الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 مارس 2015

الطعن 2111 لسنة 67 ق جلسة 5 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ق 49 ص 316

جلسة 5 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

------------------

(49)
الطعن رقم 2111 لسنة 67 القضائية

(1) خطأ. رابطة سببية. مسئولية جنائية "موانع المسئولية". أسباب الإباحة وموانع العقاب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من عدمه. موضوعي. ما دام سائغاً.
رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع. ما يكفي لتوافرها؟
الحادث القهري. شرطه. ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه.
(2) بناء. إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة عدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم العقار أو تنفيذه. مناط توافرها وأساسه؟ لا تستلزم قصداً خاصاً لقيامها. كفاية تحقق القصد العام. تقدير قيام هذا القصد أو عدم قيامه. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر أركان جريمة عدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم العقار واستظهار القصد الجنائي فيها.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها. غير جائز.
(4) بناء. وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. لها أن تمحص الواقعة وتطبق عليها الوصف القانوني الصحيح. دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد. قيام المحكمة بتعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعنين. بجعلها إقامتهم لخزان مياه دون مراعاة الأصول الفنية في التصميم وفي التنفيذ وفي الإشراف عليه أعلى البناء محل الدعوى. مجرد بيان لوجه من أوجه كيفية ارتكاب الجريمة تناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة. تنبيه الدفاع إليه. غير لازم.
(5) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم حلف أعضاء اللجنة اليمين القانونية. قبل مباشرة عملها. لا ينال منه. أساس ذلك؟
حق عضو النيابة العامة بوصفه رئيساً للضبطية القضائية في الاستعانة بأهل الخبرة وفي طلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين. أساس ذلك؟
لمحكمة الموضوع الاستناد إلى تقرير اللجنة المشكلة التي لم يحلف أعضاؤها اليمين القانونية. متى كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان تقرير اللجنة المشكلة لمعاينة العقار لعدم حلف أعضائها اليمين القانونية أمام سلطة التحقيق.
(6) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن وتقدير القوة التدليلية لها والمفاضلة بينها والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. أساس ذلك؟
عدم التزام المحكمة بندب خبيراً آخر أو لجنة من الخبراء. ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة لذلك.
مثال لتسبيب سائغ لرفض طلب الدفاع بتشكيل لجنة من كليات الهندسة للاطلاع على التقارير الهندسية المقدمة في الدعوى وإعداد تقرير برأيها.
(7) نقض "نقض الحكم. أثره". محكمة الإحالة.
نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوص. مؤدى ذلك؟
(8) غرامة "توقيعها". محكمة الإحالة "سلطتها". عقوبة "تطبيقها".
المصاريف والغرامات. يحكم بها في الأمور الجنائية بالتضامن على جميع المحكوم عليهم في حالة تعددهم. سقوطها عن متهم قضى بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لوفاته. لا يتضمن زيادتها بالنسبة لزملائه في الجناية المحكوم عليهم فيها بأدائها. علة ذلك؟
قضاء محكمة الإعادة بتغريم المحكوم عليهم بذات الغرامة المقضي بها في الحكم المنُقوض. دون إنقاص نصيب المحكوم عليه المتوفى فيها. لا يشكل زيادة في عقوبة الغرامة المقضي بها بالحكم المنقوض أو إضراراً لهم بطعنهم.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعنة بأنها مالكة العقار وليست مقاولة خاصة.
(10) مسئولية مدنية. مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ضمان المقاول والمهندس المعماري لتهدم البناء والعيوب التي تهدد سلامته. اقتصاره على المسئولية المدنية دون الجنائية. أساس ذلك؟
التفات الحكم عن دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
(11) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بكافة طرق الإثبات. إلا ما استثنى بنص خاص.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز إثبات جريمة عدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم عقار بالبينة.
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
مثال لنفي التناقض.
(13) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ولم يكن له أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
مثال:
(14) إثبات "بوجه عام". قرائن. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بناء.
استناد الحكم إلى الرسم المعماري للمسقط الأفقي للدور المتكرر الذي عليه اسم الطاعن الثالث. كقرينة معززة ومؤيدة لما ارتكن عليه من أدلة أخرى. لا يعيبه. متى لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة.
تحديد موضع القرينة من الأوراق. غير لازم. متى كان لها أصلاً فيها.
(15) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن قاله شهود النفي. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت. مفاده؟ إطراحها لها.
(16) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(17) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(18) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(19) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(20) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض وتضارب الشهود في أقوالهم أو مع غيرهم. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة. بما لا تناقض فيه.
(21) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة لمراد إثباتها بأكملها بجميع تفاصيلها على وجه دقيق. غير لازم. حد ذلك؟
(22) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها. حد ذلك؟
(23) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولها الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم إقراراً. لا ينال من سلامة الحكم طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. أخذ الحكم بالمستندات التي اطمأن إليها وإطراحه لأخرى قدمها الطاعنون. لا يعيبه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز. أمام النقض.
(24) دفوع "الدفع بنفي التهمة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
تمسك الطاعنين بمساهمة آخرين في ارتكاب الجريمة. غير مجد. ما دام ذلك لا يحول دون مساءلتهم عنها.
(25) محكمة الجنايات "حقها في التصدي للدعوى الجنائية".
حق التصدي من سلطة محكمة الجنايات. عدم التزامها بإجابة طلبات الخصوم في شأنه. أساس ذلك؟
(26) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده؟

-----------------
1 - لما كان من المقرر أن تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لو لا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر - وهو الحال في الدعوى المطروحة حسبما أفصح عنه الحكم........ - وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه فإذا اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم في حق المتهم بما تترتب عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - لما كان مفاد نص المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن الجريمة التي ترتكب بطريق العمد أو الإهمال الجسيم بعدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم البناء أو تنفيذه أو الإشراف على التنفيذ أو الغش أو استخدام مواد البناء أو استعمال مواد غير مطابقة للمواصفات لا تستلزم قصداً خاصاً بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو انصراف قصد الجاني إلى إقامة البناء على النحو سالف البيان، وكان تحقق هذا القصد أو عدم قيامه - من ظروف الدعوى - يعد مسألة تتعلق بالواقع تفصل فيها المحكمة بغير معقب وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنة الأولى والطاعن الثاني لم يراعيا في تنفيذ العقار موضوع الدعوى الأصول الفنية المقررة بتنفيذهما التصميمات رغم علمهما بما شابها من أخطاء واستخدامهما كميات من مواد البناء - أسمنت وزلط وحديد تسليح - دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة مع سوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وإقامتهما تعلية وخزان مياه رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتهما، كما أثبت أن الطاعن الثالث أهمل إهمالاً جسيماً في الإشراف على تنفيذ البناء المشار إليه فسمح للطاعنة الأولى وللطاعن الثاني بعدم مراعاة الأصول الفنية في البناء المذكور على النحو سالف البيان، فإن هذا الذي أورده الحكم يعد كافياً وسائغاً لاستظهار تحقق القصد الجنائي لدى الطاعنين في الجرائم التي دانهم بها باعتبارهم فاعلين أصليين - على خلاف ما يذكره الطاعن الثالث في أسباب طعنه من أن الحكم خلا من بيان ما إذا كان فاعلاً أو شريكاً. ومن ثم فإن ما أثير من الطاعنين أجمعين في هذا الشأن لا يكون صائباً.
3 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته تتوافر به جناية العمد والإهمال الجسيم بعدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم البناء موضوع الدعوى وفي تنفيذه والإشراف على التنفيذ واستعمال مواد البناء رغم عدم مطابقتها للمواصفات، المؤثمة بنص المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983، وذلك بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها. مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا المقام لا يكون قويماً.
4 - لما كان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى إقامة الطاعنين لخزان مياه دون مراعاة الأصول الفنية في التصميم وفي التنفيذ وفي الإشراف عليه أعلى البناء محل الدعوى دون لفت نظر الدفاع إلى ذلك، وكان ما أورده الحكم على هذه الصورة لا يخرج عن ذات الواقعة التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسات ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر الني كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف المتهم المحال بها الطاعنون - وهي عدم مراعاتهم للأصول الفنية في تصميم البناء محل الدعوى وفي تنفيذه وفي الإشراف على تنفيذه - بل هو مجرد بيان لوجه من أوجه كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه وفضلاً عن ذلك فإن الدفاع عن الطاعنين الأولى والثاني قد ضمن مذكرته بأن بناء خزان المياه فوق العقار قد تم بمعرفة إتحاد ملاك العقار المنهار وليس بمعرفة الطاعنين المذكورين، وهو دفاع مكتوب وتتمة للدفاع الشفوي المبدى بجلسة المرافعة وقد ردت المحكمة عليه بما يسوغ إطراحه، ومفاد ذلك أن الواقعة المار ذكرها كانت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالتفنيد والمناقشة. فإن المحكمة لا تكون ملزمة بعد ذلك بلفت نظر الدفاع إليها. ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع غير سديد.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التقرير الذي أعدته اللجنة المشكلة بقرار من محافظ القاهرة والتي نيط بها معاينة العقار وبيان أسباب انهياره تأسيساً على عدم قيام أعضائها بحلف اليمين أمام سلطة التحقيق قبل مباشرة مهمتها ورد عليه بقوله "المحكمة تلتفت عنه، ذلك أن عدم حلف أعضاء اللجنة المذكورة اليمين قبل مباشرة مهمتهم لا يخرج التقرير عن كونه من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة سيما وأن الدليل الجنائي لا يكتسب قوته الإقناعية من إسباغ الصفة الرسمية عليه أو من إحاطته باليمين وإنما من اطمئنان المحكمة إليه أياً كان الشكل الذي أفرغ فيه ما لم يقيده القانون وإن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه يضاف إلى ذلك أن أعضاء اللجنة سالفة الذكر قد سئلوا كشهود في تحقيقات النيابة العامة بعد تحليفهم اليمين القانونية قبل الإدلاء بشهادتهم المتضمنة رأيهم ومعلوماتهم بشأن العقار المنهار وسبب انهياره كما أن المحكمة بهيئة سابقة ولدى نظر الدعوى في المحاكمة الأولى التي أسفرت عن الحكم الذي نقض قد حققت الدعوى وسألت من بين من سألتهم أعضاء تلك اللجنة كشهود إثبات بالإضافة إلى من طلب الدفاع سؤاله من خبراء كشهود نفي وكافة هذه الأوراق عرضت على هذه المحكمة في المحاكمة الراهنة وأصبحت ضمن أوراق الدعوى المطروحة للمناقشة ولا تثريب على المحكمة أن تستخلص من كل تلك الأوراق الدليل اليقيني الذي ترتاح إليه وأن تقدير المحكمة لأدلة الدعوى لا يجوز مصادرتها فيه وبذلك يكون ما انتهت إليه المحكمة استخلاصهاً لواقعة الدعوى قد بنى على دليل يقيني ثابت في أوراقها في مرحلتي المحاكمة ولما كان ما سرده الحكم على ما سلف كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون وذلك لأن عدم حلف أعضاء اللجنة اليمين القانونية لا ينال من عملها لما هو مقرر من أن عضو النيابة العامة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24 و31 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات لمن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير اللجنة المشار إليها وبما شهد به أعضاؤها ولو لم يحلفوا اليمين قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة.
6 - لما كان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير فتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك الأمر متعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير آخر أو لجنة من الخبراء ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استظهرت مسئولية الطاعنين بما ينتجها واستندت في إثبات الاتهام في حق الطاعنين إلى التقرير الأساسي للجنة الفنية المنتدبة - دون تقريرها التكميلي الذي لم تعول عليه ولم يشر إليه حكمها في مدوناته - كما استندت إلى أقوال شهود الإثبات وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية أقوال وتقدير الخبير الاستشاري فضلاً عن أنها في حكمها المطعون فيه قد ردت برد سائغ على الطلب الاحتياطي المبدى من الطاعنة الأولى بتشكيل لجنة من كليات الهندسة للاطلاع على التقارير الهندسية المقدمة في الدعوى وإعداد تقرير برأيها - ورفضته بقولها إنه "مردود، بأنه طالما أن الواقعة قد اتضحت لدى المحكمة - كما هو واقع الحال في الدعوى - فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة هذا الطلب كما أنها غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة" فإن كافة أوجه النعي تكون لا محل لها.
7 - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد تلك المحكمة - محكمة الإعادة - بما ورد بالحكم الأخير ولها في سبيل ذلك أن تقضى في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن.
8 - لما كان يبين من المفردات المضمومة ومن كشف الحساب المقدم من المتهم المتوفى...... وما قرره الطاعن الثاني في التحقيقات أن قيمة العقار المخالف تزيد عن مليون جنيه ومن ثم تكون الغرامة المقضى بها في الحدود التي قررتها المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المضافة بالقانون رقم 30 لسنه 1983 وقد بنى الحكم تقديره لها على أسس ثابتة في أوراق الدعوى، ولما من كانت القواعد الأساسية أن المصاريف والغرامات يحكم بها في الأمور الجنائية بالتضامن على جميع المحكوم عليهم في حالة تعددهم فسقوطها عن المتهم المقضي بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لوفاته لا تعني زيادتها بالنسبة لزملائه في الجناية المحكوم عليهم فيها بأدائها كلها لكونهم متضامنين في هذا الأداء ومن ثم لا يشكل القضاء من محكمة الإعادة بتغريمهم المبلغ المشار إليه زيادة في عقوبة الغرامة المقضى بها بالحكم المنقوض أو إضراراً للطاعنين من طعنهم ويكون الحكم قد أسس تقديره للغرامة على ما ورد بالأوراق ويكون النعي في هذا الخصوص لا سند له.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الأولى بأنها مالكة للعقار وليست مقاولة خاصة وأن نفس التهمة وجهت لزوجها الطاعن الثاني باعتباره مقاول العقار - ودحضه بقوله أنه "دفاع ظاهر البطلان ويجافى الحقيقة والواقع ذلك أن المحكمة وهي بصدد استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع عناصرها ووزن أقوال الشهود والمتهمين وتقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم قد تيقنت وهي بكامل اطمئنانها من أن المتهمة...... كانت تعمل مع زوجها المتهم الثاني..... بالمقاولات وأنها كانت تدير العمل بصفة دائمة ومباشرة منذ بدء العمل في العمارة محل الدعوى الماثلة حتى الانتهاء منها بدليل موافقتها على تعلية الأدوار المخالفة وإبرامها العقد - المؤرخ 30/ 11/ 1979 مع المتهم المتوفى...... بشأن أسعار الخرسانة المسلحة والمباني المتعلقة بالعقار المذكور ومن قيامها بعمل حسابات العمارة وأنها كانت تتخذ مكتباً لإدارة أعمالها ومقابلة عملائها بدائرة..... ثم نقلت نشاطها إلى حيث مقر محل...... بشارع.... ويعمل تحت إشرافها وبأمرها مجموعة من المهندسين والعمال وما قرره المتهم الثاني...... أن زوجته المتهمة الأولى كانت تقوم بالعمل عندما كان مريضاً بما يقطع بأن المتهمة الأولى..... كانت تقوم بأعمال المقاولات وأنها اشتركت بصورة فعلية مع زوجها المتهم الثاني وزوج شريكتها المتهم الثالث المتوفى في إقامة العقار وتعليته وبناء الخزان أعلاه على الصورة الهزيلة التي أدت إلى انهياره وإحداث الآثار التي نجمت عن هذا الانهيار فضلاً عن أن المتهم الثاني...... أقر بأنة كان الذي يشرف علي أعمال صب الخرسانة والتنفيذ كما أقر بأن سبب انهيار العمارة هو عيوب التصميم ورغم ذلك قام بتنفيذ التصميم الذي يشوبه العيب الذي حدده في أقواله والخاص بأعمدة العقار وكان يتعين عليه الامتناع عن تنفيذ التصميم السيئ" وكان هذا الرد من الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على مباشرة تلك الطاعنة لأعمال مقاولة البناء ويؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه فإن ما تثيره الطاعنة الأولى في هذا الخصوص يكون على غير سديد.
10 - لما كان ما ينعاه الطاعنان الثاني والثالث بانتفاء مسئولية أولهما كمقاول للبناء وانتفاء مسئولية ثانيهما كمهندس له لانقضاء مدة الضمان عملاً بحكم المادتين 651، 652 من القانون المدني مردوداً بأن مفاد نص المادتين المشار إليهما أن الضمان قاصر على المسئولية المدنية سواء كانت مسئولية عقدية أو تقصيرية ولا تتعداه إلى نطاق المسئولية الجنائية يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 أنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها ثلاثين ألف جنيه والتعليات مهما بلغت قيمتها إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين...... وتغطي وثيقة التأمين المسئولية المدنية للمهندسين والمقاولين عن الأضرار التي تلحق بالغير بسبب ما يحدث في المباني والمنشآت من تهدم كلي أو جزئي"، ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على ما دفع به الطاعنان الثاني والثالث في هذا الشأن لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان.
11 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن الثالث بعدم جواز الإثبات بالبينة ورد عليه بقوله إن دفعه "بعدم إثبات صفته كمهندس مصمم للعقار ومشرف على التنفيذ إلا بالكتابة إعمالاً لنص المادتين 651، 652 من القانون المدني والمادتين الخامسة والثانية عشرة من القانون 106 لسنة 1976 فالمحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه يتجافى وصحيح القانون فالمشرع حين أوجب في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون سالف الذكر أن تكون رسومات إنشاء العقار أو أية تعديلات فيها موقعاً عليها من مهندس نقابي مختص وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد أخذ رأي مجلس نقابة المهندسين إنما قصد من وراء ذلك تحقيق مصلحة عامة تتمثل في حماية الأرواح والأموال بأن لا يقدم على إجراء هذه الرسومات أو تعديلها إلا شخص تتوافر فيه صلاحيات معينة تقرها الدولة ونقابة المهندسين ولم يكن يهدف من وراء التوقيع على تلك الرسومات تقييد الدليل الجنائي في شأن إثبات شخص المهندس الذي قام بعمل الرسومات لتحديد من تقع عليه المسئولية الجنائية عند عدم مراعاة الأصول الفنية فيها وكذا الشأن فيما نصت عليه المادة 12 من القانون 106 لسنة 1976 والتي اشترطت أن يقدم المالك للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تعهداً كتابياً من المهندس الذي اختاره يلتزم فيه بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها وفي حالة تحلل المهندس من الإشراف عليه إخطار الجهة كتابة بذلك فقد قصد المشرع من ذلك ذات المصلحة العامة سالفة البيان ولا تتضمن المادتان سالفتا الذكر أي استثناء على حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته وتحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها فإذا ما ثبت بالدليل اليقيني الذي اطمأنت إليه المحكمة أن المتهم الرابع..... هو القائم بالإشراف على أعمال البناء ولم يقدم ذلك المتهم ما يناقض ذلك القول فإنه يتعين رفض ذلك الدفع إذ أن الكتابة ليست شرطاً لإثبات اقتراف المتهم الرابع للاتهام المسند إليه" وما أورده الحكم - على ما سلف - رداً على الدفع المشار إليه سائغ وكاف وصحيح في القانون ذلك أنه من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلا ما استثنى بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق بما في ذلك البينة وقرائن الأحوال وإذ كانت الجريمة التي دين بها الطاعن الثالث ليست من الجرائم المستثناة من هذا الأصل كما أن صفته كمهندس هي عنصر من عناصر هذه الجريمة ومن ثم تعتبر مسألة جناية ولا تعد من المسائل الغير جنائية التي يسري عليها نص المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون نعيه في هذا الصدد غير سديد.
12 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان لا يوجد ثمة تعارض بين إرجاع الحكم انهيار العقار إلى ضعف النظام الإنشائي تارة وإلى سوء التنفيذ تارة أخرى وإلى بناء الخزان تارة ثالثة إذ أن كل هذه الأمور ما هي إلا صور وعوامل للجريمة التي دان الطاعنين بها وهي عدم مراعاتهم للأصول الفنية المقررة في تصميم العقار وفي تنفيذه وفي الإشراف على هذا التنفيذ مما أدى إلى انهياره، كما أنه لا تناقض أيضاً بين قول الحكم في موضع منه من أنه سبق الفصل في جريمة تعلية العقار ستة أدوار بغير ترخيص ثم قوله في موضع آخر أن الطاعنين أهملوا إهمالاً جسيماً والمتوفى......... في الإشراف على تنفيذ العقار وسمحوا أيضاً بتعلية ستة طوابق وإنشاء خزان دون ترخيص كما أن قوله نقلاً عن الطاعن الثاني أن الطاعن الثالث كان يحضر بنفسه للإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة، وعودته إلى القول في موضع آخر أن الطاعن الثاني قرر أنه كان يقوم هو بنفسه والمتهم المتوفى........ بالإشراف على صب الخرسانة والتنفيذ لا تناقض فيه إذ القول الثاني لا ينفي القول الأول بل مؤداهما معاً أن ثلاثتهم أسهموا في الإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة، كما تبين من الاطلاع على المفردات المضمونة أن ما حصله الحكم المطعون فيه بشأن ما تقدم وبشأن عدم سابقة محاكمة الطاعنة الأولى عن واقعة بناء الخزان بأعلى العقار بعد تعلية العقار إلى الطابق الرابع عشر، وما أحال إليه الحكم في بيان شهادة الشهود.... و..... و..... و..... و..... و..... من أنهم شهدوا بمضمون ما شهد به الشاهد...... من أن السبب المباشر لانهيار العقار هو ضعف النظام الإنشائي المستخدم لكي يتحمل 16 سقفاً خرسانياً وخزان مياه - له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
13 - لما كان لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن الثالث من خطئه فيما نقله عن إقراره من أنه بدأ تشطيب شقته سنة 1994 - بينما أن الثابت بالأوراق أنه بدأ تشطيبها سنة 1990 - وكذلك في أن تفتيش النيابة لمكتبه أسفر عن ضبط أربع صور ضوئية للرسم المعماري للدور المتكرر - على حين أن الثابت بالتحقيقات أنها أربع صور ضوئية للرسم الكروكي لهذا الدور، لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون مقبولاً.
14 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من رسم معماري للمسقط الأفقي للدور المتكرر عليه اسم الطاعن الثالث وإنما استندت إلى هذا الرسم كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم المطعون فيه إن عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من هذا الرسم والمعماري دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبل هذا الطاعن وإذ كان لا يوجد في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع تلك القرينة المشار إليها من أوراق الدعوى ما دام لها أصل فيها حسبما استبان من المفردات المضمومة فإن النعي في هذا الصدد يكون لا أساس له.
15 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها.
16 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصهاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
17 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. والأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
18 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
19 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد وإن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
20 - من المقرر أن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
21 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وفي إغفالها إيراد بعض الوقائع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
22 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها وهم في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر.
23 - لما كان للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الفني لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ومن إقرار الطاعنين الثاني والثالث بالتحقيقات وهما لا ينازعان في صحة ما نقله الحكم من أقوالهما التي حصلها الحكم بوصفها إقراراً لا اعترافاً فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة، كما أنه لا يقدح في سلامته تسمية هذه الأقوال إقراراً طالما أن المحكمة لم ترتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف. كما لا ينال من الحكم أخذه بالمستندات التي اطمأن إليها وإطراحه لمستندات أخري قدمها الطاعنون وأشاروا إليها في أسباب طعنهم ويكون منعاهم على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
24 - لما كان دفاع كل من الطاعنين بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها أشخاص غيرهم تقع المسئولية عليهم مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما لا يجديهم النعي يعدم إقامة الدعوى الجنائية على هؤلاء الآخرين - بفرض إسهامهم في الجريمة - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلتهم عما هو مسند إليهم والذي دلل الحكم على مقارفتهم إياه تدليلاً سائغاً ومقبولاً.
25 - لما كان حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلتزم بإجابة طلبات الخصوم في هذا الشأن ومن ثم تضحى أوجه النعي في هذا الخصوص لا سند لها.
26 - لما كان ما يثيره الطاعنون في أسباب طعنهم لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارتها أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)...... (طاعنة) (2)....... (طاعن) (3)...... (توفى) (4)....... (طاعن) (5)...... (6)..... بأنهم أولاً: المتهمون الأولى والثاني والثالث: (1) لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم.... الأصول الفنية المقررة لذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطار واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة واستخدموا مواد البناء (زلط وحديد تسليح) غير مطابق للمواصفات المقررة مع سوء في توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانات المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد من بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو الموضح بالتحقيقات (2) أقاموا البناء - آنف البيان - مخالفاً للرسومات المعتمدة من شركة..... ومن إدارة حي..... والتي منح الترخيص على أساسها وقاموا بتعلية ستة طوابق دون الحصول على ترخيص بذلك. ثانياً: المتهمون الرابع والخامس والسادس (1) أهملوا والمتهم المتوفى حسين ...... إهمالاً جسيماً في تصميم البناء سالف البيان ولم يلتزموا في إعداد الرسومات بالأصول الفنية والمواصفات القياسية المصرية المعمول بها بأن صمموا قطاعات أعمدة لا تتحمل بأمان الأحمال الرأسية التي كانت قائمة عليها وأساءوا توزيعها على مساحة البناء ولم يراعوا في اختيار النظام الإنشائي مقاومة القوى الأفقية الناتجة من تأثير الرياح فأضاف ذلك إجهادات إضافية على الأعمدة علاوة على الإجهادات الناتجة عن الأحمال الرأسية (2) أهملوا والمتهم المتوفى حسين ...... إهمالاً جسيماً في الإشراف على تنفيذ بناء العقار سالف البيان فسمحوا للمتهمين من الأولى إلى الثالث باستخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات ودون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات مع سوء توزيع الحديد بالهيكل الخرساني للبناء وعدم جودة الخلط لمكونات الخرسانة المسلحة وسمحوا لهم أيضاً بتعلية ستة طوابق دون ترخيص وأشرفوا على تنفيذ بنائها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها. ثالثاً: المتهمون جميعاً: (1) تسببوا بأخطائهم - موضوع التهم السابقة - وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما يفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة الإجهادات الكلية على قطاعات أعمدة العقار - سالف البيان مما أفقد البناء معامل البناء الذي تقتضيه المواصفات المصرية القياسية وجعله في حالة اتزان لحظي بحيث انهار فور وقوع الزلزال يوم 12/ 10/ 1992 دون أن يتمكن شاغلوه من النجاة بحياتهم وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة سبعة وستين شخصاً وإصابة ثمانية أشخاص المبينة أسماؤهم بالتحقيقات (2) تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات المملوكة لشاغلي وحدات العقار - وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 4/ 1، 5/ 3، 11/ 1، 12/ 6، 22/ 1، 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3، 378/ 6 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين الأولى والثاني والثالث بالسجن لمدة عشر سنوات. وبمعاقبة المتهم الرابع والسادس بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمهم مليون جنيه عما أسند إليهم - ثانياً: يحظر التعامل نهائياً مع كل من الأولى حتى الثالث - ثالثاً: بشطب اسم كل من المتهمين الرابع والسادس من سجلات نقابة المهندسين لمدة خمس سنوات، رابعاً: براءة المتهم الخامس مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهم الأولى والثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم 25614 لسنة 63 القضائية).
وبجلسة 7 من مارس سنة 1996 قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتفصل فيها مجدداً دائرة أخرى بالنسبة لجميع الطاعنين.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت عملاً بالمواد 4/ 1، 5/ 3، 11/ 1، 12، 22/ 1، 22 مكرر من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3، 378/ 6 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً حضورياً بمعاقة كل من المتهمين الأولى والثاني بالسجن لمدة عشر سنوات. ثانياً حضورياً بمعاقبة الرابع بالسجن لمده خمس سنوات - ثالثاً: بتغريم المتهمين الثلاثة سالفي الذكر مليون جنيه عما أسند إليهم - رابعاً: يحظر التعامل نهائياً مع المتهمين الأولى والثاني - خامساً: يشطب اسم المتهم الرابع من سجلات نقابة المهندسين لمدة خمس سنوات - سادساً: بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثالث لوفاته.
فطعم المحكوم عليهما الأولى والثاني في 6، 16 من نوفمبر سنة 1996 والأستاذ/..... عن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم عدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم العقار - موضوع الدعوى - وفي تنفيذه وفي الإشراف على هذا التنفيذ واستخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات، وإذ دانهم أيضاً بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد، ذلك بأن رد بردود غير سائغة على ما أبدى من دفوع بشأن عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وأنها قد انقضت بمضي المدة لكون واقعتها مجرد جنحة ولا يسرى عليها القانون رقم 30 لسنة 1983 والدفع المبدى بأن الزلزال هو السبب الرئيسي والمنتج في الحادث وهو الذي أدى إلى انهيار العقار بما يمثله من قوة قاهرة لا يمكن توقعها وردها، ودفع الطاعن الثالث بانتفاء مسئوليته لانقطاع علاقة السببية بين إشرافه على العقار وبين الواقعة لحدوثها بفعل عمدي من غيره، ولم يستظهر الحكم القصد الجنائي وتوافره في حق الطاعنين باعتبارهم فاعلين أصليين، فضلاً عن قصوره في بيان الجريمة التي دانهم بها بكافة أركانها، كما أنه أورد وقائع تخالف ما جاء بوصف التهم الواردة بأمر الإحالة دون لفت نظر الدفاع، ورد بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان التقرير الذي أعدته اللجنة المشكلة بقرار من محافظ القاهرة والتي نيط بها معاينة العقار وبيان أسباب انهياره لعدم حلف أعضائها اليمين القانونية ولما شاب أعمالها من قصور ومع ذلك أخذ الحكم بما جاء بتقرير تلك اللجنة الأصلي والتكميلي ولم يأخذ بما جاء بالتقارير الفنية الاستشارية ولم يجب الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير آخر أو لجنة من الخبراء لفحص المسائل الفنية محل النزاع رغم أن هذا الطلب أصرت عليه الطاعنة الأولى على سبيل الجزم في ختام مرافعتها ولكن الحكم رد عليه بما لا يصلح لإطراحه، وزاد الحكم في عقوبة الغرامة المقضي بها في الحكم المنقوض وذلك بعدم إنقاصه لنصيب المتهم الذي قضى بانقضاء الدعوى لوفاته ودون أن يورد أسس تقديره لها، ودافعت الطاعنة الأولى بأنها مالكة العقار وليست مقاولة خاصة أن نفس التهمة وجهت إلى زوجها الطاعن الثاني باعتباره مقاول العقار كما دفع الطاعنان الثاني والثالث بانتفاء مسئولية أولهما كمقاول للبناء وانتفاء مسئولية ثانيهما كمهندس له لانقضاء مدة الضمان عملاً بحكم المادتين 651، 653 من القانون المدني، ودفع الطاعن الثالث بعدم جواز الإثبات بالبينة لصفته كمهندس للعقار ومشرف على تنفيذه - وقد رد الحكم على بعض هذه الدفوع برد غير مقبول وأغفل البعض منها، وجاء الحكم متناقضاً إذ أرجع انهيار العقار إلى ضعف النظام الإنشائي تارة وإلى سوء التنفيذ تارة أخرى وإلى بناء الخزان تارة ثالثة كما أورد في موضع منه أنه سبق الفصل في جريمة تعلية العقار ستة أدوار بغير ترخيص ثم عاد وأورد في موضع آخر أن الطاعنين أهملوا إهمالاً جسيماً والمتوفى حسين..... في الإشراف على تنفيذ العقار وسمحوا أيضاً بتعليته ستة طوابق وإنشاء خزان دون ترخيص، وفي قوله نقلاً عن الطاعن الثاني أن الطاعن الثالث كان يحضر بنفسه للإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة ثم عودته بعد ذلك إلى القول أن الطاعن الثاني قرر أنه كان يقوم هو بنفسه والمتهم المتوفى عبد الله..... في الإشراف على صب الخرسانة والتنفيذ كما أن ما حصله بشأن ما تقدم وبشأن عدم سابقة محاكمة الطاعنة الأولى عن واقعة بناء الخزان وما أحال إليه في بيان شهادة بعض الشهود إلى ما شهد به الشاهد محمد..... من أن السبب المباشر لانهيار العقار هو ضعف النظام الإنشائي المستخدم لكي يحمل 16 سقفاً خرسانياً وخزان مياه كل ذلك لا أصل له في الأوراق، كما أن الحكم أخطأ فيما نقله عن إقرار الطاعن الثالث من أنه بدأ تشطيب شقته سنة 1994 بينما أن الثابت بالأوراق أنه بدأ تشطيبها سنة 1990 وكذلك في أن تفتيش النيابة لمكتبه أسفر عن ضبط أربع صور ضوئية للرسم المعماري للدور المتكرر - على حين أن الثابت بالتحقيقات - أنها أربع صور ضوئية للرسم الكروكي لهذا الدور. كما أن الحكم بنى قضاءه على ما استبان للمحكمة من رسم معماري للمسقط الأفقي للدور المتكرر عليه اسم الطاعن الثالث وهو ما لا يصلح الاستناد إليه حيث لم يفصح الحكم عن مصدر وموضع ذلك الرسم بأوراق الدعوى، كما عول الحكم في قضائه على أقوال شهود الإثبات - رغم ما وجهه الدفاع إليها من مطاعن وتعدد رواياتهم وتناقضهم وتضاربهم في أقوالهم وعدم ورود شهاداتهم على الحقيقة كاملة، وأخذ الطاعنين الثاني والثالث بإقرارهما رغم عدم صلاحية ما بدر منهما ليكون دليلاً للإدانة وأخذ الحكم بما اطمأن إليه من مستندات وأطرح مستندات وأدلة النفي المقدمة من الطاعنين، وأغفل دفاعهم بعدم ارتكاب الجريمة وبأن مرتكبيها أشخاص غيرهم تقع المسئولية عليهم بيد أن الدعوى الجنائية لم ترفع قبلهم ولم تستعمل محكمة الموضوع - حيالهم - حقها في التصدي المخول لها بموجب المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وأغفل الحكم المطعون فيه باقي أوجه دفوعهم الموضوعية دون أن يعرض لها إيراداً ورداً - وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل في أنه في يوم الاثنين 12/ 10/ 1992 تعرضت مصر لزلزال استمر ما يقارب الدقيقة أسفر عن تهدم بعض العقارات القديمة التي كانت بمضي الزمن آيلة للسقوط وعن تصدع بعض العقارات الحديثة لأسباب مختلفة، وانهيار البناء محل الدعوى الراهنة الكائن بشارع .... بدائرة قسم النزهة والمكون من بدروم ودور ارضي وأربعة عشر طابقاً وهو العقار الوحيد الحديث الذي انهار بالمنطقة كلها في هذا التاريخ وكان ذلك راجعاً إلى إقامة خزان من الخرسانة المسلحة أعلى البناء يزن خالياً من المياه حوالي 50 طن وعند ملئه بالمياه 150 طن أنشئ في ظل القانون 30 لسنة 1983 بالإضافة إلى ما شاب أعمال تصميم البناء وإنشائه من مخالفات تمثلت في عدم مطابقة ما تم تنفيذه على الطبيعة لما هو مرخص بإنشائه من حيث الرسومات المعمارية الإنشائية والأساسات وعدد الطوابق وعدم تحمل الأعمدة للأحمال الناتجة عن ستة عشر سقفاً خرسانياً وضعف وسوء النظام الإنشائي واستخدم مواد البناء دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة وكان قد سبق ضبط المحاضر أرقام..... لسنة 1981 جنح بلدية النزهة و...... لسنة 1981 جنح بلدية النزهة و..... لسنة 1982 جنح بلدية النزهة و...... لسنة 1989 جنح بلدية النزهة عن تلك الوقائع فيما عدا واقعة بناء الخزان أعلى العقار بدون ترخيص والتي لم يحرر عنها ثمة محاضر وبالتالي لم يصدر في شأنها أحكام وقد أدى انهيار هذا العقار إلى مقتل سبعة وستين شخصاً وإصابة ثمانية آخرين وإتلاف منقولات ملاك الوحدات." وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعنين من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعنين الثاني والثالث بالتحقيقات وتقرير اللجنة الفنية المشكلة بقرار من محافظ القاهرة وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبأن الواقعة لا تتعدى كونها جنحة ولا يسرى عليها القانون 30 لسنة 1983، ومن ثم تكون قد انقضت بمضي المدة - ورد على ذلك بقوله "إن هذا الدفع قد جانبه الصواب بالنسبة لواقعتين من واقعات الاتهام الماثل الأولى وهي بناء خزان المياه أعلى العقار موضوع الاتهام وهو البناء الذي استحدث بعد سريان القانون 30 لسنة 1983 وفي ظله ولم تراع فيه الأصول الفنية المقررة من جميع الوجوه والذي مثل حملاً على العقار بمقدار خمسين طناً تزاد إلى مائة وخمسين طناً في حالة امتلائه بالمياه وهذه الواقعة لم يشملها أي من محاضر الجنح السابقة ولم يقض فيها بثمة قضاء ومن ثم ينتفي بالنسبة - للطاعنة الأولى - الدفاع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ولا تعول المحكمة على ما ضمنه دفاع المتهمة المذكورة في تلك المذكرة المقدمة منه بجلسة المرافعة من أن بناء هذا الخزان قد تم بمعرفة اتحاد ملاك العقار المنهار ولخلو الأوراق من الدليل الجازم على ذلك فضلاً عن أن اتحاد الملاك في مثل هذا العقار المبني ينشأ لمباشرة أعمال الصيانة وليس البناء ولأن بائع وحدات العقار بعد أن يتسلم ثمنها هو المكلف بإعدادها للسكني كاملة المرافق أما الواقعة الثانية فهي تنحصر في تعمد وإهمال المتهمة في عدم مراعاة الأصول الفنية المقررة في تنفيذ التصميمات المخالفة وفي استخدام مواد بناء من أسمنت وحديد تسليح غير مطابقة للمواصفات المصرية المقررة بالنسبة للأعمال موضوع محضر الجنحة...... لسنة 1989 والتي أنشئت بالقطع بعد سريان القانون 30 لسنة 1983 وفي ظله حسبما تيقنت المحكمة من ذلك على النحو السابق سرده وحسبما ورد في تاريخ تحرير المحضر المذكور ذلك أنه ولئن كانت هذه الوقائع تعتبر قريناً متلازماً مع واقعة البناء دون ترخيص والتي قدمت المتهمة الأولى للمحاكمة عنها من قبل إلا أنه كان يتعين معاقبتها عنها بعقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة العمد والإهمال في البناء المؤثمة بنص المادة 22 مكرراً من القانون 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون 30 لسنة 1983 باعتبار أن الجريمتين مرتبطتين ارتباطاً لا يقبل التجزئة أما وأن المتهمة الأولى المذكورة قد عوقبت بجريمة الجنحة وهي الجريمة الأخف فإنه لا جناح على النيابة العامة في تقديمها للمحاكمة الراهنة لمعاقبتها بعقوبة الجريمة الأشد باعتبارها العقوبة الواجبة التطبيق عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ولا يصح في هذا الحالة الماثلة قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ويتعين القضاء برفضه" واستطرد الحكم مشيراً إلى أن الطاعن الثاني لا يقبل منه هذا الدفع أيضاً" لانتقاء وحدة الخصوم في الدعويين إذ إنه لم يكن متهماً في جميع الدعاوى السابقة عدا المحضر...... لسنة 1989 ومن ثم يسرى في شأن المتهم المذكور فيما عدا هذا المحضر ما سلف أن قررته هذه المحكمة رداً على الدفع بالنسبة للمتهمة الأولى وذلك باعتباره فاعلاً مثلها في الجرائم سالفة الذكر" ثم أضاف الحكم رداً على ما أثير من أن العقار قديم واكتمل قبل صدور القانون 30 لسنة 1983 موضحاً أن هذا القول "يجافى الحقيقة والواقع بدليل ما أثبته المهندس...... في التقرير الاستشاري المقدم منه بناء على طلب المتهمة الأولى وشريكتها...... وشهد به في التحقيقات أنه عند إعداد التقرير في 25/ 4/ 1983 كان العقار عبارة عن بدروم وأرضي وثلاثة عشر طابقاً متكرراً ولم يكن قد أنشئ الدور الرابع عشر ولا خزان المياه وكانت الأساسات والتربة قادرة بأمان على تحمل هذا المبنى إلا أن ما تم بعد ذلك من تعلية الدور الرابع عشر وتركيب خزان علوي خرساني مسلح يصل وزنه بدون مياه 50 طن وعند ملئه بالمياه يصل إلى 150 طن بما يتبعه من زيادة الأحمال التي لم تكن في الحسبان أثناء المعاينة وإعداد التقرير وأن هذا الدور الرابع عشر والخزان لم يكن موجوداً عند إعداد التقرير وإلا كان التقرير قد تضمنه، وبدليل ما شهد به...... حارس العقار منذ 1/ 1/ 1982 وحتى انهياره أن أعمال الخرسانة استمرت سنتين بعد تسلمه العمل. فضلاً عما قرره المتهم الرابع..... بالتحقيقات من أنه عند تسلمه الوحدة التي قام بشرائها في العقار في 8/ 1/ 1984 كانت العمارة حوالي ستة أو سبعة طوابق فقط ولم تكن قد وصلت إلى ثلاثة عشر طابقاً بأي حال وأنه لم يتم تشطيب العمارة حتى سنة 1990، وما ثبت أيضاً من الطلب المقدم من المتهمة الأولى....... وشريكتها في ملكية العقار للجنة التصالح عن المخالفات السابقة على صدور القانون 30 لسنة 1983 والمحرر في 1/ 12/ 1983 وإنهما يطلبان التصالح عن أربعة أدوار متكررة أقيمت بغير ترخيص فضلاً عن الثمانية أدوار الصادر بها الترخيص بما يفيد بالقطع أن ارتفاع العقار في تاريخ طلب التصالح - وهو تال لتاريخ صدور القانون 30 لسنة 1983 - كان عبارة عن 12 طابقاً بما مؤداه أن بناء الدورين الثالث عشر والرابع عشر وخزان المياه قد تم إنشاؤها في ظل القانون 30 لسنة 1983" وما شهد به أيضاً...... الذي قام بإعمال النجارة والإشراف على بعض الأعمال بتكليف من المتهم..... أنه عمل بالعمارة خلال عامي 87 و88 وأن الدور الرابع عشر لم يكن قد اكتمل وكانت العمارة غير كاملة التشطيب من الداخل وحوالي 17 شقة بها بدون تشطيب ولم يكن قد تم عمل المدخل وأنه ترك العمل بالعمارة سنة 1988 وكانت أعمال التشطيب ما زالت جارية فيها، وما شهد به...... أستاذ ميكانيكا التربة والأساسات بكلية الهندسة جامعة الأزهر بتحقيقات النيابة العامة حين عرض عليه بيان مصروفات العمارة المذكورة عن الأعوام من 1987 حتى 1989 فقرر أن ذلك البيان يتضمن فواتير شراء رمل وأسمنت وجيروسون للنقاشة وأدوات صحية وسيراميك وقيشاني وطوب وحديد تسليح ورخام وأرضيات خشب وأشياء أخرى كما توجد بيانات عن صرف مبالغ البياض والنقاشة ومباني للخزانات وتركيب السباكة والسيراميك وأجور عمال وجميع هذه الأعمال تمثل أعمال إنشاء في العمارة ويدخل حساب هذه الأعمال كأحمال مبينة في التصميم الإنشائي للعقار بحيث إن المبنى لا يعتبر مستكملاً من الناحية الإنشائية إلا بعد الانتهاء من جميع هذه الأعمال وبدليل ما ثبت على وجه القطع واليقين من إنشاء الخزان الخاص بالمياه بأعلى العقار والمكون من الخرسانة المسلحة وهو البناء لم يحرر عنه أي محضر ولم يشمله أي من المحاضر السابقة ولم يكن محلاً لمحاكمة ولا أحكام من قبل" وانتهى الحكم إلى رفض ذات الدفوع سالفة البيان - والتي كرر الطاعن الثالث إثارتها محيلاً في رفضها إلى ما ساقه من أسباب في رفضه لها بصدد إبدائها من جانب الطاعنين الأولى والثاني على النحو المار بيانه. وإذ كان ما ساقه الحكم بشأن ما تقدم كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثار بصدده يكون لا أساس له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين بأن الزلزال هو السبب الرئيسي والمنتج في الحادث وهو الذي أدى إلى انهيار العقار بما يمثله من قوة قاهرة ولم يكن لأي منهم أن يتوقعه أو يدفعه رد عليه بقوله إن "هذا الدفاع مخالف للثابت بأوراق الدعوى، ذلك أن المحكمة تطمئن تماماً إلى ما قرره جميع الشهود من أن انهيار العقار وما ترتب عليه من وفاة 67 شخصاً وإصابة ثمانية آخرين كان نتيجة سوء التصميم وسوء التنفيذ على النحو الموضح آنفاً، وأن المبني كان محكوماً عليه بالانهيار في أية لحظة وأن الزلزال لم يكن السبب الرئيسي والمنتج في سقوطه ولكنه كان كاشفاً للعيوب التي شابته وأدت إلى سقوطه وهي كانت موجودة قبل حدوث الزلزال وأنه لو كان المتهمان الأولى والثاني قد راعياً الأصول الفنية للمواصفات القياسية المصرية ولم يقوما بالارتفاع بالبناء إلى الحد الذي وصل إليه ثم إقامة خزان المياه أعلاه بما يمثله من إضافة أحمال وحمل زائد على أعمدة العقار التي كانت من الضعف بحيث لم تتحمل تلك الإضافة مما أدى إلى سقوطه ولو كان المتهم الرابع - الطاعن الثالث - لم يهمل في الإشراف على البناء على النحو الوارد بالأوراق لما حدثت تلك النتيجة الأمر الذي يقطع بتوافر رابطة السببية بين أفعال المتهمين والنتيجة التي حدثت بانهيار العقار وموت 67 شخصاً دفنوا تحت أنقاضه وإصابة ثمانية آخرين ويضحى دفاع المتهمين في ذلك قد جاء واهياً متعيناً الالتفات عنة". كما عرض الحكم لدفاع الطاعن الثالث بانقطاع علاقة السببية بين إشرافه على العقار وبين الواقعة لحدوثها بفعل عمدي من غيره بقوله "إن ذلك مردود كذلك إذ كان عليه أن ينسحب من الإشراف وفقاً لنص المادة 12 من قانون 106 لسنة 1976 أما وهو لم ينسحب من الإشراف فقد تأكدت رابطة السببية بين عدم انسحابه عن الإشراف والنتيجة التي حدثت وهي انهيار العقار وما صاحبه من وفيات وإصابات، ولما كان الاتهام قبل المتهم الرابع - الطاعن الثالث - قد قام الدليل عليه مما يلي (1) ما شهد به المهندس...... من أن المتهم الرابع كلفه بعمل جستين للأرض التي بنى عليها العقار وإعداد تقرير عن ذلك سلمه له بعد الانتهاء منه وتقاضى أجره عن عمله هذا من المتهم الرابع (2) ما شهد به...... من أنه شاهد لافتة عليها اسم وعنوان مكتب المتهم الرابع بصفته مهندس المشروع (3) ما قرره المتهم الثاني...... أنه توجه وزوجته المتهمة الأولى إلى مكتب المتهم الرابع وقدم لهم رسومات للمشروع فكلفوه بالإشراف على التنفيذ، وكان يحضر بنفسه للإشراف خاصة الإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة (4) أسفر تفتيش مكتب المتهم الرابع عن ضبط أربع صور ضوئية للرسم المعماري للدور المذكور للعقار (5) اللوحة المعمارية بملف المستندات المقدمة من شركة مصر للتأمين مدون عليها اسم المتهم الرابع وعنوان مكتبه (6) رسم معماري أخر للمسقط الأفقي للدور المذكور عليه اسم المتهم الرابع - والمحكمة تخلص مما تقدم إلى أن الاتهام المسند إلى المتهم الرابع ثابت في حقه على وجه القطع واليقين". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لو لا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر - وهو الحال في الدعوى المطروحة حسبما أفصح عنه الحكم فيما سلف - وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه فإذا اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم في حق المتهم بما تترتب عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 أن الجريمة التي ترتكب بطريق العمد أو الإهمال الجسيم بعدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم البناء أو تنفيذه أو الإشراف على التنفيذ أو الغش أو استخدام مواد البناء أو استعمال مواد غير مطابقة للمواصفات لا تستلزم قصداً خاصاً بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو انصراف قصد الجاني إلى إقامة البناء على النحو سالف البيان، وكان تحقق هذا القصد أو عدم قيامه - من ظروف الدعوى - يعد مسألة تتعلق بالواقع تفصل فيها المحكمة بغير معقب وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنة الأولى والطاعن الثاني لم يراعيا في تنفيذ العقار موضوع الدعوى الأصول الفنية المقررة بتنفيذهما التصميمات رغم علمهما بما شابها من أخطاء واستخدامهما كميات من مواد البناء - أسمنت وزلط وحديد تسليح - دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة مع سوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وإقامتهما تعلية وخزان مياه رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتهما، كما أثبت أن الطاعن الثالث أهمل إهمالاً جسيماً في الإشراف على تنفيذ البناء المشار إليه فسمح للطاعنة الأولى وللطاعن الثاني بعدم مراعاة الأصول الفنية في البناء المذكور على النحو سالف البيان، فإن هذا الذي أورده الحكم يعد كافياً وسائغاً لاستظهار تحقق القصد الجنائي لدى الطاعنين في الجرائم التي دانهم بها باعتبارهم فاعلين أصليين - على خلاف ما يذكره الطاعن الثالث في أسباب طعنه من أن الحكم خلا من بيان ما إذا كان فاعلاً أو شريكاً. ومن ثم فإن ما أثير من الطاعنين أجمعين في هذا الشأن لا يكون صائباً. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته تتوافر به جناية العمد والإهمال الجسيم بعدم مراعاة الأصول الفنية في تصميم البناء موضوع الدعوى وفي تنفيذه والإشراف على التنفيذ واستعمال مواد البناء رغم عدم مطابقتها للمواصفات، المؤثمة بنص المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983، وذلك بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها. مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا المقام لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى إقامة الطاعنين لخزان مياه دون مراعاة الأصول الفنية في التصميم وفي التنفيذ وفي الإشراف عليه أعلى البناء محل الدعوى دون لفت نظر الدفاع إلى ذلك، وكان ما أورده الحكم على هذه الصورة لا يخرج عن ذات الواقعة التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسات ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر الني كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف المتهم المحال بها الطاعنون - وهي عدم مراعاتهم للأصول الفنية في تصميم البناء محل الدعوى وفي تنفيذه وفي الإشراف على تنفيذه - بل هو مجرد بيان لوجه من أوجه كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه وفضلاً عن ذلك فإن الدفاع عن الطاعنين الأولى والثاني قد ضمن مذكرته بأن بناء خزان المياه فوق العقار قد تم بمعرفة إتحاد ملاك العقار المنهار وليس بمعرفة الطاعنين المذكورين، وهو دفاع مكتوب وتتمة للدفاع الشفوي المبدى بجلسة المرافعة وقد ردت المحكمة عليه بما يسوغ إطراحه، ومفاد ذلك أن الواقعة المار ذكرها كانت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالتفنيد والمناقشة. فإن المحكمة لا تكون ملزمة بعد ذلك بلفت نظر الدفاع إليها. ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التقرير الذي أعدته اللجنة المشكلة بقرار من محافظ القاهرة والتي نيط بها معاينة العقار وبيان أسباب انهياره تأسيساً على عدم قيام أعضائها بحلف اليمين أمام سلطة التحقيق قبل مباشرة مهمتها ورد عليه بقوله "المحكمة تلتفت عنه، ذلك أن عدم حلف أعضاء اللجنة المذكورة اليمين قبل مباشرة مهمتهم لا يخرج التقرير عن كونه من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة سيما وأن الدليل الجنائي لا يكتسب قوته الإقناعية من إسباغ الصفة الرسمية عليه أو من إحاطته باليمين وإنما من اطمئنان المحكمة إليه أياً كان الشكل الذي أفرغ فيه ما لم يقيده القانون وإن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه يضاف إلى ذلك أن أعضاء اللجنة سالفة الذكر قد سئلوا كشهود في تحقيقات النيابة العامة بعد تحليفهم اليمين القانونية قبل الإدلاء بشهادتهم المتضمنة رأيهم ومعلوماتهم بشأن العقار المنهار وسبب انهياره كما أن المحكمة بهيئة سابقة ولدى نظر الدعوى في المحاكمة الأولى التي أسفرت عن الحكم الذي نقض قد حققت الدعوى وسألت من بين من سألتهم أعضاء تلك اللجنة كشهود إثبات بالإضافة إلى من طلب الدفاع سؤاله من خبراء كشهود نفي وكافة هذه الأوراق عرضت على هذه المحكمة في المحاكمة الراهنة وأصبحت ضمن أوراق الدعوى المطروحة للمناقشة ولا تثريب على المحكمة أن تستخلص من كل تلك الأوراق الدليل اليقيني الذي ترتاح إليه وأن تقدير المحكمة لأدلة الدعوى لا يجوز مصادرتها فيه وبذلك يكون ما انتهت إليه المحكمة استخلاصاً لواقعة الدعوى قد بنى على دليل يقيني ثابت في أوراقها في مرحلتي المحاكمة ولما كان ما سرده الحكم على ما سلف كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون وذلك لأن عدم حلف أعضاء اللجنة اليمين القانونية لا ينال من عملها لما هو مقرر من أن عضو النيابة العامة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون سائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24 و31 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير اللجنة المشار إليها وبما شهد به أعضاؤها ولو لم يحلفوا اليمين قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ولما كان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير فتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك الأمر متعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير آخر أو لجنة من الخبراء ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استظهرت مسئولية الطاعنين بما ينتجها واستندت في إثبات الاتهام في حق الطاعنين إلى التقرير الأساسي للجنة الفنية المنتدبة - دون تقريرها التكميلي الذي لم تعول عليه ولم يشر إليه حكمها في مدوناته - كما استندت إلى أقوال شهود الإثبات وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية أقوال وتقدير الخبير الاستشاري فضلاً عن أنها في حكمها المطعون فيه قد ردت برد سائغ على الطلب الاحتياطي المبدى من الطاعنة الأولى بتشكيل لجنة من كليات الهندسة للاطلاع على التقارير الهندسية المقدمة في الدعوى وإعداد تقرير برأيها - ورفضته بقولها إنه "مردود، بأنه طالما أن الواقعة قد اتضحت لدى المحكمة - كما هو واقع الحال في الدعوى - فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة هذا الطلب. كما أنها غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة" فإن كافة أوجه النعي تكون لا محل لها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد تلك المحكمة - محكمة الإعادة - بما ورد بالحكم الأخير ولها في سبيل ذلك أن تقضى في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن، وكان يبين من المفردات المضمومة ومن كشف الحساب المقدم من المتهم المتوفى عبد الله...... وما قرره الطاعن الثاني في التحقيقات أن قيمة العقار المخالف تزيد عن مليون جنيه ومن ثم تكون الغرامة المقضي بها في الحدود التي قررتها المادة 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المضافة بالقانون رقم 30 لسنه 1983 وقد بنى الحكم تقديره لها على أسس ثابتة في أوراق الدعوى، ولما كانت امن لقواعد الأساسية أن المصاريف والغرامات يحكم بها في الأمور الجنائية بالتضامن على جميع المحكوم عليهم في حالة تعددهم فسقوطها عن المتهم المقضي بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لوفاته لا يعني زيادتها بالنسبة لزملائه في الجناية المحكوم عليهم فيها بأدائها كلها لكونهم متضامنين في هذا الأداء ومن ثم لا يشكل القضاء من محكمة الإعادة بتغريمهم المبلغ المشار إليه زيادة في عقوبة الغرامة المقضى بها بالحكم المنقوض أو إضراراً للطاعنين من طعنهم ويكون الحكم قد أسس تقديره للغرامة على ما ورد بالأوراق ويكون النعي في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الأولى بأنها مالكة للعقار وليست مقاولة خاصة وأن نفس التهمة وجهت لزوجها الطاعن الثاني باعتباره مقاول العقار - ودحضه بقوله أنه "دفاع ظاهر البطلان ويجافي الحقيقة والواقع ذلك أن المحكمة وهي بصدد استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع عناصرها ووزن أقوال الشهود والمتهمين وتقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم قد تيقنت وهي بكامل اطمئنانها من أن المتهمة...... كانت تعمل مع زوجها المتهم الثاني..... بالمقاولات وأنها كانت تدير العمل بصفة دائمة ومباشرة منذ بدء العمل في العمارة محل الدعوى الماثلة حتى الانتهاء منها بدليل موافقتها على تعلية الأدوار المخالفة وإبرامها العقد المؤرخ 30/ 11/ 1979 مع المتهم المتوفى عبد الله..... بشأن أسعار الخرسانة المسلحة والمباني المتعلقة بالعقار المذكور ومن قيامها بعمل حسابات العمارة وأنها كانت تتخذ مكتباً لإدارة أعمالها ومقابلة عملائها بدائرة مصر الجديدة ثم نقلت نشاطها إلى حيث مقر محل...... بشارع..... ويعمل تحت إشرافها وبأمرها مجموعة من المهندسين والعمال وما قرره المتهم الثاني...... أن زوجته المتهمة الأولى كانت تقوم بالعمل عندما كان مريضاً بما يقطع بأن المتهمة الأولى...... كانت تقوم بأعمال المقاولات وأنها اشتركت بصورة فعلية مع زوجها المتهم الثاني وزوج شريكتها المتهم الثالث المتوفى في إقامة العقار وتعليته وبناء الخزان أعلاه على الصورة الهزيلة التي أدت إلى انهياره وإحداث الآثار التي نجمت عن هذا الانهيار فضلاً عن أن المتهم الثاني...... قد أقر بأنه كان الذي يشرف على أعمال صب الخرسانة والتنفيذ كما أقر بأن سبب انهيار العمارة هو عيوب التصميم ورغم ذلك قام بتنفيذ التصميم الذي يشوبه العيب الذي حدده في أقواله والخاص بأعمدة العقار وكان يتعين عليه الامتناع عن تنفيذ التصميم السيئ". وكان هذا الرد من الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على مباشرة تلك الطاعنة لأعمال مقاولة البناء ويؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه فإن ما تثيره الطاعنة الأولى في هذا الخصوص يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان الثاني والثالث بانتفاء مسئولية أولهما كمقاول للبناء وانتفاء مسئولية ثانيهما كمهندس له لانقضاء مدة الضمان عملاً بحكم المادتين 651، 652 من القانون المدني مردوداً بأن مفاد نص المادتين المشار إليهما أن الضمان قاصر على المسئولية المدنية سواء كانت مسئولية عقدية أو تقصيرية ولا تتعداه إلى نطاق المسئولية الجنائية يؤدى ذلك ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 أنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها ثلاثين ألف جنيه والتعليات مهما بلغت قيمتها إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين..... وتغطى وثيقة التأمين المسئولية المدنية للمهندسين والمقاولين عن الإضرار التي تلحق بالغير بسبب ما يحدث في المباني والمنشآت من تهدم كلي أو جزئي". ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على ما دفع به الطاعنان الثاني والثالث في هذا الشأن لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن الثالث بعدم جواز الإثبات بالبينة ورد عليه بقوله أن دفعه "بعدم إثبات صفته كمهندس مصمم للعقار ومشرف على التنفيذ إلا بالكتابة إعمالاً لنص المادتين 651 و652 من القانون المدني والمادتين الخامسة والثانية عشرة من القانون 106 لسنة 1976 فالمحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه يتجافى وصحيح القانون فالمشرع حين أوجب في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون سالف الذكر أن تكون رسومات إنشاء العقار أو أية تعديلات فيها موقعاً عليها من مهندس نقابي مختص وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد أخذ رأي مجلس نقابة المهندسين إنما قصد من وراء ذلك تحقيق مصلحة عامة تتمثل في حماية الأرواح والأموال بأن لا يقدم على إجراء هذه الرسومات أو تعديلها إلا شخص تتوافر فيه صلاحيات معينة تقرها الدولة ونقابة المهندسين ولم يكن يهدف من وراء التوقيع على تلك الرسومات تقييد الدليل الجنائي في شأن إثبات شخص المهندس الذي قام بعمل الرسومات لتحديد من تقع عليه المسئولية الجنائية عند عدم مراعاة الأصول الفنية فيها وكذا الشأن فيما نصت عليه المادة 12 من القانون 106 لسنة 1976 والتي اشترطت أن يقدم المالك للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تعهداً كتابياً من المهندس الذي اختاره يلتزم فيه بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها وفي حالة تحلل المهندس من الإشراف عليه إخطار الجهة كتابة بذلك فقد قصد المشرع من ذلك ذات المصلحة العامة سالفة البيان ولا تتضمن المادتان سالفتا الذكر أي استثناء على حرية القاضي الجنائية في تكوين عقيدته وتحصل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها فإذا ما ثبت بالدليل اليقيني الذي اطمأنت إليه المحكمة أن المتهم الرابع... هو القائم بالإشراف على أعمال البناء ولم يقدم ذلك المتهم ما يناهض ذلك القول فإنه يتعين رفض ذلك الدفع إذ أن الكتابة ليست شرطاً لإثبات اقتراف المتهم الرابع للاتهام المسند إليه" وما أورده الحكم - على ما سلف - رداً على الدفع المشار إليه سائغ وكاف وصحيح في القانون ذلك أنه من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلا ما استثنى بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق بما في ذلك البينة وقرائن الأحوال وإذ كانت الجريمة التي دين بها الطاعن الثالث ليست من الجرائم المستثناة من هذا الأصل كما أن صفته كمهندس هي عنصر من عناصر هذه الجريمة ومن ثم تعتبر مسألة جنائية ولا تعد من المسائل الغير جنائية التي يسري عليها نص المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون نعيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان لا يوجد ثمة تعارض بين إرجاع الحكم انهيار العقار إلى ضعف النظام الإنشائي تارة وإلى سوء التنفيذ تارة أخرى وإلى بناء الخزان تارة ثالثة إذ أن كل هذه الأمور ما هي إلا صور وعوامل للجريمة التي دان الطاعنين بها وهي عدم مراعاتهم للأصول الفنية المقررة في تصميم العقار وفي تنفيذه وفي الإشراف على هذا التنفيذ مما أدى إلى انهياره، كما أنه لا تناقض أيضاً بين قول الحكم في موضع منه من أنه سبق الفصل في جريمة تعلية العقار ستة أدوار بغير ترخيص ثم قوله في موضع آخر أن الطاعنين أهملوا إهمالاً جسيماً والمتوفى حسين ...... في الإشراف على تنفيذ العقار وسمحوا أيضاً بتعلية ستة طوابق وإنشاء خزان دون ترخيص كما أن قوله نقلاً عن الطاعن الثاني أن الطاعن الثالث كان يحضر بنفسه للإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة، وعودته إلى القول في موضع آخر أن الطاعن الثاني قرر أنه كان يقوم هو بنفسه والمتهم المتوفى عبد الله..... بالإشراف على صب الخرسانة والتنفيذ لا تناقض فيه إذ القول الثاني لا ينفي القول الأول بل مؤداهما معاً أن ثلاثتهم أسهموا في الإشراف على تنفيذ الخرسانة المسلحة، كما تبين من الاطلاع على المفردات المضمونة أن ما حصله الحكم المطعون فيه بشأن ما تقدم وبشأن عدم سابقة محاكمة الطاعنة الأولى عن واقعة بناء الخزان بأعلى العقار بعد تعلية العقار إلى الطابق الرابع عشر، وما أحال إليه الحكم في بيان شهادة الشهود.... و..... و ..... و..... و..... و..... من أنهم شهدوا بمضمون ما شهد به الشاهد...... من أن السبب المباشر لانهيار العقار هو ضعف النظام الإنشائي المستخدم لكي يتحمل 16 سقفاً خرسانياً وخزان مياه - له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن الثالث من خطئه فيما نقله عن إقراره من أنه بدأ تشطيب شقته سنة 1994 - بينما أن الثابت بالأوراق أنه بدأ تشطيبها سنة 1990 - وكذلك في أن تفتيش النيابة لمكتبه أسفر عن ضبط أربع صور ضوئية للرسم المعماري للدور المتكرر - على حين أن الثابت بالتحقيقات أنها أربع صور ضوئية للرسم الكروكي لهذا الدور، لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من رسم معماري للمسقط الأفقي للدور المتكرر عليه اسم الطاعن الثالث وإنما استندت إلى هذا الرسم كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم المطعون فيه إن عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من هذا الرسم المعماري دليلاً أساسياً في ثبوت التهمة قبل هذا الطاعن وإذ كان لا يوجد في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع تلك القرينة المشار إليها من أوراق الدعوى ما دام لها أصل فيها حسبما استبان من المفردات المضمومة فإن النعي في هذا الصدد يكون لا أساس له. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها، وكان لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وإذ كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد وإن تعددت وبيان وجه أخذتها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وفي إغفالها إيراد بعض الوقائع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل تكفي أن يكون من شأن الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، كما أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها وهم في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، كان للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي طمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الفني لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ومن إقرار الطاعنين الثاني والثالث بالتحقيقات وهما لا ينازعان في صحة ما نقله الحكم من أقوالهما التي حصلها الحكم بوصفها إقراراً لا اعترافاً فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة، كما أنه لا يقدح في سلامته تسمية هذه الأقوال إقراراً طالما أن المحكمة لم ترتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف. كما لا ينال من الحكم أخذه بالمستندات التي اطمأن إليها وإطراحه لمستندات أخري قدمها الطاعنون وأشاروا إليها في أسباب طعنهم ويكون منعاهم على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان دفاع كل من الطاعنين بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها أشخاص غيرهم تقع المسئولية عليهم مردوداً بأن نفي المتهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما لا يجديهم النعي يعدم إقامة الدعوى الجنائية على هؤلاء الآخرين - بفرض إسهامهم في الجريمة - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلتهم عما هو مسند إليهم والذي دلل الحكم على مقارفتهم إياه تدليلاً سائغاً؟ ومقبولاً، كما أن حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروك لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون أن تلتزم بإجابة طلبات الخصوم في هذا الشأن، ومن ثم تضحى أوجه النعي في هذا الخصوص لا سند لها. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعنون في أسباب طعنهم لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن يكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الجمعة، 6 مارس 2015

الطعن 4121 لسنة 66 ق جلسة 7 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ق 50 ص 358

جلسة 7 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ونير عثمان نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد الله حمودة.

----------------

(50)
الطعن رقم 4121 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن دون إيداع الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سرقة "سرقة بالإكراه".
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. كفايته لتوافر حالة التلبس. تقدير ذلك. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي. تقدير محكمة الموضوع عدم صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليه ما دام سائغاً.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة الاعتراف واستنباط الحقيقة منه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. استعراف. دفوع "الدفع ببطلان الاستعراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب النقض. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة لأول مرة أمام النقض. غير جائز. عدم قبول النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثر أمامها.
(6) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في دليل لم يعول عليه الحكم في الإدانة. غير مقبول.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن على الحكم خطئه فيما نسبه للشاهدين الثالث والرابع من ضبط المتهم الأول بشقة المجني عليهما في حين أن الشاهد الرابع أمسك به بالطرق العام إثر هروبه. غير مقبول. ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
قيام المحكمة بحبس المتهم احتياطياً على ذمة الدعوى. لا يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل الدعوى. أساس ذلك؟
(10) سرقة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تمام السرقة بالاستيلاء على المنقول استيلاء يخرجه من حيازة صاحبه وجعله رهن تصرف السارق.
مثال لتسبيب سائغ في تمام جريمة سرقة بالإكراه.

----------------
1 - لما كان المحكوم عليه الثالث وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكولاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها يتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
4 - من المقرر أن - محكمة الموضوع - ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان اعتراف الطاعن وباقي المحكوم عليهم بدعوى أنه كان وليد إكراه وأطرحته للأسباب السائغة التي أوردتها استناداً إلى أن استجوابهم تم بمعرفة النيابة العامة وأن إجراءاته خلت من أي شائبة للإكراه المادي أو المعنوي وكان فيما انتهت إليه من الأخذ من اعتراف الطاعن قالته أنه توجه رفقة المتهمين الأول والثالث إلى شقة المجني عليهما وأنه لم يسرق شيئاً دون باقي قوله أن الغرض من ذهابه كان لقضاء السهرة وانصرافه قبل الحادث - بفرض حصوله - سليماً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في واقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما ذهب إليه بوجه طعنه من بطلان عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة فلا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره أمامها.
6 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته ما يفيد تضمن الأوراق لتحريات الشرطة. وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثيره الطاعن من عدم ذكر الشاهدين الأول والخامسة فتح باب الشقة المجني عليهما خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه فإنه - بفرض تردى الحكم في هذا الخطأ - لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها ويكون النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد على غير أساس.
8 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما نسبه للشاهدين الثالث والرابع من ضبط المتهم الأول بشقة المجني عليهما في حين أن الشاهد الرابع أمسك به بالطريق العام إثر هروبه فمردود بأنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول.
9 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، وكان الثابت من محضر جلسة...... أن المدافع عن الطاعن استغنى صراحة عن سماع شهود الإثبات اكتفاء بمناقشة أقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة ولا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعن احتياطياً على ذمة الدعوى فإن ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل الدعوى لسماع الشهود، أما وهو لم يفعل بعلة غير مقبولة هي خشيته أن يظل موكله محبوساً فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع ويضحى النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد.
10 - لما كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم اقتحموا مسكن المجني عليهما وتمكنوا بطريق الإكراه الواقع عليهما من إتمام السرقة والاستيلاء على المسروقات، وإذ كان من المقرر أن السرقة تتم بالاستيلاء على الشيء المسروق استيلاء تاماً يخرجه من حيازة صاحبه ويجعله في قبضة السارق وتحت تصرفه، فإن الحكم إذ اعتبر الواقعة سرقة تامة لا شروعاً فيها قد يكون أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - .... 2 - .... "طاعن" 3 - ..... "طاعن". 4 - .... بأنهم: أولاً: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية سرقة مسكن كل من.....، .... بالإكراه بأن التفت إرادتهم على إتمام ذلك وأعدوا العدة لتنفيذها من أسلحة ووسيلة انتقال وقصدوا مسكن المجني عليهما لتنفيذ ما اتفقوا عليه. ثانياً: سرقوا المبالغ النقدية والمنقولات المبينة قدراً ووصفاً بالأوراق المملوكة للمجني عليهما سالفي الذكر. وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهما بأن اقتحموا مسكنهما شاهرين أسلحتهم مهددين إياهما باستعمالها وشدوا وثاقهما وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الفرار بالمسروقات. ثالثاً: المتهمان الأول والثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 48/ 1 - 2، 314/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند العاشر من الجدول رقم (1) مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأوائل بالإشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم ومصادرة المطواة ومسدس الصوت المضبوطين وببراءة المتهم الرابع.
فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الثالث..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني.... استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجرائم الاتفاق الجنائي والسرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المدافع عنه دفع ببطلان القبض عليه لإجرائه بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة من أحوال التلبس وبمعرفة مأمور ضبط قضائي غير مختص مكانياً وببطلان اعترافه لأنه وليد إكراه وقع عليه ولم يرد الحكم على ذلك بأسباب سائغة كما أغفل الرد على ما دفع به من بطلان محضر جمع الاستدلالات لأنه نتيجة قبض واستجواب باطلين وأنه أكره على التوقيع عليه وبطلان عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة كما صرف الحكم اعترافه بالذهاب إلى شقة المجني عليهما لقضاء السهرة وانصرافه قبل الحادث عن معناه كما نسب للشاهدين الأول والخامسة فتح باب الشقة رغم أن أقوالهما خلت من ذلك وللشاهدين الثالث والرابع ضبط المتهم الأول والإمساك به في الشقة في حين أنه تمكن من الهرب وأمسك به الشاهد الرابع في الطريق العام وعول في إدانته على تحريات الشرطة رغم خلو الأوراق من تلك التحريات كما تمسك بسماع شهود الإثبات إلا أن المحكمة أمرت بحبس الطاعن على ذمة الدعوى وتوالى تأجيل نظرها لسماع الشهود الأمر الذي جعل الدفاع مكرهاً على التنازل عن سماعهم حتى لا يظل الطاعن محبوساً كما فات الحكم أن يستظهر توافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي قبله هذا فضلاً عن أنه اعتبر الجريمة سرقة تامة مع أنها لم تتجاوز حد الشروع وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها عرض للدفع ببطلان القبض عليه ورد عليه في قوله "أما عن القبض على المتهمين فقد كان بسبب توافر حالة التلبس بالجريمة إذ الثابت أن المتهم الأول ضبط متلبساً بالسرقة وأرشد عن باقي المتهمين الذين اشتركوا معه في ارتكابها ومن ثم فقد صحت إجراءات القبض عليهم جميعاً وفقاً لنص المادتين 34، 35/ 1 إ، ج". ولما كان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً بها أو غير متلبس بها موكلاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها يتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة كما أنها - محكمة الموضوع - ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان اعتراف الطاعن وباقي المحكوم عليهم بدعوى أنه كان وليد إكراه وأطرحته للأسباب السائغة التي أوردتها استناداً إلى أن استجوابهم تم بمعرفة النيابة العامة وأن إجراءاته خلت من أي شائبة للإكراه المادي أو المعنوي وكان فيما انتهت إليه من الأخذ من اعتراف الطاعن قالته أنه توجه رفقة المتهمين الأول والثالث إلى شقة المجني عليهما وأنه لم يسرق شيئاً دون باقي قوله أن الغرض من ذهابه كان لقضاء السهرة وانصرافه قبل الحادث - بفرض حصوله - سليماً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في واقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما ذهب إليه بوجه طعنه من بطلان عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة فلا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره أمامها. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته ما يفيد تضمن الأوراق لتحريات الشرطة. وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثيره الطاعن من عدم ذكر الشاهدين الأول والخامسة فتح باب الشقة المجني عليهما خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه فإنه - بفرض تردى الحكم في هذا الخطأ - لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقة أو النتيجة التي خلص إليها ويكون النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد على غير أساس. أما ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما نسبه للشاهدين الثالث والرابع من ضبط المتهم الأول بشقة المجني عليهما في حين أن الشاهد الرابع أمسك به بالطريق العام إثر هروبه فمردود بأنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، وكان الثابت من محضر جلسة..... أن المدافع عن الطاعن استغنى صراحة عن سماع شهود الإثبات اكتفاء بمناقشة أقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة ولا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعن احتياطياً على ذمة الدعوى فإن ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل الدعوى لسماع الشهود، أما وهو لم يفعل بعلة غير مقبولة هي خشيته أن يظل موكله محبوساً فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع ويضحى النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن مقارفته لجريمة السرقة بالإكراه استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره بشأن جريمة الاتفاق الجنائي طالما أن الحكم المطعون فيه قد طبق في حقه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد فيها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم اقتحموا مسكن المجني عليهما وتمكنوا بطريق الإكراه الواقع عليهما من إتمام السرقة والاستيلاء على المسروقات، وإذ كان من المقرر أن السرقة تتم بالاستيلاء على الشيء المسروق استيلاء تاماً يخرجه من حيازة صاحبه ويجعله في قبضة السارق وتحت تصرفه، فإن الحكم إذ اعتبر الواقعة سرقة تامة لا شروعاً فيها يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4291 لسنة 66 ق جلسة 8 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ق 51 ص 368

جلسة 8 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد السعيد الكناني.

---------------

(51)
الطعن رقم 4291 لسنة 66 القضائية

(1) بطلان "بطلان الإعلان". نظام عام. إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
أوجه البطلان المتعلقة بالتكيف بالحضور. ليست من النظام العام. حضور المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه. تمسكه ببطلان أوراق التكليف بالحضور. غير مقبول.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. متى اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم ما دام استخلاصه سائغاً.
الجدل في تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
(5) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "حجيته". إثبات "بوجه عام".
أدلة الدعوى. حرية القاضي في تقديرها لتكوين عقيدته ولو ترتب على حكمه قيام تناقض بينه وبين حكم سابق أصدرته هيئة أخرى على متهم آخر في ذات الواقعة.
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع بقبول المتهم أو المدافع عنه. أساس ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالتكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بالجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وكان الثابت أن الطاعن مثل أمام محكمة الجنايات ومعه المحامي المنتدب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
4 - لما كان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها.
5 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى, وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها تلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
6 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
7 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ...... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن في أسباب الطعن - قد تمسك بسماع الشاهد......، واستغنى صراحة عن سماع بقية الشهود - وإجابته المحكمة لذلك - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين (سبق الحكم عليهم) - بأنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الآخرين في الاستيلاء بغير حق على كمية الغلال المبينة بالأوراق والمملوكة للشركة العامة للمطاحن والصوامع التابعة لوزارة المالية على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ..... عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 113/ 1، 116 مكررا/ 1، 118 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ستمائة وثمانية وثمانين جنيهاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك مع آخرين (سبق الحكم عليهم) في الاستيلاء على مال عام قد شابه البطلان، والفساد في الاستدلال والتناقض، وانطوى على إخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر الدعوى، وعول الحكم على أقوال الشاهد..... وحدها رغم مجافاتها للحقيقة، إذ أن الطاعن لم يكن له دور على مسرح الجريمة، كما أن الشاهد المذكور طاعن في السن وضعيف البصر ويكيد له لخلف سابق بينهما، فضلاً عن تباين شهادته بالتحقيقات عنها أمام المحكمة، هذا إلى أن المحكمة دانته رغم تقدمه بشهادة تفيد حجزه - وقت الحادث - بمستشفى الحامول ورغم قضائها ببراءة آخرين في ذات الدعوى، كما لم تعن بسماع الشهود في الجلسة اكتفاء بسماع الشاهد السالف ذكره، وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في الاستيلاء على مال عام التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالتكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بالجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وكان الثابت أن الطاعن مثل أمام محكمة الجنايات ومعه المحامي المنتدب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن - خلافاً لما يزعمه الطاعن - على أقوال كل من..... و.... و.... و.... و....، والرائد..... والمقدم..... و..... وما أقربه المتهمان الأول والثاني، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصهاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهد...... له أصله الثابت في الأوراق، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - وهو الحال في الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق وسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى, وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها تلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا وجه لقالة التناقض التي أثارها الطاعن مستنداً فيها إلى الحكم الصادر بالبراءة لمتهم آخر في الدعوى عن ذات التهمة، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل، ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدي القاضي الآخر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن في أسباب الطعن - قد تمسك بسماع الشاهد......، واستغنى صراحة عن سماع بقية الشهود - وإجابته المحكمة لذلك - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 14831 لسنة 65 ق جلسة 9 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ق 52 ص 375

جلسة 9 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(52)
الطعن رقم 14831 لسنة 65 القضائية

(1) اختلاس مال عام. تزوير "أوراق رسمية". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لحكم الإدانة في جريمة اختلاس مال عام مرتبطة بتزوير أوراق رسمية المنصوص عليها بالمادة 112 عقوبات.
(2) إثبات "بوجه عام". اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام. محكمة الموضوع "سلطتها في - تقدير الدليل".
جريمة اختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات. لا يشترط لإثباتها طريقة خاصة. كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.
(3) اختلاس أموال أميرية. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
(4) اختلاس أموال أميرية. تزوير "أوراق رسمية". عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم بالقصور بشأن التدليل على جريمة التزوير. غير مجد: ما دام قد دانه بجريمة الاختلاس وأوقع عليه عقوبتها باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(5) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انتهاء الحكم إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في جنحتين أخريين استناداً إلى اختلاف موضوعهما عن موضوع الدعوى الماثلة. سائغ.
مثال.
(6) إثبات "قوة الأمر المقضي فيه". وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "حجيته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين. رهن بأن يكون الفعل واحداً في المحاكمتين وأن تملك المحكمة الأولى الفصل فيه بجميع أوصافه المختلفة وخاصة الجريمة الأشد. محاكمة المتهم عن الوصف الأخف. لا يمنع من إعادة محاكمته عن الجريمة الأشد. ما دامت المحكم الأولى لم تكن تملك تعديل الوصف المرفوع، الدعوى أمامها.
(7) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حضور الخصوم أثناء تأدية الخبير مأموريته. غير لازم. أساس ذلك؟
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع الالتفات عن سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه متى وضحت الواقعة لديها أو كان الأمر المطلوب غير منتج في الدعوى مع بيان العلة.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام". خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى من سلطة محكمة الموضوع. هي الخبير الأعلى في الدعوى. عدم التزام المحكمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو إعادة مناقشته. ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافى العقل والقانون.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(10) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير "الطعن بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير وسيلة دفاع. خضوعها لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابته. أساس ذلك؟
(11) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم. متى أقيم على ما له أصل صحيح بالأوراق.
مثال.

----------------
1 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن استلامه لست حمولات من الدقيق ولم يدرجها بسجل يومية المخزن عهدته فضلاً عن تزويره لفواتير المبيعات النقدية الخاصة بالعملاء أصحاب الحصص التموينية بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة صرف كميات من الدقيق بالزيادة عن الحصص المقررة والتي صرفت فعلاً لأصحابها وإثبات الصرف لعملاء لم يتم الصرف الفعلي لهم لتوفق نشاطهم واحتفظ بكميات الدقيق لنفسه بينة تملكها فضلاً عن حصوله على فروق الأسعار بين السعر المدعم والسعر الحر فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف في استظهار انطباق أحكام المادة 112 من قانون العقوبات وصفة الطاعن في إدانته بها.
2 - من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمتي الاختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بوقوع الفعل المكون لها من أي ليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
3 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
4 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الاختلاس وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد. فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في بيان الكيفية التي تم بها التلاعب في الفواتير والمستندات المزورة - بفرض صحة ذلك.
5 - لما كان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحتين رقمي.... و..... أمن دولة طوارئ .... تأسيساً على اختلاف موضوعهما عن موضوع وقائع الدعوى الماثلة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن عنها في هاتين الجنحتين هي التصرف في حصة الدقيق على غير الوجه المقرر في حين أن موضوع الاتهام في الطعن الماثل هو اختلاس الطاعن لكميات الدقيق المبينة بالأوراق بالإضافة إلى جنايتي التزوير في أوراق رسمية واستعمالها. وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن.
6 - من المقرر أنه وإن كان لا يجوز قانوناً محاكمة الشخص أكثر من مرة عن فعل جنائي وقع منه إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الفعل واحداً في المحاكمتين، وأن تملك المحكمة الأولى الفصل فيه بجميع أوصافه المختلفة وعلى الأخص وصف الجريمة الأشد، فإذا كانت المحكمة الأولى لا تملك تعديل الوصف المرفوعة به الدعوى أمامها، وكان هذا الوصف مقرراً للجريمة الأخف، فإن الحكم الصادر منها على هذا الأساس لا يمنع من إعادة محاكمة المتهم عن الجريمة الأشد - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير صحيح.
7 - من المقرر أن المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور الخصوم أثناء الخبير لمأموريته ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون عندما انتهج هذا النظر ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
8 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن طلب ضم كروت الشحن والأوراق الأخرى الواردة بأسباب الطعن ورد عليه بقوله "أن المحكمة ترفضه بعد أن اطمأنت على نحو ما سلف ذكره إلى استلام المتهم لكميات الدقيق الخاصة بالحمولات الست المشار إليها واختلاسها لنفسه دون أن يثبت بالسجلات عهدته بيانات تلك الحمولات فضلاً عن أن تلك المستندات عدا أصول تلك الأذون الستة التي أخفاها المتهم ضمت بالأوراق وكانت تحت نظر لجنة الخبراء التي باشرت المأمورية في المرتين واطلع عليها المتهم ومحاميه لدى حضورهما أمام لجنة الخبراء عند مباشرتها التقرير الأول". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده - الحكم فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلبات الطاعن في هذا الشأن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
9 - من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها وهي في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو بإعادة مناقشته أو بندب خبير آخر ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى العقل والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره. وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير الأدلة من إطلاقاتها، فإن ما يثيره الطاعن - من أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه بندب خبراء آخرين لإعادة بحث المأمورية ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الطعن بالتزوير على ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة عرضت لطلب الطاعن الطعن بالتزوير على الصور الكربونية والضوئية لأذون الاستلام المرفقة بملف الدعوى وأطرحته استناداً إلى اطمئنانها إلى تسلم الطاعن لحمولات الدقيق الست موضوع أذون الاستلام والتي حرر عنها أذون استلام من أصل وثلاث صور كربونية لكل منها وسلم كل سائق صورة كربونية لإذن الاستلام والتي سلمت فيما بعد إلى إدارة الحركة والنقل بالشركة التي يعملون بها، كما أطرحته كذلك اطمئناناً منها إلى ما قرره الطاعن بالتحقيقات من أنه قدم ثلاثة طلبات إلى الشاهد الخامس تضمنت إحداها بيانات الحمولات الست وأنه سدد جزءاً من ثمنها وطلبه مهلة لسداد الباقي. وكذلك اطمئناناً منها إلى ما قرره شهود الإثبات وما جاء بإخطارات خروج تلك الكميات بالبوابات والصور الكربونية والفوتوغرافية لأذون الاستلام وأذون وكروت الشحن ومطابقتها لأصول أذون الاستلام عهدة الطاعن والتي أخفاها إمعاناً في طمس معالم جريمته فضلاً عن اطمئنان المحكمة إلى إقراره بالتحقيقات من أن الدفتر الخاص بأذون الاستلام والمتضمن أذون الاستلام الثلاثة من بين الحملات الست المختلسة يدخل في عهدته وإذ انتهت المحكمة في حكمها استناداً إلى كل ما تقدم إلى عدم جدية هذا الدفاع، فإنها تكون بذلك قد فصلت في أمر موضوعي لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
11 - لما كان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن ما حصله الحكم من أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة أقر فيها بأن دفتر أذون الاستلام المضبوط والمتضمن الأذون الخاصة بحمولات ثلاث من بين الحمولات الست الخاصة بالدقيق المختلس من الدفاتر عهدته - له معينه الصحيح من الأوراق -، فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن...... بأنه بصفته موظفاً عمومياً "أمين مستودع.... للدقيق" اختلس كميات الدقيق المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 409963.580 جنيه "أربعمائة وتسعة ألف وتسعمائة وثلاثة وستين جنيهاً وخمسمائة وثمانين مليماً" المملوكة لهيئة السلع التموينية والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع والمسلمة إليه بهذه الصفة على النحو المبين بالأوراق وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محررات لشركة مطاحن وسط وغرب الدلتا واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة هو أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: أ - بصفته المذكورة ارتكب تزويراً في فواتير المبيعات النقدية الخاصة بمستودع دقيق..... بأن أثبت على خلاف الحقيقة في بعض منها صرف أصحاب المخازن لحصص دقيق رغم عدم أحقيتهم في ذلك لتوقف نشاطهم وأثبت في البعض الآخر صرف كميات بالزيادة عن المنصرف لهم ولم يثبت كميات الدقيق المسلمة إليه في السجل والكشوف المعدة لذلك على النحو المبين بالأوراق. ب - استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر فيما زورت من أجله بأن أرسل صورة فواتير المبيعات النقدية إلى إدارة الشركة التي يعمل بها للاعتداد بها مع علمه بتزويرها فاعتد بها المختصون على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بطنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2/ أ - ب، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ جـ، 213، 314 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه بمبلغ 322301.410 جنيه ثلاثمائة واثنين وعشرين ألفاً وثلاثمائة وواحد جنيه وأربعمائة وعشرة مليمات وإلزامه برد مبلغ 292301.410 جنيه فقط مائتين واثنين وتسعين ألفاً وثلاثمائة وواحد جنيه وأربعمائة وعشرة مليمات وبعزله من وظيفته عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد. ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان مضمون الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعن، كما لم يدلل على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن تدليلاً سائغاً ولم يبين الكيفية التي تم بها التلاعب في الفواتير والمستندات التي تم تزويرها، وانتهى الحكم إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحتين رقمي.....، ...... لسنة 1991 أمن دولة طوارئ...... برد غير سائغ، ودفع الطاعن ببطلان أعمال الخبير الذي قدم تقديره لعدم دعوة الطاعن عند مباشرة المأمورية إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يصلح رداً، ولم تستجب المحكمة لما أبداه الطاعن من طلبات جازمة بشأن ضم كروت الشحن الخاصة بالسيارات التي تنقل الدقيق من المخازن الرئيسية لمؤسسة المطاحن إلى المخزن الذي يتولى الطاعن عهدته وأصول أذون استلام الكميات الواردة إلى ذلك المخزن وكشوف الحركة اليومية ومحاضر الجرد الخاصة بتداول الدقيق بالمحزن عهدته، كما لم تستجب المحكمة إلى طلب الطاعن انتداب ثلاثة خبراء آخرين لمباشرة المأمورية التي عهد بها إلى الخبراء السابقين سيما وأنها لم تعن برفع التناقض الذي شاب التقريرين المقدمين في الدعوى، وتمسك الطاعن عند مباشرة الخبير المأمورية بتزوير الصور الكربونية والضوئية لأذونات الاستلام المرفقة بملف الدعوى لعدم قيامه بتوقيعها أو تحريرها ورد الحكم على هذا الدفع برد غير سائغ، واستند الحكم في قضائه إلى أن الطاعن أقر بأن دفتر أذون الاستلام المضبوط والمتضمن الأذون الخاصة بحمولات ثلاث من بين الحمولات الست الخاصة بالدقيق المختلس من الدفاتر عهدته على خلاف الثابت بالأوراق والتي خلت مما يساند هذا القول وكل يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها - التي دين الطاعن بها - واستدل على ثبوتها بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن استلامه ليست حمولات من الدقيق ولم يدرجها بسجل يومية المخزن عهدته فضلاً عن تزويره لفواتير المبيعات النقدية الخاصة بالعملاء أصحاب الحصص التموينية بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة صرف كميات من الدقيق بالزيادة عن الحصص المقررة والتي صرفت فعلاً لأصحابها وإثبات الصرف لعملاء لم يتم الصرف الفعلي لهم لتوقف نشاطهم واحتفظ بكميات الدقيق لنفسه بينة تملكها فضلاً عن حصوله على فروق الأسعار بين السعر المدعم والسعر الحر فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف في استظهار انطباق أحكام المادة 112 من قانون العقوبات وصفة الطاعن في إدانته بها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمتي الاختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بوقوع الفعل المكون لها من أي ليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الاختلاس وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في بيان الكيفية التي تم بها التلاعب في الفواتير والمستندات المزورة - بفرض صحة ذلك - لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحتين رقمي...... و...... لسنة 1991 أمن دولة طوارئ..... تأسيساً على اختلاف موضوعهما عن موضوع وقائع الدعوى الماثلة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن عنها في هاتين الجنحتين هي التصرف في حصة الدقيق على غير الوجه المقرر في حين أن موضوع الاتهام في الطعن الماثل هو اختلاس الطاعن لكميات الدقيق المبينة بالأوراق بالإضافة إلى جنايتي التزوير في أوراق رسمية واستعمالها. وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه وإن كان لا يجوز قانوناً محاكمة الشخص أكثر من مرة عن فعل جنائي وقع منه إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الفعل واحداً في المحاكمتين، وأن تملك المحكمة الأولى الفصل فيه بجميع أوصافه المختلفة وعلى الأخص وصف الجريمة الأشد، فإذا كانت المحكمة الأولى لا تملك تعديل الوصف المرفوعة به الدعوى أمامها، وكان هذا الوصف مقرراً للجريمة الأخف، فإن الحكم الصادر منها على هذا الأساس لا يمنع من إعادة محاكمة المتهم عن الجريمة الأشد - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور الخصوم أثناء تأدية الخبير لمأموريته ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون عندما انتهج هذا النظر ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غبر مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن طلب ضم كروت الشحن والأوراق الأخرى الواردة بأسباب الطعن ورد عليه بقوله "أن المحكمة ترفضه بعد أن اطمأنت على نحو ما سلف ذكره إلى استلام المتهم لكميات الدقيق الخاصة بالحمولات الست المشار إليها واختلاسها لنفسه دون أن يثبت بالسجلات عهدته بيانات تلك الحمولات فضلاً عن أن تلك المستندات عدا أصول تلك الأذون الستة التي أخفاها المتهم ضمت بالأوراق وكانت تحت نظر لجنة الخبراء التي باشرت المأمورية في المرتين واطلع عليها المتهم ومحاميه لدى حضورهما أمام لجنة الخبراء عند مباشرتها التقرير الأول". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده - الحكم فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلبات الطاعن في هذا الشأن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها وهي في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى الخبير أو بإعادة مناقشته أو بندب خبير آخر ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى العقل والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره. وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقديره الأدلة من إطلاقاتها، فإن ما يثيره الطاعن - من أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه بندب خبراء آخرين لإعادة بحث المأمورية ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطعن بالتزوير على ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة عرضت لطلب الطاعن الطعن بالتزوير على الصور الكربونية والضوئية لأذون الاستلام المرفقة بملف الدعوى وأطرحته استناداً إلى اطمئنانها إلى تسلم الطاعن لحمولات الدقيق الست موضوع أذون الاستلام والتي حرر عنها أذون استلام من أصل وثلاث صور كربونية لكل منها وسلم كل سائق صورة كربونية لإذن الاستلام والتي سلمت فيما بعد إلى إدارة الحركة والنقل بالشركة التي يعملون بها، كما أطرحته كذلك اطمئناناً منها إلى ما قرره الطاعن بالتحقيقات من أنه قدم ثلاثة طلبات إلى الشاهد الخامس تضمنت إحداها بيانات الحمولات الست وأنه سدد جزءاً من ثمنها وطلبه مهلة لسداد الباقي. وكذلك اطمئناناً منها إلى ما قرره شهود الإثبات وما جاء بإخطارات خروج تلك الكميات بالبوابات والصور الكربونية والفوتوغرافية لأذون الاستلام وأذون وكروت الشحن ومطابقتها لأصول أذون الاستلام عهدة الطاعن والتي أخفاها إمعاناً في طمس معالم جريمته فضلاً عن اطمئنان المحكمة إلى إقراره بالتحقيقات من أن الدفتر الخاص بأذون الاستلام والمتضمن أذون الاستلام الثلاثة من بين الحمولات الست المختلسة يدخل في عهدته وإذ انتهت المحكمة في حكمها استناداً إلى كل ما تقدم إلى عدم جدية هذا الدفاع، فإنها تكون بذلك قد فصلت في أمر موضوعي لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن ما حصله الحكم من أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة أقر فيها بأن دفتر أذون الاستلام المضبوط والمتضمن الأذون الخاصة بحمولات ثلاث من بين الحمولات الست الخاصة بالدقيق المختلس من الدفاتر عهدته - له معينه الصحيح من الأوراق - ، فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.