الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 فبراير 2018

الطعن 10015 لسنة 63 ق جلسة 19 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 30 ص 211

جلسة 19 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(30)
الطعن رقم 10015 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها". قصد جنائي. مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة تعزيزاً لما ساقته من أدلة.
لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش وإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بأحد القصود الخاصة.
مثال.
 (2)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". مواد مخدرة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش.
خلو إذن التفتيش من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو نوع المادة المخدرة. لا ينال من صحته.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
 (3)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعنة بأن محضر التحريات لم يشر إلى واقعة شراء أحد المرشدين السريين لمخدر منها. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ذكر الاختصاص الوظيفي أو المكاني لمصدر إذن التفتيش أو اتباع شكلاً خاصاً لتسبيب إذن تفتيش المسكن. غير لازم.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم تسبيبه وعدم بيان الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره.
 (5)إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. دفوع "الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استدعاء وكيل النيابة المحقق وأمين السر لاستجلاء حقيقة توقيعهما على محاضر التحقيق. غير لازم. متى اطمأنت المحكمة إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لخلوها من توقيع مقروء للمحقق وأمين السر.
 (6)إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة". دفوع "الدفع ببطلان التحقيقات". مواد مخدرة.
الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة العربية. ما لم يتعذر مباشرة التحقيق أو المحاكمة دون الاستعانة بمترجم أو يطلب المتهم ذلك. تحت تقدير سلطة التحقيق أو المحاكمة.
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
العبرة في الأحكام بالإجراءات والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
استعانة الجهة القائمة بالتحقيق بمندوب إحدى السفارات للحضور مع المتهمة والتي ارتضته مترجماً لها. دون المترجم الذي انتدبته النيابة العامة. لا يعيب إجراءات التحقيق. متى كانت الطاعنة لا تدعي نقل أقوالها على غير حقيقتها.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان التحقيقات لعدم وجود مترجم متخصص.
(7) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق لمحكمة الموضوع. لها تقدير صحة ادعاء المتهم انتزاع الاعتراف منه بطريق الإكراه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الاعتراف وليد إكراه.
 (8)مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعنة باقتصار التجريم في إحراز نبات الحشيش على القمم الزهرية لإناث النبات فقط خلافاً لما ضبط معها.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة" "العقوبة المبررة". مواد مخدرة. نقض "المصلحة في الطعن".
تعييب الطاعنة للحكم المطعون فيه بشأن جريمة تعاطي نبات الحشيش المخدر. غير مجد. متى كان قد دانها بجريمة إحراز عقار مخدر بقصد الإتجار وأوقع عليها عقوبة الجريمة الأخيرة الأشد.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة" "شهود". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تشكيك الطاعنة فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. غير جائز.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعنة باختلاف ما تم ضبطه عما تم تحليله.
 (11)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته. مناط توافره: ثبوت علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه.
 (12)قانون "العلم بالقانون". دفوع "الدفع بالجهل بالقانون أو الغلط فيه".
الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه. لا يعدم القصد الجنائي. علة ذلك؟
العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة.
أثر ذلك. عدم قبول الدفع بالجهل بالقانون والغلط فيه.
 (13)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إخلالها بسلامة إجراءات محاكمة الطاعنة بسماعها أقوال الشاهد دون ترجمة لأقواله: غير مقبول. متى كانت المحكمة لم تمنعها أو محاميها من إبداء هذا الطلب.
(14) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سقوط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بالتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات. متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه. المادة 333 إجراءات.

---------------------
1 - لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكانت المحكمة قد عولت في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، من أن الطاعنين يتجران في العقاقير التخليقية خاصة عقار ال - سي - دي وأقرت النيابة على تصريحها الإذن بالتفتيش الذي أسفر عن ضبطهما يحوزان عقار ال - سي - دي فضلاً عن انفراد الطاعنة بإحراز كمية من نبات مخدر الحشيش فإذا ما خلصت المحكمة - بناء على الاعتبارات السائغة التي ساقتها - أن إحراز الطاعنة لهذا النبات المخدر كان بقصد التعاطي وأن إحراز الطاعن لعقار ال - سي - دي كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فلا مجال لقالة التناقض في التسبيب، لما هو مقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو نوع المادة المخدرة التي يحوزها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه في قوله: "أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين وأن هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرية مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن بتفتيش ذلك الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت هذه المحكمة تقتنع بما جاء بمحضر التحريات وأقوال الرائد... بالتحقيقات وأمام المحكمة وأقوال الشاهدين الثاني والثالث بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وتوافر مسوغات إصداره، ولا ينال منه ما قاله الدفاع بقصور التحريات التي بني الإذن عليها ذلك أن هذه التحريات جاءت محددة لأشخاص المتهمين ومحل إقامتهما والتهمة المسندة إليهما تحديداً كافياً نافياً للجهالة ولم يزعم الدفاع أنهما غير المقصودان بالإذن، أما عن خلو محضر التحريات من بيان أسماء المترددين على شقة المتهمين أو بيان جهة ومصدر المخدر إلى غير ذلك فهي أمور لا تؤثر في جدية التحريات المتعلقة بالمتهمين، وترتيباً على ما تقدم يكون الدفع ببطلان الإذن غير سديد". وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن وردت على شواهد الدفع ببطلانه - على نحو ما سلف بيانه - بأدلة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق وعلى نحو يتفق وصحيح القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - لما كانت مجادلة الطاعنة في أن محضر التحريات الذي بني عليه إذن التفتيش لم يشر إلى واقعة شراء أحد المرشدين السريين لمخدر منها يقتضي تحقيقاً موضوعياً وكانت الطاعنة لم تتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثار المدافع عن الطاعنة من أن إذن التفتيش قد صدر دون بيان وظيفة واختصاص من أصدره ولتوقيعه بتوقيع غير مقروء وأنه قد صدر غير مسبب ورد عليه في قوله "أنه ولئن كان صحيحاً أن إذن النيابة لمأمور الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً وموقعاً عليه بإمضاء من أصدره باعتبار أن ورقة الإذن ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها وباعتبار أن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً إلا أن القانون لم يستلزم شكلاً معيناً للتوقيع أو يوجب أن يكون بالاسم كاملاً وليس بطريقة الفورمة... ولما كان الثابت أن إذن النيابة صدر من الأستاذ/ ... وكيل النيابة وموقع عليه منه ومن ثم فإن ورقة الإذن تشهد بصدورها منه على الوجه المعتبر قانوناً ولا يجوز الطعن فيها إلا بسلوك طريق الطعن بالتزوير في الأوراق الرسمية وكان المتهمان لا ينازعان في صفة مصدر الإذن بأنه من وكلاء النيابة العامة وكان ما أثاره دفاع المتهمة الأولى من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره بمقولة أنه صدر مجهلاً الاختصاص المكاني لمصدره في غير محله، إذ من المقرر أن العبرة بما إذا كان من أعطى الإذن مختصاً بإصداره إنما يكون بالواقع ولو تراخى لوقت المحاكمة وكان الثابت من الأوراق يقيناً أن مصدر الإذن هو الأستاذ/ ... وكيل نيابة الدقي بدلالة أن الثابت من محضر التحريات أن محرره أثبت في نهاية محضره المذيل به الإذن بالتفتيش عرضه على السيد الأستاذ/ مدير نيابة الدقي لضبط المتهمين المذكورين وتفتيشهما وتفتيش مسكنهما لضبط ما يحوزانه أو يحرزانه من مواد مخدرة وأن الثابت أن محضر الضبط عرض عليه فأشر بعرضه على الأستاذ/ ... وكيل النيابة وفي ذلك ما يكفي لبيان أن الإذن صدر من وكيل نيابة الدقي ولم يزعم الدفاع خلاف ذلك ومن ثم يكون الندب للتفتيش صحيحاً... ولما كانت المادة 44 من الدستور والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أيهما قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر الصادر بالتفتيش وكان لا يشترط صياغة إذن التفتيش في عبارات خاصة وإنما يكفي لصحته أن يكون رجل الضبط قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوة ضد من يطلب الإذن بضبطه وتفتيش مسكنه وأن يصدر الإذن بناء على ذلك وكان الثابت أن تفتيش المتهمين تم تنفيذاً لإذن صدر من وكيل النيابة على محضر التحريات وأثبت اطلاعه عليه واطمئنانه إلى جدية التحريات وشخص مجريها وما أسفرت عنه من وقوع جريمة يعاقب عليها القانون وقد اشتمل الإذن على ما يفيد حيازة المتهمين لمواد مخدرة طبقاً لما أسفرت عنه تحريات مأمور الضبط القضائي الذي طلب الإذن بإجراء الضبط والتفتيش فإن ذلك ما يكفي لاعتبار الإذن بالتفتيش مسبباً حسبما تطلبه المشرع". لما كان ذلك، وكان ما ورد في الحكم على النحو السالف بيانه سائغاً وكافياً في إطراح دفاع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش، إذ من المقرر أنه ليس في القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي أو المكاني أو يتبع شكلاً خاصاً لتسبيب إذن تفتيش المسكن ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لخلوها من توقيع مقروء للمحقق وأمين السر وأطرحه في قوله "أن الثابت من محضر التحقيق أنه معنون ببيان اسم النيابة التي ينتمي إليها المحقق وهي نيابة الدقي وفي ذلك ما يكفي لبيان أن المحقق الذي باشر التحقيق هو وكيل نيابة الدقي المختص مكانياً بمباشرته، أما ما أثاره الدفاع في شأن توقيع المحقق وسكرتير التحقيق على محضر التحقيق بتوقيع غير مقروء فمردود بأنه وإن كان القانون يشترط أن تكون محاضر التحقيق موقعاً عليها من المحقق وسكرتير التحقيق باعتبارها أوراقاً رسمية إلا أنه لما كان الدفاع لا ينازع في أن أوراق التحقيق موقعة من المحقق وسكرتير التحقيق وكان القانون لم يتطلب أن يكون التوقيع مقروءاً ما دام أن محضر التحقيق ثابت به اسم المحقق وسكرتير التحقيق ومن ثم فإن الدفع يكون في غير محله". وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعنين في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعهما دون حاجة منها لاستدعاء وكيل النيابة المحقق وأمين السر لاستجلاء حقيقة توقيعهما على محضر التحقيق إذ أن هذا الاستدعاء لا يكون إلا متى رأت المحكمة محلاً لذلك، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما - وهو ما لا ينازع الطاعنان فيه - فإن ما ينعاه الطاعنان يكون قد جانب الصواب.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بشأن بطلان التحقيق معها لعدم وجود مترجم متخصص يجيد اللغة الإنجليزية وأطرحه في قوله "أن النيابة العامة انتدبت أحد الخبراء من مترجمي اللغة الإنجليزية من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة إلا أن المتهمة الأولى مثلت أمام المحقق ومعها مندوب من السفارة الأمريكية ليتولى أعمال الترجمة لها وقرر أمام المحقق أنه سبق له القيام بأعمال الترجمة فقام بتحليفه اليمين القانونية على أن يؤدي عمله بالصدق والأمانة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن من واقع اطلاعها على أقوالها بالتحقيق أن الترجمة كانت تعبيراً صادقاً نقله المترجم عن أقوالها وليس فيه ما يثير الريبة والشك ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله. هذا فضلاً عن أن المتهمة المذكورة هي التي اختارت المترجم فليس لها أن تنعى على أمر اختارته بإرادتها". لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمندوب من السفارة الأمريكية حضر مع المتهمة وارتضيت أن يكون مترجماً لها دون المترجم الذي انتدبته النيابة العامة من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة، إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره، وإذ كانت الطاعنة لم تذهب في وجه النعي إلى أن أقوالها قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بمندوب السفارة الذي حضر معها كمترجم لها بناء على طلبها، وكان رد الحكم على دفع الطاعنة في هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه فإن منعى الطاعنة عليه يكون غير سديد، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
7 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعنة بالتحقيقات لأنه وليد إكراه مادي وأدبي ورد عليه في قوله "بأن الثابت أن المتهمة الأولى لم تقرر في أية مرحلة من مراحل الدعوى وقوع ثمة إكراه مادي عليها بل إنها "المحكمة" تطمئن إلى ما قرره الشاهد الأول أمام المحكمة من أنها عوملت أحسن معاملة لدرجة أنها مكنت من الاتصال بذويها من مكتبه بالولايات المتحدة ولم تنف المتهمة الأولى ذلك كما أن الثابت أن وكيل النيابة المحقق انفرد بالمتهمة ومترجمها وبدأت بإنكار ما نسب إليها بالإتجار في المواد المخدرة وردت له تفاصيل ضبطها فلما واجهها بالمضبوطات أقرت له بإحراز وحيازة عقار ال - سي - دي وأنها أحضرته من سيناء وكان عدد الطوابع ثلثمائة طابع كما أقرت له بإحراز نبات الحشيش ثم عادت وأنكرت علمها بوجوده لديها وكل ذلك يدحض ما تشدق به الدفاع عن صدور ذلك الاعتراف من جراء الإكراه المادي أو المعنوي وهو قول لم يبرز لحيز الوجود إلا بلسان محامي المتهم الثاني وبجلسة المحاكمة الأخيرة لأول مرة، وتطمئن المحكمة إلى صدور هذه الأقوال من المتهمة الأولى عن إرادة حرة مدركة لما تشهد به على نفسها ولذا فإنها تعول عليها في تكوين عقيدتها بعد أن تساندت الأدلة وظروف الحال وقطعت في ثبوت الجريمة في حقها ودعمها اعترافها بارتكابها" وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت في تسبيب سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها وخلوه مما يشوبه وصدوره منها عن طواعية واختيار، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يضحى لا محل له.
8 - لما كان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن اقتصار التجريم في إحراز نبات الحشيش على القمم الزهرية لإناث النبات خلافاً لما ضبط معها ورد عليه في قوله "بأنه وإن كان صحيحاً حسبما هو معلوم علمياً أن المادة الفعالة في نبات الحشيش توجد بنسبة مرتفعة في إناث النبات إلا أنها توجد أيضاً في ذكور النباتات ولكن بنسبة ضعيفة وليس صحيحاً أن المادة الفعالة توجد فقط في القمم الزهرية المثمرة وإنما توجد أيضاً في زهوره وأوراقه. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير التحليل أن الأجزاء النباتية المضبوطة عبارة عن فروع تحمل أوراق وقمم زهرية وبذور تحتوي على المادة الفعالة لنبات الحشيش فإن ذلك يكفي لتوافر مسوغات تجريمها" وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً وسائغاً للرد على ما أثارته الطاعنة.
9 - لما كان الحكم قد دان الطاعنة بجنايتي إحراز عقار مخدر بقصد الإتجار وإحراز نبات الحشيش بقصد التعاطي وأعمل في حقها المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجريمة الإتجار باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقها فإنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره تعييباً للحكم في شأن جريمة التعاطي لنبات الحشيش.
10 - لما كان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن التلاعب في الإحراز واختلاف ما تم ضبطه من مواد عن ما تم تحليله بقوله "بأن الثابت من محضر الضبط وما رصدته النيابة عن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي ضبطت لدى المتهمة الأولى 235 مربعاً (180 + 39 + 16) وأن وزن نبات الحشيش بلفافاته الذي تم بمعرفة الضابط بلغ بميزان غير حساس 120 جم بينما وزنه بمعرفة النيابة في إحدى الصيدليات بلغ 103.5 جم. لما كان ذلك، وكان الثابت أن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي جرى تحليلها 235 مربعاً وهو ذات العدد المضبوط وأن اللفافات الأربعة التي تحوي نبات الحشيش بلغ وزنها 107.8 جم وكانت المحكمة ترى أن ذلك الاختلاف مبرراً لأن الوزن الذي قام به الضابط كان على ميزان غير حساس وأن الفرق بين وزن النيابة والمعمل يسير بالنسبة للكمية مرده إلى دقة الوزن في معامل التحليل وكان الثابت أن الإحراز التي أرسلت للتحليل لم يحدث بها ثمة عبث مما تطمئن معه المحكمة إلى ما أرسل إلى التحليل هو بذاته الذي صار تحليله كما تطمئن المحكمة إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل، ومن ثم تلتفت المحكمة عن ذلك الدفاع الذي لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل، وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامة كمية المخدر المضبوط دون حدوث أي عبث بها هذا فضلاً عن أن جدل الطاعنة والتشكيك في انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط المثبت بمحضر الشرطة عن ذلك المقدم للنيابة والذي أجري عليه التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.
11 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر.
12 - من المقرر أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائي باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في بعض الأحيان بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي.
13 - لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة ندبت مترجمان من وزارة العدل لإجراء الترجمة الفورية لكل ما يدور بالجلسة ونقله بالإنجليزية للطاعنة وقد مثل المترجم المنتدب بالجلسات بعد أداء اليمين القانونية وقام بترجمة أمر الإحالة للطاعنة وأثبت بمحاضر الجلسات المتعاقبة قيامه بالترجمة الفورية لها لما يدور بالجلسات حتى كانت الجلسة 20 من فبراير 1993 وفيها مثلت الطاعنة والمدافع عنها كما حضر المترجم والمحكمة سألت أحد الشهود في حضور الجميع ولم تطلب الطاعنة أو محاميها الاستعانة بالمترجم لترجمة أقوال الشاهد المذكور ولم تدع الطاعنة في أسباب طعنها أنها طلبت هي أو محاميها من المحكمة إجراء ترجمة أقوال الشاهد، فإنه لا يقبل منها من بعد النعي على المحكمة بأنها أخلت بسلامة إجراءات محاكمتها.
14 - لما كانت المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية يجرى نصها على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة.... بالتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه" ولما كانت الطاعنة لا تدعي بأسباب طعنها بأن التحقيق بجلسة المحاكمة قد جرى في غير حضور محاميها الذي لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهمة الأولى: أ - حازت وأحرزت بقصد الإتجار عقاراً مخدراً. ال - سي - دي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ب- أحرزت بقصد التعاطي نباتاً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. المتهم الثاني: أحرز بقصد الإتجار عقاراً مخدراً. ال - سي - دي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 29، 34/ 1/ أ، 37، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 77 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المستبدل بالقانون الأخير والبند رقم (1) من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمة الأولى بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليها. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه عما نسب إليه ثالثاً: بمصادرة المخدرين المضبوطين باعتبار أن إحراز المتهم الثاني للمخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأولى بجريمتي إحراز وحيازة عقار "ال - سي - دي" المخدر بقصد الإتجار ونبات مخدر "حشيش" بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ودان الثاني بجريمة إحراز عقار "ال - سي - دي" المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة حصلت شهادة شاهدي الإثبات الأول والثاني وفقاً للصورة التي اعتنقتها لواقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعنة الأولى تتجر في المواد المخدرة بمساعدة الطاعن الثاني ثم انتهت إلى أن ما أحرزته الطاعنة من مخدر الحشيش كان بقصد التعاطي وأن ما أحرزه الطاعن من مخدر كان بغير قصد محدد مما ينبئ عن اختلال صورة الواقعة لدى المحكمة وتناقضها في حكمها، كما أطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بضبط الطاعنين وتفتيشهما ومسكنهما لانعدام التحريات لعدم توصلها إلى أن الطاعنة طالبة بالجامعة الأمريكية وعدم تحديدها نوع المخدر المقال بإتجارها فيه وإغفالها الإشارة إلى شراء أحد المرشدين السريين لمواد مخدرة من الطاعنة قبل ضبطها حسبما جاء بأقوال شهود الإثبات فيما بعد، وقد جاء إذن التفتيش غير مسبب ودون بيان وظيفة واختصاص من أصدره، وتوقع عليه وعلى التحقيقات بتوقيع غير مقروء سواء من المحقق أو من أمين السر ورغم تمسك الطاعنة عند محاكمتها بهذا الدفاع الذي ينطوي على الطعن بالتزوير على هذه التوقيعات مما كان يتعين معه على المحكمة أن تجرى تحقيقاً تستجلي به سلامة هذه التوقيعات وصحة صدورها من مختص إلا أنها أغفلت إجراء هذه التحقيقات وردت على ذلك الدفاع برد غير سائغ، كما دفع الحاضر مع الطاعنة ببطلان تحقيقات النيابة العامة معها لأنها تمت من خلال مترجم غير مختص وهو لا يعدو أن يكون موظفاً بالسفارة الأمريكية ومع ذلك ردت المحكمة على ذلك بما لا يواجهه، كما دفع الحاضر مع الطاعنة ببطلان اعترافها بالتحقيقات لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي إذ أن الطاعنة فوجئت بأن ما ضبط معها من مواد معاقب على إحرازها طبقاً للقانون المصري وهو ما يباح حتى بالإتجار فيها في موطنها بالولايات المتحدة الأمريكية مما أوقع الرعب في نفسها عند القبض عليها وعرضها لضغوط معنوية شديدة سواء في الشرطة أو أمام النيابة العامة وقد رد الحكم على ذلك الدفع بما لا يسوغ، وقد جرى دفاع الطاعنة على أن الاتفاقية الدولية في شأن المخدرات التي أخذت بها مصر لم تدرج مادة "ال - سي - دي" ضمن المواد المخدرة وبأن محل التجريم في إحراز نبات الحشيش هو أجزاء القمم الزهرية لإناث النبات فقط بما يخالف ما ضبط في الدعوى الراهنة وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً، وإذ أبدت الطاعنة دفاعاً مؤداه حدوث تلاعب في إحراز المضبوطات وبأن ما تم تحليله من مواد ليس ما ضبط معها بدلالة ختم المضبوطات بخاتم شخص مجهول واختلاف أعدادها وأوزانها في محضر الضبط عنها في التحقيقات وفي تقرير المعمل الكيماوي مما كان يتعين معه على المحكمة أن تجري تحقيقاً لاستجلاء حقيقة الأمر إلا أنها التفتت عن إجراء هذا التحقيق وردت على هذا الدفع برد قاصر، كما لم تعرض المحكمة لدفاع الطاعنة بانعدام القصد الجنائي لديها لانتفاء علمها بأن المادة المضبوطة معها مدرجة بجدول المخدرات، وتمسكت ببطلان إجراءات محاكمتها إذ لم يثبت من محضر جلسة يوم 20 فبراير سنة 1993 أن المترجم الذي ندبته المحكمة للترجمة للطاعنة - التي تتكلم اللغة الإنجليزية - قد قام بترجمة الأسئلة والإجابات من الشاهد رئيس قسم الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة والذي عولت المحكمة على شهادته لها الأمر الذي تكون معه الطاعنة وكأنها لم تحضر إجراءات محاكمتها بما يبطل هذه الإجراءات التي تمت في غيبتها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وذلك في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها الشاهد الأول الرائد.... مفتش التحريات الدولية بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالاشتراك مع زميليه الرائد.... والنقيب.... "الشاهدين الثاني والثالث" دلت على أن المتهمة الأولى.... العراقية الأصل والأمريكية الجنسية وابن خالتها وزوج شقيقتها.... العراقي الجنسية والمقيمان بشقة مفروشة بالطابق الثالث بالعقار.... يتجران في العقاقير التخليقية خاص عقار "ال - سي - دي" وأنهما يتخذان من الشقة المفروشة مسكنهما مركز لترويج سمومهما على عملائهما، فاستصدر بتاريخ 3/ 6/ 1992 الساعة الرابعة مساء إذناً من النيابة العامة بضبطهما وتفتيشهما وتفتيش مسكنهما، ونفاذاً لذلك الإذن انتقل في نحو الساعة السابعة والنصف من مساء ذات اليوم وبرفقته الشهود من الثاني إلى الرابع وقوة من الشرطة السريين بسيارات الإدارة التي تحمل أرقاماً خاصة إلى المنطقة التي يقطن بها المتهمين فبلغوها في نحو الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم ذاته وتركوا السيارات في مكان غير ظاهر وانتشر الشاهدان الثالث والرابع وقوة الشرطة حول العقار الكائن به مسكن المتهمين بينما توجه "أي الشاهد الأول" وبرفقته الشاهد الثاني إلى شقة المتهمين فوجد بابها مغلقاً وبالطرق عليه فتح له المتهم الثاني وعلم منه أن المتهمة الأولى في الخارج وستعود بعد وقت قصير وبتفتيشه عثر بالجيب الأيسر العلوي لقميصه الذي يرتديه على لفافة مفضضة بداخلها طابعين لعقار "ال - سي - دي" المخدر ذو اللون البرتقالي مرسوم على كل منها شفتان باللون الوردي الداكن واجهه بهما فأقر له بإحرازها وأثر ذلك أخطر زميليه الموجودين بخارج العقار لاسلكياً بالأجهزة المزودين بها بالصعود لمسكن المتهمين فرادى وعلى فترات متباعدة حتى لا يشعر بهما أحد فحضرا وكمن ومرافقيه بالشقة مع المتهم الثاني دون أن يجرى تفتيش الشقة لحين عودة المتهمة الأولى وفي نحو الساعة الحادية عشر والثلث من مساء ذات اليوم دخلت الأخيرة الشقة بعد فتح بابها بمفتاح معها وبصحبتها.... "الشاهد الخامس" الذي أفاد بأنه خطيبها، وبتفتيش حقيبة يد المتهمة الأولى الجلدية العالقة على كتفها بسير جلدي عثر بداخلها على أربع لفافات ورقية بكل منها نبات الحشيش وجواز سفر خاص بها صادر من فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية وكيس نقود من الجلد به مبلغ ثمانين جنيهاً - وأربعمائة وخمسين دولار أمريكي، كما عثر بجيب مغلق بسوستة بالحقيقة على كيس شفاف بداخله لفافة مفضضة تحوي شريحتان من الورق برتقالي اللون مشبع بعقار ال - سي - دي مكون من مربعات مرسوم على كل منها رسم الشفتين باللون الوردي وعددها بأحد الشريحتين 39 مربع وبالثانية 16 مربع وكذا مقصين معدنيين أحدهما ذو نصل حاد والآخر على شكل ملقاط وبفحص الشقة تبين أنها مكونة من ردهة في مواجهة باب الشقة وعلى اليمين منها طرقة بها مطبخ وغرفة نوم وفي مواجهتها على اليسار غرفة نوم أخرى وبين الغرفتين وفي مواجهة الطرقة دورة المياه وقد قرر له كل من المتهمين أن الحجرة التي على اليمين خاصة بالمتهمة الأولى وأن الحجرة التي على اليسار خاصة بالمتهم الثاني وبتفتيش حجرة الأخير عثر أعلى شفنيرة على جواز سفر باسمه ومبلغ أربعين جنيها وبتفتيش حجرة المتهمة المكونة من سرير وشفنيرة ومكتب صغير وصوان من أربع ضلف مغلقة بالمفاتيح قام بفتحه بمفتاحيه اللذين كانا مع مفتاحان آخران لباب الشقة في حلقة مفاتيح بيد المتهمة عثر بالرف العلوي بالضلفة اليسرى أسفل مفرش من ورق الجرائد يعلوه ملابسها الداخلية على كيس من البلاستيك الشفاف بداخله شريحة من الورق المشبع بعقار ال - سي - دي مكونة من مائة وثمانين مربع بذات الوصف السابق ذكره وإذ واجهها بالمضبوطات أقرت بحيازتها وإحرازها لعقار ال - سي - دي بقصد الاتجار وأن المقصين لاستخدامهما في الإمساك بطوابع العقار وتجزئتها وأن المبلغ المضبوط من حصيلة ذلك الاتجار وبإحرازها لنبات الحشيش بقصد التعاطي" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال كل من.... و.... و.... و.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وأقوال.... وما أسفرت عنه معاينة النيابة لشقة المتهمين وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للمعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وأقوال الدكتورة.... و.... وما تضمنته أقوال المتهم الثاني لدى استجوابه بتحقيقات النيابة واعتراف المتهمة الأولى بالتحقيقات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكانت المحكمة قد عولت في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة من أن الطاعنين يتجران في العقاقير التخليقية خاصة عقار ال - سي - دي وأقرت النيابة على تصريحها الإذن بالتفتيش الذي أسفر عن ضبطهما يحوزان عقار ال - سي - دي فضلاً عن إنفراد الطاعنة بإحراز كمية من نبات مخدر الحشيش فإذا ما خلصت المحكمة - بناء على الاعتبارات السائغة التي ساقتها - أن إحراز الطاعنة لهذا النبات المخدر كان بقصد التعاطي وأن إحراز الطاعن لعقار ال - سي - دي كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فلا مجال لقالة التناقض في التسبيب لما هو مقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو نوع المادة المخدرة التي يحوزها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه في قوله: "أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين وأن هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرية مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن بتفتيش ذلك الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة به بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين وما يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت هذه المحكمة تقتنع بما جاء بمحضر التحريات وأقوال الرائد.... بالتحقيقات وأمام المحكمة وأقوال الشاهدين الثاني والثالث بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وتوافر مسوغات إصداره، ولا ينال منه ما قاله الدفاع بقصور التحريات التي بنى الإذن عليها ذلك أن هذه التحريات جاءت محددة لأشخاص المتهمين ومحل إقامتهما والتهمة المسندة إليهما تحديداً كافياً نافياً للجهالة ولم يزعم الدفاع أنهما غير المقصودان بالإذن أما عن خلو محضر التحريات من بيان أسماء المترددين على شقة المتهمين أو بيان جهة ومصدر المخدر إلى غير ذلك فهي أمور لا تؤثر في جدية التحريات المتعلقة بالمتهمين، وترتيباً على ما تقدم يكون الدفع ببطلان الإذن غير سديد". وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن وردت على شواهد الدفع ببطلانه - على نحو ما سلف بيانه - بأدلة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق وعلى نحو يتفق وصحيح القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد." لما كان ذلك، وكانت مجادلة الطاعنة في أن محضر التحريات الذي بني عليه إذن التفتيش لم يشر إلى واقعة شراء أحد المرشدين السريين لمخدر منها يقتضي تحقيقاً موضوعياً وكانت الطاعنة لم تتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعنة من أن إذن التفتيش قد صدر دون بيان وظيفة واختصاص من أصدره ولتوقيعه بتوقيع غير مقروء وأنه قد صدر غير مسبب ورد عليه في قوله "أنه ولئن كان صحيحاً أن إذن النيابة لمأمور الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً وموقعاً عليه بإمضاء من أصدره باعتبار أن ورقة الإذن ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها وباعتبار أن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً إلا أن القانون لم يستلزم شكلاً معيناً للتوقيع أو يوجب أن يكون بالاسم كاملاً وليس بطريقة الفورمة... ولما كان الثابت أن إذن النيابة صدر من الأستاذ/ ... وكيل النيابة وموقع عليه منه ومن ثم فإن ورقة الإذن تشهد بصدورها منه على الوجه المعتبر قانوناً ولا يجوز الطعن فيها إلا بسلوك طريق الطعن بالتزوير في الأوراق الرسمية وكان المتهمان لا ينازعان في صفة مصدر الإذن بأنه من وكلاء النيابة العامة، وكان ما أثاره دفاع المتهمة الأولى من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره بمقولة أنه صدر مجهلاً الاختصاص المكاني لمصدره في غير محله، إذ من المقرر أن العبرة بما إذا كان من أعطى الإذن مختصاً بإصداره إنما يكون بالواقع ولو تراخى لوقت المحاكمة، وكان الثابت من الأوراق يقيناً أن مصدر الإذن هو الأستاذ/ ... وكيل نيابة الدقي بدلالة أن الثابت من محضر التحريات أن محرره أثبت في نهاية محضره المذيل به الإذن بالتفتيش عرضه على السيد الأستاذ/ مدير نيابة الدقي لضبط المتهمين المذكورين وتفتيشهما وتفتيش مسكنهما لضبط ما يحوزانه أو يحرزانه من مواد مخدرة وأن الثابت أن محضر الضبط عرض عليه فأشر بعرضه على الأستاذ/ ... وكيل النيابة وفي ذلك ما يكفي لبيان أن الإذن صدر من وكيل نيابة الدقي ولم يزعم الدفاع خلاف ذلك ومن ثم يكون الندب للتفتيش صحيحاً... ولما كانت المادة 44 من الدستور والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أيهما قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر الصادر بالتفتيش وكان لا يشترط صياغة إذن التفتيش في عبارات خاصة وإنما يكفي لصحته أن يكون رجل الضبط قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بضبطه وتفتيش مسكنه وأن يصدر الإذن بناء على ذلك وكان الثابت أن تفتيش المتهمين تم تنفيذاً لإذن صدر من وكيل النيابة على محضر التحريات وأثبت اطلاعه عليه واطمئنانه إلى جدية التحريات وشخص مجريها وما أسفرت عنه من وقوع جريمة يعاقب عليها القانون وقد اشتمل الإذن على ما يفيد حيازة المتهمين لمواد مخدرة طبقاً لما أسفرت عنه تحريات مأمور الضبط القضائي الذي طلب الإذن بإجراء الضبط والتفتيش، فإن ذلك ما يكفي لاعتبار الإذن بالتفتيش مسبباً حسبما تطلبه المشرع." لما كان ذلك، وكان ما ورد به الحكم على النحو السالف بيانه سائغاً وكافياً في إطراح دفاع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش، إذ من المقرر أنه ليس في القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي أو المكاني أو يتبع شكلاً خاصاً لتسبيب إذن تفتيش المسكن, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لخلوها من توقيع مقروء للمحقق وأمين السر وأطرحه في قوله "أن الثابت من محضر التحقيق أنه معنون ببيان اسم النيابة التي ينتمي إليها المحقق وهي نيابة الدقي وفي ذلك ما يكفي لبيان أن المحقق الذي باشر التحقيق هو وكيل نيابة الدقي المختص مكانياً بمباشرته، أما ما أثاره الدفاع في شأن توقيع المحقق وسكرتير التحقيق على محضر التحقيق بتوقيع غير مقروء فمردود بأنه وإن كان القانون يشترط أن تكون محاضر التحقيق موقعها عليها من المحقق وسكرتير التحقيق باعتبارها أوراقاً رسمية إلا أنه لما كان الدفاع لا ينازع في أن أوراق التحقيق موقعة من المحقق وسكرتير التحقيق وكان القانون لم يتطلب أن يكون التوقيع مقروءاً ما دام أن محضر التحقيق ثابت به اسم المحقق وسكرتير التحقيق ومن ثم فإن الدفع يكون في غير محله" وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعنين في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعهما دون حاجة منها لاستدعاء وكيل النيابة المحقق وأمين السر لاستجلاء حقيقة توقيعهما على محضر التحقيق، إذ أن هذا الاستدعاء لا يكون إلا متى رأت المحكمة محلاً لذلك ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما - وهو ما لا ينازع الطاعنان فيه - فإن ما ينعاه الطاعنان يكون قد جانب الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بشأن بطلان التحقيق معها لعدم وجود مترجم متخصص يجيد اللغة الإنجليزية وأطرحه في قوله "أن النيابة العامة انتدبت أحد الخبراء من مترجمي اللغة الإنجليزية من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة إلا أن المتهمة الأولى مثلت أمام المحقق ومعها مندوب من السفارة الأمريكية ليتولى أعمال الترجمة لها وقرر أمام المحقق أنه سبق له القيام بأعمال الترجمة فقام بتحليفه اليمين القانونية على أن يؤدي عمله بالصدق والأمانة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن من واقع اطلاعها على أقوالها بالتحقيق أن الترجمة كانت تعبيراً صادقاً نقله المترجم عن أقوالها وليس فيه ما يثير الريبة والشك ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله. هذا فضلاً عن أن المتهمة المذكورة هي التي اختارت المترجم فليس لها أن تنعى على أمر اختارته بإرادتها". لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمندوب من السفارة الأمريكية حضر مع المتهمة وارتضيت أن يكون مترجماً لها دون المترجم الذي انتدبته النيابة العامة من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة، إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره، وإذ كانت الطاعنة لم تذهب في وجه النعي إلى أن أقوالها قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بمندوب السفارة الذي حضر معها كمترجم لها بناء على طلبها، وكان رد الحكم على دفع الطاعنة في هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه فإن منعى الطاعنة عليه يكون غير سديد. فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعنة بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه مادي وأدبي ورد عليه في قوله "بأن الثابت أن المتهمة الأولى لم تقرر في أية مرحلة من مراحل الدعوى وقوع ثمة إكراه مادي عليها بل إن المحكمة تطمئن إلى ما قرره الشاهد الأول أمام المحكمة من أنها عوملت أحسن معاملة لدرجة أنها مكنت من الاتصال بذويها من مكتبه بالولايات المتحدة ولم تنف المتهمة الأولى ذلك كما أن الثابت أن وكيل النيابة المحقق انفرد بالمتهمة ومترجمها وبدأت بإنكار ما نسب إليها بالاتجار في المواد المخدرة وروت له تفاصيل ضبطها فلما واجهها بالمضبوطات أقرت له بإحراز وحيازة عقار ال - سي - دي وأنها أحضرته من سيناء وكان عدد الطوابع ثلثمائة طابع كما أقرت له بإحراز نبات الحشيش ثم عادت وأنكرت علمها بوجوده لديها وكل ذلك يدحض ما تشدق به الدفاع عن صدور ذلك الاعتراف من جراء الإكراه المادي أو المعنوي وهو قول لم يبرز لحيز الوجود إلا بلسان محامي المتهم الثاني وبجلسة المحاكمة الأخيرة لأول مرة، وتطمئن المحكمة إلى صدور هذه الأقوال من المتهمة الأولى عن إرادة حرة مدركة لما تشهد به على نفسها ولذا فإنها تعول عليها في تكوين عقيدتها بعد أن تساندت الأدلة وظروف الحال وقطعت في ثبوت الجريمة في حقها ودعمها اعترافها بارتكابها" وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها، ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت في تسبيب سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها وخلوه مما يشوبه وصدوره منها عن طواعية واختيار، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يضحى لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعنة الأولى من أن العقار المضبوط ال - سي - دي لم يدرج ضمن المواد المخدرة التي أوردتها الاتفاقية الدولة وأطرحه في قوله "بأن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1967 هي دعوة للدول بصفتهم من أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام قوانين المخدرات في الدول الموقعة عليه وقد نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تجريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة والعقاب وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية في الدول المختصة إليها، ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه "لا تتضمن هذه المادة أي حكم بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية" ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام قانون المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، وكان المشرع أدرج البند رقم 77 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون 122 لسنة 1989 - المنطبق على واقعة الدعوى - حمض يسار جيك ثنائي أبيد قل - ال - سي - دي فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً للرد على ما أثاره الدفاع ويتفق وصحيح القانون فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن اقتصار التجريم في إحراز نبات الحشيش على القمم الزهرية لإناث النبات خلافاً لما ضبط معها ورد عليه في قوله "بأنه وإن كان صحيحاً حسبما هو معلوم علمياً أن المادة الفعالة في نبات الحشيش توجد بنسبة مرتفعة في إناث النباتات إلا أنها توجد أيضاً في ذكور النباتات ولكن بنسبة ضعيفة وليس صحيحاً أن المادة الفعالة توجد فقط في القمم الزهرية المثمرة وإنما توجد أيضاً في زهوره وأوراقه. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير التحليل أن الأجزاء النباتية المضبوطة عبارة عن فروع تحمل أوراق وقمم زهرية وبذور تحتوي على المادة الفعالة لنبات الحشيش فإن ذلك يكفي لتوافر مسوغات تجريمها" وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً وسائغاً للرد على ما أثارته الطاعنة، فضلاً عن أن هذا الحكم قد دان الطاعنة بجنايتي إحراز عقار مخدر بقصد الاتجار وإحراز نبات الحشيش بقصد التعاطي وأعمل في حقها المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجريمة الاتجار باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقها فإنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره تعييباً للحكم في شأن جريمة التعاطي لنبات الحشيش. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن التلاعب في الإحراز واختلاف ما تم ضبطه من مواد عن ما تم تحليله بقوله "بأن الثابت من محضر الضبط وما رصدته النيابة عن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي ضبطت لدى المتهمة الأولى 235 مربعاً (180 + 39 + 16) وأن وزن نبات الحشيش بلفافاته الذي تم بمعرفة الضابط بلغ بميزان غير حساس 120 جم بينما وزنه بمعرفة النيابة في إحدى الصيدليات بلغ 103.5 جم. لما كان ذلك، وكان الثابت أن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي جرى تحليلها 235 مربعاً وهو ذات العدد المضبوط وأن اللفافات الأربعة التي تحوي نبات الحشيش بلغ وزنها 107.8 جم وكانت المحكمة ترى أن ذلك الاختلاف مبرراً لأن الوزن الذي قام به الضابط كان على ميزان غير حساس وأن الفرق بين وزن النيابة والمعمل يسير بالنسبة للكمية مرده إلى دقة الوزن في معامل التحليل، وكان الثابت أن الإحراز التي أرسلت للتحليل لم يحدث بها ثمة عبث مما تطمئن معه المحكمة إلى ما أرسل إلى التحليل هو بذاته الذي صار تحليله كما تطمئن المحكمة إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل ومن ثم تلتفت المحكمة عن ذلك الدفاع الذي لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل." وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامة كمية المخدر المضبوط دون حدوث أي عبث بها. هذا فضلاً عن أن جدل الطاعنة والتشكيك في انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط المثبت بمحضر الشرطة عن ذلك المقدم للنيابة والذي أجرى عليه التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر، ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنة أو المدافع عنها لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنة للمخدر المضبوط وعلى علمها بكنهه فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من قصور في هذا الصدد غير سديد، ولا يقدح في ذلك ما تنعاه الطاعنة من أن ادعاء جهلها بإدراج عقار ال - سي - دي بجدول المخدرات وبأن إحراز هذا العقار في موطنها بالولايات المتحدة الأمريكية غير مجرم إذ أنه من المقرر أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائي باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في بعض الأحيان بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة ندبت مترجمان من وزارة العدل لإجراء الترجمة الفورية لكل ما يدور بالجلسة ونقله بالإنجليزية للطاعنة وقد مثل المترجم المنتدب بالجلسات بعد أداء اليمين القانونية وقام بترجمة أمر الإحالة للطاعنة وأثبت بمحاضر الجلسات المتعاقبة قيامه بالترجمة الفورية لها لما يدور بالجلسات حتى كانت الجلسة 20 من فبراير 1993 وفيها مثلت الطاعنة والمدافع عنها كما حضر المترجم والمحكمة سألت أحد الشهود في حضور الجميع ولم تطلب الطاعنة أو محاميها الاستعانة بالمترجم لترجمة أقوال الشاهد المذكور ولم تدع الطاعنة في أسباب طعنها أنها طلبت هي أو محاميها من المحكمة إجراء ترجمة أقوال الشاهد، فإنه لا يقبل منها من بعد النعي على المحكمة بأنها أخلت بسلامة إجراءات محاكمتها كما أن المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية يجرى نصها على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة... بالتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه" ولما كانت الطاعنة لا تدعي بأسباب طعنها بأن التحقيق بجلسة المحاكمة قد جرى في غير حضور محاميها الذي لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2329 لسنة 63 ق جلسة 19 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 29 ص 207

جلسة 19 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(29)
الطعن رقم 2329 لسنة 63 القضائية

تهرب ضريبي. عقوبة "تقديرها". قانون "تفسيره". تعويض. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النص في المادة 181 من القانون 157 لسنة 1981 بإلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة. جزاء نسبي. يلازم عقوبة السجن التي يحكم بها على الجاني ويغلب عليه معنى العقوبة وإن انطوى على عنصر التعويض.
وجوب تعيين الحكم مقدار ما لم يدفع من الضريبة أو تقديره ما لم يكن مقدراً.
دفاع الطاعن بأن تقدير الضريبة. غير نهائي. جوهري. إغفال المحكمة تحقيقه وقضاؤها بالتعويض استناداً إلى تقرير مكتب الخبراء للضريبة دون استظهار ذلك. قصور وخطأ في تطبيق القانون.
مثال.

-------------------
لما كان القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل الذي دين الطاعن بمقتضاه قد أوجب في المادة 181 في فقرتها الأولى إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة، وهذا الجزاء النسبي المشار إليه في المادة سالفة الذكر يلازم عقوبة السجن التي يحكم بها على الجاني ويغلب عليه معنى العقوبة وإن انطوى على عنصر التعويض وينسب إلى ما لم يدفع من الضرائب في الميعاد المقرر وهو الجزء الذي كان عرضه للضياع على الدولة بسبب مخالفة الممول للقانون، ويجب لكي يقضي بزيادة ما لم يدفع من الضريبة أن يعين الحكم مقدار ما لم يدفع أو تقديره ما لم يكن مقدراً، وإذ كان دفاع الطاعن قد قام على أن هذا التقدير قد طعن فيه أمام مصلحة الضرائب ولم يصبح نهائياً وهو دفاع جوهري لتعلقه بالواقعة وكونه - إذا صح - منتجاً فيها فقد كان من المتعين على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل وبنت قضاءها بإلزام الطاعن بالتعويض الذي فرضه القانون على أساس تقدير مكتب الخبراء للضريبة التي لم تدفع وردت على الدفاع المثار بشأنه على النحو السالف بيانه دون أن تستظهر في حكمها أن تقدير الضريبة التي لم تدفع - والتي ينسب إليها التعويض المحكوم به - قد أصبح نهائياً، فإن الحكم المطعون فيه فوق قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يخطر مصلحة الضرائب عند بدء مزاولته نشاطه في المقاولات المعمارية وتشغيل اللودرات وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. ثانياً: بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة على أرباحه المبينة قدراً بالأوراق من نشاطيه سالفي الذكر عن كل من السنوات من سنة 1978 حتى سنة 1984 وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بإخفاء هذين النشاطين عن علم مصلحة الضرائب - ثالثاً: بصفته سالفة الذكر لم يقدم إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطيه سالفي البيان عن كل من السنوات من سنة 1978 حتى سنة 1984 في خلال الميعاد المحدد قانوناً في كل منهما رابعاً: بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة العامة على الدخل لم يقدم إلى مصلحة الضرائب إقراراً صحيحاً وشاملاً عن عناصر الإيراد العام الخاضع لتلك الضريبة عن كل من السنوات المشار إليها في خلال الميعاد المحدد قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 13، 14، 23، 24، 31، 34، 37، 102، 104، 123، 178 الفقرة الأولى والبند رقم 6 من الفقرة الثانية 181، 187 فقرة ثانياً من القانون رقم 157 لسنة 1981 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه بأن يدفع لمصلحة الضرائب مبلغ 238920.330 مليمجـ وهي ثلاثة أمثال الضرائب المستحقة عليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بعدة جرائم منها جريمة التهرب من أداء الضريبة المستحقة على أرباحه التجارية والصناعية قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الطاعن تمسك في دفاعه أمام المحكمة بأن تقدير الضريبة الواجب أداؤها لم يصبح نهائياً بعد لتقدمه بطعن في هذا التقدير لدى مصلحة الضرائب، غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع برد غير سائغ وقضت بإلزامه بالتعويض الذي ينسب إلى ما لم يؤد من الضريبة قبل أن يصبح هذا التقدير نهائياً مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أثار في دفاعه أن تقدير الضريبة الواجب أداؤها لم يصبح نهائياً بعد لتقديمه بطعن في هذا التقدير لدى مصلحة الضرائب وقد عرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه عن القول بعدم صيرورة الضرائب موضوع الاتهام نهائية... فإنه لا محل لهذا القول لأن الدعوى الماثلة ليست دعوى مدنية موضوعها المطالبة بأداء تلك الضرائب حتى يمكن أن يثار فيها مثل هذا الدفاع وإنما هذه دعوى جنائية قوامها جرائم محددة توافرت أركانها... ومن جهة أخرى فإن القانون لم يرسم طريقاً معيناً لإثبات عناصر تلك الجرائم وأركانها ولم يلزم المحكمة باتباع وسيلة محددة لإثبات الضرائب المتهرب من أدائها ومقدارها، وإذ كانت المحكمة تطمئن إلى ما انتهى إليه تقدير مكتب الخبراء في هذا الصدد فلا وجه بالتالي لكافة ما يثيره الدفاع في هذا الشأن." لما كان ذلك، وكان القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل الذي دين الطاعن بمقتضاه قد أوجب في المادة 181 في فقرتها الأولى إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة، وهذا الجزاء النسبي المشار إليه في المادة سالفة الذكر يلازم عقوبة السجن التي يحكم بها على الجاني ويغلب عليه معنى العقوبة وإن انطوى على عنصر التعويض وينسب إلى ما لم يدفع من الضرائب في الميعاد المقرر وهو الجزء الذي كان عرضه للضياع على الدولة بسبب مخالفة الممول للقانون، ويجب لكي يقضي بزيادة ما لم يدفع من الضريبة أن يعين الحكم مقدار ما لم يدفع أو تقديره ما لم يكن مقدراً، وإذ كان دفاع الطاعن قد قام على أن هذا التقدير قد طعن فيه أمام مصلحة الضرائب ولم يصبح نهائياً وهو دفاع جوهري لتعلقه بالواقعة وكونه إذا صح - منتجاً فيها فقد كان من المتعين على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل وبنت قضاءها بإلزام الطاعن بالتعويض الذي فرضه القانون على أساس تقدير مكتب الخبراء للضريبة التي لم تدفع وردت على الدفاع المثار بشأنه على النحو السالف بيانه دون أن تستظهر في حكمها أن تقدير الضريبة التي لم تدفع - والتي ينسب إليها التعويض المحكوم به - قد أصبح نهائياً، فإن الحكم المطعون فيه فوق قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 2322 لسنة 63 ق جلسة 19 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 28 ص 197

جلسة 19 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.

-----------------

(28)
الطعن رقم 2322 لسنة 63 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب قبول مأمور الضبط القضائي التبليغات والشكاوى الواردة إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عنها.
إطراح الحكم الدفع ببطلان القبض استناداً إلى أن استدعاء الطاعن من إجراءات الاستدلال وليس قبضاً وفقاً للمادة 29 إجراءات. صحيح.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 إجراءات. نطاقه؟
الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ولا يتضمن تعرضاً مادياً. ليس قبضاً ولو كان ذلك بواسطة أحد رجال السلطة العامة.
(3) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم".
الاستجواب المحظور على مأمور الضبط إجرائه. ماهيته؟
مواجهة الضابط للمتهمين بتحرياته. اعترافهما بارتكابها للجريمة. لا يعد استجواباً.
(4) دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم القصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط. غير مجد. ما دام لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
مثال.
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق لمحكمة الموضوع. لها تقدير صحة ادعاء المتهم انتزاع الاعتراف منه بطريق الإكراه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الاعتراف وليد إكراه.
(6) عقوبة "العقوبة المبررة". سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. ظروف مشددة.
النعي على الحكم القصور في استظهار ظرف الليل. غير مجد. ما دامت المحكمة دانته بعقوبة السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.

------------------
1 - لما كان الحكم تناول في أسبابه الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وأطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن استدعاء الطاعن لسؤاله في محضر الضبط كان من بين إجراءات جمع الاستدلالات التي أجازت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي مباشرتها بشأن ما يقع من جرائم ولا يعتبر ذلك في حكم القبض المحظور عليه في غير حالات التلبس، ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأية كيفية كانت وأن يتحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤيدة لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم.
2 - من المقرر أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة سرقة بإكراه ليلاً لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يقدح في ذلك أن يتم هذا الاستدعاء بواسطة أحد رجال السلطة العامة طالما أنه لم يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يتلبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن الأول لم يكن مقروناً بإكراه ينتقض من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون.
3 - من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف، وكان الطاعن الأول لا يدعي في أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائي ناقشه مناقشة تفصيلية في الأدلة القائمة قبله، وكان الحكم قد أورد في رده على دفاع الطاعنين أن الضابط سألهما عما جاء بالتحريات قبلهما فأقر بصحتها واعترفا بارتكابهما للجريمة فأثبت ذلك بمحضره وقام بإرسالهما للنيابة العامة التي باشرت التحقيق معهما فإن ما انتهى إليه الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب يكون مقترناً بالصواب.
4 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهو دليل مستقل عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد الإكراه لصدوره نتيجة قبض باطل، من أنه ليس ثمة قبضاً قد وقع على المتهمين على نحو ما سلف بيانه مما يضحى معه الدفع قد قام على غير سند وما أورده الحكم من ذلك سائغ في القانون، ذلك أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون في غير محله.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات فلا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفر في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول أمام النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيرانه من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليهما ووالدهما وشهود الإثبات يكون على غير أساس ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليلة... أولاً: المتهمان: سرقا المبلغ المبين قدراً بالتحقيقات المملوك... بأن دخلا داره بواسطة تسور جداره وبطريق الإكراه الواقع على كريمته... بأن كم المتهم الثاني فاها وهددها بسلاح ظاهر كان يحمله فشل بذلك مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من إتمام السرقة. ثانياً: - المتهم الثاني أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 313 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 65 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة بطريق الإكراه ليلاً وبواسطة التسور وثانيهما بجريمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في البيان والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم المطعون فيه رد على الدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان القبض بما لا يصلح رداً ولم يفطن إلى بطلان استجواب المتهمين بمحضر الضبط، كما عول على اعترافهما بتحقيقات النيابة العامة برغم صلته بالقبض الباطل، هذا إلى أنه قد أطرح دفاع الطاعن الأول أيضاً بعدم توافر ظرفي الليل والتسور بما لا يسوغ إطراحه خاصة أن المستفاد من أقوال المجني عليه أن السرقة لم تتم بطريق التسور ولم يثبت ذلك من المعاينة، وأخيراً فإن الحكم أغفل دفاع الطاعنين من أن المجني عليه الأول لم ير الواقعة بنفسه وأن رؤية المجني عليهما الأخيرتين لمرتكبي الحادث كانت من ظهرهما مما يفيد عدم تحديدهما لشخصيتهما ويعدم الدليل على وجود ظرفي الإكراه أو التسور أو وجود السلاح كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليهما وقد تناول في أسبابه الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وأطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن استدعاء الطاعن لسؤاله في محضر الضبط كان من بين إجراءات جمع الاستدلالات التي أجازت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي مباشرتها بشأن ما يقع من جرائم ولا يعتبر في حكم القبض المحظور عليه في غير حالات التلبس. ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دائرة اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يتحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤيدة لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة سرقة بإكراه ليلاً لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يقدح في ذلك أن يتم هذا الاستدعاء بواسطة أحد رجال السلطة العامة طالما أنه لم يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يتلبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن الأول لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف، وكان الطاعن الأول لا يدعي في أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائي ناقشه مناقشة تفصيلية في الأدلة القائمة قبله وكان الحكم قد أورد في رده على دفاع الطاعنين أن الضابط سألهما عما جاء بالتحريات قبلهما فأقر بصحتها واعترفا بارتكابهما للجريمة فأثبت ذلك بمحضره وقام بإرسالهما للنيابة العامة التي باشرت التحقيق معهما فإن ما انتهى إليه الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب يكون مقترناً بالصواب، فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهو دليل مستقل عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد الإكراه لصدوره نتيجة قبض باطل من أنه ليس ثمة قبضاً قد وقع على المتهمين على نحو ما سلف بيانه مما يضحى معه الدفع قد قام على غير سند، وما أورده الحكم من ذلك سائغ في القانون ذلك أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات فلا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفر في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول أمام النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيرانه من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليهما ووالدهما وشهود الإثبات يكون على غير أساس ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2185 لسنة 63 ق جلسة 18 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 27 ص 191

جلسة 18 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

-----------------

(27)
الطعن رقم 2185 لسنة 63 القضائية

(1) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إثبات "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(2) شروع. جريمة "أركانها".
الشروع في حكم المادة 45 عقوبات. ماهيته؟
لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة. كفاية أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً لاعتباره شارعاً في ارتكاب جناية أو جنحة.
مثال.
(3) شروع. جريمة "الجريمة الخائبة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة "بإكراه".
تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لشروع في سرقة بإكراه.

------------------
1 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دام أنها تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أرسل القول ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره نتيجة الإكراه ومخالفته للواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأفصح عن اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الاعتراف وخلوه مما يشوبه، وأن دفع الطاعن في شأنه جاء مرسلاً، ولما ارتأته المحكمة من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه "البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها" فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً.
3 - من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع، وكان الثابت من الحكم - على السياق المتقدم - أن الطاعن عقد العزم وأعد عدته للسرقة ووضع المادة المخدرة في شراب قدمه للطاعن بقصد تخديره وإفقاده مقاومته لسرقة نقوده، وأنه ما حال دون بلوغ غايته إلا اصطدام السيارة بإفريز الطريق وتصادف وجود ضابط المباحث الذي قبض على الطاعن عند محاولته الهرب، فإن ما خلص إليه الحكم من تحقق أركان هذه الجريمة وأن الطاعن لم يعدل إرادياً عن ارتكابها بل كان ذلك لسبب خارج عن إرادته يكون قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في سرقة السيارة والمبلغ النقدي المبين وصفاً وقدراً بالأوراق المملوكين.... وكان ذلك بطريق الإكراه بأن دس له مادة مخدرة داخل علبة عصير أفقدته الوعي وشلت مقاومته إثر احتسائه لها وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 2، 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة بطريق الإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره تحت تأثير الإكراه ولمخالفته للواقع بيد أن الحكم - على الرغم من تعويله على هذا الاعتراف ضمن أدلة الدعوى - أطرح هذا الدفع برد قاصر غير سائغ، ودانه رغم عدم توافر أركان الجريمة لعدوله اختيارياً عن تنفيذها وخلا الحكم من بيان الأفعال التي اعتبرها بدءاً في ارتكاب الجريمة، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دام أنها تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أرسل القول ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره نتيجة الإكراه ومخالفته للواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأفصح عن اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الاعتراف وخلوه مما يشوبه، وأن دفع الطاعن في شأنه جاء مرسلاً، ولما ارتأته المحكمة من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن عقد العزم وأعد العدة لارتكاب جريمة السرقة وجهز مادة مخدرة دسها في أحد معلبات العصائر وتوجه إلى محطة انتظار السيارات الخاصة واستأجر السيارة قيادة المجني عليه في طريقه إلى مدينة طنطا وقبل بلوغه إياها طلب من المجني عليه التوقف بالسيارة لإحضار بعض الأطعمة من أحد الباعة القابعين على الطريق، وبعد أن تناولاها سوياً قدم له علبة العصائر التي كان قد دس بها المادة المخدرة بقصد تخديره وسرقة نقوده، وبعد أن فرغ المجني عليه من تناول محتويات هذه العلبة واستأنف قيادة السيارة بدت عليه مظاهر التأثر بتلك المادة المخدرة، وقبيل وصوله إلى مدينة طنطا - اصطدمت السيارة بإفريز في منتصف الطريق، وإذ ذاك تصادف مرور رئيس وحدة مباحث طنطا فتوجه صوب السيارة فلاحظ مظاهر الإعياء الشديد على المجني عليه بينما حاول الطاعن الذي كان يجلس بجواره الفرار فأسرع بالقبض عليه، ثم أورد أدلة الثبوت التي استمد منها ثبوت الواقعة في حق الطاعن من شهادة المجني عليه ورئيس وحدة مباحث مركز طنطا والكيميائي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلص منها إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في سرقة المبلغ النقدي المملوك للمجني عليه بطريق الإكراه. لما كان ذلك، وكانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرفت الشروع بأنه "البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها" فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤد إليه حتماً، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع، وكان الثابت من الحكم على السياق المتقدم - أن الطاعن عقد العزم وأعد عدته للسرقة ووضع المادة المخدرة في شراب قدمه للطاعن بقصد تخديره وإفقاده مقاومته لسرقة نقوده - وأنه ما حال دون بلوغ غايته إلا اصطدام السيارة بإفريز الطريق وتصادف وجود ضابط المباحث الذي قبض على الطاعن عن محاولته الهرب، فإن ما خلص إليه الحكم من تحقق أركان هذه الجريمة وأن الطاعن لم يعدل إرادياً عن ارتكابها بل كان ذلك لسبب خارج عن إرادته يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.