الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 فبراير 2019

الطعن 7 لسنة 30 ق جلسة 5 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 150 ص 1007

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1964
برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.
-------------
(150)
الطعن رقم 7 لسنة 30 القضائية
)أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "دعوى المسئولية". تعويض. تقادم. "التقادم المسقط". دعوى.
أحكام العمل غير المشروع. انطباقها على أنواع المسئولية الثلاث. النص في المادة 172 مدني على تقادم دعوى التعويض الناشئة من العمل غير المشروع بثلاث سنوات. مفاده، تقادم دعوى المسئولية عن العمل الشخصي وعمل الغير وعن الأشياء بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحوث الضرر وبالشخص المسئول عنه قانوناً.
)ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "عناصر المسئولية". محكمة الموضوع. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. استقلال قاضي الموضوع به. لمحكمة النقض بسط رقابتها متى كانت أسباب الاستخلاص ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. إقران الحكم المطعون فيه علم الطاعنات بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ وقوع الضرر. انتفاء التلازم الحتمي بينما تعييبه بالقصور.
--------------
1 - عقد المشرع لمصادر الالتزام فصولاً خمسة حيث خصص الفصل الثالث منها للمصدر الثالث من مصادر الالتزام جاعلاً عنوانه العمل غير المشروع ثم قسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع رصد الفرع الأول منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية والفرع الثاني للمسئولية من عمل الغير والفرع الثالث للمسئولية عن الأشياء، مما مفاده أن أحكام العمل غير المشروع تنطبق على أنواع المسئولية الثلاث. وإذ تحدث المشرع عن تقادم دعوى المسئولية المدنية فقد أورد نص المادة 172 من القانون المدني عاماً منبسطاً على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بصفة عامة، واللفظ متى ورد عاماً ولم يقم الدليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده، ومن ثم تتقادم دعوى المسئولية عن العمل الشخصي ودعوى المسئولية عن الأشياء بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول قانوناً عنه. ولا يؤثر في ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون الثانية تقوم على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس إذ أن كليهما مصدره الفعل غير المشروع الذي تترتب عليه المسئولية والتي لا يتأثر تقادم دعوها بطريقة إثبات الخطأ فيها. ولا وجه للتحدي بورود نص المادة 172 في موضعها من مواد المسئولية عن الأعمال الشخصية للقول بقصره على تقادم دعوى تلك المسئولية إذ أن الثابت من الأعمال التحضيرية أن المشرع حين عرض لأحكام العمل غير المشروع عرض لها في قسمين رئيسيين أفرد أولهما للمسئولية من الأعمال الشخصية مضمناً إياه القواعد العامة للمسئولية ومنها التقادم وأفرد ثانيهما لأحوال المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء ولا مراء في أن القواعد العامة تنطبق على جميع أنواع المسئولية (1).
2 - إنه وإن كان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع والتي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قرن علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ وقوع الضرر مع انتفاء التلازم الحتمي بينهما ولم يعن ببيان العناصر التي استخلص منها اقتران العلم بتاريخ وقوع الضرر فإنه يكون مشوباً بالقصور (2).

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنات رفعن على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 228 سنة 1956 كلي أمام محكمة سوهاج الابتدائية وطلبن فيها الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 800 جنيه قائلات في تبيان دعواهن إنهن يملكن منزلاً كائناً ببندر أخميم وقد حدث في فبراير سنة 1953 أن انفجرت أنابيب المياه الممتدة بالشارع المار بالجهة القبلية للمنزل نتيجة إهمال عمال المجلس البلدي في صيانتها وعدم الكشف عليها في أوقات منتظمة مما أدى إلى انهيار المنزل وتهدمه بأكمله، وقد بادر عقب الانهيار برفع دعوى إثبات الحالة رقم 408 سنة 1954 مدني أخميم طلبن فيها تعيين خبير لمعاينة المنزل وبيان سبب تهدمه وتقدير ما لحقهن من ضرر من جراء ذلك وقد أجابتهن المحكمة إلى طلبهن وأودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن السبب المباشر لانهيار المنزل هو انفجار أنابيب مياه المجلس البلدي وأن التكاليف اللازمة لإعادة بناءه إلى الحالة التي كان عليها قبل الانهيار تقدر بمبلغ ثمانمائة جنيه وقد قضت محكمة سوهاج الابتدائية في 29 من أكتوبر سنة 1958 بإلزام المدعى عليه بصفته (المطعون ضده) بأن يدفع للمدعيات (الطاعنات) مبلغ ثمانمائة جنيه رفع المطعون ضده استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 37 سنة 34 ق ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 7/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط حق المستأنف عليهن (الطاعنات) في الدعوى تأسيساً على مرور ثلاث سنوات من تاريخ علمهن بالضرر وبالشخص المسئول عنه. طعن الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين كيف واقعة الدعوى بغير تكييفها الصحيح فوصف مسئولية المطعون ضده خطأ بأنها مسئولية عن عمل شخصي تحكمها المادة 163 من القانون المدني بينما هي مسئولية ناشئة عن شيء تحكمها المادة 178 من ذلك القانون وقد جره هذا الخطأ إلى خطأ آخر هو تطبيق التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني مع أن التقادم الوارد بهذا النص لا ينطبق إلا على دعوى التعويض عن المسئولية عن العمل الشخصي دون دعوى التعويض عن عمل الغير وعن المسئولية الناشئة عن الأشياء يدل على ذلك اختلاف مصدر الالتزام في كل من المسئوليات الثلاث فبينما مصدره في الأولى الخطأ الشخصي الثابت إذا مصدره في الثانية الخطأ المفترض الذي يقبل إثبات العكس وفي الثالثة الخطأ المفترض الذي لا يقبل إثبات العكس - كما يدل عليه أيضاً أن المشرع حين أورد نص المادة 172 أوردها في نهاية المواد الخاصة بالمسئولية عن الأعمال الشخصية وقبل المواد الأخرى الخاصة بالمسئوليتين الأخريين مما مفاده عدم انطباقه عليهما وخضوعهما للقواعد العامة في التقادم. وإذ كان هذا النص نصاً استثنائياً فإنه لا يجوز التوسع في تفسيره.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه أياً كان الرأي في تكييف مسئولية المطعون ضده وهل هي مسئولية عن عمل شخصي أو مسئولية ناشئة عن شيء فإن كلا المسئوليتين ينطبق عليهما حكم المادة 172 من القانون المدني ذلك أن المشرع عقد لمصادر الالتزام فصولاً خمسة حيث خصص الفصل الثالث منها للمصدر الثالث من مصادر الالتزام جاعلاً عنوانه العمل غير المشروع ثم قسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع رصد الفرع الأول منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية والفرع الثاني للمسئولية عن عمل الغير والفرع الثالث للمسئولية الناشئة عن الأشياء مما مفاده أن أحكام العمل غير المشروع تنطبق على أنواع المسئولية الثلاث وإذ تحدث المشرع عن تقادم دعوى المسئولية المدنية فقد أورد نص المادة 172 عاماً منبسطاً على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بصفة عامة واللفظ متى ورد عاماً ولم يقم دليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده ومن ثم تتقادم دعوى المسئولية عن العمل الشخصي ودعوي المسئولية الناشئة عن الأشياء بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول قانوناً عنه ولا يؤثر في ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون الثانية تقوم على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس إذ أن كليهما مصدره الفعل غير المشروع الذي تترتب عليه المسئولية والتي لا يتأثر تقادم دعوها بطريقة إثبات الخطأ فيها ولا وجه للتحدي بورود نص المادة 172 في موضعها من مواد المسئولية عن الأعمال الشخصية للقول بقصره على تقادم دعوى تلك المسئولية إذ أن الثابت من الأعمال التحضيرية أن المشرع حين عرض لأحكام العمل غير المشروع عرض لها في قسمين رئيسيين أفرد أولهما للمسئولية عن الأعمال الشخصية مضمناً إياه القواعد العامة للمسئولية ومنها التقادم وأفرد ثانيهما لأحوال المسئولية عن عمل الغير والمسئولية الناشئة عن الأشياء ولا مراء في أن القواعد العامة تنطبق على جميع أنواع المسئولية ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه على زعم أن المادة 172 من القانون المدني تنص على أن التقادم الثلاثي يبدأ من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه فإن الحكم المطعون فيه اعتبر بدء التقادم سارياً من تاريخ وقوع الضرر دون أن يبين العناصر التي استخلص منها تاريخ بدء سريان التقادم مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه حين عرض لسقوط الدعوى بالتقادم قرر ما يأتي "وحيث إن هذه المحكمة تتبين من مطالعة صحيفة الدعوى الابتدائية أن المستأنف عليهن (الطاعنات) اختصمن المستأنف (الطاعن) وأعلنه بتاريخ 8/ 4/ 1956 وانطوت الصحيفة على أن الحادث الذي أدى إلى انهيار منزلهن قد وقع في فبراير سنة 1953 بسبب إهمال العمال التابعين للمستأنف ومن ذلك يتضح في جلاء أن المستأنف عليهن علمن بالضرر الواقع بهن ومسببه ولم يباشرن الدعوى ضد المستأنف إلا بعد انقضاء مدة ثلاث سنوات على ذلك الأمر الذي يسقط حقهن في الدعوى المذكورة إعمالاً لنص المادة 172 فقرة أولى من القانون المدني" وحيث إنه وإن كان استخلاص علم الطاعنات بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع والتي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرن علم الطاعنات بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ وقوع الضرر مع انتفاء التلازم الحتمي بينهما ولم يعن ببيان العناصر التي استخلص منها اقتران العلم بتاريخ وقوع الضرر فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه ولا محاجة فيما تضمنه الحكم من أن صحيفة الدعوى انطوت على أن الحادث وقع في فبراير سنة 1953 بسبب إهمال العمال التابعين للمطعون ضده إذ أن ذلك لم يتضمن إقراراً من الطاعنات بعلمهن بالشخص المسئول عن الضرر في ذلك التاريخ بل كان ذلك منهن على سبيل الرواية بعد ما تبين لهن من دعوى إثبات الحالة.

 (1)راجع نقض 11/ 4/ 1963 الطعون أرقام 299 س 27 ق، 319 س 27 ق، 321 س 27 ق السنة 14 ص 520
 (2)راجع نقض 27/ 4/ 1961 الطعن 551 س 25 ق السنة 12 س 404.

الطعنان 392 ، 408 لسنة 52 ق جلسة 23 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 64 ص 282

جلسة 23 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، وليم رزق بدوي، محمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.
--------------
(64)
الطعنان رقما 392/ 408 لسنة 52 القضائية
1 - نقض "بيان أسباب الطعن". ما لا يصلح سبباً للطعن".
النعي على الحكم المطعون فيه لم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة ولم يصدر منها قضاء فيه. غير مقبول.
2 - تعويض "تقادم دعوى التعويض". تقادم "التقادم المسقط". إثبات "عبء الإثبات".
التقادم الذي تسقط به دعوى التعويض. م 172 مدني بدء سريانه من تاريخ علم المضرور بوقوع الضرر وبالشخص المسئول عنه. الأصل عدم العلم. أثر ذلك. وقوع عبء إثبات على الخصم الذي يدعي خلاف ذلك. علة ذلك.
3 - محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
فهم الواقع في الدعوى. من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق
4 - نقض "أسباب الطعن".
نعي التابع على الحكم المطعون فيه خطأه في تحديد شخصية المتبوع. غير مقبول. علة ذلك.
5 – 7 نقض "أثر نقض الحكم". حكم. قوة الأمر المقضي. استئناف "سلطة محكمة الاستئناف".تقادم "تقادم مسقط" تعويض " تقديره".
5 - نقض الحكم. أثره. ما يطرح على محكمة النقض وتدلي برأيها فيه قصد وبصر. اكتسابه قوة الأمر المقضي به.
6 - نقض الحكم. أثره. إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض التي كان أساساً لها.
7 - قضاء محكمة الاستئناف برفض الدفع بتقادم دعوى التعويض وبتخفيض المقضي به ابتدائياً وبرفض طلب زيادته. نقض الحكم كلياً لمصلحة المسئولين في خصوص رفض الدفع بالتقادم. وجوب تقيد محكمة الإحالة بالنطاق الذي فصلت فيه محكمة النقض. تجاوزها إلى الحكم بزيادة التعويض. خطأ. علة ذلك.
8 - حكم "الطعن في الحكم" نقض.
قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه. سريانها على الطعن بالنقض. علة ذلك.
--------------
1 - إذا كان الحكم في الاختصاص قد تضمنه الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 30/ 1/ 1975 ولم يطعن عليه بالنقض في شأنه ومن ثم فلم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة ولم يصدر منها قضاء فيه ويتعين عدم قبول النعي المؤسس عليه
2 - مؤدي نص المادة 172/ 1 من القانون المدني أن المشرع استحدث في نطاق المسئولية التقصيرية تقادماً قصيراً يقضي بسقوط دعوى التعويض الناشئة عن عمل غير مشروع بانقضاء ثلاث سنوات وجعل من شروط هذا التقادم أن يبدأ سريان مدته من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه فإذا لم يعلم بالضرر الحادث أو يقف على شخص من أحداثه، فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير ولم يرد في النص المذكور ذكر تاريخ وقوع الحادث ولا يفيد افتراض علم المضرور بالضرر الحادث والوقوف على شخص محدثه من هذا التاريخ والأصل عدم العلم، وقد ادعى الطاعنان في الدفع المبدى منهما بسقوط الدعوى بالتقادم علم المطعون ضدهما بالضرر الحادث وبشخص من أحدثه قبل رفع الدعوى بثلاث سنوات فيكون عليهم عبء إثبات ذلك إذ أن المشرع عنى بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات مستهدياً في ذلك بالمبدأ العام في الشريعة الإسلامية والذي يقضي بأن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والمراد بمن ادعى ليس من رفع الدعوى بل كل خصم يدعي على خصمه أمراً على خلاف الظاهر سواء كان مدعياً في الدعوى أو مدعى عليه.
3 - المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى من شأن قاضي الموضوع وحده ولا رقيب عليه في ذلك متى كان استخلاصه لما استخلص سائغاً له سنده من الأوراق وأنه رتب على ما استخلص نتيجة سائغة ومحمولة على ما يكفي لحملها
4 - من المقرر أنه لا يقبل النعي ما لم يكن لمن تمسك به مصلحة فيه، وإذ كان سبب النعي يتعلق بمسئولية الطاعنين في الطعن الثاني باعتبارهما متبوعين وكانت مسئولية الطاعن في الطعن الأول كتابع لا تتأثر بكون الطاعنين المذكورين أو غيرهما هو المتبوع ومن ثم فإنه لا مصلحة للطاعن في الطعن الأول ولا صفه له في نعيه على الحكم بتقرير مسئولية باقي الطاعنين كمتبوعين حال أنه يتبع متبوعاً أخر ويتعين عدم قبوله.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة، ويقصد بالمسألة القانونية في هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة، فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها في حدود المسالة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية.
6 - مفاد الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض والتي كان أساساً لها ويتم هذا الإلغاء بقوة القانون ويقتصر هذا الأثر على النطاق من الحكم الذي رفع عنه الطعن بالنقض أما تلك الأجزاء التي تضمنت قضاء قطعياً ولم يطعن عليها المحكوم عليه فيها فتكسب قوة الشيء المحكوم فيه بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية.
7 - لما كان الثابت من الحكم الاستئنافى السابق أن محكمة الاستئناف قضت في الاستئناف المقابل المرفوع من المطعون ضدهما الأولين بطلب زيادة التعويض برفضه وهو قضاء عليهما لمصلحة الطاعنين لم يطعن عليه بالنقض فيجوز حجية الأمر المقضي فيه. كما قضت في الاستئنافين الأصليين المرفوعين من الطاعنين بتعديل التعويض المحكوم عليهم به بالتضامن فيما بينهم بإنقاصه من 2000 جنيه إلى 700 جنيه وهو أيضاً قضاء على المطعون ضدهما الأولين لمصلحة الطاعنين لم يطعن عليه بالنقض فيحوز حجية الأمر المقضي. كما أن الطعن بالنقض السابق المرفوع من الطاعن في الطعن الأول الماثل كان في خصوص مسئوليته عما حكم عليه به من تعويض تحدد مقداره بمبلغ 700 جنيه وقد نقض في خصوص تقادم المسئولية وتقدير التعويض بمبلغ 700 جنيه ولا يتعداه إلى الزيادة في تقدير التعويض المناسب للضرر الذي قدرته محكمة الاستئناف بمبلغ 700 جنيه ورفضت ما زاد عليه لمصلحة الطاعنين على المطعون ضدهما الأولين بقضاء لم يطعن فيه المحكوم عليهم (الطاعنون) ولم يكن مطروحاً على محكمة النقض في الطعن السابق ولا مترتباً على نقض الحكم في رفض الدفع بالتقادم. لما كان ذلك وكانت محكمة الإحالة قد انتهت بالحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بالتقادم وإلى ثبوت مسئولية الطاعنين المترتبة على نقض الحكم السابق فيما قضى به من رفض الدفع بالتقادم فإنه ما كان لها أن تتجاوز الحد الأعلى لمقدار التعويض الذي تحدد بقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي.
8 - قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه المستفادة من مفهوم ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 218 من قانون المرافعات هي قاعدة لا استثناء فيها وأن الاستثناءات التي أوردها المشرع في الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاصرة على أحوال تتعدى الإفادة من الطعن إلى غير من رفعه ولا تتناول أية حالات يمكن أن يضار فيها الطاعن بطعنه ومن ثم فإن قاعدة أن لا يضار الطاعن بطعنه قاعدة مطلقة تطبق في جميع الأحوال وقد وردت في القواعد العامة للطعن في الأحكام فتسري على جميع الطعون بما فيها الطعن بالنقض وعلى أساسها يتحدد أثر نقض الحكم نقضاً كلياً أو جزئياً فلا ينقض الحكم إلا فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 223 لسنة 1972 مدني كلي الجيزة على الطاعنين في الطعنين بطلب الحكم بإلزامهم أن يدفعوا لهما مبلغ عشرين ألف جنيه وقالا بياناً لها أن ابنهما مجدي اشترك في رحلة أعدتها مدرسته يوم 19/ 1/ 1968 وقد توفي إثر حادث أثناء عودته منها وأجريت مديرية التربية والتعليم تحقيقاً إدارياً أسفر عن مسئولية الطاعن في الطعن الأول رقم 392 لسنة 52 القضائية عن وفاته باعتباره المشرف على الرحلة. وإذ كان هذا الأخير تابعاً للطاعنين في الطعن الثاني رقم 408 لسنة 52 القضائية وقد لحق بالمتوفى ضرر استحق عنه تعويضاً يرثانه، كما يحق لهما المطالبة بتعويض عما أصابهما من أضرار، فقد أقاما الدعوى. وبتاريخ 31/ 1/ 1973 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين في الطعنين متضامنين أن يدفعوا للمطعون ضدهما الأولين مبلغ ألفي جنيه. فاستأنف الطاعن في الطعن الأول هذا الحكم باستئناف رقم 1265 لسنة 91 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعنان في الطعن الثاني بالاستئناف رقم 1459 لسنة 91 ق القاهرة، وبتاريخ 30/ 1/ 1975 قضت المحكمة برفض الدفع بسقوط الحق في إقامة دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي وبرفض الاستئناف القابل رقم 4286 لسنة 91 ق القاهرة - وبتخفيض التعويض المقضي به على 700 جنيه في الاستئنافين رقمي 1265، 1459 لسنة 91 ق القاهرة. طعن الطاعن في الطعن الأول الماثل على هذا الحكم بالنقض بالطعن رقم 313 لسنة 46 ق. وبتاريخ 31/ 1/ 1979 نقض الحكم بالنسبة للطاعنين في الطعنين الماثلين استناداً إلى خلو مدوناته من أسباب تحمل قضاءه برفض الدفع بالتقادم مما يعيبه بالقصور وأحيلت القضية لمحكمة استئناف القاهرة فعجل الطاعن في الطعن الأول استئنافه رقم 1265 لسنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 10/ 2/ 1981 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوقه. وبتاريخ 26/ 12/ 1981 حكمت المحكمة أولاً - في الاستئنافين رقمي 1265، 1456 لسنة 91 ق القاهرة برفضها - ثانياً: - في الاستئناف المقابل رقم 4286 لسنة 91 ق القاهرة بتعديل التعويض المقضي به إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه توزع على المحكوم لهم على النحو المبين بالأسباب. طعن الطاعنون على هذا الحكم بالنقض بالطعنين الماثلين 392، 408 لسنة 52 ق. وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفضه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها قررت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول رقم 392 لسنة 52 قضائية ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون في قضائه باختصاص القضاء العادي بطلب التعويض في حين أن مسئوليته عنه إدارية ينعقد بها الاختصاص للقضاء الإداري.
وحيث إن النعي غير مقبول لأنه لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه إذ الحكم في الاختصاص قد تضمنه الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 30/ 1/ 1975 ولم يطعن عليه بالنقض في شأنه. ومن ثم فلم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد الإحالة ولم يصدر منها قضاء فيه ويتعين عدم قبول النعي المؤسس عليه.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى بالسبب الرابع من أسباب نعيه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف كلفت الطاعنين بإثبات أن المطعون عليهما الأولين علما بشخص المسئول عن الضرر قبل رفع الدعوى بأكثر من ثلاث سنوات، وانتهت في حكمها المطعون فيه إلى أنهم لم يشهدوا أحداً ورتب الحكم على ذلك عجزهم علن إثبات الدفع بالتقادم وقضى برفضه. وهذا من الحكم الخطأ في تطبيق القانون إذا أن نص المادة 172/ 1 من القانون المدني أقام قرينة قانونية تفيد علم المضرور بشخص المسئول عن الضرر من تاريخ وقوع الحادث في 18/ 11/ 1968 والدعوى رفعت في 9/ 2/ 1972 كما أن العلم أمر شخصي ظاهره علم المضرور بالضرر الحادث وبشخص من أحدثه والقاعدة أن من يدعي عكس هذه القرينة أو عكس الظاهر عليه عبء إثبات ما يدعيه، والمطعون عليهما الأولين يدعيان بذلك ومن ثم كان المتعين أن يلقى الحكم المطعون فيه عليهما عبء الإثبات ولكنة قضى على خلاف ذلك بما يؤدي إلى نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني تنص على أنه "تسقط بالتقادم الدعوى الناشئة عن العمل غير المشرع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع" ومؤدى ذلك أن المشرع استحدث في نطاق المسئولية التقصيرية تقادماً قصيراً، يقضي بسقوط دعوى التعويض الناشئة عن عمل غير مشروع بانقضاء ثلاث سنوات وجعل من شروط هذا التقادم أن يبدأ سريان مدته من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه، فإذا لم يعلم بالضرر الحادث أو لم يقف على شخص من أحدثه، فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير ولم يرد في النص المذكور ذكر تاريخ وقوع الحادث ولا ما يفيد افتراض علم المضرور بالضرر الحادث والوقوف على شخص محدثه من هذا التاريخ والأصل عدم العلم، وقد ادعى الطاعنان في الدفع المبدى منهما بسقوط الدعوى بالتقادم علم المطعون ضدهما بالضرر الحادث وبشخص من أحدثه قبل رفع الدعوى بثلاث سنوات فيكون عليهم عبء إثبات ذلك إذ أن المشرع عني بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات مستهدياً في ذلك بالمبدأ العام في الشريعة الإسلامية والذي يقضي بأن "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" والمراد بمن ادعى ليس من رفع الدعوى بل كل خصم يدعي على خصمه أمراً على خلاف الظاهر سواء كان مدعياً في الدعوى أو مدعى عليه، وقد التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ويقول في ذلك إن الحكم أخطأ إذ قرر بمسئوليته عن وفاة ابن المطعون عليهما الأولين لأنه أقام ذلك على أقواله وأقوال معاون المدرسة في التحقيقات الإدارية التي قررا فيها أن فترة دراسة المتوفى كانت مسائية وإنه كان متغيباً في يوم الحادث عن الحضور للمدرسة وهذا ينفي أنه كان تحت إشرافه وبالتالي تنتفي عنه المسئولية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ومردود ذلك أن المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى من شأن قاضي الموضوع وحده ولا رقيب عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً له سنده من الأوراق وأنه رتب على ما استخلص نتيجة سائغة ومحمولة على ما يكفي لحملها، لما كان ذلك، كان البين من الاطلاع على مدونات الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه أقام قضاءه بأن ابن المطعون عليهما الأولين كان ضمن تلاميذ الرحلة التي كان يشرف عليها الطاعن في الطعن الأول وأن الحادث وقع له أثناء هذه الرحلة على أساس ما استخلصه من أقوال هذا الطاعن ومعاون المدرسة وزملائه من التلاميذ بالتحقيق الإداري وباقي مستندات الدعوى وهو استخلاص سائغ وله سنده ويؤدي إلى النتيجة التي توصل إليها ويكفي لحملها، ولا تعارض بين استخلاص الحكم وجود المتوفى ضمن الطلبة وتحت إشراف الطاعن في الرحلة وبين كون المتوفى متغيباً عن المدرسة في ذلك الوقت كما لا ينفي عن الطاعن مسئوليته كون المتوفى أنضم إلى الرحلة من تلقاء نفسه، كما أن الطاعن لا ينكر أن المتوفى طالب في المدرسة وأنه كان ضمن طلبة الرحلة المكلف بالإشراف عليهم ومن ثم فإن سبب النعي - من بعد - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أساس المسئولية المفترضة بالمادتين 173، 174 من القانون المدني وهى قاصرة على ما يحدثه الخاضع للرقابة بخطئه من ضرر للغير دون ذلك الضرر الذي يحثه الخاضع للرقابة بنفسه يحدثه به الغير الذي تخضع المسئولية فيه للقواعد العامة ومنها وجواب إثبات الخطأ في جانب المسئول عن الرقابة
وحيث إن النعي غير صحيح ولا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه إذ إنه لم يرد في أسبابه ما نسبه إليه الطاعن من أنه بنى مسئوليته عن الضرر على أساس خطأ مفترض بل أسس قضاءه بمسئولية الطاعن على أحكام المسئولية التقصيرية والمنصوص عليها في المادتين 163، 164/ 1 من القانون المدني وإذ أورد الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه وأخذ بها في هذا الشأن قوله "كما أن تقصير المشرف (الطاعن) على الرحلة في الإشراف على تلاميذ الرحلة وتوجيههم وهو ثابت من عدم علم مشرف الرحلة بالحادث وقت وقوعه مباشرة على ما ثبت من تحقيقات الجنحة المنضمة ومحاولة إنكار علاقته بصفته مشرف الرحلة بالطالب الأمر الذي يرتب خطأ مشرف الرحلة والمدرسة وكان هذا الخطأ بذاته هو الذي أدي إلى تفرق تلاميذ الرحلة ولجوء الطالب المتوفى إلى خروجه إلى الطريق العام بغير إشراف محاولاً ركوب الأتوبيس إذ لو وفرت المدرسة وسيلة خاصة لنقل تلاميذ الرحلة من وإلى المدرسة وأحكم الطاعن إشرافه على تلاميذ الرحلة لتجنب وقوع الحادث. ومتى كان ذلك يحق للمدعين (المطعون ضدهما الأولين) أن يطالبا الطاعن بتعويض عن الضرر عملاً بنص المادتين 163، 164/ 1 من القانون المدني" - لما كان ذلك - فإن النعي بهذا السبب يكون غير صحيح ويعتبر غير مقبول.
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون على أساس أن الحكم قرر مسئولية الطاعنين في الطعن الثاني باعتبارهما متبوعين. في حين أنه لا صفه لهما في الدعوى إذ المتبوع صار بالقانون رقم 124 سنة 1960 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 1713 لسنة 1960 هو المحامي الذي انتقل إليه بالقانون المذكور الإشراف على المدرسة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك لما كان من المقرر أنه لا يقبل النعي ما لم يكن لمن تمسك به مصلحة فيه وكان سبب النعي يتعلق بمسئولية الطاعنين في الطعن الثاني باعتبارهما متبوعين وكانت مسئولية الطاعن في الطعن الأول كتابع لا تتأثر بكون الطاعنين المذكورين أو غيرهما هو المتبوع ومن ثم فإنه لا مصلحة للطاعن في الطعن الأول ولا صفه له في إبدائه ويتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطاعنين في الطعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بباقي أسباب الطعنين مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم اعتبر الاستئناف رقم 4286 لسنة 91 ق القاهرة المرفوع من المطعون ضدهما الأولين مطروحاً على المحكمة مع الاستئنافين رقمي 1265، 1459 لسنة 91 ق القاهرة المرفوعين منهم على أساس ما اعتنقه من فهم خاطئ مؤداه أن نقض الحكم الاستئنافي السابق أعاد طرح الاستئنافات الثلاث على المحكمة من جديد باعتبار أن الحكم الناقض نقض الحكم جميعه وانتهى من ذلك إلى قضائه بزيادة التعويض إلى خمسة آلاف جنيه في حين أن الطعن بالنقض السابق كان من الطاعن في الطعن الأول الماثل عن الحكم الصادر ضده بإلزامه بتعويض قدره 700 جنيه وانتهى الحكم الناقض إلى نقضه لمصلحته ولمصلحة الطاعنين في الطعن الثاني الماثل لما بينه وبينهما من تضامن في المسئولية إذ أن المطعون ضدهما الأولين لم يطعنا فيه أو في الحكم الصادر في استئنافهما المقابل رقم 4286 لسنة 91 ق القاهرة برفضه مما يترتب عليه أن الحكم في الاستئنافين المرفوعين من الطاعنين بتخفيض التعويض إلى 700 جنيه وفي استئناف المطعون ضدهما المقابل حاز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للمطعون ضدهما الأولين وكان يتعين على محكمة الإحالة أن تلتزم هذه الحجية عند نظرها للدعوى وقد خالف ذلك، فضلاً عن أن قضاء الحكم المطعون فيه بزيادة مقدار التعويض من 700 جنيه إلى 5000 جنيه قد أضر بالطاعنين الذين نقض الحكم السابق لمصلحتهم وخالف بذلك قاعدة أن لا يضار الطاعن بطعنه، ولا يفيد منه إلا رافعه، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة، وكان يقصد بالمسألة القانونية في هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة، فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، وأن مفاد الفقرة الأولى من المادة 271 من ذات القانون أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض والتي كان أساساً لها ويتم هذا الإلغاء بقوة القانون ويقتصر هذا الأثر على النطاق من الحكم الذي رفع عنه الطعن بالنقض، أما تلك الأجزاء التي تضمنت قضاء قطعياً ولم يطعن عليها المحكوم عليه فيها فتكسب قوة الشيء المحكوم فيه بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية. كما أنه يمتنع عليها أن تخل بقاعدة أن الطعن لا يضار به رافعه ولا يستفيد منه سواه والمرتبطة مراكزهم في الدعوى بمركزه القانوني - لما كان ذلك - وكان الثابت من الحكم الاستئنافى السابق أن محكمة الاستئناف قضت في الاستئناف المقابل المرفوع من المطعون ضدهما الأولين بطلب زيادة التعويض برفضه وهو قضاء عليهما لمصلحة الطاعنين لم يطعن عليه بالنقض فيحوز حجية الأمر المقضي فيه، كما قضت في الاستئنافين الأصليين المرفوعين من الطاعنين بتعديل التعويض المحكوم عليهم به بالتضامن فيما بينهم بإنقاصه 2000 جنيه إلى 700 جنيه وهو أيضاً قضاء على المطعون ضدهما الأولين لمصلحة الطاعنين لم يطعن عليه بالنقض فيحوز حجية الأمر المقضي. كما أن الطعن بالنقض السابق المرفوع من الطاعن في الطعن الأول الماثل كان في خصوص مسئوليته عما حكم عليه به من تعويض تحدد مقداره بمبلغ 700 جنيه وقد نقض في خصوص تقادم المسئولية وتقدير التعويض بمبلغ 700 جنيه ولا يتعداه إلى الزيادة في تقدير التعويض المناسب للضرر الذي قدرته محكمة الاستئناف بمبلغ 700 جنيه ورفضت ما زاد عليه لمصلحة الطاعنين على المطعون ضدهما الأولين بقضاء لم يطعن فيه المحكوم عليهم (الطاعنون) ولم يكن مطروحاً على محكمة النقض في الطعن السابق ولا مترتباً على نقض الحكم في رفض الدفع بالتقادم لأن التقادم يرد أولاً على المسئولية في ذاتها وعلى التعويض مقدراً على 700 جنيه لا يتعداه بالزيادة لأن الحد الأعلى لمقدار التعويض قد تحدد بالمبلغ المذكور بقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي وليس ما يمنع من أن يكون التعويض مقدراً بحد لا يتجاوز اتفاقاً أو قضاء فلا تتجاوزه المحكمة حتى ولو كان تقديرها بالتعويض المناسب أكثر منه، كما لا يمنع من أن يرد التقادم على تعويض قدر حده الأعلى بما لا يستطيع الحكم تجاوزه - لما كان ذلك وكانت محكمة الإحالة قد انتهت بالحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بالتقادم وإلى ثبوت مسئولية الطاعنين المترتبة على نقض الحكم السابق فيما قضى به من رفض الدفع بالتقادم، فإنه ما كان لها أن تتجاوز الحد الأعلى لمقدار التعويض الذي تحدد بقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي ما كان لها أيضاً لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه المستفادة من مفهوم ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 218 من قانون المرافعات من أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه وهى قاعدة لا استثناء فيها لأن الاستثناءات التي أوردها المشرع في الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاصرة على أحوال تتعدى الإفادة من الطعن إلى غير من رفعه ولا تتناول أيه حالات يمكن أن يضار فيها الطاعن بطعنه ومن ثم فإن قاعدة أن لا يضار الطاعن بطعنه قاعدة مطلقة تطبق في جميع الأحوال وقد وردت في القواعد العامة للطعن في الأحكام فتسري على جميع الطعون بما فيها الطعن بالنقض وعلى أساسها يتحدد أثر نقض الحكم تنقضاً كلياً أو جزئياً فلا ينقض الحكم إلا فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه ومن ثم فإن نقض الحكم الاستثنافي السابق نقضاً كليا إنما يكون فيما قضى به على الطاعن لا ما قضى به لمصلحته فيزول الحكم وتزول جميع أثاره ويعود الخصوم إلى مراكزهم القانونية السابقة على صدور الحكم المنقوض وتلغى جميع الأعمال والأحكام اللاحقة عليه متى كان أساساً لها فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه لأن المساس بما ينفعه ضار له ولا يضار الطاعن بطعنه - لما كان ما تقدم - وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم النظر الصحيح في القانون وقضى على خلافه بزيادة التعويض من 700 جنيه إلى 5000 جنيه ألزم به الطاعنين للمطعون ضدهما الأولين بقضاء لم يلتزم فيه حجية الأمر المقضي وأضر به الطاعن في الطعن الأول الماثل كأثر من أثار طعنه هو بالنقض على الحكم الاستئنافي السابق الذي نقض نقضاً كلياً لمصلحته لا للإضرار به ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن لم يطعن على تقدير التعويض بمبلغ 700 جنيه وقد انتهت المحكمة إلى رفض الطعن بالنسبة للأسباب الأخرى التي تتعلق بالدفع بالتقادم منتهية إلى أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من رفضه فيكون تقدير التعويض بمبلغ 700 جنيه قد أصبح قضاء حائزاً قوة الأمر المقضي تلتزم به محكمة الاستئناف ويكون الموضوع صالح للفصل فيه على هذا الأساس ويتعين تعديل الحكم الصادر في الاستئنافين المرفوعين من الطاعنين على أساسه.

الطعنان 277 و 282 لسنة 49 ق جلسة 20 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 62 ص 271


جلسة 20 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عاصم المراغي وعضوية السادة المستشارين يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، ودرويش عبد المجيد وإبراهيم زغو.
-------------
(62)
الطعنان رقما 277، 282 لسنة 49 القضائية

1 - حيازة. تقادم. ريع.
الحيازة بسوء نية. أثرها. وجواب رد الثمار. سقوط الحق في المطالبة بها بالتقادم الطويل. م 375/ 1 مدني.
2 - حيازة. محكمة الموضوع
استخلاص نية واضع اليد. من سلطة محكمة الموضوع.
3 - حيازة. الحكم
اعتبار الحائز سيء النية من تاريخ إعلانه بذلك بصحيفة الدعوى. الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. أثره. زوال أثر إعلان صحيفتها بشأن إثبات سوء نيته.
4 - حيازة. ريع. تعويض
الريع ماهيته. تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار يلتزم به الغاضب.
----------------
1 - تطبيق المادتين 978، 979 من القانون المدني يقتضي حتماً التفريق بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية عند بحث تملك ثمار العين التي يضع يده عليها فإن لكل حكماً، فالثمرة وهى الريع تكون واجبة الرد إذا كان أخذها حائزاً سيء النية والحق في المطالبة بها لا يسقط إلا بالتقادم الطويل عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، أما إذا كان أخذها حازاً للعين واقترنت حيازته بحسن نية فلا رد للثمرة.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعرف حقيقة نية واضع اليد عند البحث في تملك غلة العين الموجودة تحت يده هو من مسائل الواقع التي تخضع في تقديرها لسلطة محكمة الموضوع.
3 - الحائز وإن كان يعد سيء النية من الوقت الذي يعلم فيه بعيوب سند حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ إعلانه بذلك في صحيفة الدعوى تطبيقاً لنص المادتين 185/ 3، 966/ 2 من القانون المدني، إلا أنه إذا ما انتهت هذه الدعوى بالحكم بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني فإن الأثر المستمد من إعلان صحيفتها يزول ولا يعتد به في مقام إثبات سوء النية.
4 - الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار ويلزم بالريع من ارتكب العمل غير المشرع وهو الغصب.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 277 لسنة 49 ق أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى 2030 سنة 1973 مدني كلي الزقازيق طلبوا فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم 60940 جنيهاً قيمة ريع الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى عن المدة من 1952 حتى 1973 وما يستجد بواقع 2770 جنيهاً اعتباراً من سنة 1974 الزراعية حتى تاريخ الحكم في الدعوى، وقالوا شرحاً لها بأنه قضى لهم نهائياً في الدعوى رقم 521 سنة 1969 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهم بتثبيت ملكيتهم لأطيان النزاع وأن هؤلاء وقد استولوا على تلك الأطيان فإنهم يلزمون بريعها منذ عام 1952 والذي يقدر بمبلغ 2770 جنيهاً سنوياً ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان، وبتاريخ 27/ 2/ 1974 قضت محكمة أول درجة أولاً: بسقوط حق الطاعنين في طلب الريع عن المدة من تاريخ المطالبة حتى 30/ 10/ 1968 ثانياً: بندب خبير في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 23/ 6/ 1976 بإلزام المطعون ضدهم بصافاتهم أن يؤدوا للطاعنين مبلغ 6668 جنيهاً، 760 مليماً استأنف الطاعنون الشق الأول من الحكم الصادر بجلسة 27/ 2/ 1974 بالاستئناف رقم 305 لسنة 19 ق المنصورة كما استأنف المطعون ضدهم الحكم الصادر بجلسة 23/ 6/ 1976 بالاستئناف رقم 286 لسنة 19 ق المنصورة، وبتاريخ 27/ 3/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئناف رقم 305 لسنة 19 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف فأقام الطاعنون استئنافاً فرعياً في الاستئناف رقم 286 لسنة 19 ق المنصورة وقيد استئنافهم برقم 417 لسنة 22 ق المنصورة وبتاريخ 16/ 12/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئنافين الأصلي والفرعي برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون بطريق النقض وقصرواً طعنهم على الحكم الصادر بتاريخ 27/ 3/ 1977 بعد صدور الحكم المنهي للخصومة وقيد طعنهم برقم 277 لسنة 49 القضائية كما طعن المطعون ضدهم بهذا الطريق أيضاً في الحكم الصادر بتاريخ 16/ 12/ 1978 وقيد طعنهم برقم 282 لسنة 49 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في الطعن الأول وبرفض الطعن الأخير، وإذ عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعن الأخير للأول والتزمت النيابة رأيها.
عن الطعن رقم 277 لسنة 49 ق
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد من ثلاثة أوجه ينعى الطاعنون بالوجهين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الريع ليس من قبيل الديون الدورية المتجددة فلا يسري على المطالبة به التقادم المنصوص عليه في المادة 375/ 1 من القانون المدني ولا يسقط إلا بالتقادم الطويل وإذ كان المطعون ضدهم تمسكوا بالتقادم المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر بينما أعمل الحكم المطعون فيه من تلقاء نفسه حكم الفقرة الثانية من نفس المادة فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بوجهيه مردود ذلك أنه لما كان تطبيق المادتين 978، 979 من القانون المدني يقتضي حتماً التفريق بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية عند بحث تملك ثمار العين التي يضع يده عليها فإن لكل حكماً، فالثمرة وهى الريع تكون واجبة الرد إذا كان أخذها حائزاً سيء النية والحق في المطالبة بها لا يسقط إلا بالتقادم الطويل عملا ً بنص الفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، أما إذا كان أخذها حائزاً للعين واقترنت حيازته بحسن نية فلا رد للثمرة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعرف حقيقة نية واضع اليد عند البحث في تملك غلة العين الموجودة تحت يده هو من مسائل الواقع التي تخضع في تقديرها لسلطة محكمة الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من سقوط الحق في الريع عن المدة السابقة على 30/ 10/ 1968 على قوله "إن المادة 375 من القانون المدني قد نصت على أنه لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية... إلا بانقضاء خمسة عشر سنة ومفاد ذلك أنه إذا لم يثبت أن الحائز سيء النية فلا يسري قبله نص الفقرة الثانية من تلك المادة ولما كان حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس وعلى من يدعي أن الحائز سيء النية أن يثبت ذلك وكان البين أن تثبيت ملكية المستأنفين "الطاعنين" للأرض موضوع التداعي اقتضى ندب عدة خبراء وبحث طويل للوصول إلى تلك النتيجة فلا يمكن أن تركن المحكمة على قول المستأنفين بسوء نية الحكومة" وإذ بنى الحكم المطعون فيه قضاءه على انتفاء سوء نية الجهات الحكومية حائزة العقار في الفترة السابقة على تاريخ 30/ 10/ 1968 مما لا يجوز معه مطالبتها برد الثمار عن تلك الفترة بما كان متعيناً معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضي برفض طلب الريع عن المدة السابقة على 30/ 10/ 1968 وليس بتأييد الحكم المستأنف بسقوط حق المستأنفين في المطالبة بالريع عنها وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعنون من خطأ الحكم المطعون فيه في إعمال أحكام التقادم الخمس المنصوص عليه في المادة 375/ 1 من القانون المدني على واقعة الدعوى لا يحقق لهم سوى مصلحة نظرية بحته ويكون لمحكمة النقض أن تصحح ما ورد به من خطأ قانوني وترده إلى أساسه الصحيح ما دام الحكم قد انتهى صحيحاً في نتيجته ويغدو النعي بهذين الوجهين بالتالي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أقام قضائه بانتفاء سوء نية المطعون ضدهم في حيازتهم لأطيان النزاع على الحكم بتثبيت ملكية الطاعنين لتلك الأطيان قد اقتضى تحقيقاً طويلاً وبحثاً مستفيضاً في حين أن الثابت أن مورث الطاعنين قد طالب بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع كطلب احتياطي في الدعوى رقم 63 سنة 1947 مدني كلي الزقازيق وقضى فيها بعدم قبول ذلك الطلب مما يجعل حيازة المطعون ضدهم مشوبة بسوء النية عملاً بنص المادة 185/ 3 من القانون المدني من تاريخ إقامة تلك الدعوى وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحائز وإن كان يعد سيء النية من الوقت الذي يعلم فيه بعيوب سند حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ إعلانه بذلك في صحيفة الدعوى تطبيقاً لنص المادتين 185/ 3، 966/ 2 من القانون المدني، إلا أنه إذا ما انتهت هذه الدعوى بالحكم بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني فإن الأثر المستمد من إعلان صحيفتها يزول ولا يعتد به في مقام إثبات سوء النية، وإذ كان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 63 سنة 1947 مدني كلي الزقازيق أن مورث الطاعنين قدم طلباً عارضاً في تلك الدعوى لثبوت ملكيته لأطيان النزاع وقضى فيه بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق القانوني مما ينبغي عليه زوال ما كان لهذا الطلب من أثر في اعتبار حيازة المطعون ضدهم بسوء نية، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعتد بالطلب العارض المقدم في تلك الدعوى السابقة كدليل في إثبات سوء النية من تاريخ إبدائه ويكون ما يثيره الطاعنون من نعي في هذا الصدد على غير أساس.
عن الطعن رقم 282 لسنة 49 ق
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن أرض النزاع كانت بوراً لا نبات فيها وأن استصلاحها إنما يرجع للأهالي واضعو اليد عليها فإنها بالتالي ما كانت تغل ثماراً فلا يحق مطالبتهم بالريع عنها وإن لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويرد عليه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار ويلزم بالريع من ارتكب العمل غير المشرع وهو الغصب، وإذ كان الثابت من مذكرات الطاعنين أمام محكمتي أول وثاني درجة أنهم تمسكوا بدفاع حاصله أن أرض النزاع بيعت وهي بور لواضعي اليد عليها سنة 1960 فلا يسوغ إلزام الجهات الحكومية التي يمثلونها بريع تلك الأطيان وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنين بالريع من تاريخ 30/ 10/ 1968 دون أن يواجه دفاعهم سالف البيان ويعني بتحقيقه وتمحيصه أو الرد علية مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك فإن الحكم يكون مشوباً بقصور يبطله مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة بالنسبة لهذا الطعن.

الطعن 1518 لسنة 52 ق جلسة 20 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 61 ص 262


جلسة 20 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد كمال سالم، محمد رأفت خفاجي، ومحمد سعيد عبد القادر وماهر قلادة واصف.
-------------
(61)
الطعن رقم 1518 لسنة 52 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن". بيع "بيع الجدك".
المتجر في معنى المادة 594/ 2 مدني بشأن بيع الجدك. ماهيته

2 - حكم "تسبيبه" "ما لا يعد قصوراً".
تحديد كفاية العناصر اللازمة لوجود المتجر. من سلطة محكمة الموضوع. انتهاء الحكم بأسباب سائغة إلى انحسار صفة المتجر عن المحل المبيع. التفاته عن مناقشة حالة الضرورة. لا قصور.
3، 4إيجار "إيجار الأماكن". عقد. قانون
3 - ورود عقد الإيجار على المتجر بما اشتمل عليه من مقومات مادية ومعنوية دون المبني في ذاته. أثره. خضوعه للقانون المدني. 
4 - تأجير مالك المتجر المنشأ في عقار يستأجره. تأجيره العقار ضمن عقد تأجيره المتجر. ماهيته. تأجير من الباطن فيما بينه وبين مالك العقار. أثره. خضوعه لأحكام قوانين إيجار الأماكن.
5 -  إيجار "إيجار الأماكن". بيع "بيع الجدك".
تأجير المحل التجاري. اختلافه عن بيعه. إبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع بالجدك. م 594/ 2 مدني. استثناء من الأصل العام. لا محل لإعماله في حالة تأجير الجدك من الباطن.
6 - إيجار "إيجار الأماكن". إثبات. "صفة التهجير".
صفة المهجر. ق 76/ 1969 المعدل. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية
7 - نقض "الطعن للمرة الثانية" "الحكم فيه".
تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م 269 مرافعات. شرطه. أن ينصب الطعن في المرة الثانية على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى.
------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية، وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه بل يكتفي بوجود بعضها، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل، إلا أن العنصر الرئيسي الذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري، والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى.
2 - تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل متروك لمحكمة الموضوع التي لها سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر التي اشتمل عليها البيع كافية لوجود المتجر متى كان استخلاصها سائغاً، ومتفقاً مع الثابت بالأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيان العقد المؤرخ.... والمصدق عليه من مأمورية توثيق شبرا وبما لا يخرج عما تضمنه هذا العقد المودع بحافظة الطاعنين أن المطعون ضده الثاني باع - بموجبه لمورث الطاعنين جميع محتويات المحل المعد للبيع.... نظير مبلغ.... جنيهاً، وخلص من ذلك إلى أن هذا العقد يتضمن بيع محتويات المحل، وليس بيعاً لمتجر على النحو الذي رسمه القانون إذ لا يتضمن بيعاً للعناصر المعنوية اللازم توافرها في بيع المتجر مثل السمعة التجارية والاسم التجاري والصلة بالعملاء وكان الطاعنون لا ينعون على الحكم بأنهم استدلوا على أن البيع اشتمل على العناصر الكافية لبيع المتجر بأي دليل غير العقد، وأن الحكم أغفل بحث دلالته، وكان ما استخلصه الحكم من ذلك سائغاً، ويتفق مع الثابت بالعقد وصحيح القانون، ويغنيه عن بحث دفاع الطاعنين بقيام الضرورة الملجئة للبيع فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
3 - المبنى المنشأ به المتجر لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصره المادية، وكان تأجيره بما اشتمل عليه من مقومات مادية ومعنوية ودون أن يكون الغرض الأساسي من الإجارة المبنى في ذاته، لا يخضع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لأحكام قوانين إيجار الأماكن وإنما للقواعد المقررة في القانون المدني.
4 - حين يكون المتجر منشأ في عقار، ويكون مالك العقار مستأجراً لهذا العقار فإن تأجير العقار ضمن عقد تأجير المتجر يعتبر في العلاقة بين مالك العقار ومستأجره الأصلي تأجيراً من الباطن يخضع لقانون إيجار الأماكن دون القواعد العامة في القانون المدني.
5 - تأجير المحل التجاري، يختلف عن بيعه الذي تجيزه المادة 594/ 2 من القانون المدني في حالة حصوله وفقاً للشروط المبينة بها إبقاء الإيجار لصالح مشتري المتجر ذلك أن حكم هذا النص، وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة إنما هو استثناء من الأصل العام وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل الأمر المتبقي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريق تأجيره إلى الغير وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه فإنه لا يكون هناك وجه لإعمال حكم المادة 594/ 2 سالفة الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن.
6 - القانون رقم 76 لسنة 1969 في شأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل على عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من مدن القناة وسيناء والمعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 لم يتضمن نصاً يوجب إثبات صفة المهجر ببطاقة التهجير الصادرة من السلطات المختصة دون سواها، مما مقتضاه وعلى ما جرى به أخيراً قضاء هذه المحكمة، إباحة إثبات هذه الصفة التي تقوم على وقائع مادية بكافة طرق الإثبات.
7 - المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع إلا أن التصدي لموضوع الدعوى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 5273 سنة 1975 مدني شمال القاهرة ضد الطاعنين والمطعون ضده الثاني، بطلب الحكم على الأخير في مواجهة الباقين بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما عن المحل المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه له، وقال في بيانها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1962 استأجر منه المطعون ضده الثاني محلاً كائناً بشارع.... بأجرة شهرية 53.344 جنيه وإذ أجره من الباطن لمورث الطاعنين بالمخالفة لشروط العقد، وتأخر في الوفاء بالأجرة عن المدة من أول أبريل سنة 1974 حتى آخر ديسمبر سنة 1975، فقد أقام الدعوى. أجاب الطاعنون بأن المطعون ضده الثاني باع إلى مورثهم المتجر بموجب عقد مصدق عليه من مأمورية توثيق شبرا في 4/ 1/ 1973، وتمسكوا بانطباق أحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 على واقعة الدعوى، وبعدم قبولها بالنسبة لطلب الإخلاء للتأجير في الوفاء بالأجرة لعدم تكليفهم بالوفاء بها طبقاً للقانون، وبتاريخ 25/ 3/ 1976 حكمت المحكمة في مواجهة الطاعنين بإلزام المطعون ضده الثاني بإخلاء المحل محل النزاع وتسليمه خالياً للمطعون ضده الأول. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1952 لسنة 93 القضائية القاهرة بطلب إلغائه والقضاء برفض الدعوى، وبتاريخ 17/ 4/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1153 سنة 48 القضائية، وبتاريخ 6/ 6/ 1979 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبعد تعجيلها حكمت المحكمة بتاريخ 22/ 3/ 1982 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن مورثهم اشترى من المطعون ضده الثاني المتجر الذي أنشأه بعين النزاع، فيكون من حقه - وهم من بعده - البقاء بها إعمالاً للمادة 594/ 2 من القانون المدني، ورد الحكم على هذا الدفاع بأنه حتى مع الأخذ بعقد البيع سالف الذكر، فإنه لا يعتبر بيعاً لمتجر، لأنه لم يشتمل على أهم العناصر المعنوية اللازم توافرها في بيع المتجر مثل السمعة التجارية والاسم التجاري والصلة بالعملاء، في حين أن ما أورده الحكم من ذلك غير صحيح، ذلك أن البيع الصادر من المطعون ضده الثاني لمورث الطاعنين قد اشتمل على أهم العناصر المعنوية للمحل التجاري وهو الحق في الإيجار، والذي يَفْضُل عنصر الاتصال بالعملاء، لأن موقع المتجر هو الذي يجتذب العملاء، وأنه لا يلزم بيان عناصر المحل التجاري بالعقد اكتفاء بثبوت أن البيع قد انصب فعلاً على العناصر الكافية لبيع المتجر، وهو ما يكشف عنه ما ورد بالعقد من أن العين المبيعة هي المحل المعد لبيع الخردوات، وإذ لم يعتد الحكم بتوافر هذه العناصر، وحجب نفسه عن بحث توافر الضرورة التي ألجأت المطعون ضده الثاني إلى بيع المتجر، والتي تتمثل في كونه موظفاً ورث المحل عن أبيه ولا يتسع وقته لإدارته، فضلاً عما يتعرض له من مخالفة قانون العاملين المدنيين بالدولة الذي يحظر على العامل بالذات أو بالواسطة مزاولة الأعمال التجارية، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، يكون مشوباً بالقصور المبطل له.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثبات ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية، وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره، ولا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه، بل يكتفي بوجود بعضها، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل، إلا أن العنصر الرئيسي الذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري، والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة، هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى، وهذا التحديد متروك لمحكمة الموضوع التي لها سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر التي اشتمل عليها البيع كافية لوجود المتجر، متى كان استخلاصها سائغا ومتفقاً مع الثابت بالأوراق. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيان العقد المؤرخ 4/ 1/ 1973 - والمصدق عليه من مأمورية توثيق شبرا، وبما لا يخرج عما تضمنه هذا العقد المودع بحافظة الطاعنين - أن المطعون ضده الثاني باع بموجبه لمورث الطاعنين جميع محتويات المحل المعد لبيع الخردوات والسجائر والأدوات المدرسية نظير مبلغ أربعين جنيهاً، وخلص من ذلك إلى أن هذا العقد يتضمن بيع محتويات المحل، وليس بيعاً لمتجر على النحو الذي رسمه القانون، إذ لا يتضمن بيعاً للعناصر المعنوية اللازم توافرها في بيع المتجر مثل السمعة التجارية والاسم التجاري والصلة بالعملاء، وكان الطاعنون لا ينعون على الحكم بأنهم استدلوا على أن البيع استمل على العناصر الكافية لبيع المتجر بأي دليل غير العقد، وأن الحكم أغفل بحث دلالته، وكان ما استخلصه الحكم من ذلك سائغاً، ويتفق مع الثابت بالعقد، وصحيح القانون، ويغنيه عن بحث دفاع الطاعنين بقيام الضرورة الملجئة للبيع، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق بالقانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على أن المطعون ضده الثاني أجر لمورثهم محل النزاع بمشتملاته من الباطن بأجرة شهرية قدرها ثمانية جنيهات، بموجب العقد المؤرخ 16/ 1/ 1973 والثابت التاريخ في 18/ 1/ 1973، وفات الحكم بحث دفاعهم بأن هذا التأجير - بفرض وجوده - انصب على المحل التجاري بمقوماته المادية والمعنوية، فيعد... تأجيراً لمنقول، ولا يخضع للقوانين الاستثنائية التي تحظر التأجير من الباطن، وإذ لم يعتبره الحكم كذلك، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان المبنى المنشأ به المتجر لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصره المادية. وكان تأجيره - بما اشتمل عليه من مقومات مادية ومعنوية، ودون أن يكون الغرض الأساسي من الإجارة المبنى في ذاته - لا يخضع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لأحكام قوانين إيجار الأماكن، وإنما للقواعد المقررة في القانون المدني، إلا أنه حين يكون المتجر منشأ في عقار ويكون مالك المتجر مستأجراً لهذا العقار، فإن تأجير العقار ضمن عقد تأجير المتجر يعتبر في العلاقة بين مالك العقار ومستأجره الأصلي تأجيراً من الباطن يخضع لقوانين إيجار الأماكن، دون القواعد العامة في القانون المدني. لما كان ذلك، وكان تأجير المحل التجاري يختلف عن بيعه الذي تجيز المادة 594/ 2 من القانون المدني في حالة حصوله وفقاً للشروط المبينة بها إبقاء الإيجار لصالح مشتري المتجر، ذلك أن حكم هذا النص - وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة - إنما هو استثناء من الأصل العام، وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل، الأمر المتبقي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريق تأجيره إلى الغير. وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه، فإنه لا يكون هناك وجه لأعمال حكم المادة 594/ 2 سالفة الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله، ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب. لعدم الرد بأسباب خاصة على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص في غير محله أيضاً لكونه دفاعاً غير جوهري لا يعيب الحكم عدم الرد عليه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم ومورثهم مهجرون من مدينة الإسماعيلية، فلا يجوز وفقاً لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 الحكم ضدهم بإخلاء عين النزاع، حتى بفرض أن شغلهم لها كان بطريق التأجير من الباطن، واستدلوا على ذلك ببطاقة مورثهم العائلية الصادرة في 4/ 11/ 1962 والثابت بها أنه كان يقيم بقسم البستان بمدنية الإسماعيلية وشهادتين صادرتين من الإتحاد الاشتراكي بمحافظة الإسماعيلية بتاريخ 9/ 7/ 1973 أثبت بها أن.... و.... - المشمولين بولاية الطاعن الأول - مهجران من مدينة الإسماعيلية، وصورة الشهادة الصادرة من القوات المسلحة بتاريخ 9/ 6/ 1971 بتأدية مورثهم الخدمة العسكرية للمتطوعين والدالة على إنهاء خدمته لعدم اللياقة الطبية، وبأن الحكم أطرح هذا الدفاع على سند من أن صفة المهجر لا تثبت إلا ببطاقة التهجير الصادرة من الجهات المختصة ولا تثبت بسواها، في حين أن الإقامة بمدن القناة وسيناء وتهجر المقيمين بها إلى غيرها من الجهات لا تعدو أن تكون وقائع مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يعرض لدلالة المستندات التي قدمها الطاعنون لإثبات صفتهم كمهجرين، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن القانون رقم 76 لسنة 1969 - في شأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من منطقة القناة وسيناء - والمعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 لم يتضمن نصاً يوجب إثبات صفة المهجر ببطاقة التهجير الصادرة من السلطات المختصة دون سواها، مما مقتضاه - وعلى ما جرى به أخيراً قضاء هذه المحكمة - إباحة إثبات هذه الصفة التي تقوم على وقائع مادية بكافة طرق الإثبات - ولما كان الحكم المطعون في قد أقام قضاءه بالإخلاء على أن "صفة المهجر لا تثبت إلا ببطاقة التهجير الصادرة من السلطات المختصة، ولا تثبت بسواها، وتقتصر فاعلية هذه البطاقة على الجهة التي تم التهجير إليها مباشرة، لما كان ذلك وكان المستأنفون – الطاعنون - لم يتقدموا ببطاقات التهجير الدالة على صفتهم، فإن المحكمة تلتفت عما زعموه من صفتهم كمهجرين، ولا يغني في هذا الصدد الشهادات الصادرة من الإتحاد الاشتراكي أو غيره من الجهات"، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ من بحث دلالة المستندات التي قدمها الطاعنون على صحة ما دفاعهم من أنهم من المهجرين من مدينة الإسماعيلية ويستفيدون - تبعاً لذلك - بأحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 سالفة الذكر، وهو ما يوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه، وكان النقض للمرة الثانية، أن تحكم في الموضوع إلا أن التصدي لموضوع الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى. ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعي على ما قضى به من أن الاستثناء الوارد بالقانون رقم 76 لسنة 1969 سالف الذكر لا يسري على الأماكن التي أنشئ بها متجر أو مصنع، وورد الطعن الثاني على القضاء بعدم جواز إثبات صفة المهجر إلا ببطاقة التهجير الصادرة من الجهات المختصة دون سواها، وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً في الطعن الأول.
ولما كان الموضوع غير صالح للفصل فيه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة