الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 يوليو 2023

الطعن 1587 لسنة 10 ق جلسة 24 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 46 ص 478

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

-------------------

(46)

القضية رقم 1587 لسنة 10 القضائية

(أ) - موظف. "تعيين. شروط التعيين. شرط حسن السمعة". طوائف خاصة من الموظفين. مأذون. 

شرط صلاحية لتولي الوظائف العامة وشرط الاستمرار في شغلها - كيفية التدليل على سوء السمعة - نص لائحة المأذونية على هذا الشرط صراحة فيمن يرشح بوظيفة مأذون - إضافة هذا النص لشرط آخر مؤداه ألا يكون قد صدرت ضد المرشح للوظيفة أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف.
(ب) - موظف. "تعيين. شروط التعيين". حكم جنائي 

- لا يصح الاستناد إليه كقاعدة عامة في القول بتوافر شرط حسن السمعة أو انتفائه - تقادم العهد على الحكم الجنائي الصادر ضد الموظف - لا يصح الاستناد إلى الحكم لاستخلاص عدم توافر حسن السمعة.
(ج) - موظف "تعيين. شروط التعيين". حكم جنائي 

- لا يجوز ترتيب أية آثار جنائية أو إدارية على الحكم المشمول بإيقاف التنفيذ بعد مضي المدد وتوافر الشروط التي يصبح معها الحكم كأن لم يكن.
(د) - موظف. "تعيين. شروط التعيين" حكم جنائي.
حكم جنائي بالغرامة في قضية مشاجرة - لا يعتبر ماساً بالشرف. 

----------------

1 - إن حسن السمعة هو من الصفات المطلوبة في كل موظف عام إذ بدون هذه الصفة لا تتوافر الثقة والطمأنينة في شخص الموظف العام مما يكون له أبلغ الأثر على المصلحة العامة فتختل الأوضاع وتضطرب القيم في النشاط الإداري، ولا يحتاج الأمر في التدليل على سوء السمعة إلى وجود دليل قاطع على توافرها وإنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك على توافرها حتى يتسم الموظف العام بعدم حسن السمعة، وهو على هذا الوجه شرط صلاحية لتولي الوظائف العامة وشرط للاستمرار في شغلها، وقد نصت الفقرة "د" من المادة الثالثة من لائحة المأذونية على هذا الشرط صراحة فيمن يرشح لوظيفة المأذون وأضافت إلى ذلك شرطاً آخر مؤداه ألا يكون قد صدرت ضد المرشح للوظيفة أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف.
2 - إنه وإن كانت الأحكام الجنائية التي تصدر ضد أحد الأشخاص تكفي في غالب الأحيان للحكم على سلوكه ويصح الاستناد إليها كقاعدة عامة في القول بتوافر شرط حسن السمعة أو انتفائه، إلا أنها لا تصلح سنداً لذلك بالنسبة إلى خصوصية الحالة المعروضة نظراً لأنه مضت مدد طويلة على صدور تلك الأحكام فقد مضى على أولها ما يزيد على الأربعين عاماً وعلى الثاني ستة وعشرون عاماً ولم تحل دون تولي المطعون عليه إحدى الوظائف العامة، فقد كان مدرساً عمل في مرفق التعليم مدة تزيد على الثلاثين عاماً حتى أحيل إلى المعاش - كما قرر المطعون عليه ولم تنازعه الحكومة في ذلك ومن ثم فلا يصح الاستناد إلى هذه الأحكام لاستخلاص عدم توافر حسن السمعة بالنسبة إلى المطعون عليه، ويضاف إلى ذلك أن جهة الإدارة لم تستند في استخلاص هذا السبب إلى تحريات قدمت إليها من جهة مختصة تكشف عن انتفاء ذلك الشرط بالنسبة إلى المطعون عليه وإنما بنت اقتناعها بذلك على الأحكام المشار إليها وهي لا تصلح سنداً للقول بانتفاء شرط حسن السمعة عن المدعي على النحو السالف بيانه.
3 - وأما فيما يتعلق بالشرط الثاني الذي تضمنته الفقرة "د" من المادة الثالثة من لائحة المأذونية والخاص بألا يكون قد صدرت ضد المرشح للوظيفة أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف فإنه يبين من الاطلاع على صورة الحكم الصادر ضد المطعون عليه في الجنحة رقم 800 سنة 1925 والمرفق بملف الطعن أن المحكمة الاستئنافية قضت بحبسه شهراً مع الشغل لارتكابه جريمة اختلاس عدة نسيج مملوكة له ولآخر وقيامه ببيعها وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة، لما كانت المادة 59 من قانون العقوبات تنص على أن الحكم الصادر بإيقاف العقوبة يعتبر كأن لم يكن إذا مضى على المحكوم عليه خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً ولم يرتكب جناية أو جنحة حكم عليه من أجلها بعقوبة مقيدة للحرية، فإنه بناء على ذلك لا يجوز ترتيب أية آثار جنائية أو إدارية على ذلك الحكم بعد مضي المدد المشار إليها لأن القانون نفسه قد أعدم كل أثر للحكم وقضى باعتباره كأن لم يكن وبالتالي فلاً يعتبر هذا الحكم مانعاً من التوظف أو من التعيين في وظيفة المأذونية.
4 - وأما بالنسبة إلى الحكم الآخر الذي صدر ضد المطعون عليه في الجنحة رقم 226 لسنة 1940 فإنه صدر بالغرامة في قضية مشاجرة وبهذه المثابة لا يعتبر ماساً بالشرف أو النزاهة ولا يصلح سنداً لاستبعاد المطعون عليه بمقولة إنه لم تتوافر فيه الشروط اللازمة للتعيين في وظيفة المأذون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 278 سنة 10 القضائية لدى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 29 من مايو سنة 1963 طالباً إلغاء القرار الصادر من وزير العدل بتاريخ 6 من فبراير سنة 1963 باعتماد تعيين السيد محمد عبد الباقي منصور مأذوناً لناحية كفر شبين مركز شبين القناطر قليوبية فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في الوظيفة المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه في سنة 1961 خلت مأذونية ناحية كفر شبين قليوبية فتقدم إلى الامتحان الذي أجرته دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة بنها لاختيار أصلح المرشحين للوظيفة وجاء ترتيبه أول الناجحين، فعمد منافسه محمد عبد القادر منصور إلى تقديم شكاوى ضده مفادها أنه حكم عليه بالحبس شهراً في سنة 1925 وبغرامة في سنة 1940، وعلى أساس ما جاء بهذه الشكاوى قررت لجنة المأذونية استبعاده، واقترحت تعيين منافسه، وأرسلت الأوراق إلى وزارة العدل للتصديق على هذا التعيين، إلا أن الوزارة أعادت الأوراق إلى محكمة بنها لأن الحكمين اللذين بني عليهما قرار الاستبعاد قديمان ورد اعتبار المرشح عنهما ومن ثم فلا يجوز الارتكان إليهما، غير أن محكمة بنها أصرت على موقفها من تعيين منافسه في الوظيفة وأعادت الأوراق إلى الوزارة التي صدقت على قرار التعيين بتاريخ 6 من فبراير سنة 1963، ولما كان ذلك القرار مخالفاً للقانون لأنه أحق بالتعيين من منافسه إذ حصل على درجات أعلى في الامتحان الذي عقدته محكمة بنها لشغل الوظيفة كما أن السبب الذي بني عليه استبعاده هو سبب غير صحيح لأن صحيفة سوابقه جاءت خالية كما أنه يتمتع بسمعة حسنة وكان موظفاً بوزارة التربية والتعليم لمدة جاوزت الثلاثين عاماً ولا يتصور أن يكون شرطاً للصلاحية مطلوب فيمن يقوم بالعمل في ذلك المرفق العام أقل منه فيمن يرشح مأذوناً لإحدى القرى، ولهذا فقد تظلم إلى وزير العدل بتاريخ 26 من مارس سنة 1963 طالباً إلغاء القرار المطعون فيه وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى بطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أن المدعي لم يتظلم من القرار المطعون فيه قبل رفع الدعوى، أما بالنسبة إلى الموضوع فقالت إن المادة الثالثة من قرار وزير العدل المؤرخ 4 من يناير سنة 1955 بإصدار لائحة المأذونية حددت الشروط الواجب توافرها فيمن يعين في وظيفة المأذون ومن ضمنها شرط حسن السمعة وألا يكون قد صدرت ضد المرشح أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف والنزاهة، وإذ كان هذا الشرط متخلفاً بالنسبة إلى المدعي لأنه ثبت من الأوراق أنه صدر ضده حكمان أولهما في سنة 1925 - الجنحة رقم 800 سنة 1925 مستأنف القاهرة قضي بحبسه شهراً مع وقف التنفيذ لارتكابه جريمة اختلاس ونصب والثاني في قضية مشاجرة سنة 1940 فمن ثم يكون غير صالح للترشيح للوظيفة ويكون قرار استبعاده مطابقاً للقانون ولا عبرة في هذا المقام بأن المدعي قد رد إليه اعتباره لأن ذلك ليس من شأنه أن يزيل ما علق بالمدعي من شبهات قوية تفقده الثقة المفروضة فيمن يعين في مثل هذه الوظيفة، فضلاً من أن التحقق من توافر شرط حسن السمعة هو أمر موكول تقديره إلى الإدارة ودون معقب عليها من القضاء.
وبجلسة 28 من يونيه سنة 1964 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في الوظيفة المذكورة وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى الدفع على أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 5 من فبراير سنة 1963، وتظلم منه المدعي بتاريخ 28 من مارس سنة 1963 ثم أقام الدعوى في الميعاد القانوني، وأما فيما يتعلق بالموضوع فقالت المحكمة إن قرار الاستبعاد بني على أساس فقدان المدعي لشرط حسن السمعة وقد اعتمدت جهة الإدارة في ذلك على الأحكام الصادرة ضد المدعي في الجنحتين رقمي 800 سنة 1925، 226 سنة 1940 الذي قضى أولهما بحبس المدعي شهراً مع إيقاف التنفيذ لارتكابه اختلاساً ونصباً وفي الثاني بغرامة قدرها خمسون قرشاً لتعديه بالضرب على آخر، ولما كان المدعي قد رد إليه اعتباره بحكم القانون ولم تنازعه جهة الإدارة في ذلك فمن ثم يترتب على ذلك محو حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل وزوال ما ترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق طبقاً لنص المادة 500 من قانون الإجراءات الجنائية وتكون اللجنة إذ استندت إلى الحكم على المدعي في تلك الجرائم التي رد إليه اعتباره عنها للقول بأنه لم تتوافر فيه شروط حسن السمعة قد خالفت القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن رد الاعتبار لا يمحو إلا الآثار الجنائية ودون أن يرفع عن المحكوم عليه ما علق بسمعته من شوائب تجعله غير أهل لتولي وظيفة المأذون، وإذا كان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه لا يلزم لوصم الموظف بسوء السمعة أن تكون قد صدرت ضده أحكام جنائية فإنه من باب أولى يكون من صدرت ضده مثل هذه الأحكام سيء السمعة ولو كان قد رد إليه اعتباره، كما أن القرار المطعون فيه صدر من هيئة قضائية رأت أن رد الاعتبار لا يمنح المطعون عليه الأفضلية على المرشح الآخر الذي خلت صحيفته من أية أحكام جنائية ومن ثم يكون أفضل من المطعون عليه في ميزان الامتياز والأفضلية.
ومن حيث إنه بناء على نص المادة 381 من المرسوم بقانون 78 سنة 1931 المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها صدر قرار وزير العدل المؤرخ 4 من يناير سنة 1955 بإصدار لائحة المأذونية وقد نصت المادة الثالثة منه على أنه "يشترط فيمن يعين في وظيفة المأذون... (ج) أن يكون حائزاً لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر. (د) أن يكون حسن السمعة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف أو النزاهة". ونصت المادة الخامسة على أنه "إذا لم يرشح من يكون حائزاً لإحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة الثالثة جاز ترشيح غيره ممن يكون حائزاً لشهادة الأهلية أو الشهادة الثانوية من الجامع الأزهر وإذا لم يرشح من يكون حائزاً لإحدى الشهادات المتقدمة جاز ترشيح غيره بشرح أن ينجح في الامتحان المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة التاسعة" ونصت المادة الثانية عشرة على أنه "بعد استيفاء جميع الإجراءات تصدر اللجنة قراراً بتعيين من تتوافر فيه الشروط من المرشحين ولا يكون قرارها نافذاً إلا بعد تصديق الوزير عليه، وفي حالة تعدد من تتوافر فيهم شروط التعيين يفضل من يحمل مؤهلاً أعلى ثم الحائز لدرجات أكثر في الامتحان المنصوص عليه في المادة التاسعة ثم الحائز لدرجات أكثر في أحكام الزواج والطلاق وعند التساوي يقدم حنفي المذهب ثم يكون التفضيل بطريق القرعة".
ومن حيث إنه تطبيقاً للأحكام المتقدمة أعلنت دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة بنها عن خلو مأذونية كفر شبين القناطر بسبب استقالة شاغلها وعن فتح باب الترشيح للمأذونية المذكورة، فتقدم كل من السادة فؤاد سليمان غيه الحاصل على ثانوية الأزهر ومحمد عبد الله البليدى (المطعون عليه) ومحمد عبد الباقي منصور ولا يحملان مؤهلات من المؤهلات المنصوص عليها في المادة الثالثة من اللائحة وقد أدى كل منهما الامتحان الذي عقدته لجنة المأذونية ونجحا فيه وحصل المطعون عليه على 146 درجة أما محمد عبد الباقي منصور فقد حصل على 127.5 درجة، وبتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1961 قررت لجنة المأذونية تعيين السيد فؤاد سليمان غيه مأذوناً، وأرسلت الأوراق إلى وزارة العدل للاعتماد إلا أن الأوراق أعيدت إليها لتحقيق الشكاوى المقدمة ضد المرشحين الثلاثة، وقد انتهى تحقيق اللجنة إلى العدول عن قرارها الأول وإلى حفظ الطلبين المقدمين من السيدين فؤاد سليمان غيه ومحمد عبد الله البليدى لما تبين من أن الأول ليس من أهالي دائرة المأذونية وأنه صدرت ضده ثلاثة أحكام ومن أن الثاني سبق الحكم عليه استئنافياً في الجنحة رقم 800 سنة 1925 استئناف القاهرة بالحبس شهراً مع إيقاف التنفيذ لارتكابه جريمة اختلاس ونصب كما حكم عليه بالغرامة في الجنحة رقم 126 سنة 1940 وهي خاصة بواقعة ضرب، ثم أصدرت لجنة المأذونية قراراً في 10 من سبتمبر سنة 1962 بتعيين المرشح محمد عبد الباقي منصور مأذوناً وأرسلت الأوراق إلى وزارة العدل للاعتماد، فأعادت الوزارة الأوراق إلى اللجنة لإجراء المفاضلة بين المطعون عليه والمرشح للوظيفة لأن الأحكام التي صدرت ضد المطعون عليه قديمة ورد اعتباره عنها، بيد أن لجنة المأذونية أصرت على قرارها السابق على أساس أنه سبق الحكم على المطعون عليه بالإدانة في جرائم اتصل بها علم القضاء وثبت لديه ارتكابها الأمر الذي شوه سمعته وأساء إليها وبذلك يكون قد فقد شرطاً من شروط التعيين، ثم صدقت الوزارة على هذا القرار بتاريخ 5 من فبراير سنة 1963.
ومن حيث إن حسن السمعة هو من الصفات المطلوبة في كل موظف عام إذ بدون هذه الصفة لا تتوافر الثقة والطمأنينة في شخص الموظف العام مما يكون له أبلغ الأثر على المصلحة العامة فتختل الأوضاع وتضطرب القيم في النشاط الإداري، ولا يحتاج الأمر في التدليل على سوء السمعة إلى وجود دليل قاطع على توافرها وإنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك على توافرها حتى يتسم الموظف العام بعدم حسن السمعة، وهو على هذا الوجه شرط صلاحية لتولي الوظائف العامة وشرط للاستمرار في شغلها، وقد نصت الفقرة "د" من المادة الثالثة من لائحة المأذونية على هذا الشرط صراحة فيمن يرشح لوظيفة المأذون وأضافت إلى ذلك شرطاً آخر مؤداه ألا يكون قد صدرت ضد المرشح للوظيفة أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف.
ومن حيث إنه وإن كانت الأحكام الجنائية التي تصدر ضد أحد الأشخاص تكفي في غالب الأحيان للحكم على سلوكه ويصح الاستناد إليها كقاعدة عامة في القول بتوافر شرط حسن السمعة أو انتفائه، إلا أنها لا تصلح سنداً لذلك بالنسبة إلى خصوصية الحالة المعروضة نظراً لأنه مضت مدد طويلة على صدور تلك الأحكام فقد مضى على أولها ما يزيد على الأربعين عاماً وعلى الثاني ستة وعشرين عاماً ولم تحل دون تولي المطعون عليه إحدى الوظائف العامة، فقد كان مدرساً عمل في مرفق التعليم مدة تزيد على الثلاثين عاماً حتى أحيل إلى المعاش - كما قرر المطعون عليه ولم تنازعه الحكومة في ذلك - ومن ثم فلا يصح الاستناد إلى هذه الأحكام لاستخلاص عدم توافر حسن السمعة بالنسبة إلى المطعون عليه، ويضاف إلى ذلك أن جهة الإدارة لم تستند في استخلاص هذا السبب إلى تحريات قدمت إليها من جهة مختصة تكشف عن انتفاء ذلك الشرط بالنسبة إلى المطعون عليه وإنما بنت اقتناعها بذلك على الأحكام المشار إليها وهي لا تصلح سنداً للقول بانتفاء شرط حسن السمعة عن المدعي على النحو السالف بيانه.
وأما فيما يتعلق بالشرط الثاني الذي تضمنته الفقرة "د" من المادة الثالثة من لائحة المأذونية والخاص ألا يكون قد صدرت ضد المرشح للوظيفة أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف فإنه يبين من الاطلاع على صورة الحكم الصادر ضد المطعون عليه في الجنحة رقم 800 سنة 1925 والمرفق بملف الطعن أن المحكمة الاستئنافية قضت بحبسه شهراً مع الشغل لارتكابه جريمة اختلاس عدة نسيج مملوكة له ولآخر وقيامه ببيعها وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة، ولما كانت المادة 59 من قانون العقوبات تنص على أن الحكم الصادر بإيقاف تنفيذ العقوبة يعتبر كأن لم يكن إذا مضى على المحكوم عليه خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً ولم يرتكب جناية أو جنحة حكم عليه من أجلها بعقوبة مقيدة للحرية، فإنه بناء على ذلك لا يجوز ترتيب أية آثار جنائية أو إدارية على ذلك الحكم بعد مضي المدد المشار إليها لأن القانون نفسه قد أعدم كل أثر للحكم وقضى باعتباره كأن لم يكن وبالتالي فلا يعتبر هذا الحكم مانعاً من التوظف أو من التعيين في وظيفة المأذونية.
وأما بالنسبة إلى الحكم الآخر الذي صدر ضد المطعون عليه في الجنحة رقم 226 سنة 1940 فإنه صدر بالغرامة في قضية مشاجرة وبهذه المثابة لا يعتبر ماساً بالشرف أو النزاهة ولا يصلح سنداً لاستبعاد المطعون عليه بمقولة إنه لم تتوافر فيه الشروط اللازمة للتعيين في وظيفة المأذون.
ومن حيث إنه وقد توافرت في المطعون عليه شروط التعيين المنصوص عليها في المادة الثالثة من لائحة المأذونية فإنه كان يجب على لجنة المأذونية أن تجري المفاضلة بينه وبين المرشح الآخر السيد/ محمد عبد الباقي منصور على أساس قواعد التفضيل المنصوص عليها في المادة 12 من اللائحة، كما طلبت إليها وزارة العدل بكتابها المؤرخ 10 من ديسمبر سنة 1962، وهي تقضي بأنه في حالة تعدد من تتوافر فيهم شروط التعيين يفضل من يحمل مؤهلاً أعلى ثم الحائز على درجات أكثر في الامتحان المنصوص عليه في المادة التاسعة ثم الحائز لدرجات أكثر في أحكام الزواج والطلاق عند التساوي يقدم حنفي المذهب ثم يكون التفضيل بطريق القرعة، أما وقد استبعدت اللجنة المطعون عليه من الترشيح للوظيفة وعينت منافسه مع أن المطعون عليه أحق منه بالتعيين فيها لحصوله على درجات أعلى من درجات منافسه في الامتحان الذي أجرته اللجنة لهما طبقاً للمادة التاسعة من اللائحة فمن ثم فإن قرار وزير العدل المؤرخ 6 من فبراير سنة 1963 باعتماد قرار لجنة المأذونية بتعيين السيد/ محمد عبد الباقي منصور مأذوناً يكون قد خالف القانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء ذلك القرار فيما تضمنه من عدم تعيين المطعون عليه في تلك الوظيفة فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن على غير أساس حقيقاً بالرفض مع إلزام وزارة العدل بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.

الطعن 1119 لسنة 10 ق جلسة 24 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 45 ص 467

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

-------------------

(45)

القضية رقم 1119 لسنة 10 القضائية

(أ) - دعوى. "الحكم فيها. بطلانه". 

خلو الحكم المطعون فيه من ذكر اسم الوصية على المدعي - لا بطلان في الحكم.
(ب) - دعوى. " دفع بعدم قبول الدعوى. مصلحة". 

لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون الشخص الذي يباشرها ذا حق أو ذا مصلحة أو ذا صفة في التقاضي بل يجب أن تتوافر له أهلية المخاصمة لدى القضاء - زوال العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية - يترتب عليه أن تصبح الإجراءات صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصمين على السواء - تنتفي بذلك كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها.
(ج) موظف. "تعيين. فترة الاختبار". 

لا يستقر المركز القانوني للمعين تحت الاختبار إلا بعد صلاحيته للبقاء في الوظيفة والنهوض بتبعاتها خلال فترة الاختبار - المرد في تقدير صلاحية الموظف خلال فترة الاختبار إلى السلطة التي تملك التعيين - مدى جواز التعقيب على قرار هذه السلطة.
(د) - موظف. "تعيين. فترة الاختبار".
يكفي لصحة قرار الفصل أن يثبت عدم الصلاحية خلال فترة الاختبار - لا بطلان إذا تراخى صدوره بعد انقضاء مدة الاختبار أمداً معقولاً.

-----------------
1 - إن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لخلوه من اسم السيدة/ زينب محمد سليمان الوصية على المدعي الذي بلغ سن الرشد بعد صدور الحكم - مردود بأن السيدة المذكورة قد حضرت مع ابنها المدعي بجلسة التحضير المنعقدة في 25 من ديسمبر سنة 1962 وذلك بعد تعيينها وصية عليه بمقتضى القرار الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1962 من محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية - وطلب الحاضر معها تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها منها إلى مديرية التحرير - كما حضرت معه بجلسة 29 من مارس سنة 1964 أمام المحكمة الإدارية وفيها وجهت الدعوى إلى مدير عام مديرية التحرير - وبذلك تكون قد تدخلت في الدعوى وأصبحت بصفتها وصية عليه فيها - ومجرد خلو الحكم المطعون فيه من ذكر اسمها لا يترتب عليه بطلانه إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ في التدوين من الجائز تصحيحه وفقاً لأحكام المادة 364 من قانون المرافعات - وبناء على ذلك فإن الحكم يعتبر في الواقع من الأمر صادراً لصالحها بصفتها وصية على ابنها الذي كان قاصراً عند صدوره ومن ثم يكون النعي عليه بالبطلان في غير محله.
2 - إنه ولئن كان الأصل أنه لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون الشخص الذي يباشرها ذا حق أو ذا مصلحة أو ذا صفحة في التقاضي بل يجب أن تتوافر له أهلية المخاصمة لدى القضاء - وهو أصل عام ينطبق على الدعاوى الإدارية كما ينطبق على غيرها - إلا أنه لما كانت المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإنه لا يجوز لأحد الخصوم الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية - إلا إذا كانت له مصلحة في هذا الدفع - والأصل في التصرفات الدائرة بين النفع والضرر وكذلك الإجراءات القضائية المتعلقة بها التي يباشرها ناقص الأهلية - الأصل فيها هو الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحته - ولكن لما كان الطرف الآخر في الدعوى يخضع للإجراءات القضائية على غير إرادته فإن من مصلحته ألا يتحمل إجراءات مشوبة وغير حاسمة للخصومة - ومن ثم وفي سبيل غاية هذه المصلحة يجوز له أن يدفع بعدم قبول الدعوى - على أنه متى كان العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية قد زال فإنه بزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصمين على السواء - وفي السير فيها بعد زوال العيب المذكور إجازة لما سبق منها - وبذلك تعتبر صحيحة منذ بدايتها - ومن ثم تنتفي كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها - ومتى كان الواقع في الدعوى الماثلة أن الوصية على المدعي قد تدخلت في الدعوى واستمرت في مباشرتها فإنه لا يكون للجهة الإدارية مصلحة في الدفع بعدم قبولها لرفعها من ناقص أهلية - ولا تكون المحكمة الإدارية قد أخطأت إذ تضمن حكمها رفض هذا الدفع - وإذ كان الأثر المترتب على تدخل الوصية هو أن تعتبر إجراءات التقاضي صحيحة منذ بدايتها فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المحدد لإقامة دعاوى الإلغاء يكون غير قائم على أساس سليم متى كان الثابت أن صحيفتها قد أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية دون تجاوز الميعاد المذكور - ومن ثم لا يكون هناك وجه للنعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى.
3 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تعيين الموظف تحت الاختبار إنما شرع لمدة محددة يكون مصير الموظف فيها معلقاً بحيث لا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد ثبوت صلاحيته للبقاء فيها والنهوض بتبعاتها خلال فترة الاختبار والمرد في النهاية في تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار هو إلى السلطة التي تملك التعيين فلها وحدها حق تقدير صلاحيته أو عدم صلاحيته للوظيفة وذلك بالاستناد إلى أية عناصر تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها قد تغيا وجه المصلحة العامة وخلا من شائبة إساءة استعمال السلطة، وما دامت قد بنت تقديرها على أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بالقرار المطعون فيه.
4 - إنه يكفي لصحة القرار أن يثبت عدم الصلاحية للعمل خلال فترة الاختبار - إذ بذلك يتخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير تعيين الموظف خلال الفترة المذكورة وهو صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته. أما تراخي صدور القرار أمداً معقولاً إلى ما بعد انتهائها بسبب عرض الأوراق على الوكيل العام للشئون الزراعية ثم الوكيل العام للشئون المالية والإدارية ثم على المدير العام لمديرية التحرير فليس من شأنه أن يؤثر على سلامته - وذلك بالإضافة إلى أنه ليس في النصوص التي نظمت فترة الاختبار ما يوجب صدور قرار الفصل قبل انتهائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 6 من يونيو سنة 1962 أقام السيد/ محمود عبد الحليم حافظ الدعوى رقم 179 لسنة 9 القضائية ضد مدير مصانع التعبئة والحفظ بمديرية التحرير ووزير الإصلاح الزراعي طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من عمله من الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي برقم 450 بتاريخ 17 من يوليو سنة 1961 واعتباره كأن لم يكن وإعادته إلى عمله وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه كان قد دخل المدرسة الفنية المشتركة التابعة لوزارة الإصلاح الزراعي وظل بالمدرسة مدة ثلاث سنوات وحصل على شهادة الدراسة الإعدادية الزراعية المشتركة المطلوبة لإلحاقه بوظيفة ملاحظ زراعي بمصانع التعبئة والحفظ وتم تعيينه في 22 من ديسمبر سنة 1960 بمصنع التعبئة والحفظ الكائن بمديرية التحرير وظل قائماً بعمله على الوجه الأكمل إلى أن صدر قرار اللجنة الدائمة لاستصلاح الأراضي رقم 450 في 17 من يوليو سنة 1960 بناء على كتاب مدير مصانع التعبئة والحفظ بالاستغناء عن خدمات ملاحظي مصانع التعبئة والحفظ لعدم صلاحيتهم للعمل وذكر أن هذا القرار مشوب بإساءة استعمال السلطة ومخالف للقانون ذلك أنه قام بواجبات وظيفته لمدة تزيد على ثمانية أشهر ولم يقدم السيد مدير مصانع التعبئة والحفظ أي دليل يفيد أنه غير صالح للعمل وأضاف أنه تظلم إلى مكتب التظلمات لدى الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي كما تظلم لمكتب التظلمات بوزارة الزراعة وقيد تظلمه برقم 235 لسنة 1961 في 23 من أغسطس سنة 1961 إلا أنه لم يتلق رداً على تظلمه وأنه لذلك يحق له رفع هذه الدعوى بطلب إلغاء القرار الصادر بفصله.
وكان المدعي قبل إقامة دعواه قد تقدم في 7 من ديسمبر سنة 1961 بطلب لإعفائه من الرسوم القضائية تقرر قبوله في 28 من إبريل سنة 1962.
وقد أودعت المؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضي (هيئة مديرية التحرير) مذكرة بدفاعها رداً على طلب الإعفاء من الرسوم قالت فيها إنه في 24 من يناير سنة 1961 صدر القرار رقم 16 بتعيين المدعي مساعد ملاحظ بمصانع التعبئة والحفظ بيومية قدرها 200 مليم اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1960 تاريخ استلام العمل وذلك لمدة ستة أشهر تحت الاختبار وفي 26 من إبريل سنة 1961 أرسل مدير مصانع التعبئة والحفظ إلى مدير التنفيذ بالمديرية مبيناً أن المدعي وآخرين من المعينين حديثاً بالمصانع تحت الاختبار قد اتضح أثناء الفترة التي أمضوها بالمصانع أنهم غير صالحين للعمل كما أن حاجة العمل بالمصانع في غنى عنهم - وبعرض الأمر على الوكيل العام للشئون الزراعية في أول يوليو سنة 1961 وافق على رأي مدير المصانع كما وافق الوكيل العام للشئون المالية والإدارية في 10 من يوليو سنة 1961 على إنهاء خدمة المدعي وزملائه الذين ثبت عدم صلاحيتهم للعمل وفي 17 من يوليو سنة 1961 صدر القرار رقم 550 برفع اسم المدعي وزملائه المشار إليهم من عداد موظفي الهيئة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1961 لعدم تمضيتهم فترة الاختبار على ما يرام - وذكرت المؤسسة أن عدم صلاحية المدعي للعمل المكلف به قد ثبتت في 26 من إبريل سنة 1961 قبل مضي فترة الاختبار وهو ما قرره رئيسه المباشر وذلك بالإضافة إلى استهتار المدعي إذ جوزي بالإنذار وحساب يوم 30 من إبريل سنة 1961 غياباً بدون إذن مما ينم عن عدم اكتراثه بنظام العمل - وقالت إن مصانع التعبئة والحفظ قد آلت ملكيتها إلى شركة النصر للأغذية المحفوظة التابعة لمشروع السنوات الخمس (وزارة الصناعة) وانتهت إلى طلب الحكم أصلياً برفض الطلب واحتياطياً إدخال وزارة الصناعة (مشروع السنوات الخمس) خصماً في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهتها وأودعت مديرية التحرير حافظة بمستنداتها حوت ملف خدمة المدعي.
وأودعت وزارة الزراعة مذكرة طلبت فيها إخراجها من الخصومة لأن مديرية التحرير غير تابعة لها.
وأثناء تحضير الدعوى وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1962 قدم الحاضر عن المدعي قرار الوصاية الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1962 في الدعوى رقم 220 لسنة 1962 بتعيين السيدة زينب محمد سليمان وصية على أولادها ومنهم المدعي وحضرت الوصية شخصياً وطلب الحاضر معها تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها منها إلى الحاضر عن مديرية التحرير - وقرر الحاضر عن مديرية التحرير أنه يطلب إدخال وزارة الصناعة (مشروع السنوات الخمس) خصماً في الدعوى لأيلولة ملكية المصنع إلى مشروع السنوات الخمس.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات وذلك تأسيساً على أن تقدير عدم صلاحيته قد تم أثناء فترة الاختبار وأنه لم يتضح من الأوراق ما ينم على إساءة استعمال السلطة.
وعقب المدعي على هذا التقرير بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع وأشار إلى المستند رقم 12 من ملف خدمة زميله محمد عبد الغني عبد الوهاب المدعي في القضية رقم 178 لسنة 19 القضائية وذكر أنه قد جاء به أن المديرية كانت قد أخذت على الطالب وزملائه عند إلحاقهم بالمدرسة تعهدات بالعمل بالمديرية لمدة خمس سنوات وطلبت نقلهم إلى وظائف كتبة شغالة - وقال إن ذلك يقطع بأن استغناء الهيئة عن خدماته وخدمات زملائه لم تكن لعدم الصلاحية - وأضاف أنه أعلن بقرار الفصل في أول أغسطس سنة 1961 أي بعد قضاء فترة الاختبار بشهرين على الأقل فأصبح قرار تعيينه حصيناً وصدر القرار بفصله من غير مختص إذ أن فصله لم يكن لعدم الصلاحية بل للاستغناء عنه لعدم حاجة العمل.
وبجلسة 29 من مارس سنة 1964 - أمام المحكمة الإدارية - حضر المدعي شخصياً ومعه السيدة زينب محمد سليمان الوصية عليه ووجه الدعوى إلى مدير عام هيئة مديرية التحرير في مواجهة الحاضر عن الحكومة ودفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن الدعوى رفعت من المدعي وهو قاصر ولم يصحح شكلها إلا في تاريخ لاحق كما أن توجيه الدعوى إلى هيئة مديرية التحرير تم بعد ميعاد رفع الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أنها رفعت في الميعاد وأنه لا يغير من ذلك أن يكون توجيه الدعوى إلى هيئة مديرية التحرير قد تم تصحيحاً للإجراءات في 29 من مارس سنة 1964 ذلك لأن المدعي إنما يختصم القرار الإداري بصرف النظر عن مصدره فلا يعد توجيه الدعوى في هذه الصورة بمثابة إجراء جديد منبت الصلة بما سبق من إجراءات إذ أن الجهة مصدرة القرار كانت ممثلة في الدعوى وردت عليها وقدمت الأوراق والمستندات - كما أقام قضاءه بإلغاء القرار على أن كلاً من كتاب مدير المصانع المؤرخ في 26 من إبريل سنة 1961 ومذكرة إدارة المستخدمين في 3 من يونيو سنة 1961 أضاف إلى عدم الصلاحية أن حالة العمل بالمصانع في غنى عن خدمات المعينين تحت الاختبار كما أفصحت مذكرة إدارة المستخدمين المؤرخة في 4 من يوليو سنة 1961 عن هذا السبب فقررت أن مدير مصانع التعبئة والحفظ طلب الاستغناء عن خدمات أحد عشر ملاحظاً معينين حديثاً بالمصنع لأن حاجة العمل بالمصنع في غنى عن خدماتهم وأضافت أنه يوجد اعتماد لتعيين تسعة وعشرين كاتب شغالة بإدارات الزراعة وطلبت النظر في نقلهم للعمل بهذه الوظائف أو الاستغناء عن خدماتهم - ويتضح من ذلك أن حاجة العمل في المصانع كانت في غنى عن الملاحظين المعينين تحت الاختبار وأن الإدارة تذرعت بعدم الصلاحية لعدم الإبقاء عليهم في الخدمة دون أن تجد لديها من الأوراق والمستندات ما تقدمه دليلاً على دعواها - هذا بالإضافة إلى أن قرار الفصل صدر في 10 من يوليو سنة 1961 أي بعد مضي أكثر من سنة أشهر من تاريخ تعيين المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم باطل لخلوه من اسم المطعون ضدها الثانية التي حضرت في الدعوى بصفتها وصية على المطعون ضده الأول - ولأنه صدر لصالح ناقص الأهلية إذ أن المطعون ضده الأول لم يكن قد بلغ سن الرشد عند صدوره.
وثانياً: إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً في حين أن المطعون ضده الأول كان قاصراً عند رفعها ومن شروط قبول الدعوى أن تكون مرفوعة من ذي أهلية أي أن يكون رافعها قد بلغ سن الرشد وهو 21 سنة ولا يؤثر على صحة هذا الدفع أن المطعون ضدها الثانية قد تدخلت في الدعوى بجلسة التحضير في 22 من يناير سنة 1963 لأن النظر في قبول الدعوى أو عدم قبولها يكون وقت رفعها ولو فرض أن هذا التدخل يترتب عليه تصحيح شكلها فإن هذا التصحيح لم يتم إلا في 22 من يناير سنة 1963 ومن ثم تكون الدعوى مرفوعة بعد الميعاد.
وثالثاً: وبالنسبة إلى الموضوع من قبيل الاحتياط خالف الحكم المطعون فيه ما ثبت في الأوراق من أن فصل المطعون ضده الأول قد تم لعدم صلاحيته للعمل أثناء فترة الاختيار وقد ثبت عدم صلاحيته بالمذكرة المؤرخة في 16 من إبريل سنة 1961 أما ما ذكره فيها السيد مدير مصانع التعبئة والحفظ من أن حاجة العمل في غنى عن المدعي وزملائه بالإضافة إلى ما ذكره من ثبوت عدم صلاحيتهم للعمل فلا أثر له إذ الثابت أن قرار الفصل لم يصدر للاستغناء عن المدعي وزملائه وإنما صدر بسبب عدم صلاحيتهم للعمل فيكون قرار الفصل سليماً مطابقاً للقانون وفي حدود السلطة التقديرية للجهة الإدارية ولا وجه لما ذهب إليه الحكم من أن قرار الفصل صدر بعد مضي أكثر من ستة أشهر إذ أن عدم صلاحيته قد ثبت خلال فترة الاختبار بمذكرة السيد مدير المصنع في 16 من إبريل سنة 1961 وقرار التعيين في هذه الحالة لا يعتبر باتاً إلا إذا ثبتت الصلاحية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً ورفض الدفع بعدم القبول والبطلان وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الإدارة بالمصروفات.
ومن حيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لخلوه من اسم السيدة/ زينب محمد سليمان الوصية على المدعي الذي بلغ سن الرشد بعد صدور الحكم - مردود بأن السيدة المذكورة قد حضرت مع ابنها المدعي بجلسة التحضير المنعقدة في 25 من ديسمبر سنة 1962 وذلك بعد تعيينها وصية عليه بمقتضى القرار الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1962 من محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية - وطلب الحاضر معها تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها منها إلى مديرية التحرير - كما حضرت معه بجلسة 29 من مارس سنة 1964 أمام المحكمة الإدارية وفيها وجهت الدعوى إلى مدير عام مديرية التحرير - وبذلك تكون قد تدخلت في الدعوى وأصبحت بصفتها وصية عليه خصماً فيها - ومجرد خلو الحكم المطعون فيه من ذكر اسمها لا يترتب عليه بطلانه إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ في التدوين من الجائز تصحيحه وفقاً لأحكام المادة 364 من قانون المرافعات - وبناء على ذلك فإن الحكم يعتبر في الواقع من الأمر صادراً لصالحها بصفتها وصية على ابنها الذي كان قاصراً عند صدوره ومن ثم يكون النعي عليه بالبطلان في غير محله.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أنه لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون الشخص الذي يباشرها ذا حق أو ذا مصلحة أو ذا صفة في التقاضي بل يجب أن تتوافر له أهلية المخاصمة لدى القضاء - وهو أصل عام ينطبق على الدعاوى الإدارية كما ينطبق على غيرها - إلا أنه لما كانت المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإنه لا يجوز لأحد الخصوم الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي أهلية - إلا إذا كانت له مصلحة في هذا الدفع - والأصل في التصرفات الدائرة بين النفع والضرر وكذلك الإجراءات القضائية المتعلقة بها التي يباشرها ناقص الأهلية - الأصل فيها هو الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحته - ولكن لما كان الطرف الآخر في الدعوى يخضع للإجراءات القضائية على غير إرادته فإن مصلحته ألا يتحمل إجراءات مشوبة وغير حاسمة للخصومة - ومن ثم وفي سبيل غاية هذه المصلحة يجوز له أن يدفع بعدم قبول الدعوى - على أنه متى كان العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية قد زال فإنه بزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصمين على السواء - وفي السير فيها بعد زوال العيب المذكور إجازة لما سبق منها - وبذلك تعتبر صحيحة منذ بدايتها - ومن ثم تنتفي كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها - ومتى كان الواقع في الدعوى الماثلة أن الوصية على المدعي قد تدخلت في الدعوى واستمرت في مباشرتها فإنه لا يكون للجهة الإدارية مصلحة في الدفع بعدم قبولها لرفعها من ناقص أهلية - ولا تكون المحكمة الإدارية قد أخطأت إذ تضمن حكمها رفض هذا الدفع - وإذ كان الأثر المترتب على تدخل الوصية هو أن تعتبر إجراءات التقاضي صحيحة منذ بدايتها فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المحدد لإقامة دعاوى الإلغاء يكون غير قائم على أساس سليم متى كان الثابت أن صحيفتها قد أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية دون تجاوز الميعاد المذكور - ومن ثم لا يكون هناك وجه للنعي على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه في 24 من يناير سنة 1961 صدر القرار رقم 61 من المدير العام لمديرية التحرير متضمناً تعيين المدعي مساعد ملاحظ بمصانع التعبئة الجنوبية اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1960 تاريخ استلامه العمل وذلك لمدة ستة أشهر تحت الاختبار - وفي 26 من إبريل سنة 1961 أرسل مدير مصانع التعبئة والحفظ كتاباً إلى مدير التنفيذ بالمديرية مبيناً أن المدعي وآخرين من المعينين حديثاً بالمصانع تحت الاختبار قد اتضح أثناء الفترة التي أمضوها بالمصانع أنهم غير صالحين للعمل كما أن حاجة العمل بالمصانع في غنى عنهم - وبعرض الأمر على الوكيل العام للشئون الزراعية في أول يوليو سنة 1961 وافق على رأي مدير المصانع - كما وافق عليه الوكيل العام للشئون المالية والإدارية في 10 من يوليو سنة 1961 - وبناء على ذلك أصدر المدير العام لمديرية التحرير في 17 من يوليو سنة 1961 القرار رقم 550 بفصل المدعي وآخرين من زملائه لعدم صلاحيتهم للعمل أثناء فترة الاختبار وهو القرار الذي قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تعيين الموظف تحت الاختبار هو إلى السلطة التي تملك التعيين فلها وحدها حق تقدير صلاحيته ووضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد ثبوت صلاحيته للبقاء فيها والنهوض بتبعاتها خلال فترة الاختبار والمرد في النهاية في تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار هو إلى السلطة التي تملك التعيين فلها وحدها حق تقدير صلاحيته أو عدم صلاحيته للوظيفة وذلك بالاستناد إلى أية عناصر تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها قد تغيا وجه المصلحة العامة وخلا من شائبة إساءة استعمال السلطة، وما دامت قد بنت تقديرها على أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من القرار الصادر بفصل المدعي لعدم صلاحيته للعمل في فترة الاختبار أنه قد بني على ما قرره رئيسه المباشر من عدم صلاحيته للعمل في مصانع التعبئة والحفظ وهو العمل الذي عين فيه لمدة ستة أشهر تحت الاختبار - ومن ثم فإنه يكون قام على سببه المبرر له قانوناً ما دام أنه لم يثبت أنه قد شاب تقدير الجهة الإدارية لمدى صلاحية المدعي للعمل انحراف بالسلطة - ولا يقدح في صحة القرار أن كتاب مدير المصانع المشار إليه قد تضمن بالإضافة إلى ما قرره من عدم صلاحية المدعي للعمل أن المصنع في غنى عنه إذ أن السبب الذي قام عليه قرار الفصل الصادر من المدير العام لمديرية التحرير هو عدم الصلاحية دون سواه - كما لا يقدح في سلامة القرار ما أشير إليه في الأوراق من ترشيح المدعي لعمل آخر يختلف عن عمله بالمصانع هو (كاتب شغالة) إذ العبرة في هذا الشأن هي بثبوت صلاحيته أو عدم صلاحيته للعمل الذي عين خصيصاً للقيام به.
ومن حيث إنه ولئن كانت فترة اختبار المدعي - وقدرها ستة أشهر - قد انتهت في 29 من يونيو سنة 1961 - وأنه لا يعيب القرار الصادر بفصله أنه صدر في 17 من يوليو سنة 1961 - أي بعد انتهاء تلك الفترة - ذلك أنه يكفي لصحة القرار أن يثبت عدم الصلاحية للعمل خلال فترة الاختبار - إذ بذلك يتخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير تعيين الموظف خلال الفترة المذكورة وهو صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته. أما تراخي صدور القرار أمداً معقولاً إلى ما بعد انتهائها بسبب عرض الأوراق على الوكيل العام للشئون الزراعية ثم الوكيل العام للشئون المالية والإدارية ثم على المدير العام لمديرية التحرير فليس من شأنه أن يؤثر على سلامته - وذلك بالإضافة إلى أنه ليس في النصوص التي نظمت فترة الاختبار ما يوجب صدور قرار الفصل قبل انتهائها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 131 لسنة 9 ق جلسة 24 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 44 ص 459

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيزي زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

------------------

(44)

القضية رقم 131 لسنة 9 القضائية

(أ) دعوى. "شرط المصلحة فيها." دعوى "دعوى الإلغاء".
يتعين توفر شرط المصلحة من وقت رفع الدعوى واستمرار قيامه حتى يفصل فيها نهائياً - لا يؤثر في الدفع بعدم وجود مصلحة التأخر في إبدائه إلى ما بعد مواجهة الموضوع - وجود مانع قانوني يحول دون إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه بالنسبة لدعوى الإلغاء - تنتفي معه المصلحة في استمرارها ويتعين الحكم بعدم قبولها.
(ب) دعوى "دعوى الإلغاء. شرط المصلحة فيها". أجانب "حظر تملك الأراضي الزراعية".
صدور القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أثناء نظر دعوى أقامها أجانب مخاطبون بأحكام بإلغاء قرار بالاستيلاء على أراض زراعية يدعون ملكيتهم لها - انتفاء مصلحتهم في استمرار مخاصمة القرار إذ لن يترتب على إلغائه إعادة يدهم على الأرض.

-----------------
1 - من الأمور المسلمة أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول الدعوى يتعين أن يتوفر من وقت رفع الدعوى وأن يستمر قيامه حتى يفصل فيها نهائياً، ولا يؤثر في هذا الدفع التأخر في إبدائه إلى ما بعد مواجهة الموضوع لأنه من الدفوع التي لا تسقط بالتكلم في الموضوع ويجوز إبداؤها في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولما كانت دعوى الإلغاء هي دعوى تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه فإنه إذا ما حال دون ذلك مانع قانوني فلا يكون هناك وجه للاستمرار في الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لانتفاء المصلحة فيها.
2 - لما كان المطعون عليهم من الأجانب المخاطبين بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية فإنه لن يترتب على إلغاء القرار المطعون فيه إعادة يدهم على الأرض المتنازع عليها لأنهم ممنوعون قانوناً من تملك الأراضي الزراعية ومن حيازتها بصفة ملاك، ولن يتأثر هذا الوضع بصدور حكم من المحكمة المدنية المختصة في موضوع ملكية الأراضي المتنازع عليها لأنه إذا ما قضي لمصلحتهم بتثبيت الملكية فلن يتسلموا تلك الأرض وإنما تؤول ملكيتها إلى الدولة طبقاً لذلك القانون من تاريخ العمل بأحكامه، أما إذا قضي بتثبيت ملكية الوقف الخيري للأرض فلن يكون هناك وجه لتسليم الأرض إلى المطعون عليهم بعد إذ قضى القانون رقم 247 لسنة 1953 بإنشاء نظارتهم وبإقامة وزارة الأوقاف ناظرة على جميع الأوقاف الخيرية. أما بالنسبة إلى ريع الأرض منذ تاريخ الاستيلاء عليها فلن يترتب على الحكم في دعوى الإلغاء إثبات الحق فيه للمطعون عليهم لأن الريع يستحقه من تثبت ملكيته للأرض، فهو من آثار الحكم في دعوى الملكية التي تختص بها المحاكم المدنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 813 لسنة 13 القضائية ضد وزير الأوقاف لدى محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بعريضة أودعوها سكرتيرية المحكمة في 7 من إبريل سنة 1959 طالبين إلغاء القرار الصادر من وزارة الأوقاف بالاستيلاء على الأرض موضوع النزاع وبتعويض عن الأضرار المترتبة عليه، وقال المدعون شرحاً لدعواهم إنهم يمتلكون أرضاً زراعية بناحية بلجاى مركز المنصورة - مقدارها 117 فداناً وكسور ويضعون اليد عليها بصفة مالكين هم وأسلافهم منذ خمسين سنة إلى أن فوجئوا في 8 من مارس سنة 1954 بتعرض وزارة الأوقاف التي أوفدت من يستولي على الأرض بحجة أنها وقف خيري مشمول بنظارتها، فأقاموا دعوى بمنع تعرضها لهم قضي لهم فيها استئنافياً من محكمة المنصورة بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1955 بمنع تعرض الوزارة لهم في وضع يدهم، وقد استمر وضع يدهم هادئاً حتى يوم 18 من يناير سنة 1958 وفيه وجهت وزارة الأوقاف إنذارات إلى المستأجرين ذكرت فيها أن الأطيان وضع يدهم هي وقف خيري وطلبت إليهم الامتناع عن سداد الإيجار إلى المدعين وبيع المحصولات المحجوز عليها وإيداع ثمنها خزانة المحكمة، فأقام المدعون دعوى مستعجلة ضد وزارة الأوقاف والمستأجرين بعدم الاعتداد بذلك الإنذار، حكم فيها استئنافياً بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 بإجابة المدعين إلى طلباتهم، إلا أنه رغم ذلك لم تكف وزارة الأوقاف عن تعرضها فحاولت أن تبرم عقود إيجار عن تلك الأرض مع المستأجرين وأقامت حراسة لمنع عمال المدعين من دخول الأرض الأمر الذي ألجأ المدعين إلى الشكوى إلى النيابة العامة وأثناء التحقيق سمع المدعون من محامي الوزارة أنها اتخذت تلك الإجراءات تنفيذاً لقرار صدر من الوزارة بالاستيلاء على الأرض. ونظراً لأن ذلك القرار باطل ومخالف للقانون ومشوب بإساءة استعمال السلطة فقد أقاموا الدعوى بطلب إلغائه وبتعويضهم عن الأضرار التي ترتبت عليه. وقد دفعت وزارة الأوقاف بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني تأسيساً على أنها أصدرت قرار الاستيلاء على الأرض بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1958 ونفذته فعلاً في 13 من أكتوبر سنة 1958 وإذ كانت الدعوى قد رفعت في 7 من إبريل سنة 1959 فإنها تكون غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد القانوني، وأما بالنسبة للموضوع فطلبت الوزارة رفض الدعوى لأن القرار المطعون فيه صدر تنفيذاً للقانون رقم 247 سنة 1953 الذي أصبحت الوزارة بموجبه ناظرة على جميع الأوقاف الخيرية ووسيلة الوزارة إلى تنفيذ أحكام القانون ضد من يمتنعون عن تنفيذ أحكامه هو القرار الإداري تنفذه جبراً حتى لا يتعطل تنفيذ القانون ويضيع الهدف من إصداره.
ومن حيث إنه بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزارة الأوقاف في 6 من أكتوبر سنة 1958 بالاستيلاء على الأرض موضوع النزاع وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الوزارة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع على أن النزاع بين الطرفين كان يجري على أنه نزاع مدني حتى أفصح محامي الوزارة أمام النيابة العامة بتاريخ 10 من فبراير سنة 1959 عند سؤاله في الشكوى رقم 506 لسنة 1959 إداري بأن الوزارة أصدرت قراراً بالاستيلاء على الأرض موضوع النزاع، وإذ قيمت الدعوى في 7 من إبريل سنة 1959 فإنها تكون مرفوعة في الميعاد القانوني. وأما بالنسبة للموضوع فقالت المحكمة إنه كان يتعين على وزارة الأوقاف بعد أن حصل المدعون على حكم ضدها بمنع تعرضها لهم ورفض دعوى الحراسة التي كانت مرفوعة منها ضدهم أن تبادر إلى تنفيذ تلك الأحكام، وما كان يجوز وقد كانت طرفاً في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم أن تعود وتصدر قراراً إدارياً استناداً إلى القانون رقم 247 لسنة 1953 الذي كان تطبيقه مثار النزاع بين الطرفين بالاستيلاء على الأرض ونزع يد المدعين عنها وواضح تماماً أن سبب صدور ذلك القرار هو رفض المحكمة تمكينها من ذلك وغايته تعطيل تنفيذ الحكم، ولا خلاف في أن ذلك يعتبر سبباً غير مشروع إذ لا يجوز لقرار إداري صريح كان أو ضمنياً أن يعطل تنفيذ حكم قضائي لما في ذلك من اعتداء على حجية الأحكام، فإذا تجاهلت الوزارة ذلك كله وأصدرت قرارها بالاستيلاء على الأرض فإنه يقع باطلاً لمخالفة القانون وصدوره مشوباً بإساءة استعمال السلطة، وأما بالنسبة لطلب التعويض فقد أوضحت المحكمة أن مقتضى تنفيذ الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه أن تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدوره فتحاسب الوزارة المدعين على صافي ريع الأرض موضوع النزاع طبقاً للثابت في دفاترها ومن ثم فلا يكون هناك محل للحكم بالتعويض استقلالاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى إذ الثابت من الأوراق أن الوزارة أصدرت بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1958 قراراً بوضع يدها على الأرض موضوع النزاع وقد تنفذ هذا القرار باستلام الأرض بموجب محضر مؤرخ في 13 من أكتوبر سنة 1958، ولا يمكن أن تضع الوزارة يدها على الأرض منذ أول السنة الزراعية ولا يكون لدى المطعون عليهم علم بذلك ويضاف إلى ذلك أن المدعين قد اعترفوا في الإنذار الموجه منهم إلى السيد وزير الأوقاف بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1958 والمرفق بمذكرتهم المقدمة بجلسة 23 من يناير سنة 1962 بأن قراراً صدر من الوزارة بالاستيلاء على الأرض موضوع النزاع ولذلك فإن ميعاد رفع دعوى الإلغاء يبدأ من تاريخ استيلاء الوزارة على الأرض في 13 من أكتوبر سنة 1958 وتكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد القانوني.
وأما بالنسبة للموضوع فقالت الطاعنة إنه منذ العمل بالقانون رقم 247 لسنة 1953 أصبحت وزارة الأوقاف ناظرة على جميع الأوقاف الخيرية بحكم القانون سواء سلمت الأوقاف إلى الوزارة أو بقيت في وضع يد النظار السابقين، ولما كانت الأرض المتنازع عليها بحسب الظاهر وبحسب حجة الوقف الصادرة في 24 من رجب سنة 1278 هجرية هي عبارة عن وقف خيري فقد كان يجب على المطعون عليهم أن يقوموا بتسليمها وكل ما يتعلق بها إلى وزارة الأوقاف تنفيذاً لما أوجبه المشرع في المادة الرابعة من القانون المشار إليه من ضرورة قيام الناظر بتسليم أعيان الوقف وأمواله خلال مدة ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون فإذا لم يقوموا بذلك كان لوزارة الأوقاف أن تضع يدها على الأرض بالطريق الإداري دون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم بالتسليم، ولو فسر القانون رقم 247 سنة 1953 على أن وزارة الأوقاف لا يمكنها استلام الأرض الموقوفة وفقاً خيرياً إلا بعد الحصول على حكم من القضاء لكان في ذلك مجافاة لروح القانون ولانتفى الغرض الذي يهدف إليه المشرع إذ أن الأوقاف مرفق عام تقوم عليه وزارة الأوقاف، وقد قصد المشرع من هذا القانون أن يحصل المستحقون والموقوف عليهم على المنفعة المقررة لهم في يسر وعدل. ويثبت للوزارة حق الالتجاء إلى التنفيذ المباشر حتى ولو كان هناك حكم حاز قوة الشيء المقضي نظراً لأن سير المرافق العامة يرجح على المصلحة الفردية كما انتهت إلى ذلك المحكمة الإدارية العليا في حكمها في الطعن رقم 222 سنة 4 القضائية. ويتضح من ذلك أن قيام وزارة الأوقاف بالاستيلاء على الأرض الموقوفة خيرياً في حالة تعنت النظار وامتناعهم عن تسليم ما في أيديهم من أعيان الوقف ومستنداته وأمواله خلال المدة التي حددها القانون هو أمر مشروع وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة منها تأسيساً على أن المطعون عليهم من الأجانب ولا يجوز لهم تملك الأرض الزراعية طبقاً للقانون 15 سنة 1963 في شأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية الذي قضى بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية المملوكة للأجانب إلى الدولة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن وهو المتعلق بميعاد رفع الدعوى فقد تكفل الحكم المطعون فيه بالرد على دفاع الحكومة في شأنه بأسباب مفصلة تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أنه يبين من الاطلاع على محضر التسليم المؤرخ 13 من أكتوبر سنة 1958 الذي بموجبه وضعت وزارة الأوقاف يدها على الأرض المتنازع عليها تنفيذاً للقرار المطعون فيه، أن التسليم لم يتم في مواجهة أصحاب الشأن أو من يمثلونهم قانوناً فلا يعتد به في إثبات علمهم بصدور القرار المطعون فيه، وأما الإنذار الذي وجهه المطعون عليهم إلى وزارة الأوقاف بتاريخ 10 ديسمبر سنة 1958 فإنه يبين من الاطلاع على صورته أن المطعون عليهم ذكروا فيه بأن مأمورية الأوقاف تعتدي على أطيانهم وتتعرض لهم بالقوة رغم صدور حكم نهائي من محكمة المنصورة متذرعة بصدور قرار من الوزارة في الموضوع وطلب المنذرون من السيد وزير الأوقاف رفع الاعتداء وإلا اتخذوا الإجراءات القضائية، فالعبارات التي وردت في الإنذار لا تقطع بذاتها في إثبات علم المطعون عليهم بمؤدى القرار الذي صدر من الوزارة علماً كاملاً يسمح لهم بتبين حقيقة مركزهم القانوني إزاءه، ويضاف إلى ذلك، أنه لو فرض أن المطعون عليهم علموا بذلك القرار علماً يقينياً منذ تنفيذه بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1958 كما تذهب الحكومة فإن الإنذار المرسل منهم إلى وزير الأوقاف يعد تظلماً من القرار المطعون فيه رفع إلى الجهات المختصة في الميعاد القانوني ويجرى من تاريخ تقديمه حساب الميعاد، وإذا أقيمت الدعوى في 7 من إبريل سنة 1959 أي في خلال الستين يوماً التالية للمدة المقررة للبت في التظلم فإنها تكون مقبولة شكلاً ويكون هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني من الطعن والمتعلق بعدم قبول الدعوى لزوال مصلحة المطعون عليهم في إلغاء القرار المطعون فيه، فإنه من الأمور المسلمة أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول الدعوى يتعين أن يتوفر من وقت رفع الدعوى وأن يستمر قيامه حتى يفصل فيها نهائياً، ولا يؤثر في هذا الدفع التأخر في إبدائه إلى ما بعد مواجهة الموضوع لأنه من الدفوع التي لا تسقط بالتكلم في الموضوع ويجوز إبداؤها في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولما كانت دعوى الإلغاء هي دعوى تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه فإنه إذا ما حال دون ذلك مانع قانوني فلا يكون هناك وجه للاستمرار في الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لانتفاء المصلحة فيها.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون للأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه إلا أنه بتاريخ 13 من يناير سنة 1963 صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها ونصت المادة الأولى منه على أن يحظر على الأجانب تملك الأرضي الزراعية وما في حكمها ونصت المادة الثانية على أيلولة ملكية تلك الأراضي إلى الدولة في مقابل تعويض حددته المادتان الرابعة والخامسة وألزمت المادة السابعة الملاك الأجانب بتقديم إقرارات إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتضمن بيان سند الملكية أو وضع اليد، كما أوجبت المادة الحادية عشرة على الجهات الحكومية أن تبلغ الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بما يعرض عليها من مسائل تدخل في اختصاصها وتؤول فيها ملكية أرض زراعية أو ما في حكمها إلى أجنبي بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد بعد العمل بهذا القانون. وقد عمل بالقانون اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 14 من يناير سنة 1963.
ولما كان المطعون عليهم من الأجانب المخاطبين بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية فإنه لن يترتب على إلغاء القرار المطعون فيه إعادة يدهم على الأرض المتنازع عليها لأنهم ممنوعون قانوناً من تملك الأراضي الزراعية ومن حيازتها بصفة ملاك، ولن يتأثر هذا الوضع بصدور حكم من المحكمة المدنية المختصة في موضوع ملكية الأراضي المتنازع عليها لأنه إذا ما قضي لمصلحتهم بتثبيت الملكية فلن يتسلموا تلك الأرض وإنما تؤول ملكيتها إلى الدولة طبقاً لذلك القانون من تاريخ العمل بأحكامه، أما إذا قضي بتثبيت ملكية الوقف الخيري للأرض فلن يكون هناك وجه لتسليم الأرض إلى المطعون عليهم بعد إذ قضى القانون رقم 247 لسنة 1953 بإنهاء نظارتهم وبإقامة وزارة الأوقاف ناظرة على جميع الأوقاف الخيرية. أما بالنسبة إلى ريع الأرض منذ تاريخ الاستيلاء عليها فلن يترتب على الحكم في دعوى الإلغاء إثبات الحق فيه للمطعون عليهم لأن الريع يستحقه من تثبت ملكيته للأرض، فهو من آثار الحكم في دعوى الملكية التي تختص بها المحاكم المدنية.
ومن حيث إنه يتضح من كل ما تقدم زوال كل مصلحة للمطعون عليهم في إلغاء القرار المطعون فيه بعد صدور القانون 15 سنة 1963 المشار إليه، وإذ كان زوال المصلحة قد ترتب على سبب قانوني نشأ بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها نهائياً فمن ثم فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة منها مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات.

الطعن 1868 لسنة 6 ق جلسة 24 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 43 ص 441

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

--------------------

(43)

القضية رقم 1868 لسنة 6 القضائية

(أ) المحكمة الإدارية العليا "الطعن أمامها. ميعاد الطعن" قوة قاهرة.
يترتب على ثبوت القوة القاهرة وقف ميعاد الطعن حتى يزول آثرها. لميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ذات الطبيعة التي لميعاد رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية - أثر ذلك - يقبل ميعاد الطعن كل ما يقبله ميعاد رفع الدعوى من وقف أو انقطاع.
(ب) موظف. "إعانة غلاء المعيشة". موظف. "مكافأة عن أعمال إضافية".
لا يستحق الموظف إعانة غلاء عن أية مكافأة تمنح له عن أعمال يقوم بها بالإضافة إلى عمله الأصلي سواء أديت في الجهة التي يقوم فيها بعمله الأصلي أو في أية جهة أخرى.
(جـ) تقادم. "تقادم ديون الحكومة قبل الغير" موظف "مرتب". - دفع غير المستحق.
حق الجهة الإدارية في استرداد ما قامت بأدائه إلى الموظف بغير حق كإعانة غلاء المعيشة - يسقط بانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم الجهة الإدارية بحقها في الاسترداد (1).
(د) تقادم "قطع التقادم" 

- استقطاع المبالغ التي صرفت إلى الموظف بطريق الخصم من مرتبه - يتعين حتى ينتج أثره في قطع التقادم أن يكون استقطاعاً صحيحاً مطابقاً للقانون.
(هـ) موظف "مرتب - الاستقطاع من المرتب". قانون "أثر مباشر.

القانون رقم 111 لسنة 1951 - لا يتسع نصه لاسترداد ما دفع بغير حق من مبالغ إعانة الغلاء إلى الموظف - تعديل هذا النص بالقانون رقم 224 لسنة 1956 بما يجيز ذلك - يسري من تاريخ نفاذ هذا التعديل وليس على الوقائع السابقة.
(و) موظف "مرتب. الاستقطاع من المرتب". تقادم 

- ثبوت أن الاستقطاع من مرتب الموظف لم يكن يتفق مع نصوص القانون - حق الموظف في استرداد ما استقطع من مرتبه - منوط بألا تكون هذه المبالغ أصبحت حقاً مكتسباً للجهة الإدارية وفقاً لنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.

-------------------
1 - إن القوة القاهرة من شأنها أن توقف ميعاد الطعن إذ من أثرها حتى تزول أن يستحيل على ذي الشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامته - ولا حجة في القول بأن مواعيد الطعن لا تقبل مداً أو وقفاً إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون ذلك أن وقف الميعاد كأثر للقوة القاهرة مرده إلى أصل عام هو عدم سريان المواعيد في حق من يستحيل عليه اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه وقد رددت هذا الأصل المادة 382 من القانون المدني إذ نصت في الفقرة الأولى منها على أن التقادم لا يسرى كلما وجد مانع بتعذر معه المطالبة بالحق بالإضافة إلى ما تقدم فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لميعاد الطعن ذات الطبيعة التي لميعاد رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية - إذ استقر قضاؤها على أن ما لطلب المساعدة القضائية من أثر قاطع لميعاد رفع دعوى الإلغاء أو بالأحرى حافظ له وينسحب لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض - يصدق كذلك بالنسبة إلى ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لاتحاد طبيعة كل من الميعادين من حيث وجوب مباشرة إجراء رفع الدعوى أو الطعن قبل انقضائها والأثر القانوني المترتب على مراعاة المدة المحددة فيهما أو تفويتها من حيث قبول الدعوى أو الطعن أو سقوط الحق فيهما وبالتالي إمكان طلب إلغاء القرار الإداري أو الحكم المطعون فيه أو امتناع ذلك على صاحب الشأن المتخلف - ومن مقتضى اتحاد طبيعة كل من الميعادين أن يقبل ميعاد الطعن كل ما يقبله ميعاد رفع الدعوى من وقف أو انقطاع.
2 - إن كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 27 الصادر في 27 من أكتوبر سنة 1941 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في شأن إعانة غلاء المعيشة بنص في البند العاشر منه على أن (لا تدخل المرتبات أو المكافآت الإضافية ضمن الماهية التي تصرف عنها إعانة غلاء سواء أكانت تلك المرتبات عينية أو نقدية..). كما ينص في البند الحادي عشر منه على أن (لا تدخل المبالغ التي تصرف في مقابل الشغل في غير أوقات العمل الرسمية في حساب المرتب الذي يبنى عليه تحديد الإعانة على الغلاء) - ووفقاً لهذين النصين لا يستحق الموظف إعانة غلاء في أية مكافأة تمنح له عن أعمال يقوم بها بالإضافة إلى عمله الأصلي سواء أديت هذه الأعمال في الجهة التي يقوم فيها بعمله الأصلي أو في أية جهة أخرى.
3 - إن الجامع الأزهر قد أدى إلى الطاعن إعانة غلاء عن المكافأة بناء على اعتقاده الخاطئ. بأن تلك الإعانة مستحقة له فحقه في استرداد ما دفع منها بغير حق يسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه بحقه في الاسترداد وفقاً للحكم الوارد في صدر المادة 187 من القانون المدني لأن حقه في الاسترداد إنما نشأ عن واقعة قانونية هي واقعة الوفاء الحاصل منه للمدعي في المدة من أول سبتمبر سنة 1941 إلى ديسمبر سنة 1950 والمستفاد من الأوراق أنه قد دفع عن غلط في القانون حين أدى للطاعن إعانة غلاء غير مستحقة له وأن هذا الغلط لم يتكشف له إلا عندما تلقى اعتراض ديوان المحاسبة في 18 من سبتمبر سنة 1950 أو على أحسن الفروض بالنسبة إليه منذ امتناعه عن صرف إعانة الغلاء له اعتباراً من أول يناير سنة 1951 - وعلى أي حال فإنه سواء حسبت مدة التقادم الثلاثي المسقط لحقه منذ التاريخ الأول أو الثاني فإنها تكون قد انقضت قبل أن يقيم الجامع الأزهر دعواه الأولى أمام محكمة غير مختصة هي محكمة الإسكندرية الابتدائية في 14 من أكتوبر سنة 1957.
4 - إن ما يتذرع به الجامع الأزهر من أنه قد صدر منه إجراء قاطع للتقادم يؤكد استمساكه بحقه وتحفزه لاقتضائه وهو الاستقطاع من مكافأة الطاعن الذي بدأ من أول مايو سنة 1951 وظل يتكرر شهرياً حتى 15 من يناير سنة 1956 تاريخ إنهاء ندبه - ما يتذرع به الجامع الأزهر في هذا الشأن مردود بأنه يتعين لكي ينتج الاستقطاع مثل هذا الأثر أن يكون إجراء إدارياً صحيحاً - فإذا كان باطلاً طبقاً للقانون الذي تم في ظله فإنه وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - لا يكون من شأنه أن يقطع مدة التقادم المسقط حتى لو استقام في مجال الروابط الإدارية قياس الاستقطاع الإداري من المرتب أو ما في حكمه على الحجز من حيث اعتباره سبباً قاطعاً للتقادم.
5 - إن الاستقطاع من مكافأة المدعي قد تم حسبما سبق البيان في ظل القانون رقم 111 لسنة 1951 قبل تعديله بالقانون رقم 324 لسنة 1956 - ولقد كانت المادة الأولى منه قبل تعديلها تقضي بعدم جواز الحجز على المرتبات والمكافآت إلا فيما لا يجاوز الربع وذلك لوفاء نفقة محكوم بها من جهة الاختصاص أو لأداء ما يكون مطلوباً من الموظف بسبب يتعلق بأداء وظيفته - ووفقاً لأحكام هذا النص ما كان يجوز للجامع الأزهر أن يستقطع من مكافأة المدعي أي مبلغ وفاء لما سبق أن دفعه إليه بغير حق فيعتبر ما أجراه من استقطاع إجراء باطلاً عديم الأثر في شأن سريان مدة التقادم الثلاثي - وإنه ولئن كان التعديل الذي أدخل على هذا النص بمقتضى القانون رقم 324 لسنة 1956 قد أجاز الخصم من المرتبات والمكافآت لاسترداد ما صرف من الموظف بغير وجه وحق إلا أن الحكم الذي استحدثه هذا القانون لا يسري على واقعة الدعوى إذ تم الاستقطاع من مكافأة الطاعن قبل العمل به.
6 - إن الاستقطاع من مكافأة المدعي الذي تم في ظل القانون رقم 111 لسنة 1951 مخالف لأحكام هذا القانون كما أن حق الجامع الأزهر في استرداد ما صرفه من إعانة الغلاء إلى الطاعن قد سقط بالتقادم الثلاثي فإنه يكون من حق الطاعن استرداد ما استقطع من تلك المكافأة عدا ما أصبح منها حقاً مكتسباً للجامع الأزهر وفقاً لحكم المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحاسبات التي تقضي (بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات (هلالية) يصبح حقاً مكتسباً للحكومة). وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مفاد هذا النص أن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الجهة الإدارية تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً أو إدارياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 16 من نوفمبر سنة 1957 أقام المرحوم الدكتور علي عطية نجم الدعوى رقم 81 لسنة 5 القضائية ضد السيد شيخ معهد الإسكندرية الديني والسد شيخ الجامع الأزهر بصفته الرئيس الأعلى للمعاهد الأزهرية والدينية طالباً الحكم له برد مبلغ 102 جنيه و500 مليم وهو قيمة ما خصم من مكافأته ابتداء من أول مايو سنة 1952 حتى آخر سبتمبر سنة 1955 بواقع 2 جنيهاً و500 مليم شهرياً مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه عين في يونيه سنة 1926 طبيباً لمعهد الإسكندرية الديني مقابل مكافأة تصرف له بصفة دائمة وفي استمارة واحدة مع سائر موظفي المعهد كما كانت تصرف له خلال أشهر العطلة الصيفية لطلاب المعهد ومنذ أن تقررت أحكام إعانة غلاء المعيشة صرف له ما يستحقه منها بوصف أنه يشغل وظيفة دائمة على اعتماد دائم حتى فوجئ في أول يناير سنة 1951 بخصم قيمة ما كان يحصل عليه من الإعانة المذكورة بعد أن ظلت تصرف له قرابة عشر سنوات سابقة - وفي أول مايو سنة 1952 استقطعت إدارة المعهد ما يوازي ربع المكافأة التي كان يحصل عليها بدعوى استرداد ما سبق أن صرف له من الإعانة بغير حق وظلت تخصم هذا القدر حتى تاريخ الاستغناء عن خدماته في 31 من يناير سنة 1956 ولم تصرف له مكافأة عن المدة من أول أكتوبر سنة 1955 حتى تاريخ إبلاغه بنبأ الاستغناء عن خدماته في 26 من يناير سنة 1956 - وأشار المدعي إلى أن الاعتماد الذي كانت تصرف منه مكافأته كان يرد دائماً ضمن الباب الأول وذكر أنه كان يشغل وظيفة دائمة وعلى اعتماد دائم حوالي ثلاثين سنة ولما صدر القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نص في المادة 26 منه على سريان أحكامه على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة - وقال إن الاستقطاع من مكافأته يعد من قبيل الحجز عليها وهو ما لا يجوز وأنه وفقاً للمادة 26 المشار إليها يستحق إعانة غلاء على المكافأة التي تصرف له وأن نص الفقرة العاشرة من البند (ثالثاً) من الكتاب الدوري رقم ف 234 - 13/ 27 الصادر من أول ديسمبر سنة 1941 يقضي على أن لا تدخل المرتبات والمكافآت الإضافية ضمن الماهية التي تصرف عنها إعانة الغلاء - مقصود به المكافآت الإضافية على مرتب أصلي لا المكافآت الأصلية التي تقوم مقام المرتب المذكور - وأنه لما كان يشغل وظيفة دائمة بالمعهد فإنه يحق له طلب رد ما خصم منه مخالفاً للقانون.
وقد أجاب الجامع الأزهر على هذه الدعوى بقوله إن المجلس الأعلى للأزهر وافق بجلسته المنعقدة في 7 من ديسمبر سنة 1925 على انتداب المدعي لعيادة معهد الإسكندرية وتدريس فن قواعد الصحة مقابل مكافأة قدرها تسعون جنيهاً في السنة زيدت بعد ذلك إلى مائة وعشرين جنيهاً سنوياً وتم هذا الندب بعد استئذان بلدية الإسكندرية التي كان يعمل بها ويتقاضى منها مرتباً أصلياً وباشر عمله بمعهد الإسكندرية الديني في فترات معينة كل أسبوع اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1935 وعند تقرير إعانة غلاء المعيشة للموظفين بقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 منحه المعهد إعانة غلاء بالإضافة إلى مكافأته - وطلب ديوان المحاسبة بكتابة المؤرخ في 18 من سبتمبر سنة 1950 إيقاف صرف تلك الإعانة إليه نظراً إلى أنه يشغل وظيفة دائمة من الدرجة الثانية بمرتب 64 جنيهاً بالإدارة الصحية ببلدية الإسكندرية وكان يتقاضى عنها إعانة غلاء معيشة وإلى أنه لا يجوز منح الإعانة على المكافأة أصلاً على اعتبار أنها مرتب إضافي وذلك وفقاً للمادة العاشرة من كتاب وزارة المالية رقم 234 - 12/ 27 المؤرخ في 6 من يناير سنة 1942 وترتب على ذلك وقف صرف إعانة الغلاء إليه من أول يناير سنة 1951 وتبين أنه حصل على إعانة بلغت في مجموعها 592 حينهاً و882 مليماً - ولتحصيل هذا المبلغ خصم منه اعتباراً من شهر مايو سنة 1952 ربع مكافأته شهرياً وبلغ ما خصم منها حتى تاريخ فصله من خدمة الأزهر في 15 من يناير سنة 1956 مبلغ 78 جنيهاً و969 مليم - وتبين من الاطلاع على ملف الخدمة وجود التماس منه تضمن اعتذاره عن الخطأ وطلبه إعفاءه من رد المبالغ التي استولى عليها - وأضاف الأزهر أنه بالرجوع إلى قواعد منح إعانة غلاء المعيشة الصادر بها الكتب الدورية لوزارة المالية وديوان الموظفين والمحاسبة يبين أنها تنص صراحة على عدم جواز الحصول على الإعانة على المكافأة أو الجمع بين إعانتين - وأن العمل الذي أسنده الأزهر للمدعي هو عمل إضافي إلى عمله الأصلي ببلدية الإسكندرية ومن ثم فتكون المكافأة التي منحت إليه من الأزهر شهرياً هي مكافأة إضافية عن عمل إضافي خصوصاً وأن عمله بالمعهد كان بصفة غير منتظمة لأن كان يحضر بصفة غير منتظمة في فترات معينة من كل أسبوع فلا يستحق إعانة غلاء معيشة عن المكافأة الإضافية التي كانت تمنح له.
وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص تأسيساً على أن الدعوى تنطوي على منازعة في مبدأ استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة على مكافأة كان يتقاضاها من المعهد الديني وعلى أنه - وهو طبيب - من موظفي الفئة العالية.
وبعد إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري - قيدت بجدولها تحت رقم 340 لسنة 13 القضائية.
وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من ديسمبر سنة 1958 أقام الجامع الأزهر الدعوى رقم 375 لسنة 13 القضائية ضد الدكتور علي عطية نجم طالباً الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 513 جنيه و913 مليماً مع فوائده القانونية منذ المطالبة الرسمية حتى السداد مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً لدعواه إن المدعى عليه كان يشغل وظيفة دائمة من الفئة العالمية بالإدارة الصحية ببلدية الإسكندرية وفي 7 من ديسمبر سنة 1925 وافق المجلس الأعلى للأزهر على ندبه بمعهد الإسكندرية الديني مقابل مكافأة سنوية قيدت في عام 1948 إلى مائة وعشرين جنيهاً سنوياً وردد الأزهر في صحيفة دعواه ما تضمنته مذكرته المقدمة إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية في شأن إعانة الغلاء التي صرفت للمدعى عليه وما استرد منها وذكر أن الباقي المستحق عليه بلغ 513 جنيه و913 مليماً وأنه في 14 من أكتوبر سنة 1957 أقام ضده الدعوى المدنية رقم 1610 لسنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية مطالباً المدعى عليه بدفع هذا المبلغ ولكن هذه المحكمة قضت بجلسة 30 من مارس سنة 1958 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لانطوائها على منازعة في مرتب يختص بها مجلس الدولة.
وأودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها في الدعويين انتهت فيه إلى أنها ترى:
أولاً: رفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات والأتعاب.
وثانياً: قبول دعوى الجامع الأزهر والحكم بإلزام المدعى عليه الدكتور علي عطية نجم بأن يدفع له ما حصل عليه بدون وجه حق مع الفوائد القانونية منذ المطالبة الرسمية حتى السداد مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 25 من يناير سنة 1960 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 340 لسنة 13 القضائية إلى الدعوى رقم 375 لسنة 13 القضائية.
وقضت بجلسة 15 من فبراير سنة 1960:
أولاً: في الدعوى رقم 340 لسنة 13 القضائية برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات.
وثانياً: في الدعوى رقم 375 لسنة 13 القضائية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 513 جنيه و913 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية للسداد والمصروفات - وأقامت قضاءها على أن قواعد منح إعانة غلاء المعيشة مجمعة على عدم جواز الجمع بين إعانتي غلاء معيشة وأن الفقرة العاشرة من البند ثالثاً من الكتاب الدوري رقم ف 234 - 13/ 27 الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 بشأن إعانة غلاء المعيشة تنص على أن لا تدخل المرتبات الإضافية أو المكافآت الإضافية ضمن الماهية التي يصرف عنها إعانة غلاء سواء أكانت هذه المرتبات عينية أو نقدية وأن المدعي بصرف إعانة غلاء عن مرتبه الأصلي في عمله الدائم ببلدية الإسكندرية فإذا ما صرف إليه الأزهر خطأ إعانة غلاء معيشة عن مكافأة عن عمل عارض إضافي فإنه يكون قد صرف إعانة الغلاء بغير وجه حق ويكون إجراء الحجز على ربع المرتب هو إجراء سليم من الوجهة القانونية وفقاً لأحكام القانون رقم 324 لسنة 1956 الصادر تعديلاً للقانون رقم 111 لسنة 1951 ويحق بناء على ذلك للجامع الأزهر مطالبته برد كل ما صرف إليه من إعانة غلاء بغير وجه حق عن المكافأة المذكورة مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية ولما كان الأزهر قد حصل مبلغ 78 جنيهاً و969 مليم فيكون المبلغ المستحق على المدعي هو 513 جنيهاً و913 مليم بخلاف الفوائد.
ومن حيث إن تقرير الطعن قد تضمن قبل بيان أوجه الطعن التحدث عن الناحية الشكلية فذكر الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر في 15 من فبراير سنة 1960 وكان ميعاد الطعن فيه ينتهي في يوم 15 من إبريل سنة 1960 ولم يعلم هو به عقب صدوره وفي 26 من مارس سنة 1960 أصيب فجأة بشلل نصفي سقط على أثره فاقد النطق والحركة وقضت ضرورات العلاج بمنع أي اتصال به ومنعه من التفكير في أي أمر ومنع وصول المشاغل التي تستوجب التفكير إليه وطال العلاج إلى أواخر مايو سنة 1960 ثم أخذت حالته تتحسن بطيئاً وعندما سمحت حالته بسماع الأخبار السيئة أبلغ بأن الأزهر حكم لصالحه في الدعويين المشار إليهما وعندئذ تحامل على نفسه وتوجه إلى مكتب التوثيق بالإسكندرية في 20 من يونيو سنة 1960 وأصدر توكيلاً إلى محامية للطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعويين - وذكر أنه إثباتاً لهذه الحالة يقدم تقريراً طبياً من السادة الأطباء الدكتور عباس عامر مدير مستشفى أحمد ماهر بالإسكندرية والدكتور حسن حمودة أخصائي الأمراض الباطنية والدكتور عزيز عبد المجيد أخصائي الأمراض الباطنية بالمستشفى القبطي بالإسكندرية مؤرخاً في 10 من يونيو سنة 1960 - وأنه يبين من هذا التقرير أن قوة قاهرة قد نزلت به أثناء الميعاد الذي حدده القانون للطعن في حكم محكمة القضاء الإداري وجعلته في حالة عجز عن مباشرة أي إجراء قانوني والقوة القاهرة تمد مواعيد الطعن في الأحكام ومن ثم فإن هذا الطعن الذي رفعه بعد أن أصبح في حالة تمكنه من القيام به لا يكون غير مقبول شكلاً لتقديمه بعد الميعاد لأن ميعاد الطعن بالنسبة له يمتد إلى حين زوال القوة القاهرة التي نزلت به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في تطبيق القانون لأن المرتب أو المكافأة الإضافية المعنيين بنص الفقرة العاشرة من البند ثالثاً من الكتاب الدوري رقم 2341 - 13/ 27 الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 واللذين لا يجوز صرف إعانة غلاء معيشة عليهما هما ما يتقاضاه الموظف من نفس الجهة التي يتناول منها راتبه الأصلي لانتفاء الحكمة في هذه الحالة من صرف إعانة غلاء معيشة عن هذا المرتب الإضافي أو هذه المكافأة الإضافية أما في حالة الاستخدام لدى هيئة حكومية أخرى فإن الأمر يكون أمر علاقة وظيفية أخرى غير العلاقة الوظيفية الأولى التي يتناول منها الموظف رابته وإعانة الغلاء المقررة عليه وتترتب عليها كافة الآثار القانونية فيتناول الموظف إعانة الغلاء وفي نهاية الخدمة يمنح مكافأة نهاية الخدمة ولا يمكن اعتبار الراتب الذي يتقاضاه الموظف نظير قيامه بشئون الوظيفة الثانية راتباً إضافياً لأنه لا يضاف إلى راتب أصلي من ذات الجهة التي يعمل في خدمتها فلا يمكن أن ينصرف إليه نص الفقرة العاشرة من البند ثالثاً سالفة الذكر - كما أخطأت محكمة القضاء الإداري في تطبيق القانون لأنه لم تراع أن إعانة الغلاء التي تصرف إلى الطاعن إنما صرفت إليه بموجب اختيار الأزهر فعلى فرض صحة النظر الذي أقام عليه الأزهر دعواه ما كان يجوز الحكم باسترداد هذه المبالغ منه لأنه قبضها بحسن نية وأنفقها في حاجاته ومطالبه - وأخطأت المحكمة أيضاً إذ لم تراع أن فروق إعانة الغلاء التي طالبه بها الأزهر كان معظمها بل كلها قد سقط بالتقادم لأن صرفها إليه بدأ في سنة 1941 واستمر حتى آخر ديسمبر سنة 1950 ولم يطالب بها الأزهر إلا بالدعوى التي أقامها أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية في سنة 1957 وإذ كانت هذه الإعانة تعتبر في حكم المرتبات الدورية وتتقادم بخمس سنوات فإن مطالبة الأزهر بها في سنة 1957 تكون قد وقعت بعد تمام سقوطها.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وإجابة طلبات المدعي في الدعوى رقم 340 لسنة 13 القضائية ورفض الدعوى المقامة من الجهة الإدارية رقم 370 لسنة 13 القضائية وإلزامها المصاريف وذلك تأسيساً على أن عبارة المرتبات الإضافية التي وردت في كتاب وزارة المالية الدوري المؤرخ في أول ديسمبر سنة 1941 إنما تنصرف إلى ما يتقاضاه الموظف من الجهة الإدارية المعين بها ويتقاضى منها مرتباً أساسياً بالزيادة على هذا المرتب وذلك لقاء القيام بأعمال إضافية بذات الجهة أما ما يتقاضاه من مرتب أو مكافأة مقابل عمله في جهة أخرى غير المعين بها بصفة أصلية ودائمة فلا يدخل في مدلول عبارة (المرتب الإضافي أو المكافأة الإضافية) المشار إليها بالكتاب الدوري المذكور.
ومن حيث إن الجامع الأزهر قد تقدم بمذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً ومن باب الاحتياط برفض الطعن مع إلزام الطاعنين بصفاتهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وبني الدفع بعدم القبول على أن الحكم المطعون فيه قد صدر في 15 من فبراير سنة 1960 وانتهى ميعاد الطعن فيه في 16 من إبريل سنة 1960 ولم يودع تقرير الطعن إلا في 2 من يوليو سنة 1960 أي بعد الميعاد القانوني وعقب الجامع الأزهر على ما ورد في تقرير الطعن في خصوص سبب تخطي الميعاد بقوله إن ميعاد الطعن في الأحكام من مواعيد السقوط التي لا تقبل مداً ولا وقفاً إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون ولا يمكن التحدي بالقوة القاهرة في خصوص مواعيد الطعن التي هي مواعيد سقوط - والقول بأن مرض الطاعن الذي ألم به في فترة سريان ميعاد الطعن يعتبر بمثابة القوة القاهرة لا يقوم على أساس بالنظر إلى العناصر التي يتطلبها القانون لاعتبار ظروف ما قوة قاهرة لأن المرض أمر متوقع وكان الطاعن يستطيع تفادياً للظرف المحتمل وقوعه أن يوكل محامياً عنه - وحتى لو أخذ بقول الطاعن إن مرضه يعتبر بمثابة قوة قاهرة استناداً إلى التقرير المقدم منه والصادر من الأطباء الذين كانوا يعالجونه فإن هذا التقرير لا يحدد التاريخ الذي أصبح فيه قادراً على مباشرة إجراءات الطعن فالتقرير أشار إلى أن حالته آخذة في التحسن ببطء اعتباراً من أواخر مايو سنة 1960 ولم يشر إلى حالته في يوم 10 من يونيه سنة 1960 تاريخ تحرير التقرير - ولو أخذ بالوقائع التي سردها الطاعن على علاتها وبأن المرض الذي ألم به يعتبر بمثابة القوة القاهرة التي يتعين معها أن تمتد مواعيد الطعن حتى يصبح قادراً على مباشرة الإجراءات فإن ذلك لا ينتج إذ حرر توكيلاً لمحاميه في 20 من يونيو سنة 1960 وكان يتعين أن يودع تقرير الطعن في اليوم الثاني على أكثر تقدير ولكن هذا التقرير لم يودع إلا في 2 من يوليو سنة 1960 دون أن يتضمن بياناً للسبب الذي من أجله يتعين أن يمتد سريان ميعاد الطعن منذ تحرير التوكيل إلى يوم الإيداع - ثم تحدث الجامع الأزهر عن الموضوع مبيناً أن من حقه استرداد المبالغ التي حصل عليها الطاعن كإعانة غلاء معيشة وأن هذا الحق لم يسقط بالتقادم الخمسي لأن مطالبته باسترداد هذه المبالغ باعتبار أنها دفعت بغير حق لا يحكمها إلا نص المادة 187 من القانون المدني - ولا وجه للقول بأن الجامع الأزهر إذ علم بحقه في الاسترداد اعتباراً من أول يناير سنة 1951 تاريخ إجراء خصم قيمة ربع المكافأة المستحقة للطاعن ولم يرفع دعواه إلا في سنة 1957 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات فإن الحق يكون قد سقط ولا يمكن التعويل على الخصم الذي أجري كإجراء قاطع للتقادم في ظل أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951 قبل تعديله بالقانون رقم 324 لسنة 1956 حيث لم يكن المشرع قد أقر بعد طريق الخصم أو الاستقطاع من المرتب لاستيفاء دين الحكومة على الموظف بغير سند تنفيذي واتباع إجراءات الحجز - لا وجه لذلك لأن مقتضيات النظام الإداري تقتضي انقطاع التقادم لأن السلطة التي أعملت الاستقطاع قد تغيت وجه الحق وهذا الإجراء يغني عن الالتجاء إلى القضاء - وذلك بالإضافة إلى أن المدعي كان قد تقدم بالتماس بتضمن اعتذاره عن الخطأ ويلتمس إعفاءه من المبالغ المطلوب ردها وهذا الالتماس هو إقرار صريح بالمديونية يقطع مدة التقادم.
عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً:
من حيث إن الجامع الأزهر قد دفع بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 15 من فبراير سنة 1960 في حين أن تقرير الطعن لم يودع بقلم كتاب المحكمة إلا في 2 من يوليو سنة 1960 - وإلى أن مواعيد الطعن لا تقبل مداً ولا وقفاً إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون - وإلى أنه لا يمكن التحدي بالقوة القاهرة في خصوص المواعيد المذكورة وذلك بالإضافة إلى أن مرض المدعي لا يعتبر قوة قاهرة.
ومن حيث إن القوة القاهرة من شأنها أن توقف ميعاد الطعن إذ من أثرها حتى تزول أن يستحيل على ذي الشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامته - ولا حجة في القول بأن مواعيد الطعن لا تقبل مداً أو وقفاً إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون ذلك أن وقف الميعاد كأثر للقوة القاهرة مرده إلى أصل عام هو عدم سريان المواعيد في حق من يستحيل عليه اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه وقد رددت هذا الأصل المادة 382 من القانون المدني إذ نصت في الفقرة الأولى منها على أن التقادم لا يسري كلما وجد مانع يتعذر معه المطالبة بالحق.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لميعاد الطعن ذات الطبيعة التي لميعاد رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية - إذ استقر قضاؤها على أن - ما لطلب المساعدة القضائية من أثر قاطع لميعاد رفع دعوى الإلغاء أو بالأحرى حافظ له وينسحب لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض - يصدق كذلك بالنسبة إلى ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لاتحاد طبيعة كل من الميعادين من حيث وجوب مباشرة إجراء رفع الدعوى أو الطعن قبل انقضائها والأثر القانوني المترتب على مراعاة المدة المحددة فيها أو تقويتها من حيث قبول الدعوى أو الطعن أو سقوط الحق فيهما وبالتالي إمكان طلب إلغاء القرار الإداري أو الحكم المطعون فيه أو امتناع ذلك على صاحب الشأن المتخلف - ومن مقتضى اتحاد طبيعة كل من الميعادين أن يقبل ميعاد الطعن كل ما يقبله ميعاد رفع الدعوى من وقف أو انقطاع.
ومن حيث إن الثابت من التقرير الطبي المقدم من الطاعن لإثبات مرضه خلال ميعاد الطعن والمؤرخ في 10 من يونيو سنة 1960 أنه (أصيب في 26 من مارس سنة 1960 بشلل نصفي مفاجئ مع فقد النطق والحركة وقد اقتضى علاجه منع أي اتصال به أو زيارة له ومنعه من التفكير في أي أمر ومنع وصول أي مشاغل تستوجب التفكير إليه واستمرت حالته هكذا إلى أواخر مايو حيث أخذت حالته في التحسين ببطء).
ومن حيث إن هذا المرض الذي فاجأ الطاعن خلال ميعاد الطعن وأفقده النطق وأقعده عن الحركة كان من شأنه - أثناء إصابته به - أن استحال عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - فيعبر بمثابة قوة قاهرة خارجة عن إرادته من شأنها أن توقف ميعاد الطعن حتى تزول - وليس في الأوراق ما يفيد أن حالة العجز التي أصابت الطاعن نتيجة للمرض المذكور قد زايلته قبل عشرين من يونيو سنة 1960 اليوم الذي انتقل فيه إلى مكتب التوثيق لتوكيل محام لإقامة الطعن.
ومن حيث إن الأثر الذي يترتب على وقف ميعاد الطعن هو عدم حساب المدة التي وقف خلالها - وحساب المدة السابقة والمدة التالية - وإذ كانت قد مضت من ميعاد الطعن قبل أن يصاب الطاعن بالشلل مدة تسعة وثلاثين يوماً وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة بعد اثنى عشر يوماً من تاريخ مزايلة حالة العجز له فإن الطعن يكون قد أقيم في الميعاد ومقبولاً شكلاً.
عن الموضوع:
ومن حيث إنه تبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعن كان طبيباً موظفاً ببلدية الإسكندرية وفي 3 من ديسمبر سنة 1925 وافق المجلس الأعلى للأزهر على ندبه بالإضافة إلى عمله الأصلي للقيام بعيادة المرضى من طلاب معهد الإسكندرية الديني وتدريس قواعد الصحة - وذلك بعد موافقة بلدية الإسكندرية على الندب - وحددت المكافأة التي تصرف له عن الأعمال التي ندب لها بمبلغ تسعين جنيهاً سنوياً وزيدت بعد ذلك إلى مائة وعشرين جنيهاً - وابتداء من أول ديسمبر سنة 1941 صرفت له إعانة غلاء عن هذه المكافأة - وفي 18 من سبتمبر سنة 1950 اعترض ديوان المحاسبة على صرف هذه الإعانة استناداً إلى عدم جواز الجمع بين إعانة الغلاء على المرتب الذي كان يتقاضاه من البلدية وبين إعانة الغلاء التي كانت تصرف له من المعهد الديني وطلب تحصيل ما صرف له دون وجه حق - وبناء على ذلك أوقف صرف إعانة الغلاء عن المكافأة ابتداء من أول يناير سنة 1951 - كما بدئ في استرداد ما صرف منها عن طريق الخصم من المكافأة ابتداء من أول مايو سنة 1951 - وفي 2 من يناير سنة 1952 قدم الطاعن طلباً إلى معهد الإسكندرية الديني ذكر فيه أنه ليس لديه استعداد لدفع أي مبلغ صرف له كإعانة غلاء عن مدة سابقة لأنه ليس مسئولاً عن أخطاء الغير وأنه طبقاً للقانون رقم 111 لسنة 1951 لا يجوز الحجز على الماهيات والمرتبات والمكافآت إلا لنفقة شرعية أو دين حكومي يتعلق بأعمال الوظيفة وأن حالته ليست كذلك وطلب عرض الموضوع على مجلس الأزهر الأعلى ليبت فيه على ضوء ما تقدم لأنه يملك الإعفاء - كما أرسل في 18 من مايو سنة 1952 برقية إلى الجامع الأزهر ذكر فيها أن خصم ربع مكافأته يتنافي مع القانون رقم 111 وطلب إصدار التعليمات بالكف عن الخصم حتى يقدم مذكرة بالموضوع - وفي 14 من أكتوبر سنة 1957 أقام الجامع الأزهر ضده الدعوى المدنية رقم 1610 لسنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم برد باقي ما صرف له مع إعانة الغلاء - وقد قضي في هذه الدعوى في 30 من مارس سنة 1958 بعدم الاختصاص - وبصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 16 من نوفمبر سنة 1957 أقام المدعي دعواه مطالباً برد المبالغ التي خصمت من مكافأته وقد حكمت فيها المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظرها وأحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص - ثم بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من ديسمبر سنة 1958 أقام الجامع الأزهر دعواه ضد الطاعن مطالباً برد الباقي من المبالغ التي صرفت له كإعانة غلاء عن المكافأة التي كان يتقاضاها.
ومن حيث إن كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 27 الصادر في 27 من أكتوبر سنة 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في شأن إعانة غلاء المعيشة ينص في البند العاشر منه على أن (لا تدخل المرتبات أو المكافآت الإضافية ضمن الماهية التي تصرف عنها إعانة غلاء سواء أكانت تلك المرتبات عينية أو نقدية..). كما ينص في البند الحادي عشر منه على أن (لا تدخل المبالغ التي تصرف في مقابل الشغل في غير أوقات العمل الرسمية في حساب المرتب الذي يبنى عليه تحديد الإعانة على الغلاء). ووفقاً لهذين النصين لا يستحق الموظف إعانة غلاء عن أية مكافأة تمنح له عن أعمال يقوم بها بالإضافة إلى عمله الأصلي سواء أديت هذه الأعمال في الجهة التي يقوم فيها بعمله الأصلي أو في أية جهة أخرى.
ومن حيث إنه لذلك فإن الطاعن ما كان يستحق إعانة غلاء معيشة على المكافأة التي كانت تصرف له من المعهد الديني بالإسكندرية أثناء مدة ندبه للقيام ببعض الأعمال في هذا المعهد بالإضافة إلى عمله الأصلي ببلدية الإسكندرية وكان من حق الجامع الأزهر أن يطالبه برد ما صرف إليه دون وجه حق من تلك الإعانة.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما ذهب إليه من عدم أحقية المدعي في الجمع بين إعانة الغلاء عن مرتبه الأصلي وإعانة الغلاء عن المكافأة إلا أنه قد أخطأ فيما تضمنته أسبابه من أن إجراء الحجز على ربع المكافأة هو إجراء سليم من الوجهة القانونية وفقاً لأحكام القانون رقم 324 لسنة 1956 الصادر تعديلاً للقانون رقم 111 لسنة 1951 بجواز ذلك - إذ فاته أن ما قام به المعهد الديني من خصم جزء من المكافأة قد تم في المدة من أول مايو سنة 1951 إلى 15 من يناير سنة 1956 أي قبل العمل بالقانون رقم 324 لسنة 1956 الذي صدر في 28 من أغسطس سنة 1956 وعمل به اعتباراً من 2 من سبتمبر سنة 1956 تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ومن حيث إن الطاعن قد دفع بسقوط حق الجامع الأزهر في استرداد إعانة الغلاء بالتقادم استناداً إلى أن صرفها إليه بدأ من سنة 1941 حتى آخر ديسمبر سنة 1950 ولم يطالب بها الجامع الأزهر إلا بالدعوى التي أقامها أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية في سنة 1957 - وإلى أن الإعانة تعتبر في حكم المرتبات الدورية وتتقادم بخمس سنوات طبقاً لما استقر عليه قضاء مجلس الدولة وإلى أن المطالبة بها قد وقعت بعد تمام سقوطها.
ومن حيث إن الجامع الأزهر قد أدى إلى الطاعن إعانة غلاء عن المكافأة بناء على اعتقاده الخاطئ بأن تلك الإعانة مستحقة له فحقه في استرداد ما دفع منها بغير حق يسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه بحقه في الاسترداد وفقاً للحكم الوارد في صدر المادة 187 من القانون المدني لأن حقه في الاسترداد إنما نشأ من واقعة هي واقعة الوفاء الحاصل منه للمدعي في المدة من أول سبتمبر سنة 1941 إلى ديسمبر سنة 1950 والمستفاد من الأوراق أنه قد دفع عن غلط في القانون حين أدى للطاعن إعانة غلاء غير مستحقة له وأن هذا الغلط لم يتكشف له إلا عندما تلقى اعتراض ديوان المحاسبة في 18 من سبتمبر سنة 1950 أو على أحسن الفروض بالنسبة إليه منذ امتناعه عن صرف إعانة الغلاء له اعتباراً من أول يناير سنة 1951 - وعلى أي حال فإنه سواء حسبت مدة التقادم الثلاثي المسقط لحقه منذ التاريخ الأول أو الثاني فإنها تكون قد انقضت قبل أن يقيم الجامع الأزهر دعواه الأولى أمام محكمة غير مختصة هي محكمة الإسكندرية الابتدائية في 14 من أكتوبر سنة 1957.
ومن حيث إن ما يتذرع به الجامع الأزهر من أنه قد صدر منه إجراء قاطع للتقادم يؤكد استمساكه بحقه وتحفزه لاقتضائه وهو الاستقطاع من مكافأة الطاعن الذي بدأ من أول مايو سنة 1951 وظل يتكرر شهرياً حتى 15 من يناير سنة 1956 تاريخ إنهاء ندبه - ما يتذرع به الجامع الأزهر في هذا الشأن مردود بأنه يتعين لكي ينتج الاستقطاع مثل هذا الأثر أن يكون إجراءاً إدارياً صحيحاً - فإذا كان باطلاً طبقاً للقانون الذي تم في ظله فإنه وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة - لا يكون من شأنه أن يقطع مدة التقادم المسقط حتى لو استقام في مجال الروابط الإدارية قياس الاستقطاع الإداري من المرتب أو ما في حكمه على الحجز من حيث اعتباره سبباً قاطعاً للتقادم.
ومن حيث إن الاستقطاع من مكافأة المدعي قد تم حسبما سبق البيان في ظل القانون رقم 111 لسنة 1951 قبل تعديله بالقانون رقم 324 لسنة 1956 فقد كانت المادة الأولى منه قبل تعديلها تقضي بعدم جواز الحجز على المرتبات والمكافآت إلا فيما لا يجاوز الربع وذلك لوفاء نفقة محكوم بها من جهة الاختصاص أو لأداء ما يكون مطلوباً من الموظف بسبب يتعلق بأداء وظيفته - ووفقاً لأحكام هذا النص ما كان جوز للجامع الأزهر أن يستقطع من مكافأة المدعي أي مبلغ وفاء لما سبق أن دفعه إليه بغير حق فيعتبر ما أجراه من استقطاع إجراءاً باطلاً عديم الأثر في شأن سريان مدة التقادم الثلاثي - وأنه ولئن كان التعديل الذي أدخل على هذا النص بمقتضى القانون رقم 324 لسنة 1956 قد أجاز الخصم من المرتبات والمكافآت لاسترداد ما صرف من الموظف بغير وجه حق إلا أن الحكم الذي استحدثه هذا القانون لا يسري على واقعة الدعوى إذ تم الاستقطاع من مكافأة الطاعن قبل العمل به.
ومن حيث إن استناد الجامع الأزهر إلى أن المدعي قد تقدم بتظلم يتضمن اعترافه بالدين اعترافاً قاطعاً للتقادم - مردود بأنه بالإضافة إلى أن التظلم المشار إليه قد قدم قبل أن يقيم الجامع الأزهر دعواه بأكثر من خمس سنوات. فإن هذا التظلم الذي تضمنه طلب الطاعن المؤرخ في 2 من يناير سنة 1952 ثم برقيته إلى الجامع الأزهر في 18 من مايو سنة 1952 لا ينطوي على إقرار قاطع للتقادم بل على العكس من ذلك إذ أفصح الطاعن في ذلك الطلب وتلك البرقية عن عدم استعداده لرد أي مبلغ صرف له وعن تمسكه ببطلان الخصم من مكافأته لمخالفته لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1951.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه ليس فيما صدر عن الجامع الأزهر أو عن الطاعن ما يصلح لأن يكون سبباً قاطعاً للتقادم الثلاثي المسقط وإذ لم يرد على هذا التقادم أي انقطاع يعتد به منذ تاريخ علم الجامع الأزهر بحقه في الاسترداد حتى أقام دعواه فإن حقه في استرداد المبلغ موضوع تلك الدعوى والذي صرف إلى المدعي دون وجه حق كإعانة غلاء على المكافأة يكون قد سقط - الأمر الذي كان يتعين معه رفض تلك الدعوى المقيدة برقم 357 لسنة 13 القضائية.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدعوى التي أقامها الطاعن ضد الجامع الأزهر رقم 340 لسنة 13 القضائية والتي طلب فيها الحكم له برد ما استقطع من مكافأته وفاء لما صرف إليه من إعانة فإنه لما كانت الثابت مما تقدم أن الاستقطاع من مكافأة المدعي الذي تم في ظل القانون رقم 111 لسنة 1951 مخالف لأحكام هذا القانون كما أن حق الجامع الأزهر في استرداد ما صرفه من إعانة غلاء إلى الطاعن قد سقط بالتقادم الثلاثي فإنه يكون من حق الطاعن استرداد ما استقطع من تلك المكافأة عدا ما أصبح منها حقاً مكتسباً للجامع الأزهر وفقاً لحكم المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات التي تقضي (بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات (هلالية) يصبح حقاً مكتسباً للحكومة). وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مفاد هذا النص أن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الجهة الإدارية تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً أو إدارياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها.
ومن حيث إن حق المدعي في المطالبة برد ما استقطع من مكافأته بالمخالفة للقانون الذي تم الاستقطاع في ظله قد نشأ عنه إجراء هذا الاستقطاع الذي تم خلال المدة من أول مايو سنة 1951 حتى 15 من يناير سنة 1956 ولكنه لم يقم دعواه إلا في 16 من نوفمبر سنة 1957 أي بعد أكثر من خمس سنوات من تاريخ بدء الاستقطاع ومن تاريخ تقدمه بتظلمه الأخير - لذلك يكون حقه في الاسترداد مقصوراً على ما خصم من مكافأته خلال السنوات الخمس الهلالية السابقة على إقامة الدعوى أي ما خصم ابتداء من 11 من يناير سنة 1953 أما ما استقطع قبل ذلك فقد أصبح حقاً مكتسباً للجامع الأزهر وفقاً لحكم المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات السابق الإشارة إليها - لذلك كان يتعين الحكم بإلزام الجامع الأزهر برد ما اقتطعه من تلك المكافأة ابتداء من التاريخ سالف الذكر.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ قضى بإجابة الجامع الأزهر إلى طلباته في الدعوى رقم 375 لسنة 13 القضائية ضد الطاعن وبرفض الدعوى رقم 340 لسنة 13 القضائية المقامة من الطاعن ضد الجامع الأزهر الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى المقامة من الجامع الأزهر وبإلزام الجامع الأزهر بأن يرد ما استقطع من مكافأة الطاعن ابتداء من 11 يناير سنة 1953 وذلك مع إلزامه بالمصروفات.
ومن حيث إن الطاعن الدكتور علي عطيه نجم قد توفى إلى رحمة الله وقام ورثته بتعجيل نظر هذا الطعن على الوجه السابق بيانه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى رقم 375 لسنة 13 القضائية المقامة من الجامع الأزهر وألزمته بالمصروفات وبالنسبة إلى الدعوى رقم 340 لسنة 13 القضائية بإلزام الجامع الأزهر بأن يرد إلى ورثة الدكتور علي عطيه نجم ما استقطع من مكافأة مورثهم ابتداء من 11 من يناير سنة 1953 وألزمته بالمصروفات.


(1) على خلاف هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 9/ 12/ 1964 في القضية رقم 698 لسنة 7 ق المنشور بمجموعة السنة العاشرة. المبدأ 26 - ص 238.

الطعن 1159 لسنة 9 ق جلسة 17 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 42 ص 432

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار وعبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

-----------------

(42)

القضية رقم 1159 لسنة 9 القضائية

(أ) موظف. "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". موظف "انتهاء الخدمة. فصل". قرار إداري "رقابة القضاء عليه". 

الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على الجمع بين وظيفة عامة وبين عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو كان على سبيل الاستشارة سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان الموظف حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة - جزاء مخالفة هذا الحظر هو الفصل من الوظيفة العامة بقرار من الجهة التابع لها الموظف - لجهة الإدارة فصل الموظف بقرار منها أو إحالته إلى المحاكمة التأديبية أن رأت وجهاً لذلك - اختيار أحد السبيلين من صميم عمل الإدارة بلا معقب عليه من جهات القضاء.
(ب) موظف "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". شركة مساهمة.
الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 - يستهدف منح قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة - المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل - سريان هذا الحظر بالنسبة إلى فروع الشركات الأجنبية الكائنة بمصر.

-------------------
1 - إن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك..." ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليه من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
2 - إن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عريضة أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية "الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1963" وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 496 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الصحة لدى محكمة القضاء الإداري "دائرة الفصل بغير الطريق التأديبي" بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من مارس سنة 1961 طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير الصحة رقم 592 الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1960 بفصله من وظيفته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه - في عريضة الدعوى والمذكرات الشارحة إنه كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية، وقد أصدر وزير الصحة قرارا بفصله من الخدمة استناداً إلى أنه جمع بين وظيفته العامة التي يتناول عنها راتباً وبين العمل في شركتين مساهمتين هما شركة سيبا للأدوية وفندق هيلتون، نظير أجر، بالمخالفة لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، ولما كان المكتب الفني التابع لشركة سيبا للأدوية لا تسري عليه أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه كما أنه لا تربطه بفندق هيلتون علاقة عمل من أي نوع وفقاً لما انتهت إليه النيابة الإدارية بعد تحقيق الموضوع، بل أنه كان يعالج المرضى من موظفي الفندق ونزلائه مما يدخل في نطاق الترخيص له بمزاولة المهنة في غير أوقات العمل الرسمية، فقد تظلم من قرار الفصل بتظلم أرسله إلى وزير الصحة في أول ديسمبر سنة 1960 لسحب القرار المطعون فيه ولما لم يجب إلى طلبه أقام الدعوى يطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي أحيل إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه في واقعة اشتغاله في كل من شركتي سيبا للأدوية وفندق هيلتون النيل دون حصوله على ترخيص بذلك من الجهة المختصة، وقد أثبت التحقيق أنه اشتغل بمرتب في شركة سيبا دون ترخيص من الوزارة التابع لها كما أنه عالج موظفي فندق هيلتون وبعض نزلائه وكان يتقاضى أتعابه في كل حالة على حدة بوصفه مستشاراً طبياً للفندق بناء على اتفاق شفوي تم بينه وبين إدارة الفندق، وقد عرضت الوزارة أمر الموظف المذكور على إدارة الفتوى والتشريع المختصة التي رأت أن ما أتاه الموظف المذكور يشكل مخالفة لنص المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1955، وبناء على ذلك صدر قرار وزير الصحة بفصل المدعي من الخدمة. وإذ كان هذا القرار مبنياً على أسباب صحيحة فإنه يكون مطابقاً للقانون وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة - بناء على طلب المحكمة - كتاباً صادراً من مصلحة الشركات بتاريخ 18 فبراير سنة 1962 جاء فيه أنه فيما يتعلق بشركة سيبا فقد تبين أنها عبارة عن مكتب علمي خاص بالبحوث العلمية ولا يخضع لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 أو القوانين المعدلة له لأنه تابع تبعية كاملة لشركة سويسرية سواء من ناحية التمويل أو الإدارة ولا يأخذ الشكل القانوني للفرع أو الوكالة، وأما فيما يتعلق بشركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية ينطبق عليها حكم المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه. وقال السيد محامي الحكومة بمحضر جلسة 27 من مارس سنة 1963 أنه لا يوافق على ما جاء في بيان مصلحة الشركات لأنه فيما يتعلق بشركة سيبا فإن المادة 95 من قانون الشركات تسري عليها باعتبارها فرعاً أو مكتباً تابعاً لشركة مساهمة أجنبية، وأما بالنسبة إلى شركة هيلتون فهي ليست فرعاً لشركة أجنبية وإنما هي شركة مساهمة مصرية بدليل ورودها ضمن الشركات التي نص قرار رئيس الجمهورية رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات على تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة التي يشرف عليها وزير الدولة.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن مصلحة الشركات بوصفها الجهة الإدارية المنوط بها تنفيذ القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه هي مرجع الكافة في الإفادة عن وضع الشركات في مصر، وإذا كان تكييفها لوضع تلك الشركات مطابقاً للقانون فإنه يجب على الأفراد الالتزام بذلك، أما إذا كان غير متفق مع أحكام القانون والتزمه مع ذلك الأفراد، فإن التزامهم بذلك وإن أهدر إجراءات في القانون كان من الواجب عليهم مراعاتها إلا أنهم مع ذلك يعتبرون معذورين لقيام مانع حال بينهم وبين الوقوف على الوضع الصحيح لتلك الشركات وعلى هذا الأساس يتحدد الوضع القانوني للشركتين في مواجهة المدعي فلا يعتبر مكتب شركة سيبا إلا مكتباً علمياً تابعاً لشركة سويسرية لا يأخذ شكل الفرع أو الوكالة ولا ينطبق عليه حكم المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 أمام شركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية في الجمهورية العربية المتحدة، وإذ استند القرار المطعون فيه إلى سببين أولهما أنه جمع بين وظيفته بوزارة الصحة بين العمل في شركة سيبا مع أن مكتب هذه الشركة لا تنطبق عليه أحكام قانون الشركات فإن هذا السبب يكون منهاراً ويتعين إسقاطه، وأما فيما يتعلق بالسبب الثاني وهو أن المدعي جمع بين وظيفته وبين العمل في شركة هيلتون فإن التحقيقات قد أسفرت عن أن المدعي تربطه بذلك الفندق علاقة عمل واستشارة موظفي الفندق ونزلائه، ويوضحها كتاب مدير إدارة المستخدمين الموجه إلى رئيس النيابة الإدارية بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1959 فقد جاء فيه أن المدعي حصل على مبالغ مقدارها 1016 جنيهاً بصفة أتعاب عن الكشف على موظفي الفندق في الفترة من شهر فبراير سنة 1959 إلى ديسمبر من نفس السنة، وكذلك كتاب مدير إدارة مستخدمي الفندق الموجه إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960، الذي جاء فيه أن المدعي حصل على تلك المبالغ لأنه كان الطبيب الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل في الفندق. وإذ كانت علاقة المدعي بالفندق على الوجه المتقدم هي علاقة عمل دون أن يحصل على ترخيص بذلك من مجلس الوزراء، فإن هذا السبب يكون سليماً، ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون رغم ثبوت بطلان أحد السببين الذي قام عليهما لأن أياً من السببين كاف وحده لحمل القرار، إذ جعل القانون عقوبة الفصل من الوظيفة جزاء ثبوت مخالفة حظر الجمع، ولا ضرورة لأن يصدر قرار الفصل من مجلس التأديب لأن المشرع خول جهة الإدارة سلطة إصدار قرار الفصل بمجرد تحققها من المخالفة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية: أولاً - أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بمشروعية قرار الفصل مع أنه لم يصدر من المحكمة التأديبية المختصة وإنما صدر من الوزير وقد خالف الحكم بذلك ما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 8/ 12/ 1954 مما يعيب الحكم ويبطله. ثانياً - إنه لا قيد على حرية الطبيب نصف الوقت في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية ولم يثبت من التحقيقات التي أجريت أن هناك علاقة عمل قامت بينه وبين شركة هيلتون وإنما انتهت النيابة الإدارية في المذكرة التي قدمتها إلى نفي وجود علاقة تبعية أو وظيفية وطلبت النيابة حفظ الأوراق فيما يتعلق بهذه التهمة لعدم المخالفة. ثالثاً - إن القرار المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة لأن الوزارة لم تعامل بعض زملاء المدعي نفس المعاملة وإنما أحالتهم إلى المحكمة التأديبية المختصة ولم يصدر حكم بفصل أحد منهم، وليس من شك في أن هذه المعاملة المختلفة في شأن تطبيق قانون واحد يعتبر صورة من صور الانحراف بالسلطة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمشروعية قرار الفصل رغم أنه صدر مشوباً بمخالفة القانون وعيب إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين إلغاءه والحكم بإلغاء قرار الفصل من الخدمة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من أوجه الطعن فإن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عريضة بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك. ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك، واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليها من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني للطعن فإن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عرضية أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1962، وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة ولشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته بعيادته الخاصة وقد اتفق شفوياً مع إدارة شركة فندق هيلتون على علاج موظفي الفندق ونزلائه في مقابل أتعاب خاصة يحصل عليها في كل حالة على حدة، وإلى جانب ذلك كان يقوم بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق المرشحين للعمل به، وحصل نتيجة لهذا العمل على أتعاب مقدارها 1016 جنيهاً في المدة من شهر فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد اعترف الطاعن بذلك في التحقيقات كما أشار إلى ذلك مدير المستخدمين بالفندق في كتابه المرسل إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960 إذ جاء فيه إلحاقاً بخطابنا بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1959 الخاص بالدكتور فكتور بولس فانوس نفيدكم علماً بأن المبالغ التي أخذها ومجموعها 1016 جنيهاً مصرياً كانت أتعاباً عن الكشف على الموظفين والعمال قبل تعيينهم بالفندق وهذا من فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد أخذ الدكتور فانوس هذه المبالغ لأنه كان الطبيب الوحيد الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل بالفندق. وعلى ذلك فإن علاقة الطاعن بالفندق تتحدد في هذا النطاق وهي أنه كان يقوم بالكشف الطبي على المرشحين للعمل بالفندق بناء على تكليف منه مقابل أجر يحصل عليه من خزانة الفندق، فهو يؤدي عملاً له بأجر، وإذ كان ذلك الفندق يدار بواسطة فرع لشركة مساهمة أمريكية وتقيد في السجل التجاري تحت رقم 100363 تطبيقاً للمادة 91/ 1 من قانون الشركات، كما يبين من تقارير التفتيش المرفقة بالملف رقم 187 - 3/ 58 جـ 1 الخاص بمصلحة الشركات، فمن ثم تندرج علاقة الطاعن بإدارة الفندق تحت حكم المادة 95 من قانون الشركات ويحق لجهة الإدارة أن توقع بالطبيب المذكور عقوبة الفصل التي نص عليها القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثالث للطعن والمتعلق بإساءة استعمال السلطة فإن جهة الإدارة تترخص في توقيع جزاء الفصل الذي نص عليه القانون إما بقرار منها بمجرد تحققها من وقوع المخالفة وإما بإحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية على أساس ظروف كل حالة على حدة ووفقاً لما يتراءى لها محققاً للمصلحة العامة، وإذ لم يقدم الطاعن دليلاً على إساءة استعمال السلطة إلا ما ذهب إليه من أن جهة الإدارة رأت إحالة بعض الأطباء الآخرين إلى المحاكمة التأديبية بينما لم تتبع معه ذات الإجراء وإنما وقعت عليه جزاء الفصل من الخدمة، وهو ما لا يصلح دليلاً على الإساءة لأن اختيار السبيل الذي تتبعه جهة الإدارة بعد تحققها من المخالفة هو سلطة اختيارية لها على النحو السالف بيانه ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن قرار فصل الطاعن من الخدمة قد صدر من السلطة المختصة بذلك قانوناً، وبني على سببين أحدهما صحيح ومستخلص استخلاصاً سائغاً من وقائع منتجة ويكفي وحده لحمل القرار فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً الحكم برفضه مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


راجع في تأييد هذين المبدأين حكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين في القضية رقم 1656 لسنة 6 ق بجلسة 21/ 1/ 1961 المنشور بمجموعة السنة السادسة المبدأ رقم 81 ص 628 والقضية رقم 120 لسنة 9 ق بجلسة 9/ 11/ 1963 المنشور بمجموعة السنة التاسعة المبدأ رقم 3 ص 25.

الطعن 1610 لسنة 8 ق جلسة 17 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 41 ص 426

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(41)

القضية رقم 1610 لسنة 8 القضائية

موظف. "مدة خدمة سابقة".
يتعين طبقاً لنص المادة 3 من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 أن يقدم طلب ضم مدة الخدمة مشفوعاً بالمستندات في الميعاد المحدد - إذا فوت الطالب على نفسه الميعاد بالنسبة للطب أو المستندات يسقط حقه في ضم مدة الخدمة - لا محل لاشتراط تقديم المستندات متى كانت في حوزة الإدارة أو حالت دون تقديمها قوة قاهرة.

-------------------
إن نص المادة 3 من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 قرن المستندات بالطلب وتطلب وجوب تقديمها معاً في الميعاد المحدد فإذا فوت الطالب على نفسه الميعاد بالنسبة إلى كليهما أو أحدهما سقط حقه في ضم مدة الخدمة ذلك أنه ولئن كان المنطق يقتضي ضم مدد الخدمة السابقة للموظفين، إلا أنه لما كان الضم يترتب عليه تعديل أقدميات الموظفين وزعزعة مراكزهم بعد استقرارها، فقد حرص الشارع على أن تكون هذه الطلبات مشفوعة بالمستندات الدالة عليها حتى يتيسر للإدارة حسمها في أجل قصير، والقول بأن تقديم الطلب وحده في الميعاد كاف في حفظ الحق من السقوط يفوت الحكمة من تحديد الميعاد إذ يترتب عليه تأخر البت في الطلبات وبقاء مراكز الموظفين مزعزعة غير مستقرة وهو ما لا يتفق ومقتضيات النظام الإداري. وغني عن البيان أنه لا محل لاشتراط تقديم المستندات متى كانت المستندات في حوزة الإدارة أو حالت دون تقديمها قوة قاهرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 221 لسنة 7 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 20 من ديسمبر سنة 1959 ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية طالباً ضم المدد التالية إلى مدة خدمته في الدرجة الثامنة مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق عن الماضي.
(1) ثلاثة أرباع مدة خدمته بشركة مصر للغزل والنسج من 28/ 10/ 1932 إلى 1/ 11/ 1935.
(2) مدة خدمته بسكة حديد فلسطين من 6/ 11/ 1935 إلى 31/ 3/ 1948.
(3) مدة خدمته بسكك حديد الجمهورية العربية المتحدة من 1/ 4/ 1948 إلى 6/ 4/ 1954.
وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل براداً بسكك حديد فلسطين ونقل إلى الحكومة المصرية في 1/ 4/ 1948 بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 28/ 4/ 1948 وسويت حالته في الدرجة الثامنة طبقاً للقرار المشار إليه دون اعتداد بمدة خدمته السابقة. وأنه لما صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 بشأن حساب مدة العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة بادر إلى تقديم طلبه في الميعاد القانوني إلا أن الإدارة لم تستجب إلى هذا الطلب فرفع دعواه. وقد أجابت هيئة السكك الحديدية بأن المدعي لم يقدم المستندات الدالة على مدة خدمته بسكة حديد فلسطين بينما قرر المدعي أنها مودعة بملف خدمته برقم 1، 4، 18، وبجلسة 8 من مايو 1962 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بإجابته إلى ما طلبه من ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته بشركة مصر للغزل والنسيج وكامل مدة خدمته بسكك حديد الحكومة المصرية والتي قضاها على اعتماد إلى مدة خدمته بالدرجة الثامنة مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت قضاءها فيما يتعلق برفض طلب المدعي ضم مدة خدمته بسكك حديد فلسطين - وهو الطلب محل الطعن - على أن المدعي لم يقدم الشهادة الدالة على هذه المدة رغم تأجيل الدعوى أكثر من مرة لهذا السبب، وبذلك لا يكون على حق في طلب ضمها طالما لم يقم دليل من الأوراق على صحة ما جاء بإقراره، لا يؤثر في ذلك أن بعض الأوراق بملف خدمته قد أثبت بها أن مدة خدمته بخط فلسطين بدأت من 16/ 11/ 1935، ذلك أنه فضلاً عن أن هذه الأوراق قد حررت على أساس إقرار المدعي فإنه يشترط لضم مدة الخدمة السابقة أن يكون العمل السابق متفقاً مع العمل الجديد في طبيعته، وهذا الشرط لا يمكن التحقق منه بالنسبة للمدعي إلا بتقديم شهادة توضح الأعمال التي كان يقوم بها أثناء عمله بخط فلسطين.
وقد نعى الطاعن على الحكم المشار إليه الخطأ في تأويل القانون بمقولة إن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 إنما قصد بتقديم المستندات التي تؤيد المدعي في بيان مدة خدمته أن تكون تلك المدة مجهولة لدى الجهة التي يعمل فيها، أما إذا كانت هذه المدة معلومة فلا محل لتقديم مستندات، وأن بملف خدمة المدعي أوراق تؤيد ذلك وهي الأوراق التي سبق أن أشار إليها في دفاعه.
وفي 5 من مارس سنة 1962 صدر القرار الجمهوري رقم 942 والذي عمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في ذات التاريخ ونص في المادة الأولى منه على أن "يجوز لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 (في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب أقدمية الدرجة). في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به، وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد". نصت المادة الثانية على "أن لا يسري حكم المادة السابقة إلا على الموظفين الموجودين في الخدمة من تاريخ العمل بهذا القرار" كما نصت المادة الثالثة على أن "لا يترتب على تطبيق هذا القرار صرف فروق مالية عن الفترة السابقة لتاريخ العمل به" وكان الطاعن قد تقدم في 28/ 5/ 1962 بطلب ضم مدة خدمته بسكك حديد فلسطين استناداً إلى أحكام القرار الجمهوري المشار إليه، وأرفق بطلبه شهادتين صادرتين من وزارة المستعمرات البريطانية في 22 من يناير 1960 ومصدقاً عليهما من القنصلية البريطانية بالقاهرة ووزارة الخارجية المصرية تفيد سبق اشتغال الطاعن براداً بسكة حديد فلسطين في المدة من 18 من نوفمبر سنة 1935 حتى أول إبريل سنة 1948.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني أشارت فيه إلى أنه يؤخذ من نص المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 أن الميعاد المحدد لتقديم طلب الضم والمستندات هو من مواعيد السقوط، وأن التراخي في تقديم الطلب أو تقديم المستندات الدالة على مدة الخدمة المراد ضمها وطبيعة العمل فيها يؤدي إلى سقوط حق الطالب. ولما كان الطاعن قد امتنع عن تقديم المستندات في الميعاد المحدد بالقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 فإن حقه في التمسك بهذه المدة يكون قد سقط، إلا أنه يستفيد من أحكام القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962 إذ أن شرائط الضم متوافرة في حقه، فالثابت أن المدة قضيت في حكومة عربية، ولا تقل عن سنة، ولا تنازع الهيئة المطعون ضدها في أن عمله السابق يفيد منه خبرة في عمله الحالي كما أنه قدم الطلب والمستندات في الموعد المحدد.
ومن حيث إن الطعن ينصب على ما قضت به المحكمة الإدارية في الشق الخاصة بمدة خدمة الطاعن في سكة حديد فلسطين والتي انتهت المحكمة إلى رفض ضمها لامتناع المدعي عن تقديم المستندات الدالة عليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه لا وجه لتقديم هذه المستندات ما دامت مدة الخدمة معلومة لدى الجهة الإدارية وتشهد بها أوراق مودعة بملف خدمة الطاعن.
ومن حيث إن الأوراق التي أشار إليها الطاعن لا تؤيد هذا النظر، ولا تنتج في إثبات مدة خدمته لأن المعلومات التي احتوتها مستمدة من إقرار الطاعن نفسه بما لا يمكن معه التعويل عليها.
ومن حيث إن المادة 3 من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 تنص على أن "يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة" وواضح أن النص قرن المستندات بالطلب وتطلب وجوب تقديمها معاً في الميعاد المحدد، فإذا فوت الطالب على نفسه الميعاد بالنسبة إلى كليهما أو أحدهما سقط حقه في ضم مدة الخدمة. ذلك أنه ولئن كانت المنصفة تقتضي ضم مدد الخدمة السابقة للموظفين، إلا أنه لما كان الضم يترتب عليه تعديل أقدميات الموظفين وزعزعة مراكزهم بعد استقرارها، فقد حرص الشارع على تحديد أجل قصير يفتح الباب فيه لتقديم طلبات الضم واستلزم إلى جانب ذلك أن تكون هذه الطلبات مشفوعة بالمستندات الدالة عليها حتى يتيسر للإدارة حسمها في أجل قصير، والقول بأن تقديم الطلب وحده في الميعاد كاف في حفظ الحق من السقوط يفوت الحكمة من تحديد الميعاد إذ يترتب عليه تأخر البت في الطلبات وبقاء مراكز الموظفين مزعزعة غير مستقرة وهو ما لا يتفق ومقتضيات النظام الإداري. وغنى عن البيان أنه لا محل لاشتراط تقديم المستندات متى كانت المستندات في حوزة الإدارة أو حالت دون تقديمها قوة قاهرة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الطاعن قد امتنع عن تقديم المستندات الدالة على مدة خدمته، وليس في ملف خدمته ما يشهد عليها، فإن المحكمة تكون على الحق فيما انتهت إليه من رفض دعواه.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962 فتح ميعاداً جديداً لمن فاته الانتفاع بأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 إذ طلب الانتفاع بأحكام القرار الأخير في الميعاد المحدد، وقد تقدم الطالب في الميعاد بطلب جديد وأيده بالمستندات السابق الإشارة إليها.
ومن حيث إن الفقرة 5 من المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 تنص على أن تحسب كاملة مدد العمل السابقة التي تقضي في حكومات الدول العربية بشرط ألا تقل المدة عن سنة وأن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل الوظيفية التي يعين فيها.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن كان يعمل براداً بسكة حديد فلسطين في المدة من 18/ 11/ 1935 حتى 1/ 4/ 1948 وفي وظيفة تتفق في طبيعتها مع وظيفته الجديدة كملاحظ ورشة بالهيئة العامة للسكك الحديدية، ولم تنازع الجهة الإدارية في اتفاق طبيعة العملين. والثابت كذلك أن مدة خدمته تجاوز السنة، وأنه تقدم بطلبه في الميعاد القانوني مشفوعاً بالمستندات، ومن ثم يكون من حقه ضم المدة المشار إليها إلى مدة خدمته وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بضم مدد الخدمة السابقة للطاعن بشركة مصر للغزل والنسيج (من 28 من أكتوبر 1932 إلى أول نوفمبر سنة 1935) وبسكك حديد الجمهورية العربية المتحدة (من أول إبريل سنة 1948 إلى 6 من إبريل سنة 1954)، فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه للأسباب التي بني عليها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب حساب مدة خدمة المدعي السابقة بسكة حديد فلسطين من 18 من نوفمبر سنة 1935 إلى 31 من مارس سنة 1948 في أقدمية الدرجة الثامنة وبأحقيته في هذا الطلب بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بالمصروفات المناسبة.