الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 مايو 2013

الطعن 1301 لسنة 19 ق جلسة 22 / 11/ 1949 مكتب فني 1 ق 35 ص 100

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1949

برياسة سعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

----------------

(35)
القضية رقم 1301 سنة 19 القضائية

حكم. تسبيبه. 

دليل خاطئ استند إليه الحكم الابتدائي. استبعاد الحكم الاستئنافي هذا الدليل وإيراده أدلة أخرى مؤدية إلى الإدانة. لا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.

-----------------
إذا كان الحكم الابتدائي قد استند إلى دليل خاطئ، ثم جاء الحكم الاستئنافي فاستبعد هذا الدليل وأورد الأدلة التي استند إليها في الإدانة، وكان من شأنها أن تؤدي إليها فإثارة الجدل حول ذلك أمام محكمة النقض لا يكون لها محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - محمد عبد الفتاح عبد الحافظ (الطاعن). و2 - مغربي إبراهيم نافع بأنهما أحرزا مادة مخدرة ((حشيشاً وأفيوناً)) بدون مسوغ قانوني. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و35 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928.
وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة بلبيس الجزئية دفعا ببطلان التفتيش وبأن المقهى غير مملوك لهما.
والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت فيها حضورياً عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول (الطاعن) سنتين مع الشغل والنفاذ وبتغريمه أربعمائة جنيه، وبحبس المتهم الثاني سنة مع الشغل والنفاذ وبتغريمه مائتي جنيه ومصادرة المضبوطات. وذكرت في أسباب الحكم أن الدفعين على غير أساس.
فاستأنفا هذا الحكم كما استأنفته النيابة.
ومحكمة الزقازيق الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن أتمت سماعه قضت فيه حضورياً بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم بالنسبة للمتهم الثاني وبراءته من التهمة المسندة إليه وتعديله بالنسبة للمتهم الأول والاكتفاء بحبسه سنة واحدة مع الشغل وتغريمه 200 جنيه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ دان الطاعن استناداً إلى أنه يدير المقهى التي ضبط فيها المخدر مع أنه يدير مقهى آخر قدم عقد استئجاره من مالكه وأيده في ذلك شيخ البلد كما أيدته رخصة المقهى وهي باسم مالكه عياد سلامه. أما استناد الحكم في الإدانة إلى قرابة الطاعن للمتهم الآخر فلا تؤدي بذاتها إلى إثبات تهمة إحراز المخدر عليه، وكذلك فإن استنتاج المحكمة لإدارة الطاعن للمقهى من وجوده به بجوار البنك المعد للإدارة وكذلك استنتاجها لملكية الطاعن للمخدر من مجرد ضبطه بالمقهى إنما هو استنتاج غير سليم، ويضاف إلى ما تقدم أن الحكم استند في الإدانة إلى أن المطواة المضبوطة ظهر من التحليل أن بها أثر مخدر وهذا مخالف للثابت بالأوراق. وأخيراً فإن القرائن التي أخذت بها المحكمة بالنسبة للطاعن وأدانته بمقتضاها هي نفس القرائن التي لم تأخذ بها بالنسبة إلى المتهم الآخر وبرأته.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن من ذلك لأن الحكم الابتدائي ولو أنه ذكر أن المطواة أظهر التحليل وجود أثر للمخدر بها إلا أن الحكم الاستئنافي قد أصلح هذا الخطأ إذ استبعد المطواة من الأدلة التي ساقها، أما ما عدا ذلك مما يثيره الطاعن في طعنه فلا يعدو أن يكون جدلا موضوعاً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض بعد أن أورد الحكم في منطق سليم الأدلة التي استند إليها في الإدانة وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهي إليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.




















الطعن 99 لسنة 58 ق جلسة 21/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 94 ص 637

جلسة 21 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وحسن عميرة ومحمد حسام الدين الغرياني.

---------------

(94)
الطعن رقم 99 لسنة 58 القضائية

(1) جريمة "أركانها". دعارة. بغاء. فجور. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها".
الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1961. تميز كل منها عن الأخرى من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها.
إطلاق الشارع حكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور بحيث تتناول شتى صور التحريض على البغاء وتسهيله للذكر والأنثى على السواء. قصره تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على الأنثى التي تمارس الدعارة والتي تمهد لها صورة معينة من صور المساعدة والتسهيل وهي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي بشتى سبله. كلياً كان أم جزئياً وما يستلزمه من الاستدامة زمناً طال أم قصر.
جريمة التحريض على البغاء. عدم قيامها إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرض. أساس ذلك؟
(2) دعارة. فجور. بغاء. قانون "تفسيره".
الاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة مع الناس بغير تمييز. تتحقق به أركان الجريمة سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو لبغاء الأنثى.
تنسب الدعارة إلى المرأة حيث تبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز. وينسب الفجور إلى الرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز. أساس ذلك؟
(3) دعارة. اشتراك. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "الحكم في الطعن".
عدم توافر أي صورة من صور الاشتراك في جريمة تسهيل البغاء في حق الطاعنين وعدم اندراج الفعل المسند إليهما تحت أي نص عقابي آخر. معاقبتهما رغم ذلك. خطأ في القانون يوجب نقض الحكم والقضاء ببراءتهما.
(4) نقض "نطاق الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليهم الذين صدر الحكم حضورياً اعتبارياً لبعضهم وغيابياً للبعض الآخر. علة ذلك؟ قابلية الحكم للطعن فيه بالمعارضة منهم.

----------------
1 - إن القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص في مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها - من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها من الأخرى. وإن كانت في عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة وما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال، وإذا كان القانون المذكور قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه". بينما نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي" فقد دل بالصيغة العامة التي تضمنتها المادة الأولى على إطلاق حكمها بحيث تتناول صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء بينما قصر نطاق تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة بعد هذا التعميم على دعارة الأنثى والتي تمهد لها صورة معينة من صور المساعدة والتسهيل هي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي فحسب بشتى سبله كلياً أو جزئياً. لما كان ذلك، وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أن الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرض.
2 - لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون سالف الذكر قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة"، وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة المنصوص عليها فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حيث ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها ويقابلها "الفجور" ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه.
3 - لما كان الفعل الذي اقترفه الطاعنان حسبما بينه الحكم على السياق المتقدم لا تتحقق به جريمة الاعتياد على ممارسة الفجور حسبما هي معرفة به في القانون، ولا يوفر في حقهما - من جهة أخرى - الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنسوبة إلى المتهمتين اللتين قدمتا لهما المتعة بأي صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصدهما إلى الإسهام معهما في نشاطهما الإجرامي وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتهما على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لهما مباشرته أو في القليل يزيلا أو يذللا ما قد يعترض سبيلهما إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعنين كما حصله الحكم لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ عدل وصف التهمة المنسوبة للطاعنين المرفوعة بها الدعوى أصلاً - وهي الاعتياد على ممارسة الفجور - ودانهما بجريمة تسهيل البغاء يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعنين.
4 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليهم الآخرين إلا أنهم لا يفيدون من نقض الحكم المطعون فيه لأنه صدر حضورياً اعتبارياً بالنسبة لبعضهم وغيابياً بالنسبة للبعض الآخر قابلاً للطعن فيه بالمعارضة منهم فإن أثر الطعن لا يمتد إليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -...... (طاعن) 2 -..... (طاعن) 3 -...... 4 -...... 5 -...... 6 -...... 7 -...... 8 -..... 9 -...... 10 -...... 11 -...... 12 -...... بأنهم المتهمون من الأول إلى الرابع: اعتادوا ممارسة الفجور مع النسوة دون تمييز على النحو المبين بالأوراق. المتهمات من الخامسة إلى الثامنة: اعتدن ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز على النحو المبين بالأوراق. المتهمة التاسعة: 1 - حرضت وساعدت وسهلت ارتكاب الفجور للمتهمين من الأول حتى الرابع وارتكاب الدعارة للمتهمات من الخامسة حتى الثامنة على النحو المبين بالأوراق. 2 - عاونت المتهمات من الخامسة حتى الثامنة على ممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق. 3 - استغلت بغاء المتهمات من الخامسة حتى الثامنة على النحو المبين بالأوراق 4 - عاونت المتهمة العاشرة في إدارة المكان المبين بالأوراق في أعمال الدعارة. المتهمة العاشرة: 1 - حرضت وساعدت وسهلت ارتكاب الفجور للمتهمين من الأول حتى الرابعة وارتكاب الدعارة للمتهمات من الخامسة حتى الثامنة. 2 - فتحت وأدارت المكان المبين بالأوراق للفجور والدعارة على النحو المبين بالأوراق. 3 - سهلت ارتكاب الفجور والدعارة بالمنزل المفروش الذي تملكه وذلك بقبولها أشخاصاً يرتكبون الفجور والدعارة. المتهمان الحادي عشر والثاني عشر: 1 - حرضا وساعدا وسهلا ارتكاب الفجور للمتهمين من الأول حتى الرابع وارتكاب الدعارة للمتهمات من الخامسة حتى الثامنة على النحو المبين بالأوراق. 2 - عاونا المتهمة العاشرة في إدارة المكان المبين بالأوراق لأعمال الدعارة وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أ، 6/ أ، ب، 8، 9/ ب - جـ، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح آداب الإسكندرية قضت حضورياً للسابعة والتاسعة والعاشرة والحادي عشر والثاني عشر وحضورياً اعتبارياً للأول والثاني والسادسة والثامنة وغيابياً للثالث والرابع والخامسة عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهمات من الخامسة إلى الثامنة بالحبس لمدة سنتين مع الشغل لكل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ، وبمعاقبة المتهمة التاسعة بالحبس لمدة سنتين مع الشغل وتغريمها مبلغ ثلاثمائة جنيه وكفالة ثلاثمائة جنيه عن المتهمتين الأولى والثانية لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة عقوبة الحبس تبدأ من تاريخ انتهاء تنفيذها. وبراءة المتهمين من الأول والثاني والثالث والرابع والعاشرة والحادي عشر والثاني عشر مما أسند إليهم وبراءة المتهمة التاسعة من التهمتين الثالثة والرابعة. استأنف المحكوم عليهن الخامسة والسادسة والسابعة كما استأنفت النيابة العامة ضد باقي المحكوم عليه ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول والثاني وحضورياً اعتبارياً للتاسع والعاشر وغيابياً للباقين بإجماع الآراء، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والثامنة والتاسعة والعاشرة وبحبس كل منهم ثلاث شهور مع الشغل والمراقبة لكل منهم مدة مساوية لمدة الحبس ورفض الاستئناف وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول والثاني (الطاعنان) في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجريمة تسهيل البغاء قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن ما اقترفه الطاعنان من ارتكاب الفحشاء مع بغي أمر غير مؤثم ولا تتوافر به أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 سنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة التي دانهما الحكم بها مما يعيبه ويستوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعنين.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأن القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص في مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها - من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها من الأخرى. وإن كانت في عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة وما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال، وإذا كان القانون المذكور قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه". بينما نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي" فقد دل بالصيغة العامة التي تضمنتها المادة الأولى على إطلاق حكمها بحيث تتناول صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء بينما قصر نطاق تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة بعد هذا التعميم على دعارة الأنثى والتي تمهد لها صورة معينة من صور المساعدة والتسهيل هي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي فحسب بشتى سبله كلياً أو جزئياً. لما كان ذلك، وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أن الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرض، وإذ كان البين من تحصيل الحكم الابتدائي لواقعة الدعوى الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في هذا البيان أن الطاعنين وآخرين ضبطوا مع بعض النسوة الساقطات في مسكن يدار للدعارة وأقر الطاعن الأول أنه كان في سبيله إلى ارتكاب الفحشاء مع المتهمة الخامسة لقاء أجر قبل ضبطه كما أقر الطاعن الثاني بارتكاب الفحشاء مع المتهمة السادسة لقاء أجر وأقرت المرأتان بذلك وباعتيادهما على ممارسة الدعارة، وكان ما صدر من الطاعنين من نشاط حسبما خلص إليه الحكم المطعون فيه يخرج عن نطاق تطبيق المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 ما دام أن الطاعنين إنما قصدا به ارتكاب الفحشاء مع المرأتين ولم يقصدا به تحريضهما أو مساعدتهما على ممارسة الدعارة مع الغير بدون تمييز أو تسهيل ذلك لهما والذي استلزم الشارع انصراف قصد الجاني إلى تحقيقه، كما لا يتحقق به معنى المعاونة حسبما عرفها نص الفقرة الأولى من المادة السادسة المشار إليه لاقتصار الشارع في تأثير المعاونة على صورة الإنفاق على البغي وتأمين طريقها إلى الدعارة وما يستلزمه الإنفاق من الاستدامة زمناً طال أم قصر، فلا يتحقق بمجرد أداء أجر للبغي مقابل ممارسة الفحشاء معها ولو كانت قد اعتادت ممارسة الدعارة - كما هو الحال في الدعوى - ومن ثم فإن الفعل الذي وقع من الطاعنين يخرج بدوره عن نطاق تطبيق تلك الفقرة. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون سالف الذكر قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة"، وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة المنصوص عليها فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها ويقابلها "الفجور" ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه، وكان الفعل الذي اقترفه الطاعنان حسبما بينه الحكم على السياق المتقدم لا تتحقق به جريمة الاعتياد على ممارسة الفجور حسبما هي معرفة به في القانون، ولا يوفر في حقهما - من جهة أخرى الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنسوبة إلى المتهمتين اللتين قدمتا لهما المتعة بأي صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصدهما إلى الإسهام معهما في نشاطهما الإجرامي وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتهما على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لهما مباشرته أو في القليل يزيلا أو يذللا ما قد يعترض سبيلهما إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعنين كما حصله الحكم لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ عدل وصف التهمة المنسوبة للطاعنين المرفوعة بها الدعوى أصلاً - وهي الاعتياد على ممارسة الفجور - ودانهما بجريمة تسهيل البغاء يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعنين وذلك دون حاجة لبحث الوجه الآخر للطعن. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليهم الآخرين إلا أنهم لا يفيدون من نقض الحكم المطعون فيه لأنه صدر حضورياً اعتبارياً بالنسبة لبعضهم وغيابياً بالنسبة للبعض الآخر قابلاً للطعن فيه بالمعارضة منهم فإن أثر الطعن لا يمتد إليهم.

الطعن 594 لسنة 58 ق جلسة 17/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 93 ص 627

جلسة 17 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابي ومحمود عبد العال ومحمود عبد الباري.

---------------

(93)
الطعن رقم 594 لسنة 58 القضائية

(1) تفتيش. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان التفتيش. شرع للمحافظة على المكان. التمسك ببطلان تفتيشه. لا يقبل من غير حائزه ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
مثال.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(3) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات.
كل إجراء يقوم به مأمورو الضبط القضائي في الكشف عن الجريمة. صحيح. طالما بقيت إرادة الجاني حرة. وما دام لم يقع منهم تحريض على ارتكابها.
(4) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الإدانة التي استند إليها الحكم.
(5) جريمة "أركانها". عقوبة "توقيعها". تقليد. شروع. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة والشروع في ترويجها. يكفي للعقاب عليهما التشابه بين العملة الصحية والمقلدة بما يجعلها مقبولة في التداول.
عدم تعرض المحكمة لأوجه الشبهة بين العملة الصحيحة والمقلدة. متى لا يؤثر في سلامة الحكم بالإدانة؟
(6) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم. موضوعي.
حق المحكمة في الأخذ بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وإطراحها تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن. النعي عليها لذلك غير سديد.
(7) تقليد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال على علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها. لا يعيبه. ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد توافر هذا العلم لديه.
القول بتوافر العلم بالتقليد. موضوعي.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
البيان المعول عليه في الحكم هو الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي. دون غيره. تزيد الحكم فيما يخرج عن سياق تدليله على ثبوت التهمة: لا يعيبه.
مثال.

--------------
1 - لما كان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وحدها، وإذ ما كان الطاعن لا يدعي ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه وضبط فيه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان الإذن الصادر بتفتيشه لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول.
2 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطمأنت إلى أن أوراق العملة المقلدة التي ضبطت مع الطاعن هي بذاتها التي سلمت إلى النيابة وأرسلت إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير وتم فحصها ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري على الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب الجريمة.
4 - إن الدفع بتلفيق التهمة هو دفع موضوعي لا يستأهل في الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي استند إليها الحكم في الإدانة.
5 - من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة عملة ورقية مقلدة والشروع في ترويجها مع العلم بذلك أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شأنه أن يخدع الناس، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل حيازتها والشروع في ترويجها سواء المحلية أو الأجنبية مزيفة بطريق الطبع من أكليشهات مصطنعة وأن تزييفها قد تم بحيث يمكن أن تجوز على بعض الفئات من الناس يتقبلونها في التداول على أنها أوراق صحيحة، فإن عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيح والعملة المزيفة المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد قدرت أن من شأن ذلك التقليد أن يخدع الناس.
6 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن ما سلف وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - لما كان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه. ولما كان فيما أورده الحكم من حضور الطاعن اللقاءات المتعددة التي جرت فيها المساومة وعرض الأوراق المالية المقلدة للبيع بثمن لا يعدو ثلث القيمة الحقيقية للأوراق الصحيحة، ما يوفر علم الطاعن بتقليد هذه الأوراق، وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - إن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع. فإن تزيد الحكم فيما أورده بمدوناته من تقريرات بقوله إن الطاعن تحقق من وجود ما يقابل العملة المقلدة من العملة الصحيحة مع المرشد السري، وأيضاً ما قاله من أن آلة الترقيم المضبوطة صالحة للاستعمال ويمكن أن تستخدم في الترقيم، وهو خارج عن سياق تدليله على ثبوت تهمتي حيازة العملة المقلدة والشروع في ترويجها مع علمه بذلك لا يمس منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب كافية بذاتها لحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه:
1 - قلد عملة ورقية متداولة قانوناً في جمهورية مصر العربية هي ورقة مالية من فئة العشرين جنيهاً مصرياً المضبوطة والمقلدة على غرار الأوراق المالية الصحيحة وذلك على النحو الموضح بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. 2 - حاز بقصد الترويج العملة الورقية من فئة العشرين جنيهاً مصرياً المقلدة المضبوطة سالفة البيان مع علمه بتقليدها على النحو المبين بالأوراق. 3 - شرع في ترويج العملات الورقية المتداولة قانوناً بالخارج المضبوطة والمقلدة مع علمه بتقليدها بأن دفع بها إلى التعامل والتداول على النحو المبين بالتحقيقات وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 202، 203، 203 مكرراً/ ب من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون ببراءته من التهمة الأولى المسندة إليه وبمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي حيازة عملة مقلدة بقصد ترويجها، والشروع في ترويج عملة مقلدة مع علمه بذلك قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد. ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن تفتيش المسكن الذي تم ضبطه فيه لعدم ولاية مصدر الإذن، وببطلان إجراءات التحريز لأنها تمت في غير حضوره، وبانقطاع الصلة بين المضبوطات وما أرسل إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير لعدم بيان صفة صاحب الخاتم المستعمل في التحريز واحتفاظ المحقق به، كما دفع بتلفيق التهمة وأن رجال الشرطة خلقوا تلك الواقعة له، إلا أن الحكم التفت عن تلك الدفوع. ولم يبين الحكم درجة إتقان تقليد أوراق العملة المضبوطة إذ أن التقليد مفضوح لا ينخدع به الناس وأطرح تقرير الخبير الاستشاري في هذا الخصوص. ولم يدلل الحكم على علم الطاعن بتقليد أوراق العملة المضبوطة. فضلاً على أن ما أورده الحكم من تحقق الطاعن من وجود المقابل بالعملة الصحيحة مع المرشد السري وأن آلة الترقيم المضبوطة صالحة للاستعمال ويمكن بها ترقيم أوراق العملة المقلدة لا أصل له في الأوراق. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بهما الطاعن، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال الضابط شهود الإثبات، وأقوال الطاعن والمتهم الرابع، ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. لما كان ذلك، وكان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وحدها، وإذ ما كان الطاعن لا يدعي ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه وضبط فيه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان الإذن الصادر بتفتيشه لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطمأنت إلى أن أوراق العملة المقلدة التي ضبطت مع الطاعن هي بذاتها التي سلمت إلى النيابة وأرسلت إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير وتم فحصها ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحدي عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب الجريمة. وكان الدفع بتلفيق التهمة هو دفع موضوعي لا يستأهل في الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي استند إليها الحكم في الإدانة. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة عملة ورقية مقلدة والشروع في ترويجها مع العلم بذلك أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شأنه أن يخدع الناس، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق التي عوقب الطاعن من أجل حيازتها والشروع في ترويجها سواء المحلية أو الأجنبية مزيفة بطريق الطبع من اكليشهات مصطنعة وأن تزييفها قد تم بحيث يمكن أن تجوز على بعض الفئات من الناس يتقبلونها في التداول على أنها أوراق صحيحة، فإن عدم تعرض الحكم لأوجه الشبه بين العملة الصحيحة والعملة المزيفة المضبوطة لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد قدرت أن من شأن ذلك التقليد أن يخدع الناس. ولما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن ما سلف وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه. ولما كان فيما أورده الحكم من حضور الطاعن اللقاءات المتعددة التي جرت فيها المساومة وعرض الأوراق المالية المقلدة للبيع بثمن لا يعدو ثلث القيمة الحقيقية للأوراق الصحيحة، ما يوفر علم الطاعن بتقليد هذه الأوراق، وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع. فإن تزيد الحكم فيما أورده بمدوناته من تقريرات بقوله إن الطاعن تحقق من وجود ما يقابل العملة المقلدة من العملة الصحيحة مع المرشد السري، وأيضاً ما قاله من أن آلة الترقيم المضبوطة صالحة للاستعمال ويمكن أن تستخدم في الترقيم، وهو خارج عن سياق تدليله على ثبوت تهمتي حيازة العملة المقلدة والشروع في ترويجها مع علمه بذلك لا يمس منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب كافية بذاتها لحمله. ومن ثم فإن منعى الطعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 253 لسنة 58 ق جلسة 14/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 92 ص 619

جلسة 14 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجي ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(92)
الطعن رقم 253 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة" "إجراءات التحقيق".
الأحكام الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المتهم في إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق. طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً.
طلب الدفاع سماع شهود بشأن واقعة متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهم لازماً للفصل فيها. رفض المحكمة هذا الطلب بغير مبرر سائغ إخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
(3) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
اعتبار التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله.
قيام دفاع الطاعن على توريد المبالغ المحصلة والصادر له تكليف بتحصيلها. دفاع جوهري. يقتضي من المحكمة أن تعطيه حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(4) اختلاس. عقوبة. نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون".
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه.
(5) عقوبة "تطبيقها". اختلاس أموال أميرية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". عزل.
معاملة الحكم المتهم بجناية الاختلاس - بالرأفة ومعاقبته بالحبس. وجوب توقيت مدة العزل المقضى بها عليه. المادة 27 عقوبات مخالفة ذلك. خطأ في القانون.

-----------------
1 - الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة.
2 - لما كان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكانت الواقعة التي طلب الدفاع سماع أقوال الشاهدين الموقعين على الخطاب المقدم من الطاعن بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازماً للفصل فيها فإن رفض المحكمة طلبه للسبب الذي ذكرته يكون غير سائغ وفيه إخلال بحق الدفاع لما ينطوي عليه من معنى القضاء في أمر لم يعرض عليها واحتمال أن تجئ هذه الأقوال التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها مما قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
3 - إن الشاهد..... الذي عول الحكم على أقواله بأن الطاعن حصل إيجار المقصف وهو غير مختص بالتحصيل ولم يقم بتوريد ما حصله لم ينف في شهادته بجلسة المحاكمة صدور تكليف للطاعن من المهندس...... بالتحصيل كما ذهب الطاعن في دفاعه ومن شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يكون قيامه بالتحصيل منتجاً لأثره في اختصاصه به متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة علمه في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته فضلاً عن أن هذا الشاهد عاد في شهادته ولم يقطع برأي في صحة صدور الخطاب من الموقعين عليه وفي شأن ما قام عليه دفاع الطاعن من توريد المبلغ الذي حصله وأرجع القول الفصل في ذلك إلى المشرفين على الأعمال المالية مما كان يقتضي من المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب أما وهي لم تفعل واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها من أسباب لا تؤدي إلى إطراح ذلك الدفاع وطلب التحقيق المتعلق به فإن حكمها يكون معيباً.
4 - إن الحكم وإن أشار في مدوناته إلى قيام الطاعن بعرض مبلغ 240 جنيهاً من المبلغ المختلس على هيئة السكك الحديدية وإيداعه على ذمة تلك الهيئة خزانة المحكمة قبل محاكمته فلم يعرض لدلالة هذا العرض والإيداع ليقول كلمته فيه لما له من أثر في تحديد المبلغ الذي قضى برده اعتباراً بأن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه فجاءت مدونات الحكم بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره فوق إخلاله بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عامل المتهم - بجناية الاختلاس - بالرأفة وقضى عليه بالحبس ولم يؤقت مدة العزل المقضى بها عليه اتباعاً لحكم المادة 27 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يستوجب نقضه وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل، إلا أنه إزاء نقض الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور فيتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه....... بوصفه موظفاً عمومياً "كاتب بإدارة الأملاك بهيئة السكك الحديدية" اختلس مبلغ 1020 جنيهاً والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته. وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في...... عملاً بالمواد 112/ أ، 118، 119/ ب، 119/ هـ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف وعشرين جنيهاً وبرد مبلغ ألف وعشرين جنيهاً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه قام بتحصيل إيجار المقصف بناء على تكليف من المهندس..... وسلمه مبلغ 780 جنيهاً فأعطاه خطاباً يفيد سداد المستأجر هذا المبلغ ثم قام بتحصيل باقي الإيجار وقدره 240 جنيهاً وسلمه له دون أن يأخذ منه إيصالاً بسداده مما حداه إلى عرض هذا المبلغ ثانية على هيئة السكك الحديدية عرضاً قانونياً تلاه إيداع المبلغ خزانة المحكمة وقدم هذه المستندات للمحكمة وتمسك بدلالتها على نفي حصول الاختلاس وطلب سماع أقوال المهندس...... و........ المراقب الإداري الموقعين على خطاب السداد باعتبارهما المشرفين على الأعمال المالية للتحقق من واقعة توريد المبالغ التي حصلها وندب خبير لفحص المبالغ المسددة إلا أن المحكمة أعرضت عن تحقيق دفاعه والتفتت عن طلباته وردت عليها برد غير سائغ، هذا إلى أن الحكم ألزم الطاعن برد المبلغ المنسوب إليه اختلاسه مع قيامه بسداده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن وهو كاتب بهندسة أملاك السكك الحديدية بقسم المنيا وفي عهدته دفتر قسائم تحصيل الإيجار المستحق للجهة التي يعمل بها وغير معهود إليه بالتحصيل استغل وجود هذه القسائم بين يديه وقام بتحصيل إيجار مقصف محطة سكك حديد مغاغة من مستأجره زاعماً له أنه معهود إليه بالتحصيل وحصل منه مبلغ 780 جنيهاً في المرة الأول بتاريخ...... كما حصل منه مبلغ 240 جنيهاً في المرة الثانية بتاريخ..... وسلمه قسيمتي سداد ولم يقم بتوريد هذا المبلغ للهيئة واختلسه لنفسه وتغيب عن عمله وعن محل إقامته وضبط دفتر القسائم بمسكنه، ثم بعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن مستمدة من أقوال مستأجر المقصف وشريكه وأقوال رئيس قسم إدارة الهندسة بسكك حديد المنيا بأن الطاعن قام بتحصيل إيجار المقصف رغم أنه غير مختص بذلك ولم يقم بتوريده، أشار إلى أن الطاعن لم يدل بدفاع أمام جهة التحقيق لغيابه وأنه أقر بجلسة المحاكمة بتحصيل المبلغ محل الاتهام وقيامه بتسليمه للمختصين وأنكر اختلاسه له وأن الدفاع عنه قدم خطاباً. وإنذار عرض مبلغ 240 جنيهاً على هيئة السكك الحديدية ومحضر إيداع هذا المبلغ خزانة محكمة المنيا الابتدائية وطلب إعلان المختصين بهيئة السكك الحديدية وندب خبير لفحص سجلات الهيئة لبيان المبالغ المسددة، وقد أطرح الحكم هذا الطلب وبرر ذلك بقوله. وحيث إنه عن طلب الدفاع فإن المحكمة وهي بصدد الفصل في الاتهام ترى أنه لا جدوى من تحقيق هذا الدفاع إذ الثابت من أقوال المتهم أنه قام بتحصيل المبلغ موضوع الاتهام من مستأجر بوفيه محطة مغاغة وقدره ألف وعشرين جنيهاً وأنه لم يقدم ثمة دليل على أنه قام بتوريد المبلغ المذكور إلى خزينة هيئة السكة الحديد وهي الجهة صاحبة الحق فيه فضلاً عن أن الخطاب الذي قدمه إلى المحكمة لا ينبئ عن سداد قد تم للمبلغ المذكور أو جزء منه إذ الثابت من الخطاب المقدم أنه صادر من هيئة السكة الحديد وموجه إلى مستأجر بوفيه محطة مغاغة ويفيد أن المستأجر المذكور لا زال مديناً للهيئة بمبلغ مائتين وأربعين جنيهاً ولم يتعرض لاسم المتهم من قريب أو بعيد فضلاً عن أن السداد اللاحق بفرض حدوثه لا يؤثر في قيام الاتهام في حق المتهم". ويبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أسس دفاعه على أنه قام بتحصيل مبلغ 780 جنيهاً من إيجار المقصف بناء على تكليف من المهندس...... وسلمه إليه فأعطاه خطاباً بالسداد وبأن ذمة المستأجر ما زالت مشغولة بمبلغ 240 جنيهاً فقام بتحصيل هذا المبلغ الأخير وسلمه للمهندس المذكور بغير إيصال ومن ثم فقد قام بعرض هذا المبلغ عرضاً قانونياً على هيئة السكك الحديدية تلاه إيداع المبلغ على ذمتها خزانة المحكمة، كما استمعت المحكمة إلى الشاهد...... فقرر أن الطاعن وإن كان في عهدته سجلات أملاك القسم إلا أنه غير مختص بتحصيل إيجار المقاصف وأنه لم يقم بتوريد المبلغ الذي حصله من مستأجر المقصف وإذ عرضت عليه المحكمة الخطاب المقدم من الطاعن قرر أنه ممهور بتوقيع المهندس....... وتوقيع.... المراقب الإداري إلا أنه لا يستطيع الجزم بصحة توقيعهما عليه وما ورد به من بيانات وطلب الرجوع إليهما في شأنه وأضاف تعليقاً على ما ورد على ما ورد بالخطاب بشأن سداد المبالغ الموضحة به والباقي في ذمة مستأجر المقصف أنه يسأل في ذلك المشرفون على الأعمال المالية باعتبارهم المختصين بالقول بحصول سداد المبلغ وتوريده وبعد أن أدلى الشاهد بشهادته تمسك الدفاع بطلب سماع الشاهدين الموقعين على الخطاب وطلب احتياطياً ندب خبير لفحص السجلات وقسائم السداد لبيان المبلغ المسدد من الطاعن. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة، وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكانت الواقعة التي طلب الدفاع سماع أقوال الشاهدين الموقعين على الخطاب المقدم من الطاعن - بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازماً للفصل فيها فإن رفض المحكمة طلبه للسبب الذي ذكرته يكون غير سائغ وفيه إخلال بحق الدفاع لما ينطوي عليه من معنى القضاء في أمر لم يعرض عليها واحتمال أن تجئ هذه الأقوال التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها مما قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى خاصة وأن الشاهد...... الذي عول الحكم على أقواله بأن الطاعن حصل إيجار المقصف وهو غير مختص بالتحصيل ولم يقم بتوريد ما حصله لم ينف في شهادته بجلسة المحاكمة صدور تكليف للطاعن من المهندس.... بالتحصيل كما ذهب الطاعن في دفاعه ومن شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يكون قيامه بالتحصيل منتجاً لأثره في اختصاصه به متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة علمه في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته فضلاً عن أن هذا الشاهد عاد في شهادته ولم يقطع برأي في صحة صدور الخطاب من الموقعين عليه وفي شأن ما قام عليه دفاع الطاعن من توريد المبلغ الذي حصله وأرجع القول الفصل في ذلك إلى المشرفين على الأعمال المالية مما كان يقتضي من المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب أما وهي لم تفعل واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها من أسباب لا تؤدي إلى إطراح ذلك الدفاع وطلب التحقيق المتعلق به فإن حكمها يكون معيباً، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم وإن أشار في مدوناته إلى قيام الطاعن بعرض مبلغ 240 جنيهاً من المبلغ المختلس على هيئة السكك الحديدية وإيداعه على ذمة تلك الهيئة خزانة المحكمة قبل محاكمته فلم يعرض لدلالة هذا العرض والإيداع ليقول كلمته فيه لما له من أثر في تحديد المبلغ الذي قضى برده اعتباراً بأن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه فجاءت مدونات الحكم بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره فوق إخلاله بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عامل المتهم - بجناية الاختلاس - بالرأفة وقضى عليه بالحبس ولم يؤقت مدة العزل المقضى بها عليه اتباعاً لحكم المادة 27 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يستوجب نقضه وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل، إلا أنه إزاء نقض الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور فيتعين أن - يكون مع النقض الإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 42 لسنة 58 ق جلسة 14/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 91 ص 607

جلسة 14 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

----------------

(91)
الطعن رقم 42 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
(3) تزوير "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(5) جريمة "أركانها". تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بيانات التسبيب".
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(6) قصد جنائي. تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جرائم التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال. غير لازم. ما دام قد أورد ما يدل عليه.
(7) تزوير "تزوير المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة". موظفون عموميون. أوراق رسمية. ضرر. إثبات "بوجه عام".
عدم اشتراط صدور التزوير من موظف مختص فعلاً. كفاية أن تعطى الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها. ولو لم تذيل بتوقيع. افتراض الضرر في هذه المحررات لما في هذا التزوير من تقليل الثقة بها.
(8) تزوير. ضرر. تقليد. إثبات "بوجه عام".
كفاية تغيير الحقيقة في محرر بما يؤدي إلى انخداع البعض به لقيام جريمة التزوير. إتقان في هذه الحالة. ليس بلازم لتحقيق الجريمة.
(9) تزوير. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة التي يعتمد عليها الحكم. يكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
عدم التزام محكمة الموضوع ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي.
المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(11) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إقرار الطاعن بتسليم المحرر لشخص مع تنصله من تزويره. لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد. خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً. لا تأثير له على سلامة الحكم. طالما أنه تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى. وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(12) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير.
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه. خطأ الحكم فيما نقله من تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسية مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما. لا جدوى من النعي به.

------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها.
2 - الأصل في المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
3 - إن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى.
4 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
6 - إن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بواقع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
7 - لما كان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية - شأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة لشأنها - أن تصدر فعلاً من الموظف بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع، وكان من المقرر أيضاً أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها.
8 - لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس.
9 - لما كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمتين في حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان ما انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي لا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصها سائغاً. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي وكان ما ساقه الطاعن في شأن إطراح المحكمة لأقوال شاهد النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
11 - لما كان إقرار الطاعن بتسليم المحرر لشخص آخر مع تنصله من تزويره وإن كان لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد إلا أنه تضمن في ذاته إقرار بتسليم المحرر المزور للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته فإن خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسيه مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثره في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر حكم ببراءته....... أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الخطاب ذات المطبوع..... والمنسوب صدوره إلى شركة....... بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق الاصطناع بأن أنشأ المحرر سالف الذكر على غرار المحررات الصحيحة بتدوين بياناته وشفعه بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بإدارة....... وبصمه ببصمة خاتم مقلد لخاتم عزاه زوراً للجهة سالفة الذكر. ثانياً: قلد ختم جهة حكومية هو خاتم شركة........ وبصم به على المحرر سالف الذكر مع علمه بتقليده. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً........ عملاً بالمواد 206، 206 مكرراً، 214 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه ومصادرة المحرر المزور المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يبين الواقعة وأدلة الثبوت التي استخلص منها الإدانة بياناً كافياً ولم يبين المحرر المقول بتزويره ولم يورد بياناته ولم تفطن المحكمة إلى أن الشركة التي نسب إليها المحرر قد درجت على تحرير خطابات إلى إدارات المرور لإجراء تراخيص الجرارات الزراعية خالية من بيان اسم المشتري مما ينفي وقوع جريمة التزوير واعتبرت المحكمة المحرر من الأوراق الرسمية التي يعتبر التغيير الحاصل فيها تزويراً في أوراق رسمية مع أنها لا تعتبر كذلك لخلوها من توقيع الموظف المنسوب إليه المحرر. ويضاف إلى ذلك أن الشركة التي نسب إليها المحرر قد أوقفت بيع الجرارات الزراعية للأفراد منذ عام 1985 وأخطرت إدارات المرور بذلك مما يجعل المحرر عرضه للفحص والتمحيص فضلاً عن أن تزوير المحرر وتقليد الخاتم قد وقعا مفضوحين ولا ينخدع بهما أحد. هذا إلى أن الحكم جاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجريمتين المسندتين إلى الطاعن. كما أن الطاعن قد دفع التهمتين المسندتين إليه بأنه تسلم المحرر بحالته من شخص آخر باع له جراراً زراعياً باعتباره من سندات ملكيته له وأن أقوال شاهد النفي أمام المحكمة قاطعة في الدلالة على صحة هذا الدفاع غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وعولت في إدانة الطاعن على ما أسند إليه من اعتراف مع أنه لا يعد نصاً في اقتراف الجريمة. وأخيراً فإن الحكم أورد أن الطاعن زور جميع بيانات المحرر ومن بينها أرقام الشاسيه والموتور - رغم أن أحد لم يقل بتزوير هذين البيانين مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله أنها "تتحصل في أن التحريات التي قام بها الرائد...... رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة دلت على قيام بعض مالكي الجرارات الزراعية باستخراج رخص تسييرها من قسم مرور الشرقية بموجب خطابات مزورة منسوبة إلى شركة........ إحدى شركات القطاع العام وبفحص ملف الجرار المملوك لـ....... تبين أن رخصة تسييره قد استخرجت بناء على خطاب مزور منسوب إلى الشركة سالفة الذكر يفيد بيعها للجرار المذكور إلى المتهم....... الذي قام بدوره ببيعه إلى مالكه المرخص له وأفادت شركة...... أن الخطاب مزور من حيث بياناته وتوقيعاته وأختامه وأنها لم تقم ببيع الجرار إلى المتهم الذي اعترف بإعادة بيع الجرار إلى........ وسلمه الخطاب المزور سالف الذكر والذي ثبت من تقرير المعمل الجنائي أن بيانات الخطاب المزور سالف الذكر والمنسوب إلى شركة........ والمؤرخ....... حررت بخط يد المتهم....... وبصمة الخاتم المبصوم به عليه لم تؤخذ من قالب الخاتم الصحيح وأنه مزور بطريق النقل باستخدام ورقة كربونية بنفسجية اللون". ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً. كما أوردت مضمون المحرر المزور مما يكون معه منعى الطاعن في شأن عدم بيان الواقعة وأدلة الثبوت ومستندات الدعوى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وأن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية - شأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة - أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع، وكان من المقرر أيضاً أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها، وأنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن قد زور الخطاب المنسوب صدوره إلى شركة....... الموجه إلى إدارة المرور لترخيص جرار زراعي بطريق الاصطناع وأن التزوير شمل جميع بياناته كما بصمه بخاتم مقلد وسلمه لآخر باع له الجرار باعتباره من مستندات الملكية وقدمه الأخير لقسم المرور المختص واستصدر بموجبه ترخيصاً للجرار باسمه، ولما كان ذلك، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمتين في حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في دفاعه من أنه استلم المحرر خالياً من اسم المشتري وأطرح هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه إزاء أدلة الثبوت التي ساقتها المحكمة وتطمئن إليها فإنه لا تعول على إنكار المتهم بارتكاب التزوير لثبوت أنه مرتكبه حسبما ورد بأدلة الثبوت التي تطمئن إليها كما لا تعول على دفاعه بعدم علمه بالتزوير لاستلامه المحرر خلو من اسم المشتري فقط ذلك أن الثابت من تقرير المضاهاة تزوير المحرر لجميع بياناته وهي اسم المشتري وأرقام الموتور والشاسيه والأختام والتوقيعات" وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصها سائغاً. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي وكان ما ساقه الطاعن في شأن إطراح المحكمة لأقوال شاهد النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف المتهم بقوله "واعترف المتهم بأن سلم الخطاب المزور إلى....... لتقديمه لمرور الشرقية" لما كان ذلك وكان إقرار الطاعن
بتسليم المحرر لشخص آخر مع تنصله من تزويره وإن كان لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد إلا أنه تضمن في ذاته إقرار بتسليم المحرر المزور للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته فإن خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسيه مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثره في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.