الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 14176 لسنة 87 ق جلسة 20 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 87 ص 832

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2019

برئاسة السيد القاضي / أبـو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق ، طارق بهنساوي، محمود عمر ومحمد عبد الوهاب نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(87)

الطعن رقم 14176 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال .

(2) هتك عرض . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جريمة هتك العرض . توافرها : بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات

ولو لم يقترن بفعل مادي آخر من أفعال الفحش . علة ذلك ؟

القصد الجنائي في جريمة هتك العرض . تحققه : بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل أياً كان الغرض منه . تحدث الحكم استقلالاً عنه . غير لازم . حد ذلك ؟

مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة هتك العرض بالتهديد لعدم ملامسة جسم

المجني عليها عن طريق نشر صور لها وهي عارية على شبكة الانترنت .

(3) هتك عرض . تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

رضاء المجني عليها من عدمه . مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض . حد ذلك ؟

تدليل سائغ لتوافر ركن التهديد في جريمة هتك عرض .

(4) هتك عرض . إثبات " قرائن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

نعي الطاعن على الحكم اطراحه بما لا يسوغ دفعه بعدم توافر أركان الجريمة لعدم وضوح مقطعي الفيديو الموجودين على هاتفه وعدم ظهور معالم وجه المجني عليها بأيهما . غير مقبول . ما دام قد عول عليهما كقرينة تعزز أدلة الثبوت وليس كدليل أساسي في الدعوى .

(5) أمر الإحالة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي ببطلان أمر الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . حد ذلك ؟ 

(6) هتك عرض . فعل فاضح . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بأن الواقعة جنحة ارتكاب أمر مخل بالحياء مع امرأة في غير علانية وليست هتك عرض . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " تتحصل في أنه بتاريخ .... أبلغت / .... والدة المجني عليها / .... النقيب / .... - بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق - بأن ابنتها أخبرتها بأنها قامت بإرسال بعض الصور الفوتوغرافية والمقاطع المصورة لها عارية الجسد إلى إحدى الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ( .... ) المعنونة .... ظناً منها أنه الحساب الخاص بالممثلة الشهيرة سالفة الذكر إلا أنها علمت عقب إرسالها تلك الصور والمقاطع المصورة أنها أرسلت إلى المتهم .... وقام بتهديدها بنشر تلك الصور والمقاطع السالفة إن لم تقم بتصوير موضع آخر لها وهي عارية تماماً فقامت بتلبية طلبه خوفاً من تهديداته وأغلقت .... و.... وحسابه ثم أخبرها الشاهد الثاني المسئول عن صفحة .... بمدرسة .... التي توجد ابنتها بالصف الثاني الإعدادي بها أن المتهم حصل على المقاطع المصورة بطريق الاحتيال ونشرها للتشهير بها ودلت تحريات الشاهد الثالث على صحة الواقعة وتوصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة فاستصدر بتاريخ .... الساعة .... إذناً من النيابة العامة بتفتيش شخصه ومسكنه ونفاذاً لذلك الإذن انتقل بتاريخ .... لمسكن المتهم رفقة زميله الملازم أول / .... - ضابط مهندس بالإدارة السالفة - وقوة من الشرطة السريين فقام بالطرق على بابه وفتح له المتهم وبتفتيشه عثر معه على هاتفه الجوال وشريحة خاصة به تحمل رقم .... وعثر بالمسكن على جهاز حاسب آلي ووحدة مركزية كيس خاصة بالمتهم تم فحصهم ، وأقر له بارتكاب الواقعة وأن الأجهزة خاصة به وأقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة تفصيلاً بارتكاب الواقعة على نحو قررته المجني عليها وشهود الواقعة " وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستقاة من إقرار المتهم التفصيلي بتحقيقات النيابة العامة وأقوال كل من / .... والدة المجنى عليها ، و.... الخبير الكيميائي بمدرسة .... الإعدادية بنات ، والمقدم / .... بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق ، والملازم أول / .... ضابط مهندس بذات الإدارة السالفة ، وما قررته المجني عليها في تحقيقات النيابة العامة ، ومما ثبت من تقرير الفحص الفني ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وطبيعة العلاقة بين المجني عليها والطاعن ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء أركان جناية هتك العرض التي دان الطاعن بها بقوله : " وحيث إنه عن انتفاء أركان جريمة هتك العرض بالتهديد لعدم ملامسة المتهم جسم المجنى عليها فمرود بأنه لا يشترط في جريمة هتك العرض بالتهديد استعمال القوة المادية بل يكفى إتيان الفعل الماس أو الخادش للحياء العرضي للمجنى عليها بغير رضاها ومن بين ذلك أيضاً الكشف عن عورة المجنى عليها عن طريق إرسال صورة ونشرها عن طريق شبكة المعلومات الإنترنت وإرسالها على صفحة مدرستها وهى عارية تماماً من ملابسها وبغير رضاها وبهذه الوسيلة كشف المتهم عن جسم المجني عليها وهو من العورات التي تحرص على صونها وحجبها ولو لم تصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء وذلك على الرغم منها وعكس إرادتها بالكشف عنها على صفحة مدرستها واستغل حداثة وصغر سنها في ذلك ، وارتكب المتهم الفعل بإرسال تلك الصور والفيديوهات العارية وهو عالم بأنه خادش لعرض المجني عليها ، فإن ذلك مما تتوافر به أركان جريمة هتك العرض كما هي معرفة قانوناً ويكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الخصوص غير سديد " لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري ، كما أنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها فيصح العقاب ولو لم يقصد الجاني بفعلته إلا مجرد الانتقام من المجني عليها ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورداً على الدفع بانتفاء أركان جناية هتك العرض كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ، فإنه ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن .

3- لما كانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وكان ما أثبته الحكم على السياق المتقدم يتوافر به ركن التهديد في هذه الجريمة ، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

4- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبنِ قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن تفريغ النيابة العامة لمقطعي الفيديو الموجودين على هاتف الطاعن وإنما استندت إلى هذين المقطعين المصورين كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من هذين المقطعين المصورين دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله .

5- لما كــان الثابت مـــن مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة ، وكان هذا الأمر إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع .

6- لما كان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة ارتكاب أمر مخل بالحياء مع امرأة في غير علانية معاقب عليها بالمادة 279 من قانون العقوبات وليست جناية هتك عرض لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمــت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- هتك عرض المجني عليها / .... وهي التي لم تبلغ الثامنة عشر عاماً - وكان ذلك بالتهديد - بأن استغل حداثة سنها ، فتحصل منها على صور فوتوغرافية ومقاطع مصورة لها وهي عارية الجسد ، فطالبها بإرسال المزيد منها فأبت ، فقام بتهديدها بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " فتحصل بناء على هذا التهديد على مقطع آخر مصور لها كشفت فيه عن عورتها على النحو المبين بالتحقيقات .

2- هدد المجني عليها سالفة الذكر كتابة بإفشاء أمور خادشة لشرفها وهي المقاطع المصورة والصور الفوتوغرافية موضوع التهمة الأولى ، وكان ذلك التهديد مصحوباً بطلب وهو إرسال المزيد من الصور الفوتوغرافية والمقاطع المصورة آنفة البيان له ، فبث الرعب في نفسها ، وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من التحصل على مقطع آخر مصور للمجني عليها على النحو المبين بالتحقيقات .

3- اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها سالفة الذكر ، بأن نقل الصور الفوتوغرافية آنفة البيان والتي التقطت بمكان خاص " مسكنها " وذلك عبر جهازي الحاســب الآلــي والهاتف الخلوي ، وهددها بإفشائها ليحملها على القيام بإرسال المزيد منها ومقاطع أخرى مصورة له ، وأذاعها بأن تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " وكان ذلك بغير رضائها على النحو المبين بالتحقيقات .

4- تحصل بطريق التهديد من المجني عليها سالفة الذكر على مقطع مصور لها وهي عارية الجسد ، وذلك بأن هددها بنشر مقاطع مصورة وصوراً فوتوغرافية لها وهي عارية الجسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " تحصل عليها سلفاً على النحو المبين بالتحقيقات .

5- نشر صوراً فوتوغرافية للمجني عليها سالفة الذكر منافية للآداب العامة وخادشة للحياء العام على النحو المبين بالتحقيقات .

6- حاز بقصد النشر والتوزيع صوراً فوتوغرافية " المجهولين " منافية للآداب العامة وخادشة للحياء العام على النحو المبين بالتحقيقات .

7- حاز وبث أعمال إباحية يشارك فيها أطفالاً ( المجني عليها وآخرين ) على النحو المبين بالتحقيقات .

8- استخدم الحاسب الآلي وشبكات المعلومات لعرض ونشر أعمال إباحية " موضوع التهمة الأولى " للتشهير بالطفلة المجني عليها سالفة الذكر .

9- أزعج عمداً المجني عليها سالفة الذكر بإساءته استعمال الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .  

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 178 ، 268/2،1 ، 309 مكرراً أ/1 ، 2 ، 4 ، 326 ، 327 من قانون العقوبات ، والمادتين 1 ، 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، مع إعمال نص المادة 32/2 من القانون الأول ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وبمصادرة الأجهزة المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية .

       فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم هتك عرض المجنى عليها التي لم تبلغ من العمر ثماني عشرة سنة بالتهديد ، وتهديدها كتابة بإفشاء أمور خادشة لشرفها ، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بتصويرها مجردة من الملابس ونشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدون رضاها ، وحيازته بقصد النشر والتوزيع صور فوتوغرافية لمجهولين منافية للآداب وخادشة للحياء العام ، وحيازة وبث أعمال إباحية يشارك فيها أطفال ( المجنى عليها وآخرين ) منافية للآداب وخادشة للحياء ، وأزعج المجنى عليها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور في التسبيب والبطلان ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان جريمة هتك العرض بالتهديد التي دانه بها ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بعدم توافر أركانها في حقه بدلالة أن مقطعي الفيديو الموجودين على هاتفه غير واضحين ولا يظهر بأيهما معالم وجه المجنى عليها ، فضلاً عن خلو تقرير الفحص الفني من فيديوهات عارية للمجنى عليها ، ولم يدلل على توافر ركن التهديد في حقه سيما وأن الطاعن تربطه علاقة صداقة بالمجنى عليها وقد أرسلت إليه صورها بمحض إرادتها ، هذا إلى أن أمر الإحالة المقدم من النيابة العامة قد أخطأ في إسناد الاتهام للطاعن وهو ما سايرته فيه المحكمة ، وأن الواقعة في حقيقتها لا تعدو أن تكون فعل فاضح غير علني وليس جريمة هتك عرض ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " تتحصل في أنه بتاريخ .... أبلغت / .... والدة المجني عليها / .... النقيب / .... - بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق - بأن ابنتها أخبرتها بأنها قامت بإرسال بعض الصور الفوتوغرافية والمقاطع المصورة لها عارية الجسد إلى إحدى الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ( .... ) المعنونة .... ظناً منها أنه الحساب الخاص بالممثلة الشهيرة سالفة الذكر إلا أنها علمت عقب إرسالها تلك الصور والمقاطع المصورة أنها أرسلت إلى المتهم .... وقام بتهديدها بنشر تلك الصور والمقاطع السالفة إن لم تقم بتصوير موضع آخر لها وهي عارية تماماً فقامت بتلبية طلبه خوفاً من تهديداته وأغلقت .... و.... وحسابه ثم أخبرها الشاهد الثاني المسئول عن صفحة .... بمدرسة .... التي توجد ابنتها بالصف الثاني الإعدادي بها أن المتهم حصل على المقاطع المصورة بطريق الاحتيال ونشرها للتشهير بها ودلت تحريات الشاهد الثالث على صحة الواقعة وتوصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة فاستصدر بتاريخ .... الساعة .... إذناً من النيابة العامة بتفتيش شخصه ومسكنه ونفاذاً لذلك الإذن انتقل بتاريخ .... لمسكن المتهم رفقة زميله الملازم أول / .... - ضابط مهندس بالإدارة السالفة - وقوة من الشرطة السريين فقام بالطرق على بابه وفتح له المتهم وبتفتيشه عثر معه على هاتفه الجوال وشريحة خاصة به تحمل رقم .... وعثر بالمسكن على جهاز حاسب آلي ووحدة مركزية كيس خاصة بالمتهم تم فحصهم ، وأقر له بارتكاب الواقعة وأن الأجهزة خاصة به وأقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة تفصيلاً بارتكاب الواقعة على نحو قررته المجني عليها وشهود الواقعة " وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستقاة من إقرار المتهم التفصيلي بتحقيقات النيابة العامة وأقوال كل من / .... والدة المجنى عليها ، و.... الخبير الكيميائي بمدرسة .... الإعدادية بنات ، والمقدم / .... بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق ، والملازم أول / .... ضابط مهندس بذات الإدارة السالفة ، وما قررته المجني عليها في تحقيقات النيابة العامة ، ومما ثبت من تقرير الفحص الفني ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وطبيعة العلاقة بين المجني عليها والطاعن ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء أركان جناية هتك العرض التي دان الطاعن بها بقوله : " وحيث إنه عن انتفاء أركان جريمة هتك العرض بالتهديد لعدم ملامسة المتهم جسم المجنى عليها فمرود بأنه لا يشترط في جريمة هتك العرض بالتهديد استعمال القوة المادية بل يكفى إتيان الفعل الماس أو الخادش للحياء العرضي للمجنى عليها بغير رضاها ومن بين ذلك أيضاً الكشف عن عورة المجنى عليها عن طريق إرسال صورة ونشرها عن طريق شبكة المعلومات الإنترنت وإرسالها على صفحة مدرستها وهى عارية تماماً من ملابسها وبغير رضاها وبهذه الوسيلة كشف المتهم عن جسم المجني عليها وهو من العورات التي تحرص على صونها وحجبها ولــو لم تصاحب هذا الفعل أيــة ملامسة مخلة بالحياء وذلك تــم على الرغم منها وعكس إرادتها بالكشف عنها على صفحة مدرستها واستغل حداثة وصغر سنها في ذلك ، وارتكب المتهم الفعل بإرسال تلك الصور والفيديوهات العارية وهو عالم بأنه خادش لعرض المجني عليها ، فإن ذلك مما تتوافر به أركان جريمة هتك العرض كما هي معرفة قانوناً ويكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الخصوص غير سديد " لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري ، كما أنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها فيصح العقاب ولو لم يقصد الجاني بفعلته إلا مجرد الانتقام من المجني عليها ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورداً على الدفع بانتفاء أركان جناية هتك العرض كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ، فإنه ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وكان ما أثبته الحكم على السياق المتقدم يتوافر به ركن التهديد في هذه الجريمة ، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبنِ قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن تفريغ النيابة العامة لمقطعي الفيديو الموجودين على هاتف الطاعن وإنما استندت إلى هذين المقطعين المصورين كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من هذين المقطعين المصورين دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة ، وكان هذا الأمر إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة ارتكاب أمر مخل بالحياء مع امرأة في غير علانية معاقب عليها بالمادة 279 من قانون العقوبات وليست جناية هتك عرض لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 683 لسنة 4 ق جلسة 31 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 58 ص 707

جلسة 31 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الحريبي وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

------------------

(58)

القضية رقم 683 لسنة 4 قضائية

بدل سفر 

- قرار مجلس الوزراء في 25 من أكتوبر سنة 1925 المعروف بلائحة بدل السفر - نصه في المادة 56 على عدم سريان أحكامه على فئات معينة من الموظفين من بينهم الضباط وأن بدل سفر هؤلاء الموظفين ومصاريف انتقالهم يكون تقديرهما بموجب لوائح تصدر من المصالح التي يتبعونها بموافقة وزارة المالية - موافقة وزارة المالية بكتابها رقم ع 21/ 10/ 11 في 24 من يونيه سنة 1943 على الاستمرار في صرف بدل السفر العادي نقداً للضباط وطيلة مدة الحرب على ألا يزيد ما يصرف في الشهر الواحد عن 12 ليلة مهما طال أمد المأموريات - وجود حالة الحرب بين مصر وإسرائيل يجعل اللائحة الصادرة في 24 من يونيه سنة 1943 واجبة التطبيق في شأن الضباط.

-----------------

إن القواعد الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 25 من أكتوبر سنة 1925, وهي المعروفة بلائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال, تنص في المادة 56 منها على أنه "لا تسري أحكام هذه اللائحة على مستخدمي مصلحة سكك حديد الحكومة والمستخدمين المدنيين بوزارة الحربية والكتبة بمصلحة أقسام الحدود ولا على الضباط والاسبيران والصف ضباط والأنفار التابعين للجيش أو للبوليس أو لمصلحة خفر السواحل أو لمصلحة أقسام الحدود, فإن بدل سفرهم ومصاريف انتقالهم يكون تقديرهما بموجب لوائح تصدر من تلك المصالح وتوافق عليها وزارة المالية". وفي 24 من يونيه سنة 1943 وافقت وزارة المالية بخطابها رقم ع 21/ 10/ 11 "على الاستمرار في صرف بدل السفر العادي طيلة مدة الحرب فقط كالآتي: 1 - الضباط الإداريين الأصليين والمنتدبين من الجيش على ألا يزيد ما يصرف في الشهر الواحد عن 12 ليلة مهما طال أمد المأموريات 2 - العساكر عن المأموريات داخل الصحراء على ألا يتعدى ما يصرف لهم عن عشرة ليال في الشهر الواحد مهما طالت المأموريات". وأخيراً صدر قرار رئيس الجمهورية في 18 من يناير سنة 1958 بإصدار لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال, ونص في المادة الأولى منها على أنه "يقصد بكلمة موظف الواردة في هذه اللائحة الموظف الدائم أو المؤقت أو الضباط أو المستخدم الخارج عن الهيئة أو العامل باليومية ومن في حكمهم, كالصور والكونستابل وضابط الصف والعسكري...... الخ". وليس ثمت شك في وجود حالة حرب بين مصر وإسرائيل منذ سنة 1948 حتى الآن؛ وبذلك تسري في حق المطعون عليه اللائحة الصادرة في 24 من يونيه سنة 1943, بحسبان أنه يستحق بدل سفر عن المدة من 28 من فبراير سنة 1951 حتى 4 من أبريل سنة 1951. وإذ قام الطعن على أساس أن مدة ندب المطعون عليه تقع في المجال الزمني لسريان القواعد التي وافقت عليها وزارة المالية في 24 من يونيه سنة 1943 فإنه يكون على أساس سليم من القانون.


إجراءات الطعن

في أول يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") بجلسة 28 من أبريل سنة 1958 في الدعوى رقم 284 لسنة 2 القضائية المرفوعة من وزارة الحربية ضد السيد/ مصطفى حسن ناصر, القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع برفضه, وتأييد الحكم المستأنف, وإلزام الحكومة بالمصروفات", وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف, والقضاء برفض دعوى المدعي, مع إلزامه بالمصروفات". وأعلنت الجهة الإدارية بالطعن في 20 من يوليه سنة 1958, وأعلن به الخصم في 12 من أغسطس سنة 1958. ثم عين لنظر الطعن جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958, وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يستفاد من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون عليه أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية, وأبان في صحيفتها أنه كان قائداً لمنطقة الهجانة الوسطى بالجبل الأصفر, ثم ندب للقيام بعمل قائد المنطقة القبلية بأسوان اعتباراً من 28 من فبراير سنة 1951 إلى 4 من أبريل سنة 1951, وقد صرف له بدل سفر عن ست عشرة ليلة من هذه المدة على أساس اثنتي عشرة ليلة في الشهر, في حين أنه يستحق بدل السفر عن جميع الليالي وفقاً لأحكام لائحة بدل السفر العامة, وطلب الحكم بأحقيته في صرف بدل السفر عن الليالي الباقية من مدة ندبه. وقد دفعت الوزارة الدعوى بأن المدعي قد حصل على بدل السفر وفقاً للتعليمات الخاصة بسلاح الحدود المصدق عليها من وزارة المالية والتي تقضي بمنح بدل السفر في حدود اثنتي عشرة ليلة مهما طالت المأمورية. وفي 15 من أغسطس سنة 1954 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها "باستحقاق المدعي لأن يحصل على بدل السفر المقرر له عن مدة انتدابه بالمنطقة القبلية هجانة بأسوان في المدة من 28 من فبراير سنة 1951 إلى 4 من أبريل سنة 1951 وفقاً لأحكام لائحة بدل السفر والانتقال الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1925, والمعدلة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 27 من يونيه سنة 1936 و21 من نوفمبر سنة 1938". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 8 من ديسمبر سنة 1954 طعنت الوزارة في هذا الحكم طالبة إلغاءه مع إلزام المستأنف ضده بالمصروفات. وقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر في 28 من أبريل سنة 1958 "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع برفضه, وتأييد الحكم المستأنف, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أساس أن المستأنف ضده كان من ضباط الجيش المنتدبين للعمل بسلاح الحدود, وهو بهذه المثابة لا يفيد من أحكام لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1925, وأنه بالرجوع إلى القواعد المنظمة لبدل السفر المقررة لضباط مصلحة الحدود يبين أن وزارة المالية قد وافقت بكتابها رقم ع 21/ 10/ 11 في 24 من يونيه سنة 1943 على الاستمرار في صرف بدل السفر العادي طيلة مدة الحرب فقط بواقع اثنتي عشرة ليلة عن كل شهر مهما طالت المأمورية؛ ومن ثم فإن العمل بهذه اللائحة ينتهي بانتهاء الحرب العالمية في سنة 1945, ويكون استناد الوزارة إليها في صرف بدل سفر المستأنف ضده - عن المدة من 28 من فبراير سنة 1951 إلى 4 من أبريل سنة 1951 - لا أساس له من القانون. واستطردت المحكمة تقول إنه بانتهاء العمل بهذه اللائحة لا يخضع الضباط لأية قاعدة قانونية في شأن بدل السفر, وفي هذه الحالة لا يوجد ما يمنع قانوناً من تطبيق أحكام لائحة بدل السفر العام الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1925, وذلك باعتبار أن الحظر الوارد في المادة 56 من هذه اللائحة لا يسري إلا في حالة وجود لائحة خاصة بهذه الطائفة, فإن لم توجد رفع هذا الحظر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مدة ندب المطعون عليه تقع في المجال الزمني لسريان القواعد التي وافقت عليها وزارة المالية في 24 من يونيه سنة 1943, ولا وجه لما ذهبت إليه المحكمة الإدارية ومحكمة القضاء الإداري من أن اللائحة الصادرة في عام 1943 قد انتهى العمل بها بانتهاء الحرب عام 1945؛ مما يتعين معه الرجوع إلى اللائحة العامة لبدل السفر الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1925 - لا وجه لهذا المذهب؛ لأن الحرب لا تنتهي بوقف إطلاق النار بين المتحاربين, وإنما هي حالة ذات عناصر عدة تقدرها جهة الإدارة, هذا إلى أن اعتبار القواعد الصادرة في سنة 1943 قد انتهى العمل بها في سنة 1945 لا يستتبع الرجوع إلى لائحة سنة 1925؛ لقيام الحظر المنصوص عليه في المادة 56 من هذه اللائحة.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تصدر في هذا الشأن, ومركز الموظف مركز قانوني عام يخضع في تنظيمه لما تقرره هذه القوانين واللوائح من أحكام, ويتفرع عن ذلك أنه إذا تضمنت نظم التوظف مزايا للوظيفة وشرطت للإفادة منها شروطاً فإن حق الموظف في الإفادة منها يكون منوطاً بتوافر تلك الشروط.
ومن حيث إن راتب بدل السفر هو مزية من مزايا الوظيفة العامة يخضع في أحكامه وشروط استحقاق لما تقرره القوانين واللوائح في هذا الخصوص.
ومن حيث إن القواعد الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 25 من أكتوبر سنة 1925, وهي المعروفة بلائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال, تنص في المادة 56 منها على أنه "لا تسري أحكام هذه اللائحة على مستخدمي مصلحة سكك حديد الحكومة والمستخدمين المدنيين بوزارة الحربية والكتبة بمصلحة أقسام الحدود ولا على الضباط والأسبيران والصف ضباط والأنفار التابعين للجيش أو للبوليس أو لمصلحة أقسام خفر السواحل أو لمصلحة أقسام الحدود, فإن بدل سفرهم ومصاريف انتقالهم يكون تقديرهما بموجب لوائح تصدر من تلك المصالح وتوافق عليها وزارة المالية". وفي 24 من يونيه سنة 1943 وافقت وزارة المالية بخطابها رقم ع 21/ 10/ 11 "على الاستمرار في صرف بدل السفر العادي طيلة مدة الحرب فقط كالآتي: (1) الضباط الإداريين الأصليين والمنتدبين من الجيش على ألا يزيد ما يصرف في الشهر الواحد عن 12 ليلة مهما طال أمد المأموريات. (2) العساكر عن المأموريات داخل الصحراء على ألا يتعدى ما يصرف لهم عن عشر ليال في الشهر الواحد مهما طالت المأموريات". وأخيراً صدر قرار رئيس الجمهورية في 18 من يناير سنة 1958 بإصدار لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال, ونص في المادة الأولى منها على أنه "يقصد بكلمة موظف الواردة في هذه اللائحة الموظف الدائم أو المؤقت أو الضابط أو المستخدم الخارج عن الهيئة أو العامل باليومية ومن في حكمهم, كالصول والكونستابل وضابط الصف والعسكري...... إلخ".
ومن حيث إنه ليس ثمت شك في وجود حالة حرب بين مصر وإسرائيل منذ سنة 1948 حتى الآن؛ وبذلك تسري في حق المطعون عليه اللائحة الصادرة في 24 من يونيه سنة 1943, بحسبان أنه يستحق بدل سفر عن المدة من 28 من فبراير سنة 1951 إلى 4 من أبريل سنة 1951؛ ومن ثم يكون الطعن على أساس سليم من القانون, ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, فيتعين لذلك إلغاؤه, ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 67 لسنة 4 ق جلسة 31 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 57 ص 694

جلسة 31 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(57)

القضية رقم 67 لسنة 4 قضائية

عمال القنال 

- تعيين عامل القنال الحاصل على شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما في الدرجة الثامنة طبقاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 ليس حتمياً - إصدار وزير الشئون الاجتماعية والعمل بما له من سلطة تفويضية بموجب القانون قراراً شرط فيه لجواز هذا التعيين أن يكون حصول العامل على المؤهل سابقاً على أول يوليه سنة 1952 ليكون متفقاً مع التسوية التي تتم بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 - صحيح.

------------------
إن التعيين رأساً من بين عمال القناة في الدرجة الثامنة الكتابية أو الفنية المتوسطة بالتطبيق للقانون رقم 569 لسنة 1955 ليس حتمياً بالنسبة لكل من يحمل شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما, سواء عند نفاذ هذا القانون أو بعد نفاذه, بل واضح من عبارة الفقرة "أ" من المادة 2 من القانون المذكور أن التعيين في الدرجة التاسعة من بين عمال القناة يكون للحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, أي يجوز التعيين في هذه الدرجة لمن كان يحمل مؤهلاً أعلى من ذلك, وهذا ينفى اقتراح تسوية الحاصل على شهادة الثقافة حتماً في الدرجة الثامنة, وإنما تعيين هؤلاء في هذه الدرجة مقيد بتوافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة "ب" من تلك المادة, وهي تقصر التعيين على نسبة 50% من الدرجات الخالية لعمال القناة, وتشترط لتعيينهم فيها أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي وعمال الحكومة المرشحين لها, وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين بحيث تخصص إحداهما لعامل من القناة والثانية لعامل أو مستخدم. وإذا كان وزير الشئون الاجتماعية والعمل بما له من السلطة التفويضية بموجب القانون المذكور قد أصدر قراراً تضمنه الكتاب الدوري رقم 10 في 15 من ديسمبر سنة 1955 يجيز التعيين رأساً في الدرجات الثامنة الفنية والكتابية من عمال القناة الحاصلين على شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما, إلا أنه شرط لذلك أن يكون حصول العامل على هذا المؤهل سابقاً على أول يوليه سنة 1952؛ ليكون متفقاً مع التسوية التي تتم في هذا الشأن بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المكملة له, باعتبار هؤلاء في خدمة الحكومة قبل أول يوليه سنة 1952 وحاصلين على المؤهل قبل ذلك, فتلحقهم التسوية بمقتضى أحكام القانون المذكور.


إجراءات الطعن

في أول يناير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 53 لسنة 4 ق المرفوعة من منصور فرج منصور ضد مصلحة السكك الحديدية, القاضي "بإلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 فما تضمنه من تعيين المدعي في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى موضوعاً, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 7 من يناير سنة 1958, وللمدعي في 3 من فبراير سنة 1958، وعين لنظره جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية في 10 من نوفمبر سنة 1956 أقام المدعي الدعوى رقم 53 لسنة 4 ق ضد السيد وزير المواصلات والسيد مدير الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية, طالباً إلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 بتعيينه في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة لمخالفته للقانون رقم 569 لسنة 1955, وتسوية حالته على أساس مؤهله (الثقافة), وصرف الفروق, وما يترتب على ذلك من آثار. وقال في بيان ذلك إنه التحق بوظيفة كتابية بمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 28 من نوفمبر سنة 1951, ومنذ ذلك التاريخ إلى الآن وهو يعامل وفقاً للقواعد التنظيمية الصادرة في شأن عمال القنال. وقد صدر أخيراً القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال. وفي 15 من ديسمبر سنة 1955 أصدرت وزارة الشئون الاجتماعية الكتاب الدوري رقم 10, وقد جاء بالبند الرابع منه ما يأتي "يكون تعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952". وقد حصل المدعي على شهادة الثقافة بعد أول يوليه سنة 1952, وتطبيقاً لهذا الكتاب الدوري رشحته المصلحة لوظيفة من الدرجة التاسعة بالقرار رقم 26 في 11 من يونيه سنة 1956, بدلاً من الدرجة الثامنة التي يجيز مؤهله تعيينه فيها, وذلك بعد أخذ إقرار عليه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة تحت الوعيد والتهديد بالفصل. ولما كان الكتاب الدوري رقم 10 الذي أصدرته وزارة الشئون الاجتماعية والذي استندت إليه المصلحة في تعيين المدعي قد صدر باطلاً من حيث الشكل؛ لصدوره من سلطة أدنى من السلطة التي أصدرت القانون, فضلاً عن أنها لا تملك سلطة تفسير أو تعديل القانون, كما أنه يخالف القانون من حيث الموضوع؛ لأن القانون لم يتعرض لتاريخ الحصول على المؤهل وما إذا كان قبل أو بعد أول يوليه سنة 1952, فقد تظلم المدعي إلى السيد مفوض الدولة في 10 من يوليه سنة 1956, وجاء رده مؤيداً لتظلم المدعي, ولما لم يجب إلى طلبه أقام هذه الدعوى. وقد ردت المصلحة على الدعوى بأن المدعي قد أقر كتابه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة طبقاً للقانون, ولما كانت الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون رقم 569 لسنة 1955 الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 تنص على أن لوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القنال فيما بينهم وسائر القرارات الأخرى لتنفيذ هذا القانون, وقد نص في البند الرابع من الكتاب الدوري رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955, الخاص بتنفيذ هذا القانون, على أن يكون تعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952. ولما كان المدعي حصل على مؤهله بعد التاريخ المذكور, فإن وضعه في الدرجة الثامنة يتعارض وأحكام الكتاب الدوري سالف الذكر, على أن المدعي من جهة أخرى تقدم بطلب إلى الإدارة العامة يبدي فيه رغبته في البقاء بها في الدرجة التاسعة بدلاً من القسم الطبي الذي عين به بالقرار المطعون فيه. وخلصت المصلحة من ذلك إلى أن دعوى المدعي لا تستند إلى أساس سليم من القانون. وفي 3 من مارس سنة 1957 صدر قرار المصلحة رقم 25 (تعيينات) بتعيين المدعي وعشرة آخرين من زملائه في الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من تاريخ صدور القرار. وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة "بإلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 فيما تضمنه من تعيين المدعي في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضاءها على ما ورد بالمادة الثالثة من القانون رقم 569 لسنة 1956 من تعيين من تثبت لياقته طبياً من عمال القنال المؤهلين في الدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها, وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, وأنه لما كان "المرسوم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجة التاسعة والثامنة والسابعة في الكادرين الفني المتوسط والكتابي قد نص في المادة الخامسة (الفقرة التاسعة) على أن شهادة الثقافة تعتمد لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط والثامنة الكتابية بالكادر الكتابي", وأنه لما كان "الثابت بالأوراق أن المدعي من عمال القنال الذين يسري عليهم القانون رقم 569 لسنة 1955, وكان وقت تعيينه على درجات بالميزانية بالقرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 حاصلاً على شهادة الثقافة دفعة سنة 1954, فإنه يستحق أن يعين في الدرجة الثامنة منذ ذلك التاريخ", وأنه "لا يغير من هذا ما نص عليه الكتاب الدوري رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955 من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بشأن تنفيذ القانون رقم 569 لسنة 1955 السالف الذكر في المادة رابعاً... من أنه (يكون تعيين عمال القناة في الدرجتين الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952)؛ إذ أن السلطة التي خولها القانون رقم 569 لسنة 1955 إلى وزير الشئون الاجتماعية والعمل انحصرت في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون؛ إذ نص القانون في المادة الثانية (ب) "ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ هذا القانون". وواضح أن وزير الشئون الاجتماعية والعمل لا يملك بذلك وضع شروط جديدة لتطبيق القانون أو التغيير في هذه الشروط", وأن "القانون رقم 569 لسنة 1955 لم يتضمن النص صراحة على أن يكون الحصول على المؤهل قبل أول يوليه سنة 1952, فلا يملك وزير الشئون الاجتماعية والعمل وضع مثل هذا الشرط الإضافي؛ ومن ثم فلا اعتداد بالكتاب الدوري رقم 10 الصادر من وزير الشئون الاجتماعية والعمل في هذا الصدد", وأنه "فضلاً عن ذلك فإن القانون رقم 569 لسنة 1955 ذاته إنما استند في تحديد صلاحية الشهادات الدراسية للتعيين في درجات الميزانية إلى المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953, وهو لاحق في صدوره على أول يوليه سنة 1952, التاريخ الذي حدده كتاب دوري وزير الشئون الاجتماعية والعمل", وأنه "لا اعتداد بما ذهبت إليه المصلحة من أن المدعي أقر كتابه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة؛ لأن المقرر أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية ولا يؤثر فيها الإقرارات التي تؤخذ من الموظف بقبول وضع معين أو درجة معينة على خلاف ما قررته القوانين واللوائح التنظيمية الخاصة بالتوظيف...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الثانية من القانون رقم 569 لسنة 1955 تقضي بأن "يكون التعيين في الدرجات التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القنال وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل...". ويبين من ذلك أن القانون المشار إليه لم يشتمل على نص يحظر تعيين من يحصل على مؤهل أعلى من الشهادة الابتدائية في الدرجة التاسعة, بل افترض جواز هذا التعيين, هذا إلى أن قصد الشارع من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 لا يعدو أن يكون تقرير صلاحية حاملي الشهادات للترشيح في وظائف الكادر الإداري والفني العالي, لا على سبيل الإلزام بتعيينهم فيها, وإنما على سبيل الجواز, بل ويجوز التعيين في درجات أقل وبمرتبات أدنى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب, فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه كان من عمال الجيش البريطاني, وقد التحق بخدمة مصلحة السكك الحديدية في 7 من نوفمبر سنة 1951, ومنح مرتباً قدره 12 ج شهرياً شاملة إعانة غلاء المعيشة باعتباره حاصلاً على الشهادة الابتدائية, وقد حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم العام (الثقافة) سنة 1954 دور ثان. وفي 14 من مارس سنة 1955 قدم إلى المصلحة طلباً يلتمس فيه تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر عمال القنال, ومنحه مرتباً قدره 8.5 ج بدون إعانة غلاء. وبعد أن صدر القانون رقم 569 لسنة 1955 طلب المدعي في 7 من يوليه سنة 1956 تعيينه في إحدى الدرجات الثامنة الخالية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور, ثم ابتع هذا الطلب بتظلم إلى مفوضي الدولة. وقد ردت المصلحة على التظلم بأنه لما كان المتظلم قد حصل على مؤهله بعد أول يوليه سنة 1952, فإنه لا يمكن تعيينه في الدرجة الثامنة؛ لأن البند الرابع من كتاب دوري وزير الشئون الاجتماعية والعمل رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955 يقضي بأنه يجب لتعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه في 23 من نوفمبر سنة 1955 صدر القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات الميزانية, وقد نصت المادة الثامنة منه على أن "تخصص الوظائف الآتية الخالية والتي تخلو بالكادرين الكتابي والفني المتوسط لتعيين عمال القناة المؤهلين وذلك على الوجه الآتي: ( أ ) يكون التعيين في الدرجات التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القنال الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة, ويكون للحاصلين على مؤهل أعلى الأسبقية في التعيين, وعند التساوي في هذا المؤهل يفضل دائماً الأقدم في الحصول عليه. (ب) يكون التعيين في الدرجتين الثامنة والسابعة في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بنسبة 50% على الأكثر من بين عمال القناة, ويشترط لتعيينهم في هذه الدرجات أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي الحكومة وعمالها المرشحين لها, وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين؛ بحيث تخصص إحداها لعامل من القنال والثانية لعامل أو مستخدم, وإذا كان عدد الوظائف الخالية في الدرجة الثامنة أكثر من عدد المرشحين من عمال ومستخدمي الحكومة يكون التعيين أولاً للمؤهلين من عمال القناة ثم لغيرهم... ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القناة فيما بينهم, وسائر القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ ذلك القانون....". ونصت المادة الثالثة على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعين من تثبت لياقته الطبية من العمال المؤهلين ممن ذكروا في المادة السابقة كل منهم بالدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها وفقاً لأحكام المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953, ويمنح كل منهم مرتباً يوازي الأجر الشهري الذي يصرف له بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة ولو جاوز بداية الدرجة, فإن كان يمنح أجراً يومياً حدد مرتبه في الدرجة على أساس أجره اليومي المذكور مضروباً في 25 دون مجاوزة بداية الدرجة.....", ونصت المادة الرابعة على أن "تعيين شروط اللياقة الطبية لمن ذكروا في المادتين السابقتين بقرار من مجلس الوزراء", كما نصت المادة الخامسة على أنه "مع مراعاة أحكام المواد السابقة تسري على من ذكروا من عمال القناة بعد تعيينهم على درجات طبقاً لأحكام المادة 2 باقي أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, باعتبارهم معينين لأول مرة ويتخذ تاريخ التعيين في الدرجة أساساً لتحديد الأقدمية وفترة العلاوات والأجازات". وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور في شأن المؤهلين من عمال القنال ما يأتي "وهؤلاء تختلف شهاداتهم فمنهم من يحمل الابتدائية ومنهم من يحمل الثقافة أو التوجيهية وغيرها من الشهادات المماثلة ومنهم من يحمل مؤهلات صناعية مختلفة وهؤلاء اقتراح تسوية حالتهم بنقلهم إلى درجات داخل الهيئة كل منهم بحسب مؤهله". ولما كان التعيين على درجات داخل الهيئة ينظمه القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد استدعى الأمر استصدار تشريع بالاستثناء من ذلك القانون يجيز تعيينهم على تلك الدرجات في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بصرف النظر عن قواعد التعيين الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951. وتحقيقاً لهذا الغرض نص في المادة الأولى من مشروع القانون المرافق على تحديد من تنطبق عليه أحكامه وهم عمال القناة الذين تركوا خدمة السلطات البريطانية بقاعدة القناة سنة 1951 والتحقوا بخدمة الحكومة المصرية, ويخصم بأجورهم على القسم (25 من ميزانية الدولة)... ونص في المادة الثانية منه على أن يكون التعيين في الدرجة التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القناة وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل. ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة على أن تمنح الأسبقية في التعيين للحاصلين على مؤهل أعلى...... وبالنظر إلى أن إلحاقهم بخدمة الحكومة بالدرجات الدائمة يحقق لهم مزايا شتى فضلاً عما فيه من تجاوز عن القواعد العامة المتصلة بالتعيين في خدمة الحكومة قد تضمنت المادة الخامسة ما يفيد بأن تعيينهم في درجات الميزانية يعتبر افتتاحاً لرابطة التوظف الفعلي بالنسبة لهم, فنصت على اتخاذ تاريخ تعيينهم على الدرجات الخالية بالميزانية مبدأ لحساب الأقدمية بحيث لا يجوز لهم المطالبة بضم مدد الخدمة السابقة لهم واكتساب أقدميات على من سبقهم بالتعيين بالطريق القانوني المعتاد....". وفي 15 من ديسمبر سنة 1955 أصدر السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل الكتاب الدوري رقم 10 تنفيذاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 وقرار مجلس الوزراء الملحق به الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955, وقد نصت المادة الثالثة منه على أنه "اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1955 تشغل الدرجات التاسعة والثامنة الخالية في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بالطريقة الآتية: 1 - الدرجة التاسعة: من تثبت لياقته الطبية وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو الإعدادية أو ما يعادلهما من الشهادات يعين في الدرجة التاسعة, على أن يراعى حصر الترشيح لهذه الدرجة في الوقت الحالي على عمال القناة بالاشتراك مع عمال الحكومة والمستخدمين خارج الهيئة, وتكون الأفضلية في شغل هذه الدرجة من بين من ذكروا على الوجه الآتي: ( أ ) عند التساوي في المؤهل يفضل الأقدم في الحصول عليه من بين الطوائف الثلاث. (ب) إذا اختلفت المؤهلات يفضل صاحب المؤهل الأعلى بغض النظر عن تاريخ الحصول عليه, وتعتبر الشهادة الإعدادية وما يعادلها أعلى من الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها في تنفيذ هذا القانون. 2 - الدرجتان الثامنة والسابعة بالكادر الفني المتوسط... 3 - الدرجة الثامنة الكتابية: من تثبت لياقته الطبية وكان حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم العام أو الخاص أو ما يعادلهما أو أي مؤهل يجيز للحاصل عليه التعيين في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية يعين في تلك الدرجة على أن يراعى ألا تزيد نسبة عمال القناة الذين يعينون بهذه الطريقة عن 50% من الدرجات الخالية", ونصت المادة الرابعة من الكتاب الدوري المشار إليه تحت عنوان استثناء عمال القناة من تطبيق المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة على أن "يكون تعيين عمال القناة في الدرجتين الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952". أما المادتان 15 و16 من القانون رقم 210 لسنة 1951 اللتان استثنى عمال القناة من أحكامهما؛ فقد نصت أولاهما على أن يكون التعيين بامتحان في الوظائف الآتية: وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري, الوظائف الفنية المتوسطة والكتابية من الدرجتين الثامنة والسابعة. ويعقد الامتحان في مدينة القاهرة, ويجوز عقده في مدينة أخرى إذا اقتضت المصلحة ذلك", ونصت المادة الثانية على أن "يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي".
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان المدعي - بوصفه من عمال القنال - يستحق تسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة منذ 11 من يونيه سنة 1956 تاريخ صدور القرار بتعيينه في الدرجة التاسعة , وذلك بالتطبيق لقانون رقم 569 لسنة 1955, ما دام المدعي حاصلاً على شهادة الثقافة, أم أنه لا يستحق سوى التعيين ابتداء في الدرجة التاسعة بالتطبيق للقانون المذكور, ما دام لم يحصل على تلك الشهادة إلا بعد أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إن عمال القناة, وهم الذين عرفتهم المادة الأولى من القانون المشار إليه بأنهم "الذين تركوا خدمة السلطات البريطانية بقاعدة القناة والتحقوا بخدمة الحكومة المصرية ويخصم بأجورهم حالياً على القسم 25 من ميزانية الدولة...", وكانوا - للظروف والملابسات التي اكتنفت وضعهم حين تركوا خدمة السلطات البريطانية - قد ألحقوا بخدمة الحكومة المصرية بصفة مؤقتة وفي وضع معلق على اعتمادات البند المذكور, وذلك إلى أن يعاد توزيعهم توطئة لتعيينهم تعييناً ثابتاً, فشكلت لجنة بوزارة الشئون الاجتماعية في مايو سنة 1954 للنظر في إعادة توزيعهم, فقامت بدراسة مشاكلهم, وإذ كانت الحكومة راغبة في استقرارهم مع إشعارهم بالمسئولية الكاملة وبمراعاة التوفيق بين مصلحتهم والمصلحة العامة؛ فقد صدر من أجل ذلك القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيينهم على درجات الميزانية طبقاً للشروط والأحكام المبينة به, وهؤلاء العمال ينقسمون إلى مؤهلين وغير مؤهلين, والمؤهلون تختلف مؤهلاتهم, وهؤلاء جميعاً رؤى تسوية حالتهم بنقلهم إلى درجات داخل الهيئة كل منهم بحسب مؤهله مع استثنائهم من بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة لما يتطلبه هذا القانون في تعيين أمثالهم بالطرق المعتادة وجعل التعيين في الدرجة التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القناة وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة, ويكون للحاصلين على مؤهل أعلى الأسبقية في التعيين, وعند التساوي في هذا المؤهل يفضل دائماً الأقدم في الحصول عليه, أما التعيين في الدرجتين الثامنة والسابعة في الكادرين الكتابي والفني المتوسط فيكون بنسبة 50% على الأكثر من بين عمال القناة, ويشترط لتعيينهم في هذه الدرجات أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي الحكومة وعمالها المرشحين لها. وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين بحيث يخصص إحداها لعامل من القناة والثانية لعامل أو مستخدم..... ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القناة فيما بينهم وسائر القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ هذا القانون. وبينت المادة الثالثة أوجه التخفيف في تعيين العمال المذكورين في تلك الدرجات استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, فيما يختص باللياقة الطبية التي فوض القانون المذكور مجلس الوزراء في إصدار قرار بتعيين شروطها, وكذلك امتحان المسابقة بوساطة ديوان الموظفين. ونصت المادة الخامسة على أن تسري على عمال القناة بعد تعيينهم في الدرجات باقي أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبارهم معينين لأول مرة, ويتخذ تاريخ التعيين في الدرجة أساساً لتحديد الأقدمية وفترة العلاوات والإجازات.
ومن حيث إن التعيين رأساً من بين عمال القناة في الدرجة الثامنة الكتابية أو الفنية المتوسطة ليس حتمياً بالنسبة لكل من يحمل شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلها, سواء عند نفاذ هذا القانون أو بعد نفاذه, بل واضح من عبارة الفقرة ( أ ) من المادة 2 من القانون المذكور أن التعيين في الدرجة التاسعة من بين عمال القناة يكون للحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, أي يجوز التعيين في هذه الدرجة لمن كان يحمل مؤهلاً أعلى من ذلك, وهذا ينفى اقتراض تسوية الحاصل على شهادة الثقافة حتماً في الدرجة الثامنة, وإنما تعيين هؤلاء في هذه الدرجة مقيد بتوافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة (ب) من تلك المادة, وهي تقصر التعيين على نسبة 50% من الدرجات الخالية لعمال القناة, وتشترط لتعيينهم فيها أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي وعمال الحكومة المرشحين لها, وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين بحيث تخصص إحداها لعامل من القناة والثانية لعامل أو مستخدم, وإذا كان وزير الشئون الاجتماعية والعمل بما له من السلطة التفويضية بموجب القانون المذكور قد أصدر قراراً تضمنه الكتاب الدوري رقم 10 في 15 من ديسمبر سنة 1955 يجيز التعيين رأساً في الدرجات الثامنة الفنية والكتابية من عمال القناة الحاصلين على شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما, إلا أنه شرط لذلك أن يكون حصول العامل على هذا المؤهل سابقاً على أول يوليه سنة 1952؛ ليكون متفقاً مع التسوية التي تتم في هذا الشأن بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المكملة له, باعتبار هؤلاء في خدمة الحكومة قبل أول يوليه سنة 1952 وحاصلين على المؤهل قبل ذلك؛ فتلحقهم التسوية بمقتضى أحكام القانون المذكور, وهذا الشرط غير متحقق في حالة المدعي؛ إذ أنه حصل على شهادة الثقافة بعد أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه - والحالة هذه - قد خالف القانون, ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.