ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة –
والقضاء عموماً – ولائياً بنظر الدعويين استناداً إلى أن إبرام الاتفاقية محل
الدعويين يعد عملا من أعمال السيادة، وإلى أن الطلبات في الدعويين تتعلق بأعمال
برلمانية لأن مجلس النواب يختص بالموافقة على المعاهدات، فإن هذا الدفع مردود في
أساسه المستند إلى نظرية أعمال السيادة, بأنه طبقاً لما قضت به المحكمة الإدارية
العليا فإن أعمال السيادة ليست نظرية جامدة وإنما تتسم بالمرونة وتتناسب عكسياً مع
الحرية والديمقراطية فيتسع نطاقها في النظم الديكتاتورية ويضيق كلما ارتقت الدولة
في مدراج الديمقراطية (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 13846 لسنة 59ق ع
جلسة 21/4/2013). يضاف إلي ذلك أن الدستور الحالي حظر في المادة 97 منه تحصين أي
عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ومن ثم فالأصل هو اختصاص القضاء بنظر جميع
الطعون التي توجه ضد أي عمل أو قرار يصدر عن جهة الإدارة ولا يخرج عن رقابته إلا
ما يصدق عليه من هذه الأعمال أو القرارات أنه من أعمال السيادة وذلك التزاما لنص
المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة 11 من قانون مجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972، ولما كانت نصوص هذين القانونين قد خلت من تحديد جامع
مانع لما سمي بأعمال السيادة أو الضوابط والعناصر التي يستدل بها عليها فمن ثم كان
على القضاء وحده فيما يصدره من أحكام ويقرره من مبادئ في كل حالة على حده تحديد ما
يدخل من الأعمال أو القرارات ضمن هذه الأعمال وما يخرج عنها، أخذًا بعين الاعتبار
أن عدم اختصاص القضاء بنظر هذه الأعمال أو القرارات هو محض استثناء من الحظر
المشار إليه بنص المادة 97 من الدستور، وأن الأصل في تفسير النصوص أن الاستثناء لا
يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره. وقد استقر قضاء هذه المحكمة مؤيداً بقضاء المحكمة
الإدارية العليا على أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تباشرها الحكومة
باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية وأن عدم امتداد الرقابة القضائية
إليها التزاما بنص المادتين سالفتي الذكر ليس مرده أن هذه الأعمال فوق الدستور
والقانون وإنما لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء بالإضافة
إلى عدم ملائمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات القضاء وغني عن البيان أنه إذا
انتفي هذا المناط كما هو الشأن في الدعويين الماثلتين وجب الالتزام بالأصل المشار
إليه وهو اختصاص القضاء بنظر الطعون على تلك الأعمال، والثابت من الأوراق أن موضوع
الدعويين مسألة قانونية خالصة تدور حول صحيح تطبيق نص المادة 151 من الدستور ومدى
مشروعية التوقيع على الاتفاق المطعون عليه بما يتضمنه من التنازل عن الجزيرتين
المذكورتين في ضوء النصوص القانونية واللائحية والاتفاقيات التي تحكم وضعهما
والظروف التاريخية والواقعية المحيطة بهما على ما سيرد تفصيله ولا شك أن ما يتعلق
بأرض الوطن والسيادة الثابتة عليه هو شأن كل مواطن في مصر والشعب وحده هو صاحب
السيادة يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته الوطنية طبقاً لنص المادة 4
من الدستور، ومن ثم فإن التنازل عن جزء من أرض هذا الوطن أو النيل من سيادته ليس
من المسائل التي ينطبق عليها المناط سالف الذكر الذي أخذت به أحكام مجلس الدولة
لإدراج عمل من أعمال الإدارة أو قرار ضمن طائفة أعمال السيادة والنأي به بعيداً عن
رقابة القضاء.
ومن حيث إنه في ظل العمل بالدستور المصري الصادر عام 1971 أخضعت
المحكمة الدستورية العليا المعاهدات التي أصبحت لها قوة القوانين لرقابتها وقضت
بأن ذلك يطرح على المحكمة توافر المتطلبات الشكلية ليكون لها قوة القانون ورفضت
الاحتجاج بفكرة أعمال السيادة لمنعها من نظر الدعوى الدستورية المتعلقة
بالاتفاقيات الدولية (حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19/6/1993 في القضية رقم
10 لسنة 14ق دستورية, وفي ظل العمل بأحكام دستور 1971 جرى قضاء محكمة القضاء
الإداري على الحكم بعدم الاختصاص بنظر معظم الدعاوى المقامة طعناً على المعاهدات
الدولية إلا أن الواقع الدستوري في مصر قد تغير وجد واقع دستوري جديد, فقد تضمن
الدستور الحالي النص في الفقرة الأخيرة من المادة (151) على أن: (وفي جميع الأحوال
لا يجوز إبرام أية معاهدات تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء
من إقليم الدولة) وكانت المادة (145) من دستور 2012 تنص في فقرتها الأخيرة على
أنه: (ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور) حيث ورد القيد على سلطة
مجلسي الشعب والشورى في إقرار المعاهدات, أما نص المادة (151) من الدستور الحالي
فقد ورد فيه الحظر على الإبرام ومصطلح إبرام المعاهدات أعم وأشمل من مصطلح إقرار
المعاهدات والحظر الوارد في المادة (151) من الدستور يمتد إلى السلطة التنفيذية فهو
يحظر عليها كل عمل من أعمال إبرام المعاهدات الدولية بما فيها التوقيع عليها إذا
كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة
وذلك حتى لا ترتبط الدولة باتفاقيات من هذا النوع وهو حظر وقائي ومقصود ليجنب
الدولة والمواطنين مخاطر إبرام اتفاقيات تخالف الدستور أو تؤدي إلى التنازل على أي
جزء من إقليم الدولة وليمنع السلطة التنفيذية من الاقتراب من مثل هذه الاتفاقيات,
كما أنه حظر مطلق ولا استثناء فيه ولا مجال للتحلل منه تحت أي ظروف أو مبررات وهو
ما يوجب على السلطة التنفيذية قبل التوقيع على أي اتفاقية أن تدرسها دراسة دقيقة
وافية للتأكد من خلوها من القيدين المشار إليهما, فإن تبين لها أن الاتفاقية
مخالفة للدستور أو تؤدي إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة وجب عليها أن تحجم عن
التوقيع عليها, وضمن الدستور بذلك احترام أحكامه وعدم جواز خرقها عن طريق اتفاقيات
دولية, كما قصد التأكيد على أن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطني وحرمه بالمعنى
القانوني وأنه يشكل وحدة واحدة ولا سبيل إلى التنازل عن أي جزء منه, وأرسى الدستور
بذلك فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية في مجال إبرام
المعاهدات الدولية.
ومن حيث إن المعاهدة الدولية تتميز بأمرين الأول أنها ذات طبيعة دولية
لأنها تبرم بين الدول وبعضها أو بين الدول والمنظمات الدولية والتي يجمعها وصف
أنها من أشخاص القانون الدولي العام والأمر الثاني أن لها طابعاً وطنياً لأنها
تحمل الدولة بالتزامات دولية وقد ترتب عند تطبيقها آثارا تتعدى إلى حقوق وحريات
المواطنين لذلك فمن شروط صحتها أن يتم إبرامها بمراعاة أحكام القانون الداخلي
للدولة وفي مقدمتها الدستور وقواعد القانون الدولي الحاكمة لإبرام المعاهدات والتي
تضمنتها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية ووافقت عليها مصر بموجب قرار رئيس
الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 10/6/1982 والتي
تجيز للدولة المتعاهدة في علاقتها مع الدولة أو الدول الأخرى الأطراف في المعاهدة
أن تتمسك ببطلان المعاهدة إذا كان التعبير عن موافقتها على الالتزام بالمعاهدة قد
انطوى على خرق بَين لقاعدة ذات أهمية أساسية من قواعد القانون الداخلي أو إذا وقع
خطأ في إبرام المعاهدة وكان الخطأ خاصاً بواقعة أو حالة افترضت الدولة وجودها وقت
عقد المعاهدة وكانت تشكل قاعدة أساسية لموافقتها على الالتزام بالمعاهدة أو إذا
أبرمت الدولة معاهدة نتيجة سلوك تدليسي لدولة أخرى أو إذا تم إفساد ذمة ممثل
الدولة أو إكراهه أو إكراه الدولة عن طريق التهديد بالقوة وذلك على الوجه المنصوص
عليه بالمواد 46 و48 و49 و50 و51 و52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية,
ومن جهة القانون الداخلي فإن موافقة ممثل الدولة على المعاهدة يجب أن يتم صحيحاً
وفقاً لأحكام قانون الدولة ومن ثم فالنزاع القائم بين المواطنين وبين السلطة
التنفيذية حول اختصاصها بإبرام معاهدة معينة هو نزاع وطني يخضع لأحكام قانون
الدولة.
ومن حيث إنه حتى يمكن لجهة الإدارة التمسك بنظرية أعمال السيادة لمنع
القضاء من نظر عمل من أعمالها فان أول شروط أعمال تلك النظرية هو أن يكون العمل
القانوني داخلا في اختصاصها, وأن يكون مستوفيا للاشتراطات التي يقررها الدستور
ومتجنبا المحظورات التي يفرضها, فإذا ثبت أنها غير مختصة به أو أن جهة الإدارة
أهدرت الشروط التي يقررها الدستور أو وقعت في الحظر الذي يفرضه فلا يجوز لها أن
تستتر خلف ستر أعمال السيادة لمنع القضاء من بسط رقابة المشروعية على عملها, وإذا
كان دفع الحاضر عن جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى, إنما
ينطوي على تسليم لا ريب فيه بحدوث واقعة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين مصر
والمملكة العربية السعودية في أبريل 2016 الذي تتنازل فيه مصر عن جزيرتي تيران
وصنافير للمملكة العربية السعودية وذلك على النحو الوارد ببيان مجلس الوزراء, ولما
كان الدستور في الفقرة الأخيرة من المادة (151) قد حظر على السلطة التنفيذية إبرام
اتفاقيات من شأنها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة فإن قيام الحكومة المصرية
بالتوقيع على ذلك الاتفاق لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال
الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة (97) من الدستور
والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء, ويعد توقيع الحكومة
المصرية على الاتفاقية المشار إليها بما ينطوي عليه من التنازل عن الجزيرتين
سالفتي الذكر هو عمل قانوني إداري تنبسط إليه ولاية محاكم مجلس الدولة إعمالا لحكم
المادة (190) من الدستور, ومن ثم فإن تقدير مشروعية توقيع الحكومة المصرية على
الاتفاقية المشار إليها يدخل في ولاية هذه المحكمة طبقا لنص المادة (190) من
الدستور آنفة الذكر ونص البند (14) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة, ولا
محل لاستناد جهة الإدارة إلى سابقة قضاء هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر
الدعوى في شأن اتفاقية السلام مع إسرائيل وأخرى كانت بشأن اتفاقية تحديد المنطقة
الاقتصادية الخالصة مع قبرص لأن أحكام القضاء ليست جامدة وتتغير بتغير الموضوع
والزمان والقانون الحاكم للنزاع, والاتفاقية محل هذه الدعوى تغاير في موضوعها
الاتفاقيتين المشار إليهما، واللذين لم يثبت انطوائهما عن أي جزء من أراضي الدولة،
هذا فضلاً عن اختلاف النظام القانوني الذي تخضع له لأن الدستور الحالي استحدث
حكماً جديداً حظر بموجبه حظراً مطلقاً التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة بحكم
خاص, فضلا عن أن هذه المحكمة لم تقض في جميع الدعاوى الخاصة بالاتفاقيات الدولية
بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها فعلى سبيل المثال قضت بجلسة 28/5/2013 في الدعوى رقم
12300 لسنة 67 بشأن نص في الاتفاق الأوربي المتوسطي لتأسيس مشاركة بين حكومة
جمهورية مصر العربية والجماعات الأوربية والتي صارت لها قوة القانون إلى المحكمة
الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية ما تضمنه من إبرام اتفاقيات لإعادة توطين
مواطني دولة ثالثة في مصر ومن ثم فإن الاستناد إلى سوابق الأحكام غير مفيد لجهة
الإدارة في هذا الشأن, ولا يغير مما انتهت إليه المحكمة في هاتين الدعويين بنظرهما.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى
استنادا إلى أن الطلبات في الدعوى تتعلق بعمل برلماني لأن مجلس النواب يختص
بالموافقة على الاتفاقيات طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور, فإن
إبرام المعاهدات الدولية من اختصاص السلطة التنفيذية وهي التي توقع عليها، واختصاص
مجلس النواب بالموافقة على المعاهدات – في الحالات التي يجوز له ذلك طبقاً للدستور
– تال لمرحلة التوقيع عليها ولا يختلط اختصاص كل سلطة وعرض جهة الإدارة لعملها على
البرلمان أو عدم عرضه لا أثر له في مباشرة محاكم مجلس الدولة لرقابة المشروعية على
أعمال الإدارة ولا يحجب اختصاص محاكم مجلس الدولة عن نظر هاتين الدعويين ومن ثم
فإن الدفع المبدي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى الأساسين
المشار إليهما يكون غير صحيح ويتعين الحكم برفضه والقضاء باختصاص المحكمة بنظر
الدعوى.
ومن حيث إن رئيس مجلس النواب لا صفه له في الدعويين ومن ثم يتعين عدم
قبول الدعويين في مواجهته وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى ذلك في الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إن كلتا الدعويين استوفت أوضاعهما الشكلية، ومن ثم يتعين
قبولهما شكلا في مواجهة باقي المدعى عليهم.
ومن حيث إنه عن الطلبات المقدمة من طالبي التدخل المشار إليهم في
ديباجة الحكم لقبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعي في الدعوى الأولى وإلى المدعي في
الدعوى الثانية فإن طالبي التدخل الانضمامي إلى المدعيين من المواطنين المصريين
وممن لهم مصلحة في المحافظة على أرض وطنهم وقد استوفت طلبات تدخلهم أوضاعها
الشكلية ويتعين قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعيين كل في الدعوى التي طلب التدخل
فيها.
ومن حيث إنه عن طلب التدخل المقدم من الأستاذ/ ....... المحامي لقبول
تدخله انضماميا إلى جهة الإدارة في الدعويين فإن طلبه استوفي أوضاعه الشكلية
ويتعين قبول تدخله, وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى نتيجة الفصل في طلبات التدخل في
الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعويين فإن الدستور المصري أكد في المادة (1)
على أن (جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة) وأشار إلى
موقع مصر في أفريقيا وإلى امتداد جزء من إقليمها في قارة آسيا وعقد السيادة للشعب
وحده لأنه مصدر السلطات طبقا لنص المادة (4) وألزم الدولة بحماية قناة السويس
والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لمصر, كما ألزم الدولة بحماية
بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية طبقا لنص المادتين (43 و45) وأوجب
الحفاظ على الأمن القومي لمصر وحمل جميع المصريين واجب الدفاع عن الوطن وحماية
أرضه ووصف في المادة (86) واجب الدفاع عن الوطن وحماية أرضه بوصفين لم يجتمعا إلا
له – فهو شرف وواجب مقدس وألزم الدستور رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء
الحكومة قبل أن يتولوا مهام مناصبهم وقبل مباشرة أعمالهم أن يؤدوا يميناً يتعهدون
فيها بالمحافظة على وحدة وسلامة أراضي الوطن وقد وردت صيغته في المادتين (144
و165) من الدستور على الوجه الآتي: (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام
الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن
أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه) وبين الدستور في المادة (200) مهمة
القوات المسلحة والتزامها بالحفاظ على سلامة أراضي الدولة فنصت على أن (القوات
المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها ....)
وقد نظم الدستور إبرام المعاهدات فنص في المادة (151) على أن: (يمثل رئيس
الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة
مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق
بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة,
وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها
التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة) وقد حمل نص المادة (151) من الدستور الحالي
المزيد من الضوابط والقيود على السلطة التنفيذية في مجال إبرام المعاهدات على وجه
يفوق ما كان عليه الحال في ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الصادر في عام
1971 ومن بعده المادة (144) من الدستور الصادر عام 2012 وذلك استشعاراً لخطورة
المعاهدات الدولية وما قد يترتب عليها من تحميل الدولة بالتزامات دولية ويقع عبء
التحمل بها في النهاية على الوطن وعلى المواطنين فالدستور الصادر في عام 1971 لم
يكن يشترط موافقة مجلس الشعب إلا على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة
والمعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضى الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة
أو التي تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة في الموازنة, كما كان
الدستور الصادر في عام 1971 قبل تعديله عام 2007، يشترط أخذ رأي مجلس الشورى على
معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة
أو التي تتعلق بحقوق الدستور، وبعد تعديل الدستور عام 2007، أوجب موافقة مجلس
الشورى على المعاهدات المشار إليها, ولم يشترط الدستور الصادر عام 1971 أغلبية
خاصة عند موافقة مجلس الشعب أو مجلس الشورى على المعاهدات التي تعرض على كل مجلس,
أما المعاهدات التي لا تدخل في الحالات التي أوجب الدستور الصادر عام 1971 عرضها
على مجلس الشعب فإنه كان بإمكان السلطة التنفيذية إبرامها ويكتفى بإبلاغ مجلس
الشعب بها مشفوعة بما يناسب من بيان وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها
ونشرها دون حاجة إلى موافقة مجلس الشعب عليها, ثم في ظل الدستور الصادر في عام
2012 لم يعد بإمكان السلطة التنفيذية بمفردها إبرام أي معاهدات والتصديق عليها,
وطبقاً لنص المادة (145) من الدستور الصادر عام 2012 فإنه يجب موافقة مجلسي النواب
والشورى على كل المعاهدات التي تبرمها السلطة التنفيذية، فإذا تعلق الأمر بمعاهدات
الصلح والتحالف أو المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة فإنه كان من الواجب موافقة
المجلسين عليها بأغلبية ثلثي أعضائهما, وتضمنت المادة (145) من الدستور الصادر عام
2012 النص على عدم جواز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور, أما في ظل العمل بنص
المادة (151) من الدستور الحالي فإن الأصل طبقا لحكم الفقرة الأولى منها هو موافقة
مجلس النواب على المعاهدات التي تبرمها السلطة التنفيذية ولا يجوز للسلطة
التنفيذية أن تبرم أي معاهدة ويصدق عليها رئيس الجمهورية دون موافقة مجلس النواب،
وفي هذا الشأن يفترق الدستور الحالي عن الدستور الصادر عام 1971 ويتشابه مع
الدستور الصادر عام 2012 أما بالنسبة إلى معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق
السيادة فإن الدستور الحالي يختلف عن الدستور الصادر عام 1971 وعن الدستور الصادر عام
2012، حيث أوجب نص الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور دعوة الناخبين
للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وحظر النص التصديق
على هذه المعاهدات إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، فالمرجع في الموافقة
على هذا النوع من المعاهدات إلى الشعب صاحب السيادة وحده في مظهر من مظاهر
الديمقراطية التي تبناها الدستور, ومن حيث إن معاهدات الصلح هي المعاهدات التي
تبرمها الدولة لإنهاء حالة الحرب مع دولة أخرى, ومعاهدات التحالف هي المعاهدات
التي يترتب عليها دخول الدولة في حلف عسكري أو سياسي مع دولة أو عدد من الدول, أما
عن المعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة, فإن حقوق السيادة هي الحقوق الحصرية التي
تمارسها الدولة على إقليمها البري و البحري والجوي وعلى مواطنيها، وعلى الأجانب
الموجودين على أرضها، ومن هذه الحقوق فرض نظامها القانوني والقضائي بتطبيق قوانينها
على إقليمها وإخضاع المواطنين والأجانب المقيمين بالدولة للمحاكم الوطنية وسلطتها
في فرض الرسوم والضرائب وفي حماية إقليم الدولة عن طريق القوات المسلحة وفرض الأمن
وحماية النظام العام بواسطة الشرطة، وغير ذلك من حقوق تتعلق بسائر مظاهر السيادة
التي يمكن للدولة أن تمارسها على إقليمها، فإذا أبرمت الدولة معاهدة تتضمن قيودا
على حقوق السيادة كتلك التي تقيد من وجود القوات المسلحة على جزء من إقليم الدولة
أو التي تستثنى الأجانب من الخضوع للقانون أو القضاء الوطنيين أو تشمل تقرير
امتيازات لدولة أخرى أو لرعاياها تمس سيادة الدولة، فإن تلك المعاهدة لا يجوز
التصديق عليها قبل موافقة الشعب عليها في استفتاء عام, وحظر الدستور في الفقرة
الأخيرة من المادة (151) إبرام المعاهدات التي تخالف الدستور ففرض الدستور احترام
أحكامه ولم يجز مخالفته عن طريق المعاهدات الدولية, كما حظر إبرام المعاهدات التي
يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، لأن التنازل عن جزء من إقليم
الدولة يزيل سيادتها عليه ويخرجه من نطاق إقليمها ومن حدودها، وهذا الحظر لم يرد
على إقرار هذا النوع من الاتفاقيات وإنما ورد على الإبرام – كما سلف تفصيله – إذ
يمتنع وفقاً له توقيع هذا النوع من الاتفاقيات، ولا الموافقة عليها ولا التصديق
عليها ويسري هذا الحظر في مواجهة السلطة التنفيذية وفي مواجهة السلطة التشريعية
وفي مواجهة جمعية الناخبين من أبناء الشعب, فمنع الدستور السلطة التنفيذية من
التوقيع على معاهدات يترتب عليها النزول عن جزء من إقليم الدولة حتى لا تقدم على
هذا العمل تحت ضغوط أو ملاءمات سياسية ذلك أن إقليم الدولة ليس ملكاً لها وإنما
تلتزم فقط بحمايته وعدم التفريط فيه, كما منع الدستور مجلس النواب من الموافقة على
أي اتفاقية من هذا النوع لأن أعضاء البرلمان ينوبون عن الشعب والشعب ممنوع بدوره
من التنازل عن أرضه، وليس للنائب سلطة تزيد على سلطة الأصيل, ولم يجعل الدستور
للشعب ممثلاً في هيئة الناخبين سلطة الموافقة على التخلي عن أي جزء من إقليم
الدولة في استفتاء عام، لأن الدستور أوصد جميع الأبواب التي يمكن أن تؤدي إلى
التنازل عن جزء من إقليم الدولة، وكل عمل حظره الدستور لا يجوز لسلطة أو لأحد أن
يجيزه, فأرض الوطن لا تخص جيلاً واحداً من المصريين وإنما تخص الأمة التي عاشت
عليها أجيال سبقت وستبقى مهداً لأجيال قادمة يقع عليها أيضا واجب الدفاع عن هذه
الأمة امتدادًا لما كان عليه أسلافهم ممن بذلوا أرواحهم وأريقت دماؤهم واختلطت
بتراب هذا الوطن حماية له و دفاعا عنه, لذلك منع الدستور التنازل عن أي جزء منه
خاصة وأن حماية إقليم الدولة ووحدة وسلامة أراضيه هو التزام وواجب دستوري وقانوني
في عنق كل مواطن من مواطني الدولة أيا كان عمله أو موقعه داخل سلطة ما أو فرداً
عادياً, وقد جُبل المواطن على حماية أرض بلاده قبل أن يحضه على ذلك نص في الدستور
أو القوانين.
ومن حيث إن من شروط جواز التصرف أو العمل القانوني أن يجرى من شخص
يملك سلطة إجرائه وإذا كان الأصل أن للشخص حرية التصرف في شئونه وحقوقه الخاصة إلا
إذا قيد المشرع سلطته في هذا الشأن, أما إذا كان الشخص يجري تصرفه في إطار ولايته
على غيره ولاية خاصة أو عامه فإن الأصل في الولاية على الغير أنها لا تقوم إلا
بسند شرعي وفي حدوده وعند تخلف هذا السند أو مجاوزة حده فإن الأصل هو حظر العمل لا
إباحته, والسلطة التنفيذية فيما تجريه من أعمال قانونية إنما تتولاها نيابة عن
الشعب ولحسابه وهي مقيدة في ذلك بالدستور والقانون, فإذا حظر الدستور عليها
اختصاصاً أو عملاً فلا يجوز لها أن تقترب من تخومه ولا أن تخوض فيه فإن قارفت
عملاً ممنوعاً عليها بَطُل عملها وهوى في دائرة عدم المشروعية.
ومن حيث إن الحد في اللغة العربية هو منتهى الشيء أو الحاجز أو الفاصل
بين شيئين, والحدود السياسية هي الخط الفاصل بين دولتين متجاورتين بحيث ينتهي عنده
الاختصاص الإقليمي لكل منهما والحدود قد تكون طبيعية كشاطئ بحر أو نهر أو حدود
اصطناعية تحدد بواسطة الدول وفقاً لأسس يتفق عليها ويتم تخطيطها وتحديدها بعلامات
تبينها كما هو الحال في الحدود البرية بين الدول، وكل دولة تمارس سيادتها في نطاق
حدودها البرية والبحرية والجوية, فالحدود الدولية هي حدود بين سيادات الدول, وقد
يثور نزاع بين دولتين على السيادة على إقليم أو على جزء معين من الأرض فتدعي كل
دولة سيادتها عليه, وقد أرست محكمة العدل الدولية الدائمة في حكمها الصادر في عام
1933 في النزاع بين الدنمارك والنرويج حول منطقة شرق جرينلند معياراً لبيان مدى
سيادة الدولة على جزء متنازع عليه - وتابعتها في تطبيقه محكمة العدل الدولية
وأحكام التحكيم الدولية - ويتمثل في تحقيق شرطين: الأول هو رغبة أو نية الدولة في
مزاولة السيادة على الأقليم، والثاني هو ممارسة الدولة مظاهر السيادة بالفعل وقيام
أدلة تثبت ذلك.
ومن حيث إن دفع جهة الإدارة المدعى عليها في ردها على الدعويين بعدم
اختصاص المحكمة بنظرهما إنما ينطوي على إقرار من جانبها بأن الحكومة المصرية وقعت
اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية
في أبريل 2016 تضمن تنازل مصر في جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية
وعلى الرغم من ذلك قعدت جهة الإدارة عن تقديم هذه الاتفاقية للمحكمة طوال مراحل
نظر الدعوى على الرغم من تكليفها بذلك من قبل المحكمة ومن بعدها هيئة مفوضي الدولة
لدى تحضير الدعوى، وهو موقف غير مبرر ولا سند له, وقد قدم المدعون صورة مما نشر
على موقع رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 9/4/2016 حول الاتفاق المشار إليه، وتضمن أن
الرسم الفني لخط الحدود البحرية بين البلدين أسفر عن وقوع جزيرتي تيران وصنافير
داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
ومن حيث إن الإقليم البري للدولة يشمل الإقليم القاري الذي يشكل جزءاً
من قارة من القارات كما يشمل الجزر التي تتبع الدولة, والجزيرة رقعة من الأرض
تتكون طبيعياً وتحاط بالماء من جميع الجهات وتعلو عليه، أما الإقليم البحري للدولة
فيشمل المياه الداخلية للدولة والبحر الإقليمي, وقد وضعت اتفاقية قانون البحار -
الموقعة في مونتيجوبي بجاميكا بتاريخ 10/12/1982 والتي صدر قرار رئيس الجمهورية
رقم 145 لسنة 1983 بالموافقة عليها ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 4/5/1985 – ولها
قوة القانون في مصر – قواعد تحديد وقياس البحر الإقليمي، وأعطت المادة (3) لكل
دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميلاً بحرياً مقيسة من
خطوط الأساس، وبينت في المادة (5) أن خط الأساس العادي هو حد أدني الجَزر على
امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها رسمياً من
قبل الدولة الساحلية، وخطوط الأساس المستقيمة هي خطوط مستقيمة تصل بين نقاط مناسبة
حيث يوجد في الساحل انبعاج عميق وانقطاع أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد
الساحل أو على مسافة قريبة منه، وذلك على التفصيل الوارد بالمادة (7) من
الاتفاقية, ولكل جزيرة تتبع دولة من الدول خط أساس يقاس منه البحر الإقليمي
باعتبارها جزء من إقليم الدولة وتنص المادة (15) من الاتفاقية المشار إليها على
أن: (حيث تكون سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة لا يحق لأي من الدولتين في حال عدم
وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك أن تمد بحرها الإقليمي إلى أبعد من الخط الوسط
الذي تكون كل نقطة عليه متساوية في بعدها عن أقرب النقاط على خط الأساس الذي يقاس
منه عرض البحر الإقليمي لكل من الدولتين غير أن هذا الحكم لا ينطبق حيث يكون من
الضروري بسبب سند تاريخي أو ظروف خاصة تعيين حدود البحر الإقليمي لكل من الدولتين
بطريقة تخالف هذا الحكم) ولم تتضمن تلك الاتفاقية عند تحديد حدود البحر الإقليمي
بين دولتين أو أكثر ما يجبر دولة على التنازل عن جزء من إقليمها البري – ومنه
الجزر - إلى دولة أخرى لأن الاتفاقية تسري على البحار وليس على الإقليم البري
للدولة, وإذا ما تضمن اتفاق بين دولتين ولو كان ينظم حدود البحر الإقليمي بينهما
نصاً خاصاً بالتنازل عن جزء من الإقليم البري لدولة إلى دولة أخرى فإن هذا التنازل
لا صلة له بتحديد البحر الإقليمي ولا باتفاقية قانون البحار، وإنما هو في حقيقته
عمل يتعلق بالتنازل عن جزء من الإقليم البري للدولة وبتعديل الحدود البرية للدولة،
وقد تضمن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية الموقع في أبريل 2016
تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية على النحو الوارد
ببيان مجلس الوزراء المرفق صورته بملف الدعوى، وتتعرض المحكمة لبيان مدى مشروعية
التوقيع على الاتفاق المتضمن التنازل وفقا للقانون الداخلي في مصر.
ومن حيث إن المدعيين قدما إلى المحكمة الوثائق والمستندات المشار
إليها في وقائع الدعويين والتي استدلا بها على أن جزيرتي تيران وصنافير من الجزر
المصرية، وجزء من إقليم الدولة المصرية والتمسا الحكم لهما بطلباتهما استناداً إلى
ذلك، بينما غيبت جهة الإدارة المدعى عليها نفسها عن الدفاع الموضوعي عن الاتفاق
الذي وقعت عليه واعتصمت بالصمت في هذا المجال وتمترست خلف الدفع الذي أبدته لمنع
المحكمة من سماع الدعوى, وإذا كان من الجائز للأفراد فيما بينهم أن يلجأوا إلى حيل
الدفاع يلتمسون من ورائها مصلحتهم الشخصية فإن ما يجوز للأفراد في هذا الشأن لا يليق
بجهة الإدارة لأنها لا تقوم على شأن شخصي ويتعين أن يكون رائدها الصالح العام في
كل عمل تأتيه حين تختصم أو تختصم أمام القضاء، لا سيما حين يتعلق النزاع بشأن وطني
يمس كل مصري ويتصل بتراب الوطن وهو ما كان يستوجب الهمة في الدفاع لإظهار الحقيقة
أمام محكمة مصرية هي جزء من السلطة الوطنية وأمام شعب مصر صاحب السيادة والذي تعمل
بأسمه كل سلطات الدولة.
ومن حيث إن المحكمة في تناولها لسند كل من الدعويين الماثلتين,
والمتمثل في مصرية جزيرتي تيران وصنافير وما أثاره المدعيان من عدم مشروعية
التوقيع على الاتفاقية المتضمنة تنازل الحكومة المصرية عنهما فإنها تفرق في
المستندات المودعة من المدعيين بين المصدر الرسمي الذي يعبر عن إرادة السلطات
الوطنية المصرية الرسمية والذي يتمثل في القوانين والاتفاقات الدولية التي أبرمتها
الحكومات المصرية المتعاقبة واللوائح والقرارات الإدارية ويلحق بها المراجع
الرسمية الصادرة من جهة إدارية من جهات الدولة وبين المراجع غير الرسمية التي لا
تعبر إلا عن وجهة نظر شخصية لصاحبها أو لأصحابها، ولن تعول المحكمة إلا على
المصادر والمراجع الرسمية دون المراجع الخاصة وغير الرسمية, كما أنها ستعول على
قرارات المنظمات الدولية, وتؤكد المحكمة في هذا الشأن على حقيقة لا سبيل إلى
إغفالها، وهي أن أرض الوطن ملك للأمة المصرية كلها وأنها لا تسجل في الشهر العقاري
كعقارات الأفراد وإنما سجلت في سجل التاريخ وأنه لا يقبل في إثباتها شهادة شاهد أو
شهود قد يضلوا أو ينسوا.
ومن حيث إن مصر دولة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في موقعها المعلوم
للكافة وزادت مساحتها في أوقات قوتها إلى ما حولها من أراضي كما تعرضت لغزو أو
احتلال واختلفت أوضاعها القانونية لكنها لم تزل من الوجود في أي وقت وظل إقليمها
متميزا في كل مراحل التاريخ وارتبطت سيناء وجزيرتي تيران وصنافير والجزر المصرية
في خليج السويس والبحر الأحمر بمصر ارتباط الجزء بالكل، وقد طبقت مصر القوانين
واللوائح المصرية على جزيرتي تيران وصنافير ومنها اللوائح الخاصة بالحجر الصحي
وتضمنت اللائحة المختصة بكيفية سير مصلحة الصحة الصادرة في 3 يناير 1881 في المادة
(10) (ضبط وربط ما يتعلق بالصحة البحرية والكورنتينات في السواحل المصرية الممتدة
على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وفي الحدود الأرضية من جهة الصحراء تحال
على عهدة نظار مكاتب الصحة ...) وعددت المادة (12) مكاتب الصحة من الدرجة الأولى
ومنها (مكتب حوض السويس ومحطة عيون موسى ومكتب الوجه المجعول مؤقتا في الطور
.....) كما طبقت على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة في 2 أبريل سنة 1884 وقد
نصت المادة (1) منها على أن (سواحل البحر المالح والحدود الفاصلة بين القطر المصري
والممالك المجاورة تعتبر خطاً للكمارك), كما تضمنت المادة (2) من تلك اللائحة أن
(... تمتد حدود المراقبة على السفن حتى مسافة عشرة كيلو مترات من الساحل .....)
حيث وقعت الجزيرتان في نطاق تطبيق لائحة الجمارك, وتضمنت الاتفاقية الموقع عليها
والمتبادلة في رفح في 3 شعبان سنة 1324 هجرية الموافق أول أكتوبر سنة 1906 بين
مندوبي الدولة العلية (تركيا) ومندوبي الخديوية الجليلة المصرية بشأن تعيين خط
فاصل إداري بين ولاية الحجاز ومتصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سينا النص في
المادة (1) على أن (يبدأ الخط الفاصل الإداري كما هو مبين بالخريطة المرفوقة بهذه
الاتفاقية من رأس طابه الكائنة على الساحل الغربي لخليج العقبة ويمتد إلى قمة جبل
فورت ماراَ على رؤوس جبال طابه ...... إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط ماراً بتلة
خرائب على ساحل البحر) وقد أصبح الخط الإداري المشار إليه هو خط الحدود الدولية
لمصر مع فلسطين، ولم تتضمن الاتفاقية المشار إليها أي نص يترتب عليه خروج جزيرتي
تيران وصنافير من الحدود المصرية, كما أن الجزيرتين تقعان عند مدخل خليج العقبة
بعيداً عن المنطقة التي ورد الاتفاق بشأنها, كما تضمن كتاب أطلس ابتدائي للدنيا
لاستعماله في المدارس المصرية المطبوع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة
المعارف العمومية في مصر والمطبوع عام 1922 والمعاد طبعه عام 1937 والذي اطلعت
المحكمة على أصله وأرفق بملف الدعوى صورة من خريطة مصر الواردة به وتضمنت جزيرتي
تيران وصنافير ضمن الأراضي المصرية, والثابت من صورة كتاب مدير عام مصلحة الحدود
بالنيابة بتاريخ 2/6/1943 إلى مدير مكتب وزير الدفاع الوطني والخريطة المرفقة به
رداً على كتاب الوزارة الخاص بطلب عدم إعاقة تحركات القوات البريطانية التي ستجرى
مناورة حرب في خليج العقبة، وتضمنت الخريطة المرفقة تحديد مكان المناورات في مضيق
تيران وعلى جزء من جزيرة تيران، وقد تضمن الكتاب الإشارة إلى الإجراءات التي اتخذت
في سبيل ذلك، وهو الأمر المستفاد منه أن القوات البريطانية أخطرت مصر صاحبة
السيادة على تلك المنطقة ومنها جزيرة تيران قبل إجراء المناورات.
كما أن الثابت من صورة أمر العمليات رقم 138 الصادر من وزارة الحربية
والبحرية المصرية بتاريخ 19/1/1950 إلى السفينة مطروح أنه خاص بتوصيل قوة عسكرية
إلى جزيرة تيران وإنشاء محطة إشارات بحرية بالجزيرة, كما أن الثابت من صورة كتاب
أمير البحار قائد عام بحرية جلالة الملك (ملك مصر والسودان) إلى مدير مكتب وزير
الحربية والبحرية المصرية المؤرخ 22 فبراير سنة 1950 برقم ع 12/3/11 (1845) رداً
على كتابه في شأن تموين قوات سلاح الحدود الملكي الموجودة بطابا وجزر فرعون وتيران
وصنافير، وهو ما يثبت وجود القوات المصرية على جزيرتي تيران وصنافير. والثابت من
صورة كتاب وكيل وزارة الخارجية المصرية إلى وكيل وزارة الحربية المصرية المؤرخ
26/2/1950 رداً على كتاب الوزارة بشأن ملكية جزيرة تيران أنه تضمن أن الجزيرة تدخل
ضمن تحديد الأراضي المصرية, كما تضمن كتاب وكيل وزارة المالية المصرية رقم 219-1/4
في فبراير سنة 1950 في شأن الرد على السؤال حول جزيرة تيران، أن مجموعة خرائط
القطر المصري الطبعة الأولى لسنة 1937 قد بينت على جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين
عند مدخل خليج العقبة تفاصيل الارتفاعات بكل منهما، وختم كتابه بأن جزيرة تيران-
محل السؤال- تدخل ضمن تحديد الأراضي المصرية، وقد أرفقت صورة من هذا الكتاب، ومن
الكتب المشار إليها بالمستندات المقدمة من المدعي في الدعوى رقم 43866 لسنة 70ق,
كما تضمن الكتاب الصادر من وزارة المالية سنة 1945 بأسم مسح لمصر- سجلاً بأسماء
الأماكن- survey of Egypt – index to place names اسم
تيران في صفحة 46 وفقا للثابت من حافظة المستندات التي أودعها المدعي في الدعوى
رقم 43866 لسنة 70ق بجلسة 7/6/2016 بعد أن أطلعت المحكمة على أصل الكتاب, كما صدر
المرسوم بشأن المياه الإقليمية للمملكة المصرية بتاريخ 15/1/1951 ونشر في الوقائع
المصرية في 18/1/1951 والذي نص في المادة (4) على أن: (تشمل المياه الداخلة في أراضى
المملكة: أ-............ ب-...........ج- المياه بين البر وبين أي جزيرة مصرية لا
تبعد عن البر أكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً د- المياه التي بين الجزر المصرية
التي لا يبعد إحداها عن الأخرى بأكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً) ونص في المادة (5)
على أن: (يقع البحر الساحلي للمملكة فيما يلي المياه الداخلية للمملكة ويمتد في
اتجاه البحر إلى مسافة ستة أميال بحرية) وطبقاً لهذا المرسوم فإن المياه بين جزيرة
صنافير وجزيرة تيران والمياه بين جزيرة تيران وسيناء مياه داخلية مصرية, وتم مد
البحر الإقليمي إلى مسافة 12 ميلا بحريا بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة
1958، ومنذ منتصف القرن العشرين شهدت الجزيرتان أحداثاً ملأت الدنيا وشغلت الناس
حيث فرضت مصر حصاراً بحرياً على إسرائيل ومنعتها من المرور في مضيق تيران، وأثير
الموضوع في منظمة الأمم المتحدة وتمسكت مصر بسيادتها على جزيرة تيران وبأن المضيق
يعد مياها داخلية مصرية، كما احتلت إسرائيل سيناء وجزيرتي تيران وصنافير عام 1956
وصدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1956 متضمناً مطالبة إسرائيل
بالانسحاب، وانسحبت إسرائيل في بداية عام 1957 من الأراضي المصرية التي احتلتها،
ومعلوم أن عدوان 1956 وقع على الأراضي المصرية دون غيرها من الدول العربية، كما
قبلت مصر وجود قوات الطوارئ الدولية في إطار ممارسة حقوقها في السيادة على الأراضي
المصرية، واحتلت إسرائيل سيناء وجزيرتي تيران وصنافير عام 1967، ثم وقعت اتفاقية
السلام مع إسرائيل وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 153 لسنة 1979 بالموافقة عليها
ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1979، وقد تضمنت هذه الاتفاقية انسحاب إسرائيل
إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وأن تستأنف مصر ممارسة
سيادتها الكاملة على سيناء طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من
الاتفاقية، كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من الاتفاقية ذاتها
الاتفاق بين البلدين على حق الملاحة والعبور الجوي عبر مضيق تيران, وطبقاً
للبروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن والخريطة المرفقة به
والملحق بالاتفاقية، فإن جزيرتي تيران وصنافير تقعان ضمن المنطقة (ج), وقد صدر
قرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بشأن الموافقة على اتفاقية قانون البحار
التي وقعت في مونتيجوبي بجاميكا بتاريخ 1/12/1982 والمنشور بالجريدة الرسمية في
4/5/1995 وتضمن موافقة مصر على الاتفاقية ونص في المادة الثانية منه على أنه
(حفاظاً على المصالح الوطنية المصرية سترفق جمهورية مصر العربية مع وثيقة تصديقها
إعلانات حول الموضوعات التالية إعمالا للمادة 310 من الاتفاقية: 1- .... 5- إعلان
بشأن المرور في مضيق تيران وخليج العقبة. 6-.....) وتضمن الإعلان المشار إليه أن
(جمهورية مصر العربية إذ تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والمعبر
عنها فيما بعد بالاتفاقية وإعمالا لحكم المادة 310 منها تعلن: أن ما ورد في معاهدة
السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة عام 1979 من نص خاص بالمرور في مضيق تيران
وخليج العقبة يسير في إطار التنظيم العام للمضايق كما ورد بالجزء الثالث من
الاتفاقية بما يتضمنه هذا التنظيم من عدم المساس بالنظام القانوني لمياه المضيق
ومن واجبات تكفل سلامة وحسن نظام دولة المضيق) ويستفاد من هذا الإعلان أن مصر
تمسكت بأن مضيق تيران مضيق وطني، وأن الأرض التي تقع على جانبيه سواء في سيناء أو
في جزيرة تيران هي أرض مصرية خاضعة لسيادتها. وقد تضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 27
لسنة 1990 ومرفقاته تحديد خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية
مصر العربية، وبحسب غرضه لم يتضمن التنازل عن أي جزء من الأقليم البري لجمهورية
مصر العربية أو تقرير أي حقوق لدول أخرى على الجزيرتين تيران وصنافير. كما صدر
قرار وزير الداخلية رقم 420 لسنة 1982 المنشور في الوقائع المصرية في 21/3/1982
بإنشاء نقطة شرطة مستديمة بجزيرة تيران ونص في المادة (1) على أن: (تنشأ نقطة شرطة
مستديمة بجزيرة تيران تتبع سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء تسمى نقطة شرطة جزيرة
تيران ويشمل اختصاصها جزيرتي تيران وصنافير).
- وصدر قرار وزير الداخلية رقم 865 لسنة 1982 والمنشور في الوقائع
المصرية بتاريخ 4/5/1982 وينص في المادة (2) منه على أن: (تنقل تبعية نقطة شرطة
جزيرة تيران المستديمة من قسم شرطة سانت كاترين إلى قسم شرطة شرم الشيخ بمحافظة
جنوب سيناء).
- وصدر قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 472 لسنة 1982 والمنشور
بالوقائع المصرية بتاريخ 11/5/1982 والذي أشار في ديباجته إلى قانون الزراعة رقم
53 لسنة 1966 ونص في المادة ( 1) على أن: (يحظر صيد الطيور والحيوانات بكافة
أنواعها في المناطق التالية بمحافظتي سيناء: ج – منطقة جزيرة تيران)
- وصدر قرار وزير السياحة رقم 171 لسنة 1982 المنشور بالوقائع المصرية
بتاريخ 26/6/1982 باعتبار منطقة ساحل جنوب سيناء (خليج العقبة) منطقة سياحية وتضمن
اعتبار المنطقة من طابا شمالا حتى رأس محمد جنوبا والجزر الواقعة داخل المياه
الإقليمية منطقة سياحية في مجال تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1973 بإشراف وزارة
السياحة على المناطق السياحية واستغلالها.
- وصدر القانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية وتضمنت
مذكرته الإيضاحية أن: (... 2- من بين المناطق المقترح جعلها محميات طبيعية جزيرة
تيران في خليج العقبة ....)
- وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 والمنشور بالوقائع
المصرية بتاريخ 26/11/1983 بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد وجزيرتي تيران
وصنافير بمحافظة جنوب سيناء.
- وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2035 لسنة 1996 والمنشور بالوقائع
المصرية بتاريخ 3/8/1996 متضمناً استمرار جزيرتي تيران وصنافير كمحميتين طبيعيتين
وفقاً للقانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية.
- كما صدر قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع رقم 367 لسنة 1986
والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 3/1/1978 بشأن تحديد المناطق الاستيراتجية ذات
الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها وتضمن البند (6/د) من
الشروط العامة الملحق بهذا القرار، "تعتبر المياه الإقليمية وبعمق 20 كم من
الساحل وكذا الجزر الواقعة في هذه المساحة مناطق استيراتيجية يلزم تصديق القوات
المسلحة على أي مطالب أو مشروعات بها" وقد خضع لأحكام هذا القرار جزيرتي
تيران وصنافير.
كما تضمن أطلس مصر والعالم الصادر من إدارة المساحة العسكرية بوزارة
الدفاع عام 2007 المودع ملف الدعوى خريطة سيناء و تضمن أن جزيرتي تيران وصنافير
ضمن حدود الدولة المصرية وتتبعان محافظة جنوب سيناء، كما تضمن شرحاً لخصائص
الجزيرتين ومساحة كل جزيرة. وصدر قرار وزير الداخلية رقم 80 لسنة 2015 بإنشاء قسم
ثان شرطة شرم الشيخ بمديرية أمن جنوب سيناء والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ
15/2/2015 وينص في المادة (1) منه على أن: (ينشأ بمديرية أمن جنوب سيناء قسم ثان
شرطة شرم الشيخ .... يشمل نطاق قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما يلي: .... جزيرة
صنافير – جزيرة تيران – وادي مرسى بريكه ....). وصدر قرار مساعد وزير الداخلية
لقطاع مصلحة الأحوال المدنية رقم 542 لسنة 2015 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ
16/3/2015 والذي ينص في المادة (1) على أن: (ينشأ بإدارة شرطة الأحوال المدنية
بجنوب سيناء قسم سجل مدني ثان شرم الشيخ مقره منطقة نبق فصلا من النطاق الجغرافي
لقسم سجل مدني شرم الشيخ .... يشمل نطاق اختصاص قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما
يلي: ..... جزيرة صنافير – جزيرة تيران – وادي مرسى بريكه
....)
ومن حيث أنه فضلاً عما سبق تفصيله من اعتبارات قانونية وتاريخية تثبت
مصرية الجزيرتين، فإن الواقع الحاصل على الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية
تمارس على الجزيرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة لا يزاحمها في ذلك أحد لدرجة أن مصر
ضحت بدماء أبنائها دفاعاً عن الجزيرتين وهو ما يفصح إفصاحاً جهيراً عن أنهما أراض
مصرية.
ومن حيث إنه نزولاً على كل ما تقدم يتضح أنه من المقطوع به أن كلاً من
جزيرة تيران وجزيرة صنافير أرضاً مصرية من ضمن الإقليم البري لمصر، وتقعان ضمن
حدود الدولة المصرية، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة،
وتخضع الجزيرتان للقوانين واللوائح المصرية، كما أن سيادة مصر عليها متحققة طبقاً
للمعايير المستقر عليها في القانون والقضاء الدوليين، وتبعاً لذلك يحظر التزاماً
بحكم الفقرة الأخيرة من المادة (151) من الدستور الحالي التنازل عنهما. ومن ثم
يكون ما قام به ممثل الحكومة المصرية من التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية
بين مصر والمملكة العربية السعودية في أبريل 2016 والتي تضمنت تنازل مصر عن
الجزيرتين للمملكة العربية السعودية بحجة أنهما تقعان داخل المياه الإقليمية
السعودية قد انطوى على مخالفة جسيمة للدستور تبطله وذلك على الرغم من محاولة ستر
هذا التنازل المحظور خلف اتفاق على ترسيم الحدود البحرية، لأن ترسيم الحدود
البحرية مع دولة لا يتصل إقليمها البري مع الإقليم البري المصري لا يجوز أن يمتد
أثره إلى أي جزء من الإقليم البري المصري الذي يشمل جزيرتي تيران وصنافير، وبناء
عليه يتعين الحكم ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها
مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها استمرار جزيرتي تيران وصنافير ضمن الإقليم
البري للدولة المصرية وضمن حدودها واستمرار خضوعهما للسيادة وللقوانين المصرية
وحظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح دولة أخرى، وأن تظل المياه التي تفصل بين جزيرة
تيران وجزيرة صنافير مياها داخلية مصرية، وكذلك المياه التي تفصل بين جزيرة تيران
وسيناء مياها داخلية مصرية، واستمرار مضيق تيران واقعاً داخل الأراضي المصرية من
الناحيتين مع استمرار حقوق مصر عليه بوصفها دولة المضيق وفقا لقواعد معاهدة فيينا
لقانون المعاهدات وقواعد القانون الدولي والأصول الدبلوماسية المتبعة في هذا الشأن.
ومن حيث إن الفصل في الدعويين يغني عن الفصل في الطلب الإحتياطي
للمدعي في الدعوى رقم 43866 لسنة 70ق.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من
قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولا: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين
وباختصاصها بنظرهما.