الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 يناير 2023

الطعن 449 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 98 ص 626

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، صبري فرحات.

-----------------

(98)
الطعن رقم 449 لسنة 29 القضائية

مرض الموت. "تحديده". بيع. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك. اكتفاء الحكم في اعتبار المورث مريضاً مرض موت وقت صدور التصرف المطعون فيه بقعوده عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابة دون بيان لنوع المرض الذي انتابه وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف. قصور.

------------------
حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في اعتبار أن المورث كان مريضاً مرض الموت وقت صدور التصرف المطعون فيه بأنه قعد عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته دون بيان لنوع المرض الذي انتاب المورث وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف المطعون فيه، فإن ذلك الحكم يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييفه للمرض بأنه مرض موت (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المرحوم محمد إبراهيم عبد العال مورث المطعون عليهم الأربعة الأول أقام الدعوى رقم 2443 سنة 1941 شربين ضد الطاعن الأول ومورثي باقي الطاعنين وقال في بيان دعواه إن مورثه ومورث المدعى عليهم المرحوم محمد إبراهيم عبد العال قد توفى في 28 يناير سنة 1918 وترك ما يورث عنه شرعاً 22 ف و16 ط و5 س أطياناً زراعية بزمام بلدة كفر الغاب مركز شربين ويقدر ما يستحقه فيها بالميراث بـ 2 ف و21 و16 س على أن المدعى عليهم نازعوه في ملكية هذا النصيب وطلب من أجل ذلك الحكم بتثبيت ملكيته إليه شيوعاً في أطيان التركة. وكان مما دفع به المدعى عليهم الدعوى أن المورث المرحوم محمد إبراهيم عبد العال باع حال حياته جميع أطيانه إلى أولاده الهنداوي وعبد العزيز وبركات وهم مورثوهم وذلك بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 5 يناير سنة 1918 وثابت التاريخ بوفاة البائع. فطعن المدعي على ذلك العقد بأنه صدر من البائع وهو في مرض الموت فيكون حكمه حكم الوصية وهي لا تجوز لوارث بغير إجازة سائر الورثة، قضت محكمة شربين بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات أن عقد البيع صدر من المورث وهو في حالة مرض الموت ولينفي المدعى عليهم ذلك وبعد سماع الشهود قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية لاختصاصها بها تبعاً لقيمتها وقيدت لدى هذه المحكمة برقم 298 لسنة 1951، كذلك أقام المرحوم عبد المجيد محمد إبراهيم مورث المطعون عليها الخامسة الدعوى رقم 1653 لسنة 1949 كلي المنصورة ضد المدعى عليهم في الدعوى المستأنفة وآخرين وقال بها إنه يستحق في الأطيان التي خلفها مورثه المرحوم محمد إبراهيم عبد العال 4 ف 1 ط 4 س وهو مقدار ما آل إليه بالميراث عن مورثه المذكور بالإضافة إلى ما ورثه عن والدته ومن توفى من إخوته الأشقاء فيما آل إليهم بالميراث عن المورث الأصلي المشار إليه، وأن المدعى عليهم ينازعونه ملكية نصيبه الذي حدده وطلب لذلك الحكم بتثبيت ملكيته إليه شيوعاً في أطيان التركة، وتمسك كل من الطرفين في هذه الدعوى بمثل الدفاع الذي أبداه الطرفان في الدعوى السابقة وقررت المحكمة ضم الدعويين معاً ثم أصدرت فيهما حكمها بجلسة 14 ديسمبر سنة 1953 بإجابة كل من المدعيين إلى طلباته واستندت في قضاءها بذلك إلى أن عقد البيع المؤرخ 5 يناير سنة 1918 يعتبر باطلاً لصدوره من المورث الأصلي إلى بعض ورثته وهو في حالة مرض الموت، استأنف الطاعنون هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 73 سنة 4 ق وبجلسة 8 يونيو سنة 1959 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها أسباباً أخرى، قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ولدى نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجهين أولهما أن الحكم أقام قضاءه ببطلان عقد البيع المؤرخ 5 يناير سنة 1918 الصادر من المورث الأصلي المرحوم محمد إبراهيم عبد العال إلى أولاده مورثي الطاعنين على أن البائع كان مريضاً مرض الموت وقت صدور عقد البيع وقد اكتفى الحكم في التدليل على قيام حالة مرض الموت بقوله أن البائع أصيب بمرض منعه عن الخروج من منزله مدة ستة أشهر بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته وانتهى المرض بوفاته وأنه عندما أحس بدنو أجله تصرف في جميع أطيانه إلى بعض ورثته. وإذ لم يفصح الحكم عن نوع المرض الذي ألم بالبائع ولم يبين أن الهلاك كان غالباً فيه وقت صدور التصرف فإنه يكون مشوباً بالقصور، والوجه الثاني أن الطاعنين تمسكوا لدى محكمة الموضوع بأنه وإن فرض أن عقد البيع قد صدر من المورث البائع إلى أولاده مورثي الطاعنين وهو في حالة مرض الموت فإن العقد يأخذ حكم الوصية، وتعتبر هذه الوصية صحيحة ونافذة في حق إبراهيم وعبد المجيد محمد إبراهيم عبد العال مورثي المطعون عليهم الخمسة الأول لإجازتها منهما إجازة ضمنية بسكوتهما عن الطعن في العقد أمداً طويلاً وذلك بالإضافة إلى إجازتها من ثانيهما إجازة صريحة وذلك بإقراره مع بعض الورثة الآخرين بصحة عقد البيع في الاتفاق المؤرخ 7 ديسمبر سنة 1918 المعقود بينهم وبين المرحوم عبد العزيز محمد عبد العال أحد مورثي الطاعنين ولم تلتفت المحكمة إلى هذا الدفاع أو تتناوله بالبحث مما يعيب حكمها بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن هذا النعي صحيح في وجهيه ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اقتصر في بيان المرض الذي اعتبره مرض موت على القول "وحيث إنه يبين من مجموع أقوال شهود الإثبات أن المورث كان مريضاً لمدة ستة أشهر مرضاً أقعده عن مزاولة عمله خارج المنزل وذلك بسبب سقوطه من على دابة كان يركبها وأن هذا المرض قد انتهى بوفاته... وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من العقد أنه حرر بتاريخ 5 يناير سنة 1918 على حين أن الوفاة قد حصلت في 28 يناير سنة 1918 مما يؤكد أن المورث حينما شعر بقرب أجله بسبب مرضه تصرف إلى بعض ورثته في كل ما يملك" ولم يضف الحكم المطعون فيه جديداً في هذا الخصوص غير قوله "إن المورث وقع أرضاً من فوق دابته وأصيب بسبب ذلك في ظهره إصابة أقعدته عن الحركة وأفقدته النطق في بعض الأحايين وأنه لازم الفراش منذ سقوطه حتى وفاته طيلة ستة أشهر". ولما كانت حالة مرض الموت مشروطة شرعاً بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في اعتبار أن المورث كان مريضاً مرض الموت وقت صدور التصرف المطعون فيه بأنه قعد عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة لوفاته بسبب سقوطه من فوق ظهر دابته ودون بيان لنوع المرض الذي انتاب المورث وتحقيق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف المطعون فيه فإن ذلك الحكم يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييفه للمرض بأنه مرض موت. كذلك فإنه يبين من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعنين أنهم تمسكوا في دفاعهم بأن عقد البيع وإن ثبت صدوره من المورث وهو مرض الموت فإنه يأخذ حكم الوصية وينفذ بإجازة الورثة وقد أجاز مورثا المطعون عليهم الخمسة الأول ذلك العقد إجازة ضمنية بسكوتهما عن الطعن فيه سنين طويلة إذ لم يرفع مورث المطعون عليهم الأربعة الأولين دعواه بطلب حصته الميراثية إلا بعد أربع وعشرين سنة من تاريخ وفاة المورث ولم يرفع مورث المطعون عليها الخامسة دعواه المماثلة إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة كما أن هذا الأخير قد أجاز العقد المطعون فيه مع فريق آخر من الورثة إجازة صريحة بالاعتراف بصحته بموجب عقد مؤرخ 7 ديسمبر سنة 1918. ويبين من الاطلاع على هذا العقد المقدم ضمن حافظة مستندات الطاعنين والذي كان معروضاً على محكمة الموضوع بدرجتيها أنه انعقد بين عبد العزيز محمد إبراهيم عبد العال أحد مورثي الطاعنين وبين فريق من إخوته لوالده منهم عبد المجيد محمد إبراهيم عبد العال مورث المطعون عليها الخامسة ويتضمن إقرار هذا الفريق بأنهم لا يستحقون شيئاً في الأطيان المبيعة من مورث الطرفين محمد إبراهيم عبد العال إلى عبد العزيز وأخويه الشقيقين الهنداوي وبركات مورثي الطاعنين وإذ أغفلت محكمة الموضوع هذا الدفاع ولم تتناوله بأي بحث مع أنه دفاع جوهري يتغير به لو صح وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون لذلك معيباً بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


 (1) راجع نقض 12/ 1/ 1950 الطعن 65 س 18 ق، 7/ 6/ 1951 الطعن 319 س 18 ق مجموعة 25 سنة جزء 2 ص 957، 958.

الأحد، 22 يناير 2023

الطعن 353 لسنة 32 ق جلسة 15 / 12 / 1966 مكتب فني 17 ج 4 ق 282 ص 1951

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوى، ومحمد أبو حمزة مندور؛ ومحمد صدقي البشبيشي.

--------

(282)
الطعن رقم 353 لسنة 32 القضائية

حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". مرض الموت. "ماهيته".
إقامة الحكم قضاءه على مرض موت البائعة وقت البيع. عدم بيان الحكم نوع هذا المرض وهل كان يغلب فيه الهلاك وقت حصول التصرف. قصور.

------------
متى اقتصر الحكم المطعون فيه على تقرير أن البائعة كانت وقت البيع مريضة بمرض انتهى بها إلى الوفاة دون أن يبين نوع هذا المرض وهل كان يغلب فيه الهلاك وقت حصول التصرف وهو بيان لازم لمعرفة هل يصح اعتباره مرض موت أم لا يصح، ولا يغنى في ذلك ما أشار إليه الحكم من أقوال بعض الشهود من أن المورثة (البائعة) كانت مريضة بمرض السكر وقت صدور التصرف منها إلى الطاعنة متى كان الحكم لم يبين كيف يغلب الهلاك في مرض السكر ودليله على ذلك فان الحكم يكون قاصر البيان بما يستوجب نقضه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 4759 لسنة 1959 مدنى كلى القاهرة طالبة الحكم بصحة ونفاذ البيع العرفي المؤرخ 23 ديسمبر سنة 1957 والمتضمن بيه والدتها المرحومة زينب أحمد بدوى لها كامل أرض وبناء المنزل المبين بالصحيفة وبالعقد بثمن قدره 600 جنيه وقالت بيانا للدعوى أنها دفعت من الثمن وقت التعاقد 550 جنيها ثم توفيت والدتها قبل التوقيع على العقد النهائي فنازعها المطعون ضدهما وهما باقي ورثة البائعة ومن ثم أقامت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. وقد أنكر المطعون ضدهما توقيع مورثتهما على عقد البيع فقضت محكمة أول درجة في 9 يناير سنة 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن البائعة لها وقعت على العقد ولينفي المطعون ضدهما ذلك بذات الطرق. وبعد أن سمعت تلك المحكمة شهود الطرفين أصدرت في 19 مارس سنة 1960 حكما يقضى بندب قسم تحقيق الشخصية لمضاهاة بصمة الإبهام المنسوبة للبائعة والموقع بها على عقد البيع على بصمتها الثابتة على عقد إيجار مؤرخ 1 ديسمبر سنة 1943. وقدم قسم تحقيق الشخصية تقريرا يفيد عدم صلاحية البصمة الثابتة على عقد البيع للمضاهاة لعدم وضوح النقط المميزة بها. وبتاريخ 28 مايو سنة 1960 قضت المحكمة برفض الطعن بالإنكار وتغريم المطعون ضدهما أربعة جنيهات وبصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 23/ 12/ 1957. استأنف المطعون ضدهما ذلك الحكم بالاستئناف المقيد برقم 1150 لسنة 77 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى ونعيا عليه إغفاله الرد على تقرير قسم تحقيق الشخصية وتمسكا بأن التصرف بفرض صدوره من البائعة قد صدر في مرض موتها وعلى سبيل التبرع فيأخذ لذلك حكم الوصية عملا بالمادتين 477 و916 من القانون المدني. وبتاريخ 31/ 12/ 1961 - قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الطعن بإنكار توقيع البائعة على عقد البيع ومن إلزام المطعون ضدهما بالغرامة القانونية وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن عقد البيع صدر من البائعة في مرض الموت وأنه بالتالي تسرى عليه أحكام الوصية، ولتنفي الطاعنة ذلك بذات الطرق. وبعد أن سمعت محكمة الاستئناف شهود الطرفين أصدرت في 3 يونية سنة 1962 حكما يقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23 ديسمبر سنة 1957 وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السببين الأول والثاني. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وفى بيان تقول أن ذلك الحكم أقام قضاءه باعتبار العقد صادرا في مرض موت البائعة على ما قرره من أنها كانت مريضة بمرض انتهى بوفاتها، مع أن مجرد مرض البائعة في ذاته لا يؤدى إلى اعتبار التصرف صادرا منها في مرض الموت، بل يشترط لذلك أن يكون هذا المرض مما يغلب فيه الهلاك وينتهى بالوفاة فعلا في بحر سنة من قيامه، وإذا كانت أقوال الشهود التي استند إليها الحكم المطعون فيه تدل على أن المورثة البائعة كانت مريضة بمرض السكر فان هذا المرض لا ينطبق عليه تعريف مرض الموت لأنه لا يغلب فيه الهلاك ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار البائعة مريضة بمرض الموت وقت البيع قد أخطأ في تطبيق بخطئه في فهم التعريف القانوني لمرض الموت كما شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر ما نصه "وبما أن المحكمة تستخلص من سماع الشهود إثباتا ونفيا ما ذهب إليه المستأنفان من أن عقد البيع سالف الذكر إنما حرر في مرض الموت وعلى سبيل التبرع بقصد إيثار المستأنف ضدها وحرمان أخوى البائعة المستأنفين من نصيبهما الميراثي". ثم أورد الحكم مضمون أقوال الشهود وانتهى إلى القول "ومؤدى ذلك أن البائعة كانت وقت تحرير عقد البيع مريضة بمرض انتهى بوفاتها بعد تحرير العقد ببضعة أشهر وأنها لم تقبض ثمنا من ابنتها المشترية أمام أى شاهد وأنها كلفت ابنتها المشترية وقت تحرير العقد بالصرف على مأتمها مقابل شرائها المنزل موضوع الدعوى شعورا منها بدنو أجلها، ولم تقدم المشترية أى دليل على أنها وضعت يدها على المنزل الذى اشترته في حياة والدتها البائعة وكانت الأخيرة موسرة بشهادة شهود المستأنف عليها وبالتالي لم تكن في حاجة إلى بيع منزلها. ولكل ما تقدم ترى المحكمة أن عقد البيع موضوع الدعوى هو في حقيقته وصية تسرى عليه أحكامها" ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تقرير أن البائعة كانت وقت البيع مريضة بمرض انتهى بها إلى الوفاة، دون أن يبين نوع هذا المرض وهل كان يغلب فيه الهلاك وقت حصول التصرف وهو بيان لازم لمعرفة هل يصح اعتباره مرض موت أم لا يصح، ولا يغنى في ذلك أن يكون بعض الشهود الذين أشار الحكم إلى أقوالهم قد قرر أن المورثة كانت مريضة بمرض السكر وقت صدور التصرف منها إلى الطاعنة لأن الحكم لم يبين كيف يغلب الهلاك في مرض السكر ودليله على ذلك، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان بما يستوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


 (1) راجع نقض 30/ 4/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 626.

الطعن 47 لسنة 35 ق جلسة 13 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 56 ص 349

جلسة 13 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

---------------

(56)
الطعن رقم 47 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية". مرض الموت. وصية.
وجوب إبداء الطعن في التصرف بصدوره في مرض الموت في صيغة صريحة جازمة. عدم جواز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) إثبات. "الإنكار والجهالة". محكمة الموضوع. "سلطتها في الإثبات".
سلطة محكمة الموضوع في أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما في حالة ادعاء الوارث جهله بتوقيع مورثه أو إنكاره.
(ج) إثبات. "إجراءات الإثبات". استئناف. "نظر الاستئناف".
سلطة محكمة الاستئناف في الاعتماد على التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى.

-------------
1 - لا يكفي لاعتبار الدفاع متضمناً الطعن في التصرف بصدوره من المورثة في مرض الموت مجرد الإشارة فيه إلى أن المورثة كانت مريضة بمرض ما، بل يجب أن يبدى هذا الطعن في صيغة صريحة جازمة تدل على تمسك صاحبه بأن التصرف صدر في مرض الموت ومقصوداً به التبرع فتسري عليه أحكام الوصية. وطالما أن الطاعن لم يتمسك بهذا الطعن أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لا تلتزم المحكمة في حالة إنكار الوارث توقيع مورثه على الورقة أو ادعائه بجهله هذا التوقيع بتحقيق هذا الطعن بطريق المضاهاة، وإنما يكون لها وفقاً لصريح نص المادة 262 من قانون المرافعات، إذا لم تر في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن صحة هذا التوقيع، أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما، ومن ثم فإن محكمة الموضوع إذ رأت أن تحقق الطعن بالجهالة الذي أبداه الطاعن بسماع الشهود ورأت في التحقيق الذي أجرته ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن صحة التوقيع وما يغنيها عن الالتجاء إلى المضاهاة فإنها تكون قد مارست سلطتها في تقدير الأدلة ولم تخطئ في القانون.
3 - لمحكمة الاستئناف أن تعتمد على التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى إذا رأت أنه حقق الغاية منه، وأن فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها، وذلك دون أن تلتزم بإجراء تحقيق جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 728 سنة 1963 كلي القاهرة على الطاعن طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5 ديسمبر سنة 1962 الصادر إليها من مورثته المرحومة حسنة حسين أبو العلا عن حصة قدرها النصف بالمشاع في كامل أرض وبناء المنزل الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعته لها في تلك الحصة وتسليمها إليها فعلياً. وقالت في بيان دعواها إن مورثة الطاعن باعتها الحصة المذكورة بثمن إجمالي وجزافي قدره 500 جنيه دفعته إليها جميعه ولما توفيت امتنع الطاعن عن التوقيع على العقد النهائي الذي كانت قد قدمت بشأنه طلباً للشهر العقاري قبل وفاة البائعة.
دفع الطاعن بجهله توقيع مورثته على هذا العقد وبعد أن حلف اليمين على ذلك قضت المحكمة في 29/ 4/ 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن أن مورثة الطاعن حسنه حسين أبو العلا وقعت ببصمتها وبختمها على عقد البيع سند الدعوى المؤرخ 5/ 12/ 1962 وصرحت المحكمة للطاعن بالنفي بذات الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حجزت الدعوى للحكم إلا أن الطاعن طلب فتح باب المرافعة للطعن على العقد بالتزوير فأجابته المحكمة إلى هذا الطلب لكنه لم يسلك هذا الطريق وبتاريخ 24/ 6/ 1963 قضت تلك المحكمة (أولاً) برفض الطعن بالجهالة على العقد سند الدعوى المؤرخ 5/ 12/ 1962 (ثانياً) بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور المؤرخ 5/ 12/ 1962 والصادر من مورثة الطاعن حسنه حسين أبو العلا للمطعون ضدها والمتضمن بيعها لها حصة قدرها 12 ط من 24 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء المنزل المبين الحدود والمعالم بهذا العقد وبالعريضة لقاء ثمن قدره 500 جنيه وبالتسليم مع كف منازعة الطاعن للمطعون ضدها في هذا النصيب. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1726 سنة 80 ق طالباً إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 29/ 11/ 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وبتقرير تاريخه 26/ 1/ 1965. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وطلبت المطعون ضدها رفض الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة انضمت فيها إلى المطعون ضدها في هذا الرأي وصممت عليه بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه طعن أمام محكمة الموضوع على العقد بالبطلان لانعدام إرادة المتصرفة وقت التصرف وأقام هذا الطعن على (أولاً) أنها كانت في حالة غيبوبة مما يبطل التصرف (ثانياً) أن عقد البيع صدر منها في مرض الموت وأنه لذلك يخضع لحكم المواد 477 و478 و916 من القانون المدني ولم تشر محكمة أول درجة في حكمها إلى هذا الطعن من قريب أو بعيد ولما تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف أطرحته بمقولة إن الطاعن قد أثاره بوصفه دليلاً على عدم توقيع المورثة قاصداً منه أنها كانت في حالة غيبوبة مستمرة تحول دون توقيعها على العقد وأن المحكمة ترى أن هذا الدفاع غير جدير بالنظر إليه لعدم قيام الدليل على جديته. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في هذا الذي قرره ذلك أنه أياً كان وصف الطاعن لدفاعه هذا وقصده منه فإنه وجه دفاع قانوني كان يجب على المحكمة أن تلتفت إليه وتنزل على أساسه حكم القانون الصحيح على التصرف المطعون عليه، وإذ لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون أما قولها بتجرد هذا الدفاع عن الدليل فإنه غير صحيح لأن أوراق الدعوى حوت الأدلة والقرائن التي تسانده فالعقد مؤرخ 5/ 12/ 1962 ووفاة المتصرفة حصلت في 27/ 12/ 1962 وقدم الطاعن شهادة طبية تفيد مرضها من ستة أشهر سابقة على وفاتها وأنها كانت في حالة شيخوخة وناهزت التسعين من عمرها كما دلت الأوراق على أن المطعون ضدها كانت تشاركها في السكنى وأنه لم يكن في مقدورها دفع الثمن المذكور في العقد وأنها كانت تخدم المورثة وتعيش في كنفها كما أنه من غير المعقول أن تدفع المطعون ضدها الثمن جمعيه في مجلس العقد وقد شهد شاهداها بأنهما لم يريا الثمن وهو يدفع وإن كانت المشترية قد قالت لهما بأنها دفعته فهذه الأدلة والقرائن كلها ترشح إلى أن التصرف تم في مرض موت المورثة، وإذ التفتت محكمة الاستئناف عنها وعن دفاع الطاعن في هذا الشأن على الصورة الواردة في حكمها المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون قاصر التسبيب ومخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه يبين من أوراق الملف المضمون أن الطاعن قد طعن على العقد أمام محكمة أول درجة بجهله توقيع مورثته عليه وأشار عرضاً في إحدى مذكراته إلى أنها كانت مريضة ولا تعي شيئاً وتحقيقاً لهذا الدفاع ضمنت المحكمة قضاءها بإحالة الدعوى إلى التحقيق إثبات واقعة توقيع المورثة على العقد بختمها وببصمة إصبعها وحصول ذلك بعلم منها وصرحت المحكمة للطاعن بنفي ذلك. ولما استأنف الطاعن حكم محكمة أول درجة ذكر في صحيفة استئنافه في السبب الثاني "أنه إن صح صدور العقد موضوع الدعوى من المورثة فإنه يدفع ببطلان التصرف لانعدام إرادة المتصرفة لما كانت عليه من حالة مرضية خطيرة أفقدتها الوعي والإرادة وقد تأيد ذلك بشهادة أحد الشهود في التحقيق ورغم ذلك فقد التفت الحكم المستأنف عن ذلك الدفاع رغم أنه جوهري" كما ورد على لسان الحاضر عن الطاعن بجلسة 18 يناير سنة 1964 أمام محكمة الاستئناف قوله "إن المتصرفة كانت مريضة بتصلب الشرايين" ولم يقدم الطاعن أي مذكرات أمام محكمة الاستئناف واكتفى بتقديم حافظة (8 دوسيه) تحوي شهادة طبية مؤرخه 1/ 1/ 1963 من الدكتور ألبرت عزيز يقرر فيها أن المورثة توفيت ليلة 28/ 12/ 1962 نتيجة تزيف من دوالي في المعدة بسبب تليف في الكبد وأنها كانت تحت العلاج من مدة ستة أشهر وشهادة وفاة المورثة ثابت بها أن عمرها 81 سنة ولم يبين فيها نوع المرض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أقر أسباب الحكم الابتدائي مقرراً أن ترجيحه لأقوال شاهدي المطعون ضدها على شاهدي الطاعن كان بناء على أسباب سائغة معقولة رد على دفاع الطاعن آنف الذكر بقوله "وكذلك الشأن بالنسبة للسبب الثاني الخاص بالمرض فإن المحكمة تطرحه لأنه قد أثير بوصفه دليلاً على عدم توقيع المورثة وأنها كانت في غيبوبة مستمرة، وهو قول تراه المحكمة غير جدير بالنظر إليه لعدم قيام الدليل عليه ولعدم جديته" لما كان ذلك، وكان ما ساقه الطاعن من دفاع في صحيفة استئنافه وفي محضر جلسة 18 يناير سنة 1964 لا يعتبر طعناً في التصرف بصدوره من المورثة مرض الموت إذ لا يكفي لاعتبار الدفاع متضمناً هذا الطعن مجرد الإشارة فيه إلى أن المورثة كانت مريضة بمرض ما بل يجب أن يبدى هذا الطعن في صيغة صريحة جازمة تدل على تمسك صاحبه بأن التصرف صدر في مرض الموت بالذات ومقصوداً به التبرع فتسري عليه أحكام الوصية. لما كان ذلك فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو لم يعتبر دفاع الطاعن متضمناً الطعن، على العقد لصدوره من المورثة في مرض الموت وبالتالي لم يرد على هذا الطعن، كما أنه طالما أن الطاعن لم يتمسك بهذا الطعن أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على أقوال الشاهدين اللذين أشهدتهما المطعون ضدها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة بعد أن اطمأنت المحكمة إلى هذه الأقوال ورجحتها على أقوال شاهدي الطاعن وكان شاهدا المطعون ضدها هذان اللذان أخذ الحكم المطعون فيه بأقوالهما قد شهدا - على ما سجله الحكم الابتدائي في تقريراته التي أخذ بها الحكم المطعون فيه - بأن المورثة حضرت مجلس العقد ووقعت عليه أمامها بختمها وببصمة إصبعها وأقرت لهما بقبضها الثمن المذكور في العقد وهذا كله ينفي ما ادعاه الطاعن من أنها كانت في هذا الوقت فاقدة الوعي والإرادة وفي حالة غيبوبة، وكان الطاعن من جهة أخرى لم يقدم دليلاً ما على هذا الذي ادعاه سوى أقوال شاهديه التي أطرحتها المحكمة - في حدود سلطتها التقديرية - لعدم اطمئنانها إليها والشهادة الطبية التي قدمها والتي لا تفيد شيئاً في إثبات فقد المورثة الوعي والإرادة وقت التصرف فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح ذلك الدفاع استناداً إلى أنه غير جدي ولم يقم دليل على صحته، فإنه لا يكون مخطئاً في القانون أو مشوباً بالقصور وبالتالي يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الاستدلال ذلك أنه على الرغم من توافر القرائن في الدعوى على أن المطعون ضدها قد استغلت مركزها من المورثة من حيث إقامتها معها في كنفها وحصلت على ما ليس لها حق فيه مما كان يكفي وحده لرفض دعواها، فإن محكمة أول درجة مع ذلك أمرت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية (المطعون ضدها) أن العقد صدر من مورثة الطاعن ومعنى هذا أن الإثبات يجب أن ينصب على جميع أركان العقد من رضاء وأهلية ومبيع وثمن لكن التحقيق لم يتناول شيئاً من هذه العناصر ولم يقم دليل على توافرها فلا محكمة أول درجة استظهرتها ولا محكمة الاستئناف أقامت وزناً لنعي الطاعن على استدلال محكمة أول درجة، وإذ كانت القرينة على انعدام رضاء المورثة قد توافرت من أنها كانت في التسعين من عمرها وكانت مريضة بتليف في الكبد ونزيف في المعدة ولمدة ستة شهور سابقة على الوفاة وكانت الأهلية في مثل هذه السن غالباً ما تكون غير كاملة بل إن الشيخوخة في ذاتها عارض من عوارض الأهلية قد تؤدي إلى توقيع الحجر وكان شاهدا المطعون ضدها قد قررا بأنهما لم يريا دفع الثمن إلى المورثة بل سمعا من المطعون ضدها أنها دفعته، فإن جميع أركان العقد تكون غير متوافرة وإذ اعتبرها الحكم المطعون فيه متوافرة وأن الدليل قد قام عليها فإنه يكون مشوباً بالخطأ في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأن دفاع الطاعن أمام محكمة أول درجة قام على الطعن في العقد بجهله توقيع مورثته عليه وأشار عرضاً إلى مرض المورثة وشيخوختها وتحقيقاً لهذا قضت المحكمة بعد تحليف الطاعن اليمين المنصوص عنها في المادة 394 من القانون المدني، بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها المتمسكة بالعقد أن المورثة البائعة وقعت على العقد بختمها وببصمة إصبعها وكان ذلك على علم منها وصرحت المحكمة للطاعن بالنفي. وإذ ثبت للمحكمة من أقوال شاهدي المطعون ضدها التي رأت الأخذ بها صحة توقيع المورثة وحصوله بعلم وإدراك منها ودفع الثمن فقد قضت بصحة ونفاذ العقد وإذ استأنف الطاعن وأثار دفاعه بانعدام إرادة المورثة فقد رد عليه الحكم المطعون فيه بما سلف بيانه في الرد على السبب الأول وبما لم تر فيه هذه المحكمة عيباً - وإذ كان فيما قرره الحكم المطعون فيه أخذاً من أقوال شاهدي المطعون ضدها التي اطمأنت إليها المحكمة ما يثبت توافر رضاء المورثة بالتعاقد واستكمالها للأهلية اللازمة لذلك ودفع الثمن إليها إذ أن هذين الشاهدين إنما شهدا بأن المورثة البائعة أقرت أمامها بقبض الثمن المذكور في العقد ولم يذكرا أن المطعون ضدها هي التي أقرت لهما بدفعه كما يزعم الطاعن في هذا السبب. لما كان ما تقدم وكانت الشيخوخة لا تعتبر بذاتها من عوارض الأهلية خلافاً لما يزعم الطاعن فإن ما يثيره بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الطاعن إذ دفع بجهله توقيع مورثته على العقد وحلف يميناً بأنه لا يعلم أن هذا التوقيع لمورثته فقد كان يجب على المحكمة طبقاً للمادة 262 من قانون المرافعات أن تأمر بإجراء المضاهاة وتحيل الأمر إلى الطب الشرعي وإذ لم تفعل واكتفت بالإثبات بشهادة الشهود وقصرت في سؤالهما عن الوقائع الجوهرية ثم أخذت على الطاعن أنه لم يطعن على العقد بالتزوير فإنها تكون مخطئة في القانون، كما شاب البطلان الإجراء الذي أصدرت حكمها على أساسه لأن الوارث لا يطلب منه الطعن بالتزوير بل حسبه الطعن بالجهالة وهو لا يستطيع الطعن بالتزوير لأنه لا يعلم حال المورثة، كما خالف الحكم المطعون فيه القانون لأن محكمة الاستئناف اكتفت بالتحقيق الذي أجرته المحكمة الابتدائية مع أن الاستئناف يعيد الدعوى إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المستأنف، وهذا كان يقتضي من محكمة الاستئناف أن تعيد التحقيق في أوجه الدفاع التي قدمها الطاعن وأن تطلب منه من جديد أن يتخذ إجراءات الطعن بالتزوير إن كان من رأيها أنه يجب على الوارث سلوك هذا الطريق.
وحيث إن هذا الطعن غير سديد، ذلك بأنه في حالة إنكار الوارث توقيع مورثه على الورقة أو ادعائه بجهله هذا التوقيع فإن المحكمة لا تلزم بتحقيق هذا الطعن بطريق المضاهاة - كما يدعي الطاعن - وإنما يكون لها وفقاً لصريح نص المادة 262 من قانون المرافعات - إذا لم تر في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن صحة هذا التوقيع - أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ومن ثم فإن محكمة الموضوع إذ رأت أن تحقق الطعن بالجهالة الذي أبداه الطاعن بسماع الشهود ورأت في التحقيق الذي أجرته ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن صحة التوقيع وما يغنيها عن الالتجاء إلى المضاهاة فإنها تكون قد مارست سلطتها في تقدير الأدلة ولم تخطئ في القانون. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع لم تتطلب من الطاعن أن يسلك سبيل الادعاء بالتزوير بل إنه هو الذي طلب بعد حجز القضية للحكم من المحكمة الابتدائية تمكينه من الطعن على العقد بالتزوير فاستجابت المحكمة لهذا الطلب ولكنه لم يسلك هذا الطريق، وقد أشار الحكم المطعون فيه لمسلكه هذا واتخذ منه قرينة على عدم جديته في الطعن على العقد بما طعن عليه به دون أن يتطلب منه اتخاذ هذا الطريق أو يقرر أنه كان لزاماً عليه سلوكه. لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الاستئناف أن تعتمد على التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى إذا رأت أنه قد حقق الغاية منه وأن فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها وذلك دون أن تلتزم بإجراء تحقيق جديد، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على أوجه دفاع الطاعن التي أثارها أمام محكمة الاستئناف على ما سلف بيانه في الرد على السببين السابقين، فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 155 لسنة 35 ق جلسة 1 / 4 / 1969 مكتب فني 20 ج 2 ق 90 ص 561

جلسة أول إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني.

--------------

(90)
الطعن رقم 155 لسنة 35 القضائية

وصية. "صدور التصرف في مرض الموت أو ما في حكمه" مرض الموت. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
قيام مرض الموت أو ما في حكمه من مسائل الواقع. تحصيله من حالة المتصرف النفسية ومن صدور التصرف وهو تحت تأثير اليأس من الحياة أو في حالة الاطمئنان والأمل فيها. استخلاص الحكم بأسباب سائغة أن تصرف المورث قبل سفره للأقطار الحجازية لا يأخذ حكم تصرف المريض مرض الموت وبالتالي لا يعد وصية. لا خطأ.

-------------
قيام مرض الموت أو ما في حكمه من مسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من حالة المتصرف النفسية وما إذا كان التصرف قد صدر منه وهو تحت تأثير اليأس من الحياة أو في حالة الاطمئنان إليها والرجاء منها والأمل فيها، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة أن تصرف مورث طرفي النزاع قبل سفره للأقطار الحجازية لا يعد صادراً وهو في حالة نفسية تجعله في حكم المريض مرض الموت ورتب على ذلك أنه لا يعتبر وصية فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهن أقمن الدعوى رقم 397 سنة 1958 مدني كلي سوهاج ضد الطاعنين وطلبن الحكم بإثبات صحة التقاعد المؤرخ 28/ 5/ 1958 والمتضمن بيع مورث طرفي النزاع المرحوم عباس محمد إبراهيم لهن منزلين مساحتهما 10 و110 متر مقابل ثمن قدره 1100 ج. دفع الطاعنون بأن العقد صوري إذ حرره المورث قبل سفره إلى الأقطار الحجازية وقصد منه حرمانهم من حقهم في الميراث فيما لو أدركه الموت وقد مات بها. وبتاريخ 25/ 4/ 1962 حكمت المحكمة بإثبات صحة التعاقد بالنسبة للثلث من هذه المساحة تأسيساً على أن العقد يخفي وصية. استأنف المطعون عليهن هذا الحكم بالاستئناف رقم 300 سنة 37 ق أسيوط. وبتاريخ 5 يناير سنة 1965 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة عقد البيع المؤرخ 28/ 5/ 1958 الصادر من المرحوم عباس محمد إبراهيم - مورث الطرفين - للمطعون عليهن والمتضمن بيعه لهن 10 و110 متراً بثمن قدره 1100 ج. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليهن ببطلان الطعن تأسيساً على أن صور إعلان التقرير التي سلمت للمطعون عليها الأخيرة عن نفسها وعن باقي المطعون عليهن جاءت خالية من جميع البيانات الواردة بأصل إعلان الطعن والتي يوجب القانون وإن تشتمل عليها الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها ومنها تقرير الطعن، وفي ذلك ما يبطل إعلان الطعن عملاً بالمادتين 12، 24 من قانون المرافعات السابق مما يؤدي إلى بطلان الطعن. ورد الطاعنون بأن الأوراق التي قدمها المطعون عليهن ويستندن إليها في إثبات دفعهن لا دليل على أنها هي صورة الإعلانات التي سلمها المحضر إلى المطعون عليهن. كما أنه لا مصلحة لهن في هذه الدفع إذ تقدمن بمذكرة بالرد في الميعاد. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بقبول الدفع وبعدم قبول الطعن فيما لو ثبت أن الصور المقدمة من المطعون عليهن هي التي سلمها المحضر لهن، وبالنسبة للموضوع وفي حالة قبول الطعن شكلاً أبدت الرأي برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحافظة المقدمة من المطعون عليهن والمؤرخة 22/ 8/ 1965 أنها تحوي أوراقاً يقول المطعون عليهن إنها صورة من ورقة إعلان تقرير الطعن التي سلمها المحضر لهن. لما كانت هذه الأوراق قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي سلمت للمحضر لإعلانها وأنها هي التي قام المحضر بتسليمها للمطعون عليهن وجاءت مجردة من أي بيان محرر بخط يده يمكن أن يتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صور أصل الإعلان التي يحاج بها المطعون عليهن، ودلت المقارنة على عدم مطابقة صفحاتها وأسطر كل صفحة منها لأصل الإعلان من حيث ترتيب الكتابة بها، فإن المحكمة لا تعول على هذه الأوراق في اعتبار أنها هي الصور التي سلمت فعلاً للمطعون عليهن. لما كان ذلك وكانت هذه الأوراق هي سند المطعون عليهن الوحيد في دفعهن ببطلان الإعلان، وإذ نفى الطاعنون أن هذه الأوراق هي الصور التي سلمت للمحضر وأعلنها، وكان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن للمطعون عليهن والمقدم من الطاعنين أنه اشتمل على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحته، فإن الدفع الذي أبداه المطعون عليهن - وآياً كان وجه الرأي في الأثر المترتب على تقديمهن مذكرة بالرد في الميعاد - يكون على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصل أولهما الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه وقد أثبت في صدد بيانه للوقائع أن الثمن لم يدفع وأن تصرف مورث طرفي النزاع في العين موضوع الدعوى لزوجته وبناته كان بمناسبة سفره للأقطار الحجازية وخشية وفاته هناك وقد مات بها، فإنه بإنزال حكم القانون على هذه الوقائع يكون التصرف قد صدر من المورث وهو في حالة نفسية تأخذ حكم مرض الموت فيعتبر تصرفه وصية، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتبر التصرف وصية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في الرد على ما أثاره الطاعنون بسبب النعي ما يلي. "إن الثابت من أوراق الدعوى أن المرحوم عباس محمود إبراهيم قد تصرف للمستأنفات - المطعون عليهن - وهن بناته وزوجته في منزلين وثلثي صندل بموجب عقد البيع موضوع الدعوى وقد تنفذ التصرف في حياته ولم يثبت المستأنف عليهم - الطاعنون - صوريته وأن القصد منه هو الوصية.. وأن ما قرره الشهود وكذلك زوجة المورث شفيقة حفني من أن المورث باع ما يملكه لبناته وزوجته قبل ذهابه للأقطار الحجازية لأداء فريضة الحج خشية أن يفاجئه الموت لا يفيد أن المورث كان يقصد الإيصاء بل يفهم من ذلك أن التصرف كان منجزاً حال حياته ولا يحرم القانون مثل هذا التصرف على الشخص كامل الأهلية ولو كان فيه حرمان ورثته". ولما كان قيام مرض الموت أو ما في حكمه هو من مسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من حالة المتصرف النفسية وما إذا كان التصرف قد صدر منه وهو تحت تأثير اليأس من الحياة أم في حالة الاطمئنان إليها والرجاء منها والأمل فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص - على ما سلف البيان - أن تصرف مورث طرفي النزاع قبل سفره للأقطار الحجازية لا يعد صادراً وهو في حالة نفسية تجعله في حكم المريض مرض الموت ورتب على ذلك أنه لا يعتبر وصية، وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً يؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجوه ثلاثة. أولها أن الحكم نفى واقعة إضافة تصرف المورث إلى ما بعد الموت بقوله "وقد تنفذ التصرف حال حياته" وهي عبارة مرسلة غير مستندة إلى الدليل وكان يتعين على الحكم أن يحقق وضع يد مورث المطعون عليهن على أرض النزاع. وحاصل الوجهين الثاني والثالث أن محكمة أول درجة استندت في التدليل على أن التصرف كان مضافاً إلى ما بعد وفاة المورث إلا أن هذا الأخير باع كل تركته وقسمها. فحص زوجته الثمن وهو نصيبها طبقاً للفريضة الشرعية، غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على ذلك بأن للبائع أن يقسم المبيع بالنسبة التي يراها وهو ما لا يصلح رداً على أسباب الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يأخذ بدفاع الطاعنين الذي تمسكوا فيه بأن العقد الصادر من مورثهم قصد منه حرمانهم من حقهم في الميراث بصدوره منه قبل سفره للأقطار الحجازية خشية أن يدركه الموت بها وذلك على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول، وإذ انتهى الحكم إلى أن العقد المتنازع عليه لم يصدر من المورث وهو في حكم المريض مرض الموت وإنما هو تصرف منجز صدر منه قبل سفره إلى الأقطار الحجازية وحدد بموجبه مقدار ما يخص كلاً من المطعون عليهن من العقار المتصرف فيه، وكان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو استخلاص سائغ ويحمل الرد على دفاع الطاعنين ويؤدي إلى ما انتهى إليه، فلا عليه إن هو لم يحل الدعوى إلى التحقيق لإثبات استمرار وضع يد المورث، وحسبه للتدليل على إنجاز التصرف ما أورده من أن المورث كان يرغب في تمليك المطعون عليهن الأعيان التي تصرف فيها إليهن حال حياته وقبل سفره، كل منهن بحسب نصيبها الذي تصرف فيه إليها. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 89 لسنة 37 ق جلسة 7 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 47 ص 298

جلسة 7 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، ومحمود السيد عمر المصري.

---------------

(47)
الطعن رقم 89 لسنة 37 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود. في رفض طلب التحقيق". إثبات. "طرق الإثبات. الإثبات بشهادة الشهود. تقدير أقوال الشهود". بيع. "أركان عقد البيع". عقد. "أركان العقد". صورية.
لمحكمة الموضوع رفض طلب التحقيق متى رأت أنها ليست في حاجة إليه، بعد أن انتهت إلى رأي في النزاع أخذاً بأقوال الشهود. التي يدخل في سلطتها تقدير أقوالهم. مثال.
(ب) ملكية. "أسباب كسب الملكية. العقد". الوصية. القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني.
قيام القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني إذا كان المتصرف لأحد ورثته قد احتفظ لنفسه بحيازته للعين المتصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته لحساب نفسه، استناداً إلى حق لا يستطيع المتصرف إليه حرمانه منه.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم. عيوب التدليل. القصور، ما لا يعد كذلك. الفساد في الاستدلال. ما لا يعد كذلك".
نفي الحكم بأسباب سائغة احتفاظ المورث بحيازته للعين المتصرف فيها، وأن قيامه بتحصيل أجرتها بعد التصرف إنما كان لحساب أولاده القصر المتصرف إليهم، وبصفته ولياً طبيعياً، لا لحساب نفسه لعدم استناده إلى مركز قانوني يخوله حق الانتفاع بتلك العين. اعتبار التصرف منجزاً استناداً إلى أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه. لا قصور ولا فساد في الاستدلال.
(د) إرث. مواريث. نظام عام.
التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلقه بالنظام العام. ماهيته.
(هـ) إرث. تركة.
قيام التوريث على ما يخلفه المورث وقت وفاته. لا حق للورثة فيما يكون قد خرج من ماله حال حياته.
(و) بطلان. "البطلان في التصرفات". بيع. "البيع المنجز". وصية. إرث. مرض الموت.
حسب الحكم للرد على طلب بطلان العقد لمخالفته لقواعد الإرث أنه انتهى إلى أنه لم يقصد به الإيصاء، ولم يصدر في مرض الموت، وأنه بيع منجز استوفى أركانه القانونية ومن بينها الثمن.

--------------
1 - لمحكمة الموضوع أن ترفض طلب التحقيق الذي يطلب منها كلما رأت أنها ليست في حاجة إليه، فإذا كانت محكمة الاستئناف قد انتهت إلى أن العقد محل النزاع هو عقد بيع حقيقي استوفى أركانه القانونية ومن بينها الثمن، أخذاً بأقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، وهو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود، فإنها بذلك تكون قد رفضت ضمناً طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات صورية الثمن، لما تبينته من عدم الحاجة إليه اكتفاءً بما هو بين يديها من عناصر الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها، وهو حقها الذي لا معقب عليها فيه.
2 - لا تقوم القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إلا إذا كان المتصرف لأحد ورثته قد احتفظ لنفسه بحيازته للعين المتصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته لحساب نفسه ومستنداً إلى حق لا يستطيع المتصرف إليه حرمانه منه.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى بأسباب سائغة احتفاظ المورث بحيازته للعين المتصرف فيها - واعتبر قيامه بتحصيل أجرتها بعد التصرف فيها إنما كان لحساب أولاده القصر - المتصرف إليهم - بصفته ولياً طبيعياً عليهم، ولم يكن لحساب نفسه لعدم استناده في ذلك إلى مركز قانوني يخوله حق الانتفاع بتلك العين، فإن الحكم المطعون فيه، وقد قضى باعتبار البيع منجزاً مستوفياً أركانه القانونية ومنها الثمن، وأنه صدر من المورث في حال صحته، ولا يقصد به الوصية، مستنداً في ذلك إلى أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه، ولا فساد فيها، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
4 - التحايل الممنوع على أحكام الإرث، لتعلق الإرث بالنظام العام، هو - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ما كان متصلاً بقواعد التوريث، وأحكامه المعتبرة شرعاً، كاعتبار شخص وارثاً، وهو في الحقيقة غير وارث، أو العكس، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة، كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية، ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة، ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث.
5 - التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه.
6 - إذا كان الحكم قد انتهى إلى أن التصرف المطعون فيه لم يقصد به الإيصاء، ولم يصدر من المورث في مرض الموت، وإنما هو بيع منجز استوفى أركانه القانونية ومن بينها الثمن فهذا حسبه، للرد على طلب بطلان العقد لمخالفته لقواعد الإرث.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3132 سنة 1963 مدني كلي القاهرة، وقالوا بياناً لها إن مورث الطرفين كان متزوجاً من والدتهم ولما توفيت تزوج من إحدى بنات المطعون ضدها الأولى، ومن بعد وفاة هذه الزوجة تزوج من أختها "المطعون ضدها الثانية" ثم توفي في أول مارس سنة 1963 وانحصر ميراثه في أولاده من زوجته الأولى "الطاعنين" وفي أولاده القصر من زوجتيه الأخيرتين، وقد تبين للطاعنين بعد وفاة والدهم أنه تصرف للمطعون ضدها الأولى، وهي والدة زوجتيه المذكورتين في العقار المبين بصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 3000 ج بمقتضى عقد بيع تاريخه 17/ 2/ 1962 قررت فيه المشترية أنها تشتري لحساب أولاد ابنتيها القصر، وأنها دفعت الثمن من مالها الخاص تبرعاً منها لهم، وأنه إذ كان الباعث على هذا التصرف هو إيثار المورث لأولاده القصر على باقي أولاده "الطاعنين" علاوة على أنه قد صدر منه وهو في مرض موته ولم يدفع فيه ثمن، فقد أقام الطاعنون دعواهم وطلبوا الحكم أصلياً ببطلان عقد البيع المشار إليه لأنه يقوم على سبب غير مشروع وهو الاحتيال على قواعد الإرث، واحتياطياً باعتباره وصية لصدوره في مرض الموت وبطريق التبرع، وبتاريخ 8 نوفمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن البيع صدر من مورثهم في مرض الموت وبطريق التبرع، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 22 مارس سنة 1965 برفض الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 822 سنة 82 ق، ومحكمة استئناف القاهرة حكمت في 17 ديسمبر سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بصورية الثمن مما يجعل البيع باطلاً لانعدام أحد أركانه، وأن العقار محل التصرف لم يخرج من ملك مورثهم فقد استمر واضعاً اليد عليه إلى أن توفي في أول مارس سنة 1963، وأنه كان يقوم بتحصيل أجرته حتى ذلك التاريخ، وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية الثمن، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب واكتفت في الرد على القرينة المستفادة من تحصيل الأجرة بمجرد القول بأن للبائع مباشرة شئون أولاده نيابة عنهم، في حين أن الثابت أن المورث كان يوقع على إيصالات الأجرة بصفته الشخصية لا بصفته نائباً عن أولاده، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه بعد أن ناقش أقوال شهود الطرفين الذين شهدوا في التحقيق الذي أمرت به المحكمة الابتدائية لإثبات أن البيع صدر من المورث في مرض الموت وبطريق التبرع وأنه يخفي وصية، انتهى إلى القول "بأن المدعين" "الطاعنين" لم يثبتوا أن التصرف حصل من مورثهم وهو في مرض الموت، وكذلك أخفقوا في إثبات أنه حصل منه تبرعاً للمتصرف إليهم وبالعكس من ذلك شهد شهود المدعين "الطاعنين" بما يشعر أن التصرف تم بمقابل وقطع بذلك شاهداً المدعى عليهما "المطعون ضدهما" ورد الحكم المطعون فيه على الادعاء بأن العين ظلت في وضع يد البائع حتى وفاته بقوله "إنه ثبت من عقد الإيجار المؤرخ أول مارس سنة 1959 الصادر من المورث لأحد مستأجري منزله أن المورث قد حول هذا العقد ابتداءً من أول يناير سنة 1963 إلى المستأنف عليها الأولى "المطعون ضدها الأولى" بصفتها بما يفيد انتقال وضع اليد من المورث "البائع" إلى المشترية بصفتها ولا يؤثر بعد ذلك صدور بعض الإيصالات باسمه فإن له مباشرة شئون أولاده نيابة عنهم" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن التصرف المطعون ببطلانه هو بيع دفع فيه الثمن كاملاً من المطعون ضدها الأولى إلى البائع "المورث" وأن البيع استوفى أركانه القانونية وقد صدر منجزاً من المورث في حال صحته إلى بعض ورثته ولم يقصد به الوصية، وإذ كان لمحكمة الموضوع أن ترفض طلب التحقيق الذي يطلب منها كلما رأت أنها ليست في حاجة إليه، وكانت محكمة الاستئناف قد انتهت إلى أن العقد محل النزاع هو عقد بيع حقيقي استوفى أركانه القانونية ومن بينها الثمن أخذاً بأقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وهو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود، فإنها بذلك تكون قد رفضت ضمناً طلب الطاعنين الإحالة إلى التحقيق لإثبات صورية الثمن لما تبينته من عدم الحاجة إليه اكتفاء بما هو بين يديها من عناصر الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها، وهو حقها الذي لا معقب عليها فيه، ولما كانت القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني لا تقوم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا كان المتصرف لأحد ورثته قد احتفظ لنفسه بحيازته للعين المتصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته لحساب نفسه، ومستنداً إلى حق لا يستطيع المتصرف إليه حرمانه منه، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى بأسباب سائغة احتفاظ المورث بحيازته للعين المتصرف فيها، واعتبر أن قيامه بتحصيل أجرتها بعد التصرف فيها إنما كان لحساب أولاده القصر - المتصرف إليهم - بصفته ولياً طبيعياً عليهم ولم يكن لحساب نفسه لعدم استناده في ذلك إلى مركز قانوني يخوله حق الانتفاع بتلك العين. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى باعتبار العقد بيعاً منجزاً مستوفياً أركانه القانونية ومنها الثمن وأنه صدر من المورث في حال صحته ولا يقصد به الوصية مستنداً في ذلك - وعلى ما سلف البيان - إلى أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه ولا فساد فيها، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الأول يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعنون في بيان ذلك إنهم طلبوا أمام المحكمة الابتدائية القضاء أصلياً ببطلان التصرف الصادر من المورث لأنه قصد به إيثار بعض الورثة مخالفاً بذلك قواعد الإرث، واحتياطياً باعتباره وصية لصدوره في مرض الموت وبطريق التبرع، إلا أن المحكمة اقتصرت على بحث الطلب الاحتياطي ثم قضت برفض الدعوى، ولما استأنفوا هذا الحكم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بالطلب الأصلي، وهو بطلان التصرف لصورية الثمن ولأنه قصد به التحايل على قوانين الميراث، غير أن المحكمة أطرحت بحث هذا الطلب قولاً منها بأن الطلبين الأصلي والاحتياطي بمعنى واحد، وأن بحث الطلب الاحتياطي يستغرق بحث الطلب الأصلي، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطلبين يختلفان في أساسهما القانوني، إذ بينما يستند الطلب الأصلي إلى عدم مشروعية السبب لمخالفته لأحكام الميراث، فإن الطلب الاحتياطي يقوم على اعتبار التصرف وصية لصدوره بطريق التبرع في مرض الموت، ومن ثم فلا يغني بحث أحد الطلبين عن بحث الآخر، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن النظر في الطلب الأصلي فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً كاعتبار شخص وارثاً وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس، كذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية، ويترتب على ذلك أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث، لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى أن التصرف المطعون فيه لم يقصد به الإيصاء ولم يصدر من المورث في مرض الموت، وإنما هو بيع منجز استوفى أركانه القانونية ومن بينها الثمن فهذا حسبه للرد على طلب بطلان العقد لمخالفته لقواعد الإرث، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 332 لسنة 37 ق جلسة 2 / 5 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 ق 123 ص 790

جلسة 2 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(123)
الطعن رقم 332 لسنة 37 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "الأسباب الزائدة". إثبات. "عبء الإثبات". مرض الموت. نقض.
مرض الموت من مسائل الواقع. النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو فهم الواقع إذ نفى قيام هذا المرض بأدلة سائغة. مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل. ما تزيد فيه الحكم بعد استبعاده الأدلة التي قدمها الوارث الذي يقول بمرض الموت، وهو المكلف بإثباته - لا يؤثر فيه.
(ب) عقد. تركة. إرث.
صحة التصرفات المنجزة من المورث حال صحته، ولو صدرت لوارث بقصد حرمان بعض الورثة.
(ج) تركة. إرث.
التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته.
(د) نقض. "أسباب الطعن". إرث. وصية. بيع.
النعي على الحكم بأنه اعتبر العقدين محل النزاع بيعاً بثمن مقبوض غير منتج ما دام أنه قد اعتبرهما تصرفين منجزين، واستبعد أنهما يستران وصية، وقرر أنهما صدرا في حالة صحة المورث، ولم يصدرا بالتحايل على قواعد الإرث.
(هـ) نقض: " أسباب الطعن".
النعي بعدم صحة تاريخ العقد. عدم التمسك بذلك أمام محكمة الموضوع. لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - قيام مرض الموت هو من مسائل الواقع، فإذا كان الحكم قد نفى بأدلة سائغة له أصلها في الأوراق، قيام في حالة مرض الموت لدى المتصرفة، حيث استخلص من الشهادة الطبية المقدمة لإثبات ذلك، أنها لا تدل على أن المتصرفة كانت مريضة مرض موت، واعتبر الحكم في حدود سلطته في تقدير الدليل أن انتقال الموثق إلى منزل المتصرفة لتوثيق العقود محل النزاع، لا يعتبر دليلاً أو قرينة على مرضها مرض موت، فإن الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو فهم الواقع في الدعوى يعتبر مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل. ولا يؤثر في الحكم ما تزيد فيه من أن إقرار الوارث بصحة العقود الصادرة من مورثته إلى بعض الخصوم في الدعوى يفيد أن المتصرفة لم تكن مريضة مرض الموت، إذ جاء هذا من الحكم بعد استبعاده الأدلة التي قدمها الوارث على قيام حالة مرض الموت، وهو المكلف بإثبات ذلك.
2 - من المقرر أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث حال صحته تكون صحيحة حتى ولو صدرت لوارث بقصد حرمان بعض الورثة.
3 - التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما أخرجه من مال حال حياته فلا حق للورثة فيه.
4 - إذا كان الحكم قد استبعد دفاع الوارث الذي يقوم على أن العقدين الصادرين من مورثته يستران وصية، وانتهى إلى أنهما تصرفان منجزان، وأن للمتصرفة ما دامت في حالة الصحة التصرف ولو لبعض ورثتها تصرفات منجزة، وأن مثل هذه التصرفات لا تعتبر تحايلاً على قواعد الإرث، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، إذ اعتبر أن العقدين محل النزاع بيعاً بثمن مقبوض يكون غير منتج.
5 - إذا كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن تاريخ العقدين محل النزاع تاريخ غير صحيح، فإن ما يثيره بشأن عدم صحة هذا التاريخ يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 339 سنة 1956 مدني كلي المنيا ضد المطعون عليه وزوجته وآخرين، وطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 15 ف و12 ط و3.5 س شيوعاً في الأطيان الموضحة بالصحيفة، وقال بياناً لدعواه إن شقيقته المرحومة إنجيلية واصف مكرم الله توفيت في 16/ 2/ 1954 عن ورثتها وهم ابنتها زوجة المطعون عليه وأخوان لها أحدهما الطاعن، وإن المورثة المذكورة توفيت وهي متقدمة في العمر وأصابها في السنة الأخيرة من حياتها مرض خطير أقعدها عن العمل داخل منزلها، ولازمت الفراش بسببه ثم أدى إلى وفاتها، وإنها لما شعرت بدنو أجلها عمدت إلى التصرف في كل أموالها فتصرفت إلى ابنتها وزوجها المطعون ضده وهو ابن أختها في 22 ف بعقد سجل في 25/ 3/ 1953، 65 ف و5 ط و16 س بعقد مسجل في 17/ 3/ 1953، كما باعت إلى باقي المدعى عليهم في تلك الدعوى 5 ف و19 ط و17 س بعقد مسجل في 30/ 1/ 1953، وجملة الأرض موضوع هذه التصرفات هي 93 ف و1 ط و6 س وإذ كانت هذه التصرفات قد صدرت في مرض موت المتصرفة وقصد بها التبرع، فإنه تسري عليها أحكام الوصية وتكون باطلة فيما زاد عن الثلث، وبذلك تكون حصته في الباقي من التركة السدس وقدره 15 ف و12 ط و3.5 س، ومن ثم فقد أقام هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 25/ 1/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 111 سنة 76 ق القاهرة طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت ملكيته إلى مساحة 14 ف و13 ط و15 س شيوعاً في 87 ف و5 ط و16 س موضحة الحدود والمعالم بالعقدين الصادرين إلى المطعون عليه وزوجته، وتنازل عن الطعن في العقود الصادرة لباقي الخصوم، وبتاريخ 24/ 12/ 1960 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 9/ 11/ 1965 نقضت المحكمة الحكم، وأحيلت القضية إلى محكمة استئناف بني سويف حيث قيدت برقم 69 سنة 2 ق، وبتاريخ 8/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي فهم الواقع في الدعوى، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن المتصرفة كانت مريضة مرض موت، واستدل على ذلك بأن قدم شهادة من الطبيب المعالج تفيد ملازمتها الفراش من يناير سنة 1953 كما استدل الطاعن على ذلك بعدم قدرتها على التوجه إلى مكتب الشهر العقاري وانتقال الموظف المختص إلى منزلها لتوثيق العقدين، ورغم ذلك نفى الحكم عن المتصرفة أنها كانت مريضة مرض موت، وأضاف الطاعن أن الحكم اعتبر أن إقراره بصحة التصرفات الأخرى الصادرة إلى من تنازل عن مخاصمتهم والمؤرخة في 21/ 12/ 1953، 2/ 1/ 1954 وهي تواريخ معاصرة للعقدين الصادرين إلى المطعون ضده وزوجته دليل على عدم قيام حالة مرض الموت لدى المتصرفة مع أن مرض الموت لا يفقد أهلية التصرف، ولا يؤثر في تصرف بعوض، وإنما يؤثر على التصرفات المقصود بها التبرع وتسري عليها أحكام الوصية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم الواقع في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه نفى حالة مرض الموت لدى المتصرفة استناداً إلى قوله "قامت القرائن كلها على عدم جدية هذا الطعن، ولا أدل على ذلك من وقوف المستأنف (الطاعن) عند حد القول بأن مجرد تقديمه شهادة الطبيب فيه حد الكفاية لإثبات مرض الموت، وأنه من ثم في غير حاجة إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق، ولا مشاحة في أن تلك الشهادة إنما مفادها تردد الطبيب على المرحومة إن إنجليا واصف..... المتصرفة للإشراف عليها وعلاجها دون تحديد نوع المرض، الأمر الذي لا ترقى معه هذه الشهادة بحال إلى مرتبة الدليل على مرضها مرض موت..... وتلتفت المحكمة عما ردده المستأنف بصدد عدم انتقال المورثة إلى الشهر العقاري للتصديق على العقود التي حصلت في سنة الوفاة، إذ أن مجرد انتقال الموثق إلى منزل المورثة لا يدل بذاته على المرض أو الكشف عن كنهه" لما كان ذلك وكان قيام مرض الموت أو عدم قيامه هو من مسائل الواقع، وكان الحكم قد نفى بأدلة سائغة لها أصلها في الأوراق قيام حالة مرض الموت لدى المتصرفة حيث استخلص من الشهادة الطبية المقدمة من الطاعن أنها لا تدل على أن المتصرفة كانت مريضة مرض موت، واعتبر الحكم في حدود سلطته في تقدير الدليل أن انتقال الموثق إلى منزل المتصرفة لتوثيق العقود لا يعتبر دليلاً أو قرينة على مرضها مرض موت فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو في فهم الواقع في الدعوى يعتبر مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل، ولا يؤثر في الحكم ما تزيد فيه من أن إقرار الطاعن بصحة العقود الصادرة إلى باقي المدعى عليهم في الدعوى يفيد أن المتصرفة لم تكن مريضة مرض موت، إذ جاء هذا من الحكم بعد استبعاده الأدلة التي قدمها الطاعن على قيام حالة مرض الموت، وهو المكلف بإثبات ذلك، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر أن العقدين الصادرين إلى المطعون عليه وزوجته بيع بثمن مقبوض، واستند الحكم في ذلك إلى الحكم الصادر في قضية الضرائب رقم 56 سنة 58 تجاري كلي المنيا الخاصة بالضرائب المستحقة على تركة المتصرفة، وأن هذا الحكم أخرج الأرض المبيعة من تركتها، هذا في حين أن هذا الحكم لا يحتج به على الطاعن إذ لم يكن طرفاً فيه، كما أن العقدين إنما هما في حقيقتهما هبة صدرت في عقدي بيع، إذ لا يعقل أن تدفع ابنة المتصرفة ثمناً مع أنها كانت سترث نصف التركة، ولم يوجد الثمن المقول به في تركة المتصرفة عند وفاتها مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الطاعن وقد ذهب في سبب النعي إلى أن التصرفين الصادرين إلى المطعون عليه وزوجته هما في حقيقتهما هبة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان في الرد على السبب الأول إلى أن المتصرفة لم تكن في حالة مرض موت، وكان من المقرر أن التصرفات المنجزة الصادرة من المتصرف حالة صحته تكون صحيحة حتى ولو صدرت لوارث بقصد حرمان بعض الورثة، ذلك أن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما أخرجه من مال حال حياته فلا حق للورثة فيه، لما كان ذلك وكان الحكم قد استبعد دفاع الطاعن من أن العقدين يستران وصية، وانتهى إلى أنهما تصرفان منجزان، وأن للمتصرفة ما دامت في حالة الصحة التصرف ولو لبعض ورثتها تصرفات منجزة، وأن مثل هذه التصرفات لا تعتبر تحايلاً على قواعد الإرث، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لهذا السبب يكون غير منتج في الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى أن العقدين الابتدائيين الصادرين من المتصرفة إلى المطعون عليه وزوجته قد صدرا قبل الوفاة بأكثر من سنة، وذلك أخذاً بالتاريخ الوارد بالعقدين، مع أن هذا التاريخ غير ثابت بوجه رسمي ولا يحتج به على الطاعن، كما أن تحديد السنة لمرض الموت ليس حتمياً، بل العبرة بحالة المرض واشتداده، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، أولاً بأنه غير مقبول، إذ لم يقدم الطاعن ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن تاريخ العقدين الابتدائيين تاريخ غير صحيح. ومردود (ثانياً) بأنه غير منتج طالما أن الحكم على ما سلف البيان في الرد على السبب الأول قد انتهى إلى استبعاد حالة مرض الموت لدى المتصرفة ويكون النعي بهذا السبب برمته على غير أساس.