الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 نوفمبر 2023

الطعن 229 لسنة 9 ق جلسة 5 / 12 / 1964 غدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 18 ص 155

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد الأستاذ/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وأبو الوفا زهدي المستشارين.

-----------------

(18)

القضية رقم 229 لسنة 9 القضائية

دعوى - إجراءات 

- تكرار طلب التأجيل لذات السبب - رفض المحكمة للتأجيل وفصلها في الدعوى بعد أن أتاحت لصاحب الشأن فرصة التقدم بدفاعه - سليم.

----------------
ليس من السائغ أن يطلب الطاعن التأجيل لأكثر من مرة لنفس السبب الذي تقدم به والذي من أجله أجابته المحكمة إلى طلب فتح باب المرافعة وأتاحت له ولغيره تقديم مستندات ومذكرات ثم عندما حجزت الدعوى للحكم أتاحت له أيضاً التقدم بها، وقد قدم فعلاً دفاعه الموضوعي فلا جناح عليها إن فصلت في الدعوى بعد ذلك ومن ثم يكون النعي عليها من هذا الوجه لا أساس له من القانون ويتعين الرفض.


إجراءات الطعن

في 11/ 2/ 1963 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب السيد/ أنور قلاده فرج سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 26/ 12/ 1962 في الدعوى رقم 20 لسنة 3 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد أحمد إبراهيم جادو وآخرين وطلب السيد الطاعن بناء على طلب صاحب الشأن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وقد تعين لنظر الطعن جلسة 2/ 11/ 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 12/ 10/ 1963 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فعينت له أولاً جلسة 14/ 12/ 1963 وأخطر بها ذوو الشأن في 27/ 11/ 1963 فنظرته في جملة جلسات على النحو الوارد في محضر جلستها ثم قررت إرجاء الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذا الطعن تخلص فيما أبلغ به ناظر مدرسة المعالي الابتدائية بنين بشبرا - حيث يعمل الطاعن - المنطقة التعليمية الشمالية والإدارة العامة للتعليم الحر في أوائل العام الدراسي 1953/ 1954 من أن بعض المدرسين اقترفوا مخالفات فتولت النيابة الإدارية التحقيق فبان لها منه أن المبلغ وكثيرين من المدرسين اقترفوا مخالفات عديدة ومن ثم طلبت إقامة الدعوى التأديبية قبلهم بتقرير اتهام أودعته نسبت فيه للطاعن أنه بصفته مدرساً بالمدرسة خرج على مقتضى الواجب بأن أغفل إثبات مدة خدمته السابقة بمجلس الدولة وذلك على الاستمارة رقم 103 مدد خدمة سابقة عندما تقدم بأوراقه للتعيين بالوزارة الأمر الذي ترتب عليه أن استولى على مرتب يومي 28، 29/ 2/ 1952 من مجلس الدولة ووزارة التربية والتعليم معاً.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية أصدرت حكمها في 26/ 12/ 1962 بعزل الطاعن مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة وأقامت قضاءها على أنه ظهر لها من ملف خدمته أنه كان موظفاً في مجلس الدولة في المدة من 17/ 5/ 1950 حتى 12/ 3/ 1952 حيث قدم استقالته من العمل به وانقطع عن العمل - اعتباراً من 1/ 3/ 1952 حتى 11/ 3/ 1952 ثم قبلت الاستقالة في 29/ 3/ 1952 اعتباراً من تاريخ تقديمها في 12/ 3/ 1952 على أن تكون المدة من أول مارس حتى 11 منه إجازة بدون إذن وبدون مرتب ثم تسلم مسوغات تعيينه من المجلس في 12/ 4/ 1952. كما ثبت لها أنه استلم عمله في وزارة التربية والتعليم اعتباراً من 28/ 2/ 1952 وقرر بالاستمارة رقم 103 بعدم وجود خدمة سابقة وصدر إذن التعيين في 2/ 11/ 1952 اعتباراً من 2/ 2/ 1952 ولكنه أغفل عامداً مدة خدمته السابقة بالاستمارة 103 كما قبض راتبه كاملاً من مجلس الدولة عن شهر فبراير سنة 1952 مع أنه عمل في وزارة التربية والتعليم اعتباراً من 28/ 2/ 1952 وحصل من تلك الوزارة على راتب عن يومي 28، 29 من فبراير سنة 1952، أما إغفاله الإشارة إلى مدة عمله السابق فليس القصد من ذكر المدة السابقة في الاستمارة هو ضم مدد الخدمة السابقة فحسب بل الوقوف على عناصر الصلاحية للتعيين وآية تعمده الإغفال أنه استلم مؤهله الدراسي في 29/ 4/ 1952 ولم يقدمه للجهة الجديدة إنما قدم صورة شمسية منه حتى يخفي واقعة سابقة عمله في مجلس الدولة لما جرى عليه العمل من ختم المؤهل بخاتم الجهة التي كان يعمل بها الموظف عند استرداده لمؤهله منها وأما قبضه راتباً عن يومي 28، 29 من مجلس الدولة ووزارة التربية والتعليم فأمر يكشف عن عدم استقامته وحسن سمعته ونزاهته وهذه عناصر يجب توافرها في الموظف عند التعيين وفي أثناء الخدمة.
كما أنه ارتكب تزويراً في اشتراك ترام وجوزي عن ذلك إدارياً بالخصم من راتبه خمسة عشر يوماً وأنه ثبت لها ما تقدم فاعتبرت الطاعن عنصراً فاسداً في الإدارة الحكومية يجب بتره تطهيراً لها من أمثاله لأن رجل التعليم يصعب بشأنه وضع حد بين المسلك الوظيفي وغير الوظيفي لما يجب أن يتحلى به من خلق قويم وسيرة عطرة في كافة تصرفاته باعتباره القدوة الحسنة التي يحتذي بها تلاميذه الذين على شاكلته يشبون.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة بأسباب طعنه نعى فيها على الحكم المطعون الأوجه الآتية:
(1) بطلان الحكم المطعون فيه لإخلاله بحق الدفاع وفي بيان هذا الوجه ذكر أن المحكمة التأديبية قررت بجلسة 21/ 11/ 1962 حجز الدعوى للحكم بجلسة 26/ 12/ 1962 وغفلت عن طلبه الثابت في محضر جلستها الخاص بالاطلاع على الأوراق والتأجيل لحضور محاميه وهذا ينطوي على الإخلال بحق الدفاع إخلالاً جوهرياً يتعين معه بطلان الحكم، ومما يؤكد هذا البطلان أن المحكمة خالفت ما جاء في قرار الاتهام ومذكرة النيابة من أن ما اقترفه كان بحسن نية ولكنها غيرت الوصف والتكييف إلى جعل تصرفه صادراً بسوء نية دون أن تشير في القليل إلى رغبتها في هذا التغيير أو تنبه إليه محاميه.
(2) بطلان إجراءات تحقيق الدعوى مما أثر في الحكم المطعون عليه وذلك بأن اعتبرت المحكمة أنه التحق بخدمة وزارة التربية والتعليم في 28/ 2/ 1952 ولم يقدم استقالته من مجلس الدولة إلا في 12/ 3/ 1952 في حين أنه ثبت أن تقديم استقالته كان في 28/ 2/ 1952 مشروطاً بصرف المكافأة ثم أردف بطلبه الأول... طلباً ثانياً في 12/ 3/ 1952 تنازل فيه عن المكافأة "يراجع ملف خدمته" وفعلاً جاء طلبه الثاني مشيراً إلى طلبه الأول من التقرير بتنازله عن المكافأة رغبة منه في قبول الاستقالة فصدر قرار رئيس مجلس الدولة في 29/ 3/ 1952 مشيراً إلى الاستقالة الأولى في 28/ 2/ 1952 وإلى طلبه الثاني المقدم في 12/ 3/ 1952 ثم وقع إقرار قيامه بالعمل في وزارة التربية والتعليم في 28/ 2/ 1952 ولكنه لم يباشر عمله إلا في 2/ 3/ 1952 ومن ثم اعتبر يوم 28 وأول مارس إجازة عارضة وأما يوم 29/ 2/ 1952 فكان يوم جمعة وإذ كانت له مصلحة جوهرية في إقامته بالعمل في أول مارس لأن قوانين الوزارة تقضي بأن من يعين ابتداء من أول مارس لا يعتبر موظفاً على البند الأول... وإنما يعتبر موظفاً بمكافأة بحيث لا يصرف له مرتب في الإجازة الصيفية ويمكن للوزارة الاستغناء عنه بمجرد انتهاء السنة الدراسية واستطرد ذاكراً أنه وجد أن حصوله على مسوغات التعيين يحتاج إلى وقت طويل وأن التعيين لا يكون إلا بعد استيفاء كل مسوغاته ومن ثم اضطر إلى تقديم الصور الشمسية من المسوغات وقد تم له كل ذلك في الفترة السابقة على 12/ 4/ 1952، وأنه لم يتمكن من سحب المسوغات من مجلس الدولة إلا في 27/ 4/ 1952 وإذ عول الحكم على أنه سحب مسوغات تعيينه في 12/ 4/ 1952 ذاكراً أنه تعمد عدم تقديمها فيكون مخالفاً لما هو ثابت في الأوراق ويكون استخلاص سوء النية استخلاصاً غير سائغ وكذلك يكون استخلاصه سوء النية من الأفعال التي ارتكبها على سابقة نسبة تزوير إليه في اشتراك ترام مع انتفاء هذه التهمة عنه إذ لا يعتبر الإثم السابق على فرض قيامه دليلاً على الإثم الجديد فيما لو كان القديم ثابتاً - كما أن الجزاء على الإثم القديم لم يعدمه الصلاحية في البقاء في الوظيفة بدليل أنه بقى موظفاً في مجلس الدولة بعد توقيع الجزاء فانتقلت صلاحيته إلى وظيفته الجديدة دون أن يفقدها.
ثم أردف إلى ما تقدم أن المحكمة كونت عقيدتها في إثبات الإثم على أمور لم يقم عليها قرار الاتهام ولكنها وردت في محاضر الجلسات واهتمت بها فقد قيل أنه سبق الحكم عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش من المحاكم الجنائية مع أنه برئ نهائياً من هذه التهمة في 20/ 10/ 1963 وقدم صورة رسمية من حكم البراءة (تراجع حافظة مستنداته) كما أشار إلى أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان من وجه آخر إذ قضت تلك المحكمة في الدعوى بعد سقوطها بمضي المدة ذلك أن آخر إجراء صحيح في التحقيق يرجع إلى 2/ 10/ 1954 ثم صدر قرار وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد بإحالته إلى مجلس تأديب في 31/ 3/ 1955 ولم يتخذ أي إجراء بعد ذلك حتى حرر تقرير الاتهام في 30/ 7/ 1960 أي بعد انقضاء أكثر من خمس سنوات على آخر إجراء صحيح ولا يقطع المدة إحالة الأوراق إلى ديوان المحاسبات لاتخاذ إجراءات المحاكمة التأديبية إذ لم يكن هو أحد الذين أحيل التحقيق معهم إلى ديوان المحاسبات كما هو ثابت من قرار السيد وكيل الوزارة المشار إليه آنفاً.
(3) الوجه الثالث: مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره.
وشرح هذا الوجه فقال إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على إغفال بيان مدة الخدمة السابقة في الاستمارة رقم 103 وأن هذه الورقة لها صفة الرسمية وتعول عليها الجهة الإدارية للوقوف على مدى صلاحية المرشح للتعيين بحسب مفهوم المادة 6 من القانون 210 لسنة 1951 وأخذ الحكم هذا الأمر على هذا النحو فيه مخالفة للقانون لأن الاستمارة 103 ليست من الأوراق المنصوص عليها في المادة 6 المشار إليها وغير معدة لإثبات مدة الخدمة وهي لا تعدو أن تكون إقراراً من الموظف عن المدة السابقة التي يحق له ضمها وإذ أن منشورات المالية تحتم عدم ضم المدة التي تقل عن سنتين وطالما أن مدته أقل من سنتين فليس له أن يضمها فإذا ما أغفلها فلا إثم عليه وبالتالي يبدو الحكم المطعون وقد وصفه بسوء النية في هذا الإغفال منافياً للقانون. (يراجع منشور رقم 2 لسنة 1931 في الوظائف الفنية) أما استخلاصه توافر سوء النية في قبضه راتب يومي 28، 29 فبراير سنة 1952 من مجلس الدولة ومن وزارة التربية والتعليم فهو غير سديد أيضاً إذ أن قبضه أجر هذين اليومين كان ضمن شهر فبراير سنة 1952 والأجر يصرف له مشاهرة وقد ظل يعمل في وزارة التربية والتعليم طوال أربعة أشهر لم يقبض راتباً إذ صرفت له أجره دفعة واحدة بالإذن رقم 8380 ورقم 633137 مجموعة 13 ولما أن علم أن تنازله عن المكافأة غير قانوني قدم طلباً إلى مجلس الدولة بخصم أجر اليومين من المكافأة التي يستحقها وسجل هذا الطلب في حينه في دفتر الوارد بخط الموظف المختص "محمد أحمد الخراط" ثم أضاف إلى ما تقدم أنه قضي ببراءته نهائياً في الاتهام الكيدي الذي وجه إليه في تهمة الإقراض بالربا الفاحش وعلى ذلك طلب الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه أو إلغاءه وبراءته مما أسند إليه أو إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت مذكرة بوجهة نظرها في هذا الطعن بسطت فيها الوقائع على النحو السالف ذكره ثم قررت أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية وذكرت عن موضوعه أنه ثبت لها أن الطاعن كان موظفاً في مجلس الدولة ثم قدم استقالة منه وقدم طلب تعيين إلى وزارة التربية والتعليم فعين فيها وتسلم عمله اعتباراً من 28/ 2/ 1952 وأخفى مدة خدمته السابقة ولم يذكرها في الاستمارة 103 كما حصل على راتبه كاملاً في يومي 28، 29 من فبراير سنة 1952 من مجلس الدولة ومن وزارة التربية والتعليم كذلك ارتكب جريمة تزوير في اشتراك ترام واستعماله وقيدت الواقعة ضده جنحة برقم 1887 لسنة 51 جنح مصر القديمة ولكن النيابة العامة اكتفت بمجازاته إدارياً وقد جوزي فعلاً عن ذلك في أثناء عمله بمجلس الدولة بالخصم من راتبه خمسة عشر يوماً ونعت تصرفه بتقديم صور من مسوغات التعيين بالانحراف إذ استلمها في 29/ 4/ 1952 ولم يقدمها إلى وزارة التربية لكي يخفي واقعة اشتغاله بعمل سابق كما قبض راتباً من جهتين حكوميتين عن يومي 28، 29 فبراير لسنة 1952 وراح يبرر ذلك بطرق منحرفة وخارجة عن قاعدة السلوك المستقيم ثم أشارت المذكرة إلى أن الحكم استخلص واقعة الاتهام استخلاصاً سائغاً ولا يعيبه أن استظهر من اقتراف الطاعن واقعة التزوير في اشتراك الترام ما ينم على سوء سلوكه ومن ثم فقده الصلاحية للاستمرار في العمل الوظيفي، ولا حجة في القول ببطلان الحكم لإغفاله دفاعه إذ الثابت أنه رد على دفاعه بما فيه الكفاية وليس من اللازم أن يتعقب كل ما يسوقه الطاعن من أوجه الدفاع - وإذا ما انتهى إلى أن الفصل من الخدمة هو الجزاء الوفاق لما اقترف الطاعن من إثم فيكون الجزاء ملائماً ولا مجال لإعمال الرقابة على ما كونت منه المحكمة التأديبية عقيدتها واقتناعها فيما انتهت إليه وبالتالي يبدو الحكم سليماً لأسبابه التي قام عليها ويكون الطعن عليه واجب الرفض.
ومن حيث إن الطاعن عقب على ما جاء في مذكرة هيئة المفوضين بمذكرة أخيرة ردد أوجه دفاعه السابقة وتمسك بما جاء فيها وأضاف عليه أن الحكم المطعون فيه اتخذ من اتهام سابق وجه إليه في تزوير اشتراك ترام دليلاً على اقترافه ما أسند إليه حالياً وفي ذلك قلب للأوضاع القانونية إذ يجب أن يقوم الاتهام الجديد على أدلة تتوافر له بذاته منبتة الصلة عن كل مؤاخذة سابقة إذ كل ما لها من أثر أن تعتبر ظرفاً مشدداً في وزن الجزاء إذ ما ثبت الاتهام الجديد.
أما عن موضوع تهمة التزوير في الاشتراك رقم 878 فقد تبين أنه بدل فاقد للاشتراك رقم 628 وأن الطاعن ابن أحد عمال الترام السابقين الذين يحملون اشتراكات بالمجان وقد بان من التحقيق أن الاشتراك المضبوط صدر فعلاً من الشركة وعليه ختم من يمثلها قانوناً وليس فيه من تغيير للحقيقة وإنما جرى التحقيق معه بناء على بلاغ كيدي من أحد مفتشي الشركة لسوء تفاهم نشأ بينه وبين والده في أثناء العمل، ومع التسليم الجدلي بأن الاشتراك المضبوط به المحو والكشط الظاهرين فتكون الجريمة مستحيلة بناء على نظرية "التزوير المفضوح الظاهر" أن تضمن الاشتراك تغييراً للحقيقة، أما وقد ثبت من التحقيق أن هذا الاشتراك انتهى العمل به فعلاً قبل ضبطه ولا تغيير في هذا التاريخ فيكون استعماله بمثابة إثبات صلته بأحد عمال الشركة السابقين وقد جرى عرف الشركة بمجرد ذكر صلة القربى بهم يباح لهم الركوب بالمجان إذ لا يكون من شأن هذا الاشتراك منحه حقاً ليس له.
أما عن الاتهام في جريمة الإقراض بالربا الفاحش والذي تأثرت به المحكمة المطعون في حكمها بدليل ما جاء في محاضر جلساتها فقد قضى فيه بالبراءة وفند القضاء تلفيق وكيد خصومه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن النيابة الإدارية أودعت تقرير الاتهام في شهر أكتوبر سنة 1960 ونسبت للطاعن أنه بصفته مدرساً بالمدرسة ارتكب: -
خرج على مقتضى الواجب بأن أغفل إثبات مدة عمله السابقة بمجلس الدولة وذلك على الاستمارة رقم 103 مدد خدمة سابقة عندما تقدم بأوراقه للتعيين في وزارة التربية الأمر الذي ترتب عليه أن استولى على مرتب يومي 28، 29/ 2/ 1952 من مجلس الدولة ووزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فقد ثبت من مطالعة محضر جلسة 5/ 9/ 1962 أن المحكمة المطعون في حكمها أصدرت القرار الآتي:
من حيث إن الحاضر عن المتهم طلب التأجيل لأن موكله طريح الفراش ولم يستوف أوجه دفاعه والمستندات المؤيدة له ورغبة في تحقيق العدالة على الوجه المنشود قررت المحكمة إعادة القضية للمرافعة لجلسة 21/ 11/ 1962 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات وفي الجلسة الأخيرة طلب الحاضر عنه أجلاً للاطلاع وحضور محاميه فحجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة 26/ 12/ 1962 وصرحت بتقديم مذكرات ومستندات.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة مستفيضة لهذه المحكمة تاريخها 24/ 12/ 1962 قبل الجلسة المحددة للنطق بالحكم وهي جلسة 26/ 12/ 1962 استوفى منها أوجه دفاعه وأن ضمنها أصلياً طلب فتح باب المرافعة لاطلاع محاميه إلا أنه طلب احتياطياً الحكم ببراءته مما أسند إليه اعتماداً على الأسباب الموضوعية التي ذكرها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لا يعاب من هذا الوجه لأنه ليس من السائغ أن يطلب الطاعن التأجيل لأكثر من مرة لنفس السبب الذي تقدم به والذي من أجله أجابته المحكمة إلى طلب فتح باب المرافعة وأتاحت له ولغيره تقديم مستندات ومذكرات ثم عندما حجزت الدعوى للحكم أتاحت له أيضاً التقدم بها، وقد قدم فعلاً دفاعه الموضوعي فلا جناح عليها إن فصلت في الدعوى بعد ذلك ومن ثم يكون النعي عليها من هذا الوجه لا أساس له من القانون ومتعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإن ما وقعت فيه المحكمة المطعون في حكمها من أخطاء في ذكر بعض التواريخ لا ينفي التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن إذ قرر في ذيل الاستمارة رقم 103 وتحت عنوان الإقرار بعدم وجود معاش ولا مرتب من الحكومة بأنه ليس لديه معاش ولا مرتب من الحكومة وبصرف النظر عن تحديد ما أعد له الأنموذج رقم 103 فإن هذا الإقرار لا يطابق الحقيقة سواء أكان الهدف منه الإسراع في التعيين أم الحصول على أجر من جهتين إداريتين في وقت واحد، كما لا ينفي عنه التهمة الثانية وإن سلم جدلاً معه أنه قدم طلباً بخصم أجر يومي 28، 29 من فبراير سنة 1952 من المكافأة التي يستحقها لأن ذلك لو حصل يكون بعد أن قبض الأجر مرتين وكان يتعين عليه رد أجر اليومين إلى مجلس الدولة بعد انقطاعه الفعلي بالاستقالة منذ 28/ 2/ 1952 لا بعد ذلك بمدة طويلة، أما ما ذكره من تعليلات في دفاعه المشار إليه آنفاً فلا يكفي في دحض هذه التهمة عنه.
ومن حيث إنه فيما يختص بالقول بأن الدعوى التأديبية قد سقطت لرفعها بعد خمسة أعوام من انتهاء التحقيق أو من اتخاذ إجراء نهائي فيها فإن هذا القول على غير أساس من القانون إذ أن المشرع أضاف المادة 102 مكرراً بالقانون رقم 73 لسنة 1957 إلى قانون موظفي الدولة والتي نصها يجري على النحو الآتي: (لا تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة إلى الموظفين طول وجودهم في الخدمة وتسقط بمضي خمس سنوات من تاريخ تركهم الخدمة لأي سبب كان). كما نصت الفقرة الأخيرة منها على أنه (إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة إلى أحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة). وقد نشر هذا القانون في 4/ 4/ 1957 وأصبح واجب العمل به من تاريخ نشره، ومن ثم يكون هذا الدفع واجب الرفض.
ومن حيث إن ما أسند إلى الطاعن من اتهام لا يتناسب البتة مع ما وقع عليه من جزاء وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كان للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك. إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة - شأنها كشأن أية سلطة تقديرية أخرى - ألا يشوب استعمالها غلو. ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرية بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره إذ في هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملائمة الظاهرة مع الهدف الذي تغياه القانون من التأديب وإذا كانت درجة خطورة الذنب الإداري لا تتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره فيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية والمعيار في تحديد ذلك موضوعي لا شخصي، وأن تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية ونطاق عدم المشروعية في هذه الصورة يخضع لرقابة هذه المحكمة.
والإمعان في الشدة يؤدي إلى إحجام عمال المرافق العامة عن حمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة كما أن الإفراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى الاستهانة بالواجبات ومن ثم يجعل للجزاء حداً وسطاً بين هذين النقيضين اللذان يتعارضان مع حسن سير المرافق العامة وذلك بتقدير الجزاء تقديراً ملائماً للذنب المقترف دون إمعان في شدة أو إغراق في شفقة.
وبتطبيق هذا المعيار يكون الحكم متسماً بعدم الملاءمة في توقيعه الجزاء السابق ومن ثم يتعين إلغاؤه وتوقيع الجزاء الملائم للذنب المقترف وهو الاكتفاء بالخصم من راتب الطاعن خمسة عشر يوماً.
ومن حيث إن الحكومة أصابها الخسر في الطعن فتحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون لصالحه بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.

الطعن 6150 لسنة 58 ق جلسة 15 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 38 ص 223

جلسة 15 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

----------------

(38)
الطعن رقم 6150 لسنة 58 القضائية

أمن دولة. قانون "تفسيره". معارضة. طوارئ". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أثر الطعن".
جواز الطعن بالمعارضة في الأحكام الصادرة حضورياً اعتبارياً من محاكم أمن الدولة المستأنفة. أساس ذلك؟
الحكم بعدم جواز المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي. خطأ في القانون.
عدم امتداد أثر الطعن لمن لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية.

----------------
لما كانت النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن وآخرين بوصف أنهم في يوم 8 من ديسمبر سنة 1981 تقاضوا من المستأجرة..... المبالغ المبينة بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار "خلو رجل" وتخلفوا بدون مقتض عن تسليمها العين المؤجرة، فأدانتهم محكمة أمن الدولة الجزئية...... وقضت بالعقوبة وإذ استأنفوا قضت محكمة الجنح المستأنفة حضورياً اعتبارياً للطاعن وآخر حضورياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. فعارض الطاعن حيث قضت المحكمة بعدم جواز معارضته الاستئنافية تأسيساً على أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة في الطعون في أحكام محكمة أمن الدولة الجزئية لا تجوز فيها المعارضة عملاً بنص المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة. لما كان ذلك وكان القانون - سالف الذكر - لم يلغ المعارضة كطريق من طرق الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم جنح أمن الدولة إذ لم ينص صراحة على عدم سريان أحكام المواد 241، 398 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية - التي تنظم ذلك الطريق من طرق الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة الجزئية أو المستأنفة كما لم يشتمل على نص يتعارض مع تلك النصوص، أو ينظم من جديد طرق الطعن في الأحكام تنظيماً كاملاً بحيث يعتبر ناسخاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص، ولا ينال من ذلك ما جرى عليه نص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980 - المار ذكره. على أن "تكون أحكام محاكم أمن الدولة الجزئية قابلة للطعن فيها أمام دائرة متخصصة بمحكمة الجنح المستأنفة ويجوز الطعن في الأحكام التي تصدرها هذه الدائرة بالنقض وإعادة النظر، وذلك أن الشارع لم يقصد من إيراد هذا النص إعادة تنظيم طرق الطعن وإنما قصد إلى التمييز بين محاكم أمن الدولة الجزئية المنشأة وفقاً للقانون المذكور والتي يجوز الطعن في أحكامها بطرق الطعن المقررة في قانون الإجراءات الجنائية وبين محاكم أمن الدولة الجزئية "طوارئ" المشكلة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ التي لا يجوز الطعن في أحكامها بأي طريق من طرق الطعن ولا تصير أحكامها نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية عملاً بالمادة 12 من القانون ذاته، فضلاً عن تخصيص دائرة بمحكمة الجنح المستأنفة لنظر الطعون في أحكام محكمة أمن الدولة الجزئية ضماناً لحسن سير العدالة وتوحيد المبادئ القانونية والقضائية بالنسبة للقضايا التي تختص بها وسرعة الفصل فيها، وليس أدل على ذلك مما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 105 لسنة 1980 وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن المشروع ذاته، إذ جاء بالأولى ما نصه "أما بالنسبة لأحكام محاكم أمن الدولة الجزئية، فهي خاضعة لإجراءات الطعن العادية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية فيما عدا الطعن بالمعارضة إذ نص المشروع على عدم جواز الطعن في الأحكام بالمعارضة..." وجاء بالثانية أن اللجنة أدخلت بعض التعديلات على أحكام المشروع كما ورد من الحكومة وأهم هذه التعديلات ما يلي: (أولاً) ....... (ثانياً) ...... (ثالثاً) ...... (رابعاً) إباحة الطعن بالمعارضة في الأحكام التي تصدر من دائرة الجنح المستأنفة في الطعون في أحكام محاكم أمن الدولة الجزئية وحذف النص على حظر هذا الطعن الوارد في نهاية الفقرة الثالثة من المادة (8) من المشروع "وقد أخذ الشارع بما انتهت إليه لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وصدر القانون المذكور خالياً من النص على عدم جواز المعارضة، مما مفاده إباحة الطعن بطريق المعارضة في تلك الأحكام ما دام القانون لم ينص صراحة على عدم جوازها، خاصة وقد جرى نص المادة الخامسة من القانون ذاته على أن "فيما عدا ما نص عليه في هذا القانون تتبع الإجراءات والأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجنائية......" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي يكون قابلاً للمعارضة إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، وكان الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم جواز معارضة الطاعن الاستئنافية استناداً إلى نص المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980 - على السياق المتقدم - قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر تلك المعارضة من حيث الشكل والموضوع فإنه يتعين نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه....... إذ لم يكن طرفاً في المعارضة الاستئنافية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ...... طاعن (2) ...... (3) ...... أولاً: وهم مؤجرون تقاضوا من المستأجرة...... المبالغ المبينة بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار كخلو رجل. ثانياً: بصفتهم السابقة تخلفوا دون مقتض عن تسليم العين المؤجرة إلى المستأجرة المجني عليها. وطلبت عاقبهم بالمواد 1، 26/ 1، 77، 80 من القانون 49 لسنة 1977 المعدل والمواد 23، 24، 25/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والمادة 336 من قانون العقوبات ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهم ثلاثة أشهر وبتغريمهم ألفي جنيه مثلى المبلغ تودع صندوق تمويل الإسكان بالمحافظة وإلزامهم برد مبلغ ألف جنيه للمجني عليها وبحبس كل منهم ثلاثة أشهر وبتغريمهم خمسمائة جنيه عن الثانية. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة إسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بالنسبة للأول والثاني وحضورياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المحكوم عليه الأول وقضى في معارضته بعدم جواز المعارضة.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز معارضته الاستئنافية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم الاستئنافي المعارض فيه صدر حضورياً اعتبارياً وهو ما تجوز فيه المعارضة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن وآخرين بوصف أنهم في يوم 8 من ديسمبر سنة 1981 تقاضوا من المستأجرة...... المبالغ المبينة بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار "خلو رجل" وتخلفا بدون مقتض عن تسليمها العين المؤجرة، فأدانتهم محكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية وقضت عليهم بالعقوبة وإذ استأنفوا قضت محكمة الجنح المستأنفة حضورياً اعتبارياً للطاعن وآخر وحضورياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. فعارض الطاعن حيث قضت المحكمة بعدم جواز معارضته الاستئنافية تأسيساً على أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة في الطعون في أحكام محكمة أمن الدولة الجزئية لا تجوز فيها المعارضة عملاً بنص المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة. لما كان ذلك وكان القانون - سالف الذكر - لم يلغ المعارضة كطريق من طرق الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم جنح أمن الدولة إذ لم ينص صراحة على عدم سريان أحكام المواد 241، 398 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية - التي تنظم ذلك الطريق من طرق الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة الجزئية أو المستأنفة كما لم يشتمل على نص يتعارض مع تلك النصوص، أو ينظم من جديد طرق الطعن في الأحكام تنظيماً كاملاً بحيث يعتبر ناسخاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص. ولا ينال من ذلك ما جرى عليه نص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980 - المار ذكره. على أن "وتكون أحكام محاكم أمن الدولة الجزئية قابلة للطعن فيها أمام دائرة متخصصة بمحكمة الجنح المستأنفة ويجوز الطعن في الأحكام التي تصدرها هذه الدائرة بالنقض وإعادة النظر، ذلك أن الشارع لم يقصد من إيراد هذا النص إعادة تنظيم طرق الطعن وإنما قصد إلى التمييز بين محاكم أمن الدولة الجزئية المنشأة وفقاً للقانون المذكور والتي يجوز الطعن في أحكامها بطرق الطعن المقررة في قانون الإجراءات الجنائية وبين محاكم أمن الدولة الجزئية "طوارئ" المشكلة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ التي لا يجوز الطعن في أحكامها بأي طريق من طرق الطعن ولا تصير أحكامها نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية عملاً بالمادة 12 من القانون ذاته، فضلاً عن تخصيص دائرة بمحكمة الجنح المستأنفة لنظر الطعون في أحكام محكمة أمن الدولة الجزئية ضماناً لحسن سير العدالة وتوحيد المبادئ القانونية والقضائية بالنسبة للقضايا التي تختص بها وسرعة الفصل فيها، وليس أدل على ذلك مما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 105 لسنة 1980 وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن المشروع ذاته، إذ جاء بالأولى ما نصه "أما بالنسبة لأحكام محاكم أمن الدولة الجزئية، فهي خاضعة لإجراءات الطعن العادية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية فيما عدا الطعن بالمعارضة إذ نص المشروع على عدم جواز الطعن في الأحكام بالمعارضة..." وجاء بالثانية أن اللجنة أدخلت بعض التعديلات على أحكام المشروع كما ورد من الحكومة وأهم هذه التعديلات ما يلي: (أولاً) ...... (ثانياً) ...... (ثالثاً) ...... (رابعاً) إباحة الطعن بالمعارضة في الأحكام التي تصدر من دائرة الجنح المستأنفة في الطعون في أحكام محاكم أمن الدولة الجزئية وحذف النص على حظر هذا الطعن الوارد في نهاية الفقرة الثالثة من المادة (8) من المشروع" وقد أخذ الشارع بما انتهت إليه لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وصدر القانون المذكور خالياً من النص على عدم جواز المعارضة، مما مفاده إباحة الطعن بطريق المعارضة في تلك الأحكام ما دام القانون لم ينص صراحة على عدم جوازها، خاصة وقد جرى نص المادة الخامسة من القانون ذاته على أن "فيما عدا ما نص عليه في هذا القانون تتبع الإجراءات والأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجنائية..... لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي يكون قابلاً للمعارضة إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، وكان الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم جواز معارضة الطاعن الاستئنافية استناداً إلى نص المادة الثامنة من القانون رقم 105 لسنة 1980" - على السياق المتقدم قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر تلك المعارضة من حيث الشكل والموضوع فإنه يتعين نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه........ إذ لم يكن طرفاً في المعارضة الاستئنافية، ودون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.

الطعن 21637 لسنة 87 ق جلسة 11 / 3 / 2020

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأربعاء (هـ)
-----
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله و علي عبد البديع سامح أبو باشا و محمد عبد الله الجندي نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / تامر نصار.

وأمين السر السيد / حازم خيري .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 16 من رجب سنة 1441ه الموافق 11 من مارس سنة2020م.
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 21637 لسنة 87 قضائية.
المرفوع من
...... ( الطاعن )
ضد
النيابة العامة ( المطعون ضدها )

-------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 10580 لسنة 2017 مركز أجا ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم 1594 لسنة 2017 كلي جنوب المنصورة ) بوصف أنه في يوم 28 من يونيه سنة 2017 بدائرة مركز أجا محافظة الدقهلية ...
هتك عرض المجنى عليها / ...... بأن قام بإيلاج عضوه الذكرى بدبرها وكان ذلك بالقوة حال كونه ممَّن له سلطة عليها زوجها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
أحرز أداة " خرزانة " بدون مسوغ قانوني أو مبرر من ضرورة شخصية أو حرفية .
وأحالته إلي محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 9 من سبتمبر سنة 2017 وعملاً بالمادة 268 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدَّل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدَّل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة ...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عمّا أُسند إليه للارتباط وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه بشخصه في هذا الحكم بطريق النقض في 2 من نوفمبر سنة 2017 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعن في 7 من نوفمبر سنة 2017 موقعٌ عليها من الأستاذ / ..... المحامي .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
من حيث إنَّ الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنَّه إذ دانه بجريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة حال كونه ممَّن له سلطة عليها زوجها وأحرز أداة خيرزانة ممَّا تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أنَّ جريمة هتك العرض بالقوة لا تتوافر أركانها لكون المجني عليها زوجته شرعاً وعوَّل على تحريات الشرطة رغم عدم جديَّتها وأنها مجرد ترديد لأقوال المجني عليها لخصوصيتها وعدم تصور العلم بها وأنَّ التحريات الأولية لم تذكر ارتكاب الطاعن لتلك الواقعة والتي خلى منها أيضاً محضر جمع الاستدلالات فضلاً عن عدم وجود شاهد حال ارتكابها والتفت إيراداً ورداً عن دفعه باستحالة حدوث الواقعة وفق تصوير المجني عليها ودون أن تعني بتحقيقه ، كل ذلك ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله " .... تتحصل واقعة الدعوى في أنَّ المتهم أراد أن يُشبع شهوته الجنسية بطريق شاذ لا يسلكه الشخص العادي بمواقعة زوجته المجني عليها لواطاً من الدبر تاركاً موضع الحرث الذى أحلَّه الله به بإتيانه اللواطة الصغرى غير عابئ بما في ذلك من إيلام بدني ونفسي لزوجته فلما كانا بغرفة نومهما طلب منها معاشرتها دبراً وهو حال المسرفين ولمَّا أبت على نفسها ذلك ما كان منه إلا أن خلع عنها ثيابها وكبَّها على وجهها بعد أن أوسعها بعصا ضرباً وهتك عرضها كرهاً عنها بأن شدَّ وثاقها من يديها وقدميها في سرير نومها وجثم فوقها غير مكترث بصراخها ألماً بفعلته الشنعاء حينها أولج ذكره بدبرها غصباً لما ليس له حق عليها فخلفت جريمته جروحاً بالمجني عليها من الدبر دليلاً عليه أوردها تقرير الطب الشرعي " . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ هتك العرض هو كل فعل مُخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليها وعورتها وتخدّش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية ، بل يكفي لتوافر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسدها قد بلغ من الُفحش والإخلال بالحياء والعرض درجة تسوغ اعتباره هتك عرض كما هو الحال في الدعوى المطروحة ذلك أنَّ إتيان الزوجة من دبر لا تبيحه علاقة الزوجية بين الطاعن والمجني عليها شرعاً وهو المرجع فيما يجوز للزوج الاستمتاع به من زوجته وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ، ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذى توخَّاه منها ، ويكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتُكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها ، وكان ما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يكفي للتدليل على أركان جريمة هتك العرض بالقوة فإنَّ ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحقيقات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ولا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغت به المجني عليها لأنَّ مفاد ذلك أنَّ مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ولمَّا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى التحريات التي أوردت مضمونها ومؤداها ولم تعوّل على التحريات الأولية المشار إليها على فرض صحة ذلك فأضحت خارجة عن دائرة استدلال الحكم فإنَّ منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا عبرة عمَّا اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة ممَّا استخلصته من التحقيقات ومن ثمَّ فإنَّ ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لمَّا كان ما تقدم ، وكان من المقرر أنَّ القانون لا يشترط لثبوت جريمة هتك العرض والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معيَّنة بل للمحكمة أن تُكوّن عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها مادام الرأي الذى يستخلصه منها مستساغاً ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أنَّ الطاعن لم يطلب التحقيق الذى أشار إليه في أسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبه منها . لمَّا كان ما تقدم ، فإنَّ الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعيَّناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

الطعن 642 لسنة 9 ق جلسة 5 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 17 ص 147

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم المستشارين.

----------------

(17)

القضية رقم 642 لسنة 9 القضائية

موظف - إعادة تعيين 

- فترة الاختبار - المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - القصد منها الوقوف على مدى صلاحية الموظف الذي يعين لأول مرة في أدنى الدرجات بخدمة الحكومة - انتفاء هذه الحكمة في حالة موظف له مدة خدمة سابقة تربو على السنتين وثبتت صلاحيته للعمل، ثم أعيد تعيينه في ذات الكادر وبنفس الدرجة - أساس ذلك وأثره: بطلان قرار فصله وفقاً لنص المادة 19 سالفة الذكر.

---------------
إن فترة الاختبار المنصوص عليها في المادة (19) من القانون 210 لسنة 1951 إنما القصد منها الوقوف على مدى استعداد الموظف، الذي يعين لأول مرة في أدنى الدرجات بخدمة الحكومة، للوظيفة التي عين فيها، فإذا كان لهذا الموظف مدة خدمة سابقة في الحكومة تربو على السنتين وثبتت صلاحيته للعمل ثم أعيد تعيينه في ذات الكادر وبنفس الدرجة فإن الحكمة التي تغياها المشرع من وضع الموظف تحت الاختبار تكون منتفية في هذه الحالة.
ومن حيث إن الحال في شأن المدعي وإن كان قد عين بالطريقة التي تتبع في التعيين بخدمة الحكومة لأول مرة إلا أن ذلك لا ينفي أن له خدمة سابقة في الحكومة تربو على السنتين وانتهت بالاستقالة، فلا يجوز إذن أن يعاد اختباره طبقاً للمادة (19) المشار إليها طالما أن تعيينه الأخير هو في حقيقته إعادة تعيين في نفس الكادر وذات الدرجة التي كان معيناً عليها من قبل ولا خلاف في طبيعة العمل السابق عنه في العمل اللاحق، فتعيينه السابق كان على الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي وكذلك كان تعيينه الأخير وكان هذا التعيين في ظل قانون لا يعرف سوى الدرجات الحالية موزعة بين الكادرات الأربعة، والمدعي حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة، وكان على جهة الإدارة أن تضعه في العمل الذي يتفق وتخصصه من بداية تعيينه، وهذا ما فعلته أخيراً.
ومن حيث إن المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 هي استثناء من الأصل وقيد وضعه الشارع على من يعين لأول مرة بخدمة الحكومة وفي أدنى الدرجات ومن ثم فلا يجوز التوسع فيه ولا حمله على غير ما هدف إليه المشرع وكان على جهة الإدارة حيال المدعي أن تسلك الطرق المعتادة المنصوص عليها في القانون لإنهاء خدمة الموظف فإن هي لجأت في الحالة المعروضة إلى فصل المدعي بالتطبيق لحكم المادة (19) المشار إليها فقد أخطأت تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً مما يعيب القرار الصادر بالفصل ويبطله وذلك على الأساس الذي قام عليه.


إجراءات الطعن

بتاريخ 13/ 4/ 1963 أودع السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته المشار إليها سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بجلسة 11/ 2/ 1963 من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في القضية رقم 519 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ فوزي جرجس منصور سليمان ضد السيدين وزير الخزانة ومدير مصلحة الجمارك والقاضي "بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الخزانة في 27/ 3/ 1961 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي أوردها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 519 لسنة 9 القضائية في 16/ 11/ 1961 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر في 27/ 3/ 1961 بفصله عن عمله لمخالفة هذا القرار للقانون. وقال في بيان دعواه إنه رفض تعيينه في الوظيفة التي رشحه لها ديوان الموظفين وذلك في 4/ 7/ 1954 فأقام الدعوى رقم 444 لسنة 4 القضائية قضي فيها بتاريخ 18/ 2/ 1958 بإلغاء تخطيه في التعيين وقد امتنعت الجهة الإدارية عن تنفيذ هذا الحكم مما اضطره لإبلاغ النيابة العامة ثم استجابت الجهة الإدارية وأصدرت قراراً بتعيينه معاوناً من الدرجة الثامنة الكتابية بجمرك بور سعيد تحت الاختبار لمدة سنتين على الأكثر اعتباراً من 11/ 2/ 1959 بماهية قدرها تسعة جنيهات، فتظلم المدعي من ذلك وطالب بتنفيذ الحكم على وجه الصحيح وأخيراً صدر أمر إداري رقم 105 في 29/ 7 سنة 1959 متضمناً تعديل أقدميته في الدرجة فقط بجعلها راجعة إلى 4/ 7/ 1954 مع صرف الفروق من تاريخ استلامه العمل ولكن هذا الأمر لم يحقق رغبات المدعي المتولدة له عن الحكم المذكور فأخذ يرسل تظلمات دون جدوى ثم أخطر المدعي في 29/ 3/ 1961 بحصوله على تقريرين متتاليين عن عامي 1959، 1960 بتقدير كفايته بدرجة ضعيف وبتاريخ 4/ 4/ 1961 أعلن بقرار فصله من الخدمة لعدم قضاء فترة الاختبار على ما يرام، وهذا في الوقت الذي كان يقوم فيه المدعي بعمله على أحسن وجه ولم يمتثل لعامل الفوضى وقد منح من رؤسائه ذوي الضمير الحي درجة كافية مشرفة وأن مدة خدمته السابقة بالحكومة قد ضمت وبلغت ست سنوات وبلغ مرتبه اثنا عشر جنيهاً في الشهر من تاريخ استلامه العمل بالمصلحة ومن ثم يكون المدعى عليه الثاني (مصلحة الجمارك) قد أساء استعمال السلطة واتخذ التقارير السرية السنوية سلاحاً في يده لتنفيذ خطته المبينة مقابل شكوى المدعي للنيابة من عدم تنفيذ المدعى عليه الثاني الحكم الصادر لمصلحة المدعي وفضلاً عن ذلك فإن السيد/ مدير جمرك بور سعيد السابق الذي نسب إليه المدعي في القضية الإدارية 461/ 60 نيابة إدارية، تهمة التستر على اغتصاب حقوق الخزانة العامة، وقد ثبت من تحقيق النيابة الإدارية صحة الواقعة كما وأن قرار الفصل صدر بالمخالفة للقانون إذ أن اعتباره تحت الاختبار من 11/ 2/ 1959 يتعارض مع الحكم القضائي الصادر لصالحه لأنه بموجب هذا الحكم يعتبر مثبتاً أسوة بزملائه الذين عينوا معه بالقرار الوزاري الصادر في 4/ 7/ 1954 وهذا الأثر المترتب على الحكم المذكور.
أجابت مصلحة الجمارك على الدعوى بأن المدعي حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة عام 1944 وعين في وظيفته من الدرجة الثامنة على اعتماد مؤقت بوزارة التموين اعتباراً من 21/ 7/ 1945 ثم شطب اسمه من عداد موظفي هذه الوزارة في 17/ 10/ 1948 بناء على استقالته من الخدمة، عين بعد ذلك بوظيفة كاتب من الدرجة الثامنة بعقد مؤقت لمدة عام قابل للتجديد بوزارة التربية والتعليم واستقال من وظيفته هذه في 13/ 10/ 1951 وكان قد وقع عليه عدة جزاءات بالإنذار والخصم من المرتب أولها في 16/ 6/ 1949 وفي 27/ 3/ 1954 رشح المدعي للتعيين في وظيفة من الدرجة الثامنة بهذه المصلحة على إثر نجاحه في امتحان مسابقة أجريت عن طريق ديوان الموظفين لحملة دبلوم التجارة المتوسطة ولكن صدر قرار في 4/ 7/ 1954 بتعيين المرشحين معه بالمصلحة مع استبعاد المدعي وآخر لكبر سنهما وطلبت المصلحة من الديوان ترشيحه لجهة أخرى فرفع المدعي دعوى بإلغاء قرار تخطيه قضي فيها بتاريخ 18/ 2/ 1958 بإلغاء تخطيه، وتنفيذاً لهذا الحكم عين المدعي بمصلحة الجمارك في 11/ 2/ 1959 واعتبرت أقدميته في الدرجة الثامنة الكتابية راجعة إلى 4/ 7/ 1954 ثم عدلت أقدميته إلى 25/ 4/ 1948 بعد تسوية حالته وضم مدة خدمته السابقة... وطبقاً للمادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 كان تعيينه تحت الاختبار الذي تبدأ مدته من تاريخ استلامه الفعلي للعمل... ورغبة من المصلحة في إعداد موظفيها للقيام بالعمل على الوجه الأكمل أنشأت معهداً ثقافياً ومدة الدراسة به ثمانية شهور تقريباً وترسل المحاضرات لموظفي المصلحة العاملين بفروعها خارج الإسكندرية وجرت المصلحة على أن النجاح في هذه الدراسات من الأمور التي تضعها موضع الاعتبار عند النظر في تثبيت موظفيها الجدد في الخدمة بعد قضائهم فترة الاختبار. وقد رفض المدعي استلام المحاضرات والتقدم للامتحان فلفت نظره إلى أهمية النجاح في الامتحان ولكنه رفض وصمم على ذلك وفي يونيه سنة 1960 عند عرض التقارير السنوية على لجنة شئون الموظفين قدم عن المدعي التقرير السري عن سنة 1959 وبعد فحص حالته اتضح للجنة أنه غير طبيعي في تصرفاته ومعقد ولا يحسن التصرف وضعيف وشاذ وكثير التدخل في شئون غيره ممن يعملون معه خصوصاً أعمال الكشافات وتصرفاته تسبب للجمرك متاعب كثيرة وأصبحت الشكوى منه عامة بالإضافة إلى ما ترامى إلى علم الجمرك التابع له بأنه ليس فوق مستوى الشبهات إذ ورد تقرير من مباحث الجمرك يفيد بأن له اتصالاً بالمهربين في أوقات العمل الرسمية وفي وقت فراغه الأمر الذي ترتب عليه نقله من القنطرة إلى جمرك بور سعيد وقدرت اللجنة بناء ذلك كفايته عن عام 1959 بدرجة ضعيف وأخطرته بذلك في حينه... وفي مارس سنة 1960 طلب جمرك بور سعيد عدم تثبيته في الخدمة لأنه غير أهل للوظيفة لا بعمله ولا بأخلاقه ومع ذلك رأت المصلحة منحه فرصة أخرى إلا أنه لم يتقدم ولم يغير من سلوكه وفي شهر فبراير سنة 1961 عرض التقرير السري المقدم عن المدعي عن سنة 1960 على اللجنة فرأت من سلوك المدعي وتوقيع جزاءات عليه بالإنذار والخصم في سنة 1960 أن تقدر كفايته بدرجة ضعيف ولم تعتد بالتقارير المقدمة عنه من أغسطس سنة 1960 حتى تاريخ تقديم التقرير السري عنه لأنها لم تمثل الحقيقة وبعد أن ثبت للمصلحة عدم صلاحية المدعي للبقاء في الوظيفة لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام وكانت فترة الاختبار بالنسبة له قد بدأت في 11/ 2/ 1959 وانتهت في 10/ 2 سنة 1961 لذلك تقرر في 27/ 3/ 1961 فصل المدعي من الخدمة طبقاً لحكم المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951.. "وبتاريخ 11/ 2/ 1963 قضت المحكمة الإدارية المذكورة بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الخزانة في 27/ 3/ 1961 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها على أن المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة وذلك مع عدم الإخلال بما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة (40). ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر فإن لم يتم الموظف مدة الاختبارات على ما يرام فصل من وظيفته" ويبين بجلاء من حكم النص المتقدم أنه ينصرف فقط إلى التعيين في خدمة الحكومة لأول مرة. بمعنى أن من يكون سبق تعيينه من الموظفين في خدمة الحكومة ثم يعاد تعيينه في خدمتها بعد ذلك، لا يعتبر تعيينه جارياً تحت الاختبار ما دام قد سبق له أن أمضى أكثر من سنتين في خدمة الحكومة خلال خدمته السابقة وكان بذلك قد اجتاز فترة الاختبار بنجاح، إذ لا يجوز أن يتكرر التعيين تحت الاختبار ما دامت كفايته قد ثبتت للحكومة خلال مدة خدمته السابقة في وظيفة تماثل الوظيفة الجديدة التي عين فيها من حيث الدرجة والكادر والاختصاصات وطبيعة العمل... والثابت أن المدعي عين بوظيفة من الدرجة الثامنة بوزارة التموين في 21/ 7/ 1945 واستقال منها اعتباراً من 17/ 10/ 1948 ثم عين في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية مرة أخرى بوزارة التربية والتعليم بعد استقالته مباشرة من خدمة وزارة التموين واستمر فيها إلى أن استقال في 13/ 10/ 1951 وقد استمرت خدمته بوزارة التموين ثلاث سنوات وحوالي ثلاثة أشهر كما استمرت خدمته بوزارة التربية والتعليم نحواً من ثلاث سنوات... وعلى ذلك لا يجوز تطبيق حكم المادة (19) المشار إليها في حقه".
ومن حيث إن الطعن في الحكم يقوم على أن هذا الحكم قد أخطأ القانون لأنه من جهة مدة خدمة المدعي السابقة في وزارتي التموين والتربية والتعليم بدأت في 21/ 7/ 1945 وانتهت في 13/ 7/ 1951 أي قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 الذي استحدث أحكاماً بوضع الموظف الجديد تحت الاختبار، ومن جهة أخرى فإن العمل الذي كان يمارسه المدعي بوزارة التموين هو عمل كاتب من الدرجة الثامنة على اعتماد مؤقت كما أنه كان يعمل بوزارة التربية والتعليم في وظيفة كاتب من الدرجة الثامنة بعقد مؤقت لمدة عام قابل للتجديد في حين أن عمله بمصلحة الجمارك بوظيفة معاون من الدرجة الثامنة وهو عمل يختلف كل الاختلاف عن عمله الأول وإن كانت الدرجة المالية واحدة إذ يقوم المعاون بمصلحة الجمارك بتنفيذ أحكام القوانين واللوائح الجمركية الأمر الذي يستلزم إلماماً تاماً بأحكامها وأن يكون لمن يشغل هذه الوظيفة من الصفات الشخصية والمقومات الخلقية ما يدعو إلى الاطمئنان إليه إذ يقوم بالإشراف والرقابة على المنافذ الرئيسية للجمهورية لمنع أعمال التهريب وصلاحية الموظف للعمل تتخصص بالزمان والمكان ونوع العمل والمرجع في تقدير هذه الصلاحية إلى الوقت الذي يتم فيه وزنها دون ما يكون من أمرها في الماضي لأن الصلاحية تختلف باختلاف نوع العمل وجهته وفضلاً عما تقدم فإن الحكم المطعون فيه لم يفرق بين إعادة التعيين في الخدمة الذي يتم على أساس الرغبة في الاستفادة من الخبرة السابقة للموظف مع علم الجهة الإدارية بصلاحيته وبين تعيين الموظف تعييناً جديداً بعد نجاحه في الامتحانات التي يعقدها ديوان الموظفين في هذه الحالة يكون التعيين وكأنه لأول مرة وبالتالي يخضع المدعي لفترة الاختبار طبقاً للمادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الطعن استعرضت فيه النصوص القانونية المتعلقة بالاختبار ثم خلصت من هذه النصوص إلى أنه لا يوجد ما يمنع من إجراء حكم الاختبار المنصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على الموظف الذي يعاد تعيينه في خدمة الحكومة ما دام كان هذا التعيين في أدنى الدرجات، ولما كان هذا الرأي يخالف قضاء سابق للمحكمة الإدارية العليا فإنها نزولاً على ذلك القضاء طلبت رفض الطعن.
ومن حيث إن الثابت من استعراض الوقائع المتقدمة أن المدعي كان يشغل وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة بوزارة التربية والتعليم أمضى فيها مدة تربو على السنتين وانتهت خدمته بالاستقالة ثم التحق بوظيفة كتابية من الدرجة الثامنة بمصلحة الجمارك عن طريق امتحان مسابقة أجراه ديوان الموظفين وذلك تحت الاختبار لمدة سنتين على الأكثر اعتباراً من 11/ 2/ 1959 ثم ردت أقدميته في هذه الدرجة إلى 25/ 4/ 1948 على النحو المفصل آنفاً... وبتاريخ 27/ 3/ 1961 أصدر وكيل وزارة الخزانة قراراً بفصل المدعي من الخدمة لعدم قضائه فترة الاختبار على ما يرام. وكانت فترة الاختبار هذه تنتهي في 10/ 2/ 1961.
إن فترة الاختبار المنصوص عليها في المادة (19) من القانون 210 لسنة 1951 إنما القصد منها الوقوف على مدى استعداد الموظف، الذي يعين لأول مرة في أدنى الدرجات بخدمة الحكومة، للوظيفة التي عين فيها، فإذا كان لهذا الموظف مدة خدمة سابقة في الحكومة تربو على السنتين وثبتت صلاحيته للعمل ثم أعيد تعيينه في ذات الكادر وبنفس الدرجة فإن الحكمة التي تغياها المشرع من وضع الموظف تحت الاختبار تكون منتفية في هذه الحالة...
ومن حيث إن الحال في شأن المدعي وإن كان قد عين بالطريقة التي تتبع في التعيين بخدمة الحكومة لأول مرة إلا أن ذلك لا ينفي أن له خدمة سابقة في الحكومة تربو على السنتين وانتهت بالاستقالة، فلا يجوز إذن أن يعاد اختباره طبقاً للمادة (19) المشار إليها طالما أن تعيينه الأخير هو في حقيقته إعادة تعيين في نفس الكادر وذات الدرجة التي كان معيناً عليها من قبل ولا خلاف في طبيعة العمل السابق عنه في العمل اللاحق، فتعيينه السابق كان على الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي وكذلك كان تعيينه الأخير وكان هذا التعيين في ظل قانون لا يعرف سوى الدرجات الحالية الموزعة بين الكادرات الأربعة، والمدعي حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة، وكان على جهة الإدارة أن تضعه في العمل الذي يتفق وتخصصه من بداية تعيينه، وهذا ما فعلته أخيراً.
ومن حيث إن المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 هي استثناء من الأصل وقيد وضعه الشارع على من يعين لأول مرة بخدمة الحكومة وفي أدنى الدرجات ومن ثم فلا يجوز التوسع فيه ولا حمله على غير ما هدف إليه المشرع وكان على جهة الإدارة حيال المدعي أن تسلك الطرق المعتادة المنصوص عليها في القانون لإنهاء خدمة الموظف فإن هي لجأت في الحالة المعروضة إلى فصل المدعي بالتطبيق لحكم المادة (19) المشار إليها فقد أخطأت تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً مما يعيب القرار الصادر بالفصل ويبطله وذلك على الأساس الذي قام عليه. ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه الذي قضى بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الخزانة في 27/ 3/ 1961 بفصل المدعي من الخدمة قد صادف الصواب. وعلى ذلك يكون الطعن في هذا الحكم على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 3670 لسنة 57 ق جلسة 15 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 37 ص 219

جلسة 15 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

---------------

(37)
الطعن رقم 3670 لسنة 57 القضائية

(1) تبديد. حجز. جريمة "أركانها".
توقيع الحجز التحفظي يقتضي احترامه ولو كان مشوباً بالبطلان. ما لم يصدر حكم ببطلانه.
(2) تبديد. دفوع "الدفع بعدم العلم بيوم البيع".
الأخذ بالدفع بعدم العلم بيوم البيع. شرطه: أن تكون الأشياء المحجوز عليها موجودة ولم تبدد.
(3) مسئولية جنائية. تبديد.
السداد اللاحق على تمام جريمة التبديد. لا يعفي من المسئولية الجنائية.

--------------
1 - من المقرر أن توقيع الحجز يقتضي احترامه قانوناً ويظل منتجاً لآثاره ولو كان مشوباً بالبطلان، ما دام لم يصدر حكم من جهة الاختصاص ببطلانه.
2 - من المقرر أنه ينبغي للأخذ بالدفع بعدم العلم بيوم البيع أن تكون الأشياء المحجوز عليها موجودة ولم تبدد.
3 - من المقرر أن السداد اللاحق لوقوع جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها - بفرض حصوله - لا يؤثر في قيامها ولا يعفى من المسئولية الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بددت المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق، المملوكة لها والمحجوز عليها قضائياً والمسلمة إليها على سبيل الوديعة لحفظها وتقديمها يوم البيع، فاختلستها لنفسها إضراراً بالدائن الحاجز وبنية تملكها. وطلبت عقابها بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز بني سويف قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة بني سويف الابتدائية (بهية استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بحبس المتهمة أسبوعين مع الشغل.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة تبديد محجوزات قد شابه بطلان وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنها لم تتخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا لعذر قهري هو مرضها مما حال بينها وبين إبداء دفاعها، كما أن الحجز باطل لأنه وقع على محصول قطن وهو ما لا يجوز التعامل فيه إلا عن طريق التسويق التعاوني، بالإضافة إلى أنها لم تعلم باليوم المحدد للبيع لعدم إخطارها به بعد تأجيله أكثر من مرة، كما أنها قامت بسداد المبلغ المحجوز من أجله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة التبديد التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد اعتذرت في أسباب طعنها بمرض زعمت أنه حال بينها وبين حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لإبداء دفاعها إلا أنها لم تقدم لهذه المحكمة - محكمة النقض - ما يؤيد زعمها فإن منعاها في هذا الشأن يكون على غير سند، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توقيع الحجز يقتضي احترامه قانوناً ويظل منتجاً لآثاره ولو كان مشوباً بالبطلان، ما دام لم يصدر حكم من جهة الاختصاص ببطلانه. فإن منعى الطاعنة في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ينبغي للأخذ بالدفع بعدم العلم بيوم البيع أن تكون الأشياء المحجوز عليها موجودة ولم تبدد، وإذ يبين من محضر جلسة 1/ 6/ 1982 أن الطاعنة سلمت بعدم وجود المحجوزات وبأنها لم تسلمها - للدائن لأنها عبارة عن زراعة قطن قامت بتوريدها حسب نظام التسويق، فإن دفعها بعدم العلم بيوم البيع لا يكون له محل ولا تثريب على المحكمة إن أغفلته لظهور بطلانه ويكون منعاها في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان السداد اللاحق لوقوع جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها - بفرض حصوله - لا يؤثر في قيامها ولا يعفي من المسئولية الجنائية، فإنه لا محل لما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله.

الطعن 1219 لسنة 8 ق جلسة 5 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 16 ص 138

جلسة 5 ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

---------------

(16)

القضية رقم 1219 لسنة 8 القضائية

قرار إداري 

- طلب صرف المرتب مؤقتاً لحين القضاء بإلغاء القرار الجمهوري بالفصل عن غير الطريق التأديبي في ظل القانون رقم 31 لسنة 1963 المعدل لنص م 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 - رفضه - افتقاره إلى ركن الأسباب الجديدة المرجحة للإلغاء.

---------------
إن القرار الذي يطعن فيه المدعي طالباً أن يصرف إليه مرتبه مؤقتاً لحين القضاء بإلغائه هو قرار صادر من السيد رئيس الجهورية بفصله عن غير الطريق التأديبي، وقد صدر في 4 من مارس سنة 1963 القانون رقم 31 لسنة 1963 معدلاً نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلى ما يأتي "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ويعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي.." وعلى مقتضى هذا الحكم تخرج قرارات رئيس الجمهورية بفصل عن غير الطريق التأديبي عن ولاية القضاء الإداري، كما أنه لما كان القانون رقم 31 لسنة 1963 المشار إليه، والمعمول به من 11 من مارس 1963، هو من القوانين المعدلة للاختصاص فإنه بالتطبيق للأحكام الواردة في المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية يسري بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ولم يقفل فيه باب المرافعة قبل تاريخ العمل به، وتخلص المحكمة من هذا الذي استظهرته وهي بسبيل النظر في الطلب المستعجل بصرف الراتب مؤقتاً والذي لا يقيدها عند نظر الموضوع، إلى أن هذا الطلب يفتقر إلى ركن الأسباب الجدية المرجحة للإلغاء مما يجعله حقيقاً بالرفض.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق يونيو سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتارية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التموين بصفته تقرير طعن في الحكم الصادر في 2 من إبريل سنة 1962 من المحكمة الإدارية لوزارة التموين في الدعوى رقم 155 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ أحمد محمد علي الصياد ضد وزارة التموين والذي قضى برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الدعوى وبأحقية المدعي في صرف نصف مرتبه بصفة مؤقتة اعتباراً من تاريخ وقف هذا الراتب لحين الفصل في الدعوى الموضوعية وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وللأسباب المبينة بتقرير الطعن طلب الطاعن بصفة مستعجلة أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 11 من إبريل سنة 1964 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 10 من أكتوبر سنة 1964 ثم بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1964 وفيها تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 155 لسنة 9 قضائية ضد السيد وزير التموين أمام المحكمة الإدارية لوزارة التموين بصحيفة مودعة في 14 من يناير سنة 1962 طالباً الحكم:
أولاً - بصرف راتبه بصفة مؤقتة حتى الفصل في دعوى الموضوع.
ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 938 لسنة 1960 فيما تضمنه من التقرير بفصله من الخدمة مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد شرح المدعي دعواه على نحو مفصل مجملة أنه قدم مع زميليه مفتش التموين كرم عزمي والكاتب محمد رمضان للمحاكمة الجنائية في جناية الرشوة رقم 352 لسنة 1960 كلي الزقازيق وقضي ببرائتهم جميعاً، وكان قد حبس في أعقاب الحادث مباشرة ثم أفرجت عنه النيابة في 16 من مايو سنة 1960 ولكن صدر أمر باعتقاله مع زميليه في 17 من مايو سنة 1960 واستمر في المعتقل حتى قضت المحكمة ببراءته وقبل الإفراج عنه صدر قرار السيد رئيس الجمهورية بفصله من الخدمة وذلك بتاريخ 19 من يونيو سنة 1960 وبديهي أن هذا القرار لم يبلغ إليه أثناء الاعتقال ولما أفرج عنه وحاول العودة إلى عمله بعد الحكم ببراءته أفهمه المختصون أنه لا سبيل إلى التمسك بحكم البراءة إلا بعد التصديق عليه من الحاكم العسكري العام وقد وصل إلى علمه في 20 من يونيو سنة 1961 أن هذا التصديق تم في 8 من يونيه سنة 1961 فتظلم من قرار الفصل في 5 من أغسطس سنة 1961 وما زال التظلم جارياً بحثه إذ طلب منه في 10 من يناير سنة 1962 تقديم صورة تنفيذية من الحكم الصادر ببراءته ومن ثم فإن حقه في رفع دعوى الإلغاء ما زال قائماً وبناء على ذلك رفع هذه الدعوى ملتمساً فيها الحكم بصفة مؤقتة بالاستمرار في صرف راتبه إذ لا مورد رزق له سوى هذا الراتب الذي يقيم أوده هو وأسرته وعياله وملتمساً في الوقت ذاته إلغاء القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 فيما تضمنه من الأمر بفصله من الخدمة لأن هذا القرار صدر وهو في المعتقل رهن المحاكمة في جريمة الرشوة التي أسندت إليه زوراً ودون وجه حق على النحو الثابت في حيثيات حكم البراءة وما كان يجوز عدلاً أن تسارع جهة الإدارة إلى استصدار قرار بفصله بمجرد الإدعاء عليه هذا إلى أن تصرفاته قد خلت خلواً تاماً من أية أخطاء إدارية وخلص إلى أن قرار الفصل بغير سند من الحق أو القانون.
وقدمت وزارة التموين مذكرة بدفاعها في طلب صرف الراتب بصفة مؤقتة تضمنت أنه في 4 من مايو سنة 1960 قبض على المدعي بصفته وكيلاً لمكتب تموين كفر صقر لاتهامه بجريمة رشوة في الجناية رقم 8 لسنة 1960 أمن دولة كفر صقر المقيدة جناية رشوة برقم 352 لسنة 1960 كلي الزقازيق، وفي 8 من مايو سنة 1960 صدر القرار رقم 248 لسنة 1960 بإيقافه عن العمل اعتباراً من تاريخ القبض عليه، وفي 16 من مايو سنة 1960 أصدرت النيابة العامة قرارها بالإفراج عنه، وفي 17 من مايو سنة 1960 صدر الأمر باعتقاله، وفي 23 من مايو سنة 1960 صدر القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 بفصله من الخدمة، وفي 16 من يونيو سنة 1960 صدر قرار السيد وكيل الوزارة رقم 336 لسنة 1960 بتنفيذ القرار الجمهوري المبلغ للوزارة من رئاسة الجمهورية وبلغ القرار لمراقبة تموين الشرقية في 22 من يونيو سنة 1960 للعمل بموجب ما ورد فيه وعدم تسليم المدعي العمل في حالة الإفراج عنه أو براءته، وفي 19 من يونيو سنة 1960 نشر القرار الجمهوري الصادر بفصل المدعي من الخدمة في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 136 لسنة 1960، وفي 8 من إبريل سنة 1961 صدر حكم محكمة أمن الدولة ببراءته مما نسب إليه في جناية الرشوة، وفي 9 من إبريل سنة 1961 حاول العودة لاستلام عمله بعد الحكم ببراءته (من واقع الصفحة الثانية من عريضة الدعوى) وفي 5 من أغسطس سنة 1961 تقدم إلى السيد الوزير بالتظلم الإداري - وتضمنت مذكرة الوزارة بعد ذلك:
أولاً - الدفع بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة التموين بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وذلك بناء على أن الدعوى الموضوعية تتعلق بطلب إلغاء قرار صدر من السيد رئيس الجمهورية لأمن وزارة التموين التي اقتصر دورها على إصدار قرار من السيد وكيل الوزارة لتنفيذ قرار السيد رئيس الجمهورية.
ثانياً - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني لأن قرار السيد رئيس الجمهورية صدر في 23 من مايو سنة 1960 ونشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 136 لسنة 1960 الصادر في 19 من يونيو سنة 1960 وكان يتعين على المدعي أن يتظلم من القرار خلال الستين يوماً التالية لهذا التاريخ وعلى أحسن الفروض بالنسبة له فإنه بمجرد صدور الحكم ببراءته حيث أخلي سبيله فوراً في 8 من إبريل سنة 1961 وصار حراً لا عائق له في سبيل التوجه إلى عمله وكان يتعين عليه أن يتظلم خلال الميعاد القانوني عندما فوجئ بعلمه بكنه القرار الصادر بفصله من الخدمة وقد تم له هذا العلم فعلاً من واقع ما ورد في صحيفة دعواه من أنه "لما أفرج عنه وحاول العودة إلى عمله بعد الحكم ببراءته أفهمه المختصون أنه... إلخ". ولكنه تظلم في 5 من أغسطس سنة 1961.
ثالثاً - وبالنسبة إلى الموضوع تضمنت المذكرة أنه ليس لوزارة التموين أن تتصدى لبحث القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 إذ يخرج من اختصاصها البحث في أسباب القرارات الجمهورية ودواعيها فضلاً عن أن القرار الجمهوري المشار إليه لم يتضمن السبب الذي يستند إليه الأمر الذي يفترض معه أنه صدر منطوياً على سبب صحيح، وقد انتهت مذكرة الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأول (طلب صرف المرتب بصفة مؤقتة) وإحالتها للتحضير بالنسبة للطلب الثاني (إلغاء قرار الفصل) تمهيداً للحكم برفض الدعوى شكلاً وموضوعاً.
وبالجلسة المنعقدة في 2 من إبريل سنة 1962 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين حكمها في الدعوى قاضياً بما يأتي:
أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاصها بناء على أن المدعي رفع دعواه ضد وزارة التموين باعتبارها الجهة التي كان يتبعها قبل صدور قرار الفصل والجهة المتصلة بالنزاع الموضوعي وباعتبارها الجهة التي أصدرت القرار التنفيذي بالفصل والتي ستقوم بصرف المرتب إذا ما قضي بذلك. وقد تضمنت أسباب الحكم رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لذات السبب المتقدم.
ثانياً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وذلك بناء على أن موضوع الدعوى هو صرف راتب وأنها تعتبر من دعاوى التسوية وليست من قبيل دعاوى الإلغاء.
ثالثاً - وفيما يتعلق بطلب استمرار صرف الراتب بصفة مؤقتة قالت المحكمة إنه إذا كانت وهي في سبيل الحكم في هذا الطلب تتناول الموضوع فإن نظرتها له يجب أن تكون نظرة أولية ولا تتعرض له إلا بالقدر الذي يسمح لها بتكوين رأي في خصوص الطلب المستعجل دون أن تسبق قضاء الموضوع وتنتهي إلى تكوين عقيدة فيه يضاف إلى ذلك أن سلطتها في الطلب المستعجل مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التي يمتلكها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فيجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق أن القرار قد صدر مخالفاً للقانون مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه، وأنه ولئن كان الأصل أن قرار الفصل بغير الطريق التأديبي الغير مسبب (كقرار فصل المدعي) يعتبر أنه قام على سبب صحيح حتى يثبت العكس إلا أنه إذا دلت الظروف وقرائن الأحوال على أن ذلك القرار قد صدر استناداً إلى سبب معين فإنه يحق للقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام ذلك السبب، وأنه يبين من الأوراق أن المدعي قد فصل أثناء سجنه على ذمة الفصل في قضية اتهامه بالرشوة ولم توجه جهة الإدارة إليه اتهامات أو مآخذ أخرى خلاف ذلك الاتهام مما تستخلص منه المحكمة أن الاتهام بتلك الجريمة كان هو السبب في صدور القرار بالفصل، وأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة وإن كانت له حجية في نطاق ثبوت أو عدم ثبوت التهمة التي كانت محل المحاكمة الجنائية إلا أنه لا ينهض مانعاً من المؤاخذة الإدارية متى أمكن إسناد عمل إيجابي أو سلبي محدد إلى الموظف يعد منه مساهمة في وقوع مخالفة إدارية، وأنه لم يظهر من الأوراق أن الجهة الإدارية قد نسبت إلى المدعي ارتكابه أية مخالفات إدارية بجانب التهمة التي أبرئ منها وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من الأوراق أن راتب المدعي هو مورد الرزق الوحيد له، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه يبين من ظاهر الأوراق أن الدعوى لها سند من القانون ومن ثم حكمت بأحقية المدعي في صرف مرتبه بصفة مؤقتة اعتباراً من تاريخ وقف هذا الراتب لحين الفصل في الدعوى الموضوعية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبصحيفة مودعة بسكرتيرية هذه المحكمة في 2 من يونيو سنة 1962 طعنت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التموين بصفته في ذلك الحكم طالبة بصفة مستعجلة أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أسس الطعن على ما يأتي:
أولاً - أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن دعوى صرف الراتب تعتبر من دعاوى التسوية وليس من دعاوى الإلغاء ينطوي على خطأ ومخالفة للقانون إذ أن طلب استمرار صرف المرتب هو ضرب من ضروب وقف تنفيذ القرارات الإدارية فلا يعدو أن يكون طعناً في القرار المطلوب إلغاؤه ولا يخرج عن عموم ما رسم لوقف التنفيذ من إجراءات ومواعيد، ومن ثم فإن طلب المطعون ضده في الدعوى الراهنة صرف راتبه مؤقتاً هو بمثابة طعن في القرار الجمهوري الصادر بفصله ويخضع بالتالي للمواعيد المنصوص عليها في المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 والتي تقضي بوجوب تقديم التظلم لجهة الإدارة من القرار المطلوب إلغاؤه في بحر ستين يوماً من تاريخ العلم اليقيني بصدور هذا القرار، وقد أقر المطعون ضده في الصفحة الثانية من عريضة دعواه بعلمه اليقيني بصدور القرار الجمهوري بفصله بتاريخ 8 من إبريل سنة 1961 حينما تقدم لجهة الإدارة طالباً عودته لعمله وذلك إلى جانب علمه الحكمي بالقرار من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، كما أقر بأنه لم يتظلم لجهة الإدارة إلا في 5 من أغسطس سنة 1961 أي بعد مضي ستين يوماً ومن ثم يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعواه الموضوعية بإلغاء القرار المطعون فيه وبالتالي الميعاد القانوني لرفع دعوى صرف الراتب مؤقتاً، وفضلاً عن ذلك فإنه بفرض تظلمه في الميعاد القانوني فإنه مع هذا لم يراع الميعاد القانوني لرفع دعواه بشقيها إذ أن الإدارة لم ترد على تظلمه المقدم في 5 من أغسطس سنة 1961 خلال ستين يوماً مما يعتبر بمثابة رفض للتظلم وكان يتعين عليه أن يرفع دعواه في خلال الستين يوماً التالية أي في ميعاد أقصاه 3 من ديسمبر سنة 1961 ولكنه رفعها في 14 من يناير سنة 1962 - وأضاف الطاعن أنه حتى مع التمشي مع الحكم المطعون فيه في قوله إن طلب صرف المرتب من قبيل دعاوى التسوية فإن هذا الطلب يكون غير مقبول تبعاً لعدم قبول دعوى الموضوع المرفوعة بعد الميعاد وفق ما تقدم وكان على الحكم المطعون فيه أن يأخذ في الاعتبار أنه ما دامت دعوى إلغاء القرار لم ترفع في الميعاد فإن الحق في طلب صرف المرتب يكون قد سقط تبعاً لذلك.
ثانياً - ومن الناحية الموضوعية فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن اتهام المطعون ضده في قضية الرشوة التي برئ منها كان بسبب الفصل، وينطوي على خطأ في الاستخلاص وفساد في الاستدلال لأن قرار الفصل جاء خالياً من الأسباب ولم ترد به أية إشارة إلى جناية الرشوة وبهذا يعتبر أنه قام على سبب صحيح.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وذلك بناء على أنه بتاريخ 4 من مارس سنة 1963 صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 قاضياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة وبأنه يعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش والاستيداع وفصلهم بغير الطريق التأديبي، وأن هذا القانون باعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص يسري بأثره المباشر على المنازعة الحالية طالما أنه قد عمل به قبل قفل باب المرافعة وذلك استناداً إلى المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقد قدم الطاعن مذكرة ختامية ردد فيها ما تضمنه تقرير هيئة المفوضين في شأن عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى المطعون ضده واحتياطياً بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد ومن باب الاحتياط الكلي برفضها، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية طالباً الحكم بإلغاء قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 938 لسنة 1960 الصادر بفصله، وطالباً في الوقت ذاته الحكم بصرف راتبه بصفة مؤقتة حتى يفصل في دعوى الموضوع وهذا الشق المستعجل من الدعوى هو المطروح حالياً أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الطلب المستعجل بصرف المرتب يجب أن يقوم على ركنين الأولى قيام الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني أن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار.
ومن حيث إنه إن صح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن راتب المدعي هو مورد رزقه الوحيد بما يفيد توافر الركن الأول أي ركن الاستعجال فإن هذا لا يغني عن وجوب توافر الركن الثاني وهو ما تتعرض له المحكمة بالقدر اللازم لنظر طلب وقف التنفيذ دون أن تستبق في شأنه قضاء الموضوع أو تخلص إلى تكوين رأي نهائي فيه.
ومن حيث إن الحكومة - مظاهرة في هذا هيئة المفوضين - تمسكت أصلياً في مذكرتها الختامية بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى المدعي بناء على أن القرار المطلوب إلغاؤه هو قرار فصل عن غير الطريق التأديبي ويعتبر من قبيل إعمال السيادة التي تخرج عن ولاية القضاء بالتطبيق لحكم المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة معدلة بالقانون رقم 31 لسنة 1963، كما تمسكت الحكومة احتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد إذ أن المدعي فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعواه الموضوعية بالإلغاء وبالتالي يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعوى صرف الراتب مؤقتاً التي لا تعتبر من دعاوى التسوية كما ذهب إلى ذلك خطأ الحكم المطعون فيه.
إن القرار الذي يطعن فيه المدعي طالباً أن يصرف إليه مرتبه مؤقتاً لحين القضاء بإلغائه هو قرار صادر من السيد رئيس الجمهورية بفصله عن غير الطريق التأديبي، وقد صدر في 4 من مارس سنة 1963 القانون رقم 31 لسنة 1963 معدلاً نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلى ما يأتي "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ويعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي" وعلى مقتضى هذا الحكم تخرج قرارات رئيس الجمهورية بالفصل عن غير الطريق التأديبي عن ولاية القضاء الإداري، كما أنه لما كان القانون رقم 31 لسنة 1963 المشار إليه، والمعمول به من 11 من مارس سنة 1963، هو من القوانين المعدلة للاختصاص فإنه بالتطبيق للأحكام الواردة في المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية يسري بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ولم يقفل فيه باب المرافعة قبل تاريخ العمل به، وتخلص المحكمة من هذا الذي استظهرته وهي بسبيل النظر في الطلب المستعجل بصرف الراتب مؤقتاً والذي لا يفيدها عند نظر الموضوع، إلى أن هذا الطلب يفتقر إلى ركن الأسباب الجدية المرجحة للإلغاء مما يجعله حقيقاً بالرفض وذلك دون حاجة لبحث الدفع الآخر الذي تمسكت به الحكومة من قبيل الاحتياط.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه في غير محله قانوناً فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض طلب المدعي صرف مرتبه مؤقتاً مع إلزامه بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب وذلك كله دون المساس بأصل طلب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب المدعي صرف راتبه مؤقتاً مع إلزامه بمصاريف هذا الطلب.

الطعن 456 لسنة 8 ق جلسة 5 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 15 ص 123

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(15)

القضية رقم 456 لسنة 8 القضائية

موظف - 

فصل بغير الطريق التأديبي - سببه - الموازنة في شأنه بين القرار الصادر بهذا النوع من الفصل والجزاء التأديبي.

---------------
إن القرار المطعون فيه، والصادر بفصل الطاعن، لم يكن في الواقع من الأمر جزاء تأديبياً وقع عليه، حتى يسوغ القول بوجوب قيامه على كامل سببه بمعنى أنه إذا كان قائماً على عدة تهم لم يثبت بعضها أو إحداها فيتعين إلغاؤه. وإنما القرار المطعون فيه هو قرار فصل الطاعن بغير الطريق التأديبي ومثل هذا القرار لا يستلزم لمشروعيته ثبوت كل الوقائع التي يستند إليها. وإنما يقع صحيحاً منتجاً لأثاره ويعتبر قائماً على السبب المبرر له قانوناً حتى ولو انهار جانب من تلك الوقائع ما دام القائم الثابت منها كاف وحده لحمل القرار. فإذا كان الباقي من تلك الوقائع صحيحاً مستمداً من أصول لها وجود ثابت في الأوراق ويمكن أن يستخلص منها ما يكفي لتبرير عدم صلاحية الموظف للبقاء في الوظيفة استخلاصاً سائغاً سلم القرار من العلة التي قد تؤدي به وغني عن القول أن الطاعن يشغل وظيفة أستاذ مساعد بالجامعة فينبغي أن يوزن مدى صلاحيته للبقاء في كرسي الأستاذ المساعد على مقتضى أرفع مستويات السلوك الوظيفي وما تستوجبه من أبلغ الحرص على أداء واجبات هذه الوظيفة العلمية الكبرى.


إجراءات الطعن

في 5 من فبراير سنة 1962 أودع الأستاذ صلاح الدين حسن المحامي عن الدكتور لويس دوس تاوضروس تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 456 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود الإدارية وطلبات التعويض - بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم (572) لسنة 7 القضائية المقامة من الدكتور الطاعن ضد وزارة التربية والتعليم, ومجلس الوزراء. والذي قضى: (برفض الدفع الفرعي بعدم قبول الدعوى، وبقبولها, وفي الموضوع برفضها، وألزمت المدعي المصروفات). وطلب السيد الطاعن، للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: (قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع, القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والصادر في 10 من ديسمبر سنة 1961 وإلزام المطعون عليهما، بصفتهما، بأن يؤديا إلى الطاعن مبلغاً مقداره عشرون ألفاً من الجنيهات تعويضاً له عن فصله من وظيفته، مع المصروفات). وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليهما في 18، 24 من مارس سنة 1962, وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من أكتوبر سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1963، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم دفعت الحكومة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في هذه المنازعة تأسيساً على قانون جديد صدر في تاريخ لاحق للنطق بالحكم المطعون فيه، وهو قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (31) لسنة 1963 في شأن تعديل بعض أحكام قانون مجلس الدولة. وفي جلسات لاحقة قدم كل من الطرفين مذكرات مطولة تأييداً لوجه نظر كل منهما. وبجلسة 17 من أكتوبر سنة 1964 قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع، على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن الدكتور الطاعن أقام الدعوى رقم (572) لسنة 7 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم، ومجلس الوزراء بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 2 من فبراير سنة 1953 ذكر فيها أنه كان أستاذاً مساعداً بكلية طب العباسية، وكان مثالاً للاستقامة العلمية والخلقية، حتى فوجئ بتبليغه بقرار صادر من مجلس الوزراء في 27 من نوفمبر سنة 1952 بفصله من عمله استناداً إلى المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952 بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي لأسباب تمس النزاهة وكرامة الوظيفة. ولما كان فصل المدعي لأمور تتصل بالنزاهة وكرامة الموظفين يتضمن تعديلاً خطيراً وإساءة بالغة لسمعته بل قضاء على مستقبله كطبيب قطع حياته كلها متحلياً بالأخلاق الكريمة ومراعياً لكرامته وكرامة مركزه العلمي مما جعله دائماً محل اعتزاز من أصدقائه وزملائه. والواقع أن أسباب هذا القرار الظاهرة منافية للحقيقة وتستر حزازات شخصية كانت بين المدعي والمسئولين في الكلية ووزارة المعارف أمرها ما زال معروضاً على القضاء يشكو إليه المدعي ما ناله من افتئات واعتداء على حقه في الترقية وغيرها. فانتهز ذوو الأغراض فرصة صدور القانون رقم (181) لسنة 1952 للانتقام من المدعي، على حد قوله، فكان فصله على النحو الذي يطعن فيه. وللمدعي أن يقتضي من الحكومة التعويض المناسب عما نسبته بغير وجه حق إلى ما يمس النزاهة والكرامة تعويضاً عن تشويه سمعته، وانعكاس أثر هذا التشويه على عمله كطبيب يعتبر حسن السمعة عماد حياته فضلاً عن حرمانه من عمله كأستاذ مساعد بالجامعة بما يقدره جميعاً بمبلغ عشرين ألف جنيه.
وقد ردت الحكومة على هذه الدعوى بمذكرة في 7 من أكتوبر سنة 1954 طلب في ختامها الحكم:
أولاً - بعدم قبول الدعوى لأن المشرع عوض الموظف المفصول بأحكام ذات القانون المذكور.
ثانياً - رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وجاء في تلك المذكرة أن لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي أصدرت قرارها بالتوصية بفصل المدعي من الخدمة في 11 من نوفمبر سنة 1952 لما تبين لها من عدم انتظامه في عمله بالكلية، وكذلك بالإدارة الطبية التي كان منتدباً لها مما حدا بهذه الإدارة الأخيرة أن تستغني عن خدماته فيها، ورأت اللجنة أنه غير مكترث بعمله الجامعي لعدم انتظامه فيه مما يجعله غير صالح للعمل فأوصت بفصله تطبيقاً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952. وقد جاء في أسباب قرار اللجنة أن الدكتور محمد عبد الحليم العقبى رئيس قسم الأمراض الجلدية الذي كان يعمل به المدعي، شكا من أن الدكتور لويس دوس كثير الانقطاع عن عمله بالكلية مما أضر بصالح العمل، وانعدم معه إنتاجه حتى اضطر إلى أن يشكو أمره إلى عميد الكلية، ومع ذلك فقد مضى في تخلفه عن الحضور، وشهد الدكتور محمود أبو بكر الدمرداش عميد الكلية بأن المدعي لم يكن منتظماً في الحضور إلى الكلية على الرغم من التنبيه عليه شفوياً وأنه لم يكن يؤدي عمله على الوجه الأكمل. كذلك جاء في أقوال الدكتور محمد عبد الحليم متولي مدير الإدارة الطبية أن المدعي كان كثير الانقطاع عن عمله بالكلية مما حدا بزميله الدكتور بدر معوض إلى تقديم شكوى لأنه اضطر إلى العمل بدلاً منه ولما عرض الأمر على السيد مدير الجامعة قرر إلغاء ندب المدعي للعمل بتلك الإدارة. ولقد تأيدت أقوال أولئك الشهود جميعاً بالأوراق الواردة من الكلية ولم يستطع المدعي أن ينفي ما أسند إليه وثبت في حقه. وبناء على ذلك أصدر مجلس الوزراء قراره بفصل المدعي من خدمة كلية الطب فقرار الفصل سليم مما يترتب عليه طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 10 من ديسمبر سنة 1961 حكمت محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود الإدارية وطلبات التعويض - (برفض الدفع الفرعي بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات) وأقامت تلك المحكمة قضاءها هذا على أن الحكومة دفعت دعوى الطاعن بعدم قبولها لأن القانون رقم (181) لسنة 1952 قد عوض الطاعن عن فصله من الخدمة تعويضاً جزافياً، وأنه من البديهي ألا يحصل المفصول إلا على تعويض واحد إذ لا يجوز الجمع بين تعويضين وهذا الدفع مردود لأن التشريع المذكور، ولئن كان قد أغلق باب الطعن بالإلغاء أو بوقف التنفيذ بالنسبة للقرارات الصادرة وفقاً لأحكامه، فإنه لم يحرم سماع طلبات التعويض عن تلك القرارات فظلت بالتالي ولاية القضاء الإداري كاملة بالنسبة لطلبات التعويض. والقول بأن التشريع المذكور قد نص على ميزات عوضت الموظف المفصول تعويضاً كاملاً عن فصله هو بدوره قول مردود لأن أساس هذه الميزات هو تعويض الموظف المفصول عن الإجراءات الاستثنائية التي استحدثها المرسوم بقانون المذكور والتي أنقصت من الضمانات التي كفلتها له القوانين العادية عند فصله - أما عن طلبات التعويض التي تقوم على مخالفة قرارات الفصل لأحكام التشريع المذكور أو لانطوائها على الانحراف بالسلطة فإنها لا تزال باقية داخلة في ولاية القضاء الإداري. وتأسيساً على ذلك قضت محكمة القضاء الإداري في الشق الأول من حكمها المطعون فيه، وبحق، برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لأنه يقوم على غير سند سليم من القانون. أما عن موضوع الدعوى فقالت محكمة القضاء الإداري إن الحكومة وصفت الطاعن بأنه أوضح صورة للموظف غير الصالح الذي قصده المشرع بالفصل من العمل وإبعاده عن الوظيفة ما دام أنه قد دأب على الانقطاع عن العمل بقسم الأمراض الجلدية أو بالإدارة الطبية بشهادة رؤسائه وزملائه. وقد استقر القضاء الإداري على أن القرار الصادر بفصل الموظف ارتكازاً على المرسوم بقانون السالف الذكر يجب أن يقوم على سبب يبرره قانوناً، وهو قيام حالة واقعية أو قانونية تسوغ صدوره. واسترسل الحكم المطعون فيه يقول إن رقابة القضاء الإداري لركن السبب تجد حدها الطبيعي في التحقق من أن النتيجة التي انتهى إليها القرار قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من أصول مادية تنتجها مادياً أو قانوناً فيدخل في حدود هذه الرقابة أن يتحقق القضاء الإداري من صحة قيام الحالة الواقعية، ومن صحة تكييفها القانوني، ولكنه لا يدخل في حدود هذه الرقابة أن تعيد المحكمة النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الإدارة من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب. فمتى استخلصت جهة الإدارة على الوجه البادي في الأوراق والمذكرات والدفاع أن ثمة شبهات أو شوائب تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة وتؤثر في صلاحية المدعي للعمل، وفي ملاءمته للعهد الجديد فإن استخلاصها هذا يكون سائغاً في حكم المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952 كما لا يخفض من ذلك ما ساقه المدعي عن مؤلفاته العلمية ومآثره وكفايته وهو في سبيل تجريح الشهود الذين أدلوا بأقوالهم، وجميعهم من رؤساء المدعي وزملائه. كما لا يخفض من ذلك جهد المدعي محاولاً إهدار قيمة البيانات التي اطلعت عليها اللجنة حسبما جاء في أوراق التحقيق. ذلك أن المشرع عمد وهو بسبيل تطهير الإدارة الحكومية لإقامة الحكم الجديد على أسس قوية سليمة إلى مجرد الاكتفاء بالشوائب أو الشبهات القوية خلافاً للأصل العام في التأثيم فأجاز صراحة فصل الموظف متى علقت به شوائب أو شبهات، ولم يقيد ذلك إلا بأن تكون الوقائع المنسوبة إلى الموظف ثابتة في حقه على وجه يقيني قاطع أو أن تكون في ذاتها قاطعة في خروجه على كرامة الوظيفة أو على مقتضيات النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة. واستطرد الحكم المطعون فيه يقون إنه بتطبيق هذا النظر على القرار الصادر من لجنة التطهير في 11 من نوفمبر سنة 1952 وموافقة مجلس الوزراء في 27 من نوفمبر سنة 1952 بفصل المدعي من خدمة كلية الطب بالتطبيق لأحكام التشريع المذكور فإن القرار الذي يطعن فيه الطاعن يكون قد صدر محمولاً على أسباب تنتجه وتؤدي إليه ومن ثم فإنه يكون قد صدر مطابقاً للقانون. والطاعن إذ يطلب الحكم له بتعويض قدره بمبلغ عشرين ألف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب فصله من الخدمة قد فاته أن القاعدة العامة في مسألة التعويض هي أنه لا يترتب الحق في التعويض للموظف إلا إذا توافرت أركان التعويض الثلاثة وهي الخطأ والضرر ورابطة السببية. فإذا تخلف واحد أو أكثر من هذه الأركان سقط الحق في المطالبة بالتعويض. وإن كان ثمة ضرر قد أصاب المدعي من جراء فصله فإنه ولا شك غير مترتب على خطأ من جانب جهة الإدارة فلا خطأ ولا سببية ومن ثم لا محل للاستجابة إلى طلبات المدعي ويتعين رفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن طعن الدكتور الطاعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه:
(1) أخطأ في تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952 في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي. ووجه الخطأ، على حد ما جاء بتقرير الطعن هو أن المرسوم بقانون وإن كان قد سوى في حكم الفصل بين فريقين من الموظفين:
الأول: غير الصالحين للعمل.
والثاني: أولئك الذين تعلق بهم شوائب أو شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة. إلا أنه بالنسبة للفريق الأول لم يقصد إباحة الأخذ بالشبهات، وإنما قصد ذلك بالنسبة للفريق الثاني لأنه في الأمور المتعلقة بالنزاهة أو الشرف أو حسن السمعة قلما نجد الأدلة المادية سبيلها إلى الثبوت في الأوراق الرسمية لأن طابع هذه الأمور الكتمان والسرية أما فيما يتعلق بعدم الصلاحية للعمل فإن الأوراق الرسمية كفيلة بالدلالة عليه. فالحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ عندما خلط علة الإخلال بالمواظبة وهي المأخذ الوحيد الذي اقتصرت عليه لجنة التطهير بعلة أخرى أخطر منها هي خدش النزاهة وكرامة الوظيفة بدون سد من الواقع أو من القانون. مع أن مجلس الوزراء نفسه الذي كان قد تورط في مثل هذا الخطأ في قراره الصادر بفصل الطاعن في 27/ 11/ 1952 قد اضطر على إثر احتجاج الطاعن إلى تصحيح قراره من حيث التسبيب بقرار آخر من مجلس الوزراء.. أصدره في 24 من ديسمبر سنة 1952 محيلاً فيه تسبيب قرار الفصل إلى السبب الوارد في تقرير لجنة التطهير. وكذلك أخطأ الحكم عندما وجه إلى الطاعن اتهامات مرسلة جمعت بين طائفة التهم الواردة في قانون الفصل بغير الطريق التأديبي، ولم يعر الحكم التفاتاً لما جاء في أوراق الدعوى من أدلة تقطع بأن الشهود الذين شهدوا ضده أمام لجنة التطهير منحرفة شهاداتهم، وأن المحكمة بنت تقديرها لأقوال الشهود على أن لجان التطهير تستطيع أن تكون عقيدتها من معلومات أعضائها بحكم رابطة العمل، ومن باب أولى من شهادات رؤساء الطاعن وزملائه، مع أن القانون اشترط في أعضاء اللجنة صفات الحيدة والبعد عن التحيز أو سوء التقدير مراعاة لضمان تحقيق العدالة.
(2) كما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ من حيث صحة تفهم الوقائع وسلامة تكييفها القانوني إذ اعتبر أن مجرد احتواء الأوراق على شكاوى ضد الطاعن وترديد الشهود الذين اصطنعوا هذه الشكاوى هو المقصود قانوناً بالأصول المادية الثابتة في الأوراق، وبالوجود المادي للوقائع دون أن يعني الحكم بما إذا كانت هذه الشكاوى قد ثبتت صحتها أم لا، والقول بذلك مؤداه أنه يكفي لفصل الموظف أن يتواطأ ضده نفر من زملائه ويقدمون ضده بضع شكاوى يؤيدونها بأقوالهم في تحقيق صوري لتتكامل بذلك الأصول المادية التي تقرر مقدماً أن مصير ذلك الموظف هو الفصل الذي لا سبيل إلى الطعن فيه. ونعى تقرير الطعن على محكمة القضاء الإداري أنها لم تعن بالاطلاع الكامل على مذكرة الطاعن ومستنداته فجاء التسبيب لحكمها غير مستخلص استخلاصاً سائغاً من الأصول الواقعية المادية الصحيحة. ومن أمثلة ذلك أن المحكمة توهمت أن اتهام الطاعن بالتغيب ثمانية عشر يوماً بعد إجازته الصيفية في عام (1951) قد وقع في عام 1952 مع أن الحقيقة أن التغيب المقول به حدث عام 1951 وليس عام 1952. كما أخطأت المحكمة بالنسبة لإجازة الطاعن المرضية في عام (1952) في تبين تاريخ انتهاء الإجازة. وأخطأت كذلك في قولها إن جداول الأعمال لا تدل على توزيع العمل أسبوعياً بين الطاعن وزملائه في حين أن هذه الجداول تدل على ذلك دلالة قاطعة. ويرجع ذلك إلى أن المحكمة اطلعت على مستندات تتعلق بواقعة أخرى لا بالواقعة المدلول عليها وآخرا فقد أمضت المحكمة في التعسف في تخريج الوقائع إذا اعتبرت اعتذار الطاعن عن إجازة عارضة ببرقية تأخرت أربع ساعات بسبب راجع إلى مصلحة البريد بمثابة استهتار من جانب الطاعن وانتهى تقرير الطعن إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون عليهما بصفتهما بأن يدفعا إلى الطاعن مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً له عن فصله من وظيفته.
ومن حيث إنه يبين من استطلاع أوراق ملف خدمة الطاعن أنه من مواليد عام 1909 وتنحصر مؤهلاته العملية في أنه حصل على إجازة بكالوريوس في الطب والجراحة من الجامعة المصرية عام 1932 والتحق بخدمة الحكومة، دون أن يظفر بمؤهل علمي أرفع من درجة البكالوريوس في وظيفة طبيب بوزارة التربية والتعليم بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً في أغسطس سنة 1935 - ولما أن حصل في عام 1943 على دبلوم في الأمراض الجلدية والسرية نقل إلى وزارة الصحة العمومية ليشغل وظيفة أخصائي تلك الأمراض بمستشفى الدمرداش ورقي إلى الدرجة الخامسة في مارس سنة 1943 ثم قيد على وظيفة مساعد علاجي بالمنيا في يوليو سنة 1947 وحصل على الدرجة الرابعة اعتباراً من ذلك التاريخ وفي 15 من سبتمبر سنة 1947 نقل ثانية إلى وزارة التربية والتعليم ليشغل وظيفة مدرس الأمراض السرية بكلية الطب بجامعة عين شمس ثم رقي إلى وظيفة مدرس ( أ ) في أغسطس سنة 1948 اعتباراً من أول مارس سنة 1947 أي منذ حصوله على الدرجة الرابعة. فظل يشغل تلك الدرجة إلى أن أصابه بالتطبيق كادر رجال القضاء في مايو سنة 1951 فوضع في الدرجة المالية 65 جنيه، 55 مليم وصار مرتبه شهرياً 59 جنيهاً وفي 24 من سبتمبر سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952 في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي فأحالت الجامعة الطاعن إلى اللجنة الخاصة بموظفي جامعة عين شمس على إثر شكوى تقدم بها الدكتور محمد عبد الحليم العقبى في 6 من نوفمبر سنة 1952 بوصفه رئيساً لقسم الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية طب عين شمس ولم يخرج موضوع الشكوى عن أن الدكتور الطاعن انقطع مدداً طويلة عن العمل بالكلية، وذلك بدون إخطار، مما أربك العمل والتدريس فأضر بالمصلحة العامة لكلية الطب وطلابها، وانتهى رئيس القسم المختص إلى التقرير بأن الطاعن قد انعدم إنتاجه العلمي. فقامت لجنة التطهير بتحقيق الشكوى وسمعت أقوال الكثيرين من الشهود وفي مقدمتهم الدكتور عميد كلية الطب بجامعة عين شمس، وكذلك استمعت اللجنة إلى دفاع الدكتور الطاعن عن نفسه فحققته وفندته تفنيداً. واطلعت اللجنة على كافة الأوراق المتعلقة بما نسب إلى الطاعن وانتهت من ذلك كله إلى قرارها الذي أصدرته في 11 من نوفمبر سنة 1952 ومقتضاه التوصية بالموافقة على فصل الطاعن من خدمة كلية الطب نزولاً على حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون الصادر في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي. وفي 27 من نوفمبر سنة 1952 تقدمت وزارة التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء بمذكرة جامعة طلبت فيها الموافقة على فصل طائفة من هيئة التدريس بمختلف كليات جامعة عين شمس لأسباب غير قاصرة على الطاعن وحده وإنما هي أسباب تبرر فصل أولئك الذين شملهم القرار. وجاء في تلك المذكرة: (قررت لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي فصل الموظفين الموضحة أسماؤهم بعاليه، لأسباب تمس النزاهة وكرامة الوظيفة وذلك تطبيقاً للمرسوم بقانون الصادر في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي وأن السيد وزير المعارف العمومية يرفع الأمر إلى مجلس الوزراء للموافقة على فصلهم.). وقد وافق مجلس الوزراء في 27 من نوفمبر سنة 1952 على ما جاء بالمذكرة ثم عدل مجلس الوزراء بعد ذلك سبب فصل الطاعن مستنداً إلى السبب الوارد في تقرير لجنة التطهير وهو عدم الاكتراث بعملة الجامعي لعدم انتظامه فيه مما يجعله غير صالح للعمل بالجامعة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على قرار فصله من خدمة كلية الطب بجامعة عين شمس أن القرار المطعون فيه نسب إليه عدم الانتظام في العمل مما يجعله غير صالح للعمل بالجامعة مع أن مثل هذا السبب لا يبرر تطبيق حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون الصادر في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي عليه كما ينعى الطاعن على القرار المذكور أنه استند استناداً كلياً إلى أقوال الشهود متلمساً لها التأييد من المكاتبات التي وردت إلى لجنة التطهير، مع أن معظم تلك الأقوال كانت وليدة الحقد والكيد، الأمر الذي جعل ذلك القرار ينتهي إلى نتيجة استخلصت استخلاصاً غير سائغ لا تنتجه تلك المكاتبات. وقال الطاعن إن كل ما يمكن أن ينسب إليه هو مجرد تقصير بسيط عبارة عن تأخره في الحضور صباحاً بضع دقائق اتفق بشأنها مع السيد العميد. أما الأيام التي قيل أنه انقطع عن العمل فيها فهي لا تعدو الإجازات المرضية أو العادية أو العارضة وكانت الكلية دائماً على علم بها. وشأنه في ذلك شأن جميع موظفي الحكومة في مختلف الوزارات والمصالح ممن يقيمون في الضواحي نظراً لسوء حالة المواصلات. ويقول الطاعن إنه كان ينفذ الجدول الذي كان يوزع العمل بين رئيس القسم والطاعن وزميل ثالث لهما. وأن ادعاء الدكتور رئيس القسم يغاير الواقع فيما نسب إلى الطاعن من أنه لم يعد إلى عمله بعد انتهاء إجازته العادية المرخص له بها وأن الطاعن انقطع عن العمل بدون إذن عدد ثمانية عشر يوماً. فأما عن عدم انتظامه في عمله الإضافي بالإدارة الطبية فدفاع الطاعن أنه كان متغيباً بإجازة مرضية وقد عاقبته الجامعة على ذلك بغير حق عقوبة مزدوجة بأن قطعت مكافأته عن مدة المرض وألغت انتدابه للإدارة الطبية.
ومن حيث إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952 في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1952 قد نصت على أن (يكون فصل الموظفين العامين غير الصالحين للعمل، أو الذين تعلق بهم شوائب أو شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة على الوجه المبين في المواد الآتية:..... ويكون فصلهم بقرار من مجلس الوزراء بعد موافقة لجنة تشكل في كل مصلحة عامة على الوجه الآتي: قاضي ووكيل نيابة يعينهما وزير العدل، وتكون الرياسة، للقاضي. موظف من المصلحة صاحبة الشأن لا تقل درجته عن الدرجة الثانية يختاره موظفو المقر الرئيسي للمصلحة الذين هم في الدرجة الثانية فأعلى من بينهم بطريق الاقتراع السري. اثنان من موظفي المصلحة صاحبة الشأن لا تقل درجة كل منهما عن الدرجة الثانية يعينهما الوزير المختص.) وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون: لذلك أعد مشروع المرسوم بقانون المرافق - 181 لسنة 1952 - ونص في المادة الأولى منه على الموظفين الذين يفصلون بغير الطريق التأديبي وهم: الموظفون غير الصالحين للعمل، ويقصد بهذه الفئة:
(1) الموظف غير القادر على أداء وظيفته.
(2) أو القادر غير المنتج.
(3) أو القادر المنتج الذي لا يلائمه العهد الجديد.
كما يفصل بالطريقة ذاتها: الموظفون الذين تعلق بهم شوائب أو شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة. ومن المسلم أن القرار الصادر بفصل الموظف استناداً إلى هذا المرسوم بقانون يجب أن يقوم، كأي قرار إداري أخر، على سببه المبرر له قانوناً. وقد أفصحت المادة الأولى من هذا التشريع عن السبب المسوغ للفصل وهو أن يكون (الموظف غير صالح للعمل) أو (الموظف الذي تعلق به شوائب أو شبهات قوية تمس...) وفصلت المذكرة التفسيرية من هو (الموظف غير الصالح للعمل). وإذا كانت جهة الإدارة، كأصل من أصول القانون الإداري، غير ملزمة بتسبيب قرارها، ويفترض في القرار الغير مسبب قيامه على سببه الصحيح، وأن على من يدعي عكس ذلك أن يقيم هو الدليل على صدق وصحة ما يدعيه، فإن جهة الإدارة إذا ما ذكرت أسباباً للقرار فإن الأسباب حينئذ تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقة تلك الأسباب المذكورة أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار. وهذه الرقابة القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً، فإذا كانت منتزعة من غير أصل موجود، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً، لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون، وذلك ما يجري به لسان صحيفة الدعوى وما يردده تقرير هذا الطعن، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، وهذا ما سجلته أسباب الحكم المطعون فيه، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الواضح من استقراء أوراق هذا الطعن، هو أن السبب الذي دفع جامعة عين شمس إلى فصل الطاعن مرتكزة إلى أحكام المرسوم بقانون الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1952 وهو ما ورد في قرار لجنة التطهير التي أوصت بفصله فقالت اللجنة في شأن الطعن: "لقد ورد بالشكوى رقم 39 تطهير سنة 1952 جامعة إبراهيم، وهي الشكوى التي قدمها الدكتور محمد عبد الحليم العقبى رئيس قسم الأمراض الجلدية بكلية الطب، ومن أقواله أمام اللجنة أن الطاعن كان في العام الماضي كثير الانقطاع عن الحضور للكلية مما أضر بصالح العمل، وانعدم إنتاجه حتى اضطر إلى تقديم شكاية منه إلى السيد عميد الكلية، ولكن الطاعن رغم ذلك استمر في عدم الانتظام في الحضور. وأنه قد تبين للجنة من أقوال الدكتور محمود أبو بكر الدمرداش عميد كلية طب العباسية أن الطاعن كان غير منتظم في حضوره للكلية رغم التنبيه عليه شفوياً بمراعاة ذلك، وأنه تأكد من هذا الوضع من تحرياته الخاصة فالطاعن لم يكن يؤدي عمله على الوجه الأكمل. ذلك فضلاً عن أنه كان ضمن الأساتذة الذين استثنوا من المؤهلات العلمية اللازمة للالتحاق بالجامعة. واسترسلت لجنة التطهير تقول إنه تبين لها أيضاً من أقوال الدكتور محمد عبد الحميد متولي مدير الإدارة الطبية أن الدكتور الطاعن كان كثير التغيب عن الحضور لتلك الإدارة الأمر الذي حدا بزميله الدكتور بدر معوض إلى تقديم شكواه من ذلك لأنه اضطر للعمل بدلاً من الطاعن. وقد عرض هذا الوضع على السيد مدير الجامعة الدكتور محمد كامل حسين فأمر بإرسال كتاب إلى الطاعن يلغي انتدابه لتلك الإدارة الطبية. وقد تأيدت أقوال الدكتور متولي والدكتور العميد الدمرداش والدكتور العقبى من المكاتبات الواردة من كلية طب العباسية في هذا الشأن، وأن الدكتور الطاعن لم يتمكن من دحض ما نسب إليه. ولجنة التطهير إزاء ما تبين لها من عدم انتظام الدكتور الطاعن في عمله بالكلية أو بالإدارة الطبية التي كان منتدباً لها ثم استغنت عن خدماته لديها، ترى اللجنة أن الطاعن غير مكترث بعمله الجامعي لعدم انتظامه مما يجعله غير صالح للعمل وتوافق على فصله بالتطبيق لحكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (181) لسنة 1952.
ومن حيث إنه تبين على الوجه اليقين، أن السبب المبرر لفصل الدكتور الطاعن ليس هو إلا ما تبين للجنة التطهير من عدم صلاحيته للعمل بسبب عدم انتظامه فيه وكثرة انقطاعاته وانعدام إنتاجه تبعاً لذلك، فالطاعن والحالة هذه يدخل في زمرة (الموظفين القادرين غير المنتجين) وقد استدلت لجنة التطهير على ذلك من المكاتبات والأوراق الواردة من كلية الطب والمتبادلة بينها وبين إدارة جامعة عين شمس وكلها تأييد لأقوال الأساتذة الدكاترة العميد الدمرداش والعقبى ومتولي وبدر. وحاصل ما تنسبه تلك الأوراق إلى الطاعن أنه غير منتظم في عمله الأصلي بكلية الطب بل وفي عمله الإضافي بالإدارة الطبية بالجامعة مما أدى إلى الاستغناء عن خدماته فيها. صحيح أن الطاعن قد رد على ما نسبه إليه الدكتور رئيس القسم من أنه تغيب بعد انتهاء إجازته الاعتيادية سنة 1951 مدة ثمانية عشر يوماً بتقديم ثمانية أوراق علاج بالمستشفى جميعها موقعة بإمضائه ومسلمة بالكلية وثبت حضوره منذ تاريخ 18 من أغسطس سنة 1951 أي قبل انتهاء إجازته إلا أن الثابت من جماع الأوراق والمكاتبات المتبادلة، وعددها وفير بملف الخدمة وقديم، أن السيد الطاعن كان يتأخر كثيراً في الحضور عن الأوقات الرسمية المقررة للعمل والدراسة صباحاً وهي الساعة التاسعة حيث يحضر ويظل عشرات من الطلبة والطالبات في انتظار أستاذهم فلا يقبل منه أن يتحلل من احترام هذه المواعيد بذريعة بعد مسكنه عن مقر الكلية أو بازدحام المواصلات لأن ذلك هو من شأن عضو هيئة التدريس بالجامعة يدبره حتماً بحيث يحرص على مواعيد الدراسة وإلا أدى ذلك، أياً كانت الأعذار إلى تعطيل الدراسة عن مواعيدها والإخلال بنظامها وارتباك أحوالها والالتجاء إلى إسناد الأعمال إلى الأستاذ الفني المختص نائبه أو مساعده وفي ذلك أبلغ الضرر بالدرس والتدريس وطالبيه، وبالعلم والتعليم ورسالة الجامعة. وإذا جاز أن يسمح لمن يقطن ضواحي العاصمة بالتأخر فترة معقولة عن المواعيد الرسمية الخاصة بالعمل في إدارات الحكومة ومصالحها فإن مثل ذلك لا يستقيم وطبيعة التدريس بالجامعة وكلياتها. أن أبناء الجيل الجديد في سباق واضح مع هذا الزمن. فلا تعوقوهم، وزيدوهم علماً. وإذا صح أن هناك خصومة بين الدكتور الطاعن والدكتور رئيس القسم مردها إلى الدعوى التي رفعها الأول ضد الثاني أمام محكمة القضاء الإداري برقم (1382) لسنة 5 ق في 25 من يوليو سنة 1951 لإلغاء القرار الصادر بنقل وترقية العقبى رئيساً لقسم الأمراض الجلدية والتناسلية وأستاذاً مساعداً بكلية الطب فإن المؤكد في أوراق وتحقيقات لجنة التطهير أن الدكتور عميد الكلية أقر أمام اللجنة المذكورة بأن ديدن الطاعن عدم الانتظام في عمله فكثيراً ما يغيب وإذا حضر يكون متأخراً عن مواعيد الدراسة المقررة رسمياً وفقاً للوائح الجامعة وكلياتها وهو أمر جوهري في السلوك الوظيفي لعضو هيئة التدريس بالجامعة. ومن ثم لا يمكن مسايرة الطاعن فيما ذهب إليه من أن جميع أقوال الشهود جاءت وليدة الحقد عليه والكراهية له ما دامت الوقائع التي نسبت إليه قد وقعت منه وقامت في حقه وهو يكاد يسلم بها ولكنه يستهين بأمرها ولا يدرك مدى أخطارها. ولقد أصاب الحكم المطعون فيه إذ قال، وبحق، أن مشرع الثورة في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي لم يفرض على لجنة التطهير طريقاً معيناً في البحث والتحقيق تلتزمه اللجنة في كل حالة تعرض عليها لأن اللجنة المذكورة ما جاءت لمحاكمة الموظفين تأديبياً فتراعى الأصول والضوابط التي تلتزمها عادة هيئات التأديب. ولقد تأذى أيضاً عمل الطاعن الإضافي بالإدارة الطبية بالجامعة من طابع عدم الانتظام أو قل عدم الاكتراث بالواجب الوظيفي الذي طغى على الطاعن في عمله الأصلي بوصفه أستاذاً مساعداً بكلية الطب بالجامعة. آية ذلك ما هو ثابت بملف خدمته من أن الإدارة الطبية أرسلت إليه في إبريل سنة 1952 كتاباً تبلغه فيه بأنه نظراً لتغيبه عن مباشرة أعماله بالوحدات العلاجية للجامعة في أواخر شهر فبراير وطوال شهر مارس والشهر الحالي إبريل من سنة 1952 فقد قررت الإدارة الطبية إعفاءه من ذلك الانتداب وعهد إلى غيره ممن هو أقدر وأصلح لأداء المهمة. والقدر المتيقن الذي لم يفلح الطاعن في إقامة الدليل على عكسه لم يكن منتظماً في عمله الإضافي قبل بدء إجازاته لأنه تغيب عن الحضور في أيام (5 من نوفمبر، و6 و27 و30 من ديسمبر سنة 1951 ثم في أيام 3، 17، 24، 27 من يناير سنة 1952) وذلك دون وجود عذر يبرر مثل هذا الغياب. ولا يستساغ القول بأن ندب الطاعن لعمله الإضافي منبت الصلة بعمله الأصلي أو أن هذا العمل لا يعدل في أهميته عمله الأصلي فالقاعدة المقررة هي أنه يجوز تكليف الموظف بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وعلى الموظف أن يقوم بالعمل الإضافي المنوط به بنفس الدقة والأمانة التي يقوم بها بعمله الأصلي، ومن ثم فإن هو قصر في أداء عمله الإضافي، ولو أتقن عمله الأصلي، فإن ذلك يصبح وجهاً لمساءلته إدارياً.
ومن حيث إنه فضلاً عن أن الرقابة القانونية التي للقضاء الإداري على القرار الإداري تعني مراقبة صحة قيام الوقائع التي تكون ركني السبب، وسلامة تكييفها القانوني ولا تعني أن يحل القضاء الإداري نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها ولتقدير مدى خطورة السبب الذي هو ركن القرار وما يمكن ترتيبه عليه من آثار. فإن القرار المطعون فيه، والصادر بفصل الطاعن، لم يكن في الواقع من الأمر جزاء تأديبياً وقع عليه، حتى يسوغ القول بوجوب قيامه على كامل سببه بمعنى أنه إذا كان قائماً على عدة تهم لم يثبت بعضها أو إحداها فيتعين إلغاؤه. وإنما القرار المطعون فيه هو قرار فصل الطاعن بغير الطريق التأديبي ومثل هذا القرار لا يستلزم لمشروعيته ثبوت كل الوقائع التي يستند إليها وإنما يقع صحيحاً منتجاً لآثاره ويعتبر قائماً على السبب المبرر له قانوناً حتى ولو انهار جانب من تلك الوقائع ما دام القائم الثابت منها كاف وحده لحمل القرار. فإذا كان الباقي من تلك الوقائع صحيحاً مستمداً من أصول لها وجود ثابت في الأوراق ويمكن أن يستخلص منها ما يكفي لتبرير عدم صلاحية الموظف للبقاء في الوظيفة استخلاصاً سائغاً سلم القرار من العلة التي قد تؤدي به وغني عن القول أن الطاعن يشغل وظيفة أستاذ مساعد بالجامعة فينبغي أن يوزن مدى صلاحيته للبقاء في كرسي الأستاذ المساعد على مقتضى أرفع مستويات السلوك الوظيفي وما تستوجبه من أبلغ الحرص على أداء واجبات هذه الوظيفة العالمية الكبرى. ومتى كانت الوقائع المنسوبة إلى الطاعن، في أغلبها صحيحة وثابتة في العديد من الأوراق الرسمية، وتنتج مادياً وقانوناً النتيجة التي انتهى إليها قرار الفصل فلا جدوى مما ساقه الطاعن من أمور أقام عليها ما نسبه إلى كلية الطب بجامعة عين شمس من إساءة استعمال السلطة أو انحراف عن الصواب، لأن رابطة السببية بين تلك الأمور، وبين النتيجة التي انتهى إليها القرار المطعون فيه تكون، والحالة هذه، فاقدة. ذلك ما جرى به قضاء هذه المحكمة. وما ترسم خطاه الحكم المطعون فيه. فيتعين رفض الطعن إذ قام على غير سند من القانون سليم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.