جلسة 23 من يناير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / عبد الجواد موسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حاتم كمال، خالد سليمان، عبد الراضي عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وحسام المصيلحي.
---------------
(22)
الطعن رقم 18405 لسنة 90 القضائية
(1) اختصاص " القضاء العادي صاحب الولاية العامة ".
القضاء العادي. صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء. وجوب عدم التوسع في تفسيره.
(2) قانون " تفسير القانون ".
النص الواضح الصريح القاطع الدلالة على المراد منه. عدم جواز الخروج عليه أو تأويله.
(3) شركات " شركات المساهمة ".
المنازعات الخاصة بشركات الأموال في جمهورية مصر العربية. خضوعها للقانون 159 لسنة 1981 دون القانون المدني. سريان أحكامه على جميع منازعات الشركات المنشأة وفقًا لأي قانون آخر. شرطه. عدم ورود نص خاص أو متعــارض. عــلة ذلك. المادتان 1، 2 إصدار ق 159 لسنة 1981.
(4، 5) شركات " إجراءات انعقاد الجمعية العامة لشركة المساهمة ".
(4) دعوة الجمعية العامة العادية لشركة المساهمة للانعقاد. ثبوتها. لمجلس إدارتها ولمراقب الحسابات والجهة الإدارية وللمصفي خلال فترة التصفية. حق الحضور مكفول لجميع المساهمين.
(5) انعقاد الاجتماع الأول للجمعية العامة العادية لشركة المساهمة. شرط صحته. حضور المساهمين الذين يمثلون ربع رأس المال. عدم استكمال النصاب. أثره. وجوب الدعوة إلى اجتماع ثانٍ لا يشترط فيه هذه النسبة. قرارات الجمعية العامة. صدورها بالأغلبية المطلقة للأسهم الممثلة في الاجتماع.
(6) شركات " تصدي الجمعية العامة لشركة المساهمة لأعمال الإدارة ".
تصدي الجمعية العامة لشركة المساهمة لأعمال الإدارة. شرطه. عجز مجلس الإدارة عن البت فيها. علة ذلك.
(7 - 10) شركات " بطلان قرارات الجمعية العامة لشركة المساهمة ".
(7) القرارات الصادرة من الجمعية العامة لشركة المساهمة المكونة تكوينًا صحيحًا والمنعقدة طبقًا للقانون ونظام الشركة. أثره. التزام كافة المساهمين بها وعلى مجلس الإدارة تنفيذها. بطلان هذه القرارات. أسبابه. صدورها بالمخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة أو بُنيت على عسفٍ بالأقلية أو كانت مشوبة بالغش أو التدليس.
(8) جواز إبطال قرار الجمعية العامة لشركة المساهمة الصادر لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضـرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة. مناط قبول طلب البطلان. تقديمه من المساهمين الذين اعترضوا عليه في محضر الجلسة أو المتغيبين عن الحضور بسبب مقبول. للجهة الإدارية أن تنوب عنهم في هذا الطلب إذا تقدموا بأسبابٍ جديةٍ.
(9) نوعا بطلان القرارات الصادرة من الجمعية العامة لشركة المساهمة. بطلان وجوبي للقرارت المخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة. بطلان جوازي للقرارات الصادرة لصالح أو ضد فئة معينة من المساهمين دون اعتبار لمصلحة الشركة. ذو الصفة في رفع دعوى البطلان الجوازي. المساهمون الحاضرون المعترضون على القرار بمحضر انعقاد الجمعية والمساهمون الغائبون بعذر تقبله المحكمة والجهة الإدارية المختصة. الحكم ببطلان القرار. أثره. اعتباره كأن لم يكن بالنسبة إلى كافة المساهمين.
(10) اعتراض الشركة الطاعنة المساهمة في الشركة المطعون ضدها الأولى على قرارات الجمعية العامة للشركة الأخيرة وإثباته بمحضر الجلسة. مؤداه. إقامتها دعوى بطلان هذه القرارات أمام القضاء مباشرة دون اللجوء ابتداءً إلى الجهة الإدارية. صحيح. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر. خطأ. علة ذلك.
(11) محاكم اقتصادية " قضاء محكمة النقض في موضوع الدعوى الاقتصادية ".
القضاء بنقض الحكم في الطعون الاقتصادية. لازمه. وجوب التصدي للموضوع. م 12 فقرة أخيرة ق 120 لسنة 2008. شرطه. تصدي المحكمة الاقتصادية الاستئنافية للموضوع. عدم تجاوز قضاؤها حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى. أثره. عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع. علة ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأن أي قيد يضعه المُشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يُعتبر استثناءً واردًا على غير أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2- القاعدة العامة في التفسير أنه متى كان النص صريحًا جليَّ المعنى قاطع الدلالة على المُراد منه فلا محل لتأويله أو الخروج عنه.
3- مفاد النص في المادتين الأولى والثانية من مواد إصدار القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة يدل على أن أحكام قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 هي الواجبة التطبيق على جميع المنازعات الخاصة بشركات الأموال في جمهورية مصر العربية، وكذلك التي تنشأ وفقًا لأي قانون آخر، وأيًّا كانت طبيعتها وذلك فيما لم يرد به نص خاص في هذه القوانين وبما لا يتعارض وأحكامها دون الخضوع في ذلك للقواعد العامة في القانون المدني، وتتجلى الحكمة التي تغياها المُشرع من ذلك في إخضاع الشركات داخل جمهورية مصر العربية إلى قانونٍ واحدٍ تسهيلًا لرجال الأعمال في مجال قطاع الأعمال بنوعيه، وتوحيدًا للأحكام الأساسية في مجال الشركات.
4- البَيِّن من استقراء نصوص المواد 54، 59، 61، ٦٢، 67، 71، 76، 161/1 من القانون ذاته ومن لائحته التنفيذية المعدلة أن لمجلس إدارة شركة المساهمة ولمراقب الحسابات أو الجهة الإدارية المختصة دعوة الجمعية العامة العادية للمساهمين للانعقاد، كما يجوز للمصفين أن يطلبوا عقد هذه الجمعية خلال فترة التصفية، ولكل مساهم الحق في حضورها بطريق الأصالة أو الإنابة أيًّا كان عدد الأسهم التي يمتلكها.
5- يُشترط لصحة انعقاد الاجتماع الأول لهذه الجمعية ( الجمعية العامة العادية لشركة المساهمة ) حضور المساهمين الذين يُمثلون ربع رأس المال على الأقل، وإلا وجب الدعوى لاجتماع ثانٍ يُعقد خلال الـ 30 يومًا التالية لهذا الاجتماع الأول ويُعتبر صحيحًا أيًّا كان عدد الأسهم المُمثلة فيه، وتصدر قرارات الجمعية العادية بالأغلبية المطلقة للأسهم المُمثلة في الاجتماع.
6- للجمعية ( الجمعية العامة لشركة المساهمة ) أن تتصدى لأي عمل من أعمال الإدارة إذا عجز مجلس الإدارة عن البت فيه بسبب عدم اكتمال نِصاب المجلس لعدم صلاحية عدد من أعضائه أو تعمدهم عدم الحضور أو عدم إمكان التوصل إلى أغلبية تؤيد القرار.
7- تكون القرارات الصادرة من الجمعية العامة ( لشركة المساهمة ) المكونة تكوينًا صحيحًا والمنعقدة طبقًا للقانون ونظام الشركة مُلزمة لجميع المساهمين سواء كانوا حاضرين للاجتماع الذي صدرت فيه هذه القرارات أو غائبين أو مخالفين، وعلى مجلس الإدارة تنفيذ هذه القرارات، ويقع باطلًا إذا صدر بالمخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة أو بُني على عسفٍ بالأقلية، أو كان مشوبًا بالغش أو التدليس.
8- يجوز إبطال كل قرار يصدر ( من الجمعية العامة لشركة المساهمة ) لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة، ولا يجوز أن يطلب البطلان في هذه الحالة إلا المساهمون الذين اعترضوا على القرار في محضر الجلسة أو الذين تغيبوا عن الحضور بسببٍ مقبولٍ، ويجوز للجهة الإدارية المختصة أن تنوب عنهم في طلب البطلان إذا تقدموا بأسبابٍ جديةٍ.
9- فرق المشرع بين نوعين من البطلان الذي يلحق بالقرارات الصادرة عن الجمعية العامة ( لشركة المساهمة ) أولهما : بطلان وجوبي يتحقق بصدور قرار الجمعية العامة للشركة بالمخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة. وثانيهما : بطلان جوازي يتحقق بصدور قرار من الجمعية العامة لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة، وصاحب الصفة في رفع دعوى البطلان الجوازي لقرار الجمعية العامة هم المساهمون الذين حضروا الجمعية وأبدوا الاعتراض على هذا القرار بمحضر جلسة انعقادها وكذلك المساهمون الذين تغيبوا عن حضور الجلسة بعذر تقبله المحكمة، ويجوز للجهة الإدارية المختصة إذا قُدمت إليها أسباب جدية قبلتها أن تنوب عن المساهمين الغائبين في رفع دعوى البطلان الجوازي، والحكم ببطلان القرار يؤدي حتمًا إلى اعتباره كأن لم يكن بالنسبة إلى كافة المساهمين.
10- إذ كان الثابت من الأوراق وما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة من ضمن المساهمين في الشركة المطعون ضدها الأولى والتي انعقدت جمعيتها العامة العادية بتاريخ 29/8/2019 وأصدرت قرارات ادعت الشركة الطاعنة أنها بُنيت على عسفٍ بالأقلية ولصالح فئة معينة من المساهمين وأثبتت اعتراضها عليها في محضر الجلسة، ومن ثم يحق لها اللجوء للقضاء مباشرة بطلب الحكم ببطلانها دون التقدم ابتداءً إلى الجهة الإدارية مُمثلة في الهيئة العامة للاستثمار قبل إقامة دعوى البطلان؛ لكون المُشرع أجاز لها فقط إذا قُدمت إليها أسباب جدية قبلتها أن تنوب عن المساهمين الغائبين عن حضور الجمعية في رفع دعوى البطلان الجوازي، وهو ذات ما تضمنه النظام الأساسي للشركة المطعون ضدها في مادته 52، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلُص في أسبابه إلى عدم قبول الدعوى لعدم اللجوء ابتداءً بأسباب البطلان إلى الجهة سالفة الذكر منحرفًا بقضائه عن التفسير والمدلول الصحيح لتلك المادة وأعطى فهمًا وهميًّا على خلاف قصد المُشرع وانتهى إلى القضاء برفض الدعوى، فإنه يكون معيبًا ( بالخطأ في تطبيق القانون ).
11- إذ كان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه ".... استثناءً من أحكام المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة (٢٦٩) من قانون المرافعات المدنية والتجارية إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة " وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المُشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع، وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة تكون قد اختزلت إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم، وهو أمر لا يجوز؛ لأنه يُعد مخالفًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية، بما يتعين معه إحالة الدعوى إلى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في موضوع الدعوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم.... لسنة 11 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم ببطلان القرارات الصادرة من الجمعية العامة العادية للشركة المطعون ضدها الأولى المنعقدة بتاريخ 29/8/2019 عدا القرارين الثاني والسابع، وقالت في بيان ذلك : إنها ضمن المساهمين في هذه الشركة، وإذ انعقدت الجمعية العامة العادية لها في التاريخ المذكور، وأصدرت قرارات جاءت مخالفة لأحكام القانون ونظامها الأساسي وبُنيت على عسف بالأقلية ولصالح فئة معينة من المساهمين أبدت اعتراضها عليها في محضر الجلسة، ومن ثم فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 29/9/2020 قضت المحكمة برفضها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببٍ واحدٍ تنعي به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول : إنه قضى بعدم قبول دعواها لكونها لم تتقدم بداءةً إلى المطعون ضدها الثانية بأسبابها الجدية لطلب بطلان قرارات الجمعية العامة العادية للشركة المطعون ضدها الأولى على النحو الذي أوجبه النظام الأساسي للأخيرة حال أنها أقامت دعواها استنادًا لنص المادة 76 من القانون 159 لسنة 1981 والتي أعطت لكل مساهم حضر الجمعية وأبدى اعتراضه على قراراتها الحق في طلب إبطالها، وإذ كانت قرارات الجمعية العامة العادية للشركة المطعون ضدها قد جاءت لصالح فئة معينة من المساهمين وأبدت اعتراضها عليها، ومن ثم يحق لها إقامة دعواها دون اللجوء ابتداءً إلى المطعون ضدها الثانية؛ إذ النص في المادة المُشار إليها سلفًا والمادة 52 من النظام الأساسي للمطعون ضدها الأولى جعل إنابة الجهة الإدارية عن المساهمين المعترضين على تلك القرارات جوازيًّا وليس إلزاميًّا في طلب البطلان ولم يتضمن حظر اللجوء إلى القضاء إلا بعد اللجوء إلى الهيئة العامة للاستثمار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا مستوجبًا نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأن أي قيد يضعه المُشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يُعتبر استثناءً واردًا على غير أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وأن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كان النص صريحًا جليَّ المعنى قاطع الدلالة على المُراد منه فلا محل لتأويله أو الخروج عنه، وأن مفاد النص في المادتين الأولى والثانية من مواد إصدار القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة يدل على أن أحكام قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 هي الواجبة التطبيق على جميع المنازعات الخاصة بشركات الأموال في جمهورية مصر العربية، وكذلك التي تنشأ وفقًا لأي قانون آخر، وأيًّا كانت طبيعتها وذلك فيما لم يرد به نص خاص في هذه القوانين وبما لا يتعارض وأحكامها دون الخضوع في ذلك للقواعد العامة في القانون المدني، وتتجلى الحكمة التي تغياها المُشرع من ذلك في إخضاع الشركات داخل جمهورية مصر العربية إلى قانونٍ واحدٍ تسهيلًا لرجال الأعمال في مجال قطاع الأعمال بنوعيه، وتوحيدًا للأحكام الأساسية في مجال الشركات، وأن البَيِّن من استقراء نصوص المواد 54، 59، 61، ٦٢، 67، 71، 76، 161/1 من القانون ذاته ومن لائحته التنفيذية المعدلة أن لمجلس إدارة شركة المساهمة ولمراقب الحسابات أو الجهة الإدارية المختصة دعوة الجمعية العامة العادية للمساهمين للانعقاد، كما يجوز للمصفين أن يطلبوا عقد هذه الجمعية خلال فترة التصفية، ولكل مساهم الحق في حضورها بطريق الأصالة أو الإنابة أيًّا كان عدد الأسهم التي يمتلكها، ويُشترط لصحة انعقاد الاجتماع الأول لهذه الجمعية حضور المساهمين الذين يُمثلون ربع رأس المال على الأقل، وإلا وجب الدعوى لاجتماع ثانٍ يُعقد خلال الـ 30 يومًا التالية لهذا الاجتماع الأول ويُعتبر صحيحًا أيًّا كان عدد الأسهم المُمثلة فيه، وتصدر قرارات الجمعية العادية بالأغلبية المطلقة للأسهم المُمثلة في الاجتماع، ويكون لها أن تتصدى لأي عمل من أعمال الإدارة إذا عجز مجلس الإدارة عن البت فيه بسبب عدم اكتمال نِصاب المجلس لعدم صلاحية عدد من أعضائه أو تعمدهم عدم الحضور أو عدم إمكان التوصل إلى أغلبية تؤيد القرار، وتكون القرارات الصادرة من الجمعية العامة المكونة تكوينًا صحيحًا والمنعقدة طبقًا للقانون ونظام الشركة مُلزمة لجميع المساهمين سواء كانوا حاضرين للاجتماع الذي صدرت فيه هذه القرارات أو غائبين أو مخالفين، وعلى مجلس الإدارة تنفيذ هذه القرارات، ويقع باطلًا إذا صدر بالمخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة أو بُني على عسفٍ بالأقلية، أو كان مشوبًا بالغش أو التدليس، وكذلك يجوز إبطال كل قرار يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة، ولا يجوز أن يطلب البطلان في هذه الحالة إلا المساهمون الذين اعترضوا على القرار في محضر الجلسة أو الذين تغيبوا عن الحضور بسببٍ مقبولٍ، ويجوز للجهة الإدارية المختصة أن تنوب عنهم في طلب البطلان إذا تقدموا بأسبابٍ جديةٍ، يدل ذلك أن المُشرع فرق بين نوعين من البطلان الذي يلحق بالقرارات الصادرة عن الجمعية العامة أولهما : بطلان وجوبي يتحقق بصدور قرار الجمعية العامة للشركة بالمخالفة لأحكام القانون أو نظام الشركة. وثانيهما: بطلان جوازي يتحقق بصدور قرار من الجمعية العامة لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة، وصاحب الصفة في رفع دعوى البطلان الجوازي لقرار الجمعية العامة هم المساهمون الذين حضروا الجمعية وأبدوا الاعتراض على هذا القرار بمحضر جلسة انعقادها وكذلك المساهمون الذين تغيبوا عن حضور الجلسة بعذر تقبله المحكمة، ويجوز للجهة الإدارية المختصة إذا قُدمت إليها أسباب جدية قبلتها أن تنوب عن المساهمين الغائبين في رفع دعوى البطلان الجوازي، والحكم ببطلان القرار يؤدي حتمًا إلى اعتباره كأن لم يكن بالنسبة إلى كافة المساهمين. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق وما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة من ضمن المساهمين في الشركة المطعون ضدها الأولى والتي انعقدت جمعيتها العامة العادية بتاريخ 29/8/2019 وأصدرت قرارات ادعت الشركة الطاعنة أنها بُنيت على عسفٍ بالأقلية ولصالح فئة معينة من المساهمين وأثبتت اعتراضها عليها في محضر الجلسة، ومن ثم يحق لها اللجوء للقضاء مباشرة بطلب الحكم ببطلانها دون التقدم ابتداءً إلى الجهة الإدارية مُمثلة في الهيئة العامة للاستثمار قبل إقامة دعوى البطلان؛ لكون المُشرع أجاز لها فقط إذا قُدمت إليها أسباب جدية قبلتها أن تنوب عن المساهمين الغائبين عن حضور الجمعية في رفع دعوى البطلان الجوازي، وهو ذات ما تضمنه النظام الأساسي للشركة المطعون ضدها في مادته 52، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلُص في أسبابه إلى عدم قبول الدعوى لعدم اللجوء ابتداءً بأسباب البطلان إلى الجهة سالفة الذكر منحرفًا بقضائه عن التفسير والمدلول الصحيح لتلك المادة وأعطى فهمًا وهميًّا على خلاف قصد المُشرع وانتهى إلى القضاء برفض الدعوى، فإنه يكون معيبًا مما يوجب نقضه.
لما كان ما تقدم، وكان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه ".... استثناءً من أحكام المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة (٢٦٩) من قانون المرافعات المدنية والتجارية إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة " وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المُشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع، وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة تكون قد اختزلت إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم، وهو أمر لا يجوز؛ لأنه يُعد مخالفًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية، بما يتعين معه إحالة الدعوى إلى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في موضوع الدعوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق