الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

الطعن 688 لسنة 50 ق جلسة 9 /12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 226 ص 1097

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار الدكتور/ أحمد حسني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.

--------------------

(226)
الطعن رقم 688 لسنة 50 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. وجوب أن تكون للطاعن مصلحة في اختصام من يختصمه.
(2، 5) تأميم "لجان التقييم".
(2) اختصاص لجان التقييم. نطاقه. تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة ورؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على أخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر.
(3) تقدير رأس مال المنشأة. كيفيته. تحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ.
(4) لجان التقييم. عدم جواز الطعن في قراراتها. مناطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد. أثره. إهدار أثر القرار وحجيته.
(5) لجان التقييم. عدم اختصاصها بالفصل في المنازعات التي تثور بين المنشأة المؤممة والغير. لا حجية لقرارها في هذا الصدد. الفصل في هذه المنازعات من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة إلا ما استثني بنص خاص. عدم اعتبار ذلك طعناً في قرار اللجنة.
(6) تأميم "أثر التأميم".
التأميم. أثره. نقل ملكية المشروع المؤمم إلى الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على الدولة. استنزال الفرق بين مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المشروع قبل تأميمه وبين مقدار ما استحق فعلاً من هذه الضرائب من خصوم هذا المشروع المؤمم. مؤداه. زيادة أصوله بمقدار هذا الفرق وبالتالي زيادة قيمته والتعويض المستحق عنه. لصاحب المشروع المؤمم مصلحة في المطالبة بهذا الحق.
(7) التزام "انقضاء الالتزام": المقاصة القضائية.
المقاصة القضائية. شرطها. وجوب طلبها بدعوى أصلية أو بطلب عارض يقدمه المدعى عليه.
(8) تأميم "لجان التقييم".
تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت. مؤداه. تحديده بصفة نهائية. أثره. ارتداد التحديد إلى وقت التأميم.

------------------
1 - المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته.
2 - اختصاص لجان التقييم - وعلى ما بينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1963 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة.
3 - تقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ، وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة.
4 - قرار لجنة التقييم - في رأس مال المنشأة المؤممة - نهائي وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن.
5 - ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته، ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانه تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات.
6 - لما كان يترتب على التأميم نقل ملكية المشروع المؤمم إلى الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على الدولة وكان استنزال الفرق - بين مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المحلج قبل تأميمه وبين مقدار ما استحق فعلاً من هذه الضرائب - من خصوم المحلج المؤمم يؤدي إلى زيادة أصوله بمقدار هذه الفروق وبالتالي زيادة قيمته والتعويض المستحق عنه، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول باعتباره صاحب المحلج المؤمم تكون له مصلحة في المطالبة بهذا الفرق.
7 - يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية.
8 - تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم، ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتبت عليه زيادة في صافي رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجرى على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2288 لسنة 1975 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 10272 ج و307 م تأسيساً على أن هذا المبلغ يمثل الفرق بين ما خصصته لجنة تقييم محلجه بببا لحساب مصلحة الضرائب وبين ما استحق عليه فعلاً من هذه الضرائب وبعد ندب خبير في الدعوى قضت محكمة أول درجة في 11/ 3/ 1979 بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 6608 ج و758 م استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 463 لسنة 35 ق الإسكندرية وبتاريخ 19/ 1/ 1980 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 2994 ج و806 م طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبالنسبة للمطعون ضده الأول قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث أنهما لم ينازعا المطعون ضده الأول أمام محكمة الموضوع ولم توجه منهما أو إليهما أية طلبات فلا تقوم مصلحة للطاعنة في اختصامهما أمام محكمة النقض بما يكون معه الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون ضدهما الثاني والثالث قد اختصما في الدعوى دون أن توجه إليهما طلبات من المطعون ضده الأول أو الطاعنة وكان موقفهما من الخصومة سلبياً ولم تصدر عنهما منازعة أو يحكم لهما أو عليهما بشيء قبل الطاعنة فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول - والثاني منها - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن قرار لجنة التقييم يعتبر قراراً إدارياً فلا يختص القضاء العادي بالتصدي له وتأويله لاختصاص مجلس الدولة وحده دون غيره برقابة مشروعية القرارات الإدارية كما أنه قرار نهائي غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1963 بشأن تأميم المحالج وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتعرض لمشروعية قرار لجنة التقييم رغم نهائيته يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن اختصاص لجان التقييم وعلى ما بينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها - أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها فإن قرارها في هذا الصدد لا يكسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول باعتباره صاحب المحلج قبل تأميمه قد أقام الدعوى منازعاً في مقدار المبلغ الذي حملته به لجنة التقييم وخصصته لحساب مصلحة الضرائب لأنه يزيد على ما استحق عليه من هذه الضرائب بالفعل ولذا طالب بالفروق وكان الفصل في تلك المنازعة يخرج عن اختصاص لجنة التقييم ويدخل في اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة فضلاً عن أن قرار لجنة التقييم بتحميل المنشأة المؤممة بمبالغ غير مدينة بها للغير لا يلحقه وصف النهائية المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر ولا يكتسب حصانة تحول دون الالتجاء إلى المحاكم المختصة لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة التي تتفق وصحيح القانون فإن ما ورد بسببي الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الرابع - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه باستلام المطعون ضده الأول شهادة بقيمة محلجه المؤمم فقد انقطعت صلته به مما لا يحق له أن يتصدى لتصرفاتها فيما آل إليها من أصول وخصوم هذا المحلج وصولاً إلى المطالبة بمبالغ مدرجة ضمن الخصوم يرى أنها زائدة عن مخصص الضرائب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يترتب على التأميم نقل ملكية المشروع المؤمم إلى الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على الدولة وكان استنزال الفرق بين مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المحلج قبل تأميمه وبين مقدار ما استحق فعلاً عن هذه الضرائب من خصوم المحلج المؤمم يؤدي إلى زيادة أصوله بمقدار هذا الفرق وبالتالي زيادة قيمته والتعويض المستحق عنه ومن ثم فإن المطعون ضده الأول باعتباره صاحب المحلج المؤمم تكون له مصلحة في المطالبة بهذا الفرق ويكون ما ورد بوجه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن محلج المطعون ضده وقت تأميمه وأيلولته إليها لم يكن لديه نقد فائض لسداد دين الضريبة ولذلك اقترضته من البنوك بفائدة مرتفعة لسداده دفعة واحدة بقصد الإفادة من التيسيرات المقررة في القانون رقم 77 لسنة 1969 ولذا كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحمل المطعون ضده الأول بجملة الفوائد التي دفعتها أخذاً بمبدأ الغنم بالغرم وإذ خالف الحكم ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن طلب الطاعنة تحميل المطعون ضده بجملة الفوائد التي دفعتها بفرض حصوله هو طلب بإجراء المقاصة القضائية بين المبلغ الذي يستحقه المطعون ضده الأول في ذمتها كفرق للضرائب وبين جملة ما دفعته من فوائد وترى أن الأخير يتحملها ولما كان يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية وكان يشترط لقبول الطلب العارض أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها وكانت الشركة الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض ما يدل على أنها طلبت المقاصة القضائية في صورة طلب عارض بل كان طلبها في هذا الشأن وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه في صورة دفع لدعوى المطعون ضده الأول وهو ما لا يجوز طلب المقاصة القضائية به فإنه ما كان للحكم المطعون فيه أن يجري هذه المقاصة طالما أنها لم تطلب منه بالطريق القانوني ويكون ما ورد بوجه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استدل من قيام لجنة التقييم بتقدير مبلغ مائة جنيه بصفة مؤقتة وتخصيصه كاحتياطي للضرائب عن الفترة من 1/ 9/ 1962 وحتى تاريخ تأميم المحلج أن تقديرها المبالغ الأخرى وقدرها 28808 ج و331 م وتخصيصها لحساب الضرائب عن الفترة السابقة على 1/ 9/ 1962 هو تقدير مؤقت وإذ كان تقدير لجنة التقييم للمبلغ الأخير وإدراجه ضمن خصوم المحلج المؤمم كان تقديراً نهائياً لحساب الضرائب المستحقة عن الفترة السابقة على 1/ 9/ 1962 فإن خلط الحكم بين الفترتين المذكورتين واستخلاصه من تقدير المبلغ المخصص لحساب الضرائب عن الفترة الأولى تقديراً مؤقتاً أن كل ما قدمته لجنة التقييم لحساب الضرائب كان مؤقتاً يكون استخلاصاً فاسداً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذه النتيجة جواز التعرض لقرار التقييم رغم نهائيته فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه دفاع يخالطه واقع لم يثبت أن الطاعنة تمسكت به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الزيادة في المبلغ الذي احتسبته لجنة التقييم ضمن خصوم المحلج المؤمم لحساب مصلحة الضرائب عن التقدير النهائي للضرائب المستحقة على ذلك المحلج قبل تأميمه لا تعدو أن تكون زيادة في الأصول عن الخصوم يرتد أثرها إلى وقت التأميم ومن ثم لا ترد نقداً إلى صاحب المحلج قبل تأميمه بل تؤدى له بسندات على الدولة طبقاً لأحكام القوانين 117، 118 لسنة 1961، 38 لسنة 1963 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتلك الزيادة للمطعون ضده الأول نقداً فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بإلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على المنشأة المؤممة وبين ما استحق منها بالفعل وسددته لمصلحة الضرائب على قوله "وحيث إنه عما تثيره الشركة المستأنفة الطاعنة في مذكرتها من أن القضاء للمستأنف ضده الأول المطعون ضده الأول بمبلغ نقدا يخالف ما نص عليه القانون من أن يكون التعويض بسندات على الدولة فمردود بأنه بحسب المحكمة أن تقضي لصاحب المنشأة المؤممة بما يظهر له الحق فيه من مبالغ إما أداؤها إليه نقداً أو بسندات على الدولة فهي مسألة تتعلق بالتنفيذ ولا شأن للمحكمة بها ومن ثم فلا ترى المحكمة وجهاً لإجابة ما طلبته الشركة المستأنفة من التصريح لها بإدخال وزارة المالية والتجارة خصماً في الدعوى لإصدار سندات وهي وشأنها مع تلك الوزارة عند التنفيذ" وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم بعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في صاف رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 والمادة الثالثة من القانون رقم 38 لسنة 1963 قد نصت على أن تؤدى قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة وذلك في حدود خمسة عشر ألف جنيه لكل من الملاك السابقين لتلك المنشآت ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بأداء الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة عن المحلج المؤمم وبين ما استحق منها بالفعل نقداً وليس بسندات على الدولة يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص مع الإحالة.

الطعن 234 لسنة 4 ق جلسة 13 / 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 128 ص 1491

جلسة 13 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

----------------

(128)

القضية رقم 234 لسنة 4 القضائية

(أ) جنسية. 

قوة الأمر المقضي في مسائل الجنسية - الأحكام التي تكتسب هذه القوة.
(ب) جنسية 

- المنازعات الخاصة بالجنسية - صورتها، والجهة التي تختصم فيها، والمحكمة التي تنظرها، وحجية الحكم الذي يصدر فيها - اشتمال المادة 20 من القانون رقم 160 لسنة 1950 على ما يفيد اختصاص القضاء الإداري بنظرها - حجية أحكام القضاء الإداري في مسائل الجنسية قبل الكافة.
(ج) جنسية 

- المنازعات الخاصة بالجنسية - اشتراك القضاء العادي في نظرها - الاختلاف في تفسير النصوص التي بني عليها - زوال هذا الاشتراك على أي حال بصدور القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة.
(د) جنسية 

- قوة الأمر المقضي في مسائل الجنسية - حكم صادر من المحكمة الجنائية في جريمة دخول الأراضي المصرية بدون ترخيص - لا يكتسب - قوة الأمر المقضي في خصوص ثبوت الجنسية المصرية للمتهم - عدم تقيد القضاء الإداري بهذا الحكم.

------------------
1 - إن الأحكام القضائية التي تحوز قوة الأمر المقضي في الجنسية بصفة مطلقة يجب أن تصدر من الجهة القضائية التي أسند إليها القانون الفصل في هذا الخصوص في دعوى تكون في مواجهة من يعتبره القانون ممثلاً للدولة في هذا الشأن.
2 - إن الجنسية هي رابطة تقوم بين شخص ما ودولة باعتباره منتمياً إليها سياسياً، والطبعي أن يصدر الحكم في الجنسية في مواجهة الجهة الإدارية المختصة، وهي في الإقليم المصري وزارة الداخلية؛ ولذا فإن المادة 20 من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية والقوانين المعدلة له تنص على أن "يعطي وزير الداخلية كل ذي شأن شهادة بالجنسية المصرية مقابل دفع الرسوم التي تفرض بقرار منه، وذلك بعد التحقق من ثبوت الجنسية إذ يكون لهذه الشهادة حجيتها القانونية ما لم تلغ بقرار مسبب من وزير الداخلية، ويجب أن تعطى هذه الشهادة لطالبها خلال سنة على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر امتناع وزير الداخلية عن إعطائها في الميعاد المذكور رفضاً للطلب، ولمن يرفض طلبه حق التظلم والطعن أمام الجهات المختصة"؛ مما يستفاد منه أن القضاء الإداري مختص بمنازعات الجنسية عن طريق الطعن بالإلغاء في قرار وزير الداخلية الصريح أو الضمني حسب الأحوال، على النحو السالف البيان، برفض إعطاء الشهادة بالجنسية.وغني عن القول أن الحكم الصادر من القضاء الإداري في هذا الخصوص يحوز حجية مطلقة؛ إذ يعتبر حجة على الكافة طبقاً لقانون مجلس الدولة.
3 - إن اختصاص القضاء الوطني بمنازعات الجنسية قد استفاده القضاء المذكور من نص المادة 99 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه على النيابة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالجنسية وإلا كان الحكم باطلاً؛ وذلك لأن تدخل النيابة كطرف في المنازعة قد شرع رعاية لصالح الدولة.ومهما يكن من أمر في اختصاص القضاء الوطني في مسائل الجنسية على ما ثار حوله من جدل باعتبار أن مشروع قانون الجنسية رقم 160 لسنة 1950 كان يتضمن النص على ذلك، ثم أسقط منه وجعل الاختصاص للقضاء الإداري في المادة 24 منه - مهما يكن من أمر في ذلك فقد زال هذا الاشتراك في الاختصاص بعد أن صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة، ناصاً في الفقرة التاسعة من المادة الثامنة منه على أن يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في دعاوى الجنسية، فأصبح وحده هو الجهة المختصة بالفصل في تلك المسائل، ويحوز قضاؤه فيها حجية مطلقة على الكافة في هذا الشأن بالتطبيق للمادة 20 منه.
4 - إن التحدي في مقام إثبات الجنسية المصرية بالحكم الجنائي بالبراءة الصادر من محكمة جنح الإسكندرية في جريمة دخول الأراضي المصرية بدون ترخيص لا يجدي في هذا الشأن؛ ذلك أن المادة 406 من القانون المدني وقد نصت على أنه "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً"، فإن مفاد ذلك أن المحكمة المدنية تتقيد بما أثبتته المحكمة الجنائية في حكمها من وقائع، دون أن تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع؛ فقد يختلف التكييف من الناحية المدنية عنه من الناحية الجنائية؛ وينبني على ذلك أنه إذا حكم القاضي الجنائي بالبراءة أو الإدانة لأسباب ترجع إلى الوقائع؛ بأن أثبت في حكمه أن الفعل المسند إلى المتهم لم يحصل أو أثبت حصوله، تقيد القاضي المدني بثبوت الوقائع أو عدم ثبوتها على هذا النحو، أما إذا قام الحكم الجنائي بالبراءة على أسباب ترجع إلى التكييف القانوني لم يتقيد القاضي المدني بذلك، كما لو قام الحكم الجنائي على ثبوت رابطة البنوة المانعة من توقيع العقاب في جريمة السرقة لوجود نص يمنع من ذلك، فلا يحوز الحكم الجنائي قوة الأمر المقضي في ثبوت هذه الرابطة الشرعية بصفة مطلقة، كما في دعوى بنوة أو نفقة أو إرث مثلاً؛ إذ ولاية القضاء في ذلك معقودة أصلاً لجهة اختصاص معينة، ولتلك الروابط أوضاعها وإجراءاتها وأكيافها الخاصة بها أمام تلك الجهات.هذا ما ذهب إليه الفقه والقضاء في المجال المدني، مع مراعاة أن القضاء المدني والقضاء الجنائي فرعان يتبعان نظاماً قضائياً واحداً يستقل عنه القضاء الإداري؛ فمن بأب أولى لا يتقيد القضاء الإداري بالحكم الجنائي الذي مس في أسبابه مسائل الجنسية، إذا كان هذا الحكم قد قام على تكييف أو تأويل قانوني، فمثلاً إذا انبنى حكم البراءة في جريمة دخول الأراضي المصرية بدون ترخيص على ما فهمته المحكمة الجنائية من أن المتهم مصري الجنسية بحسب تأويلها للنصوص القانونية في هذا الشأن ولم يقم على ثبوت أو نفي واقعة معينة من الوقائع، فإن هذا الحكم وإن حاز قوة الأمر المقضي في تلك الجريمة المعينة، إلا أنه لا يحوز هذه القوة في ثبوت الجنسية المصرية بصفة مطلقة؛ لأن الجنسية - كما سبق القول - وهي رابطة سياسية بين الدولة وبين من يدعي الانتماء إليها؛ وبهذه المثابة تقتضي تأويلاً وتكييفاً قانونياً على مقتضى القوانين التي تحكم هذه المسألة بالذات.


إجراءات الطعن

في يوم 26 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1957 في القضية رقم 1637 لسنة 10 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد أحمد عثمان ضد وزارة الداخلية، والقاضي "بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات".وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، القاضي بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، والقضاء بإلغاء قرار إبعاد المدعي الصادر في 2 من نوفمبر سنة 1952.مع إلزام الحكومة بالمصروفات".وقد أعلن الطعن للحكومة في 5 من مارس سنة 1958، وللمدعي في 9 منه، وعين لنظره جلسة 21 من مارس سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ الحكم لجلسة 30 من مايو سنة 1959، ثم تأجل لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 4 من فبراير سنة 1956 طالباً الحكم بإلغاء قرار إبعاده الصادر في 2 من نوفمبر سنة 1952، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.وقال - شرحاً لدعواه - إنه مصري الجنسية، وأن جنسيته مستمدة من الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929؛ إذ أنه مولود بمصر في 23 من مارس سنة 1923 من أب جزائري ولد هو الآخر بمصر، وينتمي بجنسيته إلى غالبية السكان في بلد لغته العربية ودينه الإسلام؛ ومن ثم فلا يجوز إبعاده وفقاً لأحكام الدستور التي تنهي عن إبعاد المصريين؛ ولذلك يكون القرار الصادر بإبعاده بعد استيفائه مدة العقوبة المحكوم عليه بها في قضية جنحة باطلاً وواجباً إلغاؤه، وقد عاد إلى مصر مستنداً إلى حقه الدستوري، ولكن بوليس الإسكندرية قبض عليه بتهمة دخوله الأراضي المصرية بدون جواز سفر، وقد ظل مقبوضاً عليه حتى قضت محكمة الجنح ببراءته وبإخلاء سبيله فوراً، وذلك في القضية رقم 2949 لسنة 1954، إلا أن بوليس الإسكندرية قبض عليه ثانية عقب الإفراج عنه وأودعه سجن الأجانب وأبعده عن مصر بالقوة، ولكنه عاد ثانية، وبمجرد عودته قبض عليه البوليس وقدمه للمحاكمة بتهمة دخوله الأراضي المصرية بغير جواز سفر، وذلك في الجنحة رقم 3969 سنة 1955 جنح كرموز، فصدر فيها الحكم بالبراءة بعد أن ثبت للمحكمة أنه مصري، ولكن بوليس الإسكندرية قبض عليه وأبعده مرة أخرى خارج مصر، فعاد مرة أخرى مستنداً إلى حقه الدستوري، فقبض عليه البوليس وأودعه سجن الأجانب تمهيداً لترحيله، وقد علم أن البوليس يستند في إبعاده إلى ما يزعمه من صدور قرار في 2 من نوفمبر سنة 1952 من وزير الداخلية بإبعاده عن مصر باعتباره أجنبياً، ولما كان المدعي لم يعلن أبداً بهذا القرار، ولا علم له به، وقد ورد عرضاً في دفاع النيابة العمومية في القضية رقم 2949 لسنة 1954 جنح الإسكندرية المستأنفة، ولا يجوز إبعاده عن مصر باعتباره مصرياً؛ ولذلك يكون هذا القرار باطلاً متعيناً إلغاؤه.وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدعي مولود بالإسكندرية ومقيد بدفاتر القنصلية الفرنسية بالإسكندرية باعتباره جزائرياً ومن رعايا فرنسا، وفي 21 من يوليه سنة 1952 طلبت إدارة الأمن العام (إدارة الجنايات) اتخاذ الإجراءات اللازمة لإبعاده من الأراضي المصرية لصدور حكم عليه في القضية رقم 4 جنح مخدرات قسم العطارين سنة 1952 بالحبس مدة سنة وغرامة قدرها 200 ج لضبطه محرزاً كمية من الحشيش؛ وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً بجلسة 14 من يوليه سنة 1952، فعرض أمره على اللجنة الاستشارية للإبعاد التي وافقت على إبعاده، وصدر بذلك قرار في 2 من نوفمبر سنة 1952؛ وذلك تطبيقاً لنص المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952، وتم إبعاده بالفعل في يوم 19 من مايو سنة 1953، ووضع اسمه في قائمة الممنوعين من دخول الأراضي المصرية، ولكنه دخل البلاد خلسة، وضبط وقدم لمحكمة جنح كرموز في القضية رقم 1811 جنح كرموز سنة 1954، وحكم عليه بجلسة 6 من إبريل سنة 1954 بالحبس ثلاثة أشهر، وأعيد ترحيله خارج البلاد، ولكنه عاد مرة أخرى فضبط وقدم للمحاكمة.وفي 9 من يناير سنة 1956 تقدم محامي المدعي بصورة من حكم صادر من محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية يقضي بإلغاء الحكم الصادر بحبسه لدخوله البلاد خلسة، واستندت المحكمة المذكورة في حكمها إلى أنه يعتبر مصرياً بالتطبيق لنص الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 التي تنص على أنه "يعتبر مصرياً من ولد في القطر المصري لأب أجنبي ولد هو أيضاً فيه إذا كان هذا الأجنبي ينتمي بجنسيته لغالبية السكان في بلد لغته العربية أو دينه الإسلام"، ثم قالت الوزارة إن هذه المادة التي استندت إليها المحكمة لا تسري في الواقع إلا على الأحداث التي تقع بعد صدور المرسوم بقانون المذكور، وبالتالي لا تسري هذه المادة على المدعي؛ ولذلك لا يمكن اعتباره مصرياً، وأن حكم محكمة الجنح المستأنفة - وقد أصبح انتهائياً وقضى ببراءة المدعي مما نسب إليه - فإنه يكتسب الحجية فيما ورد في منطوقه فحسب، بغض النظر عن الأسباب التي استند إليها، أي أن حجيته مقصورة على حكم البراءة، ولا شك في أن دعوى الجنسية الأصلية لم ينظمها القانون المصري، اللهم إلا أن تكون في صورة طعن في قرار صدر من وزير الداخلية برفض الاعتراف لصاحب الشأن بالجنسية المصرية، وأن حكم المادة 24 من المرسوم بقانون السالف الذكر - التي تنص على أن "جميع الأحكام التي تصدر في مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة وينشر منطوقها في الجريدة الرسمية" - لا ينصرف إلا إلى الدعاوى التي ترفع بصفة أصلية، سواء كانت في صورة طلب الاعتراف الإداري في دعاوى ثبوت الجنسية أو الطعن في القرار الإداري نتيجة لعدم الاعتراف بالجنسية.وانتهت الوزارة إلى أن المدعي لا يفيد من نص المادة المشار إليها، وبالتالي يعتبر أجنبياً، ويكون قرار الإبعاد سليماً شكلاً وموضوعاً، ويتعين رفض دعواه لسببين: (الأول) أن قرار الإبعاد صدر في سنة 1952؛ وبذلك فات ميعاد الطعن فيه أمام مجلس الدولة، ولا يحتج بأنه لم يعلن بالقرار؛ إذ كيف يتم تنفيذه دون أن يعلم به.(ثانياً) أن المدعي خطر على أمن الدولة وسلامتها، وهذا ظاهر من سوابقه الثابتة في ملفه.وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.وأقامت قضاءها على أن المدعي غير مصري، وأن قرار الإبعاد المطعون فيه في هذه الدعوى قد صدر في 2 من نوفمبر سنة 1952، والدعوى لم ترفع إلا في 4 من فبراير سنة 1956، أي بعد فوات ما يزيد على الستين يوماً من تاريخ صدوره، مع توافر علمه اليقيني بالقرار؛ إذ أبعد عن الأراضي المصرية تنفيذاً له أكثر من مرة.وقد بحثت المحكمة في حكمها حالة المدعي، وانتهت إلى أنه لا يفيد من حكم الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الخاص بالجنسية المصرية؛ ذلك لأن الإفادة منه مشروطة بأن يولد الشخص بعد صدور القانون، أما من ولد قبل ذلك - والمدعي مولود في سنة 1923 - فلا يفيد من حكمه مطلقاً لسبق اكتسابه جنسية والده الأجنبية، ولا سبيل إلى كسبه الجنسية المصرية إلا عن طريق التجنس حسبما استقر عليه رأي الفقه والقضاء؛ ومن ثم لا يكون القرار المطعون فيه قد صدر بإبعاد مصري كما يزعم، وبالتالي يكون القول ببطلانه بطلاناً أصلياً على غير أساس؛ ومن ثم كان واجباً عليه طلب إلغائه في الميعاد القانوني، ولا يوثر في هذه النتيجة ما ذهب إليه المدعي من أن الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية في الدعوى رقم 2949 لسنة 1954 بإثبات جنسيته المصرية ذو حجية مطلقة، وأن الأحكام المقررة؛ ومن ثم تكون جنسيته المصرية ثابتة له قانوناً؛ ذلك لأنه وإن كانت المادة 24 من المرسوم بقانون المشار إليه قد نصت على أن جميع الأحكام الصادرة في مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة وينشر منطوقها في الجريدة الرسمية، - إلا أن المحكمة ترى أن حكم هذه المادة لا ينصرف إلا إلى الأحكام التي تصدر في الدعاوى التي تقام بصفة أصلية على السلطة الإدارية المختصة، سواء أكانت في صورة مطالبة بالاعتراف بالجنسية المصرية، أو بالطعن في القرار الإداري الصادر فيها بعدم الاعتراف بها، أما الأحكام التي تصدر في الدعاوى التي بين الأفراد ولم تكن الجهات الإدارية المختصة ممثلة فيها فإنها تكون ذات حجية نسبية لا تتعدى طرفي الخصومة في تلك الدعاوى؛ ذلك أن الجنسية لا تثار في الدعاوى المذكورة إلا باعتبارها مسالة أولية يلزم الفصل فيها إما لتحديد الاختصاص أو القانون الواجب التطبيق على واقعة النزاع، ثم يأتي بعد ذلك الحكم في موضوع النزاع الأصلي، وهو الذي يكون له قوة الشيء المحكوم به، وهو دائماً ذو حجية نسبية في الدعاوى المدنية؛ ومن ثم فلا يجوز أن يكون للحكم في المسألة الأولية قوة تفوق الحكم في موضوع النزاع ذاته.أما الأحكام الجنائية فإنها وإن كانت ذات حجية مطلقة، إلا أن هذه الحجية لا تتعدى منطوق الحكم الجنائي، سواء أكان بالبراءة أو الإدانة، دون أسبابه، ولا تلحق المسائل الأولية التي يكون الحكم قد تعرض لها وفصل فيها، كالجنسية مثلاً، ولأن المحكمة لم تفصل فيها إلا بالنسبة إلى الدعوى المعينة التي كانت مطروحة أمامها وفي حدودها، فلا يتعدى أثر حكمها فيها إلى دعوى أخرى.ثم استطردت المحكمة، وناقشت ما ذهب إليه حكم محكمة جنح كرموز في قضية الجنحة رقم 3969 لسنة 1955 الصادر في 3 من يناير سنة 1956 ببراءة المدعي من تهمة دخول البلاد بدون جواز سفر استناداً إلى أن حكم محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية السالف الذكر قد حاز قوة الشيء المقضى به فيما يتعلق باعتبار المدعي مصرياً، فقالت إن ما ذهبت إليه محكمة كرموز لا يرتكز على أساس قانوني؛ لأنه إذا كان من المسلم به أن الحكم في جريمة معينة لا يكون له قوة الشيء المحكوم فيه إذا عاد المتهم وارتكب جريمة جديدة من نوع الأولى، فإنه لم يكن جائزاً اعتبار ما ورد بحكم محكمة الجنح المستأنفة بشأن جنسية المدعي حائزاً لقوة الشيء المقضى به، ومانعاً من إعادة بحث جنسيته، ما دام أن الجنسية قد أثيرت بصدد جريمة جديدة، ارتكبها المدعي، وإن كانت من نوع الجريمة الأولى؛ إذ الحكم الصادر بالبراءة من محكمة الجنح المستأنفة لا يمنع من محاكمة المدعي عن الجريمة الجديدة التي هي من نوع الجريمة الأولى، وأنه من باب أولى لا يكون ما ورد بأسباب الحكم المذكور بشأن جنسية المدعي مانعاً من إعادة بحث هذه الجنسية مرة أخرى إذا ما أثيرت عند نظر الجريمة الجديدة، هذا فضلاً عن أنه من المسلم أن أسباب الحكم لا تكون لها قوة الشيء المقضى به إلا إذا ارتبطت بالمنطوق ارتباطاً لا تقوم للحكم بدونه قائمة، والحال في واقعة هذه الدعوى أن الجريمة التي ارتكبها المدعي - وهي دخوله البلاد بدون جواز سفر أو تصريح من الجهات المختصة - تقوم أيضاً حتى ولو كان المدعي مصرياً متى كان غير حامل لجواز السفر؛ ومن ثم لم يكن من اللازم التعرض لجنسية المدعي، وبالتالي لا يكون هناك ارتباط وثيق ولا تلازم بين الحكم ببراءة المدعي وثبوت جنسيته المصرية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه استند في عدم قبول الدعوى إلى أن قرار الإبعاد صدر في سنة 1952، وعلم به المدعي عند تنفيذه في سنة 1953، ولكنه لم يقم دعواه إلا في 4 من يوليه سنة 1956، ولم يقم هذا الحكم وزناً للحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية الذي قضى بثبوت الجنسية المصرية للمدعي بالرغم مما لهذا الحكم الأخير من حجية مطلقة، وراحت محكمة القضاء الإداري تعالج حالته وانتهت إلى أنه أجنبي، ومن ثم كان يتعين عليه الطعن في قرار إبعاده في مدى الستين يوماً التالية لعلمه به، في حين أن لهذا الحكم حجية على الكافة تلتزم جميع جهات القضاء باحترامها، ومن مقتضى هذه الحجية أن يعتبر المدعي مصرياً تحرم القواعد الدستورية إبعاده، مما يجعل قرار الإبعاد منعدماً، ويحق له طلب إلغائه، أو على الأصح تقرير انعدامه في أي وقت دون التقيد بالميعاد المقرر لدعوى الإلغاء، وهذه الحجية المطلقة مستمدة من قانون الجنسية المصرية رقم 160 لسنة 1950؛ إذ تنص المادة 24 منه على أن جميع الأحكام التي تصدر في مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة وينشر منطوقها في الجريدة الرسمية، وقد ورد هذا النص حرفياً في المادة 28 من قانون الجنسية المصرية رقم 391 لسنة 1956.وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 160 لسنة 1950 أن مشروع القانون قد جعل الاختصاص للمحاكم المدنية في جميع المسائل المتعلقة بالجنسية، سواء أكانت في صورة دعوى أصلية أم في صورة طعن في قرار من قرارات وزير الداخلية، وقد روعي في ذلك أن مسائل الجنسية هي في الواقع من مسائل الأحوال المدنية، وقد جعل التشريع الفرنسي الاختصاص في مسائل الجنسية للمحاكم المدنية، كما روعي من جهة أخرى - للآثار التي تترتب على اكتساب الجنسية أو فقدها - أن يكون مجال الدفاع عن حقوق ذوي الشأن واسعاً ومحوطاً بجميع الضمانات الممكنة، ونص الشارع على وجوب تمثيل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالجنسية التي ترفع في مواجهة وزير الداخلية؛ وذلك لاعتبار الأحكام الصادرة في هذه المسائل حجة على الكافة؛ فيتعين - والحالة هذه - أن تكون النيابة العامة المعهود إليها الدفاع عن مصالح المجتمع طرفاً في الدعوى.وقد استقر الرأي على أن الأحكام التي تفصل في مسائل الجنسية تتمتع بحجية مطلقة طبقاً لنص المادتين المشار إليهما الذي هو من الشمول والوضوح والعموم بحيث يصدق على جميع الأحكام التي تصدر عن أي جهة من جهات القضاء في مسائل الجنسية، ويستوي في ذلك أن تكون المنازعة في الجنسية قد عرضت في صورة دعوى مبتدأة أو في صورة مسألة فرعية، كما يستوي أن يكون النزاع قد طرح أمام القضاء الإداري أو القضاء العادي، فالدولة تكون دائماً خصماً أمام القضاء الإداري، كما تمثلها النيابة العامة أمام القضاء العادي؛ إذ يوجب القانون تدخلها في كل قضية تتعلق بالجنسية بوصفها طرفاً منضماً، وقد ذهب المشرع المصري إلى أبعد مما ذهب إليه المشرع الفرنسي الذي قصر الحجية المطلقة على الأحكام المدنية دون الجنائية، بينما عموم النص المصري يتسع لجميع الأحكام الصادرة من القضاء الإداري أو العادي، بشرط أن تكون النيابة العامة ممثلة في النزاع أمام القضاء العادي، فالحكم الجنائي الصادر بثبوت الجنسية المصرية للمدعي له حجية مطلقة، والتهمة التي وجهتها النيابة العامة للمدعي هي دخوله البلاد المصرية بدون جواز سفر، مخالفاً بذلك حكم المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1952 في شأن جوازات السفر وإقامة الأجانب، وهذه التهمة لا توجه إلا لأجنبي؛ والمحكمة - إذ بحثت جنسية المتهم (المدعي) وانتهت إلى ثبوت الجنسية المصرية له بالتطبيق لنص الفقرة الرابعة من المادة السادسة السالفة الذكر - فإن حكمها في صدد الجنسية يحوز حجية مطلقة؛ لأنه لم يكن متناولاً الجنسية كمسألة فرعية، وإنما لأنها لب التهمة، وكانت النيابة، وهي التي أقامت دعوى الجنحة، ممثلة في النزاع على صورة أقوى مما لو كانت جهة الإدارة مدعى عليها؛ لأنها هي التي طلبت من القضاء اعتبار المدعي أجنبياً وإنزال العقاب به، فإذا قضت المحكمة بأنه مصري فمن الخطأ القول بأن الحجية مقصورة على البراءة؛ ذلك لأن المدعي قدم للمحاكمة على أساس أنه أجنبي؛ الأمر الذي يجعل الفصل في أمر الجنسية هو جوهر الحكم، وهو ما قضت فيه في هذه الدعوى التي مثلت فيها الدولة خير تمثيل وعلى صورة أقوى مما لو كانت مدعى عليها؛ ومن ثم فإن هذا الحكم يحوز حجية مطلقة طبقاً لنص المادة 24 من القانون رقم 160 لسنة 1950 التي حلت محلها المادة 28 من القانون رقم 391 لسنة 1956، وبالتالي فإن المدعي، كمصري، لا يبعد عن الأراضي المصرية، ويكون القرار المطعون فيه قراراً باطلاً بل معدوماً، ويجوز تقرير انعدامه في أي وقت دون تقيد بالمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء.وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فقضى بعدم قبول الدعوى فقد خالف القانون؛ لأنه أهدر حجية الشيء المقضى به.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه في محله للأسباب التي قام عليها وتأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أن الأحكام القضائية التي تحوز قوة الأمر المقضي في الجنسية بصفة مطلقة يجب أن تصدر من الجهة القضائية التي أسند إليها القانون الفصل في هذا الخصوص في دعوى تكون في مواجهة من يعتبره القانون ممثلاً للدولة في هذا الشأن.
ومن حيث إن الجنسية هي رابطة تقوم بين شخص ما ودولة باعتباره منتمياً إليها سياسياً، والطبعي أن يصدر الحكم في الجنسية في مواجهة الجهة الإدارية المختصة، وهي في الإقليم المصري وزارة الداخلية؛ ولذا فإن المادة 20 من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية والقوانين المعدلة له تنص على أن "يعطي وزير الداخلية كل ذي شأن شهادة بالجنسية المصرية مقابل دفع الرسوم التي تفرض بقرار منه، وذلك بعد التحقق من ثبوت الجنسية، ويكون لهذه الشهادة حجيتها القانونية، ما لم تلغ بقرار مسبب من وزير الداخلية، ويجب أن تعطى هذه الشهادة لطالبها خلال سنة على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب ويعتبر امتناع وزير الداخلية عن إعطائها في الميعاد المذكور رفضاً للطلب، ولمن يرفض طلبه حق التظلم والطعن أمام الجهات المختصة"؛ مما يستفاد منه أن القضاء الإداري مختص بمنازعات الجنسية عن طريق الطعن بالإلغاء في قرار وزير الداخلية الصريح أو الضمني بحسب الأحوال، على النحو السالف البيان، برفض إعطاء الشهادة بالجنسية.وغني عن القول أن الحكم الصادر من القضاء الإداري في هذا الخصوص يحوز حجية مطلقة؛ إذ يعتبر حجة على الكافة طبقاً للمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949، هذا وقد رددت قوانين الجنسية اللاحقة النص المشار إليه.أما اختصاص القضاء الوطني بمنازعات الجنسية فقد استفاده القضاء المذكور من نص المادة 99 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه على النيابة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالجنسية وإلا كان الحكم باطلاً؛ وذلك لأن تدخل النيابة - كطرف في المنازعة - قد شرع رعاية لصالح الدولة.ومهما يكن من أمر في اختصاص القضاء الوطني في مسائل الجنسية على ما ثار حوله من جدل باعتبار أن مشروع قانون الجنسية رقم 160 لسنة 1950 كان يتضمن النص على ذلك ثم أسقط منه وجعل الاختصاص للقضاء الإداري في المادة 24 منه على النحو المشار إليه - مهما يكن من أمر في ذلك، فقد زال هذا الاشتراك في الاختصاص، بعد إذ صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة، ناصاً في الفقرة التاسعة من المادة الثامنة منه على أن يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في دعاوى الجنسية، فأصبح وحده هو الجهة المختصة بالفصل في تلك المسائل، ويحوز قضاؤه فيها حجية مطلقة على الكافة في هذا الشأن بالتطبيق للمادة 20 منه، ولم يصدر حكم حاز قوة الأمر المقضي في إسناد الجنسية المصرية إلى المدعي من الجهة القضائية المختصة يصح الاستناد إليه في خصوصية الدعوى الحالية، أما التحدي بالحكم الجنائي الصادر من محكمة جنح الإسكندرية فلا يجدي في هذا الشأن؛ ذلك أن المادة 406 من القانون المدني - وقد نصت على أنه "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" - فإن مفاد ذلك أن المحكمة المدنية تتقيد بما أثبتته المحكمة الجنائية في حكمها من وقائع دون أن تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع؛ فقد يختلف التكييف من الناحية المدنية عنه من الناحية الجنائية؛ وينبني على ذلك أنه إذا حكم القاضي الجنائي بالبراءة أو الإدانة لأسباب ترجع إلى الوقائع؛ بأن أثبت في حكمه أن الفعل المسند إلى المتهم لم يحصل، أو أثبت حصوله، تقيد القاضي المدني بثبوت الوقائع أو عدم ثبوتها على هذا النحو، أما إذا قام الحكم الجنائي بالبراءة على أسباب ترجع إلى التكييف القانوني لم يتقيد القاضي المدني بذلك، كما لو قام الحكم الجنائي على ثبوت رابطة البنوة المانعة من توقيع العقاب في جريمة السرقة لوجود نص يمنع من ذلك، فلا يحوز الحكم الجنائي قوة الأمر المقضي في ثبوت هذه الرابطة الشرعية بصفة مطلقة، كما في دعوى بنوة أو نفقة أو إرث مثلاً؛ إذ ولاية القضاء في ذلك معقودة أصلاً لجهة اختصاص معينة، ولتلك الروابط أوضاعها وإجراءاتها وأكيافها الخاصة بها أمام تلك الجهات.هذا ما ذهب إليه الفقه والقضاء في المجال المدني مع مراعاة أن القضاء المدني والقضاء الجنائي فرعان يتبعان نظاماً قضائياً واحداً يستقل عنه القضاء الإداري؛ فمن باب أولى لا يتقيد القضاء الإداري بالحكم الجنائي الذي مس في أسبابه مسائل الجنسية، إذا كان هذا الحكم قد قام على تكييف أو تأويل قانوني، فمثلاً إذا انبنى حكم البراءة في جريمة دخول الأراضي المصرية بدون ترخيص على ما فهمته المحكمة الجنائية من أن المتهم مصري الجنسية بحسب تأويلها للنصوص القانونية في هذا الشأن، ولم يقم على ثبوت أو نفي واقعة معينة من الوقائع؛ فإن هذا - الحكم وإن حاز قوة الأمر المقضي في تلك الجريمة المعينة إلا أنه لا يحوز هذه القوة في ثبوت الجنسية المصرية بصفة مطلقة؛ لأن الجنسية - كما سبق القول - وهي رابطة سياسية بين الدولة وبين من يدعي الانتماء إليها، وبهذه المثابة تقتضى تأويلاً وتكييفاً قانونياً على مقتضى القوانين التي تحكم هذه المسألة بالذات؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، فيتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الأحد، 24 سبتمبر 2023

الطعن 1489 لسنة 49 ق جلسة 8 /12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 225 ص 1091

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور علي فاضل حسن، طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير ومحمد السيد الحواش.

----------------

(225)
الطعن رقم 1489 لسنة 49 القضائية

(1 - 2 - 3 - 4) عمل "العاملون بالقطاع العام: إجازات العامل - المقابل النقدي للإجازة". قانون "القانون الواجب التطبيق".
(1) إجازات العامل. استبدالها بأيام أخر أو بمقابل نقدي غير جائز إلا في الأحوال المقررة قانوناً ولمقتضيات العمل. حلول موعد الإجازة ورفض صاحب العمل الترخيص للعامل بها. أثره. استحقاق العامل التعويض عنها. علة ذلك.
(2) مدير الإدارة المختص بشركات القطاع العام. حقه في تحديد وقت الإجازة الاعتيادية للعاملين بها. جواز تأجيله لها لسنوات تالية عدا ستة أيام متصلة سنوياً.
(3) قانون العمل مكمل لأحكام قانوني نظامي العاملين بالقطاع العام 3309 لسنة 1966 و61 لسنة 1971. خلو القانونان المشار إليهما من نص بشأن المقابل النقدي للإجازات. مؤداه. الرجوع في هذا الشأن لقانون العمل.
(4) إجازة السنة الأخيرة من الخدمة. أحقية العامل في مقابل نقدي لما لم يحصل عليه منها وبنسبة المدة التي قضاها أياً كان سبب انتهاء الخدمة.

------------------
1 - لما كانت إجازات العامل بكافة أنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي في نطاق قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام أيام معدودات في كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة منه ولغير مقتضيات العمل إبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية أو الاستعاضة عنها بمقابل نقدي وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى عوض يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها، كما أن تخويل العامل الحق في التراخي في القيام بإجازته ثم المطالبة بمقابل لها مؤداه أنه يستطيع بإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام هو عوض حقه وليس عين حقه بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون حينئذ قد أخل بالتزام جوهري ولزمه تعويض العامل عنه.
2 - مفاد نص المادة 42 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 أن مدير الإدارة المختص بشركات القطاع العام بما له من سلطة تنظيم العمل يستقل بتحديد وقت الإجازة الاعتيادية المستحقة للعاملين بتلك الشركات وفق مقتضيات العمل وظروفه، وله إذا دعت أسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل تأجيل الإجازات الدورية لسنوات تالية وتضم الإجازات المؤجلة في حدود ثلاثة أشهر فقط، على أن ذلك لا يخل بحق العامل في الحصول على قدر من إجازته الاعتيادية مدته ستة أيام متصلة سنوياً.
3 - لما كان النص في المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 والمقابلة لنص المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 على أن "......" مقتضاه أن النظامين المشار إليهما هما الأساس في تنظيم علاقات العاملين بشركات القطاع العام خلال فترة سريانهما فتطبق أحكامهما عليها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر، وأن قانون العمل مكمل لأحكام هذين النظامين فستري أحكامه على تلك العلاقات عند خلوهما من أي نص بشأنهما، لما كان ذلك وكان هذان النظامان لم يتضمناً نصاً بشأن المقابل النقدي للإجازات بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل.
4 - مؤدى نص المادة 61 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في إجازة السنة الأخيرة من خدمته وأنه يستحق مقابلاً لما لم يحصل عليه منها، وأنه إذا لم يمض سنة كاملة في الخدمة يكون له الحق في مقابل إجازة بنسبة المدة التي قضاها أياً كان سبب انتهاء الخدمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1159 لسنة 1971 عمال كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بطلبات ختامية هي الحكم بإلزامها أن تؤدي إليه مبلغ 453 ج و457 م، وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 14/ 10/ 1971 أخطرته المطعون ضدها بإنهاء خدمته لديها، وإذ يحق له اقتضاء أجره عن المدة من 1/ 10/ 1971 حتى 14/ 10/ 1971 ومقابل الإجازة الاعتيادية وحصته في الأرباح، فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريريه قضت في 21/ 12/ 1976 بإلزام المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن مبلغ 629 م و125 ج وبإعادة المأمورية للخبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها بمنطوق الحكم، وبورود التقرير التكميلي قضت في 9/ 1/ 1979 بإلزام المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن مبلغ 328 ج و828 م قيمة أجره عن مدة الإجازة البالغ مقدارها 43 يوماً. استأنف المطعون ضدها الحكم الأخير أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 120 لسنة 35 ق، وبتاريخ 7/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بإلغائه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المادة 42 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 أباحت تأجيل إجازات العمل الاعتيادية لسنوات تالية بداع من مقتضيات العمل وظروفه وأجازت إزاء ذلك ضم مدد الإجازات بشرط ألا تزيد على ثلاثة أشهر، وقد ثبت بتقرير الخبير إقرار المطعون ضدهما بأن الطاعن من كبار المسئولين بها وأنه لا يتقدم بطلب للقيام بإجازته وإنما يناط به شخصياً تقدير ظروف العمل لتحديد موعدها أو تأجيلها، وهو ما مؤداه أن الطاعن يعتبر بمثابة صاحب عمل وأنه بهذه الصفة قد قدر لنفسه عدم القيام بالإجازة، ولما كان القرار الجمهوري المشار إليه قد خلا من النص على عدم جواز حصول العامل على المقابل النقدي للإجازات التي لم يستعملها فإنه - وإعمالاً لنص المادة الأولى من مواد إصداره - يتعين الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والتي خولت العامل الحق في الحصول عليه إذا ما ترك العمل، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض أحقيته للمقابل النقدي عن الإجازة المستحقة له عن سنة 1971 والإجازات الأخرى المؤجلة من السنة السابقة عليها تأسيساً على أن القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 والقانون رقم 61 لسنة 1971 قد أورداً تنظيماً خاصاً للإجازات لا يخول العامل الحصول على هذا المقابل وأنه لا يجوز الرجوع في هذا الخصوص إلى أحكام قانون العمل، ودون أن يستظهر الحكم الظروف التي أدت به إلى تأجيل إجازاته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله بالنسبة للإجازات المؤجلة من سنة 1970، ذلك أنه لما كانت إجازات العامل بكافة أنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي في نطاق قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام أيام معدودات في كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة فيه ولغير مقتضيات العمل إبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية أو الاستعاضة عنها بمقابل نقدي وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى عوض يدفعه صاحب العمل إلى العامل وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها، كما أن تخويل العامل الحق في التراخي في القيام بإجازته ثم المطالبة بمقابل لها مؤداه أنه يستطيع بإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام هو عوض حقه وليس عين حقه بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون حينئذ قد أخل بالتزام جوهري ولزمه تعويض العامل عنه، ولما كانت المادة 42 من النظام المشار إليه تنص على أن "تحدد مواعيد الإجازة الاعتيادية حسب مقتضيات العمل وظروفه بقرار من مدير الإدارة المختص ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها أو قطعها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل. وفي هذه الحالة يجوز ضم مدد الإجازات الدورية إلى بعضها بشرط ألا تزيد بأية حالة على ثلاثة أشهر وفي جميع الأحوال يجب أن يحصل العامل على إجازة سنوية قدرها ستة أيام متصلة على الأقل" مما مفاده أن مدير الإدارة المختص بشركات القطاع العام بما له من سلطة تنظيم العمل يستقل بتحديد وقت الإجازة الاعتيادية المستحقة للعاملين بتلك الشركات وفق مقتضيات العمل وظروفه، وله إذا دعت أسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل تأجيل الإجازات الدورية لسنوات تالية وتضم الإجازات المؤجلة في حدود ثلاثة أشهر فقط، على أن ذلك لا يخل بحق العامل في الحصول على قدر من إجازته الاعتيادية مدته ستة أيام متصلة سنوياً، لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى إن الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يثبت أنه طالب رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها - باعتباره شاغلاً قمة هيكلها الوظيفي ويعد بالنسبة له بمثابة مدير الإدارة المختص في حكم المادة 42 سالفة الذكر - بإجازته عن سنة 1970 وأنه رفض الترخيص له بها، فإنه لا يكون له الحق في مقابل إجازة هذه السنة، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس، والنعي في محله بالنسبة لإجازة سنة 1971، ذلك أنه لما كان النص في المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 - والمقابلة لنص المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 على أن "تسري أحكام النظام المرافق على العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها. وتسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص في هذا النظام" مقتضاه أن النظامين المشار إليهما هما الأساس في تنظيم علاقات العاملين بشركات القطاع العام خلال فترة سريانهما فتطبق أحكامهما عليها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر، وأن قانون العمل مكمل لأحكام هذين النظامين فتسري أحكامه على تلك العلاقات عند خلوهما من أي نص بشأنها، لما كان ذلك وكان هذان النظامان لم يتضمنا نصاً بشأن المقابل النقدي للإجازات بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل، وكان نص المادة 61 من هذا القانون يجرى على أن "للعامل الحق في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له إذا ترك العمل قبل استعماله لها وذلك بالنسبة إلى المدة التي لم يحصل على إجازته عنها" وكان مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في إجازة السنة الأخيرة من خدمته وأنه يستحق مقابلاً لما لم يحصل عليه منها، وأنه إذا لم يمض سنة كاملة في الخدمة يكون له الحق في مقابل إجازة بنسبة المدة التي قضاها أياً كان سبب انتهاء الخدمة وكان الثابت في الدعوى أن خدمة الطاعن لدى المطعون ضدها قد انتهت في 14/ 10/ 1971 دون حصوله على إجازة سنة 1971، فإنه يكون له الحق في الحصول على أجرة عن أيام الإجازة المستحقة عن هذه السنة بنسبة مدة عمله فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص، على أن يكون مع النقض الإحالة، مع رفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 171 لسنة 5 ق جلسة 6 / 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 127 ص 1481

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-----------------

(127)

القضية رقم 171 لسنة 5 القضائية

(أ) تقرير سنوي 

- تقديم تقريرين متتاليين عن الموظف بدرجة ضعيف - عرض أمره على الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب للبت في أمره على النحو المقرر في المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 - الحكمة من إسناد ذلك إلى الهيئة المذكورة دون لجنة شئون الموظفين.
(ب) محاكم تأديبية 

- المحاكم التأديبية المنشأة بالقانون رقم 117 لسنة 1958 - اختصاصها بنظر الدعاوى التأديبية التي كانت من اختصاص مجالس التأديب، وإحالة ما كان لا يزال منها منظوراً أمام هذه المجالس بحالتها إلى المحاكم التأديبية - اختصاص هذه المحاكم كذلك بالنظر في حالات الموظفين المحالين إلى الهيئات التي يشكل منها مجلس التأديب لتقديم تقريرين متتاليين عنهم بدرجة ضعيف.

---------------
1 - إن نص المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة (معدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953) صريح في إسناد الاختصاص إلى الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب فيما يتعلق بفحص حالة الموظف المقدم عنه تقديران متتاليان بدرجة ضعيف والبت في أمره، سواء بالاكتفاء بتوجيه تنبيه إليه بتحسين حالته إن آنست فيه المقدرة على ذلك، أو بتقرير نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها، مع حرمانه من أول علاوة دورية نتيجة لتقديم هذين التقريرين عنه، أو بفصله من الخدمة إذا ما قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف. وإذا كان الشارع لم يقرر هذا الاختصاص لمجلس التأديب ذاته، بل للهيئة التي يشكل منها هذا المجلس، فإنه لم يسنده إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها الموظف، وفي هذا معنى الخروج بحالة الموظف المقدم عنه تقريران متتاليان أو ثلاثة تقارير بدرجة ضعيف عن مجرد كونها مسألة عادية مما يتعلق بشئون الموظفين الداخلة في اختصاص تلك اللجنة؛ إذ أن الموظف الذي ينطبق عليه حكم المادة 32 إما أن يكون ضعفه المسجل عليه في التقارير راجعاً إلى إهماله وتقصيره في أداء واجبات وظيفته؛ فيكون عرض أمره على الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب - والحالة هذه - أمراً طبعياً، وإما أن يكون ضعفه راجعاً إلى عجز في استعداده ومواهبه وتكوينه بالنسبة إلى وظيفة معينة وقد يكون صالحاً لوظيفة أخرى، أو بالنسبة إلى الوظائف كافة، وهذه الحالة - وإن لم تكن في الأصل من طبيعة التأديب إذا لم يكن الموظف قد ارتكب ذنب التقصير في عمله ولكن استعداده وتكوينه هو الذي لا يرقى به إلى المستوى المتطلب للوظيفة المنوط به القيام بأعبائها - إلا أنه نظراً إلى خطورة الأثر الذي حدده القانون الذي يستهدف له الموظف في هذه الحالة ويستوي فيه مع الموظف المقصر في واجبه المسجل عليه تقصيره ضعفاً في التقارير، فقد أراد الشارع أن يكفل ضمانة مماثلة لكل من هذا وذاك، ما داما معرضين لنفس النتيجة.
2 - إن القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 نص على أن تحال الدعاوى التأديبية المرفوعة عن المخالفات المالية والإدارية التي لم يفصل فيها بحالتها إلى مجلس التأديب المختص طبقاً لأحكام هذا القانون، ويخطر ذوو الشأن بهذه الحالة.، ثم صدر القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري ناصاً في المادة 47 منه على أن "جميع الدعاوى التأديبية المنظورة أمام مجالس التأديب والتي أصبحت بمقتضى أحكام هذا القانون من اختصاص المحاكم التأديبية تحال بالحالة التي هي عليها إلى المحكمة التأديبية المختصة، ويخطر ذوو الشأن بقرار الإحالة، ويظل مجلس التأديب العالي مختصاً بالفصل في القضايا التي استؤنفت أمامه قبل العمل بهذا القانون"؛ وبذلك حلت المحاكم التأديبية بتشكيلها الجديد الذي نصت عليه المادة 18 من القرار بقانون آنف الذكر محل مجالس التأديب فيما كانت تتولاه هذه المجالس من اختصاصات؛ وذلك للمحكمة التي ارتآها المشرع من تعديل هذا التشكيل، وهي تفادي تعدد تلك المجالس وبطء إجراءات المحاكمة وغلبة العنصر الإداري في تكوينها، وانتقلت إليها تبعاً لذلك وبهذا التشكيل الجديد الولاية التي كانت مقررة بالمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن الموظفين ضعيفي الكفاية للهيئة المشكل منها مجلس التأديب، وهو المجلس الذي عدل تشكيله، ولم يعد تشكيله القديم قائماً. والقول بانحصار حلول المحاكم التأديبية محل مجالس التأديب في دائرة الولاية التأديبية دون سواها يفضي إما إلى الإبقاء على التشكيل السابق لمجلس التأديب الذي انمحى، وهو ما يتعارض مع التعديل الجديد، وإما إلى إيجاد ثغرة في التشريع فيما يتعلق بكيفية تكوين الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب بعد إذ تبدل كيانه فيما لو أنكر حلول المحكمة التأديبية محله في خصوص ضعاف الكفاية من الموظفين، وهو ما يعطل إعمال حكم المادة المذكورة.


إجراءات الطعن

في 14 من يناير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 171 لسنة 5 القضائية في القرار الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1958 في الطلب المقدم من النيابة الإدارية المقيد برقم 3 للسنة الأولى القضائية ضد عدلي أمين يونان المهندس بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية، والقاضي بـ "ألا وجه لتطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة للسيد/ عدلي أمين يونان". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الموضوع". وقد أعلن هذا الطعن إلى النيابة الإدارية في 24 من يناير سنة 1959، وإلى عدلي أمين يونان في 28 منه، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 4 من إبريل سنة 1959، وفي 3 من مارس سنة 1959 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم، مع الترخيص في تقديم مذكرات في عشرين يوماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن عدلي أمين يونان المهندس من الدرجة الخامسة بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية أحيل إلى مجلس التأديب بإدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة بناء على القرار الوزاري رقم 1557/ 54 الصادر في 14 من يونيه سنة 1955، وذلك لفحص حالته طبقاً للمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، المعدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953؛ نظراً إلى أنه قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، وقد نظر مجلس التأديب المذكور هذا الموضوع في عدة جلسات. ولما كان الموظف المشار إليه قد أقام الدعوى رقم 334 لسنة 10 القضائية في 8 من نوفمبر سنة 1955 أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء التقريرين السنويين السريين المودعين بملف خدمته في سنتي 1954 و1955 عن أعمال سنتي 1953 و1954 واللذين كانا السبب في إحالته إلى مجلس التأديب فيما تضمناه من تقديره بدرجة ضعيف، فقد قرر المجلس بجلسته المنعقدة في 10 من ديسمبر سنة 1955 "إيقاف النظر في موضوع التقريرين لحين الفصل في الدعوى الخاصة بهما، على أن تقوم مصلحة الميكانيكا بإخطار المجلس عند الفصل في هذه الدعوى". "وبعد إذ صدر القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري طلبت وزارة الأشغال العمومية إلى النيابة الإدارية بكتابها المؤرخ 25 من سبتمبر سنة 1958 عرض الموضوع على الهيئة المشكلة منها المحكمة التأديبية. وتطبيقاً للمادة 47 من القانون المشار إليه أحيل الموضوع إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية، حيث عين لنظره جلسة 10 من نوفمبر سنة 1958، ثم أجل لجلسة أول ديسمبر سنة 1958، وفيها قررت النيابة الإدارية أنها استطلعت رأي الجهة الإدارية التابع لها الموظف فأجابت بكتابها رقم 48469 المؤرخ 23 من نوفمبر سنة 1958 بأنها ترى منحه فرصة لمدة سنة. وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1958 "قررت المحكمة ألا وجه لتطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة للسيد/ عدلي أمين يونان"، استندت في قرارها إلى أنه بالرجوع إلى المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957، وهي التي تحكم واقعة هذا الطلب يتضح أنها تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته، فإذا تبين لها أنه قادر تحسين حالته وجهت إليه تنبيهاً بذلك، وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها، فإذا قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف يفصل من الخدمة". ومفاد هذا النص أن سلطة مجلس التأديب كانت محصورة فيما يقرره من التنبيه على الموظف بتحسين حالته أو بنقله إلى وظيفة أخرى. وبالاطلاع على التقريرين المقدمين عن السيد/ عدلي أمين يونان عن عامي 1956 و1957 يبين أنه حصل في الأول منهما على 63 درجة، وفي الثاني على 67 درجة، أي أنه قام بتحسين حالته ولم يعد ضعيفاً طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951؛ الأمر الذي يستتبع أن يصبح الطلب المعروض غير ذي موضوع؛ وبناء عليه لا يكون ثمة وجه لتطبيق المادة 32 من القانون المذكور، سواء قبل أو بعد تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957، على حالة هذا الموظف بعد أن زال ضعفه وارتفع تقدير درجة كفايته. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا القرار بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 14 من يناير سنة 1959 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الموضوع"، وأقام طعنه على أن المحكمة التأديبية أصدرت قرارها المطعون فيه باعتبارها صاحبة الاختصاص بنظر الحالة التي تنص عليها المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، وقد وردت هذه المادة في الفصل الثالث من الباب الأول من هذا القانون، وهو الفصل الخاص بالتقارير عن الموظفين وترقيتهم وعلاواتهم ورواتبهم. وواضح من هذا أن المشرع لم يقرر الاختصاص في هذه الحالة لمجلس التأديب، وإنما أسنده إلى الهيئة المشكل منها المجلس المذكور، كما أنه يورد هذا النص في الفصل السابع من الباب الأول من القانون؛ حيث نظم تأديب الموظفين المعينين على درجات دائمة. ومدلول هذا كله أن السلطة التي نصت عليها المادة 32 سالفة الذكر قد منحها المشرع للهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب دون المجلس ذاته، وأنها خارجة عن الولاية التأديبية متميزة بطابع إداري محض، على غرار السلطة المخولة للجنة شئون الموظفين بحكم المادة 44 من قانون نظام موظفي الدولة، وهذا ما تقتضيه طبائع الأمور؛ لأن الهيئة المشكل منها مجلس التأديب من بين أعضائها موظف من الوزارة المختصة في الدرجة الأولى على الأقل أو ما يعادلها، وتوافر هذا العنصر في التشكيل يتيح للهيئة أن تختار للموظف العمل الذي تراه قادراً على الاضطلاع به، كما يمكن لها من تقرير الفصل على السواء، هذا إلى أن تأديب الموظف إنما يكون عن عمل إرادي ينطوي على مخالفة القانون أو الخروج على مقتضيات الوظيفة، على حين أن ضعف الموظف في القيام بالعمل يخرج بطبيعته من هذا المجال، على أنه إذا قيل بأن الهيئة المشكل منها مجلس التأديب هي بذاتها مجلس التأديب، فعندئذ يتعين القول بأن السلطة المقررة للمجلس بحكم المادة 32 لا تدخل في ولايته التأديبية، فإذا كانت المحكمة التأديبية قد حلت محل مجلس التأديب بالقانون رقم 117 لسنة 1958، فإن هذا الحلول ينحصر في دائرة الولاية التأديبية دون غيرها، وهذه المحكمة - كهيئة من هيئات القضاء - لا يمكن أن تستقل الهيئة المشكلة منها بذاتية مستقلة عنها، كما أن السلطة المقررة بالمادة 32 تختلف عن طبيعة العمل القضائي، هذا فضلاً عن أن القانون رقم 117 لسنة 1958 قد أغفل النص على الحكم الوارد في المادة سالفة الذكر من قانون نظام موظفي الدولة؛ ومن ثم فإن المحكمة تكون غير مختصة بتطبيق هذا الحكم؛ وإذ أخذت في قرارها بغير هذا النظر فإنها تكون قد خالفت القانون، ويتعين الطعن في هذا القرار.
ومن حيث إن المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، معدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 73 لسنة 1957، أي في وضعها الذي يحكم واقعة الحالة المعروضة؛ إذ أن السيد/ عدلي أمين يونان أحيل بمقتضاها في 14 من يونيه سنة 1955 بناء على القرار الوزاري رقم 1557/ 54 إلى مجلس التأديب بإدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة لفحص حالته؛ نظراً لأنه قدم عنه تقريران سنويان متتاليان في سنتي 1954 و1955 عن أعمال سنتي 1953 و1954 بدرجة ضعيف، هذه المادة كانت تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقديران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته، فإذا تبين لها أنه قادر على تحسين حالته وجهت إليه تنبيهاً بذلك، وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها، فإذا قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف يفصل من الخدمة. ويترتب على تقديم تقريرين متتاليين عن موظف بدرجة ضعيف عدم أحقيته لأول علاوة دورية".
ومن حيث إن هذا النص صريح في إسناد الاختصاص إلى الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب فيما يتعلق بفحص حالة الموظف المقدم عنه تقديران متتاليان بدرجة ضعيف والبت في أمره، سواء بالاكتفاء بتوجيه تنبيه إليه بتحسين حالته إن آنست فيه المقدرة على ذلك، أو بتقرير نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها - مع حرمانه من أول علاوة دورية نتيجة لتقديم هذين التقديرين عنه - أو بفصله من الخدمة إذا ما قدم عنه تقرير ثالث بدرجة ضعيف. وإذا كان الشارع لم يقرر هذا الاختصاص لمجلس التأديب ذاته، بل للهيئة التي يشكل منها هذا المجلس، فإنه لم يسنده إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها الموظف، وفي هذا معنى الخروج بحالة الموظف المقدم عنه تقريران متتاليان أو ثلاثة تقارير بدرجة ضعيف عن مجرد كونها مسألة عادية مما يتعلق بشئون الموظفين الداخلة في اختصاص تلك اللجنة إذ أن الموظف الذي ينطبق عليه حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة إما أن يكون ضعفه المسجل عليه في التقارير راجعاً إلى إهماله وتقصيره في أداء واجبات وظيفته؛ فيكون عرض أمره على الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب - والحالة هذه - أمراً طبعياً، وإما أن يكون ضعفه راجعاً إلى عجز في استعداده ومواهبه وتكوينه بالنسبة إلى وظيفة معينة وقد يكون صالحاً لوظيفة أخرى، أو بالنسبة إلى الوظائف كافة، وهذه الحالة وإن لم تكن في الأصل من طبيعة التأديب إذا لم يكن الموظف قد ارتكب ذنب التقصير في عمله، ولكن استعداده وتكوينه هو الذي لا يرقى به إلى المستوى المتطلب للوظيفة المنوط به القيام بأعبائها، إلا أنه نظراً إلى خطورة الأثر، الذي حدده القانون، الذي يستهدف له الموظف في هذه الحالة ويستوي فيه مع الموظف المقصر في واجبه المسجل عليه تقصيره ضعفاً في التقارير، فقد أراد الشارع أن يكفل ضمانة مماثلة لكل من هذا وذاك، ما داما معرضين لنفس النتيجة.
ومن حيث إن القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 نص على أن تحال الدعاوى التأديبية المرفوعة عن المخالفات المالية والإدارية التي لم يفصل فيها بحالتها إلى مجلس التأديب المختص طبقاً لأحكام هذا القانون، ويخطر ذوو الشأن بهذه الحالة، ثم صدر القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري ناصاً في المادة 47 منه على أن "جميع الدعاوى التأديبية المنظورة أمام مجالس التأديب والتي أصبحت بمقتضى أحكام هذا القانون من اختصاص المحاكم التأديبية تحال بالحال التي هي عليها إلى المحكمة التأديبية المختصة، ويخطر ذوو الشأن بقرار الإحالة، ويظل مجلس التأديب العالي مختصاً بالفصل في القضايا التي استؤنفت أمامه قبل العمل بهذا القانون"؛ وبذلك حلت المحاكم التأديبية بتشكيلها الجديد الذي نصت عليه المادة 18 من القرار بقانون آنف الذكر محل مجالس التأديب فيما كانت تتولاه هذه المجالس من اختصاصات؛ وذلك للمحكمة التي ارتآها المشرع من تعديل هذا التشكيل، وهي تفادي تعدد تلك المجالس وبطء إجراءات المحاكمة وغلبة العنصر الإداري في تكوينها، وانتقلت إليها تعباً لذلك وبهذا التشكيل الجديد الولاية التي كانت مقررة - بالمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن الموظفين ضعيفي الكافية - للهيئة المشكل منها مجلس التأديب، وهو المجلس الذي عدل تشكيله، ولم يعد تشكيله القديم قائماً. والقول بانحصار حلول المحاكم التأديبية محل مجالس التأديب في دائرة الولاية التأديبية دون سواها يفضي إما إلى الإبقاء على التشكيل السابق لمجلس التأديب الذي انمحى، وهو ما يتعارض مع التعديل الجديد، وإما إلى إيجاد ثغرة في التشريع فيما يتعلق بكيفية تكوين الهيئة التي يشكل منها مجلس التأديب بعد إذ تبدل كيانه فيما لو أنكر حلول المحكمة التأديبية محله في خصوص ضعاف الكفاية من الموظفين، وهو ما يعطل إعمال حكم المادة المذكورة.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أنه، بعد أن قرر مجلس التأديب بإدارة الكهرباء والغاز بمدينة القاهرة بجلسته المنعقدة في 10 من ديسمبر سنة 1955 وقف النظر في موضوع التقريرين المقدمين عن السيد/ عدلي أمين يونان لحين الفصل في الدعوى المرفوعة منه أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء هذين التقريرين فيما تضمناه من تقدير كفايته بدرجة ضعيف، أحيل الموضوع إلى النيابة الإدارية استناداً إلى القانون رقم 117 لسنة 1958 لمباشرته أمام الهيئة المشكلة منها المحكمة التأديبية التي أصدرت قرارها المطعون فيه بألا وجه لتطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة إلى الموظف المذكور، بعد إذ قام بتحسين حالته وزال ضعفه وارتفع تقدير درجة كفايته، كما يتضح ذلك من التقريرين المقدمين عنه في سنتي 1956 و1957، وهو القرار الذي صدر في حدود اختصاص المحكمة المشار إليها وفقاً لما سلف بيانه؛ ومن ثم فإن طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا القرار بطلب القضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية التي أصدرته بنظر الموضوع يكون على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 930 لسنة 4 ق جلسة 6/ 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 126 ص 1466

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

---------------

(126)

القضية رقم 930 لسنة 4 القضائية

تسوية 

- اعتبارها من قبيل الأعمال المادية - جواز المساس بها ولو كانت صادرة قبل إنشاء مجلس الدولة - مثال: تسوية حالة موظف في تاريخ سابق على إنشاء مجلس الدولة بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ - ترقيته اعتماداً على هذه التسوية - لا تحول هذه الترقية دون عدم الاعتداد بالتسوية متى وقف ذلك عند حد تعديل أقدميته في درجة سابقة.

------------------
إذا تبين أن التسوية التي أجريت في 8 من يناير سنة 1946 لزميل للمدعي ورُدَّت بمقتضاها أقدميته في الدرجة السادسة إلى 10 من أكتوبر سنة 1928 إنما تمت بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ عندئذ، وهو قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945، فإنه يتعين عدم الاعتداد بها وإسقاط مؤداها؛ لأن التسويات - وهي أعمال مادية صرفة إن كانت باطلة بسبب استنادها إلى قرار تنظيمي على نافذ - لم يفلح في تحصينها أنها أجريت قبل إنشاء مجلس الدولة، أو أن الإدارة لم تسحبها في الميعاد، ويكون من حق القضاء الإداري، بل يتعين عليه عدم الاعتداد بها مهما تقادم عليها الزمن؛ أي إهدار ما عسى أن ينجم عنها من الآثار. ولا ينال من هذا النظر أنه قد ترتبت عليها قرارات بالترقية نالها من أجريت في حقه؛ لأن ترقيته إلى الدرجة الخامسة تنسيقاً في أول مايو سنة 1946 لا يؤثر فيها تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932 طبقاً لقرار أول يونيه سنة 1947 بدلاً من 10 من أكتوبر سنة 1928 كما حدته التسوية الباطلة استناداً إلى قرار 26 من مايو سنة 1945 غير النافذ.


إجراءات الطعن

في 7 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 930 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") في الدعوى رقم 216 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد أحمد علي جعفر ضد مجلس الأمة. القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 29 من إبريل سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى مجلس الأمة في 27 من أكتوبر سنة 1958، وإلى المطعون عليه في 6 من نوفمبر سنة 1958، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 25 من إبريل سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 216 لسنة 9 القضائية ضد مجلس النواب أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 25 من أكتوبر سنة 1954 طلب فيها إلغاء القرار الصادر من سكرتيرية مجلس النواب رقم 1728 بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه إنه بالأمس القريب أنصفه القضاء الإداري بتاريخ 7 من مايو سنة 1954 حتى حكم لصالحه في الدعوى التي كان قد رفعها أمام محكمة القضاء الإداري وقيدت تحت رقم 603، لسنة 5 القضائية عندما تخطي في الترقية إلى الدرجة الرابعة، وشاء القدر أن يعاد تمثيل هذا الدور فتخطى في الترقية إلى الدرجة الثالثة رغم أسبقيته على زميله السيد/ محمد شوقي، فقد ثبتت أمام القضاء الإداري عند نظر الدعوى المشار إليها أقدميته على المطعون في ترقيته في التعيين؛ إذ عين بوزارة المعارف مدرساً في 22 من سبتمبر سنة 1928، بينما عين زميله السيد/ محمد شوقي في أول يونيه سنة 1932. وقامت إدارة مستخدمي مجلس النواب بتسوية حالة المدعي، تنفيذاً لهذا الحكم، ولكنها أغفلت منحه الدرجة السادسة من بدء التعيين الحاصل في 22 من سبتمبر سنة 1928 طبقاً لقرار الإنصاف الصادر في 26 من مايو سنة 1954، مع أنه يسبق المطعون في ترقيته بأربع سنوات تقريباً، وكلاهما يحمل مؤهلاً واحداً في سنة واحدة من مدرسة المعلمين الثانوية، وهذا الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري وإن سوّى المدعي بالمطعون في ترقيته بجعل ترقيتهما إلى الدرجة الرابعة في تاريخ واحد، فإن أفضلية المدعي للترقية إلى الدرجة الثالثة ثابتة بأقدميته في الخدمة والتعيين، ولا امتياز للمطعون عليه في أية ناحية من نواحي الكفاية أو المؤهل العلمي. ثم ختم صحيفة دعواه مبيناً أنه تظلم من القرار مثار دعواه إلى رياسته في 4 من مايو سنة 1954، وأن تظلمه قيد في المحفوظات برقم 99 ملف 64/ 2/ 11، ولكنه لم يتلق أي رد عليه، مما اضطره إلى الالتجاء إلى القضاء الإداري طالباً إلغاء القرار المشار إليه. وقد ردت مراقبة المستخدمين بمجلس الأمة على الدعوى في 5 من نوفمبر سنة 1956 قائلة إن الدعوى غير مقبولة شكلاً لأسباب ثلاثة هي: أولاً، لأن المدعي يقرر في صحيفة دعواه أنه تظلم في 4 من مايو سنة 1954 من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، وإذا صح هذا فإن مدة الأربعة الأشهر التي ينبغي أن يقيم دعواه في خلالها تنتهي في 3 من سبتمبر سنة 1954، ولكنه رفع دعواه في 25 من أكتوبر سنة 1954. وثانياً، لأنه يطعن في أقدمية زملائه ومنهم السيد/ محمد شوقي، وهذه الأقدمية مقررة ويعلم بها من تاريخ نقله إلى سكرتيرية المجلس، كما أنه علم بها من كشف الأقدمية المقدم في دعواه السابقة رقم 603 لسنة 5 القضائية، وانقضاء هذا الزمن الطويل على هذا العلم دون أن يتقدم بالطعن في هذه الأقدمية يسقط حقه في إثارتها، وثالثاً، لأن مطالبته بتعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى بدء التعيين طبقاً للكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 في 28 من يونيه سنة 1945 كان ينبغي أن توجه إلى وزارة التربية والتعليم التي كان تابعاً لها في ذلك التاريخ. وأضافت أن المدعي لم ينقل إلى سكرتيرية المجلس إلا في فبراير سنة 1946، وأنه عندما ورد ملف خدمته في وزارة المعارف كان حكم الكتاب الدوري سالف الذكر قد تغير بحكم آخر. أما بالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد نوهت مراقبة مجلس الأمة بأن مطالبة المدعي بأسبقيته في الأقدمية على زميله السيد/ محمد شوقي اعتماداً على أسبقيته في التعيين وحصوله على نفس مؤهل السيد/ شوقي الدراسي، هي مغالطة لا تتفق مع الواقع؛ لأن الكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945 إنما صدر متضمناً قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 باعتبار حملة دبلوم مدارس المعلمين الثانوية في الدرجة السادسة من بدء التعيين بعد فتح الاعتماد اللازم، ولما كان مجلس النواب (سابقاً) مستقلاً بشئونه وبميزانيته، وتكاليف تنفيذ ذلك القرار تتحملها ميزانيته المستقلة، فقد أصدر رئيس المجلس المذكور قرار برد أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة إلى بدء تعيينه باعتبار كونه الموظف الوحيد وقتذاك الذي ينتفع بالإنصاف، ولم يكن المدعي آنذاك قد نقل بعد من وزارة التربية والتعليم إلى مجلس النواب، ولما عرض الاعتماد الخاص بهذا الإنصاف على مجلسي البرلمان أدخل تعديل على القرار جعل بموجبه حامل هذا المؤهل في الدرجة السابعة من بدء التعيين، على أن يمنح الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات طبقاً للكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 الذي صدر في أغسطس سنة 1947 متضمناً قرار مجلس الوزراء في يونيه سنة 1947، وأوضحت أن القرار الصادر بتسوية حالة السيد/ محمد شوقي طبقاً لقرار 26 من مايو سنة 1945 أصبح نهائياً، فلم ير المجلس إدخال أي تعديل عليه؛ وبذلك اعتبر حاصلاً على الدرجة السادسة منذ بدء تعيينه في 10 من أكتوبر سنة 1928. أما المدعي فقد كان عند صدور قرار سنة 1945 موظفاً بوزارة التربية والتعليم، وكان هذا القرار في انتظار الاعتماد بعد عرضه على البرلمان، ولم يتم تعديله واعتماد تكاليفه إلا في سنة 1947 بعد أن نقل المدعي إلى سكرتيرية مجلس النواب؛ ولهذا اعتبر تعيينه ابتداء في الدرجة السابعة اعتباراً من 22 من سبتمبر سنة 1928، على أن يمنح الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات، أي في 22 من سبتمبر سنة 1931؛ وبذلك اعتبرت أقدميته في الدرجة السادسة بعد السيد/ محمد شوقي. ثم ختمت المراقبة دفاعها بقولها إنه ولئن كان القرار الصادر بإنصاف السيد/ محمد شوقي قد انحرف عن جادة القاعدة التي تقررت بعد ذلك في سنة 1947، وأصبح قابلاً للتصحيح بما يتفق وحكم القانون في أي وقت ودون تقيد بمواعيد السحب، إلا أن السيد/ محمد شوقي قد كسب مركزاً قانونياً جديداً بترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1947، ثم إلى الدرجة الرابعة في 16 من أغسطس سنة 1950، ثم إلى الدرجة الثالثة في 29 من إبريل سنة 1954، فأصبح مركزه حصيناً من الإلغاء أو التعديل لعدم الاعتراض عليه خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره؛ ذلك لأنه من المقرر أنه لا يجوز المساس بالمراكز الفردية المترتبة على قرارات إدارية مخالفة للقانون، إذا لم تنقض الإدارة تلك المراكز الفردية خلال ميعاد سحبها، ويستوي في ذلك أن يكون مرجع بطلان هذه القرارات المنشئة لها هو عدم صحة الوقائع التي بنيت عليها أو مخالفة القانون. وقد رد المدعي على دفاع الجهة الإدارية بمذكرة أودعها ملف الدعوى في 27 من إبريل سنة 1957 قال فيها إن نقله إلى سكرتيرية مجلس النواب تم بالقرار رقم 907 المؤرخ 25 من يونيه سنة 1945 اعتباراً من أول يوليه سنة 1945، ولما وقع نقله على النحو المتقدم أبلغ مجلس النواب في آخر يوليه سنة 1945 بكتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945، والمتضمن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر بإنصاف خريجي المعلمين الثانوية بما يقتضي منحهم الدرجة السادسة من بدء التعيين، ولكن هذا القرار طبق على السيد/ محمد شوقي الموظف معه بالسكرتيرية دونه، مع أنه يحمل مؤهله ومتخرج معه في ذات العام، ومع أنه كان وقتذاك أرقى منه درجة ومرتباً، وكان معروفاً أنه عين بالحكومة قبله بثمانية عشر يوماً، وفضلاً عما تقدم فقد كان المدعي فعلاً في الدرجة السادسة منذ سنة 1940 بمرتب قدره 18 ج شهرياً، ولم يكن إنصافه على موجب القرار المشار إليه يتطلب أكثر من إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى بدء تعيينه بالحكومة في 22 من سبتمبر سنة 1928، وهو أمر لم يكن من شأنه تحميل ميزانية مجلس النواب بأي عبء مالي خلافاً لما استوجبه إنصاف زميله السيد/ محمد شوقي، وكان من نتيجة هذا الاهتمام أن أوثر هذا الزميل عليه بأقدمية غير مشروعة في الدرجة السادسة. ثم أراد المجلس أن يغطي تصرفه السابق فعمد إلى ترقيته هو وزميله المذكور إلى الدرجة الخامسة في يوم واحد، ولكنه عندما أجرى حركة الترقيات إلى الدرجة الرابعة بالقرار الصادر في 7 من أغسطس سنة 1950 تركه في الترقية بغير حق، ولما احتكم إلى القضاء الإداري بالدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية حكم لصالحه بتاريخ 7 من مايو سنة 1953 بإلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس النواب رقم 1434 في 7 من أغسطس سنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة. وبالرغم من إعلان هذا الحكم إلى المجلس فإنه لم ينفذ مقتضى ما ثبت فيه على لسان مندوب الحكومة من إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946، وما يترتب على ذلك من صرف الفروق المالية. ثم أعقب ذلك صدور القرار المطعون فيه رقم 1728 بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954، وهو يقضي بترقية السيد/ محمد شوقي إلى الدرجة الثالثة. واستطرد المدعي إلى أن ما تمسك به مفوض الدولة، من أن عريضة دعواه لم تشر إلى طلب تسوية أقدميته بصورة مستقلة، وإنما اقتصرت على طلب إلغاء تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، وعلى الاحتجاج بهذه الأقدمية كسند من أسانيد دعواه، أن ما تمسك به مفوض الدولة في هذا الصدد مردود بأنه ما فتئ مستمسكاً بهذه التسوية المذكورة على وجه الاستقلال، سواء قبل ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول أغسطس سنة 1947 أو في صحيفة الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية التي أقامها على مجلس النواب، كما أنه في الدعوى الحالية لم يفته هذا الطلب؛ إذ لم يغفل الإشارة في صحيفتها إلى دعواه السابقة رقم 603 لسنة 5 القضائية، ومرداه من هذه الإشارة هو المطالبة بالتسوية على أساس الإنصاف المطلوب في الدعوى السابقة. أما قول المفوض - بأن أقدمية المدعي وزميله في الدرجة السادسة متفاوتة على أساس أن السيد/ محمد شوقي قد اعتبر في الدرجة الأخيرة منذ 10 من أكتوبر سنة 1928 طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1945، وذلك قبل تعديل هذا القرار في سنة 1947، وعلى اعتبار أنه كان الموظف الوحيد بسكرتيرية مجلس النواب الحاصل على دبلوم المعلمين الثانوية، وأن ميزانية المجلس كانت تتسع لإنصافه وفق قرار مايو سنة 1945 الذي طبق على السيد/ محمد شوقي وحده - فقول يدحضه أن السيد المذكور لم يكن في الحقيقة الموظف الوحيد بسكرتيرية مجلس النواب الذي يستحق الإفادة من قرار مايو سنة 1945، بل كان مشتركاً معه في الانتظام في سكرتيرية المجلس المدعي السيد/ أحمد علي جعفر عند إصدار رئيس مجلس النواب قراره لمصلحة السيد/ محمد شوقي في 8 من يناير سنة 1946؛ إذ المدعي (السيد/ أحمد على جعفر) كان قد نقل بالفعل إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتبار من أول يونيه سنة 1945 بموجب القرار الرقيم 907 المؤرخ 25 من يونيه سنة 1945، أي قبل تبليغ قرار مجلس الوزراء المشار إليه إلى مجلس النواب في آخر يوليه سنة 1945. وقد ظل مجلس النواب سادراً في تناسي إنصاف المدعي زهاء سنتين حتى صدر قرار تنظيمي آخر في يوليه سنة 1947 باعتبار حملة مؤهل المعلمين الثانوية في الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات من بدء تعيينهم بالحكومة، وهو القرار الذي أريد تطبيقه على المدعي، فكان مقتضى هذا التطبيق تأخير بدء أقدميته في الدرجة السادسة إلى 22 من سبتمبر سنة 1931. وخلص مما تقدم إلى التصميم على طلباته المبينة بصحيفة دعواه. وبجلسة 10 من يوليه سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 29 من إبريل سنة 1954، وبما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها فيما يتعلق برفض الدفع على "أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 29 من إبريل سنة 1954، وقد تظلم المدعي منه إدارياً في 4 من مايو سنة 1954 إي في ميعاد الستين يوماً، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى في خلال الستين يوماً التالية للأربعة الأشهر التي اعتبر الشارع فواتها من تاريخ تقديم التظلم بمثابة قرار ضمني برفضه، فإن الدعوى - وقد أودعت صحيفتها في 25 من أكتوبر سنة 1954 - تكون قد رفعت في الميعاد الذي حدده الشارع لرفع دعوى الإلغاء؛ طبقاً لما يقضي به القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة الذي يحكم واقعة الدعوى؛ ومن ثم فإن الدفع المبدى من مجلس النواب بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد يكون في غير محله؛ ولذا فإنه يتعين رفضه" كما أسست ذلك القضاء بالنسبة إلى الموضوع على أنه "بالرجوع إلى الأوراق وإلى ملف خدمة كل من المدعي والمطعون ضده وإلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية الصادر لصالح المدعي يبين أن المطعون ضده ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 7 من أغسطس سنة 1950 وفي الدرجة الخامسة إلى أول أغسطس سنة 1947، بينما الثابت أن أقدمية المدعي أرجعت في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 تطبيقاً لقواعد المنسيين، كما أرجعت في الدرجة الرابعة إلى 7 من أغسطس سنة 1950 تاريخ ترقية المطعون ضده إلى هذه الدرجة؛ وذلك تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه سالف الذكر. وتأسيساً على ذلك فإن المدعي وإن تساوى مع المطعون ضده في أقدمية الدرجة الرابعة، إلا أنه يسبقه في أقدمية الدرجة الخامسة، ومن ثم يكون أحق منه بالترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية المطلقة، وإذ صدر القرار المطعون فيه على خلاف ذلك على غير أساس من التطبيق السليم فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء"، وعلى أنه "لا وجه بعد ذلك لما يذهب إليه مجلس الأمة من التمسك في مواجهة المدعي بأقدمية الدرجة السادسة وأن المطعون ضده أقدم منه في هذه الدرجة بعد أن أرجعت أقدميته فيها بموجب قرار الإنصاف الصادر في سنة 1945 بالنسبة لحملة دبلوم المعلمين الثانوية، دون المدعي الذي أرجعت أقدميته فيها تنفيذاً لقرار الإنصاف الصادر في سنة 1947 بالنسبة لحملة هذا المؤهل، طالما أنه فضلاً عما سبق بيانه، من أن المدعي هو الأسبق في الأقدمية بالنظر لأقدمية الدرجة الخامسة، وأنه لا حاجة مع قيام هذه الأسبقية عند الترقية إلى الدرجة الثالثة إلى الرجوع للأقدمية في الدرجة السادسة، فإن وضع المدعي بالنسبة لأقدمية الدرجة السادسة طبقاً للتنفيذ الصحيح لقواعد إنصاف حملة دبلوم المعلمين الثانوية يتعين أن يكون سابقاً فيها أيضاً على المطعون ضده، ما دام أنهما تخرجا في دفعة واحدة، والمدعي قد عين في تاريخ سابق عليه بالدرجة السابعة أصلاً، وكانا يتبعان وحدة إدارية واحدة، سواء عند صدور قرار سنة 1954 أو قرار سنة 1947 سالف الذكر، خصوصاً والثابت من الأوراق أن المدعي حين صدور قرار الإنصاف في 28 من مايو سنة 1945 كان ضمن موظفي مجلس النواب؛ إذ نقل إليه من وزارة المعارف في أول يوليه سنة 1945، لا كما يقرر المجلس المذكور من أن المطعون ضده كان الموظف الوحيد بالمجلس من حملة دبلوم المعلمين الثانوية حين صدر القرار الأول المشار إليه"، وعلى أن "المدعي رقي إلى الدرجة الثالثة في 29 من إبريل سنة 1957، وأن مصلحته الشخصية المباشرة في الدعوى تكون مقصورة على إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى التاريخ الذي حدده القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار خاصة بصرف الفروق المالية".
ومن حيث إن الطعن يقوم على "أن الحكم المطعون فيه بني على أسبقية المدعي للمطعون في ترقيته في أقدمية الدرجة الخامسة، وفاته أن أقدمية الاثنين في الدرجة الخامسة قد أرجعت بمقتضى قرار هيئة مكتب مجلس النواب في 7 من أغسطس سنة 1950 وبالتطبيق لقواعد التنسيق إلى أول مايو سنة 1946؛ وبذلك يتحد الاثنان في تاريخ الحصول على الدرجة الخامسة، ويكون الحكم قد صدر على أساس خاطئ قانوناً فيما انبنى عليه من أن المدعي أسبق من السيد/ محمد شوقي في أقدمية الدرجة الخامسة"، وعلى أنه "بالرجوع إلى الدرجة السادسة يبين من الاطلاع على ملف خدمة السيد/ محمد شوقي أن السيد رئيس مجلس النواب كان قد أصدر في 8 من يناير سنة 1946 قراره رقم 965 بضم مدة خدمته الدائمة، على أن يسدد الاحتياطي المستحق عليها، وبأن تعتبر أقدميته في الدرجة السادسة من 10 من أكتوبر سنة 1928 تاريخ دخوله الخدمة وبماهية قدرها 18جنيهاً شهرياً من أول مايو سنة 1943، على أن لا يصرف إليه فرق إلا من 26 من مايو سنة 1945. وبمقتضى هذا القرار تحددت أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة واستقرت على هذا الوضع بالتطبيق لأحكام قرار مايو سنة 1945 في شأن إنصاف حملة دبلوم المعلمين الثانوية، وهذا القرار كما قضت المحكمة الإدارية العليا قد صدر معلقاً على شرط وجود الاعتماد المالي، حتى عدل في سنة 1947 على أساس تقدير قيمة المؤهل المذكور؛ بحيث لا يمكن التمسك بأحكام قرار سنة 1945 بالنسبة لمن لم ينفذ في شأنهم هذا القرار بعد أن غدت القاعدة التنظيمية الواجبة النفاذ هي التي تضمنها قرار سنة 1947"، وعلى أنه "لا ينال من صحة هذا الرأي ما يؤدي إليه من إيجاد نوع من التفرقة بين المركز القانوني لاثنين من الحاصلين على ذات المؤهل الدراسي؛ إذ أن مرد هذه التفرقة إلى اختلاف القاعدة القانونية التي تحكم حالة كل من الاثنين، فبينما السيد/ محمد شوقي قد أفاد من قرار سنة 1945 بتطبيق مجلس النواب هذا القرار في حقه بمقتضى تسوية تلقائية نهائية فإن المدعي لم يلحقه أثر ذلك القرار الذي تعدل في سنة 1947 بحيث يسري على سائر حملة دبلوم المعلمين الثانوية، ومثل هذه النتيجة ليست غريبة في مجال تسعير الشهادات وإنصاف حملة المؤهلات المختلفة، فلقد أقرها المشرع في عدة مناسبات عندما نص على إلغاء القرارات المنظمة لبعض هذه الشئون مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية والتسويات الإدارية التلقائية؛ وذلك بقصد حماية المراكز القانونية المستقرة"، وعلى أنه "ما دام الثابت أن السيد/ محمد شوقي قد حصل على الدرجتين الخامسة والرابعة في تاريخ واحد مع المدعي، وأن أقدميته في الدرجة السادسة ترجع إلى تاريخ أسبق من تاريخ أقدمية المدعي في هذه الدرجة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون عندما قضى بإلغاء قرار ترقية السيد/ محمد شوقي في الدرجة الثالثة على أساس أن المدعي أقدم منه في الدرجتين الخامسة والسادسة".
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من وقائع الأوراق أن المدعي والمطعون في ترقيته السيد/ محمد شوقي نالا دبلوم المعلمين الثانوية في عام 1928، وأن المدعي التحق بخدمة الحكومة في 22 من سبتمبر سنة 1928 في الدرجة السابعة، بينما التحق السيد/ محمد شوقي بمصلحة المباني التابعة لوزارة الأشغال في وظيفة كتابية بالدرجة حرف ج اعتباراً من 10 من أكتوبر سنة 1928 بماهية قدرها 500 م و7 ج، وفي أول أكتوبر سنة 1929 استقال السيد/ محمد شوقي من الخدمة، وفي أول يونيه سنة 1936 عين بسكرتيرية مجلس الشيوخ في الدرجة الثامنة الدائمة بماهية شهرية قدرها 10ج، ثم نقل بدرجته إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتباراً من أول أغسطس سنة 1936، وظل موظفاً بها من ذلك التاريخ إلى الآن، وفي 19 من يوليه سنة 1939 أصدر رئيس مجلس النواب قراراً بترقيته إلى الدرجة السابعة، وفي 2 من سبتمبر سنة 1944 صدر قرار بترقيته إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 مع منحه علاوة الترقية لإبلاغ راتبه الشهري إلى 500 م و17 ج اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944، ثم عدل راتبه استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 الخاص بإلغاء الاستثناءات إلى 500 م و16 ج اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1944، وذلك بقرار أصدره رئيس مجلس النواب في 22 من مارس سنة 1945، وفي 8 من يناير سنة 1946 أصدر رئيس مجلس النواب - بعد الاطلاع على الكتاب الدوري رقم م 78 - 1/ 74 الصادر في 19 من مايو سنة 1945 بشأن الموظفين الذين لهم مدد خدمة بمجالس المديريات والهيئات التعليمية وعلى الكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 23 بتاريخ 28 من يونيه سنة 1945 بشأن إنصاف خريجي مدرسة المعلمين الثانوية - القرار رقم 965: (1) بضم المدة من أول أكتوبر سنة 1929 إلى 31 من مايو سنة 1932، وهى التي قضاها السيد/ محمد شوقي بوظيفة مدرس بمدارس الجمعية الخيرية الإسلامية، إلى مدة خدمته الدائمة، على أن يسدد الاحتياطي المستحق عنها، (2) وباعتبار أقدميته في الدرجة السادسة من 10 من أكتوبر سنة 1928، تاريخ دخوله الخدمة، وبماهية 18 ج شهرياً من أول مايو سنة 1943 (حتمية ثانية)، على أن لا يصرف إليه فرق إلا من 26 من مايو سنة 1945". أما المدعي فقد تبين من الأوراق أنه نقل إلى سكرتيرية مجلس النواب اعتباراً من أول فبراير سنة 1946 بموجب القرار رقم 970 المؤرخ 21 من يناير سنة 1946؛ وأنه من ثم صار ضمن موظفي سكرتيرية مجلس النواب بعد ما أصدر رئيس هذا المجلس في 8 من يناير سنة 1946 قراره بتعديل أقدمية السيد/ محمد شوقي في الدرجة السادسة استناداً إلى الكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 بتاريخ 28 من يونيه سنة 1945، واستمر كذلك حتى تعدل حكم القاعدة التنظيمية العامة التي تضمنها ذلك الكتاب في سنة 1947، كما يبين من الأوراق أيضاً أن المدعي وزميله أرجعت أقدميتهما في الدرجة الخامسة تنسيقاً إلى أول مايو سنة 1946، كما يتضح كذلك أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 603 لسنة 5 القضائية المقامة أمام محكمة القضاء الإداري، قضى للمدعي باستحقاقه الترقية إلى الدرجة الرابعة في 7 من أغسطس سنة 1950 أسوة بالسيد/ محمد شوقي، وأن صحيفة دعواه تشير صراحة إلى طلب تسوية وضعه في أقدمية الدرجة السادسة استناداً إلى الكتاب الدوري رقم 234 - 3/ 23 المؤرخ 28 من يونيه سنة 1945.
ومن حيث إن طعن هيئة المفوضين - إذ اقتصر على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الموضوع - فإنه يتعين من ثم مناقشة هذا القضاء وتمحيصه، وذلك دون التعرض لما حكم به في الدفع بعدم قبول الدعوى لاستقامة الأسباب التي بني عليها الحكم برفض هذا الدفع، والتي تقرها هذه المحكمة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 لم يتولد أثره حالاً ومباشرة بمجرد صدوره لأنه ما كان قد استكمل جميع مقوماته التي تنتج هذا الأثر، وبهذه المثابة لا ينشئ لأمثال المدعي مراكز ذاتية من مقتضاها تسوية حالاتهم على الأساس الذي اقترحته اللجنة المالية وقتذاك؛ ذلك لأن القرار الإداري لا يولد أثره حالاً ومباشرة إلا حيث تتجه الإدارة لإحداثه على هذا النحو، وكان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك، وهذا كله مستمد من طبيعة القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون، عن إدارة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة. وقرار 26 من مايو سنة 1945 ما كان قد استكمل جميع المراحل اللازمة قانوناً في هذا الصدد؛ لأن المادة 143 من الدستور الملغى النافذ وقتذاك، كانت تقضى بأن "كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على التقديرات الواردة بها يجب أن يأذن به البرلمان"؛ ولهذا فلئن كان مجلس الوزراء قد وافق على اقتراح اللجنة المالية حينذاك من حيث المبدأ، إلا أنه لما كان الأمر يقتضي استصدار قانون بفتح اعتماد إضافي فقد سارت وزارة المالية في الطريق الدستوري السليم، فقدرت التكاليف بمبلغ 23000 ج لمدة سنة، وتقدمت إلى البرلمان لاستصدار قانون بفتح اعتماد إضافي بهذا المبلغ، فنوقش الموضوع وأعيد بحثه واستقر الرأي على أن يكون إنصاف حملة هذا المؤهل على أساس التعيين في الدرجة السابعة وترقيتهم إلى الدرجة السادسة بماهية 500 م و10 ج بعد ثلاث سنوات من تاريخ التعيين الأول - مع مراعاة مايو - حتى لا يكونوا أحسن حالاً من حملة الشهادات العالية، وقدرت التكاليف على هذا الأساس بمبلغ 15000 ج، واعتنقت وزارة المالية هذا الرأي، وقدمت مذكرة بهذا المعنى إلى مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في أول يونيه سنة 1947 فوافق عليها؛ وبذلك يكون القرار الأخير هو الذي يولد أثره بعد إذ اتجهت إرادة الإدارة إلى إحداثه على هذا النحو، وبعد أن أصبح ذلك جائزاً وممكناً قانوناً بفتح الاعتماد الإضافي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملك الإذن به وهي البرلمان بمجلسيه.
ومن حيث إنه إذا تبين أن التسوية الحاصلة للسيد/ محمد شوقي في 8 من يناير سنة 1946 إنما تمت بالتطبيق لقرار تنظيمي عام غير نافذ، فإنه يتعين عدم الاعتداد بها وإسقاط مؤداها؛ لأن التسويات - وهي أعمال مادية صرفة إن كانت باطلة بسبب استنادها إلى قرار تنظيمي غير نافذ - لم يفلح في تحصينها أنها أجريت قبل إنشاء مجلس الدولة، أو أن الإدارة لم تسحبها في الميعاد، ويكون من حق القضاء الإداري بل يتعين عليه عدم الاعتداد بها مهما تقادم عليها الزمن؛ ومن ثم إهدار ما عسى أن ينجم عنها من الآثار، ولا ينال من هذا النظر أنه قد ترتبت عليها قرارات بالترقية نالها السيد/ محمد شوقي؛ لأن ترقيته إلى الدرجة الخامسة تنسيقاً في أول مايو سنة 1946 لا يؤثر فيها تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932 طبقاً لقرار أول يونيه سنة 1947 بدلاً من 10 من أكتوبر سنة 1928، كما حددته التسوية الباطلة استناداً إلى قرار 26 من مايو سنة 1945 غير النافذ.
ومن حيث إنه إذا وضح أنه كان يتعين إعمال قرار مجلس الوزراء في أول يونيه سنة 1947 في حق المدعي والسيد/ محمد شوقي على حد سواء، كان مؤدى ذلك رد بدء أقدميتهما في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1932، ولزم - من أجل ما تقدم - النظر إلى تاريخ أقدمية كل منهما في الدرجة السابعة لتحديد أيهما أقدم من زميله.
ومن حيث إنه لا جدال في أن السيد/ أحمد علي جعفر كان أسبق من زميله السيد/ محمد شوقي في التعيين بالحكومة، وبالتالي في الحصول على الدرجة السابعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول يونيه سنة 1947؛ ذلك لأن السيد/ أحمد علي جعفر عين في مدرسة رأس التين الابتدائية الأميرية في الدرجة السابعة في 28 من سبتمبر سنة 1928، في حين لم يعين السيد/ محمد شوقي في الحكومة إلا كاتباً في الدرجة حرف (ج) بمصلحة المباني الأميرية بوزارة الأشغال في 10 من أكتوبر سنة 1922، ولو طبق القرار التنظيمي العام الصادر في عام 1947 في حقه لم ينل الدرجة السابعة إلا من التاريخ الأخير الذي عين فيه بمصلحة المباني.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أن المطعون عليه السيد/ أحمد علي جعفر يعتبر بلا جدال أقدم من زميله السيد/ محمد شوقي بحكم أسبقيته عليه في الحصول على الدرجة السابعة، ولا يسع هذه المحكمة بعد موازنة مركزي المدعي والسيد/ محمد شوقي إلا أن تعتبر المدعي (السيد/ أحمد علي جعفر) أسبق من زميله في أقدمية الدرجة المذكورة، بعد أن ثبت واقعياً أن تعيينه بالحكومة تم في 22 من سبتمبر سنة 1922، بينما وقع تعيين زميله المطعون في ترقيته في 10 من أكتوبر سنة 1928، وإلا أن تستخلص من هذا الاعتبار نتيجته الحتمية من جهة أفضليته على السيد/ محمد شوقي في الترقية إلى الدرجة الثالثة بموجب قرار 29 من إبريل سنة 1954، ما دام أساس الترقيات إلى تلك الدرجة كان هو الأقدمية المطلقة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى هذه النتيجة يكون قد أصاب محجة الصواب فيما قضى به؛ ويتعين من ثم الحكم برفض الطعن لقيامه على غير أساس.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 863 لسنة 52 ق جلسة 4 /12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 223 ص 1084

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني

----------------

(223)
الطعن رقم 863 لسنة 52 القضائية

عقد "أركان العقد: التراضي".
الإيجاب. ماهيته. استخلاص ما إذا كان باتاً. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه. تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأن إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.

---------------
الإيجاب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العرض الذي يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد، واستخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه فهو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2613 سنة 1979 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الشركة المطعون عليها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4/ 7/ 1977، وقال بياناً للدعوى إن المطعون عليها أعلنت عن بيع بعض قطع من الأرض الفضاء المملوكة لها إلى العاملين لديها، فتقدم لشراء القطعة المبينة بالأوراق لقاء ثمن مقداره 3536 ج وتم التعاقد بينه وبين المطعون عليها بتاريخ 4/ 7/ 1977، وتنفيذاً له قام بدفع 10% من الثمن، غير أن المطعون عليها تقاعست عن تسليمها له وعن القيام بالإجراءات اللازمة لنقل الملكية إليه، فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 27/ 4/ 1980 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 754 سنة 36 ق مدني، وبتاريخ 18/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أقام قضاءه برفض الدعوى على أن إعلان المطعون عليها عن رغبتها في بيع الأراضي المذكورة وما تلا ذلك من أفعال هو مجرد إجراءات تمهيدية للتعاقد، وأن أرض النزاع مملوكة للدولة يتعين بيعها بالمزاد وفقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، كما أن تلك الأرض جزء من أرض مقسمة لم يصدر قرار باعتماد تقسيمها، في حين أن الإعلان سالف الذكر يعتبر إيجاباً صادفه قبول من الطاعن ولا يتم سداد مقدم الثمن إلا بعد تطابق الإيجاب والقبول ولا يعد في ذاته إيجاباً، كما أن تلك الأرض ليست مملوكة للدولة بل للمطعون عليها وليست من الأراضي الصحراوية، وليس ثمة ما يمنع من الحكم بصحة التعاقد عنها قبل اعتماد التقسيم على أن تتراخى إجراءات التسجيل إلى حين استيفاء ما يتطلبه قانون التقسيم من شروط، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الإيجاب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العرض الذي يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد، واستخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، أما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب صحة ونفاذ العقد بأنه إيجاب بات أو نفي هذا الوصف عنه فهو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه برفض الدعوى على أن إعلان المطعون عليها عن البيع لا يعدو أن يكون مجرد إجراءات تمهيدية ودعوة للتعاقد وأن سداد الطاعن للتأمين يعتبر إيجاباً منه لم يقترن به قبول مطابق له من - المطعون عليها، وكان ما استند إليه الحكم في ذلك وما رتبه عليه من عدم انعقاد البيع مستمداً من أوراق الدعوى وكافياً لحمل قضائه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، لما كان ما تقدم فإن النعي على ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه تزيدا في شأن ملكية الدولة لأرض النزاع ومدى انطباق القانون رقم 100 لسنة 1964 والأثر المترتب على مخالفة أحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم يكون النعي برمته في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1011 لسنة 52 ق جلسة 4 /12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 222 ص 1081

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.

---------------

(222)
الطعن رقم 1011 لسنة 52 القضائية

دعوى "عوارض الخصومة: سقوط الخصومة". دفوع "الدفوع الشكلية: الدفع بسقوط الخصومة".
سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح فيها، ماهيته. عدم جواز الحكم به ما لم يتمسك به صاحب المصلحة فيه. جواز تنازله عنه صراحة أو ضمناً بالتعرض لموضوع النزاع. طلب التأجيل للاطلاع على المستندات المقدمة أو لتبادل المذكرات أو طلب شطب الاستئناف. لا يعتبر تعرضاً للموضوع أو تنازلاً عن الدفع بسقوط الخصومة.

---------------
سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على أخر إجراء صحيح في الدعوى، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جزاء فرضه المشرع على المدعى ومن في حكمه كالمستأنف الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، وهو مما يتصل بمصلحة الخصوم فلا يجوز للمحكمة أن تنزله على واقعة الدعوى إلا إذا تمسك به صاحب المصلحة فيه الذي يملك التنازل عنه صراحة أو ضمناً بأن يصدر عنه ما يستفاد على وجه القطع واليقين أنه يعتبر الخصومة قائمة منتجة لآثارها ويدل على قبوله ورضاه ورغبته في متابعة السير في الدعوى والتعرض لموضوع النزاع... وطلب التأجيل للاطلاع على المستندات المقدمة من أحد الخصوم أو لتبادل المذكرات أو طلب شطب الاستئناف لتخلف المستأنفين عن الحضور لا يعتبر تعرضاً لموضوع النزاع وتنازلاً ضمنياً عن الدفع بسقوط الخصومة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن ورثة المرحوم..... والمرحومة..... أقاموا الدعوى رقم 9 سنة 1972 مدني شبين الكوم الابتدائية ضد الطاعن وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لهم مبلغ 50000 ج وقالوا بياناً للدعوى إن الحكومة قد استولت على الأرض المبينة بالأوراق المملوكة لهم دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية وإذ قدروا التعويض المستحق لهم بالمبلغ المذكور فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان. وبتاريخ 29/ 2/ 1975 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لبيان مالك الأرض وتقدير قيمة التعويض المستحق وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت بتاريخ 14/ 11/ 1977 برفض الدعوى بحالتها بالنسبة لنصيب ورثة المرحوم.... والمرحومة...... وبإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 3813 ج و127 م للمطعون عليه الأول ومبلغ 1898 ج و909 م لكل من باقي المطعون عليهم. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم بالاستئناف رقم 248 سنة 10 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 249 سنة 10 ق وبتاريخ 25/ 12/ 1978 حكمت المحكمة برفض الاستئناف الأول بالنسبة لنصيب المطعون عليهم لحين الفصل في الطعنين رقمي 480، 31 سنة 20 ق بنها وإذ فصل في هذين الطعنين قام المطعون عليهم بتعجيل السير في الاستئناف الأول. ودفع الطاعن بسقوط الخصومة في الاستئناف لتعجيله بعد الميعاد، وبتاريخ 8/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع لورثة المرحومة..... مبلغ 1898 ج و909 م - ولورثة المرحوم.... مبلغ 3883 ج و128 م طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ استدل من حضوره الثلاث جلسات التالية لتعجيل السير في الاستئناف دون التمسك بسقوط الخصومة على تنازله ضمنياً عن الدفع به مع أنه تمسك به قبل الحكم في موضوع الاستئناف مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح في الدعوى هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة جزاء فرضه المشرع على المدعي ومن في حكمه كالمستأنف الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة وهو مما يتصل بمصلحة الخصوم فلا يجوز للمحكمة أن تنزله على واقعة الدعوى إلا إذا تمسك به صاحب المصلحة فيه الذي يملك التنازل عنه صراحة أو ضمناً بأن يصدر عنه ما يستفاد على وجه القطع واليقين أنه يعتبر الخصومة قائمة منتجة لآثارها ويدل على قبوله ورضاه ورغبته في متابعة السير في الدعوى والتعرض لموضوع النزاع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الخصومة في الاستئناف على ما خلص إليه من تنازل الطعن عن التمسك بهذا السقوط لعدم إبدائه الدفع به بعد التعجيل واستئجاله نظر الدعوى للاطلاع على المستندات المقدمة من المطعون عليهم وانسحابه طالباً شطب الاستئناف لتخلفهم عن الحضور في جلسة تالية وعدم إبدائه هذا الدفع إلا في جلسة 9/ 11/ 1981 رغم حضوره جلسة 7/ 11/ 1981، وكان طلب التأجيل للاطلاع على المستندات المقدمة من الخصوم أو لتبادل المذكرات أو طلب شطب الاستئناف لتخلف المستأنفين عن الحضور لا يعتبر تعرضاً لموضوع النزاع وتنازلاً ضمنياً عن الدفع بسقوط الخصومة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه الفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه.