الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 يناير 2024

الطعن 25 لسنة 9 ق جلسة 8 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 122 ص 1292

جلسة 8 من يونيه سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(122)

القضية رقم 25 لسنة 9 القضائية

موظف - تأديب 

- جزاء تأديبي - مناط مشروعيته - هو وجوب تناسبه مع الجرم - مثال - تدرج المشرع في قائمة الجزاءات الخاصة بسرقة أموال الهيئة العامة للسكك الحديدية دليل على استهدافه في إنزال العقاب إلى وجود الملاءمة بينه وبين الجرم - الشدة المتناهية في الجزاء تجعل المفارقة ظاهرة بين الجريمة والجزاء - مخالفة الجزاء لروح القانون مما يتعين معه تعديله وإنزاله إلى الحد المتلائم مع الجرم الإداري الثابت في حق المتهم.

------------------
إن الجزاء يجب أن يكون متناسباً مع الجرم وإلا اتسم بعدم المشروعية، والقانون إذ تدرج في قائمة الجزاءات الخاصة بسرقة أموال الهيئة العامة للسكك الحديدية فجعلها تتراوح ما بين خفض المرتب والعزل من الوظيفة فإنما يكون قد هدف من هذا التدرج في إنزال العقاب إلى وجود الملاءمة بينه وبين الجرم الذي يثبت في حق الموظف، ولما كان العقاب الذي أنزلته المحكمة التأديبية بالمتهم هو أقصى العقوبات المقررة في باب الجزاءات عن السرقة دون أن تحتوى الأوراق أو ملابسات الدعوى ما يدعو إلى هذه الشدة المتناهية الأمر الذي يجعل المفارقة ظاهرة بين الجريمة والجزاء وبالتالي مخالفة هذا الجزاء لروح القانون مما يتعين معه تعديله وإنزاله إلى الحد المتلائم مع الجرم الإداري الذي ثبت في حق المتهم.


إجراءات الطعن

في 19/ 11/ 1962 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة المواصلات بجلسة 11/ 10/ 1962 في الدعوى التأديبية رقم 71 لسنة 4 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/ عبد العزيز سليمان محمود وجيه والقاضي "بعزل المتهم المذكور من وظيفته مع الاحتفاظ له بما يستحقه من مكافأة أو معاش مع استحقاقه لمرتبه كاملاً عن مدة الوقف بصفة نهائية وقد طلب المحكوم ضده وهو الطاعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه للأسباب التي أوردها في مذكرته المؤرخة 6/ 4/ 1962" وبعد إعلان الطعن لذوي الشأن ونظره أمام دائرة فحص الطعون أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إرجاء النطق بالحكم فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية ضد الطاعن السيد/ عبد العزيز سليمان محمود وجيه ناسبة إليه أنه بتاريخ 25/ 4/ 1961 بصفته سائق بقسم الديزل بكوبري القبة، خرج على مقتضى الواجب في أداء وظيفته ولم يؤد عمله بأمانة بأن (1) غادر مقر عمله خلسة دون مقتض وفي أثناء ساعات العمل الرسمية من غير الباب المعد للخروج. (2) استولى لنفسه على لوح زجاج مملوك للهيئة بغير وجه حق، وبذلك يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها في المادتين 5/ 2، 44 من القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي هيئة سكك حديد مصر والمادتين 63، 72 من القرار رقم 1640 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية له، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة الموظف المذكور طبقاً للمواد السالفة الذكر والمادتين 12، 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمواد 45، 46، 48 من القرار رقم 2190 المشار إليه، وتضمنت المذكرة التي انبنى عليها هذا الاتهام أنه بتاريخ 25/ 4/ 1961 شوهد المتهم يخرج من فتحة في السور قريباً من الورشة التي يعمل بها حاملاً لوحاً من الزجاج فسأله الشرطي السري بقسم قضائي الهيئة عن سبب وجود هذا اللوح معه فحاول المتهم أن يهشمه ولكن الشرطي اختطفه منه وقبض عليه فطلب منه المتهم المذكور إخلاء سبيله وقد شهد بذلك أيضاً زميلان لهذا الشرطي، كما شهد مفتش عربات كوبري الليمون بأن الزجاج المستعمل في الهيئة لا يحمل علامة مميزة وأن اللوح المضبوط مع المتهم مقطوع من جانبه ولا يتفق مع المقاسات المستعملة في الهيئة وقد أيد المفتش في أقواله هذه النجار بتفتيش عربات محطة مصر، وقرر مفتش عربات مصر أنه لم يخطر بسرقة وقعت يوم 25/ 4/ 1963 من القطارات، ورأت النيابة العامة بعد الانتهاء من التحقيق إرسال الأوراق إلى الجهة الرئيسية التابع لها المتهم لمجازاته إدارياً لتفاهة قيمة الزجاج المستولى عليه وتأسيساً على أن هذا المتهم قد استولى على قطعة زجاج مملوكة للهيئة بغير وجه حق بدليل أنه خرج من الورشة ومن غير الباب المعد للخروج ومعه قطعة الزجاج وبدليل شهادة رجال الشرطة واستعطافه لهم لإخلاء سبيله ولا يقدح في ذلك عدم اتفاق مقاس اللوح المضبوط ومقاسات الألواح المستعملة في الهيئة إذ تبين أن اللوح المضبوط مقطوع من جانبه، وعدم الإبلاغ عن وقوع سرقة بمحطة القاهرة لا يلغي وقوعها فعلاً... وقد رأت الهيئة إحالة المتهم المذكور إلى المحاكمة التأديبية فطلبت إدارة الدعوى التأديبية إجراء التحقيق اللازم.. وبسؤال المتهم عما هو منسوب إليه قرر أنه وجد لوح الزجاج ملفوفاً في ورقة محزومة بالدوبارة فلما التقطها من باب الاستطلاع شاهده الشرطي السري وأمسك به دون أن يبدي سبباً مقبولاً يقدح في شهادة الشرطي السري وزميلين له، وأما قوله بسبق حدوث مشاجرة بينه وبين مهندس الورشة ربما كانت هي السبب في تدبير هذه التهمة إليه فلم يذكر في تحقيق النيابة...." قدم المتهم مذكرة بدفاعه أمام المحكمة التأديبية جاء فيها أنه يعمل بالهيئة منذ اثنتي عشر عاماً لم يحدث منه خلالها ما يؤخذ عليه. وفي يوم الضبط شعر بالجوع فخرج حوالي الساعة 2 بعد الظهر لاستحضار غذاءه ولم يكن في هذا الوقت يعمل، كما أنه لم تحدث سرقة من مهمات الهيئة وأن اللوح المضبوط عبارة عن زجاج مقاسه 20 × 30 سم عثر عليه المتهم في الشارع وكان يقوم عند ضبطه بوضع هذا اللوح جانباً حتى لا يضار به أحد المارة وقد ظن المخبرين أنه مسروق في الوقت الذي قطع فيه جميع الشهود من موظفي الهيئة أنه ليس من متعلقات المصلحة لا من ناحية المساحة أو النوع فلا يعدو أن يكون من الأشياء المهملة أو المتروكة وبالتالي فلا سرقة ولا عقاب ثم انتهى إلى طلب البراءة..."
وبتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة التأديبية المذكورة "بإدانة المتهم (الطاعن) فيما نسب إليه ومجازاته عن ذلك بالعزل من وظيفته مع الاحتفاظ له بما يستحقه من معاش أو مكافأة - وقررت استحقاقه لمرتبه كاملاً عن مدة الوقف بصفة نهائية" بانية حكمها على أنه بالنسبة إلى التهمة الأولى فإنها ثابتة قبل المتهم من وجوده خارج مقر عمله في أثناء ساعات العمل الرسمية دون مقتض أو إذن يخول له هذا الخروج فضلاً عن ثبوت خروجه من غير الباب المعد لذلك على خلاف التعليمات، والثابت أن هذا المتهم يعمل سائقاً من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء ومن الواجب إلا يغادر القسم أثناء العمل وأن تكون المغادرة عن طريق الباب المعد للخروج... وبالنسبة إلى التهمة الثانية فإن ما ورد في التحقيق من أن اللوح المضبوط مع المتهم لا يتفق مع المقاسات في الهيئة لا ينهض دليلاً على نفي تهمة الاستيلاء على هذا اللوح، ذلك أنه وأن لم تتفق المقاسات فإن الثابت أن اللوح المضبوط مقطوع من جانبيه مما ينتفي معه الاتفاق في المقاسات، هذا إلى أن خروج المتهم من غير الباب المعد لذلك ومحاولته عند القبض عليه تهشيم اللوح ثم الهرب واستعطاف الشرطي الذي قبض عليه كلها أمور تساند القول بصحة هذا الاتهام ولا ينتقص منه عدم ثبوت الإبلاغ عن سرقة من ورشة الديزل في نفس يوم الحادث إذ أن عدم الإبلاغ عن السرقة أو حتى عدم اكتشاف وقوع سرقة في الورشة لا يقوم دليلاً على انتفاء وقوعها فعلاً.. وأما عن الجزاء المناسب لهذا الجرم فإن جرائم الاستيلاء على الأموال المملوكة للدولة هي من الجرائم الخطيرة الأثر على الجهاز الوظيفي الأمر الذي يستوجب مؤاخذة مرتكبها بالشدة بغض النظر عن تفاهة ثمن المسروقات لأن في ذلك الدلالة الكافية على عدم الأمانة والصلاحية لشغل الوظيفة العامة مما يتعين معه فصل المتهم من الخدمة تطهيراً للجهاز الإداري وردعاً لسواه.
ومن حيث إن الطعن كان بناء على طلب المتهم بالتطبيق لحكم المادة (32) من القانون رقم 117 لسنة 1958 وقد أوردت هيئة المفوضين في مذكرتها المقدمة أنها توافق على الحكم المطعون فيه من ناحية ثبوت الذنب الإداري المنسوب إلى المتهم واقترافه له إلا أنها ترى أن الجزاء الذي وقع عليه من أجل ذلك لا يتلائم وهذا الذنب فالمفارقة بينهما واضحة مما يعتبر الحكم معه مخالفاً لمقتضى التدرج في الجزاء.
ومن حيث إنه قد تبين من الاطلاع على الأوراق أن المتهم الطاعن الحق بخدمة الهيئة العامة للسكك الحديدية في سنة 1950 بوظيفة عطشجي آلات بخارية ثم شغل وظيفة وقاد عادي بالمرتبة الرابعة ووصل مرتبه في 1/ 5/ 1960 - 11.500 جنيه وهو حاصل على الشهادة الابتدائية... وكان المتهم يعمل أخيراً وعند ضبطه في 25/ 4/ 1961 بوظيفة سائق في محطة كوبري الليمون - ويؤخذ من مجموع التحقيقات التي أجريت في شأن ما هو منسوب إليه أنه وجد في هذا اليوم خارجاً من الفتحة الموجودة في السور الشرقي لورشة الديزل التي يعمل فيها حاملاً لوحاً من الزجاج تبلغ قيمته حوالي عشرين قرشاً وكان ذلك في نحو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر هذا اليوم وإبان عمله الرسمي الذي يبدأ من 8 صباحاً إلى 8 مساء، وعند ضبطه حاول الهرب ثم أخذ يستعطف رجال الضبط لإخلاء سبيله... وبسؤال المتهم قرر أنه وجد اللوح الزجاجي موضوعاً بجوار السور فالتقطه وبعد لحظات قبض عليه، وبعرض اللوح المضبوط في محضر البوليس، على نجار تفتيش العربات قرر أن هذا اللوح من متعلقات الهيئة، كذلك ثبت أنه يمتنع على الموظفين الخروج من المحطة إلا من الباب العمومي وليس من الفتحات الموجودة في السور... وقرر رئيس قسم الديزل بعدم وجود سرقة في هذا القسم ومن الجائز أن تكون السرقة قد وقعت في ورشة العربات... وبسؤال مفتش العربات ذكر بعدم استطاعته الجزم عما إذا كان اللوح المضبوط من متعلقات الهيئة لأنه مقطوع من الطول والعرض مما يتعذر معه معرفة مقاسه الأصلي بالضبط ومقارنته بمقاس الزجاج المستعمل في الهيئة... وقد انتهت النيابة العامة من تحقيق الحادث إلى مساءلة المتهم الطاعن إلا أنها رأت نظراً لتفاهة الشيء المسروق الاكتفاء بمجازاته إدارياً، وعلى ذلك إذا استخلصت المحكمة التأديبية الدليل على إدانة هذا المتهم عما هو منسوب إليه ارتكازاً على الأقوال المتقدمة، فإنها تكون قد بنت حكمها على استخلاص سائغ للوقائع المطروحة عليها مما يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون بمنأى عن الطعن من حيث ثبوت الواقعة وتكوينها للذنب الإداري المستأهل للعقاب.... وأما من حيث تقدير العقوبة على هذا الفعل فإن الجزاء يجب أن يكون متناسباً مع الجرم وإلا اتسم بعدم المشروعية والقانون إذ تدرج في قائمة الجزاءات الخاصة بسرقة أموال الهيئة فجعلها تتراوح ما بين خفض المرتب والعزل من الوظيفة فإنما يكون قد هدف من هذا التدرج في إنزال العقاب إلى وجود الملاءمة بينه وبين الجرم الذي يثبت في حق الموظف، ولما كان العقاب الذي أنزلته المحكمة التأديبية بالمتهم هو أقصى العقوبات المقررة في باب الجزاءات عن السرقة دون أن تحتوي الأوراق أو ملابسات الدعوى ما يدعو إلى هذه الشدة المتناهية الأمر الذي يجعل المفارقة ظاهرة بين الجريمة والجزاء وبالتالي مخالفة هذا الجزاء لروح القانون مما يتعين معه تعديله وإنزاله إلى الحد الملائم مع الجرم الإداري الذي ثبت في حق المتهم، وترى هذه المحكمة أن الجزاء المناسب هو خفض مرتبه مبلغ مائة وخمسين قرشاً شهرياً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء جزاء العزل وبمجازاة عبد العزيز سليمان محمود وجيه بخفض مرتبه بمقدار جنيه ونصف شهرياً.

الطعن 1423 لسنة 7 ق جلسة 8 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 121 ص 1280

جلسة 8 من يونيه 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

----------------

(121)

القضية رقم 1423 لسنة 7 القضائية

(أ) بريد 

- التعليمات العمومية عن الأشغال البريدية - نصها في المادة 274 على أن المراسلات المستعجلة التي لم يتسن توزيعها في أول دورة تفقد صفة الاستعجال وتوزع بالطريق العادي - التحدي بأن المادتين 275 و276 توجبان توزيع المراسلات المستعجلة بمحلات الإقامة - لا محل له متى كان الخطاب المستعجل قد فقد صفة الاستعجال طبقاً للمادة 274 - وجوب توزيع الخطاب في هذه الحالة بالطريق العادي المشار إليه في المواد 233 و234 و236 بوضعه في الصندوق المخصوص ما دام عليه رقم هذا الصندوق.
(ب) موظف - تأديب 

- لائحة تقسيم العمل الداخلي وتوزيع الاختصاصات بالهيئة العامة للبريد - اختصاصات الشباك الخامس - فقد المراسلة صفة الاستعجال يوجب توزيعها بالطريق العادي - حفظها بالشباك الخامس تحت طلب المرسل إليه - يعتبر خطأ من الموظف يوجب مسئوليته الإدارية.

----------------
1 – إن المادة 284 من التعليمات العمومية عن الأشغال البريدية في الجزء الأول المتعلق بالمراسلات تنص على أن "المراسلات المستعجلة التي لم يتسن توزيعها في أول دورة تفقد صفة الاستعجال وتوزع بالطريق العادي. وكذلك تعامل المراسلات المستعجلة المعنونة لجهات خارجية في دائرة التوزيع" والمادة 233 منها تنص على أن "المراسلات التي يجب أن توزع في الصناديق المخصوصة هي المراسلات الواردة برسم الأشخاص الذين يكونوا قد اشتركوا فيها لدى مكتب البريد.. وكذا المراسلات التي تكون محررة عليها نمرة هذه الصناديق". والمادة 234 من التعليمات صريحة في عبارتها عندما ترد مراسلة معنونة بمحل إقامة المرسلة إليه، وعليها مع ذلك نمرة الصندوق المخصوص المشترك فيه، فيجب وضعها في الصندوق المخصوص، وتفيد المادة (236) أن الأصل في المراسلات أن تكون حسب الصناديق المحررة عليها أما إذا وردت مراسلات برسم أحد المشتركين في الصناديق المخصوصة، ولم يكن عليها عنوان، ولا رقم فتوزع في الصندوق الخاص بالمشترك إذا كان المستخدمون يذكرون نمرة الصندوق، وإلا فيؤجل توزيعها إذا كان الوقت ضيقاً إلى الدورة التالية لتوزيعها بالصندوق الخاص بالمشترك. ومفاد هذه النصوص أن الخطاب الذي يحمل مظروفه رقم صندوق الخطابات الخاص به لا بد وأن يودع في الصندوق المخصوص، ومعنى ذلك أن يحول مباشرة إلى الشباك رقم (واحد) وبمفهوم هذه المخالفة لا يجوز تحويله وحفظه بالشباك الخامس. ولا محل بعد ذلك، ومع وضوح عبارات هذه النصوص، لأن يتمسك المطعون عليه بأحكام المادتين (275 - 276) من التعليمات المذكورة، والتي تقضي بأن المراسلات المستعجلة التي ترد معنونة بمحل الإقامة ويكون عليها مع ذلك نمرة الصندوق المخصوص أو عبارة - يحفظ بشباك البريد - توزع بمحلات الإقامة، وأن المراسلات المستعجلة التي ترد غير مستكملة العنوان توزع إلى المرسل إليهم بمحلات إقامتهم إذا كانت معروفة حتى ولو كانوا من المشتركين في الصناديق المخصوصة أو ممن يستلمون مراسلاتهم من الشبابيك.. لا محل لذلك لأن هاتين المادتين متعلقتان بالمراسلات المستعجلة وحدها. أما الخطاب الوارد من ألمانيا موضوع هذا التحقيق، فإنه ولئن كان في الأصل قد ورد متصفاً بصفة الاستعجال إلا أنه ما لبث أن فقد هذه الصفة وزال عنه هذا التكييف بعد إذ ثبت أنه لم يتسن توزيعه في أول دورة بواسطة موزع البريد الذي سجل على الخطاب أن الشقة مغلقة (محل إقامة المكتب) وأضاف أن للشركة صندوق بريد خاص رقم 937 وأعاد الموزع هذا الخطاب إلى مكتب البريد، ومن ثم فقد زايلته صفة الاستعجال وأصبح خطاباً (يوزع بالطريق العادي) وبذلك يخرج عن نطاق تطبيق المادتين (275، 276، من التعليمات) بمقتضى حكم المادة 274 من التعليمات. وصار هذا الخطاب من المراسلات التي يجرى توزيعها بالطريق العادي وفقاً لأحكام المواد (233، 234، 236) فكان يتعين وضعه في الصندوق المخصوص رقم 937 حسبما هو ثابت على المظروف.
2 - لا محل لما يدفع به المطعون عليه المسئولية الإدارية عن نفسه فيقول أنه، وهو المنوط به أعمال الشباك الخامس، لا يملك مخالفة تأشيرات ملاحظ قسم الموزعين ووكيل الوردية (بالنظر) أي بالحفظ في الشباك رقم (5) فهذا دفاع مردود، لا يستقيم وصريح بنود جدول تقسيم الأعمال الذي يحدد ويوضح اختصاصات كل موظف بقلم التوزيع. فقد جاء بالفقرة الثانية من اختصاصات الشباك الخامس أي شباك حفظ المراسلات المقيدة بقسم التوزيع: (استلام المراسلات المسجلة قسم التسجيل الوارد بموجب إيصال مؤقت عن المراسلات المسجلة المعنونة - شباك البريد - سواء أكانت معنونة باللغة العربية أو الإفرنجية برسم مصريين أو أجانب - ثم استلام جميع المراسلات المرتدة من قسم السعاة بالتسجيل الوارد بعد التأكد من صحة التأشيرات المبينة عليها) ثم جاء في فقرة أخرى من اختصاصات الشباك الخامس في جدول تقسيم الأعمال: (وعمل المجهود اللازم من مداومة البحث عن المراسلات الخالية من العنوان أو الغير معروف عناوين أصحابها لتوزيع ما يمكن توزيعه منها، وذلك بالاشتراك مع حضرة رئيس الوردية بالتسجيل الوارد) فالمطعون عليه مكلف، بمقتضى لائحة تقسيم العمل الداخلي وتوزيع الاختصاصات، بمراجعة صحة التأشيرات المبينة على المراسلات، ومن الواجب عليه تلافي ما قد يكون بها من أخطاء. ولو كان المطعون عليه قد اتبع هذه التعليمات والتزم حدود أحكامها وبذل من العناية والدقة قدراً يسيراً لما فاته أن الخطاب وقد انقلب تكييفه من مستعجل له طرق وتوزيع معينة، إلى عادي تجرى عليه أحكام التعليمات المتعلقة بطرق التوزيع العادي والخطاب في ذات الوقت يحمل تأشيرة الموزع الأول بأن الشقة (محل إقامة المكتب) مغلقة ولكن للشركة صندوق بريد معروف رقم 937 فكان يتعين عليه لزاماً أن يرجع إلى من أشاروا قبله بالتوجيه الخاطئ المخالف للوائح والتعليمات، ولاستطاع أن يدرك أنه لا يجوز الاحتفاظ بمثل هذه المراسلة في إدراج الشباك الخامس لأن هذه المراسلة ليست من نصيب هذا الشباك في التوزيع اللائحي السليم. وتأسيساً على ذلك يكون المطعون عليه قد أهمل في أداء وظيفته ويكون القرار الوزاري بتوقيع الجزاء الإداري عليه قد قام على سببه.


إجراءات الطعن

في 6 من يوليه سنة 1961 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد جدولها تحت رقم 1423 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 8 من مايو سنة 1961 في الدعوى رقم 1339 لسنة 7 القضائية المقامة من محمد السيد محمد عطا ضد هيئة البريد والذي قضى: (بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات في 26/ 3/ 1960 بمجازاة المدعي بخصم تسعة أيام من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات). وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض دعوى المطعون عليه، وإلزامه المصاريف ومقابل الأتعاب عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 13 من يوليه سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من يناير سنة 1963، ثم قررت الدائرة بجلسة 23 من مارس سنة 1963 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 11 من مايو سنة 1963 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1339 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية ضد هيئة البريد بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 18 من سبتمبر سنة 1960 بعد إذ تقرر في 12/ 9/ 1960، قبول طلب الإعفاء من الرسوم القضائية المقدم منه في 10/ 7/ 1960. وقال المدعي في دعواه أنه يعمل بقلم التوزيع بهيئة البريد بالإسكندرية، ويقوم بالعمل بالشباك الخاص بتسجيل الوارد. وقد ورد خطاب مستعجل من ألمانيا الغربية برقم 273 برسم مدير عام شركة ادفينا بالإسكندرية بعنوان رقم 66 طريق الحرية بتلك المدينة.
فاتخذت بشأن ذلك الخطاب إجراءات التوزيع القانونية ولما لم يتيسر تسليم الخطاب لصاحبه المرسل إليه بالإسكندرية أعيد ذلك الخطاب بالتالي مرتداً إلى مرسله بألمانيا. وثارت من أجل ذلك ضجة صحفية، وأجرى تحقيق إداري في الموضوع خلصت منه هيئة البريد إلى توقيع جزاء إداري على المدعي بخصم أجر تسعة أيام من مرتبه كما وقعت جزاءات إدارية متفاوتة على موظفين آخرين مع المدعي بمقولة أنه كان يتعين على رافع هذه الدعوى عدم قبول المسجل (الخطاب) المذكور بالشباك رقم (5) وإعادته إلى الشباك رقم (1) حتى يتمكن المرسل إليه من استلامه بدلاً من رده إلى ألمانيا. ويقول المدعي أن الواقع أنه قد اتخذت بشأن الخطاب المذكور إجراءات التسليم المقررة على العنوان الموضح على ظرف ذلك الخطاب وذلك بأن تسلمه الموزع المختص فور وصول الخطاب من ألمانيا وتوجه به إلى مقر الشركة بالعنوان رقم 66 طريق الحرية فوجده مغلقاً فأعلن الموزع الشركة بصندوقها الخاص بالعمارة المذكورة وأشر الموزع بذلك الإجراء على الخطاب ثم أعاده إلى وكيل الوردية الذي قام بتوجيه الخطاب إلى قسم الموزعين للخطابات العادية بعد إذ فقد الخطاب المذكور صفة الاستعجال لعدم تسلمه إلى صاحبه في أول مرة توزيع طبقاً للمادة 274 من كتاب التعليمات. ثم تسلم ملاحظ الموزعين الخطاب وسلمه من جديد للفراز ليقيده بالدفتر رقم (21 ف) ويسلم للموزع العادي المختص. وتبادل حمل الخطاب المذكور اثنان من الموزعين تردداً على مقر الشركة دورات التوزيع المقررة في الفترة من (7 نوفمبر إلى 9 منه) فوجدا مقرها مغلقاً، فأعلناها بصندوقها بالعمارة وأشر بذلك على الخطاب ثم تركاه لفراز القسم بعد أن استوفى مرات توزيعه بمعرفتهما، ثم قام الفراز بعرض الخطاب على ملاحظ قسم الموزعين الذي رأى أنه يتعين عليه طبقاً للتعليمات المصلحية توجيه الخطاب إلى الشباك الخامس (رقم 5) الذي يقوم على العمل به رافع هذه الدعوى وذلك بعد أن أشر عليه الملاحظ بكلمة (نظر) بخطه وتوقيعه. ومعنى لفظ (نظر) أن الخطاب يحفظ بالشباك الخاص تحت طلب الشركة المرسل إليها الخطاب للمدة القانونية التي بعدها يرد الخطاب إلى مرسله بألمانيا. وأعاد الملاحظ الخطاب إلى فراز القسم لقيده مرة أخرى بالدفتر رقم (21 ف)، محولاً على الشباك الخامس، ووقع وكيل الوردية بالدفتر بما يفيد صحة الإجراءات السابقة وسلامة التوجيه. واستطردت صحيفة الدعوى قائلة أن الإجراءات التي تمت بشأن توزيع الخطاب المذكور مطابقة للتعليمات إذ كان يتحتم توزيعه بمقر الشركة بطريق الحرية بالإسكندرية طبقاً لحكم المادتين (257، 276) من لائحة أعمال البريد وأنه ترتيباً على ذلك لا يقبل القول بأنه كان يتعين توزيع الخطاب بالصندوق الخاص بالشركة أي الشباك رقم (1) طالما أن الخطاب لم يكن يحمل رقم الصندوق، وهذا الرأي يخالف التعليمات الواردة بالمادة (234) وأن إيداع الخطاب المذكور، وحفظه بالشباك الخامس ليكون تحت طلب الشركة المرسل إليها هو إجراء مطابق للقانون، وكان يتعين على المدعي تنفيذ هذا الإيداع بالشباك رقم (5) بناء على توجيه المختصين المسئولين عن هذا التوجيه. ثم أضاف المدعي أن الشركة المرسل إليها هي المسئولة عن عدم استلامها هذا الخطاب إذ وضعت في صندوقها بالعمارة سبعة إشعارات عن هذا الخطاب كما حفظ الخطاب المذكور بالشباك رقم (5) مدة شهر دون أن تسأل عنه الشركة، وبعد ذلك أعيد الخطاب إلى مرسله بألمانيا. فالخطاب المذكور قد اتبعت في شأنه كافة الإجراءات والتعليمات وأنه حول إلى الشباك الخامس بواسطة الموظف المختص وهو (الملاحظ) وهذا الموظف متفرغ لهذه العملية ومسئول عن توجيه كل خطاب مرتد إليه إلى الجهة التي يراها متمشية مع التعليمات من حيث تحويل خطاب من عنوان إلى آخر أو من قسم إلى آخر فإذا كان الملاحظ قد وجه الخطاب المذكور إلى الشباك رقم (5) الذي يعمل به المدعي، وذلك بعد أن أشر عليه الملاحظ بكلمة (نظر) وقيد بالدفتر رقم (21 ف) فإن ذلك يكون مطابقاً للتعليمات ولا يكون المدعي مسئولاً عن حفظ الخطاب المذكور بالشباك رقم (5) المدة القانونية ثم رده إلى ألمانيا بعد ذلك وخلص المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في 26/ 3/ 1960 بخصم تسعة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومقابل الأتعاب.
وعقبت هيئة البريد على الدعوى فقالت أن المدعي من موظفي الدرجة السابعة الكتابية (بالمرتبة الثالثة) ويشغل وظيفة معاون بقلم توزيع بريد القاهرة. وأنه في 9/ 3/ 1960 نشرت مجلة آخر ساعة شكوى من أحد المواطنين الموجودين بألمانيا تحت عنوان (المرجو من مصلحة البريد أن تتحقق هذا الإهمال) فقامت المصلحة بفحص الشكوى والتحقيق فيها فاتضح أن المواطن الشاكي من ألمانيا كان قد أرسل خطاباً بالبريد المستعجل المسجل برسم السيد/ مدير عام شركة ادفينا بالإسكندرية ولم يسلم هذا الخطاب إلى المرسل إليه رغم أهمية الشركة وشهرتها ثم أعيد الخطاب بالتالي بعد زمن طويل إلى المواطن الشاكي في ألمانيا. وقد تبين للمصلحة من التحقيق الإداري الدقيق أن الموظف المدعي في هذه الدعوى أهمل في أداء واجبات وظيفته، وقد أدى إهماله هذا إلى إعادة الخطاب المذكور إلى مرسله في ألمانيا. وفي 26 من مارس سنة 1960 وافق السيد وزير المواصلات على مجازاة المدعي بخصم تسعة أيام من راتبه فتظلم المدعي إلى السيد/ مفوض الدولة بوزارة المواصلات برقم 144 لسنة 1960 في 3/ 4/ 1960 فقرر المفوض رفض هذا التظلم وأعلن المدعي في 28/ 5/ 1960 برفض تظلمه. ثم قالت هيئة البريد أن القرار المطعون فيه بالإلغاء قد صدر ممن يملك إصداره وفي حدود سلطته واختصاصاته المخولة له قانوناً بعد تحقيق دفاع المدعي وسماع أقواله وأن قرار الجزاء قام على سببه. وطلبت هيئة البريد الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 8 من مايو سنة 1961 حكمت المحكمة الإدارية بالإسكندرية (بإلغاء القرار الصادر من وزير المواصلات في 26/ 3/ 1960 بمجازاة المدعي بخصم تسعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات). وأقامت قضاءها هذا على أنه لا أساس لما ذهبت إليه الإدارة من إدانة المدعي بمقولة أنه كان يتعين عليه عدم قبول الخطاب المسجل موضوع الخصومة وإعادته للشباك الأول الخاص بالصناديق الخصوصية. لا أساس له من الصحة في هذا القول لأنه كان يتعين على المدعي، وهو يعمل بالشباك الخاص، تنفيذ التأشيرات الصادرة إليه بإيداع الخطاب المذكور في شباكه رقم (5) تحت طلب المرسل إليه طبقاً للتعليمات. وطبقاً للمادة (275) من تعليمات مصلحة البريد العمومية، كان يتعين في كل الأحوال عدم وضع الخطاب محل هذه الخصومة، في صندوق الشركة المرسل إليها، وإنما تسلمه لها في محل إقامتها فقط لأن هذا الخطاب من الخطابات (المستعجلة والمسجلة) معاً. فضلاً عن ذلك فإن رقم الصندوق الذي وضع على مظروف الخطاب إنما وضع بمعرفة ساعي البريد العادي، وليس بمعرفة الراسل في ألمانيا. وليس في اللوائح ما يوجب على عامل الشباك الخامس احترام مثل هذه التأشيرة. ومن هذا يتضح أن المدعي لم يخالف أحكام اللوائح المعمول بها في هيئة البريد وأنه قام بجميع واجباته المقررة بالنسبة للخطاب المذكور، ومن ثم يكون تكييف الإدارة لاختصاصات المدعي غير متفق مع أحكام اللوائح، ويكون القرار المطعون فيه قد أعوزه السبب ووجب الحكم بإلغائه لمخالفته للقانون.
وفي 6 من يوليه سنة 1961 طعنت الحكومة في الحكم المذكور وطلبت إلغاءه والقضاء برفض الدعوى لأنه جاء مخالفاً للقانون. فقد أخل المطعون عليه بالواجب المفروض عليه والمحدد في اختصاصه والمبين في جدول تقسيم العمل بالمصلحة، وذلك فضلاً عن مخالفة المدعي للتعليمات المصلحية وفي مقدمتها البند رقم (234) الذي ينص على أنه "عندما ترد مراسلة بعنوان بمحل إقامة المرسل إليه وعليها مع ذلك نمرة الصندوق المخصوص المشترك، فيجب وضعها في الصندوق المخصوص". والثابت أن الخطاب المذكور وصل إلى المطعون عليه في الشباك رقم (5) وعليه رقم الصندوق المخصوص وعلى الرغم من ذلك فإن المطعون عليه لم يرفض قبوله كما تأمره المادة، الأمر الذي انتهى بترك الخطاب مهملاً لمدة شهر في الشباك رقم (5) ثم أعيد بعد ذلك إلى ألمانيا رغم وجود عنوان الشركة المرسل إليها بالكامل على المظروف، ورغم وجود الصندوق المخصوص لشركة ادفينا على المظروف كذلك.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق التحقيق الإداري الذي أمر السيد وزير المواصلات بإجرائه في 10 من أكتوبر سنة 1960 في شأن عدم وصول الخطاب المسجل المستعجل رقم (273) الوارد من ألمانيا إلى المرسل إليه بالإسكندرية ورده إلى الراسل بألمانيا بعد شهرين من بقائه في إدراج هيئة البريد بالإسكندرية، وهو الموضوع الذي طلعت به الصحف والمجلات على الرأي العام بمصر ولاكته الألسن ونحى الناس فيه باللائمة على هيئة البريد تصرف بعض موظفيها بالإسكندرية في هذا الشأن، يبين من أقوال السيد الدكتور مدير عام شركة ادفينا - المرسل إليها الخطاب المذكور - أنه يوجد دائماً ساع بمكتب الشركة رقم (66) طريق الحرية بالإسكندرية، وذلك بين الساعة 9.30 صباحاً والساعة 1.30 بعد الظهر من كل يوم. ومن عادة هذا الساعي أن يتوجه يومياً إلى مكتب البريد حوالي الساعة التاسعة صباحاً لاستلام خطابات ومراسلات الشركة من صندوق البوستة الخاص بشركة ادفينا رقم 937. كما أن هذا الساعي يتسلم المراسلات المسجلة الواردة برسم الشركة بعنوان هذا الصندوق إذ أن هذا الساعي موكل رسمياً باستلام كافة مراسلات شركة ادفينا بالإسكندرية ومراسلات موظفيها وبعد ذلك يعود الساعي من مكتب البريد إلى مكتب الشركة في مقرها رقم (66) بطريق الحرية في عمارة من أضخم وأهم العمارات بالإسكندرية ويظل الساعي بالمكتب إلى حين انصرافه في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر. وقبل ذهابه إلى مصنع الشركة (بالرأس السوداء بالإسكندرية) يأخذ معه كل المراسلات والإشعارات التي تكون بصندوق الخطابات بالعمارة وكذلك مراسلات الشركة الواردة باسمها إلى صندوق البريد ويقوم الساعي بتسليم كل ذلك إلى الموظف المختص بمصنع الشركة، وتسجل كل هذه المراسلات في سجل خاص بالشركة قبل توزيعها على الموظفين المختصين لدراستها والرد عليها. أما عن الإشعارات التي قيل بأنها تركت في صندوق البريد بالعمارة فإنه يستحيل على الساعي أن يتركها ولا يأخذها معه مع باقي الخطابات إلى المصنع. لأنه أمين ودقيق في العمل وآية ذلك أنه قد وصل فعلاً إلى الشركة الكثير من المراسلات والخطابات والإشعارات المختلفة عن خطابات أخرى ولكن الإشعارات المتعلقة بهذا الخطاب المردود إلى ألمانيا لم تصل قط إلى الشركة. وأضاف السيد مدير الشركة إلى أقواله في التحقيق أن عدداً كبيراً من الخطابات التي أرسلها عميل الشركة السيد/ حبيب من ألمانيا قد وصل بالفعل إلى الشركة رغم أنه يكتب دائماً على المظروف عنوان الشركة بالإسكندرية (في مقرها رقم 66 طريق الحرية) والخطاب الأول الذي وصل منه فعلاً من ألمانيا كان في 21/ 5/ 1959 والخطاب الثاني في 7/ 6/ 1959. والثالث في 9/ 8/ 1959 كذلك وصل إلى الشركة خطاب مؤرخ في 3/ 10/ 1959 وأخيراً في 17/ 11/ 1959 وبعض هذه الخطابات كانت بالبريد العادي وبعضها بالبريد المسجل المستعجل وكلها وصلت إلى مصانع الشركة رغم أن العنوان على مظاريفها هو دائماً (66 طريق الحرية) وهذا يؤكد أن الشركة المرسل إليها الخطاب المردود معروفة تماماً لمصلحة البريد بالإسكندرية. وأفاد السيد مدير الشركة أن لشركة ادفينا اشتراك في صندوق بريد خاص بها رقم 937 وقد اعتادت مصلحة البريد أن تودع فيه خطابات الشركة - وجاء بالتحقيق الإداري المذكور أنه بسؤال السيد/ عزيز بسطوروس عطا الله موزع البريد الذي كان يعمل بالمنطقة التي تقع بها العمارة التي بها مكتب شركة ادفينا في أوائل نوفمبر سنة 1959 أفاد أنه كلف بالقيام بتوزيع الخطاب الوارد من ألمانيا رقم 273 في يوم 8/ 11/ 1959 فوجد أن الشقة الموجود بها مكتب الشركة المذكورة مغلقة وقال أنه يوجد لهذه الشركة صندوق بريد رقم 937 وقد قام بنفسه بالتأشير بذلك على مظروف الخطاب حتى يتنبه إلى ذلك رجال مكتب البريد المسئولون عن التوزيع وقال رداً على سؤال المحقق (هل تعرف أن للشركة صندوق خطابات، وهل اطلعت على تعليمات تفيد ذلك). (الجواب) نعم أعرف أن لهذه الشركة صندوق خطابات خاص بها من واقع التعليمات التي تأخذ بها علم، ولذلك فقد أشرت بذلك على مظروف الخطاب بعد تأشيرتي بأن الشقة مغلقة. ثم سلمت الخطاب إلى الفراز المختص بالقلم وهو السيد أنور هلال حتى يراعي توجيه الخطاب إلى الشباك رقم واحد). وبسؤال السيد/ أنور هلال الفراز بقلم التوزيع أجاب بما يفيد أن الموزع أشر على الظرف بأن الشقة مغلقة ثم أضاف الموزع بخطه على الظرف أيضاً بأن للشركة صندوق خطابات رقم 937 وأكد السيد/ هلال بأن مكتب البريد يعرف أن للشركة المذكورة صندوق خطابات خاص بها. وقال أنه عرض الخطاب المذكور بعد ذلك على السيد الملاحظ وهو الذي أحاله إلى الشباك الخامس بعد التأشير عليه بكلمة (نظر) وبسؤال السيد الملاحظ (أحمد عادل عصمت) أفاد بأنه لاحظ أنه مكتوب على ظرف الخطاب المذكور أن للشركة صندوق خطابات رقم 937 ولكنه لاحظ أن هذا الرقم مشطوب عليه. فظن أن هذا الخطاب سبق تحويله إلى الشباك رقم (واحد) المتعلق بالخطابات التي لها صناديق بريد خاصة بمكتب البريد ثم تبين للموظف الخاص بهذا الشباك أن الخطاب المذكور ليس من اختصاصه فشطب على الرقم 937 - وبسؤال السيد/ إبراهيم متولي مرسي الموظف المختص بالشباك رقم (واحد) المتعلق بالصناديق الخصوصية ومن بينها الصندوق رقم 937 أفاد هذا الموظف بأن الخطاب موضوع التحقيق لم يعرض عليه أصالة وأضاف قائلاً (علماً بأن هذه الشركة معروفة لدينا جيداً وخطاباتها كثيرة وتسلم إليها يومياً. فلو أن هذا الخطاب عرض علي لكنت قمت بالإجراءات اللازمة من حيث قيده بدفتر الشباك رقم (واحد) ولقمت بإعلانه وتسليمه للشركة على غرار باقي مراسلاتها. ولكن من المؤكد أن هذا الخطاب الوارد من ألمانيا لم يعرض علي إطلاقاً). وبسؤال هذا الموظف عن شطب الرقم (937) الذي كان مكتوباً على الظرف قال: أنا لم أشطب هذا الرقم لأن هذا الخطاب لم يعرض علي أبداً ولا أملك شطب رقم صندوق صحيح وموجه توجيهاً صحيحاً. أما عن أقوال المدعي ودفاعه في التحقيق فإنه ينحصر في أنه لم يخطئ وأن الخطاب أحيل إليه من الملاحظ مؤشراً عليه بكلمة (نظر) فقام بحفظ الخطاب في الشباك رقم (5) المسئول هو عنه وما كان عليه أن يراجع ما سبق من إجراءات، فاحتفظ بالخطاب في الشباك الخامس لمدة شهر وقام برده ثانية إلى ألمانيا بعنوان الراسل.
ومن حيث إن المادة 274 من التعليمات العمومية عن الأشغال البريدية في الجزء الأول المتعلق بالمراسلات تنص على أن "المراسلات المستعجلة التي لم يتسن توزيعها في أول دورة تفقد صفة الاستعجال وتوزع بالطريق العادي. وكذلك تعامل المراسلات المستعجلة المعنونة لجهات خارجة عن دائرة التوزيع". والمادة 223 منها تنص على أن "المراسلات التي يجب أن توزع في الصناديق المخصوصة هي المراسلات الواردة برسم الأشخاص الذين يكونون قد اشتركوا فيها لدى مكتب البريد.. وكذا المراسلات التي تكون محررة عليها نمر هذه الصناديق". والمادة (234) من التعليمات صريحة في عبارتها (عندما ترد مراسلة معنونة بمحل إقامة المرسلة إليه، وعليها مع ذلك نمرة الصندوق المخصوص المشترك فيه، فيجب وضعها في الصندوق المخصوص). وتفيد المادة 236 أن الأصل في المراسلات أن تكون حسب الصناديق المحررة عليها أما إذا وردت مراسلات برسم أحد المشتركين في الصناديق المخصوصة، ولم يكن عليها عنوان، ولا رقم الصندوق فتوزع في الصندوق الخاص بالمشترك إذا كان المستخدمون يذكرون نمرة الصندوق، وإلا فيؤجل توزيعها إذا كان الوقت ضيقاً إلى الدورة التالية لتوزيعها بالصندوق الخاص بالمشترك). ومفاد هذه النصوص أن الخطاب الذي يحمل مظروفه رقم صندوق الخطابات الخاص به لا بد وأن يودع في الصندوق المخصوص، ومعنى ذلك أن يحول مباشرة إلى الشباك رقم (واحد) وبمفهوم هذه المخالفة لا يجوز تحويله وحفظه بالشباك الخامس. ولا محل بعد ذلك، ومع وضوح عبارات هذه النصوص، لأن يتمسك المطعون عليه بأحكام المادتين (275، 276) من التعليمات المذكورة، والتي تقضي بأن (المراسلات المستعجلة التي ترد معنونة بمحل الإقامة ويكون عليها مع ذلك نمرة الصندوق المخصوص أو عبارة - يحفظ بشباك البريد - توزع بمحلات الإقامة) وأن المراسلات المستعجلة التي ترد غير مستكملة العنوان توزع إلى المرسلة إليهم بمحلات إقامتهم إذا كانت معروفة حتى ولو كانوا من المشتركين في الصناديق المخصوصة أو ممن يستلمون مراسلاتهم من الشبابيك..) لا محل لذلك لأن هاتين المادتين متعلقتان بالمراسلات المستعجلة وحدها. أما الخطاب الوارد من ألمانيا موضوع هذا التحقيق، فإنه ولئن كان في الأصل قد ورد متصفاً بصفة الاستعجال إلا أنه ما لبث أن فقد هذه الصفة وزال عنه هذا التكييف بعد أن ثبت أنه لم يتسن توزيعه في أول دورة بواسطة موزع البريد (عزيز بسطوروس عطا الله) الذي سجل على الخطاب أن الشقة مغلقة (محل إقامة مكتبها) وأضاف أن للشركة صندوق بريد خاص رقم 937 وأعاد الموزع هذا الخطاب إلى مكتب البريد، ومن ثم فقد زايلته صفة الاستعجال وأصبح خطاباً (يوزع بالطريق العادي) وبذلك يخرج عن نطاق تطبيق المادتين (275، 276) من التعليمات بمقتضى حكم المادة (274) من التعليمات. وصار هذا الخطاب من المراسلات التي يجرى توزيعها بالطريق العادي وفقاً لأحكام المواد 233، 234، 236 فكان يتعين وضعه في الصندوق المخصوص رقم (937) حسبما هو ثابت على المظروف.
ومن حيث إنه لا محل كذلك لما يدفع به المطعون عليه المسئولية الإدارية عن نفسه فيقول أنه، وهو المنوط به أعمال الشباك الخامس، لا يملك مخالفة تأشيرات ملاحظ قسم الموزعين ووكيل الوردية (بالنظر) أي بالحفظ في الشباك رقم (5) فهذا دفاع مردود، لا يستقيم وصريح بنود جدول تقسيم الأعمال الذي يحدد ويوضح اختصاصات كل موظف بقلم التوزيع. فقد جاء بالفقرة التالية من اختصاصات الشباك الخامس أي شباك حفظ المراسلات المقيدة بقسم التوزيع جاء بها: (استلام المراسلات المسجلة من قسم التسجيل الوارد بموجب إيصال مؤقت عن المراسلات المسجلة المعنونة - شباك البريد - سوء أكانت معنونة باللغة العربية أو الإفرنجية برسم مصريين أو أجانب - ثم استلام جميع المراسلات. المرتدة من قسم السعادة بالتسجيل الوارد بعد التأكد من صحة التأشيرات المبينة عليها) ثم جاء في فقرة أخرى من اختصاصات الشباك الخامس في جدول تقسيم الأعمال: (وعمل المجهود اللازم من مداومة البحث عن المراسلات الخالية من العنوان أو الغير معروف عنوان أصحابها لتوزيع ما يمكن توزيعه منها، وذلك بالاشتراك مع حضرة رئيس الوردية بالتسجيل الوارد). فالمطعون عليه مكلف، بمقتضى لائحة تقسيم العمل الداخلي وتوزيع الاختصاصات، بمراجعة صحة التأشيرات المبينة على المراسلات، ومن الواجب عليه تلافي ما قد يكون بها من أخطاء. ولو كان المطعون عليه قد اتبع هذه التعليمات والتزام حدود أحكامها وبذل من العناية والدقة قدراً يسيراً لما فاته أن الخطاب وقد انقلب تكييفه من مستعجل له طرق توزيع معينة، إلى عادي تجرى عليه أحكام التعليمات المتعلقة بطرق التوزيع العادي والخطاب في ذات الوقت يحمل تأشيرة الموزع الأول بأن الشقة (محل إقامة المكتب) مغلقة ولكن للشركة صندوق بريد معروف رقم 937 فكان يتعين عليه لزاماً أن يرجع إلى من أشاروا قبله بالتوجيه الخاطئ المخالف للوائح والتعليمات، ولاستطاع أن يدرك أنه لا يجوز الاحتفاظ بمثل هذه المراسلة في إدراج الشباك الخامس لأن هذه المراسلة ليست من نصيب هذا الشباك في التوزيع اللائحي السليم. وتأسيساً على ذلك يكون المطعون عليه قد أهمل في أداء واجبات وظيفته ويكون القرار الوزاري بتوقيع الجزاء الإداري عليه قد قام على سببه.
ويتعين البقاء عليه، لأنه سليم وصحيح، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ تطبيق القانون وتأويله ويكون الطعن فيه قد قام على سند سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 5616 لسنة 87 ق جلسة 6 / 4 / 2019

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة السبت (هـ)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / فـؤاد حـسن نائب رئيس المحكمـة وعضوية السـادة القضاة / جـمال عبـد المجيـد أحمد الوكيل محمد يحيى العشماوي نواب رئيس المحكمة وكمـال عبد اللاه وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / عمرو الوكيل . وأمين السر السيد / هشام عز الرجال .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم السبت 30 من رجب سنة 1440 هـ الموافق 6 من أبريل سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 5616 لسنة 87 قضائية .

المرفوع من
...... " المحكوم عليه - الطاعن "
ضد
النيابة العامة " المطعون ضدها "

--------------
" الـوقـائع "
اتهمت النيابة العامة كلا من / ............ في قضية الجناية رقم 6337 لسنة 2013 جنايات قسم ثان أكتوبر ( المقيدة بالجدول الكلي برقم 305 لسنة 2013 جنوب الجيزة ) بأنهم في يوم 24 من يونيه سنة 2013 - بدائرة قسم ثان أكتوبر - محافظة جنوب الجيزة .
المتهمون من الأول إلى السادس :-
أولاً :- قتلوا المجني عليه / ...... عمداً بأن أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية من أسلحة نارية " بنادق آلية وخرطوش " قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
واقترنت هذه الجناية بجنايتين آخرتين هما أن المتهمين في ذات الزمان والمكان :-
- شرعوا في قتل المجني عليهما / ..... ، و....... عمداً بأن أطلقوا صوبهما عدة أعيرة نارية من الأسلحة النارية آنفة البيان ، وذلك حال تواجدهما بمسرح الواقعة رفقة المجني عليه الأول فأحدثوا إصابتهما الثابتة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق قاصدين من ذلك قتلهما بيد أن أثر جريمتهما قد أوقف لسبب لا دخل لإرادتهما به وهو مداركتهما بالعلاج ، وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 45 /1 ، 46/ 2 ، 234/ 1 من قانون العقوبات .
- قبضوا والمتهمان السابع والثامن على المجني عليهم / ....... واحتجزوهم بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح بها اللوائح والقوانين وأنزلوا بهم التعذيبات البدنية الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق بأن امسكوا بهم عنوة وقاموا بحجزهم بإحدى الغرف المغلقة وأخذوا في التعدي عليهم بالضرب وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ، وهو الأمر المعاقب عليه بالمادتين 280 ، 282/2من قانون العقوبات .
ثانياً :- اتلفوا عمداً المركبات الرقيمة " ...... " والمملوكة لشركة كوكا كولا بأن أطلقوا صوبهما عدة أعيرة نارية فأحدثوا بهم التلفيات المبينة بتقرير الأدلة الجنائية والتي تزيد قيمتها على خمسين جنيه .
المتهمون جميعاً :-
- أحرزوا وحازوا بالذات وبالواسطة أسلحة نارية مششخنة " بندقية آلية " حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
- أحرزوا وحازوا بالذات وبالواسطة أسلحة نارية غير مششخنة " بندقية خرطوش " بدون ترخيص على النحو المبين بالأوراقضائية
- أحرزوا وحازوا بالذات وبالواسطة ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية سالفة الوصف حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى والد ووالدة المجني عليه / .... مدنيا بمبلغ مائة ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وادعى المجني عليه / ...... مدنيا بمبلغ مائة ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وادعى كل من / ...... مدنيا بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم السابع وغيابياً للباقين في 10 من يناير لسنة 2017 ، عملاً بالمواد 45/ 1 ، 46 /2 ، 234/ 2،1 ، 280 ، 282 /2 ، 361/ 2،1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 2 ، 26/ 4،3،1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 ، والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق والمعدل بقرار وزير الداخلية 13354 لسنة 1995 ، وذلك بعد إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، أولاً :- بمعاقبة كل من / ...... بالسجن المؤبد عما أسند إليهم ، ثانياً :- بمعاقبة كل من / ....... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألفي جنيه عما أسند إليهما ، وببراءتهما مما أسند إليهما بشأن تهمتي القبض والاحتجاز ، ثالثا:- وبمصادرة المضبوطات ، رابعاً :- بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فقرر الأستاذ / ....... المحامي - بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه السابع - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 21 من فبراير لسنة 2017.
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن بالنقض ، الأولى في التاريخ ذاته موقعٌ عليها من ذات المحامي المقرر بالطعن ، والثانية في 6 من مارس سنة 2017 موقعٌ عليها من الأستاذ / ...... المحامي .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

--------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة أسلحة نارية " بندقية آلية " مما لا يجوز ترخيصها وسلاح ناري غير مششخن " بندقية خرطوش " بغير ترخيص وذخائر مما تستخدم عليهما قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه صيغ في عبارات مجملة مبهمة لم تبين الواقعة بياناً تتوافر به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها ، ولم يدلل تدليلاً كافياً على ثبوتها في حقه ، وعول على تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها بمفردها دليل إدانة ، ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : " .... تتحصل في أنه في صباح يوم 24 /6/ 2013 وأثناء دخول العاملين بمصنع ..... للمنتجات الغذائية الكائن بالمنطقة الصناعية بدائرة قسم ثان أكتوبر نشبت مشادة لفظية وتلاسن بين أحدى العاملات بالمصنع - شاهدة الإثبات الخامسة ..... - وبين أحد أفراد الأمن بالمصنع والمسئول عن إثبات حضور العاملين وعلى أثر تلك المشادة وعقب دخول سالفة الذكر إلى داخل المصنع هاتفت شقيقها / ..... وأخبرته بما حدث فأسرع إليها وبرفقته كلاً من / ...... وعند وصولهم إلى بوابة المصنع حضرت إليهم وأشارت لشقيقها صوب المتهم السادس - فرد الأمن - فتشاجروا معه فأستغاث بزملائه العاملين بأمن المصنع وهم المتهمون الثاني حتى الخامس والذين ناصروا زميلهم وتبادلوا الضرب مع سالفين الذكر وتمكنوا من تكبيلهم وشل حركتهم واحتجازهم داخل غرفة مدير أمن المصنع وأخبروا المتهم الأول / ...... - نجل مالك المصنع - بما حدث فحضر إليهم ولما علمت سالفة الذكر بما حدث بشقيقها ومن معه هاتفت شقيقها الآخر أحمد فكري نور الدين أحمد وأخبرته بما حدث بشقيقهما وأنه محتجز داخل المصنع فتوجه إلى مقر عمل شقيقه المحتجز - مصنع كوكا كولا للمشروبات الغذائية - واستغاث بزملائه بالعمل فأستجاب إليه عدداً من العاملين بينهم المجني عليهم وتوجهوا جميعاً مستقلين سيارات مملوكة لشركة كوكا كولا والرقيمة " ......" وعقب وصولهم أمام المصنع وما إن شاهد أفراد الأمن حتى أغلقوا البوابة الرئيسية لمنعهم من الدخول وما إن علم المتهم الأول بأمرهم حتى اتفق مع المتهمين الثاني وحتى السادس وجمعوا أمرهم على مواجهتهم وإزهاق روح أي منهم وأحضر المتهم الأول لهذا الغرض سلاحين نارين من داخل المصنع أمسك أحدهما بندقيه آليه ، وسلم المتهم الثالث السلاح الآخر " بندقيه خرطوش " وانطلقوا خارج بوابة المصنع ليفاجئوا المجني عليهم بوابل من الأعيرة النارية العشوائية صوبهم والذين حاولوا الفرار منهم إلا أنهم استمروا في إطلاق الأعيرة النارية فأحدثوا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياة المجني عليه / ..... كما أحدثوا إصابة كلاً من / ...... والذي تصادف مرور الأخير في مكان الواقعة ، كما أحدثوا تلفيات بالسيارات سالفة الذكر والتي كان يستقلها المجني عليهم على النحو المبين بتقرير الأدلة الجنائية ، وعقب دلوفهم إلى داخل المصنع بعد فرار المجني عليهم حضر المتهم السابع / ...... - مالك المصنع - وعند وصوله ومشاهدته للمجني عليهم المحتجزين داخل غرفة مدير أمن المصنع مكبلين قام بتحريرهم وأطلاق سراحهم وأثناء ذلك حضر الرائد / محمد على حبيش - معاون مباحث قسم ثان أكتوبر - على إثر تلقيه إخطار من غرفة عمليات النجدة وبمناقشة المتهم السابع / ..... - مالك المصنع - أقر له بأنه علم بأن مشاجرة قد وقعت بين نجله - المتهم الأول - وبين المجني عليهم فحضر إلى المصنع وأرشده عن السلاح المستخدم في الواقعة مشيرً له إلى صندوق قمامة خارج المصنع فعثر داخله على سلاح ناري " بندقيه آلية " وخزنتين بداخلهما خمسة وعشرون طلقة من ذات عيار السلاح وأردف أنه بإجراء تحرياته السرية دلته على أن المتهمين السابع والثامن كانا على علم بوجود أسلحة نارية داخل المصنع وأن المتهمين من الأول حتى السادس أطلقوا أعيرة نارية من سلاحين نارين " بندقية آلية وخرطوش " بشكل عشوائي فأحدثوا إصابات المجني عليهم التي أودت بحياة أحدهم وأن قصدهم كان قتل المجني عليه والشروع في قتل الباقين " . لما كان ذلك ، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلي بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة مجملة مجهلة ، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ، كما صار إثباتها بالحكم . لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء نصوص القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بتعديلاته المتعاقبة أنه أثم حيازة وإحراز الأسلحة النارية التي لا يجوز الترخيص بها المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق به ، ويتعين لقيام الركن المادي في جريمة حيازة أو إحراز سلاح ناري أن يثبت اتصال المتهم به اتصالاً مادياً أو أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية ، كما يتعين لقيام الركن المعنوي في هذه الجريمة أن يثبت علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه إنما هو سلاح من الأسلحة النارية المحظور حيازتها أو إحرازها قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين - سواء في معرض إيراده لواقعة الدعوى أو سرده لأدلة الثبوت فيها - تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه جريمة حيازة وإحراز سلاح ناري مما لا يجوز الترخيص به وذخائره وكيفية حصولها ؛ إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه . ولا ينال من ذلك أن الحكم استند إلى شهادة الضابط بخصوص تحرياته التي دلت على أن الطاعن كان على علم بوجود أسلحة نارية وذخائر داخل المصنع المملوك له ، وكانت تحت سيطرته المادية ؛ لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه، لأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلا أساسيا على ثبوت التهمة ، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي مجري التحريات ، ولم يورد حكمها أية شواهد أو قرائن تؤدي بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعن لواقعة حيازة الطاعن للسلاح الناري والذخيرة ، فإن تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرا عن حمل قضائه بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليهم غيابياً فلا يمتد إليهم أثر النقض .
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .

الأحد، 21 يناير 2024

الطعن 4684 لسنة 58 ق جلسة 2 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 138 ص 819

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

---------------

(138)
الطعن رقم 4684 لسنة 58 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
جريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 عقوبات. مناط توافرها. أن يكون الجاني موظفاً عاماً.
(2) موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
الموظف أو المستخدم العام. تعريفه؟
(3) موظفون عموميون. أموال عامة. صحافة. أحزاب سياسية. قانون "تفسيره".
النص في المادتين 11، 14 من القانون 40 لسنة 1977 على اعتبار أموال الأحزاب من الأموال العامة واعتبار القائمين عليها والعاملين بها في حكم الموظفين العموميين. عدم تضمنه أو غيره من القوانين النص على اعتبار أموال الصحف غير القومية من الأموال العامة ولا على اعتبار العاملين بها من الموظفين العموميين أو من في حكمهم.
(4) قانون "تفسيره".
التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. واجب.
صياغة النص في عبارة واضحة في الدلالة على مراد الشارع منها. وجوب قصر تطبيقها على ما يتأدى مع صريح نص القانون.
(5) رشوة. أموال عامة. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 119 عقوبات. سريانها على جرائم اختلاس المال العام والاعتداء عليه والغدر. خروج جرائم الرشوة من نطاقها.
(6) قانون "تفسيره".
صياغة النص في عبارة واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(7) رشوة. قانون "تفسيره".
النص في المادة 107 مكرراً عقوبات على معاقبة الوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي. وجوب تطبيقه على من يصدق عليه وصف الوسيط سواء أكان يعمل من جانب الراشي أم من جانب المرتشي. أساس ذلك؟
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي وحدها لحمله.
(9) رشوة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". قصد جنائي.
إيراد الشارع مصطلحاً معيناً في نص لمعنى معين. وجوب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه.
جريمة المادة 109 مكرراً ثانياً عقوبات. جريمة مستحدثة ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط في الرشوة المنصوص عليها في المادة 107 مكرراً عقوبات. أساس ذلك؟
مناط قيام الجريمة المستحدثة؟
القياس أو التوسع في التفسير في مجال التأثيم. محظور.
(10) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. إذن التفتيش "إصداره".
النص في المادة 119 إجراءات جنائية على أن تباشر النيابة العامة التحقيق طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق. لا يعفي النيابة العامة مما فرضه القانون على قاضي التحقيق من ضوابط وقيود.
الإذن بالتفتيش. ماهيته؟
تقدير كفاية الدلائل لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان لسلطة التحقيق إلا أنه يخضع لرقابة محكمة الموضوع.
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دليل من الأدلة عند قضائها بالبراءة. ما دامت قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات.
(12) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تزيد الحكم فيما لا أثر له في نتيجته. لا يعيبه.
(13) إجراءات "إجراءات التحقيق". إذن التفتيش "إصداره" "بطلانه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأعمال الإجرائية تجرى على حكم الظاهر. عدم بطلانها من بعد. نزولاً على ما ينكشف من أمر واقع.
(14) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
وجوب بناء الإدانة على دليل مشروع في القانون. عدم اشتراط ذلك في دليل البراءة. أساس ذلك؟
حرية القاضي الجنائي في اختيار الطريق الموصل إلى كشف الحقيقة وتقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية.
(15) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها".
تفصيل أسباب الطعن ابتداء. واجب.
(16) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(17) الحصول على مال بطريق التهديد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة المادة 326 عقوبات. تحققها. رهن بصدور فعل من الجاني على المجني عليه بقصد تخويفه أو ترويعه بما يحمله على تسليم مبلغ من المال أو أي شيء آخر بغير حق. تقدير توافر أركانها. موضوعي.
(18) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي له بالبراءة. متى أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة.
النعي على المحكمة قضائها بالبراءة لاحتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. غير جائز. علة ذلك؟

----------------
1 - إن الشارع يتطلب لتوافر جريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات أن يكون الجاني موظفاً عاماً.
2 - إن الموظف أو المستخدم العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق.
3 - لئن كانت المادتان 11، 14 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قد نصتا على اعتبار أموال الأحزاب من الأموال العامة وعلى اعتبار القائمين على شئون الأحزاب والعاملين بها في حكم الموظفين العموميين في صدد تطبيق أحكام قانون العقوبات، إلا أنه لم يرد بأي من ذينك النصين أو بغيرهما من نصوص القانون المذكور ولا في نصوص القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة ولا في أي قانون آخر، أي نص على اعتبار أموال الصحف - غير القومية - من الأموال العامة ولا على اعتبار العاملين بها من الموظفين العموميين أو من في حكمهم.
4 - الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية بأن لا تُحمل عباراتها أكثر مما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة في الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى مع صريح نص القانون.
5 - لما كان ما تثيره الطاعنة من انطباق المادة 119 من قانون العقوبات على جريمة الرشوة مردوداً بأن هذه المادة إنما وردت في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وهو الذي أفرده الشارع لجرائم اختلاس المال العام والاعتداء عليه والغدر، ومن ثم لزم قصر تطبيقها على هذه الجرائم فحسب الأمر الذي تخرج معه جرائم الرشوة من نطاقها بما يضحى معه منعى النيابة العامة الطاعنة في هذا الخصوص غير سديد.
6 - من المقرر أنه متى كانت عبارة النص واضحة لا لبس فيها ولا غموض فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف بها عن طريق التفسير أو التأويل.
7 - إن الشارع إذ نص في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات على معاقبة الوسيط بالعقوبة ذاتها المقررة للمرتشي قد أطلق لفظ "الوسيط" بما يتعين معه تطبيق النص على كل من يصدق عليه وصف الوسيط في الرشوة سواء أكان يعمل من جانب الراشي أم من جانب المرتشي، والقول بغير ذلك فيه تخصيص للنص بغير مخصص وتقيد له بغير مقيد، وهو ما لا يصح في أصول التفسير أو التأويل.
8 - لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته فاسدة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي وحدها لحمل قضائه.
9 - لما كان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، وكان يؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً وما كشفت عنه الأعمال التشريعية لها، وإيرادها مع مثيلاتها في باب بذاته من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - هو الباب الثالث الخاص بالرشوة - أنه وإن كانت الجريمة المستحدثة بالمادة 109 مكرراً ثانياً آنفة الذكر ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط في الرشوة المنصوص عليها في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات، إذ تغيا الشارع من الجريمة المستحدثة تجريم الأفعال التي لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة في رشوة والتي لا تبلغ حد الاشتراك في رشوة أو في شروع فيها والتي لا يؤثمها نص المادة 109 مكرراً أو أي نص آخر. وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها، إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله "كل من عرض أو قبل الوساطة في رشوة" فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان في جريمة من جرائم الرشوة التي انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها ذلك الباب ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة - في بيان المقصود بالرشوة وفي تحديد الأركان التي يلزم تحققها لقيام أي جريمة منها - إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتي الجاني فعله في المهد الأول للرشوة، وهو عليم بوجود حقيقي لموظف عام أو من في حكمه، وبوجود عمل حقيقي أو مزعوم أو مبني على اعتقاد خاطئ - لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه، وبوجود حقيقي لصاحب حاجة لهذا العمل، ويلزم في ذلك أن تكون إرادة الجاني - على هذا الأساس - قد اتجهت في الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض أو قبول الوساطة في رشوة، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم في هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد إلى الإفصاح عن ذلك في صراحة، على غرار نهجه في المادة 104 مكرراً من قانون العقوبات من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته، وليس يجوز القياس أو التوسع في التفسير، لأنه في مجال التأثيم محظور.
10 - لما كان النص في المادة 41 من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون...." وفي المادة 44 منه على أنه "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وفي المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقاً لأحكام القانون". وفي المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابه أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً". وفي المادة 94 منه على أن "لقاضي التحقيق أن يفتش المتهم، وله أن يفتش غير المتهم إذا اتضح من أمارات قوية أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الحقيقة، ويراعى في التفتيش حكم الفقرة الثانية من المادة 46". وفي المادة 95 من القانون ذاته على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة" وفي المادة 206 منه على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد. والمطبوعات والطرود، ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مدداً أخرى مماثلة. وللنيابة العامة أن تطلع على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى والتسجيلات المضبوطة على أن يتم هذا كلما أمكن ذلك بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه وتدون ملاحظاتهم عليها. ولها حسب ما يظهر من الفحص أن تأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف الدعوى أو بردها إلى من كان حائزاً لها أو من كانت مرسلة إليه". وكانت المادة 199 من القانون ذاته إذ نصت على أن تباشر النيابة العامة التحقيق طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق، قد خلت مما يعفي النيابة العامة مما فرضه القانون على قاضي التحقيق من ضوابط وقيود، كل ذلك يدل على أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا بصدد جريمة - جناية أو جنحة - واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحرمة حياته الخاصة أو لحريته الشخصية أو ما يتصل بها مما ورد ذكره في النصوص آنفة الذكر، يستوي في ذلك أن تكون هذه الدلائل قد قدمت لسلطة التحقيق من مأمور الضبط القضائي فأسست عليها الإذن أو تكشفت لديها بعد قطعها شوطاً في التحقيق، وإذ كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان تقدير مدى كفاية الدلائل لتسويغ إصدار الإذن موكولاً بداءة لسلطة التحقيق إلا أن تقديرها هذا يخضع - في كل الأحوال - لرقابة محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما تذهب إليه الطاعنة من إصدار الإذن من النيابة العامة بعد أن قطعت شوطاً في التحقيق هو أمر من إطلاقاتها، يكون بعيداً عن محجة الصواب.
11 - إن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات، لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فأطرحتها.
12 - لما كان ما تثيره الطاعنة في شأن الحكم ببطلان الأذون الصادرة في 27، 30 من أغسطس و23 من سبتمبر سنة 1986 بدعوى أن التحريات التي بنيت عليها قد انصبت على أشخاص لم يطرح أمرهم على المحكمة، مردوداً بأنه - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون تزيداً لم يكن له أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أقام قضاءه على أسباب مستقلة عما تزيد فيه من أسباب ورد عليها النعي ويستقيم الحكم بدونها.
13 - لما كان الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر فلا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر واقع، فإن إطراح الحكم الدفع ببطلان أذون التفتيش الخمسة الصادرة من النيابة العامة تأسيساً على أنها صدرت بناء على ما ظهر من الأوراق - وقت إصدارها - من وقوع جناية مما تختص به محكمة أمن الدولة العليا، لا يتعارض مع ما تناهى إليه بعد تحقيق الدعوى وتمحيصها من استبعاد تلك الجناية.
14 - لما كان من المقرر أنه وإن كان يشترط في دليل الإدانة أن يكون مشروعاً، إذ لا يجوز أن تبنى إدانة صحيحة على دليل باطل في القانون، إلا أن المشروعية ليست بشرط واجب في دليل البراءة ذلك بأن الأصل على مقتضى المادة 67 من الدستور والمبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يحكم بإدانته بحكم بات، وأنه إلى أن يصدر هذا الحكم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه بقدر ما يسعفه مركزه في الدعوى وما تحيط نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية، وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدماً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معها، إدانة بريء، هذا إلى ما هو مقرر من أن القانون، فيما عدا ما استلزمه من وسائل خاصة للإثبات، فتح بابه أمام القاضي الجنائي على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر، مع حرية مطلقة في تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع الدعوى وظروفها مما لا يقبل معه تقييد حرية المحكمة في دليل البراءة باشتراط مماثل لما هو مطلوب في دليل الإدانة.
15 - لما كان تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوباً على وجه الوجوب، تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن مخالفة هذا الحكم للقانون أو خطئه في تطبيقه أو موطن البطلان الجوهري الذي وقع فيه أو موطن بطلان الإجراءات الذي يكون أثر فيه، وكانت الطاعنة لم تكشف في أسباب طعنها عن موطن مخالفة الحكم فيما استخلصه من التسجيلات للثابت بمحاضر تفريغها وإذ جاءت عبارتها في هذا الوجه مرسلة مجهلة فإنه يكون غير مقبول.
16 - لما كان الحكم في معرض نفيه جريمة الرشوة عن المطعون ضده الأول - قد أورد أنه "بالنسبة لعنصر أخذ مبلغ الرشوة فإن الثابت من الأوراق أن المتهم..... رفض استلام هذا المبلغ أثناء تواجده بفندق شبرد ورفض أيضاً التوجه مع..... و..... إلى فندق ماريوت كما رفض استلام الحقيبة المضبوطة التي بها مبلغ الرشوة من..... أثناء مقابلته في شارع قصر النيل ولم يعمل على استلامها منه أبداً بل إن المتهم...... هو الذي ألقى بها داخل السيارة وفي نفس اللحظة تم القبض على المتهم....... ويؤكد ذلك ما تبينته المحكمة عند مشاهدتها شريط الفيديو عن واقعة ضبط المتهم.... بشارع قصر النيل أن المتهم...... الذي كان واقعاً تحت سيطرة رجال الضبط منذ أن كان بمنزل...... واستلامه الحقيبة إلى أن تقابل مع...... بشارع قصر النيل أن الأخير رفض استلامها منه عند مقابلته له رغم إصرار...... على ذلك وعندما هم..... بركوب السيارة سارع...... بإلقاء الحقيبة المضبوطة في السيارة وفي نفس اللحظة داهمه رجال الضبط الأمر الذي ترى معه المحكمة أن واقعة إلقاء الحقيبة داخل السيارة بهذه الصورة التي تمت بها لا يعد أبداً تسلماً إرادياً أو فعلياً أو حقيقياً". وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت النيابة العامة لا تزعم أن ما أورده الحكم فيما تقدم لا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق، فإن ما تثيره بدعوى عدم تفطن الحكم إلى دلالة تتابع الأحداث منذ لقاء المطعون ضدهم بالمبلغ بفندق شبرد وحتى أن تم ضبط الحقيبة بسيارة أولهم يكون غير سديد إذ ينحل في الواقع من أمره إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض في شأنه لدى محكمة النقض.
17 - لما كان مناط تحقق جريمة المادة 326 من قانون العقوبات أن يصدر من الجاني على المجني عليه أي فعل بقصد تخويفه أو ترويعه بما يحمله على أن يسلم بغير حق، مبلغاً من المال أو أي شيء آخر، وكان تقدير توافر أركان هذه الجريمة من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام تقديره سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص للأسباب السائغة التي أوردها إلى تبرئة المطعون ضده الأول من تهمة الشروع في الحصول على مال بطريق التهديد تأسيساً على انتفاء صدور أي تهديد أو ترويع منه على المبلغ، فإن ما تثيره الطاعنة من جدل في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
18 - لما كان من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة إذ أن مرجع ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تكشف عن أن المحكمة قد ألمت بظروف الدعوى ومحصت أدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها على نحو ينبئ عن أنها فطنت إليها وقامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ثم أفصحت - من بعد - عن عدم اطمئنانها إليها، فإن هذا حسبها ليستقيم قضاؤها، وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم: المتهم الأول (أولاً) بصفته موظفاً عاماً من القائمين على شئون حزب....... (رئيس لجنة الإعلام باللجنة العامة لمحافظة القاهرة - ونائب رئيس تحرير جريدة...... الصادرة عن الحزب والمعبرة عن آرائه) طلب لنفسه وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب تقاضى بواسطة المتهمين الثاني والثالث مبلغ مائة ألف جنيه من...... على سبيل الرشوة مقابل وقف الحملة الصحفية ضده والتي دأب على نشرها بباب..... الذي يشارك في تحريره بجريدة...... وكشف مصادره في المعلومات التي تتضمنها. (ثانياً) بصفته السابقة حصل لنفسه بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ مائة ألف جنيه من....... بمناسبة الحملة الصحفية التي يشنها عليه في باب...... بجريدة...... الذي يشارك في تحريره. (ثالثاً) حصل بطريق التهديد على مبلغ مائة ألف جنيه بأن قام بشن حملة صحفية ضد...... بجريدة..... وواصل تلك الحملة حتى تمكن بذلك من الحصول على هذا المبلغ. المتهمان الثاني والثالث: أولاً: توسطا في طلب وأخذ مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل الرشوة موضوع التهمة الأولى المنسوبة للمتهم الأول والذي طلبه من....... لوقف حملته الصحفية والكشف عن مصادره في المعلومات التي تتضمنها الحملة وتسلمه منه المتهم الثاني ثم سلمه للمتهم الثالث الذي سلمه بدوره للمتهم الأول على النحو المبين بالتحقيقات. (ثانياً) اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في حصوله بغير حق على مبلغ مائة ألف جنيه من عمل من أعمال وظيفته - موضوع التهمة الثانية - المنسوبة للمتهم المذكور بأن اتفقا معه على طلب هذا المبلغ..... وساعداه بتسلم هذا المبلغ بالفعل من المذكور وتسليمه إليه على النحو المبين بالتحقيقات فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثالثاً): اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب التهمة الثالثة المنسوبة له بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه في طلب واستلام المبلغ موضوع التهمة من...... وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى الدكتور...... مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ 151 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً (أولاً) بعدم قبول الدعوى المدنية. (ثانياً) ببراءة المتهمين من التهم المسندة إليهم.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهم الرشوة والتربح، والحصول بطريق التهديد على مبلغ من المال، وببراءة المطعون ضدهما الثاني والثالث من تهم التوسط في الرشوة المنسوبة للأول، والاشتراك في ارتكاب الجريمتين الأخريين المسندتين إليه، قد أخطأ في تأويل القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والتناقض فيه فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه استبعد تهمة الرشوة المعاقب عليها بالمواد 103، 104، 111 من قانون العقوبات عن المطعون ضده الأول، تأسيساً على عدم سريان المادة 14 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية عليه باعتبار أنه ليس من القائمين على شئون حزب....... وذلك على خلاف النظر الصحيح في القانون، فضلاً عن انطباق المادة 119 من قانون العقوبات عليه لكونه في حكم الموظفين العموميين المعنيين بهذا النص. ونفى تهمة التوسط في الرشوة عن المطعون ضدهما الثاني والثالث على سند من أنه لا قيام لهذه الجريمة إلا إذا كان الوسيط من قبل الراشي على الرغم من مخالفة ذلك لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات، وخلص الحكم إلى بطلان إذني النيابة العام الصادرين في 21 من سبتمبر و5 من أكتوبر سنة 1986 تأسيساً على عدم جدية التحريات التي بني عليها مع أن هذين الإذنين، وقد أصدرتهما النيابة العامة أثناء مباشرتها التحقيق في الدعوى، فيكون إصدارهما من إطلاقاتها، ولم يعرض الحكم للدليل المستمد من اعتراف المطعون ضدهما الثاني والثالث ولا للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة منذ 16 من سبتمبر سنة 1986 وحتى أصدرت الإذن بالتسجيل، ولا لما قرره المطعون ضده الأول من أنه عضو باللجنة العامة لمحافظة القاهرة بحزب..... وأنه يرتبط بجريدة...... بعقد عمل لقاء أجر شهري ودلالة ذلك في ضوء المادتين 11، 14 من القانون رقم 40 لسنة 1977 آنف الذكر، وأقام براءة المطعون ضدهما الثاني والثالث من التهمة الأولى المسندة إليهما على أسباب معماة مبهمة، وخلص إلى بطلان أذون التسجيل الصادرة في 27 و30 من أغسطس و23 من سبتمبر سنة 1986 تأسيساً على عدم جدية التحريات التي صدرت بناء عليها مع أنها انصبت على أشخاص لم يشملهم أمر الإحالة فلم يكن أمرهم مطروحاً على المحكمة، وأطرح الحكم الدفع ببطلان أذون التفتيش الخمسة الصادرة من النيابة العامة على سند من تمتعها بسلطات قاضي التحقيق عند تحقيقها جناية مما تختص به محكمة أمن الدولة العليا ثم عاد - من بعد - وخلص إلى انتفاء تلك الجناية، وعلى الرغم من أنه انتهى إلى بطلان أذون التسجيل الصادرة من النيابة العامة في 27 و30 من أغسطس و21 و23 من سبتمبر و5 من أكتوبر سنة 1986 بما يؤدي إلى إهدار الدليل المستد من تنفيذها غير أنه عاد من بعد واستند إلى هذا الدليل ذاته في صدد قضائه بالبراءة هذا إلى أن ما استخلصه الحكم من هذه التسجيلات يخالف الثابت بمحاضر تفريغها، ولم يفطن لتتابع الأحداث ما بين لقاء المطعون ضدهم الثلاثة بالمبلغ بفندق.... وما تبعه من لقاءات حتى تم ضبط النقود في سيارة المطعون ضده الأول أمام مسكن الثاني بعد أن سلمها له الثالث ودلالة ذلك على توافر الاتفاق بين ثلاثتهم على ارتكاب الجريمة وخطوات تنفيذها، ونفى عن الأول جنحة الرشوة المؤثمة بالمادة 106 من قانون العقوبات على سند من خلو الأوراق مما يؤيد قالة المطعون ضده الثاني بأن الأول طلب الرشوة مع أنه أورد في معرض تبرئة المطعون ضدهما الثاني والثالث من تهمة التوسط في الرشوة أنها لا تتم إلا بقبول الموظف للرشوة قبولاً جدياً، وقضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة الحصول بطريق التهديد على مبلغ من المال تأسيساً على انتفاء صدور تخويف منه للمبلغ وأنه وإن كان آخرون قد هددوه فإنه يكون من عندياتهم دون أن يفطن الحكم إلى توقف الحملة الصحفية ضد المبلغ في عدد جريدة....... الصادر بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1986 وهو العدد الذي حدده رسول أوفد للمبلغ لمطالبته بمبلغ الرشوة ثم استؤنفت تلك الحملة في الأعداد التالية وهو ما يشكل ضغطاً على المجني عليه تتوافر به تلك الجريمة، هذا إلى أن الحكم لم يعرض لما يشكله مسلك المطعون ضدها الثاني والثالث من جريمة النصب. كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الشارع يتطلب لتوافر جريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات أن يكون الجاني موظفاً عاماً. لما كان ذلك، وكان الموظف أو المستخدم العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق. ولئن كانت المادتان 11، 14 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قد نصتا على اعتبار أموال الأحزاب من الأموال العامة وعلى اعتبار القائمين على شئون الأحزاب والعاملين بها في حكم الموظفين العموميين في صدد تطبيق أحكام قانون العقوبات، إلا أنه لم يرد بأي من ذينك النصين أو بغيرهما من نصوص القانون المذكور ولا في نصوص القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة ولا في أي قانون آخر، أي نص على اعتبار أموال الصحف - غير القومية - من الأموال العامة ولا على اعتبار العاملين بها من الموظفين العموميين أو من في حكمهم، لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية بأن لا تحمل عباراتها أكثر مما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة في الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى مع صريح نص القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص، للأسباب السائغة التي أوردها، إلى أن المطعون ضده الأول بوصفه من العاملين بصحيفة...... ليس من الموظفين العموميين أو في حكمهم يكون قد اقترن بالصواب، وإذ كان ما تثيره الطاعنة من انطباق المادة 119 من قانون العقوبات على جريمة الرشوة مردوداً بأن هذه المادة إنما وردت في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وهو الذي أفرده الشارع لجرائم اختلاس المال العام والاعتداء عليه والغدر، ومن ثم لزم قصر تطبيقها على هذه الجرائم فحسب الأمر الذي تخرج معه جرائم الرشوة من نطاقها بما يضحى معه منعى النيابة العامة الطاعنة في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة النص واضحة لا لبس فيها ولا غموض فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف بها عن طريق التفسير أو التأويل، وكان الشارع إذ نص في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات على معاقبة الوسيط بالعقوبة ذاتها المقررة للمرتشي قد أطلق لفظ "الوسيط" بما يتعين معه تطبيق النص على كل من يصدق عليه وصف الوسيط في الرشوة، سواء أكان يعمل من جانب الراشي أم من جانب المرتشي، والقول بغير ذلك فيه تخصيص للنص بغير مخصص وتقيد له بغير مقيد، وهو ما لا يصح في أصول التفسير أو التأويل، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر باشتراطه أن يكون الوسيط من قبل الراشي فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون، غير أنه لما كان البين من مدونات الحكم أنه أقام براءة المطعون ضدهما الثاني والثالث من تهمة التوسط في الرشوة تأسيساً على تشكيك المحكمة في ثبوت أركانها، فلا ينال منه - من بعد - ما تردى فيه من تقريرات قانونية خاطئة في هذا الصدد، لما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته فاسدة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي وحدها لحمل قضائه - وهو الحال في الدعوى الماثلة - كما لا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من أن المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات تعاقب على مجرد عرض الوساطة أو قبولها ما دام الحكم قد أثبت انحسار صفة الموظف العمومي أو من في حكمه عن المطعون ضده الأول المقول بالتوسط لديه، ذلك بأنه لما كان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، وكان يؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً وما كشفت عنه الأعمال التشريعية لها، وإيرادها مع مثيلاتها في باب بذاته من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - هو الباب الثالث الخاص بالرشوة - أنه وإن كانت الجريمة المستحدثة بالمادة 109 مكرراً ثانياً آنفة الذكر ذات كيان يغاير جريمة الوسيط في الرشوة المنصوص عليها في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات، إذا تغيا الشارع من الجريمة المستحدثة تجريم الأفعال التي لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة في رشوة والتي لا تبلغ حد الاشتراك في رشوة أو في شروع فيها والتي لا يؤثمها نص المادة 109 مكرراً أو أي نص آخر، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها، إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله "كل من عرض أو قبل الوساطة في رشوة" فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان في جريمة من جرائم الرشوة التي انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها ذلك الباب ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة - في بيان المقصود بالرشوة وفي تحديد الأركان التي يلزم تحققها لقيام أية جريمة منها - إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتي الجاني فعله في المهد الأول للرشوة، وهو عليم بوجود حقيقي لموظف عام أو من في حكمه، وبوجود عمل حقيقي أو مزعوم أو مبني على اعتقاد خاطئ - لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه، وبوجود حقيقي لصاحب حاجة لهذا العمل، ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجاني - على هذا الأساس - قد اتجهت في الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان عرض أو قبول الوساطة في رشوة، ذلك بأنه أراد الشارع مد التأثيم في هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد إلى الإفصاح عن ذلك في صراحة، على غرار نهجه في المادة 104 مكرراً من قانون العقوبات من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته، وليس يجوز القياس أو التوسع في التفسير، لأنه في مجال التأثيم محظور. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما أورده من أدلة سائغة، أن قصد المطعون ضدهما الثاني والثالث لم ينصرف إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشاؤه، بما ينتفي معه - في صورة هذه الدعوى - الركن المعنوي للجريمة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 41 من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون...." وفي المادة 44 منه على أنه "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وفي المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقاً لأحكام القانون". وفي المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابه أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً". وفي المادة 94 منه على أن "لقاضي التحقيق أن يفتش المتهم، وله أن يفتش غير المتهم إذا اتضح من أمارات قوية أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الحقيقة، ويراعى في التفتيش حكم الفقرة الثانية من المادة 46". وفي المادة 95 من القانون ذاته على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة". وفي المادة 206 منه على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود، ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مدداً أخرى مماثلة. وللنيابة العامة أن تطلع على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى والتسجيلات المضبوطة على أن يتم هذا كلما أمكن ذلك بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه وتدون ملاحظاتهم عليها. ولها حسب ما يظهر من الفحص أن تأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف الدعوى أو بردها إلى من كان حائزاً لها أو من كانت مرسلة إليه". وكانت المادة 199 من القانون ذاته إذ نصت على أن تباشر النيابة العامة التحقيق طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق، قد خلت مما يعفي النيابة العامة مما فرضه القانون على قاضي التحقيق من ضوابط وقيود، كل ذلك يدل على أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا بصدد جريمة - جناية أو جنحة - واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحرمة حياته الخاصة أو لحريته الشخصية أو ما يتصل بها مما ورد ذكره في النصوص آنفة الذكر، يستوي في ذلك أن تكون هذه الدلائل قد قدمت لسلطة التحقيق من مأمور الضبط القضائي فأسست عليها الإذن أو تكشفت لديها بعد قطعها شوطاً في التحقيق، وإذ كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان تقدير مدى كفاية الدلائل لتسويغ إصدار الإذن موكولاً بداءة لسلطة التحقيق إلا أن تقديرها هذا يخضع - في كل الأحوال - لرقابة محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما تذهب إليه الطاعنة من أن إصدار الإذن من النيابة العامة بعد أن قطعت شوطاً في التحقيق هو أمر من إطلاقاتها، يكون بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات، لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فأطرحتها. وكان الحكم قد عرض لصلة المطعون ضده الأول بكل من حزب...... وجريدة....... - على خلاف ما تزعمه الطاعنة - وخلص من ذلك سائغاً، إلى أنه لا يعد موظفاً عاماً أو من في حكمه في مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات، فإن منعى النيابة العامة في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن قضاء الحكم ببطلان الأذون الصادرة في 27، 30 من أغسطس و23 من سبتمبر سنة 1986 بدعوى أن التحريات التي بنيت عليها قد انصبت على أشخاص لم يطرح أمرهم على المحكمة، مردوداً بأنه - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون تزيداً لم يكن له أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أقام قضاءه على أسباب مستقلة عما تزيد فيه من أسباب ورد عليها النعي ويستقيم الحكم بدونها. لما كان ذلك، وكان الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر فلا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر واقع، فإن إطراح الحكم الدفع ببطلان أذون التفتيش الخمسة الصادرة من النيابة العامة تأسيساً على أنها صدرت بناء على ما ظهر من الأوراق - وقت إصدارها - وقوع جناية مما تختص به محكمة أمن الدولة العليا، لا يتعارض مع ما تناهى إليه بعد تحقيق الدعوى وتمحيصها من استبعاد تلك الجناية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان يشترط في دليل الإدانة أن يكون مشروعاً، إذ لا يجوز أن تبنى إدانة صحيحة على دليل باطل في القانون، إلا أن المشروعية ليست بشرط واجب في دليل البراءة، ذلك بأن الأصل على مقتضى المادة 67 من الدستور والمبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يحكم بإدانته حكم بات، وأنه إلى أن يصدر هذا الحكم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه بقدر ما يسعفه مركزه في الدعوى وما تحيط نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية، وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدماً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً، إدانة بريء، هذا إلى ما هو مقرر من أن القانون، فيما عدا ما استلزمه من وسائل خاصة للإثبات، فتح بابه أمام القاضي الجنائي على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر، مع حرية مطلقة في تقدير ما يعرض عليه ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع الدعوى وظروفها مما لا يقبل معه تقييد حرية المحكمة في دليل البراءة باشتراط مماثل لما هو مطلوب في دليل الإدانة، وبالتالي يكون منعى الطاعنة في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوباً على وجه الوجوب، تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن مخالفة هذا الحكم للقانون أو خطئه في تطبيقه أو موطن البطلان الجوهري الذي وقع فيه أو موطن بطلان الإجراءات الذي يكون أثر فيه، وكانت الطاعنة لم تكشف في أسباب طعنها عن موطن مخالفة الحكم فيما استخلصه من التسجيلات للثابت بمحاضر تفريغها وإذ جاءت عبارتها في هذا الوجه مرسلة مجهلة، فإنه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم، في معرض نفيه جريمة الرشوة عن المطعون ضده الأول - قد أورد أنه "بالنسبة لعنصر أخذ مبلغ الرشوة فإن الثابت من الأوراق أن المتهم... رفض استلام هذا المبلغ أثناء تواجده بفندق شبرد ورفض أيضاً التوجه مع..... و...... إلى فندق ماريوت كما رفض استلام الحقيبة المضبوطة التي بها مبلغ الرشوة من..... أثناء مقابلته في شارع قصر النيل ولم يعمل على استلامها منه أبداً بل إن المتهم....... هو الذي ألقى بها داخل السيارة وفي نفس اللحظة قم القبض على المتهم...... ويؤكد ذلك ما تبينته المحكمة عند مشاهدتها شريط الفيديو عن واقعة ضبط المتهم.... بشارع قصر النيل أن المتهم..... الذي كان واقعاً تحت سيطرة رجال الضبط منذ أن كان بمنزل....... واستلامه الحقيبة إلى أن تقابل مع...... بشارع قصر النيل أن الأخير رفض استلامها منه عند مقابلته له رغم إصرار....... على ذلك وعندما هم....... بركوب السيارة سارع...... بإلقاء الحقيبة المضبوطة في السيارة وفي نفس اللحظة داهمه رجال الضبط الأمر الذي ترى معه المحكمة أن واقعة إلقاء الحقيبة داخل السيارة بهذه الصورة التي تمت بها لا يعد أبداً تسلماً إرادياً أو فعلياً أو حقيقياً. وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت النيابة العامة لا تزعم أن ما ورد بالحكم فيما تقدم لا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق، فإن ما تثيره بدعوى عدم تفطن الحكم إلى دلالة تتابع الأحداث منذ لقاء المطعون ضدهم بالمبلغ بفندق شبرد وحتى أن تم ضبط الحقيبة بسيارة أولهم يكون غير سديد إذ هو ينحل في الواقع من أمره إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباطها معتقدها وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض في شأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مناط تحقق جريمة المادة 326 من قانون العقوبات أن يصدر من الجاني على المجني عليه أي فعل بقصد تخويفه أو ترويعه بما يحمله على أن يسلم بغير حق، مبلغاً من المال أو أي شيء آخر وكان تقدير توافر أركان هذه الجريمة من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بلا رقابة عليه من محكمة النقض ما دام تقديره سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص، للأسباب السائغة التي أوردها، إلى تبرئة المطعون ضده الأول من تهمة الشروع في الحصول على مال بطريق التهديد تأسيساً على انتفاء صدور أي تهديد أو ترويع منه على المبلغ، فإن ما تثيره الطاعنة من جدل في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة إذ أن مرجع ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تكشف عن أن المحكمة قد ألمت بظروف الدعوى ومحصت أدلة الثبوت التي قام عليها على نحو ينبئ عن أنها فطنت إليها وقامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث، ثم أفصحت - من بعد - عن عدم اطمئنانها إليها، فإن هذا حسبها ليستقيم قضاؤها، وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله - كما هو الحال في واقعة الدعوى الماثلة - وإذ كان ما أفصح عنه الحكم في مدوناته من عدم الاطمئنان لأدلة الثبوت في الدعوى يتضمن بطريق اللزوم العقلي والمنطقي إطراح ما قد تتصف بها الأفعال المنسوبة إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث من أوصاف أخرى، فإن سائر ما تثيره النيابة العامة في أسباب طعنها يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.