الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 يوليو 2023

الطعن 3198 لسنة 80 ق جلسة 7 / 5 / 2018 مكتب فني 69 ق 102 ص 715

جلسة 7 من مايو سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفى، علي جبريل نواب رئيس المحكمة ومحمد راضي.
--------------------
(102)
الطعن رقم 3198 لسنة 80 القضائية

(1) إثبات "طرق الإثبات: الأوراق العرفية: حجية صور الأوراق العرفية بين طرفيها والغير".
الأصل. صورة المحرر العرفي لا حجية لها في الإثبات. مثول المنسوب إليه المحرر في الدعوى وعدم منازعته في صحتها ومطابقتها لأصلها وعدم مطالبته بتقديم الأصل. اعتبارها حجة عليه وعلى غيره من الخصوم ولا يعتد بجحد الأخير لها وله إثبات عدم صحة بياناتها بكافة طرق الإثبات.

(2) تأمين "دعوى التأمين: دعوى المؤمن له قبل المؤمن".
نزول المؤمن عن إعمال شرط سقوط حق المؤمن له في التأمين المنصوص عليه في عقد التأمين المبرم بينهما. جواز أن يكون صراحة أو ضمنيا بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على قصد النزول دلالة لا تحتمل الشك.

(3) إثبات "طرق الإثبات: الأوراق العرفية: حجية صور الأوراق العرفية بين طرفيها والغير". تأمين "دعوى التأمين: دعوى المؤمن له قبل المؤمن".
تمسك الطاعن بعلم المؤمن الشركة المطعون ضدها الأولى بوقوع الحريق المؤمن ضده فور وقوعه مستدلا على ذلك بصورة ضوئية لخطاب مرسل من المطعون ضده الثاني إليها وبتنازلها ضمنيا عن شرط سقوط دعوى التأمين بما ورد بالمذكرة المقدمة منها في دعوى أخرى منضمة. دفاع جوهري. قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حق الطاعن في التأمين تأسيسا على جحد المطعون ضدها الأولى لصورة الخطاب مهدرا حجيتها في الإثبات بعدم جحدها ممن نسبت إليه المطعون ضده الثاني وملتفتا عن ذلك الدفاع بالمستندات. خطأ وقصور.

----------------

1 - الأصل أن صورة المحرر العرفي لا حجية لها في الإثبات إلا أنه متى كان المنسوب إليه المحرر خصما ماثلا في الدعوى ولم ينازع في صحة الصورة ومطابقتها لأصلها ولم يطلب تقديم الأصل لمراجعتها عليه فإن ذلك يعد منه تسليما بمطابقة الصورة لأصلها وتعتبر حجة عليه وعلى غيره من الخصوم في الإثبات، ولا يعتد بجحد هذا الغير للصورة وإن جاز له أن يثبت بطرق الإثبات كافة عدم صحة البيانات المدونة بها.

2 - نزول المؤمن عن إعمال شرط سقوط حق المؤمن له في التأمين المنصوص عليه في عقد التأمين المبرم بينهما كما يكون صريحا قد يكون ضمنيا بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على قصد النزول دلالة لا تحتمل الشك.

3 - إذ كان البين من الأوراق - بعد أن أمرت المحكمة بضم الملفات - أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أخطر المؤمن - المطعون ضدها الأولى - بالحريق المؤمن ضده فور حدوثه واستدل على ذلك بالصورة الضوئية المقدمة منه من الخطاب المؤرخ 19/ 6/ 2005 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضدها الأولى المتضمن إرسال المستندات التي طلبتها لتسوية التعويض بخطابها المؤرخ 26/ 4/ 2005 مما يفيد إخطارها خلال الميعاد المنصوص عليه في عقد التأمين المبرم بينهما وهو خمسة عشر يوما من تاريخ وقوع الحريق في 23/ 4/ 2005، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجية صورة ذلك الخطاب استنادا إلى جحدها من المطعون ضدها الأولى برغم أن المطعون ضده الثاني الصادر منه أصل الخطاب والمنسوب إليه والذي كان خصما ماثلا في الدعوى لم ينازع في صحة تلك الصورة ومطابقتها لأصلها، ولم يطلب تقديم الأصل لمراجعتها عليها بما يعد منه تسليما بمطابقة الصورة للأصل ومن ثم تعتبر حجة في الإثبات عليه وعلى غيره من الخصوم ولا يعتد في هذه الحالة بجحد المطعون ضدها الأولى لتلك الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعرض لما تضمنته مذكرة المطعون ضدها الأولى المؤرخة 7/ 6/ 2006 المقدمة في الدعوى المنضمة رقم ... لسنة 2005 مستعجل الإسكندرية مما يفيد العلم بوقوع الحريق فور حدوثه ودلالة ما جاء بهذه المذكرة من أنها عرضت على الطاعن مبلغا مبدئيا من التعويض وتعيينها لخبير "شركة ....." لتقدير قيمة الخسائر الناجمة عن الحريق على نزول المطعون ضدها الأولى عن إعمال شرط سقوط حق المؤمن له - الطاعن - في التعويض بما لا يجيز لها العودة إلى التمسك بهذا الشرط لأن الساقط لا يعود، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم ... لسنة 2008 مدني كلي الإسكندرية، بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للمطعون ضده الثاني مبلغ 120000 جنيه قيمة مبلغ التأمين موضوع وثيقة التأمين رقم .... والمؤمن فيها لصالح الأخير ضد مخاطر الحريق، وإيقاف الفوائد المستحقة عليه للمطعون ضده الثاني - بسبب القرض محل التعاقد والرهن الموثق بالشهر العقاري للبنوك برقم .../ أ لسنة 2005 - من تاريخ وقوع الحريق بالفرن الخاص بالطاعن بتاريخ 23/ 4/ 2005 وحتى تاريخ دفع قيمة وثيقة التأمين، وإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا له مبلغ 420000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الأضرار التي أصابته من جراء عدم اتخاذ المطعون ضده الثاني قبل المطعون ضده الأول الإجراءات القانونية لإلزامه بسداد مبلغ التأمين بالإضافة إلى رفض الأخير دفع ذلك المبلغ، وقال بيانا لدعواه إنه بموجب عقد القرض والرهن سالف البيان اقترض من المطعون ضده الثاني مبلغ 120000 جنيه لتركيب فرن دهان سيارات مقابل رهن منشأته لصالح الأخير، وبموجب وثيقة التأمين المشار إليها تم التأمين لدى المطعون ضده الأول على كامل محتويات الفرن ضد الحريق لصالح المطعون ضده الثاني بمبلغ 120000 جنيه، وإذ نشب حريق نتيجة ماس كهربائي بالفرن المؤمن عليه وحرر عن تلك الواقعة المحضر رقم .... لسنة 2005 إداري الرمل إلا أن المطعون ضده الأول رفض سداد قيمة التأمين ولم يتخذ المطعون ضده الثاني ثمة إجراء قانوني قبله، ومن ثم فقد أقام الدعوى. حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى بحكم استأنفه الطاعن لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 65 ق، وبتاريخ 23/ 12/ 2009 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذا عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه أخطر المؤمن - المطعون ضدها الأولى - بوقوع الحريق المؤمن ضده فور حدوثه ودلل على ذلك بما تضمنته الصورة الضوئية المقدمة منه للخطاب المرسل من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضدها الأولى وبما ورد بمذكرة الأخيرة المقدمة في الدعوى رقم ... لسنة 2005 مدني مستعجل الإسكندرية المؤرخة 7/ 6/ 2006 إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لما جاء بهذه المذكرة ويدل على ثبوت علم المطعون ضدها الأولى بالحريق فور وقوعه وما انطوت عليه من تنازل ضمني عن شرط السقوط كما أهدر دلالة الصورة الضوئية للخطاب المشار إليه لجحدها منها، مع أن المطعون ضده الثاني المنسوب صدوره إليه لم يجحدها، وقضى الحكم بسقوط حقه في التأمين رغم عدم توافر موجبات تطبيق شرط السقوط، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في محله، ذلك بأنه ولئن كان الأصل أن صورة المحرر العرفي لا حجية لها في الإثبات إلا أنه متى كان المنسوب إليه المحرر خصما ماثلا في الدعوى ولم ينازع في صحة الصورة ومطابقتها لأصلها ولم يطلب تقديم الأصل لمراجعتها عليه فإن ذلك يعد منه تسليما بمطابقة الصورة لأصلها وتعتبر حجة عليه وعلى غيره من الخصوم في الإثبات، ولا يعتد بجحد هذا الغير للصورة وإن جاز له أن يثبت بطرق الإثبات كافة عدم صحة البيانات المدونة بها. وكان نزول المؤمن عن إعمال شرط سقوط حق المؤمن له في التأمين المنصوص عليه في عقد التأمين المبرم بينهما كما يكون صريحا قد يكون ضمنيا بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على قصد النزول دلالة لا تحتمل الشك. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق - بعد أن أمرت المحكمة بضم الملفات - أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أخطر المؤمن - المطعون ضدها الأولى - بالحريق المؤمن ضده فور حدوثه واستدل على ذلك بالصورة الضوئية المقدمة منه من الخطاب المؤرخ 19/ 6/ 2005 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضدها الأولى المتضمن إرسال المستندات التي طلبتها لتسوية التعويض بخطابها المؤرخ 26/ 4/ 2005 مما يفيد إخطارها خلال الميعاد المنصوص عليه في عقد التأمين المبرم بينهما وهو خمسة عشر يوما من تاريخ وقوع الحريق في 23/ 4/ 2005، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجية صورة ذلك الخطاب استنادا إلى جحدها من المطعون ضدها الأولى، برغم أن المطعون ضده الثاني الصادر منه أصل الخطاب والمنسوب إليه والذي كان خصما ماثلا في الدعوى لم ينازع في صحة تلك الصورة ومطابقتها لأصلها، ولم يطلب تقديم الأصل لمراجعتها عليها بما يعد منه تسليما بمطابقة الصورة للأصل، ومن ثم تعتبر حجة في الإثبات عليه وعلى غيره من الخصوم ولا يعتد في هذه الحالة بجحد المطعون ضدها الأولى لتلك الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعرض لما تضمنته مذكرة المطعون ضدها الأولى المؤرخة 7/ 6/ 2006 المقدمة في الدعوى المنضمة رقم ... لسنة 2005 مستعجل الإسكندرية مما يفيد العلم بوقوع الحريق فور حدوثه ودلالة ما جاء بهذه المذكرة من أنها عرضت على الطاعن مبلغا مبدئيا من التعويض وتعيينها لخبير "شركة ....." لتقدير قيمة الخسائر الناجمة عن الحريق على نزول المطعون ضدها الأولى عن إعمال شرط سقوط حق المؤمن له - الطاعن - في التعويض بما لا يجيز لها العودة إلى التمسك بهذا الشرط لأن الساقط لا يعود فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الخميس، 13 يوليو 2023

الطعن 18 لسنة 46 ق جلسة 6 / 12 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 403 ص 2217

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم حسب الله - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد سالم نوفل، عبد العزيز فوده، محمود صدقي خليل وحسني عبد العال.

--------------

(403)
الطعن رقم 18 لسنة 46 قضائية

(1) عمل. العاملون بالقطاع العام. قانون.
أحكام قانون العمل سريانها على العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص في اللائحة 3309 لسنة 1966. م 1 من اللائحة.
(2) عمل. وقف العامل. أجر.
 وقف العاملين بالقطاع العام. حالاته م 68 من اللائحة 3309/ 66 عدم طرح أمر وقف صرف نصف مرتب العامل على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ وقفه. أثره. استحقاق العامل صرف نصف مرتبه الموقوف.

---------------------
1 - لما كانت المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "تسري أحكام النظام المرافق على العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، وتسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص في هذا النظام" فإن مؤدى ذلك أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 لا تسري على العاملين بالقطاع العام إلا فيما لم يرد به نص في النظام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.
2 - لما كانت المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه تنص على أنه "لرئيس مجلس الإدارة أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة، ويترتب على وقف العامل عن عمله صرف نصف مرتبه. ويجب عرض الأمر على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في شأن نصف المرتب الموقوف صرفه وإلا وجب صرف المرتب كاملاً حتى تصدر المحكمة التأديبية قرارها في هذا الشأن... وكانت عبارة "وقف العامل احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك... قد وردت في صيغة عامة مطلقة بحيث تشمل الوقف الذي تقتضيه مصلحة أي تحقيق سواءً أكان إدارياً أم جنائياً، فإن قصر الأحكام الواردة في هذه المادة على حالة وقف العامل بسبب التحقيق الإداري وحده يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز. وإذ نظمت المادة 68 المشار إليها قواعد وإجراءات وقف العاملين بالقطاع العام عن العمل ومدى حقهم في الحصول على مرتباتهم خلال فترة الوقف، فإنه لا يكون ثمة مجال لإعمال أحكام قانون العمل في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه ولم يجادل فيه الطاعن أن المطعون ضده من العاملين بالقطاع العام، وقد صدر القرار بوقفه عن العمل في 27 - 9 - 1967 مع وقف صرف نصف مرتبه ثم لم يطرح أمره على المحكمة التأديبية المختصة من بعد، وكان الحكم قد رتب على ذلك وعلى وجوب إعمال حكم المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليها قضاءه بأحقية المطعون ضده في صرف مرتبه الموقوف صرفه إليه ما دام لم يعرض على المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه ولأن مدة الوقف استطالت على ثلاثة أشهر دون أن تصدر المحكمة ذاتها قراراً بمد وقفه، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس ولا يغير من ذلك تحدي الطاعن بعدم أحقية المطعون ضده في صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه لمعاقبته بجزاء الخصم من المرتب لمدة عشرة أيام عن الواقعة الموجهة إليه إعمالاً للفقرة الرابعة من المادة 68 المنوه عنها، ما دام الطاعن لم يقدم رفق طعنه قرار الجزاء المشار إليه بوجه النعي أو ما يؤيد نعيه في هذا الخصوص مما يجعله مفتقد الدليل غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن - بنك مصر - الدعوى رقم 2126 لسنة 1968 عمال كلي القاهرة التي انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 59.120 جنيه قيمة متجمد نصف أجره الشهري الموقوف صرفه اعتباراً من 27 - 9 - 1967 حتى 25 - 4 - 1968 ومبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض وباعتبار قرار إيقافه عن العمل كأن لم يكن. وقال بياناً لها أنه يعمل لدى الطاعن الذي أصدر بتاريخ 27 - 9 - 1967 قراراً بوقفه عن العمل مع صرف نصف مرتبه بمناسبة تحقيق أجري معه ولم يعرض الأمر على المحكمة التأديبية المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه، كما زادت مدة الوقف على ثلاثة أشهر دون أن يصدر من المحكمة ذاتها قرار بمدها ولذلك فقد أقام تلك الدعوى. وبتاريخ 31 - 5 - 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3469 لسنة 88 ق وفي 22 - 11 - 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف بخصوص قضائه برفض طلب التعويض وبإلغائه فيما عدا ذلك وباعتبار قرار إيقاف المطعون ضده عن العمل في المدة من 27 - 9 - 1967 إلى 25 - 4 - 1968 كأن لم يكن وبإلزام الطاعن أن يدفع للمطعون ضده مبلغ 359.120 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 22 - 11 - 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول أنه لما أسند إلى المطعون ضده ارتكاب جريمة تهريب نقد أجنبي داخل دائرة العمل حيث كان يعمل وكيلاً لمكتب الغردقة صدر في 27 - 9 - 1967 قرار بوقفه عن العمل مع إبلاغ الواقعة إلى النيابة العامة وإذ ارتبط هذا الوقف باتهام جنائي واقتصر الوقف عن العمل المنصوص عليه في المادة 68 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 على التحقيق الإداري، كما خلا هذا القرار من نص بشأن الوقف الاحتياطي عن العمل المرتبط باتهام جنائي فإنه أخذ بالإحالة الواردة في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصداره يتعين الرجوع إلى المادة 67 من قانون العمل وطبقاً لهذه المادة الأخيرة لا يستحق المطعون ضده أجرة عن مدة الوقف ولا يكون هناك مقتض لعرض الأمر على المحكمة التأديبية بالإضافة إلى أنه لا يستحق صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه ما دام أن الطاعن قد وقع عليه عن الواقعة المسندة إليه جزاء الخصم من المرتب لمدة عشرة أيام وذلك بالفقرة الرابعة من المادة 68 من القرار الجمهوري آنف الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بنصف المرتب الموقوف صرفه عن مدة الوقف الاحتياطي تأسيساً على أن نص المادة 68 من ذلك القرار الجمهوري شامل لحالتي التحقيق الإداري والجنائي وأنه الواجب التطبيق على العاملين بالقطاع العام دون نص المادة 67 من قانون العمل فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كانت المادة الأولى من مواد إصدار نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أن "تسري أحكام النظام المرافق على العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها. وتسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص في هذا النظام". فإن مؤدى ذلك أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 لا تسري على العاملين بالقطاع العام إلا فيما يرد بشأنه نص في النظام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966، لما كان ذلك وكانت المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه تنص على أنه "لرئيس مجلس الإدارة أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه، ويجب عرض الأمر على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه وإلا وجب صرف المرتب كاملاً حتى تصدر المحكمة التأديبية قرارها في هذا الشأن...." وكانت عبارة "وقف العامل احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك" قد وردت في صيغة عامة مطلقة بحيث تشمل الوقف الذي تقتضيه مصلحة أي تحقيق سواءً أكان إدارياً أو جنائياً، فإن قصر الأحكام الواردة في هذه المادة على حالة وقف العامل بسبب التحقيق الإداري وحده يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز وإذ نظمت المادة 68 المشار إليها قواعد وإجراءات وقف العاملين بالقطاع العام عن العمل ومدى حقهم في الحصول على مرتباتهم خلال فترة الوقف، فإنه لا يكون ثمة مجال لإعمال أحكام قانون العمل في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه ولم يجادل فيه الطاعن. أن المطعون ضده من العاملين بالقطاع العام، وقد صدر القرار بوقفه عن العمل في 27 - 9 - 1967 مع وقف صرف نصف مرتبه ثم لم يطرح أمره على المحكمة التأديبية المختصة من بعد، وكان الحكم قد رتب على ذلك وعلى وجوب إعمال حكم المادة 68 من نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليها قضاءه بأحقية المطعون ضده في صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه إليه ما دام أمره لم يعرض على المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه ولأن مدة الوقف استطالت على ثلاثة أشهر دون أن تصدر المحكمة ذاتها قراراً بمد وقفه، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس. ولا يغير من ذلك تحدي الطاعن بعدم أحقية المطعون ضده في صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه لمعاقبته بجزاء الخصم من المرتب لمدة عشرة أيام عن الواقعة الموجهة إليه إعمالاً للفقرة الرابعة من المادة 68 المنوه عنها، ما دام أن الطاعن لم يقدم رفق طعنه قرار الجزاء المشار إليه بوجه النعي أو بما يؤيد نعيه هذا الخصوص مما يجعله مفتقد الدليل غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1063 لسنة 48 ق جلسة 2 / 12 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 402 ص 2212

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد. محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.

------------------

(402)
الطعن رقم 1063 لسنة 48 قضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي". استئناف. نقض "أسباب الطعن".
محكمة الاستئناف. أخذها بما لا يتعارض مع أسبابها من أسباب الحكم المستأنف. أثره. أسباب الحكم الابتدائي التي تغاير المنحى الذي نحته محكمة الاستئناف. عدم اعتبارها من أسباب الحكم الاستئنافي. عدم جواز النعي عليها.
(2) مسئولية "مسئولية حارس الأشياء". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
مسئولية حارس الأشياء. قيامها على أساس الخطأ المفترض جواز دفعها بإثبات السبب الأجنبي.

------------------
1 - متى كانت محكمة الاستئناف قد نحت منحى آخر يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة، ولم تأخذ من أسباب الحكم الابتدائي إلا بما يتعارض منها مع أسباب حكمها، فإن الأسباب الواردة بالحكم الابتدائي في هذا الخصوص لا تعتبر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، من أسباب الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما أثاره الطاعنون في أسباب الطعن بالنقض متعلقاً بها إنما ينصب على الحكم الابتدائي ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه.
2 - تقوم مسئولية حارس الشيء المقرر بالمادة 178 من القانون المدني على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ولا تدرأ عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته. وإنما ترتفع عنه. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا ثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2102 لسنة 1972 مدني عابدين ضد المطعون عليه، بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، وقالوا بياناً أن سلكاً كهربائياً سقط بتاريخ 30 - 7 - 1968 من أحد مصابيح الإنارة بمدينة تلا، لخطأ في الصيانة والحراسة، فتسبب في وفاة مورثهم المرحوم ...... وحررت عن ذلك الجنحة رقم 2467 سنة 1968 تلا ضد عمال المجلس، وقضى ببراءتهم بتاريخ 25 - 10 - 1969، ولما كان كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة مسئولاً عما تحدثه تلك الأشياء من أضرار، وكان المطعون عليه هو المالك والحارس للسلك الكهربائي المذكور، فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان ثم عدلوه إلى طلب الحكم بإلزام المطعون عليه بأن يدفع لهم مبلغ ثمانية آلاف جنيه، فقررت محكمة عابدين بتاريخ 5 - 6 - 1973 إحالة الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، وقيدت برقم 2667 سنة 1972، وبتاريخ 22 - 12 - 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 641 سنة 91 ق.. وبتاريخ 30 - 3 - 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب، ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه خلص إلى أن مورثهم أمسك بسلم دون حذر رغم الظروف التي كانت تنبئ بالخطر فيكون الخطأ كله من جانبه ومع ذلك أخذ هذا الحكم بما لا يتعارض مع أسبابه من أسباب حكم محكمة أول درجة التي ورد بها أن مورثهم اقترب من مكان الحادث وأمسك بسلك كهربائي، ولما كانت التحقيقات خالية من هذا التصوير المستفاد منها أن السلم لامس السلك الكهربائي فسرى التيار فيه وصعق مورثهم عند ملامسته، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته واقعاً لم يكن محل النعي وخلص إلى أن "المجني عليه هو الذي أمسك بالسلم دون حذر رغم الظروف المحيطة به" ونحى بذلك منحى يغاير ما ذهب إليه حكم محكمة أول درجة من أن "المجني عليه اقترب من مكان الحادث وأمسك بالسلك الكهربائي" لم يأخذ الحكم المطعون فيه بأسباب هذا الحكم إلا بما لا يتعارض منها مع أسبابه، لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف متى نحت منحى آخر يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة، ولم تأخذ من أسباب الحكم الابتدائي إلا بما لا يتعارض منها مع أسباب حكمها، فإن الأسباب الواردة بالحكم الابتدائي في هذا الخصوص لا تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أسباب الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما أثاره الطاعنون في أسباب الطعن بالنقض متعلقاً بها إنما ينصب على الحكم الابتدائي ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الأسباب من الثاني إلى السابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن السبب المباشر للحادث هو سقوط السلك على السلم وسريان التيار الكهربائي فيه مما أدى إلى صعق مورثهم عند ملامسته، هذا إلى افتراض الخطأ من جانب المطعون عليه باعتباره مالك السلك وحارسه افتراضاً لا يقبل إثبات العكس فيكون مسئولاً عن التعويض طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني، أما ما فعله المورث من السرعة مع غيره إلى مكان الحادث عند سماع أصوات استغاثة فإنما كان أمراًَ متوقعاً من جانب المطعون عليه وكان يمكنه دفعه، ومن ثم فلا يعتبر سبباً أجنبياً لا يدله فيه تنتفي به مسئوليته، وإذا جاز القول جدلاً بأن مسلك المورث يشكل خطأ من جانبه، فإن لا ينفي خطأ المطعون عليه الذي يعتبر مسئولاً وحده عن الحادث أو على الأقل مشتركاً في الخطأ الذي نجم عنه الضرر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يرد على ما تمسك به الطاعنون في صحيفة الاستئناف من أن مسلك مورثهم لا يعتبر سبباً أجنبياً تنتفي به مسئولية المطعون عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود، ذلك أن مسئولية حارس الشيء المقررة بالمادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس. ولا تدرأ عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته. وإنما ترتفع عنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يدله فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بنفي مسئولية المطعون عليه على ما قرره من "أن الثابت من تحقيقات الجنحة... أن العامل. أصيب ابتداءً ثم أعقب ذلك تجمع الناس ومن بينهم المجني عليه مما مفاده أن ظروف الحال كانت تنبئ بالخطر الذي ينبغي على الإنسان العادي توقيه، وإذ كان ذلك وكان المستفاد من التحقيقات أن المجني عليه هو الذي أمسك بالسلم دون ضرر رغم الظروف المحيطة، فإنه من ثم يكون الخطأ كله مرتكزاً في جانبه"، وكانت المحكمة قد خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى أن وقوع الحادث كان بسبب أجنبي لا يد للمطعون عليه فيه وقد أقامت قضاءها على أسباب لها أصلها الثابت بالأوراق وتواجه دفاع الطاعنين وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن النعي بهذه الأسباب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن...

الطعن 766 لسنة 48 ق جلسة 2 / 12 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 401 ص 2207

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.

(401)
الطعن رقم 766/ 48 القضائية

(1) مرافق عامة "إسقاط الالتزام أو انتهاؤه". خلف.
إدارة الملتزم للمرفق العام. ماهيته. إسقاط الالتزام أو انتهاؤه. أثره. عدم اعتبار الدولة خلفاً عاماً أو خاصاً.
(2) إثراء بلا سبب.
وجود علاقة عقدية بين الخصوم مانع من تطبيق قواعد الإثراء بلا سبب.

-----------------
1 - الأصل في الالتزام المرافق العامة أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وتحت مسئوليته. وجميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه هو بإدارة المرفق تعتبر التزاماً عليه وحده. ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها ما لم ينص في عقد التزام أو في غيره على تحميلها بها، وإسقاط الالتزام أو انتهاؤه من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضع حداً فاصلاً بين إدارة الملتزم أو الحراسة الإدارية وبين إدارة الدولة للمرفق ومن ثم فإن الدولة لا تعتبر خلفاً خاصاً أو عاماً للشركة التي أسقط عنها الالتزام أو انتهى التزامها.
2 - إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا كانت علاقة الخصوم يحكمها عقد فلا محل لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب لوجود رابطة عقدية، وتكون أحكام العقد هي المرجع في تحديد حقوق وواجبات كل من الطرفين، والعقد الذي هو سبب الإثراء قد يكون مبرماً بين المثري والغير دون أن يكون طرفاً فيه، ويقدم العقد مع ذلك سبباً قانونياً للإثراء.


المحكمة

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3962 لسنة 1967 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين أن يؤديا لها مبلغ 1997869.264 والفوائد، وقالت بياناً للدعوى أن مجلس الوزراء وافق بتاريخ 10 - 12 - 1900 على أن تحل شركة سكك حديد الدلتا محل بعض الشركات الأجنبية على أن يكون ذلك طبقاً للشروط الواردة بعقدي الالتزام المؤرخين 27/ 3 -، 21 - 5 - 1896، وقد أقبل الممولون ومن بينهم من تمثلهم الطاعنة على شراء السندات التي أصدرتها الشركة وظلت هذه الشركة تدير المرفق حتى عجزت عن الاستمرار في إدارته فصدر قرار من مجلس الوزراء بتاريخ 4 - 8 - 1952 بوضع المرفق تحت الحراسة الإدارية ثم أصدرت الحكومة بتاريخ 3 - 11 - 1953 قرار بإسقاط الالتزام ولما كان للشركة أموال وموجودات آلت إلى الحكومة التي تعد خلفاً خاصاً لها، وكانت ديون حملة السندات مضمونة بحق رهن على ممتلكات الشركة والتي لا يجوز للحكومة الاستيلاء عليها بدون مقابل فقد أقامت الطاعنة الدعوى بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 10 - 6 - 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3578 سنة 88 ق مدني، وبتاريخ 28 - 2 - 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنه يترتب على انقضاء الالتزام بإسقاطه بقرار من الجهة الإدارية التزام هذه الجهة بدفع الديون التي على الملتزم باعتبار أنها جزء من رأس المال المستثمر سواءً نص في عقد الالتزام على ذلك أم لم ينص وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن جهة الإدارة غير مسئولة في هذه الحالة عن الوفاء بالديون بحجة أن الملتزم بإدارته المرفق لحسابه، لا يعتبر وكيلاً عن جهة الإدارة وبالتالي فلا تعتبر بمثابة خلف خاص أو عام وأن إسقاط الالتزام لخطأ الملتزم يؤدي إلى إبراء ذمة الإدارة ولم يفرق الحكم بين ما يؤول إلى الدولة بمقابل وما يؤول إليها بدون مقابل، فشاب الحكم الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الأصل في التزام المرافق العامة أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وتحت مسئوليته، وجميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه هو بإدارة المرفق تعتبر التزاماً عليه وحده، ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها ما لم ينص في عقد الالتزام أو في غيره على تحملها بها، وإسقاط الالتزام أو انتهاؤه من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضع حداً فاصلاً بين إدارة الملتزم أو الحراسة الإدارية وبين إدارة الدولة للمرفق ومن ثم فإن الدولة لا تعتبر خلفاً خاصاً أو عاماً للشركة التي أسقط عنها الالتزام أو انتهى التزامها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأورد في مدوناته "أنه عند انتهاء مدة الالتزام أو إسقاط الالتزام تخلف الملتزم عن تنفيذ التزاماته، وهي حالة النزاع المطروح، وطبقاً للمادة 17 من كراسة الشروط الملحقة بعقد الالتزام يسقط حق الملتزم وتسترد الدولة كافة منشآت المرفق دون حق في الرجوع بشيء سواءً من قبل الملتزم أو نائبه" فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب في الرد على دفاع الطاعنة بأنه عند انقضاء الالتزام يتعين لإعمال قاعدة عدم جواز الإثراء بدون سبب مع وجوب الرجوع إلى عقد الالتزام لمعرفة قصد المتعاقدين، وجوب التفرقة بين ما يعتبر من متعلقات المرفق وما يعتبر ملكاً خاصاً بالملتزم، وإذ كانت أموال حملة السندات قد استحالت إلى موجودات مادية دخلت في رأس المال وانتقلت ملكيتها إلى الحكومة عند إسقاط الالتزام، فلا يحق لها أن تستولي عليها، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الدولة لم تثر على حساب الطاعنة بعد أن تسلمت مرفقاً خاسراً عاجزاً عن تحقيق المصلحة العامة التي أنشئ من أجلها فيكون الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كانت علاقة الخصوم يحكمها عقد فلا محل لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب لوجود رابطة عقدية، وتكون أحكام العقد هي المرجح في تحديد حقوق وواجبات كل من الطرفين، لما كان ذلك وكان العقد الذي هو سبب الإثراء قد يكون مبرماً بين المثري والغير دون أن يكون المفتقر طرفاً فيه، ويقوم العقد مع ذلك سبباً قانونياً للإثراء وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن علاقة الحكومة وشركة سكك حديد الدلتا الملتزمة يحكمها عقدا الالتزام المبرمين بتاريخي 27/ 3، 21 - 5 - 1896، وكان حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد التزم هذا النظر وذهب إلى أنه لا محل لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب في هذه الحالة، وخلصت محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع ومن نصوص العقد حسبما سلف البيان في الرد على السبب السابق إلى عدم أحقية الطاعنة في طلباتها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. فلا عليها بعد ذلك إن لم تتبع كل حجة للخصوم وترد عليها استقلالاً طالما أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 86 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 97 ص 1096

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

-----------------

(97)

القضية رقم 86 لسنة 4 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- ضم مدة الخدمة السابقة طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 - مقصور على ضم المدة التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي - أساس ذلك.
(ب) موظف 

- مناط استحقاق معلم التربية البدنية الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 - قضاء خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية - عدم اشتراط قضاء هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم.
(ج) مدة خدمة سابقة 

- امتناع ضم مدة الخدمة السابقة طبقاً لقراري 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 لعدم توافر شروطهما - لا يمنع من الإفادة من قرار مجلس الوزراء في 9 من مارس سنة 1947 - أساس ذلك.

-------------------
1 - إن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء كانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين، ما دامت الخدمة حاصلة في مصالح الحكومة المركزية. ومقتضى حكمة التوسعة في ضم مدد العمل السابقة في الحكومة - أياً كانت طبيعتها - لأصحاب المؤهلات الدراسية أن يقتصر على ضم المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي؛ لأن هذه الحدود التي لا ينبغي أن يتعداها ضم المدد السابقة هي التي تتواءم مع طبائع الأشياء ومع الحكمة التي قام عليها القراران المشار إليهما؛ حتى لا يقع المساس بغير حق بأقدميات الموظفين الأصلاء الحاصلين على مؤهلاتهم في تواريخ سابقة.
2 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع في إطلاق حكمة وتعميمه من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة دون تخصيص بأن تقضي هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم بالذات، ومن ثم يكفي للإفادة من حكم هذا القرار التنظيمي العام أن يقضي معلم التربية البدنية بوزارة المعارف العمومية خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية؛ حتى تتهيأ له الخبرة الفنية التي تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها 6 ج شهرياً بحسب مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، وذلك تمشياً مع الحكمة التشريعية التي قام عليها هذا القرار.
3 - لا وجه للقول بأنه إذا امتنع ضم مدة خدمة المدعي بكلية البوليس إلى أقدميته في الدرجة التاسعة وفقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 لم يجز الاعتداد بها نتيجة لذلك من جهة استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ ذلك لأن لكل من قراري مجلس الوزراء المشار إليهما من جهة ولقرار 9 من مارس سنة 1947 من جهة أخرى في شأن معلمي التربية البدنية مجالاً يجرى فيه وحكماً مقصوراً عليه؛ فالقراران الأولان ينظمان ضم مدد الخدمة السابقة إلى أقدمية الدرجة التي يعين فيها الموظف المؤهل، والقرار الأخير يعتد بمدة العمل الحكومي السابق الذي أكسب معلم التربية البدنية خبرة فنية تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة؛ بقطع النظر عن إمكان ضم هذه المدة السابقة أو عدم إمكانه طبقاً لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي أرساها قراراً 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ ذلك لأن عدم الحصول على المؤهل الدراسي إن قام مانعاً من ضم المدة السابقة على أول يوليه سنة 1951 فإنه لا يعتبر عقبة في تحصيل الخبرة الفنية المشترطة في مجال تعليم التربية البدنية. ولا شك أن ممارسة المطعون لصالحه لنشاط مهني مماثل بكلية البوليس قد أكسبه تلك الخبرة الفنية التي ينعكس أثرها حتماً على وظيفته الجديدة بوزارة المعارف؛ الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند النظر في استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947.


إجراءات الطعن

في 9 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 86 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 1983 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ صادق محمد شبيني ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء كل من حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم المستأنف، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 14 من يناير سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 26 من فبراير سنة 1958، وعين لنظره جلسة 21 من فبراير سنة 1959. وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة ما بملاحظاته، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم إلى الجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية التظلم رقم 5389 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 15 من مارس سنة 1953 طلب فيها الحكم بتسوية حالته وضم مدة خدمته السابقة التي قضاها بكلية البوليس في عمل التربية البدنية والتدريب. وقال بياناً لذلك إنه التحق بإدارة التدريب العسكري الجامعي التابعة لوزارة الحربية برتبة جاويش معلم بماهية قدرها 250 م و4 ج في 6 من أبريل سنة 1940 حتى 13 من مارس سنة 1943، ثم تحول إلى بوليس القاهرة برتبة عسكري براتب قدره 200 م و4 ج من 14 من مارس سنة 1943 لغاية 30 من نوفمبر سنة 1945، ثم نقل إلى كلية البوليس اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1945، وقد عمل فيها برتبة أمباشي معلم بمرتب قدره 5 ج شهرياً، ثم رقي فيها إلى رتبة جاويش معلم بمرتب شهري قدره 6 ج، إلى أن تم تعيينه مدرساً للتربية البدنية بمدرسة مصر الجديدة للبنين اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 عن طريق كلية البوليس التي منحته شهادة باكتسابه خبرة فنية في التربية البدنية خلال اشتغاله بها معلماً للتربية البدنية زهاء سبع سنوات. ثم قال إنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951؛ الأمر الذي حدا بمنطقة التعليم الشمالية إلى تناسي شهادة الخبرة الفنية المشار إليها، وإهدار خدمته السابقة التي بلغت ثلاث عشرة سنة، وأضاف إلى ما تقدم أنه عند نقله إلى وزارة المعارف أنقص رتبه إلى خمسة جنيهات بدون مبرر، وبرغم شكواه المتكررة لم يتوصل إلى رد هذا الحيف الواقع به، وقال إنه لم يستفيد من التعيين بوزارة المعارف سوى وضعه في الدرجة التاسعة وحسبان أقدميته فيها من تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي المشار إليه في أول يوليه سنة 1951. واستطرد إلى القول بأن وزارة المعارف مقره بخدمته السابقة في الحكومة لغاية آخر مارس سنة 1952؛ بديل أن صرفت إليه إعانة غلاء المعيشة من بدء التعيين في أول أبريل سنة 1952. وقد ردت الوزارة على هذا المتظلم منوهة بأن منطقة التعليم الشمالية عينت المدعي في الدرجة التاسعة المقررة لمؤهله الدراسي (الشهادة الابتدائية) بمرتب شهري قدره 5 ج، ولما تشكي من هذا الراتب وطلب منحه القدر الذي كان يتقاضاه بكلية البوليس استفتى في ذلك ديوان الموظفين الذي ارتأى منحه راتباً قدره 6 ج شهرياً، وهو الراتب الذي كان يتقاضاه أخيراً بكلية البوليس. أما فيما يتعلق بطلب ضم مدد خدمته السابقة إلى خدمته الحالية فقد قامت المنطقة بإصدار إذن بتعديل حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ وبناء على ذلك أرجعت أقدميته في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951، وهو تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي المشار إليه؛ وذلك طبقاً للبند الثاني من كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1 - 330 في 25 من أكتوبر سنة 1950، وهو يقضي "بحساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، وعلى أن يسري هذا على المتطوعين ذوي المؤهلات الدراسية في جميع أسلحة الجيش المختلفة عند إلحاقهم بوظائف مدنية، على أن لا يترتب على ذلك زيادة في الماهية". وبعد إنشاء المحاكم الإدارية وحلولها في الاختصاص محل اللجان القضائية أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة المعارف، وأمامها أضاف المدعي إلى طلباته طلباً ثالثاً هو منحه الدرجة الثامنة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية الذي قضى بمنحهم الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في الخدمة باعتبارها مدة خبرة فنية. وبجلسة 21 من يونيه سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية "باعتبار الخصومة منهية بالنسبة لطلب منح المدعي الراتب الذي كان يتقاضاه في كلية البوليس، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أن "ضم مدة الخدمة السابقة مقصور على حملة المؤهلات الدراسية، كما نص على ذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ ومن ثم تكون التسوية التي أجرتها وزارة المعارف - من جهة إرجاع أقدميته في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951 - تسوية سليمة مطابقة للقانون"، وعلى أنه فيما يتعلق بالطلب الثالث "الخاص بمنحه الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، فإنه باستقراء هذا القرار يبين منه أنه قاصر على معلمي التربية البدنية بوزارة المعارف الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بالوزارة... والمدعي لم يمض عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات، وبالتالي لا يحق له طلب الدرجة الثامنة". وبعد استصدار قرار من لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الإداري في 12 من فبراير سنة 1955 في طلب الإعفاء رقم 245 لسنة 9 القضائية أودع المدعي سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12 من أبريل سنة 1955 عريضة استئناف طاعناً في حكم المحكمة الإدارية المشار إليه بالدعوى رقم 1893 لسنة 2 قضائية، وبانياً هذا الطعن على أن له مدة خدمة سابقة على التاريخ الذي أرجعت إليه أقدميته في الدرجة التاسعة، وأنه قدم في شأن هذه المدة شهادة من كلية البوليس ومعتمدة من المراقبة العامة للتربية البدنية بصفتها جهة الاختصاص الفني، وهذه الشهادة قاطعة في أن مدة خبرته الفنية تزيد على تسع سنوات، ولو أن هذه المدة روعيت وأدخلت في الاعتبار لتعين أن يقضي له باستحقاق الدرجة الثامنة، أما أن وزارة التربية والتعليم قد قبلت تحويله إليها من أجل مؤهله فهذا غير صحيح؛ لأنها إنما قبلته للتعليم في مدارسها بسبب خبرته الفنية ومؤهله الفني في التربية البدنية، كما دلت عليه الشهادة المشار إليها، وكان الواجب يقضي - ما دام الأمر كذلك - بضم مدة خدمته الفنية إلى مدة خدمته بالوزارة، ما دامت طبيعة العمل متماثلة في الخدمتين. ثم أضاف إلى ما تقدم أن المادة التاسعة من منشور المالية رقم 4 لسنة 1939 نصت على أنه يشترط في التعيين في الوظائف الفنية من الدرجة الثامنة الحصول على شهادة فنية متوسطة أو خبرة فنية سابقة مدة خمس سنوات على الأقل، وقد أشير في تلك المادة إلى أن المقصود بعبارة "خبرة فنية سابقة" هو أن يكون المرشح قد مارس أعمالاً فنية مماثلة هذه المدة. وقد نشرت وزارة المالية على وزارات الحكومة ومصالحها منشوراً ترد فيه على ما طلبت هذه المصالح تفسيره بشأن شغل الدرجات الثامنة من بين عمال اليومية والخدم الخارجين عن هيئة العمال أوضحت فيه أنه يجوز شغل الدرجة الثامنة الفنية بعمال اليومية والخدمة الخارجين عن الهيئة، بشرط حصولهم على شهادة متوسطة أو خبرة فنية سابقة، أي مارسوا أعمالاً فنية تماثل العمل الذي يراد إسناده إليهم في وظائف الدرجة الثامنة، وتقدر الوزارة مدة الخدمة السابقة بخمس سنوات. ثم قال إنه أخذاً بهذه التعليمات وذلك المنشور يحق له المطالبة بضم مدة خدمته السابقة، ولا سيما مدة خدمته في كلية البوليس التي تبدأ من أول ديسمبر سنة 1945 وتنتهي في 31 من مارس سنة 1952، وهو اليوم السابق على تاريخ التحاقه بالوزارة، وتبلغ المدة التي قضاها معلماً للتربية في كلية البوليس ست سنوات وثلث سنة تقريباً، وطبيعة عمله خلال المدة المذكورة تماثل تماماً العمل الذي يؤديه في وزارة التربية والتعليم؛ ومن ثم يحق له تبعاً لهذا الضم المطالبة بمنحه الدرجة الثامنة. وقد ردت الوزارة المستأنف عليها على هذا بأن المدعي يهدف من وراء دعواه إلى مطلبين: الأول خاص بضم مدة خدمته السابقة بكلية البوليس، وقد قامت الوزارة بضم مدة خدمته بالكلية المذكورة من تاريخ حصوله على الشهادة الابتدائية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ ومن ثم أرجعت أقدميته إلى في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951 مع إسقاط المدة السابقة على هذا التاريخ لعدم حصوله على المؤهل خلالها؛ باعتبار أن ضم مدة الخدمة السابقة مقصور على حملة المؤهلات الدراسية، كما نص على ذلك قرار مجلس الوزراء المشار إليه. وبناء على ما تقدم تكون التسوية التي أجرتها الوزارة بشأن ضم مدة الخدمة السابقة سليمة ومطابقة للقانون. أما الطلب الثاني الخاص بمنحه الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 فإنه يبين من استقراء القرار المذكور أن أحكامه مقصورة على معلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بالوزارة، وهذا الشرط مفقود في حق المدعي؛ لأنه لم يعين معلماً للتربية البدنية بالوزارة إلا اعتباراً من أول أبريل سنة 1952؛ ومن ثم لا يكون قد مضى عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة، وعلى ذلك تكون دعواه قائمة على غير أساس من القانون. وقد رد المستأنف على دفاع الحكومة بمذكرة ردد فيها أقواله السالفة، وأوضح فيها أنه يستند إلى حكم المادة التاسعة من قواعد التعيين في الكادر الجديد (منشور المالية رقم 4 لسنة 1939)، كما نوه بأن وزارة المالية بعثت بكتاب دوري رقم ف 232 - 3 - 4 إلى مصالح الحكومة تفسر فيه المادة التاسعة من المنشور المشار إليه جاء فيه أنه يشترط للتعيين في الوظائف الفنية من الدرجة الثامنة الحصول على شهادة فنية متوسطة أو خبرة فنية سابقة مدة خمس سنوات على الأقل، كما ورد فيه أنه رداً على استفسار بعض الوزارات عما إذا كان يجوز شغل الدرجات الثامنة من بين عمال اليومية والخدمة الخارجين عن هيئة العمال، تجيب وزارة المالية بأن ذلك جائز بشرط حصولهم على شهادة فنية أو خبرة فنية سابقة، والمقصود بالخبرة الفنية أن يكونوا قد مارسوا أعمالاً فنية تماثل العمل المراد إسناده إليهم في وظائف الدرجة الثامنة الفنية، وتقدر هذه الوزارة مدة الخدمة السابقة بخمس سنوات منفصلة أو متصلة. وقال أيضاً إنه التحق بخدمة الحكومة في 6 من أبريل سنة 1940 بإدارة التدريب العسكري بالجامعة، وبقى بها حتى نقل في 14 من مارس سنة 1943 معلم رياضة بدنية وتدريب عسكري بكلية البوليس، واستمر في هذه الوظيفة حتى نقل إلى وزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952. فالمدة التي سلخها في خدمة الحكومة معلماً رياضياً البدنية والتدريب العسكري حتى التحق بوزارة التربية والتعليم تقع بين 6 من أبريل سنة 1940 وأول أبريل سنة 1952. ثم أبان المدعي في ختام ملاحظاته بأنه قد صدر القرار رقم 205 في 22 من أكتوبر سنة 1957 من وزارة التربية والتعليم بمنحه الدرجة الثامنة على أساس فوزه في مسابقة فنية (امتحان) أجرته الوزارة بإعلانها رقم 13 لسنة 1956 لمنح هذه الدرجة، وبأن الوضع الجديد لا يحول دون تمسكه بإرجاع أقدميته في الدرجة المذكورة إلى 6 من أبريل سنة 1947 من تاريخ استكماله السبع السنوات كخبرة فنية، حسبما جاء في المادة 12 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف بالمصروفات". وأقامت قضاءها على "أن ضم مدد الخدمة السابقة إنما هو قاصر على حملة المؤهلات الدراسية؛ ومن ثم لا يجوز ضم مدة خدمة سابقة إلا إذا كان الموظف حاصلاً على مؤهله الدراسي خلالها. والثابت أن المدعي حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951؛ ومن ثم لا يجوز ضم مدة خدمته السابقة إلا من تاريخ حصوله على هذا المؤهل". كما أسست هذا القضاء على "أنه بالنسبة لطلب منحه الدرجة الثامنة فإنه يبين من استقراء قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن تسوية حالة معلمي التربية البدنية، أنه قاصر على معلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة، فقضى بمنحهم الدرجة الثامنة أسوة بمعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر"، وعلى "أن المدعي لم يعين معلماً للتربية البدنية بالوزارة إلا اعتباراً من أول أبريل سنة 1952؛ ومن ثم لم يمض عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات، وبالتالي لا يحق له الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 بمنحه الدرجة الثامنة... ولما تقدم الحكم المستأنف - إذ قضى برفض الدعوى - قد أصاب الحق، متعيناً تأييده".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه "بالرجوع إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية، يبين أنه قد صدر بالموافقة على مذكرة تقدمت بها وزارة المالية (اللجنة المالية) إلى مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1947 جاء فيها أن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى، وأن وزارة المعارف العمومية أوصت بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت المرافقة عليه، وكانت المراقبة العامة للتعليم الحر قد اتبعت مع معلمي التربية البدنية بمدارس التعليم الحر القواعد الآتية، وهى التي أقرها المجلس الأعلى للتعليم بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، وهى: (1) اعتبار كل من أمضى خمس سنوات في الخدمة في الدرجة الثامنة بماهية 6 ج شهرياً، أي أول مربوط هذه الدرجة، وبعلاوة قدرها 500 م شهرياً كل سنتين. (2) اعتبار من أمضى خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة منسياً ونقله إلى الدرجة السابعة. وواضح من ذلك أن مجلس الوزراء قد أصدر قراره في 9 من مارس سنة 1947 عاماً شاملاً لكل من يصدق عليه وصف معلم للتربية البدنية بالمدارس الأميرية، كما أن شرط اعتبار معلم التربية البدنية في الدرجة الثامنة منوط بأن يكون قد أمضى خمس سنوات في الخدمة، أي في الخدمة الفنية، كمعلم تربية بدنية، دون تقيد لهذه الخدمة بأن تكون في جهة معينة"، وعلى أنه "إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي عين في وظيفة معلم تربية بدنية في الدرجة (3/ 6) التاسعة من أول أبريل سنة 1952، وأنه يقوم قبل ذلك بشغل وظيفة معلم للرياضة البدنية والتدريب العسكري بكلية البوليس في المدة من 14 من مارس سنة 1943 إلى 31 من مارس سنة 1952، فتكون قد توافرت في حقه شروط الإفادة من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، ويكون الحكم المطعون فيه - إذ ذهب غير هذا المذهب - قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن المطعون لصالحه له من مدة خدمة سابقة من 6 من أبريل سنة 1940 إلى 13 من مارس سنة 1943 بإدارة التدريب العسكري الجامعي، ثم ألحق ببوليس مصر (طوارئ) من 14 من مارس سنة 1943 إلى 10 من يوليه سنة 1943، ثم ألحق نفراً درجة أولى متطوعاً ببوليس مصر قسم الوايلي بماهية شهرية قدرها 500 م و3 ج اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1943، ثم جعلت هذه الماهية الشهرية 4 ج ابتداء من أول أكتوبر سنة 1943، وكان يقوم خلال خدمته بالبوليس بالأعمال الكتابية. وفي أول ديسمبر سنة 1945 نقل إلى كلية البوليس معلماً للتدريب والتربية البدنية بها إلى جانب عمله العسكري، ورقي فيها أمباشي شرف بمرتب شهري قدره 5 ج اعتباراً من أول أغسطس سنة 1946، وجدد تطوعه بالكلية المذكورة في 11 من يوليه سنة 1948 لمدة خمس سنوات أخرى، وفي 4 من مايو سنة 1950 نجح في امتحان الترقي إلى درجة جاويش بكلية البوليس، وأبلغ راتبه الشهري 6 ج، وظل بالكلية حتى 31 من مارس سنة 1952، ثم عين بوزارة المعارف العمومية معلماً للتربية البدنية في الدرجة التاسعة بمرتب 5 ج بإحدى مدارسها الأميرية اعتباراً من أول أبريل سنة 1952. وقد كتبت كلية البوليس في فبراير سنة 1952 إلى وزارة المعارف بأن المطعون لصالحه التحق بالكلية في أول ديسمبر سنة 1945، وكان يقوم بتدريب الطلبة الضباط والتلاميذ الكونستبلات على التربية البدنية بجانب عمله العسكري. ولكون خدمته بالحكومة متصلة منذ تعيينه بإدارة للتدريب العسكري في 6 من أبريل سنة 1940 حتى تاريخ تعيينه بوزارة المعارف العمومية في أول أبريل سنة 1952 فقد اقترح ديوان الموظفين في كتابه الموجه إلى هذه الوزارة في 3 من مايو سنة 1953 تعديل راتبه اعتباراً من تاريخ تعيينه في الوزارة من 5 ج إلى 6 ج شهرياً، وهى الماهية التي كان يتقاضاها بكلية البوليس الملكية. كما تبين لهذه المحكمة أنه حصل على الشهادة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951، وأنه رقي إلى الدرجة الثامنة الفنية بالقرار رقم 205 في 22 من أكتوبر سنة 1957 على أثر تفوقه في مسابقة فنية (امتحان) أجرتها وزارة التربية والتعليم بين معلمي التربية البدنية بمدارسها بالإعلان رقم 13 لسنة 1956 لمنح الدرجة المذكورة.
ومن حيث إن مثار المنازعة هو ما إذا كانت مدة خدمة المطعون لصالحه كمدرب ومعلم للتربية البدنية بكلية البوليس السابقة على تعيينه بوزارة المعارف في أول أبريل سنة 1952 يجوز اعتبارها خدمة حكومية في عمل فني مماثل لعمله الحاضر تشفع في استحقاقه الدرجة الثامنة في مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، أم أن هذه الخدمة لا بد لاعتبارها كذلك أن تقضى في مدارس وزارة المعارف بالتطبيق للقرار المذكور.
ومن حيث إنه ولئن كان رئيس هيئة المفوضين قد اقتصر في أسباب طعنه في الحكم المطعون فيه على ما قضى به من عدم استحقاق المطعون لصالحه تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى [(1)] على أن الطعن في الحكم يثير المنازعة فيه برمته؛ لتزنه المحكمة بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت تقوم به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن؛ ذلك أن الطعن قد قام على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العامة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، باعتبار أن رأي هيئة المفوضين تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا، فإن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في صحيفة الطعن، ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، كما أن للمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على هذا الوجه غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، وإنما المرد في ذلك هو إلى مبدأ المشروعية؛ نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص. وعلى هذا الأساس يتعين استظهار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز ضم مدد الخدمة السابقة على تاريخ تعيين المطعون لصالحه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952، سواء من حيث سلامة النتيجة التي انتهى إليها، أو الأسباب القانونية التي رتب عليها هذه النتيجة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما قضى به الحكم المطعون فيه في طلب المطعون لصالحه ضم مدة خدمته السابقة بكلية البوليس برمتها، فلا ريب في سلامة هذا القضاء للأسباب السائغة التي أوردها ذلك الحكم؛ لأن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء كانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين، ما دامت الخدمة حاصلة في مصالح الحكومة المركزية. ومقتضى حكمة التوسعة في ضم مدد العمل السابقة في الحكومة أياً كانت طبيعتها لأصحاب المؤهلات الدراسية أن يقتصر على ضم المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي؛ لأن هذه الحدود التي لا ينبغي أن يتعداها ضم المدد السابقة هي التي تتواءم مع طبائع الأشياء ومع الحكمة التي قام عليها القراران المشار إليهما؛ حتى لا يقع المساس - بغير حق - بأقدميات الموظفين الأصلاء الحاصلين على مؤهلاتهم في تواريخ سابقة؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ اقتصر على إقرار ضم مدة خدمة المطعون لصالحه السابقة المقتضية بكلية البوليس بعد حصوله على مؤهله الدراسي في أول يوليه سنة 1951 إلى خدمته الحالية ورفض حساب مدة خدمته بها السابقة على تاريخ حصوله على ذلك المؤهل - قد أصاب الحق في قضائه للأسباب الصحيحة التي أوردها والتي تقرها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع الطعن الحالي فإن الثابت أن وزارة المالية (اللجنة المالية) قد تقدمت إلى مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1947 بمذكرة جاء فيها "أن معلمي التربية البدنية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية كانوا مقيدين على درجات خارج الهيئة، ثم رأت الوزارة المذكورة بموافقة وزارة المالية العمل على تحسين حالهم برفع درجات البعض منهم إلى الدرجة الثامنة والبعض الآخر إلى الدرجة التاسعة، وقد شملهم هذا التحسين وقيدوا على هاتين الدرجتين ابتداء من أول مايو سنة 1944 في حدود المبلغ الذي تقرر بميزانية عام 1944/ 1945 لتعزيز وظائف رجال التعليم، وذلك حسب القواعد الآتية: (أولاً) المقيدون في الدرجتين العالية ب (6 - 7 ج) والعالية أ (7 - 8 ج)، هؤلاء رقوا إلى الدرجة الثامنة ومنحوا علاوة الترقية من أول مايو سنة 1944، وروعي في هذه الترقية قضاء كل منهم خمس سنوات على الأقل في الخدمة، وهى مدة الخبرة الفنية. (ثانياً) المقيدون في الدرجة الثانية (4 - 5 ج)، هؤلاء قيدوا على الدرجة التاسعة بنفس ماهيتهم دون منحهم علاوة ترقية، أسوة بمستخدمي الدرجة الثانية خارج الهيئة التي يعادل متوسط مربوطها متوسط مربوط الدرجة التاسعة والذين وضعوا في هذه الدرجة بعد استبدالها بدرجتهم الفنية. (ثالثاً) المقيدون في الدرجة الثالثة (3 - 4 ج)، هؤلاء رقى البعض منهم إلى الدرجة التاسعة ومنحوا علاوة الترقية إذا كانوا قد أمضوا سبع سنوات على الأقل في الدرجة الثالثة؛ تمشياًَ مع أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 الذي أجاز نقل مستخدمي هذه الدرجة إلى الدرجة التاسعة واعتبار ذلك ترقية يمنحون فيها علاوة من علاواتها... أما فيما يختص بتحسين حال زملائهم المعينين بمدارس التعليم الحر فإن المراقبة العامة لهذا التعليم قد اتبعت معهم القواعد الآتية وهى التي أقرها المجلس الأعلى للتعليم بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، وهى: (1) اعتبار كل من أمضى خمس سنوات في الخدمة في الدرجة الثامنة بماهية 6 ج شهرياً، أي أول مربوط هذه الدرجة وبعلاوة قدرها 500 م شهرياً كل سنتين. (2) اعتبار من أمضى خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة منسياً ونقله إلى الدرجة السابعة. وتبعاً لذلك أصبح الفرق بين معلمي التربية البدنية بمدارس الوزارة ومعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر من حيث الماهية والدرجة كبيراً مع أن العمل واحد، ومعلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية في الغالب يفضل معلم التربية البدنية بالمدارس الحرة، كما جاء بكتاب الوزارة المؤرخ 30 من يونيه سنة 1946، ويكون من الغبن عمل هذه التفرقة بينهم. وحيث إن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى من هذا الوضع الشاذ؛ لذلك توصي وزارة المعارف العمومية بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر من حيث القواعد التي تطبق في تحديد المرتبات والدرجات حق يستقيم الحال. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح، ورأت المرافقة عليه". وقد وافق مجلس الوزراء على تلك المذكرة في 9 من مارس سنة 1947.
ومن حيث إن مفاد قرار مجلس الوزراء المشار إليه - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع في إطلاق حكمة وتعميمه من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة - دون تخصيص بأن تقضى هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم بالذات؛ ومن ثم يكفي للإفادة من حكم هذا القرار التنظيمي العام أن يقضي معلم التربية البدنية بوزارة المعارف العمومية خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية؛ حتى تتهيأ له الخبرة الفنية التي تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها 6 ج شهرياً بحسب مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ وذلك تمشياً مع الحكمة التشريعية التي قام عليها هذا القرار، وهذا ما توافر بالفعل في المطعون لصالحه بعد أن ثبت أنه أمضى أكثر من خمس سنوات مدرباً ومعلماً للتربية البدنية بكلية البوليس، تقاضى خلالها راتباً يزيد على أول مربوط الدرجة التاسعة (6 ج) عند تعيينه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأنه إذا امتنع ضم مدة خدمة المدعي بكلية البوليس إلى أقدميته في الدرجة التاسعة وفقاً لقراري مجلس الوزراء المشار إليهما لم يجز الاعتداد بها نتيجة لذلك من جهة استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ ذلك لأن لكل من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 من جهة ولقرار 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية مجالاً يجرى فيه وحكماً مقصوراً عليه، فالقراران الأولان ينظمان ضم مدد الخدمة السابقة إلى أقدمية الدرجة التي يعين فيها الموظف المؤهل، والقرار الأخير يعتد بمدة العمل الحكومي السابق الذي أكسب معلم التربية البدنية خبرة فنية تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة، بقطع النظر عن إمكان ضم هذه المدة السابقة أو عدم إمكانه طبقاً لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي أرساها قرارا 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ ذلك لأن عدم الحصول على المؤهل الدراسي إن قام مانعاً من ضم المدة السابقة على أول يوليه سنة 1951 فإنه لا يعتبر عقبة في تحصيل الخبرة الفنية المشترطة في مجال تعليم التربية البدنية. ولا شك أن ممارسة المطعون لصالحه لنشاط مهني مماثل بكلية البوليس في المدة من أول ديسمبر سنة 1945 حتى 31 من مارس سنة 1952 قد أكسبه تلك الخبرة الفنية التي ينعكس أثرها حتماً على وظيفته الجديدة بوزارة المعارف؛ الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند النظر في استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947. وغنى عن البيان أن هذا القرار واجب تطبيقه على وضع المطعون لصالحه دون المادة 12 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، اعتباراً بأن تعيينه بوزارة التربية والتعليم حاصل قبل العمل بالقانون المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم الذي استحدثه قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 هو من العموم والشمول بحيث يفيد منه كل من يصدق عليه وصف معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية، كالمطعون لصالحه؛ وعلى ذلك فإن استحقاق معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية للدرجة الثامنة طبقاً للقرار المشار إليه منوط بأن يكون قد أمضى خمس سنوات في الخدمة الفنية بمصالح الحكومة كمعلم للتربية البدنية، دون تخصيص بأن تكون هذه المدة مقضيه في مدرسة من مدارس الوزارة، كما جاء في الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الطعن قائماً على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية قد أخطئا في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضيا به عدم استحقاق المدعي للإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية؛ ويتعين من ثم القضاء بإلغائهما في هذا الخصوص، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء السالف الذكر اعتباراً من تاريخ تعيينه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952، وإرجاع أقدميته في الدرجة الثامنة نتيجة لذلك إلى التاريخ المذكور، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم إفادة المدعي من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، وبإفادته من هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، وبتأييد الحكم المطعون فيما عدا ذلك، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.


(1) راجع الحكم المنشور في السنة الثانية من هذه المجموعة ص 3 بند 1.

الطعن 1342 لسنة 33 ق جلسة 21 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 20 ص 237

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، وعبد القادر هاشم النشار، والسيد محمد السيد الطحان، وأحمد أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(20)

الطعن رقم 1342 لسنة 33 القضائية

(أ) دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - (مرافعات).
المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 - إذا كان موضوع الدعوى المحالة لا يندرج قانوناً في ولاية المحكمة المحال عليها يعتبر معدلاً لولايتها في خصوصية موضوع الدعوى المحالة - ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة إلى محاكم مجلس الدولة منعدماً فإن المحكمة المحال إليها الدعوى تلتزم بالفصل في موضوعها ولو استبان لها أنه لا يندرج في عموم الولاية التي أنيطت بها طبقاً لمواد القانون المحددة لهذه الولاية - هذا الالتزام رهين بعدم وجود محكمة أخرى مختصة بخلاف محاكم الجهة القضائية التي صدر الحكم بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى - إن وجدت هذه المحكمة تعين القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص والإحالة إليها - أساس ذلك: حجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة مقصور فقط على أسبابه فيمتنع القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص الولائي لاختصاص المحكمة التي أصدرت حكم الإحالة - حكم الإحالة رهين أيضاً بعدم إلغائه من محكمة أعلى إذ به تزول حجيته - تطبيق (1).
(ب) حجز تنفيذي - الحجز على العقار - إجراءاته.
المواد 401 و402 و404 و414 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. 

يتم الحجز على العقار بعمل قانوني مركب يتكون من عنصرين هما: 1 - تنبيه بنزع الملكية يعلن إلى المدين. 2 - تسجيل تنبيه نزع الملكية في مكتب الشهر العقاري - أي من العنصرين وحده لا يعتبر حجزاً ولا يرتب أي أثر من آثار الحجز - مؤدى ذلك: أن التسجيل الذي لا يسبقه تنبيه صحيح لا يكفي لترتيب هذه الآثار - يعتبر العقار محجوزاً بتسجيل تنبيه نزع الملكية - أراد المشرع جعل حجز العقار مرتبطاً بعمل قانوني مشهر حماية للغير الذي يتعامل في العقار مع المحجوز عليه بعد الحجز - بتسجيل التنبيه في مكتب الشهر العقاري الذي يتبعه العقار يستطيع كل من يريد التعامل بشأن العقار أن يعرف بمجرد اطلاعه على السجل في مكتب الشهر العقاري أن العقار قد حجز وأنه إذا اشتراه من المحجوز عليه لن يكون الشراء نافذاً - يجب على حاجز العقار خلال تسعين يوماً من توقيعه الحجز إيداع قائمة شروط البيع طبقاً لأحكام القانون وإلا اعتبر حجزه كأن لم يكن - يستطيع الدائن مباشر الإجراءات إيداع القائمة فور تسجيل التنبيه - إن تراخى في ذلك لا يجوز أن يتعدى تراخيه أكثر من تسعين يوماً من تسجيل التنبيه وإلا سقط التسجيل وترتب على سقوطه سقوط التنبيه واعتباره كأن لم يكن - على الدائن مباشر الإجراءات إن أراد إيداع القائمة بعد هذا الميعاد أن يعود فيبدأ الإجراءات من جديد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14 من مارس سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1342 لسنة 33 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 13/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 2984/ 36 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الإلغاء والمدعي مصروفات التعويض - وطلب الطاعنين بصفتهما - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة أصلية عدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى وبصفة احتياطية برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ترى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من نوفمبر سنة 1991 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 14 من مارس سنة 1993 والجلسات التالية، وبجلسة 3 من أكتوبر سنة 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 8502 لسنة 81 مدني كلي جنوب القاهرة طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة برفع كتاب الحظر الصادر من إدارة مكافحة التهرب من النقد إلى مصلحة الشهر العقاري والمتضمن حظر تصرفه في أملاكه وعدم الاعتداد بهذا الكتاب واعتباره كأن لم يكن وإلزام مصلحة الشهر العقاري بالسير في إجراءات طلب الشهر العقاري رقم 440/ 80 قصر النيل والحكم بإلزام المدعي عليهما بأن يؤديا له تعويضاً قدره خمسة آلاف جنيه مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه باع لنجله............ حصة قدرها 10 ط من 24 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العمارة رقم 7 بميدان التحرير قسم قصر النيل، وتقدم بتاريخ 11/ 11/ 1980 بالطلب رقم 440/ 80 إلى مأمورية الشهر العقاري بقصر النيل غير أنه تبين عند مراجعة الطلب المذكور أن هناك كتاب حظر بعدم التصرف صادر من إدارة مكافحة التهرب من النقد يستند إلى الحكم الصادر في الجنحة رقم 87 لسنة 59 أمن دولة الأزبكية القاضي غيابياً في 28/ 12/ 1992 بإدانته وتغريمه بمبلغ عشرة آلاف جنيه، وأضاف المدعي أن الحكم المشار إليه قد سقط قانوناً بمضي المدة وانتهت آثاره وأصبح كأن لم يكن كما سقطت كذلك إجراءات التنفيذ التي اتخذت ورغم ذلك فقد أوقفت مأمورية الشهر العقاري السير في إجراءات الطلب المشار إليه استناداً إلى كتاب الحظر آنف البيان دون مبرر أو سند من القانون وقد تقدم بتظلم إلى الشهر العقاري وأمينه العام من هذا الإجراء التعسفي غير أنه لم يتلق رداً على تظلمه الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة، وبجلسة 1/ 11/ 1981 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الطلب المستعجل، وبجلسة 28/ 2/ 1982 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها حيث قيدت لدى المحكمة الأخيرة تحت رقم 2984/ 36 ق.
وبجلسة 13 من يناير سنة 1987 صدر الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الإلغاء والمدعي مصروفات طلب التعويض، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر بحظر التعامل على العقار موضوع الدعوى قد صدر استناداً إلى تنبيه نزع الملكية الذي تم تسجيله برقم 4488 لسنة 1970 على المساحة التي يملكها المدعي في هذا العقار وأنه بناء على قرار حظر التعامل المشار إليه فقد امتنعت مصلحة الشهر العقاري عن إتمام تسجيل طلب الشهر رقم 440/ 1980 المقدم من المدعي، وطبقاً للمادة 414 من قانون المرافعات يتعين أن يودع من يباشر الإجراءات قلم كتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية وإلا اعتبر تسجيل التنبيه كأن لم يكن، وإذ لم يثبت من الأوراق أن وزارة العدل قد أودعت قلم كتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع ملكية العقار موضوع الدعوى ومن ثم فإن هذا التسجيل يعتبر كأن لم يكن، وبهذه المثابة فإن القرارين المطعون فيهما والصادرين بحظر التعامل على العقار المشار إليه والامتناع عن إتمام تسجيل طلب الشهر رقم 440/ 1980 المقدم من المدعي قد صدر استناداً إلى تنبيه نزع الملكية الذي تم تسجيله برقم 4488 لسنة 1970، وكان هذا التسجيل قد اعتبر كأن لم يكن على النحو السالف بيانه وبهذه المثابة فإن القرارين المطعون فيهما يكونان قائمين على غير سند صحيح من القانون خليقين بالإلغاء.
ومن حيث مبنى الطعن الماثل المقام من الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأن قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 قد أكد اختصاص قاضي الأمور الوقتية بكافة المنازعات المتعلقة بامتناع الشهر العقاري عن إتمام إجراءات الشهر أو التأشير أو محوه وذلك على النحو المستفاد من نصوص المواد 18، 35، 39 من هذا القانون وإذ لم يطلب مقدم طلب الشهر رقم 440/ 1980 من أمين مكتب الشهر العقاري إعطاء المحرر رقماً وقتياً ثم يعرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية حسبما تنص على ذلك المادة 35 من قانون الشهر العقاري سالف الذكر، وهو ما لم يسلكه المطعون ضده وعليه يخرج النزاع الماثل عن ولاية القضاء الإداري وينعقد لقاضي الأمور الوقتية. وعن موضوع الدعوى فإن الثابت أن وزارة العدل هي الجهة الدائنة وقد قامت بتسجيل تنبيه نزع ملكية العقار موضوع الدعوى، وأعقبت ذلك بإيداع قائمة بشروط البيع حسبما تقضي بذلك نصوص قانون المرافعات، وتم تحديد جلسة لتقديم أوجه الاعتراضات على القائمة، وبجلسة أخرى لإتمام البيع في حالة عدم الاعتراض، ولم يتقدم المطعون ضده أو نجله بأي تقرير بالاعتراض، وتدوولت دعوى بيع العقار المذكور بالجلسات حتى أقامت السيدة/ .............. دعوى استحقاق في هذا العقار، وبالتالي فقد أوقف السير في دعوى البيع بناء على طلب النيابة حتى يتم الفصل في دعوى الاستحقاق المذكورة. والتي قضى فيها بجلسة 26/ 12/ 1973 بتثبيت ملكية المدعية لحصة مقدارها قيراطان في كامل أرض وبناء العقار المذكور وبطلان إجراءات نزع الملكية بالنسبة لهما وبعد صدور هذا الحكم قامت وزارة العدل وهي الجهة الدائنة للمطعون ضده بتعجيل دعوى بيع العقار المذكور ومحدد لها جلسة 26/ 12/ 1987 لإتمام البيع - وعلى ذلك فإن العقار المذكور يظل محجوزاً عليه ولا يجوز شهر أي تعامل عليه أو شطب التأشيرات المتعلقة بتسجيله إلا برضاء الدائن وهو وزارة العدل أو بصدور حكم من قاضي الأمور الوقتية طبقاً لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع وباختصاص قاضي الأمور الوقتية بكافة المنازعات المتعلقة بامتناع الشهر العقاري عن إتمام إجراءات الشهر أو التأشير أو محوه ولما كان مقتضى صريح نص المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968. أنه إذا قضت جهة القضاء العادي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى جهة القضاء الإداري، فإن محاكم هذه الجهة تلتزم بنظرها أي بالفصل في موضوعها، دون أن تعاود البحث في مسألة الاختصاص الولائي بها ولو استبان لها أن موضوع الدعوى لا يدخل ضمن ولايتها الفصل فيه، طبقاً لمواد القانون المحددة لهذه الولاية والعكس صحيح ومن شأن التزام محاكم جهتي القضاء الإداري والعادي بحكم هذا النص - ولا ريب في وجوب التزامهما به - القضاء على حالات التنازع السلبي للاختصاص فيما بينهما، ويكون نص الفقرة الثانية من المادة (110 مرافعات) إذا كان موضوع الدعوى المحالة لا يندرج قانوناً في ولاية المحكمة المحال عليها معدلاً لولايتها في خصوصية موضوع الدعوى المحالة، وهذا طبقاً لصريح نص القانون، وخلاصة القول في ذلك كله أن مقتضى صريح نص الفقرة الثانية من المادة 110 مرافعات وأنه ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الولاية والإحالة إلى محاكم مجلس الدولة منعدماً، أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالفصل في موضوعها، ولو استبان لها أنه لا يندرج في عموم الولاية التي أنيطت بها، طبقاً لمواد القانون المحددة لهذه الولاية، وهذا الالتزام رهين - كذلك - بعدم وجود محكمة أخرى مختصة بخلاف محاكم الجهة القضائية التي صدر الحكم بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، فإن وجدت تعين القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص والإحالة إليها، لما هو معلوم من أن حجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة المذكور مقصور فقط على أسبابه فيمتنع القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص الولائي لاختصاص المحكمة التي أصدرت حكم الإحالة ورهين أيضاً بعدم إلغاء حكم الإحالة من محكمة أعلى إذ به تزول حجيته (حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3803 لسنة 35 ق.ع جلسة 6/ 6/ 1992) ولما كان الثابت أنه بجلسة 28/ 2/ 1982 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ضمناً باختصاص محكمة القضاء الإداري يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النص عليه من هذا الوجه نعي غير سديد متعيناً رفضه.
ومن حيث إن المادة (401) من قانون المرافعات سالف البيان تنص على أن "يبدأ التنفيذ بإعلان التنبيه بنزع ملكية العقار إلى المدين لشخصيه أو لموطنه مشتملاً على البيانات الآتية......." وتنص المادة (402) على أن: "يسجل تنبيه نزع الملكية في كل مكتب من مكاتب الشهر التي تقع في دائرتها العقارات المبينة في التنبيه...." وتنص المادة (404) على أنه: "يترتب على تسجيل التنبيه اعتبار العقار محجوزاً" وتنص المادة (414) من ذات القانون على أن: "يودع من يباشر الإجراءات قلم كتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية وإلا اعتبر تسجيل التنبيه كأن لم يكن، ويجب أن تشتمل تلك القائمة على البيانات الآتية: ........."
ومن حيث إن مفاد تلك النصوص أن حجز العقار يتم بالقيام بعمل قانوني مركب يتكون من عنصرين تنبيه بنزع الملكية يعلن إلى المدين ثم تسجيل هذا التنبيه في مكتب الشهر العقاري. وكل عنصر من هذين العنصرين وحده لا يعتبر حجزاً فالتنبيه وحده لا يرتب أي أثر من آثار الحجز والتسجيل الذي لا يسبقه تنبيه صحيح لا يكفي أيضاً لترتيب هذه الآثار وبتسجيل التنبيه يعتبر العقار المبين فيه محجوزاً. وقد أراد الشارع بجعل حجز العقار مرتبطاً بعمل قانوني مشهر، حماية الغير الذي يتعامل في العقار مع المحجوز عليه بعد الحجز فبتسجيل التنبيه في مكتب الشهر العقاري الذي يتبعه العقار يستطيع كل من يريد التعامل بشأن العقار أن يعرف بمجرد اطلاعه على السجل في مكتب الشهر أن العقار قد حجز وأنه إذا اشتراه مثلاً فإن هذا الشراء من المحجوز عليه لن يكون نافذاً، ويجب على حاجز العقار خلال تسعين يوماً من توقيعه الحجز (أي من تسجيل التنبيه صحيحاً على ما سلف بيانه) إيداع قائمة شروط البيع طبقاً لمشتملاتها ومرفقاتها المحددة في المادتين 414، 415 مرافعات وإلا اعتبر حجزه كأن لم يكن، وقد حدد المشرع له مدة تسعين يوماً لإيداع القائمة وإلا اعتبر حجزه كأن لم يكن، ومن ثم يستطيع الدائن مباشر الإجراءات أن يقوم بإيداع القائمة فور تسجيل التنبيه فإن تراخى فعليه ألا يتعدى تراخيه هذا أكثر من تسعين يوماً من تسجيل التنبيه وإلا سقط هذا التسجيل وترتب على سقوطه سقوط التنبيه واعتباره كأن لم يكن ويفقد التنبيه كل آثاره القانونية، وعلى الدائن مباشر الإجراءات إن أراد إيداع القائمة بعد هذا الميعاد أن يعود فيبدأ الإجراءات من جديد ابتداء من التنبيه بنزع الملكية.
ومن حيث إنه لم يثبت من الأوراق أن وزارة العدل (الطاعنة) قد أودعت قلم كتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع ملكية العقار موضوع الدعوى، وقد ورد القول بإيداع القائمة في تقرير الطعن قولاً مرسلاً لا يصاحبه دليل بحدوث هذا الإيداع وأنه تم في الميعاد المشار إليه وذلك رغم أن الفرصة ظلت سانحة - لوزارة العدل الحاجزة وتمثلها هيئة قضايا الدولة - لتقديم الدليل المثبت لإيداع القائمة المشار إليها في الميعاد المحدد آنفاً طوال جلسات المرافعة ومن ثم فإن تسجيل تنبيه نزع الملكية يعتبر كأن لم يكن وفقد بالتالي كل آثاره القانونية ويغدو العقار موضوع النزاع طليقاً من الحجز عليه - ولما كان الثابت أن القرارين المطعون فيهما والصادرين بحظر التعامل على العقار المشار إليه والامتناع عن السير في إجراءات تسجيل طلب الشهر رقم 440/ 1980 قد صدر استناداً إلى تسجيل تنبيه نزع الملكية الذي تم تسجيله برقم 4488 لسنة 1970 ولما كان التسجيل قد اعتبر كأن لم يكن على النحو آنف البيان ومن ثم يكون القراران الصادران استناداً إليه غير قائمين على صحيح سندهما من القانون جديرين بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد أخذ بهذا القضاء ومن ثم يغدو مطابقاً لصحيح القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة توحيد المبادئ" في الطعن رقم 1840 لسنة الصادر بجلسة 15/ 12/ 1985 وحكم ذات الدائرة في الطعن رقم 3803 لسنة 35 ق الصادر بجلسة 6/ 6/ 1992.

الطعن 65 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 96 ص 1090

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(96)

القضية رقم 65 لسنة 4 القضائية

حكم 

- الحكم الصادر برفض دعوى مرفوعة من موظف بأحقيته في مرتبه عن مدة فصله - لا يجوز قوة الأمر المقضي في الدعوى التي يرفعها بالمطالبة بتعويض الضرر المادي المترتب على قرار الفصل - أساس ذلك.

----------------
إنه وإن اتحد الخصوم في دعوى المطالبة بالراتب عن مدة الفصل من الخدمة وفي دعوى التعويض عن الضرر المادي المترتب على قرار الفصل، إلا أن السبب والموضوع مختلفان: فالسبب في الأولى هو ما يزعمه المدعي من أن اعتبار مدة الفصل متصلة يترتب عليه لزوماً استحقاقه للراتب عنها، بينما سبب الدعوى الثانية هو الإدعاء ببطلان قرار الفصل مما يترتب عليه التعويض عن القرار. أما الموضوع في الدعوى الأولى فهو الراتب، وفي الثانية هو التعويض، والفرق ظاهر بين الطلبين، وإن كان الراتب يكون عنصراً من عناصر التعويض، إلا أن هذا بذاته لا يجعل الراتب هو التعويض بداهة.


إجراءات الطعن

في أول يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة صحيفة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 442 لسنة 4 ق المرفوعة من السيد/ عبد الوهاب غنايم ضد وزارة الصحة والمالية، والقاضي "بإلزام الحكومة بأن تؤدي للمدعي مبلغ 200 ج والمصروفات المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وقد طلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن الأضرار المادية، والقضاء للمدعي بالتعويض المناسب عن ذلك، مع إلزام الحكومة بمصروفات هذا الطلب. وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 5 من يناير سنة 1958، وإلى المدعي في 22 من الشهر المذكور، وعين لنظره جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958، وأجلت لجلسة 31 من يناير سنة 1959 للمرافعة، ثم لجلسة 21 من فبراير سنة 1959 للمرافعة كذلك، وقد سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، وأرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي عين بخدمة وزارة الصحة العمومية في 12 من ديسمبر سنة 1938، وفي 20 من سبتمبر سنة 1945 صدر قرار بفصله من الخدمة لسوء السلوك، ثم أعيد للخدمة في سنة 1950 مع اعتبار مدة خدمته متصلة، ثم لم يلبث أن فصل ثانية في 1/ 4/ 1952 طبقاً للقانون رقم 36 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الاستثناءات على أساس أن إعادة تعيينه في سنة 1950 - رغم سبق فصله في سنة 1945 - يعد خروجاً على القواعد العامة، فيعتبر استثناء أصبح باطلاً بموجب القانون المذكور. ولكنه أعيد ثانية إلى الخدمة بالحالة التي كان عليها قبل الفصل بناء على فتوى إدارة الرأي المختصة بأن إعادة تعيينه في سنة 1950 هي في الواقع سحب لقرار الفصل الأول؛ لما تبين من أنه قرار باطل معدوم الأثر، فما كان من المدعي إلا أن طالب بتسوية حالته؛ على أساس أن هذا القرار لم يصدر في حقه بما يترتب على ذلك من استحقاقه لراتبه عن مدة الفصل، مع اعتبار مدة خدمته كلها متصلة، لكن تظلمه لم يجد نفعاً، فاضطر إلى إقامة الدعوى رقم 2642 لسنة 7 ق أمام محكمة القضاء الإداري يطلب فيها: أولاً - استحقاقه لصرف ماهيته عن مدة الفصل. ثانياً - حساب هذه المدة كأنها مدة خدمة. ثالثاً - إلزام الحكومة بأن تدفع إليه مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت لما أصابه من ضرر مادي وأدبي من جراء الفصل الباطل. وقد بان للمحكمة أن قرار الفصل باطل؛ وبذلك يكون المدعي محقاً في طلب التعويض عن كافة الأضرار التي سببها له، إلا أنه بالنسبة للمرتب فإنه لما كان استحقاقه رهيناً بقيام الموظف بعمله، فإن امتنع عليه ذلك لسبب أو لآخر انتفى بالتبعية سبب المطالبة به، مما يتعين معه رفض طلب صرف هذا المبلغ، بخلاف حساب المدة في الخدمة فإن سببها قيام رابطة التوظيف، وهو متحقق في حالة المدعي باستبعاد قرار الفصل الباطل؛ لذلك انتهت بجلسة 1/ 4/ 1956 إلى الحكم له بحساب مدة الفصل في مدة خدمته، وبإلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت، وبرفض استحقاقه للمرتب عن مدة الفصل. وأنه بعد أن حصل المدعي على هذا الحكم أقام الدعوى رقم 15296 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري يطلب فيها الحكم له بالتعويض النهائي الذي قدره بمبلغ 2200 ج كتعويض مناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته نتيجة فصله من الخدمة على النحو الموضح بعريضة الدعوى. وبجلسة 12/ 5/ 1957 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة الصحة، ثم بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1957 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة الصحة حكمها بإلزام الحكومة بأن تؤدي للمدعي مبلغ مائتي جنيه مصري والمصروفات المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. وقالت المحكمة إنها لا ترى محلاً للقضاء للمدعي بالتعويض عن الأضرار المادية؛ إذ أن هذه الأضرار تتمثل في راتبه الذي حرم منه عن مدة الفصل، وهذا هو عين الطلب الذي رفضته محكمة القضاء الإداري، فبالتالي تكون المطالبة به في صورة أخرى هي في الحقيقة إحياء للنزاع ذاته، فإذا لوحظ أن المدعي لم يقدم دليلاً على أنه ظل عاطلاً طيلة تلك المدة، أو أنه استدان ما يعادل هذا المبلغ كان لا محل للقضاء له بالتعويض عن هذه الأضرار. أما عن الضرر الأدبي فلا شك متحقق في شأن المدعي؛ الأمر الذي تعوضه عنه بالمبلغ الذي حكمت له به. وقد طعنت هيئة المفوضين في هذا الحكم؛ مؤسسة الطعن على أنه يتضح من الوقائع المتقدمة الذكر أنه غير صحيح أن محكمة القضاء الإداري رفضت طلب المدعي تعويضه عما أصابه من أضرار مادية حتى يدفع طلبه بسابقة الفصل فيه، بل الصحيح أنها رفضت استحقاقه للمرتب على أساس أن المرتب رهين بأداء العمل، لكن هذا لا يمنع الموظف الذي حيل بينه وبين عمله من الرجوع على من تسبب بفعله في خلق هذا الوضع بالتعويض المناسب، متى كون هذا الفعل خطأ مستوجباً التعويض لاختلاف الطلبين في الصورتين سبباً وموضوعاً؛ إذ المرتب في طلب التعويض؛ ليس إلا أحد العناصر المقومة له باعتبار أنه بعض ما فات المضرور من كسب نتيجة هذا الفعل الذي كان السبب المباشر في عدم قيام الموظف بأعمال وظيفته، ثم بالتالي في حرمانه من الراتب المستحق عن هذا العمل، يدخله القاضي في تقديره لعناصر التعويض، شأن غيره من العناصر المكونة له، مثل العلاوات والترقيات التي فاتت عليه فرصة الحصول عليها بسبب هذا الفعل. والقاعدة أن المدعي هو المكلف ببيان أوجه هذه العناصر، فهو الذي يدعى حصول الضرر فعليه البينة، على أن هذه القاعدة تكملها قاعدة أخرى تقول إن من يدعي خلاف الظاهر عليه هو عبء الإثبات. ففي ضوء هاتين القاعدتين اللتين ترسمان الأصل العام في الإثبات يتوزع عبؤه بين الخصوم؛ ومن ثم فإنه إذا كان من الواضح أن المدعي حرم فعلاً من راتبه نتيجة حرمانه من عمله، فإنه يكون على الحكومة - إن ادعت أن الموظف أفاد خلال فترة فصله بمقدار ما كان يصيب لو لم يفصل - أن تقيم الدليل على ذلك، أما أن يثقل كاهل الموظف بإثبات عكس ذلك، فهذا في الواقع تكليف بمستحيل لا يقره القانون؛ مما كان يتعين معه - إزاء عجز الحكومة عن تقديم دليل مقنع يفيد عكس هذا الظاهر - القضاء للمدعي بالتعويض عن الأضرار المادية المترتبة على قرار الفصل الباطل. وانتهى رئيس هيئة المفوضين إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن الأضرار المادية، والقضاء للمدعي بالتعويض المناسب عن ذلك، وإلزام الحكومة بمصروفات هذا الطلب.
ومن حيث إنه يبين من المساق المتقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان الحكم الصادر برفض طلب المدعي صرف مرتبه عن مدة فصله من الخدمة يمنع المدعي من إقامة دعوى جديدة بالمطالبة بالتعويض، وبخاصة عن الضرر المادي المترتب على قرار الفصل المذكور.
ومن حيث إنه وإن اتحد الخصوم في القضية الأولى الخاصة بالمطالبة بالراتب وفي القضية الخاصة بالتعويض إلا أن السبب والموضوع يختلفان: فالسبب في الأولى هو ما يزعمه المدعي من أن اعتبار مدة الفصل متصلة يترتب عليه لزوماً استحقاقه للراتب عنها، بينما سبب الدعوى الثانية هو الإدعاء ببطلان قرار الفصل، مما يترتب عليه التعويض عن هذا القرار، أما الموضوع في الدعوى الأولى فهو الراتب، وفي الثانية هو التعويض، والفرق ظاهر بين الطلبين، وإن كان الراتب يكون عنصراً من عناصر التعويض، إلا أن هذا بذاته لا يجعل الراتب هو التعويض بداهة.
ومن حيث إن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالتعويض المؤقت في الدعوى رقم 2642 لسنة 7 ف قد حاز قوة الشيء المقضي فيه سواء بالنسبة للضرر المادي أو الأدبي، وقد أقيمت الدعوى الحالية تأسيساً على الحكم المذكور لتقدير قيمة التعويض بشقيه.
ومن حيث إنه عن الضرر المادي فإنه ثابت بملف خدمة المدعي أنه اعترف بأنه كان عضواً في نقابة الصحفيين، كما أن هذه النقابة سألت عما إذا كان في خدمة الحكومة أم فصل منها، وأنه ولو أن هذين الكتابين كانا في سنتي 1952 و1953، إلا أنهما يدلان على أن المدعي يشتغل بالصحافة؛ مما يرشح للذهن أنه كان يعمل أثناء مدة فصله أو أنه على الأقل كان يستطيع أن يعمل؛ ومن ثم فترى المحكمة - بمراعاة هذه الظروف - القضاء للمدعي بمبلغ ثلثمائة جنيه جبراً للضرر المادي الذي حاق به عن قرار فصله، كما ترى تأييد الحكم بالنسبة لمبلغ المائتي جنيه قيمة التعويض عن الضرر الأدبي للأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، وتكون جملة التعويض عن الضررين المادي والأدبي مبلغ خمسمائة جنيه، وهو ما ترى المحكمة تعديل الحكم إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء للمدعي بتعويض شامل قدره خمسمائة جنيه، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.

الطعن 913 لسنة 3 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 95 ص 1081

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

---------------

(95)

القضية رقم 913 لسنة 3 القضائية

نقل 

- نقل اثنين من الموظفين من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي ونقل آخرين من الكادر الثاني إلى أول - إلغاء نقل الأولين بقرار من اللجنة القضائية لمخالفته لأحكام القانون رقم 42 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1953 - تنفيذ هذا القرار يقتضي بمجرد اعتبار الموظفين المذكورين في الكادر الإداري، دون إلغاء نقل زميليهما إليه، ما دام قرار اللجنة لم يشر إلى وجود ارتباط بين النقلين - لا محل مع ذلك لتنفيذ القرار إذا انعدمت مصلحة من صدر لصالحهما في ذلك بإحالة أحدهما إلى المعاش ونقل الثاني إلى وزارة أخرى - تنفيذ الإدارة للقرار في هذه الحالة بغية ترقية آخرين يعد انحرافاً بالسلطة.

--------------------
إن اللجنة القضائية - إذ قررت إلغاء القرار الوزاري المؤرخ 30 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من نقل المتظلمين من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي - لم تشر إلى وجود ارتباط بين نقل المذكورين ونقل المطعون ضدهما من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وبالعكس؛ ولذا لم تفحص حالتهم على هذا الوجه ولم يتضمن قرارها إلغاء نقل المطعون عليهما على وجه التخصيص؛ ومن ثم فإن التنفيذ السليم لقرار اللجنة القضائية كان يجب أن يكون في حدود هذا المقتضى وبالقدر اللازم لتنفيذه، وهذا المقتضى هو أن يعتبر المتظلمان وكأنهما لم ينقلا إلى الكادر الكتابي، بل يعتبران في الكادر الإداري، ولكن هناك واقعاً جدّ بعد صدور القرار وقبل تنفيذه يجب أن يؤخذ في الاعتبار لدى هذا التنفيذ؛ ذلك أن أحد المتظلمين كان قد أحيل إلى المعاش في 22 من نوفمبر سنة 1953، وأن الثاني كان قد ندب للعمل بوزارة الإرشاد القومي في مايو سنة 1953 وذلك قبل تنفيذ قرار اللجنة القضائية المشار إليه الصادر في 28 من مارس سنة 1954، وقد استطال ندبه حتى نقل نهائياً إلى تلك الوزارة في 6 من يونيه سنة 1954؛ وبهذا زالت المصلحة لمن صدر لصالحهما هذا القرار في تنفيذه، بل إن ظروف الحال وملابساته تدل على أن تنفيذه بعد زوال مصلحة ذوي الشأن في ذلك إنما تم انحراف السلطة؛ إذ انتهزت الفرصة لتمهيد السبيل لترقية آخرين لم يكوناً طرفاً في المنازعة للدرجة الثالثة الإدارية، مع أنهما كاناً يليان المدعيين في ترتيب الأقدمية في الدرجة الرابعة الإدارية، ولو أنهما بقيا في الكادر الإداري لكان بقاؤهما يحول دون ترقيتهما؛ باعتبارهما على رأس ترتيب الأقدمية، وكفايتهما لا مطعن عليها، فضلاً عن أنهما حائزان على مؤهل عال، ولكن قصد من التنفيذ إبعادهما عن هذا الكادر بغرض فتح الطريق لترقية الموظفين المشار إليهما، فانحرف التنفيذ بذلك عن الجادة، وتنكب الطريق السوي؛ مما يعيبه بإساءة استعمال السلطة، يقطع في ذلك أنه كانت توجد درجات إدارية خالية ممن الممكن إتمام التنفيذ عليها دون المساس بالمطعون عليهما لو خلصت النية واستقام التنفيذ، ولكنه قد شابه الغرض.


إجراءات الطعن

في 11 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 19 من يونيه سنة 1957 في الدعوى رقم 8754 لسنة 8 قضائية المرفوعة من السيد/ محمد عبد الوهاب حسنين وآخر ضد وزارة الأوقاف، والذي قضى بإلغاء قرار وزارة الأوقاف الصادر في 28 من مارس سنة 1954 بنقل المدعيين إلى الكادر الكتابي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وكذلك إلغاء قرار وزارة الأوقاف الصادر في 29 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعيين في الترقية للدرجة الثالثة الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعيين المصروفات. وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 4 سبتمبر سنة 1957، وإلى المطعون ضدهما في 12 من سبتمبر و3 من أكتوبر سنة 1957، وعينت لنظره جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 8754 لسنة 8 قضائية على وزارة الأوقاف بعريضة أودعاها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 16 من يونيه سنة 1954 طلبا فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الأوقاف في 28 من مارس سنة 1954 بنقلهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلغاء القرار الصادر في 29 من أبريل سنة 1954 بإجراء ترقيات من الدرجة الرابعة إلى الدرجة الثالثة فيما تضمنه من تخطيهما في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في دورهما بحكم أقدميتهما في الدرجة الرابعة الإدارية، وإلزام الحكومة بمصروفات الدعوى مقابل أتعاب المحاماة. وقالا في بيان ذلك إن المدعي الأول محمد عبد الوهاب حسنين حصل على إجازة الليسانس في القوانين سنة 1926، والتحق بخدمة وزارة الأوقاف في أول مارس سنة 1928 في إحدى وظائف الكادر الكتابي، ورقي إلى الدرجة الرابعة الكتابية اعتباراً من أول مايو سنة 1946. وأن المدعي الثاني نجيب محفوظ حصل على الليسانس في الآداب سنة 1934، وقد التحق بخدمة الحكومة في 11 من نوفمبر سنة 1934 في وظائف السلك الكتابي، ثم نقل إلى خدمة وزارة الأوقاف في يناير سنة 1939، ورقي إلى الدرجة الرابعة الكتابية في 30 من أبريل سنة 1948. وفي 10 من مايو سنة 1953 نقل المدعي الأول من وظيفة رئيس قلم بقسم القضايا إلى وظيفة مفتش مالي بالكادر الإداري، كما نقل المدعي الثاني من وظيفة رئيس كتبة قسم الهندسة إلى وكيل مؤسسة القرض الحسن بالدرجة الرابعة الإدارية أيضاً. وفي 28 من مارس سنة 1954 صدر قرار من وكيل الوزارة بإلغاء قرار نقلهما إلى الكادر الإداري وإعادتهما إلى وظائف الكادر الكتابي. واستند هذا القرار إلى أن اثنين من موظفي الوزارة الذين كانوا قد نقلوا من وظائف الكادر الإداري إلى وظائف الكادر الكتابي تظلماً إلى اللجنة القضائية طالبين إلغاء قرار نقلهما الصادر في 10 من مايو سنة 1953 إلى الكادر الكتابي، وقد أجابتهما اللجنة إلى ما طلبا؛ مسببة قرارها بأن النقل قد تجاوز الهدف الذي رسمه المشرع من إصدار المرسوم رقم 42 لسنة 1953 والقانون رقم 87 لسنة 1953؛ مما يجعل القرار مشوباً بعيب انحراف السلطة. وقال المدعيان إنه لا شأن لهما في النزاع الذي فصلت فيه اللجنة القضائية؛ إذ لم تتعرض لحالتيهما، وأضافا أن القرار صدر في 31 من مارس سنة 1953 ومضى على صدوره أكثر من ستين يوماً دون أن يصدر حكم قضائي بإلغائه فأصبح حصيناً من الإلغاء أو السحب، وقالا إن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 منعت نقل الموظف إذا كان النقل يفوت عليه دوره في الترقية. وقد خلت بالوزارة درجات ثالثة بالكادر الإداري شغلتها بموظفين متأخرين في أقدمية الدرجة الرابعة عن المدعيين، وقد صدر القرار في 29 من أبريل سنة 1954 بترقية عبد الكريم الخطيب وعبد الفتاح الشناوي الحاصلين على دبلوم دار العلوم إلى الدرجة الثالثة مع أنهما أحدث عهداً من المدعيين، سواء في الالتحاق بالخدمة أو في أقدمية الدرجة الرابعة. وأضافا أن قرار نقلهما إلى الكادر الكتابي قد صدر من وكيل الوزارة دون عرضه على لجنة شئون الموظفين، فوقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الوزارة ردت على الدعوى بقولها إنه في 10 من مايو سنة 1953 صدر قرار وزاري بنقل بعض الموظفين بالكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وبالعكس، وقد تضمن نقل المدعي الأول مفتشاً المالي والمدعي الثاني وكيلاً لمؤسسة القرض الحسن من الدرجة الرابعة بالكادر الإداري، إلا أن بعض الموظفين الذين تقرر نقلهم من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي تقدموا بتظلمات إلى اللجنة القضائية التي قررت إلغاء القرار الوزاري سالف الذكر فيما تضمنه من نقل المتظلمين من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي، وما يترتب عليه من آثار؛ لتجاوزه الهدف الذي رسمه المشرع من إصدار المرسوم رقم 42 لسنة 1953 والقانون رقم 87 لسنة 1953؛ مما يجعل القرار الوزاري مشوباً بانحراف السلطة. وقد استفتت الوزارة الشعبة الثقافية والاجتماعية في ملاءمة الطعن في قرار اللجنة القضائية من عدمه، ورأت عدم الطعن فيه فأصبح نهائياً واجب التنفيذ. وتنفيذاً لهذا القرار قامت الوزارة بإلغاء القرار الصادر في 10 من مايو سنة 1953 فيما تضمنه من نقل المدعيين إلى الكادر الإداري وإعادتهما إلى الكادر الكتابي، وكذا نقل محمد محمد صبح وسعيد مصطفى لطفي إلى الكادر الإداري، وذلك بالقرار الصادر من السيد وكيل الوزارة الدائم في 28 من مارس سنة 1954. وقالت الوزارة عن قرار ترقية عبد الكريم الخطيب وعبد الفتاح الشناوي إلى الدرجة الثالثة الإدارية في 29 من أبريل سنة 1954 إن المدعيين لم يكوناً مدرجين في كشف أقدمية موظفي الكادر الإداري وقت صدور القرار؛ لأنهما نقلا إلى الكادر الكتابي قبل ذلك بقرار 28 من مارس سنة 1954.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) قضت بجلسة 19 من يونيه سنة 1957 بإلغاء قرار وزارة الأوقاف الصادر في 28 من مارس سنة 1954 بنقل المدعيين إلى الكادر الكتابي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلغاء قرارها الصادر في 29 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعيين في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل الأتعاب. وبنت قضاءها على أن اللجنة القضائية إذ قررت إلغاء القرار الوزاري الصادر في 30 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من نقل محمد صبح ومصطفى لطفي من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي لم تشر إلى وجود ارتباط بين نقلهما ونقل المدعيين ولم تفحص حالة الأخيرين، وأن لجنة شئون الموظفين لم توص بإجراء تبادل في الدرجات بينهم حتى يكون للوزارة حجة لنقل المدعيين بالذات من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي؛ الأمر المخالف للقانون، وكان يتعين على الوزارة أن تدبر لمحمد صبح ومصطفى لطفي وظائف في الكادر الإداري تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية دون المساس بالمدعيين، خصوصاً وأن النقل لم يكن إلى وظائف مخصصة في الميزانية، بل إلى درجات ووظائف غير مخصصة. وقالت عن الطلب الثاني إن أقدمية المدعيين كانت تسمح لهما بالترقية إلى الدرجة الثالثة في الكادر الإداري لو أنهما بقياً فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار الذي تضمن نقل المدعيين إلى الكادر الإداري تضمن في الوقت ذاته نقل المتظلمين إلى الكادر الكتابي وذلك بطريق التبادل بينهما، فإذا ألغي القرار الصادر بنقل بديليهما وجب إلغاء ما ترتب عليه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محضر لجنة شئون الموظفين بالوزارة بجلستها المنعقدة في 30 من مارس سنة 1953 أن اللجنة رأت - تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 42 لسنة 1953 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 87 لسنة 1953 ومراعاة لمصلحة العمل - أن تختار من بين من يحملون مؤهلات عالية في وظائف كتابية لشغل درجات إدارية يشغلها موظفون لا يحملون مؤهلات مناسبة ممن تنقصهم الخبرة أو كانوا حديثي عهد بالعمل الإداري ونقل هؤلاء بدلاً منهم للوظائف الكتابية. وقد استقر رأي اللجنة على أن ينقل بطريق التبادل بين الدرجة الإدارية والدرجة الكتابية كل من: (1) محمد صبح وكيل قسم المخازن لوظيفة رئيس قلم بقسم الحسابات. (2) محمد مصطفى لطفي مفتش بالتفتيش المالي، ينقل إلى رئيس قلم بقسم الحسابات. (3) ومحمد عبد الوهاب حسنين رئيس قلم بالقضايا، ينقل إلى وظيفة مفتش بالتفتيش المالي. (4) ونجيب محفوظ عبد العزيز رئيس كتبة قسم الهندسة، ينقل لوظيفة وكيل مؤسسة، ولم يشمل القرار نقل أحد في الدرجة الرابعة غير هؤلاء بطريق التبادل بين الكادرين الإداري والكتابي، وإن كان القرار قد شمل نقل موظفين آخرين من الدرجتين الخامسة والسادسة بطريق التبادل بين موظفي الكادرين. وقد اعتمد الوزير محضر لجنة شئون الموظفين في 31 من مارس سنة 1952. وقد أصدرت الوزارة في 10 من مايو سنة 1953 إذناً بتنفيذ قرار النقل المشار إليه اعتباراً من 31 من مارس سنة 1953 تاريخ اعتماده من الوزير.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة محمد صبح أنه حصل على الشهادة الابتدائية سنة 1912، وعين بوزارة الأوقاف تلميذاً بلا درجة بمرتب قدره ثلاثة جنيهات شهرياً في 8 من مارس سنة 1912 بقسم الإدارة، وأخذ يتدرج في الوظائف حتى رقي إلى وظيفة وكيل بقسم المخازن والمشتريات من 22 من يناير سنة 1949، ورقي إلى الدرجة الرابعة من 31 من أغسطس سنة 1950، وفصل من الخدمة في 22 من نوفمبر سنة 1953 لبلوغه السن القانونية، وبلغت مدة خدمته 14 يوم و8 شهر و40 سنة، كما تبين من مطالعة ديباجة القرار الصادر في 28 من مارس سنة 1954 بأنه قد صدر قرار وزاري في 10 من مايو سنة 1953 بنقل محمد صبح ومحمد مصطفى لطفي من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي، فتظلما إلى اللجنة القضائية من هذا النقل، وقضت بجلسة 8 من سبتمبر سنة 1953 بإلغاء القرار الوزاري سالف الذكر فيما تضمنه من نقلهما من الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي، وما يترتب على ذلك من آثار؛ لتجاوز القرار الهدف الذي رسمه المشرع في إصدار المرسوم رقم 42 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1953؛ بما يجعل القرار الوزاري منحرفاً السلطة. وقد رأت الشعبة الثقافية والاجتماعية بمجلس الدولة عدم ملاءمة الطعن فيه، فأصبح من المتعين تنفيذه بإلغاء القرار الوزاري الصادر في 10 من مايو سنة 1953 فيما تضمنه من نقل المذكورين (مع ملاحظة أن الأول محمد صبح قد فصل من الخدمة لبلوغه السن القانونية اعتباراً من 22 من نوفمبر سنة 1953، وأن الثاني محمد مصطفى لطفي قد ندب للعمل بوزارة الإرشاد القومي، مما يستتبع نقل محمد عبد الوهاب حسنين ونجيب محفوظ إلى الكادر الكتابي).
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة محمد عبد الوهاب حسنين أنه حصل على ليسانس الحقوق سنة 1926، وعين كاتباً بوزارة الأوقاف في 9 من أكتوبر سنة 1928، ثم رقي للدرجة السابعة في أول فبراير سنة 1937، وتدرج حتى الدرجة الرابعة في أول أغسطس سنة 1947. كما يبين من الاطلاع على ملف خدمة نجيب محفوظ عبد العزيز أنه حصل على ليسانس في الآداب سنة 1934 "قسم الفلسفة"، وعين بالجامعة المصرية في 11 من نوفمبر سنة 1934 بوظيفة كاتب بقسم المستخدمين في الدرجة الثامنة بمرتب 10 جنيهات، ثم نقل إلى وزارة الأوقاف من 13 من فبراير سنة 1939 في الدرجة السابعة الكتابية براتب قدره 12 جنيهاً، ثم رقي إلى الدرجة الرابعة في 30 من أبريل سنة 1948 بوظيفة مفتش حسابات. كما يبين من الأوراق الخاصة بترتيب أقدمية المدعين بالنسبة إلى المطعون ضدهما أن محمد عبد الوهاب حسنين كان الأول؛ إذ حصل على الدرجة الرابعة في أول يوليه سنة 1947، ويليه عبد العزيز سعيد في 16 من سبتمبر سنة 1947، ثم نجيب محفوظ في 30 من أبريل سنة 1948، ويليه عبد الفتاح الشناوي في أول سبتمبر سنة 1948، ثم عبد العزيز السيد أيوب، ثم عبد الكريم محمود الخطيب في 7 من فبراير سنة 1949، وقد رقي عبد الكريم الخطيب وعبد الفتاح الشناوي إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالقرار الصادر في 29 من أبريل سنة 1954.
ومن حيث إن اللجنة القضائية - إذ قررت إلغاء القرار الوزاري المؤرخ 30 من أبريل سنة 1953 فيما تضمنه من نقل محمد صبح ومصطفى لطفي الكادر الإداري إلى الكادر الكتابي - لم تشر إلى وجود ارتباط بين نقل المذكورين ونقل المطعون ضدهما من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وبالعكس؛ ولذا لم تفحص حالتهم على هذا الوجه، ولم يتضمن قرارها إلغاء نقل المطعون عليهما على وجه التخصيص، ومن ثم فإن التنفيذ السليم لقرار اللجنة القضائية كان يجب أن يكون في حدود هذا المقتضى وبالقدر اللازم لتنفيذه، وهذا المقتضى هو أن يعتبر المتظلمان وكأنهما لم ينقلا إلى الكادر الكتابي، بل يعتبران في الكادر الإداري، ولكن هناك واقعاً جدَّ بعد صدور القرار وقبل تنفيذه يجب أن يؤخذ في الاعتبار لدى هذا التنفيذ؛ ذلك أن أحد المتظلمين - وهو محمد صبح - كان أحيل إلى المعاش في 22 من نوفمبر سنة 1953، كما هو ثابت بملف خدمته وكذا بالقرار المطعون فيه، وأن الثاني - مصطفى لطفي - كان قد ندب للعمل بوزارة الإرشاد القومي في مايو سنة 1953، وذلك قبل تنفيذ قرار اللجنة القضائية الصادر في 28 من مارس سنة 1954، وقد استطال الندب حتى نقل نهائياً إلى تلك الوزارة في 6 من يونيه سنة 1954؛ وبهذا زالت المصلحة لمن صدر لصالحهما هذا القرار في تنفيذه، بل إن ظروف الحال وملابساته تدل على أن تنفيذه بعد زوال مصلحة ذوي الشأن في ذلك إنما تم بانحراف السلطة؛ إذ انتهزت الفرصة لتمهيد السبيل لترقية آخرين لم يكونا طرفاً في المنازعة، وهما عبد الكريم الخطيب وعبد الفتاح الشناوي اللذان صدر لصالحهما بعد ذلك القرار الثاني المطعون فيه في 29 من أبريل سنة 1954، بترقيتهما للدرجة الثالثة الإدارية، مع أنهما كانا يليان المدعيين في ترتيب الأقدمية في الدرجة الرابعة الإدارية، ولو أنهما بقيا في الكادر الإداري لكان بقاؤهما يحول دون ترقيتهما، باعتبارهما على رأس ترتيب الأقدمية وكفايتهما لا مطعن عليها، فضلاً عن أنهما حائزان على مؤهل عال. ولكن قصد من التنفيذ إبعادهما عن هذا الكادر بغرض فتح الطريق لترقية الموظفين المشار إليهما، فانحرف التنفيذ بذلك عن الجادة وتنكب الطريق السوي، مما يعيبه بإساءة استعمال السلطة. يقطع في ذلك أنه كانت توجد درجات إدارية خالية ممن الممكن إتمام التنفيذ عليها دون المساس بالمطعون عليهما لو خلصت النية واستقام التنفيذ، ولكنه قد شابه الغرض كما سلف إيضاحه؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، فيتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.