الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 مايو 2023

الطعن 28 لسنة 33 ق جلسة 19 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 أحوال شخصية ق 23 ص 174

جلسة 19 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم هندي، ومحمد شبل عبد المقصود.

------------------

(23)
الطعن رقم 28 لسنة 33 ق "أحوال شخصية"

(أ) حكم. "عيوب التدليل". "الفساد في الاستدلال". "ما لا يعد كذلك". أحوال شخصية. "ديانة". "إسلام".
إقرار الزوجين في وثيقة الزواج بخلوهما من الموانع الشرعية والقانونية ومنها أن يكون الزوج مسيحياً والزوجة مسلمة. القضاء بإسلام الزوج وإسناده إلى تاريخ زواجه بمسلمة. استخلاص موضوعي سائغ.
(ب) أحوال شخصية. "ديانة".
الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان. بواعثه ودواعيه. عدم البحث في جديتها.
(ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين". "الإرث".
الردة من موانع الإرث. المرتد لا يرث من مسلم ولا من غير مسلم ولا من مرتد.

--------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإسلام والد الطاعن وإسناده إلى تاريخ زواجه بمسلمة على ما جاء في وثيقة الزواج من إقرار الزوجين بخلوهما من الموانع الشرعية والقانونية ومنها أن يكون الزوج مسيحياً والزوجة مسلمة ورتب على ذلك أنه من هذا التاريخ ومن بدء إقرار والد الطاعن بخلوه من الموانع الشرعية يعتبر "أنه مسلم وأنه نطق بالشهادتين" فإن هذا الاستخلاص الموضوعي السائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع ولا تراقبه فيه محكمة النقض.
2 - الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان والتي لا يجوز لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها (1).
3 - الردة - وهو الرجوع عن الإسلام - من موانع الإرث. وإجماع الفقهاء على أن المرتد لا يرث من مسلم ولا من غير مسلم ولا من مرتد مثله، ولا يغير من هذا النظر خلو قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 من النص على حكم إرث المرتد من غيره وإرث غيره منه إذ أن هذا القانون لم يتضمن جميع المسائل المتعلقة بالمواريث بل أحال فيما لم ينص عليه منها إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 وهو ما لا يجوز معه القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من هذه المسائل، ومنها إرث المرتد من غيره، إنما أراد به الشارع أن يخالف نصاً في القرآن أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن حنا ورزق الله ووهبه إبراهيم رزق الله شنوده أقاموا الدعوى رقم 58 سنة 1960 شبين الكوم الابتدائية ضد فريد منقريوس وتكلا نصر رزق الله شنوده طالبين الحكم بثبوت وفاة رفقة نصر شنوده في 27/ 2/ 1959 وأنهم من ورثتها ويستحق كل واحد منهم ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها تركتها وأمر المدعى عليهما بتسليمهم هذا النصيب مع إلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وأثناء نظرها طلب كل من حبيب وجرجس شنوده رزق الله وعوض الله سليمان رزق الله وزاهية شنوده بصفتها قيمة على زوجها جبران إبراهيم رزق الله قبولهم خصوماً في الدعوى منضمين للمدعين في طلباتهم، وجرى النزاع فيها حول تعيين الورثة من بين هؤلاء الخصوم، حيث ذهب المدعون ومن انضم إليهم والمدعى عليه الثاني إلى انحصار الإرث فيهم بصفتهم أولاد أولاد عم المتوفاة ولأن فريد منقريوس المدعى عليه الأول كان قد أسلم ثم ارتد عن الإسلام وسواء بقى على إسلامه أو ردته فهو لا يرث، بينما ذهب فريد إلى أنه الوارث الوحيد لعمته المتوفاة لأنه ولد مسيحياً من أبوين مسيحيين وظل على مسيحيته ولم يعتنق الدين الإسلامي اعتناقاً صحيحاً بل نتيجة إكراه لا يعتد به ولا يعول عليه - وبتاريخ 27 فبراير سنة 1961 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعون وطالبوا التدخل والمدعى عليه الثاني وفاة المرحومة رفقة نصر شنوده بتاريخ 27/ 2/ 1959 وانحصار إرثها فيهم وأن كلاً منهم يستحق في تركتها 3 ط من 24 ط تنقسم إليها التركة وليثبتوا أيضاً أن المدعى عليه الأول قد أسلم ثم ارتد عن الإسلام وأنه لا يرث في المتوفاة المذكورة ولهم في سبيل إثبات ذلك سلوك كافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة وشهادة الشهود ولينفي المدعى عليه الأول ذلك بذات الطرق وليثبت أنه الوارث الوحيد للمتوفاة وحددت للتحقيق جلسة 3/ 4/ 1961 على أن يتم في خلال شهرين من بدء مباشرته، ولم ينفذ حكم التحقيق واستمرت الدعوى تؤجل إلى أن انتهى ميعاده وأمرت المحكمة بمده أربعة شهور أخرى انتهت في 3/ 10/ 1961، وبجلسة 9/ 10/ 1961 طلب كل من عزيز وجورج ووديع أولاد فريد منقريوس دخولهم خصوماً في الدعوى طالبين الحكم بإثبات وفاة رفقة نصر شنوده وانحصار إرثها فيهم مستندين في ذلك إلى أن والدهم وإن كان قد أسلم ثم ارتد عن الإسلام ولا يرث في تركة عمته المتوفاة إلا أن إسلامه هذا لا يتعدى إليهم لأن أولهم كان قد بلغ سن الحلم قبل إسلام والده وظل على مسيحيته والثاني والثالث إسلامهما تبعي ينتهي ببلوغهما عاقلين وقد اختارا المسيحية ديناً لهما، كما طلب كل من حبيب وجرجس ولدي شنوده رزق الله وعوض الله سليمان رزق الله وزاهية شنوده بصفتها قيمة على جبران إبراهيم رزق الله دخولهم خصوماً فيها طالبين اعتبارهم من ورثتها بصفتهم أبناء أبناء عم المتوفاة واستحقاق كل منهم 3 ط من 24 ط تنقسم إليها تركتها وإصدار حكم جديد بالتحقيق يشملهم ويحدد مركزهم القانوني - وبتاريخ 4/ 12/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول تدخل كل من عزيز وجورج ووديع أولاد فريد منقريوس خصماً ثالثاً في الدعوى (ثانياً) بقبول تدخل كل من حبيب وجرجس الشهير بجورج ولدي شنوده رزق الله وعوض الله سليمان رزق الله وزاهية شنوده بصفتها قيمة على جبران إبراهيم رزق الله طرفاً منضماً في الدعوى (ثالثاً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعون والخصوم الثلث حبيب وجرجس وعوض الله وزاهية بصفتها بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة وفاة المتوفاة بتاريخ 27/ 2/ 1959 وانحصار ميراثها فيهم دون سواهم وأن كلاً منهم يستحق 3 ط من 24 ط في تركتها وللمدعى عليهما والخصوم الثلث عزيز وجورج ووديع أن ينفوا ذلك بالطرق عينها وأن يثبت كل منهم وفاتها وأنه الوارث الوحيد لها. وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 7/ 5/ 1962 فحكمت حضورياً بثبوت وفاة رفقة نصر الله بتاريخ 27 فبراير سنة 1959 وانحصار ميراثها الشرعي في ابن ابن أخيها الشقيق عزيز فريد منقريوس نصر دون وارث لها سواه ويستحق جميع تركتها تعصيباً وألزمت المدعين الأصليين والمتدخلين وباقي الخصوم الثلاثة المصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف فريد منقريوس هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم بثبوت وفاة رفقة نصر شنوده وانحصار إرثها فيه وقيد استئنافه برقم 24 سنة 12 قضائية، كما استأنفه حنا ورزق الله وهبه أولاد إبراهيم رزق الله شنوده طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد استئنافهم برقم 25 سنة 12 قضائية، واستأنفه تكلا ونصر رزق الله شنوده وحبيب شنوده رزق الله وجرجس الشهير بجورج شنوده رزق الله وعوض الله سليمان رزق الله وجبران إبراهيم رزق الله شنوده المحجور عليه للعته بقوامة زوجته زاهية شنوده رزق الله طالبين إلغاءه والحكم بوفاة المتوفاة وانحصار إرثها فيهم وفي المدعين الثلاثة وقيد استئنافهم برقم 27 سنة 12 قضائية، وقررت المحكمة ضم هذين الاستئنافين إلى الاستئناف الأول لأنهما عن حكم واحد. وبتاريخ 2/ 3/ 1963 حكمت حضورياً بقبولها شكلاً وفي موضوعها بتعديل الحكم المستأنف وثبوت وفاة رفقة نصر شنوده في 27/ 2/ 1959 وانحصار إرثها الشرعي في أولاد أولاد عمها شقيق أبيها وهم حنا ورزق الله ووهبة وجبران أولاد إبراهيم رزق الله شنوده وتكلا نصر رزق الله شنوده وعوض الله سليمان رزق الله شنوده وحبيب وجرجس الشهير بجورجي ابني شنوده رزق الله شنوده فقط من غير شريك ولا وارث لها سواهم ويستحق كل منهم ثلاثة قراريط من 24 قيراطاً تنقسم إليها تركتها وألزمت فريد منقريوس وعزيز وجورج ووديع أولاد فريد منقريوس بالمصاريف عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن عزيز منقريوس في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم الخمسة الأول رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل الأسباب الثلاثة الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجاء مشوباً بالفساد في الاستدلال من وجوه (أولها) أنه اعتبر زواج والد الطاعن بمسلمة في 2/ 9/ 1928 بدء لإسلامه مستنداً في ذلك إلى أن ما ورد في وثيقة الزواج من خلو الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية يعتبر إقراراً ضمنياً بإسلامه، في حين أن هذه الوثيقة لم تعد لإثبات خلو الزوجين من الموانع وجرى العرف على أن المأذون حين يسأل الزوجين عن الخلو من الموانع يكون المقصود بالنسبة للزوجة أنها ليست في عصمة رجل آخر ولا في عدته وبالنسبة للزوج ألا تكون الزوجة محرماً له وهي لا تعتبر حجة إلا في إثبات حضور شخصين أمام المأذون وقيامه بالعقد بينهما وإثبات صيغة العقد وهي الإيجاب والقبول وما عدا ذلك من البيانات التي لا يثبتها المأذون إلا بناء على إنهاء أحدهما لا تكون لها حجية الورقة الرسمية (وثانيها) أن إسلام النصراني لا يكون إلا بإجراءات وأوضاع معينة هي النطق بالشهادتين والتبري من دينه وبغير ذلك لا يكون مسلماً، وليس في وثيقة الزواج ولا في حكم محكمة الجنايات ما يفيد أن والد الطاعن نطق بالشهادتين أمام المحكمة أو أمام المأذون وأنه اتبع هذا النطق بالتبري من أي دين آخر يخالف دين الإسلام (وثالثها) أنه اتخذ من حكم محكمة الجنايات دليلاً على إسناد إسلام والد الطاعن إلى تاريخ الزواج في حين أن المحكمة قضت ببراءته من تهمة التزوير على أساس إقراره بالإسلام أمامها ولم ترد إسلامه إلى تاريخ سابق.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين (الأول والثاني) ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بإسلام والد الطاعن وإسناده إلى تاريخ زواجه بمسلمة في 2/ 9/ 1928 على ما جاء في وثيقة الزواج من إقرار الزوجين بخلوهما من الموانع الشرعية والقانونية ومنها أن يكون الزوج مسيحياً والزوجة مسلمة ورتب على ذلك أنه من هذا التاريخ ومن بدء إقرار والد الطاعن لخلوه من الموانع الشرعية يعتبر "أنه مسلم وأنه نطق بالشهادتين" وهو استخلاص موضوعي سائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع ولا تراقبه فيه محكمة النقض، ومردود في الوجه (الثالث) بأن حكم محكمة الجنايات ببراءة والد الطاعن من تهمة التزوير يستند إلى تاريخ الواقعة التي كانت منسوبة إليه وهي تاريخ وثيقة الزواج التي أقر فيها بخلوه من الموانع الشرعية والقانونية.
وحيث إن حاصل الأسباب "الرابع والخامس والسادس" أنه بفرض إقرار والد الطاعن بإسلامه فإقراره هذا لا يتعداه إلى غيره وهو إقرار باطل لا يعول عليه لأنه غير قضائي ومشوب بالإكراه لكي يتخلص من جناية التزوير التي كانت مسندة إليه، يضاف إلى ذلك أن إسلامه وارتداده لم يكن حقيقياً ولا تغييراً لديانته لأنه ظل على مسيحيته يمارس طقوسها ولم ينقطع عنها طوال حياته ومن يقر بإسلامه تحت ضغط الإكراه والضرورة بينما تدل الظواهر على أنه باق على دينه لا يعتد بإقراره وهو ما ينبني عليه أن تبعية الطاعن لوالده تعتبر ضرباً من الخيال خصوصاً وأنه كان قد بلغ سن الحلم وانقطعت تبعيته له حين ادعى الإسلام مكرهاً أمام محكمة الجنايات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان والتي لا يجوز لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها - والقول من الطاعن بأنه كان قد بلغ سن الحلم حين ادعى والده الإسلام وانقطعت تبعيته له، مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن "كانت سنه وقت إسلام أبيه 11 سنة وشهر و26 يوماً بالتاريخ الميلادي لأنه من مواليد 4/ 7/ 1917 كما هو ثابت بأوراق الدعوى ولأن المحكمة اعتبرت بدء إسلام أبيه في 2/ 9/ 1928 تاريخ زواجه بالمسلمة كما سبق بيانه وأنه بإضافة الفرق بين التقويمين الهجري والميلادي ومقدار ذلك أربعة أشهر ويوم واحد يكون سنه هجرياً 11 سنة و5 أشهر و27 يوماً أي أقل من اثنتى عشرة سنة هجرية وأنه إذا ادعى الصبي بلوغ الحلم في سن أقل من اثنتى عشرة سنة فلا يصدق في دعواه وأن الصبي يسلم تبعاً لإسلام أبيه إذا لم يبلغ سن الحلم".
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه اعتبر الردة مانعاً من الإرث، وهو خطأ في تطبيق القانون، لأن تغيير الدين من الإسلام إلى أي دين سماوي آخر لا يعتبر ارتداداً، وبالرجوع إلى القانون رقم 77 سنة 1943 تجد أن الردة لم تعد مانعاً من الإرث بعد أن عدد القانون هذه الموانع وأوردها على سبيل الحصر واستبعد الردة مراعياً في ذلك أن أغلب حالات الخروج عن الإسلام تكون إلى المسيحية أو اليهودية وكلاهما دين سماوي تعترف به الدولة، ويؤيد ذلك أن مشروع القانون كان ينص في الفقرة الثانية من المادة السادسة على أن المرتد لا يرث ورأى أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب استبعادها لما تنطوي عليه من مخالفة للمادة 12 من الدستور التي تكفل حرية العقيدة لجميع المواطنين وللنظم السائدة في الدولة ولأبسط قواعد العدالة، وصدر القانون بعد استبعادها من موانع الإرث. هذا ولا يعتبر الطاعن مرتداً على أساس أنه أسلم تبعاً لأبيه ثم ارتد إذ الواقع أنه كان مسيحياً وظل على مسيحيته ولم يصدر منه ما يدل على إسلامه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الردة - وهي الرجوع عن الإسلام - من موانع الإرث وإجماع الفقهاء على أن المرتد لا يرث من مسلم ولا من غير مسلم ولا من مرتد مثله، ولا يغير من هذا النظر خلو قانون المواريث رقم 77 سنة 1943 من النص على حكم إرث المرتد من غيره وإرث غيره منه إذ أن هذا القانون لم يتضمن جميع المسائل المتعلقة بالمواريث بل أحال فيما لم ينص عليه منها إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وذلك على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في قولها "ومن الواضح أن هذا القانون لم يتضمن كل الأحكام لجميع المسائل المتعلقة بالمواريث وعلى ذلك فإن الفصل في هذه المسائل والمنازعات المتعلقة بالمواريث يكون طبقاً لأحكام هذا القانون من تاريخ العمل به وأما في الأحوال التي لا يوجد لها حكم في القانون فإن المحاكم بمصر تطبق أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931" وهو ما لا يجوز معه القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من هذه المسائل، ومنها إرث المرتد من غيره، إنما أراد به الشارع أن يخالف نصاً في القرآن أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين.


(1) نقض 21/ 4/ 1965. الطعن رقم 37 لسنة 32 ق أحوال شخصية. السنة 16 ص 496.

الطعن 388 لسنة 31 ق جلسة 19 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 21 ص 151

جلسة 19 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(21)
الطعن رقم 388 لسنة 31 القضائية

(أ) حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
الحكم. بياناته. كفايتها. مثال. م 349 مرافعات.
(ب) حكم. "بيانات الحكم". "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف".
حكم. بياناته. عدم ذكر نصوص المستندات المقدمة في الدعوى. عدم ذكر أسماء الشهود وأقوالهم. إيراده مضمونها لا يعيبه.
(ج) إثبات. "عبء الإثبات". حكم. "عيوب التدليل". "القصور" "ما لا يعد كذلك".
عمالة. التزام رب العمل بأن يقدم إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد. تخلفه عن تنفيذ هذا الالتزام. اتخاذه موقف الإنكار وطلبه ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاتره وتقدير كمية الأقطان التي قام المطعون عليه بتوريدها. رفض هذا الطلب. لا قصور.

------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر وجه الدفع بعدم الاختصاص وأسانيده ووجه الدفع بالتقادم وأسانيده فإنه بذلك يكون قد أورد ضمن بياناته ما قدمته الطاعنة من طلبات ودفوع وخلاصة ما استندت إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية بما يحقق غرض الشارع ويفي بمقصوده فيما نصت عليه المادة 349 من قانون المرافعات من وجوب أن يذكر في الحكم نص ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية.
2 - لا يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم، وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، كما أنه لا يعيبه عدم ذكر أسماء الشهود الذين ذكروا في التحقيق وعدم إيراده نص أقوالهم متى كان قد أشار إليهم وأورد مضمون أقوالهم (1).
3 - النص في الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني على أن تقادم الدعاوى المتعلقة "بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المقدمة من جملة الإيراد" لا يبدأ "إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد" من شأنه أن يلقي على رب العمل - وبطريق التضمن واللزوم - عبء الالتزام بأن يقدم إلى العامل بياناً برقم الأعمال التي يستحق عنها العمولة والمعلومات الضرورية للتحقق من صحته - وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنة لم تلتزم هذا النص الآمر ولم تسلم المطعون عليه هذا البيان والتزمت موقف الإنكار واكتفت بأن طلبت ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاترها وتقدير كمية الأقطان التي قام المطعون عليه بتوريدها، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب ولم ير محلاً لإجابته بعد أن قدمت الطاعنة كشفاً موقعاً عليه من المطعون عليه عن مصروفات ترحيل أكياس القطن الموردة ورتب على ذلك أن تقدير الحكم المستأنف لها هو تقدير معقول ومتفق مع الحقيقة والواقع ولا سبيل إلى التشكيك فيه، فإنه بهذه التقريرات الموضوعية السائغة لا يكون قد خالف قواعد الإثبات أو أغفل الرد على دفاع الطاعنة وانطوى على قصور في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد الجوهري بركات أقام الدعوى رقم 229 سنة 1959 مدني كلي كفر الشيخ ضد محمد الكردي رضوان بصفته مديراً لشركة الزقازيق للأقطان والزيوت بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 9343 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بدون كفالة، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد عمل مدته ثلاث سنوات تبدأ من سنة 1956/ 1957 الزراعية التحق بخدمة الشركة المدعى عليها وكيلاً لفرعها في كفر الشيخ على أن يتولى شراء الأقطان لحسابها ويوردها إلى مقر الشركة في الزقازيق مقابل أجر شهري قدره 100 ج وعمولة خمسة قروش عن كل قنطار، وإذ فاجأته بالاستغناء عن خدمته في سبتمبر سنة 1958 واستحق له في ذمتها مبلغ 5150 ج متأخر أجر وعمولة، 150 ج مكافأة نهاية الخدمة، 150 ج مصاريف أنفقها في شئون الفرع، 4000 ج كتعويض عن فصله بلا مبرر فقد طلب الحكم له بها. ودفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة، كما دفع بسقوط الدعوى بالتقادم عملاً بالفقرة الأولى من المادة 698 مدني وبسقوط الحق في الأجر والعمولة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 378 مدني، وفي الموضوع أنكر علاقة العمل بين المدعي والشركة وقرر أنه مجرد وسيط يتقاضى عمولة عن الأقطان التي يقوم بتوريدها إليها وقد استولى على عمولته كاملة. وبتاريخ 21/ 10/ 1958 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص ثم عادت وبتاريخ 9/ 11/ 1959 فحكمت برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وقبل الفصل في الموضوع "بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة الطرق بما فيها البينة أنه التحق بخدمة المدعى عليه بموجب عقد عمل مدته ثلاث سنوات من 1956/ 1957 الزراعية إلى 1958/ 1959 وكيلاً للشركة إدارته بفرع كفر الشيخ بمرتب شهري قدره 100 ج وبعمولة قدرها خمسة قروش عن كل قنطار قطن يشتريه لحسابها وأنه لم يتقاض مرتبه وعمولته منذ أن عمل طرفه وليثبت أن المدعى عليه فصله بغير مبرر وبدون سبب وصرحت للمدعى عليه بالنفي". وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت حضورياً وبتاريخ 15/ 6/ 1960 "برفض الدفع المبدى من المدعى عليه بسقوط حق المدعي في المطالبة بالأجرة والعمولة بالتقادم وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 4000 ج وبتحميله مصاريف الدعوى وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبدون كفالة" وفي 28/ 6/ 1960 قررت تصحيح منطوق الحكم "وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغ 4300 ج بخلاف تحميله المصاريف على أساس ذلك المبلغ وأتعاب المحاماة السابق القضاء بها. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بأن رفعت عنه الاستئنافين رقم 242، 251 سنة 10 ق والاستئناف المقابل رقم 357 سنة 10 ق طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ومن باب الاحتياط بسقوط حق المدعي في المطالبة بالأجر والعمولة والمكافأة بالتقادم ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى بكامل أجزائها مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين، كما استأنفه محمد الجوهري بركات طالباً تعديله والحكم بإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 5343 ج زيادة على المبلغ المحكوم به مع المصروفات والأتعاب عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 249 سنة 10 ق. وقررت المحكمة ضم هذه الاستئنافات، وبتاريخ 20/ 9/ 1961 حكمت حضورياً بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من الطرفين بمصروفات طعنه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن في خصوص السبب الثالث.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خلا من بيان أسباب الاستئناف وما تضمنه من دفاع ودفوع واكتفى بالقول بأن الشركة "طلبت للأسباب المبينة بصحيفة استئنافها الحكم بصفة مستعجلة بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً واحتياطياً بسقوط حق محمد الجوهري بركات بالتقادم ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى" ولم يحل في شيء من ذلك إلى الحكم الابتدائي حتى لا يدري المطلع عليه ماذا كان دفع الطاعنة بعدم الاختصاص وسنده الواقعي ولا ماذا كان دفعها بالتقادم والوقائع التي استند إليها، وهذا من الحكم مخالفة للمادتين 347 و349 من قانون المرافعات ونقض جسيم وقصور يعيبه ويبطله - وهو حين رفض الدفع بتقادم الدعوى لمضي سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل الذي زعم المطعون عليه وجوده، خالف المادة 378 مدني رغم صراحتها وشمولها للأجرة يومية كانت أو غير يومية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استظهر وجه الدفع بعدم الاختصاص وأسانيده بقوله "وفي أثناء التداعي دفعت الشركة بعدم اختصاص محكمة كفر الشيخ الابتدائية محلياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن مركزها الرئيسي بالقاهرة وإلى عدم وجود فرع لها بدائرة هذه المحكمة" كما استظهر وجهي الدفع بالتقادم وأسانيدهما بقوله "إن الشركة أنكرت على المدعي علاقة العمل ودفعت بسقوط حقه في إقامة الدعوى لمضي أكثر من سنة على تاريخ انتهاء عقد العمل الذي زعم وجوده وذلك عملاً بنص المادة 698 من القانون المدني، وبسقوط حقه بالتقادم كما تقضي به المادة 378 من نفس القانون بالنسبة للأجر والعمولة المتأخرة" وهو بذلك يكون قد أورد ضمن بياناته ما قدمته الشركة من طلبات ودفاع ودفوع وخلاصة ما استندت إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية بما يحقق غرض الشارع ويفي بمقصوده فيما نصت عليه المادة 349 من قانون المرافعات من وجوب أن يذكر في الحكم نص ما قدمه الخصوم "من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية" - والقول بأن رفض الدفع بتقادم الدعوى ينطوي على مخالفة للمادة 378 من القانون المدني مردود بما أثبته الحكم من أن "الشركة تنازلت في مذكرتها الأخيرة عن التمسك بهذا الدفع" وبما عاد فقرره من أن "المحكمة وقد انتهت إلى تكييف علاقة الطرفين بأنها رابطة تعاقدية أساسها عقد العمل فإن المادة التي يجب تطبيقها تكون المادة 698 الواردة في باب عقد العمل وليست المادة 378 الواردة في باب انقضاء الالتزامات على وجه العموم والقاعدة أنه إذا اجتمع نص خاص ونص عام كان الأول أجدر بالتطبيق" وليس في سبب الطعن ما ينبئ عن تعييب الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه لم يؤيد الحكم الابتدائي ولم يحل إليه بل أقام قضاءه على أسباب مستقلة - وهو في الشق الخاص بتكييف العلاقة بين الشركة والمطعون عليه اكتفى بعبارة مبهمة هي أن "الحكم المستأنف انتهى صحيحاً إلى تكييفها بأنها رابطة أساسها عقد العمل مستنداً في ذلك إلى أقوال الشهود وإلى المستندات العديدة المقدمة في الدعوى.. وأشار إلى هذه المستندات في إيضاح وتفصيل.. فضلاً عن أن المستندات المقدمة بحافظة الشركة لهذه المحكمة لا تفيد أن خصمها كان مجرد وسيط" اكتفى الحكم بهذه العبارة، وفاته أن يبين ما هي المستندات التي رأى أن دعوى المطعون عليه ثابتة منها؟ والمستندات التي كانت مقدمة من الشركة وفحواها ووجه الاستدلال بها؟ ولا غناء في قوله إن الحكم الابتدائي أشار إلى هذه المستندات في إيضاح وتفصيل طالما أنه لم يحل إليه في أسبابه، كما فاته أن يبين من هم هؤلاء الشهود الذين عول الحكم الابتدائي على أقوالهم؟ وهل هم شهود الشكوى الإدارية أم الشهود الذين سمعتهم المحكمة؟ وهل هم كل شهود المدعي أو بعضهم أم كل شهود المدعى عليه أو بعضهم؟ وفحوى شهادة كل منهم، كل ذلك لا أثر له في الحكم الذي استقل بأسبابه عن أسباب الحكم الابتدائي فانكشف بذلك قصوره عن أن يستكمل بذاته الأسباب الواقعية لقضائه - وفي الشق الخاص بالأجر ومقداره وهل حصل استيفاؤه أم لم يحصل، اقتصر الحكم على عبارة مبهمة خالية من التسبيب هي أن "الشركة نعت على الحكم المستأنف تحديد أجر المستأنف عليه وعمولته بطريقة تحكمية تأسيساً على أقوال الشهود رغم ثبوت المبالغة فيها... وأن تحديد أجر المستأنف عليه بواقع 100 ج شهرياً وعمولة بواقع 5 قروش عن كل قنطار يعتبر تحديداً معقولاً لمناسبته مع أهمية العمل الموكول إليه ومع نشاطه في توريد الكميات الكبيرة من الأقطان" وأن الشركة طلبت ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاترها الرسمية وتقدير كمية الأقطان التي قام المستأنف عليه بتوريدها إليها خلال المدة التي يطالب بأجرها لمغالاة الحكم المستأنف في تقديرها استناداً إلى أقوال الشهود... والمحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن قدمت الشركة في حافظة مستنداتها الأخيرة كشفاً موقعاً عليه من المستأنف ضده عن المصروفات التي أنفقها خلال موسم 57/ 58 زراعية ومن بينها مبلغ 384 ج و500 م أجر ترحيل 15380 كيساً من القطن ومن ثم يكون تقدير الحكم المستأنف للأقطان الموردة خلال السنتين بواقع 35000 قنطاراً تقديراً معقولاً متفقاً مع الحقيقة والواقع ومن ثم فلا سبيل إلى التشكيك في هذه الكمية بعد أن أشارت الشركة إلى هذا البيان بدون أي تحفظ". ولا يبين من هذه العبارة هل أخذ الحكم بأقوال الشهود أم لم يأخذ؟ ولا من هم هؤلاء الشهود؟ وبماذا شهدوا؟ وهل وجهت إليهم مطاعن؟ كل ذلك لم يلتفت إليه الحكم ولا أثر له في أسبابه، والقول من الحكم بأن تحديد الأجر على هذا الوجه "يعتبر تحديداً معقولاً لمناسبته لأهمية العمل الموكول إليه ومع نشاطه في توريد الكميات الكبيرة من الأقطان" يدل على عدم فهمه لحقيقة الدعوى وأنها نزاع على أجر أو أتعاب مسماة ومتفق عليها مقدماً وليست نزاعاً على تقدير أتعاب لم يتفق الطرفان مقدماً على تحديدها، والاستدلال بنشاط المطعون عليه في توريد كميات كبيرة من الأقطان لا يصلح لإثبات القدر المسمى والمتفق عليه من الأتعاب عند بدء المعاملة، هذا وإمعاناً في الإبهام والقصور لم يبين الحكم ما هي الكميات الكبيرة من الأقطان التي وردها المطعون عليه ومن أين استقى أنه هو الذي وردها. ولا أهمية العمل الذي كان موكولاً إليه ومن أين استقى هذه الأهمية؟ - وفي هذا وذاك ما يؤدي إلى بطلانه للقصور في أسبابه الواقعية.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق (الأول) منه ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على أنه "بالنسبة للعلاقة التي تربط كلاً من الطرفين بالآخر فإن الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى تكييفها بأنها رابطة أساسها عقد العمل مستنداً في ذلك إلى أقوال الشهود وإلى المستندات العديدة المقدمة في الدعوى والدالة على أن محمد الجوهري بركات كان وكيلاً لفرعها بكفر الشيخ والذي سلمت الشركة بوجوده بعد أن لجأت زمناً إلى جحوده، وقد أشار الحكم المستأنف إلى هذه المستندات في إيضاح وتفصيل فضلاً عن أن المستندات المقدمة بحافظة الشركة لهذه المحكمة لا تفيد أن خصمها كان مجرد وسيط وإنما تدل المبالغ الكبيرة الثابتة بالإيصالات المرفقة على أن للشركة فرعاً بمدينة كفر الشيخ وأن المستأنف عليه كان مديراً له يتولى إدارته والإشراف عليه باسم الشركة" وهو بذلك يكون قد أحال إلى الحكم الابتدائي في أسبابه، وبالرجوع إلى الحكم الابتدائي في هذا الخصوص يبين أنه أقام قضاءه على شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة وعلى حاصل أقوالهم التي أوردها في سياق أسبابه، وخلص من سياقها إلى أن "أقوال شهود المدعي تنصب على عدة وقائع مرتبطة الأوصال يساند بعضها البعض ولا يشوبها ثمة غموض مما يحمل على الاطمئنان إليها والأخذ بها سيما وأن شاهده الأول من عملاء الشركة المدعى عليها وشاهديه الثاني والثالث من المستخدمين بها والرابع والخامس والسادس من موظفي الإصلاح الزراعي فمركزهم بالنسبة لكل من المدعي والمدعى عليه على الحياد والأخير صديق للطرفين أما أقوال شهود المدعى عليه فلا يطمأن إليها فالشاهد الأول ما زال من موظفي الشركة خاضعاً لها يأتمر بأوامرها وباقي الشهود من مصلحتهم الخاصة باعتبارهم سماسرة قطن الوقوف إلى جانب الشركة خصوصاً وأن المدعي كان له شأن ملحوظ في ميدان نشاطهم" كما خلص من سياقها إلى أن "علاقة المدعي بالمدعى عليه علاقة تابع بمتبوع يحكمها عقد عمل انعقد بينهما ذلك لأن ما كان يقوم به على ما شهد به أولئك الشهود بل نفس شهود المدعى عليه أيضاً من تعيين موظفين وفرز ومعاينة وتوقيع عقود الشراء واستلام وتعبئة ما كان يتم التعاقد عليه ونقله إلى مقر الشركة بالزقازيق لا يعد من أعمال السمسرة ولا يتفق مع طبيعتها" وأن هذا الاستخلاص "تؤيده جملة مستندات أوضحها دلالة (1) المحضر الإداري 1165 سنة 1956 بندر الزقازيق فقد جاء فيه على لسان محمد فهمي عبد اللطيف مراقب الشركة المدعى عليها أن المدعي مندوبها بكفر الشيخ وعلى لسان فتحي عباس مدير المشتريات أن المذكور مدير الفرع بها (2) كتاب المدعى عليه للمدعي في 15/ 6/ 1957 يطالبه فيه بإرسال فاتورة قطن الشيخ رضوان السيد لتسوية حساباته (3) عريضة قدمت لمحكمة كفر الشيخ الجزئية في 25/ 11/ 1959 بطلب استصدار أمر أداء ضد المدعى عليه بصفته مدير عام شركة الزقازيق للأقطان والمدعي بصفته مدير فرعها بكفر الشيخ (4) مخالصة بتاريخ 12/ 4/ 1958 لمن يدعى عبد المطلب فتح الله بتقاضيه من المدعي بصفته وكيل فرع الشركة المدعى عليها بكفر الشيخ المستحق له في ذمتها عن نقل الأقطان" ومع هذه التقريرات والاعتبارات الواقعية السائغة التي انحمل عليها الحكم لا يكون هناك وجه لتعييبه بالقصور وأنه لم يستكمل بذاته الأسباب الواقعية التي أقام عليها قضاءه، ومن جهة أخرى فإنه لا يعيبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، كما أنه لا يعيبه عدم ذكر أسماء الشهود الذين ذكروا في التحقيق وعدم إيراده نص أقوالهم متى كان قد أشار إليهم وأورد مضمون أقوالهم - ومردود في الشق (الثاني) ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استظهر دفاع الشركة وما نعته على الحكم الابتدائي من تحديد أجر وعمولة المطعون عليه بطريقة تحكمية تأسيساً على أقوال الشهود رغم المبالغة فيما ورد على هذا الدفاع بقوله إن "تحديد أجر المستأنف عليه بواقع 100 ج شهرياً وعمولة 5 قروش عن كل قنطار يعتبر تحديداً معقولاً لمناسبته مع أهمية العمل الموكول إليه ومع نشاطه في توريد الكميات الكبيرة من الأقطان" كما استظهر طلب الشركة تعيين خبير حسابي للاطلاع على دفاترها وتقدير كمية الأقطان التي قام المطعون عليه بتوريدها ورد عليه بقوله إن "المحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن قدمت الشركة في حافظة مستنداتها الأخيرة كشفاً موقعاً عليه من المستأنف ضده عن المصروفات التي أنفقها خلال موسم 57/ 58 زراعية ومن بينها مبلغ 384 ج و500 م أجرة ترحيل 15380 كيساً من القطن ومن ثم يكون تقدير الحكم المستأنف الأقطان الموردة خلال سنتين بواقع 35000 قنطار تقديراً معقولاً متفقاً مع الحقيقة والواقع ومن ثم فلا سبيل إلى التشكيك في هذه الكمية بعد أن أشارت الشركة إلى هذا البيان بدون تحفظ" وما ورد به الحكم من ذلك كاف لحمله ولا ينطوي على قصور في أسبابه الواقعية.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات وأخل بدفاع الطاعنة وانطوى على قصور يعيبه وذلك من وجوه (أولها) أن الشركة طلبت ندب خبير للاطلاع على دفاترها وتقدير كمية الأقطان التي قام المطعون عليه بتوريدها وتصفية حساب العمولة وأعادت هذا الطلب في الاستئناف وقدمت ما يدل على أنه وصلته مبالغ جسيمة لحساب مشترياتها وأنه تقاضى عمولته ومصاريفه من حساب العهدة وأن الدعوى في حقيقتها هي دعوى حساب مقلوبة، والحكم المطعون فيه لم يفطن إلى أن السمسار أو الوكيل لا يستحق عمولة إلا إذا أبرأ ذمته من العهدة، وأن طلب تعيين الخبير لمراجعة دفاتر الشركة وتصفية الحساب هو الطريق القانوني الوحيد للإثبات وللفصل في طلب العمولة لأن مداره توريدات أقطان ثابتة بأوراق ومستندات عديدة لا يجوز إثبات ما يخالفها بالبينة أو القرائن ومهمة الخبير هي تحصيل الدليل الكتابي وتمكين المحكمة من الاطلاع عليه وإعمال موجبه وفي عدم الاستجابة إلى هذا الطلب وعدم الرد عليه مخالفة للقانون وقصور. (وثانيها) أن الشركة تمسكت في دفاعها بإقرار المطعون عليه في الكشف المؤرخ 31/ 5/ 1958 وفيه يقول "فقط ألف وثمانمائة وثمانون جنيهاً وستمائة وثمانون مليماً لا غير - أرجو خصم المبلغ المذكور من حسابي الجاري طرف الشركة" وعلقت على هذه العبارة في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بأنها تفيد أن المطعون عليه كان يخصم أولاً بأول ما له من مستحقات قبل الشركة من مبالغ العهدة وأنه مدين لها بالمبلغ الذي خصمه، ولم يتحدث الحكم عن هذا المستند الهام ولا عن الحساب الجاري المعترف بوجوده بين المطعون عليه والشركة، وهو قصور يعيبه. (وثالثها) أن المحكمة لم تر محلاً لإجابة الشركة إلى طلبها تعيين الخبير "بعد أن قدمت كشفاً موقعاً عليه من خصمها عن المصروفات التي أنفقها خلال موسم 57/ 1958 ومن بينها 384.500 ج أجرة ترحيل 15380 كيساً من القطن" وهو استدلال فاسد، لأن البيان الوارد في هذا الكشف لا يفيد المعنى الذي جازفت المحكمة باستنباطه من تلقاء نفسها وفي فترة حجز القضية للحكم دون أن تلفت نظر الخصوم إليه، وترحيل 15380 كيس قطن لا يدل على أنه من توريد المطعون عليه ويستحق عنه عمولة، والشركة لم تسلم بهذا البيان الذي ذكره المطعون عليه في الكشف، وهي لم تقدمه إلا لغرض وحيد هو إثبات وجود حساب جار بينها وبين المطعون عليه وانشغال ذمته لها بمبالغ جسيمة وطلبه خصم المبالغ الواردة في الكشف مما عليه - وأضافت الطاعنة أنها مع ذلك ومن باب الاحتياط حرصت في صدر التقرير على بيان المآخذ التي وقع فيها الحكم الابتدائي من ناحية التطبيق القانوني والتسبيب وكفايته وهي مبطلة لقضائه وقضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني على أن تقادم الدعاوى المتعلقة "بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المقدمة من جملة الإيراد" لا يبدأ "إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد" من شأنه أن يلقي على رب العمل - وبطريق التضمن واللزوم - عبء الالتزام بأن يقدم إلى العامل بياناً برقم الأعمال التي يستحق عنها العمولة والمعلومات الضرورية للتحقق من صحته - وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنة لم تلتزم هذا النص الآمر ولم تسلم المطعون عليه هذا البيان والتزمت موقف الإنكار واكتفت بأن طلبت ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاترها وتقدير كمية الأقطان التي قام المطعون عليه بتوريدها، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب ولم ير محلاً لإجابته "بعد أن قدمت الشركة في حافظة مستنداتها الأخيرة كشفاً موقعاً عليه من المستأنف ضده عن المصروفات التي أنفقها خلال موسم 57/ 1958 زراعية ومن بينها مبلغ 384 ج 500 م أجرة ترحيل 15380 كيساً من القطن" ورتب على ذلك أن يكون "تقدير الحكم المستأنف للأقطان الموردة خلال السنتين بواقع 35000 قنطار تقديراً معقولاً متفقاً مع الحقيقة والواقع ومن ثم فلا سبيل إلى التشكيك في هذه الكمية" وهي تقريرات موضوعية سائغة فإنه لا يكون قد خالف قواعد الإثبات وأغفل الرد على دفاع الشركة أو انطوى على قصور، ومردود في الوجه (الثاني) ذلك أنه بالرجوع إلى الكشف المؤرخ 31/ 5/ 1958 يبين أنه خاص بمبالغ صرفها المطعون عليه "في مشترى واستلام أقطان زهر موسم 57/ 1958 فرع كفر الشيخ" حسب البيان الوارد فيه ومجموعها 1088 ج و680 م وطلب خصم هذه المبالغ وتسويتها لحساب الفرع وتأشر عليه بالتسوية وتمت في ذات التاريخ، وهو لا ينبئ عن وجود حساب جار بمعناه بين المطعون عليه والشركة كما أنه لا دلالة فيه على مديونيته لها بهذه المبالغ، وإذ كان وجه استدلال الشركة بهذا الكشف لا يتصل بموضوع النزاع ودفاعها بشأنه غير جوهري ومما لا يتغير معه وجه الرأي في الدعوى فإن إطراح الحكم له وإغفال الرد عليه لا يعتبر قصوراً يعيبه، ومردود في الوجه (الثالث) بما سبق بيانه من أن القانون ألقى على رب العمل عبء الالتزام بتقديم بيان عن رقم الأعمال التي تستحق عنها العمولة، واستشهاد الحكم بما ورد في الكشف المؤرخ 31/ 5/ 1958، وهو كشف مصاريف مشترى واستلام أقطان الفرع في موسم 57/ 1958 ومن بينها مبلغ 384 ج و500 م أجرة ترحيل 153800 كيسا فية 2.5 قرش، للتدليل على أن "تقدير الأقطان الموردة خلال السنتين بواقع 35000 قنطار هو تقدير معقول ومتفق مع الحقيقة والواقع" لا ينطوي على فساد في الاستدلال خصوصاً وأن الشركة هي التي قدمت الكشف في جلسات المرافعة - لا في فترة حجز القضية للحكم - وكان يسعها أن تعترض على ما تضمنه من بيانات ومردود فيما وراء ذلك بما سلف بيانه من أن الحكم المطعون فيه لم يحل إلى الحكم الابتدائي إلا في شأن تكييف العلاقة بين المطعون عليه والشركة وقد سبق القول بأن تقريرات الحكم في هذا الخصوص سائغة ولا قصور فيها.


(1) نقض 2/ 1/ 1963. الطعن رقم 33 لسنة 30 ق أحوال شخصية. السنة 14 ص 21.

الطعن 203 لسنة 31 ق جلسة 18 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 20 ص 147

جلسة 18 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

------------------

(20)
الطعن رقم 203 لسنة 31 القضائية

دعوى. "دعاوى الحيازة". استئناف. "المحكمة المختصة استئنافياً". اختصاص قاضي الأمور المستعجلة. "مناط اختصاصه".
دعوى وقف الأعمال الجديدة التي يرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها لمحكمة الاستئناف هي التي يكون سببها وضع اليد على عقار أو حق عيني وموضوعها حماية اليد من تعرض يهددها ويقتضي الفصل فيها ثبوت الحيازة القانونية وتوافر أركانها. اختلاف هذه الدعوى عن الطلب المستعجل الذي يرفع إلى قاضي الأمور المستعجلة بوصفه كذلك متى توافر الخطر والاستعجال والاستئناف عن الحكم الذي يصدره فيها يرفع إلى المحكمة الابتدائية.

------------------------------
دعوى وقف الأعمال الجديدة التي تعد من دعاوى وضع اليد ويرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها لمحكمة الاستئناف طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية هي الدعوى التي يكون سببها وضع اليد على عقار أو حق عيني عقاري وموضوعها حماية اليد من تعرض يهددها ومقتضى الفصل فيها ثبوت الحيازة القانونية وتوافر أركانها والشروط اللازمة لحمايتها. وتختلف هذه الدعوى عن الطلب المستعجل الذي يرفع إلى قاضي الأمور المستعجلة بوصفه كذلك ويقضى فيه على هذا الأساس إذ مناط اختصاصه بنظر هذا الطلب أن يقوم على توافر الخطر والاستعجال الذي يبرر تدخله لإصدار قرار وقتي يراد به رد عدوان يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق ومنع خطر لا يمكن تداركه أو يخشى استفحاله إذا ما فات عليه الوقت، والحكم الذي يصدره القاضي المستعجل في هذا الشأن هو قضاء بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق مما يرفع الاستئناف عنه أمام المحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 272 سنة 1960 مدني مركز بنها طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف الأعمال الجديدة التي شرع المطعون ضدهم في إقامتها - وأسس دعواه على أنه يضع اليد على ثلاثة أفدنة أقام عليها منذ سنة 1954 أربعة أبراج للحمام، وأن المطعون ضدهما الأول والثاني شرعا منذ 24 يونيه سنة 1960 في إقامة برجين للحمام على أرض مملوكة لهما ودفعهما عامل سوء النية في الإضرار به إلى اختيار حافة أرضهما المجاورة لأبراجه لإقامة برجيهما عليها مع أن أرضهما تمتد بطول مائة وثلاثين قصبة، وكان في مقدورهما أن يختارا حافة أرضهما من الناحية الأخرى لتكون بعيدة عن أبراجه، وأنه إذا تم بناء البرجين في المكان المشار إليه فإن حمام الطاعن سيهجر أبراجه القديمة وينتقل إلى البرجين الجديدين، كما أقام المدعو محمد عمر شريف الدعوى رقم 371 سنة 1960 مدني مركز بنها طلب فيها أيضاً الحكم بصفة مستعجلة بوقف الأعمال التي شرع المطعون ضدهما في إقامتها استناداً إلى ذات الأسباب التي بنى عليها الطاعن دعواه، وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين لبعضهما وحكمت فيهما بجلسة 28/ 8/ 1960 بصفة مستعجلة بوقف الأعمال الجديدة للبرجين اللذين شرع المطعون ضدهما الأول والثاني في إقامتهما وصرحت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بدون إعلان - استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1366 سنة 77 ق القاهرة - ودفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة بنظر الاستئناف استناداً إلى أن الحكم المستأنف صادر من محكمة جزئية في طلب مستعجل بإجراء وقتي مما يرفع عنه الاستئناف أمام المحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات ومحكمة الاستئناف حكمت في 14 مارس سنة 1961 برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها بنظر الاستئناف وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 13/ 4/ 1961، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 14/ 12/ 1965 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على ما قرره من أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف دعوى وقف أعمال جديدة - وهي من دعاوى الحيازة التي يرفع الاستئناف عنها أمام محكمة الاستئناف طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 56 سنة 1959 بشأن السلطة القضائية - في حين أن المقصود بدعاوى الحيازة المشار إليها في هذا النص الدعاوى العينية العقارية التي وردت في القانون المدني في المواد 958 وما بعدها والتي تهدف أصلاً إلى حماية الحيازة العقارية وهي دعاوى موضوعية يتناول فيها القاضي بحث أصل الحيازة وصفاتها القانونية، وقد رأى الشارع نظراً لأهميتها أن ينقل الاختصاص بنظر استئنافها إلى محكمة الاستئناف. أما الدعوى الحالية فهي ليست دعوى موضوعية الغرض منها حماية حيازة عقارية بل هي في حقيقتها طلب بإجراء مستعجل أقامها الطاعن أمام محكمة بنها الجزئية للأمور المستعجلة بوقف الأعمال الجديدة التي شرع المطعون ضدهم في إقامتها استناداً إلى سوء استعمال الحق ودرءاً للخطر الذي يصيب الحمام المملوك له عند إتمامها. وإذ قضي في هذه الدعوى بصفة مستعجلة بوقف تلك الأعمال فإن مقتضى ذلك أن تكون المحكمة الابتدائية هي المختصة بنظر الاستئناف الذي يرفع عن هذا الحكم طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات.
وحيث إن دعوى وقف الأعمال الجديدة - التي تعد من دعاوى وضع اليد ويرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها لمحكمة الاستئناف طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 56 سنة 1959 بشأن السلطة القضائية هي الدعوى التي يكون سببها وضع اليد على عقار أو حق عيني عقاري وموضوعها حماية اليد من تعرض يهددها ويقتضي الفصل فيها ثبوت الحيازة القانونية وتوافر أركانها والشروط اللازمة لحمايتها. وتختلف هذه الدعوى عن الطلب المستعجل الذي يرفع إلى قاضي الأمور المستعجلة بوصفه كذلك ويقضى فيه على هذا الأساس. ومناط اختصاص القاضي المستعجل بنظر هذا الطلب إنما يقوم على توافر الخطر والاستعجال الذي يبرر تدخله لإصدار قرار وقتي يراد به رد عدوان يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق، ومنع خطر لا يمكن تداركه أو يخشى استفحاله إذا فات عليه الوقت. والحكم الذي يصدره القاضي المستعجل في هذا الشأن هو قضاء بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق، مما يرفع الاستئناف عنه أمام المحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات - لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة بنها الجزئية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف أعمال البرجين اللذين شرع المطعون ضدهما الأولين في إقامتهما، وقد قضت المحكمة المذكورة للطاعن بصفة مستعجلة بوقف تلك الأعمال مع إبقاء الفصل في المصروفات على أن يكون التنفيذ بمسودة الحكم الأصلية، وأقامت قضاءها في ذلك على ما استظهرته من أوراق الدعوى من أن المطعون عليهما قد خرجا عن السلوك المألوف في ممارسة حقهما وأن تلك الأعمال لو تمت لترتب عليها ضرر للطاعن، وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم لا يعتبر قضاء موضوعياً في دعوى وضع يد، وإنما هو قضاء بإجراء مستعجل مما يرفع الاستئناف عنه أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات - لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يسبغ على الدعوى التكييف القانوني الصحيح بأن وصفها بأنها دعوى وضع يد ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع وباختصاص محكمة الاستئناف بنظر الاستئناف طبقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 56 سنة 1959 حالة أنها - على ما سلف بيانه - طلب بإجراء مستعجل لا يسري عليه حكم المادة المذكورة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه في خصوص الدفع بعدم الاختصاص فإن موضوعه صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف بقبول الدفع وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الاستئناف.

الطعن 290 لسنة 31 ق جلسة 13 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 19 ص 142

جلسة 13 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

--------------------

(19)
الطعن رقم 290 لسنة 31 القضائية

استئناف. "طريقة رفع الاستئناف". بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام".
الأصل وفقاً للمادة 405/ 1 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953 - أن يكون بعريضة تقدم لقلم الكتاب يستثنى من ذلك الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118/ 2 مرافعات فيرفع الاستئناف فيها بتكليف بالحضور. ليس من بين هذه الدعاوى دعوى المطالبة بأجرة أطيان زراعية.
البطلان جزاء مخالفة الطريق الواجب اتباعه في رفع الاستئناف. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

تضمين صحيفة الاستئناف طلب إلغاء وصف النفاذ. وجوب رفع الاستئناف عن قضاء الحكم في الموضوع بطريق الإيداع وأن يتبع بالنسبة للتظلم من قضاء الحكم بالنفاذ الطريق الذي رسمه القانون لهذا التظلم وهو التكليف بالحضور.

-------------------
الأصل في رفع الاستئناف - وفقاً للمادة 405/ 1 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953 - أن يكون بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره ولكن استثنت الفقرة الثانية من هذه المادة الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 من قانون المرافعات فنصت على أن يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور ورتبت الفقرة الأخيرة من هذه المادة البطلان جزاء لمخالفة الطريق الواجب اتباعه في رفع الاستئناف وأوجبت على المحكمة أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها. وإذ كانت دعوى المطالبة بأجرة أطيان زراعية ليست من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 من قانون المرافعات فإنه يتعين رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب ولا يغير من ذلك أن تكون صحيفة الاستئناف قد تضمنت طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف وأن الحكم الصادر في هذا الطلب هو مما يتظلم منه أمام محكمة الاستئناف بتكليف بالحضور لأن ذلك لا يبرر تنكب الطريق الذي رسمه القانون لرفع الاستئناف. ويتعين في هذه الحالة أن يرفع الاستئناف عن قضاء الحكم في الموضوع بطريق الإيداع وأن يتبع بالنسبة للتظلم من قضاء الحكم بالنفاذ الطريق الذي رسمه القانون لهذا التظلم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1952 الدعوى رقم 546 سنة 1952 كلي قنا طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 580 جنيهاً والمصروفات... وقال في بيان دعواه إن المطعون ضده استأجر منه بعقد مؤرخ 3 يوليه سنة 1950 29 فداناً و5 قراريط و20 سهماً عن سنة 1950/ 1951 الزراعية بإيجار قدره 730 جنيهاً يدفع على ثلاثة أقساط وأنه تأخر في سداد القسطين الثاني والثالث وقيمتهما 580 جنيهاً وهو المبلغ المرفوع به الدعوى - وبجلسة 16 من مارس سنة 1953 ادعى المطعون ضده بتزوير عقد الإيجار المؤرخ 3 يوليو سنة 1950 منكراً صدور التوقيع الذي عليه منه - وبتاريخ 23 من مارس سنة 1953 قضت المحكمة بقبول الشاهد الأول من شواهد التزوير وندبت مكتب الطب الشرعي "قسم التزييف والتزوير" بقنا لإجراء المضاهاة وبيان ما إذا كانت الإمضاء الموقع بها على عقد الإيجار المؤرخ 3 يوليه سنة 1950 المنسوب صدورها للمطعون ضده صحيحة أو مزورة عليه وإذ لم يقم المطعون ضده بدفع الأمانة التي قدرتها المحكمة للخبير فقد حكمت بتاريخ 9 من مايو سنة 1953 (أولاً) بسقوط حق راغب سيف المرشدي (المطعون ضده) في التمسك بالحكم الصادر بتعيين مكتب الطب الشرعي قسم التزييف والتزوير بقنا (ثانياً) وفي موضوع الدعوى بإلزامه بأن يدفع للمدعي سليم السمان محمد (الطاعن) خمسمائة وثمانين جنيهاً والمصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة - استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وذلك بتكليف بالحضور أعلنه للطاعن في 5 من أغسطس سنة 1953 وحدد لنظر الاستئناف جلسة 25 من أكتوبر سنة 1953 وقيد هذا الاستئناف برقم 230 سنة 28 ق وطلب الحكم "بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف رقم 546 سنة 1952 حتى يفصل في موضوع التزوير (ثانياً) وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 3 يوليه سنة 1950 ورفض دعوى المستأنف عليه مع إلزامه بمصاريف الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عنهما" ثم شطب طلبه المبين تحت "أولاً" واقتصر على طلبه المبين تحت "ثانياً" وبجلسة 25 من أكتوبر سنة 1953 المحددة لنظر الاستئناف أصر محامي المستأنف (المطعون ضده) على طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف ودفع الرسم المقرر على هذا الطلب وحكمت المحكمة في الجلسة المذكورة "بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه: (أولاً) بإلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف وألزمت المستأنف عليه (الطاعن) مصروفات هذا الطلب (ثانياً) بإحالة القضية لقلم الكتاب لتحضيرها طبقاً للقانون الجديد - وبعد إعادة القضية للمرافعة دفع الطاعن ببطلان الاستئناف لرفعه بتكليف بالحضور في حين أنه يجب رفعه بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب طبقاً لما نصت عليه المادة 405 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 264 لسنة 1953 وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1955 قضت المحكمة برفض هذا الدفع تأسيساً على أنها استنفدت ولايتها في شكل الاستئناف بقضائها بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1953 بقبوله شكلاً - ثم حكمت في موضوع الاستئناف بتاريخ 20 من إبريل سنة 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان عقد الإيجار المطعون فيه والمؤرخ 3 يوليه سنة 1950 وبرفض دعوى المستأنف عليه فطعن الطاعن في الحكم الصادر في 25 من أكتوبر سنة 1953 والقاضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الحكمين الآخرين اللاحقين له والصادر أولهما بتاريخ 5 من يونيه سنة 1955 والصادر ثانيهما في الموضوع بتاريخ 20 من إبريل سنة 1961 وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم الأول لمخالفته القانون والحكمين الآخرين باعتبارهما مؤسسين عليه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 23 من ديسمبر سنة 1965 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون بقضائه بقبول الاستئناف شكلاً ذلك أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف هي دعوى مطالبة بأجرة أطيان وليست من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 من قانون المرافعات ومن ثم فقد كان الواجب طبقاً للمادة 405 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953 أن يرفع الاستئناف عن هذا الحكم بعريضة تودع قلم الكتاب وإذ رفع المطعون ضده استئنافه بتكليف بالحضور فإنه يكون باطلاً وكان لذلك يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلانه عملاً بالمادة 405 سالفة الذكر وإذ خالفت المحكمة ذلك وقضت في حكمها الصادر بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1953 بقبول الاستئناف شكلاً فإن هذا الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه ويترتب على نقضه ضرورة نقض الحكمين الصادرين بتاريخ 5 من يونيه سنة 1955 و20 من إبريل سنة 1961 لأنهما مؤسسان عليه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 405 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953 قد جعلت الأصل في رفع الاستئناف أن يكون بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره واستثنت الفقرة الثانية من هذه المادة الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات فنصت على أن يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور، ورتبت الفقرة الأخيرة من هذه المادة البطلان جزاء لمخالفة الطريق الواجب اتباعه في رفع الاستئناف وأوجبت على المحكمة أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها - ولما كان يبين من الأوراق أن الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف هي دعوى مطالبة بأجرة أطيان زراعية ومن ثم فإنها ليست من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 وكان يتعين لذلك أن يرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب وإذ تنكب المطعون ضده هذا الطريق ورفع الاستئناف بتكليف بالحضور فإنه يكون باطلاً وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلانه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 405 مرافعات وإذ لم تفعل وحكمت في 25 من أكتوبر سنة 1953 بقبول الاستئناف شكلاً فإن هذا الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه ولا يغير من الأمر أن يكون المطعون ضده قد ضمن صحيفة الاستئناف طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف وأن قضاء الحكم بالنفاذ المعجل هو مما يتظلم منه أمام محكمة الاستئناف بتكليف بالحضور ذلك أنه حتى لو صح أن طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف كان مطلوباً في الصحيفة فإن ذلك لا يبرر تنكب الطريق الذي رسمه القانون لرفع الاستئناف والذي رتب البطلان على مخالفته وكان يتعين على المستأنف في هذه الحالة أن يرفع الاستئناف عن قضاء الحكم في الموضوع بطريق الإيداع وأن يتبع بالنسبة للتظلم من قضاء الحكم بالنفاذ الطريق الذي رسمه القانون لهذا التظلم.
وحيث إن نقض الحكم الصادر في 25 من أكتوبر سنة 1953 بقبول الاستئناف شكلاً يستتبع نقض الحكم الصادر في 25 من يونيه سنة 1955 برفض الدفع بقبول الاستئناف والحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 20 من إبريل سنة 1961 لأنهما مؤسسان عليه وذلك بالتطبيق للمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما سلف بيانه يتعين عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 405 مرافعات الحكم ببطلان الاستئناف لرفعه بغير الطريق القانوني.

الأحد، 14 مايو 2023

الطعن 129 لسنة 19 ق جلسة 15 / 11 / 1951 مكتب فني 3 ج 1 ق 9 ص 48

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العروسي بك المستشارين.

-------------------

تقادم. استئناف.

حق الاستئناف حق مستقل بذاته لا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي. فوائد لم يقض بها الحكم الابتدائي. استئناف هذا الحكم. الدفع بسقوط الحق في هذا الاستئناف على أساس أن الحق في الفوائد يسقط بمضي خمس سنوات. رفضه بناء على أنه ما دام باب الاستئناف مفتوحا فالدعوى تعتبر قائمة بجميع طلباتها ولا تسري أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به. هذا صحيح.

-------------------

يجب التفريق بين سقوط الحق موضوع الدعوى وسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر بها، فحق الاستئناف حق مستقل بذاته لا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي، والحكم لا يتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره. وإذ كان يترتب على إعلان صحيفة الدعوى بطلب الفوائد انقطاع التقادم بالنسبة إليها فإن أثر هذا الانقطاع يمتد إلى أن يصدر الحكم النهائي في الدعوى. وينبني على ذلك أن مضي المدة من تاريخ صدور الحكم الابتدائي حتى تاريخ استئنافه - مهما طال ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحاً - لا يترتب عليه سقوط الحق في استئنافه، كما أن الحق في الفوائد يبقى محفوظاً بحكم انقطاع المدة بعريضة الدعوى الابتدائية. وإذن فالحكم الذي يقضي برفض الدفع بسقوط حق الاستئناف بالنسبة إلى الفوائد التي لم يقض بها الحكم الابتدائي استنادا إلى أنه ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحاً فتعتبر الدعوى المستأنف حكمها بجميع طلباتها قائمة، وما دامت الدعوى قائمة فلا تسري أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به بخمس سنوات، إذ القاعدة العامة أن طلب الحضور أمام القضاء يحفظ حقوق المدعي بأن يقطع سريان مدة التقادم فتستبدل بالمدة التي كانت سارية من قبل المدة الطويلة المقررة لسقوط جميع الحقوق - هذا الحكم صحيح في القانون ولا غبار عليه.

-------------

الوقائع

من حيث إن الوقائع تتحصل في أن ....... توفى عن أولاده ...... و..... وعن السيدتين ........ و........ وعن زوجته السيدة ........ وأولادها منه وهم ....... و....... و....... و........ ولما كان ما تحت يد السيدة ....... وأولادها أقل من نصيبهم الشرعي في الأطيان والوابورات حرر اتفاق في 13/8/1919 تعهد فيه الورثة الآخرون بأن يدفعوا إليها مبلغ 240 جنيه و757 مليم سنويا مقابل النقص في الأطيان ومبلغ 125 جنيه سنويا مقابل ما ينقص سنويا عن حصتهم في ريع الوابورات ثم تحاسبوا في سنة 1924 عن الريع المتجمد حتى سنة 1922 وتعهد ....... عن نفسه وبوكالته عن إخوته البلغ في عقد صلح حرر في 18 مايو سنة 1924 بدفع مبلغ 896 جنيه و442 مليم للسيدة ....... وأولادها تكملة لحصتهم في الريع لغاية سنة 1922. أقامت بعد ذلك السيدة ...... الدعوى رقم 8 لسنة 1928 كلي مصر عن نفسها وبوصايتها على أولادها الذين كانوا قصرا طلبت فيها المستحق لها ولأولادها عن الأطيان من سنة 1922 لغاية سنة 1927 وما يستجد بواقع 240 جنيه و757 مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء وطلبت أيضا المستحق عن الوابورات عن نفس المدة والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية لغاية الوفاء وقيمة ما يخصهم في ريع الحديقة لغاية سنة 1927 والفوائد بواقع 5% وفوائد ما خصهم من مبالغ من تاريخ الصلح الحاصل في 18/5/1924 حتى الوفاء. وأثناء سير تلك الدعوى أقام المدعى عليهم دعوى فرعية على السيدة ....... فأصدرت محكمة مصر في 9 يونية سنة 1929 حكما تمهيديا بندب خبير حسابي لتصفية الحساب بين الطرفين. استأنفت السيدة ........ بصفتها هذا الحكم فقضت محكمة الاستئناف بإلغائه وبإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا إلى السيدة ......... بصفتها قيمة المتجمد حتى سنة 1927 وفوائد المبالغ المستحقة بواقع 5% كما قضت بعدم قبول الدعوى الفرعية فيما زاد على مبلغ 246 جنيه و31 مليم الذي استنزلته من المتجمد من ريع الأطيان والماكينات وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في النزاع الخاص بريع الحديقة لغاية سنة 1927 ولما أن أعيدت عدلت المدعية طلباتها طالبة الفرق عن إيجار الأطيان والوابورات عن المدة من سنة 1928 إلى سنة 1933 مع طلب ريع الحديقة لغاية سنة 1927 والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء عن كل من هذه المبالغ. وفي 18 فبراير سنة 1935 قضت محكمة مصر بإلزام ......... و........ بأن يدفعا إلى المدعية المبلغ المستحق عن فرق الأطيان والوابورات عن المدة المطالب بها وكذلك المبلغ المستحق عن ريع الحديقة لغاية سنة 1927 وأخرجت ......... وورثة ........ من الدعوى بناء على أن .......... والخواجة .......... هما الواضعا اليد فأعلنت السيدة ........ هذا الحكم إلى المحكوم عليهما في 5 و28 أبريل سنة 1935 وجاء بالإعلان "مع حفظ حق الطالبة في استئناف الطلبات التي لم يحكم بها" وسارت في إجراءات التنفيذ فاستشكلت السيدة ........ بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على أولادها من ........ في التنفيذ في قضية الإشكال رقم 1533 سنة 1943 ديروط وقد جاء بمذكرة المستشكل ضدها المقدمة إلى المحكمة "المستشكل ضدها السيدة ......... تداين المستشكلة بصفتها بمبلغ 2668 جنيه و436 مليم بموجب الحكم الصادر لها في القضية رقم 8 لسنة 1928 مدني كلي مصر والذي أصبح نهائيا". استأنفت السيدة ....... وأولادها بعد أن بلغوا سن الرشد حكم محكمة مصر في الدعوى رقم 8 سنة 1928 كلي مصر بالنسبة لإخراج من أخرج من الدعوى وبالنسبة للفوائد التي لم يحكم بها من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 18/7/1927 لغاية الوفاء. فدفع المستأنف عليهما - الطاعنين - بعدم قبول الاستئناف شكلا لأن المستأنفين قبلوا الحكم المستأنف كما تمسكا في الموضوع بسقوط حق المستأنفين في الفوائد القانونية بمضي أزيد من خمس سنوات من يوم 25 فبراير سنة 1935 تاريخ صدور الحكم المستأنف القاضي برفض الفوائد. وفي 23 مايو سنة 1948 صدر الحكم في الاستئناف قاضيا بتأييد حكم محكمة أول درجة في قضائها بالريع على ........ وبرفض ما أثاره المستأنف عليهما - الطاعنين - من سقوط حق المستأنفين في طلب الفوائد التي أغفلت محكمة أول درجة الحكم بها. فقرر الطاعنون طعنهم فيه بطريق النقض.

--------------

المحكمة

ومن حيث أن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بأولها على الحكم أنه أسس قضاءه على تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق إذ ليس صحيحا ما جاء بالحكم من أن المطعون عليهم عندما أعلنوا الحكم للطاعنين قد احتفظوا في الإعلان بحقهم في استئناف الحكم، كما أن تأويل الحكم المطعون فيه لما جاء بمذكرة المطعون عليهم في دعوى الإشكال رقم 1533 سنة 1943 ديروط من أن الحكم أصبح انتهائيا بالنسبة إلى المستأنف عليهم وحدهم الذين لم يعد لهم الحق في مناقشته خلافا للمستأنفين هو تأويل مخالف لمدلول هذا الإقرار.
ومن حيث أن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يخالف الثابت بالأوراق إذ استند في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلا إلى أن المطعون عليهم احتفظوا عند إعلانهم الحكم الابتدائي لمورثي الطاعنين بحقهم في استئنافه ذلك لأن المطعون عليهم احتفظوا في إعلانهم الحكم للـ ....... في 28/4/1935 وإلى ......... في 5/4/1936 بحقهم في استئنافه بالنسبة إلى الطلبات التي يحكم لهم بها كما يبين من صورتي الإعلانين المقدمتين إلى هذه المحكمة من المطعون عليهم، أما ورقة الإعلان المقدمة من الطاعنين والمعلنة في 12/4/1942 إلى الطاعنة الثانية السيدة ......... بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على أولادها القصر ورثة .......... وهو الذي سبق أن احتفظ المطعون عليهم قبله بحقهم في الاستئناف في إعلان الحكم إليه فلم يثبت تقديمها إلى محكمة الموضوع ومن ثم لا يجوز التمسك بها أمام هذه المحكمة في الطعن على الحكم ببطلان الإسناد وأما ما أول به الحكم العبارة الواردة في مذكرة المطعون عليهم في قضية الإشكال 1533 سنة 1941 ديروط السابق إيراد نصها بأن المقصود منها أن الحكم أصبح نهائيا بالنسبة للمستشكلة وحدها فتأويل سائغ.
ومن حيث أن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم مخالفة القانون إذ قضى بأن حق المطعون عليهم في استئناف الحكم بالنسبة للفوائد التي لم يقض بها لا يسقط بمضي خمس سنوات بل تبدأ مدة سقوطه من تاريخ إعلان الحكم الذي قضى بها مع أن هذا مخالف للقانون الذي يفرق بين التقادم وبين السقوط فإذا كان الحق المطالب به يسقط بمضي خمس سنوات كالفوائد فلا يصح استئناف الحكم الصادر بشأنها بعد خمس سنوات لأن الحق نفسه يكون قد سقط فعلا وإذا فالمدة التي يصح فيها رفع الاستئناف عن حق يسقط بعدم المطالبة به مدة خمس سنوات لا يجوز أن تجاوز خمس سنوات، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذه القاعدة بعلة أن حق الاستئناف محدود الأجل وأن رفع الدعوى يترتب عليه استبدال الحق وجعل الدين الذي يسقط بمضي خمس سنوات لا يسقط إلا بمضي خمس عشر سنة إذا ما صدر به حكم وبذلك خالف في قضائه المادة 211 من القانون المدني (القديم) التي تنص على سقوط الفوائد بمضي خمس سنوات.

ومن حيث أن الحكم قضى برفض الدفع بسقوط حق الاستئناف بالنسبة للفوائد التي لم يقض بها الحكم الابتدائي مستندا إلى أنه "ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحا أمام المستأنفين فتعتبر الدعوى المستأنف حكمها بجميع طلباتها قائمة وما دامت الدعوى قائمة فلا تسري أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به بخمس سنوات والقاعدة العامة أن طلب الحضور أمام القضاء يحفظ حقوق المدعي بأن يقطع سريان مدة التقادم ويطيل في أجل الدعوى فتستبدل بالمدة التي كانت سارية من قبل المدة الطويلة المقررة لسقوط جميع الحقوق.

ومن حيث أن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه يجب التفريق بين سقوط الحق موضوع الدعوى وسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر فيها فحق الاستئناف هو حق مستقل بذاته ولا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي، والحكم لا يتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره، وأنه لما كان يترتب على إعلان صحيفة الدعوى بطلب الفوائد انقطاع التقادم بالنسبة لها فإن أثر هذا الانقطاع يمتد إلى أن يصدر الحكم النهائي في الدعوى وينبني على ذلك أن مضي المدة من 18/2/1935 تاريخ صدور الحكم الابتدائي حتى تاريخ استئنافه في 12/2/1942 لا يترتب عليه سقوط الحق في استئنافه، كما أن الحق في الفوائد يبقى محفوظا بحكم انقطاع المدة بعريضة الدعوى الابتدائية وعلى ذلك يتعين رفض ما جاء بهذين السببين.

ومن حيث أنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.

الطعن 5 لسنة 2021 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني جلسة 20 / 4 / 2021

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-04-2021 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 5 لسنة2021 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
شركة البرج ريل استيت ليمتد

مطعون ضده:
نخيـــل (ش.م.خ)
واجهة دبي البحرية (ش.ذ.م.م)

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2020/335 طعن عقاري
بتاريخ 23-03-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ مصطفى محمود الشرقاوي، 
وبعد المداولة. حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة (شركة البرج ريل استيت ليمتد) أقامت الدعوى رقم 636 لسنة 2019 عقاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بتاريخ 2 أكتوبر 2019 على المطعون ضدهما: 1- (واجهة دبي البحرية ش. ذ. م. م.) 2- (نخيل ش. م. خ.) بطلب الحكم، أولا: ببطلان عقد البيع المؤرخ 23 إبريل 2007 لعدم تسجيله في السجل العقاري المبدئي بدائرة الأراضي والأملاك، وإلزام المدعي عليهما بالتضامن بأن توديا للمدعية مبلغ إجمالي قدره (4،407،822) أربعة ملايين وأربعمائة وسبعة آلاف وثمانمائة اثنين وعشرين درهماً. ثانياً: بفسخ العقد سند الدعوى لإخلالهما في تنفيذ التزاماتهما العقدية، وإلزامهما بالتضامن بأن تؤديا لها مبلغ إجمالي قدره (4،407،822) أربعة ملايين وأربعمائة وسبعة آلاف وثمانمائة إثنين وعشرين درهماً. ثالثاً: إلزام المدعى عليهما بالتضامن بمبلغ (2،250،000) مليوني ومائتي وخمسين ألف درهم تعويضاً عما لحق بها من ضرر. 4- إلزامهما بالفائدة التأخيرية بواقع 9% من تاريخ 23 إبريل 2007 وحتى تمام السداد، وبالنسبة للتعويض من تاريخ رفع الدعوى. علي سند من إنه بتاريخ 23 إبريل 2007 تعاقدت المدعية بصفتها مطور فرعي مع المدعى عليهما بوصفهما مطور رئيسي ومالكين للمشروع على شراء قطعة الأرض رقم E-12B-3 ومساحتها (4،500) متر مربع بجهة واجهة دبي البحرية في المشروع المسمى (مدينة العرب) مقابل ثمن إجمالي قدره (22،039،108) دراهم يسدد علي أقساط طبقا لجدول السداد المرفق بالعقد، وسددت المدعية 2% من ثمن الأرض كدفعة مقدمة في تاريخ الحجز بموجب إيصال مؤرخ في 2 أكتوبر 2006 على مطبوعات للمدعى عليها الأولى وبتوقيع خاتم المدعى عليها الثانية - ضمن مبالغ عن قطع أخرى - على أن تسدد باقي الثمن على خمسة أقساط، وقد اتفق في العقد على أن تسليم الأرض للمدعية سيتم ما بين 6 أشهر و18 شهراً ويعتبر بدء تاريخ التسليم من تاريخ الإنذار الخطي المرسل من البائع إلي المشتري والذي سيكون قبل 60 يوماً على الأقل من تاريخ التسليم، ولما كان المشرع قد أصدر القانون رقم 13 لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي بإمارة دبي وأوجب تسجيل جميع التصرفات التي ترد على الوحدات العقارية بذلك السجل، فقامت المدعية بمخاطبة المدعى عليهما بتاريخي 28 يونيو 2015 و29 يوليو 2015 للمطالبة بتسجيل التصرف إلا أنهما لم يسجلاه باسم المدعية في السجل العقاري المبدئي بدائرة الأراضي والأملاك، فضلا عن اخلالهما بالتزاماتهما المنصوص عليها في عقد البيع سند الدعوى بالنسبة لتسليم الأرض عين التداعي وإنجاز البنية التحتية لها وعدم إصدار دليل إرشادات الرقابة على التطوير مما ترتب عليه عدم تمكن المدعية من إعداد المخططات اللازمة للتطوير، مما ألحق ضرراً بها تمثل في حرمانها من عوائد استثمار المبلغ المسدد للمدعى عليهما، فمن ثم كانت الدعوى. وإذ قدمت المدعى عليها الأولى طلباً عارضاً بالحكم بإلزام المدعية بأداء مبلغ قدره (155،673،319,50) مائة خمسة وخمسين مليوناً وستمائة ثلاثة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وتسع عشر درهماً وخمسين فلساً وما يستجد من فائدة تأخير بواقع 12% من تاريخ 16 أكتوبر 2019وحتى تمام السداد، وذلك علي سند من القول إن المدعية سددت من ثمن الأرض عين التداعي مبلغ (11،901،116,50) درهماً وترصد في ذمتها المبلغ المطالب به. ومحكمة أول درجة ندبت خبيراً في الدعوى وبعد أن اودع تقريره قضت المحكمة بجلسة 21 يوليو 202، أولا: في الدعوى الأصلية بفسخ العقد المؤرخ 23-4-2007 سند الدعوى والمتضمن بيع وشراء قطعة الأرض رقم E-12B-3 ومساحتها 4500 متر مربع بجهة واجهة دبي البحرية في المشروع المسمى -مدينة العرب- وإلزام المدعى عليهما بالتضامن بأن تؤديا للمدعية مبلغاً قدره (4،407،822) أربعة ملايين وأربعمائة وسبعة آلاف وثمانمائة اثني وعشرين درهماً والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتي تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. ثانيا: وفي الدعوى المتقابلة، بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها. 
استأنفت المدعية ذلك الحكم بالاستئناف رقم (447) لسنة 2020 استئناف عقاري، كما استأنفته المدعى عليهما بالاستئناف رقم (452) لسنة 2020. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 15 أكتوبر 2020 في الاستئناف رقم (452) لسنة 2020عقاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوي الأصلية من فسخ عقد البيع ورد ما دفع من الثمن وفي الدعوي المتقابلة برفضها، والقضاء مجدداً: 1- في الدعوي الأصلية برفضها في شأن طلبي الفسخ ورد الثمن وتأييده فيما عدا ذلك. 2- في الدعوى المتقابلة: بإلزام المدعى عليها تقابلاً بأن تؤديا للمدعية تقابلاً مبلغ (17،631،286,40) درهما،ً ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وفي الاستئناف رقم (447) لسنة 2020 عقاري برفضه. 
طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن رقم 335 لسنة 2020 طعن عقاري بطلب نقضه، وذلك بصحيفة أودعت إلكترونياً بتاريخ 7 ديسمبر2020، ، وقدم المدعى عليهما بوكيل عنهما مذكرة طلبا فيها رفض الطعن 
وحيث إنه قد صدر حكم سابق من هذه المحكمة في وقائع متماثلة قضى بفسخ التعاقد ورفض الإلزام بباقي الثمن، بينما صدر حكم آخر قضى برفض الفسخ والإلزام بأداء باقي الثمن، لذا فإن الدائرة المختصة بنظر الطعن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 23 مارس 2021، عملاً بنص الفقرة الرابعة بند (أ) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي، إحالته إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ومن ثم أعيد قيده أمامها برقم (5) لسنة 2021 الهيئة العامة لمحكمة التمييز. 
--------------------
وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن الأصل في العقد رضاء المتعاقدين وما التزماه في التعاقد، وأنه إذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها، إذ يجب اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادتهما المشتركة وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات، لما كان ذلك، فإن الهيئة تنتهي -وبالأغلبية المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي- إلى الأخذ بهذا المبدأ والعدول عما يخالفه من أحكام سابقة والفصل في الطعن على هذا الأساس. 
وحيث إن حاصل نعي الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق المبطل له، إذ انتهى في قضائه إلى إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من فسخ العقد سند الدعوى، والقضاء مجدداً برفض دعوي الطاعنة تأسيساً على ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من ثبوت إخطار المطعون ضدها الأولى للطاعنة بتسليم الأرض موضوع الدعوى برسالتها المؤرخة في 27 سبتمبر 2007، هذا في حين أن ما ورد بهذه الرسالة لا يؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها، والتي استند فيها إلى أن عدم تمام عملية التسليم كان لتعثر الطاعنة في سداد أقساط الثمن وطلبها تأجيل السداد برسالتيها المؤرختين في 29 مايو 2008 و29 نوفمبر 2008، ملتفتاً عن المطاعن التي وجهتها الطاعنة لتلك الرسائل، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه انتهي إلى أن الإخلال تحقق في جانب الطاعنة لعدم استلامها الأرض وقيامها بأعمال التطوير رغم استحالة ذلك لعدم ثبوت تسلمها الأرض ووضع المطعون ضدها الأولى اشتراطات للبناء وتسليمها إليها، وقبل ذلك كله عدم تسجيل العقد بالسجل المبدئي والذي بدونه لا يتأتى لها الحصول على أي ترخيص من جهات الاختصاص، ورغم أن الخبير المنتدب في الدعوى قد أبان في تقريره أن المطعون ضدها الأولى (المطور الرئيسي) قد تأخرت مدة (13) سنة في تنفيذ البنية التحتية ولم تنفذ منها حتى الآن سوى (31,61%) في باقي المشروع، أما المنطقة الواقع بها الأرض فنسبة الإنجاز بها (0%)، وأن هذا التأخير قد زاد كثيراً عن الحد المقبول، ذلك إنه من المتعارف عليه أن أعمال البنية التحتية في مثل هذه المشاريع لا تستغرق أكثر من ثلاث إلى خمس سنوات، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه ناقض أسبابه فيما قضى به من إلغاء الحكم المستأنف القاضي بالفسخ ورفض دعوى الطاعنة أخذاً بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، مع ما قضى به من رفض طلب الحكم بالغرامة التأخيرية للمطعون ضدهما تأسيساً على ثبوت الخطأ في جانبهما لتأخرها في تنفيذ البنية التحتية للمشروع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، والتفت عن دفاع الطاعنة الجوهري سالف الذكر والوارد بمذكرة اعتراضاتها علي تقرير الخبرة المقدمة أمام محكمة أول درجة، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي -في وجهه الأول- غير مقبول، ذلك أنه من المقرر وفق ما تقضي به المواد (246) و(265) و(267) من قانون المعاملات المدنية -وعلى وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أنه يجب تنفيذ العقد وفقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن العقد لا يقتصر على ما ورد به بل يتناول ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف وطبيعة التصرف، ولا يجوز لأحد طرفيه الرجوع فيه أو تعديله أو فسخه إلا بموافقة الطرف الاخر أو التقاضي أو بمقتضى نص القانون، وأنه متى كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها، أما إذا كان هناك محل للتفسير فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر فيه من أمانة وثقة وفقا للعرف الجاري في المعاملات، بما مؤداه أنه يجب على طرفي العقد الوفاء بالالتزامات المتبادلة التي أنشأها العقد، وذلك بأن يقوم كل طرف بالوفاء بما التزم به، وهو ما تستخلصه محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث تقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها ومنها تقارير الخبراء والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه المحكمة منها وإطراح ما عداه، من غير أن تكون ملزمة بتتبع الخصوم في شتى مناحي أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً، متى كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت عليهـا دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، ولها في هذا الخصوص سلطة تقدير ما إذا كان الالتزام معلقاً على شرط أو عُين لتنفيذه أجل أم لا، وتحديد الجانب المقصر في تنفيذ الالتزام، وأن لها مطلق السلطة في تفسير المحررات والعقود والشروط المختلف عليها فيها للتعرف على المقصود منها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز ما دام أنها لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد والشروط والبنود الواردة به وكان ما انتهت إليه في تفسيرها سائغاً ومقبولاً بمقتضى الأسباب التي أوردتها، بما مؤداه أن تقدير ما إذا كان البائع قد تأخر في تنفيذ التزاماته التعاقدية، وأن هذا التأخير يرقى إلى ما يؤدى إلى إجابة المشترى إلى طلب فسخ العقد أم لا، و تقدير تقابل الالتزامات الملزمة للجانبين ونفي التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته هو من مسائل الواقع التي تستخلصها محكمه الموضوع بغير معقب عليها متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغه تكفى لحمله. 
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض دعوي الطاعنة تأسيساً علي ما أورده بأسبابه من أن [[الثابت بأوراق ومستندات الدعوى ومنها تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أن المدعية أصليا قد تعاقدت على شراء قطعة الأرض محل التداعي من المدعى عليها الأولى بموجب العقد المؤرخ 23/4/2007 لقاء ثمن قدره 22،039،108,00 دراهم على أن يتم سداد 20% من الثمن عند توقيع العقد والباقي على خمسة أقساط يستحق القسط الأول منها بتاريخ التسليم بنسبة 10% وكان البين من مطالعه عقد البيع أنه نص بالبند رقم (1) -التفسير- على أنه في هذه الاتفاقية ما لم يقتض السياق خلاف ذلك تحمل الكلمات التالية المعاني التالية: مخطط تصوري يعني المفهوم المقرر تقديمه من قبل المشتري للبائع بموجب البند (8-5)، تاريخ التسليم يعني تاريخ تسليم قطعه الأرض للمشتري بموجب البند رقم (4) وهو تاريخ توفير الوصول للبناء الأساسي على قطعة الأرض للمشتري، البنية التحتية للبائع تعني البنية التحتية المقرر تطويرها من قبل البائع بخصوص قطعة الأرض والأجزاء الأخرى من مجمع مدينة العرب، ونص بالبند (1-6) على أنه قبل أو عقب تحرير هذه الاتفاقية تم تزويد المشتري بمجلد مربع بملفين يحتويان على مسودة تعليمات إدارة التطوير يقر المشتري بموجبه باستلامه، كما نص بالبند رقم (4-1) التسليم على أنه مع مراعاة البنود (4-4) و(2-4) و(5-6) سيكون التسليم بين (6) أشهر أو ثمانية عشر شهراً من التاريخ المبين بالبند (1) من التفاصيل ويجب اعتبار تاريخ التسليم فقط محدد عند إرسال إشعار خطي به من البائع إلى المشتري ويتعهد البائع بإرسال هذا الإشعار خطيا خلال (60) يوماً على الأقل قبل تاريخ التسليم، ونص بالبند (4-3) على أنه يعلن ويتفهم المشتري أنه في تاريخ التسليم لا يحق للبائع البدء في بناء البنية التحتية للبائع، ونص بالبند رقم (4-4) على أنه يعلن ويتفهم المشتري بأن قطعه الأرض تم بيعها كما هي بموجب الأحكام المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، ونص بالبند (6-1) على أنه يتعهد ويوافق المشتري على ما يلي (أ) يكون مجمع مدينة العرب جزءً من المجمع الرئيسي والذي بشروطه يتم تطوير المجمع الرئيسي وقطعه الأرض والأراضي المجاورة، ونص بالبند رقم (8-8) على أنه يحق للمشتري البدء في إنشاء المباني اعتبارا من تاريخ التسلم حسب التزام المشتري بأحكام القوانين والمراسيم واللوائح والقرارات وحصوله على الموافقات والتصريحات اللازمة للبدء بعملية الإنشاء، ولكن على أي حال يلتزم المشتري بالبدء في الإنشاء في موعد أقصاه عامين من تاريخ التسليم، ونص بالبند (8-5) على أنه على المشتري تقديم مخطط تصوري بموجب الأحكام المنصوص عليها بإرشادات الرقابة على التنمية، ونص بالبند رقم (8-17) على أنه يقر المشتري أنه خلال إنشاء المباني وبعد اكتمالها قد يكون مجمع العرب والمجمع الرئيسي غير مكتملين، ونص بالبند رقم (9-1) على أنه يتعهد البائع بإكمال البنية التحتية للبائع وفقا لنطاق الأعمال الخاص بالبائع. وكان مفاد هذه النصوص مجتمعة يكشف وبجلاء أن إرادة المتعاقدين اتجهت إلى تحديد تاريخ تسليم قطعة الارض للمشترى اعتبارا من التاريخ الذي يتمكن فيه البائع من توفير الوصول للبناء الأساسي على قطعة الأرض للمشتري ويتم تحديده بموجب إشعار خطي يرسل إليه من البائع، وأن المشتري كان على علم وقت التعاقد بأنه في تاريخ التسليم قد يكون البائع لم يبدأ بعد في أعمال البنية التحتية وقد قبل شراء قطعة الأرض بالحالة التي كانت عليها بموجب الأحكام المنصوص عليها بالاتفاقية وأنها تخضع لشروط التطوير الخاصة بمجمع مدينة العرب والمجمع الرئيسي وان أعمال البناء قد تستمر بعد تاريخ التسليم وأثناء وبعد التطوير. لما كان ذلك وكان الثابت بتقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة الذي تطمئن إليه هذه المحكمة أن البائعة وفرت طريقاً ممهداً يمكن المشتري (المدعية أصليا) من الوصول إلى قطعة الأرض محل التداعي، وبتاريخ 27/9/2007 أرسلت المدعى عليها الأولى إخطارات للمدعية لاـستلام الأرض بالبريد الالكتروني والذي أكدت المدعية استلامه وبتاريخ 29/5/2008 قامت المدعية بمخاطبة المدعى عليها الأولى لمنحها أجل لاستكمال السداد لقيامها بعمليات إعادة هيكلة للشركة كما أخطرتها بتاريخ 29/11/2008 لمنحها أجل 6 أشهر لاستكمال السداد، وعليه فإن المدعى عليها الأولى تكون قد قامت بالإجراءات الصحيحة بإخطار المدعية وأن عدم الاستلام كان بسبب تعثرها وعدم إمكانيتها من استكمال الأقساط ولذلك فإن مسئولية عدم الاستلام تقع عليها، كما أصدرت المدعى عليها الأولى دليل إرشادات الرقابة على التطوير النهائي وقدمت مخاطبات تثبت إرسالها دليل الإرشادات الخاصة بالتطوير بتاريخ 4/6/2007 وبمراجعة الخطاب المذكور تبين أنه مرفق به خريطة التخطيط واشتراطات التطوير التخطيطية وهذه المعلومات كانت كافية للمدعية للبدء بأعمال التطوير الفرعي سواء مع الجهات المختصة أو بعمل التصميم مع الاستشاري الخاص بها لذلك فإن المدعى عليها قامت بتنفيذ التزامها في هذا الشأن على النحو الوارد بالعقد، وبالنسبة للبنية التحتية فقد قدمت تقرير استشاري أفاد أن نسبة انجاز البنية التحتية للمشروع (32,61%) وهذه النسبة خاصة بالمشروع ككل، وبالمعاينة على الطبيعة فإن نسبة الإنجاز بالمنطقة التي تقع بها قطعة الارض محل التداعي صفر إلا أنه لا يشترط على المطور الرئيسي إنهاء كافة أعمال البنية التحتية قبل بدء أعمال المطور الفرعي حيث إن الأرض محل الدعوى يمكن الوصول إليها عبر طرق ممهدة وهو كل ما يحتاجه المطور الفرعي (المدعية أصليا) إلا أنها لم تقم بأي من أعمال التطوير سواء استلام الارض أو إعداد مخططات هندسية أو مراجعة الدوائر الحكومية لبدء العمل وكان البين أن عقد البيع على النحو السالف بيانه قد خلى مما يفيد التزام المستأنفتين تقابلاً -المدعى عليهما أصلياً- بإنجاز البنية التحتية في تاريخ محدد أو إنجاز كافة أعمال البنية التحتية للمشروع قبل بدء أعمال التطوير الفرعية، بل أن المدعية أصليا وفقا لشروط العقد كانت على علم وقت التعاقد بأنه في تاريخ التسليم قد يكون البائع لم يبدأ في إنشاء البنية التحتية وأن أعمال البناء قد تستمر بعد تاريخ التسليم وأثناء وبعد التطوير وإنما يكون على البائع إنهاء أعمال البنية التحتية كاملة مع الانتهاء من تطوير قطعة الأرض فضلاً عن أن الثابت من التقرير أن أعمال البنية التحتية لا تمنع المدعية أصليا من التطوير في قطعة الأرض، ومن جماع ما تقدم وأخذاً بما أتفق عليه المتعاقدان بعقد البيع وما انتهى إليه الخبير بتقريره تخلص المحكمة إلى أن المدعية أصلياً-المستأنف ضدها تقابلاً- هي الطرف المقصر في تنفيذ التزاماته وليس المدعى عليهما وبالتالي فلا يكون من حقها المطالبة بفسخ العقد حيث إنه يشترط في طالب الفسخ ألا يكون هو المقصر في تنفيذ التزامه]]، كما أضاف أنه [[عن الدعوى المتقابلة فإنه ولما كانت المدعية تقابلا-المستأنفة الأولى تقابلا- تطالب بسداد باقي الثمن والذي يقدر بمبلغ "17،631،286،40" درهماً ومبلغ "40،961،654" درهماً فوائد التأخير الاتفاقية المحتسبة بواقع 1% شهريا اعتبارا من تاريخ استحقاق الأقساط غير المسددة في 23-10-2008 وحتى 15-10-2019 وما يستجد منها حتى تمام السداد عملا بالبندين (1/1) و(3/4) من شروط العقد، وعن طلب سداد باقي الثمن، فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم الى رفض طلب الفسخ تأسيسا على إخلال المستأنف ضدها تقابلا -المدعى عليها تقابلا- بالتزاماتها، وكان الثابت من تقرير الخبير أن المتبقي عليها من باقي ثمن قطعة الأرض بعد خصم المسدد منها هو مبلغ "17،631،286,40" درهماً، وكان الثابت طبقاً لجدول الدفع المبين بالعقد حلول ميعاد سداده ومن ثم يتعين على المستأنف ضدها نفاذاً لذلك العقد سداد هذا المبلغ]]، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله معينه الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لحجج الطاعنة، ومن ثم فإن نعي الطاعنة عليه في هذا الخصوص يضحى جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز وبالتالي غير مقبول، 
كما أن النعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو بما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، إذ كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه عند تصديه للفصل في طلب الفوائد التاخيرية من أنه عن ((طلب المدعية تقابلا بفوائد التأخير الاتفاقية من 23-10-2008 وحتى 15-10-2019 وما يستجد منها حتى تمام السداد، فإنه ولئن كان طرفي العقد قد اتفقا في البندين (1/1) و(3/4) منه على معدل الغرامة بنسبة 1% شهرياً تستحق من تاريخ استحقاق أي مبالغ واجبة السداد من قبل المشتري بموجب شروط هذه الاتفاقية، إلا أنه ولما كان الثابت من الأوراق وجود خطأ من جانب المدعية تقابلا -المستأنفة الأولي- تمثل في البطء الشديد بشان تنفيذ أعمال البنية التحتية حيث إنها قد نفذت منها 32% فقط من إجمالي البنية التحتية الخاصة بالمشروع، والمنطقة الكائنة بها الأرض موضوع الدعوى لم يبدأ بها أي أعمال بنية تحتية حتى تاريخه، وهو ما تخلص معه المحكمة إلى وجود خطأ مشترك فيما بين طرفي الدعوي المتقابلة بما لا تستحق معه المدعية تقابلا قيمة الغرامة التأخيرية التي تعد بمثابة تعويض اتفاقي لمشاركتها في الخطأ.)) فان ذلك الشق من الحكم وما انتهى اليه يدل على قصد المحكمة الواضح في أن هناك إخلالاً من جانب المطعون ضدها في تنفيذ العقد، وأن هذا الإخلال وإن كان لا يرقى إلى مرتبة فسخ التعاقد إلا أنه يحرمها من استحقاق الغرامة التأخيرية، وهو ما حقق مصلحة للطاعنة ولا يعد تناقضاً مع ما سبق وأن انتهى إليه الحكم من إخلال الأخيرة بالتزاماتها، مما يكون معه النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد في هذا الخصوص قائما على غير أساس. 
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، مع مصادرة مبلغ التأمين.

الطعن 3 لسنة 2021 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني جلسة 27 / 1 / 2021

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 27-01-2021 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 3 لسنة2021 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
شركة علي واولاده مملوكة لشركة علي واولادة القابضة شركة الشخص الواحد ذ.م.م

مطعون ضده:
ريم الإمارات للسيارات (ش ذ م م)
محمد سليم طاهر غلام حسين

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2020/638 طعن تجاري
بتاريخ 30-12-2020
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ د . محسن ابراهيم وبعد المداولة. 
حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصـل في أن الطاعنة (شركة على وأولاده - مملوكة لشركة على وأولاده القابضة - شركة الشخص الواحد - ذ.م.م.) تقدمت بطلب استصدار أمر الأداء رقم (873) لسنة 2019 على كل من المطعون ضدهما الأولى (ريم الامارات للسيارات - ش.ذ.م.م.) والثاني (محمد سليم طاهر غلام حسين الدعوى) بطلب صدور الأمر بإلزامهما بأن يؤديا إليها مبلغ (2،049،275) درهما والفائدة بواقع (12%) من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، على سند من إنه بموجب تعاملات تجارية بين الطرفين وردت الطاعنة للمطعون ضدهما عدة سيارات تحرر عن قيمتها اثنى عشر شيكاً بمبلغ (2،049،275) درهما مسحوبة من حساب المطعون ضدها الأولى على بنكي أبوظبي الأول ورأس الخيمة ومذيلة بتوقيع المطعون ضده الثاني، إلا أن تلك الشيكات ارتدت دون صرف لعدم كفاية الرصيد، فأنذرت الطاعنة المطعون ضدهما بالتكليف بالوفاء بموجب إنذار عدلي مؤرخ في 30 مايو 2019 دون جدوى، ولذا فهي تتقدم بطلبها الماثل. وبتاريخ 25 مايو 2019 أصدر القاضي المختص أمرا بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعنة مبلغ (2،049،275) مليونين وتسعة وأربعين ألفا ومائتين وخمسة وسبعين درهما والفائدة القانونية بواقع 9% سنويا من تاريخ استحقاق كل شيك وحتى السداد التام. , استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم (1914) لسنه 2019 تجاري. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 17 يونيو 2020 بإلغاء الأمر المستأنف وعدم قبوله. طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 638 تجاري وذلك بصحيفة مودعة الكترونيا بتاريخ 5 يوليو 2020 بطلب نقض الحكم المطعون فيه والإحالة أو التصدي والقضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، ولم يستخدم المطعون ضدهما حق الرد. 
وحيث ان الدائرة المعروض عليها الطعن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 30 ديسمبر 2020 إحالته للهيئة العامة لمحكمة التمييز وذلك عملا بالفقرتين الثانية والرابعة من البند (أ) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي وذلك للنظر في مسألتين، أولهما العدول عن المبدأ الذي قررته أحكام سابقة، وثانيهما في النزاع حول تعارض الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة. وأما المسألة الأولى فهي العدول عن المبدأ السابق الذي أقرته محكمة التمييز فيما انتهى إليه من أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي بديلة عن ورقة التكليف بالوفاء، وأن بطلان إعلان التكليف بالوفاء لا يترتب عليه عدم قبول أمر الأداء، والمسألة الثانية هي التعارض بين الأحكام السابقة بشأن ما إذا كان صدور حكم ببطلان الحكم المستأنف لصالح أحد المدينين المتضامنين في الاستئناف المرفوع منه لبطلان إعلانه بصحيفة الدعوى - وهو عيب ذاتي خاص به وحده - يستفيد منه باقي المدينين المحكوم عليهم بالتضامن معه أم لا، إذ انتهت أحكام سابقة إلى أن صدور ذلك الحكم يستفيد منه باقي المدينين المحكوم عليهم بالتضامن، في حين انتهت أحكام أخرى إلى أن بطلان الحكم المستأنف لبطلان إعلان أحد المحكوم عليهم بالتضامن لا يستفيد منه الباقون. 
وإذ اعيد قيد الطعن برقم 3 لسنة 2021 هيئة عامة 
----------------------
1 - وحيث انه من المقرر ان إجراءات التقاضي من النظام العام، فإذا رسم القانون طريقا معينا لرفع الدعوى فيجب على المدعى التزامه وإلا كانت دعواه غير مقبولة، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة (63) من قرار مجلس الوزراء رقم (58) لسنة 2018 بإصدار اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية ? الساري على الاجراء محل النزاع - أنه (على الدائن أن يكلف المدين أولا بالوفاء في ميعاد خمسه أيام على الأقل ثم يستصدر أمرا بالأداء من قاضى المحكمة التي يقع في دائرتها المدين، ولا يجوز أن يكون الحق الوارد في التكليف بالوفاء أقل من المطلوب في عريضة استصدار الأمر بالأداء، ويكون التكليف بالوفاء بأي وسيلة من وسائل الإعلان المحددة في هذه اللائحة.) مفاده إنه يتعين قبل استصدار أمر الأداء تكليف المدين بالوفاء في ميعاد خمسة أيام على الأقل، ويكون الإعلان بالتكليف بأي وسيلة من وسائل الإعلان المحددة في هذه اللائحة، وهو إجراء لازم وضروري يترتب على تخلفه عدم قبول الأمر، وأنه إذا كان الإعلان بالتكليف باطلا وتمسك صاحب المصلحة بهذا البطلان تعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الأمر لبطلان التكليف بالوفاء، ولا تعد العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء بديلا عن الإعلان بالتكليف بالوفاء، إذ أن تلك العريضة لا يتم إعلانها للمدين الذي لا يتصل علمه بالطلب إلا عن طريق إعلانه بالتكليف بالوفاء. لما كان ذلك، وكان المبدأ السابق صدوره من هذه المحكمة والمطلوب العدول عنه قد نحى غير هذا المنحى بمقولة إن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي بديلة عن ورقة التكليف بالوفاء، وأن بطلان إعلان المدين بالتكليف بالوفاء لا يترتب عليه عدم قبول أمر الأداء، لذا فان الهيئة العامة تقرر العدول عن هذا المبدأ وفقا لما سلف بيانه. 
2 - وحيث إن مفاد نص المادة (156) من قانون الإجراءات المدنية يدل على أن المشرع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها والتي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره، وهى الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف المشرع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة مما يؤدي إلى صعوبة تنفيذها بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذا في مواجهة الخصوم في الحالات التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحدا بعينه، وأن أثر ذلك هو استفادة الخصم من نقض الحكم في الطعن المقام من غيره متى كان نقض الحكم لا يرجع لعيب ذاتي خاص بالطاعن، بينما لا تتحقق هذه العلة إذا كان نقض الحكم الصادر في التزام بالتضامن أو إلغائه لعيب ذاتي لأحد المدينين المتضامنين كبطلان إعلانه بالخصومة التي صدر فيها الحكم، ومن ثم فلا يستفيد منه باقي المحكوم عليهم بالتضامن معه ما لم يكن التزامهم تابعا لالتزامه كالتزام المدين وكفلائه المتضامنين، فيستفيد الكفلاء في هذه الحالة من طعن المدين الأصلي بينما لا يستفيد هو وباقي الكفلاء من الطعن المقام من أحدهم، لذا فان الهيئة العامة تقرر العدول عن المبدأ الذى أقرته أحكام سابقة مناقضا لما سلف بيانه .
----------------------
وحيث ان الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ انتهى في قضائه إلى بطلان الأمر المستأنف وعدم قبوله تأسيسا على بطلان إعلان المطعون ضده الثاني (المستأنف) بالتكليف بالوفاء، بمقولة إنه تم إعلانه على مقر الشركة المطعون ضدها الأولى، وأن هذا المقر لا يعتبر موطناً أو محل إقامة له، مما يبطل الإعلان، هذا في حين أن الفقرة الأولى من المادة (63) من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية قد نصت في عجزها على أن يكون التكليف بالوفاء بأي وسيلة من وسائل الإعلان المحددة في اللائحة - دون اشتراط ترتيب - وان الطاعنة أعلنت المطعون ضده الثاني على مقر عمله بحسبانه العنوان الوحيد المعلوم لديها، وذلك عملا بنص المادة (6/د) من اللائحة سالفة الذكر، وبعد أن تبين للقائم بالإعلان أن المكان مغلق تم لصق التكليف على محل عمله، ومن ثم فقد بات هذا الإعلان صحيحا ومنتجا لأثاره القانونية، وإذ خالف الحكمالمطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه. 
وحيث ان هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن إجراءات التقاضي هي من القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام، فإذا رسم القانون طريقا معينا لرفع الدعوى فيجب على المدعي التزامه وإلا كانت دعواه غير مقبولة، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة (63) من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية رقم (57) لسنة 2018على أنه (على الدائن أن يكلف المدين أولا بالوفاء في ميعاد خمسه أيام على الأقل ثم يستصدر أمرا بالأداء من قاضي المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدين، ولا يجوز ان يكون الحق الوارد في التكليف بالوفاء أقل من المطلوب في عريضة استصدار الأمر بالأداء، ويكون التكليف بالوفاء بأي وسيلة من وسائل الإعلان المحددة في هذه اللائحة.)، وفي البند (1) من المادة (6) من اللائحة على أنه ((يتم إعلان الشخص المعلن إليه بأي من الطرق الأتية: أ- ...ب- ... ج... د-في محل عمله، وإذا لم يوجد الشخص المطلوب إعلانه فعليه أن يسلم الصورة لرئيسه في العمل أو لمن يقرر انه من القائمين على إدارته أو من العاملين فيه. ه-...))، وفي البند الثالث من ذات المادة على أنه ((إذا تعذر إعلان المطوب إعلانه وفق البند (1) من هذه المادة يعرض الأمر على مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص أو رئيس الدائرة بحسب الأحوال، للتحري من جهة واحدة على الأقل من الجهات ذات العلاقة ثم إعلانه بالنشر في صحيفة يومية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية، وبصحيفه أخرى تصدر بلغة أجنبية إن اقتضى الأمر وكان المطلوب إعلانه اجنبيا.))، يدل على أنه يتعين قبل استصدار الأمر تكليف المدين بالوفاء في ميعاد خمسة أيام على الأقل، وبكون إعلان التكليف بأي وسيلة من وسائل الإعلان المحددة في هذه اللائحة، وهو إجراء لازم وضروري يترتب على مخالفته عدم قبول الامر، وإنه إذا كان الإعلان بالتكليف باطلا وتمسك صاحب المصلحة بهذا البطلان تعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الأمر لبطلان التكليف بالوفاء، ولا تعد العريضة التي تقدم لإصدار أمر الأداء بديلة عن الإعلان بالتكليف بالوفاء، إذ أن تلك العريضة لا يتم إعلانها للمدين الذى لا يتصل علمه بالطلب إلا عن طريق إعلانه بالتكليف بالوفاء. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن القائم بالإعلان توجه إلى مقر الشركة الطاعنة الأولى لإعلان المطعون ضده الثاني عليها فوجد المكان مغلقا وخال من الداخل، فتم إعلان المطعون ضده الثاني باللصق، في حين أنه كان يتعين بعد أن تعذر تسليم الإعلان للمطلوب إعلانه عرض الأمر على مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص للتحري عن المطلوب إعلانه من جهة واحدة على الأقل من الجهات ذات العلاقة ثم إعلانه بالنشر في صحيفة يومية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية، وبصحيفة أخرى تصدر بلغة اجنبية إن اقتضى الأمر وكان المطلوب إعلانه أجنبيا، وإذ لم يتم اعلان المطعون ضده الثاني بتلك الكيفية وعلى النحو الذى رسمه القانون، وتمسك الأخير ببطلان إعلانه بالتكليف بالوفاء بما يبطل معه هذا التكليف ويضحى حابط الأثر، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان التكليف بالوفاء قبل المطعون ضده الثاني فان النعي عليه بما ورد بهذا السبب يكون قائما على غبر أساس. 
وحيث ان الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ انتهى في قضائه إلى أن بطلان الأمر بالنسبة للمطعون ضده الثاني لبطلان التكليف بالوفاء ينسحب أيضاً على الشركة المطعون ضدها الأولى، بما لازمه القضاء بإلغاء الأمر المستأنف وعدم قبوله أيضاً بالنسبة لها، حال أن بطلان إعلان التكليف بالوفاء بالنسبة للمطعون الثاني - على فرض وجوده - كان لعيب ذاتي خاص به لا يستفيد به غيره إعمالا لقاعده الأثر النسبي للبطلان، بما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه قصر آثار بطلان إعلان المطعون ضده الثاني عليه وحده ولا تستفيد منه المطعون ضدها الأولى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه. 
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة (156) من قانون الإجراءات المدنية يدل على أن المشرع - بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها والتي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره، وهى الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام اشخاص معينين، وقد استهدف المشرع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة مما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذا في مواجهة الخصوم في الحالات التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحدا بعينه، وأن أثر ذلك هو استفادة الخصم من نقض الحكم في الطعن المقام من غيره متى كان نقض الحكم لا يرجع لعيب ذاتي خاص بالطاعن، بينما لا تتحقق هذه العلة إذا كان نقض الحكم الصادر في التزام بالتضامن أو إلغائه لعيب ذاتي لأحد المدينين المتضامنين كبطلان إعلانه بالخصومة التي صدر فيها الحكم، ومن ثم فلا يستفيد منه باقي المحكوم عليهم بالتضامن معه ما لم يكن التزامهم تابعا لالتزامه كالتزام المدين وكفلائه المتضامنين، فيستفيد الكفلاء في هذه الحالة من طعن المدين الأصلي بينما لا يستفيد هو وباقي الكفلاء من الطعن المقام من أحدهم. 
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى في قضائه إلى إلغاء أمر الأداء المستأنف وعدم قبوله قبل المطعون ضده الثاني لبطلان إعلانه بالتكليف بالوفاء، وانسحاب هذا البطلان على الشركة المطعون ضدها الأولى، حال أن هذا البطلان كان لعيب ذاتي خاص ببطلان إعلان المطعون ضده الثاني بالتكليف بالوفاء، ومن ثم فلا تستفيد منه الشركة المطعون ضدها الأولى، فإن الحكم يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص. 
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء في الاستئناف رقم (1914) لسنة 2019 تجارى بإلغاء الحكم المستأنف قبل المستأنف محمد سليم طاهر فقط دون ان ينسحب إثر هذا البطلان الى المستأنف ضدها الأولى. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة منعقدة بالهيئة العامة بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من إلغاء الأمر المستأنف وعدم قبوله قبل الشركة المطعون ضدها الأولى، وبإلزامها المصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التامين، وفي الاستئناف رقم (1941) لسنه 2019 تجارى - وفي حدود الشق المنقوض من الحكم -بإلغاء الأمر المستأنف وبعدم قبوله قبل المستأنف وبإلزام المستأنف ضدها الأولى المصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل اتعاب المحاماة.