الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 ديسمبر 2023

الطعن 548 لسنة 36 ق جلسة 18 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 53 ص 522

جلسة 18 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

----------------

(53)

الطعن رقم 548 لسنة 36 القضائية

أندية رياضية - انتخاب مجالس الإدارة - شروط العضوية - المؤهل العلمي.
المواد 1، 4، 19، 72، 78 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة معدلاً بالقانون رقم 51 لسنة 1978.
لجهة الإدارة تحديد الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجالس إدارة الأندية الرياضية - من بين هذه الشروط شرط المؤهل العلمي - لا تثريب على الإدارة إن هي اشترطت المؤهل العالي بالنسبة لبعض الأندية ومؤهلات أدنى بالنسبة للأندية محدودة الأعضاء متواضعة الإمكانيات بالنسبة للمستوى التعليمي للأعضاء - أساس ذلك: أن تحديد هذا الشرط يكون في إطار الغايات المستهدفة لتوجيه الشباب في ضوء الواقع وما تسفر عنه التجربة والنتائج والأهداف لمختلف الأندية الرياضية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 21/ 12/ 1992 أودع الأستاذ/ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 548 لسنة 39 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "دائرة منازعات الأفراد والهيئات "ب" بجلسة 10/ 12/ 1992 في الدعوى رقم 8403 لسنة 46 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن - لما أورده من أسباب في تقرير طعنه بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ووقف القرار المطعون فيه ثم الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
قدم السيد المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من يناير سنة 1993 ثم تأجل نظره لجلسة 10 من يناير 1993 وبهذه الجلسة قررت الدائرة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17 من يناير سنة 1993 وصرحت المحكمة بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أربعة أيام والمدة مناصفة بين طرفي الخصومة تبدأ بالطاعن، وبالجلسة المذكورة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلستها المعقودة في ذات اليوم (17/ 1/ 1993) وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 18/ 1/ 1993 في جلسة تعقد ابتداءً من الساعة الثانية والنصف ظهراً وبالجلسة المحددة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 8403 لسنة 46 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 1/ 9/ 1992 وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 470 لسنة 1992 فيما تضمنته المادة 38/ 3 منه والتي اشترطت الحصول على مؤهل عال للترشيح لرئاسة وعضوية مجلس إدارة الأندية التي يزيد عدد الأعضاء العاملين بها عن ألفي عضو مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال بياناً لدعواه إنه نشأ لاعباً بنادي الترسانة الرياضي منذ عام 1957 وقد كان عضواً بالفريق الدولي للمصارعة حتى عام 1969 وعمل إدارياً ورئيساً لأكثر من بعثة رياضية مثلت مصر في الخارج، ورشح نفسه لأكثر من مرة لعضوية مجلس إدارة نادي الترسانة الرياضي وفاز بهذه العضوية بأغلبية ساحقة مما يشهد على جدارته وكفاءته، وقد صدر قرار المدعى عليه الأول رقم 470 لسنة 1992 متضمناً نظاماً جديداً للأندية الرياضية وإلغاء النظام السابق الصادر بالقرار رقم 268 لسنة 1978 ونصت المادة (38) من النظام الجديد على الشروط اللازمة للترشيح لرئاسة وعضوية مجلس إدارة الأندية الرياضية وجاء في البند (ثالثاً) منها أن يكون المرشح حاصلاً على مؤهل عال بالنسبة للترشيح لعضوية ورئاسة الأندية التي يزيد عدد الأعضاء والعاملين بها على ألفي عضو، وينعى المدعي على هذا البند مخالفته لأحكام وروح القانون للأسباب الآتية: -
أولاً: أنه لا يجوز للقرار المطعون فيه رقم 470 لسنة 1992 أن يضيف أحكاماً جديدة لم يرد بها نص في القانون رقم 77 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 لا سيما إذا كانت هذه الأحكام تفرض قيوداً وأعباءاً جديدة لم يتناولها هذا القانون.
ثانياً: اشتراط القرار رقم 470 لسنة 1992 في مادته الثامنة والثلاثين بند 3 بأن يكون المرشح لرئاسة وعضوية مجلس إدارة الأندية التي يزيد عدد الأعضاء العاملين بها على ألفي عضو الحصول على مؤهل عال ليس له غاية مشروعة ولا مبرر لأنه ليس من المعقول أن تكون شروط العضوية بالنوادي الاجتماعية والرياضية أكثر تشدداً من العضوية بالهيئات السياسية (رئاسة الجمهورية - عضوية مجلس الشعب والشورى - الوزراء) فإنه لم يشترط للعضوية بها أو لشغل هذه المناصب العامة رغم خطورتها الحصول على مؤهل عال وإنما اكتفى فقط بشرط الإلمام بالقراءة والكتابة، وأن هذا الشرط لم يسبق النص عليه في الأنظمة السابقة - ثالثاً: أن هذا الشرط في غير محله لأن طبيعة النشاط الرياضي أو الاجتماعي ليس نشاطاً مهنياً حتى يتطلب فيه الحصول على مؤهل عال لأن إدارة الأندية الرياضية تستلزم الدراية بالنشاط الرياضي وهذا لا يتحقق في العديد من حملة المؤهلات العليا - رابعاً: هذا الشرط غير ديمقراطي لأنه يصادر إرادة الناخبين من أعضاء الجمعية العمومية ويقيدها بقيود تحد من نطاقها إذ أن أغلبية الناخبين غير حاصلين على مؤهل عال وفي ضوء هذا الشرط يغلق السبيل أمامهم لمباشرة حقهم في الترشيح والانتخاب وهو حق مقرر بالدستور ولا يجوز مصادرته وأنه طالما أن النادي هيئة مستقلة ومشهرة ولها الشخصية الاعتبارية فإن أعضاء جمعيته العمومية هم السلطة العليا فيه وأصحاب الحق في اختيار من يمثلهم في مجلس الإدارة ويكون اشتراط شروط تحد من حقهم في الترشيح الذي كفله القانون يجعل هذه الشروط غير مشروعة. خامساً: أن هذا الشرط ينطوي على التحايل على أحكام القضاء الإداري النهائية واجبة النفاذ والتي قضت بوقف تنفيذ وإلغاء القرارات التي استبعدته مرة من المرشحين لعضوية مجلس الإدارة وأسقطت عضويته بالمجلس مرة أخرى بعد أن فاز في الانتخابات بأغلبية ساحقة مما يصم اللائحة المطعون فيها بعيب الانحراف التشريعي لأنها لم توضع لمقابلة احتياج تتطلبه المصلحة العامة وإنما وضعت لتحقيق غرض غير مشروع وهو حرمان البعض من حقهم الطبيعي في المشاركة في إدارة ناديهم. سادساً: أن هذا الشرط مشوب بعيب عدم الدستورية لما ينطوي عليه من المساس بمبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة والحق في الترشيح والانتخاب وجميعها مقررة بالدستور. سابعاً: أن القرار المطعون فيه يكيل بكيلين إذ يشترط في عضو مجلس إدارة النادي الذي يزيد عدد أعضائه عن 2000 عضو أن يكون حاصلاً على مؤهل عال بينما لا يشترط ذلك بالنسبة لعضو مجلس إدارة النادي الذي لا يزيد عدد أعضائه عن 2000 عضو وذلك دون مبرر أو مقتضى لأن عدد الأعضاء ليس له علاقة بمؤهل عضو مجلس الإدارة ولو ارتبط شرط المؤهل العالي بمرحلة سنية للأعضاء كأن يكون مؤهل عضو مجلس إدارة نادي الطلائع أو الأطفال يختلف عن مؤهل عضو مجلس إدارة نادي الشباب أو مجلس إدارة نادي الكبار لجاز القول بأن التفرقة لها ما يبررها أما التفرقة على أساس عدد الأعضاء فلا يصح أن يكون أساساً - للتفرقة مما يجعل القرار المطعون فيه معيباً ومخالفاً للقانون ويبعده عن مفهوم العدالة، وأنه لما كان سيترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه إلحاق أضرار جسيمة به يتعذر تداركها بصفته عضو مجلس إدارة نادي الترسانة وغير حاصل على مؤهل عال مما يجعل بقاءه بمجلس الإدارة مهدداً وعدم تمكينه من ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة التي تحدد موعد إجرائها في شهر يناير سنة 1993، ومن ثم أقام دعواه للحكم له بطلباته.
وبجلسة 10 من يناير سنة 1992 صدر الحكم المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب التدخل المقدم من عادل محمد إسماعيل بجلسة 26/ 11/ 1992 م أمام المحكمة أنه لما كان طالب التدخل عضواً بنادي الترسانة وكذا المدعي عضواً في ذات النادي ويهم طالب التدخل أن يكون ممثله في عضوية مجلس الإدارة من الحاصلين على مؤهل عال فمن ثم يكون له مصلحة في تدخله ويتعين والحالة هذه القضاء بقبول تدخله خصماً منضماً للمدعى عليه الأول. وفي مقام بحث مدى توافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قالت المحكمة إن مفاد نص المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة والمعدلة بالقانون رقم 51 لسنة 1978 أن المشرع فوض الجهة الإدارية المختصة في وضع الأنظمة الأساسية النموذجية الخاصة بالهيئات الخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 سالف الذكر وحدد لها البيانات الواجب إدراجها في هذه الأنظمة وخولها وضع الشروط الواجب توافرها في عضوية هذه الهيئات ومجالس إدارتها، ونفاذاً لذلك صدر القرار المطعون فيه ناصاً في المادة الثامنة والثلاثين فقرة ثالثاً على اشتراط الحصول على مؤهل عال بالنسبة للترشيح لعضوية ورئاسة مجلس إدارة الأندية الرياضية وقد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون آنف البيان ولم يثبت من الأوراق أن جهة الإدارة أساءت استعمال سلطتها في إصداره مما يرجح معه والحالة هذه عدم إلغائه عند الفصل في طلب الإلغاء ويتخلف بذلك ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، ولا ينال من ذلك ما ورد بدفاع المدعي بأن هذا الشرط يعد مخالفاً لمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات الذي كفله الدستور فهذا القول غير صحيح لأن مبدأ المساواة في الحقوق بين المواطنين لا يعني المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية لأن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة محددة للمراكز القانونية التي يتساوى فيها الأفراد أمام القانون ولا يعد إخلالاً بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق. أما وقد ثبت تخلف ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ فمن ثم يتعين القضاء برفضه دون ثمة حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: - أنه لا يجوز للقرار المطعون فيه أن يضيف أحكاماً جديدة لم يرد بها نص في القانون رقم 77/ 1975 معدلاً بالقانون رقم 51 لسنة 1978 - لا سيما إذا كانت هذه الأحكام تفرض قيوداً وأعباء جديدة لم يتناولها هذا القانون. ثانياً: أن الشرط الوارد في البند 3 من المادة 38 من القرار المطعون فيه ليس له غاية مشروعة ولا مبرر له لأنه ليس من المقبول أن تكون شروط العضوية بالنوادي الرياضية والاجتماعية أكثر تشدداً من العضوية بالهيئات السياسية (رئاسة الجمهورية - عضوية مجلس الشعب والشورى - الوزراء) إذ لم يشترط لشغلها رغم خطورتها الحصول على مؤهل عال. ثالثاً: أن هذا الشرط في غير محله لأن طبيعة النشاط الرياضي أو الاجتماعي ليس نشاطاً مهنياً حتى يتطلب فيه الحصول على مؤهل عال لأن الإدارة الرياضية تستلزم الدراية بالنشاط الرياضي وهذا لا يتحقق في العديد من حملة المؤهلات العليا. رابعاً: هذا الشرط غير ديمقراطي لأنه يصادر إرادة الناخبين من أعضاء الجمعية العمومية ويقيدها بقيود تحد من نطاقها لأن أغلبية الناخبين غير حاصلين على مؤهل عال، وهذا الشرط يغلق السبيل أمامهم لمباشرة حقهم في الترشيح والانتخاب وهو حق مقرر بالدستور ولا تجوز مصادرته، وأعضاء الجمعية العمومية للنادي هم السلطة العليا فيه وأصحاب المصلحة في اختيار ممثليهم في مجلس الإدارة. خامساً: هذا الشرط ينطوي على التحايل على أحكام القضاء الإداري النهائية واجبة النفاذ والتي قضت بوقف تنفيذ وإلغاء القرارات التي استبعدت الطاعن مرة من المرشحين لعضوية مجلس إدارة النادي وأسقطت عضويته بالمجلس مرة أخرى بعد فوزه في الانتخابات بأغلبية ساحقة مما يصم اللائحة المطعون فيها بعيب الانحراف التشريعي لأنها لم توضع لمقابلة احتياج تتطلبه المصلحة العامة وإنما وضعت لتحقيق غرض غير مشروع وهو حرمان البعض من حقهم الطبيعي في المشاركة في إدارة ناديهم بما لا يجوز أن يتم بتشريع يبدو في ظاهره الحق وبباطنه الباطل. سادساً: هذا الشرط مشوب بعيب عدم الدستورية لما ينطوي عليه من المساس بمبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة والحق في الترشيح والانتخاب وجميعها مقررة بالدستور. سابعاً: أن القرار المطعون فيه بهذا الشرط يكيل بكيلين حين ميز بين الأندية التي يزيد عدد أعضائها على 2000 عضو فاشترط الحصول على مؤهل عال في عضو مجلس الإدارة على حين لا يتطلب هذا الشرط فيها لو قل عدد أعضاء النادي عن 2000 عضو وليس لهذه التفرقة ما يبررها فلو اشترط القرار المؤهل العالي وربطه بمرحلة سنية وميز بين نادي الطلائع والأطفال وبين نادي الشباب ونادي الكبار لجاز القول بأن التفرقة لها ما يبررها أما اتخاذ عدد الأعضاء فهو ليس أساساً سليماً ولا منطقياً للتفرقة مما يجعل القرار المطعون فيه معيباً ومخالفاً للقانون ويبعده عن مفهوم العدالة.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا بتحقق ركنين: الأول: الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها الحكم بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وهو موطن الخلاف بين الحكم المطعون فيه والطعن الماثل - كما نصت المادة (9) على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية.
وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد مع تأكيد هذا الطابع وتنميته في العلاقات داخل المجتمع المصري - كما نصت المادة العاشرة من الدستور الدائم على أن "تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، وترعى الناشئ والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
كما نصت المادة (11) على أن تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية.
وقضت المادة (12) على أن يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة، وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب والحقائق العلمية والسلوك الاشتراكي والآداب العامة وذلك في حدود القانون.
وتلتزم الدولة باتباع هذه المبادئ والتمكين لها - ونصت المادة (16) على أن تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام رفعاً لمستواها.
ونصت المادة (55) على أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري ونصت المادة (56) على أن إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي يكفله القانون وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية وفي رفع مستوى الكفاية........ إلخ - وهي ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم وفقاً لمواثيق شرف أخلاقية وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها.
كما نصت المادة (62) على أن للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني.
ومن حيث إنه بمراعاة المبادئ والأسس الدستورية العامة سالفة البيان فقد نظم المشرع الهيئات الخاصة للشباب والرياضة فنصت المادة الأولى من القانون رقم 77 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة على أن تعتبر هيئة أهلية عاملة في ميدان رعاية الشباب والرياضة في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين لا تستهدف الكسب المادي ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويحية في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذي يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة وتنص المادة (4) من ذات القانون على أنه "للجهة الإدارية المركزية المختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون تعتمد بقرار من الوزير المختص وتشتمل على البيانات الآتية: أ - .... ب - .... جـ - .... د - طريقة تشكيل مجلس الإدارة بالانتخاب أو بالتعيين في بعض الهيئات ذات الطبيعة الخاصة والشروط الواجب توافرها في أعضائه وعددهم وطرق إنهاء عضويتهم واختصاصات المجلس ومدته وإجراءات دعوته للانعقاد وصحة اجتماعاته وصحة قراراته. (د) ..... وتنص المادة (19) من القانون على أن "تباشر الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة أوجه نشاطها في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط المقرر وقرارات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة. ولها في سبيل ذلك أن تتخذ كافة الوسائل والسبل التي تراها لتحقيق أهدافها. "وتنص المادة (72) على أن: النادي الرياضي هيئة تكونها جماعة من الأفراد بهدف تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة من النواحي الاجتماعية والصحية والنفسية والفكرية والروحية عن طريق نشر التربية الرياضية والاجتماعية وبث روح القومية بين الأعضاء من الشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم. وكذلك تهيئة الوسائل وتيسير السبل لشغل أوقات فراغ الأعضاء. وذلك كله طبقاً للتخطيط الذي تضعه الجهة الإدارية المركزية. "وتنص المادة (78) من القانون على أنه "يجب على المسئولين بالنادي دعم القيم الدينية والاهتمام بالرعاية الصحية والاجتماعية والقومية للاعبين.....".
وقد أبانت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 77 لسنة 1975 عن الهدف من صدوره وإلغاء القانون السابق رقم 41 لسنة 1972 فقالت "لما كانت نصوص القانون رقم 41 لسنة 1972 لم تواجه احتياجات الشباب المتطلع إلى مستقبل أفضل أو تلاحق التطور في الحياة الاجتماعية والرياضية وكذلك لم تبرز معاني رعاية الشباب بمفهومها الحديث والتي تعرف بأنها خدمات أو عمليات ومجهودات منظمة ذات صبغة وقائية وإنشائية وعلاجية تؤدى للشباب وتهدف إلى مساعدتهم كأفراد أو جماعات لتكوين شخصيتهم وتنمية ملكاتهم وقدرتهم على تحمل المسئولية والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع واقتصاده مع تحليهم بالقيم الروحية والشعور القومي. ولا شك أن دستور جمهورية مصر العربية يشير إلى هذه المعاني في مادته العاشرة. ولا شك أن هذه الرعاية بنص المادة العاشرة المشار إليها تعتبر واجباً أصيلاً من واجبات الدولة كما أنها تشكل مصلحة عامة تقتضيها حمايتها والحفاظ عليها لتعلقها بصالح الشباب وصالح المجتمع وصالح الوطن، ولذلك أوجدت الدولة جهة اختصاص تمثلها في مجال رعاية النشئ والشباب وتكون مسئولة عن وضع السياسة العامة والتخطيط ومتابعة التنفيذ وهو ما أوضحه القرار الجمهوري رقم 1330 لسنة 1973 ومن بعده القرار الجمهوري رقم 497 لسنة 1979 بشأن المجلس الأعلى للشباب والرياضة فإن هذا المجلس يهدف إلى تكوين شخصية المواطن بصورة متكاملة من النواحي الرياضية والصحية والنفسية والاجتماعية والفكرية والروحية والقومية ويتولى بواسطة أجهزته المركزية والمحلية وبالتعاون مع سائر الأجهزة المعنية برعاية الشباب والرياضة رسم السياسة والخطط والبرامج العامة على المستوى القومي في كافة مجالات النشاط الشبابي والرياضي في إطار السياسة العامة للدولة ومباشرة تنفيذ المشروعات ذات الطابع القومي والمشروعات الجديدة التجريبية في مجال الشباب والرياضة. ومتابعة وتقييم ما يقرر المجلس تنفيذه من أنشطة في مختلف الأجهزة والهيئات الأهلية والحكومية والقطاعات والمستويات وهذا الجهاز الإداري المختص على قمته بالضرورة رئيس مسئول دستورياً عن ميدان رعاية الشباب أمام رئيس الجمهورية ومجلس الشعب ومن ثم يلزم إعطاؤه جميع الصلاحيات والوسائل للتأكد من أداء الخدمات للشباب طبقاً للسياسة العامة للدولة والتخطيط المقرر وحماية الرعاية - وهي واجب من أهم واجبات الدولة تتولاه أجهزة حكومية وأهلية - من أي انحراف وصونها وهي في نفس الوقت مصلحة عامة من أي إخلال أو إضرار يلحق بها، ولهذه الاعتبارات رؤي إعداد مشروع القانون ليتمشى مع نص الدستور والقرارين الجمهوريين المشار إليهما ويلاحق التطور في حياتنا الاجتماعية والرياضية ويبرز معاني الرعاية بمفهومهما الواسع مع تأكيد عناصر نجاحها من ضرورة التخطيط العلمي السليم والجديد في التنفيذ وكفاءة الأداء ورقابة فعالة في إطار مبدأ الجمع بين حرية القطاع الأهلي ممثلاً في الهيئات الأهلية العاملة في ميدان رعاية الشباب في العمل بوسائلها الخاصة وبين حق الدولة في الرقابة والإشراف بما يكفل تحقيق السياسة العامة والتخطيط في مجال الرعاية.
ومن حيث إن المشرع قد خول للجهة الإدارية في المادة الرابعة بقرار يصدر من الوزير المختص أن يحدد طريقة تشكيل مجالس إدارات الأندية والشروط الواجب توافرها في أعضاء المجلس وذلك في ضوء الغايات المستهدفة من القطاعات التي تخضع لهذا القانون آنفة البيان وبالتالي متى كان هدف الجهة الإدارية من تحديد الشروط المتطلبة في أعضاء مجالس إدارات الأندية هو تحقيق الاحترام والرعاية للمبادئ الدستورية العامة الحاكمة لإنشاء الجمعيات بجميع أنواعها وبينها النوادي والاتحادات الرياضية سواء من حيث قيامها على أساس ديمقراطي وليس بطريق التعيين من الجهات الإدارية، وحريتها في مباشرة أنشطتها في خدمة المجتمع في إطار أحكام القانون ولتحقيق غايات المصلحة العامة المستهدفة من وجودها من حيث تربية النشئ وتنمية قدراتهم البدنية وملكاتهم العقلية والروحية مع حماية الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيها من قيم وتقاليد، ورعاية دور المرأة المصرية ورعاية الأخلاق الرفيعة للإنسان والمجتمع المصري وزرع وتعميق حق الوطن والولاء له والقيم الدينية والأخلاقية الرفيعة من خلال الخدمة الاجتماعية والثقافية والترويحية التي تقوم عليها النوادي والاتحادات الرياضية وتكون مسئولة عن تحقيقها وتنفيذها ورعايتها لمجالس إدارتها وفقاً للقانون الخاص بهذه المنظمات واللوائح التنفيذية له فليس ثمة قيد يحد من سلطتها التقديرية في تحديد تلك الشروط وطبيعتها وملاءمة صدورها سوى ما يشكل خروجاً على الغايات التي حددها الدستور وأغراض القانون من النوادي والاتحادات الرياضية قانوناً وفي ضوء من الأغراض المبتغاة من هذا القانون وفي إطار الغايات الرفيعة لتربية وتوجيه النشأ والشباب التي حددها الدستور والسالف ذكرها ويتفرع عن ذلك أنه إذا ما قدرت الجهة الإدارية في ضوء من الواقع وما أسفر عنه وجه التجربة وفي ضوء من تقييم النتائج والأهداف التي حققتها مختلف الأندية الرياضية العاملة في هذا المجال أن الوسيلة المثلى لتحقيق الرعاية المتكاملة للشباب والنشئ هي الارتقاء بالمستوى التعليمي وبالتبعية المستوى الثقافي لأعضاء مجلس إدارة الأندية وأنهم الأقدر على تحقيق أفضل رعاية ممكنه للنشئ والشباب والأسر المصرية في هذه النوادي فلا تثريب عليها في ذلك أن تجعل الحد الأدنى لمن يشغل عضوية مجلس الإدارة الحصول على أحد المؤهلات العليا، ولا جناح على الإدارة كذلك إن هي قدرت أن ثمة أندية محدودة في عدد أعضائها، فقيرة في الأعداد التي تقوم على خدمتها متواضعة الإمكانيات سواء في الأفراد الآتي بيانها أو في مستوى تعليمهم وتأهيلهم نسبياً عن الأندية الكبرى مما يدعوها لظروفها، أن تقعد عن المشاركة في البطولات، هذه الأندية تقعد بها وسائلها عن مسايرة الإمكانيات المتاحة لمثيلتها الغنية في كل شئ، فلا جناح على الإدارة إن استثنت هذه الأندية الأصغر والأقل قدرة وإمكانيات بشرية وغيرها لأداء غاياتها ووسائلها بمعيار موضوعي يقوم على عدد أعضائها الذي يقل عن ألفي عضو من شرط الحصول على مؤهل عال كشرط لعضوية مجلس إدارتها ولا مظنة تحكم منها وتحديد العدد المشار إليه متى كان مضطرداً العمل به في غير هذا المجال ولا يعتبر عسف بل يكون هو المعيار العام في مجال هذا التحديد للنوادي الكبرى وتلك الأصغر وأن أشفع بضرورة توافر مثل هذا الشرط في شاغلي وظيفة رئيس مجلس الإدارة ومن هنا لا تنعقد المقارنة بل تغدو ظالمة في ضوابطها وفي الاستشهاد بها حين القياس على الشروط المتطلبة في أعضاء مجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية أو الوزير..... إلخ فالمشرع حين لم يتطلب شرط المؤهل العالي في مثل تلك الصلاحيات إنما صدر عن فلسفة مؤداها في حالة مجلس الشعب أن أعضاء مجلس الشعب إنما يمثلون جماهير الشعب على كافة طوائفها من صناع وزراع ومعلمين وأطباء ومهندسين وحرفيين..... إلخ - فقدر لهذه الفئات بما لديها من دوافع ومصالح قد تبدو متناقضة ومتعارضة أن تختار ممثليها من البرلمان حتى يكون لها صوت مدافع عن هذه المصالح ويصبح ممثل الشعب بعد انتخابه مؤدي خدمة مفروضة عليه بحكم الدستور والقانون وبحكم تمثيله سياسياً للأمة كلها ويتقاضى المقابل عن أداء هذه الخدمة وأن من أسس النظام الحاكم قيامه على التمثيل الأعم الأسهل في الأجهزة الحاكمة في سلطات الدولة المختلفة التي تشكل بالانتخاب العام والذي أقامه الدستور على أساس أن السيادة للشعب وحده بجميع أفراده أياً كان مستواهم أو تأهيلهم وبمجرد توفر صفة المواطن سياسياً فيهم لأنهم جميعاً مصدر السلطات التي يمارسها الشعب ويحميها طبقاً لصريح نص المادة (3) من الدستور ولذلك وبناءً على هذا التأصيل فإن لكل مصري بحكم مجرد المواطنة السياسية حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء في المجال السياسي وفقاً لأحكام الدستور والقانون لأن مساهمته في الحياة السياسية والعامة واجب وطني وهي لا بد أن ينظمها المشرع بالقانون على هذا الأساس كما أن كل مواطن عليه واجب هذه المساهمة والإسهام في الحياة ويؤكد هذا النظر من حيث التفرقة بين تنظيم شروط من يتولى المساهمة في العمل السياسي وأجهزة وسلطات الحكم ومن يقوم بعمل خدمي بصورة تطوعية أن المشرع في أنظمة العاملين المدنيين في الجانب الإداري والفني للخدمة يشترط توافر المؤهلات العليا وغيرها التي تمكن شاغلي الوظيفة من أداء أعمالها وخدمة الشعب بكفاءة فنية وإدارية بما يحقق الصالح العام في حين أن عضو مجلس إدارة النادي إنما يؤدي خدمة تطوعية في المجال الاجتماعي في جمعية خدمية متطورة تكون بالطريق الديمقراطي لخدمة الشباب والرياضة ينبغي أن يكون قادراً على أدائها وأن يتوافر له أفضل الخبرات اللازمة لأداء هذه الخدمة في ضوء الغاية من رعاية الشباب في مختلف النواحي الصحية والفكرية والأمنية والرياضية على ما سلف بيانه وهذه خدمة تطوعية واجتماعية تختلف تماماً عن الواجب الوطني القومي والدستوري في الإسهام في الحياة السياسية والعامة ومن ثم يكون من الطبيعي اشتراط المؤهل العالي في أعضاء مجلس إدارة الأندية بحكم ما وسد إليهم تحقيقه من أهداف لا يتحدى بشأنها أن يكون عضو مجلس الإدارة بارعاً في إحدى الرياضيات فذلك لا يعفي أعضاء مجلس الإدارة من الاستعانة بأحد المدربين على أن يتفرغوا هم بحكم تعليمهم العالي وما يستتبعه من ثقافة واسعة الأفق لحسن الإدارة والتنظيم.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 470 لسنة 1992 قد اشترط في المادة 38/ 3 منه في عضو مجلس إدارة الأندية التي يزيد عدد أعضائها عن ألفي عضو أن يحصل على مؤهل عال قد صدر لتحقيق الغايات المرجوة من تلك الأندية على ما أنيط بها في القانون آنف الذكر ولم يقم ثمة دليل من الأوراق ولم يقدم الطاعن ما يفيد أن القصد من وراء صدوره هو حرمانه بذاته من الدخول في انتخابات نادي الترسانة ومن ثم يكون قراراً سليماً متفقاً وأحكام القانون ولا يطعن عليه ومن ثم يتخلف ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ اللازم توافره، لإجابة هذا الطلب.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يخالف النظر المتقدم وقضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن المقام بشأنه وإلزام الطاعن المصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2308 لسنة 36 ق جلسة 16 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 52 ص 513

جلسة 16 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي ومحمد عبد الحميد مسعود - المستشارين.

---------------

(52)

الطعن رقم 2308 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تسوية حالة - شهادة مركز التدريب المهني بالقوات المسلحة - تشغيل معادن - القانون رقم 72 لسنة 1974 بتقييم الشهادات العسكرية المتوسطة وفوق المتوسطة - المادة الخامسة من القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام.
حدد المشرع الفئة (180 - 360) لحملة الشهادات العسكرية المتوسطة المنصوص عليها في الجدول الثاني المرافق للقانون رقم 72 لسنة 1974 والتي يتم الحصول عليها بعد شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو الإعدادية أو ما يعادلها - من بين هذه الشهادات شهادة مركز تدريب مهني القوات المسلحة - اشتراط المشرع لتسوية حالة الحاصلين على هذا المؤهل وجوب حساب مدة الدراسة المستمرة دون إجازات على أساس كل ثمانية شهور سنة كاملة طبقاً لنص المادة (6) من القانون رقم 11 لسنة 1975 بحيث يكون شرط انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الالتحاق بالمنشأة التعليمية العسكرية متحققاً متى قضى العامل سنتين (24) شهراً بالمنشأة التعليمية وكانت الدراسة بها مستمرة دون إجازات - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4/ 8/ 1990 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2308 لسنة 36 ق عليا. في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات" بجلسة 6/ 6/ 1990 في الطعن رقم 315/ 16 ق. س المقام من محمد عبده السيد ضد وزير الدفاع بصفته والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقريره الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوصفه على الفئة (180/ 360 ج) اعتباراً من 17/ 2/ 1966 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن وانتهت للأسباب الواردة فيه إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى رقم 294/ 29 ق وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوصفه على الفئة (180/ 360 ج) اعتباراً من 17/ 2/ 1966 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23/ 3/ 1992.
وبجلسة 13/ 7/ 1992 قررت إحالته للدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسة 31/ 10/ 1992 و28/ 11/ 1992 وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 7/ 1982 أقام المدعي محمد عبده السيد الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق ضد وزير الدفاع والإنتاج الحربي بصفته أمام المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع ابتغاء الحكم بتسوية حالته بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة المخفضة إلى 17/ 2/ 1966 تاريخ تخرجه من مركز التدريب والتحاقه بالعمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وذلك على سند من القول بأنه من العاملين المدنيين بالقوات المسلحة بوزارة الدفاع - وقد عين في 17/ 2/ 1966 على الفئة التاسعة (162/ 360) إثر تخرجه من مركز التدريب المهني (تشغيل معادن وتسليح) بالقوات المسلحة بعد دراسة وتدريب لمدة 24 شهراً متصلة وكان قد التحق بهذا المركز بعد حصوله على الشهادة الإعدادية وبصدور القانون رقم 72/ 1974 تمت تسوية حالته بوصفه على الفئة (180/ 360) مع بدء التعيين الحاصل في 17/ 2/ 1966 وأنه من مقتضى تطبيق أحكام القوانين أرقام 83 لسنة 1973، 11 لسنة 1975، 135 لسنة 1980 وتعديلاتها أن تتم تسوية حالته بوضعه على الدرجة السادسة المخفضة من تاريخ بدء التعيين باعتبار أن المادة السادسة من القانون رقم 11 لسنة 1975 قد انتهت إلى احتساب مدة الدراسة والتدريب المتصلة لمدة ثمانية أشهر سنة كاملة وقد انتهى الكتاب الدوري رقم 1 لسنة 1976 الصادر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة إلى احتساب مدة التدريب التي يمضيها حملة الإعدادية في مراكز التدريب المهني ومقدارها 24 شهراً متصلة واعتبارها ثلاث سنوات كاملة غير أن جهة الإدارة تجاوزت هذا النظر الصحيح وتطلبت أن تمضي ثلاث سنوات كاملة من تاريخ الالتحاق بمركز التدريب ليستحق المدعي الدرجة السادسة المخفضة في 17/ 2/ 1967 وليس في 17/ 2/ 1966 تاريخ تخرجه من مركز التدريب والالتحاق بالخدمة بعد قضاء 24 شهراً متصلة في مركز التدريب.
وبجلسة 20/ 12/ 1983 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن مفاد نص المادة الرابعة من القانون رقم 72/ 1974 والمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1975 أنه يشترط للحصول على إحدى الشهادات الواردة بالجدول رقم (2) المرفق بالقانون رقم 72 لسنة 1974 ومنها شهادة مركز التدريب المهني الحاصل عليها المدعي قضاء فترة دراسية تعادل في مجموعها ثلاث سنوات إذا كانت مدة الدراسة أقل من ثلاث سنوات وأنه طبقاً لذلك يتعين عند تسوية حالة المدعي بالمؤهل المذكور اعتباره شاغلاً للفئة المقررة لهذا المؤهل بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ الالتحاق بالمنشأة التعليمية التي حصل منها على المؤهل المشار إليه أي قضاء فترة التدريب بنجاح ويليها قضاء مدة مكملة لتعادل في مجموعها ثلاث سنوات ميلادية خدمة حسنة ولا يسوغ القول بأن مدة الدراسة البالغة 24 شهراً تعادل ثلاث سنوات لأن المشرع حدد شروطاً لمنح المؤهل فئة مالية معينة.
وبتاريخ 15/ 2/ 1984 أودع المدعي قلم كتاب محكمة القضاء الإداري - بوصفها هيئة استئنافية - عريضة طعن في الحكم المشار إليه قيد برقم 315 لسنة 16 ق س ابتغاء الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع بجلسة - 20/ 12/ 1983 والقضاء له للأسباب التي أوردها بعريضة الطعن - بالطلبات الواردة بعريضة دعواه الأصلية برد أقدميته في الدرجة السادسة المخفضة إلى 17/ 2/ 1966 تاريخ تخرجه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 6/ 6/ 1990 قضت محكمة القضاء الإداري - بهيئة استئنافية - بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات - وأقامت المحكمة قضاءها بعد استعراض نص المادتين 3، 4 من القانون رقم 72 لسنة 1974 وكذلك نص المادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام - على أنه يتعين للحصول على إحدى الشهادات الواردة بالجدول رقم (2) المرفق بالقانون رقم 72 لسنة 1974 قضاء حاملها فترة دراسية بالمنشأة التعليمية العسكرية بنجاح ثم قضاء مدة تدريب ومدة مكملة لها تعادل في مجموعها ثلاث سنوات خدمة حسنة إذا كانت مدة الدراسة أقل من ثلاث سنوات ونظراً لأن الطاعن حاصل على شهادة مركز التدريب المهني - تشغيل معادن - وهي الشهادة التي يمنحها أحد مراكز التدريب بعد دراسة مدتها أربعة وعشرون شهراً وبالتالي فإنه يتعين عند تسوية حالته اعتباره شاغلاً للفئة المقررة لذلك المؤهل بعد مضي ثلاث سنوات ميلادية من تاريخ التحاقه بالمنشأة التعليمية التي حصل منها على هذه الشهادة بحسبان أن المشرع عندما قرر منح المؤهل قصد انقضاء ثلاث سنوات ميلادية خدمة حسنة من تاريخ الالتحاق بالمنشأة العسكرية وهو ما لا يتوافر في جانب الطاعن.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله فضلاً على مخالفته لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ذلك لأن المشرع قد حدد الفئة (180/ 360) لتعيين حملة الشهادات العسكرية المتوسطة المنصوص عليها في الجدول الثاني المرافق للقانون رقم 72/ 1974 والتي يتم الحصول عليها بعد شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو الإعدادية أو ما يعادلها ومن بين تلك الشهادات شهادة مركز تدريب مهني القوات المسلحة واشترط المشرع لتسوية حالة العاملين وفقاً للمؤهل العسكري توافر عدة شروط حددتها المادة الرابعة من القانون سالف الذكر والمادة العاشرة من القانون رقم 11/ 1975 ومن بين هذه الشروط انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الالتحاق بالمنشأة التعليمية العسكرية التي تمنح هذه الشهادات بمراعاة ما نصت عليه الفقرة "ب" من المادة العاشرة من القانون رقم 11/ 1975 وحددت حساب مدة الدراسة المستمرة دون إجازات على أساس كل ثمانية شهور سنة كاملة وفق ما نصت عليه المادة 6 من القانون رقم 11/ 1975 بحيث يكون شرط انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الالتحاق بالمنشأة التعليمية متحققاً متى قضى العامل مدة سنتين (24 شهراً) بالمنشأة التعليمية وكانت الدراسة مستمرة بها دون إجازات، ونظراً لأن مدة الدراسة بالمركز المشار إليه 24 شهراً متصلة دون إجازات ومن ثم يتعين عند تطبيق أحكام القانونين رقمي 72/ 1974، 11 لسنة 1975 على العاملين مراعاة حساب مدة الدراسة التي قضوها بالمركز على أساس كل ثمانية شهور سنة كاملة ووضع كل منهم على الفئة (180/ 360) اعتباراً من تاريخ حصولهم على الشهادة العسكرية ففي هذا التاريخ تكون اكتملت مدة الثلاث سنوات المشار إليها في المادة الرابعة من القانون رقم 72/ 1974 والمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1975 عملاً بالمادة السادسة من ذلك القانون الأخير كما تستحق الفروق المالية للمدعي عن خمس سنوات سابقة على إقامة الدعوى كأثر لذلك ونظراً لأن الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك فقد خالف أحكام القانون وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات الموضحة سلفاً.
ومن حيث إن القانون رقم 72/ 1974 بتقييم الشهادات العسكرية فوق المتوسطة والمتوسطة نص في المادة الثانية على أن تحدد الفئة الوظيفية (180/ 360) للحاصلين على الشهادات العسكرية المنصوص عليها في الجدول رقم (2) المرفق عند تعيينهم في الجهات المشار إليها في المادة (1) ونص في المادة الرابعة على أنه يشترط لحصول الفرد على إحدى الشهادات المبينة في الجدول رقم (2) المرفق ما يأتي: 1 - أن يتطوع للخدمة بعد حصوله على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو الإعدادية العامة أو أي شهادة أخرى معادلة 2 - أن يلتحق بالمنشآت التعليمية العسكرية وتمضي ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ التحاقه بها بما في ذلك مدة الدراسة التي انتهت بنجاح مستبعداً منها مدة التقصير وأن يحصل في نهاية المدة على شهادة قدوة حسنة، ونص في المادة السادسة على أن العاملين الحاصلين على الشهادات المشار إليها الموجودين بالخدمة وقت العمل بهذا القانون في إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (1) تسوى حالتهم باعتبارهم في الفئة الوظيفية المقررة لشهادتهم من تاريخ التعيين أو الحصول على الشهادة بشرط ألا يكون هذا التاريخ سابقاً على 1/ 1/ 1973 ما لم يكونوا قد عينوا أو رقوا إلى الفئة المقررة لشهادتهم قبل ذلك.
وقد ورد بالجدول رقم (2) المرفق بالقانون رقم 72 لسنة 1974 المشار إليه شهادة مراكز تدريب مهني للقوات المسلحة من الشهادات العسكرية المتوسطة.
ومن حيث إن القانون رقم 11 لسنة 1975 بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام نص في مادته الخامسة على أن يحدد المستوى المالي والأقدمية للحاصلين على المؤهلات الدراسية على النحو الآتي: أ - ..... ب - الفئة 180/ 360 لحملة الشهادات المتوسطة التي يتم الحصول عليها بعد دراسة مدتها ثلاث سنوات تالية لشهادة إتمام الدراسة الإعدادية أو ما يعادلها. كما نصت المادة السادسة من ذات القانون على أن يدخل في حساب مدة الدراسة بالنسبة للشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة المشار إليها في المادة السابقة مدد الدراسة المستمرة دون إجازات وتحسب كل ثمانية شهور سنة دراسية كاملة ولا يعتد بأي مدة دراسية لا تعتبر سنة كاملة في تطبيق أحكام الفقرة السابقة كما تدخل في حساب مدد الدراسة المشار إليها مدة التدريب اللازمة قانوناً للحصول على المؤهل إذا كانت سابقة على الحصول عليه.
ومن حيث إن المادة العاشرة من ذات القانون نصت على أن تطبيق أحكام القانون رقم 72 لسنة 1974 المشار إليه على حملة الشهادات الواردة بالجدولين رقمي 1، 2 المرفقين بالقانون المذكور على العاملين المدنيين بالقوات المسلحة وذلك بالشروط الآتية:
أ - أن يكون التحاقهم بالمنشآت التعليمية العسكرية التي تمنح الشهادات المشار إليها بالصفة المدنية بعد الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها، أو الإعدادية العامة أو ما يعادلها.
ب - أن تنقضي من تاريخ الالتحاق بالمنشآت التعليمية العسكرية سنتان بالنسبة للحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وثلاث سنوات بالنسبة للحاصلين على الشهادات الأخرى المشار إليها في المادة الثالثة وتدخل في حساب هذه المدة - بعد استبعاد مدة التقصير - مدة الدراسة المنتهية بالنجاح وكذلك مدة الخدمة في الوظائف العسكرية أو المدنية إذا كانت مدة الدراسة أقل من سنتين أو ثلاث بحسب الأحوال.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع قد حدد الفئة (180/ 360) لتعيين حملة الشهادات العسكرية المتوسطة المنصوص عليها في الجدول الثاني المرافق للقانون رقم 72/ 1974 المشار إليه والتي يتم الحصول عليها بعد شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو الإعدادية أو ما يعادلها ومن بين هذه الشهادات شهادة مركز تدريب مهني القوات المسلحة واشترط المشرع لتسوية حالتهم وفقاً للمؤهل العسكري توافر عدة شروط حددتها المادة الرابعة من القانون سالف الذكر والمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1975 من وجوب حساب مدة الدراسة المستمرة دون إجازات على أساس كل ثمانية شهور سنة كاملة وفق ما نصت عليه المادة 6 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بحيث يكون شرط انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الالتحاق بالمنشآت التعليمية متحققاً متى قضى العامل مدة سنتين (24 شهراً) بالمنشآت التعليمية وكانت الدراسة مستمرة بها دون إجازات.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم ومتى كان الثابت أن المدعي قد حصل على شهادة مركز التدريب المهني بالقوات المسلحة (تشغيل معادن) في 17/ 2/ 1966 يعد التحاقه بالمركز المشار إليه بمؤهل الإعدادية العامة وكان الثابت أيضاً أن مدة الدراسة بهذا المركز 24 شهراً متصلة دون إجازات فمن ثم يتعين عند تطبيق أحكام القانونين رقمي 72 لسنة 1974، 11 لسنة 1975 على حالته مراعاة حساب مدة الدراسة التي قضاها بالمركز على أساس كل ثمانية شهور سنة كاملة ووصفه بالتالي على الفئة (180/ 360) اعتباراً من تاريخ حصوله على الشهادة العسكرية المشار إليها في 17/ 2/ 1966 ففي هذا التاريخ تكون قد اكتملت مدة السنوات الثلاث المشار إليها في المادة الرابعة من القانون رقم 72 لسنة 1974 والمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1975 عملاً بالمادة السادسة من ذلك القانون الأخير، كما يستحق الفروق المالية عن خمس سنوات سابقة على إقامة دعواه في 10/ 7/ 1982 إعمالاً لقاعدة التقادم الخمسي الذي تقضي به المحكمة تطبيقاً لأحكام المادة (50) من اللائحة المالية ومن ثم يستحق الفروق المالية اعتباراً من 11/ 7/ 1977 كأثر لذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حيث قضى برفض الطعن المقام من المدعي في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع والقاضي برفض دعواه لتسوية حالته الوظيفية وفق ما تقدم ومن ثم حق القضاء بإلغائه والحكم بأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه على الفئة (180/ 360) اعتباراً من تاريخ حصوله على الشهادة العسكرية في 17/ 2/ 1966 وما يترتب على ذلك من آثار واستحقاقه الفروق المالية الناجمة عن ذلك اعتباراً من 11/ 7/ 1977 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتسوية حالة المدعي بوضعه على الفئة (180/ 360) اعتباراً من 17/ 2/ 1966 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية من 11/ 7/ 1977 وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 1822 لسنة 59 ق جلسة 4 / 5 / 1989 مكتب فني 40 ق 93 ص 565

جلسة 4 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

---------------

(93)
الطعن رقم 1822 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". محكمة الإعادة. حكم "حجيته". إثبات "قرائن قانونية". قوة الأمر المقضي.
حق المدعي بالحقوق المدنية الطعن بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح. فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها.
قبول طعن المدعي بالحقوق المدنية شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة. يوجب على محكمة الإعادة بحث عناصر الجريمة وثبوتها في حق المتهم. عدم تقيدها بالقضاء السابق ولو كان الحكم في الدعوى الجنائية حاز قوة الأمر المقضي. علة ذلك؟
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية إثبات "قرائن قانونية". قوة الأمر المقضي. حكم "حجيته". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر في موضوع الدعوى الجنائية. المحاجة به تكون أمام المحاكم المدنية وليس أمام المحاكم الجنائية نفسها عند نظر الدعوى المدنية التابعة. مخالفة ذلك خطأ في القانون.
نقض الحكم للمرة الثانية. يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959.

----------------
1 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمدعي بالحقوق المدنية الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح - في الأحوال المبينة فيها - فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها، وحق المدعي بالحقوق المدنية في ذلك هو حق مستقل عن حق كل من النيابة العامة والمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومتى رفع طعنه بطريق النقض وقضى بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، كان على محكمة الإعادة أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك أثاره القانونية غير مقيدة بالقضاء السابق، ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي وإلا لعطل حق الطعن بطريق النقض المقرر للمدعي بالحقوق المدنية ولعطلت وظيفة محكمة الإعادة في شأنه إذا كان المدعي بالحقوق المدنية هو الطاعن وحده.
2 - إن المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية لا تكون - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية - إلا لدى المحاكم المدنية وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن بحث مدى توافر أركان الجريمة في حق المطعون ضدهم متقيداً بالحكم السابق صدوره بالبراءة في الدعوى الجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بما يوجب نقضه، ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم - المتهم الأول: وهو موظف عمومي ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو دفتر التصديق على التوقيعات للمحضر المصدق عليه تحت رقم 442 وذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة بالدفتر سالف البيان بيانات تخارج..... من...... وذيله بتوقيع نسبه زوراً لـ....... - المتهم الثاني: أولاً - اشترك بطريقتي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو دفتر التصديق على التوقيعات السابق بيانه وذلك بأن اتفق معه على ذلك وقدم إليه الإقرار المزور السالف بيانه فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك الاتفاق. ثانياً - اشترك بطريق الاتفاق مع مجهول في ارتكاب تزوير بطريق الاصطناع في محرر عرفي هو إقرار التخارج المؤرخ....... بأن اتفق مع المجهول وساعده على ذلك فقام الأخير باصطناع هذا الإقرار بأن حرر بياناته وشفعه بتوقيع غير صحيح نسبة زوراً لـ..... وقد تمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك الاتفاق. ثالثاً - استعمل المحرر المزور سالف البيان وهو عالم بتزويره بأن قدمه إلى السجل التجاري بالقاهرة لتعديل عقد الشركة برفع اسم....... من أسماء الشركاء. المتهم الثالث: ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو إقرار التخارج المنسوب صدوره زوراً لـ....... وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى........ عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ورثة......... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة..... قضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بدائرة أخرى قضت حضورياً برفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ورثة..... (للمرة الثانية) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواه المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه بمقولة إنه مقيد بما انتهى إليه الحكم النهائي الصادر في الشق الجنائي من تبرئة المتهمين مما أسند إليهم. على الرغم من أن محكمة الإعادة وهي بصدد نظر الشق المدني من الدعوى المرفوعة من المدعي بالحقوق المدنية غير مقيدة في ذلك بقضاء البراءة الصادر من المحكمة ذاتها بهيئة أخرى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن محكمة جنايات القاهرة قضت ببراءة المطعون ضدهم وبرفض الدعوى المدنية فطعن الطاعن المدعي بالحقوق المدنية - بطريق النقض في الحكم فيما قضى به من رفض دعواه المدنية. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد بدائرة أخرى، ومحكمة الإعادة قضت بحكمها المطعون فيه برفض الدعوى المدنية مؤسسة قضاءها على أنها مقيدة بالحكم الصادر منها ببراءة المطعون ضدهم والذي أصبح حائزاً لقوة الأمر المقضي بعدم الطعن فيه بطريق النقض من جانب النيابة العامة. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمدعي بالحقوق المدنية الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح - في الأحوال المبينة فيها - فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها، وحق المدعي بالحقوق المدنية في ذلك هو حق مستقل عن حق كل من النيابة العامة والمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية، ومتى رفع طعنه بطريق النقض وقضى بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، كان على محكمة الإعادة أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة بالقضاء السابق، ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي أن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي وإلا لعطل حق الطعن بطريق النقض المقرر للمدعي بالحقوق المدنية ولعطلت وظيفة محكمة الإعادة في شأنه إذا كان المدعي بالحقوق المدنية هو الطاعن وحده. هذا إلى أن المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية لا تكون - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية إلا لدى المحاكم المدنية وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحجب نفسه عن بحث مدى توافر أركان الجريمة في حق المطعون ضدهم متقيداً بالحكم السابق صدوره بالبراءة في الدعوى الجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بما يوجب نقضه، ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعنان 42 ، 79 لسنة 37 ق جلسة 12 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 51 ص 503

جلسة 12 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد اللطيف محمد عبد اللطيف وعلي شحاته محمد ومحمد منير جويفل ويحيى أحمد عبد المجيد - المستشارين.

----------------

(51)

الطعن رقم 42/ 79 لسنة 37 القضائية

(أ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - جزاءات تأديبية - المختص بتوقيعها.
المادتان 82 و84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام - سلطة رئيس مجلس إدارة الشركة تقف عند حد توقيع أحد الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة 82 المشار إليها - شرط ذلك: أن يكون ذلك بالنسبة لوظائف الدرجة الثالثة فما دونها فقط - نتيجة ذلك: إذا كانت المخالفة تستوجب الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة أو خفض الدرجة فيتعين عرض الأمر على المحكمة التأديبية المختصة لتوقيع أي من الجزاءات الثلاثة السابقة - تطبيق.
(ب) دعوى - تكييف الدعوى - سلطة المحكمة في التكييف.
المحكمة تتقيد في قضائها بطلبات الخصوم - المحكمة تملك تكييف هذه الطلبات التكييف القانوني السليم لكي تُنزل حكم القانون عليها لأن المحكمة لا تملك تعديل طلبات الخصوم بما تُخرج به الدعوى عن مقصود رافعها - تطبيق.
(جـ) دعوى - دعوى الإلغاء - أثر إلغاء القرار لصدوره عن سلطة غير مختصة على طلب التعويض.
لما كان الحكم المشار إليه قد خلص إلى إلغاء القرار المطعون فيه لصدوره من سلطة غير مختصة - فليس من شأن ذلك ترتيب حق للطاعن في التعويض - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13/ 10/ 1990 أودع الأستاذ أحمد محمد هيبه المحامي - بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة العامرية لتكرير البترول بالإسكندرية - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 42 لسنة 37 قضائية عليا ضد.....، وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية بجلسة 25/ 8/ 1990 في الطعن رقم 549 لسنة 31 قضائية، والذي قضى أولاً - بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للقرار الصادر بخصم يوم من أجر الطاعن لرفعه بعد الميعاد - ثانياً - بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار رقم 30 لسنة 1989 الصادر بفصل الطاعن من خدمة الشركة وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه الثاني القاضي بإلغاء القرار رقم 30 لسنة 1989 الصادر بفصل الطاعن من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وتأييد قرار الشركة بفصله، مع إلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطعن ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد بادرت هيئة مفوضي الدولة إلى إعداد تقرير بالرأي القانوني في الطعن اقترحت فيه الحكم - أصلياً - ببطلان صحيفة تقرير الطعن بعدم تمام الإعلان - احتياطياً - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/ 4/ 1992.
وفي يوم الاثنين الموافق 22/ 10/ 1990 أودع الأستاذ محمد السيد حمدون - بصفته وكيلاً عن السيد....... - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 79 لسنة 37 قضائية عليا ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة العامرية لتكرير البترول بالإسكندرية بصفته وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية بجلسة 25/ 8/ 1990 في الطعن رقم 549 لسنة 31 ق آنف الذكر، وطلب الطاعن في ختام تقرير طعن الحكم بقبوله شكلاً، وبإلغاء الحكم في الطعن رقم 549 لسنة 31 ق وكذا إلغاء الحكم برفض طلب التعويض مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
هذا وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً إلى المطعون ضده بصفته، وبعدها بادرت هيئة مفوضي الدولة إلى إعداد تقرير بالرأي القانوني في هذا الطعن رقم 79 لسنة 37 ق عليا اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وفي الطعن رقم 549 لسنة 31 قضائية: - أولاً - بقبول طلب الطاعن إلغاء قرار خصم يومين من رابته شكلاً، وفي الموضوع برفضه ثانياً - وفي طلب التعويض بأحقية الطاعن في تعويض مالي تقدره الهيئة بخمسة آلاف جنيه مصري، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/ 4/ 1992 حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 79 لسنة 37 ق عليا إلى الطعن رقم 42 لسنة 37 ق عليا آنف البيان ليصدر فيهما حكم واحد، ومن ثم تدوول نظر الطعنين على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/ 7/ 1992 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" لنظرها بجلسة 3/ 11/ 1992، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 6/ 9/ 1989 أقام السيد عادل السيد....... (المطعون ضده في الطعن رقم 42 لسنة 37 ق عليا والطاعن في الطعن رقم 79 لسنة 37 ق عليا الطعن رقم 549 لسنة 31 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية، وطلب في ختام صحيفة طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الجزائين الموقعين عليه "جزاء الخصم من الأجر وجزاء الفصل وما يترتب على ذلك من آثار، وأورد بياناً لطعنه أمام المحكمة التأديبية أنه التحق بخدمة الشركة المطعون ضدها بتاريخ 21/ 4/ 1975 وظل يؤدي عمله حتى فوجئ في 28/ 3/ 1989 بوقفه عن العمل مدة ثلاثة أشهر تنتهي في 28/ 6/ 1989، وقبل نهاية المدة تقدمت الشركة تطلب تجديد الوقف بتاريخ 12/ 6/ 1989 إلا أن المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضت في 1/ 7/ 1989 برفض الطلب وأمرت بعودته لعمله فأرسل إلى الشركة بطلب ذلك وتوجه إليها لاستلام عمله، إلا أن موظف الاستعلامات كان يخبره بأن الشركة تصرح له بإجازة وكان يسجل كل ذلك على الشركة بخطابات متوالية من محاميه وبعدها علم بتاريخ 26/ 8/ 1989 أن الشركة أصدرت قرار في 11/ 8/ 1989 بفصله من العمل وبمجازاته بخصم يومين من أجره لتغيبه عن العمل من 28/ 6/ 1989 حتى 4/ 7/ 1989، ومضى الطاعن/ عادل السيد علي حسن قائلاً أن الجزاء الموقع عليه بخصم يومين من راتبه مخالف للقانون استناداً إلى أنه لم يتغيب عن العمل وإنما كان موقوفاً عنه حتى 28/ 6/ 1989 ورفضت الشركة تسليمه العمل. كما نعى على قرار فصله مخالفته أيضاً للقانون حيث لم يعرض أمر فصله على اللجنة الثلاثية ولم يصدر منه أي خطأ أو إهمال يستوجبا فصله، وتقدم الطاعن بمذكرة بدفاعه أشار فيها إلى أن المحكمة التأديبية سبق أن أوقعت عليه عقوبة الوقف عن العمل في الدعوى رقم 1070 لسنة 31 ق بجلسة 27/ 1/ 1989 عن ذات المخالفة التي نسبتها إليه الشركة.
كذلك تقدم الحاضر عن الشركة بحافظة مستندات اشتملت على (1) إخطار بجزاء مؤرخ 23/ 3/ 1989 بمجازاة الطاعن بخصم يوم من أجره لتغيبه عن العمل يوم 23/ 3/ 1989 بدون إذن (2) صورة ضوئية من القرار رقم 30 لسنة 1989 بفصل الطاعن من العمل اعتباراً من 11/ 8/ 1989 لارتكابه مخالفة الاعتداء الجسيم على رئيسه الأعلى.
(3) صورة ضوئية من محضر اجتماع اللجنة الثلاثية بتاريخ 23/ 5/ 1989 بالموافقة على فصل الطاعن من خدمة الشركة.
وبجلسة 25/ 8/ 1990 قضت المحكمة التأديبية بالإسكندرية أولاً بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للقرار الصادر بخصم يوم من أجر الطاعن لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً - بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار رقم 30 لسنة 1989 الصادر بفصل الطاعن من خدمة الشركة وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر بخصم يومين من أجر الطاعن قد صدر بتاريخ 23/ 3/ 1989 وأخطر به الطاعن في ذات يوم صدوره حسبما أقر بذلك صراحة في تحقيقات الشركة وتحقيقات النيابة الإدارية، ولم يثبت من الأوراق أنه تظلم من هذا القرار، بل الثابت أنه أقام طعنه في 6/ 9/ 1989 أي بعد الميعاد المحدد لرفع الطعن، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطلب شكلاً لرفعه بعد الميعاد المحدد بالمادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972.
وفيما يتعلق برفض طلب التعويض أوردت المحكمة أنها ولئن كانت قد انتهت إلى إلغاء قرار الفصل من الخدمة، إلا أن هذا الإلغاء مرده تجاوز قاعدة الاختصاص الذي ليس من شأنه أن يرتب للطاعن الحق في التعويض، علاوة على أن الأوراق تشهد بثبوت الواقعة التي من أجلها صدر قرار الفصل وأحيل الطاعن بسببها إلى المحكمة التأديبية في الدعوى رقم 1070 لسنة 31 ق وعوقب بالوقف عن العمل مدة أربعة أشهر مع صرف نصف أجره.
على أن هذا الحكم لم يلق قبولاً لدى الطرفين فأقاما عنه طعنيهما الماثلين.
وحيث إن مبنى الطعن رقم 42 لسنة 37 قضائية عليا - المقام من شركة العامرية لتكرير البترول أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبق وتفسير القانون، إذ أن المطعون ضده في هذا الطعن (السيد/ .....) لم يقم بالتظلم أمام الشركة مصدرة قرار فصله قبل إقامة طعنه، مما يجعل قضاء المحكمة التأديبية بقبول طعنه شكلاً مخالفاً لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972، كما أن المادة العاشرة من هذا القانون قد حددت اختصاص محاكم مجلس الدولة على سبيل الحصر حيث ذكرت في البند الثالث عشر منها "الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً" ولما كانت الشركة الطاعنة على نحو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه غير مختصة بتوقيع جزاء الفصل على المطعون ضده لاقتصار هذا الاختصاص على المحكمة التأديبية وحدها، فقد باتت المحكمة المذكورة أخذاً بذات منطقها سلطة جزاء وليست سلطة تظلم أو طعن، وإلا كان القول على نقيض ذلك يعني أنها قد أنزلت نفسها خصماً وحكماً في آن واحد، فهي سلطة جزاء وليست سلطة طعن بالنسبة لعقوبة الفصل، ويترتب على هذا النظر أن الحكم المطعون فيه هو الذي يصير منعدماً لخروج إلغاء قرار الفصل عن اختصاص المحكمة التأديبية واندراجه في اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
وعليه فقد خلصت الشركة الطاعنة إلى التماس إجابتها إلى طلبها آنف البيان.
أما مبنى الطعن رقم 79 لسنة 37 قضائية عليا المقام من السيد/ ...... ضد شركة العامرية لتكرير البترول فهو أن المحكمة قضت بغير طلباته في الطعن المطروح أمامها ذلك أن طعنه مقام بطلب إلغاء قرار خصم يومين من راتبه والمؤرخ 11/ 7/ 1989، في حين أن المحكمة التأديبية قضت بإلغاء الجزاء الصادر في 23/ 3/ 1989 بخصم يوم واحد من أجره وهذا الجزاء الأخير لم يقم بالطعن فيه إطلاقاً، وإنما هو يطعن على الجزاء الأول والصادر في 11/ 7/ 1989 والذي علم به في 11/ 8/ 1989 وتقدم بطعنه في 6/ 9/ 1989 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً، إضافة لهذا فإن المحكمة استندت في رفض طلب التعويض إلى أن الطاعن تمت مجازاته عن المخالفة على أساس الفصل بالدعوى التأديبية رقم 1070 لسنة 31 ق بموجب الحكم الصادر فيها بجلسة 27/ 1/ 1990 بوقفه عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر مع أن هذا الحكم مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 22 لسنة 36 قضائية ولم يفصل فيه حتى الآن، وعليه فقد خلص الطاعن إلى التماس إجابته إلى طلباته سالفة الإيراد.
هذا وقد تقدم الطرفان الطاعنان بمذكرات شارحة لدفاعيهما خلص فيها كلاهما إلى التصميم على طلباتهما الواردة بتقريري الطعنين.
كذلك تقدم الحاضر عن الطاعن/ ......... بحافظة مستندات.
وحيث إنه عن موضوع الطعن رقم 42 لسنة 37 قضائية عليا فإن المادة 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام تنص على أن "الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي: (1) .........
(1) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة (10) الإحالة إلى المعاش.
(11) الفصل من الخدمة"، كما تنص المادة 84 من ذات القانون على أن "يكون الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية كما يلي (1) ..... (2) ...... (3) للمحكمة التأديبية بالنسبة للجزاءات الواردة في البنود من 9 - 11 من المادة "82" ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا.
(4) لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة 82 من هذا القانون.
ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه..... إلخ.
وحيث إن مقتضى النصوص المتقدمة أن سلطة رئيس مجلس إدارة الشركة تقف عند حد توقيع أحد الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة 82 من القانون رقم 48 سنة 1978، وبالنسبة لوظائف الدرجة الثالثة فما دونها فقط فإذا كانت المخالفة تستوجب الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة أو خفض الدرجة فيتعين عرض الأمر على المحكمة التأديبية المختصة لتوقيع أحد الجزاءات الثلاثة السابقة وحيث إنه بإنزال مقتضى هذه النصوص على الواقعة موضوع الطعن رقم 42 سنة 37 ق عليا وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده/ ....... يشغل وظيفة كاتب بالمستوى الثاني بالشركة الطاعنة، وأنه إثر ما نسب إليه من ارتكابه المخالفة المشار إليها. بالأوراق أصدر رئيس مجلس إدارة الشركة قراره رقم 30 لسنة 1989 متضمناً فصله من الخدمة فإن هذا القرار يكون منعدماً لصدوره من جهة غير مختصة بإصداره بحسبان أن المحكمة التأديبية المختصة هي المنوط بها ذلك إعمالاً للمادتين 82، 84 من القانون رقم 48 سنة 1978.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في هذا الشق من قضائه، ويكون الطعن الماثل رقم 42 لسنة 37 ق عليا قد افتقر إلى ما يسانده من الواقع والقانون حقيقاً بأن تقضي فيه بالرفض.
وحيث إنه فيما يتعلق بموضوع الطعن رقم 79 لسنة 37 ق عليا المقام من...... ضد الشركة المذكورة، وطلبه إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للقرار الصادر بخصم يوم من أجره لرفعه بعد الميعاد، فإن مقتضى نص المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 أن ميعاد رفع الدعوى بطلب إلغاء القرارات الإدارية والقرارات التأديبية هو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار أو العلم به.
وحيث إن المستقر عليه أن المحكمة تتقيد في قضائها بطلبات الخصوم، وهي وإن كانت تملك تكييف هذه الطلبات التكييف القانوني السليم تمهيداً لإنزال حكم القانون عليها، إلا أنها لا تملك تعديل هذه الطلبات بما تخرج الدعوى عن مقصود رافعها.
وحيث إن الثابت من صحيفة الطعن رقم 549 لسنة 31 ق - الصادر بشأنه الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد حدد طلباته في هذا الطعن بطلب إلغاء قرار مجازاته بخصم يومين من أجره لتغيبه عن العمل الفترة من 28/ 6/ 1989 حتى 4/ 7/ 1989 والذي علم به في 26/ 8/ 1989 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الطعن بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء قرار مجازاته بخصم يوم من أجره لرفعه بعد الميعاد وهو القرار المؤرخ 23/ 3/ 1989، فإنه والحال هكذا يكون قد قضى بغير ما طلبه الطاعن مما يصم الحكم في هذا الشق منه بالبطلان، ومن ثم يكون متعين الإلغاء فيما تضمنه بخصوصه وحيث يتعين التصدي للفصل في طلب الطاعن إلغاء قرار مجازاته بخصم أجر يومين من راتبه لتغيبه عن عمله الفترة من 28/ 6/ 1989 حتى 4/ 7/ 1989، وإذ ثبت علم الطاعن بهذا القرار في 26/ 8/ 1989 حسب إقراره وعدم مماراة الشركة المطعون ضدها في ذلك، وإذ أقيم الطعن في هذا القرار وغيره من طلبات الطاعن الأخرى بإيداع صحيفة قلم كتاب المحكمة التأديبية في 6/ 9/ 1989، إذاً يكون الطعن عليه مقاماً خلال الميعاد المقرر قانوناً متعيناً قبوله شكلاً.
وحيث إنه عن موضوع طلب إلغاء هذا القرار المتضمن مجازاة الطاعن بخصم أجر يومين من راتبه فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن انقطع عن عمله في الفترة من 28/ 6/ 1989 وحتى 4/ 7/ 1989.
عقب انتهاء مدة وقفه عن العمل الفترة من 28/ 3/ 1989 حتى 28/ 6/ 1989، وقد خلت الأوراق من دليل على وجود عذر مقبول مبرر لهذا الانقطاع وأن الطاعن وضع نفسه تحت تصرف الشركة المطعون ضدها خلال هذه الفترة وأن الشركة رفضت تسليمه العمل، بل إن الأوراق تفصح عن أنه تقدم لاستلام العمل في 5/ 7/ 1989، مما يستفاد منه أنه كان منقطعاً المدة المشار إليها والسابقة على هذا التاريخ ومن ثم تكون هذه المخالفة قد ثبتت في حق الطاعن وإذ جوزي عنها بخصم أجر يومين من رابته، وصدر بذلك القرار المطعون فيه سالف البيان، لذا يكون هذا القرار قد صدر متفقاً مع القانون ومبنياً على سببه الصحيح، ويكون طلب الطاعن القضاء بإلغائه قد افتقر إلى ما يسنده من الواقع والقانون حرياً بأن تقضي فيه بالرفض.
أما عن طلب الطاعن إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلبه التعويض عن الأضرار الناجمة عن قرار فصله رقم 30 لسنة 1989 المشار إليه، فإنه لما كان الحكم المشار إليه قد خلص إلى إلغاء هذا القرار لصدوره من سلطة غير مختصة وأن هذا الإلغاء بسبب تجاوز في قواعد الاختصاص وليس من شأنه أن يرتب للطاعن الحق في التعويض، إضافة إلى أن الثابت من الأوراق أن المخالفة التي صدر بسببها قرار الفصل هي بذاتها المخالفة التي قامت النيابة الإدارية بالتحقيق مع الطاعن بشأنها والتي تتحصل فيما نسب إليه من تعد بالقول والفعل على المهندس فتحي عزيز بسطوروس مدير قطاع النقل بالشركة المطعون ضدها، وإذ تم تقديم الطاعن للمحاكمة التأديبية عن هذه المخالفة بالدعوى رقم 1070 لسنة 31 ق، وفيها قضى حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية الصادر بجلسة 27/ 1/ 1990 بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مدة أربعة أشهر مع صرف نصف أجره، لذا يكون الطاعن قد ساهم بخطئه في صدور قرار فصله، وإذ قضى بإلغاء هذا القرار فحسبه ما قضى له به، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد أصاب وجه الصواب فيما انتهى إليه، وهو ما يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة - أولاً - بقبول الطعن رقم 42 لسنة 37 ق عليا شكلاً ورفضه موضوعاً - ثانياً بقبول الطعن رقم 79 لسنة 37 ق عليا شكلاً. وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيها والقضاء بإلغاء القرار رقم 30 لسنة 1989 المتضمن فصل الطاعن من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات على النحو المبين بالأسباب.

الطعن 657 لسنة 59 ق جلسة 3 / 5 / 1989 مكتب فني 40 ق 92 ص 558

جلسة 3 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.

----------------

(92)
الطعن رقم 657 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. تهريب جمركي "التهرب الحكمي". قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". إثبات". "بوجه عام".
التهريب الجمركي. ماهيته؟
متى يعتبر التهريب الجمركي تهرباً حكمياً؟
(2) جمرك. تهريب جمركي "التهرب الحكمي". حكم "بياناته" "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
بيانات حكم الإدانة؟ المادة 310 إجراءات.
اتخاذ الحكم من مجرد حيازة الطاعن السبائك الذهبية، دون تقديم ما يفيد سداده الرسوم الجمركية، قرينة على التهريب الجمركي من غير أن يستظهر قصد الاتجار. قصور.
(3) نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظره والحكم فيه".
كون الطعن للمرة الثانية. وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959.

-----------------
1 - لما كانت المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 والمعدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 قد نصت على أنه: "يعد تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار مستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم المستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة". وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف أحكام القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وينقسم التهريب من جهة محله إلى نوعين نوع يرد على الضريبة المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها ونوع يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن، وفي كلا النوعين إما أن يتم التهريب فعلاً بتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه، وإما أن يقع حكماً وذلك بحيازة البضائع الأجنبية داخل البلاد بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة دون أن يقدم الحائز المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، إذ اعتبر الشارع أن وجود تلك السلع داخل البلاد قرينة على تهريبها جمركياً ما دام الحائز لها بقصد الاتجار - وهو ما حرص الشارع على تأكيده بتكرار العبارة الأخيرة. لم يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة وهي الصورة الأولى من صور التهريب الحكمي، والصورة الثانية له تتوافر إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها الحظر قد اجتازت بعد الدائرة الجمركية ولكن صاحب جلبها أو إخراجها أفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراد.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل الواقعة بما مؤداه ضبط السبائك الذهبية في حيازة الطاعن دون أن يقدم ما يفيد سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها واتخذ الحكم من مجرد ذلك قرينة على التهريب الجمركي دون أن يعني باستظهار توافر قصد الاتجار لديه حسبما استلزمه نص الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك المشار إليه رغم ما أثاره الطاعن من أن مكان الضبط ليس من المناطق الجمركية، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.
3 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته بأنه شرع في تهريب البضائع المبينة بالأوراق بدون أداء الرسوم الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 12 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والمادتين 45، 47 من قانون العقوبات.
وادعى وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بمبلغ 42088.20 مليمجـ على سبيل التعويض.
ومحكمة جنح الميناء قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم (الطاعن) سنتين مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه للإيقاف وغرامة ألفي جنيه وتعويض يعادل مثلي الرسوم والمصادرة.
استأنف المحكوم عليه ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت كل من إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت أولاً بعدم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة شكلاً. ثانياً قبول الطعن المقدم من مصلحة الجمارك شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة بور سعيد الابتدائية لتحكم فيها من جديد بهيئة استئنافية أخرى في خصوص الدعوى المدنية مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً في موضوع الادعاء المدني بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ (اثنين وأربعين ألفاً وثمانمائة وثمانية جنيهاً وعشرين مليماً)
فطعنت الأستاذة/ ........ المحامية نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في الدعوى المدنية المقامة ضده من وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك بإلزامه بأداء مبلغ 42808.20 مليمجـ قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى ولم يعرض للشهادة التي قدمها تدليلاً على أن مدينة القنطرة غرب ليست منطقة جمركية واتخذ من مجرد حيازته لسبائك الذهب المضبوطة قرينة على التهريب مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت ضد الطاعن وآخر بوصف أنهما: شرعا في تهريب المعدن الأجنبي الصنع المبين وصفاً وقدراً بتقرير مصلحة دمغ المصوغات والموازين بغير سداد الرسوم الجمركية المقررة عليه قانوناً وبقصد الاتجار وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة في حالة تلبس وطلبت النيابة العامة معاقبتهما بأحكام المواد 45، 47 من قانون العقوبات و1، 2، 3، 4، 121، 122، 124 مكرراً من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 وادعى وزير المالية بصفته مدنياً طالباً إلزامها بأداء تعويض 42808.20 مليمجـ، فقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبس الطاعن سنتين مع الشغل وتغريمه ألفي جنيه وبإلزامه بأداء تعويض يعادل مثلي الضرائب والرسوم الجمركية والمصادرة وببراءة المتهم الثاني فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقضي بقبول استئنافه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما أسند إليه. فطعن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض كما طعنت فيه النيابة العامة وقضت محكمة النقض بعدم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة شكلاً بقبول طعن مصلحة الجمارك شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وِإحالة القضية إلى محكمة بور سعيد الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى في خصوص الدعوى المدنية - وقضت المحكمة الأخيرة حضورياً في موضوع الادعاء المدني بالحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه فيما يتعلق ببيان الواقعة - قد حصلها بقوله "وحيث إن الواقعة تخلص فيما أثبته العقيد...... قائد الفوج 2 حرس الحدود أنه بتاريخ الضبط أثناء قيام أفراد نقطة المعدية شرق باعتراض العربات القادمة من الشرق إلى الغرب لاحتمال أن عليها مواد ممنوعة أو مخدرة وباعتراض المتهم الذي كان يقود العربة 626 نصف نقل مازدا وجد بها ثلاث سبائك من الذهب الخالص ملفوفة بداخل فوطة من القماش". وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى القضاء للمطعون ضده "المدعي بالحقوق المدنية" بالتعويض المطلوب بقوله "وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم تم ضبطه بمعرفة أحد مأموري الضبط القضائي التابع لرجال حرس الحدود وبحيازته السبائك الذهبية الأجنبية الصنع ولم يقدم ما يفيد أنه سدد عنها الرسوم الجمركية والضرائب المستحقة عليها للمدعي بالحق المدني ومن ثم فإن جريمة الشروع في تهريب بضائع أجنبية دون سداد الرسوم الجمركية والضرائب المستحقة المؤثمة بالمادتين 45، 47 عقوبات والمواد 121، 122، 124 مكرراً من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تكون متوافرة في حق المتهم مما يمثل خطأ في جانبه ترتب عليه ضرر بالمدعي بالحق المدني وهو ضياع حقه في تلك الرسوم والضرائب ومن ثم فإن المحكمة تقضي للمدعي بالحق المدني بالمبلغ المطالب به وقدره 42808.20 مليمجـ. لما كان ذلك، وكانت المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 والمعدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 قد نصت على أنه: "يعد تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع والعلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة". وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وينقسم التهريب من جهة محله إلى نوعين نوع يرد على الضريبة المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها ونوع يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن وفي كلا النوعين إما أن يتم التهريب فعلاً بتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه، وإما أن يقع حكماً وذلك بحيازة البضائع الأجنبية داخل البلاد بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة دون أن يقدم الحائز المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. إذ اعتبر الشارع أن وجود تلك السلع داخل البلاد قرينة على تهريبها جمركياً ما دام الحائز لها بقصد الاتجار - وهو ما حرص الشارع على تأكيده بتكرار العبارة الأخيرة. لم يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة وهي الصورة الأولى من صورة التهريب الحكمي، والصورة الثانية له تتوافر إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها الحظر قد اجتازت بعد الدائرة الجمركية ولكن صاحب جلبها أو إخراجها أفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراد. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل الواقعة بما مؤداه ضبط السبائك الذهبية في حيازة الطاعن دون أن يقدم ما يفيد سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها واتخذ الحكم من مجرد ذلك قرينة على التهريب الجمركي دون أن يعني باستظهار توافر قصد الاتجار لديه حسبما استلزمه نص الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك المشار إليه رغم ما أثاره الطاعن من أن مكان الضبط ليس من المناطق الجمركية فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 3004 لسنة 36 ق جلسة 12 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 50 ص 494

جلسة 12 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي شحاته محمد سليمان ومحمد منير جويفل والطنطاوي محمد الطنطاوي ويحيى أحمد عبد المجيد - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(50)

الطعن رقم 3004 لسنة 36 القضائية

عاملون بالقطاع العام - إحالة المفصول للجنة الثلاثية - طبيعة رأي اللجنة.
المادة (85) من قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
يعرض أمر العامل الذي ارتكب مخالفة تستوجب الفصل من الخدمة على اللجنة الثلاثية لإبداء رأيها من حيث إمكانية توقيع الجزاء من عدمه - رأي هذه اللجنة استشاري - لا إلزام على جهة الإدارة بما تنتهي إليه هذه اللجنة - العرض على تلك اللجنة ليس طريقاً موازياً للطعن القضائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ عطيه عبد العليم عن الأستاذ/ توفيق حشيش المحامي وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3004 لسنة 36 ق قضائية عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 888 لسنة 36 قضائية بجلسة 27/ 5/ 1990 والقاضي:
أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهمين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: برفض الدفع المبدى من...... بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثالثاً: برفض الدفع المبدى من...... بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة.
رابعاً: مجازاة...... بالفصل من الخدمة، وبمجازاة...... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بكل مشتملاته لحين الفصل في الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعنين بهيئة مغايرة للحكم بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 6 من مايو سنة 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 23/ 6/ 1992 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 20 من أكتوبر سنة 1992 حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن النيابة الإدارية أحالت بتاريخ 28/ 6/ 1988 الطاعنين إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 888 لسنة 16 قضائية ونسبت لهما أنهما خلال الفترة من عام 1981 حتى 5/ 4/ 1984 بجهة عملهما بالبنك الأهلي فرع دكرنس بدائرة محافظة الدقهلية لم يحافظا على كرامة وظيفتيهما طبقاً للعرف العام ولم يسلكا في تصرفاتهما مسلكاً يتفق والاحترام الواجب ولم ينفذا الأوامر والتعليمات الصادرة إليهما بأمانة في حدود اللوائح والقوانين والنظم المعمول بها ولم يحافظا على أموال البنك وممتلكاته وخالفا القواعد والأحكام المالية على النحو التالي: الأول والثاني:
1) قررا حد المخاطرة لمديونية العميل...... بمبالغ تفوق السلطة المحددة لمدير الفرع مع اعتماد ذلك الحد والتعامل عليه منهما دون استكمال الشكل القانوني لذلك بتوقيع باقي أعضاء لجنة قبول الكمبيالات وتركيز ضمانة التسهيل الممنوحة للعميل في الكمبيالات المسحوبة على...... وزوجته بالمخالفة لكتاب دوري إدارة الائتمان رقم 13 في 29/ 11/ 1981.
2) قبلا كمبيالات برسم الضمان مسحوبة على أشخاص لا وجود لهم من مديني العميل...... وتقرير حدود مخاطرة لهم بما يفوق السلطة المخولة لمدير الفرع.
3) لم يقوما بعمل استعلامات عن العميلين...... و...... حيث إنه لم يعثر على أي استعلامات تتعلق بهم بسجلات الفرع سوى استعلامات قد اقتصرت مصادرها على حارس الفرع المسلح وبعض العملاء بالمخالفة للتعليمات التي تقضي بتنوع وتعدد مصادر الاستعلام.
4) أثبتا بيانات مخالفة للحقيقة بالدراسة الائتمانية المؤرخة 16/ 1/ 1982 بوجود 2500 كمبيالة قيمتها مليون وسبعمائة وخمسون ألف جنيه لحساب...... رغم عدم ثبوت ذلك بالسجلات وذلك بقصد التأخير في اتخاذ القرار الائتماني بغرض الحصول على موافقة السلطة المختصة على زيادة وتقرير تسهيلات جديدة للعميل المذكور.
5) لم يدرجا حسابات العميلين.... و.... ضمن كشوف الحسابات غير المنتظمة المرسلة إلى المركز الرئيسي رغم ما كانت تظهره تلك الحسابات من تجاوزات مستمرة وعدم انتظامه في السداد.
6) اشتركا في تزوير مستندات طلب القرض الخاص بالسيدة/ ...... بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه وبالتوقيع على إيصال الصرف رغم عدم تقديم المذكورة لأي طلب وعدم قيامها بالصرف وبإقرارها على خلاف الحقيقة بتقريري المعاش المؤرخين 14، 16/ 10/ 1982 بأن زوج المذكورة يعمل بالخارج حالة كونه يعمل سائقاً بالفرع.
7) أخطرا على خلاف الحقيقة بمنطقة الوجه البحري بكتاب الفرع المؤرخ 10/ 1/ 1983 بوجود مخزن للعميل...... بشارع خليفة السادات وجاري بناء سور على مخزن بقرية الكردي وذلك لتدعيم مركز العميل قبل السلطة الائتمانية المنوط بها إصدار القرار بشأن تحديد وزيادة حد التسهيل الممنوح له.
الأول منفرداً:
1 - قبل كمبيالات مسحوبة على مديني العملاء..... و...... و..... دون التأكد من جدية تلك الكمبيالات مما أدى إلى ظهور تجاوزات بحسابهم.
2 - صرح للعميلين..... و..... بتسهيلات تجاوز الحدود المصرح بها لمدير الفرع بما بلغت معه التجاوزات بحساب العميل الأول 1262000 جنيه والثاني 162000 جنيهاً.
3 - قام بخصم كمبيالات مستحقة على أحد عملاء فرع المنزلة لصالح...... رغم تجاوزاته وقت الخصم بمبلغ 347000 جنيهاً.
4 - سهل للعميل...... الحصول على مبالغ كثيرة تفوق سلطته التقديرية بإجراء تعاقدات صورية بأسماء بعض مديني العميل.... بغرض تمويل شراء سيارات نقل وصرف القرض نقداً واستخدامه بإضافة قيمته إلى حساب العميل الذي كان ينوي سداد تلك القروض رغم عدم وجود علاقة قانونية مع المذكور في هذا الشأن. ورغم عدم ورود اسمه بالدراسة الائتمانية ورغم أن فاتورة القرض صادرة من مؤسسة دار.......
الثاني منفرداً:
أشر بخصم 340 ألف جنيه من حساب العميل...... بناءً على شيك وارد بفرع السنبلاوين للتحصيل في 5/ 4/ 1984 وإضافة قيمته إلى ذلك الفرع برغم ما تظهره حسابات العميل من تجاوزات تقدر بمبلغ 875000 جنيه.
وقد أودعت النيابة الإدارية ملف تحقيقات القضية رقم 86 لسنة 1986 وقرار الاتهام ضد الطاعنين وتدوولت الدعوى على النحو الثابت بالأوراق والمحاضر وعلى النحو المبين في الحكم المطعون فيه وبجلسة 27/ 5/ 1990 قضت المحكمة استناداً إلى الأسباب الواردة بالحكم بالأتي:
أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهمين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: برفض الدفع المبدى من...... بعدم اختصاص المحكمة وبنظر الدعوى وباختصاصها.
ثالثاً: برفض الدفع المبدى من....... بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة.
رابعاً: بمجازاة...... بالفصل من الخدمة، وبمجازاة..... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
وأسست قضاءها على ثبوت المخالفات المنسوبة للمحالين وعدم صحة الدفوع المبدأة منهم.
وينعى الطعن على الحكم الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال ذلك أنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن فإن الطاعن الأول قد انتهت خدمته بالاستقالة المقدمة لإدارة البنك في 6/ 4/ 1985 وتم تشكيل لجنة لاستلام عهدته وإخلاء طرفه وبذلك يصبح غير مخاطب بأحكام الوظيفة ومنها إجراءات التأديب وأصبح من الأفراد العارضين التي لا تختص المحكمة التأديبية بمحاكمتهم.
وعن الوجه الثاني فإن قرار اللجنة الثلاثية الذي صدر بشأنه والتي رفضت الطلب بفصله على أساس أن علاقته الوظيفية انتهت هو حكم قضائي حسم النزاع حول محاكمته تأديبياً، وكان يجب القضاء بعدم جواز نظر الدعوى احتراماً لحجية الأحكام القضائية. وعن الوجه الثالث للطعن فإن الطاعنين ينعيان على الحكم القصور في التسبيب وفساد الاستدلال لأنه لم يناقش دفوعهما ولم يرد على ما أثاراه من اعتراضات على تقرير الاتهام حيث اعتمد الحكم على شهادة المفتش الإداري الذي قام بالتفتيش على أعمال الفرع وهو خصم في الدعوى التأديبية لا سيما وأن واقعة التفتيش كانت لاحقة لترك الطاعن الأول خدمة البنك، والذي لم يتمكن من الرد إلا أمام المحكمة التأديبية التي طرقت دفاعه مما يبطل قضاءها.
ومن حيث إن الطعن وقد أصبح مهيأ للفصل في موضوعه فإن ذلك يغني عن بحث الشق المستعجل بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن على الحكم يتحدد نطاقه في الأسباب القائم عليها الطعن والواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول للطعن والمتمثل في عدم اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمة الطاعن الأول بسبب انتهاء خدمته من البنك بالاستقالة وإخلاء طرفه في 9/ 5/ 1985 بمضي ثلاثون يوماً على تقديم استقالته وباعتباره لهذا السبب من الأفراد العاديين ولا يخضع لولاية التأديب الوظيفية فإن المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ينص على أنه "لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب من الاستمرار في محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته.
ويجوز في المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة إقامة الدعوى التأديبية ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء الخدمة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب لا يحول في جميع الأحوال دون محاكمته تأديبياً عن المخالفات المنسوبة إليه إذا كان قد بدئ التحقيق معه عن هذه المخالفات قبل انتهاء الخدمة، والمقصود بالبدء في التحقيق في هذه الحالة اتخاذ الجهة الإدارية لأي إجراء من إجراءات التحقيق، فضلاً عن أنه في المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية. فإن الطريق أمام إقامة الدعوى التأديبية في مواجهة العامل يظل مفتوحاً لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء خدمته حتى ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق معه قبل انتهاء خدمته. كل ما في الأمر أن الجزاءات التي توقع عليه تكون من بين الإجراءات المحددة في القانون لمن انتهت خدمتهم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة التفتيش لمنطقة الوجه البحري والقناة قد حددت المخالفات المنسوبة للطاعن الأول في تقريرها الذي أعدته بعد إجراء التفتيش على فرع البنك الأهلي بدكرنس في الفترة من 16/ 12/ 1984 حتى 30/ 5/ 1985، وقد طلبت إدارة التفتيش إحالته للتحقيق الإداري الذي بدئ فيه بتاريخ 7/ 5/ 1985 أي قبل 9/ 5/ 1985 الذي يدعي الطاعن أن خدمته انتهت فيه فإن هذا الأمر لا يحول دون محاكمته تأديبياً، فضلاً عن أن المخالفات المنسوبة إليه جميعها من المخالفات المالية التي توجب بحكم طبيعتها الخاصة الاستمرار في المحاكمة التأديبية خلال خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة لأي سبب من الأسباب وإقامة الدعوى التأديبية في مواجهته بشأنها. ومتى كان ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمته لا يقوم على سند من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية لعدم صحة تحريكها بسبب سابقة الفصل فيها بقرار اللجنة الثلاثية الذي يعتبر حكماً قضائياً جائزاً لقوة الشيء المقضى به باعتبار أن في نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية مساس بحجية الأحكام القضائية النهائية فإن المادة 85 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ينص على أنه "إذا رأى مجلس الإدارة أو رئيس المجلس أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة تعين قبل إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية عرض الأمر على لجنة تشكل على الوجه الآتي:

1 - مدير مديرية العمل المختص أو من يندبهرئيساً.
2 - ممثل للعمال تختاره اللجنة النقابية أو النقابة العامة إذا لم توجد لجنة نقابيةعضو.
3 - ممثل الشركةعضو.

وتتولى اللجنة المشار إليها بحث كل حالة تعرض عليها وإبلاغ رأيها فيها لمجلس الإدارة أو رئيس المجلس حسب الأحوال وذلك في ميعاد لا يجاوز أسبوعاً من تاريخ إحالة الأوراق إليها. وكل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافاً لأحكام هذه المادة يكون باطلاً بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ إي إجراء آخر.
وقد ورد نص المادة 62 من قانون العمل وهو القانون المكمل للقانون رقم 48 لسنة 1978 مردداً لذات الأحكام الخاصة بضرورة عرض أمر العامل الذي ارتكب خطأً تأديبياً يستوجب معاقبته بالفصل على لجنة ثلاثية، كما ورد نص المادة 64 من قانون العمل على أن يكون قرار اللجنة استشارياً ويصدر بأغلبية الآراء.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع قرر ضمانة للعامل الذي ارتكب مخالفات تأديبية تستوجب جزاء الفصل من الخدمة أو الإحالة إلى المعاش وهي إن وجدت إحالة أمره إلى لجنة ثلاثية بتشكيل ذا طبيعة خاصة وذلك بغرض بحث الحالة المعروض عليها وإبداء رأيها من حيث إمكانية توقيع هذا الجزاء من عدمه، وكل ما تطلبه المشرع من هذه اللجنة هو إبداء الرأي وهو بطبيعته رأي استشاري لا يلزم الجهة المختصة حيث لم يلزم المشرع هذه الجهة إلا بضرورة العرض على هذه اللجنة تحقيقاً للضمانة التي استهدفها، ويكون القرار بالفصل مشروعاً إلا في حالة إغفال هذه الضمانة وثبوت عدم العرض على اللجنة الثلاثية أصلاً، أما إذا ثبت أن الجهة الإدارية قامت بإجراء هذا العرض على هذه اللجنة فإن الإجراءات التي تتخذها بعد ذلك وصولاً إلى توقيع جزاء الفصل تكون مشروعة حتى ولو جاء رأي اللجنة بعدم مشروعية طلب الفصل وذلك بسبب استيفاء الضمانة التي تتطلبها المشرع.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن المشرع لم يجعل العرض على اللجنة الثلاثية طريقاً موازياً للطعن القضائي، ولا يتمتع الرأي الصادر عنها بحجية الأحكام القضائية لا في مواجهة الجهة الإدارية التي لها أن تسترشد به فقط ولا يمنعها من الاستمرار في طلب فصل العامل من الخدمة، ولا في مواجهة المحكمة التأديبية عندما يتصل بها أمر تأديب العامل المحال إليها من باب أولى وعليه فإن الدفع بعدم قبول الدعوى التأديبية لسابقة الفصل في موضوعها أمام اللجنة الثلاثية في غير محله الأمر الذي يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث للطعن وهو قصور الحكم في التسبيب وعدم الرد على دفاع الطاعنين فإن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قيد التهم المنسوبة للطاعنين ورد عليها بالقدر الذي يحمله قضائياً، واستخلص عناصر الاتهام من الوقائع الثابتة بتقرير التفتيش وأقوال الشهود وتحقيقات النيابة الإدارية، فإنه يكون قد بلغ الغاية التي استهدفها المشرع ولا يجوز النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتاً ونفياً لأن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها. فلا تتدخل المحكمة الإدارية العليا وتفرض رقابتها إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه قضاء المحكمة التأديبية المطعون فيه مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل كنتيجة للواقعة المطروحة. إذا كان الحكم المطعون فيه قد حمل قضائه على أصول ثابتة تكفي لحمله فلا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعنين بجميع أشطاره لأنه بما أورده من أسباب يكون قد رد على دفاعهما وأسقط حجته ضمناً.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه فيما أورده من الرد على الدفوع ورفضها ولما وصل إليه من ثبوت المخالفات في شأن الطاعنين صحيحاً ولا وجه للطعن عليه إلا أنه متى ثبت أن الطاعن الأول قد انتهت خدمته بالاستقالة اعتباراً من 9/ 5/ 1985 فإنه ولئن كان ذلك لا يحول دون محاكمته تأديبياً على النحو الذي استخلصته المحكمة إلا أن الجزاء الذي يوقع عليه يكون من بين الجزاءات الوارد النص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978 ويكون الجزاء المناسب للمخالفات الثابتة في حقه الغرامة التي تقابل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند تركه الخدمة وهو الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم في هذه الخصوصية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون برفض الدفوع المبداة من المحالين على النحو المبين بالأسباب وبمجازاة...... بغرامة تعادل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند تركه الخدمة وبمجازاة....... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.

الطعن 3534 لسنة 36 ق جلسة 10 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 49 ص 483

جلسة 10 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(49)

الطعن رقم 3534 لسنة 36 القضائية

تعليم - المدارس الخاصة - الترخيص بها - شروطه وضوابطه. (تراخيص).
المواد 55، 56، 57، 58 من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، المادتان 1، 11 من قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص.
وضع المشرع قواعد وإجراءات الترخيص بإنشاء مدارس خاصة تقوم بجانب المدارس الحكومية على تأدية الرسالة التعليمية وتسيير مرفق التعليم وتقديم خدماته للمواطنين - وضع المشرع في القانون رقم 139 لسنة 1981 بشأن التعليم الخاص قواعد منح الترخيص لإنشاء المدارس الخاصة - حرم قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 أن تكون هذه المدارس مملوكة ملكية خاصة لأفراد بل يلزم أن تكون مملوكة لشخص اعتباري فضلاً عن قيامها بتدريس مناهج محددة معتمدة من قبل الوزارة - نتيجة ذلك: الترخيص بممارسة النشاط التعليمي أو التدريبي يصدر مشروعاً حصيناً من الإلغاء فلا يجوز سحبه أو إلغاؤه بإرادة الجهة الإدارية التي أصدرته لما يرتبه لأصحاب الشأن من مراكز قانونية مشروعة لا يجوز المساس بها - مناط ذلك أن يلتزم طالب الترخيص شروط الترخيص الصادر له وألا يتجاوز متطلباته أو يتقاعس عن توافر شروط ممارسة النشاط فيه - إذا ما خالف المرخص له شروط الترخيص على الوجه الذي يؤدي إلى عدم توافر شروط استمراره وصلاحيته لممارسة النشاط موضوع الترخيص وتنكب وجه تحقيق الغايات المتطلبة منه بعدم توفير الكوادر الفنية اللازمة للتدريس وفقاً لمناهج محددة تتضمنها اللائحة المنظمة للدارسة في المدرسة أو المركز مما يعد مخالفة للقانون وخروجاً عن الغايات التي استهدف المشرع تحقيقها بالترخيص لغير الجهات الحكومية بالمعاونة في تسيير مرفق التعليم ودعم رسالة التعليم وتحقيق غاياته - يجوز للجهة الإدارية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن استمرار العملية التعليمية في مسارها الصحيح ولها أن تشرف وتراقب أداء المرخص له وتتابع أداء المدرسة المرخص فيها وأن تطلب من المرخص له موافاتها بما يؤكد تحقيق وتوفر الشروط القانونية المتطلبة بصفة منتظمة ومستمرة بوجود مناهج محددة لدراسة واضحة المعالم تؤدي من خلال المختصين من القائمين على التدريس إلى توافر كفاءة مهنية أو علمية معينة لدى الدارس بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 8/ 1990، أودع الأستاذ حشمت حامد الشنواني المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3534 لسنة 36 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 12/ 7/ 1990 في الدعوى رقم 2721 لسنة 44 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته. وبإحالة طلبي الإلغاء والتعويض إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإيداع تقرير بالرأي القانوني فيهما.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 4/ 11/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 15/ 11/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 13/ 12/ 1992 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 10/ 1/ 1993 لاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عن النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 2721 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء الترخيص الممنوح له، مع ما يترتب على ذلك من آثار. أهمها الاستمرار في تشغيل المراكز وذلك بصفة مؤقتة لحين الفصل في موضوع الدعوى وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 1/ 5/ 1985 وافقت لجنة التعليم الخاصة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الغربية على فتح مراكز تدريب (فيري) لتعليم فن التفصيل، وذلك بناءً على كتاب وزارة التربية والتعليم إلى المديرية باتخاذ إجراءات الترخيص بفتح هذه المراكز واستناداً إلى الطلب المقدم إليها من المدعي بتاريخ 18/ 12/ 1984. وبعد إتمام المعاينة للأماكن المعدة كمقر للمركز وفروعه بالمحافظات بمعرفة الوزارة.
وأضاف المدعي أنه استناداً إلى أحكام قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 والقرار الوزاري رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص. وبناءً على طلب الجهة الإدارية تقدم إليها باللائحة الداخلية للمعهد المشار إليه وذلك بتاريخ 7/ 5/ 1985.
وتمت مراجعتها ثم صدر الترخيص له بممارسة المراكز لنشاطها في تعليم المتدربين كما تم تجديد الترخيص خلال المواعيد المقررة.
واستطرد المدعي بياناً لدعواه قوله أنه فوجئ بتاريخ 5/ 11/ 1989 بورود الكتاب رقم (710) لسنة 1989 المتضمن أن لجنة التعليم الخاص بمديرية التربية والتعليم بالغربية قد وافقت على إلغاء الترخيص الصادر له طبقاً لموافقة وزير التعليم في 30/ 8/ 1989.
ونعى المدعي على القرار مخالفة القانون مما حدا به إلى التظلم من هذا القرار بتاريخ 19/ 11/ 1989 إلى المدعى عليه الأول الذي تقاعس عن الرد على تظلمه وإن كان قد تسلم من المدعى عليه الثاني رداً بأن هذا الإلغاء قد تم بناءً على قرار الإدارة القانونية بالوزارة في القضية رقم 185 لسنة 1989، وموافقة الوزير على ذلك الإلغاء. استناداً إلى ما نسب إلى المذكور من مخالفات جسيمة وخروجه على كل بنود اللائحة رغم أنه لم يرتكب أياً مما نسب إليه من مخالفات.
وبجلسة 12/ 7/ 1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى بشقيها الموضوعي والتعويضي إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإبداء الرأي القانوني فيه.
وشيدت المحكمة حكمها على سند من أن المواد (55، 57، 58) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 تشير إلى الشروط والضوابط اللازم توافرها لمنح الترخيص بإنشاء المدارس الخاصة واستمرار الترخيص لها بممارسة نشاطها وفي مقدمتها تحقيق كل أو بعض الأغراض المشار إليها بالمادة (55) من القانون السالف الذكر ومنها المعاونة في مجال التعليم الأساسي أو الثانوي العام والفني وفق الخطط والمناهج المقررة في المدارس المناظرة أو دراسة مناهج خاصة وفق ما يقرره وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم.
وأنه لما كان البين من الأوراق أن مديرية التربية والتعليم قد منحت المدعي ترخيصاً لفتح مركز (فيري) للتفصيل والحياكة في 17/ 1/ 1986. ثم قامت في 1989 بإلغاء هذا الترخيص استناداً إلى أن صاحب المدرسة ليس شخصاً اعتبارياً وبالتالي ما كان يجوز إصدار الترخيص له أصلاً كما أن فن التفصيل والحياكة لا يدخل ضمن أحد الغرضين اللذين نص عليهما القانون تحديداً لإمكان منح الترخيص خاصة وقد رفضت الوزارة الموافقة على اعتماد المناهج المقترحة من جانبه للدارسة مما يكون معه القرار المطعون فيه حسب الظاهر من الأوراق قد قام على صحيح سنده من القانون حرياً برفض طلب وقف تنفيذه. ومن ثم أصدرت حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تفسير القانون وتأويله وتفسيره. ذلك أن القرار المطعون فيه وإن كان قد صدر بالمخالفة للقانون إلا أنه تحصن بمضي ستين يوماً على صدوره كما أن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه غير صحيحة مما يجعله خليقاً بالإلغاء. وأنه لما كانت الآثار المترتبة على سحب الترخيص لا يمكن تداركها فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد توافرت له شروط الحكم به.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه طبقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإنه يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول: هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيباً بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع.
الثاني: هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين، بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع. كما أن الدولة ملزمة بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وأن هذا الحق يتساوى فيه جميع المواطنين بلا تمييز إلا بقدر ما يتميز به الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم، وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع. ولهذا شرع المشرع نظام توفير كافة الفرص لأبناء الوطن ليتحصل كل منهم على قدر من التعليم الأساسي يمكنه من أن يقوم بدور في بناء الدولة المصرية وتقدمها ورفاهية أبنائها وكفل فيما يلي هذه المرحلة أنماطاً من التعليم تتفق واحتياجات المواطنين وتتدرج نوعاً وكيفاً حسب إمكانات كل فرد وقدراته وللزيادة المضطردة في أعداد الشعب ورغبة في الوفاء بالعملية التعليمية على صحيح أسسها أصدرت الدولة العديد من القوانين والقرارات المنظمة لمشاركة الأفراد لها في القيام على أداء رسالة التعليم للغاية منها فرخصت لهم بإنشاء المدارس الخاصة ومراكز التعليم والتدريب المهني والفني.
ولكن هذا الترخيص بالمعاونة في العملية التعليمية يلزم وفق أحكام الدستور والقانون أن يتم تحقيقه من خلال المشروعية وسيادة القانون في ظل الانضباط والمتابعة والإشراف المقرر قانوناً للسلطة التعليمية المختصة ولا يغفل هذا التنظيم مناط المساعدة من تعثر من طلاب العلم لضعف فيه إلا وفق التنظيم القانوني الذي حدده المشرع وقرره وفي نطاقه تحقيقاً لغاية المشرع في توفير فرص التعليم والتدريب للبعض ليصل بهم إلى مرحلة الإنتاج والمساهمة الفعالة في تطوير الدولة وزيادة الإنتاج بل ومكافحة البطالة بتوفير أماكن للعلم والتدريب لهم للحصول على خبرة وعلم تدريبي يكون سنداً ووسيلة لأداء أحد الأعمال المنتجة في المجتمع.
ومن جهة أخرى ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى منذ إنشائها سنة 1955 على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تخضع لها القرارات المطعون فيها لتزنها محاكم مجلس الدولة بميزان القانون والمشروعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها أو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة، أو لو ثبت انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وقراراتها وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين بها وأن رقابة الإلغاء يتفرع عنها رقابة وقف تنفيذ القرار الإداري.
ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو ظاهراً وواضحاً من عدم مشروعية القرار الإداري فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها من الاستمرار في التنفيذ للقرار المطلوب وقفه ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال.
وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية تتولى المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها الرقابة والمراجعة لها حيث تزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان.
ومن حيث إنه بناءً على ما سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أي سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون. ولكنها لا تحل نفسها محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية التي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية والتي تتحمل الإدارة مسئولية أدائها. ومن ثم فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة لا يحق بحسب أحكام القانون والدستور أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري أو إلغائه لما قد تتبينه محاكم مجلس الدولة من خروج قرارات الإدارة وتصرفاتها عن المشروعية وتتقيد الإدارة العاملة وفقاً لما تتضمنه الأحكام منطوقاً وأسباباً بها وتلتزم بتصحيح تصرفاتها وقراراتها، إعلاء للمشروعية واحتراماً لحجية الأحكام القضائية.
ومن حيث إن المادة (55) من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 تنص على أن تنشأ المدارس الخاصة لتحقيق الأغراض الآتية:
المعاونة في مجال التعليم الأساسي أو الثانوي........
ودراسة مناهج خاصة وفق ما يقرره وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم كما تنص المادة (56) من ذات القانون على أن (تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية بالمحافظات).
وتشير المادة (57) إلى وجوب الحصول على ترخيص مسبق بإدارة مثل هذه المدارس من مديرية التربية والتعليم المختصة.
وتنص المادة (58) على أن يشترط في صاحب المدرسة الخاصة ما يأتي:
أن يكون شخصاً اعتبارياً متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية.
أن يكون قادراً على الوفاء بالتزامات المدرسة المالية وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من وزير التعليم.
وقد أصدر وزير التعليم القرار رقم 70 لسنة 1982 بشأن التعليم الخاص وينص في المادة الأولى منه على أن تعتبر مدرسة خاصة كل منشأة حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتعليم أو الإعداد المهني أو الفني قبل مرحلة التعليم الجامعي وتنص المادة (11) من ذات القرار على أن "تصدر المديرية أو الإدارة التعليمية الترخيص النهائي بفتح المدرسة بما في ذلك مدارس التعليم الثانوي العام طالما سبق لها الحصول على قرار وزير التعليم بفتح المدرسة.
ومن حيث إنه يبين من النصوص السابقة ومن سائر ما تضمنه قرار وزير التعليم المشار إليه من قواعد وإجراءات للترخيص بإنشاء مدارس خاصة تقوم بجانب المدارس الحكومية على تأدية الرسالة التعليمية وتسيير مرفق التعليم وتقديم خدماته للمواطنين بفئاتها وتخصصاتها المختلفة.
ومن حيث إن القانون والقرار التنظيمي المشار إليهما قد وضعا ضابطاً لما يعد مدرسة خاصة وهي وفق المفهوم الفني الدقيق لكلمة المدرسة أنها منشأة - حكومية أو غير حكومية بالشروط والأوضاع المقررة قانوناً لها - تقوم وفق مناهج معينة وأعضاء هيئات تدريس متخصصين من الإداريين والعلميين بتدريس المناهج الدراسية التي تعتمدها الجهات المختصة في مرحلة التعليم قبل الجامعي بنوعياته المختلفة الثانوي العام أو الفني أو التجاري أو الزراعي...... تأهيلاً لمنح شهادة محددة بحصول الطالب أو المتدرب على قدر معين من العلم أو الخبرة في مجال محدد بذاته توضحت جوانبه فيما أعد ووضع له من مناهج دراسية أعدت من قبل المتخصصين في مجال التعليم.
ومن حيث إن المشرع قد وضع في القانون رقم 139 لسنة 1981 بشأن التعليم الخاص قواعد منح الترخيص لإنشاء المدارس الخاصة على النحو المشار إليه. وحرم قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 1982 أن تكون هذه المدارس مملوكة ملكية خاصة لأفراد بل يلزم أن تكون مملوكة لشخص اعتباري فضلاً عن قيامها بتدريس مناهج محددة معتمدة من قبل الوزارة. ومن ثم فإن الترخيص بممارسة النشاط التعليمي أو التدريبي، يصدر مشروعاً حصيناً من الإلغاء فلا يجوز سحبه أو إلغاؤه بإرادة الجهة الإدارية التي أصدرته لما يرتبه لأصحاب الشأن من مراكز قانونية مشروعة لا يجوز المساس بها. إلا أن مناط ذلك أن يلتزم طالب الترخيص شروط الترخيص الصادر له. وألا يتجاوز متطلباته أو يتقاعس عن توافر شروط ممارسة النشاط فيه. فإذا ما خالف المرخص له شروط الترخيص على الوجه الذي يؤدي إلى عدم توافر شروط استمراره أو صلاحيته لممارسة النشاط موضوع الترخيص وتنكب وجه تحقيق الغايات المتطلبة منه بعدم توفير الكوادر الفنية اللازمة للتدريس وفقاً لمناهج محددة تتضمنها اللائحة المنظمة للدراسة في المدرسة أو المركز مما يعد مخالفة للقانون وخروجاً عن الغايات التي استهدف المشرع تحقيقها بالترخيص لغير الجهات الحكومية بالمعاونة في تسيير مرفق التعليم ودعم رسالة التعليم وتحقيق غاياته. فإنه يجوز للجهة الإدارية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن استمرار العملية التعليمية في مسارها الصحيح ولها أن تشرف وتراقب أداء المرخص له وتتابع أداء المدرسة المرخص بها وأن تطلب من المرخص له موافاتها بما يؤكد تحقق وتوفر الشروط القانونية المتطلبة بصفة منتظمة ومستمرة بوجود مناهج محددة لدراسة واضحة المعالم تؤدي من خلال المتخصصين من القائمين على التدريس إلى توافر كفاءة مهنية أو علمية معينة لدى الدارس لها.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن ما أطلق عليه الطاعن لفظ مراكز للتدريب على التفصيل والحياكة هي مجرد "مجموعة من المساكن المتفرقة" اتخذ من كل منها ما أطلق عليه مركزاً تدريبياً يتولى بنفسه جميع المهام المتصلة بها من إدارة فضلاً عن قيامه بالعملية التدريبية والإدارية والتنظيمية دون وجود مناهج دراسية محددة وفق لوائح منظمة معتمدة من قبل مديرية التربية والتعليم المختصة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق فضلاً عن ذلك عدم استجابة الطاعن لما طلب منه من تقديم اللوائح المنظمة لعمل المراكز على النحو اللازم لإمكان استمرار الترخيص بها ومن ثم فإن قرار الجهة الإدارية بإلغاء الترخيص لا يكون مخالفاً للقانون لصدور الترخيص للمذكور مقيداً بشروط وضوابط يلتزم المرخص له بالوفاء بها وأن يعمل على أن تستمر متوفرة في النشاط المرخص به طوال فترة الترخيص فإذا خرج على مقتضاها فإن للإدارة أن تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية الصالح العام للمتدربين والدارسين دون أن يتمسك في ذلك بتحصن القرار ضد الإلغاء لفوات المواعيد المقررة للإلغاء لأن قرار الترخيص قرار مستمر الأثر قانوناً ومحله ليس مجرد الترخيص بالممارسة في لحظة صدوره وحدها كما أن شروط الترخيص الخاص بمباشرة نشاط يسهم في تسيير مرفق عام ليست مقصورة على لحظة بحثه وصدوره.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن المبادئ الأساسية لتفسير وتطبيق النصوص التشريعية أن اللاحق منها ينسخ السابق وأن النسخ كما يكون صريحاً يكون ضمنياً ومن بين أساليب النسخ الضمني إعادة تنظيم الموضوع بقواعد تشريعية أو تنظيمية جديدة تسري بأثر مباشر على المراكز العامة القائمة. ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن القواعد التنظيمية العامة التي تضعها الإدارة متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في حدود ما صدرت بشأنه ما دامت لا تخالف القانون أو قاعدة تنظيمية تشريعية أعلى مرتبة منها وتلتزم جهة الإدارة بمراعاتها بمجرد صدورها ويلتزم المخاطبون بأحكامها بتوفيق أوضاعهم وفقاً لها.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن قرار وزير التعليم رقم 70 لسنة 82 قد وضع القواعد التنظيمية لتنفيذ أحكام قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 المشار إليه ومنها الالتزام بوضع قواعد لمناهج دراسية محددة تعتمد من قبل الإدارة وهو ما ثبت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بتنفيذه فضلاً عن استمراره بالمخالفة للقانون في الإدارة الفردية في كل ما يتصل بهذه المراكز من تنظيم وتدريب وتدريس وتمويل وهو الأمر الذي يخرج النشاط الذي يقوم به في مجمله عن القواعد القانونية المقررة لاستمرار الترخيص له بإدارة المراكز المرخص بها. وهو الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية الواجب توفره للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى انتفاء ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ وقضى برفض الطلب دون الحاجة إلى بحث توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه ومن ثم يكون الحكم قد أصاب وجه الحق وصادق صحيح حكم القانون فيما قضى به للأسباب سالفة الذكر، ومن ثم يكون الطعن عليه قد أقيم على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.