الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 ديسمبر 2016

الطعن 83 لسنة 78 ق جلسة 23 / 6 / 2009 مكتب فني 60 رجال قضاء ق 15 ص 100

جلسة 23 من يونيو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني يوسف، صلاح الدين كامل أحمد، عبد الرحمن أحمد مطاوع نواب رئيس المحكمة وناصر السعيد مشالي.
----------
(15)
الطعن 83 لسنة 78 ق "رجال قضاء"
- 1  نقض "الخصوم في الطعن: من يوجه إليه الطعن".
الطعن بالنقض. عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
- 2  اختصاص "الإحالة إلى المحكمة المختصة: حالاته".
قضاء المحكمة بالإحالة إلى محكمة أخرى. أثره. وجوب تحديد جلسة للخصوم يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى. النطق بقرار الإحالة. اعتباره إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم. شرط ذلك.
- 3  إعلان. 
حضور الطاعن جلسة التحضير وتحديد جلسة للمرافعة بناء على طلبه. أثره. لا محل لإعلانه بهذا القرار. علة ذلك.
- 4  تأديب "تنبيه".
مخالفة القاضي لواجبات ومقتضيات وظيفته. لوزير العدل – إذا ارتأى عدم كفاية جزاء التنبيه – إحالته إلى مجلس تأديب القضاة. مؤداه. رفض المجلس الأخير إحالة القاضي للمعاش أو نقله إلى وظيفة غير قضائية. استرداد مدير إدارة التفتيش القضائي سلطته في توقيع جزاء التنبيه عن ذات المخالفة. المادتان 94/4، 111 ق السلطة القضائية المعدل بق 142 لسنة 2006. علة ذلك.
- 5  تأديب "تنبيه".
لمدير إدارة التفتيش القضائي حق تنبيه الرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها. شرطه. مخالفتهم لمقتضيات وظائفهم. م 94/4 ق السلطة القضائية المعدل بق 142 لسنة 2006.
- 6  تأديب "تنبيه".
ثبوت صحة الواقعة المنسوبة إلى الطاعن بما يبرر توجيه التنبيه إليه. مؤداه. رفض طلب إلغاؤه.
---------------
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته لم يختصم أمام محكمة الاستئناف وبذلك لا يكون خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن اختصامه في الطعن بالنقض يكون غير مقبول.
2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 113 من قانون المرافعات أنه إذا قضت المحكمة بالإحالة فعليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى ويعتبر النطق بقرار الإحالة إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم ما لم يكن قد انقطع تسلسل الجلسات لأي سبب بعد حضورهم أو تقديم المذكرة فعندئذ على قلم الكتاب إعلان الخصم الغائب بقرار الإحالة بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول.
3 - إذ كان البين من الأوراق ومحضر جلسة التحضير المؤرخ 16 ديسمبر سنة 2007 عدم حضور الطاعن بها، إلا أنه بتاريخ 30 ديسمبر سنة 2007 تقدم الأخير بطلب إلى رئيس دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة الاستئناف لتقصير الجلسة المحددة لاستكمال التحضير فتم تقصيرها إلى جلسة 21 فبراير سنة 2008 مع التأشير على الطلب بأن "على الطاعن استيفاء باقي الإجراءات"، ثم أثبت بمحضر جلسة التحضير المنعقدة في 17 فبراير سنة 2008 حضور الطاعن طالبا إعادة الدعوى إلى المرافعة فاستجابت له المحكمة وحددت جلسة 21 أبريل سنة 2008 للمرافعة وفيها نظرت الدعوى أمام المحكمة بكامل تشكيلها ولم يحضر فيها الطاعن، وحجزت على أثرها الدعوى للحكم لجلسة 19 يونية سنة 2008 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكان حضور الطاعن بجلسة التحضير 17 فبراير سنة 2008 واستجابة مستشار التحضير إلى طلبه إعادة الدعوى إلى المرافعة وتحدد لذلك جلسة 21 أبريل سنة 2008 فإن تخلف الطاعن عن الحضور بها رغم علمه بجلسة المرافعة ليس من شأنه أن يؤدي إلى عدم انعقاد الخصومة في الدعوى الذي يستتبع بطلان الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يضحى معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
4 - مفاد النص في الفقرة الرابعة من المادة 94 وفي المادة 111 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 أن لوزير العدل - إذا ما وقع من أحد القضاة ما يعد مخالفاً لواجبات أو مقتضيات عمله – الحق في تقرير مدى جسامة هذه المخالفة، فإذا ارتأى أن جزاء التنبيه غير كافٍ أحاله إلى مجلس التأديب لتوقيع أحد الجزاءين إما الإحالة إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، فإذا رفض المجلس ذلك كان لمدير إدارة التفتيش القضائي أن يسترد حقه في توقيع جزاء التنبيه عن ذات المخالفة بعد أن استحال مجازاة القاضي عنها بعقوبة أشد من هذا المجلس. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول بصفته طلب إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب عن الواقعة محل التنبيه لمبررات ارتآها أنها تستأهل أحد الجزاءين سالفي الذكر فأصدر قراره بالرفض، فإن في قيام مدير إدارة التفتيش القضائي بتوجيه التنبيه محل الطعن للطاعن كأثر لذلك الرفض وذلك وفقاً للحق المقرر له في الفقرة الرابعة من المادة 94 سالفة الذكر بما لا يعد ذلك توقيعاً لجزاء آخر عن ذات الواقعة وإنما استبدالا للجهة المنوط بها إصدار القرار التأديبي الواحد، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
5 - المقرر أن لمدير إدارة التفتيش القضائي طبقاً للفقرة الرابعة من المادة 94 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 الحق في تنبيه الرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها إلى ما يقع منهم مخالفاً واجبات ومقتضيات وظائفهم.
6 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن ثبوت صحة الواقعة التي نسبت إلى الطاعن بما يبرر توجيه التنبيه إليه يترتب عليه رفض طلب إلغائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعن إلغاء التنبيه الموجه إليه رقم ...... لسنة 2006/2007 على ما استخلصه من تحقيقات الشكوى رقم ...... لسنة 2006 حصر عام التفتيش القضائي من صحة ما نسب إلى الطاعن من وقائع تخالف القيم والمبادئ السامية التي يجب على القاضي التحلي بها وذلك بتلاعبه بالزواج والطلاق لمساعدة زوجته الشاكية في الحصول على حكم بالاحتفاظ بحضانة صغارها من زوج سابق وهو ما يعد غشاً وتحايلاً على القانون إضراراً بالغير، ولما كان ما آتاه الطاعن من سلوك يتنافى مع مقتضيات العمل القضائي ويمس وينال من هيبة رجل القضاء ونظرة المجتمع له، فإن توجيه التنبيه إليه يكون متفقاً مع صحيح القانون مستخلصاً من أصول ثابتة بالأوراق بما يضحى معه طلب إلغائه على غير أساس.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم........ لسنة 124ق استئناف القاهرة "دائرة رجال القضاء" على المطعون ضده الأول بصفته ومساعد الوزير مدير التفتيش القضائي بصفته ابتغاء الحكم بإلغاء التنبيه رقم ....... لسنة 2006/ 2007 الموجه إليه ورفعه من ملفه السري ومحو أي أثر من آثاره، وقال بياناً لذلك إنه بتاريخ 14 يناير سنة 2007 أصدر المطعون ضده الأول بصفته قراره بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب والصلاحية لما نسب إليه في الشكوى رقم ....... لسنة 2006 تفتيش قضائي الذي أصدر قراره في 27 فبراير سنة 2007 بالرفض وذلك دون أن يصدر من المجلس أية توصيات بشأنه، إلا أنه بتاريخ 23 أبريل سنة 2007 وجهت إليه إدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل التنبيه موضوع الدعوى في ذات الشكوى سالفة الذكر رغم سابقة إحالته إلى مجلس التأديب والصلاحية عنها، وإذ كانت الواقعة محل الشكوى سالفة الذكر لا تفقده الصلاحية وقد خلى ملفه من أية شكاوى أخرى، فإن توجيه هذا التنبيه إليه يكون من قبيل التعسف وإساءة استعمال السلطة، فقد أقام الدعوى
بتاريخ 19 يونيه سنة 2008 قضت محكمة الاستئناف برفض الدعوى
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته وفي الموضوع برفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن الدفع المثار من النيابة في محله، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته لم يختصم أمام محكمة الاستئناف وبذلك لا يكون خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن اختصامه في الطعن بالنقض يكون غير مقبول
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه بطلان انعقاد الخصومة أمام محكمة الاستئناف لعدم إعلانه بالجلسة التي حددت لنظر طلبه، ذلك أن الطلب تأجل نظره إدارياً لعدم اكتمال الهيئة دون إعلانه بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ودون أن يمثل أمام المحكمة ليبدي دفاعه، الأمر الذي يبطل الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 113 من قانون المرافعات أنه إذا قضت المحكمة بالإحالة فعليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى ويعتبر النطق بقرار الإحالة إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم ما لم يكن قد انقطع تسلسل الجلسات لأي سبب بعد حضورهم أو تقديم المذكرة فعندئذ على قلم الكتاب إعلان الخصم الغائب بقرار الإحالة بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومحضر جلسة التحضير المؤرخ 16 ديسمبر سنة 2007 عدم حضور الطاعن بها، إلا أنه بتاريخ 30 ديسمبر سنة 2007 تقدم الأخير بطلب إلى رئيس دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة الاستئناف لتقصير الجلسة المحددة لاستكمال التحضير فتم تقصيرها إلى جلسة 21 فبراير سنة 2008 مع التأشير على الطلب بأن "على الطاعن استيفاء باقي الإجراءات"، ثم أثبت بمحضر جلسة التحضير المنعقدة في 17 فبراير سنة 2008 حضور الطاعن طالباً إعادة الدعوى إلى المرافعة فاستجابت له المحكمة وحددت جلسة 21 أبريل سنة 2008 للمرافعة وفيها نظرت الدعوى أمام المحكمة بكامل تشكيلها ولم يحضر فيها الطاعن، وحجزت على أثرها الدعوى للحكم لجلسة 19 يونيه سنة 2008 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكان حضور الطاعن بجلسة التحضير 17 فبراير سنة 2008 واستجابة مستشار التحضير إلى طلبه إعادة الدعوى إلى المرافعة وتحدد لذلك جلسة 21 أبريل سنة 2008، فإن تخلف الطاعن عن الحضور بها رغم علمه بجلسة المرافعة ليس من شأنه أن يؤدي إلى عدم انعقاد الخصومة في الدعوى الذي يستتبع بطلان الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يضحى معه النعي بهذا السبب على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض، وفي بيان ذلك يقول إن التحقيقات التي تمت معه كانت عن واقعة واحدة هي الخلاف مع زوجته وهو أمر لا يمس أهليته أو ينال من صلاحيته في العمل القضائي بما يضحى معه إحالته للصلاحية عنها ثم توجيه هذا التنبيه إليه إنما ينم عن سوء استغلال للسلطة والتعسف في استعمالها، هذا إلى أن دعوى الصلاحية وقد انتهت إلى الرفض فإن ذلك يستتبع عدم جواز توقيع جزاء آخر عليه عن ذات الواقعة إعمالاً لقاعدة عدم جواز المجازاة عن الواقعة الواحدة مرتين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض طلبه إلغاء التنبيه الموجه إليه، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الرابعة من المادة 94 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 على أن "ولمدير إدارة التفتيش القضائي حق تنبيه الرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها بعد سماع أقوالهم على أن يكون لهم إذا كان التنبيه كتابة حق الاعتراض أمام المجلس المشار إليه"، وفي المادة 111 منه على أن "إذا ظهر في أي وقت أن القاضي فقد أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية يرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه في المادة 98 (مجلس تأديب القضاة) ....... ويصدر المجلس حكمه مشتملاً على الأسباب التي بني عليها إما بقبول الطلب وإحالة القاضي إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية وإما برفض الطلب ...... " مفاده أن لوزير العدل إذا ما وقع من أحد القضاة ما يعد مخالفاً لواجبات أو مقتضيات عمله – الحق في تقرير مدى جسامة هذه المخالفة فإذا ارتأى أن جزاء التنبيه غير كافٍ أحاله إلى مجلس التأديب لتوقيع أحد الجزاءين إما الإحالة إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، فإذا رفض المجلس ذلك كان لمدير إدارة التفتيش القضائي أن يسترد حقه في توقيع جزاء التنبيه عن ذات المخالفة بعد أن استحال مجازاة القاضي عنها بعقوبة أشد من هذا المجلس
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول بصفته طلب إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب عن الواقعة محل التنبيه لمبررات ارتآها أنها تستأهل أحد الجزاءين سالفي الذكر فأصدر قراره بالرفض، فإن في قيام مدير إدارة التفتيش القضائي بتوجيه التنبيه محل الطعن للطاعن كأثر لذلك الرفض وذلك وفقاً للحق المقرر له في الفقرة الرابعة من المادة 94 سالفة الذكر بما لا يعد ذلك توقيعاً لجزاء آخر عن ذات الواقعة وإنما استبدالاً للجهة المنوط بها إصدار القرار التأديبي الواحد، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه ورد بالتنبيه وصف للعلاقة الزوجية بالصورية وهو وصف لا يطابق الواقع فضلاً عن أن هذا الأمر معروض على القضاء بما يمتنع معه تناوله في هذا التنبيه هذا إلى أن هذه العلاقة كانت قائمة ومنتجة لآثارها الشرعية سواء كانت رسمية أم عرفية وأن انفصال عراها بعد قرار الإحالة للصلاحية ليس من شأنه أن يخل بالثقة الواجب توفرها في القاضي أو يعد تحايلاً منه على القانون، وأن وقفه عن العمل يعد ردعاً كافياً لا يستوجب جزاء آخر، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلبه وتأييد التنبيه، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمدير إدارة التفتيش القضائي طبقاً للفقرة الرابعة من المادة 94 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 الحق في تنبيه الرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها إلى ما يقع منهم مخالفاً واجبات ومقتضيات وظائفهم، وأن ثبوت صحة الواقعة التي نسبت إلى الطاعن بما يبرر توجيه التنبيه إليه يترتب عليه رفض طلب إلغائه
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعن إلغاء التنبيه الموجه إليه رقم 11 لسنة 2006/ 2007 على ما استخلصه من تحقيقات الشكوى رقم 127 لسنة 2006 حصر عام التفتيش القضائي من صحة ما نسب إلى الطاعن من وقائع تخالف القيم والمبادئ السامية التي يجب على القاضي التحلي بها وذلك بتلاعبه بالزواج والطلاق لمساعدة زوجته الشاكية في الحصول على حكم بالاحتفاظ بحضانة صغارها من زوج سابق وهو ما يعد غشاً وتحايلاً على القانون إضراراً بالغير، ولما كان ما آتاه الطاعن من سلوك يتنافى مع مقتضيات العمل القضائي ويمس وينال من هيبة رجل القضاء ونظرة المجتمع له، فإن توجيه التنبيه إليه يكون متفقاً مع صحيح القانون مستخلصاً من أصول ثابتة بالأوراق بما يضحى معه طلب إلغائه على غير أساس، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.

الطعنان، 101 ، 100 لسنة 78 ق جلسة 28 / 4 / 2009 مكتب فني 60 رجال قضاء ق 14 ص 93

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم دسوقي، أحمد الحسيني يوسف، صلاح الدين كامل أحمد وعبد الرحمن أحمد مطاوع نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1  إجراءات "إجراءات الطلب: ميعاد تقديم الطلب: وقف الميعاد".
التظلم الاختياري من القرار لدى الجهة المصدرة له أو الجهة الرئاسية خلال الميعاد. أثره. وقف سريان ميعاد دعوى الإلغاء.
المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن التظلم الاختياري من القرار لدى الجهة التي أصدرته أو الجهات الرئاسية وفقاً للمبادئ العامة للقانون في خلال ميعاد رفع دعوى الإلغاء، إجراء يمتنع معه بدء سريان هذا الميعاد.
- 2 تأديب "ملاحظة".
تظلم عضو النيابة العامة على الملاحظة الموجه إليه لدى اللجنة المختصة بإدارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بها. أثره. وقف سريان ميعاد الطعن لحين صدور قرار في التظلم وإخطاره. المادتان 12، 15 من لائحة التفتيش القضائي بالنيابة العامة. خلو الأوراق من الإخطار بالقرار. مؤداه. انفتاح ميعاد الطعن أمام المحكمة المختصة.
النص في المادتين 12، 15 من لائحة التفتيش القضائي بالنيابة العامة – المعدلة بقرار وزير العدل رقم 2592 لسنة 1992 - مفاده أن اللائحة نظمت إجراءات تظلم عضو النيابة العامة على الملاحظة القضائية الموجهة إليه، وذلك بأن يتظلم منها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بها، أمام اللجة المختصة على أن يُخطر بالقرار الصادر منها فور صدوره، مما مؤداه أن تقديم الاعتراض بالإجراءات سالفة الذكر من شأنه عدم بدء سريان ميعاد الطعن حتى يصدر قرار فيه ويخطر المتظلم به. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده تقدم باعتراضه على الملاحظة القضائية الموجهة إليه إلى اللجنة المشار إليها في المادة الثالثة عشر من لائحة التفتيش القضائي بالنيابة العامة بتاريخ 11 سبتمبر سنة 2002 وذلك بعد إعلانه بها بتاريخ 5 سبتمبر سنة 2002 أي في خلال الميعاد الوارد في المادة الثانية عشرة من هذه اللائحة، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إخطار المطعون ضده بقرار هذه اللجنة كما لم يقدم الطاعن بصفته ما يفيد تحققه بما يكون معه الطعن على هذه الملاحظة القضائية أمام المحكمة المختصة بنظره مفتوحاً، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
- 3  تأديب "ملاحظة".
ثبوت أن الواقعة المسندة إلى الطاعن لا تبرر توجيه الملاحظة إليه. مؤداه. اعتبار القرار الصادر بها مفتقداً لركن السبب. أثره. إلغاؤه واعتباره كأن لم يكن.
المقرر – في قضاء محكمة النقض - أنه متى كانت الاعتبارات المستمدة من الواقعة المسندة إلى رجل القضاء في تحقيقات الشكوى لا تبرر توجيه الملاحظة إليه فإن القرار الصادر بها يكون مفتقراً للسبب المبرر له مما يتعين معه إلغاؤه واعتبارها كأن لم تكن.
- 4  مسئولية "ثبوت المسئولية وانتفائها".
حق التبليغ من الحقوق المباحة. أثره. انتفاء مسئولية المبلغ إلا في حالة ثبوت كذب البلاغ وتوفر سوء القصد ابتغاء مضارة المبلغ ضده.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن حق التبليغ من الحقوق المباحة للأشخاص واستعماله لا يدعو إلى مساءلة ما دام لم ينحرف به صاحبه عن الحق المباح ابتغاء مضارة المبلغ ضده، إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها، وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد بنية الكيد والنيل ممن أبلغ ضده. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق، أن إبلاغ الطاعن للشرطة لما بدر من السائق المخصص لتنقلاته من ألفاظ غير لائقة وتسببه في فقدان إحدى حقائبه كان بتوجيه من السيد المستشار/ رئيس المحكمة الابتدائية المشرف على الانتخابات المنتدب إليها الطاعن، واستعمالاً لحقه المقرر للكافة وأن الأوراق قد خلت من أن إقدامه عليه أو عدوله عنه بعد ذلك كان وليد تسرع أو رعونة أو ابتغاء مضارة أحد وأنه سلك مسلك الشخص المعتاد في مثل ظروف الواقعة محل الطعن، فإن مسلكه هذا لم يبلغ حداً يمكن أن يوصف بالإخلال بواجبات ومقتضيات وظيفته الذي يتحقق بإتيان فعل يحرمه القانون أو امتناعه عن فعل يوجبه، أو أخل أو قصر في أداء تلك الواجبات أو أخل بكرامة الهيئة التي ينتمي إليها بما ينال من الثقة الموضوعة فيها وفيمن يمثلها فإن توجيه الملاحظة للطاعن يكون قد افتقد أساسه، ويكون معه الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر معيباً.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم...... لسنة 124 ق أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ابتغاء الحكم بإلغاء الملاحظة القضائية رقم...... لسنة 2001 واعتبارها كأن لم تكن وما يترتب عليها من آثار، وقال بياناً لذلك إنه أخطر بالملاحظة لما نُسب إليه في تحقيقات الشكوى رقم....... لسنة 2001 حصر عام التفتيش القضائي، أنه أثناء تواجده بمدينة المنصورة صباح يوم 28 مايو سنة 2001 بعد انتهائه من المشاركة في الإشراف القضائي على انتخاب أعضاء مجلس الشورى بمحافظة الدقهلية قام باستدعاء شرطة النجدة للتعامل مع قائد السيارة التي كانت مخصصة لتنقلاته لتحدثه معه بطريقة غير لائقة ورفضه توصيله إلى محل إقامته (المحدد له) بمدينة جمصة كما أنه تسبب في فقد إحدى حقائبه، وإذ حضر أمين شرطة لفحص البلاغ أخبره بعدم وجود شيء وبإزالة أسباب الشكوى التي دعته للإبلاغ مما حدا بالشاكي – السائق – أن يتقول عليه بأقوال لم يثبت صدورها عنه، وبذلك وضع نفسه طرفاً في خصومة واتخذ من وظيفته وسيلة للعنت به وهو ما سلم به وبرره بما هو غير سائغ ومقبول – على نحو ما جاء بأقواله بالتحقيقات – مما يعد مخالفة لما توجبه المادة 36 من التعليمات العامة للنيابات، ولما كانت هذه الملاحظة ليس لها ما يبررها، إذ إن الشاكي – السائق – لم يلتزم بالمأمورية المكلف بها في العملية الانتخابية سواء في مواعيد الحضور أو الانصراف دون استئذان، كما أنه أحاط السيد المستشار/ رئيس محكمة المنصورة الابتدائية (رئيس غرفة العمليات) بواقعة فقد حقيبته الشخصية وامتناع السائق عن توصيله إلى محل إقامته – المحدد له – بمدنية جمصة فأشار له بإخطار الشرطة إلا أنه نظراً لاعتذار ورجاء أهل السائق تنازل عن شكواه وهو – ما يعد من قبيل العفو عند المقدرة – ولا ينبئ بذاته عن اتخاذه من وظيفة وسيلة إعنات به، هذا إلى أنه لم يثبت بتحقيقات التفتيش القضائي بالنيابة العامة صحة ما جاء بالشكوى بما يدل على كيديتها، سيما وأن توجيه هذه الملاحظة تعد جزاءً آخر عن ذات الواقعة إذ سبق أن جوزي عنها بالنقل من نيابة شمال بنها الكلية إلى نيابة شمال المنصورة الكلية، لذا فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 25 سبتمبر سنة 2008 قضت المحكمة برفض الطلب

طعن طرفا هذا الحكم بطريق النقض، السيد المستشار وزير العدل بصفته بالطعن رقم 100 لسنة 78 ق والطاعن بالطعن رقم 101 لسنة 78 ق، وقدمت النيابة مذكرة في کلٍ أبدت فيها الرأي في أولهما برفضه، وفي الثاني بنقض الحكم المطعون فيه، وبعد أن قررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة

حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 100 لسنة 78 ق 
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه وإن قضى برفض دعوى المطعون ضده إلا أنه في قضائه بقبولها شكلاً، يكون قد فصل ضمناً برفض الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لخلو قانون السلطة القضائية من نص يوجب التظلم من القرار المطعون فيه قبل رفع الدعوى، وكان المطعون ضده قد أُخِطَر بالملاحظة رقم 111 لسنة 2001 في غضون عام 2001 ولم يقم برفع دعواه إلا بتاريخ 12 من يوليه سنة 2007 الأمر الذي يعني فوات ميعاد الثلاثين يوماً التي تطلبها المشرع في قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 لرفع الدعوي فتضحي مقامة بعد الميعاد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن التظلم الاختياري من القرار لدى الجهة التي أصدرته أو الجهات الرئاسية وفقاً للمبادئ العامة للقانون في خلال ميعاد رفع دعوى الإلغاء – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إجراء يمتنع معه بدء سريان هذا الميعاد، وكان النص في المادة 15 من لائحة التفتيش القضائي بالنيابة العامة – المعدلة بقرار وزير العدل رقم 2592 لسنة 1992 - على أن "للنائب العام والنواب العامين المساعدين ومدير التفتيش القضائي والمحامين العامين الأول والمحامين العامين كلٍ في دائرة اختصاصه توجيه ملاحظات إلى أعضاء النيابة........ ولعضو النيابة الاعتراض على هذه الملاحظات في الميعاد المعين في المادة الثانية عشرة، وتفصل في هذه الاعتراضات اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة عشرة، وتودع الملاحظة الملف السري لعضو النيابة في حالة عدم الاعتراض عليها أو إقرارها مع إخطاره بذلك) والنص في المادة 12 منها على أنه"........ على أن يكون له – عضو النيابة – حق الاعتراض عليه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار "مفاده أن اللائحة نظمت إجراءات تظلم عضو النيابة العامة على الملاحظة القضائية الموجهة إليه، وذلك بأن يتظلم منها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بها، أمام اللجنة المختصة على أن يُخطر بالقرار الصادر منها فور صدوره، مما مؤداه أن تقديم الاعتراض بالإجراءات سالفة الذكر من شأنه عدم بدء سريان ميعاد الطعن حتى يصدر قرار فيه ويخطر المتظلم به
لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده تقدم باعتراضه على الملاحظة القضائية الموجهة إليه إلى اللجنة المشار إليها في المادة الثالثة عشر من لائحة التفتيش القضائي بالنيابة العامة بتاريخ 11 سبتمبر سنة 2002 وذلك بعد إعلانه بها بتاريخ 5 سبتمبر سنة 2002 أي في خلال الميعاد الوارد في المادة الثانية عشرة من هذه اللائحة، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إخطار المطعون ضده بقرار هذه اللجنة كما لم يقدم الطاعن بصفته ما يفيد تحققه بما يكون معه الطعن على هذه الملاحظة القضائية أمام المحكمة المختصة بنظره مفتوحاً، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله، ولما تقدم، يتعين القضاء برفض الطعن
ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 101 لسنة 78 ق 
وحيث الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن أسباب قضائه جاءت في عبارات مجملة لم يبين فيها الوقائع التي نسبت إليه والظروف التي تمت فيها والتفت عن دفاعه الجوهري الذي مؤداه أنه أبلغ الشرطة بالواقعة تنفيذاً لتوجيهات السيد المستشار/ رئيس المحكمة الابتدائية والمشرف على الانتخابات بجانب أن حق الشكوى مكفول بنص القانون والدستور وأنه أيد القرار محل الدعوى رغم ما يشوبه من إساءة استعمال السلطة الذي استخلص من إبلاغ الطاعن الشرطة ثم عدوله عنه ينبئ عن أنه اتخذ من وظيفته وسيلة إعنات بالسائق وأنه وضع نفسه في خصومته مما يعد إخلالاً بواجبات وظيفته، رغم عدم صحة ادعاءات الشاكي التي كان مبعثها خشية إبلاغ الطاعن ضده بسرقة حقيبته، وأن مُجازاته بالنقل عن ذات الواقعة مانع من توجيه الملاحظة له عنها، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى كانت الاعتبارات المستمدة من الواقعة المسندة إلى رجل القضاء في تحقيقات الشكوى لا تبرر توجيه الملاحظة إليه فإن القرار الصادر بها يكون مفتقراً للسبب المبرر له مما يتعين معه إلغاؤه واعتبارها كأن لم تكن، وكان حق التبليغ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من الحقوق المباحة للأشخاص واستعماله لا يدعو إلى مساءلة ما دام لم ينحرف به صاحبه عن الحق المباح ابتغاء مضارة المبلغ ضده، إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها، وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد بنية الكيد والنيل ممن أبلغ ضده
لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق، أن إبلاغ الطاعن للشرطة لما بدر من السائق المخصص لتنقلاته من ألفاظ غير لائقة وتسببه في فقدان إحدى حقائبه كان بتوجيه من السيد المستشار/ رئيس المحكمة الابتدائية المشرف على الانتخابات المنتدب إليها الطاعن، واستعمالاً لحقه المقرر للكافة وأن الأوراق قد خلت من أن إقدامه عليه أو عدوله عنه بعد ذلك كان وليد تسرع أو رعونة أو ابتغاء مضارة أحد وأنه سلك مسلك الشخص المعتاد في مثل ظروف الواقعة محل الطعن، فإن مسلكه هذا لم يبلغ حداً يمكن أن يوصف بالإخلال بواجبات ومقتضيات وظيفته الذي يتحقق بإيتان فعل يحرمه القانون أو امتناعه عن فعل يوجبه، أو أخل أو قصر في أداء تلك الواجبات أو أخل بكرامة الهيئة التي ينتمي إليها بما ينال من الثقة الموضوعة 1 فيها وفيمن يمثلها فإن توجيه الملاحظة للطاعن يكون قد افتقد أساسه، ويكون معه الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر معيباً بما يوجب نقضه
وحيث إنه عن الموضوع، ولما تقدم، فإنه يتعين إلغاء الملاحظة الموجهة للطاعن وما يترتب عليها من آثار.

الطعن 18249لسنة 76 ق جلسة 13 / 4 / 2008 مكتب فني 59 ق 76 ص 425

جلسة 13 من أبريل سنة 2008

برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ فؤاد شلبي، حامد مكي، محمد خليفة نواب رئيس المحكمة وخالد مصطفى.

------------------

(76)
الطعن رقم 18249 لسنة 76 القضائية

(1)إعلان "بطلان الإعلان لا يتعلق بالنظام العام".
البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان بوقوعه على غير موطن المعلن إليه. بطلان نسبي. عدم تعلقه بالنظام العام.
(2) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: التكليف بالحضور: انعقاد الخصومة بالإعلان أو الحضور".
انعقاد الخصومة. مناطه. تمام المواجهة بين الخصوم. تحققها بإعلان المدعى عليه بصحيفة افتتاح الدعوى إعلاناً صحيحاً أو حضوره بالجلسة ولو لم يعلن بالصحيفة أو شاب إجراءات إعلانها البطلان. م 68/3 مرافعات.
(3) إعلان "إعلان الأشخاص الطبيعيين: الإعلان في الموطن الأصلي".
تمتع الطاعن بالحصانة الدبلوماسية وإقامته بموطن عمله بالخارج. عدم جواز إعمال م 13/ 9 مرافعات لإعلانه بصحيفة الدعوى طالما جرى الإعلان في موطنه الأصلي داخل البلاد ولو تغيب عنه فترات متقاربة أو متباعدة.
(4) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: التكليف بالحضور: انعقاد الخصومة بالإعلان أو الحضور".
حضور الطاعن بوكيل بجلسات المرافعة أمام محكمة أول درجة وإبداؤه طلباً عارضاً بطلب التعويض. مؤداه. اتصال علمه بالخصومة وانعقادها صحيحة بذلك الحضور. أثره. عدم جدوى تمسكه ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى أو بما شاب الإعلان من عيوب.
(5) حكم "تسبيب الأحكام: التسبيب الكافي".
تسبيب الحكم. ماهيته. بيان لأوجه الطلب الذي تناولته المحكمة في الدعوى والدفاع فيها وأن قضاءها له أصل ثابت من الواقع أو القانون. إيراد أسباب الحكم موجزة أو مفصلة. لا عيب. شرطه. دلالتها على تحصيل المحكمة فهم الواقع في الدعوى من الأوراق وأن الحقيقة التي استخلصتها قام دليلها ومن شأنها أن تؤدى للنتيجة التي انتهت إليها.
(6) استئناف "الحكم في الاستئناف: تسبيب الحكم الاستئنافي".
تأييد محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي. جواز إحالتها إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى ودفاع الخصوم والأدلة الواقعية والحجج القانونية أو أسبابه إذا كانت أسباب الاستئناف لا تخرج عما عرض على محكمة الدرجة الأولى وتضمنه أسباب حكمها.
(7، 8) حكم "تنفيذ الحكم: تنفيذ الأحكام الأجنبية".
(7) شرط المعاملة بالمثل المتعلق بتنفيذ الأحكام الأجنبية. ماهيته. التبادل التشريعي المنظم باتفاقات ومعاهدات دولية تعترف فيها كل دولة بأحكام الدولة الأخرى وقابليتها للتنفيذ داخل أراضيها. ثبوت تحقق التبادل التشريعي. أثره. تحقق شرط المعاملة بالمثل. التزام المدعي بخلاف ذلك إقامة الدليل على مدعاه.
(8) بيان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه السند القانوني لما حكما به في حدود الطلبات المعروضة والأدلة والحجج الواقعية والقانونية للخصوم وانتهائهما لأحقية المطعون ضدهما في وضع الصيغة التنفيذية على الحكم المدني الصادر عن القضاء اللبناني ضد الطاعن وآخر وفقاً لشروط القانون المصري. عدم ثبوت مخالفة الحكمين نصوص الاتفاقية القضائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية وإشارة الحكم الابتدائي إليها بما يدل على تحققه من توفر شرط المعاملة بالمثل. النعي بخلو أسباب الحكم من إيراد نصوص الاتفاقية وتوفر شرط المعاملة بالمثل. على غير أساس. علة ذلك.
(9) مسئولية "المسئولية الجنائية".
الجرائم لا يؤخذ بجرائرها غير جناتها والعقوبات لا تنفذ إلا في نفس من أوقعها القضاء عليه. مؤداه. الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة والعقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ.
(10) حكم "ماهية الحكم".
قضاء الحكم وتحديد طبيعته وفقاً للقانون. ماهيته. القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق.
(11 – 14) حكم "تنفيذ الحكم: تنفيذ الأحكام الأجنبية".
(11) طلب المطعون ضدها وضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي الجنائي الصادر بالتعويض المدني ضد الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية مع ابنه الجاني. عدم اتساع نطاق الدعوى للعقاب الجنائي الصادر على الابن ولو اشتمل منطوق الحكم على الجزائين. وجوب الاعتداد بالحكم المدني الأجنبي وقابليته للتنفيذ في مصر أياً كانت المحكمة الأجنبية التي أصدرته. م 20 من الاتفاقية القضائية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية الصادر بها قرار رئيس الجمهورية 196 لسنة 1999. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر في أسبابه المرتبطة بالمنطوق. صحيح. النعي عليه بتأييده الحكم الابتدائي بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي برمته رغم تضمنه جزاءً جنائياً. على غير أساس. علة ذلك.
(12) التزام المحكمة بالتحقق من توفر شرطي النهائية والإعلان على الوجه الصحيح للحكم الأجنبي قبل أمرها بتذييله بالصيغة التنفيذية وفقاً لإجراءات البلد الذي صدر فيه. المادتان 298 مرافعات، 20 من الاتفاقية القضائية المبرمة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية.
(13) المعاهدات المعقودة بين جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول في شأن تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية. اعتبارها بعد نفادها القانون الواجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. المادة 301 مرافعات.
(14) الحكم الغيابي الصادر من إحدى الدول الموقعة على اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية أو المنضمة إليها. إصدار الأمر بتنفيذه من المحكمة المطلوب إليها ذلك. شرطه. الاستيثاق من إعلان الحكم للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً ومن صيرورته نهائياً واجب التنفيذ وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه. المواد 2، 5/2، 3 من الاتفاقية، 22 من الاتفاقية القضائية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية.
(15) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وموازنة الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد على كل منها استقلالاً. شرطه. أن تكون الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
(16، 17) حكم "تنفيذ الحكم: تنفيذ الأحكام الأجنبية".
(16) تقديم المطعون ضدهما لمحكمة الموضوع شهادة رسمية صادرة عن المحكمة الأجنبية مصدرة الحكم المطلوب الأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليه موثقة من وزارتي الخارجية المصرية والأجنبية متضمنة إعلان المحكوم عليه الطاعن وابنه بالحكم الأجنبي وفوات مواعيد الطعن عليه وكذا إعلان الأخيرين بالحكم الصادر ضدهما على موطنهما بجمهورية مصر العربية وعدم تقديم الطاعن دليل يناقضه. استخلاص الحكم المطعون فيه صحة إعلان الأخير بالحكم الأجنبي ونهائيته. صحيح. النعي على الحكم بعدم تحققه من شرطي النهائية والإعلان طبقاً لقوانين الدولة مصدرة الحكم. جدل موضوعي.
(17) الاختصاص والبطلان وغيرها من المسائل الإجرائية. وجوب تمسك الطاعن بها بطريق الطعن على الحكم الأجنبي المطلوب الأمر بتنفيذه قبل صيرورته باتاً. قعوده عن ذلك. عدم اتساع نطاق دعوى المطالبة بالأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليه لبحث غير مسألة الاختصاص الدولي أو الولائي المطلق. المادتان 298/1 مرافعات، 22 من الاتفاقية القضائية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية. ثبوت صدور الحكم الأجنبي من جهة ذات ولاية لإصداره بحسب قانونها و القانون الدولي الخاص و عدم مخالفته النظام العام المصري. أثره. جواز تنفيذه في مصر. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى تلك النتيجة الصحيحة والتفاته عما تمسك به الطاعن من عدم اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي وتعديلها وصف الاتهام دون إخطاره وصدوره في علانية بالمخالفة للنظام العام في بلد تلك المحكمة. لا عيب.
(18 ، 19) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
(18) المستعمل لحقه استعمالاً مشروعاً. عدم مسئوليته عما ينشأ عن ذلك من ضرر. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. المادتان 4، 5 مدني.
(19) حقوق التقاضي والإبلاغ والشكوى. من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة. استعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض. الاستثناء. الانحراف بالحق عما وضع له وكيدية استعماله ابتغاء مضارة الخصم.
(20) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية التقصيرية: سلطتها في استخلاص الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية".
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. مناطه. أن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
(21) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق التقاضي".
ثبوت عدم انحراف المطعون ضدهما في استعمال حقهما في التقاضي برفع دعواهما بطلب الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي الصادر قبل الطاعن وصحة إعلانه بذلك الحكم وخلو الأوراق من دليل على قصد مضارته أو التشهير به. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر فيما استخلصه من نفى الخطأ عن مسلك المطعون ضدهما المشروع في التقاضي وصحة إجراءاتهما وانتفاء سوء القصد والكيد عنها. النعى بخطأ المطعون ضدهما في التقاضي والتبليغ وتوفر قصد الكيد فيه. على غير أساس.

1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان بما في ذلك إجرائه على غير موطن المعلن إليه ولو مع قيام دليله هو بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن العبرة في انعقاد الخصومة بتمام المواجهة بين الخصوم، وأن هذه المواجهة كما تتم بإعلان المدعى عليه بصحيفة افتتاح الدعوى إعلاناً صحيحاً فإنه يكفي و وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 حضور المدعى عليه بالجلسة ولو لم يسبق إعلانه بصحيفتها أو شاب إجراءات إعلانها البطلان.
3- إن تمتع الطاعن بالحصانة الدبلوماسية وإقامته في موطن عمله بالخارج ليس من بين الحالات التي تجيز إعمال حكم البند التاسع من المادة 13 من قانون المرافعات طالما أن إعلانه بأصل الصحيفة جرى في موطنه الأصلي داخل البلاد ولو تغيب عنه فترات متقاربة أو متباعدة.
4- إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن مثل بوكيله بجلسات المرافعة أمام محكمة أول درجة بل وأبدى طلباً عارضاً بالتعويض، فإنه يكون قد اتصل علمه بالخصومة والتي انعقدت صحيحة بهذا الحضور فلا يجدى الطاعن من بعد التحدي ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى أو بما يكون قد شاب هذا الإعلان من عيوب، و إذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وهو ما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
5- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تسبيب الحكم لا يعدو أن يكون بياناً وافياً لأوجه الطلب الذي تناولته المحكمة في الدعوى وأوجه الدفاع فيها وأن ما قضت به يستند إلى ما له أصل ثابت من حيث الواقع أو القانون فلا يعيب الحكم إن جاءت أسبابه صريحة في هذا الخصوص سواء أكانت موجزة أو مفصله طالما أن كليهما وافياً بالغرض وأن هذه الأسباب تنم عن تحصيل المحكمة فهم الواقع في الدعوى مما له سنده من الأوراق والبيانات المقدمة لها وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قد قام دليلها الذي يتطلبه القانون ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها.
6- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الاستئناف إن هي أيدت الحكم الإبتدائي أن تحيل إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى وما قدمه الخصوم من دفاع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية أو الأسباب التي أقام عليها قضاءه إذا رأت أن ما أثاره المستأنف في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة و تضمنه أسباب حكمها وليس فيه ما يدعو إلى إيراد أسباب جديدة.
7- إذ كان المقصود بشرط المعاملة بالمثل بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية فيما بين الدول هو التبادل التشريعي المنظم باتفاقات ومعاهدات دولية تعترف فيها كل دولة بما يصدر من أحكام في الدولة الأخرى وقابليتها للتنفيذ داخل أراضيها الإقليمية، فإن ثبت هذا التبادل التشريعي فإن شرط المعاملة بالمثل يكون قد تحقق و على من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل على مدعاه.
8- إذ كان البين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده أنهما اشتملا على بيان السند القانوني لما حكما به في حدود الطلبات المعروضة عليهما وأوضحا الأدلة والحجج الواقعية والقانونية التي استند إليها الخصوم وخلصا بأسباب واضحة إلى أحقية المطعون ضدهما في طلبهما وضع الصيغة التنفيذية على الحكم المدني الصادر عن القضاء اللبناني ضد الطاعن وآخر وأقاما قضاءهما في ذلك على ما تساندا إليه من توفر الشروط التي نص عليها المشرع المصري للحكم في الدعوى، ولم يثبت في الأوراق أنهما ظاهرا في هذا القضاء نصوص الاتفاقية القضائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية بل إن الحكم الابتدائي أشار إلى تلك الاتفاقية في معرض اقتناعه بأدلة الدعوى المقدمة له بما ينم عن أن المحكمة قد تحققت من توافر شرط المعاملة بالمثل بالمعنى السالف بيانه (التبادل التشريعي المنظم باتفاقات ومعاهدات دولية تعترف فيها كل دولة بما يصدر من أحكام في الدولة الأخرى وقابليتها للتنفيذ داخل أراضيها الإقليمية) دون حاجة منها إلى بسط نصوص تلك الاتفاقية في أسباب حكمها طالما أن الطاعن لم يقدم لها دليلاً على مجافاة الحكم لنصوصها أو عدم تحقق شرط المعاملة بالمثل ويضحى نعيه (بخلو أسباب الحكم من إيراد نصوص الاتفاقية وتوفر شرط المعاملة بالمثل) في هذا الخصوص بهذا السبب على غير أساس.
9- إنه من المبادئ القانونية المتواضع عليها أن الجرائم لا يؤخذ بجرائرها غير جناتها والعقوبات لا تنفذ إلا في نفس من أوقعها القضاء عليه، وحكم هذا المبدأ أن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة وأن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ.
10- إن قضاء الحكم وتحديد طبيعته يكون طبقاً للقانون، فلا يقتصر على منطوقة فقط وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق.
11- إذ كان البين من الأوراق أن طلب المطعون ضدهما الذي فصلت فيه محكمة الموضوع هو وضع الصيغة التنفيذية على الحكم (الجنائي الأجنبي) الصادر بالتعويض المدني ضد الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية مع ابنه الجاني ولا يتسع نطاق الدعوى ليشمل العقاب الجنائي الصادر على هذا الابن حتى وإن كان الحكم الأجنبي قد اشتمل منطوقه على هذين الجزاءين، ووفقاً للمادة 20 من الاتفاقية القضائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1998 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 17 في 29/4/1999 والتي أشار إليها الحكم فإنه يجب الاعتداد بالحكم المدني الأجنبي وقابليته للتنفيذ في جمهورية مصر العربية أياً كانت المحكمة التي أصدرته في دولة لبنان، و إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق فإنه لا يعيبه إطلاق القول بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الصادر ضد الطاعن وابنه بما قد يوحي إنه اشتمل العقاب الجنائي بالرغم من أن تنفيذ العقاب الجنائي يخضع لقواعد وإجراءات أخرى لا يجوز فيها الاستنابة كما لم تكن موضع بحث في هذه الدعوى ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب (بقضاء الحكم المطعون فيه بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي رغم تضمنه جزاءً جنائياً لا يجوز تنفيذه في غير البلد الصادر منه) على غير أساس.
12- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن شرط النهائية وما يقابلها في القانون اللبناني تحت مسمى (القضية المقضية) وكذا الإعلان على الوجه الصحيح مما يجب التحقق من توفره في الحكم الأجنبي قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية على ما نصت عليه المادة 298 من قانون المرافعات والمادة 20 من الاتفاقية القضائية المبرمة بين الدولتين (جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية)، يكون وفقاً للإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه ذلك الحكم.
13- إذ كان مؤدى النص في المادة 301 من قانون المرافعات على أن العمل بالقواعد المنصوص عليها في الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية، لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة والتي تعقد بين جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول وهو ما يعني أن تكون المعاهدة بعد نفاذها هي القانون واجب التطبيق في هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه.
14- إذ نصت المادة الثانية من اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول مجلس الجامعة العربية في 9/6/1953 ووافقت عليها مصر بالقانون رقم 29 لسنة 1954 ودولة لبنان في 15/11/1954 والتي لم يتم إلغائها أو العدول عن أحكامها في الاتفاقية القضائية الثنائية المعقودة بين الجمهوريتين في 8/8/1997 على أن "لا يجوز للسلطة القضائية المختصة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن ..... ترفض تنفيذ الحكم إلا في الأحوال الآتية" (أ-)..... (ب) إذا كان الخصوم لم يعلنوا على الوجه الصحيح" ونصت المادة 5/ 2، 3 منها على وجوب أن يرفق بطلب التنفيذ أصل إعلان الحكم المطلوب تنفيذه، أو شهادة دالة على أن الحكم تم إعلانه على الوجه الصحيح، وشهادة من الجهات المختصة دالة على أن الحكم نهائي واجب التنفيذ، فإن لازم ذلك أنه يمتنع على المحكمة المطلوب إليها إصدار أمر بتنفيذ حكم غيابي صادر من إحدى الدول التي وقعت على تلك المعاهدة أو انضمت إليها أن تصدر هذا الأمر إلا بعد الاستيثاق من أنه أعلن للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً وأصبح نهائياً واجب التنفيذ وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه هذا الحكم، وورد حكم ذات النص في المادة الثانية والعشرين من الاتفاقية القضائية الثنائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية.
15- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر، وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه، من غير أن تكون ملزمة بالرد على ما يقدمه الخصوم من مستندات، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها، ولا بأن تتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل منها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
16- إذ كان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما قدما لمحكمة الموضوع شهادة رسمية موثقة من وزارة الخارجية في الدولتين صادرة عن المحكمة (الأجنبية) مصدرة الحكم (المطلوب الأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليه) تتضمن تمام إعلان الطاعن وابنه بالحكم الصادر ضدهما وإنه بفوات مواعيد الطعن عليه بات مبرماً (القضية المقضية)، كما وأنهما قدما العديد من الشهادات الرسمية منسوب صدورها لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية وموثقة من وزارة العدل المصرية ضمتها حوافظ المستندات المودعة ملف الدعوى تضمنت إعلان المحكوم عليهما بالحكم الصادر ضدهما على موطنهما داخل جمهورية مصر العربية فيكون المطعون ضدهما قد سلكا في التدليل على دعواهما بتقديم هذه المستندات الرسمية الطريق الذي نص عليه القانون، وإذ لم يقدم الطاعن ثمة دليل على ما يناقضها وقد استخلص الحكم المطعون فيه من دلالة هذه المستندات صحة إعلان الطاعن بالحكم الأجنبي ونهائيته وأقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لحمله فإن النعي عليه بهذا السبب (النعي على الحكم بعدم تحققه من شرطي النهائية والإعلان طبقاً لقوانين الدولة مصدرة الحكم) يضحى جدلاً في تقدير الدليل.
17- إن مسألة الاختصاص ومسألة البطلان وجميع المسائل الإجرائية التي أثارها الطاعن في سبب النعي (النعي بعدم اختصاص المحكمة مصدرة الحكم الأجنبي وتعديل وصف الاتهام دون إخطاره وصدوره في علانية بالمخالفة للنظام العام في البلد الذي صدر فيها ذلك الحكم) هي من المسائل التي كان يجب على الطاعن إثارتها بطريق الطعن على الحكم قبل صيرورته باتاً حائزاً لقوة الأمر المقضي، وإذ استغلق عليه ذلك وكان نطاق هذه الدعوى (الدعوى بطلب الأمر بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي) لا يتسع لبحث غير مسألة الاختصاص الدولي أو الاختصاص الولائي (المطلق) حسبما نصت على ذلك الفقرة الأولى من المادة 298 من قانون المرافعات والمادة الثانية والعشرين من الاتفاقية القضائية المعقودة بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية المشار إليها سلفاً، وقد ثبت من الاطلاع على الحكم الأجنبي أنه صادر من جهة ذات ولاية لإصداره بحسب قانونها وبحسب قواعد اختصاص القانون الدولي الخاص وليس فيه ما يخالف النظام العام في الدولتين فإنه يجوز الأمر بتنفيذه في مصر، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في قضائه فلا تثريب عليه إن التفت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن متى كان لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
18- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر، و أن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.
19- إن حق التقاضي والدفاع والشكوى من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا ثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة خصمه.
20- استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
21- إذ كان البين من الأوراق صحة إعلانات الطاعن بالحكم الصادر ضده لصالح المطعون ضدهما وبأحقيتهما في رفع الدعوى بطلب الأمر بتنفيذه داخل جمهورية مصر العربية وخلت الأوراق من دليل على أن المطعون ضدهما قد انحرفا عن استعمال حقهما في التقاضي أو الشكوى بقصد مضارة الطاعن أو التشهير به و الحط من كرامته وأن القول بغير ذلك يعد قيداً على ممارسة حقهما في التقاضي المكفول إلى حد سلبه بالإحجام عن استعماله خشية المساءلة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما استخلصه من نفي الخطأ عن مسلك المطعون ضدهما المشروع في التقاضي لأن الإجراءات القضائية التي اتخذها المطعون ضدهما ضد الطاعن كانت إجراءات صحيحة وغير مشوبة بالكيد وسوء القصد فإن هذا كاف لنفي الخطأ التقصيري في جانب المطعون ضدهما ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من رفض دعوى الطاعن بالتعويض ويكون النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن (النعي بخطأ المطعون ضدهما في التقاضي والتبليغ وتوفر قصد الكيد فيه) في هذا الخصوص على غير أساس.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم ..... لسنة 2003 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وآخر غير مختصم في الطعن بطلب الحكم بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الصادر من محكمة التمييز الجزائية بجمهورية لبنان العربية في القضية رقم ..... سنة 2002 وبجعله واجب التنفيذ في جمهورية مصر العربية، وقالا بياناً لذلك إنه بمقتضى الحكم المذكور أدين ابن الطاعن – غير المختصم في الطعن – جنائياً وبإلزامه بالتضامن مع الطاعن أن يؤديا لهما مبلغ مائتي مليون ليرة لبنانية وصار الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي طبقاً لقوانين البلد التي أصدرته وأنه إعمالاً لأحكام الاتفاقية الموقعة بين جمهورية لبنان وجمهورية مصر العربية الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1998 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 17 في 29/4/1999، وأحكام قانون المرافعات المصري فقد أقاما الدعوى. وجه الطاعن للمطعون ضدهما دعوى فرعية بطلب إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ مليون جنيه مصري تعويضاً عن إساءة استعمالهما لحق التقاضي. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بالطلبات وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف الطاعن هذا الحكم برقم ..... لسنة 122 ق القاهرة فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها والمحكمة أرجات إصدار حكمها إلى جلسة اليوم لإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن أقيم على عشرة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة أول درجة ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى لإجرائه في مكان لا يعتبر موطناً له داخل البلاد وكان على المطعون ضدهما أن يسعيا لإعلانه في موطنه بالخارج حيث يعمل سفيراً لجمهورية مصر العربية لدى دولة سيراليون وذلك عن طريق السلك الدبلوماسي وفق البند التاسع من المادة 13 من قانون المرافعات وأن عدم سلوكهما هذا الطريق في إعلانه كان بقصد عدم وصول الإعلان إلى علمه فيكون قد وقع باطلاً، وأن هذا البطلان متعلق بالنظام العام لا يصححه حضور وكيله بجلسات المرافعة في الدعوى حسبما انتهى إلى ذلك قضاء الحكم المطعون فيه في مقام رده على هذا الدفع، لأن شرط صحة انعقاد الخصومة في الدعوى يتوقف على إعلان الطاعن بصحيفتها إعلاناً يتفق وأحكام القانون وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان بما في ذلك إجرائه على غير موطن المعلن إليه ولو مع قيام دليله هو بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام، كما وأن العبرة في انعقاد الخصومة بتمام المواجهة بين الخصوم، وأن هذه المواجهة كما تتم بإعلان المدعى عليه بصحيفة افتتاح الدعوى إعلاناً صحيحاً فإنه يكفي – وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - ووفقا للفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 حضور المدعى عليه بالجلسة ولو لم يسبق إعلانه بصحيفتها أو شاب إجراءات إعلانها البطلان، هذا وأن تمتع الطاعن بالحصانة الدبلوماسية وإقامته في موطن عمله بالخارج ليس من بين الحالات التي تجيز إعمال حكم البند التاسع من المادة 13 من قانون المرافعات طالما أن إعلانه بأصل الصحيفة جرى في موطنه الأصلي داخل البلاد ولو تغيب عنه فترات متقاربة أو متباعدة، وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن مثل بوكيله بجلسات المرافعة أمام محكمة أول درجة بل وأبدى طلباً عارضاً بالتعويض، فإنه يكون قد اتصل علمه بالخصومة والتي انعقدت صحيحة بهذا الحضور فلا يجدي الطاعن من بعد التحدي ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى أو بما يكون قد شاب هذا الإعلان من عيوب، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر، وهو ما يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن أسباب الحكم خلت من إيراد نصوص الاتفاقية القضائية المبرمة فيما بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية رغم أن هذه الاتفاقية هي المرجع الرئيسي للفصل في النزاع الحالي، كما خلت أسبابه مما يفيد توفر شرط المعاملة بالمثل بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية في كل من الدولتين، وإذ كان من شأن ذلك التجهيل بالأساس القانوني الذي أقام عليه الحكم قضاءه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة – من أن تسبيب الحكم لا يعدو أن يكون بياناً وافياً لأوجه الطلب الذي تناولته المحكمة في الدعوى وأوجه الدفاع فيها وأن ما قضت به يستند إلى ما له أصل ثابت من حيث الواقع أو القانون، فلا يعيب الحكم إن جاءت أسبابه صريحة في هذا الخصوص سواء أكانت موجزة أو مفصلة طالما أن كليهما وافٍ بالغرض، وأن هذه الأسباب تنم عن تحصيل المحكمة فهم الواقع في الدعوى مما له سنده من الأوراق والبيانات المقدمة لها وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قد قام دليلها الذي يتطلبه القانون، ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها، وأن لمحكمة الاستئناف إن هي أيدت الحكم الابتدائي أن تحيل إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى وما قدمه الخصوم من دفاع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية أو الأسباب التي أقام عليها قضاءه إذا رأت أن ما أثاره المستأنف في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة، وتضمنه أسباب حكمها وليس فيه ما يدعو إلى إيراد أسباب جديدة، وإذ كان المقصود بشرط المعاملة بالمثل بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية فيما بين الدول هو التبادل التشريعي المنظم باتفاقات ومعاهدات دولية تعترف فيها كل دولة بما يصدر من أحكام في الدولة الأخرى وقابليتها للتنفيذ داخل أراضيها الإقليمية، فإن ثبت هذا التبادل التشريعي فإن شرط المعاملة بالمثل يكون قد تحقق وعلى من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل على مدعاه. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه الذي قضي بتأييده أنهما اشتملا على بيان السند القانوني لما حكما به في حدود الطلبات المعروضة عليهما وأوضحا الأدلة والحجج الواقعية والقانونية التي استند إليها الخصوم وخلصا بأسباب واضحة إلى أحقية المطعون ضدهما في طلبهما وضع الصيغة التنفيذية على الحكم المدني الصادر عن القضاء اللبناني ضد الطاعن وآخر، وأقاما قضاءهما في ذلك على ما تساندا إليه من توفر الشروط التي نص عليها المشرع المصري للحكم في الدعوى، ولم يثبت في الأوراق أنهما ظاهرا في هذا القضاء نصوص الاتفاقية القضائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية بل أن الحكم الابتدائي أشار إلى تلك الاتفاقية في معرض اقتناعه بأدلة الدعوى المقدمة له بما ينم عن أن المحكمة قد تحققت من توفر شرط المعاملة بالمثل بالمعنى السالف بيانه دون حاجة منها إلى بسط نصوص تلك الاتفاقية في أسباب حكمها طالما أن الطاعن لم يقدم لها دليلاً على مجافاة الحكم لنصوصها أو عدم تحقق شرط المعاملة بالمثل، ويضحى نعيه في هذا الخصوص بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي برمته رغم أنه تضمن جزاءً جنائياً، وأن هذا الجزاء لا يجوز تنفيذه في غير البلد الصادر منه إلا بنص خاص عملاً بمبدأ الإقليمية، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن إيراد هذا الدفاع والرد عليه رغم جوهريته، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المبادئ القانونية المتواضع عليها أن الجرائم لا يؤخذ بجرائرها غير جناتها والعقوبات لا تنفذ إلا في نفس من أوقعها القضاء عليه، وحكم هذا المبدأ أن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة وأن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ، وأن قضاء الحكم وتحديد طبيعته يكون طبقاً للقانون، فلا يقتصر على منطوقه فقط وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، وكان البين من الأوراق أن طلب المطعون ضدهما الذي فصلت فيه محكمة الموضوع هو وضع الصيغة التنفيذية على الحكم الصادر بالتعويض المدني ضد الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية مع ابنه الجاني ولا يتسع نطاق الدعوى ليشمل العقاب الجنائي الصادر على هذا الابن حتى وإن كان الحكم الأجنبي قد اشتمل منطوقه على هذين الجزاءين، ووفقاً للمادة 20 من الاتفاقية القضائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1998 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 17 في 29/4/1999 والتي أشار إليها الحكم فإنه يجب الاعتداد بالحكم المدني الأجنبي وقابليته للتنفيذ في جمهورية مصر العربية أيا كانت المحكمة التي أصدرته في جمهورية لبنان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق فإنه لا يعيبه إطلاق القول بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الصادر ضد الطاعن وابنه بما قد يوحي بأنه اشتمل العقاب الجنائي بالرغم من أن تنفيذ العقاب الجنائي يخضع لقواعد وإجراءات أخرى لا يجوز فيها الاستنابة كما لم تكن موضع بحث في هذه الدعوى، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسببين الثاني والخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم الأجنبي موضوع النزاع دون أن يتحقق بنفسه من شرطي النهائية والإعلان طبقاً لقوانين الدولة مصدرة الحكم معتمداً في ذلك على شهادة منسوبة للمحكمة التي أصدرته رغم أن هذه الشهادة لم تتضمن البيانات الجوهرية التي يتطلبها القانون اللبناني في تبليغ الحكم للمحكوم عليه والمنصوص عليها في المادة 405 من القانون الجزائي اللبناني كما وأنها قاصرة على تبليغ الفقرة الجزائية منه دون الفقرة المدنية التي يسأل عنها الطاعن فضلاً عن أنه لم يرد على بطلان إعلانه بهذه الفقرة المدنية لتمامه في غير موطنه بالخارج ولعدم تسلمه هذا الإعلان وأن الحكم صدر عليه غيابياً ولم يتح له سبيل الاعتراض عليه وهي أمور جوهرية كان يجب التحقق منها ومن كافة الشروط الأخرى المنصوص عليها في المادة 298 من قانون المرافعات، وإذ تحجب الحكم عن أن يقول كلمته فيها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن شرط النهائية وما يقابلها قي القانون اللبناني تحت مسمى (القضية المقضية) وكذا الإعلان على الوجه الصحيح مما يجب التحقق من توفره في الحكم الأجنبي قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية على ما نصت عليه المادة 298 من قانون المرافعات والمادة 20 من الاتفاقية القضائية المبرمة بين الدولتين، يكون وفقاً للإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه ذلك الحكم، إلا أنه لما كان مؤدى النص في المادة 301 من قانون المرافعات على أن "العمل بالقواعد المنصوص عليها في الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية، لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة والتي تعقد بين جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول وهو ما يعني أن تكون المعاهدة بعد نفاذها هي القانون واجب التطبيق في هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه، وإذ نصت المادة الثانية من اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول مجلس الجامعة العربية في 9/6/1953 ووافقت عليها مصر بالقانون رقم 29 لسنة 1954 ودولة لبنان في 15/11/1954 والتي لم يتم إلغائها أو العدول عن أحكامها في الاتفاقية القضائية الثنائية المعقودة بين الجمهوريتين في 8/8/1997 على أن "لا يجوز للسلطة القضائية المختصة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن: ترفض تنفيذ الحكم إلا في الأحوال الآتية: (أ) ..... (ب) إذا كان الخصوم لم يعلنوا على الوجه الصحيح" ونصت المادة 5/ 2، 3 منها على وجوب أن يرفق بطلب التنفيذ أصل إعلان الحكم المطلوب تنفيذه، أو شهادة دالة على أن الحكم تم إعلانه على الوجه الصحيح، وشهادة من الجهات المختصة دالة على أن الحكم نهائي واجب التنفيذ، فإن لازم ذلك أنه يمتنع على المحكمة المطلوب إليها إصدار أمر بتنفيذ حكم غيابي صادر من إحدى الدول التي وقعت على تلك المعاهدة أو انضمت إليها أن تصدر هذا الأمر إلا بعد الاستيثاق من أنه أعلن للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً وأصبح نهائياً واجب التنفيذ وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه هذا الحكم، وإذ ورد حكم ذات النص في المادة الثانية والعشرين من الاتفاقية القضائية الثنائية المعقودة بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية، وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الأخر، وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه من غير أن تكون ملزمة بالرد على ما يقدمه الخصوم من مستندات، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها، ولا بأن تتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل منها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما قدما لمحكمة الموضوع شهادة رسمية موثقة من وزارة الخارجية في الدولتين صادرة عن المحكمة مصدرة الحكم تتضمن تمام إعلان الطاعن وابنه بالحكم الصادر ضدهما، وأنه بفوات مواعيد الطعن عليه بات مبرماً "القضية المقضية" كما وأنهما قدما العديد من الشهادات الرسمية منسوب صدورها لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية وموثقة من وزارة العدل المصرية ضمنها حوافظ المستندات المودعة ملف الدعوى تضمنت إعلان المحكوم عليهما بالحكم الصادر ضدهما على موطنهما داخل جمهورية مصر العربية فيكون المطعون ضدهما قد سلكا في التدليل على دعواهما بتقديم هذه المستندات الرسمية الطريق الذي نص عليه القانون، وإذ لم يقدم الطاعن ثمة دليل على ما يناقضها، وقد استخلص الحكم المطعون فيه من دلالة هذه المستندات صحة إعلان الطاعن بالحكم الأجنبي ونهائيته وأقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لحمله، فإن النعي عليه بهذا السبب يضحى جدلاً في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين السادس والسابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه صادر من محكمة التمييز الجزائية وهي محكمة غير مختصة بنظر استئناف الحق المدني الصادر من محكمة الأحداث وأجرى تعديلاً لوصف الاتهام دون إعلان الطاعن به وأن حكم محكمة الأحداث صدر في علانية بالمخالفة للنظام العام والآداب طبقاً لقوانين الدولة التي أصدرته إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد هذا الدفاع الجوهري والرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مسألة الاختصاص ومسألة البطلان وجميع المسائل الإجرائية التي أثارها الطاعن في سبب النعي هي من المسائل التي كان يجب على الطاعن إثارتها بطريق الطعن على الحكم قبل صيرورته باتاً حائزاً لقوة الأمر المقضي، وإذ استغلق عليه ذلك وكان نطاق هذه الدعوى لا يتسع لبحث غير مسألة الاختصاص الدولي أو الاختصاص الولائي (المطلق) حسبما نصت على ذلك الفقرة الأولى من المادة 298 من قانون المرافعات والمادة الثانية والعشرين من الاتفاقية القضائية المعقودة بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية المشار إليها سلفاً، وقد ثبت من الاطلاع على الحكم الأجنبي أنه صادر من جهة ذات ولاية لإصداره بحسب قانونها وبحسب قواعد اختصاص القانون الدولي الخاص وليس فيه ما يخالف النظام العام في الدولتين فإنه يجوز الأمر بتنفيذه في مصر، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة في قضائه فلا تثريب عليه إن التفت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن متى كان لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن من الثامن حتى العاشر على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه وجه دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضدهما بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته بسبب تعمد إعلانه بالحكم الأجنبي والدعوى الأصلية على غير موطنه بالخارج وبسبب شكايته إلى جهة عمله عن أمور من شأنها التشهير به والحط من كرامته إلا أن الحكم الابتدائي مؤيداً بقضاء الحكم المطعون فيه رفض إجابته لدعواه لمجرد أنه أجاب المطعون ضدهما لدعواهما الأصلية وأن استعمالهما لحق التقاضي كان مشروعاً في حين أن خطأ المطعون ضدهما في التقاضي والتبليغ كان بقصد الكيد والتشهير وغير مشروع ولو عني الحكم ببحث وتحقيق الأساس الذي أقيمت عليه هذه المسئولية لكان قد تغير وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - من أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وكان حق التقاضي والدفاع والشكوى من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا ثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة خصمه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق صحة إعلانات الطاعن بالحكم الصادر ضده لصالح المطعون ضدهما وبأحقيتهما في رفع الدعوى بطلب الأمر بتنفيذه داخل جمهورية مصر العربية وخلت الأوراق من دليل على أن المطعون ضدهما قد انحرفا عن استعمال حقهما في التقاضي أو الشكوى بقصد مضارة المطاعن أو التشهير به والحط من كرامته، وأن القول بغير ذلك يعد قيداً على ممارسة حقهما في التقاضي المكفول إلى حد سلبه بالإحجام عن استعماله خشية المساءلة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما استخلصه من نفي الخطأ عن مسلك المطعون ضدهما المشروع في التقاضي لأن الإجراءات القضائية التي اتخذها المطعون ضدهما ضد الطاعن كانت إجراءات صحيحة وغير مشوبة بالكيد وسوء القصد فإن هذا كافٍ لنفي الخطأ التقصيري في جانب المطعون ضدهما، ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من رفض دعوى الطاعن بالتعويض، ويكون النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعن.