الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 مارس 2023

الطعن 592 لسنة 34 ق جلسة 4 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 41 ص 250

جلسة 4 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

--------------

(41)
الطعن رقم 592 لسنة 34 القضائية

(أ) إثبات. "الإقرار". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الإقرار غير القضائي".
الإقرار المكتوب الصادر في غير مجلس القضاء. غير ملزم حتماً. خضوعه لتقدير قاضي الموضوع.
(ب) عمل. "وقف تنفيذ فصل العامل". حكم. "حجية الحكم المستعجل". قضاء مستعجل.
الحكم بوقف تنفيذ فصل العامل الصادر من القضاء المستعجل لا يقيد محكمة الموضوع عند نظر دعوى التعويض عن الفصل.
(ج) عمل. "إثبات تقاضي الأجر". إثبات. "عبء الإثبات". نظام عام.
الأصل أن العامل غير مكلف بإثبات ما يدعيه من متأخر الأجر. جواز الاتفاق على مخالفة ذلك صراحة أو ضمناً. قواعد الإثبات ليست من النظام العام.

------------------
1 - الإقرار المكتوب الذي يصدر في غير مجلس القضاء، لا يكون ملزماً حتماً بل يخضع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لتقدير قاضي الموضوع، الذي يجوز له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً، أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أو مجرد قرينة، كما يجوز ألا يأخذ به أصلاً.
2 - الحكم المستعجل الصادر بوقف تنفيذ قرار فصل العامل، هو حكم يصدره قاضي الأمور المستعجلة بإجراء وقتي وفقاً لنص المادة 75 من قانون العمل، لا يمس أصل الحق ولا يعتبر فاصلاً فيه، وهو لا يجاوز في تقريره نطاق الدعوى المستعجلة. فلا يقيد محكمة الموضوع عند النظر في دعوى التعويض عن الفصل بغير مبرر.
3 - مؤدى النص في المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 أن العامل غير مكلف بإثبات ما يدعيه من متأخر الأجر، قبل استبعاد نظام السراكي لنص المادة 49 من القانون رقم 91 لسنة 1959، إلا أن قواعد الإثبات في المواد المدنية ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد صالح الفخفاخ قدم شكوى إلى مكتب العمل بدمنهور ضد محمد أبو المجد علي، طالباً وقف تنفيذ قرار فصله الصادر في 4/ 1/ 1962، ولم يتمكن المكتب من تسوية النزاع وأحاله إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة دمنهور وقيد بجدولها برقم 32 سنة 1962، وفي 27/ 2/ 1962 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المدعى عليه بأن يؤدي إلى المدعي أجره بواقع اثنى عشر جنيهاً شهرياً من تاريخ الفصل الحاصل في 4/ 1/ 1962 وبإحالة موضوع النزاع إلى محكمة بندر دمنهور، وقيدت الدعوى برقم 214 سنة 1962 بندر دمنهور وطلب الحكم بإلزام المدعى عليه محمد أبو المجد بأن يدفع له مبلغ 1208 ج والمصروفات، وقال بياناً للدعوى إنه التحق بالعمل في وظيفة كاتب حسابات لدى مورث المدعى عليه بأجر شهري قدره 12 ج من أغسطس سنة 1943 وأن المدعى عليه خلف مورثه في إدارة العمل بعد وفاته في 20/ 7/ 1959، وأنه استمر في خدمته حتى 23/ 12/ 1961 حيث عهد إليه بعمل آخر قصد فصله، وكلفه القيام ببعض الأعمال ثم فصله في 4/ 1/ 1962، وإذ يستحق مبلغ 630 ج فرق علاوة غلاء المعيشة في المدة من 30/ 3/ 1950 حتى ديسمبر سنة 1961 بواقع 4 ج و500 م شهرياً، 148 ج و500 م مقابل إجازات بواقع مرتب نصف شهر عن كل سنة و15 ج باقي مرتب في ذمة المورث و248 ج مكافأة نهاية الخدمة و16 ج و500 م مرتب شهر بدل الإنذار و150 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 16/ 4/ 1962 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 311 لسنة 1962 كلي دمنهور وأدخل فيها المدعي باقي ورثة المرحوم أبو المجد علي، وطلب الحكم بإلزام جميع الورثة مع المدعى عليه بصفته الشخصية بأن يدفعوا من تركة مورثهم مبلغ 1208 ج والمصاريف. وبتاريخ 11 مايو سنة 1963 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي، أنه كان يعمل عند مورث المدعى عليهم المرحوم أبو المجد علي ومن بعده المدعى عليه الأول ابتداء من أغسطس سنة 1943 بمرتب شهري قدره اثنى عشر جنيهاً، وأن هذا الأخير فصله في 4/ 1/ 1962 بدون مبرر ودون عذر مقبول، وليثبت كذلك أنه كان يداين المورث بمبلغ خمسة عشر جنيهاً قيمة أجر متأخر وأنه لم يحصل على إجازته السنوية، ولم يحضر أحد من الطرفين شهوداً. وبتاريخ 21 ديسمبر سنة 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 699 سنة 69 قضائية. وبتاريخ 29 أكتوبر سنة 1964 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب الحارس على المطعون ضدهما الأول والسادس رفض الطعن، ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث، أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وخالف الثابت بالأوراق من وجوه، (أولها) أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان يعمل كاتب حسابات لدى مورث المطعون عليهم بمرتب مقداره 12 ج في الشهر من 1/ 8/ 1943 حتى وفاة المورث سنة 1959، واستمر في عمله لدى المطعون عليه الأول حتى فصله دون مبرر في 4/ 1/ 1961، واستدل على ذلك بإقرار المطعون عليه الأول بقيام الطاعن بعمله واستحقاقه في تركة المورث مبلغ 162 ج و600 م مكافأة عن مدة خدمته واستحقاقه مرتب شهر ديسمبر سنة 1959 متأخر في ذمة المطعون عليه الأول حسبما هو ثابت بالمستندات التي وقع عليها، وهي كشف مؤرخ 20/ 1/ 1960 وإقرار مؤرخ 17/ 5/ 1960 ومحضر جرد تركة مورثه، ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى استناداً إلى أن الطاعن عجز عن إثبات ما يدعيه، وأغفل الرد على دفاعه، ولو أنه عنى ببحث هذه المستندات لتغير وجه الرأي في الدعوى (وثانيها) أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى، في حين أن الوقائع المتقدمة أوردتها محكمة أول درجة في حكمها الصادر قبل الفصل في الموضوع بتاريخ 4/ 5/ 1963 ولم ينفها المطعون عليهم (وثالثها) أن الثابت بأسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 32 سنة 1962 مستعجل دمنهور أن الطاعن لم يترك العمل إلا بعد إخطاره شفوياً بالفصل، وأن المطعون عليه الأول سمح له بالقيام بعد ذلك ببعض الأعمال حتى 4/ 1/ 1962. وإذ أرسل الإنذار في 3/ 1/ 1962 إلى الطاعن الذي استلمه في 9/ 1/ 1962 قبل مضي خمسة أيام على انقطاعه عن العمل فإنه لا يكون للمطعون عليه الأول الحق في فسخ العقد دون سبق إعلان ودون مكافأة أو تعويض، ولكن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بأسباب ذلك الحكم، وأقام قضاءه على اعتبار أن الطاعن تغيب عن العمل عشرة أيام متوالية دون سبب مشروع رغم سبق إنذاره.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول، بأنه علاوة على أن الطاعن لم يقدم بملف الطعن الكشف المؤرخ 20/ 1/ 1960، ولا يوجد بالأوراق ما يدل على أنه قدمه إلى محكمة الموضوع، وأن الإقرار الثابت بالورقة المؤرخة 17/ 5/ 1960 وبمحضر جرد تركة المرحوم أبو المجد علي المودعتين بالملف الابتدائي المنضم إنما صدر من المطعون عليه الأول، ويقتصر أثره عليه ولا يتعداه إلى غيره من المطعون عليهم الذين لم يوقعوا على هذا المحضر، أو تلك الورقة، فإن الإقرار المكتوب الذي يصدر في غير مجلس القضاء لا يكون ملزماً حتماً، بل يخضع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لتقدير قاضي الموضوع الذي يجوز له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أو مجرد قرينة، كما يجوز له ألا يأخذ به أصلاً، وإذ كان ذلك، وكان الثابت بالدعوى أن الطاعن استند في طلب التعويض والمكافأة إلى أنه التحق بالعمل لدى مورث المطعون عليهم في وظيفة كاتب حسابات بمرتب 12 جنيه في الشهر ابتداء من 1/ 8/ 1943، وأنه استمر في تنفيذ العقد بعد وفاة المورث في سنة 1959 حتى فصله المطعون عليه الأول الذي خلفه في إدارة العمل فصلاً تعسفياً دون مبرر في 4/ 1/ 1962، وجرى الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه على أن "المدعى عليهم، ورثة صاحب المنشأة المرحوم أبو المجد علي، فتكون علاقة العمل مستمرة بينهم وبين المدعي، هذا ولا يعتبر إدراج ما يستحقه المدعي من مكافأة محتسبة حتى تاريخ وفاة المورث إنهاء لعمله أو فصله منه" ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع المبدى من المدعى عليه بسقوط الدعوى بمضي سنة من تاريخ وفاة المورث، وأقام قضاءه برفض طلب التعويض والمكافأة استناداً إلى أن "الثابت من شكوى العامل المؤرخة 28/ 12/ 1961 أنه ضمنها القول بأنه في يوم 23/ 12/ 1961 كلفه المدعى عليه بتسليم العمل لآخر قاصداً فصله مما يستفاد منه انقطاعه عن العمل من اليوم التالي الموافق 24/ 12/ 1961 والمدعي لم ينكر ذلك، وثابت كذلك من الخطاب المؤرخ 3/ 1/ 1962 الذي تسلم للمدعي في 9/ 1/ 1962 كالثابت من علم الوصول المرفق بالأوراق أن المدعى عليه قد أنذره بالعودة إلى العمل وإلا اعتبر تاركاً له منذ انقطاعه عنه، الذي أرجعه المدعى عليه إلى يوم 21/ 12/ 1961 والخطاب مؤرخ 17/ 1/ 1962 أرسل بطريق البريد الموصى عليه مع علم الوصول أخطر المدعى عليه المدعي بفصله من العمل دون مكافأة أو تعويض لتغيبه بدون سبب مشروع أكثر من عشرة أيام متوالية وقد تسلم هذا الخطاب في 18/ 1/ 1962 كالثابت من علم الوصول" وإلى أن "ما زعمه المدعي أمام مكتب العمل من قيامه ببعض الأعمال يوم 4/ 1/ 1962 فلا دليل عليه" وهي تقريرات موضوعية سائغة، تنفي وصف التعسف عن الفصل، وتجعله مسنداً إلى تغيب الطاعن بدون سبب مشروع أكثر من عشرة أيام متوالية رغم سبق إنذاره كتابة من صاحب العمل بعد انقطاعه خمسة أيام وهي حالة يجوز فيها لصاحب العمل وفقاً لنص المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فسخ العقد دون سبق إعلان العامل ودون مكافأة أو تعويض، فلا يقبل من العامل الاحتجاج في هذه الحالة بإقرار رب العمل بمقدار ما كان يستحقه من المكافأة عن مدة خدمته أثناء سريان العقد قبل فسخه، ولا يكون الحكم إذ أطرح إقرار المطعون عليه الأول الصادر في محضر جرد تركة مورثه المتوفى سنة 1959 أو في الورقة المؤرخة 17/ 5/ 1960 قبل فسخ العقد قد شابه قصور في التسبيب. والنعي مردود في الوجه (الثاني) بأن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب علاوة الغلاء والأجر المتأخر ومقابل الإجازات، استناداً إلى أن هذه الأمور كانت موضوع الحكم الصادر في 11/ 5/ 1963 بالإحالة إلى التحقيق، وأن الطاعن لم يشهد أحداً على ما كلف به وعجز عن إثبات ما يدعيه. ومردود في الوجه (الثالث) بأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 32 لسنة 1962 مستعجل دمنهور بوقف تنفيذ قرار الفصل هو حكم يصدره قاضي الأمور المستعجلة بإجراء وقتي وفقاً لنص المادة 75 من قانون عقد العمل لا يمس أصل الحق ولا يعتبر فاصلاً فيه، وهو لا يجاوز في تقديره نطاق الدعوى المستعجلة فلا يقيد محكمة الموضوع عند النظر في دعوى التعويض عن الفصل بغير مبرر، وهو ما يؤكده النص المشار إليه في عبارته التي تجري بأن "على هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إن كان له محل" ومن ثم يكون في غير محله التحدي بأن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالحكم الذي صدر بوقف قرار الفصل.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب المتأخر من الأجر ومقابل الإجازات وفرق إعانة غلاء المعيشة ومكافأة نهاية الخدمة مستنداً في ذلك إلى عجز الطاعن عن الإثبات، هو من الحكم خطأ في تطبيق القانون من وجهين (الأول) أن رب العمل هو المكلف بإثبات الوفاء بأجر العامل، وأن المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 لا تجيز لرب العمل إثبات الوفاء إلا بالكتابة، ولم يقدم المطعون عليهم هذه الدليل، ولكن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بالإحالة إلى التحقيق كلف الطاعن بالإثبات. (الثاني) أن الحكم اقتضى إقامة الدليل على إثبات استمرار الطاعن في العمل لدى المطعون عليه بعد وفاة مورثه وعلى مكافأة نهاية الخدمة، في حين أن المطعون عليه اعترف بذلك في محضر جرد التركة والإقرار المؤرخ 17/ 5/ 1960 وفي الدعوى رقم 32 سنة 1962 مستعجل دمنهور.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول أن النص في المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 على أنه "يجب على صاحب العمل تحرير سركي من صورتين لكل عامل يسلمه إحداها ويحتفظ بالأخرى ولا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إذا لم يوقع العامل بتسلمه" - وإن كان يدل بالاقتضاء على أن العامل غير مكلف بإثبات ما يدعيه من متأخر الأجر قبل استبعاد نظام السراكي بنص المادة 49 من القانون رقم 91 سنة 1959، إلا أن قواعد الإثبات في المواد المدنية ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً. ولما كان الثابت بالأوراق أنه ورد بالمذكرة التي قدمها الطاعن إلى محكمة أول درجة وأشر عليها وكيل المدعى عليه الأول باستلام صورتها بتاريخ 7/ 4/ 1963 أن المدعي على أتم الاستعداد للإثبات بكافة الطرق وأن المحكمة قضت بتاريخ 11/ 5/ 1961 بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ما يدعيه, ويبين من محاضر التحقيق أن الطاعن طلب تأجيل التحقيق أكثر من مرة لإعلان شهوده وأجابته المحكمة إلى طلبه، ولكنه لم يقدم شهوداً ولم يبد اعتراضاً على هذا الحكم في مذكرته التي قدمها أثناء حجز الدعوى للحكم، كما لم ينع في استئنافه على قضاء ذلك الحكم شيئاً, فإن هذا يكون قاطعاً في الدلالة على قبوله للإثبات بالبينة يمتنع معه على محكمة الاستئناف أن تتعرض له، ولا يكون الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في هذا الخصوص قد أخطأ في القانون. والنعي في الوجه (الثاني) مردود بأن الحكم المطعون فيه على ما سبق الرد به أقام قضاءه برفض مكافأة نهاية الخدمة على أن فصل الطاعن كان بسبب فسخ العقد إعمالاً لنص المادة 76 من قانون عقد العمل، فلا يصلح الاحتجاج في هذه الحالة بمقدار المكافأة التي أقر بها صاحب العمل أثناء سريان العقد، ولا يكون الحكم إذ لم يعتد بهذا الإقرار قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 443 لسنة 34 ق جلسة 4 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 40 ص 246

جلسة 4 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

--------------

(40)
الطعن رقم 443 لسنة 34 القضائية

عمل. "تحديد أجر العامل".
أجر العامل يحدد باتفاق الطرفين ولا يجوز تعديله إلا باتفاقهما بما لا ينزل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً. مجرد نقل العامل من نظام الأجر اليومي أو الأسبوعي إلى نظام الأجر الشهري، ليس من شأنه أن يزيد أو ينقص من أجر العامل.

-----------------
الأجر إنما يحدد باتفاق الطرفين ولا يجوز تعديله إلا باتفاقهما متى كان لا ينزل عن الحدود المقررة قانوناً، ومن ثم فإن مجرد نقل العامل من نظام الأجر اليومي أو الأسبوعي إلى نظام الأجر الشهري وإن كان يرتب للعامل بعض المزايا التي نص عليها قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، إلا أنه ليس من شأنه وحده أن يزيد أو ينقص من أجر العامل، ولا وجه للاستدلال في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959، الواردة في الفصل الخاص بالأحكام العامة من أن "تعتبر السنة في تطبيق أحكام هذا القانون 365 يوماً والشهر ثلاثين يوماً إلا إذا نص على خلاف ذلك" إذ المقصود منها هو كيفية حساب كل من الشهر والسنة وتحديد عدد أيام كل من هاتين الوحدتين الزمنيتين، بحيث إذا حدث خلاف بين العامل ورب العمل في هذا الصدد وجب الرجوع إلى هذه المادة لحسم الخلاف، ولا علاقة لها بالأجر الذي يحدد جزافاً باتفاق الطرفين عن كل وحدة زمنية. إذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وجرى في قضائه على أنه "لما كان نقل العامل من الأجر اليومي إلى سلك الشهرية يحمل في طياته ميزة الانتفاع بأيام الراحة التي لا يعمل فيها خلال الشهر، كان من الضروري احتساب أجر العامل باليومية المنقول إلى سلك الشهرية على أساس الأجر اليومي مضروباً في ثلاثين يوماً" فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج تقدمت بشكوى إلى مكتب عمل شرق الإسكندرية ضد الشركة المصرية لصناعة الجوارب "لابونترى" المندمجة في شركة النصر للملابس والمنسوجات، تطلب محاسبة الموظفين الذين رقتهم الشركة إلى سلك الشهرية بعد أن كانوا يتقاضون أجورهم باليومية على أساس أن الشهر ثلاثون يوماً وليس ستة وعشرين يوماً، وقالت شرحاً لشكواها، إن الشركة درجت على حساب الأجر الشهري لهؤلاء العمال على أساس الأجر اليومي مضروباً في 26 يوماً مخالفة بذلك نص المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959 مما اضطرها لتقديم الشكوى بطلباتها السابقة، ولم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع وأحاله على هيئة التوفيق التي أحالته على هيئة التحكيم بمحكمة استئناف الإسكندرية، وقيد بجدولها برقم 24 لسنة 1963. وبتاريخ 12/ 5/ 1964 قررت الهيئة قبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بإلزام الشركة المصرية لصناعة الجوارب "لابونترى" المندمجة في شركة النصر للملابس والمنسوجات باحتساب الأجر الشهري للعاملين المنقولين من السلك اليومي إلى السلك الشهري على أساس الأجر اليومي مضروباً في ثلاثين يوماً. طعنت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السبب الأول على القرار المطعون فيه، أنه قضى بإلزامها بأن تحتسب الأجر الشهري لعمالها المنقولين من السلك اليومي إلى السلك الشهري على أساس الأجر اليومي مضروباً في ثلاثين يوماً، مستنداً في ذلك إلى أن المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959 إذ نصت على أن الشهر يعتبر في تطبيق أحكام قانون العمل ثلاثين يوماً، فقد دلت على أنها لا تتحدث عن طريقة احتساب المكافآت والإجازات فحسب بل يتعين اعتبارها مبدأ عاماً يحكم جميع الحالات التي يتطلب الأمر فيها الرجوع إلى تقدير أيام الشهر، وأن نقل العامل من نظام الأجر اليومي إلى نظام الأجر الشهري يحمل في طياته ميزة الانتفاع بأيام الراحة التي لا يعمل فيها، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن الواضح من سياق المادة المذكورة أنها تنصرف إلى كيفية حساب كل من الشهر أو السنة وتحديد عدد أيام كل من هاتين الوحدتين الزمنيتين، فيرجع إلى هذا التحديد كلما أشارت نصوص القانون إليهما منعاً من اللبس الذي قد ينشأ من اختلاف أيام الشهر أو أيام السنة زيادة أو نقصاً واستقراراً للحقوق وتحقيقاً للمساواة حتى لا يستفيد أحد أو يضار من ميعاد يقصر تارة ويطول أخرى، ولا تنصرف البتة إلى تحديد الأجر، إذ المناط في هذا التحديد أنه يتم جزافاً وباتفاق الطرفين عن الشهر كله دون الاعتداد بعدد أيامه، ومتى حدد الاتفاق الأجر على هذه الصورة بات ملزماً للطرفين ولا يباح للعامل أن يطلب إلى القضاء زيادته وفقاً لأيام الشهر، لأن في ذلك تعديلاً للعقد وهو لا يكون إلا باتفاق الطرفين.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الأجر إنما يحدد باتفاق الطرفين ولا يجوز تعديله إلا باتفاقهما متى كان لا ينزل عن الحدود المقررة قانوناً، ومن ثم فإن مجرد نقل العامل من نظام الأجر اليومي أو الأسبوعي إلى نظام الأجر الشهري وإن كان يرتب للعامل بعض المزايا التي نص عليها قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، إلا أنه ليس من شأنه وحده أن يزيد أو ينقص من أجر العامل، ولا وجه للاستدلال في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959، الواردة في الفصل الخاص بالأحكام العامة من أن "تعتبر السنة في تطبيق أحكام هذا القانون 365 يوماً والشهر ثلاثين يوماً إلا إذا نص على خلاف ذلك" إذ المقصود منها هو كيفية حساب كل من الشهر والسنة وتحديد عدد أيام كل من هاتين الوحدتين الزمنيتين، بحيث إذا حدث خلاف بين العامل ورب العمل في هذا الصدد وجب الرجوع إلى هذه المادة لحسم الخلاف، ولا علاقة لها بالأجر الذي يحدد جزافاً باتفاق الطرفين عن كل وحدة زمنية، إذ كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أنه "لما كان نقل العامل من الأجر اليومي إلى سلك الشهرية يحمل في طياته ميزة الانتفاع بأيام الراحة التي لا يعمل فيها خلال الشهر، كان من الضروري احتساب أجر العامل باليومية المنقول إلى سلك الشهرية على أساس الأجر اليومي مضروباً في ثلاثين يوماً" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني.

الطعن 355 لسنة 34 ق جلسة 4 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 39 ص 242

جلسة 4 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي، وأحمد طوسون حسين.

----------------

(39)
الطعن رقم 355 لسنة 34 القضائية

اختصاص. "اختصاص ولائي". نقابات. "نقابة الصحفيين". قرار إداري.
القرارات التي تصدر من اللجنة العليا للقيد والتأديب بنقابة الصحفيين. قرارات إدارية صادرة بصفة نهائية. الطعن فيها ينعقد الاختصاص بالفصل فيه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون محكمة النقض.

-----------------
مؤدى نص المادتين 28 و74 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين، أن القرارات التي تصدر من اللجنة العليا للقيد والتأديب إنما هي قرارات إدارية صادرة بصفة نهائية. إذ كان ذلك وكانت المادة 11 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أنه "فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل والقرارات الصادرة من لجان قيد المحامين بالجدول العام وقبولهم للمرافعة أمام المحاكم الوطنية وتأديبهم، يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها". فإن الاختصاص بالفصل في هذا الطعن إنما ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون محكمة النقض. يؤيد ذلك أن المشرع في المادتين 45 و51 من القانون 185 لسنة 1955 المشار إليه لا يجيز الطعن أمام محكمة النقض إلا في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين وفي تشكيل مجلس النقابة وفي تجاوز المجلس أو الجمعية أغراضهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ ماري الباجلي قدمت طلباً إلى لجنة قيد وتأديب الصحفيين لتقرير معاش لها ولأولادها، وقالت شرحاً له إن زوجها المرحوم سلفاتور نسيم الباجلي كان يعمل بالصحافة وقيد اسمه بجدول النقابة في سنة 1945 وظل يباشر هذا النشاط إلى أن توفى في 7/ 9/ 1955، وإذ كانت تستحق هي وأولادها منه معاشاً من النقابة فقد انتهت إلى طلب تقرير هذا المعاش. وبتاريخ 22/ 5/ 1958 أصدرت اللجنة قرارها برفض الطلب، واستأنفت السيدة/ ماري الباجلي هذا القرار لدى اللجنة العليا للقيد والتأديب طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 12 سنة 1958. وبتاريخ 17/ 10/ 1960 قررت اللجنة قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف وتقرير حق ورثة الصحفي المتوفى لثلاثة أرباع المعاش طبقاً لما هو مبين بأسباب هذا القرار. وعند التنفيذ استشكلت النقابة وحكم بوقف تنفيذ القرار فعادت السيدة/ ماري الباجلي وطلبت إلى اللجنة العليا للقيد والتأديب تفسير قرارها وتحديد مقدار المعاش الصادر به القرار. وبتاريخ 31/ 3/ 1964 قررت اللجنة تفسير القرار على الوجه الآتي: (أولاً) "يستحق الصحفي المتوفى سلفاتور نسيم الباجلي معاشاً قدره 7 ج و500 م شهرياً على أساس ثلاثة أرباع المعاش الكامل الذي كان عشرة جنيهات شهرياً منذ بدأت النقابة في صرف أول معاش. (ثانياً) يخصم من هذا المبلغ ربعه استحقاقاً للنقابة طبقاً لأحكام المادة 10 من القانون رقم 61 لسنة 1951 ويكون الباقي هو 5.655 شهرياً. (ثالثاً) يقسم هذا الصافي الأخير مناصفة بين السيدة الطالبة ماري الباجلي وابنها القاصر آلين سلفاتور الباجلي فيكون المستحق لكل منهما 2 ج و813 م شهرياً. (رابعاً) يصرف هذا المبلغ اعتباراً من التاريخ الذي قامت النقابة فيه بصرف أول معاش لأي صحفي آخر وعلى أن يوقف صرف نصيب القاصر آلين من بلوغه سن الرشد تطبيقاً لأحكام المادة 11 من القانون رقم 61 لسنة 1951". طعنت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض القرار، ودفعت المطعون عليها بعدم اختصاص محكمة النقض بنظره، وطلبت من باب الاحتياط الحكم برفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة ودفعت بعدم اختصاص محكمة النقض بنظر الطعن.
وحيث إن المطعون عليها والنيابة العامة دفعتا بعدم اختصاص محكمة النقض بنظر الطعن، مستندتين في ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قرار إداري صدر نهائياً من هيئة عليا تعتبر من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، ومجلس الدولة وحده هو الجهة المختصة ولائياً بنظر الطعن فيه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 28 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين على أن "تؤلف اللجنة العليا للقيد والتأديب على الوجه الآتي: - رئيس محكمة استئناف مصر رئيساً ووكيل وزارة الإرشاد القومي أو من يندبه وزيرها والنائب العام أو من ينيبه عنه من المحامين العامين والنقيب أو ينيبه عنه مجلس النقابة من أعضائه سنوياً وعضو ينتخبه مجلس النقابة من بين أعضائه سنوياً - أعضاء، ويحدد رئيس اللجنة ميعاد انعقادها ومكانه، وتكون قراراتها نهائية". وفي الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 74 منه على أنه "ومع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة تتولى لجنة القيد المنصوص عليها في المادة (12) تصفية مراكز الصحفيين المقيدين بجدول النقابة القائم حتى تاريخ العمل بهذا القانون ولم يقيدوا وفق أحكام هذا القانون في جدول النقابة العام وفروعه، وذلك فيما يتعلق بالحقوق والامتيازات والإعانات والمعاشات التي حصلوا عليها تطبيقاً لأحكام القانونين رقمي 10 لسنة 1941 و61 لسنة 1951 المشار إليهما واللوائح التي صدرت تنفيذاً لها ويؤول للنقابة ما يبقى من أموال بعد التصفية وتستأنف قرارات هذه اللجنة أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة (28) خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغ القرار". يدل على أن القرارات التي تصدر من اللجنة العليا للقيد والتأديب إنما هي قرارات إدارية صادرة بصفة نهائية، إذ كان ذلك وكانت المادة 11 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة المقابلة للمادة 11 من القانون رقم 165 لسنة 1955، قد نصت على أنه "فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل والقرارات الصادرة من لجان قيد المحامين بالجدول العام وقبولهم للمرافعة أمام المحاكم الوطنية وتأديبهم، يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها" فإن الاختصاص بالفصل في هذا الطعن، إنما ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون محكمة النقض، يؤيد ذلك أن المشرع في المادتين 45 و51 من القانون رقم 185 لسنة 1955 المشار إليه لا يجيز الطعن أمام محكمة النقض إلا في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، وفي تشكيل مجلس النقابة، وفي تجاوز المجلس أو الجمعية العمومية أغراضهما.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الدفع والحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن.

الطعن 126 لسنة 34 ق جلسة 4 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 38 ص 236

جلسة 4 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

---------------

(38)
الطعن رقم 126 لسنة 34 القضائية

عمل. "إنهاء عقد العمل". إثبات. "عبء الإثبات".
للعامل الموقوف طبقاً لنص المادة 67/ 1 من قانون العمل 91 لسنة 1959 مركزاً قانونياً خاصاً. يفترض التعسف في صاحب العمل إذا هو رفض إعادته إلى عمله. صاحب العمل له الحق مع ذلك في إنهاء العقد الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع. عبء إثبات توافر المبرر يتحمله صاحب العمل لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً.

-----------------
مؤدى نصوص المواد 67/ 1، 2 و72/ 1 و74 من قانون العمل 91 لسنة 1959 أن المشرع بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من أنه "إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضي ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة ورأت السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضي ببراءته، مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إذا هو رفض إعادته إلى عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب. وهذا المركز الخاص لا يتعارض مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل الغير محدد المدة، إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر، لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد شفيق عثمان أقام الدعوى رقم 1189 سنة 1961 القاهرة الابتدائية ضد شركة لوفت هانزا للطيران الألماني بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 5000 ج والمصروفات بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 18/ 5/ 1958 عين مديراً للعلاقات العامة بفرع الشركة في بيروت لقاء أجر شهري قدره 90 ج يضاف إليه 40 ج بدل تمثيل وانتقال، ولكفاءته وخبرته نقلته الشركة إلى فرعها بالقاهرة، ولكنه بتاريخ 28/ 6/ 1959 ولمناسبة اتهامه بسبب فقد بعض تذاكر الشركة فوجئ بوقفه عن العمل حتى يفصل في الاتهام المسند إليه. فلما قضي في 11/ 1/ 1960 ببراءته، وذلك في الجنحة رقم 3810 سنة 1959 قصر النيل ثم تأيد الحكم استئنافياً في 27/ 11/ 1960 طلب من الشركة إعادته إلى عمله إلا أنها رفضت. وفي 2/ 1/ 1961 قررت فصله من العمل. وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ولحقته منه أضرار مادية وأدبية يقدرها بمبلغ 5000 ج فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وبتاريخ 3/ 6/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وأعفت المدعي من المصاريف واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 1189 سنة 79 قضائية. وبتاريخ 28/ 12/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصاريف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني، أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى مستنداً في ذلك على أنه وإن كانت المادة 67 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 توجب على صاحب العمل إعادة العامل الموقوف إلى عمله متى قضي ببراءته من التهمة المسندة إليه وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً، إلا أن حق العامل في العودة إلى عمله مشروط بأن ينزل حكم البراءة السكينة على قلب صاحب العمل وأن يبعث فيه الطمأنينة نحو عامله، بحيث لو كان مبنى الحكم بالبراءة هو الشك في صحة الواقعة، فإنه يكون لصاحب العمل - رغم الحكم بالبراءة - أن ينهي العلاقة بينه وبين عامله ما دامت شكوكه فيه قائمة ومستمرة ولم يمحها الحكم الجنائي. وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وتخصيص لنص المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بغير مخصص، لأن النص مطلق لم يقيد إعادة العامل إلى عمله بأي قيد، بل جعل من حكم البراءة أو من قرار الحفظ الصادر من السلطة المختصة قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس على خلو ساحة العامل من أية مظنة بالنسبة للاتهام الذي كان موجهاً إليه، ولازم هذه القرينة هو إعادة العامل إلى عمله احتراماً لحجية الحكم الصادر ببراءته. كما أنه وإن كان مبنى العلاقة بين صاحب العمل والعامل هو استمرار الثقة والاطمئنان في نفس صاحب العمل، فإن هذه الثقة وذلك الاطمئنان يعتبران قائمين ومفترضين بمجرد الحكم ببراءة العامل أياً كان سبب الحكم، فحجية الحكم الجنائي عامة وتسري على الكافة ومنهم رب العمل نفسه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 67 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 على أن "إذا نسب إلى العامل ارتكاب جناية أو جنحة إضراب غير مشروع أو التحريض عليه أو ارتكاب جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى الجهات المختصة لحين صدور قرار منها في شأنه فإذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضي ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" ثم النص بعد ذلك في الفقرة الأولى من المادة 72 من نفس القانون على أن "إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إلغاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإلغاء بثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة إلى العمال الآخرين" والنص في المادة 74 منه على أن "إذا فسخ العقد بلا مبرر كان للطرف الآخر الذي أصابه ضرر من هذا الفسخ الحق في تعويض تقدره المحكمة مع مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 72/ 73"، مؤداه أن المشرع بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من أنه "إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضي ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً". إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، ورأت السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضي ببراءته، مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إذا هو رفض إعادته إلى عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب. وهذا المركز الخاص لا يتعارض مع الحق المقرر - في المادة 72 من نفس القانون - لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء، على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره من أنه "وإن كانت المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959 قد أوجبت إعادة العامل إلى عمله متى قضي ببراءته وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً، فإن مناط هذه العودة أن يكون الحكم قد أنزل السكينة والطمأنينة على رب العمل نحو عامله، أما إذا كان الحكم قد برأ العامل من تهمة الاختلاس للشك القائم في الدعوى، فلا تثريب على صاحب العمل، وقد ساورته الشكوك، نحو عامله ولم يمح الحكم الجنائي هذه الشكوك من نفسه إن أنهى العلاقة بينه وبين عامله، هذه العلاقة التي مبناها الثقة والاطمئنان خاصة إذا كان نوع العمل مما يحتم المزيد من هذه الثقة لعمل المستأنف، والقانون لا يحمي العامل الذي تحيط به الشكوك من ناحية ذمته وأمانته متى دعمت هذه الشكوك بأسباب تبعث على الاعتقاد بصحتها، ولا يكون صاحب العمل متعسفاً إذا ما طرد عامله من خدمته وقد ساورته الشكوك وأوجس منه خيفة نحو عمله، ولا شك أن ضياع تذاكر السفر والمستأنف كان مندوب المبيعات بالشركة وقد برأه الحكم الجنائي للشك مما يجعل الشركة في حل من الاستغناء عن عاملها". فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن مستنداً إلى الشك الناشئ من مجرد اتهامه بصرف النظر عن أثر الحكم الصادر ببراءته، وهو منه تناقض وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن لازم الحكم ببراءة العامل من الفعل الذي أسند إليه هو استمرار الثقة فيه فلا يتأتى اعتبار هذا الفعل ذاته مبرراً لانعدام الثقة (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه التمس للشركة المطعون عليها مبرراً لإلغاء عقد الطاعن من نص المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959، وهو منه فساد في الاستدلال لأن شرط إلغاء العقد طبقاً لهذه المادة هو إعلان رب العمل للعامل برغبته في إلغائه قبل هذا الإلغاء بثلاثين يوماً. وما دامت الشركة المطعون عليها لم تخطر الطاعن بإلغاء عقده معها في الميعاد المذكور فإنها لا تكون قد استندت في فصله إلى المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه بما سبق الرد به على السببين السابقين. ومردود في الوجه (الثاني) بأن جزاء إلغاء صاحب العمل لعقد العامل دون إعلانه كتابة قبل الإلغاء هو - وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 - إلزامه بأن يؤدي للعامل تعويضاً مساوياً لأجره عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها. والطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع الحكم له بهذا التعويض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع، أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على مسئوليته عن ضياع بعض تذاكر السفر في الشركة التي كان يعمل مندوباً لمبيعاتها، وهو منه فساد في الاستدلال لأن الحكم الابتدائي الصادر من محكمة الجنح ببراءته وكذلك الحكم الاستئنافي الذي أيده قد أزالا مظنة الشك في التهمة التي كانت مسندة إليه، وقطعا ببراءته براءة تامة وبعدم مسئوليته عن التذاكر المفقودة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره، من أن "الواقع في الدعوى أن الحكم الصادر في جريمة الاختلاس حين قضي ببراءة المدعي مما هو مسند إليه إنما قوامه الشك وتطرق الاحتمال إلى الدليل القائم قبله مما يسقط قوة الاحتجاج به، وإلى عدم اطمئنان المحكمة الجنائية إلى أقوال بدروس بدروسيان، وهو بهذه المثابة لا يعد مؤثراً على حق المحكمة المدنية في تقدير جدية الأسباب التي استند إليها رب العمل في الفصل تعويلاً على عدم الثقة. وكان الثابت مما يشهد به الحكم الابتدائي الصادر ببراءة المدعي والحكم الصادر في الاستئناف بتأييده وكذلك الحكم القاضي ببراءة بدروس، أن الشركة المدعى عليها حين فصلت المدعي من عمله استناداً إلى عدم ثقتها به إنما عولت في فسخ عقد استخدامه على أسباب جدية تشفع لها في إنهاء علاقتها به وذلك لما قرره بدروس بدروسيان من سابقة استلامه التذاكر المختلسة من الشركة المدعى عليها ومن زميلتها شركة بان أمريكان التي كان يعمل بها من قبل، وهو الذي كلفه ببيعها نظير جعل، وتقديم المدعي إلى المحكمة الجنائية وحين كان الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لم يكن لنفي التهمة عنه أو عدم صحته وهي أمور مما توجب الريبة في أمانته وشرفه وتعد مسوغاً مقبولاً لرب العمل بأن يفقد ثقته به ويجوز له فصله". وهي أسباب موضوعية سائغة وكافية لحمل قضائه فيما انتهى إليه من قيام المبرر المشروع لدى الشركة المطعون عليها في إنهاء عقد عمل الطاعن، ولا يشوبها فساد في الاستدلال.
وحيث إن حاصل السبب الخامس، أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الشركة المطعون عليها كانت قد عرضت عليه خلال مراحل التداعي مبلغ 1000 ج كتعويض لقاء تنازله عن الدعوى، كما استشهد لديها على هذه الواقعة بشهود، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع الجوهري ولم يعن بتحقيقه أو بالرد عليه وهو منه إخلال بحق الطاعن في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس، ذلك أنه لو صح أن الشركة المطعون عليها عرضت على الطاعن مبلغاً من المال لقاء تنازله عن الدعوى وأن الأمر لم يتجاوز هذا الحد، فهو منها عرض لم يقترن بقبول ولا أثر له، ومن ثم يتعين رفض الطعن.

الطعن 531 لسنة 35 ق جلسة 3 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 37 ص 232

جلسة 3 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(37)
الطعن رقم 531 لسنة 35 القضائية

(أ) إثبات. "الإقرار غير القضائي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الإقرار غير القضائي".
الإقرار الوارد بمحضر الشكوى الإدارية. إقرار غير قضائي. للقاضي مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات أو تجزئته.
(ب) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير شهادة الشهود".
تقدير الشهادة متروك لقاضي الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانه.

------------------
1 - الإقرار الوارد بإحدى الشكاوى الإدارية، يعد إقراراً غير قضائي، ويخضع بهذه المثابة لتقدير القاضي، الذي له مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات، وفي أن يجزئه فيأخذ ببعضه دون البعض الآخر، تأسيساً على أن الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة، إذ لم يعرض له القانون المدني بنص يعين حجيته في الإثبات، أسوة بما أوردته المادة 409 منه في شأن الإقرار القضائي.
2 - تقدير الشهادة من المسائل التي تترك لقاضي الموضوع، حسبما يطمئن إليه وجدانه، ما دام لم يخرج عن مدلولها أو ينحرف بها عن مفهومها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 93 لسنة 1964 مدني أمام محكمة أسوان الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث، وقال شرحاً لها إن الطاعن أوقع حجزاً تنفيذياً على المحصول القائم بأطيانه البالغ مساحتها 13 ط و7 س والموضحة الحدود والمعالم والكائنة بمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، على أساس أنها مملوكة لمدينه المطعون عليه الثالث في حين أنها في الحقيقة مملوكة له، وطلب الحكم بأحقيته للمحصول وإلغاء الحجز التنفيذي الموقع عليه. ومحكمة أول درجة حكمت في 3 من ديسمبر سنة 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول بكافة طرق الإثبات ملكيته للزراعة المحجوز عليها. وبعد سماع أقوال شهود الطاعن حكمت في 28 من يناير سنة 1965 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 لسنة 40 ق أسيوط، ومحكمة الاستئناف حكمت في 15 من يونيه سنة 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوزة وإلغاء الحجز. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بمخالفة قواعد الإثبات والخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى أن الطاعن أقر في الشكوى رقم 990 لسنة 1964 إداري كوم أمبو بأن الزراعة المحجوز عليها مملوكة للمسترد المطعون عليه الأول، وبأن مدينه المطعون عليه الثالث ليس إلا وكيلاً عنه، حالة أن ما جاء على لسان الطاعن من طلب تحقيق ما إذا كان المدين وكيلاً على المسترد يتنافر مع ما استخلصه الحكم منها. هذا إلى أن الحكم عمد إلى تجزئة هذا الأقوال معتداً بما تضمنته من إقرار بوكالة المدين للمسترد في إدارة أمواله، ومغفلاً مقصد الطاعن من الرغبة في التحقيق من قيام هذه الوكالة. وإذ كان الإقرار الموصوف مما لا تجوز تجزئته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف قواعد الإثبات علاوة على خطئه في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي مردود، دلك أن الحكم المطعون فيه دلل على إقرار الطاعن في الشكوى المقدمة منه بملكية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوز عليها بقوله: "..... بالاطلاع على الصورة الرسمية للشكوى رقم 990 لسنة 1964 إداري كوم أمبو يبين أنها مقدمة من المستأنف عليه الأول - الطاعن - (الدائن الحاجز) يعترف فيها صراحة بأن الزراعة المحجوزة موضوع الدعوى مملوكة للمستأنف - المطعون عليه الأول - (المسترد) وأن المستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - ليس إلا وكيلاً عنه. وقد قرر فيها أن المشكو في حقه المستأنف يملك حوالي خمسين فداناً من الأطيان الزراعية وقد وكل المذكور أحد أقاربه بتوكيل رسمي لإدارة أطيانه..." ولما كان هذا الذي أورده الحكم، له سنده في الشكوى المقدمة من الطاعن إذ جاء في البلاغ المقدم منه وفي الأقوال المثبتة على لسانه في التحقيق، أنه يعلم أن المطعون عليه الأول يمتلك خمسين فداناً بكوم أمبو وأن المحصولات الموجودة بهذه الأطيان مملوكة له لا لمدينه المطعون عليه الثالث، وأنه استصدر ضد هذا الأخير أمر الأداء الموقع الحجز على تلك المحصولات بمقتضاه رغم علمه بأنه لم يكن إلا مجرد وكيل عن المطعون عليه الأول في إدارة أطيانه، وكان لا يقدح في مطابقة ما أورده الحكم على النحو السالف بيانه للثابت بالشكوى المشار إليها، أن طلب الطاعن في ختام هذه الأقوال - وبعد إقراره بملكية المطعون عليه الأول للمحصولات الزراعية المحجوز عليها - التحقق من وكالة المطعون عليه الثالث للمطعون عليه الأول. لما كان ذلك وكان الإقرار الذي يرد بإحدى الشكاوى الإدارية، يعد إقراراً غير قضائي، يخضع بهذه المثابة لتقدير القاضي الذي له مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات، وفي أن يجزئه فيأخذ ببعضه دون البعض الآخر، تأسيساً على أن الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة إذ لم يعرض له القانون المدني بنص يعين حجيته في الإثبات أسوة بما أوردته المادة 409 منه في شأن الإقرار القضائي، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اعتداد بإقرار الطاعن في النطاق السالف بيانه هو استخلاص موضوعي سائغ، فإن الحكم لا يكون قد خالف قواعد الإثبات، إذ قضى بأحقية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوز عليها استناداً إلى إقرار الطاعن بأنها مملوكة له، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث وبالوجه الثاني من السبب الثاني مخالفة القانون وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أطرح أقوال شهوده التي أخذت بها محكمة أول درجة، بحجة أن اثنين منهم لم يقطعا بملكية المدين للمحجوزات وأن الثالث لم يستطع تحديد الأرض القائم عليها الزراعة، في حين أن أقوال هؤلاء الشهود تخالف في واقعها ومفهومها ما استخلصه الحكم منها وهو مما يعيبه بفساد الاستدلال. هذا إلى أن الحكم بمناقشته أقوال شهود النقي واستبعاده لها رغم عجز المطعون عليه الأول (المسترد) عن إثبات مدعاه تبعاً لعدم استعانته بشهود يؤيدونه، يكون قد خالف القانون بإعفائه ذلك الأخير من عبء الإثبات الواقع على عاتقه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في غير محله، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة بتاريخ 28 من يناير سنة 1965 ومن الصورة الرسمية لمحضر جلسة 21 من يناير سنة 1965، أن تلك المحكمة أتاحت الفرصة للمطعون عليه الأول ليثبت دعواه بكافة طرق الإثبات القانونية، وأن ذلك الأخير اكتفى في مجال إثبات ملكيته للمحصولات الزراعية المحجوز عليها بالمستندات التي قدمها، ومن بينها محضر الشكوى الإدارية سالفة البيان، الأمر الذي لا يمكن معه القول بأنه عجز عن إثبات دعواه في حدود الرخصة المخولة له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما ورد بتلك الشكوى من إقرار الطاعن بأن الزراعة مملوكة للمطعون عليه الأول، وكان ذلك كافياً بمجرده لحمل قضائه بأحقيته لتلك المحصولات، وكان تقدير الشهادة من المسائل التي تترك لقاضي الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانه، ما دام لم يخرج عن مدلولها أو ينحرف بها عن مفهومها، وكان تحصيل الحكم لأقوال شهود النفي بما أدى إلى إطراحها يتفق وما ورد بهذه الأقوال، إذ ليس في أقوال الشاهدين الأولين ما يقطع بأن الزراعة كانت مملوكة للمطعون عليه الثالث، كما أن الشاهد الأخير لم يستطع الإدلاء ببيان حقيقي مقنع لحدود الأرض المحجوز عليها، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون أو بالفساد في الاستدلال لهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعن 524 لسنة 35 ق جلسة 3 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 36 ص 227

جلسة 3 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وإبراهيم علام، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(36)
الطعن رقم 524 لسنة 35 القضائية

(أ) وقف. "كسب ملكية المال الموقوف". دعوى. "سقوط الدعوى". تقادم. "تقادم مكسب". قانون. ملكية.
الدعوى بملكية الوقف - قبل العمل بالقانون المدني الحالي - لا تسقط لمجرد الإهمال مدة 33 سنة، ملكية الأموال الموقوفة خيرية أو أهلية. جواز اكتساب ملكيتها بالتقادم بحيازتها مدة 33 سنة. تعديل المادة 970 مدني بالقانون 147 لسنة 1957. صيرورة تملك أعيان الوقف الخيري محظوراً.
(ب) تقادم. "تقادم مكسب".
الاتفاق على تعديل مدة التقادم. غير جائز.
(ج) نقض. "سلطة محكمة النقض". تقادم.
جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني أمام محكمة النقض لأول مرة. مناطه أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع. مثال.

--------------
1 - ملكية الوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قبل العمل بالقانون المدني الحالي في 15/ 10/ 1949، لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال مدة ثلاث وثلاثين سنة، بل إنها تستمر لجهة الوقف ما لم يكتسبها أحد بوضع يده مدة ثلاث وثلاثين سنة مستوفياً جميع الشرائط المقررة قانوناً لاكتساب الملكية أو الحق العيني بوضع اليد، (1) وذلك قبل إلغاء الوقف بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وإلى أن حظر المشرع إطلاقاً تملك أعيان الأوقاف الخيرية، أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم، بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني الحالي بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/ 7/ 1957.
2 - إذ تقضي المادة 388/ 1 من القانون المدني بأنه لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون، فإنه لا يجوز أن يترك تحديد مدة التقادم لمشيئة الأفراد، ويحظر كل تعديل اتفاقي في مدة التقادم المقررة بالقانون.
3 - إذ كانت المدة التي تكتسب بها الحقوق العينية، ومنها حق الارتفاق بالصرف على الوقف الخيري بالتقادم، وإن لم يثرها الخصوم أمام محكمة الموضوع، إلا أنه وقد تعلق الأمر بسبب قانوني كانت عناصره الموضوعية مطروحة عليها، مما ورد في بيانات الحكم ومدوناته الواقعية، فإن هذا الأمر يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما تجوز إثارته أمامها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف زينب هانم الخيري والتي حل محلها فيما بعد وزير الإصلاح الزراعي بصفته - الطاعن الأول - أقامت بتاريخ 18/ 9/ 1958 الدعوى رقم 784 سنة 1958 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليها الأولى، وطلبت الحكم بإلزامها بإزالة الماسورة المبينة بصحيفة الدعوى في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم وإلا تقوم بإزالتها على نفقتها. وقالت بياناً لدعواها إن المطعون عليها الأولى تملك ببلدة شبراهور مركز أجا مساحة قدرها 8 ف و19 ط و4 س تقع شرق مصرف خصوصي مملوك لوزارة الأوقاف، وقد وضعت المطعون عليها الأولى دون وجه حق، وعلى الحد الفاصل بين أطيان وقف زينب الرزيقي ووقف تفعى ويقع بعضها داخل أطيان وقف زينب هانم الخيري، ماسورة لصرف مياه أرضها بواسطتها في مصرف وزارة الأوقاف المشار إليه، وإذ يحق لوزارة الأوقاف بصفتها طلب إزالة هذه الماسورة فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. أدخلت المطعون عليها الأولى وزير الأشغال بصفته - الطاعن الثاني - ليقدم المستندات المتعلقة بفتحة الماسورة، وبتاريخ 10/ 1/ 1961 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى العين محل النزاع ومعاينتها، وبيان ما إذا كان لأرض المطعون عليها الأولى حق ارتفاق بالصرف ومظهر هذا الحق ومدته وألزمت المحكمة المطعون عليها الأولى بدفع أمانة الخبير غير أنها لم تقم بأدائها. وبتاريخ 13 مارس سنة 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أنها ظلت تصرف في مصرف وزارة الأوقاف مدة تزيد على خمس عشرة سنة سابقة على رفع الدعوى بصفة ظاهرة مستمرة وبدون منازعة، وبعد سماع شهود الطرفين أدخلت المطعون عليها الأولى باقي المطعون عليهم خصوماً في الدعوى باعتبار أن ملكية الأرض المرتفقة قد آلت إليهم. وبتاريخ 14 يناير سنة 1964 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 91 سنة 16 ق وبتاريخ 7 يونيه سنة 1965 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي يرفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، حاصله الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الدعوى أقيمت أصلاً من وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على الوقف الخيري الذي يمر المصرف موضوع النزاع بأطيانه، وتأسيساً على أن ماسورة الصرف قد وضعتها المطعون عليها الأولى على الحد الفاصل بين أعيان الوقفين المشمولين بنظرها وهو ما أورده الحكم الابتدائي الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق ضمن بياناته الواقعية، وإذ لا تكتسب الحقوق العينية ومنها حق الارتفاق بالصرف على الأعيان الموقوفة بالتقادم، إلا بوضع اليد مدة ثلاث وثلاثين سنة، وأصبح لا يجوز اكتساب ملكية الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً أو اكتساب حق عيني عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 سنة 1957، وعلى الرغم من أن مدد التقادم هي مما لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بالزيادة أو النقص وأن على القضاء مراعاتها من تلقاء نفسه ولو لم يثرها الخصوم، فإن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليها الأولى تملكت حق الارتفاق بالصرف بالتقادم لمدة خمس عشر سنة سابقة على رفع الدعوى في 18/ 9/ 1958، ودون أن يبين ما إذا كانت الأعيان المرتفقة ملكاً أو موقوفة وقفاً خيرياً، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 13/ 3/ 1962 والذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق أنه أورد في صدر بياناته المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم أن وزارة الأوقاف - التي حل محلها فيما بعد وزير الإصلاح الزراعي بصفته - أقامت الدعوى بصفتها ناظرة على وقف زينب هانم الخيري، كما يبين من ذات الحكم أنه أورد في مدوناته الواقعية قوله "إن المدعي بصفته (وزارة الأوقاف بصفتها) أقام الدعوى بصحيفتها المعلنة في 18/ 9/ 1958 ذكر فيها أن المدعى عليها (المطعون عليها الأولى) تملك أطياناً زراعية مقدارها 8 ف و19 ط و4 س بالقطعة رقم 2 بحوض الفنان رقم 3 بزمام شبراهور مركز أجا ويقع شرق أطيان المدعى عليها مصرف ملك وزارة الأوقاف المسمى بمصرف الأوقاف وقد وضعت المدعى عليها (المطعون عليها الأولى) ماسورة لتصرف في مصرف الوزارة الخصوصي وذلك دون وجه حق وهذه الماسورة موضوعة في الحد الفاصل بين ملك وقف زينب الرزيقي ووقف نفعي بشبراهور وبعضها يقع ضمن القطعة 6 بحوض الفضالي ملك وقف زينب هانم" فإن مفاد هذا الذي أوردته محكمة أول درجة وأحال إليه الحكم المطعون فيه، أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف خيري تنسب إلى المطعون عليها الأولى التعدي على ملكية أعيان هذا الوقف بادعاء حق ارتفاق عليها بصرف مياه أطيانها في المصرف الكائن بأطيان الوقف والمملوك له، وأن المطعون عليها الأولى دفعت الدعوى بأنها تملكت حق ارتفاق الصرف بالتقادم. لما كان ذلك وكانت ملكية الوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قبل العمل بالقانون المدني الحالي في 15 أكتوبر سنة 1949, لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال لمدة ثلاث وثلاثين سنة، بل أنها تستمر لجهة الوقف ما لم يكتسبها أحد بوضع يده مدة ثلاث وثلاثين سنة, مستوفياً جميع الشرائط المقررة قانوناً لاكتساب الملكية أو الحق العيني بوضع اليد، وإذ لا تكتسب الأموال الموقوفة بالتقادم طبقاً للمادة 970 من القانون المدني قبل تعديلها بالقانون رقم 147 سنة 1957 المعمول به من 13/ 7/ 1957 إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة، وكانت المادة 970 بعد تعديلها المشار إليه تقضي بأنه لا يجوز تملك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، فإن مفاد ما تقدم أنه قبل العمل بالقانون المدني في 15 أكتوبر سنة 1949 وإلى ما قبل تعديل المادة 970 منه بالقانون رقم 147 سنة 1957، كانت مدة التقادم اللازمة لاكتساب أموال الأوقاف أو ترتيب حقوق عينية عليها سواء في ذلك الأوقاف الخيرية أو الأوقاف الأهلية قبل إلغائها بالقانون رقم 180 سنة 1952 هي ثلاث وثلاثون سنة، وذلك إلى أن حظر المشرع إطلاقاً تملك أعيان الأوقاف الخيرية أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 سنة 1957 المعمول به من 13/ 7/ 1957. لما كان ذلك وكانت المادة 388/ 1 من القانون المدني إذ تقضي بأنه لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون قد أفادت أنه لا يجوز أن يترك تحديد مدد التقادم لمشيئة الأفراد وحظر المشرع كل تعديل اتفاقي في مدة التقادم المقررة بالقانون، وكانت المدة التي تكسب بها الحقوق العينية ومنها حق الصرف على الوقف الخيري بالتقادم وإن لم يثرها الخصوم أمام محكمة الموضوع، إلا أنه وقد تعلق الأمر بسبب قانوني كانت عناصره الموضوعية مطروحة عليها على ما سلف البيان مما ورد في بيانات الحكم الصادر بتاريخ 13/ 3/ 1962 والمتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومدونات هذا الحكم الواقعية، فإن هذا الأمر يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما تجوز إثارته أمامها. وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن المدة اللازمة لاكتساب حق الارتفاق بالصرف هي خمس عشر سنة سابقة على رفع الدعوى في 18/ 9/ 1958، ورتب الحكم على ذلك القضاء برفض الدعوى دون أن يتحقق من أن الأطيان المرتفقة مملوكة ملكاً خاصاً أو موقوفة وقفاً خيرياً بما تختلف معه مدة التقادم اللازمة لاكتساب حق الارتفاق، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.


(1) نقض 10 يناير سنة 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 84.

الطعن 505 لسنة 35 ق جلسة 3 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 35 ص 221

جلسة 3 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(35)
الطعن رقم 505 لسنة 35 ق القضائية

(أ) دعوى. "التدخل في الدعوى". بيع. "دعوى صحة التعاقد". صلح. "التصديق على الصلح".
التدخل في دعوى صحة التعاقد. تمسك طالب التدخل بملكيته العين المبيعة. هو تدخل اختصامي. عدم جواز الحكم بصحة التعاقد أو قبول الصلح بشأنه قبل الفصل في موضوع طلب التدخل.
(ب) دعوى. "التدخل في الدعوى". استئناف. "نطاق الاستئناف". حكم. صلح.
قضاء محكمة أول درجة بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وبعدم قبول طلب التدخل. استنفاد ولايتها في النزاع. قبول المحكمة الاستئنافية للتدخل باعتبار أنه هجومي. وجوب المضي في نظر موضوع طالب التدخل.
(ج) خبرة. "تقرير الخبير". حكم. "تسبيب الحكم".
استناد الحكم إلى تقرير الخبير. اعتباره جزءاً من الحكم.

---------------
1 - تمسك طالبي التدخل في دعوى صحة التعاقد بأنهم هم المالكون للأطيان المبيعة، يعد تدخلاً اختصامياً يطلب به المتدخلون حقاً ذاتياً لأنفسهم، ويوجب على المحكمة المنظورة أمامها الدعوى قبول تدخلهم باعتباره مرتبطاً بالدعوى الأصلية. ويتعين عليها ألا تحكم بصحة التعاقد أو تقبل الصلح بشأنه إلا بعد الفصل في موضوع طلبهم، وذلك باعتبار أن هذا البحث هو مما يدخل في صميم الدعوى المطروحة عليها، وعلى أساس أن الحكم الذي تصدره المحكمة بصحة التعاقد أو بإلحاق الصلح المبرم بشأنه بمحضر الجلسة، يتوقف على التحقق من عدم سلامة ادعاء المتدخلين.
2 - إذا كانت محكمة أول درجة قد كيفت طلب التدخل بأنه طلب انضمامي، وقضت بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وبعدم قبول طلب التدخل، باعتبار أنه تدخل انضمامي يقتصر على تأييد أحد طرفي الحقوق وينقضي بالتصالح بين الطرفين، فإن محكمة أول درجة تكون قد استنفدت ولايتها في النزاع القائم وقالت كلمتها في موضوع الدعوى بشقيها، فإذا كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت التدخل تدخلاً اختصامياً، وقضت بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبقبول التدخل، فإنه يتعين عليها ألا تقف عند هذا الحد بل تمضي في الفصل في موضوع طلب التدخل وتحقيق دفاع الخصوم في الدعوى الأصلية ودفاع المتدخلين بشأنها، باعتبار أن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية، ولا يحق لها أن تتخلى عن الفصل في هذا الطلب إلى محكمة أول درجة، لأن الفصل في موضوع طلب التدخل لا يعد منها تصدياً، وإنما هو فصل في طلب استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بشأنه.
3 - إذا كان الحكم قد استند إلى تقرير الخبير واتخذ منه أساساً للفصل في الدعوى، فإن هذا التقرير يعتبر جزءاً من الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 58 سنة 1963 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليها الأخيرة وطلبتا الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 16 أغسطس سنة 1957 المتضمن بيعها لهما 8 ف و21 ط مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقالتا بياناً لدعواهما إن المطعون عليها الأخيرة باعتهما هذا القدر من الأطيان الكائن بأراضي ناحية الزهراء بحوض عبد الرحمن/ 17 ضمن القطعة رقم 201 قسم المطرية مقابل ثمن قدره 3000 ج للفدان الواحد دفعتاه بالكامل، وإذا لم تسلمهما البائعة مستندات الملكية ولم توقع على العقد النهائي، فقد أقامتا دعواهما بطلباتهما سالفة البيان. وعند نظر الدعوى أمام المحكمة طلب المطعون عليهم عدا الأخيرة التدخل في الدعوى طالبين الحكم برفضها وبشطب تسجيل صحيفتها الذي تم بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة في 12 يناير سنة 1962 برقم 147 تأسيساً على أن الفريق الأول منهم يملكون القدر محل النزاع، وأنهم باعوه إلى المطعون عليهم الثاني والثالثة والرابعة بعقود مسجلة مع الاحتفاظ بحق امتياز البائع بالنسبة للباقي من الثمن. قدمت الطاعنتان والمطعون عليها الأخيرة عقد صلح. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 16 فبراير سنة 1963 بعدم قبول تدخل المطعون عليهم عدا الأخيرة خصوماً في الدعوى وإلحاق عقد الصلح المؤرخ 5/ 2/ 1963 بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند واجب التنفيذ. استأنف المطعون عليهم عدا الأخيرة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 461 سنة 80 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف بكافة أجزائه وقبول تدخلهم خصوماً في الدعوى المرفوعة من الطاعنتين ضد المطعون عليها الأخيرة وبرفضها وبشطب تسجيل صحيفتها. وبتاريخ 10/ 3/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول المطعون عليهم عدا الأخيرة خصوماً في الدعوى وبقبولهم خصوماً ثلثاً فيها وبندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق ملكية المبيع لمعرفة ما إذا كان يدخل في ملك المطعون عليهم عدا الأخيرة أم أنه مملوك للمطعون عليها الأخيرة التي باعته للطاعنتين. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت المحكمة بتاريخ 25 مايو سنة 1965 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنتين وشطب شهر صحيفتها الذي تم بتاريخ 6/ 1/ 1962 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة برقم 147. قررت الطاعنتان بالطعن في هذا الحكم وفي الحكم السابق الصادر بتاريخ 10/ 3/ 1964 بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنتان بالسببين الأول والثاني والشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقولان إن الأمر الذي كان مطروحاً على محكمة أول درجة هو عقد الصلح وأن المحكمة قد رأت أنها قد تحولت بذلك إلى موثق، فقضت برفض قبول تدخل المطعون عليهم عدا الأخيرة وبإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه، وإذ لم تعرض محكمة أول درجة لموضوع الدعوى وهو ملكية العقار المتنازع عليه بين من حكم بعدم قبول تدخلهم وبين طرفي الخصومة الأصليين ولم تفصل في هذا النزاع، فإن محكمة الاستئناف تكون قد خالفت القانون إذ استندت في حكميها المطعون فيهما إلى أن محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها في النزاع القائم وقالت كلمتها في موضوع الدعوى. هذا إلى أنه وقد مضت محكمة الاستئناف بالفصل في موضوع الدعوى بالمفاضلة بين عقد الخصوم الأصليين وعقد المتدخلين، استناداً إلى أن تدخل هؤلاء اختصامي وليس انضمامياً ولم تعد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ابتداء، فإنها تكون قد فوتت على الطاعنتين درجة من درجات التقاضي، وهو ما يخالف قاعدة عدم جواز التصدي المقررة بقانون المرافعات السابق مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الثابت من الأوراق أن الدعوى أمام محكمة أول درجة تتحصل في شقها الأول فيما طلبته الطاعنتان من صحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليها الأخيرة، وفي شقها الثاني فيما طلبه المتدخلون وهم المطعون عليهم عدا الأخيرة من رفض دعوى الطاعنتين وشطب تسجيل صحيفتها تأسيساً على أن الأطيان موضوعها مملوكة لهم، كما تتحصل في أن طرف الشق الأول من الدعوى وهم الخصوم الأصليون فيها قد أنهوا صلحاً النزاع المتعلق بالتعاقد على بيع الأطيان وطلبوا إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة رغم قيام طلب التدخل بشأنه أمام المحكمة. ولما كان تمسك المتدخلين في دعوى صحة التعاقد بأنهم هم المالكون للأطيان المبيعة يعد تدخلاً اختصامياً، يطلب به المتدخلون حقاً ذاتياً لأنفسهم ويوجب على المحكمة المنظورة أمامها الدعوى قبول تدخلهم باعتباره مرتبطاً بالدعوى الأصلية, ويتعين عليها ألا تحكم بصحة التعاقد أو تقبل الصلح بشأنه إلا بعد الفصل في موضوع طلبهم، وذلك باعتبار أن هذا البحث هو مما بدخل في صميم الدعوى المطروحة عليها وعلى أساس أن الحكم الذي تصدره المحكمة بصحة التعاقد أو بإلحاق الصلح المبرم بشأنه بمحضر الجلسة، يتوقف على التحقق من عدم سلامة ادعاء المتدخلين، وكانت محكمة أول درجة قد كيفت رغم ذلك طلب التدخل، موضوع الشق الثاني من الدعوى، بأنه طلب انضمامي، وقضت في الشق الأول من الدعوى بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه، وفي الشق الثاني منها بعدم قبول طلب التدخل وذلك باعتبار أن التدخل الانضمامي يقتصر على تأييد أحد طرفي الخصومة فينقضي بالتصالح بين الطرفين، فإن محكمة أول درجة تكون قد استنفدت ولايتها في النزاع القائم وقالت كلمتها في موضوع الدعوى بشقيها، لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت تدخل المطعون عليهم عدا الأخيرة تدخلاً اختصامياً وقضت بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبقبول التدخل، فإنه يتعين عليها ألا تقف عند هذا الحد بل تمضي في الفصل في موضوع طلب التدخل وتحقيق دفاع الخصوم في الدعوى الأصلية ودفاع المتدخلين بشأنها، باعتبار أن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية، ولا يحق لها أن تتخلى عن الفصل في هذا الطلب إلى محكمة أول درجة، لأن الفصل في موضوع طلب التدخل لا يعد منها تصدياً، وإنما هو فصل في طلب استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بشأنه. لما كان ما تقدم، وكان الحكمان المطعون فيهما قد التزما هذا النظر، فإن النعي عليهما بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالشق الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقولان إنهما تقدمتا إلى الخبير المنتدب في الدعوى بوجهة نظرهما في النزاع حول الملكية، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لما أثارته الطاعنتان أمام الخبير في هذا الخصوص، هذا إلى أن الحكم قضى برفض طلباتهما عن المساحة بأكملها، مع أنهما طلبتا صحة عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليها الأخيرة عن مقدار 8 ف و21 ط، وكانت منازعة المطعون عليهم عدا الأخيرة بشأن الملكية قاصرة على مساحة ستة أفدنة وربع فقط مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الطاعنتين لم تتقدما بما يدل على أنهما اعترضتا على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، أو طعنتا عليه بأي طعن ليعرض الحكم لمناقشته والرد عليه، ولما كان الحكم قد استند إلى تقرير الخبير واتخذ منه أساساً للفصل في الدعوى، فإن هذا التقرير يعتبر جزءاً من الحكم، وإذ انتهى الخبير إلى أن العقار موضوع دعوى صحة التعاقد بكامل مساحته كان ملكاً للفريق الأول من المطعون عليهم (ورثة المرحوم نقولا نصري عجوري)، وقد تصرفوا فيه جميعه بالبيع إلى باقي المطعون عليهم عدا الأخيرة، وكان الحكم قد رتب على ذلك القضاء برفض الدعوى من كامل المساحة على سند من ذلك التقرير فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.

الطعن 138 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 183 ص 1280

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(183)
الطعن رقم 138 لسنة 30 القضائية

إعلان. "إعلان أوراق المحضرين". "الإعلان في مواجهة النيابة". حكم. "الطعن في الحكم". "ميعاد الطعن". بطلان.
إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن، شرطه، أن يكون إعلاناً صحيحاً، بطلانه، أثره، عدم انفتاح ميعاد الطعن، إعلان الخصم بالأوراق القضائية في مواجهة النيابة، شرطه، القيام بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصي عن محل إقامة المراد إعلانه. لا يكفي رد الورقة بغير إعلان لسلوك هذا الطريق الاستثنائي.

---------------
يشترط في إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن أن يكون إعلاناً مطابقاً للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المحضرين وتسليمها. وإذ كان إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص المعلن إليه أو لمحل إقامته إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصي عن محل إقامة المراد إعلانه، فلا يكفي أن ترد الورقة دون إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي. فإذا كان المحضر قد توجه بناء على طلب المطعون ضدها إلى موطن الطاعنة الذي أعلنت فيه بالأوراق من قبل وأثبت في محضره أن المذكورة تركت هذا الموطن ولا يعرف لها محل إقامة، وعلى أثر ذلك وجهت المطعون ضدها إعلان الحكم إلى الطاعنة إلى النيابة العامة، ولم تقدم المطعون ضدها ما يدل على أنها قبل أن تتخذ هذا الإجراء قد بذلت أي جهد في سبيل الاهتداء والتقصي عن محل إقامة الطاعنة قبل إعلانها في مواجهة النيابة وأنها استنفدت كل محاولة في هذا السبيل، فإن إعلان الحكم الابتدائي على هذا النحو يكون قد وقع باطلاً عملاً بالمواد 11 و14 و24 من قانون المرافعات ولا ينفتح بهذا الإعلان ميعاد الاستئناف (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة الدعوى رقم 2373 سنة 1954 مدني كلي إسكندرية ابتغاء الحكم بإلزامها بقيمة ما يخصها في غلة وقف السيد محمد درويش حسام الدين عن المدة من أول سنة 1943 إلى آخر ديسمبر 1954 وبتاريخ 27/ 5/ 1956 أصدرت محكمة أول درجة حكمها بإلزام الطاعنة أن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 906 ج و457 م والمصاريف - فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية بعريضة قدمتها لقلم كتابها في 12/ 12/ 1957 طلبت فيها إلغاء ورفض الدعوى. وقيد الاستئناف برقم 344 سنة 13 ق إسكندرية ولدى نظره دفعت المطعون ضدها بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم المستأنف أعلن للمستأنفة (الطاعنة) في آخر محل إقامة معلوم لها بشارع طيبة رقم 229 بكيلوباترة إسكندرية في 18 أغسطس سنة 1956 ولما وردت الإجابة بأنها تركت السكن ولا يعلم لها محل إقامة، أعيد إعلانها إلى النيابة في 2/ 9/ 1956 ويكون إعلانها على هذا النحو قد تم صحيحاً طبقاً للقانون ويحتسب من تاريخه ميعاد الاستئناف وأنه لما كانت صحيفة الاستئناف ولم تقدم لقلم الكتاب إلا في يوم 12/ 12/ 1957. فإن الاستئناف يكون قد رفع بعد الميعاد - وردت الطاعنة على هذا الدفع بأن الحكم الابتدائي لم يعلن إليها إعلاناً صحيحاً وأن إعلانه إليها في النيابة وقع باطلاً - وبتاريخ 13/ 2/ 1960 أصدرت محكمة الاستئناف حكمها بسقوط الحق في الاستئناف - قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 أكتوبر سنة 1963 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وتحدد لنظره أمامها جلسة 17 ديسمبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أن هذا الحكم قضى بسقوط الحق في الاستئناف تأسيساً على أن إعلانها بالحكم الابتدائي في النيابة بتاريخ 2 سبتمبر 1956 قد وقع صحيحاً واعتبره بداية لسريان ميعاد الاستئناف في حقها، حالة أن هذا الإعلان قد وقع باطلاً لأنه لم تسبقه تحريات كافية للتقصي عن محل إقامتها بعد أن أثبت المحضر في محضره أن الطاعنة تركت مسكنها.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف على ما أورده في قوله إنه "وبعد صدور الحكم الابتدائي رأت المستأنف عليها (المطعون ضدها) إعلان المستأنفة (الطاعنة) به فانتقل المحضر المكلف بإعلان صورة الحكم إلى موطنها بشارع طبيه رقم 229 بكليوباترة بالإسكندرية في 18/ 8/ 1956 وأثبت أنها تركت السكن ولا يعرف محل إقامتها فأعلنها بصورة الحكم في مواجهة النيابة في 2/ 5/ 1956 وأنه يؤخذ من إجراءات إعلانها أنها تمت صحيحة وموافقة لما رسمه قانون المرافعات. وأنه طبقاً لنص المادة 379 مرافعات يبدأ ميعاد الطعن بالاستئناف من تاريخ إعلان الحكم المستأنف لها في 2/ 9/ 1956 وأنه كان يتعين عليها أن ترفع استئنافها في ميعاد أربعين يوماً من تاريخ إعلانها عملاً بالمادة 406 مرافعات. أما وقد فاتها الميعاد بأن لم ترفع الاستئناف إلا يوم 12/ 12/ 1957 حيث تقدمت بعريضة لقلم كتاب المحكمة فقد سقط حقها فيه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه غير صحيح في القانون - ذلك أنه يشترط في إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن، أن يكون إعلاناً صحيحاً مطابقاً للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المحضرين وتسليمها - ولما كان إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص المعلن إليه أو لمحل إقامته، إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للمتقصي عن محل إقامة المراد إعلانه، فلا يكفي أن ترد الورقة بدون إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي - وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن المحضر قد توجه بناء على طلب المطعون ضدها إلى موطن الطاعنة الذي أعلنت فيه بالأوراق من قبل وأثبت في محضره أن المذكورة تركت هذا الموطن ولا يعرف لها محل إقامة، وعلى أثر ذلك وجهت المطعون ضدها إعلان الحكم للطاعنة - إلى النيابة العامة في 2 من سبتمبر سنة 1956 - وكانت المطعون ضدها لم تقدم ما يدل على أنها قبل أن تتخذ هذا الإجراء قد بذلت أي جهد في سبيل الاهتداء والتقصي عن محل إقامة الطاعنة قبل إعلانها في مواجهة النيابة على الوجه المتقدم وأنها استنفذت كل محاولة في هذا السبيل - لما كان ذلك، فإن إعلان الحكم الابتدائي على هذا النحو يكون قد وقع باطلاً عملاً بالمواد 11 و14 و24 من قانون المرافعات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولا ينفتح بهذا الإعلان ميعاد الاستئناف - وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى بسقوط الحق في الاستئناف المقدم من الطاعنة فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 14/ 3/ 1962 طعن رقم 44 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 309.

الطعن 96 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 182 ص 1274

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(182)
الطعن رقم 96 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
اطمئنان المحكمة إلى تقرير الخبير وأخذها به للأسباب الواردة فيه. عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير. أخذها به مفاده أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير. لا قصور، ولا سلطان لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". إثبات "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
حق المحكمة في رفض طلب تعيين خبير آخر في الدعوى متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها. لا قصور.

---------------
1 - متى رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهتها الطاعنة إلى ذلك التقرير ما دام أن المحكمة قد أخذت بما جاء في هذا التقرير محمولاً على أسبابه، لأن في أخذها به ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير وهي في تقديرها لذلك لا سلطان عليها لمحكمة النقض.
2 - المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر في الدعوى متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أنه بتاريخ 28 من إبريل سنة 1951 أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 88 لسنة 1951 كلي قنا ضد مورث الطاعنة المرحوم شوقي سدراك وقال في بيانها إنه اشترى من نسيم سدراك بموجب عقد مؤرخ في 23/ 4/ 1947 مساحة مقدارها أربعة قراريط عبارة عن 699.90 متراً مربعاً كائنة بزمام دشنا ومبينة الحدود والموقع بصحيفة الدعوى وكان قد أقام الدعوى رقم 3902 سنة 1947 مدني جزئي دشنا بطلب صحة ونفاذ هذا العقد، وسجل صحيفة دعواه هذه في 3/ 11/ 1947 وحكم له بطلباته فيها وسجل الحكم في 8/ 9/ 1948 ولكنه لما أراد أن يضع يده على العين نازعه في ذلك شوقي سدراك مورث الطاعنة بأن رفع عليه الدعوى رقم 1262 مدني جزئي دشنا بطلب منع تعرضه وقضى له بذلك، الأمر الذي اضطر من أجله إلى إقامة الدعوى الحالية طالباً تثبيت ملكيته للمساحة السالفة الذكر وكف منازعة المدعى عليه فيها وتسليمها إليه. وقد توفى شوقي سدراك وحلت محله زوجته الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصياً على أولاده القصر وتحصل دفاعها في أن الأطيان موضوع النزاع تبلغ مساحتها 3 قراريط و8 أسهم فقط، إذ تنازل المطعون ضده الأول أمام الشهر العقاري عن تسعة أسهم من القدر المبيع له وسجل الحكم الصادر بصحة عقده بالنسبة لباقي القطعة البالغ مساحتها 3 قراريط و15 سهماً وإن هذه الأطيان مملوكة لمورثها شوقي سدراك إذ آلت إليه بطريق الشراء على قطعتين الأولى من رزه حسن إبراهيم وآخرين بعقد مؤرخ في 18/ 2/ 1941 ومسجل في 8/ 4/ 1941 والثانية من والده المرحوم سدراك عبد النور بعقد مؤرخ في 24/ 10/ 1940. وبجلسة 7 من إبريل سنة 1955 حكمت محكمة قنا الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل بقنا لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان مدى انطباقها على أطيان النزاع وعلى الأخص عقد مورث المدعى عليها الأولى (الطاعنة) المسجل في 8/ 4/ 1941 وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه وقد باشر الخبير مهمته وقدم تقريره وخلص فيه إلى أن عقد المطعون ضده الأول المؤرخ في 23/ 4/ 1947 ينطبق على أرض النزاع أما عقد مورث الطاعنة المسجل في 8/ 4/ 1941 فينطبق على مساحة أخرى غيرها وأوضح الخبير ذلك في رسم أرفقه بتقريره - وقال إنه بالنسبة لوضع اليد فإن ورثة سدراك عبد النور ومن بينهم نسيم سدراك البائع للمطعون ضده الأول وشوقي سدراك مورث الطاعنة كانوا يضعون اليد على أرض النزاع وفي سنة 1947 حاول المطعون ضده الأول وضع يده بموجب عقد شرائه ولكنه لم يتمكن إذا أقام ضده مورث الطاعنة الدعوى رقم 1262 لسنة 1948 مدني جزئي دشنا بمنع تعرضه وقضى له واستمر هذا الأخير في وضع يده - وحكمت المحكمة بجلسة 13 من يونيه سنة 1957 بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول إلى الأربعة قراريط البالغة 699.90 متراً مربعاً والكائنة بزمام دشنا والمبينة الحدود والموقع بصحيفة افتتاح الدعوى مع كف المنازعة والتسليم - فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 382 سنة 2 ق أسيوط وتمسكت بدفاعها أمام محكمة أول درجة وقضت محكمة الاستئناف في 18/ 1/ 1960 بتعديل الحكم المستأنف إلى تثبيت ملكية المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) لثلاثة قراريط وخمسة عشر سهماً شائعة في الأربعة قراريط الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى - فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض ورأت النيابة في مذكرتها رفض الطعن وبجلسة 5/ 10/ 1963 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب - حاصل السبب الأول منها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضده الأول استند في دعواه إلى عقد عرفي اشترى بموجبه من المرحوم نسيم سدراك بتاريخ 23/ 4/ 1947 أربعة قراريط بحوض المحطة نمرة 45 ضمن القطعة 91 بحدود مبينة في ذلك العقد، غير أن المطعون ضده الأول عندما رفع دعواه بصحة التعاقد رقم 2902 سنة 1947 جزئي دشنا ضد البائع له أثبت بصحيفة دعواه حدوداً أخرى غيرت من موقع العين التي اشتراها إلى عين يملكها المرحوم شوقي سدراك مورث الطاعنة وقد صدر الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد بالحدود الواردة بصحيفة الدعوى، ولما تعذر على المطعون ضده الأول تنفيذ هذا الحكم بوضع يده على العين أقام دعواه الابتدائية رقم 88 لسنة 1951 كلي قنا مطالباً تثبيت ملكيته للقدر مشتراة وحدد في صحيفتها الحدود الواردة بدعوى إثبات التعاقد لا حدود عقد شرائه وقضت محكمة أول درجة له بطلباته أخذاً بالحدود الواردة بصحيفة الدعوى وأيدها في ذلك الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده الأول بأغلب هذا القدر شيوعاً في القراريط الأربعة بحدودها الواردة بصحيفة الدعوى وأنه لما كان من المقرر أن العبرة في تحديد الأطيان المحكوم بإثبات صحة التعاقد عنها هي بما ورد من ذلك في العقد الذي بيعت بمقتضاه لا بما يكون قد ورد في صحيفة دعوى إثبات التعاقد، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده الأول بتثبيت ملكيته للقدر المحكوم به وفقاً للحدود الواردة بعريضة دعواه والمطابقة للحدود الواردة بصحيفة دعوى الصحة والنفاذ وهي غير الحدود الواردة بالعقد المؤرخ 23/ 4/ 1947 فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت من الاطلاع على محاضر أعمال الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى أنه قام بتطبيق الحدود الواردة بعقد المطعون ضده الأول المؤرخ 23/ 4/ 1947 على أرض النزاع فوجده ينطبق عليها وقد انتهى الخبير إلى ذلك في نتيجة تقريره وأخذ الحكم المطعون فيه بهذه النتيجة ومن ثم فلا وجه لتعييبه بعدم التعويل على الحدود الواردة بذلك العقد وبالتالي يكون النعي عليه بمخالفته القانون استناداً إلى ما تثيره الطاعنة بسبب النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه - قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها طعنت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها على تقرير الخبير أنه خالف الحقيقة الظاهرة المستمدة من مستندات الدعوى إذ على الرغم من أن عقدها المسجل في 8/ 4/ 1941 يتفق في حدوده مع عقد المطعون ضده المؤرخ 23/ 4/ 1947 فإن الخبير قد قطع في تقريره بأن عقد المطعون ضده الأول ينطبق على أرض النزاع أما عقدها فلا ينطبق وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذا التقرير مع ما فيه من تناقض مما يعتبر منه فساداً في الاستدلال كما طعنت بأن الخبير لم يقم بمهمته على الوجه الصحيح إذ أغفل تطبيق العقد المؤرخ 24/ 10/ 1940 والصادر من سدراك عبد النور إلى والده شوقي سدراك على أرض النزاع وطلبت ندب خبير آخر للقيام بهذه المهمة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يستجب لهذا الطلب وأغفل الرد عليه مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أنه بتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة تبين أن عقد المطعون ضده الأول المؤرخ في 23/ 4/ 1947 ينطبق على أرض النزاع أما مستندات الطاعنة فتنطبق على مساحات أخرى غير أرض النزاع ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بما جاء بهذا التقرير وتناول في أسبابه الرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص بقوله: "وحيث إن ما جاء بأسباب الاستئناف الثلاثة الأولى مردود بما ورد بالحكم المستأنف من أن الخبير انتقل للعين المتنازع عليها بحضور الطرفين وإرشادهم وطبق المستندات عليها واستبان أن عقد المستأنف عليه الأول - المطعون ضده الأول - ينطبق عليها دون عقد المستأنفة (الطاعنة) لما كان ذلك، وكان ما قررته المحكمة على النحو المتقدم هو تقرير موضوعي سائغ فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس. والنعي مردود في شقه الثاني بأن محكمة الموضوع وقد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهتها الطاعنة إلى ذلك التقرير ما دام أن المحكمة قد أخذت بما جاء في هذا التقرير محمولاً على أسبابه لأن في أخذها به ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير وهي في تقديرها لذلك لا سلطان عليها لمحكمة النقض - أما ما تقول به الطاعنة من أن المحكمة لم تجبها إلى طلب تعيين خبير آخر في الدعوى لتحقيق أوجه دفاعها فمردود بأن المحكمة غير ملزمة بإجابة هذا الطلب متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى وعناصره الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها وإذن فمتى كان ما أورده الحكم من أسبابه على النحو السابق بيانه تضمن أنها لم تر حاجة لاتخاذ إجراء آخر في الدعوى فإن الطعن عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أن الطاعنة قد طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يدها هي ومورثها على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية وعدم وضع يد البائع للمطعون ضده الأول عليها إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب اكتفاء بالتحقيق الذي أجراه الخبير مع أن التحقيق هو من شأن القاضي لا من شأن الخبير عملاً بنص المادة 193 من قانون المرافعات ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في قضائه على التحقيق الذي أجراه الخبير بشأن وضع اليد قد خالف القانون.
وحيث إنه يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي كانت معروضة على محكمة الموضوع ومنها المذكرة المقدمة من الطاعنة إلى محكمة الاستئناف في 7/ 12/ 1958 أن الطاعنة حين ادعت تملكها الأرض موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية حددت مبدأ وضع يدها هي ومورثها من تاريخ العقدين الصادرين إلى مورثها الأول في 24/ 10/ 1940 من المرحوم سدراك عبد النور والثاني في 18/ 2/ 1941 من رزة حسن إبراهيم، وإذ كان لم يمض من أسبق هذين التاريخين حتى تاريخ رفع الدعوى الابتدائية في 8/ 12/ 1951 المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن الحكم إذا انتهى إلى رفض دفاع الطاعنة في هذا الخصوص يكون صحيحاً في نتيجته ويكون غير منتج النعي عليه بالخطأ في القانون لتعويله في هذا الرفض على أقوال الشهود الواردة في تقرير الخبير وحدها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 464 لسنة 35 ق جلسة 29 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 34 ص 213

جلسة 29 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(34)
الطعن رقم 464 لسنة 35 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف    .
مناط عدم جواز الطعن وفقاً لنص المادة 378 مرافعات. أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. صدور الحكم في موضوع الدعوى أو في شق منه يقتضي الطعن فيه استقلالاً في الميعاد. عدم سريان المادة 404 مرافعات في هذه الحالة وعدم اعتبار الحكم مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي الذي صدر في الدعوى. التراخي في الطعن إلى ما بعد الحكم في الموضوع. أثره. عدم قبول الطعن.
(ب) وكالة. "وكالة بالعمولة".
الأصل التزام الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة. هذا الشرط ليس من النظام العام. جواز الاتفاق على مخالفته.
(جـ) عقد. "بطلان العقد". "تحول العقد". بطلان.
تحول العقد الباطل. شرطه. اشتماله عناصر عقد آخر انصرفت نية الطرفين إلى قبوله دون إدخال عنصر حديد عليه. العقد الباطل لانعدام صفة موقعيه. لا يمكن القول بتحوله لأنه عقد لم ينشأ.

---------------
1 - جعل المشرع المناط في عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه، تعين الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني وإلا سقط الحق في الطعن فيه، يستوي في ذلك أن يكون قضاءه القطعي وارداً في المنطوق أو في الأسباب، ولا يغير من ذلك النص في المادة 404 مرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة، لأن عبارة هذه المادة تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل - في خصوص الاستئناف - القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات.
2 - الأصل أن يلتزم الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة لإتمام العمل المسند إليه، إلا أن هذا الشرط ليس من النظام العام ويجوز لطرفي العقد الإنفاق على مخالفته.
3 - تحول العقد الباطل إنما يكون في حالة بطلان التصرف مع اشتماله على عناصر عقد آخر تكون نية الطرفين الاحتمالية قد انصرفت إلى قبوله دون إدخال عنصر جديد عليه، ولما كان الثابت أن محكمة أول درجة قد انتهت إلى بطلان الاتفاق المبرم بين الطرفين على أساس أن الموقعين عليه لا يملكون التعاقد نيابة عن هيئة الإذاعة، فإن القول بإمكان تحول عقد لم ينشأ يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن هيئة الإذاعة المصرية أقامت الدعوى رقم 3597 سنة 1953 تجاري كلي القاهرة ضد ماهر حسن فراج تطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 11087 ج و174 م والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، تأسيساً على أن ذلك المبلغ هو الباقي في ذمته باعتباره وكيلاً عنها بالعمولة في توزيع مجلتي الإذاعة المصرية وكايرو كولنج طبقاً للبيان الوارد تفصيلاً بصحيفة افتتاح الدعوى، كما أقام ماهر حسن فراج الدعوى رقم 1918 سنة 1954 تجاري كلي القاهرة ضد الإذاعة المصرية طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 11243 ج و871 م، تأسيساً على أنه لم يكن وكيلاً بالعمولة في التوزيع وإنما كان يقوم بشراء كل عدد من المجلتين المذكورتين لبيعه طبقاً لشروط متفق عليها وقد استحق له في ذمتها المبلغ المطالب به طبقاً لما ورد تفصيلاً بصحيفة دعواه، ودفع بعدم قبول الدعوى رقم 3597 سنة 1953 على اعتبار أن الطلبات فيها هي ذات الطلبات التي وجهتها الإذاعة في قضية الجنحة رقم 1649 سنة 1953 عابدين، وفي 24/ 2/ 1960 حكمت المحكمة برفض الدفع المشار إليه وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي صاحب الدور لإجراء المحاسبة بين الطرفين على أساس 15.5 مليم للعدد عن منطقة القاهرة، 15 مليم للعدد بالأقاليم، مع خصم 6% من ثمن البيع لماهر حسن فراج حتى 13 نوفمبر سنة 1948 وعدم إجراء خصمها من ذلك التاريخ حتى آخر ديسمبر سنة 1952، وعليه تقدير صافي ما يستحقه كل من الخصوم وبيان ما إذا كان ماهر حسن فراج قد دفع تأميناً للإذاعة المصرية ومقداره إن وجد. وفي 4/ 5/ 1960 قضت المحكمة باستبدال مكتب الخبراء الحكوميين بالخبير السابق ندبه لأداء المأمورية سالفة البيان. وبعد أن باشر مكتب الخبراء هذه المأمورية وقدم تقريره عادت وبتاريخ 8/ 1/ 1964 فحكمت (أولاً) في الدعوى 3597 سنة 1953 بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعية مبلغ 11079 ج و480 م وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 24/ 11/ 1953 حتى السداد (ثانياً) في الدعوى 1918 سنة 1954 بإلزام المدعى عليهما بصفتهما - الإذاعة المصرية - بدفع مبلغ 350 ج للمدعي. واستأنف ماهر حسن فراج هذا الحكم والحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءهما فيما قضيا به في الدعوى رقم 3597 سنة 1953 وبرفض هذه الدعوى وتعديل الحكم الأخير فيما قضى به في الدعوى رقم 1918 سنة 1954 والحكم بإلزام هيئة الإذاعة بأن تدفع له مبلغ 11243 ج و871 م وقيد هذا الاستئناف برقم 180 سنة 81 قضائية، كما استأنفت هيئة الإذاعة الحكم الأخير طالبة إلغاءه فيما قضى به من إلزامها بدفع مبلغ 350 ج لماهر حسن فراج ورفض الدعوى رقم 1918 سنة 1954 وقيد هذا الاستئناف برقم 181 سنة 81 قضائية. وفي 11/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وأصرت النيابة على رأيها الوارد بالمذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول، أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن استئناف الحكم الصادر في الموضوع لا يستتبع استئناف الحكم التمهيدي الصادر في 24/ 2/ 1860 بالنسبة لما ورد في أسبابه بشأن تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها وكالة بالعمولة وبطلان الاتفاق المبرم بينهما في 19/ 8/ 1952، استناداً إلى أنه قضاء قطعي أنهى الخصومة في جزء منها وأصبح نهائياً لعدم الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أنه يترتب على استئناف الحكم الصادر في الموضوع طبقاً لنص المادة 404 من قانون المرافعات استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية فلا يصح قصرها على الأحكام التي لا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها وذلك بشرط ألا تكون قد قبلت صراحة. ولما كان الثابت أن الطاعن لم يقبل ما قرره ذلك الحكم بشأن تكييف العلاقة القائمة بينه وبين هيئة الإذاعة أو بشأن بطلان الاتفاق المؤرخ 19/ 8/ 1952 فإن شروط المادة 404 مرافعات تكون متوافرة، ويكون الحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 مستأنفاً بجميع ما تضمنه مع الحكم الصادر في الموضوع خصوصاً وأنه قد ورد بنهاية أسباب الحكم المذكور أنه وإن قطع في بعض مواطن النزاع وأرسى الباقي منها على أسس محدودة في نطاق معين إلا أنه لم يحسم الخصومة بعد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع قد جعل المناط في عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه تعين الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني وإلا سقط الحق في الطعن فيه يستوي في ذلك أن يكون قضاؤه القطعي وارداً في المنطوق أو في الأسباب، ولا يغير من ذلك النص في المادة 404 مرافعات على أن "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" لأن عبارة هذه المادة بحسب ما هو واضح بالمذكرة الإيضاحية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل في خصوص الاستئناف القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات، ولما كان الثابت في الدعوى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 24/ 2/ 1960 وإن قضى في منطوقه بندب خبير، إلا أنه قرر في أسبابه أن المحكمة لا تجد في الخطابات المتبادلة بين الطرفين نصاً يحدد مدة التعامل وأنها تعتبر اتفاقهما منشأ لعقد وكالة بالعمولة مدته هي الفترة اللازمة لتوزيع كل عدد على حدة، وإن هذا العقد ينتهي بمجرد توزيع كل عدد وإتمام المحاسبة عليه ثم يتولد عقد جديد بمناسبة توزيع كل عدد آخر وبالتالي يكون هذا العقد قد انتهى تماماً بانتهاء توزيع آخر عدد عهدت الإذاعة إلى الطاعن بتوزيعه ويكون لها أن تعهد بالتوزيع إلى من تشاء، كما قرر الحكم أيضاً عدم الاعتداد بالاتفاق المحرر في 19/ 8/ 1952 بين الطاعن ومراقب مالي الإذاعة لأنه لم يصدر من الجهة المختصة بالتعاقد نيابة عن الإذاعة المصرية، وإن الخصم الذي كانت تجريه الإذاعة للمتعهد من الثمن هو من حقها باعتباره منحة لا يقابلها أي التزام في جانب المتعهد فلا يتولد له حق فيها، وما دامت الإذاعة أوقفت صرفها من 13/ 11/ 1948 فلا يكون له حق في المطالبة بها من ذلك التاريخ، وهذا الذي أورده الحكم في أسبابه، هو قضاء قطعي فصل في شق من الموضوع كان مدار النزاع بين الطرفين مما كان يتعين معه الطعن فيه على استقلال خلال الستين يوماً التالية لتاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وإذ تراخى الطاعن في استئنافه حتى استأنفه مع الحكم الصادر بتاريخ 8/ 1/ 1964 فإن استئنافه هذا الشق القطعي يكون قد رفع بعد الميعاد، ولا يعتبر مستأنفاً باستئناف الحكم الأخير، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة بعد أن انتهى في أسبابه إلى تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة، قضى في منطوقه بإجراء المحاسبة على أسس معينة بعيدة كل البعد عن أسس وقواعد الوكالة بالعمولة التي تخول الوكيل الرجوع على موكله بكافة المصروفات التي يتحملها نتيجة التعاقد مع الغير وبالعمولة التي يستحقها، فضلاً عن فوائد جميع المبالغ التي صرفها لمصلحة الموكل ثم عاد وخالف هذه القواعد والأسس ولم يشر إلى احتساب المصاريف التي أنفقها الطاعن في سبيل تنفيذ عقد الوكالة بالعمولة من تخزين ونقل وتوزيع وإعلان ومرتبات، كما لم يشر إلى قيمة العمولة التي يجب احتسابها طبقاً للعرف الجاري ما دام الطرفان لم يتفقا عليها، وإذ كانت الأسس التي أوردها الحكم التمهيدي هي التي أخذ بها الحكم الصادر في الموضوع، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد هذا الحكم وجعل من أسبابه أسباباً له فإنه يكون مشوباً بالتناقض والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه لدى محكمة أول درجة، أنه اتفق مع هيئة الإذاعة على الثمن وتحديد سعر البيع وعلى تحمله تأخير بعض ثمن الأعداد طرف الباعة والمعلمين والصرف على أجهزة التوزيع من ماله الخاص وإجراء التوزيع بسياراته وتحمله مخاطر البيع، فإذا كان الحكم التمهيدي قد أعمل هذا الاتفاق وحدد للخبير إجراء المحاسبة على هداه، فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما حدده من أسس لإجراء الحساب وبين ما انتهى إليه في صدد تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة، ذلك أنه وإن كان الأصل أن يلتزم الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة لإتمام العمل المسند إليه إلا أن هذا الشرط ليس من النظام العام ويجوز لطرفي العقد الاتفاق على مخالفته.
وحيث إن حاصل السبب الثالث، أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أنه عول في قضائه على ما ذكرته محكمة أول درجة في أسباب حكمها التمهيدي من أن الاتفاق المبرم بينه وبين هيئة الإذاعة بتاريخ 19/ 8/ 1952 باطل ولا أثر له لعدم صدوره من مجلس إدارة الهيئة أو من مديرها العام، في حين أن الاتفاق المشار إليه لم يبرم في ظل التشريع العادي، وإنما تم في ظل الثورة بناء على تدخل من مندوب مجلس الثورة المعين رقيباً عسكرياً عاماً على الإذاعة ليكون له الإشراف على جميع شئونها، وحلوله بذلك محل مجلس الإدارة والمدير العام في كافة اختصاصاتهما بما فيها إبرام العقود الخاصة بها مع الغير والتوقيع عليها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لوروده على أمر فصل فيه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 24/ 2/ 1960، والذي - أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي، لعدم استئنافه في الميعاد على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم للخبير خطاباً رسمياً صادراً من الإذاعة بتاريخ 28/ 10/ 1952 تطلب منه تسديد مبلغ 182 ج قيمة الباقي من التسوية، وتمسك الطاعن بإقرار الإذاعة الوارد في هذا الخطاب لدى الخبير وفي مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة وقت حجز القضية للحكم والتي طلب فيها إعادة المأمورية إلى الخبير لإجراء المحاسبة ابتداء من العدد 910 كما جاء بخطاب الإذاعة المشار إليه، وليس من العدد 883 الذي أجرى الخبير المحاسبة ابتداء منه أخذاً بأقوال مندوب الإذاعة ورفضت المحكمة هذا الطلب بحجة أن ما قام به الخبير في هذا الصدد يتفق مع ما تضمنه الحكم الصادر بندبه من قضاء قطعي ببطلان الاتفاق المؤرخ 19/ 8/ 1952 الذي صدر هذا الخطاب على أساسه، ولما استأنف الطاعن هذا الحكم عرض في صحيفة الاستئناف لما قررته محكمة أول درجة بشأن الاتفاق والخطاب سالفى الذكر، وأوضح أن ما قررته المحكمة بشأنهما لم يكن يمنعها من إجابة طلبه للتعرف على الأساس الذي تستقر عليه الإذاعة في إجراء المحاسبة، وما كان لها أن تتذرع في رفض هذا الطلب بقضاء محكمة أول درجة ببطلان الاتفاق لصدوره من جهة غير مختصة لأن التنظيم الثوري إنما يضفي الشرعية والصحة على من وقعوا ذلك الاتفاق، وأن التعهدات الناشئة عن الاتفاق برغم بطلانه إنما تنتج آثارها القانونية طبقاً للمادة 144 من القانون المدني باعتباره صلحاً تم بين الطرفين، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بما يقتضيه اكتفاء بما قرره عن قطعية الحكم ببطلان الاتفاق والخطاب الصادر على أساسه، وفي هذا إخلال بحق الدفاع فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بما قرره مندوب الإذاعة أمام الخبير من أن المبلغ الوارد بالخطاب المؤرخ 28/ 10/ 1952 والذي يفيد مديونية الطاعن بمبلغ 182 ج حتى العدد 909، إنما يمثل الباقي طرفه بعد قيامه بتحرير شيكات بالمبالغ المستحقة في ذمته من ثمن أعداد المجلتين تنفيذاً للتسوية الحاصلة في 19/ 8/ 1952، والتي انتهت محكمة أول درجة في الحكم الصادر في 20/ 2/ 1960 إلى بطلانها لعدم صدورها ممن يملك التعاقد نيابة عن الإذاعة، وقد أصبح هذا القضاء نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي لعدم الطعن فيه في الميعاد - والنعي في شقه (الثاني) مردود بأن تحول العقد الباطل، إنما يكون في حالة بطلان التصرف مع اشتماله على عناصر عقد آخر تكون نية الطرفين الاحتمالية قد انصرفت إلى قبوله دون إدخال عنصر جديد عليه - ولما كان الثابت من الحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 أن محكمة أول درجة قد انتهت إلى بطلان الاتفاق المبرم بين الطرفين بتاريخ 19/ 8/ 1952 على أساس أن الموقعين عليه لا يملكون التعاقد نيابة عن هيئة الإذاعة، فإن القول بإمكان تحول عقد لم ينشأ، يكون على غير أساس، لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 16 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 181 ص 1266

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(181)
الطعن رقم 16 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الخصوم في الطعن". دعوى استئناف. دائن. خلف. "خلف خاص".
تمثيل المدين لدائنه العادي في الخصومة. إفادة الدائن من الحكم الصادر فيها لمصلحة المدين واعتبار الحكم على المدين حجة على دائنة في حدود ما يتأثر بالحكم حق الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينه. للدائن ولو لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه أن يطعن في الحكم الصادر فيها. توجيه الاستئناف إلى المدين لا يلزم معه توجيه الاستئناف إلى دائنه الذي تدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة منضماً إلى مدينه إذ في اختصام المدين ما يغني عن اختصام الدائن.
(ب) استئناف. "الخصوم في الاستئناف". "إعلان الاستئناف".
لا يلزم شمول الاستئناف كل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة. وإنما يجب إعلانه إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم دون غيرهم ممن لم ير المستأنف توجيهه إليهم.
(جـ) تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". حكم. "الطعن في الأحكام". دائن.
أحوال عدم التجزئة المقصودة بالمادة 384 مرافعات هي الأحوال التي يتعدد فيها المحكوم لهم بحيث يخشى وقوع تضارب في الأحكام. انتفاء التعدد بهذا المعنى متى كان المحكوم له هو المدين وكان دائنة قد تدخل منضماً إليه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف.
(د) استئناف. "التدخل في الاستئناف". اعتراض الخارج عن الخصومة".
لا يلزم اختصام الدائن مع مدينه في الاستئناف. ولكن للدائن أن يتدخل في الاستئناف. وله في حالة عدم تدخله في الاستئناف الاعتراض على الحكم الصادر فيه إذا قضى بشيء على مدينه باعتراض الخارج عن الخصومة إذا أثبت وقوع غش منه أو تواطؤ أو إهمال جسيم في مباشرته الاستئناف.

----------------
1 - يعتبر المدين ممثلاً لدائنه العادي في الخصومات التي يكون المدين طرفاً فيها فيفيد الدائن من الحكم الصادر فيها لمصلحة مدينه، كما يعتبر الحكم على المدين حجة على دائنة في حدود ما يتأثر بالحكم حق الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينه، كما أن للدائن ولو لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه أن يطعن على الحكم الصادر فيها بطرق الطعن العادية وغير العادية بالشروط التي رسمها القانون لأطراف الخصومة وذلك لما هو مقرر من أن الطعن يقبل ممن كان طرفاً بنفسه أو بمن ينوب عنه في الخصومة التي انتهت بالحكم المطعون فيه، كما يفيد الدائن من الطعن المرفوع من مدينه ويحتج عليه بالطعن المرفوع على هذا المدين، ومن ثم فإن الطاعن إذ وجه استئنافه إلى المطعون ضدهما الأولين وأعلنهما به في الميعاد القانوني فإنه لم يكن بعد ملزماً بتوجيه الاستئناف أيضاً إلى المطعون ضده الثالث الذي تدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة منضماً إلى مدينته المطعون ضدها الأولى إذ في اختصام هذه المدينة ما يغني عن اختصامه هو (1).
2 - لا توجب المادة 406/ 1 من قانون المرافعات شمول الاستئناف لكل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة وإنما كل ما أوجبته هو إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الاستئناف دون غيرهم ممن لم ير المستأنف توجيه الاستئناف إليهم.
3 - أحوال عدم التجزئة المقصودة بالمادة 384 مرافعات هي الأحوال التي يتعدد فيها المحكوم لهم بحيث يخشى وقوع تضارب في الأحكام، والتعدد بهذا المعنى لا يتحقق إذا كان المحكوم له هو المدين وكان دائنة قد تدخل منضماً إليه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف إذ في هذه الحالة يعتبر المحكوم له واحداً وهو المدين أما الدائن فإنه إذا كان يفيد من الحكم فإن إفادته منه تكون بطريق التبعية باعتباره خلفاً للمدين المحكوم له وفي هذه الصورة تنتفي الخشية من تضارب الأحكام لأن الحكم الذي يصدر في الاستئناف يكون حجة على الدائن ولو لم يختصم فيه بنفسه (2).
4 - إنه وإن كان اختصام الدائن في الاستئناف المرفوع على مدينه غير لازم فإن له مع ذلك أن يتدخل في هذا الاستئناف طبقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 412 من قانون المرافعات على اعتبار أنه ممن يجوز لهم الاعتراض على الحكم الذي يصدر في الاستئناف عملاً بالمواد 450 وما بعدها الخاصة باعتراض الخارج عن الخصومة. كما أن لهذا الدائن إذا لم يتدخل في الاستئناف أن يعترض على الحكم الصادر فيه إذا قضى بشيء على مدينه باعتراض الخارج عن الخصومة إذا أثبت وقوع غش منه أو تواطؤ أو إهمال جسيم في مباشرته الاستئناف، ولا يقدح في ذلك أنه كان ماثلاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى لأنه ما دام لم يختصم في الاستئناف ولم يتدخل فيه فيكون له الاعتراض على الحكم الصادر في هذا الاستئناف لأن هذا الحكم هو الذي يعتبر حجة عليه في هذه الحالة دون الحكم الابتدائي ولم تتح له الفرصة لإبداء دفاعه للمحكمة الاستئنافية فيكون له أن يدفع الاحتجاج عليه بحكمها بطريق الاعتراض عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 39 سنة 1955 كلي طنطا طلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في 25 يوليه سنة 1952 والمتضمن بيع المدعى عليه المذكور لها 6 أفدنة و22 قيراطاً و9 أسهم المبينة بهذا العقد لقاء ثمن قدره 3939 ج و530 م - ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية تدخل الطاعن طالباً رفض الدعوى وبنى تدخله على أنه دائن للبائع (المطعون ضده الثاني) وأن عقد البيع صوري صورية مطلقة قصد بها الأضرار بدائني البائع ومن بينهم هو (المتدخل) وبجلسة 10 من أكتوبر سنة 1955 قضت المحكمة بقبول تدخله وأحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الصورية المدعاة - وأمام القاضي المنتدب للتحقيق طلب محمد عثمان سرى المطعون ضده الثالث قبول تدخله في الدعوى منضماً إلى المدعية (المطعون ضدها الأولى) في طلباتها وذلك تأسيساً على أنه يداينها بمبلغ ألف جنيه صدر له به أمر أداء ضدها وأن من مصلحته أن يحكم لها بطلباتها حتى يزيد ذلك من الضمان العام المقرر له على أموالها بالنسبة لدينه - وبعد سماع الشهود وإحالة الدعوى إلى المرافعة قضت المحكمة في 8 من سبتمبر سنة 1956 بقبول تدخل محمد عثمان سرى (المطعون ضده الثالث) في الدعوى منضماً إلى المدعية في طلباتها ثم حكمت في 3 من نوفمبر سنة 1956 بصحة ونفاذ العقد وألزمت المطعون ضده الثاني (البائع)
والطاعن المصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش أتعاب للمحاماة للمطعون ضدها الأولى (المشترية) والخصم المنضم إليها محمد عثمان سرى مناصفة بينهما مؤسسة قضاءها على ما ثبت لها من انتقاء الصورية المدعاة وصحة العقد واستيفائه لشروطه القانونية وقد رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم بعريضة قدمها إلى قلم كتاب محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 201 سنة 7 ق ووجه هذا الاستئناف إلى المطعون ضدهما الأولين (المشترية والبائع) دون المطعون ضده الثالث الذي قبلت محكمة الدرجة الأولى تدخله منضماً إلى المشترية ولدى نظر الاستئناف طلب هذا الأخير قبول تدخله ودفع ببطلان الاستئناف لعدم اختصاصه فيه - وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف ببطلان الاستئناف وقالت في أسباب حكمها عن طلب التدخل إنها وقد انتهت إلى أن الاستئناف قد وقع باطلاً لعدم توجيهه إلى المطعون ضده طالب التدخل فإنه لا يكون هناك محل لتدخله في استئناف ولد ميتا وبتاريخ 6 من يناير سنة 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من إبريل سنة 1963 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي انتهت إليه في مذكرتها والمتضمن رفع الطعن - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه ببطلان الاستئناف المرفوع منه على أن القانون يلزمه بأن يختصم في هذا الاستئناف المطعون ضدهم الثلاثة لأن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة وأنه ما دام لم يختصم في استئنافه المطعون ضده الثالث ولم يعلنه بالاستئناف في ميعاد الثلاثين يوماً المحدد للإعلان في المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات فإن الاستئناف برمته يكون باطلاً وأضاف الحكم أنه وقد ولد الاستئناف معدوماً فلا يكن ثمة محل لطلب المطعون ضده الثالث - التدخل فيه - ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح ذلك أن القانون لا يوجب توجيه الاستئناف إلى كل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة إلا في الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ولما كانت الدعوى الحالية ليست من بين تلك الدعاوى فإن الطاعن لم يكن ملزماً باختصام المطعون ضده الثالث في استئنافه لأن هذا المطعون ضده لم يكن خصماً أصلياً له أمام محكمة أول درجة إذ أن الخصومة كانت منعقدة بينه وبين البائع المطعون ضده الثاني والمشترية (المطعون ضدها الأولى) زوجة هذا المدين التي تصرف إليها في كل أملاكه بالعقد الذي كان مطلوباً الحكم بصحته ونفاذه تصرفاً صورياً قصد به التهرب من الديون التي عليه للطاعن وقد كان تدخل المطعون ضده الثالث في الدعوى أمام محكمة أول درجة تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضدها الأولى باعتباره دائناً عادياً لها ليس له من الحقوق بفرض صحة دينه - أكثر مما لها وعلى ذلك فلم يكن الطاعن ملزماً باختصاصه في الاستئناف بعد أن اختصم مدينته إذ أن اختصامها يغني عن اختصامه وقد قام الطاعن بإعلان استئنافه في الميعاد المحدد في المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات إلى تلك المدينة التي رفعت الدعوى الابتدائية والبائع لها باعتبارهما الخصمين الأصليين له أمام محكمة أول درجة وبذلك تم استئنافه صحيحاً وقد أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن تلك المادة توجب إعلان جميع الخصوم الذين كانوا ممثلين أمام محكمة أول درجة في الميعاد المبين فيها ذلك أنها إنما توجب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم دون سواهم ممن لم يوجه إليهم الاستئناف ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه حتى لو صح جدلاً تفسير الحكم للمادة 406 مكرراً فإنه طالما أن الحكم الابتدائي صادر في موضوع غير قابل للتجزئة فإن الطاعن وقد رفع استئنافه في الميعاد على أحد المحكوم لهم يكون له طبقاً للمادة 384/ 2 مرافعات اختصام الباقين ولو بعد فوات الميعاد بالنسبة لهم وقد أغناه المطعون ضده الثالث عن إدخاله في الاستئناف بطلبه التدخل فيه من تلقاء نفسه كان يحق لمحكمة الاستئناف أن ترفض تدخله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر أن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة لأنه يدور حول جدية عقد وصوريته قال "وحيث إن المستأنف لم يختصم في طعنه محمد عثمان سرى (المطعون ضده الثالث) وقد طلب الأخير تدخله في الاستئناف طالباً بطلانه - وحيث إن الاختصام في هذا النوع من الاستئناف لا يكون طبقاً للمادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 264 لسنة 1953 إلا بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة شاملة لأسماء الخصوم جميعاً ويجب إعلانها إليهم في خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم العريضة وفقاً لنص المادة 406 مكرراً ولا يعفى من ذلك ما ورد بالمادة 384 مرافعات من أنه إذا كان الحكم المستأنف صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة ورفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم - ذلك لأن نص المادة 384 مرافعات مقيد في الطعن بالاستئناف الذي يخضع لأحكام المادة 405 مرافعات وما بعدها بما تفرضه هذه المادة من وجوب اشتمال ذات صحيفة الاستئناف التي تقدم لقلم الكتاب على أسماء الخصوم الواجب اختصامهم وبما تفرضه المادة 406 مكرراً من وجوب إعلان هؤلاء الخصوم جميعاً في الميعاد المنصوص عليه فيها وإلا كان الطاعن باطلاً (المذكرة التفسيرية للقانون 264 سنة 1953 وحكمي النقض في الطعنين 149، 181 سنة 22 ق) وحيث إنه ترتيباً على ما سلف يكون هذا الاستئناف قد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها - أما ما يطلبه محمد عثمان سرى من تدخل في هذا الاستئناف فلا محل له حيث ولد الاستئناف معدوماً فلا محل للتدخل فيه" - وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في خصوص الاستئناف المرفوع من الطاعن ذلك أنه لما كان المدين يعتبر ممثلاً لدائنه العادي في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها فيفيد الدائن من الحكم الصادر فيها لمصلحة مدينه كما يعتبر الحكم على المدين حجة على دائنة في حدود ما يتأثر بالحكم حق الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينه كما أن للدائن ولو لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه أن يطعن في الحكم الصادر فيها بطرق الطعن العادية وغير العادية بالشروط التي رسمها القانون لأطراف الخصومة وذلك لما هو مقرر من أن الطعن يقبل ممن كان طرفا بنفسه أو بمن ينوب عنه في الخصومة التي انتهت بالحكم المطعون فيه. كما يفيد الدائن من الطعن المرفوع من مدينه ويحتج عليه بالطعن المرفوع على هذا المدين - لما كان ذلك، فإن الطاعن إذ وجه استئنافه إلى المطعون ضدهما الأولين - وأعلنهما به في الميعاد القانوني فإنه لم يكن بعد ملزماً بتوجيه الاستئناف أيضاً إلى المطعون ضده الثالث الذي تدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة منضماً إلى مدينته المطعون ضدها الأولى إذ في اختصام هذه المدينة ما يغني عن اختصامه هو - ولا محل لاستناد الحكم المطعون فيه في هذا المقام إلى المادة 406/ 1 مكرراً وما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 264 لسنة 1953 ولا إلى قضاء النقض الذي استشهد به للقول بوجوب اختصام جميع المحكوم لهم في الاستئناف وإعلانهم به في الميعاد ما دام الموضوع الذي صدر فيه الحكم المستأنف غير قابل للتجزئة - ذلك أن المادة 406/ 1 مكرراً لم توجب شمول الاستئناف لكل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة وإنما كل ما أوجبته هو إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الاستئناف دون غيرهم ممن لم ير المستأنف توجيه الاستئناف إليهم - أما ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 264 لسنة 1953 وفي قضاء النقض الذي استشهد به الحكم المطعون فيه - خاصاً بأحوال عدم التجزئة فإنه مقصود به الأحوال التي يتعدد فيها المحكوم لهم بحيث يخشى وقوع تضارب في الأحكام، والتعدد بهذا المعنى لا يتحقق إذا كان المحكوم له هو المدين وكان دائنة قد تدخل منضماً إليه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف إذ في هذه الحالة يعتبر المحكوم له واحداً وهو المدين أما الدائن فإنه إذا كان يفيد من الحكم فإن إفادته منه تكون بطريق التبعية باعتباره خلفاً للمدين المحكوم له وفي هذه الصورة تنتفي الخشية من تضارب الأحكام لأن الحكم الذي يصدر في الاستئناف يكون حجة على الدائن ولو لم يختصم فيه بنفسه - وإذا كان اختصام المطعون ضده الثالث (الدائن) في الاستئناف الذي رفعه الطاعن غير لازم فإن للمطعون ضده المذكور مع ذلك أن يتدخل في هذا الاستئناف طبقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 412 من قانون المرافعات على اعتبار أنه ممن يجوز لهم الاعتراض على الحكم الذي يصدر في الاستئناف عملاً بالمواد 450 وما بعدها الخاصة باعتراض الخارج عن الخصومة كما أن لهذا الدائن إذا لم يتدخل في الاستئناف أن يعترض على الحكم الصادر فيه إذا قضى بشيء على مدينته المطعون ضدها الأولى باعتراض الخارج عن الخصومة إذا أثبت وقوع غش منها أو تواطؤ أو إهمال جسيم في مباشرتها الاستئناف ولا يقدح في ذلك أنه كان ماثلاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى ذلك أنه ما دام الحكم الاستئنافي هو الذي يعتبر حجة عليه في هذه الحالة دون الحكم الابتدائي ولم تتح له الفرصة لإبداء دفاعه للمحكمة الاستئنافية بسبب عدم إدخاله في الاستئناف فإنه يكون له أن يدفع الاحتجاج عليه بحكمها بطريق الاعتراض عليه - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 23/ 5/ 1957 طعن 172 س 23 ق السنة الثامنة ص 520.
(2) راجع نقض 9/ 4/ 1964 طعن 161 س 29 ق السنة 15 ص 561.