الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 مارس 2015

الطعن 23634 لسنة 67 ق جلسة 2 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 101 ص 764

جلسة 2 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وفرحان بطران وعبد التواب أبو طالب.

-----------------

(101)
الطعن رقم 23634 لسنة 67 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها". قانون "تطبيقه".
انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم والوقائع المنسوبة إلية بصدور حكم نهائي فيها. المادة 454 إجراءات.
الحكم نهائياً على المتهم من أجل واقعه معينه. يحول دون محاكمته عنها مره أخرى. المادة 455 إجراءات.
المغايرة التي تمنع من القول بوحدة السبب. تتحقق بالذاتية الخاصة لكل واقعة.
(2) حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي. دعوى جنائية "انقضاؤها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "حالات الطعن. الخطأ في القانون". بناء. قتل خطأ. إصابة خطأ.
حيازة الحكم لقوة الأمر المقضي. تمنع مناقشته.
القضاء ببراءة الطاعن من تهمة بناء بدون ترخيص وغير مطابق للمواصفات. اتخاذ الحكم من فعل البناء أساساً لإدانة الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال. خطأ في القانون. يوجب نقضه وتصحيحه والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. أساس وعلة ذلك؟
مثال.
(3) قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
رابطة السببية. ركن في جريمة القتل والإصابة الخطأ. اقتضاؤها. اتصال الخطأ بالقتل أو الجرح اتصال السبب بالمسبب. وجوب إثبات توافره بالاستناد إلى دليل فني. إغفال الحكم الإشارة إلى الكشف الطبي الموقع على المجني عليهم وخلوه من بيان أسمائهم والإصابات التي أدت وفاتهم وتلك التي لحقت بغيرهم. يعيبه. عله ذلك؟
اتصال وجه الطعن بطاعن آخر. يوجب نقض الحكم بالنسبة إليه.

-----------------
1 - إن المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون" وتنص المادة 455 من ذات القانون على أنه "لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة". ومفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة - ولو تحت وصف جديد - أن يتحد الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين بمعنى أن لا يكون لكل دعوى ذاتية مستقلة وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة السبب فيهما.
2 - لما كانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى على الطاعن بوصف أنه في الفترة من سنة 1973 حتى 27/ 10/ 1996 أولاً: (1) لم يراع في تصميم وتنفيذ البناء رقم..... شارع..... بمصر الجديدة الأصول الفنية المقررة قانوناً بأن أنشاه وإقامة على أعمدة وهيكل خرساني لا تتحمل عدد الأدوار المرخص له بإقامتها مخالفاً بذلك الرسم المعماري والإنشائي الذي منح على أساسه الترخيص ثم أقام خمسة أدوار من التاسع حتى الثالث عشر زائدة على المرخص له بإقامته دون الحصول على ترخيص رغم عدم تحمل الأعمدة والهيكل الخرساني التي أنشأها بالمخالفة للترخيص زيادة الأحمال الواقعة عليها مما أدى إلى زيادة تلك الأحمال فأفقدها معامل الأمان وأدى ذلك إلى سقوط البناء على النحو المبين بتقرير اللجنة الهندسية المرفق بالتحقيقات وقد نشأ عن تلك الأفعال وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر آخرين (2) أجرى تعديلات وتوسعات بالدور الأرضي بالعقار موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات دون ترخيص ومخالفاً بذلك شروط ترخيص بناء العقار مما ساعد على سقوطه. (3) أقام بناء بمنطقة الردود بالعقار سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. (4) لم يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني للإشراف فعلياً على تنفيذ أعمال البناء المرخص بإنشائها. (ثالثاً): هو (وآخرون قدموا بالتهمة ثانياً أنهم أجروا تعديلاً بالوحدة رقم...... بالعقار المشار إليه وذلك بإزالة حوائط وتكسير أجزاء بعض الأعمدة بدون إشراف أو مراقبة مما ترتب عليه سقوط العقار ووفاة وإصابة من سبقت الإشارة إليهم) هم جميعاً (1) تسببوا بأخطائهم على النحو المبين بالتهم السابقة وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة إجهادات الأعمدة مرتين ونصف عن أحمالها التصميمية مما أفقد بناء العقار معامل الأمان وسقوطه وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر والمبينة أسمائهم بالتحقيقات (2) تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات والسيارات المملوكة للغير والمبينة أسمائهم بالتحقيقات وطلبت عقابهم بالمواد 4، 11، 12، 22/ 1، 2، 3، 4 مكرراً، 25 من القانون رقم 106 سنة 1976 المعدل بالقوانين أرقام 30 سنة 1983، 25 سنة 1992، 101 سنة 1996 واللائحة التنفيذية الملحقة بالقانون الأول والمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3، 378 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات أمن الدولة قضت بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سبع سنين عن التهمة ثالثاً المسندة إليه ببنديها 1، 2 وهي القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال وببراءته من التهمة أولاً المسندة إليه ببنودها 1، 2، 3، 4 (وهي جرائم بناء الأدوار الزائدة بدون ترخيص وغير مطابقة والتعديلات والتوسعات بالدور الأرضي، والبناء بمنطقة الردود بغير إشراف مهندس نقابي أو مدني للإشراف على التنفيذ) وأقامت قضاؤها ببراءة الطاعن على قولها: "وكانت هذه الأفعال المسندة إلى المتهم (الطاعن) قد تمت وانتهت منذ الانتهاء من بناء المبنى الذي مضى عليه أكثر من عشرة سنين قبل رفع الدعوى فيكون الحق في إقامة الدعوى قد سقط بمضي المدة عملاً بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية...... المبنى أقيم واكتمل بناءه في ظل أحكام القانون 45 سنة 1962 و106 سنة 1976 قبل تعديلاته بدليل ما ثبت في محضر المخالفة رقم...... سنة .... جنح مصر الجديدة..... وبدليل ما ثبت في العقود العرقية المبينة بصدد صحف الدعاوى السابق الإشارة إليها من بيع مسطح الدور الأرضي قبل سريان أحكام القانون 30 سنة 1983..... وأن المتهم عوقب عن هذا الفعل فإن الفعل المسند إليه موضوع التهمة الأولى.... حوكم المتهم من أجله في الجنحة سالفة الذكر.... تنقضي الدعوى الجنائية فيه وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية بالحكم النهائي في الجنحة رقم.... سنة..... جنح البلدية بمصر الجديدة..... وكان الاتهام المسند إلى المتهم بإجراء تعديلات بالدور الأرضي فضلاً عن أن هذه الواقعة إن صح نسبتها للمتهم فإنها تكون قد حدثت قبل التصرف بالبيع في هذا المسطح والذي مضى عليه أكثر من ثلاث سنين قبل رفع الدعوى الكافية لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية فإن هذا الاتهام قائم على مجرد مرسل...... القول يعوذه الدليل الصحيح الأمر الذي يتعين معه إطراحه وعدم التعويل عليه والقضاء ببراءة المتهم من هذا الاتهام...... ولم يثبت على وجه الجزم واليقين قيام المتهم بالدور الأرضي فالثابت إن هذا المكان المجاور لمركز مصر للأشعة مباع للغير منذ زمن بعيد وليس في الأوراق ما يدل على أن المتهم بالذات هو الذي قام بهذه الأعمال مما يتعين معه طرح هذا الاتهام وعدم الاعتداد به والقضاء ببراءة المتهم منه.... خلو القانون رقم 45 سنة 1962 في شأن تنظيم المباني والذي أقيم في ظل أحكامه المبنى المنهار من نص يلزم مالك العقار تعيين مهندس معماري نقابي أو مدني يتولى الإشراف على إقامة المباني أثناء عملية البناء وإن هذا الإلزام لم يرد إلا في القانون 106 سنة 1976 والذي صدر بعد اكتمال البناء حسبما كشفت عنه الجنحة رقم ... سنة... مصر الجديدة المحررة ضد المتهم ببناء الأدوار الأربعة العلوية بغير ترخيص في ظل أحكام القانون رقم 45 سنة 1962 سالف البيان والمطلوب معاقبة المتهم بأحكامه ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم من هذه التهمة". ثم أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإدانة الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف على قوله "هو الذي أقام البناء المعيب بإقامة أربعة أدوار علوية على أعمدة لم تعد أصلاً لتحمل هذه الزيادة مما أفقد المبنى معامل الأمان وجعله عرضه للانهيار بزيادة إجهادات الأعمدة مما ترتب عليه أن صار المبني في حالة حرجة وأنهار عند تعرضه لمؤثر ثانوي فإنه يكون مسئولاً عن خطئه مستقلاً عن خطأ المتهمين الثالث والرابع (الطاعنين الثاني والثالث) الذين قاما بأعمال من شأنها إزالة الحوائط الفاصلة المجاورة للأعمدة والساندة لها والمعتبرة في حكم الحوائط الحاملة في حالة هذا المبنى المعيب وتدخلا في تقليل سمك بعض الأعمدة مما ساعد وعجل في انهيار المبنى فإنهما يكونان مسئولين عن خطئهما مستقلين عن خطأ المتهم الأول". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم - رغم ما أثبته ودلل عليه - بما له أصله بالأوراق - من أن الطاعن قد سبق محاكمته في الجنحة رقم..... سنة.... مصر الجديدة عن بناء الأدوار العلوية الأربع بدون ترخيص وغير مطابق للمواصفات الفنية اللازمة لسلامة البناء باعتبارهما وصفان غير مستقلين وإنما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني وهما من الجرائم الوقتية - ومن أن أفعال البناء هذه أقامها الطاعن قبل بيعه العقار قد انقضت الدعوى الجنائية بخصوصها وقضى ببراءة الطاعن فيها ومن جميع الأفعال المكونة للتهمة الأولى (وقد حاز هذا القضاء في ذاته حجية الأمر المقضي بعدم الطعن عليه أو المنازعة بشأنه ممن يملكه - النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية - بل وأصبح باتاً واستقر أمره بما لا سبيل من بعد لمناقشته) عاد الحكم وحاكمه عن ذات النشاط موضوع التهمة الأولى في البندين 1، 2 (بناء الأدوار الأربع العليا بدون ترخيص وغير مطابقة للمواصفات - والمقضي بالبراءة فيها لعدم جواز نظر الدعوى بخصوصها ولانقضائها بالتقادم) واتخذه أساساً لإدانة الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ عاقب عن الفعل الواحد مرتين وهو الأمر المحظور ولو كانت المحاكمة والعقاب تحت وصف جديد عملاً بالمادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية - بفرض جدلي أن خطأ في أعمال البناء التي أقامها الطاعن هي التي أدت أو شاركت في وقوع الحادث ومن ثم وعملاً بالمادة 39 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 يتعين تصحيحه والحكم بمقتضى القانون بعدم جواز نظر جرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال لسابقة الفصل فيها في الجنحة..... سنة...... بلدية مصر الجديدة.
3 - من المقرر أن رابطة السببية ركن في جريمة القتل والإصابة الخطأ وهي تقتضي أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل أو الجرح اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل أو الجرح بغير قيام هذا الخطأ مما يتعين إثبات توافره بالاستناد إلى دليل فني لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني بجريمة القتل الخطأ لأربعة وستين شخصاً وإصابة سنة عشر آخرين وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأولى الأشد القتل الخطأ وأغفل الإشارة إلى الكشف الطبي الموقع على كل من المجني عليهم كما خلا من بيان أسمائهم والإصابات التي أدت لوفاتهم وكذا تلك التي لحقت بغيرهم فإنه يكون قد فاته أن يدلل على قيام رابطة السببية بين الخطأ ذاته والإصابات التي حدثت للمجني عليهم وأدت إلى وفاة بعضهم استناداً إلى دليل فني مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعن الثاني والثالث.... لاتصال وجه العيب به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1).... طاعن) 2).... 3).... طاعن) 4) ..... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهم الأول: 1 - لم يراع في تصميم وتنفيذ البناء رقم..... شارع..... بمصر الجديدة الأصول الفنية المقررة قانوناً بأن أنشأه وأقامه على أعمدة وهيكل خرساني لا تتحمل عدد الأدوار المرخص له بإقامتها مخالفاً بذلك الرسم المعماري والإنشائي الذي منح على أساسه الترخيص ثم أقام خمسة أدوار من التاسع حتى الثالث عشر زائدة على المرخص له بإقامته دون الحصول على ترخيص رغم عدم تحمل الأعمدة والهيكل الخرساني التي أنشأها بالمخالفة للترخيص زيادة الأحمال الواقعة عليها مما أدى إلى زيادة تلك الأحمال فأفقدها معامل الأمان وأدى ذلك إلى سقوط البناء على النحو المبين بتقرير اللجنة الهندسية المرفق بالتحقيقات وقد نشأ عن تلك الأفعال وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر آخرين. 2 - أجرى تعديلات وتوسعات بالدور الأرضي بالعقار موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات بدون ترخيص ومخالفاً بذلك شروط ترخيص بناء العقار مما ساعد على سقوطه. 3 - أقام بناء بمنطقة الردود بالعقار سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. 4 - لم يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني للإشراف فعلياً على تنفيذ أعمال البناء المرخص بإنشائها. ثانياً: المتهمون من الثاني حتى الرابع: أجروا تعديلات في بناء الوحدة رقم..... بالعقار المشار إليه المملوكة للبنك...... الذي يمثله المتهم الثاني والذي أسند للمتهم الثالث إعداد الرسومات الهندسية للتعديلات المطلوبة وللمتهم الرابع تنفيذها بإزالة الحوائط وتكسير أجزاء بعض أعمدة تلك الوحدة بغير ترخيص بذلك وبدون إشراف أو مراقبة حال تنفيذ تلك الأعمال مما ترتب على ذلك سقوط العقار وبدون إشراف أو مراقبة حال تنفيذ تلك الأعمال مما ترتب على ذلك سقوط العقار ووفاة وإصابة من سبقت الإشارة إليهم. ثالثاً: المتهمون جميعاً 1 - تسببوا بأخطائهم على النحو المبين بالتهم السابقة وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة إجهادات الأعمدة مرتين ونصف عن أحمالها التصميمية مما أفقد بناء العقار معامل الأمان وسقوطه وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة وإصابة من سبقت الإشارة إليهم المبين أسمائهم بالتحقيقات. 2 - تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات والسيارات المملوكة للغير والمبينة أسمائهم بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من.... و.... و.... و.... و.... و.... ورثة المجني عليهم..... و..... و.... و.... و.... و.... و.... و... و... و... و... و.... و.... و.... قبل المتهمين بأن يؤدوا إلى كل منهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 238/ 1، 2، 3 و244/ 1، 2، 3، 378/ 6 من قانون العقوبات والمادة 22/ 1، 2، 3، 4 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقوانين أرقام 30 لسنة 1983، 25 لسنة 1992، 101 لسنة 1996 واللائحة التنفيذية المرفقة بالقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل لمدة سبع سنين عن التهمة ثالثاً المسندة إليه ببندي 1، 2 وببراءته من التهمة أولاً المسندة إليه ببنودها 1، 2، 3، 4. ثانياً: بمعاقبة كل من..... و..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما قيمة الأعمال البالغ قدرها 325396.27 ثلاثمائة خمسة وعشرون ألف وثلثمائة وستة وتسعون جنيهاً وسبعة وعشرون قرشاً عما أسند إليهما. ثالثاً: بشطب اسم المهندسين .... و.... من سجلات نقابة المهندسين وسجلات اتحاد المقاولين حسب الأحوال لمدة سنة واحدة ونشر الحكم في جريدتي الأهرام والأخبار على نفقتهما. رابعاً: ببراءة...... مما أسند إليه. خامساً: بعدم قبول الدعوى الدنية.
فطعن كل من المحكوم عليه الأول والأساتذة/..... و.... و..... المحامين عن الأستاذين/.... و.... المحامين نيابة عن المحكوم عليه الثالث.... والأستاذ/.... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
وتقدم الأستاذ/..... المحامي نيابة عن الطاعن الأول بطلب لتحديد جلسة لنظر الطعن في الشق المستعجل وتأشر عليه بتحديد جلسة.... وبالجلسة المحددة نظرت المحكمة الطعن وقررت وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية حتى يفصل في الطعون المقدمة من المحكوم عليهم وحددت جلسة..... لنظر الطعون وعلى النيابة إيداع مذكرة برأيها خلال ثلاثة أشهر. وبالجلسة المحددة سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

أولاً: بالنسبة للطاعن الأول.....:
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ دانه بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال عن أفعال ماديه سبق محاكمته عنها مما يعيب الحكم ويستوجب نقطة.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون." وتنص المادة 455 من ذات القانون على أنه "لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة" ومفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة - ولو تحت وصف جديد - أن يتحد الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين بمعنى أن لا يكون لكل دعوى ذاتية مستقلة وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة السبب فيهما. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى على الطاعن بوصف أنه في الفترة من سنة 1973 حتى 27/ 10/ 1996 أولاً: (1) لم يراع في تصميم وتنفيذ البناء رقم.... شارع...... بمصر الجديدة الأصول الفنية المقررة قانوناً بأن أنشأه وأقامه على أعمدة وهيكل خرساني لا تتحمل عدد الأدوار المرخص له بإقامتها مخالفاً بذلك الرسم المعماري والإنشائي الذي منح على أساسه الترخيص ثم أقام خمسة أدوار من التاسع حتى الثالث عشر زائدة على المرخص له بإقامته دون الحصول على ترخيص رغم عدم تحمل الأعمدة والهيكل الخرساني التي أنشأها بالمخالفة للترخيص زيادة الأحمال الواقعة عليها مما أدى إلى زيادة تلك الأحمال فأفقدها معامل الأمان وأدى ذلك إلى سقوط البناء على النحو المبين بتقرير اللجنة الهندسية المرفق بالتحقيقات وقد نشأ عن تلك الأفعال وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر آخرين (2) أجرى تعديلات وتوسعات بالدور الأرضي بالعقار موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات بدون ترخيص ومخالفاً بذلك شروط ترخيص بناء العقار مما ساعد على سقوطه. (3) أقام بناء بمنطقة الردود بالعقار سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. (4) لم يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني للإشراف فعلياً على تنفيذ أعمال البناء المرخص بإنشائها. (ثالثاً): هو (وآخرون قدموا بالتهمة ثانياً أنهم أجروا تعديلاً بالوحدة رقم...... بالعقار المشار إليه وذلك بإزالة حوائط وتكسير أجزاء بعض الأعمدة بدون إشراف أو مراقبة مما ترتب عليه سقوط العقار ووفاة وإصابة من سبقت الإشارة إليهم) هم جميعاً (1) تسببوا بأخطائهم على النحو المبين بالتهم السابقة وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة إجهادات الأعمدة مرتين ونصف عن أحمالها التصميمية مما أفقد بناء العقار معامل الأمان وسقوطه وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر والمبينة أسمائهم بالتحقيقات (2) تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات والسيارات المملوكة للغير والمبينة أسماؤهم بالتحقيقات وطلبت عقابهم بالمواد 4، 11، 12، 22/ 1، 2، 3، 4 مكرراً،، 25 من القانون رقم 106 سنة 1976 المعدل بالقوانين أرقام 30 سنة 1983، 25 سنة 1992، 101 سنة 1996 واللائحة التنفيذية الملحقة بالقانون الأول والمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3، 378 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات أمن الدولة قضت بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سبع سنين عن التهمة ثالثاً المسندة إليه ببنديها 1، 2 وهي القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال وببراءته من التهمة أولاً المسندة إليه ببنودها 1، 2، 3، 4 (وهي جرائم الأدوار الزائدة بدون ترخيص وغير مطابقة والتعديلات والتوسعات بالدور الأرضي، والبناء بمنطقة الردود بغير إشراف مهندس نقابي أو مدني للإشراف على التنفيذ) وأقامت قضاؤها ببراءة الطاعن على قولها: "وكانت هذه الأفعال المسندة إلى المتهم (الطاعن) قد تمت وانتهت منذ الانتهاء من بناء المبنى الذي مضى عليه أكثر من عشرة سنين قبل رفع الدعوى فيكون الحق في إقامة الدعوى قد سقط بمضي المدة عملاً بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية..... المبنى أقيم واكتمل بناءه في ظل أحكام القانون 45 سنة 1962 و106 سنة 1976 قبل تعديلاته بدليل ما ثبت في محضر المخالفة رقم..... سنة..... جنح مصر الجديدة..... وبدليل ما ثبت في العقود العرقية المبينة بصدد صحف الدعاوى السابق الإشارة إليها من بيع مسطح الدور الأرضي قبل سريان أحكام القانون 30 سنة 1983..... وأن المتهم قد عوقب عن هذا الفعل فإن الفعل المسند إليه موضوع التهمة الأولى...... حوكم المتهم من أجله في الجنحة سالفة الذكر...... تنقضي الدعوى الجنائية فيه وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية بالحكم النهائي في الجنحة رقم.... سنة...... جنح البلدية بمصر الجديدة.... وكان الاتهام المسند إلى المتهم بإجراء تعديلات بالدور الأرضي فضلاً عن أن هذه الواقعة إن صح نسبتها للمتهم فإنها تكون قد حدثت قبل التصرف بالبيع في هذا المسطح والذي مضى عليه أكثر من ثلاث سنين قبل رفع الدعوى الكافية لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية فإن هذا الاتهام قائم على مجرد مرسل..... القول يعوذه الدليل الصحيح الأمر الذي يتعين معه إطراحه وعدم التعويل عليه والقضاء ببراءة المتهم من هذا الاتهام.... ولم يثبت على وجه الجزم واليقين إقامة المتهم بالدور الأرضي فالثابت إن هذا المكان المجاور لمركز مصر للأشعة مباع للغير منذ زمن بعيد وليس في الأوراق ما يدل على أن المتهم بالذات هو الذي قام بهذه الأعمال مما يتعين معه طرح هذا الاتهام وعدم الاعتداد به والقضاء ببراءة المتهم منه..... خلو القانون رقم 45 سنة 1962 في شأن تنظيم المباني والذي أقيم في ظل أحكامه المبنى المنهار من نص يلزم مالك العقار تعيين مهندس معماري نقابي أو مدني يتولى الإشراف على إقامة المباني أثناء عملية البناء وإن هذا الإلزام لم يرد إلا في القانون 106 سنة 1976 والذي صدر بعد اكتمال البناء حسبما كشفت عنه الجنحة رقم..... سنة..... مصر الجديدة المحررة ضد المتهم ببناء الأدوار الأربعة العلوية بغير ترخيص في ظل أحكام القانون رقم 45 سنة 1962 سالف البيان والمطلوب معاقبة المتهم بأحكامه ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم من هذه التهمة". ثم أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإدانة الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف على قوله "هو الذي أقام البناء المعيب بإقامة أربعة أدوار علوية على أعمدة لم تعد أصلاً لتحمل هذه الزيادة مما أفقد المبنى معامل الأمان وجعله عرضه للانهيار بزيادة إجهادات الأعمدة مما ترتب عليه وأن صار المبني في حالة حرجة وأنهار عند تعرضه لمؤثر ثانوي فإنه يكون مسئولاً عن خطئه مستقلاً عن خطأ المتهمين الثالث والرابع (الطاعنين الثاني والثالث) اللذين قاما بأعمال من شأنها إزالة الحوائط الفاصلة المجاورة للأعمدة والساندة لها والمعتبرة في حكم الحوائط الحاملة في حالة هذا المبنى المعيب وتدخلا في تقليل سمك بعض الأعمدة مما ساعد وعجل في انهيار المبنى فإنهما يكونان مسئولين عن خطئهما مستقلين عن خطأ المتهم الأول". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم - رغم ما أثبته ودلل عليه - بما له أصله بالأوراق - من أن الطاعن قد سبق محاكمته في الجنحة رقم..... سنة.... مصر الجديدة عن بناء الأدوار العلوية الأربع بدون ترخيص وغير مطابق للمواصفات الفنية اللازمة لسلامة البناء باعتبارهما وصفان غير مستقلين وإنما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني وهما من الجرائم الوقتية - ومن أن أفعال البناء هذه أقامها الطاعن قبل بيعه العقار قد انقضت الدعوى الجنائية بخصوصها وقضى ببراءة الطاعن فيها ومن جميع الأفعال المكونة للتهمة الأولى (وقد حاز هذا القضاء في ذاته حجية الأمر المقضي بعدم الطعن عليه أو المنازعة بشأنه ممن يملكه - النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية - بل وأصبح باتاً وأستقر أمره بما لا سبيل من بعد لمناقشته) عاد الحكم وحاكمه عن ذات النشاط موضوع التهمة الأولى في البندين 1، 2 (بناء الأدوار الأربع العليا بدون ترخيص وغير مطابقة للمواصفات - والمقضى بالبراءة فيها لعدم جواز نظر الدعوى بخصوصها ولانقضائها بالتقادم) واتخذه أساساً لإدانة الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ عاقب عن الفعل الواحد مرتين وهو الأمر المحظور ولو كانت المحاكمة والعقاب تحت وصف جديد عملاً بالمادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية - بفرض جدلي أن خطأ في أعمال البناء التي أقامها الطاعن هي التي أدت أو شاركت في وقوع الحادث ومن ثم وعملاً بالمادة 39 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 يتعين تصحيحه والحكم بمقتضى القانون بعدم جواز نظر جرائم القتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال لسابقة الفصل فيها في الجنحة...... سنة...... بلدية مصر الجديدة.


ثانياً: بالنسبة للطاعنين الثاني..... والثالث.....:
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب إذ أغفل بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهم استناداً إلى دليل فني مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن رابطة السببية ركن في جريمة القتل والإصابة الخطأ وهي تقتضي أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل أو الجرح اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل أو الجرح بغير قيام هذا الخطأ مما يتعين إثبات توافره بالاستناد إلى دليل فني لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ لأربعة وستين شخصاً وإصابة سنة عشر آخرين وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأولى الأشد القتل الخطأ وأغفل الإشارة إلى الكشف الطبي الموقع على كل من المجني عليهم كما خلا من بيان أسمائهم والإصابات التي أدت لوفاتهم وكذا تلك التي لحقت بغيرهم فإنه يكون قد فاته أن يدلل على قيام رابطة السببية بين الخطأ ذاته والإصابات التي حدثت للمجني عليهم وأدت إلى وفاة بعضهم استناداً إلى دليل فني مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعن الثاني والثالث.... لاتصال وجه العيب به دون حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الثاني ولا جميع أوجه طعن الثالث.

الطعن 17871 لسنة 60 ق جلسة 2 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 100 ص 760

جلسة 2 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة. وعبد التواب أبو طالب.

---------------

(100)
الطعن رقم 17871 لسنة 60 القضائية

قانون "تطبيقه". القانون الأصلح" محال تجارية وصناعية. محكمة دستورية. محكمة النقض "سلطتها".
الحكم بعدم دستورية المادة 21 من القانون رقم 453 لسنة 1954. اقتضاؤه: امتناع تطبيقه من اليوم التالي لنشره. أساس ذلك؟
تعلق الحكم بعدم دستورية نص جنائي. أثره: اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إليه كأن لم تكن.
الحكم بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 21 من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية من عدم جواز الطعن بطريق المعارضة على الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لهذا القانون. أصلح للمتهم. علة وأساس ذلك؟
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها متى صدر قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى. المادة 35 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.

-----------------
إذ كانت المحكمة الدستورية قد قضت في الدعوى رقم 64 لسنة 17 ق دستورية بتاريخ 7 من فبراير سنة 1998 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 21 من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطورة وذلك فيما تضمنته من عدم جواز الطعن على الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون. وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره فإذا كان الحكم متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن........ ويبين من هذا النص أن المشرع قد أعمل فكرة الأثر الرجعي إذا تعلق الحكم بعدم الدستورية بنصوص أو أحكام جنائية صادرة بالإدانة ولو كانت أحكاماً باتة. لما كان ذلك وكانت المادة 21 من القانون 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية تحظر - قبل صدور حكم المحكمة الدستورية سالف البيان - الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة تنفيذاً لهذا القانون وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية ونشره - صارت المادة آنفة الذكر كأنها لم تكن أصلاً ويكون الحكم الدستوري بذلك قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً لم يكن له من قبل بأن جعل له حق الطعن بالمعارضة - وهو ما يتحقق به معني القانون الأصلح بما يخول محكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها عملاً بالحق المقرر لها بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر برقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أدار محلاً صناعياً "مصنع طوب" حكم بإغلاقه وطلبت عقابه بالمادتين 1، 20 من القانون رقم 453 لسنة 1954. ومحكمة جنح..... قضت غيابياً...... عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ والإزالة على نفقة المتهم. عارض وقضى في معارضته بالمادة 21 من القانون 453 لسنة 1954 بعدم جواز المعارضة. استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

من حيث الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه أدار محلاً صناعياً (مصنع طوب) حكم بإغلاقه، وطلبت النيابة العامة عقابه بالقانون 453 لسنة 1954 ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بحسبه ثلاثة أشهر وكفالة عشرة جنيهات وإغلاق المصنع على نفقة المتهم وإذ عارض قضى بعدم جواز معارضته عملاً بالمادة 21 من القانون المار ذكره والتي تمنع الطعن بطريق المعارضة استأنف وقضى في استئنافه بتأييد الحكم المستأنف فطعن بطريق النقض. ومن حيث إن المحكمة الدستورية قضت في الدعوى رقم 64 لسنة 17 ق دستورية بتاريخ 7 من فبراير سنة 1998 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 21 من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة وذلك فيما تضمنته من عدم جواز الطعن على الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون. ومن حيث إن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية....... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره فإذا كان الحكم متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن..... ويبين من هذا النص أن المشرع قد أعمل فكرة الأثر الرجعي إذا تعلق الحكم بعدم الدستورية بنصوص أو أحكام جنائية صادرة بالإدانة ولو كانت أحكاماً باتة. لما كان ذلك وكانت المادة 21 من القانون 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية تحظر - قبل صدور حكم المحكمة الدستورية سالف البيان - الطعن بالمعارضة في ألأحكام الغيابية الصادرة تنفيذاً لهذا القانون - وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية ونشره - صارت المادة آنفة الذكر كأنها لم تكن أصلاً ويكون الحكم الدستوري بذلك قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً لم يكن له من قبل بأن جعل له حق الطعن بالمعارضة - وهو ما يتحقق به معني القانون الأصلح بما يخول محكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها، عملاً بالحق المقرر لها بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر برقم 57 لسنة 1959 ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في المعارضة الابتدائية دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن.

الطعن 2353 لسنة 68 ق جلسة 3 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 106 ص 813

جلسة 3 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(106)
الطعن رقم 2353 لسنة 68 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً عن المتهمة. لعدم توكيلها محام للدفاع عنها أو طلب تأجيل الدعوى لتوكيل محام. لا إخلال بحق الدفاع.
(2) محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قانون "تفسيره".
المحامون المقبولون للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية. اختصاصهم دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. المادة 377 إجراءات. لا ينال من ذلك ما نصت عليه المادتان 34، 76 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983. أساس ذلك؟
المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية. نص خاص معدل لأحكام قانون المحاماة. يعمل به أمام محكمة الجنايات. قانون الإجراءات الجنائية. قانون خاص بالمحاكم الجنائية والإجراءات أمامها. عدا محكمة النقض.
التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمناً التشريع الخاص السابق. ولا يرجع إلى القانون العام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام. مؤدى ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات. والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه بعد ذلك. متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الاعتراف في جريمة قتل عمد.
(5) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعنة باحتمال أقدام المجني عليه على الانتحار بتناول مادة سامة قبل عودته إلى منزله. موضوعي. عدم جواز إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون استعانتها بأقوالهم في التحقيقات. ما دامت مطروحة على بساط البحث. نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل صراحة عن سماعهم. غير مقبول.
(8) إثبات "معاينة". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على معاينة النيابة العامة بالقصور. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. علة ذلك؟
(9) محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". تقرير تلخيص.
وضع محكمة الجنايات تقرير تلخيص. غير واجب. اقتصاره على الدوائر الاستئنافية. أساس ذلك؟
(10) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وضوح وجه الطعن وتحديده. شرط لقبوله.
(11) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
(12) قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
مثال لتسبيب سائغ لإطراح دفاع الطاعنة بعدم وجودها على مسرح الجريمة في جريمة قتل عمد بالسم.
(13) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعنة بشأن التناقض بين أقوالهم وتقرير المعمل الكيماوي. غير مقبول. ما دام مبهماً لم يبين وجه التناقض بينهما.
(15) عقوبة "العقوبة المبررة". قتل عمد. سبق إصرار. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعنة في تعييب الحكم في خصوص استظهار توافر سبق الإصرار. ما دام الحكم قد دانها بجريمة القتل العمد بالسم وأوقع عليها عقوبة الإعدام التي تدخل في نطاق تلك المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار.
(16) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره.

-----------------
1 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهمة لم توكل محامياً للدفاع عنها ولم تطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت لها المحكمة المحامي..... الذي ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت لها حقها في الدفاع.
2 - لما كانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات، وكان الثابت أن المحامي الذي تولى الدفاع عن الطاعنة بجلسة....... مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية وبالتالي فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت صحيحة ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة والثلاثون من قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 17 لسنة 1983 المعدل والتي جعلت حضور المحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية مقصوراً على الحضور أمام المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية والمحاكم الإدارية التي تناظرها، وجعلت حضوره أمام محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري غير جائز إلا نيابة عن أحد المحامين المقيدين أمام هذا المحاكم، ولا ما نصت عليه المادة السادسة والسبعون من ذات القانون من ترتيب البطلان جزاء على مخالفة المحامي لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها فيه، ذلك بأن قانون المحاماة إنما هو القانون العام لممارسة مهنة المحاماة، وبالتالي يكون واجب الإعمال فيما انتظمه ما لم يوجد نص خاص يعدل من أحكامه أو يتعارض معها، فعندئذ يكون النص الخاص واجب الإعمال دون سواه، وكان نص المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية آنف الذكر، قد جعل للمحامي المقبول أمام المحاكم الابتدائية حق المرافعة أمام محكمة الجنايات، فإن هذا النص يعدل من أحكام قانون المحاماة.، بادي الذكر في هذا الصدد، بحسبانه نصاً خاصاً، يعمل به أمام محاكم الجنايات، وإذ كان ما تقدم، وكان قانون المحاماة وقانون الإجراءات الجنائية كلاهما بمنزلة سواء في مدارج التشريع، وكان قانون المحاماة قانوناً عاماً قصد به الشارع تنظيم المهنة تلك، ووضع الضوابط والشروط اللازمة لممارستها وآدابها، وكان قانون الإجراءات الجنائية قانوناً خاصاً بالمحاكم الجنائية والإجراءات أمامها - فيما عدا محكمة النقض - فإنه مع قيامه يبقى استثناء من قانون المحاماة اللاحق عليه، ماضياً في تحقيق الغرض الذي صدر من أجله، لما هو مقرر من أنه مع قيام خاص، لا يرجع إلى أحكام قانون عام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام، وأن التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمناً التشريع الخاص السابق، بل يظل التشريع الخاص قائماً، ولما كان المحامي الذي حضر مع الطاعنة أمام محكمة الجنايات وترافع عنها، مقيداً أمام المحاكم الابتدائية فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر نية القتل في حق المحكوم عليها في قوله: "وحيث إنه عن توافر نية القتل فإنه المحكمة تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ومن الخلافات الشديدة الدائمة بين المتهمة والمجني عليه وتعدد إهانة المجني عليه للمتهمة وتعديه عليها بالضرب وسبها في كرامتها وشرفها وبسبب كشفه عن علاقاتها الجنسية الآثمة وافتضاح أمرها بين أولادها وأهلها وجيرانها فقد ضاق بالمتهمة وانتوت التخلص من المجني عليه فأعدت لذلك بأن اشترت مبيداً حشرياً شديد السمية لوضعه في طعامه أو شرابه مستخدمة في ذلك ابنتها..... مستغلة صغر سنها وأن المتهمة تعلم أن المبيد الحشري الذي اشترته من الصيدلية - سم الفئران تيميك - من الجواهر السامة التي تؤدى إلى إزهاق الروح في الحال وكان لها ما أرادت وتحقق مأربها من إزهاق روح المجني عليه". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.
4 - لما كان الحكم قد تناول الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة وأطرحه في قوله "إن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة صدر منها عن طواعية واختياراً وجاء مطابقاً للواقع وصادقته الماديات والعثور على مركب كارباماتي عضوي من المبيدات الحشرية - تيميك - وذلك بالأجزاء التشريحية وكمية من دماء المجني عليه ولم تزعم أن ثمة اعتداء وقع عليها لكي تدلى بهذا الاعتراف سيما وأن الواقعة تمت يوم..... وخرجت المتهمة من مسكنها وذهبت إلى عزبة القصاصين حيث تم القبض عليها يوم...... وعرضت على النيابة العامة فور القبض عليها واعترفت بالتهمة المسندة إليها في ذات يوم القبض عليها، كما أن ما قال به الدفاع عن التهمة من أن اعترافها كان وليد إكراه مادي وأدبي فهو قول لغو لا يجد ما يسانده في الأوراق وما احتوته من تحقيقات جاءت جميعها خلواً مما يشير إلى مثل هذا الزعم اللهم إلا تعذيب ضميرها الذي صحا من غفوته واستيقظ من سباته فأبى إلا أن ينطقها القول الحق بل إن المحقق أثبت في نهاية سؤال المتهمة عما إذا كان أحداً قد أكرهها على اعترافها أجابت نفياً وبأنها قالت ما حصل فعلاً ومن ثم تطرح هذا القول من دفاع المتهمة جانباً ولا تعول عليه بعد أن اطمأنت لصحة اعترافها بتحقيقات النيابة ومطابقته للحقيقة والواقع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف التهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وتحققت من أنه سليم وخال مما يشوبه واطمأنت إليه وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وخلوه مما يشوبه، فإنه يكون قد برؤ من أي شائبة في هذا الخصوص، ويكون تعييب الحكم في هذا الصدد لا محل له.
5 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وكامل أجزائه.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع الاتهام المسند إليها بما تثيره في طعنها من احتمال إقدام المجني عليه على الانتحار بتناوله المادة السامة قبل عودته إلى منزله، وكان هذا الدفاع موضوعياً يتعين التمسك به أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
7 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المرافعة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالأوراق وترافع الدفاع عن الطاعنة في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل صراحة عن سماعهم ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل.
8 - لما كان ما تنعاه الطاعنة على معاينه النيابة العامة من قصور لإغفالها إثبات محتويات الغرفة التي وجدت بها جثة المجني عليه وما إذا كان ثمة آثار للمادة السامة بها مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله.
9 - من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات. يدل على ذلك أن المادة 381/ 1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الأحكام التي تتبع في الجنح والمخالفات وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير.
10 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
11 - لما كان من المقرر أن قيام النيابة العامة بعرض القضية الصادر فيها الحكم حضورياً بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة برأيها إعمالاً لما توجبه المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 متجاوزة الميعاد المبين بالمادة 34 منه، لا يترتب عليه عدم قبول ذلك العرض، فإن عرض النيابة العامة القضية الماثلة على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنة دون إثبات تاريخ تقديمها يكون مقبولاً سواء كان في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ويترتب عليه اتصال محكمة النقض بالدعوى لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها.
12 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة القائم على عدم وجودها على مسرح الجريمة وطرحه في قولة: "وحيث إنه عن قالة الدفاع بأن المتهمة لم تكن على مسرح الجريمة مردود عليه بأنه لا يشترط في جريمة القتل بالسم وجود المتهمة على مسرح الجريمة وقت تناول المجني عليه السم بعد وضعه في مشروب الشاي، وتعتبر المتهمة فاعلة أصلية في الجريمة لأنها اشترت المادة السامة من إحدى صيدليات القرية حسبما اعترفت بالتحقيقات وأعطتها لابنتها...... مستغلة صغر سنها فهي لم تتجاوز الخامسة عشر عاماً وقت الواقعة طالبة منها وضع محتوى الكيس البلاستيك الأبيض في أي شيء يتناوله المجني عليه بعد إفهامها بأن محتوى الكيس يؤدى إلى ربط المودة والمحبة بينها وبين والدها المجني عليه فالمتهمة فاعلة أصلية". وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً لإطراح دفاع الطاعنة حيث بين دورها كفاعلة أصلية للجريمة خططت ودبرت لها ونفذت ما استقرت عليه بأن أعدت المادة السامة وجعلتها في متنازل المجني عليه فتمت الجريمة على نحو ما أرادت، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
13 - من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام أنه قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.
14 - لما كان المدافع عن الطاعنة لم يبين في دفاعه بمحضر الجلسة وجه التناقض بين تقرير المعمل الكيماوي وأقوال المتهمة، فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد.
15 - لما كان الحكم قد دان الطاعنة بجريمة القتل العمد بالسم المعاقب عليها بالإعدام وهي ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار فإنه لا محل للتعرض لمدى استظهار الحكم لظروف سبق الإصرار لانتفاء مصلحة الطاعنة في تعييب الحكم في هذا الخصوص.
16 - لما كانت إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن تستفيد منه المحكوم عليها على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها.....


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها قتلت عمداً...... مع سبق الإصرار بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله وأعدت لذلك
لذلك جوهراً يتسبب عنه الموت عاجلاً أو آجلاً "مبيد التيميك الحشري" مستخدمة ابنتها..... في دسه له في مشروب الشاي وما أن احتساه حدثت به الأعراض الإصابية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتها إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية لفضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات بإعدام..... شنقاً عما أسند إليها.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة القتل العمد بالسم مع سبق الإصرار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن لم يدلل على توافر نية القتل بما يكفي، كما أن ما عده الحكم اعترافاً من الطاعنة بالجريمة لا يعد كذلك لأنه لم ينصب على الواقعة التي دينت بها وقد عدلت عنه بمحضر جلسة المحاكمة، كما أنه كان وليد إكراه مادي ومعنوي، ولم يورد الحكم مؤدى تقرير الصفة التشريحية كاملاً إذ خلا من بيان نوع المادة السامة والكمية المستخدمة منها والوقت الذي تناولها فيه المجني عليه وما إذا كان قد تناول مأكولات أخرى، إذ يحتمل إقدام المجني عليه على الانتحار بتناوله المادة السامة قبل عودته إلى منزله، ولم تجبها المحكمة إلى طلبها سماع شهود الإثبات، وفات النيابة العامة أثناء إجراء معاينة مكان الحادث إثبات محتويات الغرفة التي وجدت بها جثة المجني عليه وما إذا كانت ثمة آثار للمادة السامة بها. كما خلا ملف الدعوى من تقرير تلخيص لوقائعها، هذا فضلاً عن مخالفة الحكم لما تضمنته الأوراق، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهمة..... زوجة المجني عليه.... وقد استعذبت السير في طريق الفجور والخيانة فما رعت للزوج حرمته وحقه ونشأت بينها وبين زوج ابنة شقيق المجني عليه علاقة جنسية فاجرة وساعد على استطرادها ونموها عمل الزوج بالإسكندرية بعيداً عن مسكنه فخلا بذلك الجو لهما حتى فاحت رائحة علاقتهما وأزكمت الأنوف وجعلت من مسكن الزوجية وكراً لغرامها وإثمها حتى علم أبناؤها جميعاً بتلك العلاقة الآثمة ونظراً لشدة الخلاف بين المجني عليه والمتهمة وإحساسه وعلمه أنها تقوم بخيانته حيث سبق له أن كشف علاقتها الآثمة وتلاقيها في طريق الفجور والخيانة مع آخر جار لهما والذي كان يتردد عليها أيضاً حال وجود المجني عليه بعمله بالإسكندرية وتم عقد جلسة صلح عرفية بهذا الخصوص وقد فاض بالمتهمة افتضاح زوجها لأمر فجورها وغوايتها والعلاقة الجنسية الآثمة وتكرار ضربها وسبها ورأت أن الزوج قد جاوز حده فما كان له في نظرها حق في أن يحتج أو يشكو والويل له كل الويل وقد فعل فقد عقدت النية والعزم على التخلص منه وبالفعل أعدت لذلك بأن قامت بشراء سم فئران لوضعه لزوجها المجني عليه للتخلص منه وبتاريخ..... عاد الزوج على غير ميعاده من سفره ووصلت سمعه همسات العارفين بأمر زوجته المتهمة فتشاجر معها واعتدي عليها بالضرب والشتم ثم خرج من البيت لإحضار خالها وإخباره بما علم وهمت المتهمة بإعداد حقيبة ملابسها لترك مسكن الزوجية وأثناء خروجها قامت بإعطاء ابنتها...... سم الفئران لوضعه لوالدها داخل كوب من مشروب الشاي وأفهمتها بأن ذلك لربط المحبة والود فيما بينها وبين والدها ولم تفهم الطفلة بأن وراء ذلك التخلص من والدها وبالفعل طلب والدها منها إعداد كوب من الشاي فقامت بإعداده له ووضعت سم الفئران به وبعد تناوله كوب الشاي بصالة المنزل وانتقاله إلى حجرة النوم أحس بمغص شديد نقل على أثره إلى مستشفى دسوق العام ثم توفى متأثراً بذاك السم" وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الرائد..... واعتراف المتهمة في التحقيقات وما قررته..... - ابنة المتهمة والمجني عليه - ومما جاء بمحضر المعاينة التصويرية وما ثبت بتقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية وحصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من المفردات المضمومة - ثم خلص إلى إدانة المتهمة بوصف أنها قتلت ..... عمداً مع سبق الإصرار بجوهر يتسبب عنه الموت عاجلاً أو آجلاً، وأنزل عليها العقاب المنصوص عليه في المواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهمة لم توكل محامياً للدفاع عنها ولم تطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت لها المحكمة المحامي.... الذي ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت لها حقها في الدفاع، ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نقابة المحامين المرفق، من أن المحامي المذكور من المقبولين أمام المحاكم الابتدائية إذ أنه لما كانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات، وكان الثابت مما تقدم أن المحامي الذي تولى الدفاع عن الطاعنة بجلسة...... مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية وبالتالي فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت صحيحة ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة والثلاثون من قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 17 لسنة 1983 المعدل والتي جعلت حضور المحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية مقصوراً على الحضور أمام المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية والمحاكم الإدارية التي تناظرها، وجعلت حضوره أمام محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري غير جائز إلا نيابة عن أحد المحامين المقيدين أمام هذا المحاكم، ولا ما نصت عليه المادة السادسة والسبعون من ذات القانون من ترتيب البطلان جزاء على مخالفة المحامي لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها فيه، ذلك بأن قانون المحاماة إنما هو القانون العام لممارسة مهنة المحاماة، وبالتالي يكون واجب الإعمال فيما انتظمه ما لم يوجد نص خاص يعدل من أحكامه أو يتعارض معها، فعندئذ يكون النص الخاص واجب الإعمال دون سواه، وكان نص المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية آنف الذكر. قد جعل للمحامي المقبول أمام المحاكم الابتدائية حق المرافعة أمام محكمة الجنايات، فإن هذا النص يعدل من أحكام قانون المحاماة، بادي الذكر في هذا الصدد، بحسبانه نصاً خاصاً، يعمل به أمام محاكم الجنايات، وإذ كان ما تقدم، وكان قانون المحاماة وقانون الإجراءات الجنائية كلاهما بمنزلة سواء في مدارج التشريع، وكان قانون المحاماة قانوناً عاماً قصد به الشارع تنظيم المهنة تلك، ووضع الضوابط والشروط اللازمة لممارستها وآدابها، وكان قانون الإجراءات الجنائية قانوناً خاصاً بالمحاكم الجنائية والإجراءات أمامها - فيما عدا محكمة النقض - فإنه مع قيامه يبقى استثناء من قانون المحاماة اللاحق عليه، ماضياً في تحقيق الغرض الذي صدر من أجله، لما هو مقرر من أنه مع قيام خاص، لا يرجع إلى أحكام قانون عام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام، وأن التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمناً التشريع الخاص السابق، بل يظل التشريع الخاص قائماً، ولما كان المحامي الذي حضر مع الطاعنة أمام محكمة الجنايات وترافع عنها، مقيداً أمام المحاكم الابتدائية فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر نية القتل في حق المحكوم عليها في قوله: "وحيث إنه عن توافر نية القتل فإنه المحكمة تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ومن الخلافات الشديدة الدائمة بين المتهمة والمجني عليه وتعدد إهانة المجني عليه للمتهمة وتعديه عليها بالضرب وسبها في كرامتها وشرفها وبسبب كشفه عن علاقاتها الجنسية الآثمة وافتضاح أمرها بين أولادها وأهلها وجيرانها فقد ضاق بالمتهمة وانتوت التخلص من المجني عليه فأعدت لذلك بأن اشترت مبيداً حشرياً شديد السمية لوضعه في طعامه أو شرابه مستخدمة في ذلك ابنتها..... مستغلة صغر سنها وأن المتهمة تعلم أن المبيد الحشري الذي اشترته من الصيدلية - سم الفئران تيميك - من الجواهر السامة التي تؤدى إلى إزهاق الروح في الحال وكان لها ما أرادت وتحقق مأربها من إزهاق روح المجني عليه". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة وأطرحه في قوله "إن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة صدر منها عن طواعية واختياراً وجاء مطابقاً للواقع وصادقته الماديات والعثور على مركب كارباماتي عضوي من المبيدات الحشرية - تيميك - وذلك بالأجزاء التشريحية وكمية من دماء المجني عليه ولم تزعم أن ثمة اعتداء وقع عليها لكي تدلي بهذا الاعتراف سيما وأن الواقعة تمت يوم..... وخرجت المتهمة من مسكنها وذهبت إلى عزبة القصاصين حيث تم القبض عليها يوم...... وعرضت على النيابة العامة فور القبض عليها واعترفت بالتهمة المسندة إليها في ذات يوم القبض عليها، كما أن ما قال به الدفاع عن التهمة من أن اعترافها كان وليد إكراه مادي وأدبي فهو قول لغو لا يجد ما يسانده في الأوراق وما احتوته من تحقيقات جاءت جميعها خلواً مما يشير إلى مثل هذا الزعم اللهم إلا تعذيب ضميرها الذي صحا من غفوته واستيقظ من سباته فأبى إلا أن ينطقها القول الحق بل إن المحقق أثبت في نهاية سؤال المتهمة عما إذا كان أحداً قد أكرهها على اعترافها أجابت نفياً وبأنها قالت ما حصل فعلاً ومن ثم تطرح هذا القول من دفاع المتهمة جانباً ولا تعول عليه بعد أن اطمأنت لصحة اعترافها بتحقيقات النيابة ومطابقته للحقيقة والواقع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وتحققت من أنه سليم وخال مما يشوبه واطمأنت إليه وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وخلوه مما يشوبه، فإنه يكون قد برؤ من أي شائبة في هذا الخصوص، ويكون تعييب الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله: "وقد أثبت تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه....... أنها خالية من الآثار الإصابية التي تشير إلى حدوث عنف جنائي أو مقاومة وأنه أخذ بما جاء بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي والذي سبق أن أرسل غليه عينات من الأحشاء عبارة عن المعدة بمحتوياتها وأجزاء من الأمعاء بنوعيها وعينة من الدماء وشرائح من الكبد والكليتين والمثانة للبحث عن المبيدات الحشرية وجاء بنتيجة فحصه أنه عثر بالدماء والأجزاء التشريحية على مركب كارباماتي عضوي من المبيدات الحشرية تيميك وأخذاً بذلك وبما ظهر من تشريح الجثة فإن الوفاة نشأت من هبوط للدورة الدموية والتنفسية نتيجة التسمم من تعاطي مبيد حشري شديد السمية وكان قد مضى على الوفاة لحين إجراء التشريح حوالي يوم ووفاة المجني عليه جائزة الحدوث وفقاً لتصوير المتهمة وشاهدة الواقعة والواردة بمذكرة النيابة". وكان فيما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على السياق المتقدم - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير، فهذا حسبه كيما يتم تدليه ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وكامل أجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع الاتهام المسند إليها بما تثيره في طعنها من احتمال إقدام المجني عليه على الانتحار بتناوله المادة السامة قبل عودته إلى منزله، وكان هذا الدفاع موضوعياً يتعين التمسك به أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المرافعة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالأوراق وترافع الدفاع عن الطاعنة في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات الذين تنازل صراحة عن سماعهم ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة على معاينة النيابة العامة من قصور لإغفالها إثبات محتويات الغرفة التي وجدت بها جثة المجني عليه وما إذا كان ثمة آثار للمادة السامة بها مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات. يدل على ذلك أن المادة 381/ 1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الأحكام التي تتبع في الجنح والمخالفات وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً. وكانت الطاعنة لم تفصح في أسباب طعنها عن مخالفة الحكم للثابت بالأوراق، وكانت أسباب الحكم - حسبما يبين من المفردات المضمومة - قد خلت من هذا العيب فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن طعن المحكوم عليها برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قيام النيابة العامة بعرض القضية الصادر فيها الحكم حضورياً بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة برأيها إعمالاً لما توجبه المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 متجاوزة الميعاد المبين بالمادة 34 منه، لا يترتب عليه عدم قبول ذلك العرض، فإن عرض النيابة العامة القضية الماثلة على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنة دون إثبات تاريخ تقديمها يكون مقبولاً سواء كان في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ويترتب عليه اتصال محكمة النقض بالدعوى لتفصل فيها وتستبين من تلقاء وتستبين من تلقاء نفسها ما عسى أو يكون قد شاب الحكم من عيوب دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة القائم على عدم وجودها على مسرح الجريمة وطرحه في قولة: "وحيث إنه عن قاله الدفاع بأن المتهمة لم تكن على مسرح الجريمة مردود عليه بأنه لا يشترط في جريمة القتل بالسم وجود المتهمة على مسرح الجريمة وقت تناول المجني عليه السم بعد وضعه في مشروب الشاي، وتعتبر المتهمة فاعلة أصلية في الجريمة لأنها اشترت المادة السامة من إحدى صيدليات القرية حسبما اعترفت بالتحقيقات وأعطتها لأبتنها..... مستغلة صغر سنها فهي لم تتجاوز الخامسة عشر عاماً وقت الواقعة طالبة منها وضع محتوى الكيس البلاستيك الأبيض في أي شيء يتناوله المجني عليه بعد إفهامها بأن محتوى الكيس يؤدى إلى ربط المودة والمحبة بينها وبين والدها المجني عليه فالمتهمة فاعلة أصلية". وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً لإطراح دفاع الطاعنة حيث بين دورها كفاعلة أصلية للجريمة خططت ودبرت لها ونفذت ما استقرت عليه بأن أعدت المادة السامة وجعلتها في متنازل المجني عليه فتمت الجريمة على نحو ما أرادت، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة القائم على وجود تناقض في أقوال ابنة المجني عليه وبين أقوالها وأقوال الطاعنة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن قاله الدفاع بوجود تناقض بين ما قررته ابنة المجني عليه..... في التحقيقات من أنها لم تقدم للمجني عليه أي طعام قبل تناول كوب الشاي وقولها وقت إجراء المعاينة التصويرية أن المجني عليه تناول طعام من ذلك الذي عثر على بقاياه وقت المعاينة التصويرية أو قولها أن المادة التي احتواها الكيس الأبيض المغلق الذي تسلمته من المتهمة عند خروجها من المنزل يوم الواقعة هي حبيبات صغيرة لونها أسمر وقول المتهمة بأن تلك المادة لونها اصفر وأن ابنة المتهمة أرادت الزج بالمتهمة فهو مردود بأن وجود مواضع خلاف في أقوال شاهدة الواقعة.... لا يمنع المحكمة من استخلاص الإدانة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ذلك أن وزن أقوالها وتقدير الظروف التي تؤدى فيها الشهادة ومراعاة صغر سنها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه محكمة الموضوع وكانت هذه المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهمة للجريمة المسندة إليها من أقوال شاهد الإثبات ورواية ابنة المجني عليه سالفة الذكر مؤيدة بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وما قرره الكيماوي الشرعي..... بتحقيقات النيابة أن المبيد الحشري التيميك الذي عثر عليه بالأجزاء التشريحية وكمية من دماء المجني عليه عبارة عن حبيبات صغيرة سوداء اللون وأن ذلك المبيد متعدد الألوان في طرحه بالأسواق ومنه حبيبات صفراء اللون وأنه سريع الذوبان دون تقليب خاصة في الماء الساخن أو الدافئ ويذوب في محتويات المعدة وهو شديد السمية وليس له رائحة ولا يغير طعم الشاي وإن كان يغمق مشروب الشاي وأن الكمية التي عثر عليها من هذا المبيد الحشري السام تعدت الجرعة اللازمة لإحداث الوفاة والمحكمة لا ترى فيما قررته المتهمة من أن لون المبيد الحشري الذي اشترته من الصيدلية لقتل المجني عليه أصفر وليس أسمر من أثر على إدانتها بقتل المجني عليه بذلك المبيد الحشري شديد السمية وتطمئن إلى أنه ذات المبيد المسلم منها لابنتها لوضعه للمجني عليه فضلاً عن اعتراف المتهمة تفصيلاً بتحقيقات النيابة بما له أصل ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه، فإنه لا يكون ثمة محل لما يثيره دفاع المتهمة الذي ما قصد به سوى التشكيك في أقوال أو رواية شاهد الإثبات وأقوال شاهدة الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة ومن ثم تطرح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام انه قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً. وكان التناقض المدعى به لا يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومنطق الحكم واستدلاله، ومع ذلك فقد عمل الحكم على رفع التناقض بين أقوال الشاهدة واعتراف الطاعنة بشأن لون المادة السامة المستخدمة في الحادث، فإن الحكم يكون قد برؤ من قاله التناقض في أقوال نجلة المجني عليه وبين أقوالها وأقوال المتهمة. لما كان ذلك وكان المدافع عن الطاعنة لم يبين في دفاعه بمحضر الجلسة وجه التناقض بين تقرير المعمل الكيماوي وأقوال المتهمة، فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعنة بجريمة القتل العمد بالسم المعاقب عليها بالإعدام وهي ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار فإنه لا محل للتعرض لمدى استظهار الحكم لظروف سبق الإصرار لانتفاء مصلحة الطاعنة في تعييب الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكله وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن تستفيد منه المحكوم عليها على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها.

الطعن 12365 لسنة 66 ق جلسة 3 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 105 ص 798

جلسة 3 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(105)
الطعن رقم 12365 لسنة 66 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام محكمة الموضوع باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر حاجة لاتخاذ هذا الإجراء. أو أنه غير منتج.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة. المقصود به إثارته الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية" "شهود". محكمة النقض "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية. إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة والتي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: إطراحه لها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز. أمام النقض.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. قصد جنائي.
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد.
(8) سبق الإصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سبق الإصرار. مناط تحققه ومقتضاه؟
العبرة في سبق الإصرار. بما ينتهي إليه الجاني من خطة رسمها لتنفيذ الجريمة. ولو قصر زمن هذا التفكير والتدبير. تحقق ذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف ولو كانت نية القتل لدى الجاني غير محددة قصد به شخصاً معيناً أو غير معين صادفه. تقدير ذلك. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ للتدليل على توافر سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(9) ظروف مشددة. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض في المصلحة في الطعن".
النعي بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار. غير مجد. ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في عقوبة جناية القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة.

------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعنين الأولين قد انهالا على المجني عليه ضرباً أولهما بمطواة والثاني بسكين مما تستعمل في قطع الموز وأصاباه في مناطق متفرقة من جسده بينما كان الطاعن الثالث يقف بمكان الحادث حاملاً قطعة من الحديد يشد أزرهما ويمنع من يحاول الذود عن المجني عليه، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه عبارة عن جرح طعني نافذ بيسار العنق وجرحين طعنيين نافذين بيمين التجويف الصدري وجرح قطعي غائر بأصبع الإبهام الأيمن وأن تلك الإصابات تحدث من التعدي على المحني عليه بالطعن بمطواة أو سكين أو ما في حكمهما ولا يوجد ما ينفي إمكانية حصول إصابات المجني عليه من مثل الأسلحة المضبوطة - وهي مطواة قرن غزال وسلاح أبيض يتكون من نصل معدني ذو حافة واحدة وطرف مدبب ومثبت في يد معدنية - ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، كما نقل عن تقرير نائب كبير الأطباء الشرعيين أن إصابات المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل الأسلحة الحادة المرسلة ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، وإذ كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس.
3 - لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي وأطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي استناداً إلى الأسباب السائغة التي أوردتها فإن ما يثيرونه من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة أو التفاتها عن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التي اعتنقتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
5 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. وكان ما يثيره الطاعن الأول من تشكيك في أقوال ضابط المباحث وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها. كما أن البين من طلب إجراء تجربة على السروال المضبوط إنما أريد به اختيار مدى ملاءمته لجسم الطاعن ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الشأن في غير محله.
6 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، ولها أيضاً أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الشهادة الرسمية الصادرة من جهة عمله وشهادة زملائه في العمل لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "...... فإذا كان ذلك وكان البين من مدونات الدعوى وجود خلافات سابقة بين المتهمين الثلاث الأول وعائلة المجني عليه بسبب معاملات مالية مردها اقتراض المتهم الثاني من زوجة..... وحدوث عدة مشاجرات بين أفراد من العائلتين - عائلة المجني عليه وعائلة المتهمين - وكذلك حمل المتهمين المذكورين للأدوات المضبوطة - مطواة وسكين وقطعة من الحديد - وبغير مسوغ من ضرورة مهنية أو حرفية وهي أدوات تحدث الموت عادة إذا ما أصابت من الشخص مقتلاً، وإذ أعمل المتهمين الأول مطواته والثاني سكينة في جسد المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته بينما وقف المتهم الثالث ليؤازرهما ويمنع من يحاول رد اعتدائهما على المجني عليه حتى أزهقا روحه، فهو ما يكشف عن توافر نية القتل لدى المتهمين ويقطع بأنهم لم يقصدوا من اعتدائهم إلا اغتيال المجني عليه وإزهاق روحه إذ أنه فضلاً عما تقدم لم يكفوا عن مواصلة الاعتداء على المجني عليه إلا بعد أن تأكدوا من أنه قد فارق الحياة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد يضحى غير سديد". وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ وكاف لحمل قضائه فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص سكون في غير محله.
8 - لما كان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان الثابت من أقوال شهود الواقعة وتحريات المباحث أن نزاعاً وقع بين عائلة المتهمين الثلاث الأول وبين عائلة المجني عليه وأن المتهمين المذكورين عقدوا العزم فيما بينهم في هدوء وروية وبعيداً عن الانفعال وبمنأى عن جماع الغضب على قتل أحد أفراد عائلة المدعو........ فخططوا لجريمتهم بقتل المجني عليه فأعد الأول مطواة قرن غزال والثاني سكين والثالث قطعة من الحديد وما أن ظفروا بالمجني عليه حتى انهال عليه المتهمين الأول والثاني بالطعن في أجزاء عدة من جسده وبدون مقدمات، بما تستدل معه المحكمة ومن جماع ما تقدم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين المذكورين وتلتفت بالتالي عن منازعه الدفاع في هذا الصدد". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن سورة الانفعال، مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابه، لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراضه، وليست العبرة في توافر ظروف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، وهو يتحقق كذلك ولو كانت حطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية القتل لدى الجاني غير محددة قصد بها شخصاً معيناً أو غير معين صادفه، وتقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلاصه سائغاً، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر هذا الظرف - على نحو ما تقدم - من ثبوت وجود ضغينة سابقة بين أسرة الطاعنين وأسرة المجني عليه ومن إعداد الطاعنين الآلات المستعملة في الجريمة واستعانتهم ببعضهم البعض وقت الاعتداء ومبادرتهم المجني عليه بالاعتداء دون أن يسبق هذا الاعتداء حديث أو مشادة، فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغاً في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافياً لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور في البيان التي يرميه به الطاعنون.
9 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة فلا مصلحة لهم فيما يثيرونه من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: قتلوا عمداً.... بأن انهال عليه الأول والثاني ضرباً بسلاحين أبيضين حادين (مطواة وسكين) في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته بينما وقف الثالث يشد من أزرهما. ثانياً: المتهمان الأول والثاني: أحرزا سلاحين أبيضين "مطواة وسكين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت أرملة المجني عليه ووالدته مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات و1/ 1، 25 مكرراً و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1987 و165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادر الأسلحة المضبوطة وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعيتين بالحقوق المدنية مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز الأول والثاني أسلحة بيضاء بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهم أقاموا دفاعهم على استحالة وقوع الحادث بالصورة التي قرر بها شهود الإثبات واستحالة حدوث إصابات المجني عليه من الأسلحة المضبوطة أو تلك التي قرر بها الشهود، ودفعوا بتعارض الدليل القولي مع الدليل الفني في هذا الشأن وطلبوا تحقيق هذا الدفاع بمناقشة كبير الأطباء الشرعيين، بيد أن المحكمة أعرضت عن هذا الطلب وردت على دفاعهم بما لا يصلح رداً عليه، كما دفع الطاعن الأول بأن السروال المضبوط لا يخصه وأن الضابط لوثه بدماء المجني عليه وأوعز إليه أن يقر في التحقيقات بأنه سرواله وطلب تحقيقاً لدفاعه إجراء تجربة السروال المضبوط عليه لبيان ما إذا كان له من عدمه، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم تعن بالرد عليه، ونفي الطاعن الثالث وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه بدلالة الشهادة الرسمية التي قدمها والتي تثبت وجوده بمقر عمله في ذلك الوقت وما شهد به زملاؤه في العمل، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسيغ إطراحه، كما أطرح دفعهم بانتفاء نية القتل وظرف سبق الإصرار ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافرهما في حقهم، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعنين الأولين قد انهالا على المجني عليه ضرباً أولهما بمطواة والثاني بسكين مما تستعمل في قطع الموز وأصاباه في مناطق متفرقة من جسده بينما كان الطاعن الثالث يقف بمكان الحادث حاملاً قطعة من الحديد يشد أزرهما ويمنع من يحاول الذود عن المجني عليه، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه عبارة عن جرح قطعي نافذ بيسار العنق وجرحين طعنيين نافذين بيمين التجويف الصدري وجرح طعني غائر بأصبع الإبهام الأيمن وأن تلك الإصابات تحدث من التعدي على المحني عليه بالطعن بمطواة أو سكين أو ما في حكمهما ولا يوجد ما ينفي إمكانية حصول إصابات المجني عليه من مثل الأسلحة المضبوطة - وهي مطواة قرن غزال وسلاح أبيض يتكون من نصل معدني ذو حافة واحدة وطرف مدبب ومثبت في يد معدنية - ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، كما نقل عن تقرير نائب كبير الأطباء الشرعيين أن إصابات المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل الأسلحة الحادة المرسلة ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، وإذ كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على أن إصابات المجني عليه لا تحدث من الأدوات المضبوطة وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي في شأن ذلك واطرحه بقوله "وحيث إنه عما يجادل فيه دفاع المتهمين الثلاث الأول من أن إصابات المجني عليه...... لا تحدث من المطواة أو السكين المضبوطين وطلبه مناقشة الطبيب الشرعي فيما يتعلق بالأدوات المضبوطة وكيفية حدوث الوفاة منها فهو أمر تلتفت عنه المحكمة ذلك أن التقرير الطبي الشرعي والتقرير الصادر من نائب كبير الأطباء الشرعيين المودعين بالأوراق قد أثبتا أن وفاة المجني عليه من الجائز حدوثها من مثل المطواة والسكين المضبوطين ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة، بما مفاده أن منازعة الدفاع في هذا الشأن غير ذات سند" لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق أو القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بالتقرير الطبي الشرعي وأطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن وطلبهم مناقشة الطبيب الشرعي استناداً إلى الأسباب السائغة التي أوردتها فإن ما يثيرونه من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة أو التفاتها عن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التي اعتنقتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. وكان ما يثيره الطاعن الأول من تشكيك في أقوال ضابط المباحث وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها. كما أن البين أن طلب إجراء تجربة على السروال المضبوط إنما أريد به اختيار مدى ملاءمته لجسم الطاعن ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن المذكور في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن الثاني القائم على نفي وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه، اطمئناناً من المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، ولها أيضاً أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الشهادة الرسمية الصادرة من جهة عمله وشهادة زملائه في العمل لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "..... فإذا كان ذلك، وكان البين من مدونات الدعوى وجود خلافات سابقة بين المتهمين الثلاث الأول وعائلة المجني عليه بسبب معاملات مالية مردها اقتراض المتهم الثاني من زوجة...... وحدوث عدة مشاجرات بين أفراد من العائلتين - عائلة المجني عليه وعائلة المتهمين - وكذلك حمل المتهمين المذكورين للأدوات المضبوطة - مطواة وسكين وقطعة من الحديد - وبغير مسوغ من ضرورة مهنية أو حرفية وهي أدوات تحدث الموت عادة إذا ما أصابت من الشخص مقتلاً، وإذ أعمل المتهمين الأول مطواته والثاني سكينه في جسد المجني عليه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته بينما وقف المتهم الثالث ليؤازرهما ويمنع من يحاول رد اعتدائهما على المجني عليه حتى أزهقا روحه، فهو ما يكشف عن توافر نية القتل لدى المتهمين ويقطع بأنهم لم يقصدو من اعتدائهم إلا اغتيال المجني عليه وإزهاق روحه إذ أنه فضلاً عما تقدم لم يكفوا عن مواصلة الاعتداء على المجني عليه إلا بعد أن تأكدوا من أنه قد فارق الحياة ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد يضحى غير سديد". وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ وكاف لحمل قضائه فإن منعاهم على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الإصرار وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان الثابت من أقوال شهود الواقعة وتحريات المباحث أن نزاعاً وقع بين عائلة المتهمين الثلاث الأول وبين عائلة المجني عليه وأن المتهمين المذكورين عقدوا العزم فيما بينهم في هدوء وروية وبعيداً عن الانفعال وبمنأى عن جماع الغضب على قتل أحد أفراد عائلة المدعو........ فخططوا لجريمتهم بقتل المجني عليه فأعد الأول مطواة قرن غزال والثاني سكين والثالث قطعة من الحديد وما أن ظفروا بالمجني عليه حتى انهال عليه المتهمين الأول والثاني بالطعن في أجزاء عدة من جسده وبدون مقدمات، بما تستدل معه المحكمة ومن جماع متا تقدم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين المذكورين وتلتفت بالتالي عن منازعه الدفاع في هذا الصدد". لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن سورة الانفعال، مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابه، لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراضه، وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، وهو يتحقق كذلك ولو كانت حطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية القتل لدى الجاني غير محددة قصد بها شخصاً معيناً أو غير معين صادفه، وتقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلاصه سائغاً، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر هذا الظرف - على نحو ما تقدم - من ثبوت وجود ضغينة سابقة بين أسرة الطاعنين وأسره المجني عليه ومن إعداد الطاعنين الآلات المستعملة في الجريمة واستعانتهم ببعضهم البعض وقت الاعتداء ومبادرتهم المجني عليه بالاعتداء دون أن يسبق هذا الاعتداء حديث أو مشادة، فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغاً في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافياً لحمل قضائه وينادي به عن قالة القصور في البيان التي يرميه بها الطاعنون، وفضلاً عن هذا فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة فلا مصلحة لهم فيها يثيرونه من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصارف المدنية.

الطعن 7082 لسنة 66 ق جلسة 3 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 104 ص 790

جلسة 3 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحاق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وعبد الرؤوف عبد الظاهر نواب رئيس المحكمة.

----------------

(104)
الطعن رقم 7082 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
تقديم أسباب الطعن بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) سرقة "سرقة مع حمل سلاح". سلاح. ظروف مشددة. قانون "تفسيره".
حمل السلاح ظرفاً مشدداً في حكم المادة 315 عقوبات. مناطه؟
المطواة قرن غزال. من الأسلحة المعدة للاعتداء على النفس بطبيعتها. أساس ذلك؟
(3) سلاح. ظروف مشددة. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في قواعد التفسير. إيراد الشارع مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين. وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه. مؤدى ذلك؟
العلة من تشديد العقوبة في جريمة السرقة المقترنة بحمل سلاح؟
استظهار الحكم المطعون فيه واقعة حمل الطاعن للمطواة قرن الغزال حال ارتكابه جريمة السرقة التي قارفها مع المحكوم عليه الآخر وضبطها بحوزته. صحيح.
إغفاله التعرض للسببية بين السرقة وحمل السلاح. لا يعيبه. علة ذلك؟
(4) استئناف "نظره والحكم فيه". اختصاص. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استئناف أي من أطراف الدعوى عدا النيابة العامة. مؤداه: إعادة طرح النزاع لمصلحته. أساس ذلك؟
استئناف النيابة العامة الحكم الابتدائي. أثره؟
استئناف الطاعن والنيابة العامة الحكم الصادر من محكمة أول درجة. قضاء المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لأن الواقعة جناية. النعي عليه في هذا الصدد. غير مقبول.
(5) سرقة "سرقة مع حمل السلاح". إثبات "اعتراف". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
عدم إسناد الحكم إلى الطاعن اعترافاً بحمل السلاح حال ارتكابه واقعة السرقة. النعي عليه بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن. لا محل له.
(6) استجواب. دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات.
الدفع ببطلان استجواب الطاعن. لأول مره أمام النقض. غير جائز.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 3 من يناير سنة 1996 فقرر المحكوم عليه - الأول - بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 9 من يناير سنة 1996 في الميعاد، بيد أن الأسباب التي بنى عليها طعنه لم تودع إلا في اليوم الخامس من شهر مارس من العام ذاته، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
2 - لما كانت العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في حكم المادة 315 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 59 لسنة 1970 هي بطبيعة هذا السلاح وهل معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاًَ من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة أن حملها كان لمناسبة السرقة، وكانت المطواة قرن الغزال هي مما يندرج تحت النوع الأول من الأسلحة، اعتباراً بأن الشارع قدر خطورة حيازتها أو إحرازها مما حداه إلى التدخل التشريعي بالقانون رقم 165 لسنة 1981 ومن بعده القانون رقم 97 لسنة 1992 المعدل لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر وأعاد إدراج الأسلحة البيضاء ومن بينها المطواة قرن الغزال واعتبرها في عداد الأسلحة التي لا يجوز حيازتها أو إحرازها بغير ترخيص بعد أن كان قد عدل عن ذلك في ظل سريان أحكام القانون رقم 75 لسنة 1958 الذي كان قد أخرجها عن نطاق التأثيم وهو ما يتعين معه إعمال قصد الشارع واعتبار أن هذا النوع من السلاح الأبيض من الأسلحة المعدة للاعتداء على النفس بطبيعتها في هذا الخصوص.
3 - لما كان من المقرر أن الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، وهو ما يتأدى معه بالضرورة صرف معنى الأسلحة البيضاء ومن بينها المطواة قرن الغزال في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 165 لسنة 1981 و97 لسنة 1992، لمعنى السلاح الوارد في نص المادة 315 من قانون العقوبات كظرف مشدد في جريمة السرقة التي انتظمتها. ظاهراً كان هذا السلاح أم مخبأ قصد بحمله استعماله في السرقة أم عدم استعماله. وكانت العلة الداعية إلى تشديد العقوبة في جريمة السرقة إذا اقترنت بحمل السلاح أن حمل الجاني للسلاح يشد أزره ويلقي الرعب في قلب المجني عليه أو من يخف لنجدته ويهيئ السبيل للجاني لاستعماله وقت الحاجة وهذه العلة تتوافر بلا شك إذا كان السلاح المحمول سلاحاً بطبيعته أي معد أصلاًَ للاعتداء على النفس - وهو الشأن في الدعوى - فحمله يعتبر في جميع الأحوال ظرفاً مشدداً حتى ولو لم يكن لمناسبة السرقة وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده في مدوناته قد استظهر واقعة حمل الطاعن للمطواة قرن الغزال حال ارتكابه جريمة السرقة التي قارفها مع المحكوم عليه الآخر. وقد تم ضبطها بحوزة الطاعن فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ولا عليه إن لم يعرض للسببية بين السرقة وحمل السلاح. ما دام السلاح المحمول هو سلاح بطبيعته. ومن ثم يضحى منعى الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد.
4 - لما كان من المقرر في تفسير المادة 417 من قانون الإجراءات أن استئناف أي طرف من أطراف الدعوى يعيد طرح النزاع لمصلحته هو وحده عدا استئناف النيابة العامة فإنه ينقل النزاع كله فيما يتعلق بالدعوى الجنائية لمصلحة طرفيها - المتهم والنيابة. فإذا قامت النيابة العامة باستئناف الحكم الابتدائي، فإن هذا يجيز لمحكمة الدرجة الثانية أن تشدد العقوبة في حدود الجريمة التي دين المتهم بها. كما أن استئناف النيابة يعيد الدعوى برمتها لحالتها الأصلية ويجعل المحكمة الاستئنافية في حل من أن تقدر التهمة وأدلتها والعقوبة ومبلغ التقدير الذي تراه فتبرئ المتهم أو تدينه وتنزل بالعقوبة لحدها الأدنى أو ترفعها إلى حدها الأقصى دون أن تكون ملزمة أن هي شددت العقوبة بإيراد أسباب هذا التشديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن يثير بأسباب طعنه بأنه كان قد استأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة، كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم - أيضاً - للخطأ في تطبيق القانون وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لأن الواقعة جناية، فإنها تكون قد التزمت ما جرى به نص المادة المتقدم بيانها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه لم ينسب إلى الطاعن اعترافاً بأنه كان يحمل السلاح حال ارتكابه واقعة السرقة - خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه، فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان استجوابه بمحضر الشرطة فلا يجوز له من بعد إثارته لأول مره أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1 - سرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ...... حال كون الأول حاملاً سلاحاً أبيضاً "مطواة قرن غزال". 2 - أحرز كل منهما دون مقتض من الضرورة الشخصية والحرفية سلاحاً أبيضاً "مطواة قرن غزال" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 3 من يناير سنة 1996 عملاً بالمادة 315/ أولاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجداول الأول الملحق بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليهما ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 3 من يناير سنة 1996 فقرر المحكوم عليه - الأول - بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 9 من يناير سنة 1996 في الميعاد، بيد أن الأسباب التي بنى عليها طعنه لم تودع إلا في اليوم الخامس من شهر مارس من العام ذاته، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه - الثاني - قد استوفى الشكل المقرر من القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي سرقة في الطريق العام مع آخر وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان وخطأ في الإسناد، ذلك أن الواقعة حسب الصورة التي اعتنقها الحكم - على فرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة سرقة باعتبار أن ضبط السلاح معه حدث بعد ارتكابه واقعة السرقة وأن حمله لم يكن بمناسبة السرقة أو الفرار بالمسروقات. كما أن النيابة العامة أحالته إلى محكمة الجنح لمعاقبته بجنحة السرقة وقضت محكمة أول درجة بإدانته فاستأنف الطاعن والنيابة العامة وقضت محكمة ثاني درجة بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى لأن الواقعة جناية - وهو ما سوأ مركزه بإحالته إلى محكمة الجنايات وإدانته بالحكم المطعون فيه، ونسب إليه الحكم اعترافاً بحمله السلاح حال ارتكابه واقعة السرقة رغم مخالفته للثابت بالتحقيقات، وبالإضافة إلى بطلان استجوابه الوارد بمحضر الشرطة، وكل هذا يعيب الحكم وستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في حكم المادة 315 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 59 لسنة 1970 هي بطبيعة هذا السلاح وهل معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاًَ من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة أن حملها كان لمناسبة السرقة، وكانت المطواة قرن الغزال هي مما يندرج تحت النوع الأول من الأسلحة، اعتباراً بأن الشارع قدر خطورة حيازتها أو إحرازها مما حداه إلى التدخل التشريعي بالقانون رقم 165 لسنة 1981 ومن بعده القانون رقم 97 لسنة 1992 المعدل لأحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر وأعاد إدراج الأسلحة البيضاء ومن بينها المطواة قرن الغزال واعتبرها في عداد الأسلحة التي لا يجوز حيازتها أو إحرازها بغير ترخيص بعد أن كان قد عدل عن ذلك في ظل سريان أحكام القانون رقم 75 لسنة 1958 الذي كان قد أخرجها عن نطاق التأثيم وهو ما يتعين معه إعمال قصد الشارع واعتبار أن هذا النوع من السلاح الأبيض من الأسلحة المعدة للاعتداء على النفس بطبيعتها في هذا الخصوص. وذلك لما هو مقرر من أن الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، وهو ما يتأدى معه بالضرورة صرفه لمعنى السلاح الوارد في نص المادة 315 من قانون العقوبات كظرف مشدد في جريمة السرقة التي انتظمتها. ظاهراً كان هذا السلاح أم مخبأ قصد بحمله استعماله في السرقة أم عدم استعماله. وكانت العلة الداعية إلى تشديد العقوبة في جريمة السرقة إذا اقترنت بحمل السلاح أن حمل الجاني للسلاح يشد أزره ويلقي الرعب في قلب المجني عليه أو من يخف لنجدته ويهيئ السبيل للجاني لاستعماله وقت الحاجة وهذه العلة تتوافر بلا شك إذا كان السلاح المحمول سلاحاً بطبيعته أي معد أصلاًَ للاعتداء على النفس - وهو الشأن في الدعوى - فحمله يعتبر في جميع الأحوال ظرفاً مشدداً حتى ولو لم يكن لمناسبة السرقة وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده في مدوناته قد استظهر واقعة حمل الطاعن للمطواة قرن الغزال حال ارتكابه جريمة السرقة التي قارفها مع المحكوم عليه الآخر. وقد تم ضبطها بحوزة الطاعن فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ولا عليه إن لم يعرض للسببية بين السرقة وحمل السلاح. ما دام السلاح المحمول هو سلاح بطبيعته. ومن ثم يضحى منعى الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر في تفسير المادة 417 من قانون الإجراءات أن استئناف أي طرف من أطراف الدعوى يعيد طرح النزاع لمصلحته هو وحده عدا استئناف النيابة العامة فإنه ينقل النزاع كله فيما يتعلق بالدعوى الجنائية لمصلحة طرفيها - المتهم والنيابة. فإذا قامت النيابة العامة باستئناف الحكم الابتدائي، فإن هذا يجيز لمحكمة الدرجة الثانية أن تشدد العقوبة في حدود الجريمة التي دين المتهم بها. كما أن استئناف النيابة يعيد الدعوى برمتها لحالتها الأصلية ويجعل المحكمة الاستئنافية في حل من أن تقدر التهمة وأدلتها والعقوبة ومبلغ التقدير الذي تراه فتبرئ المتهم أو تدينه وتنزل بالعقوبة لحدها الأدنى أو ترفعها إلى حدها الأقصى دون أن تكون ملزمة أن هي شددت العقوبة بإيراد أسباب هذا التشديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن يثير بأسباب طعنه بأنه كان قد استأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة، كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم - أيضاً - للخطأ في تطبيق القانون وقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لأن الواقعة جناية، فإنها تكون قد التزمت ما جرى به نص المادة المتقدم بيانها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم ينسب إلى الطاعن اعترافاً بأنه كان يحمل السلاح حال ارتكابه واقعة السرقة - خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه، فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان استجوابه بمحضر الشرطة فلا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 18965 لسنة 62 ق جلسة 3 / 6 / 1998 مكتب فني 49 ق 103 ص 785

جلسة 3 من يونيه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

--------------

(103)
الطعن رقم 18965 لسنة 62 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في العدول عن أحكامها".
الأصل في نظام التقاضي. أن صدور حكم أو قرار من محكمة النقض منعقدة في غرفة مشورة في الدعوى يخرجها من حوزة المحكمة. مؤدى ذلك؟
عدول محكمة النقض عن بعض أحكامها أو قراراتها في خصوص شكل الطعن. استثناء. علته؟
(2) محكمة النقض "سلطتها في العدول عن أحكامها".
عدول محكمة النقض عن حكم أو قرار أصدرته. شرطه؟
(3) نقض "الصفة في الطعن". محكمة النقض "سلطتها في العدول عن أحكامها". وكالة.
طلب الطاعن العدول عن القرار بعدم قبول الطعن. غير جائز. ما دام لم يقدم سند الوكالة المثبت لصفة المحامي المقرر بالطعن. لا يغير من ذلك إرفاق صوره ضوئية من التوكيل أو الإشارة أنه مودع مفردات الدعوى. أساس ذلك؟

-----------------
1 - إن الأصل في نظام التقاضي أنه متى صدر الحكم - أو القرار من محكمة النقض منعقدة في غرفة مشورة - في الدعوى، خرجت من حوزة المحكمة لاستنفادها ولايتها القضائية وامتنع عليها العودة إلى نظرها من جديد. أما ما استنته محكمة النقض - خروجاً على هذا الأصل - من العدول عن بعض أحكامها أو قراراتها في خصوص شكل الطعن مراعاة منها لمقتضيات العدالة، وحتى لا يضار الطاعن بسبب لا دخل لإرادته فيه، فهو من قبيل الاستثناء الذي يجب قصره في نطاق ما استن من أجله وعدم التوسع فيه.
2 - من المقرر أن قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يشترط - كي تعدل عن حكم أو قرار أصدرته - أن يكون الحكم أو القرار فيما قضى به قد قام على عدم استيفاء إجراءات الطعن المقررة قانوناً، ثم يثبت من بعد أن تلك الإجراءات كافة كانت قد استوفيت بيد أنها لم تعرض كاملة على المحكمة عند نظرها الطعن وذلك لأسباب لا دخل لإرادة الطاعن فيها.
3 - لما كان الطاعن لا يجادل في أن سند التوكيل المثبت لصفة المحامي المقرر بالطعن، لم يكن قد قدم لهذا المحكمة عند نظرها الطعن بجلسة 28/ 5/ 1997، فإن طلبه العدول عن القرار الذي أصدرته بتلك الجلسة بعدم قبول الطعن لا يكون له محل، ولا يشفع له في ذلك أن يكون المحامي المقرر بالطعن قد قدم مع أوراق الطعن صورة ضوئية غير رسمية من التوكيل، ولا ما أشار إليه من أن أصل التوكيل مودع في مفردات لدى محكمة الموضوع، ما دام أنه لم يقدم مع أوراق هذا الطعن - حتى تاريخ نظره والقضاء فيه، دليلاً رسمياً يثبت صفته في التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن المحكوم عليه، وذلك لما هو مقرر من أن إجراءات الطعن هي من الإجراءات الشكلية في الخصومة التي يجب أن تكون مستكملة كافة مقوماتها ومن أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو من شأن المحكوم عليه ليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً عنه توكيلاً يخوله هذا الحق أو نائباً عنه بحكم القانون، الأمر الذي يتعين معه أن يكون التوكيل معروضاً على محكمة النقض عند نظرها الطعن للتثبت من استيفاء إجراءات الطعن.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية ثلاث دعاوي بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح محرم بك ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له ثلاثة شيكات لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلب عقابه بالمادتين 336/ 1، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت في كل. ومحكمة جنح محرم بك قضت غيابياً في الدعوى الأولى عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وفي الدعوى الثانية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض فيهما وقضى في كل معارضة بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً في الدعوى الثالثة بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف الأحكام الثلاثة ومحكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة إستئنافية قررت ضم الاستئنافين الثاني والثالث إلى الأول للارتباط، وقضت بقبول الاستئنافات شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الأحكام المستأنفة.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وبجلسة....... قررت هذه المحكمة معقودة في هيئة "غرفة مشورة" عمد قبول الطعن استناداً إلى عدم تقديم التوكيل الذي تم التقرير بالطعن بمقتضاه نيابة عن الطاعن. وإذ قدم الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه طلباً للعدول عن هذا القرار..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قررت - في غرفة مشورة - بجلسة ..... بعدم قبول الطعن. استناداً إلى عدم تقديم التوكيل الذي تم التقرير بالطعن بمقتضاه نيابة عن الطاعن ثم تاريخ..... قدم المحامي/.... طلباً للعدول عن هذا القرار، تأسيساً على أن "أصل" التوكيل الذي يخول المحامي حق الطعن بالنقض نيابة عن المحكوم ضده، كان قد أرفق بمفردات الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الأصل في نظام التقاضي أنه متى صدر الحكم - أو القرار من محكمة النقض منعقدة في غرفة مشورة - في الدعوى، خرجت من حوزة المحكمة لاستنفادها ولايتها القضائية وامتنع عليها العودة إلى نظرها من جديد. أما ما استنته محكمة النقض - خروجاً على هذا الأصل - من العدول عن بعض أحكامها أو قراراتها في خصوص شكل الطعن مراعاة منها لمقتضيات العدالة. وحتى لا يضار الطاعن بسبب لا دخل لإرادته فيه، فهو من قبيل الاستثناء الذي يجب قصره في نطاق ما استن من أجله وعدم التوسع فيه. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه محكمة قد جرى على أنه يشترط - كي تعدل عن حكم أو قرار أصدرته - أن يكون الحكم أو القرار فيما قضى به قد قام على عدم استيفاء إجراءات الطعن المقررة قانوناً، ثم يثبت من بعد أن تلك الإجراءات كافة كانت قد استوفيت بيد أنها لم تعرض كاملة على المحكمة عند نظرها الطعن وذلك لأسباب لا دخل لإرادة الطاعن فيها. وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن سند التوكيل المثبت لصفة المحامي المقرر بالطعن، لم يكن قد قدم لهذا المحكمة عند نظرها الطعن بجلسة....... فإن طلبه العدول عن القرار الذي أصدرته بتلك الجلسة بعدم قبول الطعن لا يكون له محل، ولا يشفع له في ذلك أن يكون المحامي المقرر بالطعن قد قدم مع أوراق الطعن صورة ضوئية غير رسمية من التوكيل، ولا ما أشار إليه من أن أصل التوكيل مودع في مفردات الدعوى لدى محكمة الموضوع، ما دام أنه لم يقدم مع أوراق هذا الطعن - حتى تاريخ نظره والقضاء فيه، دليلاً رسمياً يثبت صفته في التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن المحكوم عليه، وذلك لما هو مقرر من أن إجراءات الطعن هي من الإجراءات الشكلية في الخصومة التي يجب أن تكون مستكملة كافة مقوماتها ومن أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو من شأن المحكوم عليه ليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً عنه توكيلاً يخوله هذا الحق أو نائباً عنه بحكم القانون، الأمر الذي يتعين معه أن يكون التوكيل معروضاً على محكمة النقض عند نظرها الطعن للتثبت من استيفاء إجراءات الطعن. لما كان ما تقدم، فإن الطلب يكون على غير أساس متعين الرفض.