جلسة 7 من ابريل سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم رئيس المحكمة،
وعضوية المستشارين السادة: محمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور، وأحمد فؤاد
جنينه، ومحمد وجدي عبد الصمد، وصلاح الدين بيومي نصار، وأمين أمين عليوة، ونواب
رئيس المحكمة، ومحمد حلمي راغب، وحسن السيد جمعه الكتاتني، وجمال منصور السيد عوض،
وفوزي أحمد المملوك ، المستشارين بالمحكمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطعن 8941 لسنة 50 ق (هيئة عامة)
1
- دفوع "الدفع بشيوع التهمة " . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
الدفع
بشيوع التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً خاصاً . كفاية الرد عليه من أدلة الثبوت
التي أوردها الحكم .
2
– إجراءات "إجراءات المحاكمة " " إجراءات التحقيق". دفاع
"الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره " . نقض " أسباب الطعن مالا يقبل
منها".
النعي
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .
عدم
جواز النعي على الحكم بسبب عيب شاب التحقيق السابق على المحاكمة.
3
- محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة " . عقوبة "
تقديرها".
تقدير
العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع ، مادامت تدخل في حدود العقوبة المقررة قانوناً
.
4
- قانون " أصلح للمتهم " . أسلحة . ذخائر . عقوبة " الاعفاء منها ".
الإعفاء
المقرر بالمادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1978 المعدل للقانون رقم 394 لسنة
1954 بشأن الأسلحة والذخائر . شرط تحققه .
عدم
اعتبار هذا القانون قانوناً اصلح لمن تم ضبطه قبل العمل بأحكامه محرزاً أو حائزاً
لأسلحة أو ذخائر بغير ترخيص . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر أن الدفع
بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء
بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه.
2 - وإذ كان الثابت في
محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر ما ينعاه من إعراض النيابة العامة
عن سماع شهود النفي، ولم يطلب من المحكمة إجراء في هذا الخصوص، فليس له من بعد أن
ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها، ولم ترى هي حاجة لإجرائه
بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة، ولا يعدو منعاه
أن يكون تعييباً للتحقيق الذي تم في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن
يكون سبباً للطعن على الحكم.
3 - تقدير العقوبة في
الحدود المقررة قانوناً هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب وهي غير ملزمة ببيان
الأسباب التي دعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
4 - حيث إنه وقد صدر بعد
تاريخ ارتكاب الجريمة القانون رقم 26 لسنة 1978 بتاريخ 20 مايو سنة 1978 المعمول
به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في أول يونيه سنة 1978 بتعديل القانون رقم 394
لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، ومن بين نصوصه ما أورده بالمادة الرابعة من
تقرير إعفاء من العقاب لمن يقوم خلال شهرين من تاريخ العمل به بتسليم ما يحوزه أو
يحرزه من أسلحة نارية وذخائر إلى قسم الشرطة، وإزاء ما يثور حول مدى اعتبار هذه
المادة قانوناً أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى بما قد يوجب بالتالي على محكمة
النقض - من تلقاء نفسها - أن تنقض الحكم لصالح المتهم عملاً بحقها المخول بالمادة
2/35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض -
فقد رأت الدائرة الجنائية طرح هذه المسألة القانونية على الهيئة العامة للفصل فيها
بالتطبيق لحكم المادة الرابعة فقرة ثانية من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة
1972. وحيث إن نص المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1978 المعدل للقانون رقم
394 لسنة 1954 المشار إليه قد جرى بأنه "يعفى من العقاب كل من يحوز أو يحرز
بغير ترخيص أسلحة نارية أو ذخائر مما تستعمل في الأسلحة المذكورة في تاريخ العمل
بهذا القانون إذا قام بتسليم تلك الأسلحة والذخائر إلى جهة الشرطة الواقع في
دائرتها محل إقامته خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون، ويعفى كذلك من
العقوبات المترتبة عن سرقة الأسلحة والذخائر أو على إخفائها". ولما كان الأصل
العام المقرر بحكم المادتين 66، 187 من الدستور وعلى ما قننته الفقرة الأولى من
المادة الخامسة من قانون العقوبات أنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من
تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيها وقع قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية
أثر الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجنائية بالذات مستمد من قاعدة شرعية
الجريمة والعقاب التي تستلزم أن يقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به
وقت ارتكابها، إلا إنه يستثنى من هذا الأصل العام ما أوردته المادة الخامسة المشار
إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم
فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره. لما كان ذلك وكان من المقرر
أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من الناحية الموضوعية - دون الإجرائية -
مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم، كأن يلغي الجريمة المسندة إليه،
أو يلغي بعض عقوباتها أو يخففها، أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية دون
أن يلغي الجريمة ذاتها، أو يستلزم لقيامها ركناً جديداً لم يتوافر في فعل المتهم،
فيكون من حق المتهم في هذه الحالات - استمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم
والعقاب إلى التخفيف - أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها،
شريطة ألا يكون الفعل الذي وقع منه مخالفاً لقانون ينهى عن ارتكابه في فترة محددة
فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها
عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من قانون العقوبات وإذ كان الاحتماء
بقاعدة القانون الأصلح على ما تقدم إنما هو استثناء من الأصل العام المقرر من أن
القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة
بقانون لاحق ينسخ أحكامه، فإنه يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع
العلة التي دعت إلى تقريره، لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان
هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه، ولما كان نص المادة الرابعة من القانون
رقم 26 لسنة 1978 سالف البيان لم يخرج عن ذلك الأصل العام المقرر من عدم رجعية أثر
القوانين على الوقائع السابقة عليها، إذ هو لم يلغ الجريمة التي وقعت من المتهم أو
يخفف عقابها أو يرفع عنه مسئوليتها، وإنما رفع العقاب في الفترة المحددة به عن
الحالات التي تتوافر فيها شروط الإعفاء للعلة التي أفصح عنها في مذكرته الإيضاحية
وهي تشجيع المواطنين على تسليم ما قد يكون لديهم من أسلحة وذخائر غير مرخص بها ولو
كانوا سارقين أو مخفين لها، وهي علة تنتفي بالنسبة لكل من لم يتقدم قبل تاريخ
العمل بذلك القانون بما لديه من أسلحه أو ذخائر وضبط حائزاً أو محرزاً لها بغير
ترخيص ومن ثم فإنه لا يتحقق بالنص المشار إليه معنى القانون الأصلح ولا يسري على
الوقائع السابقة على صدوره، لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء الذي قررته المادة
الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1978 المشار إليها، أن يكون الشخص في أول يونيه
سنة 1978 تاريخ العمل بذلك القانون محرزاً أو حائزاً للسلاح أو الذخيرة بغير
ترخيص، وأن يقوم في خلال الفترة المحددة قانوناً بتسليمها إلى الشرطة، فإنه يجب
لتوافر موجب الإعفاء أن تتحقق كافة شروطه من قيام الحيازة والإحراز في ذلك التاريخ
المعين، وأن يتم التسليم خلال تلك الفترة وهو ما تتحقق به العلة التي ابتغاها
التشريع من تشجيع المواطنين على تسليمها، ولما كان هذا النظر لا يمس الأصل الذي
جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تحديد معنى ونطاق تطبيق القانون الأصلح، والتزام
مناط الإعفاء من العقاب وشروطه، وكانت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون
السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها وكان الحكم
المطعون فيه صحيحاً ومطابقاً للقانون فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في الفترة بين 31 من يناير ستة 1977 إلى 5 من سبتمبر سنة 1977: أولا:
حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن "فرد خرطوش". ثانيا: حاز بغير
ترخيص ذخائر نارية "طلقة" مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون
مرخصا له بسلاح مما تستعمل فيه. وصدر في 13 من مايو سنة 1978 قرار بإحالته إلى
محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا في 27 من
فبراير سنة 1979 عملا بالمواد 1/1، 6، 26/1-4، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
المعدل بالقوانين رقمي 546 لستة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق مع تطبيق
المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه
خمسة جنيهات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
وبجلسة 25 من فبراير سنة
1981 قررت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض إحالة الدعوى إلى الهيئة العامة للمواد
الجنائية بالمحكمة للفصل فيها عملا بحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من
قانون السلطة القضائية بالقانون رقم 46 لسنه 1972.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة
من حيث الطعن قد استوفى
الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو
أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص،
قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون - ذلك
بأنه أغفل الرد على ما دفع به الطاعن من شيوع التهمة بينه وبين زوجته لضبط السلاح
بحجرة في حيازتهما معا في منزل يسكنه آخرون، وكانت النيابة العامة قد أعرضت عن
طلبه سماع شهود نفي حضروا واقعة الضبط ويشهدون على عدم العثور على المضبوطات، وقد
أعرضت المحكمة من جانبها عن تحقيق هذا الدفاع، كما قضى الحكم بمعاقبته بالسجن ثلاث
سنوات رغم زوال أثر الحكم السابق عليه في جنحة سرقة سنة 1969 برد اعتباره قانونا
مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي إحراز السلاح
الناري والذخيرة اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من
أقوال النقيب، وما ثبت بتحقيقات النيابة العامة من العثور أثناء المعاينة على
الذخيرة، واعتراف الطاعن بإحرازها ومن تقرير فحص المضبوطات، وهي أدلة سائغة مردودة
إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك،
وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من
المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد
إطراحه - وهو الحال في الدعوى، وإذ كان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن
الطاعن لم يثر ما ينعاه من إعراض النيابة العامة عن سماع شهود النفي، ولم يطلب من
المحكمة إجراء في هذا الخصوص، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى
المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة، ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً للتحقيق الذي تم
في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما
كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود لمقررة قانونا هو من إطلاقات محكمة الموضوع
دون معقب وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي داعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي
ارتأته، ولما كانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة
المقررة لجريمة إحراز السلاح التي دانه بها مجردة عن أي ظرف مشدد، ولم يبد من
أسباب الحكم أنه كان ثمة أثر في تقدير العقوبة لوجود سابقة جنحة سرقة للمتهم، فإن
ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه وقد صدر بعد
تاريخ ارتكاب الجريمة القانون رقم 26 لسنة 1978 بتاريخ 20 مايو سنة 1978 المعمول
به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في أول يونيه سنة 1978 بتعديل القانون رقم 394
لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، ومن بين نصوصه ما أورده بالمادة الرابعة من
تقرير إعفاء من العقاب لمن يقوم خلال شهرين من تاريخ العمل به بتسليم ما يحوزه أو
يحرزه من أسلحة نارية وذخائر إلى قسم الشرطة، وإزاء ما يثور حول مدى اعتبار هذه
المادة قانونا أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى بما قد يوجب بالتالي على محكمة
النقض - من تلقاء نفسها - أن تنقض الحكم لصالح المتهم عملاً بحقها المخول بالمادة
35/2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض -
فقد رأت الدائرة الجنائية طرح هذه المسألة القانونية على الهيئة العامة للفصل فيها
بالتطبيق لحكم المادة الرابعة فقرة ثانية من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة
1972.
وحيث إن نص المادة الرابعة من القانون رقم
26 لسنة 1978 المعدل للقانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه قد جرى بأنه
"يعفى من العقاب كل من يحوز أو يحرز بغير ترخيص أسلحة نارية أو ذخائر مما
تستعمل في الأسلحة المذكورة في تاريخ العمل بهذا القانون إذا قام بتسليم تلك
الأسلحة والذخائر إلى جهة الشرطة الواقع في دائرتها محل إقامته خلال شهرين من
تاريخ العمل بهذا القانون، ويعفى كذلك من العقوبات المترتبة على سرقة الأسلحة
والذخائر أو على إخفائها، ولما كان الأصل العام المقرر بحكم المادتين 66، 187 من
الدستور وعلى ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات أنه لا تسري
أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع
قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية أثر الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجنائية
بالذات مستمد من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن يقتصر على عقاب
الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، إلا أنه يستثنى من هذا الأصل
العام ما أوردته المادة الخامسة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع
هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي
يتبع دون غيره. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي
ينشئ له من الناحية الموضوعية - دون الإجرائية - مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من
القانون القديم، كأن يلغي الجريمة المسندة إليه، أو يلغي بعض عقوباتها أو يخففها،
أو يقرر وجها للإعفاء من المسئولية الجنائية دون أن يلغي الجريمة ذاتها. أو يستلزم
لقيامها ركنا جديدا لم يتوافر في فعل المتهم، فيكون من حق المتهم في هذه الحالات
استمدادا من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف - أن يستفيد لصالحه من
تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها، شريطة ألا يكون الفعل الذي وقع منه مخالفاً
لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة محددة فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في
الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة
من قانون العقوبات. وإذ كان الاحتماء بقاعدة القانون الأصلح على ما تقدم إنما هو
استثناء من الأصل العام المقرر من أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم
إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه، فإنه يؤخذ في تفسيره
بالتضييق ويدور وجودا وعدما مع العلة التي دعت إلى تقريره، لأن المرجع في فض
التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه، ولما
كان نص المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1978 سالف البيان لم يخرج عن ذلك
الأصل العام المقرر من عدم رجعية أثر القوانين على الوقائع السابقة عليها، إذ هو
لم يلغ الجريمة التي وقعت من المتهم أو يتغيب عقابها أو يرفع عنه مسئوليتها، وإنما
رفع العقاب في الفترة المحددة به عن الحالات التي تتوافر فيها شروط الإعفاء للعلة
التي أفصح عنها في مذكرته الإيضاحية وهي تشجيع المواطنين على تسليم ما قد يكون
لديهم من أسلحة وذخائر غير مرخص بها، ولو كانوا سارقين أو مخففين لها، وهي علة
تنتفي بالنسبة لكل من لم يتقدم قبل تاريخ العمل بذلك القانون بما لديه من أسلحة أو
ذخائر وضبط حائزاً أو محرزاً لها بغير ترخيص، ومن ثم فإنه لا يتحقق بالنص المشار
إليه معنى القانون الأصلح ولا يسري على الوقائع السابقة على صدوره، لما كان ذلك،
وكان مناط الإعفاء الذي قررته المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1978 المشار
إليها، أن يكون الشخص في أول يونيه سنة 1978 تاريخ العمل بذلك القانون محرزاً أو
حائزاً للسلاح أو الذخيرة بغير ترخيص، وأن يقوم في خلال الفترة المحددة قانونا
بتسليمها إلى الشرطة، فإنه يجب لتوافر موجب الإعفاء أن تتحقق كافة شروطه من قيام
الحيازة والإحراز في ذلك التاريخ المعين، وأن يتم التسليم خلال تلك الفترة وهو ما
تتحقق به العلة التي ابتغاها الشارع من تشجيع المواطنين على تسليمها، ولما كان هذا
النظر لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تحديد معنى ونطاق تطبيق
القانون الأصلح، والتزام مناط الإعفاء من العقاب وشروطه، وكانت الفقرة الثانية من
المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى
المحالة إليها، وكان الحكم المطعون فيه صحيحاً ومطابقاً للقانون فإنه يتعين رفض
الطعن موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ