برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عبد المنعم علما, ضياء أبو الحسن, محمد محمد المرسي وهشام فراويلة نواب
رئيس المحكمة.
---------
- 1 حكم "حجية الأحكام:
ما يجوز الحجية: أجزاء الحكم التي تحوز الحجية".
حجية الحكم. اقتصارها على ما فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية سواء في
المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به. ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل أو ما يرد في
أسباب الحكم زائداً عن حاجة الدعوى. لا يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن حجية الحكم تقتصر على ما قد يكون
قد فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية، سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به والتي
لا يقوم بدونها. وأن ما لم تنظره المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز
قوة الأمر المقضي، كما أن الأسباب الزائدة التي لا حاجة للدعوى بها ويستقيم الحكم
بدونها لا حجية لها.
- 2 حكم "حجية الأحكام: ما يجوز الحجية: أجزاء الحكم التي تحوز
الحجية".
الحكم النهائي. التزام المحكمة المحال إليها الدعوى به في نطاق الأساس
الذي قام عليه طالما أن أسبابه جاءت واضحة في الأساس.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التزام المحكمة بالحكم النهائي
يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم والذي أورده في أسبابه المرتبطة
بمنطوقة دون خروج عليه تحت دواعي التفسير أو التأويل ما دامت أسبابه جاءت واضحة في
بيان هذا الأساس.
- 3 دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز
تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على
الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة
الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون. غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه
اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم
لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع
عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على
صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته
بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص.
- 4 تحكيم "هيئة
التحكيم".
القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 18 من ق 48 لسنة
1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي بشأن هيئة التحكيم وبسقوط فقراتها الثالثة والرابعة
والخامسة وما ورد بالفقرتين السادسة والسابعة. مؤداه. لم يعد هناك تحكيم في
منازعات البنك مع المتعاملين معه. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح .
إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المنشور بالعدد الثاني من
الجريدة الرسمية بتاريخ 12 من يناير سنة 1995 بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من
المدة 18 من القانون رقم 48 لسنة 1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي وبسقوط فقراتها
الثالثة والرابعة والخامسة وكذلك ما ورد بفقرتيها السادسة والسابعة متعلقاً بهيئة
التحكيم المنصوص عليها في الفقرة الثانية، وكانت المحكمة ملزمة بتطبيق هذا الحكم
من تاريخ نشره بما مؤداه أنه لم يعد هناك تحكيم في منازعات البنك مع المتعاملين
معه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى
لوجود شرط التحكيم تأسيساً على أن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية نص المادة
18/2 سالفة الذكر وأن اتفاق التحكيم وإن وجد قد أصبح غير قابل للتنفيذ نتيجة حكم
المحكمة الدستورية سالف الذكر، وكان ذلك كافياً لإقامة الحكم المطعون فيه فإن
النعي عليه يكون على غير أساس.
- 5 محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير عمل الخبير".
لمحكمة الموضوع تقدير تقرير الخبير والأدلة الأخرى في الدعوى
والمفاضلة بينها. عدم التزامها بإجابة طلب ندب خبير آخر متى وجدت في أوراق الدعوى
ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في
تقدير عمل الخبير باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى والموازنة بين
الأدلة المقدمة فيها والمفاضلة بينها وأنها غير ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب إعادة
المأمورية إلى الخبير أو ندب خبيراً آخر أو إعادة الدعوى إلى المرافعة متى رأت في
الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم ....... لسنة 1996 تجاري جنوب
القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامها بأداء مبلغ 108200 جنيه،
328858 دولار أمريكي تأسيساً علي أنه بموجب عقد مؤرخ 20 من يونيه سنة 1980 اتفق
البنك المطعون ضده والطاعنين على تكوين شركة الصناعات الإلكترونية برأسمال قدره
468400 جنيه، واتفق الطرفان علي أن يقوم البنك المطعون ضده بسداد حصتهما في رأس
المال بموجب قرض يتم تسويته عند استكمال إجراءات التأسيس، وأنه تم تنفيذ هذا
الاتفاق، ومن ثم يكونان مدينين بتلك المبالغ، ومن ثم أقام دعواه.
حكمت المحكمة بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1996 بإلزام الطاعنين في الطعن
رقم 620 لسنة 69ق بأن يؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ 338400 جنيه.
أقام الطاعن الأول الدعوى رقم...... لسنة 1997 تجاري جنوب القاهرة
الابتدائية على البنك المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بتسليم أصل عقد القرض وإذن
الصرف الخاص بعقد القرض، وإذ عجز عن تقديمهما الحكم ببراءة ذمته من المبالغ
المطالب بها.
تدخل الطاعن الثاني هجومياً في الدعوى طالباً الحكم ببراءة ذمته مما
ورد باتفاق تقييم الحصص العينية محل التداعي.
حكمت المحكمة بتاريخ 21 من مايو سنة 1997 ببراءة ذمة كلاً من الطاعنين
من دين عقد القرض وإذن الصرف وكشف تقييم الحصص العينية.
استأنف الطاعن الأول الحكم الصادر في الدعوى رقم...... لسنة 1996
تجاري جنوب القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 114ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن
الثاني بالاستئناف رقم ..... لسنة 114ق القاهرة، واستأنف البنك المطعون ضده الحكم
الصادر في الدعوى رقم ...... لسنة 1997 تجاري جنوب القاهرة بالاستئناف رقم
........ لسنة 114ق القاهرة.
ضمت المحكمة الاستئنافين الثاني والثالث للأول، وبتاريخ 19/ 5/ 1999
قضت في الاستئنافين رقمي ......، ........ لسنة 114ق بتعديل الحكم المستأنف إلى
إلزام الطاعن الأول بأداء مبلغ 138400 جنيه والطاعن الثاني مبلغ 2000000 جنيه
للبنك المطعون ضده وتأييده فيما عدا ذلك، وفي الاستئناف الثالث بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض الدعوى.
طعن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 580، 620 لسنة
69ق، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ عُرِض الطعنان على
هذه المحكمة في غرفة مشورة أمرت بضم الطعن الثاني إلى الأول وحددت جلسة لنظرهما،
وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول من أسباب الطعن رقم 580 لسنة
69ق والسبب الثالث من أسباب الطعن رقم 620 لسنة 69ق على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنهما تمسكا بحجية الحكم الصادر في
الدعوى رقم ..... لسنة 1988 واستئنافهما رقمي ......، ....... لسنة 110ق الذي أخذ
بالنتيجة التي انتهى إليها تقريري الخبير المودعين ملف هذه الدعوى من أن الطاعنين
أوفى كلاً منهما بالتزاماتهما كاملة ودفعا حصصهما بالكامل نقداً في رأسمال الشركة
إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
لاختلاف موضوع الدعويين وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة – أن حجية الحكم تقتصر على ما قد يكون قد فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية،
سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به والتي لا يقوم بدونها، وأن ما لم تنظره
المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، كما أن
الأسباب الزائدة التي لا حاجة للدعوى بها ويستقيم الحكم بدونها لا حجية لها، ومن
المقرر أيضاً أن التزام المحكمة بالحكم النهائي يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه
هذا الحكم والذي أورده في أسبابه المرتبطة بمنطوقه دون خروج عليه تحت دواعي
التفسير أو التأويل ما دامت أسبابه جاءت واضحة في بيان هذا الأساس.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم
...... لسنة 1988 تجاري جنوب القاهرة واستئنافهما رقمي ......، ........ لسنة 110ق
أن موضوعهما كان تصفية الحساب بين الأطراف في شركة الصناعات الإلكترونية وهو يختلف
تماماً عن موضوع الدعوى الماثلة الذي يطالب فيها البنك المطعون فيه بإلزام
الطاعنين بأداء قيمة القرض الذي كان قد منحه لهما بموجب اتفاق تقييم الحصص العينية
وهي مسألة لم تكن مطروحة في الدعوى الأولى ولم يناقشها خصوم تلك الدعوى ولم يعرض
لها الحكم الصادر فيها في أسبابه المؤدية لمنطوقه لأن اطمئنان المحكمة في الدعوى
السابقة لتقرير الخبير الذي تعرض لمسألة سداد حصة رأس المال نقداً أو عيناً لا يعدو
أن يكون استطراداً زائداً لا حجية له، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه
يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب الأول من أسباب الطعن رقم 620 لسنة
69ق والسبب الثاني من أسباب الطعن رقم 580 لسنة 69ق على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون ومخالفته ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع
بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم استناداً إلى قضاء المحكمة الدستورية العليا
بعدم دستوريته بقضائها بعدم دستورية المادة 18 من قانون إنشاء البنك الخاص
بالتحكيم الإجباري، رغم اتفاق الخصوم سلفاً على اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات
بينهم وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء النقض – أنه
يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير
ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في
الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم
باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية
المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره
قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ
نفاذ النص.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية قد قضت بحكمها المنشور بالعدد
الثاني من الجريدة الرسمية بتاريخ 12 من يناير سنة 1995 بعدم دستورية نص الفقرة
الثانية من المادة 18 من القانون رقم 48 لسنة 1977 بإنشاء بنك ....... الإسلامي
وبسقوط فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة وكذلك ما ورد بفقرتيها السادسة والسابعة
متعلقاً بهيئة التحكيم المنصوص عليها في الفقرة الثانية وكانت المحكمة ملزمة
بتطبيق هذا الحكم من تاريخ نشره بما مؤداه أنه لم يعد هناك تحكيم في منازعات البنك
مع المتعاملين معه، وإذ التزم التحكيم تأسيساً على أن المحكمة الدستورية قضت بعدم
دستورية نص المادة 18/ 2 سالفة الذكر وأن اتفاق التحكيم وإن وجد قد أصبح غير قابل
للتنفيذ نتيجة حكم المحكمة الدستورية سالف الذكر، وكان ذلك كافياً لإقامة الحكم
المطعون فيه فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث أن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني من أسباب الطعن رقم 620 لسنة
69ق والسبب الثالث من أسباب الطعن رقم 580 لسنة 69ق علي الحكم المطعون فيه القصور
في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه التفت عن طلب التصريح باستخراج شهادة
ببراءة ذمتهما من البنك المركزي بمقولة أن هذا الطلب قصد به عرقلة الفصل في الدعوى
كما التفت عن طلب ندب خبير آخر في الدعوى دون أسباب بما يعيب الحكم المطعون فيه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء محكمة النقض –
أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير باعتباره عنصراً من عناصر
الإثبات في الدعوى والموازنة بين الأدلة المقدمة فيها والمفاضلة بينها وأنها غير
ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير أو ندب خبيراً آخر أو
إعادة الدعوى إلى المرافعة متى رأت في الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبد طلبه بالتصريح باستخراج الشهادة
المنوه عنها إلا بطلب إعادة الدعوى للمرافعة وهو أمر متروك لمطلق تقدير محكمة
الموضوع التي لها السلطة التامة في عدم ندب خبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي
لتكوين عقيدتها بما يكون معه النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف على غير أساس.