جلسة 9 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، أحمد خيري، حامد مكي نواب رئيس المحكمة وكمال عبد النبي.
-----------------
(91)
الطعن رقم 4652 لسنة 61 القضائية
(1 - 4) عمل "سلطة صاحب العمل". مؤسسات "المؤسسات الصحفية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطاتها في تقدير الدليل".
(1) المؤسسات الصحفية القومية. ملكيتها للدولة ملكية خاصة. تمتعها بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن شخصية الدولة. م 25 ق 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة.
(2) رئيس تحرير الصحيفة بمثابة رب عمل في حدود اختصاصاته المخولة له. مقتضاه. له تقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة المقالات المقدمة للنشر. لا يحده في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة.
(3) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وبحث الدلائل والمستندات المقدمة فيها وتقدير أقوال الشهود واستخلاص ما تراه متفقاً وواقع الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق.
(4) محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم، أو بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج .
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل".
وجوب إيراد سبب النعي على الدعامة التي أقام الحكم عليها قضاءه والتي لا يقوم له قضاء بدونها. وروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
(6) عمل "استقالة".
الاستقالة سبب من أسباب انقضاء علاقة العمل. خلو طلب العامل من إبداء رغبته في إنهاء علاقة العمل. أثره. عدم اعتباره استقالة.
(7) حكم "ما لا يعد قصوراً.
إغفال الحكم الرد على دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. لا عيب.
(8) نقض "أسباب الطعن: ما لا يصلح سبباً للطعن".
نعي لا يكون للطاعن مصلحة فيه. غير مقبول.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الدلائل والمستندات المقدمة فيها وتقدير أقوال الشهود واستخلاص ما تراه متفقاً وواقع الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم وهي غير مكلفة بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
5 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - وجوب إيراد سبب النعي على الدعامة التي أقام الحكم عليها قضاءه والتي لا يقول له قضاء بدونها.
6، 7 - لما كانت المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - والتي تسري على العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين عملاً بنص المادة 23 من القانون رقم 148 لسنة 1980، والمادة 178 من اللائحة التنفيذية لها القانون - قد اعتبرت استقالة العامل من بين أسباب انقضاء علاقة العمل، وكان البين من الطلب المقدم من الطاعن إلى رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي بتاريخ 19/ 5/ 1982 خلوه مما يفيد إبداء رغبته في إنهاء علاقة العمل التي تربطه بالمطعون ضدها، فإن هذا الطلب لا يُعد استقالة مما تستلزم أن يراعي في شأنها الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 171، 172 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة. وإذ كان دفاع الطاعن في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد عليه.
8 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يُقبل نعي لا يكون للطاعن مصلحة فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها "مؤسسة الأهرام" الدعوى رقم 1799 لسنة 1982 عمال جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالقرار الصادر بإلغاء سكرتارية تحرير مجلة الأهرام الاقتصادي، وتمكينه من ممارسة مهام سكرتير تحرير هذه المجلة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدها أن تؤدي له تعويضاً مؤقتاً مقداره ألف جنيه. وقال بياناً لدعواه أنه عُين سكرتيراً لتحرير مجلة الأهرام الاقتصادي في سنة 1981، وإذ فوجئ بحرمانه من الكتابة في المجلة، وبصدور قرار رئيس التحرير في 29/ 11/ 1982 بإلغاء وظيفة سكرتارية التحرير مما ألحق به أضراراً مادية وأدبية، فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 25/ 2/ 1989 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 629 لسنة 103 قضائية، وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 20/ 6/ 1991 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجهين الأول والسابع من السبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتبر أن رئيس تحرير المجلة هو صاحب العمل الذي يملك بهذه الصفة السلطة المطلقة في تنظيم الهيكل الوظيفي وتوزيع الأدوار على العاملين فيها وتقدير ما ينشر وما لا ينشر من المواد الصحفية، في حين أن رئيس التحرير لا يعدو أن يكون من العاملين لدى مالك المؤسسة الصحفية القومية وهو الدولة عملاً بنص المادة 22 من القانون رقم 148 لسنة 1980 التي اعتبرت المؤسسات الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة للدولة، كما أن سلطته في تقدير ما يُنشر من المواد الصحفية ومنع نشر بعضها ينطوي على مصادرة حرية الصحفي في التعبير عن رأيه وهو الحق الذي كفله الدستور لكل مواطن بما نُص عليه في المادة 47 منه من أن حرية الرأي مكفولة وأن لكل إنسان التعبير عن رأيه كما كفله قانون الصحافة للصحفي وذلك بالنص في المادة الخامسة منه على أن للصحفي حق نشر ما يحصل عليه من أنباء ومعلومات بل أن اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه اعتبرت حرمان الصحفي من نشر مادته ماساً بأمنه، هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الأوراق خلت من دليل على أن المطعون ضدها منعته من نشر مقالات ومواد صحفية بقصد الإضرار به وأن ما قرره شهوده لم يصل إلى حد إثبات هذه الواقعة، وما قرره الحكم في هذا الصدد يخالف ما ورد بأقوال الشاهدة.... من أنها علمت بمنعه من نشر مقاولاته بحكم مزاملتها له في العمل، وما ورد بأقوال...... أمام الخبير من أن الطاعن شكا له من عدم نشر بعض مقاولاته, ويخالف ما قرره الشاهد....... أمام المحكمة من أن الطاعن عرض عليه مسودة مقال رفضتها المطعون ضدها وتم نشرها في مجلة أخرى، بل أن الشاهدة....... قررت أن المطعون ضدها رفضت نشر مقالين وحددت موضوع كل منهما وقدمهما الطاعن ضمن مستنداته ولم تجحد المطعون ضدها أياًً من المقالين وإنما تذرعت بأنها من المقالات السياسية رغم تمسكه في دفاعه بأن المجلة تزخر بالمقالات البحتة وأنه لا يمكن الفصل بين الاقتصاد والسياسة علاوة على أنه قدم شهادة صادرة من نقابة الصحفيين تفيد علم النقابة بعزله من مهام منصبه ومنعه من الكتابة ودلل على ذلك بما قدمه من أعداد المجلة والتي يبين منها أن المطعون ضدها أوقفت ظهور الباب الذي كان يحرره كما تمسك بالقرينة المستفادة من منازعتها أمام اللجنة الثلاثية في صفته كمحرر وادعاؤها أنه مجرد مترجم، وبالقرينة المستفادة من منحه إجازة إجبارية لمدة شهر من 13/ 12/ 1982 وهي من صور المنع من الكتابة، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن كافة أوجه الدفاع السالفة الذكر، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إنه وإن كان القانون رقم 148 سنة 1980 بشأن سلطة الصحافة قد نص في المادة 22/ 2 منه على أن تعتبر المؤسسات الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة، إلا أنه أسبغ على تلك المؤسسات الشخصية الاعتبارية المستقلة عن شخصية الدولة وذلك بالنص في المادة 25 منه على أن "تكون لكل مؤسسة صحفية قومية الشخصية الاعتبارية ولها مباشرة جميع التصرفات القانونية لتحقيق أغراضها ويمثلها رئيس مجلس الإدارة" وإذ كانت المادة 21 من القانون المشار إليه قد أوجبت أن يكون لكل صحيفة رئيس تحرير مسئول يشرف إشرافاً فعلياً على ما ينشر بها، وخولته المادة 34 منه سلطة تنفيذ ما يضعه مجلس التحرير في خصوص السياسة العامة للتحرير، كما أفصحت اللائحة التنفيذية للقانون عن المهام الأخرى المسندة لرئيس التحرير وذلك بالنص في المادتين 165، 166 منها على أن يتولى رئيس التحرير توزيع العمل الصحفي على المحررين وفقاً لما يقتضيه صالح العمل وبمراعاة كفاءة وتخصص كل منهم وخبرته وعلي أن يتحمل مسئولية الإشراف الكامل على كل محتويات الصحيفة من مواد تحريرية وإعلانية، فإن مفاد ذلك أن المشرع جعل رئيس تحرير الصحيفة بمثابة رب عمل في حدود الاختصاصات المخولة له، مما مقتضاه أن له - وهو في سبيل مباشرته لهذه الاختصاصات - السلطة في تقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة المقالات المقدمة للنشر لا يحده في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الدلائل والمستندات المقدمة فيها وتقرير أقوال الشهود واستخلاص ما تراه متفقاً وواقع الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن رئيس تحرير الجريدة أو المجلة وهو صاحب السلطة في تنظيم هيكلها الوظيفي وتوزيع العمل على العاملين فيها وفحص ما يمكن نشره منها وما لا يمكن لا يحده في ذلك سوى التعسف أو إساءة استعمال السلطة وأنه لم يثبت من أقوال شهود الطاعن أو من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المطعون ضدها منعت الطاعن من الكتابة ونشر مقالاته الصحفية الصالحة للنشر بقصد الإساءة إليه، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغاً وله مأخذه من الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم ويتفق وصحيح القانون. وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم وهي غير مكلفة بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني والثالث والخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من إخضاع العلاقة التي تربط الصحفي بالمؤسسة الصحفية لأحكام قانون العمل، ورتب على ذلك أن المؤسسة تتمتع بسلطة رب العمل المطلقة في إدارة منشأته وفي نقل العامل إلى أي عمل آخر غير المتفق عليه ولو كان أقل ميزة أو ملاءمة، في حين أن أحكام قانون العمل لا تسري إذا تعارضت مع أحكام القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة باعتبار أن عقد عمل الصحفي ذو طبيعة خاصة لما يتمتع به الصحفي من حصانات وضمانات دستورية وقانونية لا تتوافر في عقود العمل الأخرى، وترتيباً على ذلك لا يكون سديداً ما افترضه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه من وجوب إخضاع الصحفي للتبعية المطلقة لرب العمل لأن حدود التبعية بالنسبة للصحفي تتقلص إلى الحد الذي يضمن له ممارسة مهنته باستقلال طبقاً للضمانات الدستورية والتشريعية الواردة في نصوص الدستور والقانون، هذا إلى أن ما أورده الحكم الابتدائي من حق رب العمل في نقل العامل إلى عمل آخر ولو كان أقل ميزة يخالف ما نصت عليه المادة 112 من القانون رقم 76 لسنة 1970 بشأن نقابة الصحفيين من عدم جواز نقل الصحفي إلى عمل آخر يختلف مع طبيعة مهنته.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - وجوب إيراد سبب النعي على الدعامة التي أقام الحكم عليها قضاءه والتي لا يقول له قضاء بدونها، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد أقام قضاء في هذا الخصوص على ما أورده من أن الطاعن "كان معيناً أصلاً بوظيفة مترجم ثم نقل إلى محرر بالأهرام الاقتصادي ثم سكرتيراً للتحرير وقد قبل العمل إبان ذلك مترجماً فورياً لتغطية المؤتمر المنعقد بسلطنة عُمان وتقدم بطلب إغفائه من مسئوليته وألغيت وظيفة سكرتير تحرير الأهرام وهي من واجبات رئيس التحرير ومن ثم فإن دعوى المدعي تكون على غير أساس" بما مؤداه أن الحكم لم يؤسس قضاءه في هذا الشأن على أن مباشرة الطاعن لأعمال الترجمة بدلاً من سكرتارية تحرير المجلة قد تم تطبيقاً لأحكام قانون العمل فيما يتعلق منها بعلاقة التبعية أو بسلطة رب العمل في تنظيم منشأته وفي نقل العامل، إنما تأسس على أن الطاعن تقدم بطلب لإعفائه من وظيفة سكرتير التحرير ووافق على العمل مترجماً، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون قد صادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الاستقالة التي قدمها هي في حقيقتها احتجاج على مخالفة رئيس التحرير لقانون الصحافة ولائحته التنفيذية وهي في جوهرها طلب موجه إلى الجهات المختصة للتحقيق في أسبابها اعتباراً بأن المادة 171 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 148 لسنة 1980 أوجبت عرض استقالة أعضاء مجلس التحرير وما أُبدي فيها من رأي على مجلس إدارة المؤسسة الصحيفة ثم إخطار رئيس المجلس الأعلى للصحافة بالاستقالة والرأي الذي انتهى إليه المجلس خلال الثالثة أيام التالية لتقديمها والحكمة من هذا الإخطار هو أن المادة 172 من اللائحة تجيز لرئيس المجلس الأعلى للصحافة عرض الاستقالة على مكتب المجلس الأعلى للصحافة أو على إحدى لجانه لدراسة أسبابها وإعداد تقرير بشأنها وللجنة أن تستدعى مقدمها لمناقشته في ظروف وأسباب تقديم الاستقالة، كما أوجبت المادة 172 السالفة الذكر على رئيس المجلس الأعلى للصحافة إبلاغ مجلس الشورى بما انتهى إليه من توصيات في شأن الاستقالة ليتخذ ما يراه فيها خلال الأيام الثمانية التالية لصدور قرار المجلس ولا يصبح المنصب شاغراً إلا بعد إبلاغ الصحف كتابة بقبول الاستقالة، وقد استهدف الطاعن من الاستقالة - كما تفصح عن ذلك عباراتها - الاحتجاج على ما وقع من عدوان على اختصاصه بوصفه سكرتيراً للتحرير وعضواً بمجلس التحرير وتنبيه المجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى للوضع السائد في مؤسسة الأهرام وصفتها على التدخل لتصحيحه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن إعفاء الطاعن من وظيفة سكرتير تحرير جاء تنفيذاً لرغبته المكتوبة التي لم يعدل عنها صراحة أو ضمناً، ودون أن يعرض لدفاعه السالف البيان أو يفطن إلى عدم جواز الاعتداد بالاستقالة طالما لم تقبل بمجلس الشورى طبقاً لنص المادتين 171، 172 من اللائحة التنفيذية للقانون، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - والتي تسري على العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين عملاً بنص المادة 23 من القانون رقم 148 لسنة 1980، والمادة 178 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون - قد اعتبرت استقالة العامل من بين أسباب انقضاء علاقة العمل، وكان البين من الطلب المقدم من الطاعن إلى رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي بتاريخ 19/ 5/ 1982 خلوه مما يفيد إبداء رغبته في إنهاء علاقة العمل التي تربطه بالمطعون ضدها، فإن هذا الطلب لا يعد استقالة مما تستلزم أن يراعى في شأنها الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 171، 172 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة, وإذ كان دفاع الطاعن في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد عليه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الرابع والسادس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتمد ما أورده الحكم الابتدائي من أن رئيس تحرير الجريدة أو المجلة يملك بإرادته المنفردة إلغاء وظيفة سكرتير تحرير المجلة، في حين أن المادة 168 من اللائحة لم تخول رئيس التحرير سلطة منفردة في تقرير السياسة العامة للمجلة بل أن المادة 34 من القانون رقم 148 لسنة 1980 نصت على أن مهمته هي تنفيذ السياسة العامة للتحرير وليس تقرير أو تحديد هذه السياسة وبالرغم من أن المادة 184 من اللائحة تنص على أن يصدر بتحديد الهيكل التنظيمي لكل مؤسسة صحيفة أو قومية قراراً من الجمعية العمومية لها بناء على ما يقترحه مجلس إدارة المؤسسة، بما مؤداه أن تحديد وظائف المؤسسة الصحفية وتعديلها بالإنشاء أو الإلغاء لا يدخل في اختصاص رئيس التحرير فقد أخذ الحكم المطعون فيه بما انتهى إليه الحكم الابتدائي من أن إلغاء وظيفة سكرتير تحرير المجلة تم على وجه صحيح بمقولة أنه استهدف إعادة تنظيم العمل بالمؤسسة وأنه من واجبات رئيس التحرير.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يقبل نعي لا يكون للطاعن مصلحة فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن تقدم بطلب لإعفائه من عمله كسكرتير تحرير المجلة ورتب على ذلك أن إعفاءه من هذه الوظيفة جاء تنفيذاً لرغبته المكتوبة التي لم يعدل عنها صراحة أو ضمناً، كما اعتمد ما أورده الحكم الابتدائي من أن الطاعن قبل العمل مترجماً فورياً لتغطية المؤتمر المنعقد بسلطنة عُمان، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول لانتفاء المصلحة فيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.