين شخصية مجرى التحريات والمأذون بتفتيشه وعدم إيراد محل إقامة الطاعن تحديداً. غير قادح في جدية التحريات.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بصدور الأذن بعد الضبط والتفتيش.
(7) محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. أساس ذلك؟
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة والحكم. غير جائز إلا بالطعن بالتزوير.

-----------------
1 - من المقرر أن الإقرار بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وكان من المقرر أيضاً، طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك إقراره بارتكاب الجريمة، ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد فيه ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة، ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات في هذا الشأن ما دامت قد اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع.
2 - لما كان الطاعن لا يماري في أنه سئل من مأمور الضبط القضائي بمحضر جمع الاستدلالات عن التهمة المسندة إليه ولا يدعي خلاف ما أثبته في محضره من إقراره له عند مواجهته بالمضبوطات والمواد المخدرة بإحرازه لها، وكان الحكم قد أورد مؤدى ذلك الإقرار - الغير قضائي - سواء في تحصيله لواقعة الدعوى أو في إيراده لأقوال شاهد الإثبات، ثم أورد مؤداه في بيان كاف، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور والخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
3 - لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز على ما ثبت في تقرير التحليل من أوزانه إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.
4 - من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً للدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء في معرض تحصيله الواقعة أو رده على دفاع الطاعن أن ما ساقه من أدلة ومن بينها إقرار الطاعن لضابط الواقعة عند مواجهته بالمخدر عقب ضبطه إثر تفتيشه وعثوره عليهما مخبأين في جسده وكمر بنطاله بإحرازه له فإن ذلك كافياً في الدلالة على توافر العلم لدى الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، هذا إلى أن عدم وجود معرفة سابقة شخصية بين مجرى التحريات والمأذون بتفتيشه وعدم إيراد محل إقامته تحديداً لا يقدح في جدية ما تضمنه محضر التحريات.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الأذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي الرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الأذن آخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله "وحيث إنه رداً على ما أثاره الدفاع بخصوص إلقاء القبض على المتهم قبل صدور إذن النيابة العامة فالثابت أن الضابط قام باستصدار إذناً من النيابة العامة بتفتيش المتهم في 13/ 4/ 1994 الساعة 11.15 صباحاً وقام بتنفيذ الأذن في ذات التاريخ حوالي الساعة 10.30 مساء حيث قام بضبط المتهم حال جلوسه على أحد المقاهي بشارع...... مما يدل بداهة على أن الضابط قام بإلقاء القبض على المتهم تنفيذاً لإذن التفتيش الصادر من النيابة العامة والذي سبق صدوره قبل إلقاء القبض على المتهم وإن قالة الدفاع بهذا الخصوص لا تساندها الوقائع ولا القانون يتعين الالتفات عنها". وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
7 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه صدر بجلسة 20/ 10/ 1993 وهو ما يتفق وما ثبت في الحكم في هذا الشأن، وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة وما أثبته الحكم أيضاً إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله فإنه لا يقبل منه ما يثيره في هذا الخصوص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم...... بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر وذلك باعتبار أن الإحراز مجرد من أحد القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات ذلك أن الحكم عول من ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن على إقراره بمحضر جمع الاستدلالات دون أن يورد مضمونه وأطرح دفاعه باختلاف وزن المخدر المضبوط عما تم تحليله مما لا يسوغ إطراحه وأغفل دفاعه القائم على انتفاء صلته وعلمه بكنه المادة المخدرة ورد على دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان ذلك الأذن لإبتنائه على تحريات غير جدية على سند عدم بيان مجرى التحريات معرفته بشخص الطاعن والخطأ في محل إقامته - وفضلاً عن أن الحكم صدر وتلي بتاريخ 17/ 10/ 1993 وهو تاريخ سابق على التاريخ الذي أثبت بمحضر الجلسة - 20/ 10/ 1993 - مما ينبئ على أن المحكمة كونت رأيها وأصدرت حكمها في تاريخ سابق على تاريخ المحاكمة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وإقرار الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات وتقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإقرار بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وكان من المقرر أيضاً طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك إقراره بارتكاب الجريمة، ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد فيه ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات في هذا الشأن ما دامت قد اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أنه سئل من مأمور الضبط القضائي بمحضر جمع الاستدلالات عن التهمة المسندة إليه ولا يدعي خلاف ما أثبته في محضره من إقراره له عند مواجهته بالمضبوطات والمواد المخدرة بإحرازه لها، وكان الحكم قد أورد مؤدى ذلك الإقرار - الغير قضائي - سواء في تحصيله لواقعة الدعوى أو في إيراده لأقوال شاهد الإثبات، ثم أورد مؤداه في بيان كاف، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور والخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز على ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً للدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء في معرض تحصيله الواقعة أو رده على دفاع الطاعن أن ما ساقه من أدلة ومن بينها إقرار الطاعن لضابط الواقعة عند مواجهته بالمخدر عقب ضبطه إثر تفتيشه وعثوره عليهما مخبأين في جسده وكمر بنطاله بإحرازه له فإن ذلك كافياً في الدلالة على توافر العلم لدى الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، هذا إلى أن عدم وجود معرفة سابقة شخصية بين مجرى التحريات والمأذون بتفتيشه وعدم إيراد محل إقامته تحديداً لا يقدح في جدية ما تضمنه محضر التحريات. ولما كان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن على أن لها أصل ثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الأذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الأذن آخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله "وحيث إنه رداً على ما أثاره الدفاع بخصوص إلقاء القبض على المتهم قبل صدور إذن النيابة العامة فالثابت أن الضابط قام باستصدار إذناً من النيابة العامة بتفتيش المتهم في 13/ 4/ 1994 الساعة 11.15 صباحاً وقام بتنفيذ الأذن في ذات التاريخ حوالي الساعة 10.30 مساءً حيث قام بضبط المتهم حال جلوسه على أحد المقاهي بشارع....... مما يدل بداهة على أن الضابط قام بإلقاء القبض على المتهم تنفيذاً لإذن التفتيش الصادر من النيابة العامة والذي سبق صدوره قبل إلقاء القبض على المتهم وأن قالة الدفاع بهذا الخصوص لا تساندها الوقائع ولا القانون يتعين الالتفات عنها". وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه فإن نعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه صدر بجلسة 20/ 10/ 1993 وهو ما يتفق وما ثبت في الحكم في هذا الشأن. وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة وما أثبته الحكم أيضاً إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله فإنه لا يقبل منه ما يثيره في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 26296 لسنة 64 ق جلسة 22 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 199 ص 1386

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

------------------

(199)
الطعن رقم 26296 لسنة 64 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المكاني". مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المكاني". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه لعدم اختصاص الضابط مكانياً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) نقض "أسباب الطعن. تحديدها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على الحكم عدم رده على أوجه الدفاع دون بيانها. أثره: عدم قبوله.

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم اختصاصه مكانياً بإجرائهما وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش بمقولة أنه صدر بناء على تحريات قام بها النقيب..... الذي يعمل ضابطاً بقسم مكافحة المخدرات بالجيزة في حين أن المتهم يقيم في دائرة قسم مصر القديمة ثم صدر إذن التفتيش من نيابة مخدرات القاهرة تندب فيه هذا الضابط وهو غير مختص مكانياً بتفتيش شخص ومسكن المتهم فهو دفع مردود ذلك أنه من المقرر أن المادة 49 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط..... صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية، ومفاد ذلك أن صفة الضبطية القضائية تكون ثابتة لكل ضابط من ضباط إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ويكون اختصاصهم شاملاً أنحاء الجمهورية. لما كان ذلك، فإن ما قام به النقيب....... الضابط بقسم مكافحة مخدرات الجيزة بشأن التحري عن المتهم الماثل..... وإثبات ذلك في محضره المؤرخ 24/ 12/ 1992 الساعة العاشرة صباحاً ثم استصداره إذناً من نيابة مخدرات القاهرة في ذات التاريخ الساعة الثانية عشر ظهراً وندبه هو ومن يندبه أو يعاونه من مأموري الضبط القضائي المختصين لتفتيش شخص ومسكن المتهم. ثم قيامه بتنفيذ هذا الإذن، وبتفتيشه المتهم ومسكنه وضبط ما يحرزه ويحوزه من مواد مخدرة، كل هذه الإجراءات صادفت صحيح القانون، ولم يتجاوز فيها مأمور الضبط أو وكيل النيابة اختصاصه المكاني. ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع". ولما كان هذا الذي ساقه الحكم رداً للدفع صحيحاً في القانون، فإنه غير مجد ما يثيره الطاعن في شأن عدم اختصاص الضابط - الذي قام بتنفيذ إذن التفتيش وهو ضابط بقسم مكافحة المخدرات بالجيزة - مكانياً بإجراء القبض على الطاعن وتفتيشه ومسكنه بدعوى أن المتهم يقيم في محافظة غير التي يعمل فيها الضابط.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى تلفيق الاتهام له ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز جوهرين مخدرين "حشيش وأفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 34/ 1 ( أ )، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز وحيازة جوهرين مخدرين بقصد الاتجار. قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. ذلك بأنه سوغ تفتيش شخص ومسكن الطاعن رغم عدم اختصاص مجريه مكانياً، فضلاً عن تلفيق الاتهام لقيام خلاف بين الطاعن وشقيق ضابط الشرطة الذي ضبط واقعة الدعوى كما أن الحكم التفت عما أبدى من دفوع أمام المحكمة، وكل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جوهرين مخدرين بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات، ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم اختصاصه مكانياً بإجراءهما وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش بمقولة أنه صدر بناء على تحريات قام بها النقيب........ الذي يعمل ضابط بقسم مكافحة المخدرات بالجيزة في حين أن المتهم يقيم في دائرة قسم مصر القديمة ثم صدر إذن التفتيش من نيابة مخدرات القاهرة تندب فيه هذا الضابط وهو غير مختص مكانياً بتفتيش شخص ومسكن المتهم فهو دفع مردود ذلك أنه من المقرر أن المادة 49 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط....... صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية. ومفاد ذلك أن صفة الضبطية القضائية تكون ثابتة كل ضابط من ضباط إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها، ويكون اختصاصهم شاملاً أنحاء الجمهورية. لما كان ذلك، فإن ما قام به النقيب...... الضابط بقسم مكافحة مخدرات الجيزة بشأن التحري عن المتهم الماثل والمقيم.......... بمنيل الروضة قسم مصر القديمة وإثبات ذلك في محضره المؤرخ......... الساعة العاشرة صباحاً ثم استصداره إذناً من نيابة مخدرات القاهرة في ذات التاريخ الساعة الثانية عشر ظهراً وندبه هو ومن يندبه أو يعاونه من مأموري الضبط القضائي المختصين لتفتيش شخص ومسكن المتهم، ثم قيامه بتنفيذ هذا الأذن. وبتفتيشه المتهم ومسكنه وضبط ما يحرزه ويحوزه من مواد مخدرة، كل هذه الإجراءات صادفت صحيح القانون، ولم يتجاوز فيها مأمور الضبط أو وكيل النيابة اختصاصه المكاني. ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع". ولما كان هذا الذي ساقه الحكم رداً للدفع صحيحاً في القانون، فإنه غير مجد ما يثيره الطاعن في شأن عدم اختصاص الضابط - الذي قام بتنفيذ إذن التفتيش وهو ضابط بقسم مكافحة المخدرات بالجيزة - مكانياً بإجراء القبض على الطاعن وتفتيشه ومسكنه بدعوى أن المتهم يقيم في محافظة غير التي يعمل فيها الضابط. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى تلفيق الاتهام له ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً. فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الجمعة، 12 يناير 2018

الطعن 7441 لسنة 61 ق جلسة 21 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 175 ص 1214

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.

-----------------

(175)
الطعن رقم 7441 لسنة 61 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
التوقيع على ظهر الشيك. اعتباره تظهيراً ناقلاً للملكية. ما لم يثبت صاحب الشأن أن المراد به أن يكون تظهيراً توكيلياً.
جريان العادة على أن تظهير المستفيد للشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً. مؤدى ذلك؟
تظهير الشيك تظهيراً توكيلياً. لا يعطى البنك صفة في الادعاء مدنياً قبل الساحب عن إصداره له بغير رصيد.
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية". شيك بدون رصيد.
رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية استثناء. شرط ذلك؟
دفاع الطاعن بانعدام صفة البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً في الادعاء مدنياً قبل الساحب أمام المحكمة الجنائية. في حقيقته دفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما من غير ذي صفة.
(3) دعوى جنائية "تحريكها" "نظرها والحكم فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها. أثره: وجوب القضاء بعدم قبولها. أساس ذلك؟
(4) دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". تعويض. شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
عدم قبول الدعوى الجنائية. أثره: عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض على الرغم من إقامة الدعوى من غير ذي صفة. خطأ في القانون. يوجب النقض وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية.

---------------
1 - من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً. وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم على دفاع الطاعن والذي يدور حول حق البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً في اتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيله درءاً لمسئوليته في مواجهة المستفيد وإن كان صحيحاً في نطاق العلاقة بين البنك والمظهر إلا أنه لا يعطي للبنك صفة في أن يقيم من نفسه مدعياً بالحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية قبل ساحب الشيك عن جريمة إصداره له بغير رصيد إذ لم يلحقه ضرر مباشر نتج عن هذه الجريمة ويسوغ له الادعاء مدنياً عنها أمام المحاكم الجنائية.
2 - من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة في موضوع الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم لا يواجه دفاع الطاعن - بعدم ملكية المدعي بالحق المدني للشيك ملكية خالصة وإنما كان برسم التحصيل - ، ولما كان الثابت بمدوناته أن تظهير الشيك إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية كان تظهيراً توكيلياً لتحصيل قيمته، وكان دفاع الطاعن المار - وفقاً لما أورده الحكم المطعون فيه بشأنه، هو في حقيقته دفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما من غير ذي صفة.
3 - من المقرر أن الدعوى العمومية إذا أقيمت على متهم ممن لا يملك رفعها قانوناً فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوناً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ولذا يتعين عليها القضاء بعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وبصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه في أية مرحلة من مراحل الدعوى بل على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها.
4 - من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي تابعة للدعوى الجنائية، فإذا كانت الأخيرة غير مقبولة تعين القضاء بعدم قبول الأولى أيضاً. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بغير رصيد التي أقامها البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً وهو غير ذي صفة، ورتب على ذلك إلزامه بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية وبعدم قبولهما.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الشرق ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياًً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة بورسعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب. ذلك بأن الطاعن قام على أن تظهير الشيك إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية كان توكيلياً وليس ناقلاً للملكية وآزر دفاعه ذاك بمستندات تثبته وبما ورد بالترجمة الرسمية للشيك موضوع الدعوى من أنه ظُهر إلى البنك برسم التحصيل، ولكن الحكم رد على هذا الدفاع رداً لا يواجهه ويخالف صحيح القانون. مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت نقلاً من الترجمة الرسمية لبيانات تظهير الشيك ومن المستندات التي قدمها الطاعن أن الشيك موضوع الدعوى صدر أصلاً لصالح شركة.... وأن البنك - المدعي بالحقوق المدنية - يطالب بقيمته برسم التحصيل نيابة عن المستفيد الأصلي، وقد حصل الحكم دفاع الطاعن المشار إليه بوجه الطعن ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدعوى المدنية وكان المتهم قد دفع بعدم قبول الدعوى المدنية على سند من أن الشيك ليس مملوكاً للمدعي بالحق المدني ملكاً خالصاً وإنما كان برسم التحصيل..... وحيث إنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجوز تظهير الشيك لإذن تظهيراً توكيلياً، وعلى الوكيل تقديم الشيك للقضاء في المواعيد القانونية، واتخاذ الإجراءات إذا امتنع المسحوب عليه عن دفع قيمة الشيك، وإلا كان الوكيل مسئولاً عن تعويض الضرر الذي قد يلحق المظهر إليه إلا إذا اشترك الوكيل عدم مسئوليته". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً. وقد جرت العادة على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم على دفاع الطاعن والذي يدور حول حق البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً في اتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيله درءاً لمسئوليته في مواجهة المستفيد وإن كان صحيحاً في نطاق العلاقة بين البنك والمظهر إلا أنه لا يعطي للبنك صفة في أن يقيم من نفسه مدعياً بالحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية قبل ساحب الشيك عن جريمة إصداره له بغير رصيد إذ لم يلحقه ضرر مباشر نتج عن هذه الجريمة يسوغ له الادعاء مدنياً عنها أمام المحاكم الجنائية، ذلك أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة في موضوع الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم فيما تقدم لا يواجه دفاع الطاعن، ولما كان الثابت بمدوناته وفق ما سلف أن تظهير الشيك إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية كان تظهيراً توكيلياً لتحصيل قيمته، وكان دفاع الطاعن المار - وفقاً لما أورده الحكم المطعون فيه بشأنه، هو في حقيقته دفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما من غير ذي صفة، وكان من المقرر أن الدعوى العمومية إذا أقيمت على متهم ممن لا يملك رفعها قانوناً فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ولذا يتعين عليها القضاء بعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وبصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه في أية مرحلة من مراحل الدعوى بل على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، وكان من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي تابعة للدعوى الجنائية، فإذا كانت الأخيرة غير مقبولة تعين القضاء بعدم قبول الأولى أيضاً. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بغير رصيد التي أقامها البنك المظهر إليه الشيك تظهيراً توكيلياً وهو غير ذي صفة، ورتب على ذلك إلزامه بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية وبعدم قبولهما وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.