الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 مايو 2023

الطعن 102 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 76 ص 558

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

---------------

(76)
الطعن رقم 102 لسنة 32 القضائية

(أ، ب) نقض. "الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها".
(أ) الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية. عدم جواز الطعن فيها بالنقض إلا لمخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم.
(ب) النعي بالقصور في التسبيب لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في هذه الأحكام لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادتين 2 و3 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(ج) قوة الشيء المحكوم به. إثبات. "القرائن القانونية". مسئولية. تعويض.
الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبنياً على عدم العقاب على الفعل قانوناً لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر لا يحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية ولا يمنعها من البحث فيما إذا كان الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يستوجب التعويض أم لا.

---------------
1 - لا تجيز المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم.
2 - النعي بالقصور في التسبيب لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - إن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء كان ذلك لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه طبقاً لصريح نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحاكم من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض أم لا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعن الدعوى رقم 759 سنة 1959 أمام محكمة شبرا الجزئية طالباً الحكم بإلزامه بمبلغ أربعمائة جنيه وقال في بيان دعواه إنه بموجب اتفاق تاريخه 18 من أغسطس سنة 1950 قد عهد إليه المقاول سليمان عوض الله - القيام ببناء وعمل أعتاب مسلحة لمنزل الطاعن وأنه تنفيذاً لهذا الاتفاق قام بنقل الأخشاب اللازمة لذلك إلى المنزل المذكور وبتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1950 أوقع المطعون ضده حجزاً استحقاقياً على تلك الأخشاب ثم أعقب ذلك برفع الدعوى رقم 2037 سنة 1950 مدني شبرا التي قضي له فيها بإلزام الطاعن بتسليمه الأخشاب المذكورة مع تثبيت الحجز الاستحقاقي الموقع عليها وجعله نافذاً وعلى الرغم من صيرورة هذا الحكم انتهائياً فقد امتنع الطاعن عن تسليمه الأخشاب مما ألحق به ضرراً يقدره بمبلغ 280 جنيهاً علاوة على قيمة الأخشاب التي اختلسها الطاعن والتي قدرها بمبلغ 120 جنيهاً، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة قولاً منه بأن مورث المطعون ضدهم لم يختصم المدين الأصلي الذي صدر ضده أمر الحجز كما دفع بعدم اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 5 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وقبل الفصل في الاختصاص بندب خبير لتقدير قيمة الأخشاب وتقدير قيمة ما أصاب مورث المطعون ضدهم من ضرر وما فاته من ربح بسبب حرمانه من استعمال تلك الأخشاب في المقاولات التي عهد بها إليه في المدة من وقت الحكم بتسليمها في 18 من نوفمبر سنة 1952 حتى صدور هذا الحكم وما كانت تغله أو أجرها للغير - وإذ قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن الأخشاب قيمتها مبلغ 125 ج و150 م وأن ما فاته من ربح بسبب عدم استغلال الأخشاب يقدر بمبلغ 344 ج و500 م حكمت المحكمة في 20 من ديسمبر سنة 1958 برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبإلزام الطاعن بأن يدفع لمورث المطعون ضدهم مبلغ 400 ج والمصروفات - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 193 سنة 1959 محكمة القاهرة الابتدائية - طالباً القضاء أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا أو القضاء برفض الدعوى موضوعاً وتمسك بدفاعه ودفوعه التي أبداها أمام محكمة أول درجة وأسس دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها على أنه قدم للمحاكمة في الجنحة المشار إليها بتهمة تبديد الأخشاب موضوع النزاع وأن مورث المطعون ضدهم قد ادعى قبله مدنياً ومحكمة جنح شبرا قضت في 24 من مارس سنة 1952 ببراءته من التهمة المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية وقد أصبح هذا الحكم انتهائياً حائزاً قوة الشيء المقضى به فيتقيد به القاضي المدني - وبتاريخ 30 من يناير سنة 1962 حكمت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن الدعوى موضوعها طلب تعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة فتختص بها محكمة المواد الجزئية مهما تكن قيمتها طبقاً لنص المادة 46 فقرة هـ من قانون المرافعات - واستندت في قضائها برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إلى أن الحكم الجنائي قضى ببراءة الطاعن من تهمة التبديد لانتفاء القصد الجنائي لديه فلا يقيد القاضي المدني في النزاع الحالي - كما أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أن مورث المطعون ضدهم قد أدعى قبله مدنياً أمام محكمة الجنح - وأقرت المحكمة أسباب الحكم المستأنف فيما يتعلق بموضوع الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها بعدم جواز الطعن - ولدى نظره أمام هذه الدائرة أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في مسألة من مسائل الاختصاص المتعلق بالنظام العام إذ لم يقض بعدم اختصاص القاضي الجزئي بنظر الدعوى وفي بيان ذلك يقول إن مورث المطعون ضدهم قد طلب إلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 400 ج من ذلك مبلغ 120 ج قيمة الأخشاب والباقي تعويضاً له عما لحقه من ضرر بسبب امتناع الطاعن عن تسليم تلك الأخشاب إليه مما يجعل الدعوى متضمنة طلبين ناشئين عن سبب قانوني واحد ومن ثم يكون تقديرها لتعيين المحكمة المختصة بنظرها باعتبار قيمة مجموع هذين الطلبين عملاً بما تنص عليه المادة 41 من قانون المرافعات - وإذ كانت قيمة الدعوى على هذا الأساس تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً فإنه لذلك كان يتعين على المحكمة الجزئية التي رفعت إليها الدعوى - والاختصاص النوعي من النظام العام - أن تقضي ولو من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص - ولما كانت تلك المحكمة قد قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص وفصلت في موضوع الدعوى وهي غير مختصة بالفصل فيه فإن قضاءها يكون مخالفاً للقانون في شأن قواعد الاختصاص كما أن الحكم المطعون فيه قد وقع في نفس المخالفة بقضائه في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم وقد أكدت هذا المعنى المذكرة الإيضاحية بقولها "لما كان الأصل أن الطعن بطريق النقض لا يرد إلا بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وأن الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية إنما أجيز استثناء على هذا الأصل فقد رؤى قصر هذا الاستثناء على الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم وذلك نظراً لما لهذه الأحكام من خطر" لما كان ذلك، وكان ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإن طعنه بهذا السبب يكون غير جائز.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون بمخالفته نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه وقد قضي ببراءته من المحكمة الجنائية في قضية الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا التي اتهم فيها بتبديد الأخشاب موضوع الدعوى فإن هذا الحكم يكون له عملاً بالمادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعوى المطروحة لكن محكمة الاستئناف لم تر داعياً لضم قضية الجنحة المذكورة وأهدرت حجية الحكم الجنائي استناداً إلى ما قالته من أن حكم البراءة قد بني على عدم توافر القصد الجنائي فحسب وأنه لذلك لا يقيد القاضي المدني - ويرى الطاعن أن هذا الذي استند إليه الحكم لا يتفق مع القواعد القانونية السليمة إذ أن القصد الجنائي هو الركن المعنوي في الجريمة وبدونه لا يكون هناك جريمة كما أن القضاء بالبراءة قد بني على عدم وجود ما يثبت وجود عقد الأمانة وبذلك يكون الحكم المطعون فيه بإهداره حجية الحكم الجنائي قد خالف القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن حكم البراءة في قضية الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا بني على عدم توافر القصد الجنائي وليس على عدم ثبوت واقعة استلام الطاعن للأخشاب موضوع الدعوى مما رتب عليه الحكم المطعون فيه عدم جواز التحدي بحجية الحكم الجنائي في هذه الدعوى - وهذا الذي انتهى إليه الحكم صحيح في القانون ذلك أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كانت مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء كان ذلك لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه طبقاً لصريح نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض أم لا - أما ما يدعيه الطاعن بسبب النعي من أن حكم البراءة قد بني على عدم وجود ما يثبت عقد أمانة فإنه قول لا يؤبه له لعدم تقديم الطاعن دليلاً ما على صحة هذا الادعاء مما يتعين معه اعتبار ما ذكره الحكم في هذا الشأن من ابتناء حكم البراءة على انتفاء القصد الجنائي حجة غير منقوضة ومن ثم فإن النعي بهذا السبب المؤسس على مخالفة الحكم المطعون فيه للمادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية يكون غير جائز - لأنه ليس هناك مخالفة لقضاء الحكم الجنائي.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد عاره قصور في التسبيب ذلك أن الطاعن نفى أمام المحكمة الاستئنافية قيام أية علاقة تعاقدية بينه وبين مورث المطعون ضدهم - إلا أن هذه المحكمة قد التفتت عن هذا الدفاع وقضت في موضوع الدعوى بتأييد الحكم الابتدائي لنفس الأسباب الواردة به وهي أسباب قاصرة عن حمل ما انتهت إليه من قضاء مما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا السبب مما لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية وذلك لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 وما نصت عليه المادة الثالثة منه.
وحيث إنه لما تقدم - يكون الطعن - غير جائز بجميع أسبابه ويتعين القضاء بعدم جوازه.

الطعن 78 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 75 ص 551

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(75)
الطعن رقم 78 لسنة 32 القضائية

(أ) استئناف. "نظر الاستئناف". "ميعاد الاستئناف".
استئناف الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في تظلم من قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب محام. ليس لمحكمة الاستئناف أن تعرض لصحة قضاء الحكم أو عدم صحته قبل الفصل في شكل الاستئناف. انتهاء الحكم الاستئنافي إلى سقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد. قضاء هذا الحكم في شكل التظلم بأنه رفع بعد الميعاد لا حجية له.
(ب) إعلان. "إعلان الشخص في الموطن الأصلي". حكم. "إعلان الحكم".
الموطن الأصلي هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة. هذا الوصف لا ينطبق على منزل العائلة إلا إذا ثبتت إقامة الشخص - المراد إعلانه فيه - على وجه الاعتياد والاستقرار.

---------------
1 - ليس لمحكمة الاستئناف أن تعرض للحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في التظلم من قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب محام قبل الفصل في شكل الاستئناف فإن رأت أنه قد رفع بعد الميعاد فلا يكون لها أن تبحث في صحة قضاء الحكم المستأنف وعدم صحته ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه في شكل التظلم بأنه رفع بعد الميعاد لا حجية له لعدم لزومه للفصل في الاستئناف بعد أن انتهى الحكم إلى القضاء بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد.
2 - الموطن الأصلي - كما عرفته المادة 41 من القانون المدني - هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة. وهذا الوصف لا ينطبق على منزل العائلة إلا إذا ثبتت إقامة الشخص المراد إعلانه فيه على وجه الاعتياد والاستقرار فإذا اعتبر الحكم المطعون فيه منزل العائلة موطناً للطاعنين - يجوز توجيه إعلان الحكم المستأنف إليهم فيه - بغير إثبات إقامتهم فيه فإنه يكون قد أخطأ في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده طلب من مجلس نقابة المحامين تقدير أتعاب له قدرها خمسة آلاف جنيه عن الأعمال المبينة بصحيفة الطلب والتي قام بها لصالح مورث الطاعنين وهم من بعده وقيد طلبه برقم 195 لسنة 1956 - وبتاريخ 18 من مايو سنة 1957 أصدر مجلس النقابة قراراً بتقدير أتعابه عما قام به للمورث بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه يخصم منه ما سقط الحق فيه بالتقادم وقدره 281 ج و250 م وبتقدير أتعابه عما قام به للورثة بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وقد تظلم الطاعنون من هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالتظلم رقم 5000 سنة 1958 كلي القاهرة وطلبوا الحكم بقبول التظلم شكلاً وإلغاء أمر التقدير المتظلم منه والحكم بسقوط الحق في المطالبة بالأتعاب بالتقادم واحتياطياً برفض طلب التقدير وذكروا في صحيفة التظلم أن أمر التقدير لم يعلن إليهم بعد، ودفع المطعون ضده بعدم قبول التظلم شكلاً لرفعه بعد الميعاد ورد الطاعنون عدا السابعة (إجلال) على هذا الدفع بأن إعلانهم بأمر التقدير قد وقع باطلاً لأن أمر التقدير أعلن إليهم في المنزل رقم 9 شارع إسماعيل بجاردن سيتي وهو المنزل الذي كان يقيم فيه المورث مع أنهم لا يقيمون فيه بل يقيمون في أماكن أخرى يعرفها المطعون ضده بحكم صلته السابقة بهم - وبتاريخ 26 من يناير سنة 1960 قضت المحكمة بعدم قبول التظلم شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت الطاعنين بمصروفاته وأقامت قضاءها على أن أمر التقدير أعلن إلى الطاعنين إعلاناً صحيحاً في 19/ 6/ 1958 و26/ 8/ 1958 ولم يعلنوا التظلم إلى المطعون ضده إلا في 22/ 12/ 1958 وأن المادة 47 من قانون المحاماة توجب إعلان التظلم من أمر التقدير خلال خمسة عشر يوماً من إعلانه فيكون التظلم قد رفع بعد الميعاد - استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 459 سنة 77 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بعدم قبول التظلم شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على بطلان إعلان من عدا إجلال إبراهيم علوان بأمر التقدير وإلغاء القرار المتظلم منه وسقوط الحق في المطالبة بالأتعاب بالتقادم واحتياطياً رفض طلب الأتعاب. وبتاريخ 17 من يناير سنة 1962 حكمت المحكمة بسقوط حق المستأنفين (الطاعنين) في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وأسست قضاءها على أن الحكم المستأنف أعلن في 25/ 2/ 1960 ولم يرفع الاستئناف إلا في 31/ 3/ 1960 أي بعد فوات الميعاد المحدد لرفع الاستئناف وهو عشرة أيام وذلك باعتبار أن التظلم من الدعاوى التي كان ينص القانون على نظرها على وجه السرعة. وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1962 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وحدد لنظره جلسة 10 من فبراير سنة 1966 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانهم بأمر التقدير وبالحكم الابتدائي الصادر في التظلم من هذا الأمر تأسيساً على أن هذا الإعلان وجه إليهم فيما عدا السابعة منهم (إجلال) بالمنزل رقم 9 شارع إسماعيل بجاردن سيتي الذي لا يقيمون فيه ولا يعتبر موطناً لهم لا أصلياً ولا مختاراً وقالوا إن هذا المنزل إنما كان يقيم مورثهم في شقة منه حال حياته وأنهم تركوا هذا المنزل من أمد طويل منذ تزوج كل منهم وأقام في مسكن مستقل يعرفه المطعون ضده بحكم صلته السابقة بهم - لكن الحكم المطعون فيه اعتبر الإعلان الموجه إليهم في المنزل المذكور صحيحاً وقضى على هذا الأساس بسقوط حقهم في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد ورد على دفاعهم ببطلان الإعلان بأن ذلك المنزل هو الموطن الذي تعلن لهم فيه الأوراق والإعلانات لأنه منزل العائلة وأن المحضر حرر لكل منهم خطاباً مسجلاً على نفس الموطن يخطرهم فيه بأنه توجه لإعلانهم فلم يجدهم لغلق مسكنهم فأعلنهم لجهة الإدارة فتسلموا هذه الخطابات المسجلة - ويرى الطاعنون أن هذا الذي دلل به الحكم على اعتبار المنزل المذكور موطناً لهم خطأ في القانون لأن الحكم يخلق نوعاً من الموطن يسميه منزل العائلة ويجيز إعلان الأوراق القضائية فيه مع أن المقصود بالموطن الذي تعلن فيه تلك الأوراق هو المكان الذي يقيم فيه الإنسان على الدوام ولو غاب عنه في بعض الأحيان وهذا الوصف لا ينطبق على منزل العائلة إذا كان الطاعنون لا يقيمون فيه، هذا إلى أن إطلاق وصف منزل العائلة على المنزل المشار إليه لا يصادف محلاً إذ أنه ليس مملوكاً للمورث بل إن هذا المورث كان يستأجر شقة فيه فقط ويقول الطاعنون إنه متى تبين خطأ الحكم في اعتبار المنزل الذي أعلن فيه الطاعنون موطناً لهم فإن حديثه عن الخطابات المسجلة التي وجهها المحضر إلى الطاعنين في هذا المنزل يكون غير مجد في النزاع وبعيداً عن نطاق البحث في صحة أو بطلان الإعلان هذا إلى أن علوم الوصول التي أشار إليها الحكم لا يبين منها إذا كان الطاعنون قد تسلموا شخصياً الخطابات المسجلة أو تسلمها غيرهم نيابة عنهم. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب ذلك أن الطاعنين تمسكوا في مذكرتهم الختامية المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأنهم لا يقيمون في المنزل الذي أعلنوا فيه بل إنهم لم يقيموا فيه حتى في حياة مورثهم ودللوا على ذلك بأن إقامتهم فيه مستحيلة لأنهم يكونون تسع أسر لا يمكن أن يسعها هذا المنزل المكون من أربع غرف كما قدموا للتدليل على عدم إقامتهم فيه وعلى معرفة المطعون ضده بمحال إقامتهم الحقيقية عدة مستندات لكن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفاعهم في هذا الشأن وعلى المستندات التي قدموها تأييداً لهذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قبل أن يعرض لشكل الاستئناف استهل أسبابه بالقول بأن "ما هو مطروح على المحكمة قاصر على الدفع بعدم قبول التظلم شكلاً والمنازعة الخاصة بصحة إعلان المستأنفين أو بطلانها وهو ما تقصر المحكمة بحثها عليه". وفعلاً قصر الحكم بحثه على صحة وبطلان إعلان الطاعنين بأمر التقدير وانتهى من هذا البحث إلى القول بأن أمر التقدير قد أعلن إعلاناً صحيحاً إلى جميع الطاعنين سواء منهم من أعلن بمحل إقامته ببورسعيد (السيدة إجلال) أو من أعلن منهم في المنزل رقم 9 شارع إسماعيل بجاردن سيتي (منزل العائلة) وهم باقي الطاعنين ورتب الحكم على ذلك أن التظلم قد رفع بعد الميعاد ثم قال "وحيث إنه وقد استبان للمحكمة أن المحال التي أعلن فيها المستأنفون هي المعتبرة موطناً صحيحاً لهم على ما سبق البيان وقد استبان كذلك أن الحكم في القضية المستأنفة قد أعلن في 25/ 2/ 1960 إعلاناً صحيحاً ورفع الاستئناف وأعلن في 31/ 3/ 1960 فيكون مرفوعاً بعد الميعاد". ولما كان لا يحق لمحكمة الاستئناف أن تعرض للحكم الصادر في التظلم قبل الفصل في شكل الاستئناف فإن رأت أن هذا الاستئناف قد رفع بعد الميعاد فلا يكون لها أن تبحث في صحة قضاء الحكم المستأنف وعدم صحته ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه في شكل التظلم بأنه رفع بعد الميعاد لا حجية له لعدم لزومه للفصل في الاستئناف بعد أن انتهت المحكمة إلى سقوط الحق فيه لرفعه بعد الميعاد. لما كان ذلك، وكان يبين من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين الختامية المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 17 يناير سنة 1962 أنهم تمسكوا فيها ببطلان إعلانهم بالحكم الابتدائي لأنه أعلن إليهم في المنزل رقم 9 شارع إسماعيل بجاردن سيتي الذي لا يقيمون فيه ولا يعتبر موطناً لهم وكانت أسباب الحكم المطعون فيه يتعلق منها بشكل الاستئناف قد جاءت مبهمة بحيث لا يعرف منها إذا كان الحكم المستأنف قد أعلن إلى الطاعنين في هذا المنزل أو في مكان آخر إذا اكتفى الحكم في هذا الصدد بالقول بأن الحكم المستأنف قد أعلن في 25/ 2/ 1960 إعلاناً صحيحاً دون أن يبين في أي مكان أعلى وكيف تم إعلانه صحيحاً في هذا المكان وهو بيان كان ضرورياً بعد أن تمسك الطاعنون ببطلان إعلانهم بهذا الحكم وبأن هذا الإعلان لا ينفتح به ميعاد الاستئناف لما كان ذلك، وكان إعلان الحكم الابتدائي للطاعنين فيما عدا إجلال لم يقدم إلى محكمة النقض فإن الحكم المطعون فيه يكون بهذا الإبهام والتجهيل قد أعجز محكمة النقض عن ممارسة سلطتها في مراقبة صحة تطبيقه للقانون - على أنه إذا كان الحكم يقصد بما أورده في أسبابه أن الحكم المستأنف قد أعلن إلى الطاعنين في ذات المحال التي أعلنوا فيها بأمر التقدير بالإعلان الذي انتهى إلى صحته فإن الحكم المطعون فيه يظل مع ذلك معيباً بما يستوجب نقضه ذلك أنه استند في اعتبار المنزل رقم 9 شارع إسماعيل موطناً للطاعنين عدا السابعة منهم إلى أمرين الأول أن هذا المنزل هو منزل العائلة وبالتالي فهو موطن لهم والأمر الثاني هو أن المحضر عندما توجه إلى هذا المنزل لإعلان الطاعنين فيه بأمر التقدير ووجد المنزل مغلقاً أرسل إليهم خطابات مسجلة على هذا العنوان يخطرهم فيها بتسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة فتسلموا هذه الخطابات - وكلا هذين الأمرين لا يصح للتدليل على صحة إعلان الطاعنين بالحكم المستأنف في هذا المنزل ذلك أن المادة 379 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 كانت تقضي بأن إعلان الحكم الذي يبدأ من تاريخه مواعيد الطعن يجب أن يكون لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي. والموطن الأصلي هو كما عرفته المادة 41 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة - ولما كان هذا الوصف لا ينطبق على منزل العائلة إلا إذا ثبت إقامة المراد إعلانه فيه على وجه الاعتياد والاستقرار فإن اعتبار الحكم المطعون فيه منزل العائلة موطناً للطاعنين بغير إثبات إقامتهم فيه على هذا الوجه يكون خطأ في القانون أما عن استناد الحكم إلى تسلم الطاعنين للخطابات المسجلة التي وجهها إليهم المحضر فإنه إذا ثبت أن هذا المنزل الذي أعلنوا فيه بالحكم المستأنف لا يعتبر موطناً لهم فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ولا يصححه تسلمهم لتلك الخطابات بفرض أنهم تسلموها - هذا إلى أنه حتى لو صح الاستدلال بتسلم الطاعنين هذه الخطابات على أنهم كانوا يقيمون في ذلك المنزل وقت إعلانهم بأمر التقدير في شهري يونيه وأغسطس سنة 1958 فإن ذلك لا يصلح دليلاً على إقامتهم في ذات المنزل وقت إعلانهم بالحكم المستأنف في 25 فبراير سنة 1960 بعد مضي أكثر من سنة ونصف على تسلم تلك الخطابات.
وحيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه أياً كان قصده فهو معيب بما يستوجب نقضه بالنسبة لمن عدا الطاعنة السابعة إجلال إبراهيم علوان إذ يبين من إعلان الحكم الابتدائي لها والمقدم من الطاعنين بملف الطعن أنها أعلنت بهذا الحكم إعلاناً صحيحاً في شخصها بتاريخ 25/ 2/ 1960 ولم ترفع الاستئناف إلا في 31/ 3/ 1960 مما يجعل قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حقها في الاستئناف صحيحاً والطعن عليه مرفوضاً.

الطعن 44 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 74 ص 542

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(74)
الطعن رقم 44 لسنة 32 القضائية

(أ) حكم. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض. دعوى. "سقوط الخصومة".
الحكم برفض الدفع بسقوط الخصومة دون أن ينه الحكم الخصومة كلها أو بعضها. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض إلا مع الحكم الصادر في الموضوع (م 378 مدني).
(ب) نقض. "الحكم في الطعن". "أثر نقض الحكم والإحالة". استئناف. دعوى. "سقوط الخصومة".
نقض الحكم الاستئنافي يزيله ويفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الاستئناف. سريان أحكام سقوط الخصومة عليها من تاريخ صدور حكم النقض. عدم تعجيل من صدر حكم النقض لصالحه الخصومة بإهمال منه خلال سنة من تاريخ حكم النقض. لكل ذي مصلحة من الخصوم أن يطلب سقوط الخصومة.
(ج) حكم. "حكم حضوري". نقض. "الحكم في الطعن". قوة قاهرة. دعوى. "سقوط الخصومة".
حكم النقض حضوري بالنسبة للطاعن. علمه بصدوره يعتبر متحققاً لا ينتفي بوفاة المحامي الذي كان يباشر الطعن. هذه الوفاة لا تعد قوة قاهرة يستحيل معها العلم بما تم في الطعن وتعجيل الخصومة أمام محكمة الإحالة قبل أن يدركها السقوط.
(د) استئناف. "الخصومة في الاستئناف". دعوى. "سقوط الخصومة".
الخصومة في الاستئناف - في مجال تطبيق أحكام سقوط الخصومة - مستقلة عن الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى. ما يجري على أحدهما من أحكام الوقف والسقوط لا أثر له على الأخرى.
(هـ) دعوى. "طلب سقوط الخصومة". استئناف. "استئناف فرعي".
لكل ذي مصلحة من الخصوم طلب سقوط الخصومة. للمتسأنف في الاستئناف الفرعي مصلحة محققة في طلب سقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي لأنه مدعى عليه فيه. زوال الاستئناف الفرعي بزوال الاستئناف الأصلي وسقوطه.
(و) دعوى. "سقوط الخصومة". "الإجراء القاطع للسقوط".
الإجراء القاطع لمدة سقوط الخصومة. شرطه أن يكون من إجراءات الخصومة ذاتها مقصوداً به المضي فيها. عدم انقطاع مدة السقوط بإجراء خارج عن نطاق الخصومة ولو كان تصرفاً قانونياً.

-----------------
1 - متى اقتصر الحكم على القضاء برفض الدفع بسقوط الخصومة ولم ينه الخصومة كلها أو بعضها فإنه وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض إلا مع الحكم الصادر في الموضوع.
2 - نقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين الأصلي والفرعي موضوعاً يزيل هذا الحكم ويفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الاستئناف لمتابعة السير فيها بناء على طلب الخصوم وتجري عليها من تاريخ صدور حكم النقض أحكام سقوط الخصومة وانقضائها فإذا أهمل من صدر حكم النقض لصالحه ولم يعجل الخصومة أمام محكمة الاستئناف خلال سنة كان لكل ذي مصلحة من الخصوم أن يطلب سقوط الخصومة عملاً بالمادة 301 من قانون المرافعات وتبدأ مدة السنة في هذه الحالة (1) من تاريخ صدور حكم النقض باعتبار أنه آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي في الدعوى.
3 - حكم النقض حضوري بالنسبة للطاعن ومن ثم فإن علمه بصدوره يعتبر متحققاً قانوناً ولا ينتفي هذا العلم بوفاة المحامي الذي كان يباشر الطعن عنه أمام محكمة النقض قبل صدوره لأن هذه الوفاة ليس من شأنها أن تحول بين الطاعن وبين الوقوف على ما تم في الطعن وتعجيل الخصومة أمام محكمة الإحالة قبل أن يدركها السقوط إذ لا تعد من قبيل القوة القاهرة التي يستحيل معها السير في الخصومة.
4 - الخصومة في الاستئناف تعتبر - في مجال تطبيق أحكام سقوط الخصومة - مستقلة عن الخصومة المطروحة أمام محكمة الدرجة الأولى ومتميزة عنها فما يجري على إحداها من أحكام الوقف والسقوط لا يكون له أثر على الأخرى ومن ثم فإن الإجراءات التي اتخذت في شق النزاع المطروح على المحكمة الابتدائية لا تحول دون سقوط الخصومة في الاستئناف المرفوع عن شق آخر متى وقف سيرها أمام محكمة الاستئناف بفعل المستأنف أو امتناعه مدة تزيد على سنة.
5 - طلب سقوط الخصومة يثبت لكل ذي مصلحة من الخصوم. وإذ كان المستأنف في الاستئناف الفرعي يعتبر مدعى عليه في الاستئناف الأصلي فإنه يكون ذا مصلحة محققة في سقوط الخصومة في هذا الاستئناف ولما كان الاستئناف الفرعي - على ما تقضي به المادة 413/ 2 من قانون المرافعات - يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله فإنه متى حكم بسقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي فإن ذلك يستتبع حتماً وبحكم القانون زوال الاستئناف الفرعي ومن ثم فلا حاجة لاشتراط نزول المستأنف فرعياً عن استئنافه قبل طلب سقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي.
6 - يشترط في الإجراء القاطع لمدة سقوط الخصومة أن يكون من إجراءات الخصومة ذاتها مقصوداً به المضي فيها فلا تنقطع تلك المدة بأي عمل يتخذه أحد الخصمين خارج نطاق الخصومة ولو كان هذا العمل تصرفاً قانونياً (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1081 سنة 47 مدني كلي القاهرة ضد وزارة الأشغال الطاعنة بعريضة معلنة في 24 من أغسطس سنة 1946 طلبا فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مناصفة مبلغ 593 ج و63 م باعتباره قيمة ما استولت عليه من أرضهما الزراعية البالغة 1 ف و19 ط و3 س بواقع 300 ج للفدان وقالا في بيان هذه الدعوى إنه في مستهل سنة 1941 استولى الوزارة على 1 ف و2 ط و18 س من الأرض المذكورة بناحية شنشور مركز أشمون لإنشاء مصرف بتلك الجهة وهو ما دعاهما إلى أن يقيما ضدها الدعوى رقم 886 سنة 41 مستعجل مصر بطلب إثبات حالة هذه الأرض وتقدير ما أصابهما من ضرر نتيجة الاستيلاء عليها وقدر الخبير ثمن الفدان منها بمبلغ 120 ج وقت الاستيلاء. ثم عادت الوزارة فاستولت على 16 ط و9 س أخرى من أرضهما لذات المشروع في سنة 1944 وقال المطعون ضدهما إنه لما كان الاستيلاء على كل من المقدارين المشار إليهما قد تم بغير الطريق الذي رسمه قانون نزع الملكية وكانت قيمة الأرض الزراعية قد ارتفعت كثيراً بعد حصول الاستيلاء فإن الوزارة تكون ملزمة بأن تؤدي لهما المبلغ المطالب به باعتبار أنه يمثل قيمة الأرض المستولى عليها جميعاً وقت رفع الدعوى. ونازعت الوزارة في هذا الطلب ورأت أن يكون تقدير الثمن باعتبار سعر الأرض وقت الاستيلاء. وبتاريخ 27 مايو سنة 1948 حكمت محكمة أول درجة بالنسبة للأرض المستولى عليها في سنة 1941 (أولاً) بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهما مبلغ 123 ج و750 م ثمناً لهذه الأرض بالسعر الذي قدره خبير دعوى إثبات الحالة وقت الاستيلاء. (ثانياً) وبالنسبة للأرض المستولى عليها في سنة 1944 بندب خبير هندسي زراعي لتقدير ثمنها وقت الاستيلاء كذلك. فاستأنف المطعون ضدهما ذلك الحكم بشقيه بالاستئناف رقم 857 سنة 65 ق القاهرة طالبين تعديله والحكم بطلباتهما الأصلية وجعل مأمورية الخبير المبينة بالحكم المستأنف تقدير ثمن الأرض المستولى عليها في سنة 1944 باعتبار سعرها وقت رفع الدعوى وليس باعتبار سعرها عنه الاستيلاء ورفعت الطاعنة استئنافاً فرعياً قيد برقم 177 سنة 66 ق طلبت فيه تعديل الحكم المستأنف وقصر التعويض المحكوم به عن الأرض المستولى عليها في سنة 1941 على مبلغ 118 ج و114 م وهو المبلغ الذي كانت قد أقرت به ثمناً لهذه الأرض وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف فطعن المطعون ضدهما في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 62 سنة 23 ق وبتاريخ 14 نوفمبر سنة 1957 حكمت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مؤسسة قضاءها على أن استيلاء الطاعنة على أرض المطعون ضدهما بدون اتباع إجراءات قانون نزع الملكية لا يعدو أن يكون واقعة مادية تنطوي على الغصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ويكون للمطعون ضدهما المطالبة بتعويض الضرر سواء في ذلك ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم وبتاريخ 3 يوليه سنة 1958 أعلن المطعون ضدهما الحكم الصادر من محكمة النقض إلى الطاعنة وبتاريخ 10 يناير سنة 1959 عجلا الاستئناف أمام محكمة الإحالة فدفعت الطاعنة بسقوط الخصومة في الاستئنافين رقم 857 سنة 65 ق، 177 سنة 66 ق لعدم السير فيهما بفعل المطعون ضدهما مدة تزيد على سنة منذ صدور حكم محكمة النقض في 14 نوفمبر 1957 - وبتاريخ 24 مارس سنة 1960 قضت محكمة الإحالة برفض الدفع وقررت تحديد جلسة لنظر الموضوع ثم قضت في 28 ديسمبر سنة 1961 في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهما مبلغ 371 ج و874 م وهو ما يوازي ثمن الأرض المستولى عليها باعتبار سعرها وقت رفع الدعوى. فطعنت الطاعنة على هذين الحكمين بالطعن المطروح. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكمين المطعون فيهما وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضدهما دفعا في مذكرتهما بسقوط حق الطاعنة في الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 27 يناير سنة 1960 برفض الدفع بسقوط الخصومة استناداً إلى أنها لم تطعن في هذا الحكم على استقلال في ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره. حيث انتظرت حتى يوم 27 يناير سنة 1962 وطعنت فيه مع الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1961 وبذلك يكون حقها في الطعن بالنقض قد سقط طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان الحكم الصادر في 27 يناير سنة 1960 قد اقتصر على القضاء برفض الدفع ولم ينه الخصومة كلها أو بعضها فإنه وفقاً لنص المادة 378 مرافعات، ما كان يجوز الطعن فيه بالنقض إلا مع الحكم الصادر في الموضوع وبذلك يكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الاستئناف بسقوط الخصومة في الاستئناف لانقضاء أكثر من سنة على تاريخ صدور حكم النقض قبل تعجيلها بواسطة المطعون ضدهما بتاريخ 10 يناير سنة 1959 لكن المحكمة رفضت هذا الدفع استناداً إلى ما تعللت به من أن حكم النقض صدر في غيبة المطعون ضدهما لوفاة محاميهما قبل صدوره وأنه لم يثبت علمهما بذلك الحكم. وأن النزاع بين الطرفين كان متشعباً وكان لا يزال منظوراً في شق منه أمام محكمة الدرجة الأولى. وأنه ليس من حق الطاعنة الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف وذلك بحجة أنها كانت قد أقامت استئنافاً فرعياً ولما كان هذا الذي تعلل به الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون. ذلك لأن وفاة محامي المطعون ضدهما لم تكن لتحول بينهما وبين تعجيل الخصومة في الموعد القانوني خصوصاً وأن الثابت من ذات الحكم أن المطعون ضدهما قد أعلنا الوزارة بحكم محكمة النقض في 3 يوليه سنة 1958 أي قبل انقضاء أجل السقوط بأمد طويل وأن تشعب النزاع وبقاء شق منه أمام محكمة الدرجة الأولى لم يكن ليمنع المطعون ضدهما من تعجيل الاستئناف والسير فيه. كما أن الاستئناف الفرعي المقام من الطاعنة لم يكن بمانع لها من الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي على أساس أن لها مصلحة محققة باعتبارها مستأنفاً عليها في الاستئناف الأخير. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف على ما قاله من "(أولاً) أن حكم النقض قد صدر في غيبة المستأنفين "المطعون ضدهما" حيث كان قد توفى محاميهما الأستاذ عبد الكريم رؤوف قبل الجلسة التي نطق فيها بالحكم وإن إجراءات النقض تتصل بالمحامين عن الخصوم رأساً وليس بالخصوم أنفسهم"، مما يرجح معه الحكم عدم علم المطعون ضدهما بصدور حكم النقض. (ثانياً) أن النزاع كان متشعباً وكان محوره الذي عرض على محكمة الاستئناف ثم محكمة النقض هو الوقت الذي يجب احتساب ثمن العين المنزوعة منه أهو وقت النزاع نفسه أو وقت رفع الدعوى أو الحكم وقد قضت محكمة أول درجة في بعض الطلبات قطعياً وفي بعضها الآخر تمهيدياً بندب خبير وفي كلا الشقين كان مطالباً بثمن جزء من الأطيان وكانت الدعوى الابتدائية تنظر في الجلسات وأمام الخبير أثناء مدة السقوط وكانت تؤجل أمام محكمة أول درجة لضم الاستئناف أي أن نفس النزاع في محوره وأساسه كان معروضاً على القضاء في شق الدعوى نفسها وترى المحكمة أن هذا يكفي لقطع المدة (ثالثاً) أن طلب السقوط لا يقبل من المدعي والوزارة كانت مستأنفة فرعياً في نفس الاستئناف فلا يجوز لها أن تدفع بالسقوط لأن الاستئنافين مرتبطان وعن حكم واحد (رابعاً) قرر المستأنفان أن الحكومة دفعت مبلغ التعويض المحكوم به وهذا الوفاء يقطع مدة السقوط" وهذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه في رفض الدفع بسقوط الخصومة غير صحيح في القانون ذلك أن نقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين الأصلي والفرعي موضوعاً يزيل هذا الحكم ويفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الاستئناف لمتابعة السير فيها بناء على طلب الخصوم ويجري عليها من تاريخ صدور حكم النقض أحكام سقوط الخصومة وانقضائها فإذا أهمل من صدر حكم النقض لصالحه ولم يعجل الخصومة أمام محكمة الاستئناف خلال سنة كان لكل ذي مصلحة من الخصوم أن يطلب سقوط الخصومة عملاً بالمادة 301 من قانون المرافعات وتبدأ مدة السنة في هذه الحالة من تاريخ صدور حكم النقض باعتبار أنه آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي في الدعوى. وغير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن وفاة محامي المطعون ضدهما قبل صدور حكم النقض ينتفي به علمهما بصدور ذلك الحكم ويشفع لهما بالتالي في تجاوز مدة السنة المحددة لتعجيل الدعوى. ذلك أن حكم النقض السابق كان حضورياً بالنسبة للمطعون ضدهما لأنهما هما اللذان رفعا الطعن الذي صدر فيه ذلك الحكم ومن ثم فإن علمهما بصدوره يعتبر متحققاً قانوناً ولا ينتفي هذا العلم بوفاة المحامي الذي كان يباشر الطعن عنهما أمام محكمة النقض قبل صدور حكمها لأن هذه الوفاة ليس من شأنها أن تحول بينهما وبين الوقوف على ما تم في الطعن وتعجيل الخصومة أمام محكمة الإحالة قبل أن يدركها السقوط فليس المحامي هو السبيل الوحيد إلى معرفة الحكم ومن ثم فإن وفاة محامي المطعون ضدهما لا تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي يستحيل معها السير في الخصومة وفوق ذلك فإنه في خصوصية هذا النزاع فإن علم المطعون ضدهما بحكم النقض قبل انقضاء مدة السقوط ثابت بيقين من قيامهما بإعلان ذلك الحكم للطاعنة في 3 من يوليه سنة 1958 أي قبل أن تنقضي تلك المدة بأكثر من أربعة أشهر - كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من اعتبار قيام شق من النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى قاطعاً لمدة سقوط الخصومة في الاستئناف ذلك أن الخصومة في الاستئناف تعتبر في مجال تطبيق أحكام سقوط الخصومة مستقلة عن الخصومة المطروحة أمام محكمة الدرجة الأولى ومتميزة عنها فما يجري على إحداها من أحكام الوقف والسقوط لا يكون له أثر على الأخرى ومن ثم فإن الإجراءات التي اتخذت في شق النزاع الذي كان مطروحاً على المحكمة الابتدائية لا تحول دون إسقاط الخصومة في الاستئناف المرفوع عن شق آخر متى وقف سيرها أمام محكمة الاستئناف بفعل المستأنف أو امتناعه مدة تزيد على سنة. كذلك فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا يجوز للمستأنف فرعياً أن يطلب سقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي المرفوع عليه لا سند له من القانون ذلك أن طلب سقوط الخصومة يثبت لكل ذي مصلحة من الخصوم، ولما كان المستأنف في الاستئناف الفرعي يعتبر مدعى عليه في الاستئناف الأصلي فإنه يكون ذا مصلحة محققة في إسقاط هذا الاستئناف. وإذ كان الاستئناف الفرعي - على ما تقضي به المادة 413/ 2 من قانون المرافعات - يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله فإنه متى حكم بسقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي فإن ذلك يستتبع حتماً وبحكم القانون زوال الاستئناف الفرعي ومن ثم فلا حاجة لاشتراط نزول المستأنف فرعياً عن استئنافه قبل طلب سقوط الخصومة في الاستئناف الأصلي أما ما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن وفاء الوزارة الطاعنة بالتعويض المحكوم عليها به بعد صدور حكم النقض السابق يقطع مدة السقوط فإنه خطأ آخر من الحكم ذلك أنه يشترط فيما يعتبر قاطعاً قانونياً لمدة سقوط الخصومة أن يكون من إجراءات الخصومة ذاتها مقصوداً به المضي فيها فلا تنقطع تلك المدة بأي عمل يتخذه أحد الخصمين خارج نطاق الخصومة ولو كان هذا العمل تصرفاً قانونياً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم ولما ثبت من أنه قد انقضى بين صدور حكم النقض السابق في 14 من نوفمبر سنة 1957 وبين تعجيل المطعون ضدهما للاستئناف في 10 من يناير سنة 1959 مدة جاوزت السنة وقف سير الاستئناف خلالها بإهمالهما وقد طلبت الطاعنة بعد تعجيل الاستئناف الحكم بسقوط الخصومة فيه فإنه يتعين إجابتها لهذا الطلب عملاً بالمادة 301 من قانون المرافعات.


(1) راجع نقض 24/ 1/ 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 170 ونقض 7/ 2/ 1957 بمجموعة المكتب الفني س 8 ص 132 وراجع أيضاً نقض 7/ 12/ 1965 مجموعة المكتب الفني س 16 ص 1195 ونقض 21/ 6/ 1956 بمجموعة المكتب الفني س 7 ص 746.
(2) راجع نقض 17/ 2/ 1966 بمجموعة المكتب الفني س 17 ص 324.

الطعن 36 لسنة 31 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 73 ص 536

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(73)
الطعن رقم 36 لسنة 31 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية الحكومة في إدارة المرافق العامة".
مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل. عدم قيامها إلا بإثبات أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن أداء واجبهم أو قصروا في أدائه تقصيراً يمكن وصفه - في تلك الظروف الاستثنائية - بأنه خطأ.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "دفع المسئولية". حكم. "قصور. ما يعد كذلك".
مجرد عدم وجود قوات من رجال الأمن بمكان الحادث وقت حصوله لا يكفي بذاته في الظروف الاستثنائية التي لابست حوادث 26 يناير سنة 1952 لتوافر ركن الخطأ في حق وزارة الداخلية. دفع الوزارة مسئوليتها بأنه كان من المتعذر على قوات الشرطة بسبب الثورة المفاجئة في أماكن متفرقة وفي وقت واحد منع حوادث الإتلاف. وجوب إثبات الحكم بالتعويض خطأ القائمين على شئون المرفق بالامتناع عن أداء واجبهم أو التقصير فيه. إغفال الحكم ذلك. قصور.

----------------
1 - تنظيم قوات الأمن وتوزيعها وتحديد عددها هو من المسائل التي تنأى عن رقابة المحاكم فلا تقوم مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجبهم أو قصروا في أداء هذه الواجبات تقصيراً يمكن وصفه في تلك الظروف الاستثنائية بأنه خطأ.
2 - مجرد عدم وجود قوات من رجال الأمن بمكان الحادث وقت حصوله لا يكفي بذاته في الظروف الاستثنائية التي لابست حوادث 26 من يناير سنة 1952 لتوافر ركن الخطأ في حق وزارة الداخلية (الطاعنة) فإذا كانت الطاعنة قد دفعت بأنه كان من المتعذر على قوات الشرطة بسبب الثورة المفاجئة التي انفجرت في هذا اليوم في أماكن متفرقة وفي وقت واحد منع حوادث الإتلاف التي حدثت ومن بينها حادث حريق عمارة المطعون ضدهم، فقد كان على الحكم المطعون فيه أن يثبت لقيام المسئولية أن عدم تواجد قوات من رجال الأمن في مكان الحادث وقت حصوله يرجع إلى امتناع أو تقصير من جانب القائمين على شئون مرفق الأمن أو يثبت أن من كان موجوداً من هؤلاء قريباً من مكان الحادث قد امتنع عن القيام بواجبه في منع الغوغاء من إشعال الحريق في عمارة المطعون ضدهم فإذا خلا الحكم من التدليل على ذلك فإنه يكون مشوباً بالقصور (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنة "وزارة الداخلية" الدعوى رقم 4237 سنة 1954 كلي القاهرة وطلبوا فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 550 ج على سبيل التعويض وقالوا بياناً لدعواهم إن الحرائق التي اشتعلت بمدينة القاهرة يوم 26 من يناير سنة 1952 قد امتدت إلى عمارتهم المبينة بصحيفة الدعوى فألحقت بها أضراراً تقدر قيمة إصلاحها وإعادتها إلى حالتها الأولى بالمبلغ المطالب به وفقاً لما قدره الخبير الذي ندبته المحكمة في دعوى إثبات الحالة رقم 1491 سنة 1952 مستعجل مصر وقد كان ذلك بسبب تقصير وإهمال رجال الأمن في القيام بواجباتهم - دفعت وزارة الداخلية "الطاعنة" بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى لأن الحكومة في تنظيمها لقوات الأمن لا تخضع لرقابة المحاكم لدخول ذلك في صميم أعمال السيادة التي يمتنع على المحاكم النظر فيها وبتاريخ 24 من يناير سنة 1957 قضت محكمة القاهرة الابتدائية. (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم - بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن الحريق الذي لحق عمارتهم نشأ عن حوادث القاهرة في يوم 26 من يناير سنة 1952 وأنه كان نتيجة لخطأ رجال الأمن ولوزارة الداخلية نفي ذلك بالطرق عينها وبعد أن سمعت المحكمة شهود المطعون ضدهم تنفيذاً للحكم المذكور - إذ لم تشهد الطاعنة أحداً - قضت في 31 من ديسمبر سنة 1957 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 550 ج والمصاريف - استأنفت وزارة الداخلية "الطاعنة" هذين الحكمين لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 636 سنة 75 قضائية طالبة إلغاءهما والقضاء أصلياً - بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها - وأثناء نظر القضية أمام محكمة الاستئناف دفعت الوزارة ببطلان الحكم المستأنف لعدم تلاوة تقرير التلخيص وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1960 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) ببطلان الحكم المستأنف (ثانياً) برفض الدفع المبدى من وزارة الداخلية بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها (ثالثاً) بإلزام وزارة الداخلية "الطاعنة" بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 550 ج والمصروفات - طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قد أقام قضاءه بمسئولية الوزارة على ما قرره من أن السبب الذي أدى إلى وقوع الضرر بعمارة المطعون ضدهم هو عدم وجود قوات من رجال الأمن في مكان وقوع الحادث لمنع اقتحام الجماهير للعمارة مع أن هذا السبب لا يكفي في حد ذاته لإثبات ركن الخطأ في جانب الطاعنة في الظروف الاستثنائية التي وقع فيها الحادث إذ أن القانون لا يفرض عليها أن تضع قواتها أمام كل مبنى أو مسكن في يوم كيوم 26 من يناير سنة 1952 وإنما يشترط لثبوت الخطأ في تلك الظروف أن يكون عدم وجود رجال الشرطة مرده إهمال أو تقصير، أو امتناع من جانب القائمين بالأمر عن أداء وظيفتهم وهو الأمر الذي لم يعن الحكم بالكشف عنه في أسبابه مما يجعله معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون كما أن الحكم قد قصر أيضاً حين قال - رداً على ما تمسكت به الطاعنة من أنه كان من المتعذر على رجال الأمن منع حوادث الحريق التي وقعت في هذا اليوم "أن تطور الحوادث كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى لتجمع الجماهير وقيامها بأعمال التخريب" دون أن يبين كيف أن هذا التطور كان متوقعاً أو مرتقباً ويكشف عن دلائل هذا التطور بينما التدمير الذي أصاب العاصمة لم يكن يدور في خلد أحد ولم يتنبأ به إنسان من قبل.
وحيث إن هذا النعي صحيح في وجهيه ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الوزارة الطاعنة على قوله "وحيث إنه يبين أن السبب المباشر الذي أدى إلى وقوع الضرر بعمارة المستأنف عليهم "المطعون ضدهم" وتلف بعض أجزائها هو عدم وجود قوات من رجال الأمن في مكان وقوع الحادث لمنع اقتحام الجماهير لعمارة المستأنف عليهم ولا تعول المحكمة في هذا الصدد على ما تقول به المستأنفة "الطاعنة" من أن الثورة المفاجئة التي انفجرت في يوم الحادث هي التي أدت إلى وقوع الاعتداء على عمارة المستأنف عليهم لأنه لم يكن من الميسور على قوات البوليس كبح جماح المعتدين إذ أن هذا القول مردود بأن تطور الحوادث كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى لتجمع الجماهير وقيامها بأعمال التخريب مما كان يوجب ويتحتم معه على الوزارة أن تلجأ إلى ما لجأت إليه أخيراً بعد اندلاع النيران في أماكن كثيرة وهو الاستعانة بقوات أخرى لتمد يد المساعدة إلى رجال الأمن في كبح جماح الجماهير وتهدئة الحالة والمحافظة على أموال الناس وأرواحهم. وحيث إنه وقد وضح مما تقدم أن تقصير رجال الشرطة وإهمالهم في الوجود بمكان الحادث سواء كان ذلك لعدم تلبيتهم نداء الاستغاثة الذي وجه إليهم من المقيمين بالعمارة موضوع الحادث أو لعدم تنفيذهم للتعليمات والأوامر الصادرة إليهم هو الذي أدى إلى وقوع الحادث مما يجعل المستأنفة مسئولة عن تعويض الأضرار التي لحقت بالمستأنف عليهم"، ولما كان مجرد عدم وجود قوات من رجال الأمن بمكان الحادث وقت حصوله لا يكفي بذاته في الظروف الاستثنائية التي لابست حوادث 26 يناير سنة 1952 لتوافر ركن الخطأ في حق وزارة الداخلية "الطاعنة" بل يجب إزاء ما دفعت به هذه الوزارة من أنه كان من المتعذر على قوات الشرطة بسبب الثورة المفاجئة التي انفجرت في هذا اليوم في أماكن متفرقة وفي وقت واحد منع حوادث الإتلاف التي حدثت ومن بينها حادث حريق عمارة المطعون ضدهم أن يثبت الحكم لقيام مسئولية الطاعنة أن عدم تواجد قوات من رجال الأمن في مكان الحادث وقت حصوله يرجع إلى امتناع أو تقصير من جانب القائمين على شئون مرفق الأمن أو يثبت أن من كان موجوداً من هؤلاء الرجال قريباً من مكان الحادث قد امتنع عن القيام بواجبه في منع الغوغاء من اقتحام عمارة المطعون ضدهم وإشعال الحريق فيها وهو ما خلا الحكم من التدليل عليه، أما ما قرره رداً على دفاع الوزارة سالف الذكر من أن تطور الحوادث كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى لتجمع الجماهير وقيامها بأعمال التخريب مما رتب عليه الحكم أن الأمر كان يحتم على الوزارة الطاعنة أن تستعين بقوات أخرى إلى جانب قواتها كما فعلت أخيراً فإن هذا القول من الحكم يشوبه القصور إذ هو لم يبين كيف أن هذا التطور كان متوقعاً من قبل احتراق عمارة المطعون ضدهم ويورد دليله على ذلك أما إذا كان الحكم يقصد بإيراد عبارة "لتجمع الجماهير وقيامها بأعمال التخريب" بيان علة توقع التطور - وليس تحديد اللحظة الأولى التي قال بأن التطور كان متوقعاً من وقتها فإن الحكم حتى على هذا المعنى لا يسلم من القصور إذ أن مجرد تجمع الجماهير وقيامها بأعمال تخريب - ليس من شأنه أن يجعل تطور الحوادث إلى ما تطورت إليه في يوم 26 من يناير سنة 1952 متوقعاً منذ اللحظة الأولى بما يلقي على عاتق وزارة الداخلية واجب الاستعانة منذ هذه اللحظة بقوات أخرى إلى جانب قواتها - وبحيث يعتبر إخلالها بهذا الواجب خطأ - يستوجب مسئوليتها عن الأضرار التي تنشأ عنه - هذا إلى أن تنظيم قوات الأمن وتوزيعها وتحديد عددها هي من المسائل التي تنأى عن رقابة المحاكم فلا تقوم مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجباتهم أو قصروا في أداء هذه الواجبات تقصيراً يمكن وصفه في تلك الظروف الاستثنائية بأنه خطأ - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ وصف الأفعال التي ذكرها بأنها خطأ يستوجب مسئولية الوزارة الطاعنة مع عدم انطباق هذا التكييف عليها يكون مخطئاً في القانون علاوة على ما شابه من قصور على النحو السالف بيانه ويتعين لذلك نقضه.


(1) راجع نقض 20/ 5/ 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 614.

الطعن 355 لسنة 31 ق جلسة 8 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 71 ص 509

جلسة 8 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

-----------------

(71)
الطعن رقم 355 لسنة 31 القضائية

وكالة. "وكالة بالعمولة". "التنحي عن الوكالة". تعويض.
الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة. خضوعها لأحكام القانون المدني فيما عدا ما تضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها. للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للقانون المدني الذي يعتبر الوكالة عقداً غير لازم.
جواز تنحي الوكيل في الوكالة بأجر. التزامه بتعويض الموكل عن الضرر إذا كان التنحي بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب.

---------------
الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع في انعقادها وانقضائها وسائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة في القانون المدني فيما عدا ما يتضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها. وإذ لم ينظم قانون التجارة طرق انقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضي بنفس الأسباب التي ينقضي بها عقد الوكالة المدنية وبالتالي فإنه يجوز للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للحدود المرسومة بالقانون المدني. ولما كان مؤدى ما تقضي به المادتان 715 و716 من القانون المدني - على ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية - أن الوكالة عقد غير لازم، فإنه يجوز للموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة، كما أن للوكيل أن يتنحى عنها قبل إتمام العمل الموكول إليه، فإذا كانت الوكالة بأجر صح التنحي ولكن يلزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذي قد يلحقه إذا كان التنحي بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 531 سنة 1958 كلي طنطا ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 2098 ج و949 م منها مبلغ 1747 ج بالتضامن فيما بينهما ومبلغ 351 ج و949 م يدفعه المطعون عليه الأول وحده، وقال شرحاً لدعواه إنه في 18/ 3/ 1957 سلم المطعون عليه الأول داخل محلجه 89 كيساً من القطن الزهر تزن 105.39 قناطير لحلجها، وإذ تم حلج أقطانه دون أن يخطر به، وضاع عليه نتيجة لذلك كيسان زنتهما 2.13 قنطاراً ولم يستجب المطعون عليه الأول إلى طلبه الذي أبلغه به في 18/ 4/ 1957 بتفويضه في بيع قطنه خلال شهر إبريل سنة 1957، فقط اضطر في 17/ 7/ 1957 إلى تكليف بنك الجمهورية - المطعون عليه الثاني - باتخاذ اللازم نحو تسلم هذه الأقطان وبيعها. وقد وافق هذا الأخير على نقل القطن إلى الإسكندرية وبيعه لحسابه وتسليمه إلى لجنة القطن، وعلى أساس هذه الوكالة قام المطعون ضده الثاني في 18/ 7/ 1957 بإخطار المطعون ضده الأول بأنه على استعداد لدفع جميع ما هو مستحق له قبل الطاعن، وإذ كان تنفيذ الوكالة يقتضي أن يقوم نيابة عن الطاعن بدفع ما هو مستحق للمطعون عليه الأول واتخاذ جميع الإجراءات لبيع القطن، إلا أنه لم يفعل وأخطر الطاعن في 24/ 10/ 1957 بأنه لم يتمكن من تسليم قطنه إلى اللجنة وأن عليه - الطاعن - أن يتخذ ما يراه ملائماً، وقرر المطعون عليه الأول أن المطعون عليه الثاني لم يسدد المصروفات الخاصة بحلج القطن كما لم يرسل مندوباً لاستلامه، بل طلب إليه أن يقوم بشحنه إلى الإسكندرية والتأمين عليه، في حين أنه غير ملزم بذلك، وبهذا يكون كل من المطعون عليهما قد ألقى المسئولية على الآخر، مما اضطره إلى رفع هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 30/ 5/ 1960 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 سنة 10 ق تجاري طنطا، وفي 30/ 5/ 1961 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 29 يونيه سنة 1961، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 2/ 1965، وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أسباب أربعة حاصل الثلاثة الأولى منها الخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن علاقته بالمطعون ضده الثاني علاقة وكالة بالعمولة حسبما هو مستفاد من خطابات هذا الأخير له وللمطعون ضده الأول إذ تضمن الخطاب المرسل من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 18 يوليه سنة 1957 طلب نقل أقطان الطاعن لشونة البنك بالإسكندرية وإفادته عن مصاريف الحلج وثمن البذرة لقيدها لحسابه بالبنك - أي حساب المطعون ضده الأول - كما طلب في خطابه المؤرخ 27/ 10/ 1957 بيان حساب الطاعن المدين لسداده مقابل شحن 14 بالة قطن لشونته بالإسكندرية. ولما كانت هذه الوكالة بالعمولة قد عقدت لمصلحة الطرفين فإنه لا يجوز للمطعون ضده الثاني أن ينقضها بإرادته المنفردة ودون موافقة الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر المطعون ضده الثاني غير ملزم بتنفيذ الوكالة لأنه أخطر الطاعن بالعدول عنها فإنه يكون قد خالف القانون. كما أن الحكم المطعون فيه خالف ما تقضي به المادة 704/ 2 من القانون المدني إذ لم يقض بمسئولية المطعون عليه الثاني رغم أنه لم يبذل أية عناية في تنفيذ وكالته، ذلك أن الطاعن قد وكله في استلام أقطانه من المطعون عليه الأول ليتولى بيعها لحسابه ويدفع للمطعون عليه الأول ما يستحقه قبل الطاعن وينقل الأقطان إلى الإسكندرية لتسليمها إلى اللجنة، إلا أنه لم يقم بتنفيذ ما التزم به مما ترتب عليه الإضرار بالطاعن. ومن ناحية أخرى فإن الحكم قد شابه فساد الاستدلال إذ اعتبر المطعون ضده الثاني قد عدل عن الوكالة عدولاً نهائياً، في حين أن الثابت أنه - بعد أن أخطر الطاعن بخطابه المؤرخ 4/ 8/ 1957 بأن يتولى أمر استلام أقطانه بنفسه، ولم يصادف هذا الإيجاب من جانبه قبولاً من الطاعن - عدل عن هذا الإيجاب حسبما هو مستفاد من خطابه المؤرخ 27/ 10/ 1957 الذي ضمنه القول بأن المطعون عليه الأول لم يرسل له كشف حساب بمطلوباته إلا في 24/ 10/ 1957 هذا وما قرره الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه من أنه لم يثبت أن الطاعن وكل المطعون عليه الثاني في سداد المطلوب للمطعون عليه الأول - هذا القول من الحكم يخالف ما هو ثابت بالخطابين المرسلين من المطعون عليه الثاني للمطعون عليه الأول في 18/ 7/ 1957 و27/ 10/ 1957 إذ مفادهما أن المطعون ضده الثاني التزم بدفع الحساب المستحق بذمة الطاعن نيابة عنه للمطعون عليه الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع في انعقادها وانقضائها وسائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة في القانون المدني فيما عدا ما يتضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها، وإذ لم ينظم قانون التجارة طرق انقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضي بنفس الأسباب التي ينقضي بها عقد الوكالة المدنية، وبالتالي فإنه يجوز للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للحدود المرسومة بالقانون المدني. ولما كان مؤدى ما تقضي به المادتان 715 و716 من القانون المدني - على ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية بشأن هاتين المادتين - أن الوكالة عقد غير لازم، وأنه كما يجوز للموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة فإن للوكيل أن يتنحى عنها قبل إتمام العمل الموكول إليه، فإذا كانت الوكالة بأجر صح التنحي ولكن يلزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذي قد يلحقه إذا كان التنحي بعذر غير مقبول أو في وقت غير مناسب شأنه في ذلك شأن الموكل إذا أنهى الوكالة - لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن ضد البنك المطعون عليه الثاني على ما قرره من "أن المستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) يرفض شحن القطن ويطالب بالمبالغ المستحقة له، كما أن المستأنف ضده الثاني (المطعون عليه الثاني) قد قام بما يفرضه عليه حسن النية في تنفيذ ما عهد إليه سواء كان بأجر أو بغير أجر ما دام قد أخطر المستأنف (الطاعن) بما تقدم في الوقت المناسب، وكان على المستأنف أن يبادر إلى دفع المطلوب منه وتولى شحن القطن بنفسه بمجرد إخطاره بالخطاب المؤرخ 4/ 8/ 1957" - وإذ استخلص الحكم من ذلك في حدود سلطته التقديرية أن ما أبلغ به البنك يعد عذراً مقبولاً وأنه قد أبدى للطاعن في الوقت المناسب وكان مقتضى ما قرره الحكم على هذا النحو هو إعمال صحيح لحكم القانون في هذا الخصوص، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس. وما ينعاه الطاعن على الحكم بشأن خطاب البنك الذي أرسله إليه في 27/ 10/ 1957 إذ لم يتخذ منه دليلاً على عدول البنك عن اعتزال الوكالة - هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لتعلقه بتقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع دون رقابة عليه من هذه المحكمة. كما أنه لا يجدي الطاعن ما نعى به على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه من أنه قد خالف الثابت بخطابي 18 يوليه سنة 1957 و27/ 10/ 1957 ما دام الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد أقام قضاءه برفض الدعوى قبل المطعون عليه الثاني على أن من حق هذا الأخير اعتزال الوكالة وأنه قد اعتزلها بعذر مقبول وفي وقت مناسب وهي دعامة مستقلة تكفي لحمل الحكم. لما كان ما تقدم، فإن النعي بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع ذلك أنه طلب أمام محكمة الموضوع ندب خبير لتحقيق ما إذا كان للمطعون عليه الأول حساب جار بالبنك المطعون ضده الثاني لإنكار المحلج وجود هذا الحساب، ولكن الحكم المطعون فيه لم يستجب إلى تحقيق هذا الطلب مكتفياً بما انتهى إليه من أن البنك قد اعتزل الوكالة، كما رفض الحكم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العرف الذي يقضي بإلزام المحلج بنقل الأقطان وقيد مصاريف النقل لحسابه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم وقد انتهى على ما سلف بيانه إلى أن من حق البنك أن يعتزل الوكالة وأنه قد اعتزلها في وقت مناسب وبعذر مقبول وأخطر الطاعن بأن يتولى أمره بنفسه، ورتب على ذلك في حدود سلطته التقديرية أنه لا جدوى من الاستجابة إلى طلب ندب خبير أو إجراء تحقيق فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم تعين رفض الطعن.

الطعن 66 لسنة 32 ق جلسة 3 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 70 ص 504

جلسة 3 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد.

-------------

(70)
الطعن رقم 66 لسنة 32 القضائية

التزام. آثار الالتزام. "الدفع بعدم التنفيذ" عقد.
الدفع بعدم التنفيذ. شرطه أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء حالاً. لا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.

---------------
شرط الدفع بعدم التنفيذ أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً. فإذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام في 16 من ديسمبر سنة 1958 الدعوى رقم 1116 سنة 1958 مدني كلي المنصورة على المطعون ضدهم وطلب في صحيفتها المشهرة في 21 من الشهر المذكور (أولاً) الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6 من فبراير سنة 1958 والمتضمن بيع المطعون ضده الأول للطاعن 18 قيراطاً في المنزل المبين بالعريضة والحجرة الملحقة به بثمن قدره 260 ج (ثانياً) بإلزام المطعون ضدهما الأولين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض مع المصروفات وقال في بيان دعواه إنه في 6 من فبراير سنة 1958 اشترى من المطعون ضده الأول 18 قيراطاً في منزل يمتلك هو باقيه وكذا غرفة واقعة بالطابقين الأول والثاني من ذلك المنزل ولكن سطحها يقع ضمن سطح منزل المطعون ضدهم جميعاً المجاور للمنزل المبيع مما جعل لكل من المنزلين حقوق ارتفاق على الآخر - وقد تم البيع بثمن قدره 260 جنيهاً دفع منه مبلغ مائة جنيه عند التعاقد والتزم بدفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي كما تعهد الطرفان في عقد البيع بإنهاء حقوق الارتفاق في مدى ثلاثة شهور من تاريخ تسجيل العقد وقد صادق المطعون ضده الثاني في العقد على هذا البيع وعلى أن الغرفة المبيعة ملك للبائع وحده ولما تقدم الطاعن إلى مأمورية الشهر العقاري بالمنصورة للقيام بالإجراءات التي يستلزمها تسجيل العقد وتوجه مهندس المساحة للمعاينة اعترض المطعون ضدهما الأولان وامتنعا عن الإرشاد عن العقار المبيع - وفي 31 مايو سنة 1958 حرر اتفاق جديد بين الطاعن والمطعون ضدهما الأولين التزم فيه الأخيران بعدم التعرض مستقبلاً لأية معاينة وبإنهاء حقوق الارتفاق المبينة تفصيلاً بعقد البيع الابتدائي خلال ثلاثة شهور من تاريخ الاتفاق المذكور - ومضى الطاعن قائلاً في دعواه إنه اعتماداً على هذا الاتفاق تعاقد في 15 من يونيه سنة 1958 مع أحد المقاولين على القيام بالأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق مقابل مبلغ 150 ج تسلم منه المقاول مقدماً مبلغ 80 جنيهاً ولكن المطعون ضدهما الأولين منعا المقاول من مباشرة مهمته مما دعا الطاعن لرفع هذه الدعوى بالطلبات السابق إيضاحها - وفي أثناء سير الدعوى قام الطاعن بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1959 بإيداع باقي الثمن وقدره 160 ج خزانة المحكمة لذمة البائع على أن يصرف له بعد الحكم نهائياً لمصلحة الطاعن وإذ تصرف المطعون ضده الأول بعد ذلك في ذات المبيع للمطعون ضده الثاني بعقد بيع سجل في 14 من يناير سنة 1959 فقد أضاف الطاعن إلى طلباته السابقة طلباً جديداً هو بطلان ذلك العقد لصوريته صورية مطلقة - دفع المطعون ضدهما الأولان أمام محكمة أول درجة بأن الطاعن (المشتري) لم يدفع باقي الثمن كما لم يقم بإنهاء حقوق الارتفاق المبينة بعقد البيع، وفي 19 من مايو سنة 1960 حكمت محكمة أول درجة (أولاً) بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 2/ 1958 الصادر من المطعون ضده الأول إلى الطاعن لرفعها قبل الأوان. (ثانياً) بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن (المدعي) بكافة طرق الإثبات أن عقد البيع الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الثاني والمسجل في 14 من يناير سنة 1959 هو عقد صوري. (ثالثاً) بندب مكتب الخبراء الهندسيين بالمنصورة لمعاينة المنزل محل النزاع وبيان ما إذا كان المطعون ضده الأول قد نفذ التزاماته المحددة بالاتفاق المحرر بينه وبين الطاعن في 31/ 5/ 1958 أم لا مع تحديد ما لم ينفذه المطعون ضده الأول - وأقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد على أن الطاعن لم يف بالتزامه بدفع الثمن وأن الإيداع الحاصل منه غير مبرئ له لأنه لم يسبقه عرض حقيقي علاوة على أنه إيداع مشروط. وقد رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 146/ 12 ق أمام محكمة استئناف المنصورة وفي 8 من إبريل سنة 1961 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف (الطاعن) أنه حاول تنفيذ التزاماته المبينة بعقد البيع المؤرخ 6 من فبراير سنة 1958 بإنهاء حقوق الارتفاق الموضحة فيه فمنعه المستأنف عليهما (المطعون ضدهما) بما حال بينه وبين الوفاء بالتزاماته وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 14 من يناير سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول دعوى المستأنف ضد المستأنف عليه الأول بطلب صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 6/ 2/ 1958 لرفعها قبل الأوان مؤسسة قضاءها بذلك على أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق مما يحق معه للبائع (المطعون ضده الأول) أن يمتنع عن التصديق على عقد البيع النهائي حتى يوفي الطاعن بذلك الالتزام - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأن التزامه بإنهاء حقوق الارتفاق المنصوص عليه في البند الثامن من عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول منقطع الصلة بهذا العقد بدليل ما نص عليه في البند المذكور من أن تنفيذ هذا الالتزام يبدأ بعد ثلاثة شهور من التصديق على العقد أو من تاريخ شهره مما يقطع بأن تنفيذه يجئ تالياً لتنفيذ التزام البائع بالتوقيع على العقد النهائي أمام الموثق ومن ثم فلا يجوز تعليق نفاذ العقد ووفاء البائع بالتزامه هذا على إنهاء حقوق الارتفاق. لكن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تأسيساً على أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق دون أن يرد على دفاعه في هذا الشأن مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من المذكرة المقدمة من الطاعن لمحكمة الاستئناف بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1961 والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن أنه تمسك فيها بأن التزامه بإجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق بعيد الصلة عن عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول وعن الالتزامات التي يفرضها هذا العقد على أطرافه وأن هذا الالتزام طبقاً لما نص عليه بالبند الثامن من العقد لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بالتزامه بالتوقيع على العقد النهائي وبعد تسجيل هذا العقد كما ذكر الطاعن في تلك المذكرة أن اتفاق 31 مايو سنة 1958 لم يعدل من ذلك شيئاً لأنه وإن نص في البند الثاني منه على تعهده بإنهاء حقوق الارتفاق المبينة بالبند الثامن من عقد البيع في بحر ثلاثة شهور ومن تاريخ ذلك الاتفاق إلا أنه نص في البند التالي لهذا البند مباشرة على التزام البائع والمطعون ضده الثاني المصادق على العقد بالتوجه في اليوم التالي لتحرير الاتفاق المذكور إلى الشهر العقاري للموافقة على الإرشاد والتوقيع على استمارة المعاينة مما يقطع بأن هذا الاتفاق لم يعلق تنفيذ التزام البائع بالتوقيع على العقد النهائي على إنهاء حقوق الارتفاق - ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه على الرغم من أنه سجل في أسبابه تمسك الطاعن بدفاعه السابق فإن الحكم لم يبحث هذا الدفاع ولم يرد عليه وقضى بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد تأسيساً على ما قاله من أنه وقد ثبت للمحكمة أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق فيكون للبائع له وهو المطعون ضده الأول أن يمتنع عن التصديق على عقد البيع النهائي حتى يوفي المشتري بما التزم به وذلك عملاً بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ. ولما كان يبين من مطالعة عقد البيع المقدم من الطاعن بملف الطعن أنه نص في البند الثامن منه على الاتفاق على إنهاء حقوق الارتفاق بعد ثلاثة شهور من تاريخ التصديق على العقد أمام موثق العقود بمصلحة الشهر العقاري ببندر المنصورة أو من تاريخ تسجيل العقد - مما يفيد أن التزام الطاعن بالقيام بالأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بتنفيذ التزامه الخاص بالتوقيع على العقد النهائي. وكان يشترط للدفع بعدم التنفيذ أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع ومن ثم فدفاع الطاعن المؤسس على أن التزامه الذي اعتبره الحكم المطعون فيه متخلفاً عن الوفاء به لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بتنفيذ التزامه بالتوقيع على العقد النهائي هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وبالتالي فقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يمحص هذا الدفاع ويبحث ما إذا كان اتفاق 31 من مايو سنة 1958 قد عدل ما اتفق عليه الطرفان في البند الثامن من العقد من جعل الوفاء بالالتزام الخاص بإنهاء حقوق الارتفاق تالياً للتصديق على العقد النهائي أو أن هذا الالتزام بقى على أصله كما ذكر الطاعن لمحكمة الموضوع وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث ذلك والرد على دفاع الطاعن سالف الذكر فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 46 لسنة 33 ق جلسة 2 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 69 ص 500

جلسة 2 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(69)
الطعن رقم 46 لسنة 33 القضائية

رسوم. "رسوم قضائية". "تقادمها". "مدة التقادم". تقادم. "تقادم مسقط". "مدة التقادم".
رسوم قضائية. تقادمها. مدته. خمس سنوات. المادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953.

---------------
الرسوم القضائية هي نوع من "الرسوم" المستحقة للدولة فتدخل في مدلولها وعمومها، وإذ نصت المادة 377 من القانون المدني في صدر الفقرة الأولى منها على أن "تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة"، وفي عجزها، وفي صدد بيان بدء سريان مدة التقادم لمختلف أنواع هذه الضرائب والرسوم ومنها الرسوم القضائية، على أن "يبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها، وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى التي حررت في شأنها هذه الأوراق أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة"، ثم جاء القانون رقم 646 لسنة 1953 ونص في المادة الأولى منه على أنه "تتقادم بخمس سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام ما لم ينص القانون على مدة أطول" وأفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن علة هذا التعديل الطارئ على مدة التقادم ومداه بقولها "وتقضي القاعدة العامة في القانون المدني بتقادم الحق في المطالبة بالضرائب والرسوم بثلاث سنوات ويستثنى من ذلك ما نص عليه في قوانين خاصة، وقد سارت القوانين الخاصة على تحديد مدة التقادم بخمس سنوات مراعاة لضغط العمل مما يهدد حقوق الخزانة العامة بالضياع إذا كانت مدة التقادم أقل من خمس سنوات وتحقيقاً لهذه الغاية وتسوية بين الممولين الذين يخضعون لمختلف أنواع الضرائب والرسوم رؤى تعميم النص بحيث يشمل كافة أنواع الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام" - تعين القول بأنه من تاريخ العمل بهذا القانون في 26/ 12/ 1953 وبحكم عمومه وإطلاقه أصبحت الرسوم القضائية تتقادم بخمس سنوات بعد أن كانت تتقادم بثلاث سنوات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 3/ 7/ 1961 صدرت قائمة المرسوم رقم 154 سنة 1961 بتقدير مبلغ 561.20 ج رسوم وصاية ورسوم الحساب من سنة 1949 إلى سنة 1953 في القضية رقم 107 سنة 1949 كلي عابدين "تركة المرحوم محمد محمد عبد الرازق" ينفذ بها ضد السيدة جينان محمد محمد عبد الرازق المرفوع عنها الوصاية، وبتاريخ 18/ 7/ 1961 صدرت قائمة الرسوم رقم 152 سنة 1961 بتقدير مبلغ 1237.120 ج رسوم وصاية ورسوم الحساب من سنة 1949 إلى سنة 1955 ينفذ بها ضد السيد محسن محمد محمد عبد الرازق المرفوع عنه الوصاية، وقائمة الرسوم رقم 153 سنة 1961 بتقدير مبلغ 533.330 ج رسوم وصاية ورسوم الحساب من سنة 1949 إلى سنة 1953 ينفذ بها ضد السيدة شفيقة محمد محمد عبد الرازق المرفوع عنها الوصاية، وعارض كل منهم في القائمة الخاصة به ودفعوا بسقوط حق قلم الكتاب في المطالبة طبقاً للمادة 377 من القانون المدني وبتاريخ 19/ 12/ 1961 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بقبول المعارضات الثلاث شكلاً وفي موضوعها بإلغاء هذه القوائم وألزمت قلم الكتاب بالمصروفات واستأنف قلم الكتاب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وتأييد قوائم الرسوم وقيد هذا الاستئناف برقم 1 سنة 79 ق "ولاية على المال". وبتاريخ 23/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن قلم الكتاب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وفي 29 و30 أغسطس سنة 1965 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 9/ 12/ 1965 قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء قوائم الرسوم لسقوطها بالتقادم استناداً إلى أن مواد الحساب حفظت في 25 يونيه سنة 1957 بينما حررت قوائم الرسوم المعارض فيها في 3 و18 يوليه سنة 1961 فتكون قد مضت على سقوط الحق فيها مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة 377 مدني وأن الرسوم القضائية لا يشملها القانون رقم 646 لسنة 1953 بتعديل مدة تقادم الضرائب والرسوم، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن القانون رقم 646 لسنة 1953 جاء تالياً ومعدلاً للمادة 377 من القانون المدني وحكمه ينصرف إلى جميع أنواع الضرائب والرسوم المستحقة للخزانة العامة وقد جعل مدة تقادم الحق فيها جميعها خمس سنوات ولم تنقض على استحقاق الرسوم المحررة بها القوائم هذه المدة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الرسوم القضائية هي نوع من "الرسوم" المستحقة للدولة فتدخل في مدلولها وعمومها، وإذ نصت المادة 377 من القانون المدني في صدر الفقرة الأولى منها على أن "تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة" وفي عجزها - وفي صدد بيان بدء سريان مدة التقادم لمختلف أنواع هذه الضرائب والرسوم ومنها الرسوم القضائية - على أنه "يبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها، وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى التي حررت في شأنها هذه الأوراق أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة" وجاء القانون رقم 646 لسنة 1953 فنص في المادة الأولى منه على أنه "تتقادم بخمس سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام ما لم ينص القانون على مدة أطول" وأفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن علة هذا التعديل الطارئ على مدة التقادم ومداه بقولها "وتقضي القاعدة العامة في القانون المدني (م 377) بتقادم الحق في المطالبة بالضرائب والرسوم بثلاث سنوات ويستثنى من ذلك ما نص عليه في قوانين خاصة، وقد سارت القوانين الخاصة على تحديد مدة التقادم بخمس سنوات من ذلك القانون رقم 14 لسنة 1939 بشأن الضرائب المباشرة على دخل الثروة المنقولة والقانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات والقانون رقم 99 لسنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد والقانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة، وتؤدي إلى تحديد المدة في هذه القوانين بخمس سنوات مراعاة لضغط العمل مما يهدد حقوق الخزانة العامة بالضياع إذا كانت مدة التقادم أقل من خمس سنوات وتحقيقاً لهذه الغاية وتسوية بين الممولين الذين يخضعون لمختلف أنواع الضرائب والرسوم رؤى تعميم النص بحيث يشمل كافة أنواع الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام" - تعين القول بأنه من تاريخ العمل بهذا القانون في 26 ديسمبر سنة 1953 وبحكم عمومه وإطلاقه أصبحت الرسوم القضائية تتقادم بخمس سنوات بعد أن كانت تتقادم بثلاث سنوات - وإذ كان الثابت من الأوراق أن مواد الوصاية والحساب التي حررت عنها قوائم الرسوم المعارض فيها حفظت في 25 يونيه سنة 1957 وتحررت القوائم في 2 و18 يوليه سنة 1961 ولم تمض عليها بذلك خمس سنوات وهي المدة المقررة لتقادمها وجرى الحكم المطعون فيه على أن مدة التقادم المسقط لها هي ثلاث سنوات ورتب على ذلك إلغاءها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 302 لسنة 30 ق جلسة 2 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 68 ص 495

جلسة 2 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(68)
الطعن رقم 302 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الإعفاء من الضريبة". "نطاقه ومداه". سندات القرض الوطني. "فوائدها". "إعفائها من الضرائب". "مداه".
سندات القرض الوطني. إعفاؤها من الضرائب المباشرة وغير المباشرة الحالة أو المستقبلة. نطاقه. فوائد السندات. مداه. عدم مصاحبته لها عند إعادة توزيعها حكماً أو فعلاً ومن بعد تحولها إلى ناتج أسهم أو سندات أخرى مغايرة.

--------------
النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1943 على أن السندات الصادرة طبقاً للمادتين الأولى والثانية من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1943، ومنها سندات القرض الوطني، وفوائد هذه السندات معفاة من كل ضريبة مباشرة أو غير مباشرة حالة أو مستقبلة بما في ذلك ضريبة الأيلولة على التركات، يقتصر نطاق الإعفاء فيه على فوائد هذه السندات ولا يمتد أو يبقى مصاحباً لها عند إعادة توزيعها - حكماً أو فعلاً - ومن بعد تحولها إلى ناتج أسهم أو سندات أخرى مغايرة حيث يرتفع عنها هذا الوصف ولا تتحقق في شأنها علة الإعفاء وحكمته بما لا سبيل معه إلى القول بأنها فوائد سندات قرض وطني لا تزال - وإذ كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول فوائد سندات قرض وطني حصلها البنك في السنوات من 1950 إلى 1952 وخضوعها للضريبة على القيم المنقولة عند إعادة توزيعها - حكماً - على مساهميه وفي صورة ناتج لأسهمه هو لا في صورة إيرادات لسندات القرض الوطني، وجرى الحكم المطعون فيه على عدم خضوعها للضريبة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الأهلي اليوناني واللاتيني وهو فرع لبنك أجنبي مركزه الرئيسي بالخارج - قدم إقراراته عن أرباحه في السنوات من 1948 إلى 1952 بعد تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بالمبالغ الآتية: 18637 ج و509 م و22120 ج و871 و51555 ج و720 م و43426 ج و657 م و28264 ج و252 م وصافي أرباحه طبقاً للمادة 11 معدلة من هذا القانون بالمبالغ الآتية: 20322 ج و659 م و20754 ج و625 م و46950 ج و976 م و39269 ج و592 م و25592 ج و577 م وعدلت إدارة الشركات المساهمة الأرباح بعد تطبيق المادة 36 إلى 21060 ج و152 م و22993 ج و52853 ج و878 م و47170 ج و305 م و29520 ج و790 م وطبقاً للمادة 11 إلى 22709 ج و852 م و21587 ج و537 م و51496 ج و523 م و49632 ج و232 م و33461 ج و837 م وإذ أخطرته مصلحة الضرائب بهذه التعديلات على النموذج رقم 19 ضرائب واعترض وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وفي 24/ 3/ 1954 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتحديد صافي أرباحه ورأسماله الحقيقي المستثمر في سنوات الخلاف من 1948 إلى 1952 على الوجه الآتي: (1) في سنة 1948 صافي أرباحه بعد تطبيق المادة 36 بمبلغ 20946 ج و486 م وصافي أرباحه حكماً طبقاً للمادة 11 معدلة والخاضع لضريبة القيم المنقولة بمبلغ 22592 ج و808 م وتحديد رأس المال الحقيقي المستثمر في أول سنة 1948 بمبلغ 199906 ج و393 م (2) وفي سنة 1949 صافي أرباحه بعد تطبيق المادة 36 بمبلغ 22839 ج و53 م وأرباحه الموزعة حكماً طبقاً للمادة 11 معدلة والخاضع لضريبة القيم المنقولة بمبلغ 21587 ج و537 م وتحديد رأسماله الحقيقي المستثمر في أول سنة 1949 بمبلغ 214860 ج و608 م (3) وفي سنة 1950 صافي أرباحه بعد تطبيق المادة 36 بمبلغ 52641 ج و98 م وصافي أرباحه الموزعة حكماً طبقاً للمادة 11 معدلة والخاضع لضريبة القيم المنقولة بمبلغ 51496 ج و523 م وصافي أرباحه الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية 1144 ج و575 م (4) وفي سنة 1951 صافي أرباحه بعد تطبيق المادة 36 بمبلغ 46854 ج و600 م وصافي أرباحه الموزعة حكماً طبقاً للمادة 11 معدلة والخاضع لضريبة القيم المنقولة بمبلغ 49632 ج و233 م ولا توجد مبالغ خاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية (5) وفي سنة 1952 صافي أرباحه بعد تطبيق المادة 36 بمبلغ 29166 ج و440 م وصافي أرباحه الموزعة حكماً طبقاً للمادة 11 معدلة والخاضع لضريبة القيم المنقولة بمبلغ 33107 ج و487 م ولا توجد مبالغ خاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية - فقد أقام الدعوى رقم 689 سنة 1954 تجاري كلي الإسكندرية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه والحكم باعتماد أرباحه طبقاً لإقراراته مع إلزام المصلحة بالمصروفات والأتعاب، وجرى النزاع فيها - من بين ما جرى - حول إيرادات سندات القرض الوطني في السنوات من 1948 إلى 1952 وهل تخضع للضريبة عند إعادة توزيعها عملاً بالمرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1943 أم لا؟ وبتاريخ 2/ 4/ 1949 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول الطعن شكلاً (ثانياً) باعتبار المبالغ التالية تكليفاً على أرباح الطاعن وهي 298 ج و147 م في سنة 1948 و267 ج و496 م في سنة 1949 و7995 ج و73 م في سنة 1950 و7889 ج و207 م في سنة 1951 و7145 ج و739 م في سنة 1952 (ثالثاً) بإلزام كل من الطرفين مصروفات ما خسره من الطلبات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة (رابعاً) برفض ما خالف ذلك من الطلبات. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه فيما قضى به من استبعاد 90% من إيرادات سندات القرض الوطني من أرباح المنشأة - وعاء الضريبة على القيم المنقولة - وهي 3290 ج و625 م و6654 ج و375 م و6737 ج و500 م في السنوات 1950 و1951 و1952 والحكم بإعادتها وخضوعها للضريبة مع إلزام المستأنف عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 189 سنة 15 تجاري استئناف الإسكندرية. وبتاريخ 7/ 5/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصروفات ومبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة - وطعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى باستبعاد 90% من إيرادات سندات القرض الوطني في السنوات من 1950 إلى 1952 من وعاء الضريبة على القيم المنقولة مستنداً في ذلك إلى أنه طبقاً للمادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 لا يدخل منها في وعاء الضريبة سوى 10% قدرها الشارع جزافاً مقابل تكاليف الاستثمار والباقي وقدره 90% معفى من كافة الضرائب طبقاً للمرسوم بالقانون رقم 99 لسنة 1943، ولا يمنع من ذلك كون النزاع في الدعوى يدور حول تالية لحصول البنك على هذه الإيرادات وهي مرحلة توزيعها على حاملي أسهمه واعتبارها موزعة حكماً عليهم طبقاً للمادة 11 من القانون رقم 14 لسنة 1939، لما ينطوي عليه هذا النظر المخالف من إهدار لكل ميزة مالية لهذه السندات وتعطيل للحكمة التي توخاها المشرع من إعفائها من كل ضريبة، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن الضريبة على القيم المنقولة تستحق على توزيعات الشركات الأجنبية التي تتناول أعمالها بلاداً أخرى غير مصر وهو ما نصت عليه المادة 11 من القانون بقولها إن هذه الشركات تعتبر أنها وزعت في مصر مبلغاً معادلاً لمجموع أرباح السنة الذي تتناوله الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بما في ذلك الإيرادات المخصومة منها بمقتضى المادة 36 وذلك بعد استبعاد 10% من المجموع المشار إليه تعد لتكوين احتياطي خاص، وإذ كانت إيرادات سندات القرض الوطني التي حصل عليها البنك المطعون عليه في سنوات النزاع داخلة في وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية قبل تطبيق المادة 36 وتعتبر موزعة حكماً على حاملي أسهم البنك طبقاً للمادة 11 فإنها - وبوصفها هذا - تخضع للضريبة على إيرادات القيم المنقولة عملاً بالفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939، ولا يغير من ذلك ما نص عليه المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1943 من إعفاء سندات القرض الوطني من كافة الضرائب المباشرة وغير المباشرة إذ أن هذا الإعفاء قاصر على إيرادات هذه السندات وقد أعفيت منها فعلاً ودخلت ذمة البنك كاملة غير منقوصة في حين أنها عند توزيعها حكماً على حاملي أسهمه تعتبر نتاجاً لهذه الأسهم لا نتاجاً لسندات القرض الوطني وليس في القانون رقم 99 لسنة 1944 ما يعفي نتاج أسهم البنك من الضريبة على القيم المنقولة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1943 على أن السندات الصادرة طبقاً للمادتين الأولى والثانية من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1943، ومنها سندات القرض الوطني وفوائد هذه السندات معفاة من كل ضريبة مباشرة أو غير مباشرة حالة أو مستقبلة بما في ذلك ضريبة الأيلولة على التركات، يقتصر نطاق الإعفاء فيه على فوائد هذه السندات ولا يمتد أو يبقى مصاحباً لها عند إعادة توزيعها - حكماً أو فعلاً - ومن بعد تحولها إلى ناتج أسهم أو سندات أخرى مغايرة حيث يرتفع عنها هذا الوصف ولا تتحقق في شأنها علة الإعفاء وحكمته بما لا سبيل معه إلى القول بأنها فوائد سندات قرض وطني لا تزال - وإذ كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول فوائد سندات قرض وطني حصلها البنك في السنوات من 1950 على 1952 وخضوعها للضريبة على القيم المنقولة عند إعادة توزيعها - حكماً - عل مساهميه وفي صورة ناتج لأسهمه هو لا في صورة إيرادات لسندات القرض الوطني، وجرى الحكم المطعون فيه على عدم خضوعها للضريبة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 80 لسنة 2021 ق جلسة 23 / 2 / 2021 تمييز قطر مكتب فني 17 ق 7 ص 52

جلسة 23 من مارس سنة 2021
حكـم
صادر باسم حضـرة صاحـب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر
برئاسـة السيد القاضي د. / ثقيل بن ساير الشمري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة قضاة المحكمة / محمد مصطفى زعلوك ومحمد سامح تمساح والحبيب الحاج وعلي كحلون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7)
الطعن رقم 80 لسنة 2021
(1 - 4) التزام "أوصاف الالتزام: الشرط والأجل ‘الالتزام المعلق على شرط". خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص تحقق الشرط الواقف من عدمه". حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق، الخطأ في تطبيق القانون".
(1) الشرط والأجل. المادتان (285) و (291) [مدني]. اختلاف كل منهما عن الآخر. مؤداه.
(2) الالتزام المعلق على شرط واقف. انتهاء حالة التعليق بتحقق الواقعة المشروطة أو تخلفها إن كان الطرفان قد اشترطا وقوعها خلال فترة معينة ولو تحققت بعدها. عدم تحديد موعد لوقوع الواقعة المشروطة. أثره. بقاء الالتزام معلقاً إلا إذا تأكد عدم وقوعها أو خلال مدة معقولة. استخلاص ذلك. من سلطة قاضي الموضوع استهداءً بظروف التعاقد وملابساته ونية المتعاقدين.
(3) مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها. تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً للثابت بأوراق الدعوى.
(4) إحالة الحكم إلى تقرير الخبير. مؤداه. اعتباره بأسباب مكملاً ومتمماً للحكم. مقتضاه. وجوب أن تكون أسباب التقرير مؤدية إلى النتيجة التي خلص إليها وغير منطوية على تناقض مبطل وألا يكون قد أخطأ في فهم الواقع أو أن تكون النتيجة مخالفة للقانون. (مثال بشأن استناد الحكم لتقرير خبير معيب بمخالفة الثابت بالأوراق جر للخطأ في تطبيق القانون)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرّر - في قضاء محكمة التمييز - أن مفاد النصّ في المادتين: (285) و(291) من القانون المدني أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق بالالتزام، فإنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف، فبينما لا يكون الالتزام المعلّق على شرط محققاً في قيامه أو زواله، فإن الالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده، لكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء.
2- بالنسبة للالتزام المعلّق على شرط تنتهي حالة التعليق بتحقق الشرط أو بتخلّفه، ولا يعتبر الشرط قد تحقق إلا إذا وقعت الحالة المشروطة، فإذا كان الطرفان قد اشترطا وقوعها خلال فترة معينة؛ فإن الشرط يعتبر قد تخلّف إذا لم تتحقق الواقعة خلال هذه الفترة ولو تحققت بعد ذلك، وإذا لم يُحدّد موعد لوقوع تلك الحالة المشروطة بقي الالتزام معلقاً مهما طالت المدة، إلا إذا أصبح من المؤكّد عدم وقوعها، أو خلال مدة معقولة يستخلصها قاضي الموضوع من قصد الطرفين وظروف التعاقد وملابساته.
3- مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم، هو تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات، أو بناء الحكم على فهم حصّلته مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى.
4- متى أحال الحكم إلى تقرير الخبير فإنه يعتبر مكملاً للحكم، مما يتعيّن معه أن تكون هذه الأسباب مؤدية إلى النتيجة التي خلص إليها، وألا ينطوي على تناقض مبطل، وألا يكون قد خالف الثابت في الأوراق، أو أخطأ في فهم الواقع، أو أن تكون النتيجة مخالفة للقانون. لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن التقرير التكميلي للخبير المنتدب في الدعوى استعلامه من الإدارة العامة للدفاع المدني عما إذا كان قد استخرج ترخيصاً للعقار موضوع النزاع في 5/5/2016، فقد أفادت بشهادتين. الأولى: أن الترخيص الصادر في 5/5/2016 هو للعقار رقم (7)، والثانية: أن الترخيص الصادر للعقار موضوع النزاع رقم (19) كان بتاريخ 29/3/2017، وأنّ كلاً منهما مختلف عن الآخر؛ وفقاً لما هو ثابت بتلك الشهادتين، وأن امتداد عقد الإيجار للمدة المتنازع عليها عن الفترة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016 هو عن العقار رقم (19)، وهو معلّق على شرط واقف هو التزام المطعون ضدها باستصدار ترخيص الدفاع المدني له، بما لا يجاوز تاريخ 15/10/2016؛ ممّا مفاده أن طرفي العقد قد اشترطا وقوع الحالة المشروطة، وهي استصدار ترخيص الدفاع المدني للعقار موضوع العقد خلال الفترة المعينة السالف بيانها، وإذ كان ذلك، ولم تقم المطعون ضدها بتنفيذ ما اشترط عليها إلا بتاريخ 29/3/2017 أي بعد الفترة المعينة المتفق عليها، ممّا يكون قد انتهت حالة التعليق لعدم تحقق واقعة استصدار الترخيص المذكور خلال هذه الفترة المحققة ولو تحققت بعد ذلك بالتاريخ الأخير؛ مما يتعيّن معه عدم امتداد عقد الإيجار للمدة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016، ومن ثمّ عدم التزام الطاعنة بالأجرة عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بإلزام الطاعنة بالأجرة عن مدة امتداد العقد استناداً إلى ما استخلصه من التقرير التكميلي للخبير من أن الشهادتين الصادرتين من إدارة الدفاع المدني عن عين واحدة، وهي العين محلّ النزاع والتي قد استصدر ترخيصاً لها بتاريخ 5/5/2016؛ بما يفيد تنفيذ المطعون ضدها لالتزامها المتفق عليه، ومن ثمّ امتداد العقد عن تلك الفترة المتفق عليها، فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق جرّه لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع- على مايبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة 2017 [مدني كلي]، بطلب الحكم بإثبات انتهاء إجارة العين المبينة في الصحيفة مع ردّ شيك الضمان، وقالت بياناً لذلك: إنها استأجرت من المطعون ضدها عين النزاع لمدة سنة من 15/9/2015 حتى 14/9/2016، ثم اتفقتا على تجديد العقد حتى 31/12/2016 شرط إتمام المؤجرة إجراءات الدفاع المدني في موعد أقصاه 15/10/2016، وإذ لم تلتزم بذلك أقامت الطاعنة الدعوى، كما أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة 2017 [مدني كلي]، بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار، وإلزام الطاعنة بأن تؤدي لها المبلغ الذي قدّرته عن كامل مدة العقد حتى تاريخ 14/9/2017 مع التعويض والمصاريف. ضمّت المحكمة الدعويين، وندبت خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت في الدعوى الأولى: بانتهاء عقد الإيجار بتاريخ 31/12/2016، وإلزام المطعون ضدها بردّ شيك الضمان، وفي الدعوى الثانية: بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ .... ريال والمصاريف، ورفضت ما عدا ذلك. استأنفت الطاعنة الحكم برقم ... لسنة 2018، كما استأنفته المطعون ضدها برقم .... لسنة 2018، وبعد ضمّ الاستئنافين قضت المحكمة بتاريخ ../../2018، بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ .... ريال، وبعدم أحقيتها في شيك الضمان. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم ... لسنة 2018، وبتاريخ ../../2019 ميّزت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعنة بأجرة عين النزاع عن الفترة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016 والزيادة المتفق عليها، وأحالت القضية فيما ميّز عنه الحكم إلى محكمة الاستئناف، وبعد تعجيل الاستئناف ندبت المحكمة ذات الخبير الذي أودع تقريراً تكميلياً، وقضت بتاريخ ../../2020 في الاستئناف رقم .... لسنة 2018، بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها المبلغ الذي قدّرته. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز، وعُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة -؛ فحُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول: إن امتداد عقد الإيجار موضوع النزاع عن الفترة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016 معلّق على شرط واقف هو التزام المطعون ضدها باستصدار ترخيص من الدفاع المدني بما لا يجاوز 15/10/2016، إلا أن الحكم المطعون فيه قد ألزمها بالأجرة عن فترة امتداد العقد السالف ذكرها، على أساس ما استخلصه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن الشهادتين الصادرتين من الدفاع المدني عن عقار واحد وهو محلّ النزاع الذي يحمل رقم (19) صدر له الترخيص بتاريخ 5/5/2016، رغم أن الثابت بهما أن الترخيص يخصّ عقاراً آخر يحمل رقم (7)، وأن الترخيص الذي يخصّ العقار محلّ النزاع وهو رقم (19) صدر له بتاريخ 29/3/2017، وأن العقارين مختلفان مما ينفي تنفيذ المطعون ضدها لالتزامها الموجب لاستحقاقها الأجرة عن الفترة آنفة الذكر، وهو ما يعيب الحكم، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محلّه؛ ذلك أنه من المقرّر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد النصّ في المادتين: (285) و(291) من القانون المدني أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق بالالتزام، فإنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف، فبينما لا يكون الالتزام المعلّق على شرط محققاً في قيامه أو زواله، فإن الالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده، لكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء، وبالنسبة للالتزام المعلّق على شرط تنتهي حالة التعليق بتحقق الشرط أو بتخلّفه، ولا يعتبر الشرط قد تحقق إلا إذا وقعت الحالة المشروطة، فإذا كان الطرفان قد اشترطا وقوعها خلال فترة معينة؛ فإن الشرط يعتبر قد تخلّف إذا لم تتحقق الواقعة خلال هذه الفترة ولو تحققت بعد ذلك، وإذا لم يُحدّد موعد لوقوع تلك الحالة المشروطة بقي الالتزام معلقاً مهما طالت المدة، إلا إذا أصبح من المؤكّد عدم وقوعها، أو خلال مدة معقولة يستخلصها قاضي الموضوع من قصد الطرفين وظروف التعاقد وملابساته، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هو تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو بناء الحكم على فهم حصّلته مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى، وأنه متى أحال الحكم إلى تقرير الخبير فإنه يعتبر مكملاً للحكم، مما يتعيّن معه أن تكون هذه الأسباب مؤدية إلى النتيجة التي خلص إليها، وألا ينطوي على تناقض مبطل، وألا يكون قد خالف الثابت في الأوراق، أو أخطأ في فهم الواقع، أو أن تكون النتيجة مخالفة للقانون. لمّا كان ذلك، وكان البين من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن التقرير التكميلي للخبير المنتدب في الدعوى استعلامه من الإدارة العامة للدفاع المدني عما إذا كان قد استخرج ترخيصاً للعقار موضوع النزاع في 5/5/2016، فقد أفادت بشهادتين. الأولى. أن الترخيص الصادر في 5/5/2016 هو للعقار رقم (7)، والثانية: أن الترخيص الصادر للعقار موضوع النزاع رقم (19) كان بتاريخ 29/3/2017، وأنّ كلاً منهما مختلف عن الآخر؛ وفقاً لما هو ثابت بتلك الشهادتين، وأن امتداد عقد الإيجار للمدة المتنازع عليها عن الفترة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016 هو عن العقار رقم (19)، وهو معلّق على شرط واقف هو التزام المطعون ضدها باستصدار ترخيص الدفاع المدني له، بما لا يجاوز تاريخ 15/10/2016؛ ممّا مفاده أن طرفي العقد قد اشترطا وقوع الحالة المشروطة، وهي استصدار ترخيص الدفاع المدني للعقار موضوع العقد خلال الفترة المعينة السالف بيانها، وإذ كان ذلك، ولم تقم المطعون ضدها بتنفيذ ما اشترط عليها إلا بتاريخ 29/3/2017 أي بعد الفترة المعينة المتفق عليها، ممّا يكون قد انتهت حالة التعليق لعدم تحقق واقعة استصدار الترخيص المذكور خلال هذه الفترة المحققة ولو تحققت بعد ذلك بالتاريخ الأخير؛ مما يتعيّن معه عدم امتداد عقد الإيجار للمدة من 15/9/2016 إلى 31/12/2016، ومن ثمّ عدم التزام الطاعنة بالأجرة عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بإلزام الطاعنة بالأجرة عن مدة امتداد العقد استناداً إلى ما استخلصه من التقرير التكميلي للخبير من أن الشهادتين الصادرتين من إدارة الدفاع المدني عن عين واحدة، وهي العين محلّ النزاع والتي قد استصدر ترخيصاً لها بتاريخ 5/5/2016؛ بما يفيد تنفيذ المطعون ضدها لالتزامها المتفق عليه، ومن ثمّ امتداد العقد عن تلك الفترة المتفق عليها، فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق جرّه لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

الطعنان 25 ، 62 لسنة 2021 ق جلسة 16 / 3 / 2021 تمييز قطر مكتب فني 17 ق 6 ص 45

جلسة 16 من مارس سنة 2021
حكـم
صادر باسم حضـرة صاحـب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر
برئاسـة السيد القاضي عبد الله بن أحمد السعدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة قضاة المحكمة/د. مبارك بن ناصـر الهاجري وأحمد بن علي حجر البنعلي نائبي رئيس المحكمة وأحمد رشدي سلام ورياض عبدالستار بوجاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6)
الطعنان رقما 25 ،62 لسنة 2021
(1) تمييز "ما لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز". حكم "تصحيح الأخطاء المادية في الأحكام".
الخطأ المادي في الحكم. مقصوده. لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز. (مثال بشأن خطأ مادي ورد بالمنطوق)
(2 ،3) حكم " حجيته: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية: حجية الحكم الصادر بالبراءة ". حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد كذلك".
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. مناطه. أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. اقتصار الحجية على منطوق الحكم وعلى أسبابه المؤدية إليه دون أن تلحق بالأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بالبراءة أو الإدانة. م (319) [إجراءات جنائية]، (301) [مرافعات].
(3) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب التعويض التزاماً بحجية الحكم الجنائي الفاصل في المسألة المشتركة بين الدعويين وهي التعدي على حقوق الملكية الفكرية دون الالتفات لما ورد فيه من عبارات زائدة. صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-النصّ في الفقرة الأولى من المادة (138) من قانون المرافعات على أن: " لا يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية. وتتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من هذه الأخطاء، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم، من غير مرافعة. ويدوّن كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويُوقّعه هو ورئيس الجلسة."؛ يدلّ على أن المقصود بالخطأ المادي الذي يرد في الحكم، هو ذاك الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير باستخدام عبارات أو أسماء لا تعبّر بتاتاً عما اتّجهت إليه إرادة المحكمة حسبما ورد بأسباب حكمها، فكشفت مدوناته بجلاء عن قضائه بما لا يدع مجالاً للشك فيه، وشاب منطوق الحكم خطأ في التعبير عن هذا القضاء، لا يؤثر في كيان الحكم أو فهم مراده، ولا يفقده ذاتيته، فإنه لا يعدو خطأ مادياً، وهو بهذه المثابة يخرج عن مفهوم التناقض الذي يفسد الحكم وتتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه، ومتى كان ما يوجّه إلى الحكم ليس من قبيل النعي على تقريراته القانونية أو الواقعية التي أسّس عليها قضاءه، وإنما ينصبّ على ما عبّر به عما انتهى إليه من هذه الأسس بحيث يتضح هذا الخطأ في التعبير من مقارنة منطوق الحكم بمدوناته ولا ينطوي تصحيحه على تغيير في حقيقة ما قضى به، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي تختصّ بتصحيحه المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم؛ طبقاً للإجراءات التي رسمتها المادة (138) من قانون المرافعات، ولا يصلح وحده سبباً للطعن بالتمييز. لمّا كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبُنيت أسبابه الجلية على هذا الأساس، بل وأفصح عن ذلك في المنطوق بالنسبة للاستئنافين الأولين، إلا أنه عندما دوّن منطوق الاستئناف الثالث وقع في خطأ في التعبير عن هذا القضاء؛ إذ بعد قبوله لهذا الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، أضاف عبارة: " تأييد الحكم المستأنف"، رغم سبق إلغائه له المنطوق ذاته، وبما أورده بأسبابه مؤدياً لهذا المنطوق، فإن هذه العبارة المضافة لا تعدو أن تكون خطأ مادياً، محلّ تصحيحها هو اللجوء للمحكمة التي أصدرته، ولا تصلح سبباً للطعن بالتمييز، ويضحى الطعن غير مقبول.
2-المقرّر في – قضاء محكمة التمييز – أن مؤدى نصّ المادتين: (319) من قانون الإجراءات الجنائية، و(301) من قانون المرافعات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية ملزمة في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية بحكم باتٍّ في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي فيما سبق له الفصل فيه، وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة، وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان من موضوع المحاكمة، دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة.
3- إذا كان الواقع في الدعوى أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم .... لسنة 2017 [جنح] قضى بالبراءة؛ استناداً إلى تقرير الخبير وما أورده بمدوناته من أنّ هناك اقتباساً خفيفاً في مقدمة المصنف، وبعض المصطلحات المتخصصة في (السدو) ولا يمكن تجنبها والخروج بمصطلحات جيدة تخرج عن المتعارف عليه شعبياً، وانتهى إلى عدم توافر أركان جريمة التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، ومن ثم فإن تزيّد الحكم الجنائي بإيراد عبارة " أن المحكمة داخلتها الريبة وتشكّكت في صحة التهمة" لا يقدح في أن البراءة بُنيت على عدم وقوع تعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم حجية الحكم الجنائي آنف البيان، بحسبان أن مناط التعويض الذي تطالب به الطاعنة قائم على أساس التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وهو ما يكفي لحمل قضائه، بما لا حاجة معه للردّ على ما ورد بتقرير الخبراء، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم (25) لسنة 2021 أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم .... لسنة 2018 [مدني كلي]، بطلب الحكم. أولاً: بصفة مستعجلة بوقف نسخ الكتاب المنسوب للمطعون ضدها الأولى ومصادرة جميع النسخ المطروحة بالسوق وإعدام المتبقي منها. ثانياً: إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا لها مبلغاً مقداره .... ريال كتعويض مادي، و.... ريال كتعويض أدبي، على سندٍ من أنها قامت في عام 1998 بنشر كتاب برسالة الماجستير التي حصلت عليها من (جامعة .... )، بعنوان: ...... ، إلا أنها فوجئت في عام 2016 بتوزيع كتاب منسوب للمطعون ضدها الأولى بناءً على تكليفها من المطعون ضده الثاني، ومشابه لكتابها بنسبة كبيرة، مما يعدّ تعدياً على حقوقها الفكرية، مما حدا بها لإقامة الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بوقف نسخ الكتاب، وبإلزام المطعون ضدهما بالتضامن بأن يؤديا للطاعنة مبلغ ... ريال. طعنت المطعون ضدها الأولى على هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 2020، كما طعن عليه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم ... لسنة 2020، وكذلك الطاعنة بالاستئناف رقم .... لسنة 2020، وبتاريخ ../../2020 قضت المحكمة في كلٍّ من الاستئنافين رقمي: .... لسنة 2020، بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى، وفي الاستئناف رقم .... لسنة 2020 برفض الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالطعن رقم (25) لسنة 202، كما طعن عليه المطعون ضده الثاني بالطعن رقم (62) لسنة 2020. وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة اليوم لنظرهما.

أولاً: الطعن رقم (62) لسنة 2021:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه بعد أن قضى في كلٍّ من الاستئنافين رقمي: (202، 207) لسنة 2020 المقامين من المحكوم ضدهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، عاد وناقض قضاءه السابق بأن قضى في الاستئناف رقم (212) لسنة 2020، بتأييد الحكم المستأنف؛ بما يعيبه بالتناقض، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن النصّ في الفقرة الأولى من المادة (138) من قانون المرافعات على أن: " لا يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية. وتتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من هذه الأخطاء، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم، من غير مرافعة. ويدوّن كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويُوقّعه هو ورئيس الجلسة."؛ يدلّ على أن المقصود بالخطأ المادي الذي يرد في الحكم، هو ذاك الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير باستخدام عبارات أو أسماء لا تعبّر بتاتاً عما اتّجهت إليه إرادة المحكمة حسبما ورد بأسباب حكمها، فكشفت مدوناته بجلاء عن قضائه بما لا يدع مجالاً للشك فيه، وشاب منطوق الحكم خطأ في التعبير عن هذا القضاء، لا يؤثر في كيان الحكم أو فهم مراده، ولا يفقده ذاتيته، فإنه لا يعدو خطأ مادياً، وهو بهذه المثابة يخرج عن مفهوم التناقض الذي يفسد الحكم وتتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه، ومتى كان ما يوجّه إلى الحكم ليس من قبيل النعي على تقريراته القانونية أو الواقعية التي أسّس عليها قضاءه، وإنما ينصبّ على ما عبّر به عما انتهى إليه من هذه الأسس بحيث يتضح هذا الخطأ في التعبير من مقارنة منطوق الحكم بمدوناته ولا ينطوي تصحيحه على تغيير في حقيقة ما قضى به، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي تختصّ بتصحيحه المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم؛ طبقاً للإجراءات التي رسمتها المادة (138) من قانون المرافعات، ولا يصلح وحده سبباً للطعن بالتمييز. لمّا كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبُنيت أسبابه الجلية على هذا الأساس، بل وأفصح عن ذلك في المنطوق بالنسبة للاستئنافين الأولين، إلا أنه عندما دوّن منطوق الاستئناف الثالث وقع في خطأ في التعبير عن هذا القضاء؛ إذ بعد قبوله لهذا الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، أضاف عبارة: " تأييد الحكم المستأنف"، رغم سبق إلغائه له المنطوق ذاته، وبما أورده بأسبابه مؤدياً لهذا المنطوق، فإن هذه العبارة المضافة لا تعدو أن تكون خطأ مادياً، محلّ تصحيحها هو اللجوء للمحكمة التي أصدرته، ولا تصلح سبباً للطعن بالتمييز، ويضحى الطعن غير مقبول.

ثانياً: الطعن رقم (25) لسنة 2021:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لتناقض أجزاء منطوق الحكم مع بعضها، بأن أورد في منطوق الاستئنافين المقامين من المطعون ضدهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، بينما قضى بتأييد الحكم المستأنف في الاستئناف المقام منها؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذه المحكمة سبق وأن انتهت في الطعن السابق أن ما ورد بمنطوق الحكم المطعون فيه لا يعتبر تناقضاً، وإنما مجرد خطأ مادي كشف عنه منطوق الحكم ومدوناته؛ فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه قضى برفض الدعوى تأسيساً على حجية الحكم الجنائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 2017 [جنح]، واستئنافها رقم ... لسنة 2018، رغم أن الحكم الجنائي بنى قضاءه بالبراءة؛ تأسيساً على التشكّك في الاتّهام، وأن المسئولية المدنية لا تنتفي بنفي المسئولية الجنائية، وأن تقرير الخبراء قد انتهى إلى وجود اقتباس دون ذكر المصدر إلا الإشارة المقتضبة الواردة بنهاية الكتاب؛ بما يعيب الحكم، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محلّه؛ ذلك أن المقرّر في – قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نصّ المادتين: (319) من قانون الإجراءات الجنائية، و(301) من قانون المرافعات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية ملزمة في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية بحكم باتٍّ في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي فيما سبق له الفصل فيه، وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة، وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان من موضوع المحاكمة، دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة. لمّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم .... لسنة 2017 [جنح] قضى بالبراءة؛ استناداً إلى تقرير الخبير وما أورده بمدوناته من أنّ هناك اقتباساً خفيفاً في مقدمة المصنف، وبعض المصطلحات المتخصصة في (السدو) ولا يمكن تجنبها والخروج بمصطلحات جيدة تخرج عن المتعارف عليه شعبياً، وانتهى إلى عدم توافر أركان جريمة التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، ومن ثم فإن تزيّد الحكم الجنائي بإيراد عبارة " أن المحكمة داخلتها الريبة وتشكّكت في صحة التهمة" لا يقدح في أن البراءة بُنيت على عدم وقوع تعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم حجية الحكم الجنائي آنف البيان، بحسبان أن مناط التعويض الذي تطالب به الطاعنة قائم على أساس التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وهو ما يكفي لحمل قضائه، بما لا حاجة معه للردّ على ما ورد بتقرير الخبراء، ويضحى النعي عليه على غير أساس.