جلسة 31 من يوليو سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ بهيج حسن القصبجي وأحمد عبد القوي خليل نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب.
----------------
(119)
الطعن رقم 13597 لسنة 64 القضائية
(1) إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ما دام متفقاً مع العقل والمنطق.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. ما دام سليماً.
تجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة. غير جائز إثارته أمام النقض.
(3) تقرير التلخيص. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محكمة الجنح المستأنفة "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص أو تلاوته بالجلسة. اقتصار ذلك على محكمة الجنح المستأنفة. أساس ذلك؟
2 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان ما أورده الحكم سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، فأن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت وبعد تلاوة هذا التقرير - قبل إبداء رأي في الدعوى من واضع التقرير أو بقية الأعضاء - تسمع أقوال المستأنف والأوجه المستند إليها في استئنافه، ثم يتكلم بعد ذلك باقي الخصوم ويكون المتهم آخر من يتكلم، ثم تصدر المحكمة حكمها بعد اطلاعها على الأوراق". وإذ كان هذا النص وارداً في الباب الثاني "في الاستئناف" من الكتاب الثالث في طرق الطعن في الأحكام من قانون الإجراءات الجنائية، فإن البين من استقرائه أن المخاطب به هو محكمة الجنح المستأنفة دون غيرها، وإذ كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الجنايات، فلا ينطبق عليها الحكم الوارد في نص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فلا تلتزم محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص أو تلاوته بالجلسة ويضحى منعى الطاعن على الحكم بالبطلان في هذا الشأن غير قويم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل...... عمداً بأن طعنه بسكين في أجزاء من جسده قاصداً من ذلك قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أوردت بحياته. 2 - أحرز دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض "سكين" وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... والد المجني عليه مدنياً قبل الطاعن بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات و1/ 1، 25 مكرراً 1/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول رقم (1) الملحق به بمعاقبة الطاعن بالسجن ثلاث سنوات وإلزامه بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً عل سبيل التعويض المؤقت وذلك باعتبار الواقعة ضرب أفضى إلى الموت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان، ذلك بأن أطرح دفاعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ورد عليه بما لا يصلح رداً ودون أن يفطن إلى وجوب تناول ومناقشة احتمال إصابة المجني عليه من جراء سقوطه على السكين التي أشار الشهود إلى وجودها بجواره بمكان الحادث، كما خلت أوراق الدعوى من تقرير تلخيص بوقائعها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وتقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، كما عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه وأطرحه بقوله: "وعن القول بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن النفس من اعتداء المجني عليه بالضرب فإن ذلك مردود إذ أنه من المقرر قانوناً أن الدفاع الشرعي يتطلب أن يكون هناك خطر حال يهدد حياة الإنسان وقد أجمع شهود الواقعة بالتحقيقات على أن المجني عليه خرج من المطعم بعد تشاجره مع المتهم ولم يكن معه ثمة أسلحة وأن المتهم استحضر السكين من مطبخ المطعم وخرج مسرعاً نحو المجني عليه واعتدى عليه بالضرب بالسكين محدثاً إصاباته الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته مما يقطع بأنه لم يكن هناك ثمة خطر واقع أو حال من المجني عليه وأن المتهم عندما أنزل بالمجني عليه ضربته لم يقصد الاعتداء على المجني عليه لما يدر منه من تمرد في العمل وتوعد بالقول إن خرج له خارج المطعم وأن المتهم هو الذي بدأ بالاعتداء على المجني عليه وقد تعددت الضربات فأنزل واحد بمقدم يسار الصدر والثانية بمنتصف الجانب الأيسر للبطن فضلاً عن أنه كان قد ضربه بعرض للسكين على كتفه من قبل دون أن تحدث الأخيرة أي إصابة ومن ثم فإن القول من بعد بأنه كان في حالة دفاع شرعي يكون غير سديد ويتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوعي أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، كما أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان ما أورده الحكم سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، فأن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت وبعد تلاوة هذا التقرير - قبل إبداء رأي في الدعوى من واضع التقرير أو بقية الأعضاء - تسمع أقوال المستأنف والأوجه المستند إليها في استئنافه، ثم يتكلم بعد ذلك باقي الخصوم ويكون المتهم آخر من يتكلم، ثم تصدر المحكمة حكمها بعد اطلاعها على الأوراق". وإذ كان هذا النص وارداً في الباب الثاني "في الاستئناف" من الكتاب الثالث في طرق الطعن في الأحكام من قانون الإجراءات الجنائية، فإن البين من استقرائه أن المخاطب به هو محكمة الجنح المستأنفة دون غيرها، وإذ كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الجنايات، فلا ينطبق عليها الحكم الوارد في نص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فلا تلتزم محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص أو تلاوته بالجلسة ويضحى منعى الطاعن على الحكم بالبطلان في هذا الشأن غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق