باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأربعاء (و)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/قدري عبدالله خالد الوكيل نائبي رئيس المحكمة محمد رفاعي و إسلام
عبد المنعم
وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ كريم شكري.
وأمين السر السيد/محمد حسن.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة.
في يوم الأربعاء 29 من رجب سنة 1443 ه الموافق 2 من مارس سنة 2022 م.
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 3764 لسنة 90 القضائية.
المرفوع من
..... (الطاعن)
ضد
النيابة العامة (المطعون ضدها)
-------------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة كل من 1 ..... 2 .... (طاعن) 3 ..... 4 ..... في
القضية رقم 54 لسنة 2019 جنايات قسم براني (والمقيدة برقم 241 لسنة 2019 كلي
مطروح) بوصف أنهم في يوم 24 من فبراير سنة 2019 بدائرة قسم براني محافظة مطروح:
المتهم الأول :
حاز
بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (حشيش) في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً.
حاز
بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (ترامادول) في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً.
المتهمون الثاني والثالث والرابع :
صنعوا بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً.
حازوا بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً.
المتهمان الثاني والرابع :
حازا
بقصد الإتجار أقراصاً تحوي جوهراً مخدراً (ترامادول) في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات مطروح لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارد
بأمر الإحالة.
ومحكمة الجنايات المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث
والرابع في 20 من نوفمبر سنة 2019 عملاً بالمواد 1، 2، 7/1، 33 فقرة أولى بند (ب)
34 فقرة أولى بند(أ)، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122
لسنة 1989 والبندين رقمي (56) والأخير من القسم الثاني من الجدول رقم (1) المعدل
والملحق بالقانون، وذلك بعد تطبيق نص المادة 32 من قانون العقوبات، أولاً: بمعاقية
..... بالسجن المؤبد وتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه والمصاريف الجنائية،
ثانياً: ببراءة كل من/ ..... مما أسند إليه، ثالثاً: بمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه الثاني بشخصه في هذا الحكم بطريق النقض في 3 من
ديسمبر سنة 2019.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض عن الطاعن في 18 من يناير سنة 2020
موقع عليها من الأستاذ/..... (المحامي).
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
من حيث إن الطعن إستوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم صنع
جوهر مخدر بقصد الإتجار وحيازته أقراص الترامادول المخدر بقصد الإتجار قد شابه
القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه
لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان تلك الجرائم، وجاءت عباراته
عامة مجملة، ولم يورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها، واقتصر على نتيجة تقرير
المعمل الكيماوي دون بيان مضمونه على نحو مفصل، وخلا من بيان ماهية الأدوات
المستخدمة في التصنيع وكنه المواد العالقة بها، كما أغفل بيان الأقراص المضبوطة
والتي خلا تحليلها من المادة المخدرة، ودان الطاعن بجريمة صنع جوهر مخدر بقصد الإتجار
رغم تمسكه بإنتفاء أركانها وخاصة قصد التصنيع، كما أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش
لإبتنائه على تحريات غير جدية ومتناقضة مع التحريات التكميلية برد قاصر يتناقض
قوله بجديها مع ما انتهى إليه من تبرئة باقي المتهمين، واعتنق تصوير شاهدي الإثبات
للواقعة رغم عدم معقوليته، فضلاً عن عدم صدق أقوالهما وحجبهما القوة المرافقة عن
الشهادة، كما لم يعرض لما قدمه الطاعن من مستندات للتدليل على عدم إرتكابه الجرائم
المسندة إليه، ولا لدفاعه بكيدية الإتهام وتلفيقه، وأطرح بما لا يسوغ دفاعه القائم
على أنه لم يكن حائزاً أو محرزاً للمواد المخدرة المضبوطة، وأخيراً فإن لمحكمة لم
تجر معاينة لمكان الضبط تلك المواد، كما لم تجب الطاعن إلى طلبه ضم دفتر الخروج
للصيد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم
بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان
الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة
ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها
في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض
المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها
إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان
من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً
لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيميائي وأبرز ما جاء به من
أن العينات المأخوذة من المواد المضبوطة هي لجوهر الحشيش المخدر، وأن الأقراص
المضبوطة تحتوي على مادة الترامادول المخدر، وأن المادة الخام المضبوطة تحتوي على
الحشيش المخدر، وأن بعض الأدوات المضبوطة تحتوي على آثار الحشيش المخدر، فإن ما
ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيميائي لا يكون له محل،
لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل
أجزائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلافاً لما يزعمه الطاعن في أسباب طعنه قد بين الأدوات المضبوطة والمستخدمة في صنع
الحشيش المخدر ووصفها بقوله ( ... أدوات تصنيع مخدر الحشيش فرن صاج واسطوانة غاز
وأربعة كوريك وماكينتان لصق ومطرقة خشبية وثمانية أكياس من القماش للتغليف
ولفافاتان لاصق شفاف وسكينتان ومقصان وسبع قطع حديد لتشكيل الترب وواحد وعشرون
قطعة خشبية مستطيلة لتشكيل وكبس مخدر الحشيش ولفافة ورق ألومنيوم وصينية تستخدم
لخلط المخدر وتجهيز المادة الخام ومائة وثلاثة لفافات لاصق بلاستيك وقطعة حديدة
تستخدم لكبس المخدر، كما أثبت أيضاً لدى تحصيله لمضمون تقرير المعمل الكيماوي أن بعض
الأدوات المضبوطة تحتوي على آثار الحشيش المخدر، ومن ثم يكون الحكم قد برئ من
العيب في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير
ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض
الوقائع ما يفيد ضمناً أطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة
التي اعتمدت عليها في حكمها، فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله بيان الأقراص
المضبوطة الأخرى التي ثبت بتحليلها خلوها من المادة المخدرة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لا يلزم في
القانون أن يتحدث الحكم إستقلالاً عن ركن القصد الجنائي في جريمة تصنيع مخدر بقصد
الإتجار بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على إتيان
الفعل المادي بما لابسه مما ينبئ عن قصد الإتجار، ولما كان الثابت مما أورده الحكم
المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال
شاهدي الإثبات وتقرير التحليل ومما ثبت من وزن النيابة العامة لمخدر الحشيش
المضبوط ومعاينتها لمكان الواقعة والسيارة المضبوطة، وما أسفر عنه الضبط من آلات
وأدوات مخصصة لتصنيع الجواهر المخدرة وضخامة كمية تلك الجواهر وتنوعها، ثم عرض
لدفاع الطاعن بانتفاء أركان جريمة
صنع الجوهر المخدر بقصد
الإتجار وأطرحه بقوله (.... إن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122
لسنة 1989 قد جعل جريمة صناعة المواد المخدرة من الجرائم ذات القصود الخاصة فتتحقق
الجريمة بصنع الجاني للمادة المخدرة من أي من العمليات التي يحصل بها على المادة
المخدرة، ويتحقق القصد الجنائي بأن يكون عالماً بأن المادة التي يحوزها مخدرة، وأن
يكون ذلك الصنع بقصد الإتجار، ولما كانت أركان تلك الجريمة متوافرة في حق المتهم
الثاني، ومن ثم يكون ما أثاره الدفاع في هذا الشأن غير سديد..)، كما دلل الحكم على
قصد الإتجار بما ينتجه من أسباب فأورد في ذلك قوله (.... وحيث إن القصد من حيازة
المتهم للمخدر المضبوط ، فإنه لما كان صناعة المخدر وقصد الإتجار واقعة مادية
تستقل هذه المحكمة بحرية التقدير فيها طالما أنه له مصدره بأوراق الدعوى، وكان هذا
القصد ثابت في حق المتهم من ضبط أدوات تصنيع مخدر الحشيش، وهى عبارة عن فرن صاج
واسطوانة غاز وأربعة كوريك وماكينتان لصق ومطرقة خشبية وثمانية أكيس من القماش
للتغليف ولفافاتان لاصق شفاف وسكينتان ومقصان وسبع قطع حديد لتشكيل الترب وواحد
وعشرون قطعة خشبية مستطيلة لتشكيك وكبس مخدر الحشيش ولفافة ورق ألومنيوم وصينية
تستخدم لخلط المخدر وتجهيز المادة الخام ومائة وثلاث لفافات لاصق بلاستيك وقطعة
حديدية تستخدم لكبس المخدر ومواد خام مما تستخدم في تصنيع مخدر الحشيش، ثبت من
تحليلها احتوائها على مخدر الحشيش، ما يوفر في يقين المحكمة من قيام المتهم بتصنيع
مخدر الحشيش بقصد الإتجار فيه، يؤكد ذلك ضخامة كمية المخدر المضبوط، إذ بلغ إجمالي
كميات مخدر الحشيش ثلاثين قطعة ضبطت داخل مسكن المتهم وزنت إثنين كيلو جرام
وتسعمائة وخمسين جرام وعشرين قطعة أخرى ضبطت بداخل سيارة المتهم وزنت كيلو جرام
وثمانمائة وخمسون جرام ومما أثبته محرر محضر الضبط من إقرار المتهم الأول له من
قيام المتهم الثاني بتصنيع مخدر الحشيش المضبوط بالسيارة بقصد الإتجار فيه، فضلاً
عن تنوع المخدر المضبوط إذ ضبط تسعين قرص لعقار التامول المحتوي على مخدر
الترامادول، كل هذا يدل بيقين على تصنيع المتهم الثاني لمخدر الحشيش بقصد الإتجار
فيه وحيازة مخدر الترامادول بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً....)،
وكان فيما أورده الحكم على ذلك النحو ما يكفي للدلالة على قيام ركن القصد الجنائي
في جريمة تصنيع مخدر بقصد الإتجار ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي
نحو تراه متى كان ما حصلته واقتنعت به للأسباب التي أوردتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا
تخرج عن الإقتضاء العقلي والمنطقي يفيد أن
التصنيع كان بقصد الإتجار، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها
وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش، وكان هذا الدفع من الدفوع
القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم
تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة،
هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ
كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها
لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم من بعد
ما يدعيه الطاعن من وجود تناقض بين اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات وقضائها
ببراءة باقي المتهمين لما هو مقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل منهم هو من
أختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم
وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، كما أن لها أن تعول في عقيدتها
على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى، ولها أن تجزئها
فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن ثم فإن النعي
على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله
المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وأن سكوت الضابط عن
الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في
الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلي أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة،
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته
أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها،
فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم
إرتكابه الجرائم المسندة إليه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا
يشترط لإعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة، بل يكفي
لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز
للمخدر شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم إستقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن
يكون فيما أورده من وقائع وظروف كما هو
الحال في الدعوى ما يكفي للدلالة على
قيامه، وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته
في منطق سائغ. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الإتهام أو كيديته من
الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد
مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان
ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى
المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط بل اقتصر في مرافعته على التشكيك في أقوال شاهدي
الإثبات فإنه لا يحق له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن ضم دفتر الخروج للصيد ورد عليه بقوله
(.... أن المحكمة اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات، وأنه تم مراقبة المتهم خلال
فترة التحريات وقد أكدت ضلوعه فيما أسند إليه، وتأكد ذلك من مراقبته خلال فترة
التحريات، وأنه على فرض استجابة المحكمة للدفاع بضم الدفتر المطلوب وثبت منه خروج
المتهم للصيد خلال فترة التحريات، فإن ذلك لا يمنعه من مباشرة نشاطه خلال تلك
الفترة، ذلك أن الثابت من إفادة رئاسة مكاتب مخابرات حرس الحدود الغربي أن التصريح
الصادر للمتهم بتاريخ 26/1/2019 في المدة من 26/1/2019 حتى 25/2/2019 بالتواجد على
الساحل من أول ضوء (الساعة السادسة صباحاً) حتى أخر ضوء (الساعة السادسة مساءاً) ،
وأن وجود التصريح مع المتهم لا يجزم تواجده على الساحل خلال مدة التصريح، مما
مفاده أنه يمكن للمتهم مباشرة نشاطه بعد أخر ضوء من يوم الصيد، ومن ثم فلا محل
لذلك الطلب والمحكمة تلتفت عنه...)، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب
على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت
الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً
ويستقيم به إطراح طلب الطاعن سالف البيان دون أن يوصم بالقصور أو الإخلال بحق
الدفاع، فضلاً عن أن هذا الطلب لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى
استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها
المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما ما كان تقدم، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق