الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعنان 332 ، 399 لسنة 39 ق جلسة 7 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 14 ص 169

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد, وعبد القادر النشار, والسيد محمد السيد الطحان, وادوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(14)

الطعن رقم 332، 399 لسنة 39 القضائية

إدارة محلية 

- انتخابات المجالس الشعبية المحلية - جمعية الانتخاب - ميعاد الإدلاء بالأصوات. المادة (28) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.

---------------
حدد المشرع القواعد والإجراءات التي يتعين مراعاتها عند إجراء العملية الانتخابية - نظم المشرع كيفية الإدلاء بالأصوات واختصاصات رئيس اللجان الانتخابية والمقصود بجمعية الانتخاب ومن له حق الحضور - حدد المشرع ميعاد عملية الانتخاب والوقت المحدد لها كما عالج حالة وجود ناخبين في جمعية الانتخاب إلى الساعة الخامسة دون إبداء آرائهم - المواعيد المنصوص عليها في المادة (28) المشار إليها هي مواعيد جوهرية لا يجوز إغفالها ولا يجوز إنقاصها - عدم مراعاة المواعيد يترتب عليه البطلان للعملية الانتخابية ذاتها - أساس ذلك: أنها من الإجراءات الجوهرية المصاحبة لحق الناخب عند الإدلاء بصوته - لا وجه للقول بأنها من قبيل المواعيد التنظيمية ولا يترتب على مخالفتها البطلان - هذا القول ينطوي على إخلال بالضمانات التي كفلها القانون لتنظيم عملية الانتخاب - تطبيق.


إجراءات الطعنين

بتاريخ 14/ 11/ 1992 أودع الأستاذ/ ....... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن د/ ......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 357 لسنة 15 ق، الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت محافظ الدقهلية المصروفات وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من وقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة المقعد الفردي لمجلس محلي المحافظة عن مركز دكرنس والقضاء مجدداً برفض هذا الطلب وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وبتاريخ 21/ 11/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الدقهلية ورئيس اللجنة العامة لفرز وإعلان نتيجة الانتخابات بمحافظة الدقهلية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/ 11/ 1992 في الدعوى رقم 357 لسنة 15 ق والذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وطلب الطاعنان أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد تم إعلان الطعنين قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وعينت جلسة 16/ 11/ 1992 لنظر الطعن رقم 332 لسنة 39 أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 18/ 1/ 1993 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 399 لسنة 39 إلي الطعن رقم 332/ 39 ليصدر فيهما حكم واحد، والحكم يصدر بجلسة 15/ 3/ 1993 وصرحت المحكمة لمن يشاء بتقديم مذكرات خلال أربعة أسابيع.
قدم محامي المطعون ضده مذكرة خلال الأجل أوضح فيها أن ما استند إليه في دعواه التي أقامها أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، هو البطلان الذي لحق عملية الانتخاب نتيجة إجرائها على خلاف حكم المادة 28 من القانون رقم 73 لسنة 1956 التي توجب بدء أعمال اللجان في الثامنة صباحاً في اليوم المحدد للانتخاب وأن توالي اللجان عملها حتى الساعة الخامسة مساءً من ذات اليوم والقاعدة التي قررتها المادة المشار إليها هي قاعدة آمره متعلقة بالنظام العام ومخالفتها تشكل خطأ يرتب البطلان المطلق لكل إجراء مخالف لها، وهو ما اعتنقته محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون فيه، ذلك أن الانتخابات موضوع النزاع الماثل بدأت في الساعة الثانية مساء يوم 3/ 11/ 1992 بدلاً من الثامنة صباح ذات اليوم أي أن مدة الإدلاء بأصوات الناخبين انتقصت إلى ثلاث ساعات بدلاً من تسع ساعات حسب نص المادة 28 المشار إليها وهو ما أفسد إرادة الناخبين ولم يمكنهم من الإدلاء بأصواتهم لأن عدد الناخبين المقيدين بدائرة بني عبيد 18200 ناخب وعدد الذين تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم 2215 ناخب وأنه لو أتيحت الفرصة لناخبي بني عبيد جميعاً لتغير وجه النتيجة وفاز المطعون ضده. وأوضح المطعون ضده أن تأخير بدء عملية الانتخابات كان نتيجة للأخطاء التي شابت العملية الانتخابية بوجه عام مما أدى إلى وجود منازعة قضائية انتهت إلى إلغاء قرارات لجان الاعتراضات وهو ما لم يكن متوقعاً من الجهة الإدارية فاضطرت إلى تجهيز بطاقات الرأي وإعادة طبعها تنفيذاً للأحكام الصادرة في هذا الشأن، وأن الشهادة المحررة بمعرفة المشرف على عملية الانتخابات في بني عبيد تؤيد ذلك الخلل الذي أصاب عملية الانتخابات وخلص المطعون ضده إلى الميعاد المنصوص عليه في المادة 28 هو ميعاد يتحتم الأخذ به.
وقدم الطاعن في الطعن رقم 332 لسنة 39 مذكرة أوضح فيها أن المطعون ضده لم يختصمه في الدعوى التي أقامها رغم أنه هو الخصم الأصيل فيها لأنه هو الذي أعلن عن فوزه بالمعقد الفردي للمحافظة عن مركز دكرنس، ورغم أنه تدخل في الدعوى بجلسة 9/ 11/ 1992 إلا أن الحكم أغفل تدخله ولم يورد اسمه كخصم متدخل وأضاف الطاعن بأن أوراق الدعوى خالية من أي دليل يفيد بدء العملية الانتخابية متأخرة عن موعدها، وشكك في محضر إثبات الحالة وفي الورقة الموقعة من المستشار رئيس لجنة الانتخابات. وخلص إلى أن المشرع لم يرتب البطلان على مخالفة ميعادي بدء وانتهاء العملية الانتخابية لأنها من مثيل الإجراءات التنظيمية.
وبجلسة 15/ 3/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى الإدارية العليا لنظرهما والتي حددت جلسة 18/ 4/ 1993 لنظر الطعنين أمام هذه المحكمة وتداولت المحكمة نظرهما على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت النطق بالحكم بجلسة 7/ 11/ 1993، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده......... كان قد أقام الدعوى رقم 357 لسنة 15 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 7/ 11/ 1992 طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة انتخاب المقعد الفردي لمجلس محلي المحافظة عن مركز دكرنس وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك والإعلان عن نجاح المدعي بمقعد فردي مستقل بمجلس محلي المحافظة عن مركز دكرنس.
وقال شارحاً دعواه أنه بتاريخ 3/ 11/ 1992 جرت عملية الانتخابات على مستوى مقعد مجلس محلي المحافظة عن مركز دكرنس، إلا أن فتح باب لجان الانتخابات بمدينة بني عبيد التي ينتمي إليها المدعي بدأ الساعة الثانية بعد الظهر وقد تحرر بذلك محضر إثبات حالة بمعرفة الأستاذ المستشار المشرف على الانتخابات.
وأضاف المدعي أن موعد إجراء الانتخابات هو من الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساءً, وهو الأمر الذي لم تراعه الجهة الإدارية مما ترتب عليه أن عدداً هائلاً من الناخبين (18ألف) امتنع عليهم الإدلاء بأصواتهم، وأغلق باب التصويت في الخامسة والنصف تقريباً رغم كثافة جمهور الناخبين الأمر الذي ترتب عليه إهدار أصوات العديد من الناخبين بالنسبة للمدعي بحكم أن "بني عبيد" هي بلدته ومسقط رأسه.
وأضاف المدعي أن مخالفات أخرى كثيرة شابت العملية الانتخابية نتيجة للمخالفة القانونية المشار إليها سلفاً.
وبجلسة 9/ 11/ 1992 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت محافظ الدقهلية مصروفات هذا الطلب.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من نص المادة 28 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية أن العملية الانتخابية تبدأ من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الخامسة مساءً من ذات اليوم المقرر لإجراء الانتخابات، حتى يتمكن الناخبون من التعبير عن إرادتهم الحرة لاختيار أفضل المرشحين، ولما كانت العملية الانتخابية بدأت بعد الساعة الثامنة دون تحديد لها بما يوازي المدة المنقوصة من المدة المقررة لإجراء العملية الانتخابية، مما يجعلها مشوبة بالبطلان لوقوعها بالمخالفة لحكم القانون.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعنين فأقام كل منهما طعنه الماثل وقد أوضح الطاعن......... في طعنه رقم 332 لسنة 39 ق أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وكان حرياً به أن يقضي ببطلان صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام مقيد بالاستئناف، كما وأن بطلاناً في الإجراءات شاب الحكم لأن المدعي (المطعون ضده الأول) لم يختصم (الطاعن) في صحيفة دعواه بحسبان أن هذا الأخير هو الذي أعلن فوزه بالمقعد الفردي، ومن ناحية أخرى فإن الطاعن............. تدخل في الدعوى بجلسة 9/ 11/ 1992 ولم يثبت الحكم واقعة تدخله ولم يرد اسمه في أسباب الحكم ولا في ديباجته، وأخيراً - يستطرد الطاعن - فإن الحكم أخطأ في تطبيق القانون بقضائه المشار إليه لأن ميعاد بدء وانتهاء العملية الانتخابية هو من قبيل الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها البطلان.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أقامت طعنها رقم 399 لسنة 39 ق على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حينما رتب بطلان العملية الانتخابية - إعمالاً لحكم المادة 28 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية, وهو جزاء لم ينص عليه المشرع فضلاً عن أن الميعاد المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر يمتد تلقائياً عند قيام رؤساء اللجان بحصر الناخبين المتواجدين بجمعية الانتخابات في الساعة الخامسة مساءً واستمرار عمل اللجان حتى يتمكن المتواجدون فيها من الإدلاء بأصواتهم، كما أن قصوراً شاب الحكم المطعون فيه لأنه لم يشر إلى دليل واقعي أو مادي ارتكن عليه للقول بأن اللجنة لم تبدأ اعتباراً من الساعة الثامنة صباحاً، وأخيراً فإن الحكم أخطأ إذ قضى بتوافر ركن الاستعجال رغم أن القرار المطعون فيه فقد فعلاً وأن نتيجة الانتخابات تم إعلانها.
ومن حيث إنه بالجلسة المعقودة بتاريخ 18/ 1/ 1993 أمام دائرة فحص الطعون طلب محامي الطاعن........ في الطعن رقم 332 لسنة 39 ق قبول تدخله تدخلاً إنضمامياً للجهة الإدارية في طعنها رقم 391 لسنة 39 ق.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 332 لسنة 39 المقام من......... فإن الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أنه قد أقيم على عدة أسباب من بينها أن المطعون ضده (المدعي في الدعوى التي صدر فيها الحكم الطعين) لم يختصمه أصلاً في الدعوى، وكان من المتعين اختصامه بحكم أنه هو الذي أعلن فوزه بالمقعد الفردي في الانتخابات التي يطلب المدعي وقف تنفيذ قرار إعلان نتيجتها، كما أن المحكمة في حكمها الطعين لم تلتفت إلى تدخل الطاعن بجلسة 9/ 11/ 1992 وأغفلت ذكر اسمه في أسباب الحكم أو ديباجته.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن الطاعن (في الطعن رقم 332/ 39) لم يختصم قانوناً أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، وأنه ظل بعيداً عن الدعوى غير ماثل فيها، وأن الأوراق المودعة بالدعوى - وبوجه خاص محضر جلسة 9/ 11/ 1992 - وردت خلواً مما يفيد مثول (الطاعن) أو وكيله بالجلسة وأنه طلب تدخله في الدعوى ولما ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفاً في الدعوى، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، وإنما يتعين عليه في هذه الحالة متى مس الحكم مصلحة له، أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيها إن رأى موجباً لذلك، وعلى ذلك فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 332/ 39 ق.
ومن حيث إنه عن طلب........... التدخل الإنضمامي في الطعن رقم 399 لسنة 39 ق فإن المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.
ومن حيث إن طالب التدخل كان قد أعلن فوزه بالمقعد الفردي في الانتخابات التي جرت يوم 3/ 11/ 1992 بمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية - والتي صدر الحكم بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة تلك الانتخابات، الأمر الذي يقيم له مصلحة حالة أو محتملة في طلب إلغاء الحكم المطعون فيه، ويكون طلب تدخله الإنضمامي المبدى منه بجلسة 18/ 1/ 1993 مقبولاً ويتعين الحكم بذلك.
ومن حيث إن الطعن رقم 399 لسنة 39 قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 3/ 11/ 1992 جرت انتخابات المرشحين لمجلس محلي المحافظة على مستوى مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية وأن إحدى مدن هذا المركز (مدينة بني عبيد) بدأ فتح باب الانتخابات فيها بعد الساعة الثامنة صباحاً وهو الميعاد المنصوص عليه في المادة 28 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
ومن حيث إن المادة 28 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية تنص على أنه "تستمر عملية الانتخاب أو الاستفتاء من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الخامسة مساءً ومع ذلك إذا وجد في جمعية الانتخاب إلى الساعة الخامسة مساءً ناخبون لم يبدوا آراءهم، تحرر اللجنة كشفاً بأسمائهم وتستمر عملية الانتخاب أو الاستفتاء إلى ما بعد إبداء رأيهم.
ومن حيث إن النص المشار إليه سلفاً ورد تحت الباب الثالث من القانون بشأن "تنظيم عمليتي الاستفتاء والانتخاب" وفيه ضبط المشرع القواعد والإجراءات التي يتعين مراعاتها عند إجراء العملية الانتخابية، ونظم كيفية الإدلاء بالأصوات واختصاصات رئيس اللجان الانتخابية، والمقصود بجمعية الانتخاب، ومن الذي له حق حضور هذه الجمعية، ومن بين القواعد التي نص عليها المشرع تلك التي وردت في المادة المشار إليها سلفاً وهي التي تتعلق بتحديد ميعاد عملية الانتخاب والوقت المحدد لها, كما عالج المشرع حالة ما إذا وجد في جمعية الانتخاب إلى الساعة الخامسة مساءاً ناخبون لم يبدوا آرائهم، الأمر الذي يبين منه أن المواعيد المنصوص عليها في المادة 28 هي مواعيد جوهرية لا يجوز إغفالها ولا يجوز إنقاصها، وأن عدم مراعاتها يترتب عليه البطلان للعملية الانتخابية ذاتها بحسبان أنها من الإجراءات الجوهرية التي تصاحب حق الناخب الذي كفله الدستور عند الإدلاء بصوته في جمعية الانتخاب وبالتالي فلا يمكن النظر إليها على أنها من قبيل المواعيد التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها البطلان لأن القول بذلك فيه إخلال بالضمانات التي كفلها القانون لتنظيم عملية الانتخاب.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق ومن محضر إثبات الحالة المحرر بمعرفة الوكيل العام للنيابة الإدارية المشرف على انتخابات بني عبيد أنه "صدرت لدائرة بني عبيد الساعة الثامنة صباحاً يوم 3/ 11/ 1992 تعليمات بعدم فتح محاضر اللجان الانتخابية عن المجالس المحلية أو مباشرة العمل بتلك اللجان لحين إرسال قائمة حزب الوفد والبطاقات المتعلقة بها، وقد وردت تلك القائمة والبطاقات الساعة 11.30 صباحاً وتبين عدم وجود قائمتي الحزب الوطني والوفد عن المدينة وتم طلبها ووردت وتم توزيعها على اللجان ثم بدأ العمل بتلك اللجان الساعة الثانية مساء ذات اليوم 3/ 11/ 1992" هذا وكان المستشار رئيس محكمة المنصورة الابتدائية رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات بمحافظة الدقهلية قد أصدر قراراً يوم 3/ 11/ 1992 الساعة 11.30 صباحاً بتأخير عملية الانتخاب في اللجان والدوائر التي بها قوائم إلى الوقت الذي تصل فيه هذه القوائم إلى هذه اللجان، على أن يتأخر موعد انتهاء عملية الانتخاب بالقدر الذي تأخرت به عملية بدئها" إلا أن المستشار عاد وأصدر قراراً آخراً الساعة 4.30 يتضمن العدول عن قراره الأول (المشار إليه) ويتم حصر الناخبين المتواجدين بجمعية الانتخاب في تمام الساعة الخامسة مساءً اليوم وتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن العملية الانتخابية لم تبدأ - في مدينة بني عبيد - الساعة الثامنة صباحاً وفقاً لما هو منصوص عليه في المادة 28 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وإنما بدأت حسبما هو ثابت بالأوراق الساعة الثانية من ذات اليوم المقرر فيه إجراء الانتخابات وأنها انتهت الساعة الخامسة دون تحديد للمدة التي انقضت حسبما هو واضح أيضاً من قرار المستشار المشرف على لجان الانتخابات بمحافظة الدقهلية، الأمر الذي يترتب عليه - ولا شك - بطلان عملية الانتخاب التي جرت في دائرة بني عبيد يوم 3/ 11/ 1992 ولا ينال من ذلك ما ساقته الجهة الإدارية الطاعنة من أنه تم حصر الناخبين المتواجدين بجمعية الانتخاب في تمام الساعة الخامسة مساء ذات يوم الانتخاب وتم تمكينهم من الإدلاء بأصواتهم، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون إعمالاً لإدارة المشرع بتمكين المتواجدون في لجان الانتخابات في الساعة الخامسة - وهو الموعد المحدد لانتهاء العملية الانتخابية - من الإدلاء بأصواتهم وما يترتب على ذلك من البقاء داخل جمعية الانتخاب لما بعد الخامسة، وهو الأمر الذي لا يصحح البطلان الذي لحق بالعملية الانتخابية لعدم البدء بالإدلاء بالأصوات اعتباراً من الساعة الثامنة صباحاً، وليس من شك في أن بدء العمل باللجان الانتخابية بمدينة بني عبيد الساعة الثانية مساءً فيه إهدار لحق دستوري كفله المشرع وهو الانتخاب ونظم كيفية القيام به وحدد الوقت الذي يمكن خلاله لكل ناخب من ممارسة حقه الدستوري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة انتخابات المقعد الفردي التي أجريت بدائرة دكرنس يوم 3/ 9/ 1992 فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه، وذلك لما شاب العملية الانتخابية من عوار بمخالفتها لنص المادة 28 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، مما يتعين معه إعادة إجرائها وفقاً للفهم القانوني الصحيح.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن رقم 332 لسنة 39 وألزمت الطاعن المصروفات وبقبول تدخل.......... خصماً منضماً إلى الطعن رقم 399 لسنة 39 ق، وبقبول هذا الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية والمتدخل المصروفات.

الطعن 18 لسنة 3 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 79 ص 924

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(79)

القضية رقم 18 لسنة 3 القضائية

عمال الجيش البريطاني 

- المناط في استحقاق الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية، أن يكون العامل قد عمل كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تعيينه في إحدى هذه الوظائف بالحكومة.

-----------------
إن الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية إنما هي خاصة بمن كان يعمل من هؤلاء العمال كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تركه الخدمة ثم عين في إحدى هذه الوظائف بالحكومة بعد ذلك؛ ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم إلى من لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني، ولو كان قد ألحق بعد ذلك بالحكومة بإحدى هذه الوظائف؛ إذ لا يستحق في هذه الحالة سوى الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها، دون الأجر المقرر في كادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية.


إجراءات الطعن

في 24 من نوفمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 24 من سبتمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 13909 لسنة 8 ق المرفوعة من وزارة الأوقاف ضد عثمان أمين أحمد، الذي قضى "برفض الطعن، وإلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية، وبرفض التظلم، مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 2 من ديسمبر سنة 1956، وللخصم في 29 من نوفمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسه 31 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن عثمان أمين أحمد قدم تظلما إلى اللجنة القضائية لوزارة الأوقاف قيد برقم 1394 لسنة 2 ق طلب فيه تغيير لقب سباك إلى كاتب مساعد، مع منحه الدرجة التاسعة بالتطبيق للمادة 22 من القانون رقم 579 لسنة 1953 المعدل للقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وقال في بيان ذلك إنه كان من عمال الجيش البريطاني في وظيفة ملاحظ عمال بمخازن الجيش، أي مساعد مخزنجي، وقد التحق بخدمة وزارة الأوقاف في 8 من نوفمبر سنة 1951، وعين في وظيفة سباك، وهو لا يعرف عن عملها شيئاً. ولما كان قيده على هذه الوظيفة جاء خطأ لعدم درايته بأعمالها، فضلاً عن أنه ألحق بقسم الهندسة واشتغل كاتب صادر القسم، فإنه - تطبيقاً لحكم المادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة - يستحق أن يوضع في وظيفة كاتب وعلى درجة، وقد ردت الوزارة على التظلم بأن المتظلم من عمال القنال وغير حاصل على مؤهلات دراسية؛ ولإلمامه بالقراءة والكتابة رأى قسم الهندسة الملحق به الانتفاع به في الأعمال الكتابية، وقام بتشغيله في هذه المهنة؛ إذ لا يوجد له عمل يتفق وحرفته المقيد بها، وهي "ملاحظ عمال" أو "رئيس عمال". هذا وعمال القنال الملحقين بالوزارة قد ألحقوا بها بصفة مؤقتة إلى أن يتم توزيعهم على جهات أخرى، كما أن أجورهم تصرف على حساب وزارة المالية والاقتصاد للخصم به على الاعتماد المخصص للصرف منه على عمال القنال، كما أنه لا يجوز تعيينه أصلاً في الدرجة التاسعة لعدم حصوله على المؤهل الدراسي المقرر للتعيين في هذه الدرجة. وبجلسة 16 من مارس سنة 1954 قررت اللجنة "استحقاق المتظلم للأجر المقرر للكتبة بكادر عمال القنال بمنحه مرتب 12 ج من تاريخ اشتغاله بوظيفة كاتب بالوزارة، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". واستندت في ذلك إلى أن "الوزارة ذهبت إلى أن المتظلم غير حاصل على مؤهل دراسي؛ ومن ثم لا يستحق الدرجة التاسعة، وهذا الذي ذهبت إليه الوزارة في محله؛ إذ أن المتظلم - وهو غير حاصل على مؤهل دراسي - لا يستحق التعيين على درجة ما، ويتعين لذلك رفض هذا الطلب"، وأنه لما كان "الكادر الخاص بعمال القنال المشتغلين بوزارات الحكومة - والمقرر بمعرفة لجنة خاصة شكلت بوزارة المالية بناء على قرار صادر من مجلس الوزراء - يقضي بأن يمنح القائم بأعمال كتابية مرتب 12 ج شهرياً"، وأنه وقد ثبت "من التظلم ومن رد الوزارة أن المتظلم يقوم بأعمال كتابية منذ عمل بالوزارة؛ فهو يستحق تسوية حالته باعتبار مرتبه 12 ج شهرياً، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 11 من سبتمبر سنة 1954 طعنت وزارة الأوقاف في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر طالبة إلغاءه؛ مؤسسة طعنها على أن المطعون ضده لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني حتى تنطبق عليه القواعد التي وضعت للكتبة والمخزنجية من عمال القنال، وأن اسمه بكشوف مصلحة العمل ورد ضمن أسماء (ملاحظ عمال)، وورد اسمه بشهادة القيد على أنه (رئيس عمل)، وورد في استمارة بيان ترك الخدمة أنه كان يشتغل بوظيفة (ملاحظ مخازن بالقصاصين)، كما ورد في تظلمه أن وظيفته بالقنال كان (ملاحظ أعمال بمخازن الجيش البريطاني)، أي مساعد مخزنجي، وكل هذه التسميات لا تنصرف إلى أنه مخزنجي، حتى يمنح الأجر المقرر لهذه الوظيفة، هذا وقيامه بعملية صادر القيودات بقسم الهندسة لا تعطيه الحق في لقب كاتب. وبجلسة 24 من سبتمبر سنة 1956 حكمت المحكمة "برفض الطعن، وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه كان من رأي اللجنة المشكلة بوزارة المالية للنظر في توزيع عمال القنال وإعادة تقدير أجورهم ودرجاتهم "أن أصحاب الحرف الذين لا توجد في الوزارات والمصالح الملحقة بها أعمال كافية لتشغيلهم جميعاً في حرفهم الأصلية أو ليست هناك حاجة لاستيفاء أربابها عملهم، فيعهد إليهم بأعمال أخرى، بشرط أن يتبين بعد الاختبار أنهم يحسنون أداءها، على أن يعطوا الأجور المقررة للأعمال التي يؤدونها فعلاً"، وأنه لما كان "المطعون ضده، كما هو ثابت من ملف خدمته، أنه كان يعمل ملاحظ مخازن بالجيش البريطاني، وقد عين بوزارة الأوقاف، ومنذ تعيينه وهو يقوم بأعمال كتابية، ومن حقه أن يأخذ أجر العمل الذي يقوم به، فإن قرار اللجنة قد بنى على سند سليم من القانون؛ ومن ثم يكون الطعن في غير محله، ويتعين رفضه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن عمال القنال الذين لا توجد أعمال حكومية تتفق مع حرفهم الأصلية يكلفون أداء أعمال تقرب من حرفهم أو توكل إليهم أية أعمال أخرى ويمنحون أجور الأعمال التي يؤدونها بالفئات المقررة في التنظيم الحكومي دون هذه الفئات التي نظمها كادر عمال القنال. فإذا كان من الثابت أن المتظلم كان يعمل ملاحظاً بالجيش البريطاني، وإذ كان لا يوجد بوزارة الأوقاف مثل هذا العمل، فقد وكل إليه أداء عمل كتابي؛ ومن ثم فإنه يعطى أجر هذا العمل، طبقاً لما هو مقرر للعمال الكتبة بكادر عمال الحكومة، وهو ما فعلته الوزارة. أما القضاء بمنحه الأجر المقرر للكتبة في كادر عمال القنال، فمن مقتضاه أن يكون المتظلم كاتباً بالجيش البريطاني ثم يعين في عمل كتابي، وهو الأمر الذي لم يتحقق الشرط الأول منه؛ فمن ثم فقد أخطأ هذا القضاء، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي كان من عمال القنال، وكان يعمل بمخازن الجيش البريطاني بالقصاصين، وقد وردت مهنته بكشوف مصلحة العمل وكذلك بكتاب مراقبة القوى العاملة (ملاحظ أعمال)، ووردت مهنته بشهادة القيد (رئيس عمال)، وقد ألحق بوزارة الأوقاف اعتباراً من 8 من نوفمبر سنة 1951 بأجر يومي قدره 200 م بخلاف إعانة الغلاء بوظيفة سباك لعدم وجود عمل بالوزارة يتفق مع عمله بالجيش، ونظراً لإلمامه بالقراءة والكتابة فقد رأى قسم الهندسة الذي ألحق به الانتفاع به في الأعمال الكتابية.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة ينحصر فيما إذا كان المدعي يستحق الأجر المقرر للكتبة والمخزنجية بكادر عمال القنال باعتبار أنه كلف بعمل كتابي بوزارة الأوقاف، أم أنه لا يستحق إلا الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها بالوزارة المذكورة.
ومن حيث إنه لا جدال في أن الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية إنما هي خاصة بمن كان يعمل من هؤلاء العمال كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تركه الخدمة ثم عين في إحدى هذه الوظائف بالحكومة بعد ذلك؛ ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم إلى من لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني، ولو كان قد ألحق بعد ذلك بالحكومة بإحدى هذه الوظائف؛ إذ لا يستحق في هذه الحالة سوى الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها، دون الأجر المقرر في كادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه ورد في أصل تقرير اللجنة التي شكلت بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني الذين تركوا خدمته على الوزارات والمصالح أن "العمال الذين لا توجد لهم أعمال حكومية تتفق وحرفهم الأصلية فهؤلاء يكلفون أعمالاً تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو أية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الأحوال، ويمنحون إذن أجوراً تتفق والأعمال المكلفين بها أو القائمين بها فعلاً". وأنه إذا عهد إلى العامل بعمل حرفة غير حرفته الأصلية في الجيش البريطاني فإنه لا يستحق أجر هذه الحرفة، بل تكون العبرة في تحديد أجره بالعمل الذي عين لأدائه في الجهة التي ألحق بها؛ ذلك أن المناط في تقدير الأجر الذي يستحقه العامل هو بنوع العمل المسند إليه أصلاً في القرار الصادر بتعيينه، وهو القرار الذي يحدد مركزه القانوني والآثار المترتبة عليه، لا بالعمل الإضافي أو التبعي، ولا بالعمل الذي يقوم به عرضاً أو تطوعاً.
ومن حيث إن المدعي لم يكن يعمل كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل التحاقه بخدمة الحكومة؛ ومن ثم فإنه لا يستحق الأجر المقرر للكتبة والمخزنجية بكادر عمال القنال، وإنما يستحق الأجر المقدر للعمل الذي أسند إليه بالقرار الصادر بتعيينه، بصرف النظر عن العمل الذي كلف به بعد ذلك.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون قد جانب الصواب، ويتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 193 لسنة 4 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 84 ص 972

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(84)

القضية رقم 193 لسنة 4 القضائية

إجازة. 

الإجازات التي يجوز منحها للمستخدمين الخارجين عن الهيئة – جواز ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض، بشرط أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً - لا يشترط لهذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة - للمستخدم الإفادة من وفر الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز تسعين يوماً كل ثلاث سنوات وأن يفيد بالنسبة لما هو دون ذلك بقدره ونسبته.

----------------
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نظم الأحكام الخاصة بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة في الباب الثاني منه، وقسم هذا الباب إلى ستة فصول أورد في الفصل الرابع منها بيان أحكام الإجازات؛ فنص في المادة 126 على أن "تنقسم الإجازات التي يجوز منحها إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة إلى ثلاثة أنواع: (1) إجازة اعتيادية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، ولا يجوز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى. (2) إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة، ويجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب ثم لمدة أخرى لا تجاوز ثلاثة أسابيع بربع مرتب. ويجوز بقرار من وكيل الوزارة منح المستخدم إجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر أخرى إذا كان المستخدم مصاباً بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل. ويرجع في تحديد أنواع الأمراض التي من هذا النوع إلى القومسيون الطبي العام. (3) إجازة مرضية بمرتب كامل للإصابة بسبب العمل للمدة التي تقررها الهيئة الطبية المختصة بحيث لا تزيد على ستة أشهر. ولوكيل الوزارة المختص أن يرخص في مدها لمدة لا تجاوز ستة أشهر أخرى". كما تنص المادة 127 على أنه "استثناء من حكم الحالة (1) من المادة السابقة يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات". ومفاد ذلك أن للمستخدم الخارج عن الهيئة في حالة المرض ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض، ويستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية، بشرط ألا تزيد مدة الإجازة الاعتيادية على تسعين يوماً كل ثلاث سنوات. والضم لا يكون ولا يتأتى قبل أن تكون هذه الإجازة مستحقة فعلاً؛ يؤيد ذلك ما ورد في المادة 127 المشار إليها من عبارة "... بما يكون له من وفر"، والإجازة لا تكون متوفرة إلا إذا كان المستخدم قد استحقها فعلاً، ولا يمنحها إلا بعد ما يكون قد أمضى في الخدمة المدة التي تجيز له الحصول على الإجازة، فالضم غير جائز قبل توافر واستحقاق الإجازة الاعتيادية، ولا يكون إلا عن طريق الانتفاع بالرصيد المتوفر الكائن فعلاً من الإجازات الاعتيادية. ويخلص من ذلك أنه لإمكان ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض يجب أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً، ولا يشترط للانتفاع من هذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة؛ إذ أن هذا تخصيص بغير مخصص، وقيد لم يتضمنه نص المادة 127 المشار إليها، فللمستخدم أن يفيد بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي أورده نص المادة 127 المشار إليه وقدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات، أما ما هو دون ذلك فله حق الإفادة منه بقدره ونسبته.


إجراءات الطعن

في يوم 15 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع المصالح بالإسكندرية بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 266 لسنة 3 ق المقامة من فاطمة محمد حسين ضد وزارة الصحة، والقاضي باستحقاق المدعية في تسوية إجازتها المرضية التي حصلت عليها عام 1955 والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام رافعتها بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى للحكومة في 20 من فبراير سنة 1958، وللمدعية في 12 من مارس سنة 1958، وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31 من يناير سنة 1959، وفي 17 من يناير سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعية بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة مودعة سكرتارية المحكمة الإدارية لجميع المصالح بالإسكندرية في 23 من يناير سنة 1956 أقامت المدعية هذه الدعوى بعد أن حصلت على قرار بالإعفاء من رسومها، وطلبت فيها الحكم لها بمبلغ 065 م و38 ج، مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت المدعية شرحاً لدعواها إنها عينت تمورجية بالمصح البحري بسان استفانو في شهر يونيه سنة 1953، وظلت تؤدي عملها بأمانة وإخلاص، إلى أن فصلها المصح في 17 من أكتوبر سنة 1955، وكانت تتقاضى مرتباً قدره 5.750 مجـ، بما في ذلك إعانة غلاء المعيشة، وذلك بعد إصابتها بمرض الروماتزم أثناء تأديتها للعمل وبسببه. وتذكر أنها تجاوزت الإجازة المرضية المستحقة لها بأجر كامل بقدر يوم. وبعد خصم هذا اليوم من الإجازة المستحقة لها يكون استحقاقها 28 يوماً بمعدل أجر يومي قدره 23 قرشاً، فيكون المبلغ المستحق لها عن الإجازة الاعتيادية 6.440 مجـ. كما تقول المدعية إنها كانت تؤدي عملها بصفة مستمرة بدون أن تحصل على الإجازة الأسبوعية في مدة السنتين اللتين عملت فيهما بالمصح؛ فيكون لها 48 يوماً إجازات أسبوعية و14 يوماً إجازات مقابل الأعياد القومية، أي أن لها 62 يوماً في السنة الواحدة، وتكون جملة الأيام التي تستحقها في السنتين 62×2=124 يوماً، ويكون المبلغ المستحق لها عن هذه الأيام هو 28.520 مجـ. كما أنها حصلت على 33 يوماً إجازة مرضية بدون مرتب في حين أنها تستحق إجازة مرضية بنصف مرتب عن ثلاثة الأسابيع الأولى منها، وجملتها 415 م و2 ج، بواقع ربع مرتب عن الإثنى عشر يوماً الباقية لها من الثلاثة والثلاثين يوماً الإجازة المرضية التي تمنح عنها مرتباً واستحقاقها عن هذه المدة 690 م، فيكون إجمالي ما تستحقه هو مبلغ 065 م و38 ج. وقد أجابت وزارة الصحة (مصح بحري إسكندرية بسان استفانو) أن المدعية عينت في 10 من يوليه سنة 1953 خادمة بالمصح بوظيفة خارج الهيئة في الدرجة الثانية بمرتب قدره 500 م و2 ج أصلي + 500 م بدل عدوى + 813 م و2 ج إعانة غلاء؛ فيكون المجموع = 813 م و5 ج، وصرف لها مرتبها حتى 31 من مارس سنة 1955، وكانت تمنح يوماً راحة بماهية كل أسبوع، كما كانت تحصل على جميع الإجازات الرسمية. ولانقطاعها عن العمل 15 يوماً من 6 من يونيه سنة 1955 بدون إذن تقرر فصلها، واعتبر تاريخ فصلها يوم 6 من يونيه سنة 1955. وأوضحت الجهة الإدارية ببيان الإجازات منذ تعييناها في 10 من يوليه سنة 1953 كالآتي: 1 - يوم واحد اعتيادي سنة 1953. 2 - اثنا عشر يوماً إجازة مرضية ومثلها اعتيادية سنة 1954. 3 - ستة وسبعون يوماً إجازة مرضية سنة 1955 على فترات متقطعة ابتداء من 12 من فبراير سنة 1955 إلى 3 من مايو سنة 1955. وبدلاً من عودتها للعمل، كما قرر القومسيون، حررت المدعية للمصح بتاريخ 4 من مايو سنة 1955 بأنها ما زالت مريضة، ولا يمكنها العودة لشدة مرضها، فحرر المصح للقومسيون الطبي، فأفاد بكتابه المحرر في 10 من مايو سنة 1955 بأن "الصحة طبيعية وتعود لعملها باكر 11 من مايو سنة 1955"، ومع ذلك لم تعد المدعية أيضاً، وحررت للمصح في 11 من مايو سنة 1955 بأنها ما زالت مريضة، فحر المصح للقومسيون مذكرة مستوفاة في 16 من مايو سنة 1955، وطلب رأيه باعتباره جهة الاختصاص عن مدى صلاحية المدعية للعمل، فقرر القومسيون الطبي بأنه كشف بتاريخ 6 من يونيه سنة 1955 على المدعية فوجدها لائقة للبقاء في الخدمة، ومع ذلك لم تعد، وانقطعت عن العمل 15 يوماً بعد هذا التاريخ بدون إذن، فتم فصلها اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1955. ويذكر المصح أن الفصل لم يتم كما ذكرت المدعية لأنه لم يتم شفاؤها، بل إن سبب الفصل انقطاعها عن العمل منذ 6 من يونيه سنة 1955 بدون إذن، ولم يصرف مرتبها منذ أول أبريل سنة 1955 لحين انتهاء الإجازة وعمل التسوية. وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة باستحقاق المدعية في تسوية إجازتها المرضية التي حصلت عليها والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه - بالنسبة إلى طلب المدعية أجر أيام الإجازات الاعتيادية - "لما كان المشرع، كالثابت من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، لم يقوّم الإجازات الاعتيادية بأجر فإنها تسقط سنة فسنة، كالمستفاد من نص المادة 126 من هذا القانون؛ يؤيد ذلك أن ضمها غير جائز إلا بالانتفاع من المتجمد منها لثلاث سنين في حالة المرض طبقاً لنص المادة 127 من ذات القانون؛ ومن ثم يكون الطلب الأول للمدعية حقيقاً بالرفض. وبالنسبة لأيام الراحات والعطلات الرسمية فقد ذكرت الجهة الإدارية أنها كانت تمنح المدعية تلك الأيام والعطلات؛ وإذا عجزت المدعية عن إثبات هذا الطلب؛ فمن ثم فهو الآخر حقيق بالرفض. وبالنسبة إلى الطلب الثالث، وهو الخاص بأجر أيام الإجازات المرضية، فتقول المحكمة إن نص الفقرة الثانية من المادة 126 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يقرر إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة ثلاثة أسابيع في السنة، أي 21 يوماً، يجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب، ثم لمده لا تجاوز المدة السابقة بربع مرتب. وإذ صرفت الجهة الإدارية مرتب المدعية كاملاً حتى 31 من مارس سنة 1955 فإنه لبيان وجه الحق في استحقاق أجر أيام الإجازات المرضية ينبغي تحديد الإجازات السابقة على هذا التاريخ واللاحقة له. وإذ حصلت المدعية على إجازات مرضية: 7 أيام من 12 من فبراير سنة 1955، ثم 20 يوماً من 19 من فبراير، ثم 15 يوماً (7 أيام من 23 من مارس + 8 أيام فرق إجازة مرضية من 15 إلى 23 من مارس كقرار القومسيون الطبي) تنتهي في 29 من مارس سنة 1955، وتبلغ جملة تلك الإجازات 42 يوماً حتى 29 من مارس سنة 1955، يضاف إليها يوما 30 و31 من مارس سنة 1955 من الإجازات المقبلة، فتكون قد صرفت أجر 44 يوماً إجازة مرضية بمرتب كامل ضمن مرتباتها التي صرفت حتى 31 من مارس سنة 1955، في حين أنها لا تستحق إجازة مرضية بمرتب كامل غير 21 يوماً، فيكون رصيدها المدين من تلك الإجازات اعتباراً من أول أبريل هو 23 يوماً (44 – 21 يوماً)، يضاف إليه الإجازات المرضية التي حصلت عليها من أول أبريل سنة 1955، وهي بحسب إجابة الجهة الإدارية 32 يوماً، فتكون الجملة 55 يوماً. ولما كان للمدعية الحق في إجازة مرضية قدرها 21 يوماً بنصف مرتب، ومثلها بربع مرتب، أي 10.5 يوماً + 5 و1/4 يوماً بمرتب كامل = 15 و3/ 4 يوماً كاملاً، فيصبح الباقي المدين 39 و1/4 يوماً؛ ولما كانت المادة 127 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضي بأنه استثناء من حكم الحالة (1) من المادة 126 يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ ولما كان هذا النص مقرراً لمصلحة المستخدم فهو ليس جوازياً متروكاً لجهة الإدارة، كما أنه لا يشترط في تطبيقه أن يكون المستخدم قد أمضى عليه ثلاث سنوات في الخدمة؛ لأن المشرع قصد بالفقرة الأخيرة ألا يفيد المستخدم بما يجاوز الحد الأقصى المقرر، أما ما دون ذلك فله حق الإفادة منه. ولما كان الثابت أن للمدعية رصيداً سابقاً من الإجازات الاعتيادية لم تحصل عليه؛ إذ منحت يوماً يوم واحداً في عام 1953، كما منحت 12 يوماً في عام 1954، ولم تمنح إجازة اعتيادية في عام 1955، فإنه ينبغي تسوية إجازاتها المرضية الزائدة عن الحد المقرر عن طريق الانتفاع بإجازاتها الاعتيادية المستحقة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية. وقد انتهت المحكمة إلى أنه لما تقدم يتعين الحكم للمدعية باستحقاقها تسوية إجازاتها المرضية التي حصلت عليها في سنة 1955 والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة في 10 من يوليه سنة 1953 حتى تاريخ فصلها في 6 من يونيه سنة 1955، وصرف ما يترتب على هذه التسوية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه - طبقاً للمادة 127 من القانون رقم 210 لسنة 1951 واستثناء من حكم الحالة (1) من المادة 126 - يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر في الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ ولما كان الحكم المطعون فيه قد فسر هذه الحالة على أساس أنها لا تشترط أن يكون المستخدم قد أمضى ثلاث سنوات في الخدمة، بل إن المشرع قصد ألا يفيد المستخدم بما يجاوز الحد الأقصى المقرر، أما ما دون ذلك فله حق الإفادة منه؛ وإذا كان نص المادة 127 استثناء من القاعدة التي تضمنتها المادة 126 والتي جعلت مدة الإجازة الاعتيادية بمرتب كامل للمستخدم ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، لم تجز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى، وكان هذا الاستثناء قاصراً على منح المستخدم الانتفاع بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ مما يؤكد أن الضم غير جائز قبل توافر هذه المدة؛ فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بغير ذلك - يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار الأوراق أن المدعية - وهي من فئة المستخدمات الخارجات عن الهيئة بالدرجة الثانية - عينت خادمة بالمصح البحري بمرتب قدره 500 م و2 ج ابتداء من 10 من يوليه سنة 1953، وفصلت اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1955، وصرف لها مرتبها حتى 31 من مارس سنة 1955. بيان الإجازات منذ تعيينها كالآتي: 1 - يوم واحد اعتيادي سنة 1953. 2 - اثنا عشر يوماً إجازة مرضية ومثلها اعتيادية عام 1954. 3 - 76 يوماً إجازة مرضية سنة 1955، ولم تكن الإجازة المرضية بسبب العمل.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نظم الأحكام الخاصة بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة في الباب الثاني منه، وقسم هذا الباب إلى ستة فصول أورد في الفصل الرابع منها بيان أحكام الإجازات؛ فنص في المادة 126 على أن "تنقسم الإجازات التي يجوز منحها إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة إلى ثلاثة أنواع: (1) إجازة اعتيادية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، ولا يجوز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى. (2) إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة، ويجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب، ثم لمدة أخرى لا تجاوز ثلاثة أسابيع بربع مرتب. ويجوز بقرار من وكيل الوزارة منح المستخدم إجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر أخرى إذا كان المستخدم مصاباً بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل. ويرجع في تحديد أنواع الأمراض التي من هذا النوع إلى القومسيون الطبي العام. (3) إجازة مرضية بمرتب كامل للإصابة بسبب العمل للمدة التي تقررها الهيئة الطبية المختصة بحيث لا تزيد على ستة أشهر. ولوكيل الوزارة المختص أن يرخص في مدها لمدة لا تجاوز ستة أشهر أخرى"، كما تنص المادة 127 على أنه "استثناء من حكم الحالة (1) من المادة السابقة يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات".
ومن حيث إن مفاد ذلك أن للمستخدم الخارج عن الهيئة في حالة المرض ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض، ويستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية، بشرط ألا تزيد الإجازة الاعتيادية على تسعين يوماً كل ثلاث سنوات، والضم لا يكون ولا يتأتى قبل أن تكون هذه الإجازة مستحقة فعلاً؛ يؤيد ذلك ما ورد في المادة 127 المشار إليها من عبارة "... بما يكون له من وفر"، والإجازة لا تكون متوفرة إلا إذا كان المستخدم قد استحقها فعلاً، ولا يمنحها إلا بعد ما يكون قد أمضى في الخدمة المدة التي تجيز له الحصول على الإجازة، فالضم غير جائز قبل توافر واستحقاق الإجازة الاعتيادية؛ ولا يكون إلا عن طريق الانتفاع بالرصيد المتوفر الكائن فعلاً من الإجازات الاعتيادية.
ومن حيث إنه على هذا الأساس وعلى مقتضى هذا التفسير تستحق المدعية تسوية إجازاتها المرضية مما قد يكون لها من وفر من الإجازات الاعتيادية المستحقة لها عن المدة التي قضتها في الخدمة ابتداء من تاريخ تعيينها اعتباراً من 10 من يوليه سنة 1953 إلى تاريخ فصلها من الخدمة الحاصل في 6 من يونيه سنة 1955، على أساس أنها تستحق إجازة اعتيادية لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة؛ عملاً بالبند (1) من المادة 126 السابق الإشارة إليها.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أنه لإمكان ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض يجب أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً، ولا يشترط للانتفاع من هذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة؛ إذ أن هذا تخصيص بغير مخصص وقيد لم يتضمنه نص المادة 127 آنف الذكر؛ فللمستخدم أن يفيد بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي أورده نص المادة 127 المشار إليه وقدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات، أما ما هو دون ذلك فله حق الإفادة منه بقدره ونسبته.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الحكم المطعون فيه صحيح فيما انتهى إليه؛ فيكون الطعن - والحالة هذه - على غير أساس من القانون، ويتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 125 لسنة 4 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 83 ص 961

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-------------

(83)

القضية رقم 125 لسنة 4 القضائية

قانون 

- الأصل أن يكون نفاذه من تاريخ العلم به - افتراض هذا العلم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بعد فوات ميعاد محدد من هذا النشر - عدم حساب اليوم المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد وحساب اليوم الأخير - دخول يوم النشر في المجال الزمني لنفاذ القانون القديم - أساس ذلك.

---------------
إن الأصل الدستوري هو أن القوانين لا يعمل بها إلا من تاريخ العلم بها, وأن هذا العلم يفترض من واقعة نشرها في الجريدة الرسمية أو بعد فوات ميعاد محدد من هذا النشر. والعلم - والحالة هذه - لا يفترض إلا بعد تمام واقعة معينة، فلا يبدأ المجال الزمني الحقيقي لتطبيق القانون الجديد إلا بعد اليوم المعين لتمام هذا النشر؛ لأن هذا اليوم هو فاصل زمني يمتد أربعاً وعشرين ساعة، وقد يتم النشر في أي وقت فيه، وقد يتراخى هذا الوقت لآخره، فكيف يفترض علم الناس بالقانون الجديد من أوله؟ ولذا كان الأصل المسلم في حساب المواعيد كافة أنه إذا كان الميعاد لا يبدأ قانوناً إلا بحدوث أمر معين هو الذي يعتبره القانون مجرياً للميعاد فلا يحسب منه اليوم المعتبر في نظر القانون مجرياً لهذا الميعاد، وإنما يحسب اليوم الأخير، وقد ردد قانون المرافعات هذا الأصل الطبعي في المادة 20 منه في خصوص حساب المواعيد الخاصة بهذا القانون. وتطبيقاً لهذا الأصل الطبعي ذاته في شأن تحديد المجال الزمني لكل من القانون القديم والقانون الجديد، فما دام المجال الزمني للقانون الجديد لا يبدأ إلا بعد تمام الأمر المعين الذي يعتبره الدستور هو المجرى لهذا المجال، وهذا الأمر هو تمام النشر في الجريدة الرسمية، وهذا النشر قد يتراخى لآخر اليوم كما تقدم، فإن هذا اليوم لا يدخل في المجال الزمني للقانون الجديد، بل يبدأ هذا المجال من أول اليوم التالي، وكان لا محيص من اعتبار يوم النشر ذاته داخلاً في المجال الزمني لنفاذ القانون القديم.


إجراءات الطعن

في يوم 23 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 25 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 2246 لسنة 2 القضائية المرفوعة من وزارة الحربية ضد ألفي حنا خلة، والقاضي بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم جواز الاستئناف، مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وقد أعلن الطعن للحكومة في أول فبراير سنة 1958، وللمدعي في 5 منه، وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 10 من يناير سنة 1959. وفي 21 من ديسمبر سنة 1958 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه أقام في 22 من فبراير سنة 1955 الدعوى رقم 682 لسنة 2 ق أمام المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية. وقال شرحاً لها إنه حصل على دبلوم مدرسة الفنون والصنايع، والتحق بخدمة مصلحة المواني والمنائر في 4 من يونيه سنة 1932 بماهية قدرها خمسة جنيهات شهرياً، واستمر يتقاضاها إلى 31 من أكتوبر سنة 1937، ثم زيدت ماهيته بوضعه بالدرجة الثامنة بماهية ثمانية جنيهات شهرياً من أول نوفمبر سنة 1937. ويقول إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 ومنشور وزارة المالية رقم 31 لسنة 1931 الصادر في 30 من أغسطس سنة 1931 قضياً بمنح حملة هذا المؤهل مرتباً قدره ثمانية جنيهات في الشهر بالدرجة الثامنة من بدء التعيين؛ ولذلك يتعين اعتباره في الدرجة الثامنة من بدء تعيينه الحاصل في 4 من يونيه سنة 1932 بمرتب قدره ثمانية جنيهات في الشهر، وصرف الفروق بين ما رتبته له المصلحة من أجر وبين استحقاقه، وذلك في حدود مبلغ مائتين وأربعين جنيهاً. وانتهى إلى طلب الحكم باستحقاقه لمرتب قدره ثمانية جنيهات في الشهر في الدرجة الثامنة الفنية من بدء تعيينه في 4 من يونيه سنة 1932، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المستحقة له في حدود مبلغ مائتين وأربعين جنيهاً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأجابت مصلحة المواني والمنائر على الدعوى ببيان حالة المطعون ضده بأنه حصل على دبلوم الفنون والصنايع سنة 1931، وألحق بخدمة المصلحة في 4 من يونيه سنة 1932 بصفة ملاحظ مياوم بأجر قدره مائتا مليم في اليوم على الاعتمادات بوظيفة ميكانيكي خارج الهيئة بماهية خمسة جنيهات شهرياً، وفي أول نوفمبر سنة 1937 عين في وظيفة معاون هندسة بالدرجة الثامنة الفنية بماهية 8 ج شهرياً. ولما صدر قرار الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 عومل بمقتضاه؛ بأن اعتبر في الدرجة السابعة الفنية بمرتب 9 ج شهرياً اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة لأول مرة، كما استفاد من قواعد كادر العمال اعتباراً من أول مايو سنة 1945، وطبق على حالته قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 بأن أصبح في الدرجة السادسة بعد 3 سنوات من تاريخ تعيينه الأول بمرتب 500 م و10 ج شهرياً. وأضافت مصلحة المواني والمنائر بأن المنشور رقم 3 لسنة 1929 المتضمن لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 يقضي بمنح الناجح في الامتحان النهائي لدبلوم الفنون والصنايع مكافأة قدرها 6 ج شهرياً عن مدة التمرين، ثم يمنح حامل الدبلوم عند التعيين ماهية أولية قدرها 8 ج في الشهر، ويكون التعيين في إحدى الدرجتين الثامنة أو السابعة بحسب درجة الوظيفة الخالية، ونص فيه على أن يعمل بهذه القواعد حتى تصدر لائحة الاستخدام. وتقول المصلحة إنه ظاهر من هذا النص أن جهة الإدارة لا تلتزم بمنح حامل الدبلوم الماهية المقررة له إلا عند تعيينه في الدرجة الثامنة أو السابعة حسب الخلوات، وأن هذه القواعد موقوفة بصور لائحة الاستخدام الجديدة المعبر عنها بكادر سنة 1931 الذي نفذ من أول مايو سنة 1931. أما إذا كان التعيين في أقل من هاتين الدرجتين تبعاً لظروف المصلحة المالية ولعدم وجود خلوات بها فإن التعليمات الواردة بكادر سنة 1931 تقضي بمنح الموظف الماهية المقررة للوظيفة التي يشغلها، ولا اعتداد بالمؤهل الذي يحمله، هذا إلى أن أحكام القضاء الإداري قد استقرت على أن قانون المعادلات الدراسية قد حل محل جميع القرارات والتعليمات السابقة، وهو قد طبق على المدعي فلا يجوز له المطالبة بتنفيذ قواعد أو قرارات أخرى. وختمت المصلحة ردها بطلب رفض الدعوى. وبجلسة 29 من مارس سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية باستحقاق المدعي لمرتب 8 ج شهرياً من تاريخ دخوله الخدمة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق في حدود مبلغ 240 ج، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 يلزم بمنح حامل دبلوم مدرسة الفنون والصنايع عند التعيين ماهية أولية قدرها 8 ج في الشهر، ويكون التعيين في إحدى الدرجتين الثامنة أو السابعة بحسب درجة الوظيفة الخالية، وأن حامل هذا الدبلوم يستحق على سبيل الوجوب عند التعيين في الحكومة مرتب 8 ج شهرياً، ويجب أن يتم التعيين في إحدى الدرجتين الثامنة أو السابعة حسب درجة الوظيفة الخالية؛ ومن ثم فإن حق المدعي في التعيين بمرتب 8 ج من تاريخ دخوله الخدمة ثابت بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 لم يلغه قانون المعادلات الذي ألغي في مادته الرابعة قرارات معينة بذاتها أصدرها مجلس الوزراء دون غيرها من القرارات التنظيمية التي تناولت تحديد درجة ومرتب معينين لحملة المؤهلات الدراسية. وأعلن الحكم للحكومة في 7 من أبريل سنة 1955. وبصحيفة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 31 من مايو سنة 1955 أقامت وزارة الحربية الدعوى رقم 2246 لسنة 2 قضائية طالبة الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية السالف الذكر؛ على أساس أنه ليس ثمت إلزام على جهة الإدارة بمنح حامل الدبلوم المذكور الدرجة أو الماهية المقررة لمؤهله. ومما يؤيد هذا الرأي المنشورات اللاحقة الخاصة بحملة دبلوم الفنون والصنايع والتي نصت جميعها على جواز تعيين حملة هذا الدبلوم في إحدى الدرجتين السابعة أو الثامنة، كذلك ما جاء بكتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 3/ 14 الصادر في 28 من مايو سنة 1935 بأن التعيين في إحدى هاتين الدرجتين أمر اختياري محض، كما أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد ألغى جميع القرارات والقواعد السابقة الخاصة بتسعير الشهادات الدراسية. ولما كان المستأنف ضده قد سويت حالته بالتطبيق لأحكام هذا القانون، فلا يجوز له أن يطالب بالانتفاع بقرارات أو قواعد أخرى نسخها القانون سالف الذكر. ودفع المستأنف ضده بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة؛ حيث إن الحكم المستأنف صدر بجلسة 29 من مارس سنة 1955، وقد حدد القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بإعادة تنظيم مجلس الدولة صفة من يباشر الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية؛ إذ أن هذا القانون قد صدر يوم 23 من مارس سنة 1955، وعمل به اعتباراً من 29 من مارس سنة 1955. وبجلسة 25 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء المستأنف، ورفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن القاعدة العامة بالنسبة لحساب المواعيد أن اليوم الذي يتم فيه الإجراء الذي يبدأ منه سريان الميعاد لا يحسب، ويحسب اليوم الأخير إذا كان الميعاد كاملاً، وهذه القاعدة رددها قانون المرافعات في المادة 20 منه. ولما كان القانون رقم 165 لسنة 1955 قد نشر بالوقائع الرسمية في 29 من مارس سنة 1955 على أن يعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، وطبقاً للقاعدة المتقدمة فإن اليوم الذي يبدأ منه سريان الميعاد لا يحسب، وهو يوم 29 من مارس سنة 1955، ويبدأ في تنفيذ الإجراءات الواردة بالقانون اعتباراً من 30 من مارس سنة 1955. وعلى هذا الأساس يكون الطعن المقدم من الحكومة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية يوم 29 من مارس سنة 1955 هو إجراء سليم صدر ممن يملكه، ويكون الدفع بعدم قبول الطعن لتقديمه من غير ذي صفة على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه. ولما كان الحكم المستأنف قد أبلغ للوزارة في 11 من أبريل سنة 1955، فطعنت فيه أمام هذه المحكمة بعريضة أودعت سكرتاريتها في 28 من مايو سنة 1955 فإن الاستئناف يكون قد رفع في الميعاد، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الوزارة تنعى على الحكم المستأنف مخالفته للقانون؛ ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 لم يكن يلزم جهة الإدارة بمنح حملة دبلوم الفنون والصنايع الماهية المقررة له إلا عند التعيين في الدرجة الثامنة، أما إذا كان التعيين في وظيفة مخصص لها درجة أقل فلا يمنح سوى الماهية المقررة للوظيفة المرشح لها، كما أنه بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 ألغيت جميع القواعد والقرارات السابقة الخاصة بتسعير الشهادات. وإذ جرى قضاء المحكمة الإدارية في الطعن رقم 184 لسنة 1 ق على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929، معدلاً بقراره المؤرخ 18 من يناير سنة 1941، لم يكن يلزم جهات الإدارة بتعيين حامل دبلوم الفنون والصنايع في الدرجة والمرتب المقررين له، بل كان أمراً اختيارياً وجوازياً للإدارة متروكاً لتقديرها بحسب الخلوات وأوضاع الميزانية وغير ذلك من المناسبات التي تترخص فيها، وكان يجوز لها وقتذاك أن تعين حامل هذا المؤهل باليومية أو على درجة خارج الهيئة، دون أن يكون في ذلك مخالفة للقانون؛ فمن ثم يكون تعيين المستأنف ضده باليومية قد تم طبقاً لأحكام القانون؛ وبذلك لا يستحق سوى الأجر الذي عين له بحكم مركزه القانوني عندئذ؛ ولذلك يكون الحكم المستأنف قد بني على غير أساس سليم من القانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه في ظل القانون رقم 147 لسنة 1954 كانت أحكام المحاكم الإدارية انتهائية إذا لم تجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً، أما إذا جاوزت قيمتها هذا النصاب أو كانت مجهولة القيمة جاز استئناف أحكامها أمام محكمة القضاء الإداري، ثم صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 مستبدلاً بأحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 والقانون رقم 147 لسنة 1954، على أن يعمل بأحكام هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد تم هذا النشر في العدد 25 مكرر في 29 من مارس سنة 1955. وعلى مقتضى حكم المادة 13 من القانون الجديد أصبحت المحاكم الإدارية تباشر اختصاصها الذي حدده المشرع بصفة نهائية، أي أن أحكامها أصبحت انتهائية لا يجوز استئنافها. ولقد أصدرت المحكمة الإدارية بالإسكندرية حكمها في 29 من مارس سنة 1955 باستحقاق المدعي مرتباً مقداره ثمانية جنيهات شهرياً منه تاريخ دخوله الخدمة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق، مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وأعلنت جهة الإدارة بهذا الحكم في 11 من أبريل سنة 1955، فطعنت فيه بالاستئناف بصحيفة مودعة يوم 28 من مايو 1955. وواضح أن حكم المحكمة الإدارية قد صدر في ذات التاريخ الذي نشر فيه القانون رقم 165 لسنة 1955 في الجريدة الرسمية، ونص على أن يعمل به من ذلك التاريخ، إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أساس أن الإجراءات الواردة في القانون رقم 165 لسنة 1955 يبدأ تنفيذها من يوم 30 من مارس سنة 1955 بالتطبيق لحكم المادة 20 من قانون المرافعات. على أن الواقع من الأمر أن القانون رقم 165 لسنة 1955 قد ألغى طريق الطعن في أحكام المحاكم الإدارية، على خلاف القانون رقم 147 لسنة 1954؛ ومن ثم فإن المادة الأولى من قانون المرافعات هي مناط الحكم في هذه الحالة، وهي التي تنص على أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك (1).... (2).... (3) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق". ومفهوم ذلك أن حق الاستئناف من حيث جوازه وجوداً وعدماً مناطه حكم القانون الجاري العمل به وقت صدور الحكم المستأنف؛ ذلك لأن هذا الحق لا ينشأ إلا بصدور هذا الحكم، فإذا كان حكم المحكمة الإدارية قد صدر يوم 29 من مارس سنة 1955، وكان القانون رقم 165 لسنة 1955 قد نشر في الجريدة الرسمية في ذات اليوم، ونص على أن يعمل به من تاريخ نشره، فمؤدى هذا أن الحكم صدر وقت العمل بالقانون الجديد الذي نص على أن تكون أحكام المحاكم الإدارية انتهائية، وبالتالي فإنه لا يجوز استئناف الحكم، ولو أن الدعوى رفعت في ظل القانون رقم 147 لسنة 1954. والحكم المطعون فيه - حين أخذ بغير هذا النظر - قد خالف القانون، وتعين الطعن فيه. ويستطرد الطعن إلى القول بأن هذا الذي انتهت إليه المحكمة بالنسبة للدفع هو مناط الطعن في الحكم، أما فيما يتصل بقضاء المحكمة الموضوعي فإنه صحيح، حيث جاء على وفق قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذه الخصوصية.
( أ ) عن الدفع بعدم جواز الاستئناف:
من حيث إن مبنى هذا الدفع أن الحكم الطعون فيه، وقد صدر في يوم 29 من مارس سنة 1955، يكون قد صدر في نطاق المجال الزمني لنفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة، فيلحقه حكم هذا القانون الذي ألغى حق الطعن بالاستئناف أمام محكمة القضاء الإداري في أحكام المحاكم الإدارية، واستبدل به حق الطعن رأساً أمام المحكمة العليا في الحالات المنصوص عليها في المادة 15 منه.
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون المرافعات تنص على أن القوانين الجديدة المنظمة لطرق الطعن لا تسري بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها، متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق، بل يسري عليها القانون القديم، وعلى العكس من ذلك يسري القانون الجديد على ما صدر من الأحكام بعد تاريخ العمل به.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الفيصل في الدفع هو ما إذا كان يوم النشر ذاته يعتبر يوم عمل بالقانون الجديد، أم أن المجال الزمني الحقيقي للعمل به لا يبدأ إلا من اليوم التالي، فلا يحسب فيه اليوم الذي تمت فيه عملية النشر، بل يعتبر هذا اليوم داخلاً في مجال تطبيق القانون القديم.
ومن حيث إن الأصل الدستوري هو أن القوانين لا يعمل بها إلا من تاريخ العلم بها, وأن هذا العلم يفترض من واقعة نشرها في الجريدة الرسمية أو بعد فوات ميعاد محدد من هذا النشر، والعلم - والحالة هذه - لا يفترض إلا بعد تمام واقعة معينة، فلا يبدأ المجال الزمني الحقيقي لتطبيق القانون الجديد إلا بعد اليوم المعين لتمام هذا النشر؛ لأن هذا اليوم هو فاصل زمني يمتد أربعاً وعشرين ساعة، وقد يتم النشر في أي وقت فيه، وقد يتراخى هذا الوقت لآخره، فكيف يفترض علم الناس بالقانون الجديد من أوله؛ ولذا كان الأصل المسلم في حساب المواعيد كافة أنه إذا كان الميعاد لا يبدأ قانوناً إلا بحدوث أمر معين هو الذي يعتبره القانون مجرياً للميعاد، فلا يحسب منه اليوم المعتبر في نظر القانون مجرياً لهذا الميعاد، وإنما يحسب اليوم الأخير. وقد ردد قانون المرافعات هذا الأصل الطبعي في المادة 20 منه في خصوص حساب المواعيد الخاصة بهذا القانون. وتطبيقاً لهذا الأصل الطبعي ذاته في شأن تحديد المجال الزمني لكل من القانون القديم والقانون الجديد، فما دام المجال الزمني للقانون الجديد لا يبدأ إلا بعد تمام الأمر المعين الذي يعتبره الدستور هو المجرى لهذا المجال، وهذا الأمر هو تمام النشر في الجريدة الرسمية، وهذا النشر قد يتراخى لآخر اليوم كما تقدم، فإن هذا اليوم لا يدخل في المجال الزمني للقانون الجديد، بل يبدأ هذا المجال من أول اليوم التالي، وكان لا محيص من اعتبار يوم النشر ذاته داخلاً في المجال الزمني لنفاذ القانون القديم.
ومن حيث إنه لذلك يكون الاستئناف المرفوع من الحكومة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية يوم 29 من مارس سنة 1955 مقبولاً شكلاً، ويكون بالتالي الطعن المقدم من رئيس هيئة المفوضين قد بني على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.
(ب) عن الموضوع:
من حيث إن مثار هذه المنازعة هو استحقاق أو عدم استحقاق المدعي لأن يوضع في إحدى الدرجتين الثامنة أو السابعة بحسب درجة الوظيفة الخالية براتب قدره ثمانية جنيهات منذ بدء خدمته على الرغم من أنه عين بأجر قدره مائتا مليم في اليوم على الاعتمادات خارج الهيئة بمرتب خمسة جنيهات شهرياً.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 معدلاً بقراره المؤرخ 18 من أغسطس سنة 1941 - كما قضت هذه المحكمة - لم يكن يلزم جهات الإدارة بتعيين حامل مؤهل دبلوم الفنون والصنايع في الدرجة وبالراتب المذكورين، بل كان أمراً اختيارياً وجوازياً للإدارة متروكاً لتقديرها بحسب الخلوات وأوضاع الميزانية وغير ذلك من المناسبات التي تترخص فيها، وكان يجوز لها وقتذاك أن تعين حامل هذا المؤهل باليومية أو على درجة خارج الهيئة دون أن يكون في ذلك مخالفة للقانون. وقد تم تعيين المدعي بصفة ملاحظ مياوم بأجر قدره 200 م في اليوم على الاعتمادات بوظيفة ميكانيكي خارج الهيئة بماهية خمسة جنيهات شهرياً، فلا تثريب على جهة الإدارة في ذلك؛ وبذلك لا يستحق المدعي سوى الأجر الذي عين بحكم مركزه القانوني وقتذاك، إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، فاستحدث مركزاً قانونياً جديداً من شأنه وضعه في الدرجة السابعة الفنية براتب قدره تسعة جنيهات شهرياً اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة في 4 من يونيه سنة 1932 بدون صرف فروق عن الماضي؛ ومن ثم تكون الدعوى التي يستهدف بها المدعي طلب الحكم باستحقاقه لمرتب قدره ثمانية جنيهات في الشهر في الدرجة الثامنة الفنية من بدء تعيينه في 4 من يونيه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة له - كما قضت بذلك المحكمة الإدارية - غير قائمة على سند من القانون سليم، ويكون حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه - بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى - قد صدر مطابقاً للقانون، ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في غير محله، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 3541 لسنة 38 ق جلسة 7 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 13 ص 161

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد, وجودة فرحات, وعادل محمود فرغلي, وادوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(13)

الطعن رقم 3541 لسنة 38 القضائية

جمعيات خاصة - تحديد الجهة المختصة بحل مجلس الإدارة. (إدارة محلية) (سلطة المحافظ) القانون رقم 32 لسنة 1964 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة - القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية.
المحافظ يمارس السلطات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح - من بين هذه السلطات الإشراف والرقابة على الجمعيات الخاصة والتحقق من سلامة أعمالها ونشاطها للوقوف على مدى مطابقة هذه الأعمال للقانون - للمحافظ في سبيل تحقيق هذه الرقابة سلطة حل مجلس إدارة الجمعية - سعي جهة الإدارة لإجراء فحص شامل لظروف الجمعية ومتابعة إدارتها المالية بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات لا يلزمها أن تتربص نتيجة تقرير الفحص الذي يجريه الجهاز ما دامت الحالة الواقعية الثابتة تسوغ تدخل الإدارة لحل مجلس إدارة الجمعية وحمل قرار حل الجمعية على سببه الصحيح - يجوز للمحافظ أن يفوض نائب المحافظ في هذا الاختصاص - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 6/ 8/ 1992 أودع الأستاذ/ .......... بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة عاجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليه المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى التوصية بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 12/ 1992 حيث تم نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 5/ 7/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 15/ 8/ 1993 حيث لم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على منطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق في أن الطاعن قد أقام بتاريخ 1/ 2/ 1992 الدعوى رقم 3269 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإداري "الدائرة الأولى" طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً, وبصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من نائب محافظ القاهرة رقم 2/ 92 فيما تضمنه من حل مجلس إدارة جمعية بهجة الإسلام الخيرية، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من القول بأن القرار المطعون بحل الجمعية قد صدر مستنداً إلى ما نسب إلى مجلس إدارتها من مخالفات مالية وإدارية في الوقت الذي كان فيه أمر هذه المخالفات مطروحاً على لجنة مؤلفة من أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات شكلت بتكليف من وزارة الشئون الاجتماعية ذاتها التي لم تستهدف بهذا التكليف مجرد التأكد من قيام هذه المخالفات وإنما تقدير مدى جسامة هذه المخالفات على الوجه الذي يخولها حل مجلس الإدارة غير أن وزارة الشئون الاجتماعية قد تعجلت الأمر وأخطرت نائب المحافظ قبل أن يكون تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات قد أعد أصلاً، فجاء قرار الحل سابقاً تلك النتيجة التي سعت إليها وعلقت عليها قرارها مما يكشف عن نيتها المبيتة لقرار الحل.
وبجلسة 25/ 6/ 1992 صدر الحكم المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات, وأقامت المحكمة قضاءها في شأن طلب وقف التنفيذ على ما بدى لها من الأوراق من أن الجهة الإدارية المختصة قد أصدرت القرار المطعون فيه بحل مجلس إدارة جمعية بهجة الإسلام الخيرية استناداً إلى ارتكابها مجموعة من المخالفات المالية والإدارية المنوه عنها بتقرير التفتيش على الجمعية، وقامت بإنذارها لتلافي هذه المخالفات إلا أن الجمعية لم تستجب لها، وقد ثبت للمحكمة من ظاهر الأوراق صحة وقوع أغلب المخالفات المنسوبة إليها، وأن ما ثبت ضدها يكفي لحمل القرار المطعون فيه على سببه الصحيح وأن الجهة الإدارية قد اتبعت في شأن إصداره الإجراءات المنصوص عليها قانوناً مما يجعل القرار متفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن مثار الطعن الماثل يقوم على أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله وصدر حكمها مستخلصاً استخلاصاً غير سائغ من مستندات الدعوى حيث قامت الجمعية بإزالة المخالفات التي أنذرت بها ومع ذلك فقد أصرت الجهة المختصة على إصدار قرار الحل رغم أن مجلس إدارة الجمعية يعمل منذ أكثر من عشرين عاماً دون أن توجهه الجهة المختصة إلى وجود أية مخالفات إدارية أو مالية مما يؤكد تعسف الجهة المذكورة في استعمال حقها لنيتها المبيتة في حل مجلس إدارة الجمعية.
ومن حيث إن مناط وقف تنفيذ أي قرار إداري يقوم - على ما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة - على توافر ركني الجدية والاستعجال.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن البادي من مرفقات الدعوى أن التفتيش الذي قامت إدارة الزيتون الاجتماعية بإجرائه عام 1990 على أعمال جمعية بهجة الإسلام الخيرية قد أسفر عن وجود عدد من المخالفات المالية والإدارية قامت الإدارة بإخطار الجمعية بها بتاريخ 7/ 7/ 1991 وبكتاب الجمعية المؤرخ 14/ 7/ 1991 قامت الجمعية بالرد على ما ورد بكتاب الإدارة من ملاحظات وأنها بسبيل إزالة ما تأكد لها من مخالفات، وبناء على طلب الإحاطة المقدم من السيدة/ .......... إلى المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة بشأن المخالفات الجسيمة بجمعية بهجة الإسلام قرر المجلس تشكيل لجنة لتقصي الحقائق فيما يثار حول هذه المخالفات وقدمت اللجنة المذكورة تقريراً في 11/ 8/ 1991 انتهت فيه إلى ثبوت العديد من المخالفات في حق الجمعية أهمها صرف مبلغ 25000 جنيه خمسة وعشرون ألف جنيه "لتسوية الأرض الخاصة بالنادي الاجتماعي والثقافي بناء على اتفاق مباشر بين المقاول والجمعية دون اتباع إجراءات المناقصة الواجبة الإتباع قانوناً، وانعدام وجود أية سجلات أو عقود اتفاق بين العاملين وبصفة خاصة الأطباء وبين الجمعية، وعدم وجود سجلات لحضور وانصراف العاملين وحصول النادي الثقافي على سلفه قدرها 26157.300 جنيه دون العرض على مجلس الإدارة, وعدم متابعة أرصدة البنك في 31/ 12/ 1989 ومطابقتها مع الأرصدة الظاهرة في 1/ 1/ 1990، وأن معظم المبالغ المنصرفة تتم بشيكات باسم رئيس مجلس الإدارة وليس باسم المستفيد مما يتعارض مع الأصول المحاسبية، وأن عملية تكهين الأثاثات والمعدات الطبية لا تتم طبقاً للأصول المحاسبية وأوصت اللجنة في تقريرها بحل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مجلس إدارة مؤقت يتولى تصويب جميع الملاحظات الفنية والمحاسبية، وأن جميع أعضاء مجلس الإدارة مسئولين مسئولية تضامنية عن جميع الملاحظات الواردة بالتقرير، وبتاريخ 20/ 8/ 1991 قامت إدارة الزيتون الاجتماعية بإنذار الجمعية بضرورة إزالة المخالفات التي أسفر عنها التفتيش حتى لا تضطر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في المادة 28 من القانون رقم 32 لسنة 1964 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة فلما لم تتلق رداً على الإنذار المذكور خلال المواعيد المقررة قانوناً بدأت في اتخاذ الإجراءات القانونية، فأخطرت مديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة بكتابها رقم 207 في 18/ 9/ 1991 (مستند رقم 3 حافظة مستندات الحكومة) متضمناً تقرير التفتيش على أعمال الجمعية وردها وتعقيب الإدارة عليه والذي انتهى إلى أن الجمعية لم تقم بإزالة المخالفات التي أسفر عنها التفتيش، فأصدر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية في 21/ 1/ 1992 بناء على التفويض الصادر له في اختصاصات المحافظ القرار - مثار هذا الطعن - بحل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مدير عام إدارة حلوان الاجتماعية مديراً مؤقتاً لمدة عام اعتباراً من تاريخ صدور القرار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرار الإداري ينبغي أن يقوم على سبب يسوغ تدخل الإدارة لإحداث أثر قانوني تحقيقاً للغاية التي استهدفها القانون، ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ هذا التدخل، وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية - أن يراقب صحة قيام هذه الحالة الواقعية وسلامة تكييفها القانوني، وتجد هذه الرقابة القانونية حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستمدة من أصول قائمة وسابقة على صدوره وتكفي لحمله على صحيح حكم القانون وما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً.
فإذا كان البادي من الأوراق أن المخالفات التي ارتكبها مجلس إدارة الجمعية كانت محل شكوى العديد من المواطنين مما دفع أحد أعضاء المجلس الشعبي المحلي بالقاهرة إلى تقديم طلب إحاطة إلى المجلس لوقف هذه المخالفات، وأن المجلس قد انتهى على النحو المتقدم ذكره إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على ما يثار حول مجلس الإدارة المذكور من أقاويل فتبين للجنة أن رئيس الجمعية وسكرتيرها وثلاثة أعضاء يشكلون أغلبية مجلس الإدارة من أسرة واحدة مما أثار الشك حول تصرفات المجلس في إدارته للجمعية التي تشرف فضلاً عن المسجد على مستشفى ونادي ثقافي واجتماعي, وأكدت ما أسفر عنه التفتيش الذي أجرته إدارة الزيتون الاجتماعية من مخالفات تظهر في ذاتها - وبغض النظر عن عددها - على أن مجلس الإدارة الذي تسوده أسرة واحدة يدير هذه المؤسسات الطبية والاجتماعية والدينية بطريقة عشوائية تفتقر إلى أي نظام إداري وتضفي جدلاً من الريبة حول أمانتهم وقدراتهم على تولي هذه المهمة التطوعية الرفيعة، إذ بلغت قيمة تسوية الأرض التي خصصت لهم من المحافظة لإقامة المشرع خمسة وعشرين ألف جنيه صرفت للمقاول بموجب عقد اتفاق بالأمر المباشر دون اتخاذ الإجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن ودون الحصول على أية عروض أو مقايسة لبيان حجم العملية أو تكلفة التسوية طبقاً لأسعار السوق، وقد اعترفت الجمعية بوقوع هذه المخالفة، واتخذت من قرار التخصيص الذي يوجب البدء في التنفيذ في خلال سنة من تسليم الأرض - علة تتذرع بها لارتكاب هذه المخالفة, مع أن هذه المدة في ذاتها كافية لاتخاذ إجراءات المناقصة العامة والبدء في التنفيذ, فضلاً عن أن مجرد اتخاذ الإجراءات القانونية لطرح المناقصة والبت في العروض المقدمة أو استغراق هذه المدة يعد بذاته بدء في التنفيذ مانعاً من سحب الأرض أو إلغاء التخصيص, كما أن الجمعية لا تتعامل - منذ إشهارها - مع العاملين لديها وعددهم تسعون عاملاً بخلاف الأطباء بموجب عقود أو فواتير ولا تحتفظ لديها بسجلات للحضور أو الانصراف أو تحدد التواجد أو الانقطاع, بل أن جميع المصروفات كانت تتم بموجب شيكات تصدر لصالح رئيس مجلس إدارة الجمعية وليس للمستفيد، ما يثير الشك في وصول القيم الواردة بها إلى أصحابها المستفيدين وأن الإيرادات والمصروفات لا تعرض على مجلس إدارة الجمعية طبقاً للتعليمات وهي مخالفات اعترفت بها الجمعية، ولم تقم بإزالتها حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه، والذي صدر بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تاريخ إنذارها بالمخالفات المذكورة، وهي بهذه المثابة تكفي بذاتها وبالظروف والملابسات الدالة على افتقار أعضاء مجلس إدارة الجمعية إلى القدرة على تحمل إقامة المسئولية، والحرص على أموال الجمعية حرصهم على أموالهم الخاصة، مما يسوغ للإدارة المختصة بل يوجب عليها التدخل لإقصائهم جميعاً عن مهمة إدارة الجمعية.
وإذا كان الظاهر من الأوراق - ومما لا خلاف عليه بين أطراف الخصومة أن السيد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية قد أصدر القرار محل الطعن بناء على التفويض الصادر بقرار من محافظ القاهرة الذي أضحى بمقتضى المادة 27 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الإدارة المحلية هو صاحب السلطات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح ومن بينها سلطة الإشراف والرقابة على الجمعيات الخاصة والتحقق من سلامة أعمالها ونشاطها للوقوف على مدى مطابقة هذه الأعمال للقانون وله في سبيل تحقيق هذه الرقابة سلطة حل مجلس إدارة الجمعية، وقد تم إصدار هذا القرار بعد اتخاذ الإجراءات القانونية بمعرفة الجهة المختصة في مديرية الشئون الاجتماعية، وإنذار الجمعية الطاعنة بالمحافظات التي ارتكبتها فإنه يكون قد أقام قراره على السبب المسوغ له، وفي حدود السلطة المخولة له وطبقاً للإجراءات المقررة قانوناً، ولا يوهن في سلامة هذا القرار ما يدعيه الطاعن من أن مصدر القرار لم ينتظر ما يسفر عنه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن المخالفات الواردة بتقرير التفتيش إذ فضلاً عن أن الجهة المختصة لم تطلب إجراء الفحص من الجهاز لتحديد المركز القانوني لأعضاء مجلس إدارة الجمعية، بل لفحص شامل لظروف الجمعية ومتابعة إدارتها المالية حتى بعد تعيين المدير المؤقت لها، فإن سعي الجهة المختصة لإجراء الفحص بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات لا يلزمها أن تتربص نتيجة الفحص الذي يجريه ما دامت الحالة الواقعية الثابتة في الأوراق والمسوغة لتدخل الإدارة لحل مجلس إدارة الجمعية كانت ماثلة أمام مصدر القرار وكافية لحمل قراره على سببه الصحيح بجعله متفقاً وصحيح حكم القانون، الأمر الذي يتخلف معه ركن الجدية المسوغ لوقف تنفيذ القرار، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون قائماً على غير أساس سليم حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن وقد أصابه الخسر في طعنه فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بصفته المصروفات..

الطعن 97 لسنة 4 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 82 ص 944

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم البغدادي وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

------------------

(82)

القضية رقم 97 لسنة 4 القضائية

(أ) نقل 

- نقل الموظف الذي يتم دون طلب ويفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية - باطل ولو لم يكن مشوباً بإساءة استعمال السلطة - النقل الذي يفوت على الموظف ترقيته بالاختيار - جواز إبطاله إذا انطوى على إساءة استعمال السلطة - مثال.
(ب) ترقية بالاختيار 

- مناط ترخص الإدارة فيها أن يكون تقديرها غير مشوب بسوء استعمال السلطة وأن يستمد من عناصر صحيحة - مخالفة ذلك يستتبع بطلان الترقية وإجراء المفاضلة بين المرشحين - الأسس التي تجرى على مقتضاها هذه المفاضلة.

------------------
1 - لئن كان يجوز للإدارة - طبقاً للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ومن مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى، إلا أن شرط ذلك ألا يفوت النقل على الموظف دوره في الترقية بالأقدمية، ما لم يكن النقل بناء على طلبه، ومفاد ذلك أن النقل في تلك الحالة يكون باطلاً لمخالفته القانون، حتى ولو لم يكن مشوباً بإساءة استعمال السلطة، وبدون حاجة إلى إثبات هذا العيب، ولكن يجب التنبيه إلى أنه ليس معنى ذلك أن النقل يصح دائماً إذا كانت الترقية بالاختيار، بل يجوز إبطاله في هذه الحالة كذلك إذا صدر بباعث من إساءة استعمال السلطة، ولكن على من يدعي هذا العيب إثباته. فإذا كان الثابت أن ظروف الحال وملابساته تقطع في أن نقل المدعي مديراً لمجلة الأزهر كان مشوباً بسوء استعمال السلطة؛ إذ انحرف عن الغاية الطبيعية التي تغياها القانون من النقل إلى غاية أخرى تنكب بها الجادة؛ وذلك بقصد إبعاده من سلك المعاهد وحرمانه من مزاياه والترقي في درجاته إلى مكان ينقفل عليه في هذا كله، بل كان هذا النقل تحايلاً للهروب من مقتضى القضاء الذي أنصفه؛ إذ كان قد حصل على حكم من محكمة القضاء الإداري يقضي بإلغاء القرار الصادر من مشيخة الجامع الأزهر في 27 من أكتوبر سنة 1953 بندبه للتفتيش بالإدارة العامة، بعد إذ ثبت للقضاء أن السبب الذي قام عليه لم يكن صحيحاً، ومقتضى تنفيذه - لو كانت الأمور تسير سيراً طبيعياً - هو إعادة المدعي إلى وضعه الأصلي في سلك المعاهد، ولكن قرار المشيخة الصادر في 18 من مارس سنة 1954 بتعيين المدعي مديراً للمجلة اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954، وإصدار المشيخة في ذات اليوم، أي في 18 من مارس سنة 1954، قراراً بندب المدعي مفتشاً بإدارة التفتيش، وعدم تبليغ المدعي بقرار تعيينه مديراً للمجلة إلا في 24 من ديسمبر سنة 1955، بعد أن تمت الترقية المطعون فيها، إن هو إلا إصرار من مشيخة الأزهر على إبقاء المدعي في الوظيفة التي قرر حكم الإلغاء الصادر من محكمة القضاء الإداري آنف الذكر انتشاله منها، وتهدف المشيخة بذلك إلى التحلل من تنفيذ مقتضى حكم القضاء الإداري، وإبقاء الوضع بالنسبة إلى المدعي على ما كان قد انحدر إليه بالقرار الأول - إذا كان الثابت هو ما تقدم، فإن ذلك قاطع في الدلالة على أن موقف المشيخة من المدعي ينضح بإساءة استعمال السلطة، فيعتبر نقله - والحالة هذه - باطلاً وكأنه لم يكن، ويظل المدعي معتبراً قانوناً وكأنه في سلك المعاهد، وله أن يفيد من مزاياه، بما في ذلك إتاحة الفرصة له في الترقي إلى الدرجات الأعلى؛ وعلى هذا الأساس كان من حقه أن يكون من المرشحين للترقية إلى الدرجة الأولى في القرار المطعون فيه.
2 - لئن كان الأصل أن الترقية بالاختيار من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة، إلا أن مناط ذلك أن يكون تقديرها غير مشوب بسوء استعمال السلطة، وأن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها، فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه؛ فتجرى المفاضلة بين المرشحين على أساس الصلاحية في العمل والكفاية فيه وحسن الدراية بمقتضياته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته والنهوض بأعبائه، مع سير المواهب الذاتية والاستعدادات الشخصية للموظف، كذكائه وحصيلته العلمية وقدرته على الابتكار ومواجهة الأمور وحل المشكلات، ويضاف إلى ذلك في الأزهر الشريف على وجه الخصوص ما يتمتع به رجل الدين من صفات التقوى والورع والاستقامة وحسن الخلق والزهد والغيرة على الدين وخلو ماضيه مما يشين سمعته أو يتنافى مع كرامة الدين.


إجراءات الطعن

في يوم 13 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة ثالثة "أ") بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 281 لسنة 10 ق المرفوعة من عبد الرحمن عيسى ضد الجامع الأزهر ووزارة المالية والاقتصاد، والقاضي برفض الدعوى، وبإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الأزهر بالمصروفات. وقد أعلن هذا الطعن لوزارة المالية في 20 من يناير سنة 1958، وللمدعي في 22 منه، وللجامع الأزهر في 12 من فبراير سنة 1958، وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 3 من يناير سنة 1959. وفي 27 من ديسمبر سنة 1958 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أودع في 31 من أكتوبر سنة 1955 عريضة دعواه طالباً إلغاء القرار الصادر من مجلس الأزهر الأعلى في 25 من يوليه سنة 1955 بمنح الدرجة الأولى لفضيلة الشيخ محمد البسيوني زغلول شيخ معهد طنطا الديني، وذلك فيما تضمنه من تخطيه (المدعي) في الترقية إلى هذه الدرجة، واعتبار هذا القرار كأن لم يكن، وأحقيته لهذه الدرجة، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي بياناً لدعواه إنه تخرج في معهد الإسكندرية الديني سنة 1921، وكان أول فرقته في شهادة العالمية النظامية، وفي سنة 1923 التحق بوظائف التدريس بالأزهر الشريف، وأخذ يتقلب في هذه الوظائف إلى أن عين سنة 1935 بكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية، وقام بالتدريس فيهما، وكان موضع الرضا والتقدير من المفتشين والرؤساء. وفي سنة 1952 انتدب للعمل كشيخ لمعهد الإسكندرية الديني، وبقى فترة تحت الاختبار، حتى إذا ما ثبتت كفايته ولياقته لهذا المنصب صدر قرار تعيينه في فبراير سنة 1953؛ وبذلك أصبح شيخاً أصيلاً لهذا المعهد، وفي أثناء قيامه في هذه المشيخة قام بأعمال جليلة كثيرة استحق عليها الثناء والتقدير من أولي الأمر في الأزهر، وكانت التقارير التي كتبت عنه في هذه الفترة بدرجة ممتاز. وفي 27 من أكتوبر سنة 1953 صدر قرار من مشيخة الأزهر بندبه للعمل بالتفتيش بإدارة الأزهر، وقد فوجئ بصدور هذا القرار، وبادر بالتظلم منه؛ لما فيه من إجحاف بحقوقه المادية والأدبية. ولما لم يستجب لتظلمه اضطر لرفع الأمر إلى محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 811 لسنة 8 ق طلب فيها وقف تنفيذ هذا القرار ثم إلغاءه، وفي مارس سنة 1954 صدر الحكم بوقف تنفيذ القرار. وبجلسة 6 من أبريل سنة 1955 صدر الحكم بإلغاء القرار، وإلزام مشيخة الأزهر بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلن هذا الحكم الأخير للمشيخة في أول مايو سنة 1955، ومع ذلك لم تنفذه، مع أن الواجب قانوناً تنفيذ الأحكام النهائية واحترامها. ويقول المدعي إنه فوجئ في 26 من يوليه سنة 1955 بما نشرته الجرائد السيارة من خبر ترقية الأستاذ الشيخ محمد البسيوني زغلول إلى الدرجة الأولى، وهي المخصصة لوظيفة شيخ معهد، وقيل إن ترقيته إلى هذه الدرجة جاءت بالاختيار مع أنه أقدم منه وأكثر منه كفاية، فاستفسر من المختصين في إدارة الأزهر، وعلم صدق ما ورد بالجرائد. وأن مجلس الأزهر الأعلى برياسة فضيلة الأستاذ الأكبر أصدر قراره بهذه الترقية. ويقول المدعي إن القرار سالف الذكر قد جانب الصواب، ويطعن فيه للأسباب الآتية: أ - المدعي شيخ لمعهد الإسكندرية الديني منذ تعيينه في هذه الوظيفة في فبراير سنة 1953، ولا عبرة بقرار الندب الصادر في 27 من أكتوبر سنة 1953 والمقضي بوقف تنفيذه في مارس سنة 1954 وبإلغائه في 6 من أبريل سنة 1955. ب - تعتبر الأحكام كاشفة للحق وليست منشئة له؛ ومعنى ذلك أن الحكم الصادر بإلغاء قرار ندب المدعي للتفتيش قد كشف عن حقه الثابت، وهو أنه شيخ لمعهد الإسكندرية الديني منذ أن عين في هذا المنصب. ج - الاختيار ليس معناه إطلاق السلطة للرئيس، وإنما الاختيار الممنوح للرئيس هو أن يستعمل هذه السلطة في حدود ما يقضي به الصالح العام. وقد جرت محكمة القضاء الإداري على أن المعيار الصحيح لإعمال حق الاختيار أن تجرى المقارنة على أساس الأقدمية المطلقة؛ فيفضل الأقدم، ما لم يلحق به عيب ظاهر في كفايته أو سلوكه. وقد ساير القانون رقم 210 لسنة 1951 ما استقر عليه قضاء محكمة القضاء الإداري، فنص في الفقرة الثانية من المادة 40 على أن الترقية بالاختبار تجرى أولاً وقبل كل شيء طبقاً للأقدمية، ما لم يلحق بصاحب الأقدمية عيب في كفايته أو خلقه. د - كان الواجب - وحكم القانون كذلك - أن تجرى المقارنة بين المدعي وبين فضيلة الشيخ محمد البسيوني زغلول شيخ معهد طنطا الديني. ويقول المدعي إنه لا شك أن نتيجة هذه المقارنة سوف تكون في صفه؛ إذ أنه أقدم من فضيلة الشيخ محمد البسيوني زغلول، وأن تقارير الرؤساء عنه (عن المدعي) كلها بدرجة ممتاز (يراجع التقرير الأخير الصادر في سنة 1953، كما يراجع ملف خدمة المدعي). ويرتب المدعي على ذلك بأن ليس هناك إذا ما يبرر تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة، سواء كان ذلك بالأقدمية أو بالاختيار. ويذكر المدعي أنه فور علمه بصدور هذا القرار تظلم منه لفضيلة شيخ الأزهر في 17 من أغسطس سنة 1955، وسلمت المظلمة لفضيلته في 21 من أغسطس سنة 1955، ولكن فضيلته لم يجر فيها شيئاً. وأجاب الأزهر على هذه الدعوى بأن درجات شيوخ المعاهد بالميزانية مستقلة من حيث الأقدميات والترقيات طبقاً لقانون ربط الميزانية، وعند نظر الترقيات بجلسة لجنة شئون الموظفين في 24 من يوليه سنة 1955 لشغل الدرجة الأولى المخصصة لشيخ معهد والتي اعتمدت بميزانية عام 1955/ 1956 وبعد أن أحيطت اللجنة علماً بالحكم الصادر للشيخ عبد الرحمن عيسى بوقف تنفيذ ندبه من مشيخة معهد الإسكندرية للعمل بإدارة التفتيش، قررت ترقية الشيخ محمد البسيوني زغلول شيخ معهد طنطا إلى الدرجة الأولى بالاختيار؛ لأنه أصلح شيوخ المعاهد طبقاً للمادة 38 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي نصت الفقرة الأخيرة منها على أن الترقيات من الدرجة الثانية إن الدرجة الأولى ومن الأولى إلى ما يعلوها من درجات كلها بالاختيار دون التقيد بالأقدمية، والمدعي لا يخضع لنظام التقارير السنوية السرية طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي نصت على أن لا يسري هذا النظام إلى على الموظفين لغاية الدرجة الثالثة ونظمت الترقية بينهم بالاختيار حسب ترتيب درجات الكفاية (الفقرة الثانية من المادة 40) كما يدعي؛ لأنه يشغل الدرجة الثانية التي لا تخضع في الترقيات للقيد الزمني ولا الأقدمية في الاختيار. ويستطرد الأزهر بأن هذه الدرجة هي الدرجة الوحيدة الأولى في درجات شيوخ المعاهد، ولا عبرة بالأقدمية، ولكنها تمنح لأصلح شيوخ المعاهد الذين هم في الدرجة الثانية، وأن الجدول رقم 2 المرافق للقانون رقم 210 لسنة 1951 نص على أن الترقية للدرجات الأولى بالاختيار وغير مقيد بقيد زمني. ويختم الأزهر رده بأنه راعى عند نظر الترقيات أصلح شيوخ المعاهد لشغل هذه الدرجة كنص القانون، حتى وإن كان المدعي من بين شيوخ المعاهد الذين هم بالدرجة الثانية، كما حكم له بوقف تنفيذ القرار ثم بإلغائه، ويطلب الأزهر رفض الدعوى. كما يقول إن المدعي ندب للتفتيش بالإدارة العامة من 3 من مارس سنة 1954، وعين في نفس التاريخ مديراً للمجلة؛ وبذلك انحلت عنه صفة هذه الوظيفة، وأصبحت أقدميته لا تندرج تحت وظائف شيوخ الأزهر. ويقول المدعي إن ما ذهبت إليه مشيخة الأزهر من أنها نقلته مديراً لمجلة الأزهر بالقرار الصادر في 18 من مارس سنة 1954 غير صحيح؛ إذ لم يخطر به ولا علم له به، إلا إنه أخطر بقرار صادر من المشيخة في 5 من ديسمبر سنة 1955 وأبلغ له في 24 من ديسمبر سنة 1955، ويقضي بإلغاء ندبه بإدارة التفتيش وتسلمه عمله كمدير للمجلة اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار، أي اعتباراً من 15 من ديسمبر سنة 1955. ويقول إنه لا علم له بالقرار السابق بنقله مديراً للمجلة، وأنه لا أثر لهذا القرار في الأوراق. ويقول إن تاريخ ذلك القرار المزعوم هو 18 من يناير سنة 1954، ومع ذلك لم يعلن به إلا في 24 من ديسمبر سنة 1955. كما يقول إنه لم يترك عمله في التفتيش إلا اعتباراً من 15 من ديسمبر سنة 1955، وأن الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي ظل مديراً للمجلة من 20 من يناير سنة 1954 حتى صدور القرار رقم 198 المؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1955 الذي قضى بإلغاء ندبه من التفتيش وتسليمه العمل بالمجلة. وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها - بعد استعراض ما ذكره كل من طرفي الخصومة - على أنه قد تبين لها من الأوراق أن قرار ندب المدعي إلى التفتيش صدر في 27 من أكتوبر سنة 1953 وفي غير عهد شيخ الجامع الأزهر الحالي، وهو القرار الذي ألغته محكمة القضاء الإداري؛ لأنه تضمن نقل المدعي من وظيفة إلى أخرى درجتها أقل من درجته؛ الأمر الذي ما كان يجوز إلا بعد محاكمة تأديبية من سلطة مختصة طبقاً للأوضاع والإجراءات المنصوص عليها قانوناً، وقبل صدور هذا الحكم كان قد صدر قرار في 18 من مارس سنة 1954 بتعيين المدعي مديراً لمجلة الأزهر مع ندبه للعمل بإدارة التفتيش بالأزهر، ثم بعد ذلك صدر قرار في 15 من ديسمبر سنة 1955 بإلغاء ندبه، وتسلم عمله بالمجلة. وتقول المحكمة إنه يؤخذ من كل ما تقدم أن المدعي وإن كان لم يطلب صراحة في ختام طلباته المبينة بصحيفة الدعوى إلغاء قرار تعيينه مديراً لمجلة الأزهر، إلا أنه أورد في صلب الصحيفة مطاعن على هذا التعيين قولاً بأنه صوري ويتعارض مع الحكم السابق صدوره في الدعوى السالفة الذكر، فيتعين أولاً البحث في مدى مطابقة قرار نقل المدعي من وظيفة شيخ معهد الإسكندرية إلى وظيفة مدير مجلة الأزهر للقانون من عدمه، وما إذا كان يتعارض مع الحكم السابق صدوره لصالح المدعي بإلغاء قرار ندبه إلى التفتيش، وأنه قرار صوري معدوم الأثر أم لا. وتستطرد المحكمة إلى أنه لما كان الحكم المشار إليه لم يتناول بالإلغاء سوى القرار الصادر بندب المدعي إلى التفتيش من المشيخة، فلا يمنع هذا الحكم من اتخاذ أي إجراء آخر حيال المدعي، كنقله إلى جهة أخرى؛ ولذلك فليس في هذا الإجراء تعارض مع الحكم المذكور؛ لأن تعيين المدعي بوظيفة مدير مجلة الأزهر إنما هو عمل إداري مستقل غير مترتب على قرار الندب الذي قضت المحكمة بإلغائه، فليس معنى إلغاء قرار الندب أن يمتنع على جهة الإدارة نقل المدعي إلى وظيفة أخرى غير الوظيفة التي قالت عنها المحكمة إنها دون درجته المالية. ولما كان المدعي عند صدور قرار تعيينه مديراً لمجلة الأزهر كان يشغل وظيفة شيخ معهد الإسكندرية بالدرجة الثانية، وقد تم نقله إلى وظيفة من الدرجة الثانية، وتنص المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة على أنه "يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى، ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه، ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله، ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً، ولا يجوز نقل الموظف من وظيفة إلى أخرى درجتها أقل من درجته". ولما كان نقل المدعي قد تم إلى وظيفة لا تقل درجتها عن درجته فلا مخالفة فيه للقانون، ولا محل للخوض فيما إذا كان هذا النقل قد فوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية؛ لأن الترقيات من الدرجة الثانية فما فوق تتم كلها بالاختيار، ولا مقنع فيما يقوله المدعي من صورية قرار نقله؛ لأنه لا يوجد قانوناً ما يمنع من نقل المدعي وندبه في الوقت نفسه للعمل في جهة أخرى. ولا حجية فيما يثيره المدعي من صدور قرار نقله إلى وظيفة مدير المجلة مشوباً بسوء استعمال السلطة، بدعوى أن الباعث له هو التشفي والانتقام منه؛ لأنه لم يحسن الشهادة في فضيلة شيخ الجامع الأزهر الحالي عند ترشيحه لتولي منصبه - لا حجية في ذلك؛ لأن تنحيه المدعي عن منصب مشيخة معهد الإسكندرية قد تمت في غير عهد فضيلة شيخ الجامع الأزهر الحالي، وكان ذلك لأسباب ارتأتها المشيخة وتضمنتها المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 19 من ديسمبر سنة 1955، والنقل الذي تم في عهد فضيلة شيخ الجامع الأزهر الحالي إنما جاء مستنداً إلى هذه الأسباب وامتداداً للفكرة السابقة بتنحية المدعي عن مشيخة المعاهد الدينية. ولا يقبل من المدعي المحاجة بأن نقله قد تضمن عقوبة تأديبية بالتنزيل في الوظيفة؛ ذلك لأن النقل في ظل قانون نظام الموظفين يخضع للأحكام الواردة فيه، ولم يعد التنزيل في الوظيفة بمقتضى أحكامه من العقوبات التأديبية. وتختم المحكمة ما استندت إليه في قضائها بقولها لما كان رأيها قد انتهى إلى أن نقل المدعي إلى وظيفة مدير مجلة الأزهر قد تم وفق القانون وإعمالاً للسلطة المخولة لجهة الإدارة من غير تعسف أو إساءة استعمال السلطة، فإن المدعي يكون غير محق في التطلع إلى ترقية جرت بعد نقله في فرع أو إدارة غير الفرع أو الإدارة التابع لها؛ إذ أن الدرجة المتنازع عليها خاصة بشيوخ المعاهد الدينية، وهي وحدة إدارية مستقلة بدرجاتها وأقدمية موظفيها عن الوظيفة التي عين فيها المدعي والتابعة لوحدة إدارية مستقلة بدرجاتها وموظفيها؛ ومن ثم فلا وجه لإجراء مفاضلة بينه وبين المطعون عليه، فهي لا تكون إلا في حالة تبعية الاثنين لوحدة إدارية واحدة حسب أقسام الميزانية؛ وأنه لذلك يتعين رفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة يستند في أسباب طعنه إلى أن السؤال الذي يثيره هذا النزاع هو ما إذا كان المدعي - عند صدور القرار المطعون - يعتبر من شيوخ المعاهد؛ فيحق له الطعن على إغفال ترشيحه للترقية إلى إحدى درجات هذه المعاهد، أم أنه لا يعتبر كذلك؛ ومن ثم فليس له أن يتطلع - على ما انتهت المحكمة في حكمها المطعون فيه - إلى درجات ليست له صفة في الترقية إليها. ويقول الطعن إن هذا السؤال واجه مفوض الدولة عند دراسته للدعوى، فكان ما انتهى إليه في هذا الشأن غير هذا الذي استخلصته المحكمة؛ إذ تبين له أن القرار الصادر بنقل المدعي مديراً لمجلة الأزهر لم يقصد به - حسبما استظهره من القرائن العديدة المستفادة مما أحاط من ظروف وملابسات - إلا سد الطريق على المدعي في العودة إلى مشيخة المعاهد في حالة إلغاء القرار الذي كان محلاً للدعوى الأولى؛ فهو بذلك لا يعدو أن يكون إحياء لهذا القرار في صورة أخرى، فيقع لذلك باطلاً عديم الأثر، شأنه في ذلك تماماً شأن القرار الملغي، أي وكأن الاثنين لم يصدرا في حق المدعي، بما يستبع ذلك من اعتباره وقت صدور القرار المطعون فيه شيخاً لمعهد الإسكندرية؛ وبهذه المثابة يكون محقاً في طلب إبطال إغفال ترشيحه في الترقية محل النزاع. ويقول الطعن إنه لما كان هذا الذي رآه المفوض هو ما يراه متفقاً مع أحكام القانون فإن الحكم - إذ ذهب مذهباً آخر - يكون قد خالف القانون، متعيناً الطعن فيه. وفي فترة حجز القضية للحكم أودعت الإدارة العامة بالجامع الأزهر - تنفيذاً لقرار المحكمة - صورة من قرار المشيخة الصادر في 20 من يناير سنة 1954 بندب الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي للقيام بأعمال مدير مجلة الأزهر بدلاً من فضيلة الشيخ عبد السلام يوسف الذي قصر ندبه على عمله كمراقب للبحوث، كما أودع المدعي مذكرته الختامية أجمل فيها ما سبق أن فصله من وقائع، ثم فصل الكلام شرحاً لصورية القرار الصادر من مشيخة الأزهر في 18 من مارس سنة 1954 بنقله كمدير لمجلة الأزهر مع استمرار ندبه بالتفتيش. ويقول إن هذا القرار لم يخطر به ولا علم له به إلا عندما أخطر بالقرار المؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1955 بإلغاء ندبه بإدارة التفتيش وتسلمه عمله كمدير للمجلة، ويذكر أن هذا القرار صدر بعد صدور الحكم في القضية رقم 1811 لسنة 8 ق، وبه أرادت مشيخة الأزهر التنصل من تنفيذ الحكم والدفاع في قضية الجنحة المباشرة رقم 4353 لسنة 1955 الدرب الأحمر التي رفعها المدعي ضد شيخ الجامع الأزهر. ثم أوضح المدعي الأسباب التي أوغرت صدر فضيلة الشيخ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج والتي دعته لأن يقف في سبيل المدعي والتي دعت إدارة الأزهر إلى التنصل من تنفيذ الحكم. ويذكر المدعي إنه يمكن القول بأن ما اتخذته هذه الإدارة من قرارات قد شابها عيب إساءة استعمال السلطة. وانتهى إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة أن المدعي عين بالأمر الملكي رقم 14 لسنة 1953 الصادر في 23 من فبراير سنة 1953 شيخاً لمعهد الإسكندرية، وهي وظيفة من الدرجة الثانية، ثم رقى إلى الدرجة المخصصة لها في 18 من مارس سنة 1953، ثم صدر قرار بندبه للتفتيش بالإدارة العامة في 27 من أكتوبر سنة 1953، فأقام الدعوى رقم 1811 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري في 26 من ديسمبر سنة 1953 طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بندبه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المشار إليه، فقضت المحكمة بجلسة 24 من مارس سنة 1954 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبجلسة 16 من أبريل سنة 1955 حكمت المحكمة بإلغاء ذلك القرار، وقام المدعي بإعلان كل من الحكمين لمشيخة الأزهر في حينه منبهاً بنفاذ مفعوله فور إعلانه، ولكن لم تقم مشيخة الأزهر بتنفيذ أي من الحكمين؛ مما اضطر المدعي إلى إنذار مشيخة الأزهر رسمياً على يد محضر بوجوب تنفيذ حكم وقف التنفيذ وحكم الإلغاء الصادرين في الدعوى رقم 1811 لسنة 8 ق، وذلك بإعادته إلى وظيفته الأصلية شيخاً لمعهد الإسكندرية، ثم اضطر إلى رفع دعوى جنحة مباشرة ضد فضيلة شيخ الأزهر لتلكئه في تنفيذ فحوى هذين الحكمين، هذا وقد أصدرت مشيخة الأزهر في 18 من مارس سنة 1954 قراراً بتعيين المدعي مديراً للمجلة اعتباراً من 3 من مارس سنة 1954، كما أصدرت في ذات اليوم، أي بتاريخ 18 من مارس سنة 1954 أيضاً، قراراً بندب المدعي مفتشاً بإدارة التفتيش اعتباراً من 3 من مارس سنة 1954. وفي 24 من يوليه سنة 1955 اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالأزهر، ونظرت في شغل الدرجة الأولى المخصصة لشيخ معهد الموجودة بالميزانية، وبعد المناقشة في أصلح شيوخ المعاهد للترقية إلى هذه الدرجة، وبعد أن أحيطت اللجنة علماً بالحكم الصادر لمصلحة الشيخ عبد الرحمن عيسى (المدعي) بوقف تنفيذ ندبه من مشيخة معهد الإسكندرية وإعادته شيخاً للمعهد المذكور، رأت اللجنة ترقية الشيخ محمد البسيوني زغلول شيخ معهد طنطا إلى الدرجة الأولى المخصصة في الميزانية لشيخ معهد بالاختيار، وتم التصديق من مجلس الأزهر الأعلى على قرار اللجنة يوم 25 من يوليه سنة 1955، فتظلم المدعي في 17 من أغسطس سنة 1955 لمشيخة الأزهر من ذلك القرار، ثم أقام دعواه الحالية طالباً الحكم بإلغاء ذلك القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة. وفي 15 من ديسمبر سنة 1955 أصدر شيخ الجامع الأزهر القرار رقم 998 بإلغاء ندب الشيخ عبد الرحمن عيسى (المدعي) من العمل بإدارة التفتيش بالأزهر وبتسلم فضيلته العمل بوظيفة مدير إدارة مجلة الأزهر من الدرجة الثانية الفنية العالية اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار، وتسلم المدعي صورة هذا القرار للعلم به ولتنفيذه في 24 من ديسمبر سنة 1955. وجاء بديباجه هذا القرار أنه صدر بعد الاطلاع على الحكم الصادر من الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في القضية رقم 1811 لسنة 8 ق في 6 من أبريل سنة 1955، القاضي بإلغاء القرار الصادر من مشيخة الأزهر في 27 من أكتوبر سنة 1953 بندب الشيخ عبد الرحمن عيسى للتفتيش بالإدارة العامة، وإلزام الأزهر بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش أتعاب محاماة. كما تضمنت ديباجة القرار رقم 998 المشار إليه أنه صدر بعد الاطلاع أيضاً على قرار المشيخة الصادر في 18 من مارس سنة 1954 بتعيين سيادته (المدعي) مديراً لمجلة الأزهر مع ندبه للعمل بإدارة التفتيش تنفيذاً لما جاء بحكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه في القضية رقم 1811 لسنة 8 ق. ويعلق المدعي على هذا القرار بقوله "... والعجيب في هذا القرار أنه أشار إلى قرار سابق صدر - كما يقول - في 18 من مارس سنة 1954 بتعيينه مديراً للمجلة، مع أن هذا القرار المزعوم - إن صح - لم يبلغ إليه إلا في 24 من ديسمبر سنة 1955، أي بعد صدوره بأكثر من عشرين شهراً".
ومن حيث إن مشيخة الأزهر في سبيل الإجابة على هذه الدعوى تقرر أن درجات شيوخ المعاهد بالميزانية مستقلة من حيث الأقدميات والترقيات طبقاً لقانون ربط الميزانية، وأن لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 24 من يوليه 1955، بعد أن أحيطت علماً بالحكم الصادر للمدعي بوقف تنفيذ ندبه من مشيخة معهد الإسكندرية للعمل بإدارة التفتيش، قررت ترقية الشيخ محمد البسيوني زغلول شيخ معهد طنطاً إلى الدرجة الأولى بالاختيار؛ لأنه أصلح شيوخ المعاهد، وأن المدعي بتعيينه مديراً للمجلة انحلت عنه صفة هذه الوظيفة - وظيفة شيخ معهد - وأصبحت أقدميته لا تندرج تحت وظائف شيوخ المعاهد، وأن الأزهر راعى عند نظر الترقيات أصلح شيوخ المعاهد لشغل هذه الدرجة، حتى وإن كان المدعي من بين شيوخ المعاهد الذين هم بالدرجة الثانية، كما حكم له بوقف القرار ثم إلغائه.
ومن حيث إن مفاد دفاع مشيخة الأزهر أن المدعي - وقت إصدار قرار الترقية المطعون فيه في 25 من يوليه سنة 1955 - كان معيناً مديراً لمجلسة الأزهر منذ 18 من مارس سنة 1954 مع ندبه للعمل بإدارة التفتيش؛ فيكون بهذه المثابة بعيداً عن المعاهد، ولا حق له في التطلع إلى ترقية جرت بعد نقله في وحدة إدارية مستقلة بدرجاتها وأقدمية موظفيها، وإن كان المدعي من بين شيوخ المعاهد فإن المشيخة تقرر أنها أصدرت قرارها بترقية الشيخ محمد البسيوني زغلول بالاختيار لأنه أصلح شيوخ المعاهد.
ومن حيث إنه ولئن كان يجوز للإدارة - طبقاً للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - نقل الموظف من إدارة إلى أخرى، ومن مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى، إلا أن شرط ذلك ألا يفوت النقل على الموظف دوره في الترقية بالأقدمية، ما لم يكن النقل بناء على طلبه. ومفاد ذلك أن النقل في تلك الحالة يكون باطلاً لمخالفته القانون حتى ولو لم يكن مشوباً بإساءة استعمال السلطة وبدون حاجة إلى إثبات هذا العيب. ولكن يجب التنبيه إلى أنه ليس معنى ذلك أن النقل يصح دائماً إذا كانت الترقية بالاختيار، بل يجوز إبطاله في هذه الحالة كذلك إذا صدر بباعث من إساءة استعمال السلطة، ولكن على من يدعي هذا العيب إثباته. وظروف الحال وملابساته تقطع بأن نقل المدعي مديراً للمجلة كان مشوباً بذلك العيب؛ إذ انحرف عن الغاية الطبيعية التي تغياها القانون من النقل إلى غاية أخرى تنكب بها الجادة؛ وذلك بقصد إبعاده من سلك المعاهد وحرمانه من مزاياه والترقي في درجاته إلى مكان ينقفل عليه في هذا كله، بل كان هذا النقل تحايلاً للهروب من مقتضى القضاء الذي أنصفه؛ إذ كان قد حصل على حكم من محكمة القضاء الإداري القضية رقم 1811 لسنة 8 ق يقضي بإلغاء القرار الصادر من مشيخة الجامع الأزهر في 27 من أكتوبر سنة 1953 بندبه للتفتيش بالإدارة العامة بعد إذ ثبت للقضاء أن السبب الذي قام عليه لم يكن صحيحاً. ومقتضى تنفيذه - لو كانت الأمور تسير سيراً طبعياً - هو إعادة المدعي إلى وضعه الأصلي في سلك المعاهد، ولكن قرار المشيخة الصادر في 18 من مارس سنة 1954 بتعيين المدعي مديراً للمجلة اعتباراً من 3 من مارس سنة 1954، وإصدار المشيخة في ذات اليوم، أي في 18 من مارس سنة 1954، قراراً بندب المدعي مفتشاً بإدارة التفتيش، وعدم تبليغ المدعي بقرار تعيينه مديراً للمجلة إلا في 24 من ديسمبر سنة 1955، بعد أن تمت الترقية المطعون فيها، إن هو إلا إصرار من مشيخة الأزهر على إبقاء المدعي في الوظيفة التي قرر حكم الإلغاء الصادر في الدعوى رقم 1811 لسنة 8 ق انتشاله منها، وتهدف المشيخة بذلك إلى التحلل من تنفيذ مقتضى حكم القضاء الإداري وإبقاء الوضع بالنسبة إلى المدعي على ما كان قد انحدر إليه بالقرار الأول، وكل أولئك قاطع في الدلالة على أن موقف المشيخة من المدعي ينضح بإساءة استعمال السلطة، فيعتبر نقله - والحالة هذه - باطلاً وكأنه لم يكن، ويظل المدعي معتبراً قانوناً وكأنه في سلك المعاهد، وله أن يفيد من مزاياه، بما في ذلك إتاحة الفرصة له في الترقي إلى الدرجات الأعلى، وعلى هذا الأساس كان من حقه أن يكون من المرشحين للترقية إلى الدرجة الأولى في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه ولئن كانت الترقية إلى هذه الدرجة هي بالاختيار للكفاية، وكان الاختيار في الأصل من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة، إلا أن مناط ذلك أن يكون تقديرها غير مشوب بسوء استعمال السلطة، وأن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها، فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه، فتجري المفاضلة بين المرشحين على أساس الصلاحية في العمل والكفاية فيه وحسن الدراية بمقتضياته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته والنهوض بأعبائه، مع سبر المواهب الذاتية والاستعدادات الشخصية للموظف، كذكائه وحصيلته العلمية وقدرته على الابتكار ومواجهة الأمور وحل المشكلات، ويضاف إلى ذلك في الأزهر الشريف على وجه الخصوص ما يتمتع به رجل الدين من صفات التقوى والورع والاستقامة وحسن الخلق والزهد والغيرة على الدين وخلو ماضيه مما يشين سمعته أو يتنافى مع كرامة الدين.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة كل من المدعي والشيخ محمد البسيوني زغلول أن الأخير لا يفضل المدعي في واحدة من هذه الصفات، كما يبين من المقارنة؛ فالمدعي كان أول فرقته في شهادة العالمية النظامية عند تخرجه في معهد الإسكندرية عام 1921 (1339 هجرية)، وباشر عمله في وظائف الأزهر المختلفة، وتدرج في عدة وظائف رئيسية بالأزهر منذ التحق بالخدمة في 20 من نوفمبر سنة 1923 مدرساً بمعهد أسيوط، ثم بمعهد دمياط، ونقل إلى كلية أصول الدين في 29 من أكتوبر سنة 1935، وإلى كلية اللغة العربية في فبراير سنة 1945، ثم عين في مارس سنة 1947 وكيلاً لمعهد الإسكندرية، ثم ندب لتفتيش العلوم الدينية والعربية من 17 من أكتوبر سنة 1948، وندب للقيام بأعمال شيخ معهد الإسكندرية في 4 من نوفمبر سنة 1952، وعين شيخاً لمعهد الإسكندرية بالأمر الملكي رقم 14 لسنة 1953 في 23 من فبراير سنة 1953، ثم ندب للتفتيش بالإدارة العامة في 3 من مارس سنة 1954. أما الشيخ محمد البسيوني زغلول فقد حصل على العالمية سنة 1343 هجرية، وكان أول فرقته، ثم التحق بالخدمة في 2 من ديسمبر سنة 1924 كاتباً بالمحاكم الشرعية، ثم عين مدرساً بمعهد الزقازيق في 24 من أكتوبر سنة 1926، ثم عين وكيلاً لمعهد الزقازيق في 26 من يوليه سنة 1944، ثم ألغي تعيينه هذا في 18 من نوفمبر سنة 1944 بنقله مدرساً بمعهد شبين الكوم، فمدرساً بكلية الشريعة في أبريل سنة 1945، ثم ندب مفتشاً للعلوم الدينية والعربية من 14 من أكتوبر سنة 1951، وندب للقيام بأعمال شيخ معهد الزقازيق من 5 من أغسطس سنة 1952، وعين شيخاً لمعهد الزقازيق في 23 من فبراير سنة 1953، وفي 27 من أكتوبر سنة 1953 ندب شيخاً لمعهد الإسكندرية، ثم ألغي ندبه من مشيخة معهد الإسكندرية، وندب شيخاً لمعهد طنطا في 21 من فبراير سنة 1954، ووافق مجلس الوزراء على تعيينه شيخاً لمعهد طنطا بجلسته المنعقدة في 3 من مارس سنة 1954، وكان التقدير المقدم عام 1952 عن المدعي وعن الشيخ محمد البسيوني زغلول بدرجة جيد. ومتى كان الأمر كذلك، وكان المدعي في الوقت ذاته هو الأقدم في التخرج وفي تاريخ دخول الخدمة وفي التعيين في وظيفة شيخ معهد؛ إذ عين - كما سلف البيان - شيخاً لمعهد الإسكندرية بالأمر "الملكي" رقم 14 لسنة 1953 في 23 من فبراير سنة 1953، بينما وافق مجلس الوزراء بجلسة 3 من مارس سنة 1954 - أي بعد نيف وعام كامل - على تعيين الشيخ محمد البسيوني إبراهيم زغلول شيخاً لمعهد طنطا، ولم يكن ثمت وجه - والحالة هذه - لحرمان المدعي من الترقية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، فيتعين إلغاؤه، والقضاء بإلغاء قرار مجلس الأزهر الأعلى الصادر في 25 من يوليه سنة 1955 بترقية الشيخ محمد البسيوني إبراهيم زغلول إلى الدرجة الأولى فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجامع الأزهر بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار مجلس الأزهر الأعلى الصادر في 25 من يوليه سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجامع الأزهر بالمصروفات.