جلسة 27 من يوليو سنة 2012
برئاسة السيد القاضي/ ربيع عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمد شفيع الجرف, شريف العشري, أسامة البحيري نواب رئيس المحكمة ومحمد
منشاوي.
----------
(151)
الطعن 980 لسنة 70 ق
(1) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون المطعون ضده خصماً حقيقياً
في الحكم المطعون فيه.
(2)نقض "الخصوم في الطعن بالنقض" - هيئات "هيئات
عامة".
الهيئة القومية لسكك حديد مصر. هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية
وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها. م 22 ق 152 لسنة 1980. الطعن المقام
من غير الأخير على الحكم المطعون فيه. غير مقبول شكلاً لرفعه من غير ذي صفة.
(3)أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص بالانتفاع بالأموال
العامة".
الأموال العامة. ماهيتها. الأموال المخصصة بالفعل أو بمقتضى قانون أو
قرار للمنفعة العامة. تصرف السلطة الإدارية في الانتفاع بها يكون بطريق الترخيص
المؤقت. م 87 مدني.
(4)عقد "بعض أنواع العقود: العقد الإداري".
العقد الإداري. ماهيته. وجوب كون الدولة أو أحد الأشخاص العامة طرفاً
فيه مع انطوائه على شروط استثنائية غير مألوفة واتصاله بمرفق عام تتحقق به
المشاركة في تسييره أو تنظيمه.
(5)اختصاص "الاختصاص
المتعلق بالولاية". عقد "بعض أنواع العقود: العقد الإداري".
عدم ثبوت كون أرض التداعي من الأموال العامة وعدم توافر شروط العقد
الإداري في العقد سند الدعوى. أثره. خضوع العقد الأخير لأحكام القانون الخاص
باعتباره مالاً خاصاً لأحد الأشخاص العامة. انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لجهة
القضاء العادي. قضاء الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى. قضاء ضمني في مسألة
الاختصاص الولائي. النعي عليه بمخالفة القانون. على غير أساس.
(6)عقد "تحديد موضوع العقد: تكييف العقد".
تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(7)نقض "نظر الطعن أمام محكمة النقض: سلطة محكمة النقض".
محكمة النقض. عدم اقتصار مهمتها على وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في
تطبيق القانون. التزامها ببيان التطبيق القانوني الصحيح. علة ذلك.
(- 8 10) إيجار "تشريعات إيجار
الأماكن: ما يخرج عن نطاق سريانها: إيجار الأرض الفضاء".
(8) سريان قوانين الإيجار المتعاقبة على الأماكن وأجزائها المؤجرة أو
المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض. الاستثناء. إيجار الأرض الفضاء. م 1 من
القوانين 121 لسنة 47، 52 لسنة 69، 49 لسنة 1977.
(9) دعوى الإخلاء المستندة إلى عقد إيجار أرض فضاء. خضوعها للقواعد العامة
في القانون المدني. لا يغير من ذلك وجود مبان وقت إبرام العقد أو مسابقة عليه لم
تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة. العبرة في نوع العين هو بما
تضمنه العقد بشرط مطابقته للواقع.
(10) النص في العقد على أن العين المؤجرة أرض فضاء ثم تصريح الهيئة المؤجرة
للمستأجر - المطعون ضده - بإقامة مبنى عليها لسكناه. مؤداه. بقاء وصفه القانوني
الصحيح عقد إيجار خاضع للقانون المدني. قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت العلاقة الإيجارية
بين طرفي العقد تأسيساً على نشوء علاقة إيجاريه جديدة خاضعة لقوانين إيجار الأماكن
بعد انتهاء خدمة المستأجر لدى الهيئة المؤجرة. خطأ وقصور.
-------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفى فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر طبقاً للقانون رقم 152 لسنة 1980 الصادر بإنشائها هي هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، وأن النص في المادة 22 من القانون سالف البيان جرى على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير". لما كان ذلك، وكان الطاعن الأول بصفته هو الذي يمثل الهيئة القومية لسكك حديد مصر أمام القضاء دون غيره فإنه لا يقبل من الطاعن الثاني بصفته الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه إذ لا صفة له في تمثيل الهيئة في خصومة هذا الطعن، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه من غير ذي صفة.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن لم يحدد المشرع الأموال العامة - والتي يكون تصرف السلطة الإدارية في انتفاع الأفراد بها على سبيل الترخيص المؤقت غير الملزم لها - إلا أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو وعلى ما أورده نص المادة 87 من القانون المدني التخصيص للمنفعة العامة وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية.
5 - إذ كان البين من الأوراق أنها خلت مما يفيد أن الأرض محل النزاع هي من الأموال العامة التي خصصت سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة، كما أن العقد سند الدعوي المؤرخ 1/ 7/ 1970 والمقدم صورته الضوئية - غير المجحودة - بالأوراق لا تتوافر فيه الشروط الواجبة لاعتباره عقداً إدارياً، ومن ثم فإن العقد سالف البيان يكون خاضعاً لأحكام القانون الخاص باعتبار أنه يرد على مال من الأموال الخاصة لأحد الأشخاص العامة ويكون الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً بالتالي لجهة القضاء العادي دون القضاء الإداري، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في موضوع الدعوى مما يعد منه قضاء ضمنياً في مسألة الاختصاص الولائي وبالتالي لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة الأولى من قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 نصت على أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة أو المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض، واستثنت هذه المواد صراحة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة، وأن العبرة في تعرف العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها طالما جاء مطابقاً لحقيقة الواقع.
10 - إذ كان الثابت من الصورة الضوئية للعقد سند الدعوي المؤرخ 1/ 7/ 1970 أنه تضمن تأجير الهيئة الطاعنة للمطعون ضده أرض فضاء مساحتها 150 متراً لمدة سنة واحدة تنتهي في 30/ 6/ 1971 نظير أجرة سنوية مقدارها 1.500 جنيه، وقد صرح للمستأجر. المطعون ضده. بإقامة عشة من الطين والطوب في تاريخ لاحق على مساحة خمسين متراً وأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قيام المطعون ضده بسداد الأجرة المتفق عليها بموجب إيصالات حتى تاريخ 1/ 9/ 1991 بما مؤداه - وبحسب نصوص العقد الواضحة في دلالة عباراته وانصراف إرادة عاقديه - أن العقد المشار إليه في حقيقته وطبقاً للتكييف القانوني الصحيح هو عقد إيجار لا يغير منه ما أطلق عليه طرفا الخصومة من توصيفات أخرى، وأن العين محل النزاع هي بحسب طبيعتها أرض فضاء لا يغير من إقامة المطعون ضده عليها مبنى لسكناه من ماله الخاص لما هو ثابت أن المبنى المذكور لم يكن محل اعتبار عند تعاقد الطرفين أو لدى تحديد أجرة الأرض محل النزاع، وإذ كانت هذه المحكمة قد خلصت فيما تقدم إلى أن العلاقة التي تربط طرفي الخصومة هي علاقة إيجارية قوامها عقد الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1970 وأن تلك العلاقة واردة على أرض فضاء مما يجعلها تخضع لأحكام القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن عين النزاع تأسيساً على نشوء علاقة إيجاريه جديدة بين طرفي النزاع بعد انتهاء خدمة المطعون ضده لدى الهيئة تخضع لقانون إيجار الأماكن مما يعيبه ويوجب نقضه.
-------------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم .... لسنة 1996
أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين
سالفي البيان وبراءة ذمته من المبالغ المطالب بها، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد
مؤرخ 1/7/1970 استأجر منهما أرض فضاء مساحتها 150 م2 مبينة الحدود والمعالم بالعقد
لقاء إيجار سنوي مقداره 1.500 جنيه، وبتاريخ 2/8/1973 صرحت له الهيئة الطاعنة
بإقامة بناء عليها من ماله الخاص بغرض السكنى، وإذ أنذرته الهيئة بسداد مبلغ 16078
جنيهاً بقالة تعديه على مسطح 151م2 في الفترة من 1/7/1986 وحتى 1/7/1996 ومن ثم
أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف
المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 51 ق المنصورة وبتاريخ 20/2/2000 قضت
المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده وبين
الطاعنين بصفتيهما. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه
من غير ذي صفة وفي موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه
المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة
للطاعن الثاني بصفته أنه لا صفة له في تمثيل الهيئة الطاعنة في خصومة هذا الطعن.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه
لا يكفي فيمن يُختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم
المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وأن
الهيئة القومية لسكك حديد مصر طبقاً للقانون رقم 152 لسنة 1980 الصادر بإنشائها هي
هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، وأن
النص في المادة 22 من القانون سالف البيان جرى على أن "يمثل رئيس مجلس
الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير". لما كان ذلك، وكان الطاعن
الأول بصفته هو الذي يمثل الهيئة القومية لسكك حديد مصر أمام القضاء دون غيره فإنه
لا يقبل من الطاعن الثاني بصفته الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه إذ لا صفة له
في تمثيل الهيئة في خصومة هذا الطعن، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً
بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن – فيما عدا ذلك – استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بصفته بالأول منهما على
الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة
الموضوع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن الأرض محل
النزاع تعتبر من الأموال العامة المملوكة للهيئة القومية لسكك حديد مصر، وإن شغل
المطعون ضده لها يستند إلى ترخيص مؤقت بالانتفاع وهو ما يعد من قبيل الأعمال
الإدارية التي يحكمها القانون العام، مما ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للقضاء
الإداري دون القضاء العادي وإذ قضى الحكم في موضوع النزاع دون أن يواجه الدفع
المشار إليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه
وإن لم يحدد المشرع الأموال العامة – والتي يكون تصرف السلطة الإدارية في انتفاع
الأفراد بها على سبيل الترخيص المؤقت غير الملزم لها – إلا أن المعيار في التعرف
على صفة المال العام هو وعلى ما أورده نص المادة 87 من القانون المدني التخصيص
للمنفعة العامة وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً
فعلياً، وأنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة
بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى
المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية
التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في
العقود المدنية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أنها خلت مما يفيد أن الأرض
محل النزاع هي من الأموال العامة التي خصصت سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار
جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة، كما أن العقد سند الدعوى المؤرخ 1/7/1970
والمقدم صورته الضوئية – غير المجحودة – بالأوراق لا تتوافر فيه الشروط الواجبة
لاعتباره عقداً إدارياً، ومن ثم فإن العقد سالف البيان يكون خاضعاً لأحكام القانون
الخاص باعتبار أنه يرد على مال من الأموال الخاصة لأحد الأشخاص العامة ويكون
الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً بالتالي لجهة القضاء العادي دون القضاء الإداري، فإن
الحكم المطعون فيه وقد قضى في موضوع الدعوى مما يعد منه قضاءً ضمنياً في مسألة
الاختصاص الولائي وبالتالي لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا
الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته بالسبب الثاني على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان
شغل المطعون ضده لعين النزاع بعد انتهاء خدمته لدى الهيئة الطاعنة في 8/10/1988
وانتفاعه بها وحصول الهيئة على مقابل لهذا الانتفاع لا يكسب المطعون ضده الحق في
البقاء بالعين ولا يضفي على العلاقة بين الطرفين وصف العلاقة الإيجارية، وإذ قضى
الحكم المطعون فيه بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن
عين النزاع تأسيساً على نشوء علاقة إيجارية جديدة عقب انتهاء خدمة الأخير تخضع
لقانون إيجار الأماكن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأخير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه
المحكمة – أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها
يخضع لرقابة محكمة النقض، وأن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم
المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق
القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو
واجب القاضي، وأن المادة الأولى من قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة
1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 نصت على أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء
الأماكن المؤجرة أو المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض، واستثنت هذه المواد
صراحة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء، وأن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى
الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك
الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند
التعاقد أو عند تقدير الأجرة، وأن العبرة في تعرف العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد
الإيجار من بيان لها طالما جاء مطابقاً لحقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الثابت
من الصورة الضوئية للعقد سند الدعوى المؤرخ 1970/7/1 أنه تضمن تأجير الهيئة
الطاعنة للمطعون ضده أرض فضاء مساحتها 150 متراً لمدة سنة واحدة تنتهي في
30/6/1971 نظير أجرة سنوية مقدارها 1.500 جنيه، وقد صرح للمستأجر – المطعون ضده –
بإقامة عشة من الطين والطوب في تاريخ لاحق على مساحة خمسين متراً وأن الثابت من
تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قيام المطعون ضده بسداد الأجرة المتفق عليها بموجب
إيصالات حتى تاريخ 1/9/1991 بما مؤداه – وبحسب نصوص العقد الواضحة في دلالة
عباراته وانصراف إرادة عاقديه – أن العقد المشار إليه في حقيقته وطبقاً للتكييف
القانوني الصحيح هو عقد إيجار لا يغير منه ما أطلق عليه طرفا الخصومة من توصيفات
أخرى، وأن العين محل النزاع هي بحسب طبيعتها أرض فضاء لا يغير من إقامة المطعون
ضده عليها مبنى لسكناه من ماله الخاص لما هو ثابت أن المبنى المذكور لم يكن محل
اعتبار عند تعاقد الطرفين أو لدى تحديد أجرة الأرض محل النزاع، وإذ كانت هذه
المحكمة قد خلصت فيما تقدم إلى أن العلاقة التي تربط طرفي الخصومة هي علاقة
إيجارية قوامها عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1970 وأن تلك العلاقة واردة على أرض فضاء
مما يجعلها تخضع لأحكام القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
وقضي بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن عين النزاع
تأسيساً على نشوء علاقة إيجارية جديدة بين طرفي النزاع بعد انتهاء خدمة المطعون
ضده لدى الهيئة تخضع لقانون إيجار الأماكن مما يعيبه ويوجب نقضه.