جلسة 2 من ديسمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي ومحمد حسين مصطفى وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة. وحسن حسين الغزيري.
--------------
(195)
الطعن رقم 16371 لسنة 66 القضائية
(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد. موضوعي. شرط الأخذ بها صدورها عنه طواعية واختياراً.
(2) إثبات "شهود". دفوع "الدفع ببطلان أقوال الشاهد". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "أثر الطعن".
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه بأسباب سائغة. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
اتصال العيب الذي شاب الحكم بالمحكوم عليها الأخرى يوجب امتداد أثر نقض الحكم إليها لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه، فإذا ما أطرحته تعين أن تقيم ذلك على أسباب سائغة لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه دفاع الطاعنين بوقوع إكراه على الشاهدين المذكورين غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه، ذلك بأن قول الحكم باطمئنانه إلى أقوال هذين الشاهدين والالتفات عن عدولهما عنها والرد علي ما أثير في هذا الشأن بعبارة عامة مجملة بأن المحكمة "تطرح دفوعهم" لا يصلح رداً على القول بصدور أقوال الشاهدين - التي عولت عليها - نتيجة إكراه. وإذ كان الدفاع قد استمسك ببطلان أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - وهما يمثلان جميع شهود الرؤية في الحادث - بعد أن أيد الشاهدان أمام المحكمة وقوع الإكراه عليهما - فإن دفاع الطاعنين يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي فيها فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقسطه حقه من التحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل وكانت الأسباب التي أوردتها لتفنيده لا تؤدى إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بقصور أدى به إلى فساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليها الثالثة جنيه فخري شحاته لاتصال العيب الذي شاب الحكم لها ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (طاعن) (2)..... (طاعن) 3 - ..... بأنهم أولاً: المتهمان الأول والثاني: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً (مسدس) وسلاحاً أبيض (بلطة) وترصداه على مقربة من المكان الذي أيقنا سلفاً مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عدة أعيرة نارية وضربه الثاني بالبلطة على وجهه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمان الأول والثالثة (أ) أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس) (ب) أحرز كل منهما ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً لأي منهما في حيازته وإحرازه. ثالثاً: المتهم الثاني أحرز بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض (بلطة) وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 25 مكرراً، 26، 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (1) والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهما وبمصادرة السلاح الناري وطلقات الذخيرة والبطلة المضبوطين. ثانياً: بمعاقبة المتهمة الثالثة بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر والإيقاف.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والأول بإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته بغير ترخيص والثاني بإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة قد عولت في إدانتهما على أقوال الشاهدين الأول والثاني ملتفتة عما أثير أمامها بشأنها من إكراه وقع عليها من جانب الشرطة، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المرافعة ومدونات الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين قد أثار أمام المحكمة تعرض شاهدي الإثبات الأول والثاني للإكراه والتعذيب من جانب رجال الشرطة للإدلاء بأقوالهما أمام النيابة العامة وهو ما أثاره ذات الشاهدين أمامها أيضاً كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند أساساً في قضائه إلى اطمئنانه إلى الأقوال التي أدلى بها هذان الشاهدان في تحقيق النيابة العامة قائلاً إن المحكمة لا تطمئن إلى مصداقية العدول عنها وإنها تعول عليها في إدانة المتهمين "وتطرح دفوعهم". لما كان ذلك، وكان الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت أثر إكراه أياً كان نوعه وكائناً ما كان قدره. كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه، فإذا ما أطرحته تعين أن تقيم ذلك على أسباب سائغة لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه دفاع الطاعنين بوقوع إكراه على الشاهدين المذكورين غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه، ذلك بأن قول الحكم باطمئنانه إلى أقوال هذين الشاهدين والالتفات عن عدولهما عنها والرد علي ما أثير في هذا الشأن بعبارة عامة مجملة بأن المحكمة "تطرح دفوعهم". لا يصلح رداً على القول بصدور أقوال الشاهدين - التي عولت عليها - نتيجة إكراه. وإذ كان الدفاع قد استمسك ببطلان أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - وهما يمثلان جميع شهود الرؤية في الحادث - بعد أن أيد الشاهدان أمام المحكمة وقوع الإكراه عليهما - فإن دفاع الطاعنين يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي فيها فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقسطه حقه من التحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل وكانت الأسباب التي أوردتها لتفنيده لا تؤدى إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بقصور أدى به إلى فساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليها الثالثة...... لاتصال العيب الذي شاب الحكم بها ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.