جلسة 9 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار الدكتور/ أحمد حسني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.
--------------------
(226)
الطعن رقم 688 لسنة 50 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. وجوب أن تكون للطاعن مصلحة في اختصام من يختصمه.
(2، 5) تأميم "لجان التقييم".
(2) اختصاص لجان التقييم. نطاقه. تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة ورؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على أخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر.
(3) تقدير رأس مال المنشأة. كيفيته. تحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ.
(4) لجان التقييم. عدم جواز الطعن في قراراتها. مناطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد. أثره. إهدار أثر القرار وحجيته.
(5) لجان التقييم. عدم اختصاصها بالفصل في المنازعات التي تثور بين المنشأة المؤممة والغير. لا حجية لقرارها في هذا الصدد. الفصل في هذه المنازعات من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة إلا ما استثني بنص خاص. عدم اعتبار ذلك طعناً في قرار اللجنة.
(6) تأميم "أثر التأميم".
التأميم. أثره. نقل ملكية المشروع المؤمم إلى الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على الدولة. استنزال الفرق بين مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المشروع قبل تأميمه وبين مقدار ما استحق فعلاً من هذه الضرائب من خصوم هذا المشروع المؤمم. مؤداه. زيادة أصوله بمقدار هذا الفرق وبالتالي زيادة قيمته والتعويض المستحق عنه. لصاحب المشروع المؤمم مصلحة في المطالبة بهذا الحق.
(7) التزام "انقضاء الالتزام": المقاصة القضائية.
المقاصة القضائية. شرطها. وجوب طلبها بدعوى أصلية أو بطلب عارض يقدمه المدعى عليه.
(8) تأميم "لجان التقييم".
تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت. مؤداه. تحديده بصفة نهائية. أثره. ارتداد التحديد إلى وقت التأميم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2288 لسنة 1975 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 10272 ج و307 م تأسيساً على أن هذا المبلغ يمثل الفرق بين ما خصصته لجنة تقييم محلجه بببا لحساب مصلحة الضرائب وبين ما استحق عليه فعلاً من هذه الضرائب وبعد ندب خبير في الدعوى قضت محكمة أول درجة في 11/ 3/ 1979 بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 6608 ج و758 م استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 463 لسنة 35 ق الإسكندرية وبتاريخ 19/ 1/ 1980 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 2994 ج و806 م طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبالنسبة للمطعون ضده الأول قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث أنهما لم ينازعا المطعون ضده الأول أمام محكمة الموضوع ولم توجه منهما أو إليهما أية طلبات فلا تقوم مصلحة للطاعنة في اختصامهما أمام محكمة النقض بما يكون معه الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون ضدهما الثاني والثالث قد اختصما في الدعوى دون أن توجه إليهما طلبات من المطعون ضده الأول أو الطاعنة وكان موقفهما من الخصومة سلبياً ولم تصدر عنهما منازعة أو يحكم لهما أو عليهما بشيء قبل الطاعنة فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول - والثاني منها - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن قرار لجنة التقييم يعتبر قراراً إدارياً فلا يختص القضاء العادي بالتصدي له وتأويله لاختصاص مجلس الدولة وحده دون غيره برقابة مشروعية القرارات الإدارية كما أنه قرار نهائي غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 بشأن تأميم المحالج وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتعرض لمشروعية قرار لجنة التقييم رغم نهائيته يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن اختصاص لجان التقييم وعلى ما بينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها - أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها فإن قرارها في هذا الصدد لا يكسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول باعتباره صاحب المحلج قبل تأميمه قد أقام الدعوى منازعاً في مقدار المبلغ الذي حملته به لجنة التقييم وخصصته لحساب مصلحة الضرائب لأنه يزيد على ما استحق عليه من هذه الضرائب بالفعل ولذا طالب بالفروق وكان الفصل في تلك المنازعة يخرج عن اختصاص لجنة التقييم ويدخل في اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة فضلاً عن أن قرار لجنة التقييم بتحميل المنشأة المؤممة بمبالغ غير مدينة بها للغير لا يلحقه وصف النهائية المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر ولا يكتسب حصانة تحول دون الالتجاء إلى المحاكم المختصة لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة التي تتفق وصحيح القانون فإن ما ورد بسببي الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الرابع - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه باستلام المطعون ضده الأول شهادة بقيمة محلجه المؤمم فقد انقطعت صلته به مما لا يحق له أن يتصدى لتصرفاتها فيما آل إليها من أصول وخصوم هذا المحلج وصولاً إلى المطالبة بمبالغ مدرجة ضمن الخصوم يرى أنها زائدة عن مخصص الضرائب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يترتب على التأميم نقل ملكية المشروع المؤمم إلى الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على الدولة وكان استنزال الفرق بين مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المحلج قبل تأميمه وبين مقدار ما استحق فعلاً عن هذه الضرائب من خصوم المحلج المؤمم يؤدي إلى زيادة أصوله بمقدار هذا الفرق وبالتالي زيادة قيمته والتعويض المستحق عنه ومن ثم فإن المطعون ضده الأول باعتباره صاحب المحلج المؤمم تكون له مصلحة في المطالبة بهذا الفرق ويكون ما ورد بوجه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن محلج المطعون ضده وقت تأميمه وأيلولته إليها لم يكن لديه نقد فائض لسداد دين الضريبة ولذلك اقترضته من البنوك بفائدة مرتفعة لسداده دفعة واحدة بقصد الإفادة من التيسيرات المقررة في القانون رقم 77 لسنة 1969 ولذا كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحمل المطعون ضده الأول بجملة الفوائد التي دفعتها أخذاً بمبدأ الغنم بالغرم وإذ خالف الحكم ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن طلب الطاعنة تحميل المطعون ضده بجملة الفوائد التي دفعتها بفرض حصوله هو طلب بإجراء المقاصة القضائية بين المبلغ الذي يستحقه المطعون ضده الأول في ذمتها كفرق للضرائب وبين جملة ما دفعته من فوائد وترى أن الأخير يتحملها ولما كان يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية وكان يشترط لقبول الطلب العارض أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها وكانت الشركة الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض ما يدل على أنها طلبت المقاصة القضائية في صورة طلب عارض بل كان طلبها في هذا الشأن وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه في صورة دفع لدعوى المطعون ضده الأول وهو ما لا يجوز طلب المقاصة القضائية به فإنه ما كان للحكم المطعون فيه أن يجري هذه المقاصة طالما أنها لم تطلب منه بالطريق القانوني ويكون ما ورد بوجه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استدل من قيام لجنة التقييم بتقدير مبلغ مائة جنيه بصفة مؤقتة وتخصيصه كاحتياطي للضرائب عن الفترة من 1/ 9/ 1962 وحتى تاريخ تأميم المحلج أن تقديرها المبالغ الأخرى وقدرها 28808 ج و331 م وتخصيصها لحساب الضرائب عن الفترة السابقة على 1/ 9/ 1962 هو تقدير مؤقت وإذ كان تقدير لجنة التقييم للمبلغ الأخير وإدراجه ضمن خصوم المحلج المؤمم كان تقديراً نهائياً لحساب الضرائب المستحقة عن الفترة السابقة على 1/ 9/ 1962 فإن خلط الحكم بين الفترتين المذكورتين واستخلاصه من تقدير المبلغ المخصص لحساب الضرائب عن الفترة الأولى تقديراً مؤقتاً أن كل ما قدمته لجنة التقييم لحساب الضرائب كان مؤقتاً يكون استخلاصاً فاسداً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذه النتيجة جواز التعرض لقرار التقييم رغم نهائيته فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه دفاع يخالطه واقع لم يثبت أن الطاعنة تمسكت به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الزيادة في المبلغ الذي احتسبته لجنة التقييم ضمن خصوم المحلج المؤمم لحساب مصلحة الضرائب عن التقدير النهائي للضرائب المستحقة على ذلك المحلج قبل تأميمه لا تعدو أن تكون زيادة في الأصول عن الخصوم يرتد أثرها إلى وقت التأميم ومن ثم لا ترد نقداً إلى صاحب المحلج قبل تأميمه بل تؤدى له بسندات على الدولة طبقاً لأحكام القوانين 117، 118 لسنة 1961، 38 لسنة 1963 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتلك الزيادة للمطعون ضده الأول نقداً فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بإلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على المنشأة المؤممة وبين ما استحق منها بالفعل وسددته لمصلحة الضرائب على قوله "وحيث إنه عما تثيره الشركة المستأنفة الطاعنة في مذكرتها من أن القضاء للمستأنف ضده الأول المطعون ضده الأول بمبلغ نقدا يخالف ما نص عليه القانون من أن يكون التعويض بسندات على الدولة فمردود بأنه بحسب المحكمة أن تقضي لصاحب المنشأة المؤممة بما يظهر له الحق فيه من مبالغ إما أداؤها إليه نقداً أو بسندات على الدولة فهي مسألة تتعلق بالتنفيذ ولا شأن للمحكمة بها ومن ثم فلا ترى المحكمة وجهاً لإجابة ما طلبته الشركة المستأنفة من التصريح لها بإدخال وزارة المالية والتجارة خصماً في الدعوى لإصدار سندات وهي وشأنها مع تلك الوزارة عند التنفيذ" وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم بعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في صاف رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 والمادة الثالثة من القانون رقم 38 لسنة 1963 قد نصت على أن تؤدى قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة وذلك في حدود خمسة عشر ألف جنيه لكل من الملاك السابقين لتلك المنشآت ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بأداء الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة عن المحلج المؤمم وبين ما استحق منها بالفعل نقداً وليس بسندات على الدولة يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص مع الإحالة.