الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مايو 2013

الطعن 1366 لسنة 19 ق جلسة 20/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 142 ص 424

جلسة 20 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

-----------------------

(142)
القضية رقم 1366 سنة 19 القضائية

اختلاس أموال أميرية. 

كاتب بحسابات الحكمدارية تدخله في عمل الصيارف واختلاسه مبالغ من الخزانة. عقابه يكون بمقتضى المادة 118ع لا بالمادة 112ع. القضاء عليه بعقوبتي الغرامة والرد. لا يصح.

--------------------
متى كان الثابت مما أورده الحكم في وظيفة المتهم والطريقة التي تمكن بواسطتها من اختلاس المبالغ التي أدخلها في ذمته أنه لم يكن إلا موظفا كتابيا بحسابات الحكمدارية، ولم يكن بمقتضى عمله صرافا أو مساعدا للصراف أو منتدبا للصرف مستمدا هذه الصفة من القوانين أو اللوائح أو منوطا بها رسميا من رئيس أو أية جهة حكومية مختصة، بل كان الثابت أنه تدخل في عمل صيارف الخزانة وأقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاونا من هؤلاء الصيارف أو تغاضيا منهم عنه، فإنه لا يمكن أن تضفى عليه صفة الصراف أو مساعده مهما استطال به الزمن وهو موغل في هذه الفوضى. وإذن فالمادة المنطبقة على فعلته هي المادة 118 من قانون العقوبات التي تعاقب كل موظف أدخل في ذمته بأية كيفية كانت نقودا للحكومة أو سهل لغيره ارتكاب جريمة من هذا القبيل، لا المادة 112 التي يتطلب القانون لتطبيقها أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت في عهدة الموظف المختلس أو سلمت إليه بسبب وظيفته، والتي روعي في تغليظ العقاب فيها إخلال الموظف الأميري بواجب الأمانة في حفظ الأشياء التي وضعت في عهدته، وهو غير الحاصل في هذه الصورة. وإذن فلا يصح القضاء على هذا المتهم بعقوبتي الغرامة ورد المبالغ المختلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في المدة من 6 أبريل سنة 1932 إلى 29 يناير سنة 1935 الموافق 30 ذي القعدة سنة 1350 إلى 24 شوال سنة 1353 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة مصر (أولا) بصفته كاتبا بحكمدارية بوليس مصر وأمينا على الودائع مختصا باستلام النقود التي ترد من وحدات البوليس المختلفة على ذمة مكافآت رجال البوليس لحفظ النظام في الحفلات لتوريدها لخزانة محافظة مصر لإضافتها لحساب إيرادات الدولة اختلس مبلغ 411 جنيها و400 مليم من الأموال المسلمة له بسبب وظيفته هذه والمبينة مفرداتها بالحافظة رقم 1 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص المرافق لأوراق التحقيق بأن تعمد عدم توريد بعض هذه المبالغ المسلمة إليه بهذه الصفة واختلسها لنفسه ثم حرر استمارات صرف المبالغ المستحق صرفها وأرفق بها إيصالات توريد (علم خبر أورنيك 37 مكرر ع. ح) مسدداً بها مبالغ أخرى أو إيصالات توريد مزورة موهما بذلك أنه ورد المبالغ التي سلمت له. (ثانياً) بأنه في المدة من 8 مايو سنة 1933 الموافق 13 المحرم سنة 1352 إلى 4 نوفمبر سنة 1935 الموافق 7 شعبان سنة 1354 وفي 18 يناير سنة 1944 الموافق 22 المحرم سنة 1363 اختلس مبلغ 232 جنيها و682 مليما من الأموال الأميرية المسلمة إليه بسبب وظيفته السابقة الذكر والمبينة مفرداتها بالحافظة رقم 2 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص والمرفق بأوراق التحقيق بعد ردها من وحدات البوليس المختلفة بسبب عدم صرفها لأربابها وذلك لتوريدها للخزانة وتعليتها لحساب الأمانات أو لإضافتها لأنواعها بأن تسلم هذه المبالغ على السراكي ورصد بعضها بدفتر الأمانات الخاص به ولم يوردها للخزانة واختلسها لنفسه ثم حرر للمستحقين لها استمارات صرف "استمارة 50 ع. ح" بالخصم على المصروفات. (ثالثاً) بأنه في المدة من 3 سبتمبر 1932 الموافق 2 جماد أول سنة 1351 إلى 11 فبراير سنة 1935 الموافق 7 ذي القعدة سنة 1353 اختلس مبلغ 109 جنيهات و360 مليما من الأموال الأميرية المسلمة إليه بصفته المذكورة آنفا من ثمن السبلة المبيعة من بلوكات السواري والمبينة مفرداتها تفصيلا بالحافظة رقم 3 من التقرير الثاني المقدم من لجنة الفحص المرافق لأوراق التحقيق وذلك لتوريدها للخزانة إيرادات بأن تسلم هذه المبالغ من بلوكات السواري على السراكي ولم يوردها للخزانة واختلسها لنفسه. (رابعاً) بأنه في المدة من 17 يوليه سنة 1934 الموافق 5 ربيع الثاني سنة 1353 إلى أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363 بصفته موظفا عموميا (كاتبا بحسابات حكمدارية بوليس مصر) أدخل في ذمته نقودا للحكومة قدرها 105096 جنيها و521 مليما بأن كان يزور استمارات صرف بماهيات بعض وحدات البوليس بحكمدارية بوليس مصر ويحصل بموجبها على أذونات صرف على الخزانة بقيمتها ثم يستولى على هذه المبالغ. (خامسا) بأنه في المدة من 11 يناير سنة 1934 الموافق 25 رمضان سنة 1352 إلى أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363: (أ) بصفته موظفا عموميا (كاتبا بحسابات حكمدارية بوليس مصر) ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرا في أوراق رسمية هي كشوف صرف ماهيات رجال البوليس وإجمالياتها (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) في حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة وبطريق الشطب والمحو والتغيير وزيادة كلمات وأرقام وذلك في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءا متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 34، 36، 37، 41، 42، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 54، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 70، 71، 74، 76، 78، 80، 81، 83، 84، 86، 87، 89، 90، 92، 93، 94، 95، 96، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 123، 124، 125، 126، 127، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 139، 140، 143، 144، 146، 150، 151، 153، 155، 156، 158، 159، 160، 161، 163، 166، 167، 169، 172، 174، 176، 179، 181، 183، 185، 186، 191، 192، 195، 197، 221، 235. (ب): ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي إيصالات توريد النقود (علم خبر - أورنيك 37 مكرر ع. ح) وأذونات الصرف على الخزانة (أورنيك 9 ع. ح) ودفاتر حسابات الحوالات (استمارة 54 ع. ح) وذلك بطريق الاصطناع وبوضع إمضاءات وأختام مزورة وبطريق الشطب والمحو والتغيير وزيادة كلمات وأرقام في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 1، 15، 18، 30، 33، 35، 38، 39، 40، 53، 55، 56، 88، 91، 98، 100، 102، 128، 145، 178، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206، 207، 208، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 233، 234. (جـ): اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي إيصالات توريد النقود (علم خبر - استمارة 37 مكرر ع. ح) وذلك بأن اتفق معه وحرضه على اصطناع هذه الإيصالات على أنها صادرة من إبراهيم أفندي صلاح الدين الموظف المختص أصلا بتحريرها فقبل المجهول ذلك وحررها وقلد إمضاء المذكور عليها فوقعت الجريمة بناء على ذلك في الأوراق الآتية المبينة تفصيلا في كشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 2، 3، 4، 5، 43. (د): اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية هم موظفو حسابات محافظة مصر المختصون بتحرير أذونات الصرف (استمارة 9 ع. ح) في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي بعض أذونات الصرف على الخزانة وإيصالات توريد النقود في حال تحريرها المختص بوظيفتهم وذلك بجعل وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن قدم لهؤلاء الموظفين كشوفاً مزورة عن الماهيات (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) وحوافظ توريد نقود (استمارة 37 ع. ح) مزورة فحرروا من واقع هذه الأوراق المزورة أذونات الصرف وإيصالات توريد النقود المذكورة وتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك في الأوراق المبينة تفصيلا بكشف الأوراق المزورة الملحق بهذا الوصف والذي يعتبر جزءاً متمما له وعلى النحو الوارد فيه بالنمر المسلسلة الآتية 14، 15، 18، 22، 57، 69، 72، 73، 75، 77، 79، 83، 85، 97، 99، 101، 103، 120 و122، 137، 138، 141، 142، 147، 148، 149، 153، 154، 157، 162، 164 و165، 168، 170، 171، 173، 175، 177، 180، 182، 184، 187، 188، 189 و190، 194، 196، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206، 207 و208، 209، 210، 211، 212، 213، 217، 218، 220، 224، 226، 227، 228 و229، 230، 233، 234. (سادسًا): استعمل الأوراق المزورة السالفة الذكر بأن قدمها بعد تزويرها لاستكمال الإجراءات اللازمة لجعلها صالحة للصرف بموجبها وذلك مع علمه بتزويرها. (سابعاً): بأنه في المدة من أول نوفمبر سنة 1934 الموافق 23 رجب سنة 1353 لغاية أول يونيه سنة 1944 الموافق 10 جماد آخر سنة 1363 بصفته كاتباً بحسابات حكمدارية بوليس مصر ومأموراً بحفظ كشوف الماهيات وصورها (استمارة 108 ع. ح واستمارة 132 ع. ح) لحين إرسالها للجهات المختصة أتلف كشوف الماهيات التي اختلس مبالغها وهي الخاصة بقوة الحكمدارية وبعض الفرق الأخرى بأن مزقها بدلا من إرسالها للجهات المختصة للتصرف فيها.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 40/1 -2 -3، 41، 112، 118، 151، 152، 201، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات.
فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمواد سالفة الذكر.
وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات مصر طلبت النيابة تعديل وصف التهمة وتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات.
والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والعقوبتين التكميليتين المنصوص عليهما في المادة 112 من القانون المذكور بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبرد مبلغ 105849 جنيها و463 مليما مائة وخمسة آلاف وثمانماية وتسعة وأربعين جنيها وأربعماية ثلاثة وستين مليما لخزينة الدولة وتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة ذلك.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة للتهمة الرابعة وهي "أنه في المدة من 17 يولية سنة 1934 الموافق 5 ربيع الثاني سنة 1353 إلى أول يونيو سنة 1944 الموافق 10 جمادى الآخرة سنة 1363 بصفته موظفا عموميا كاتبا بحكمدارية بوليس مصر وصراف خزينتها تجاري على اختلاس مبلغ 105099.021 جنيها من النقود التي سلمت إليه بهذه الصفة الفعلية بأن كان يزور استمارات صرف بماهيات وحدات البوليس بحكمدارية بوليس مصر ويحصل بموجبها على أذونات صرف على الخزانة بقيمتها ثم يستولى على هذه المبالغ" إذ دانه الحكم المطعون فيه بهذه التهمة تطبيقا للمادة 112 من قانون العقوبات على أساس أن الطاعن قد استولى على هذه المبالغ بصفته صرافاً فعلياً مستنداً في ذلك على أن القضاء قد استقر في فرنسا ومصر على اعتبار الصراف الفعلي "Comptable de fait" كالصراف الرسمي سواء بسواء في المسئولية عما يكون في عهدته من مبالغ اؤتمن عليها بسبب وظيفته ولو أنه لم يصدر له أمر كتابي بذلك واستشهد الحكم المطعون فيه على صحة هذا النظر بما جاء بحكم محكمة النقض في القضية رقم 1284 سنة 6 قضائية إذ قضت أن حكم المادة 112 من قانون العقوبات كما يسري على الصيارف يسري أيضاً على مساعديهم وإذن فلا يصح الاحتجاج لمصلحة مساعد الصراف المختلس بأنه لم يصدر له أمر كتابي من المدير أو من المالية بندبه لتأدية عمل الصراف بل هو مسئول جنائياً بمقتضى هذه المادة عما يكون تحت يده من الأموال إذا هو ارتكب أية جريمة من الجرائم المشار إليها في تلك المادة. ويقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب فيما ذهب إليه فلا القضاء الفرنسي قد استقر على شيء مما ذكره ولا القضاء المصري يؤيده. إذ أن الحكم المستشهد به تختلف حالته كلية عن الحالة المطروحة لأن المحكوم عليه في تلك القضية كان معيناً في وظيفة مساعد صراف وندب فعلا في أوقات مختلفة ليحل محل الصراف لأداء أعماله فلم يكن والحالة هذه صرافاً فعلياً بل صرافاً رسمياً بكل معنى الكلمة. أما الطاعن فإن وظيفته المعين بها هي كاتب بحسابات حكمدارية العاصمة وليس معهوداً إليه بحكم وظيفته هذه القيام بأعمال صراف أو مساعد صراف بخزينة المحافظة بل إن الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه تدل دلالة واضحة على أن الطاعن قام ببعض أعمال صراف الخزينة مجاملة أو من باب التهاون من قبل الصراف إذ كان الأمر موغلا في الفوضى والإهمال كما أشار الحكم إلى ذلك في أكثر من موضع ولذا فإن الحكم حين دانه على أساس أنه صراف فعلي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على هذه الواقعة. ويضيف الطاعن أنه لما كانت المحكمة قد قصرت بحثها في صفة الطاعن التي استولى بها على المبلغ موضوع التهمة الرابعة على أنه صراف فعلي وآخذته بالعقوبات التي تنص عليها المادة 112 من قانون العقوبات، وكان هذا النظر خاطئاً فإنه لا يكفي تصحيح الحكم من ناحية التكييف القانوني بتطبيق المادة 118 من قانون العقوبات وإلغاء العقوبتين التكميليتين بل يجب أن ينقض الحكم برمته وإحالة القضية على محكمة الموضوع لإعادة بحث مدى علاقة الطاعن بالخزينة وتكييف اتصاله بها وبعمليات الصرف على أساس أوسع من ذلك النطاق الضيق الذي دار فيه البحث. كما ينبغي نقض الحكم بالنسبة لجميع التهم الأخرى لقيام الارتباط ولأن نظرية العقوبة المبررة لا يصح الأخذ بها إلا حيث تكون العقوبتان اللتان تحصل الموازنة بينهما متماثلتين.
وحيث إن الثابت على ما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى فيما يختص بوظيفة الطاعن في قوله "إن وقائع هذا الحادث تخلص في أن المتهم محمد نجف عبد العال الوكيل التحق بإدارة المستخدمين بحكمدارية بوليس مصر في 29/10/1929 كاتباً في الدرجة الثامنة بماهية شهرية سبعة جنيهات ونصف ثم نقل من هذه الإدارة في 24/11/1930 على أثر استعماله بدون مبرر قانوني أو أمر من رؤسائه اشتراكا في الترام من الاشتراكات التي في عهدته بحكم وظيفته ثم ثبت في وظيفته من أول فبراير سنة 1942 واحتسبت مدة خدمته في المعاش ودفع عنها الاحتياطي دفعة واحدة بشيك على البنك بمبلغ 87 جنيها و54 مليما واستمر في العمل بحسابات الحكمدارية إلى تاريخ ارتكاب هذا الحادث وكان عمله في تاريخ نقله إلى الحسابات في 20/ 5/ 1935 قاصرا على مساعدة أحمد أفندي كامل الموظف بالحسابات أي مراجعة كشوف ماهيات رجال البوليس وتفريغها في الكشوف الإجمالية وتحرير كشوف الماهيات المحول صرفها على البنوك مع قيامه بأعمال أحمد أفندي كامل أثناء إجازاته وبالأخص في المدة من 10 أكتوبر سنة 1934 إلى 2 نوفمبر سنة 1934 ومدة إجازة الثلاثة الشهور التي حصل عليها المذكور وهي المدة التي سبقت إحالته على المعاش أي من 20/ 2/ 1935 إلى 19/ 5/ 1935 وبعد ذلك أصبح هو المراجع الأصلي لكشوف وحدات البوليس والفرق والأقسام المحول صرفها على خزينة المحافظة وما يتبع ذلك من نفقات وأقساط مستحقة لشركات التأمين وتحرير كشوف الماهيات الإجمالية لجميع القوات أي أنه يدرج في كشف واحد ماهيات وحدات البوليس جميعها وتحرير هذا الكشف ليرسل لحسابات المحافظة لاستخراج إذن صرف بماهيات الوحدات جميعها وهذا الإذن يرسل للخزينة لصرفه لمندوبي تلك الوحدات الذين لديهم توكيلات بصرف هذه المرتبات في أول كل شهر، كذلك من عمله تحرير كشوف العلاوات وعلاوة غلاء المعيشة لتلك الوحدات ثم ماهيات رجال الجيش المرابط الملحق بأقسام البوليس المختلفة ووحدات محافظة مصر، وكان منوطا بالمتهم كذلك بمقتضى وظيفته تسلم المبالغ التي ترد من أقسام البوليس ووحداته وقلم المرور المحصلة لحساب مكافآت رجال البوليس الذين يقومون بالمحافظة على النظام في الحفلات الخاصة بالأفراد والنوادي ودور الملاهي "السينمات والتياترات وغير ذلك" وهذه المبالغ تحصل من الجمهور وترسل بسراكي من الوحدات المختلفة لتسليمها للمتهم لتوريدها للخزينة لحساب الإيرادات ثم يعاد صرفها بعد خصم عشرها لحساب الحكومة لرجال البوليس الذين قاموا بالخدمة في هذه الحفلات، وكذلك منوط به أن يتسلم مرتبات رجال البوليس المرتدة من الأقسام بعد أول كل شهر لعدم تسليمها لأصحابها لأعذار طرأت وقتها كالغياب للمرض أو للوجود بالإجازات وغير ذلك وهذه المبالغ كانت ترد في سراكي ويتسلمها المتهم بالتأشير على السراكي بورودها ويثبت أغلبها في دفتر خاص لديه يسمى دفتر أمانات الحكمدارية وهذه المبالغ يجب أن تورد للخزانة وتثبت بدفاتر المحافظة على أنها معلاة بالأمانات حتى يطلب أصحابها صرفها إليهم، ومن عمله أيضا أن يتسلم ثمن السبلة الذي كان يرد من وحدات السواري التابعة لمحافظة مصر وهي ثمن لما بيع منها للأفراد وهذه المبالغ أيضا كان يؤشر من المتهم بالسراكي بتسلمها كي يقوم بتوريدها للخزينة لحساب الإيرادات وبعد أن أجملت المحكمة المبالغ المختلسة تحدثت عن صفة الطاعن التي اختلس بها هذه المبالغ فقالت "بلغ كل ذلك 105849 جنيها 463 مليما وهو قيمة ما اختلسه المتهم بصفته من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع لأنه قد اتضح للمحكمة من اعتراف المتهم ومن أقوال شهود الإثبات الذين سمعتهم كإسكندر بك يعقوب والبكباشي عبد العزيز علي والصاغ أحمد محمود أن المتهم كان هو الذي يتولى الصرف لهم في أول كل شهر، وذكر حسين محمد شبانة أفندي كبير الصيارف في مواضع كثيرة بمحضر الجلسة أن المتهم تواجد بالخزينة منذ سنة 1932 ليسهل لهم صرف الماهيات لمندوبي وحدات البوليس لأنه يعرف معظمهم لاتصاله بهم في العمل وبعد ذلك أصبح مندوبا لوحدة الحكمدارية فكان يصرف المبلغ المقرر لها وهو قائم بعملية الصرف للمندوبين وغيرهم لأنه - أي محمد حسين شبانة - كان يستعين به في الصرف خصوصا في أوائل الشهر لكثرة الضغط عليه وعلى باقي الصيارف، فكان يسلمه مبالغ جسيمة قد تصل على حد روايته في اليوم إلى خمسين ألف جنيه فيتولى المتهم صرف الأذون الفردية لمستحقي الصرف وكذلك لبعض المندوبين وكان عمله في الخزينة كعمل الصراف الأول وزملائه من الصيارف إذ كان له مكان خاص وشباك خاص في الخزينة يتولى منه الصرف للطالبين وقد صادق المتهم الصراف الأول على أقواله واعترف في كثير من المواقف أنه كان يقوم بهذه العملية فعلا وأنه تولى صرف غالبية المستندات الموقع عليها منه كشاهد بوصفه صرافا للخزينة وكان يتسلم من الصراف الأول مبالغ طائلة وفي آخر النهار يكتفي منه هذا الشخص الذي هو سبب هذا الفساد وضياع مال الدولة بأن يتسلم منه أذون الصرف بدون مراجعتها وفقط يجمع مفرداتها ويسترد منه ما قد يكون قد تبقى مما سلمه إليه للصرف منه، واعترف المتهم في تحقيقات النيابة بصفحة 309 بما نصه: كان في بعض الأحيان الصيارف يتركون لي الخزينة بما فيها وما عليها لأتولى الصرف للمندوبين نيابة عنهم وكنت أوقع على الأذون التي أتولى صرفها لأربابها. ثم قال في موضع آخر في صفحة 329 عندما سأله المحقق أن يبين له ظروف تحريره بيانات خانة الإيصال وشهادته على إذن الصرف (مستند 165 من الحافظة الأولى) المقول بصرفه لإسماعيل حافظ فأجاب (سبق أن قلت إن الخزينة كانت تترك لي وأنا أصرف الأذون وأمضى على الأذونات اللي أصرفها) وقد استمر المتهم على هذه الحال فترة طويلة تزيد على العشر سنين كان متربعا فيها على خزينة المحافظة يتصرف فيها كما يشاء وهو الصراف الفعلي المهيمن على مال الخزينة ولم يستأمنه زميله الصراف الأول حسين شبانة إلا لما وضعه فيه من ثقة ولأنه موظف عمومي مسئول مثله على هذه الأمانة الثقيلة التي كان يجب أن يحافظ عليها لو كان لديه ذرة من الضمير والإحساس. وعلى هذا الاعتبار يكون حكم هذا المتهم في المسئولية حكم باقي الصيارف الذين كانوا معه والذين هم أقل منه سطوة وسلطانا، ولولا هذا السلطان لما أمكنه أن يخرج من خزينة المحافظة في يوم واحد بمبلغ سبعة آلاف جنيه وكسور السابق الإشارة إليه، لذلك تمكن المتهم من اختلاس هذه المبالغ الضخمة جميعها سواء المبالغ التي سلمت له من الأقسام للمكافأة والماهيات وثمن السبلة التي تسلمها بمقتضى وظيفته بصفته من مأموري التحصيل وأمينا على الودائع، أو المبالغ التي صرفت باسم الوحدة الوهمية بأذون الصرف الفردية أو الإجمالية لأنه كان يتمكن من صرفها لنفسه وهو داخل الخزينة قائم بعمل الصراف الفعلي، إذ ثابت من أقوال القائمقام إسكندر بك يعقوب حكمدار فرقة الخدمات العامة أن المتهم كان يقوم بعملية صرف الأذون الإجمالية إذ هو الذي يصرف للمندوبين بالكشف الإجمالي فمن باب أولى يصرف لنفسه المقرر باسم الوحدة الوهمية وهذا هو السر في وجوده بالخزينة لذلك تمكن من اختلاس هذه المبالغ ومبالغ الأذون الفردية المزورة باسم الوحدات الأخرى المختلس قيمتها أثناء قيامه بعمل الصراف الفعلي". وظاهر من هذا الذي أوردته المحكمة عن وظيفة الطاعن التي كان يشغلها بمحافظة مصر والطريقة التي تمكن بواسطتها من اختلاس المبالغ المبينة بالتهمة الرابعة أنه لم يكن إلا موظفا كتابيا بحسابات الحكمدارية ولم يكن بمقتضى عمله صرافا أو مساعدا للصراف بخزانة المحافظة أو منتدبا لهذه العملية مستمدا هذه الصفة من القوانين أو اللوائح أو منوطا بها رسميا من رئيس أو أي جهة حكومية مختصة بل الثابت من الحكم أنه تدخل في عمل صيارف الخزينة وأقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاونا من هؤلاء الصيارف وممالأة له. ولا يؤثر في ذلك أن استطال به الزمن وهو موغل في هذه الفوضى حتى تمكن من اختلاس تلك المبالغ الطائلة في مدى سنوات عدة فإن طول المدة أو تعدد العمليات لا يمكن أن تضفى عليه صفة الصراف أو مساعده.
وحيث إنه لما كان القانون يتطلب لتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت في عهدة الموظف المختلس أو سلمت إليه بسبب وظيفته، وتغليظ العقاب في هذه الحالة مراعى فيه إخلال الموظف الأميري بواجب الأمانة في حفظ الأشياء التي وضعت في عهدته، وهو غير متوفر في الواقعة المبينة بالتهمة الرابعة كما أثبتها الحكم - لما كان ذلك وكان الطاعن لم يعهد إليه بمقتضى وظيفته بحفظ النقود التي استولى عليها في تلك التهمة ولا هي سلمت إليه بهذه الصفة كما سبق البيان فإن المحكمة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون حين دانته عن هذه التهمة تطبيقاً للمادة 112 من قانون العقوبات، بل كان الواجب تطبيق المادة 118 من ذلك القانون التي تعاقب كل موظف أدخل في ذمته بأية كيفية كانت نقودا للحكومة أو سهل لغيره ارتكاب جريمة من هذا القبيل.
وحيث إنه لما كانت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبت الطاعن بالعقوبة الأشد وهي جريمة التزوير في أوراق رسمية فلا معدى والحالة هذه عن قبول الطعن عن التهمة الرابعة فقط وتطبيق القانون بالنسبة لها على الوجه الصحيح، وذلك باعتبار الواقعة منطبقة على المادة 118 من قانون العقوبات. وهذا يستتبع القضاء بإلغاء العقوبتين التكميليتين المقضى بهما فيما يختص بهذه التهمة.
















الثلاثاء، 28 مايو 2013

الطعن 1365 لسنة 19 ق جلسة 2/ 5/ 1950 مكتب فني 1 ق 186 ص 566

جلسة 2 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

--------------

(186)
القضية رقم 1365 سنة 19 القضائية

تزوير في تحقيق وفاة أو وراثة:
أ - مناط العقاب بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 226 ع. إدلاء الشاهد بمعلومات يعلم أنها غير صحيحة أمام جهة القضاء المختصة بضبط الإشهاد. المعلومات التي يدلي بها في تحقيق إداري تمهيدي. لا عقاب عليها.
ب - هذه الجريمة عمدية. تبرئة المتهم على أساس أن الأوراق المقدمة من المدعي بالحق المدني لا تصلح لإثبات عكس الوارد بإعلام الوراثة الذي يعتبر حجة بما فيه حتى يصدر حكم شرعي على خلافه. صحيحة قانونا.

-------------
1 - إن مناط العقاب بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون العقوبات هو أن يكون الشاهد قد أدلى بمعلومات يعلم أنها غير صحيحة أمام جهة القضاء المختصة بضبط الإشهاد. هذا هو الواضح من نص المادة المذكورة، ويزيد في إيضاحه ما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون من أن هذه المادة إنما أثمت الشهود الذين يؤدون الشهادة أمام القاضي الشرعي أو أمام إحدى جهات القضاء الملي عند ما يراد تحقيق الوفاة أو الوراثة. أما الأشخاص الذين يطلبون في تحقيق إداري تمهيدي بقصد الإدلاء بمعلومات فلا عقاب عليهم بموجب هذا القانون، مادامت هذه التحريات التمهيدية لابد أن يعقبها سماع شاهدين على الأقل أمام القضاء الشرعي أو القضاء الملي، وإقرارات هؤلاء الشهود الأخيرة هي التي تعتبر على وجه ما أساسا في الموضوع، وهي التي أراد القانون المعاقبة عليها إذا كانت غير صادقة.
2 - إنه لما كان القانون قد نص في المادة 226 عقوبات على معاقبة من يقرر في إجراءات تحقيق الوفاة أو الوراثة أقوالا غير صحيحة عن الوقائع المطلوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة متى ضبط الإشهاد على أساسها، فقد دل بوضوح على أن هذه الجريمة عمدية في جميع الصور المذكورة فيها، فهي لا تتحقق إلا إذا كان الجاني قد قرر أقوالا غير صحيحة أو وهو عالم بأنه لا يدري حقيقة الأمر فيها. وإذ كان المفروض قانونا أن هذه المعلومات تعتبر صحيحة حتى يصدر حكم من المحكمة الشرعية دال على عدم صحتها، وهو الدليل الوحيد الذي يقبل في إثبات ذلك، فلا خطأ إذا قضى الحكم ببراءة المتهم في هذه الجريمة تأسيسا على أن الأوراق المقدمة من المدعي بالحق المدني أيا كانت البيانات الواردة بها لا تصلح لإثبات عكس الثابت في إعلام الوراثة محل الدعوى الذي يعتبر ما ورد فيه حجة لا يصح إثبات عكسه إلا بحكم شرعي يصدر في دعوى ترفع بالطريق الشرعي أمام محكمة الأحوال الشخصية عملا بنص المادة 361 من لائحة المحاكم الشرعية.


الوقائع

رفع نادي أحمد علي (الطاعن) هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة ادفو الجزئية ضد 1- علي حسن حسين و2- إبراهيم حمدان إبراهيم و3- خالد أبو الحسن و4- حسن حمدان إبراهيم "المطعون ضدهم" و5- أحمد سليمان عبد الله اتهمهم فيها بأنهم ارتكبوا تزويرا في الإشهاد الشرعي رقم 107 سنة 943/1944 أدفو الشرعية، كما أن أولهم استعمل هذا الإشهاد الشرعي المزور مع علمه بتزويره في القضية المدنية رقم 187 سنة 1935 أدفو، وطلب محاكمتهم بمقتضى المادة 226/1 و2 من قانون العقوبات والحكم له قبلهم بمبلغ واحد وعشرين جنيها على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة.
سمعت المحكمة المذكورة الدعوى وقضت عملا بالمادة 226/1 من قانون العقوبات حضوريا لجميع المتهمين عدا الأخير بحبس كل منهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة ثلاثة جنيهات لإيقاف التنفيذ لكل منهم وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني عشرة جنيهات والمصروفات المناسبة وجنيهين مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف جميع المحكوم عليهم، ومحكمة أسوان الابتدائية نظرت هذا الاستئناف ثم قضت حضوريا في 21 مايو سنة 1949 بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهمين مما أسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي المدني بمصاريفها عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمتهمين. وذلك عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في القول (أولا) بأن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين أسس قضاءه ببراءة المتهمين الأول والرابع على أنهما لم يدليا بأقوال ما أمام القاضي الشرعي المنوط بضبط الإشهاد، وعلى عدم توافر العلم بأن البيانات التي اشتمل عليها الطلب غير صحيحة، وبذا يكون الركنان المادي والأدبي لجريمتي تزوير الإشهاد واستعماله غير متوافرين. ويقول الطاعن إن هذا النظر غير صحيح لأن العقاب واجب بمقتضى المادة 226 من قانون العقوبات سواء أكان تقرير البيانات الغير صحيحة صادراً أمام القاضي أم ورد أثناء الإجراءات التي تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة. (ثانيا) بأن المحكمة وقد أسست براءة المتهمين الثاني والثالث على أنه لم يقم الدليل القانوني على عدم صحة البيانات التي أدليا بها أمام المحكمة الشرعية قد أخطأت في تأويل القانون وتفسيره، ذلك لأنهما قد شهدا في الواقع ببيانات غير صحيحة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض وقائع الدعوى قال في صدد التطبيق القانوني للمادة 226 من قانون العقوبات إن مناط العقاب بمقتضى الفقرة الأولى من تلك المادة هو أن يكون الشاهد قد أدلى بمعلومات يعلم أنها غير صحيحة أمام جهة القضاء المختصة بضبط الإشهاد. وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون، ذلك لوضوح النص الذي زاد في إيضاحه ما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون من أن المادة المذكورة إنما أثمت الشهود الذين يؤدون الشهادة أمام القاضي الشرعي أو أمام إحدى جهات القضاء الملي عندما يراد تحقيق الوفاة والوراثة. أما الأشخاص الذين يطلبون في تحقيق إداري تمهيدي بقصد الإدلاء بمعلومات، فلا عقاب عليهم بموجب هذا القانون، وما دامت هذه التحريات التمهيدية لابد أن يعقبها سماع شاهدين على الأقل أمام القاضي الشرعي أو القضاء الملي، وإقرارات هؤلاء الشهود الأخيرة هي التي تعتبر على وجه ما أساساً في الموضوع، وهي التي أراد القانون المعاقبة عليها إذا كانت غير صادقة. أما والواقعة كما أثبتها الحكم تدل على المتهمين الأول والرابع لم يدليا بمعلومات أمام القاضي الشرعي، فلا محل لتطبيق المادة 226 من قانون العقوبات في حقهما.
وحيث إن الحكم قد أسس براءة المتهمين الثاني والثالث على أن هذه الأوراق جميعها (وهي التي قدمها الطاعن) أيا كانت البيانات الواردة بها لا تصلح لإثبات عكس الثابت في إعلام الوراثة موضوع الدعوى، ذلك لأن هذا الإعلام ضبط وفقاً للأوضاع والإجراءات المنصوص عليها في المواد من 355 إلى 361 من لائحة المحاكم الشرعية، ومن ثم يعتبر ما ورد فيه حجة لا يمكن إثبات عكسه إلا بحكم شرعي يصدر في دعوى ترفع بالطريق الشرعي أمام محكمة الأحوال الشخصية المختصة عملا بنص المادة 361 من لائحة المحاكم الشرعية ونصها "يكون تحقيق الوفاة والوراثة على وجه ما ذكر حجة في خصوص الوفاة والوراثة ما لم يصدر حكم شرعي بإخراج بعض الورثة وإدخال آخرين" ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قوله إنه لم يقم الدليل المقبول قانونا على عدم صحة الأقوال التي شهد بها المتهمان الثاني والثالث أمام المحكمة الشرعية وبالتالي عن عدم صحة البيانات الواردة بالإعلام الذي استعمله المتهم الأول وهو أساس دعواه.
وحيث إنه لما كان القانون قد نص في المادة 226 على معاقبة من يقرر في إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة أقوالا غير صحيحة عن الوقائع المطلوب إثباتها "وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة" متى ضبط الإشهاد على أساسها، فإنه قد دل بوضوح على أن هذه الجريمة عمدية في جميع الصور المذكورة فيها، فهي لا تتحقق إلا إذا كان الجاني قد قرر أقوالا غير صحيحة أو وهو عالم بأنه لا يدري حقيقة الأمر فيها، أما والمفروض قانونا أن هذه المعلومات تعتبر صحيحة حتى يصدر حكم من المحكمة الشرعية دال على عدم صحتها، وهو الدليل الوحيد الذي يقبل في إثبات ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهمين الثاني والثالث لا يكون قد أخطأ في تفسير القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الأحد، 26 مايو 2013

عدم دستورية مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية


قضية رقم 2 لسنة 35  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "رقابة دستورية سابقة"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة المنعقدة يوم السبت، الخامس والعشرون من مايو سنة 2013م، الموافق الخامس عشر من رجب سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري            رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عدلي محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبدالوهاب عبدالرازق والدكتور / حنفي على جبالي ومحمد عبدالعزيز الشناوي ومحمد خيرى طه النجار                                           نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد                                       أمين السر
أصدرت القرار الآتى
فى الطلب المقيد بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 35 قضائية " رقابة سابقة ".
الإجراءات
          بتاريخ الرابع عشر من إبريل سنة 2013، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الشورى رقم 426 المؤرخ 11/4/2013 مرفقًا به مشروع قانون فى شأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والذى يطلب فيه عرض مشروع القانون المرفق على المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لحكم المادة (177) من الدستور .
          وبعد تحضير الطلب؛ أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم .
المحكمة
          بعد الاطلاع على الدستور وعلى مشروع القانون المعروض، والمداولة .
          وحيث إن المادة (177) من الدستور الصادر فى ديسمبر سنة 2012 تنص على أن " يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور .
وتصدر قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، وإلا عُد عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة.
فإذا قررت المحكمة عدم مطابقة نص أو أكثر لأحكام الدستور، وجب إعمال مقتضى قرارها.
ولا تخضع القوانين المشار إليها فى الفقرة الأولى للرقابة اللاحقة المنصوص عليها فى المادة (175) من الدستور ".
وحيث إن النص المتقدم حدد الجهات التى يحق لها عرض مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا لإعمال رقابتها السابقة فى شأنها، وحصرها فى جهتين اثنتين هما : رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ومن ثم فإنه كان يتعين عرض مشروع القانون المعروض على هذه المحكمة من إحدى هاتين الجهتين، إلا أنه نظرًا لأن الدستور قد نص فى المادة (230) منه الواردة فى الفصل الثالث من الباب الخامس الذى يحوى الأحكام الختامية والانتقالية على أن " يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد ....... " مما مؤداه أن مجلس الشورى أصبح الجهة التى تتولى سلطة التشريع كاملة خلال الفترة الانتقالية التى تقع من تاريخ العمل بالدستور وحتى انتخاب مجلس النواب الجديد، فإن هذه المحكمة تقرر قبول الطلب الماثل .
وحيث إن مفاد نص المادة (177) من الدستور المشار إليه آنفًا، أن نطاق الرقابة السابقة ينحصر فى مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، وبالتالى فإن النصوص التشريعية التى لا تتعلق مباشرة بهذه المسائل، لا تدخل فى نطاق الرقابة السابقة على دستورية التشريعات، حتى وإن وردت ضمن المشروعات المنظمة لتلك القوانين .
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن نص المادتين (14) و(15) من مشروع القانون المعروض لا يتعلق بمباشرة الحقوق السياسية، إذ يتعلق النص الأول بالموازنة المستقلة للجنة العليا للانتخابات ووضع اللائحة المالية للجنة، ويتعلق النص الثانى بالتزام أجهزة الدولة بمعاونة اللجنة فى مباشرة اختصاصاتها، وهى أمور لا صلة لها بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فى ذاتها، ومن ثم فإن نص هاتين المادتين يخرج عن نطاق الرقابة السابقة، ويتعين بالتالى عدم قبول الطلب بالنسبة لهذين النصين .
وحيث إن هذه المحكمة وهى بصدد رقابتها على هذا المشروع تؤكد أن رقابتها السابقة – وعلى ما استقر عليه قضاؤها – تقف عند عرض نصوص المشروع على الدستور للتأكد من مطابقتها لأحكامه، ومن ثم فإنه يخرج عن نطاق هذه الرقابة ما يلى :
1:- مراجعة الصياغة القانونية للمشروع .
2:- النظر فى أى تناقض بين نصوص مشروع القانون بعضها مع بعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى، ما لم يرق هذا التناقض إلى مخالفة دستورية .
3:- تقرير مدى ملاءمة بعض الأحكام التى حواها المشروع، باعتبار أن ذلك الأمر يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع .
          وحيث إنه بمراجعة مشروع القانون الماثل فقد استبان للمحكمة ما يلى :
أولاً :    تبنى الدستور الحالى فى المواد (168) إلى (180) الواردة بالفصل الثالث من الباب الثالث، فكرًا جديدًا يقوم على أساس التفرقة بين مصطلح "الجهات القضائية" ومصطلح "الهيئات القضائية" إذ أطلق الأولى على كل جهة تتولى سلطة القضاء، وتشمل محاكم القضاء العادى – بما فيها النيابة العامة – ومحاكم مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا، والواردة بالمواد من (172) إلى (175)، بينما أطلق على الثانية فى المادتين (179) و(180) وصف الهيئة القضائية والذى ينصرف إلى كل من هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية .
          كما خصص الدستور الفصل الرابع من الباب الرابع للمفوضية الوطنية للانتخابات " المواد من (208) إلى (211) ". ونص فى الفقرة الثانية من المادة (210) على أن " تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية والهيئات القضائية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور " ونص فى المادة (228) منه على أن " تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة فى تاريخ العمل بالدستور، الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية ... " بما لازمه أن يكون الإشراف على الاقتراع والفرز من خلال أعضاء من الجهات والهيئات القضائية .
          وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن المشروع المعروض بما نص عليه فى المادة (5) والفقرة الأولى من المادة (6) والفقرة الثانية من المادة (7) والمادة (9) والفقرة الأولى من المادة (13) والمادة (33) يكون قد خالف مقتضى الإلزام الدستورى الذى مايز بين مفهوم " الجهة القضائية " و " الهيئة القضائية "، وترتيبًا على ذلك فإنه يقيل نصوص المواد (5) والفقرة الأولى من المادة (6) والفقرة الثانية من المادة (7) ما لحق بها من عوار إحلال كلمات " للجهات " و" الجهات " و" الجهة " محل كلمات " للهيئات " و"الهيئات" و" الهيئة " أينما وردت بتلك المواد. كما يرفع العوار ذاته عن المواد (9) والفقرة الأولى من المادة (13) و(33)، إحلال عبارة  "للجهات أو الهيئات القضائية " محل عبارة " الهيئات القضائية " وعبارة " الجهة أو الهيئة القضائية" محل عبارة " الهيئة القضائية " بحسب الأحوال .
ثانيًا:-  نصت المادة (1) من المشروع على أن " على كل مصرى أو مصرية بلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية، أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية الآتية :
أولاً:- إبداء الرأى فى كل استفتاء ينص عليه الدستور .
ثانيًا:- انتخاب كل من :
          1       رئيس الجمهورية .                  2       أعضاء مجلس النواب .
          3       أعضاء مجلس الشورى .  4       أعضاء المجالس المحلية .
          ويكون انتخاب رئيس الجمهورية وفقًا للقانون المنظم للانتخابات الرئاسية، وتكون مباشرة الحقوق الأخرى على النحو وبالشروط المبينة فى هذا القانون .
          ويعفى من أداء هذا الواجب ضباط وأفراد القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية، وضباط وأفراد هيئة الشرطة، طوال مدة خدمتهم بالقوات المسلحة أو الشرطة " .
وحيث إن المادة (5) من الدستور تنص على أن " السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون وحدته الوطنية، وهو مصدر السلطات، وذلك على النحو المبين بالدستور .
كما أن النص بصدر الفقرة الأولى من المادة (6) من الدستور على أن " يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والشورى والمواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة".
كما ورد النص فى المادة (33) أيضًا على أن " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك " .
كما نص الدستور فى الفقرة الأولى من المادة (55) منه على أن "مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح، وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق " .
ونص فى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (64) على أن " العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص .
          ولا يجوز فرض أى عمل جبرًا إلا بمقتضى قانون " .
          ومؤدى ما تقدم من نصوص، أن تحقيق السيادة للشعب، لا يتأتى إلا من خلال كفالة حق المواطنين جميعًا فى انتخاب قادتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم، متى توافرت فيهم شروط الانتخاب، ويكون لكل مواطن حق إبداء الرأى فى جميع الانتخابات والاستفتاءات، ومن ثم لا يجوز حرمان أى مواطن من ممارسة هذا الحق الدستورى إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرر موضوعى – مؤقت أو دائم-، يرتد فى أساسه إلى طبيعة حق الاقتراع وما يقتضيه من متطلبات، كبلوغ سن معينة تؤهله لتقدير اختياراته، وألا تعتريه عاهة ذهنية تفقده هذه القدرة، كما أن حق المواطنة يستلزم المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، ولا يجوز تقييده أو الانتقاص منه إلا لمبرر موضوعى يتطلبه ولا يشكل فى حد ذاته مخالفة دستورية، كما أن الدستور كفل للمواطنين الحق فى العمل وتقلد الوظائف، ومن ثم يكون حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية طوال مدة خدمتهم بسبب أدائهم لهذه الوظائف، رغم أهليتهم لمباشرتها، ينطوى على انتقاص من السيادة الشعبية، وإهدار لمبدأ المواطنة الذى يفترض المساواة بين المواطنين جميعًا، كما أنه يؤدى إلى حرمان هذه الطائفة من المشاركة فى الحياة العامة كواجب وطنى، فضلاً عما فى ذلك من خروج بالحق فى العمل عن الدائرة التى يعمل من خلالها، وهو ما يصمه بمخالفة المادة (5) وصدر الفقرة الأولى من المادة (6) والمادتين (33) و(55) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (64) من الدستور .
ثالثًا:-  نصت المادة (2) من المشروع على أن " يحرم من مباشرة الحقوق السياسية الفئات الآتية :
1:- المحكوم عليه فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره قانونًا أو قضاءً .
2:- المحكوم عليه بعقوبة الحبس فى سرقة، أو إخفاء أشياء مسروقة، أو نصب، أو خيانة أمانة، أو إعطاء شيك لا يقابله رصيد، أو غدر، أو رشوة، أو تفالس بالتدليس، أو تزوير، أو استعمال أوراق مزورة، أو الشهادة الزور واليمين الكاذبة، أو إغراء شهود، أو هتك عرض، أو إفساد الأخلاق، أو انتهاك حرمة الآداب، أو تشرد، أو فى جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية، كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه لإحدى الجرائم المذكورة، وذلك ما لم يكن الحكم موقوفًا تنفيذه، أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره قانونًا أو قضاءً .
3       المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من (51) إلى (61) من هذا القانون، وذلك ما لم يكن الحكم موقوفًا تنفيذه، أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره .
          وحيث إن البندين (2 و3) من المادة المذكورة أجازا مباشرة الحقوق السياسية لمن حكم بإدانته بالحبس أو بعقوبة سالبة للحرية فى إحدى الجرائم المشار إليها بالنص طالما أن الحكم موقوف تنفيذه، فى حين أن وضع المحكوم عليه لم يكن قد استقر بعد من الناحية العقابية، لاحتمال إلغاء إيقاف تنفيذ العقوبة خلال فترة الاختبار الممتدة لثلاث سنوات تالية لصيرورة الحكم نهائيًا، وعلى ذلك فإن مساواة المحكوم عليه فى هذه الحالة بغيره من المواطنين الذين لم يلوث ماضيهم بحكم إدانة مماثل، يكون مخلاً بمبدأ المساواة، ويعيب هذا النص مخالفة المادتين (33) والفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور .
          ومن جانب آخر، وإذ كان نص البند الأول من هذه المادة يحرم المحكوم عليه بعقوبة الجناية من مباشرة حقوقه السياسية بصفة مطلقة دون استثناء، إلا إذا رد إليه اعتباره، فى حين أن البند الثالث من المادة ذاتها قد اشترط لاستثناء المحكوم عليه من مباشرة تلك الحقوق، أن يكون الحكم الصادر ضده بعقوبة سالبة للحرية وموقوف تنفيذه، فى إحدى الجرائم المبينة بهذا البند، وإذ كان من بين هذه الجرائم ما هو معاقب عليه بعقوبة الجناية – كالحالة المنصوص عليها بالبند الأول من المادة ذاتها، والتى لم يرد عليها أى استثناء – ومن ثم فإن نص الفقرة الثالثة يتضمن إخلالاً بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة (33) من الدستور .
          ومن جانب ثالث، فإن الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الجنحة فى المواد (52) و(53) و(54) و(55) و(57) و(58) و(59) و(61) من المشروع، معاقب على الشروع فيها بالعقوبات المقررة للجريمة التامة، على النحو المبين بالمادة (63) من المشروع ذاته، وإذ خلا البند (3) من حرمان المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية عن تهمة الشروع فى ارتكاب تلك الجرائم، على النحو الذى تضمنه البند (2) من المادة المذكورة، فإن النص يكون أيضًا معيبًا بمخالفة مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (33) من الدستور .
رابعًا:- نصت المادة (10) من المشروع على أن " تختص اللجنة العليا للانتخابات فضلا عما هو مقرر لها بهذا القانون بما يأتى :
أولاً :    ....................... .
خامسًا:- وضع القواعد المنظمة لمشاركة المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى المصرية والدولية فى متابعة كافة العمليات الانتخابية " .
          وحيث إنه فيما يتعلق بما ورد بهذا النص من مصطلحات تتعلق بالمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى المصرية والدولية، فليس لهذه الجهات من مُحدِّد واضح، بل إنه من العموم والاتساع بحيث يمكن أن يشير إلى مجموعة كبيرة من المنظمات غير الحكومية والمنظمات التى لا تهدف إلى الربح ولها وجود فى الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها استنادًا إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية، ومنها على سبيل المثال الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية، ومن ثم فإن الأمر يقتضى وضع معيار محدد ودقيق لهذه المنظمات، حتى لا يسمح بحضور بعض هذه المنظمات غير المرخص لها وفقًا للقانون، كما يتعين أن يوضع حد أقصى لعدد من يمثلون هذه المنظمات فى كل لجنة انتخابية حتى لا يؤدى كثرة العدد إلى تعطيل عمل هذه اللجان أو اضطرابها على نحو يخل بالضمانات الدستورية لحقى الترشيح والانتخاب، كما أن مشاركة هذه المنظمات فى أعمال اللجان المذكورة يجب أن يقتصر على تلك التى يصرح لها من قبل اللجنة العليا للانتخابات .
خامسًا:- نص البند سادسًا من المادة العاشرة ذاتها على أن "تختص اللجنة العليا للانتخابات بوضع القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية بمراعاة حظر الدعاية الانتخابية القائمة على التفرقة بين المواطنين بسبب الدين، أو الجنس، أو الأصل" .
          وقد كشفت الأعمال التحضيرية للمشروع المعروض بوضوح عن استبعاد حظر استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية، إذ كان واردًا فى النص المقترح المقدم من الحكومة، لما كان ذلك وكانت المادة (6) من الدستور تشيد النظام السياسى للدولة على أساس المواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، حفاظًا على الوحدة الوطنية التى أكدتها المادة (5) من الدستور، وحرص على حمايتها المبدآن "خامسًا" و"سابعًا" من ديباجة الدستور، وكان استخدام الشعار الدينى أو العقائدى فى حد ذاته يؤدى إلى التفرقة بين المواطنين على أساس الدين أو العقيدة، لأن أتباع كل دين سيستخدمون الشعار الذى يُعلى من شأن دينهم، الأمر الذى يهدر مبدأ المواطنة من أساسه، ويضيف سببًا جديدًا لإشاعة وتعميق الفرقة والانقسام بين المواطنين، وإذ إنه لا يكون تنظيم العملية الانتخابية ممكنًا إلا إذا كان معقولاً، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان مُحايدًا فى محتواه، ولما كان النص المعروض قد أغفل حظر استخدام الشعارات أو الرموز أو القيام بأنشطة للدعاية الانتخابية ذات طابع دينى أو عقائدى فى ذاته، فإنه ينال من الوحدة الوطنية ويناقض مبدأ المواطنة ويخل بالحق فى الانتخاب والترشيح ومباشرة الحقوق السياسية، فضلاً عن أنه يُعيق الناخب عن تحديد موقفه من المرشحين والمفاضلة بينهم على أساس برامجهم الانتخابية، كما يُخل بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين أنفسهم، وتبعًا لذلك يكون النص المشار إليه مخالفًا لنصوص المواد (5) و(6) و(9) و(33) و(55) من الدستور، وينسحب العيب ذاته على ما ورد بصدر المادة (61) من المشروع المعروض .
سادسًا:- نص البند ( سابعًا ) من المادة (10) على اختصاص اللجنة العليا للانتخابات بوضع قواعد توزيع الوقت المتاح خاصة فى أوقات الذروة، للبث التليفزيونى والإذاعى بغرض الدعاية الانتخابية فى أجهزة الأعلام الرسمية والخاصة على أساس المساواة التامة .
          وحيث إن ما جاء بالنص المعروض بشأن إلزام أجهزة الإعلام الخاصة بالمساواة التامة فى شأن الدعاية الانتخابية للمرشحين كافة يتصادم مع ما ورد فى المادتين (45) و(48) من الدستور من كفالة حرية الفكر والرأى، وحرية الصحافة والنشر وسائر وسائل الإعلام، ذلك أن هذه الأجهزة مملوكة لأشخاص خاصة ذات توجهات فكرية متباينة، فلا يجوز إلزامها بتخصيص أوقات متساوية لعرض برامج مرشحين تتعارض مع توجهاتها، ولا ينال من ذلك التحدى بأن هذا الإلزام من شأنه تحقيق المساواة بين المرشحين، ذلك أن كفالة هذه المساواة إنما يقع على عاتق الدولة وأجهزة إعلامها الرسمية وفقًا لنصوص المواد (6) و(8) و(33) و(55) من الدستور .
سابعًا:- ناط البند ثامنًا من المادة العاشرة باللجنة العليا للانتخابات إعلان النتيجة العامة للانتخابات وللاستفتاء .
          وإذ كان النص فى المادة (228) من الدستور على أن " تتولى اللجنة العامة للانتخابات القائمة فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية " فإن ما ورد بالبند ثامنًا المشار إليه من إسناد إعلان النتيجة العامة للاستفتاء للجنة العليا للانتخابات، يكون مخالفًا لنص المادة (228) من الدستور، وينسحب العيب ذاته إلى ما ورد بالفقرة الأولى من المادة (33)، وكذلك ما ورد بنهاية نص المادة (37) والمواد (45) والفقرة الأولى من المادة (46) و(47) من المشروع المعروض .
ثامنًا:- نصت الفقرة الرابعة من المادة (12) من المشروع على أن " فإذا قضت المحكمة بشطب اسم المرشح إلى ما قبل بدء عملية الاقتراع تستكمل إجراءاته بعد استبعاد من تم شطب اسمه. أما إذا بدأت عملية الاقتراع قبل أن تفصل المحكمة فى الطلب، فتستمر إجراءات الاقتراع، على أن توقف اللجنة العليا للانتخابات إعلان النتيجة فى الانتخابات التى يشارك فيها المرشح المطلوب شطبه إذا كان حاصلاً على عدد من الأصوات يسمح بإعلان فوزه أو بإعادة الانتخاب مع مرشح آخر. فإذا قضت المحكمة بشطبه تعاد الانتخابات بين باقى المرشحين .
وإذ أغفل نص الفقرة الرابعة المشار إليه، مواجهة حالة ما إذا بدأت عملية الاقتراع قبل صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا بشطب اسم المرشح، إذا أسفرت عملية الاقتراع عن عدم فوزه أو دخوله جولة الإعادة، وكان قد حصل على عدد من الأصوات يؤثر فى نتيجة الانتخابات فى الدائرة، إذ لو تم استبعاده من المرشحين قبل بدء الاقتراع، لتوزعت تلك الأصوات، أو معظمها، على باقى المرشحين، بما يؤثر على نتيجة من يفوز منهم أو يخوض مرحلة الإعادة، ومن ثم فإن هذا الإغفال ترتب عليه إخلال بالحقوق الدستورية التى تضمنتها المادة (55) من الدستور حيث يؤثر على حق الناخب فى الاختيار، وهو جوهر حق الانتخاب .
تاسعًا:- نصت المادة (16) من المشروع المعروض على أن " تبدأ إجراءات الاقتراع والفرز لأصوات المصريين المقيمين بالخارج قبل الموعد المحدد لإجرائها بالداخل وتحت إشراف قضائى كامل . ويتم الاقتراع بالبريد وفقًا للقواعد والشروط والضوابط التى يصدر بتحديدها قرار من اللجنة العليا للانتخابات " .
وإذ تنص المادة (56) من الدستور على أن " ترعى الدولة مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وتحميهم، وتكفل حقوقهم وحرياتهم، وتعينهم على أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع المصرى وتشجع إسهامهم فى تنمية الوطن. وينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات " .
          وحيث إن الدستور استحدث نظامًا جديدًا للإشراف على الانتخابات العامة والاستفتاءات، عهد به إلى المفوضية الوطنية للانتخابات بموجب المادة (208) وبين تشكيلها فى المادة (209) منه وفى المادة (210) نص على أن " يتولى إدارة الاقتراع والفرز فى الاستفتاءات والانتخابات التى تديرها المفوضية، أعضاء تابعون لها، تحت الإشراف العام لمجلس المفوضية . ويمنحون الضمانات اللازمة لأداء عملهم بما يكفل لهم الحياد والاستقلال . واستثناء من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية والهيئات القضائية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور . وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون " . كما تنص المادة (228) من الدستور على أن " تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية، وتؤول أموال هذه اللجنة واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إلى المفوضية الوطنية للانتخابات فور تشكيلها " .
          ومؤدى ما تقدم من نصوص، أن مشاركة المصريين المقيمين فى الخارج للاقتراع، يجب أن تكون تحت إشراف قضائى كامل، وهو ما أكده صدر نص المادة (16) من المشروع المعروض، غير أن ما ورد بعجز هذا النص من أن يتم الاقتراع بالبريد وفقًا للقواعد والشروط والضوابط التى يصدر بتحديدها قرار من اللجنة العليا للانتخابات، يخالف هذا المبدأ الذى تبناه الدستور، ذلك أن المشرع الدستورى إذ عهد إلى السلطة التشريعية تنظيم موضوع معين، فلا يجوز للمشرع أن يتسلب من هذا الاختصاص، ويعهد به إلى اللجنة العليا للانتخابات لتضع الشروط والضوابط التى تنظم عملية الاقتراع بالبريد، ومن ثم يغدو هذا النص مخالفًا لأحكام المواد (55) و(56) و(115) من الدستور .
عاشرًا:- تنص المادة (22) من المشروع المعروض على أن " لا يجوز إدخال أى تعديل على قاعدة بيانات الناخبين بعد دعوة الناخبين إلى الانتخاب أو الاستفتاء " . كما تنص المادة (30) من المشروع ذاته على أن " على قلم كتاب المحكمة إخطار مدير الأمن ولجنة الانتخابات بالمحافظة ولجان القيد بالأحكام الصادرة بتعديل قاعدة بيانات الناخبين، وذلك خلال خمسة الأيام التالية لصدورها، ويراعى فى كل ما سبق ما ورد بالمادة (22) .
          إذ كان ما تقدم، وكان مشروع القانون المعروض قد أتاح لذوى الشأن وسائل تصحيح القيود الواردة بقاعدة بيانات الناخبين، من خلال طلب ذلك من اللجنة المنصوص عليها فى المادة (26) منه، وأجاز لهم الطعن فيما تصدره تلك اللجنة من قرارات أمام محكمة القضاء الإدارى (م 27)، وتفصل المحكمة فى الطعن بحكم لا يقبل الطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن (م 29)، وإذ نصت المادة (22) وعجز نص المادة (30) على أنه لا يجوز إدخال أى تعديل على قاعدة بيانات الناخبين بعد دعوة الناخبين إلى الانتخاب أو الاستفتاء، ولو كان قد صدر حكم من محكمة القضاء الإدارى بإدخال تعديل عليها، فإنه يكون قد حال دون تحقيق الترضية القضائية التى سعى ذوو الشأن لبلوغها، بما يفرغ حق التقاضى من محتواه، كما يمثل ذلك المنع افتئاتًا من السلطة التشريعية على اختصاص السلطة القضائية، بما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات، فضلاُ عن أنه يخل – بداءة – بالحق فى الانتخاب مما يُعد تعطيلاً وانتقاصًا من مباشرة الحقوق السياسية، ومن ثم فإن هذين النصين يقعان فى حومة مخالفة المواد (6) و(55) و(75) و(81) و(82) و(115) من الدستور .
حادى عشر:- نصت المادة (31) من المشروع المعروض على أن " يعين ميعاد الانتخابات العامة بقرار من رئيس الجمهورية، والتكميلية بقرار من رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ويكون إصدار القرار قبل الميعاد المحدد لإجراء الانتخابات بستين يومًا على الأقل .
          أما فى أحوال الاستفتاء، فيجب أن يتضمن القرار المواعيد المنصوص عليها فى حالة الاستفتاء المقررة فى الدستور .
          ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية فى حالة الضرورة تأجيل الميعاد المحدد لإجراء الانتخابات العامة أو الاستفتاء أو إحدى مراحلها، أو انتخابات بعض الدوائر الانتخابية، ويصدر هذا القرار دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه فى الفقرة الأولى، ويعلن على النحو المبين فى المادة (32) من هذا القانون " .
          وحيث إن المادة (150) من الدستور، قد ناطت برئيس الجمهورية دعوة الناخبين للاستفتاء، ويستفاد من نصوص المواد (6) و(55) و(200) و(208) و(228) من الدستور أن المشرع الدستورى قد ناط بالقانون تنظيم مباشرة حقى الانتخاب والترشيح، وعهد للمفوضية الوطنية للانتخابات وحدها إدارة عملية الانتخابات من بدايتها حتى نهايتها بإعلان النتيجة، على أن تتولى اللجنة العليا للانتخابات – القائمة وقت العمل بالدستور – الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور، وكفل للهيئات المستقلة استقلالها، كما نصت المادة (132) من الدستور على أن " يمارس رئيس الجمهورية اختصاصاته على النحو المبين بالدستور "، باعتباره رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، مما مؤداه أن الاختصاص بإدارة العملية الانتخابية معقود – كأصل عام – للمفوضية الوطنية للانتخابات، وعلى سبيل الاستثناء للجنة العليا للانتخابات بحكم انتقالى، دون أن يكون لرئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية أن يتدخل فى إدارتها، تحقيقًا لحيدة الانتخابات ونزاهتها وسلامتها التى ألزم الدستور جميع سلطات الدولة بكفالتها، وكان النص فى المادة (31) المشار إليها، قد أجاز لرئيس الجمهورية إدارة العملية الانتخابية بالدعوة لإجراء الانتخابات، وأجاز له فى حالة الضرورة تأجيل المواعيد المحددة لإجراء الانتخابات العامة فى إحدى مراحلها أو فى بعض الدوائر الانتخابية، حال أن هذا الاختصاص معقود – حاليًا – للجنة العليا للانتخابات وحدها، ومن ثم يكون هذا النص قد أخل بمبدأ حيدة الانتخابات ونزاهتها، وانتقص من اختصاص كل من المفوضية الوطنية للانتخابات واللجنة العليا للانتخابات بإدارة العملية الانتخابية، ويضحى النص المشار إليه مخالفًا لنصوص المواد (6) و(55) و(132) و(150) و(200) و(208) و(228) من الدستور .
ثانى عشر:- ورد فى عجز نص الفقرة الثالثة من المادة (33) أن " فإذا كانت اللجنة الفرعية مخصصة للنساء أو مشتركة فيجب أن يكون أحد أعضائها من النساء لمعاونة رئيس اللجنة فى التعرف على شخصية المنتقبات " .
          وحتى يكون هذا النص متفقًا مع المادة (210) من الدستور يتعين التأكيد على أن وجود المرأة فى عضوية اللجنة يكون لمجرد معاونة رئيس اللجنة فى التعرف على شخصية المنتقبات دون أن ينصرف إلى إمكانية انفرادها هى بذلك.
ثالث عشر:- نصت الفقرة الخامسة من المادة (38) من المشروع المعروض على أن " ومع ذلك يجوز للمكفوفين وغيرهم من ذوى العاهات الذين لا يستطيعون بأنفسهم أن يثبتوا آراءهم على بطاقات الانتخاب أو الاستفتاء أن يبدوها شفاهة بحيث يسمعهم أعضاء اللجنة وحدهم، ويثبت أمين اللجنة رأى الناخب فى بطاقته ويوقع عليها الرئيس ويؤشر قرين اسم الناخب فى كشف الناخبين بما يفيد أنه أبدى رأيه على ذلك الوجه " .
          وحيث إن النص على النحو المتقدم يخالف أحكام الدستور الواردة بنص المادتين (113) و(128) منه، إذ إنه وفقًا لهذين النصين تتم إجراءات الانتخابات عن طريق التصويت السرى المباشر، وسرية التصويت تفترض ألا يطلع على رأى الناخب أحد سواه، وعند الضرورة يمكن أن يشاركه فى ذلك عضو الجهة أو الهيئة القضائية الذى يرأس لجنة الاقتراع، ومن ثم فإن ما ورد بالنص المعروض من ضرورة سماع أعضاء اللجنة لرأى الناخب المعاق، أو أن يثبت أمين اللجنة هذا الرأى فى بطاقة التصويت، وتوقيع رئيس اللجنة على هذه البطاقة، يمثل انتهاكًا للضمانة الدستورية المتعلقة بسرية التصويت .
رابع عشر:- نصت الفقرة الأولى من المادة (69) من المشروع المعروض على أن " ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ نشره " .
          وإذ نصت المادة (223) من الدستور على أن " تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، ويعمل بها بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعادًا آخر .
          ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد الجنائية والضريبية النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب " .
          وحيث إن مفاد هذا النص أن الدستور قد أوجب نشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، على أن يعمل بها كأصل عام بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت القوانين للعمل بها ميعادًا آخر، وهو الميعاد الذى يعتبر اليوم التالى لتاريخ نشر القانون حده الأدنى، تأسيسًا على المبدأ العام سالف الذكر، ومؤداه أن أى ميعاد آخر – كحد أدنى – تحدده القوانين للعمل بها، يتعين أن يكون اليوم التالى لهذا الميعاد، وذلك فى حالة اتجاه إرادة المشرع إلى العمل بالقانون فى وقت أقصر من تاريخ النشر .
          وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت الفقرة الأولى من المادة (69) تنص على أن " يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، فمن ثم يغدو هذا النص مخالفًا للمادة (223) من الدستور .
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة :
أولا:- عدم قبول الطلب بالنسبة لنص المادتين (14) و(15) من المشروع المعروض على النحو المبين بالأسباب .
ثانيًا:- أن نصوص الفقرة الأخيرة من المادة (1) والبندين (2 و3) من المادة (2) والبنود سادسًا وسابعًا وثامنًا من المادة (10) والفقرة الرابعة من المادة (12) وعجز المادة (16) والمادتين (22) و(31) والفقرة الخامسة من المادة (38) والمادة (69) تخالف أحكام الدستور على النحو المبين بالأسباب .
ثالثًا:- أن نصوص الفقرة الأولى من المادتين (5) و(6) والفقرة الثانية من المادة (7) والمادة (9) والفقرة الأولى من المادة (13) والمادة (33) فيما يتعلق بالإشارة إلى الجهات والهيئات القضائية والمادة (10) فيما يتعلق بالمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى . والفقرة الثالثة من المادة (33) بشأن تصويت المنتقبات تتفق وأحكام الدستور وفقًا للتفسير الذى حددته هذه المحكمة على النحو المبين بالأسباب .



عدم دستورية مشروع قانون مجلس النواب

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة المنعقدة يوم السبت، الخامس والعشرون من مايو سنة 2013م، الموافق الخامس عشر من رجب سنة 1434 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهــر البحــيرى                    رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين:- عدلى محمود منصور وعبدالوهاب عبدالرازق والدكتور/ حنفى على جبالى ومحمد عبدالعزيز الشناوى وماهر سامى يوسف وسعيد مرعى عمرو                                                     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد                              أمين السر
أصدرت القرار الآتى
فى الطلب المقيد بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 35 قضائية " رقابة سابقة "
الإجراءات
          بتاريخ الرابع عشر من إبريل سنة 2013، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الشورى رقم 426 المؤرخ 11/4/2013 مرفقًا به مشروع قانون مجلس النواب، والذى يطلب فيه عرض مشروع القانون المرفق على المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لحكم المادة (177) من الدستور .
          وبعد تحضير الطلب؛ أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم .
المحكمة
          بعد الاطلاع على الدستور وعلى مشروع القانون المعروض، والمداولة .
          وحيث إن المادة (177) من الدستور الصادر فى 25 ديسمبر سنة 2012 تنص على أن " يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور . وتصدر قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها؛ وإلا عُد عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة.
فإذا قررت المحكمة عدم مطابقة نص أو أكثر لأحكام الدستور، وجب إعمال مقتضى قرارها.
ولا تخضع القوانين المشار إليها فى الفقرة الأولى للرقابة اللاحقة المنصوص عليها فى المادة (175) من الدستور ".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النص المتقدم حدد الجهات التى يحق لها عرض مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا لإعمال رقابتها السابقة فى شأنها، وحصرها فى جهتين اثنتين هما : رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ومن ثم فإنه كان يتعين عرض مشروع القانون المعروض على هذه المحكمة من إحدى هاتين الجهتين، إلا أنه نظرًا لأن الدستور قد نص فى المادة (230) منه الواردة فى الفصل الثالث من الباب الخامس الذى يحوى الأحكام الختامية والانتقالية على أن " يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد ....... " مما مؤداه أن مجلس الشورى أصبح الجهة التى تتولى سلطة التشريع كاملة خلال الفترة الانتقالية التى تقع من تاريخ العمل بالدستور وحتى انتخاب مجلس النواب الجديد، فإن هذه المحكمة تقرر قبول الطلب الماثل .
وحيث إن هذه المحكمة وهى بصدد مراجعة مشروع القانون المعروض تؤكد – وفقًا لما جرى عليه قضاؤها – أن رقابتها السابقة تقف عند عرض نصوص المشروع المعروض على الدستور للتأكد من مطابقتها لأحكامه، ومن ثم فإنه يخرج عن نطاق هذه الرقابة ما يلى :
1        مراجعة الصياغة القانونية للمشروع .
2        النظر فى أى تناقض بين نصوص مشروع القانون بعضها مع بعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى، ما لم يرق هذا التناقض إلى مخالفة دستورية .
3 ـ      تقرير مدى ملاءمة بعض الأحكام التى حواها المشروع باعتبار أن ذلك الأمر يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع .
          وحيث إن مفاد نص المادة (177) من الدستور السالفة البيان – أن نطاق " الرقابة السابقة " التى تتولاها المحكمة الدستورية العليا ينحصر فى مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية ، وتلك القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، ومن ثم فإن أى نصوص تشريعية لا تتعلق مباشرة بهذه المجالات لا تدخل فى نطاق " الرقابة السابقة " على دستورية مشروعات القوانين التى تمارسها هذه المحكمة وفقًا لنص المادة (177) من الدستور، وتبعًا لذلك؛ فإن المواد من (23) إلى (41) من المشروع المعروض تخرج عن نطاق الرقابة السابقة التى تتولاها المحكمة الدستورية العليا، بالرغم من إدراجها ضمن نصوص مشروع القانون المعروض، باعتبار أنها تتعلق بعضوية المجلس وواجبات العضو، وحقوقه المالية والعينية، واللائحة الخاصة بشئون العاملين بالمجلس، وغيرها من الأمور التى تتصل بشئون المجلس المالية والإدارية ولا تتعلق بتنظيم الانتخابات التشريعية؛ ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبول الطلب الماثل فى شأن هذه النصوص .
          وحيث إنه بمراجعة مشروع القانون الماثل، فقد استبان للمحكمة ما يلى:
أولاً:- نصت المادة (1) من المشروع على أن " يشكل مجلس النواب من (546) ( خمسمائة وستة وأربعين ) عضوًا يُنتخبون بالاقتراع العـام السـرى المباشر، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين " .
          والنص على النحو المتقدم يتضمن حكمًا خاصًا بانتخاب أول مجلس نواب فى ظل العمل بالدستور، وهو ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة (229) منه، التى وردت ضمن الأحكام الانتقالية بالفصل الثالث من الباب الخامس من الدستور، والتى نصت فقرتها الثانية على أن يمثل العمال والفلاحون فى أول مجلس نواب بنسبة لا تقل عن خمسين بالمائة من عدد أعضائه، أما الحكم العام المتعلق بتشكيل المجلس فقد ورد بالفقرة الأولى من المادة (113) من الدستور التى قضت بتشكيل مجلس النواب دون اشتراط نسبة التمثيل المشار إليها، مما مؤداه قصر اشتراط قيد تمثيل العمال والفلاحين الوارد بالشطر الأخير من المادة (1) من المشروع، وكذلك المواد الأخرى منه التى نصت على هذا القيد، وهى المواد (2 ، 3 ، 17 ، 18 ، ، 20 ، 21) على أول مجلس نواب يُنتخب بعد العمل بالدستور، ومن ثم يتعين تفسيرها على النحو المتقدم .
ثانيًا:- نصت المادة (3) من المشروع على أن " يكون انتخاب مجلس النواب بواقع ثلثى المقاعد بنظام القوائم المغلقة، والثلث الآخر بالنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما........ ".
          وهذا النص يتضمن – كذلك – حكمًا خاصًا يتعلق بالانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور، وقد جاء ترديدًا لنص المادة (231) منه حيث نصت على أن " تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة ، والثلث للنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما "، أما الحكم العام فقد ورد فى المادة (224) منه على أن " تجرى انتخابات مجلسى النواب والشورى والمجالس المحلية وفقًا للنظام الفردى أو نظام القوائم أو الجمع بينهما، أو بأى نظام انتخابى يحدده القانون "، مما مؤداه قصر العمل بالتنظيم الوارد بنص المادة (3) من المشروع، والمشـار إليه بالمواد (6 ، 7 ، 8 ، 10 ، 12 ، 14 ، 15 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20 ، 21 ، 22) على انتخاب أول مجلس تالٍ لتاريخ العمل بالدستور، ومن ثم يتعين تفسيرها على النحو المتقدم .
ثالثًا:- نصت الفقرة السادسة من المادة (3) من المشروع على أن " ويتحدد نطاق ومكونات كل دائرة من دوائر القوائم، أو دوائر الفردى طبقًا للجداول المرفقة " .
          وحيث إن المادة (113) من الدستور تنص على أن " يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، يُنتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر .
          ويشترط فى المترشح لعضوية مجلس النواب أن يكون ........
          ويبين القانون شروط العضوية الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات " .
          وحيث إن النص الدستورى المتقدم وضع ضابطين أساسيين لتقسيم الدوائر الانتخابية هما التمثيل العادل للسكان والتمثيل العادل للمحافظات.
          وحيث إن التمثيل العادل للسكان يعنى أن يمثل النائب فى أية دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذى يمثله باقى النواب فى الدوائر الأخرى مما مؤداه وجوب مراعاة التمثيل المتكافئ للناخبين فى المجالس النيابية، ولا يعنى هذا المبدأ أن يكون التساوى بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة تساويًا حسابيًا مطلقًا، لاستحالة تحقق ذلك عمليًا، وإنما يكفى لتحقيق هذا المبدأ أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول، كما أن تقسيم الدوائر يجب أن ينضبط بحيث يتناسب وَعَدَد السكان فى كل دائرة من الدوائر التى تقسم إليها البلاد بمراعاة التجاور الجغرافى، كما يجب ألا تُرسم الدوائر بطريقة تعسفية ودون مراعاة للصالح العام .
          كما أن عدالة تمثيل المحافظات تقتضى أن تمثل كل محافظات الدولة فى مجلس النواب بصرف النظر عن عدد سكانها .
          وحيث إنه باستعراض الجداول المرفقة بالمشروع المعروض؛ يتبين أن توزيع مقاعد مجلس النواب على المحافظات قد شابته بعض المفارقات التى تتعارض مع مبدأ التمثيل المتكافئ للناخبين فى كل منها، سيما وقد استبان من الأعمال التحضيرية للمشروع المعروض اتخاذ هذا المبدأ أساسًا لذلك التوزيع، وأهم تلك المفارقات ما يلى :
1-      محافظة المنيا؛ يبلغ عدد الناخبين بها 947ر718ر2 ناخبًا، وخُصص لها ستة عشر مقعدًا للقائمة، وثمانية للفردى، بإجمالى مقداره أربعةٌ وعشرون مقعدًا، فى حين أن محافظة سوهاج التى يقل فيها عدد الناخبين عن عددهم بمحافظة المنيا، إذ يبلغ 672ر393ر2 ناخبًا، خُصص لها عشرون مقعدًا للقائمة، وعشرة للفردى، بإجمالى مقداره ثلاثون مقعدًا .
2-      محافظة الإسكندرية؛ يبلغ عدد الناخبين بها 770ر347ر3 ناخبًا، وخُصص لها عشرون مقعدًا للقائمة، وعشرة للفردى، بإجمالى مقداره ثلاثون مقعدًا، فى حين أن محافظة الشرقية التى يقترب فيها عدد الناخبين من عددهم بمحافظة الإسكندرية؛ إذ يبلغ 351ر565ر3 ناخبًا، خُصص لها أربعة وعشرون مقعدًا للقائمة، واثنا عشر للفردى، بإجمالى مقداره ستة وثلاثون مقعدًا .
3-      محافظة الإسماعيلية؛ يبلغ عدد الناخبين بها 963ر713 ناخبًا، وخُصص لها أربعة مقاعد للقائمة، ومقعدان للفردى، بإجمالى مقداره ستة مقاعد، فى حين أن محافظة دمياط التى يقترب فيها عدد الناخبين من عددهم بمحافظة الإسماعيلية، إذ يبلغ 773ر868، خُصص لها ثمانية مقاعد للقائمة، وأربعة للفردى، بإجمالى مقداره اثنا عشر مقعدًا .
4-      محافظة أسوان؛ يبلغ عدد الناخبين بها 740ر872 ناخبًا، وخُصص لها ثمانية مقاعد للقائمة، وأربعة للفردى، بإجمالى مقداره اثنا عشر مقعدًا، فى حين أن محافظة الأقصر التى يقترب فيها عدد الناخبين من عددهم بمحافظة أسوان، إذ يبلغ 009ر685 ناخبًا، خُصص لها أربعة مقاعد للقائمة، واثنان للفردى، بإجمالى مقداره ستة مقاعد .
وترتيبًا على ما تقدم؛ تكون الفقرة السادسة من المادة (3) من المشروع والجداول المرفقة به مخالفة لحكم المادة (113) من الدستور . بما يتعين معه إعادة النظر فى التوزيع، وزيادة أو خفض عدد المقاعد المخصصة للمحافظات بما يؤدى إلى تحقيق التعادل المطلوب .
رابعًا:- نصت المادة (8) من المشروع المعروض على أن " تُقيد طلبات الترشيح ....... ويُتبع فى شأن تقديمها الإجراءات التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات بقرار منها " .
          والنص على النحو المتقدم يتضمن حكمًا خاصًا بإشراف اللجنة العليا للانتخابات على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور؛ إعمالاً لحكم المادة (228) منه، التى وردت ضمن الأحكام الانتقالية بالفصل الثالث من الباب الخامس من الدستور، أما الحكم العام فقد ورد بنص المادة (208) منه؛ حيث اختص المفوضية الوطنية للانتخابات وحدها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية، مما مؤداه قصر إشراف اللجنة العليا للانتخابات على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور، ومن ثم يتعين تفسير المادة (8) من المشروع وكذلك المواد الأخرى منه التى تناولت اختصاصات تلك اللجنة والإجراءات المتبعة أمامها، وهى المواد ( 9 و10 و11 و13 و14 و15 و22)، على نحو يقصر أحكامها على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور القائم .
خامسًا:- نصت المادة (13) من المشروع على أنه " يتعين الالتزام فى الدعاية الانتخابية بمبادئ الدستور، والقانون، وبالقواعد الآتية :
1-............... . 2- الالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية، والامتناع عن استخدام أى شعار يؤدى إلى التفرقة بين المواطنين بسبب الدين، أو الجنس، أو الأصل . 3-  ............     4- ..............   5-...................... .
          وذلك فضلاً عن القواعد الخاصة بالوسائل والأساليب المنظمة للدعاية الانتخابية بما فيها الحد الأقصى الذى لا يجوز تجاوزه فى الإنفاق على تلك الدعاية، والتى يصدر بها قرار من اللجنة العليا للانتخابات، يُنشر فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار .
          وللمحافظ المختص أن يأمر بإزالة الملصقات، وجميع وسائل الدعاية الأخرى المستخدمة بالمخالفة لأى من أحكام القواعد المشار إليها على نفقة المخالف .
          ويعاقب كل من يخالف أحكام البند (6) من القواعد المشار إليها فى هذه المادة
          ويعاقب كل من يخالف أيًا من القواعد الأخرى المشار إليها ، بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين " .
          وفى هذا النص ملاحظات أربع :
1- أوجبت الفقرة الأولى من المادة (13) من المشروع فى البند (2) منها الالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية، والامتناع عن استخدام أى شعار للدعاية الانتخابية يؤدى إلى التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو الأصل، ولما كانت المادة (6) من الدستور تشيد النظام السياسى للدولة على أساس المواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته؛ حفاظًا على الوحدة الوطنية التى أكدتها المادة (5) من الدستور، وحرص على حمايتها المبدآن " خامسًا وسابعًا " من ديباجة الدستور، وكان استخدام الشعار الدينى فى ذاته يؤدى إلى التفرقة بين المواطنين على أساس الدين، لأن أَتباع كل دين سوف يستخدمون الشعار الذى يُعلى من شأن دينهم؛ الأمر الذى يهدم مبدأ المواطنة من أساسه، ويضيف سببًا جديدًا لإشاعة وتعميق الفرقة والانقسام بين المواطنين، ولا يكون تنظيم العملية الانتخابية ممكنًا إلا إذا كان معقولاً، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان محايدًا فى محتواه، وكان النص المعروض قد أغفل حظر استخدام الشعارات أو الرموز الدينية أو العقائدية فى ذاتها، فإنه ينال من الوحدة الوطنية ويناقض مبدأ المواطنة، ويخل بحق المواطن فى الانتخاب والترشيح ومباشرة حقوقه السياسية، فضلاً عن أنه يُعيق الناخب عن تحديد موقفه من المرشحين والمفاضلة بينهم على أساس برامجهم الانتخابية، كما يُخل بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين أنفسهم، بما يجعل النص المشار إليه مخالفًا لنصوص المواد (5 و6 و9 و33 و55) من الدستور .
2- عهدت الفقرة الثانية من المادة (13) من المشروع إلى اللجنة العليا للانتخابات وضع حد أقصى لا يجوز تجاوزه فى الإنفاق على الدعاية الانتخابية .
          وإذ كانت المادة (228) من الدستور قد عهدت إلى اللجنة العليا للانتخابات بالإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور، دون أن تخول تلك اللجنة وضع حد أقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية، وكانت مخالفة هذا الحد الأقصى معاقبًا عليها جنائيًا بنص الفقرة الأخيرة من المادة (13) من المشروع، وكانت المادة (76) من الدستور تنص على أن العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستورى أو قانونى، بما يوجب أن يكون تحديد الحد الأقصى المشار إليه واقعًا فى إطار سلطة المشرع وحده فإن النص يكون مخالفًا للدستور من هذه الوجهة، فضلاً عن أنه يخالف نص المادة (55) من الدستور باعتبار أن الدعاية الانتخابية وسيلة لتعريف الناخبين بالمرشحين وبرامجهم، وهو ما يتصل اتصالاً وثيقًا بحقى الانتخاب والترشيح، مما يتعين معه تنظيمها بقانون وفقًا لما قرره هذا النص الدستورى، وتبعًا لذلك؛ يكون نص الفقرة الثانية من هذه المادة، فيما جرى به من وضع اللجنة العليا للانتخابات الحد الأقصى المشار إليه، مخالفًا لنصوص المواد (55) و(76) و(228) من الدستور .
3- عهدت الفقرة الثانية من المادة (13) السالفة الذكر، كذلك إلى اللجنة العليا للانتخابات بوضع القواعد الخاصة بالوسائل والأساليب المنظمة للدعاية الانتخابية، ولما كان ما تصدره هذه اللجنة من قرارات فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون لوائح تنفيذية طبقًا للمادة (162) من الدستور؛ تندرج – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – فى إطار " القوانين " بمعناها الموضوعى، ومن ثم يلزم نشرها فى الجريدة الرسمية إعمالاً لنص المادة (223) من الدستور ذاته، ولا يغنى عن ذلك ما تضمنه النص المعروض من نشر تلك القرارات فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار، إذ لا يُعد هذا النشر بديلاً للنشر الذى أوجبه الدستور فى الجريدة الرسمية، ومن ثم فإن النص المشار إليه وقد أغفل الإلزام بالنشر فى تلك الجريدة يكون مخالفًا لنص المادتين (162) و (223) من الدستور .
4- أجازت الفقرة الثالثة من المادة (13) من المشروع للمحافظ المختص توقيع عقوبة جنائية تتمثل فى الأمر بإزالة الملصقات وجميع وسائل الدعاية الانتخابية الأخرى المستخدمة بالمخالفة لأى من أحكام القواعد الواردة بالمادة (13) من المشروع؛ على نفقة المخالف، ومن ثم يكون هذا النص قد أخل بمبدأ الفصل بين السلطات، وانطوى على تدخل من أحد أجهزة السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية بما ينتقص من استقلالها، وأهدر أسس العدالة فى إدارة الأمور المتعلقة بحقوق المواطنين وحرياتهم، وتبعًا لذلك؛ يكون النص المشار إليه مخالفًا لنصوص المواد (6) و (55) و (168) و(228) من الدستور .
سادسًا:- نصت المادة (16) من المشروع على أن " لرئيس الجمهورية فى الظروف الاستثنائية أن يقصر المواعيد المنصوص عليها فى المواد 7 و10 و15 من هذا القانون " .
          وحيث إن مفاد نصوص المواد (55) و (200) و (208) و (228) من الدستور، أن المشرع الدستورى قد ناط بالقانون تنظيم مباشرة حقى الانتخاب والترشيح، وعهد إلى المفوضية الوطنية للانتخابات وحدها إدارة عملية الانتخابات من بدايتها حتى نهايتها بإعلان النتيجة، على أن تتولى اللجنة العليا للانتخابات الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية للعمل بالدستور وكفل للهيئات المستقلة استقلالها، كما نصت المادة 132 منه على أن " يباشر رئيس الجمهورية اختصاصاته على النحو المبين بالدستور"، باعتباره رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، مما مؤداه أن الاختصاص بإدارة العملية الانتخابية معقود، كأصل عام، للجنة العليا للانتخابات – كحكم انتقالى – دون أن يكون لرئيس الجمهورية، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، أن يتدخل فى إدارتها؛ تحقيقًا لحيدة الانتخابات ونزاهتها وسلامتها التى ألزم الدستور جميع سلطات الدولة بكفالتها، وإذ أجاز نص المادة (16) من المشروع لرئيس الجمهورية التدخل فى إدارة العملية الانتخابية؛ بتقصير المواعيد السالفة الذكر، وهى من الأمور المتعلقة بهذه الإدارة، ومن ثم يكون هذا النص قد أخل بمبدأ حيدة الانتخابات ونزاهتها، وانتقص من استقلال كل من المفوضية الوطنية للانتخابات واللجنة العليا للانتخابات بإدارة العملية الانتخابية، وتبعًا لذلك؛ يصبح النص المشار إليه مخالفًا لنصوص المواد (55) و (132) و (200) و (208) و (228) من الدستور .
سابعًا:- نصت الفقرة الأخيرة من المادة (19) من المشروع على أنه " وإذا خلا مكان فى القائمة .... ، فإذا أسفرت الانتخابات عن فوز القائمة الناقصة بعدد من المقاعد يجاوز العدد الباقى بها، استُكمل العدد المطلوب بانتخابات تكميلية عن طريق القوائم، وفقًا للفقرة الخامسة من المادة (3) من هذا القانون " .
          وحيث إن هذا النص فى شطره الأخير قد تضمن عبارة " وفقًا للفقرة الخامسة "، وكان سياق هذا النص، لا يؤدى إلى معناه الصحيح المقصود منه؛ وفقًا لارتباطه بالمادة (3) من المشروع، ومن ثم يتعين تصحيح تلك العبارة لتكون " وفقًا للفقرة السابعة " .
ثامنًا:- نصت المادة (44) من المشروع على أن " ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويُعمل به من تاريخ نشره .
          ويُبصم بخاتم الدولة ويُعمل به كقانون من قوانينها " .
          وحيث إن المادة (223) من الدستور تنص على أن " تُنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، ويُعمل بها بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعادًا آخر .
          ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد الجنائية والضريبية النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب " .
          وحيث إن مفاد هذا النص الدستورى أنه يتعين نشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، على أن يُعمل بها – كمبدأ عام – بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت القوانين للعمل بها ميعادًا آخر، وهو الميعاد الذى يُعتبر اليوم التالى لتاريخ نشر القانون حده الأدنى؛ تأسيسًا على المبدأ العام السالف الذكر؛ ومؤداه أن أى ميعاد آخر – كحد أدنى – تحدده القوانين للعمل بها؛ يتعين أن يكون اليوم التالى لهذا الميعاد؛ وذلك فى حالة اتجاه إرادة المشرع إلى العمل بالقانون فى أقصر وقت من تاريخ النشر .
          وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت المادة (44) من المشروع تنص على أن يُعمل بالقانون من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، فمن ثم يضحى نص هذه المادة مخالفًا لنص المادة (223) من الدستور .
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة :
أولاً:- عدم قبول الطلب بالنسبة للمواد من (23) إلى (41) من المشروع على النحو المبين بالأسباب .
ثانيًا:- أن الفقرة السادسة من المادة (3) من المشروع والجداول المرفقة به، والبند (2) من الفقرة الأولى، والفقرتان الثانية والثالثة من المادة (13)، والمادة (16)، والمادة (44) منه تخالف أحكام الدستور على النحو المبين بالأسباب .
ثالثًا:- أن الشطر الأخير من المادة (1) من المشروع، والمواد (2) و (3)
و (17) و (18) و (20) و (21) منه فيما يتعلق بقيد تمثيل العمال والفلاحين، والمواد (3) و (6) و (7) و (8) و (10) و (12) و (14)
و (15) و (17) و (18) و (19) و (20) و (21) و (22) فيما يتعلق بنظام إجراء انتخاب مجلس النواب ، والمواد (8) و (9) و (10) و (11) و (13) و (14) و (15) و (22) منه فيما يتعلق باللجنة العليا للانتخابات؛ تتفق وأحكام الدستور وفقًا للتفسير الذى حددته هذه المحكمة على النحو المبين بالأسباب .
رابعًا:- تصحيح العبارة الواردة بالشطر الأخير من الفقرة الأخيرة من المادة (19) من المشروع على النحو المبين بالأسباب ,