الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2023

الطعن 263 لسنة 26 ق جلسة 3 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 3 ص 37

جلسة 3 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(3)
الطعن رقم 263 لسنة 26 القضائية

)أ) إصلاح زراعي. "إقرار المالك والتحفظ الوارد به". بيع.
للمالك أن يضمن إقراره - بما اختاره من أطيان تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي - ما شاء من التحفظات. تحقيق هذا الإقرار وما تضمنه من تحفظات منوط بالجهة التي حددها القانون. قبول هذه الجهة التحفظ الوارد بإقرار المالك - ومؤداه أن يحتفظ بالقدر المبيع منه ضمن ما اختاره من أطيان عند عدم الاعتداد بعقد البيع. ليس للمشترى من المالك أن يجادل في صحة ذلك التحفظ أو يعترض عليه.
)ب) إصلاح زراعي. "توزيع الأراضي المستولى عليها". "حق صغار الزراع".
حق صغار الزراع الذين يوزع عليهم الأراضي المستولى عليها لا يتعلق بالأرض الخاضعة للاستيلاء طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي، إلا بعد تمام الاستيلاء والتوزيع، أما قبل ذلك فليس لهم ثمة حقوق عليها.
)ج) إصلاح زراعي. تصرفات المالك. "بيع". "الالتزام بنقل الملكية". عقد. "فسخ العقد". قوة قاهرة. التزام. "انقضاء الالتزام".
لم يحظر قانون الإصلاح الزراعي على المالك التصرف فيما يستبقيه لنفسه من أطيان في حدود المائتي فدان ولم يضع قيداً على ذلك. صدور قانون الإصلاح الزراعي لا يترتب عليه استحالة تنفيذ التزام المالك بنقل ملكية ما باعه منها. عدم إدراج المالك القدر المبيع ضمن ما اختاره من أطيان بصفة أصلية وإيراده في إقراره تحفظاً بأن يندرج ضمن هذه الأطيان في حالة عدم الاعتداد بالبيع وقبول جهة الإصلاح الزراعي هذا التحفظ.
امتناع نقل الملكية في الفترة بين تقديم الإقرار وموافقة جهة الإصلاح الزراعي على التحفظ. مانع مؤقت لم يترتب عليه - في حدود سلطة محكمة الموضوع - زوال المنفعة المرجوة من العقد وليس له من أثر سوى تأجيل تنفيذ الالتزام في تلك الفترة دون أن يؤدي إلى انفساخ العقد بقوة القانون.
)د) إصلاح زراعي. "تصرفات المالك غير الثابتة التاريخ". "عدم الاعتداد بها". بطلان. بيع.
عدم الاعتداد بعقد البيع الصادر من مالك خاضع لقانون الإصلاح الزراعي قبل يوليه سنة 1952 - في حق جهة الإصلاح الزراعي - لعدم ثبوت تاريخه لا يعنى بطلان هذا العقد. موافقة جهة الإصلاح الزراعي على إدراج القدر المبيع ضمن ما اختاره المالك وفقاً للقانون يجعل القدر المبيع بمنجاة من الاستيلاء. ليس لجهة الإصلاح الزراعي أن تعترض على التصرفات الواردة عليه. لا تعارض بين قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - قبل تلك الموافقة - بعد الاعتداد بالبيع وبين الحكم بإلزام المشترى بدفع باقي الثمن المبيع على أساس قيام العقد.
)هـ) إصلاح زراعي. "اختصاص اللجنة القضائية". اختصاص.
اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي مقصور على الفصل فيما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولي لديهم بشأن بيانات الإقرارات المقدمة منهم وصحة الاستيلاء أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعى ملكية الأرض التي تقرر الاستيلاء عليها وتعيين أصحاب الحق في التعويض عنها. غير ذلك من المنازعات بين الأفراد بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها لا تدخل في اختصاص اللجنة القضائية. الاختصاص بها للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
)و) إصلاح زراعي. "إدارة الاستيلاء". "اللجنة العليا للإصلاح الزراعي".
ما يصدر من إدارة الاستيلاء - التي ناط بها المشرع تنفيذ أحكام قانون الإصلاح الزراعي - والقيام بعمليات الاستيلاء والتوزيع، يعتبر صادراً من اللجنة العليا للإصلاح الزراعي باعتبار أن هذه اللجنة قد فوضت تلك الإدارة في إصدار كل ما يتعلق بمسائل الاستيلاء.
(ز، ح) حوادث طارئة. "نطاق نظرية الحوادث الطارئة". "عقود المدة". "العقود الفورية المؤجلة التنفيذ". "عقود الغرر" عقد. إصلاح زراعي. (1)
نص المادة 147/ 2 مدني نص عام يتسع لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين. انطباق هذه النظرية على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري وعلى العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات العاقدين فالأجل من شروط التعاقد. شرط تطبيق هذه النظرية ألا يكون تراخى تنفيذ الالتزام إلى ما بعد الحادث الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين.
عدم انطباق نظرية الحوادث الطارئة على "عقود الغرر" فهي تعرض العاقدين - بطبيعتها - لاحتمال الكسب الكبير أو الخسارة الفادحة.
(ط) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". "أثره على الالتزام المؤجل".
أثر تطبيق نظرية الحوادث الطارئة على عقود البيع التي يكون الثمن فيها مؤجلاً أو مقسطاً، رد الالتزام إلى الحد المعقول لا يكون إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت أن الالتزام المدين بها أصبح مرهقاً بسبب الحادث الطارئ بما يهدده بخسارة فادحة. لا يعمل القاضي هذا الجزء بالنسبة للأقساط المستقبلة التي يحتمل زوال أثر الحادث الطارئ عند استحقاقها وشأنها في ذلك شأن الإجراءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة.
(ك، ل) حوادث طارئة. "قانون الإصلاح الزراعي". إصلاح زراعي. "القانون رقم 452 لسنة 1953. (1)
قانون الإصلاح الزراعي يعتبر حادثاً طارئاً فهو حادث استثنائي عام لم يكن في الوضع توقعه ولا كان ممكناً دفعه.
الحادث الطارئ قد يكون تشريعاً كما قد يكون عملاً أو واقعة مادية.
النتيجة التي رتبها القانون رقم 452 لسنة 1953 - لا يمكن تعليلها إلا على أساس اعتبار قانون الإصلاح الزراعي ظرفاً طارئاً.
تدخل المشرع بالقانون 452 لسنة 1953 لم يقصد به قصر تطبيق نظرية الحوادث الطارئة على خصوصية بعينها إذ صرح بأن حكمه لا يخل بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة لهذه الصفقة ومن هذه الأحكام حكم الظروف الطارئة.
(م) حوادث طارئة "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". "شرط الإرهاق" "مناطه".
لا يكفي في نفي قيام شرط الإرهاق القول بأن قانون الإصلاح الزراعي ليس سبباً في هبوط ثمن الأطيان. تقرير المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 452 لسنة 1953 أنه قد ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي انخفاض أثمان الأراضي الزراعية وتحديد قيمتها الإيجارية. وجوب النظر في تقرير الإرهاق إلى ذات الصفقة محل التعاقد.

---------------
1 - ليس في القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي أو القوانين المعدلة له ما يمنع المالك الذي انطبق عليه ذلك القانون لامتلاكه أكثر من مائتي فدان من أن يضمن إقراره ما شاء من التحفظات ما دام الأمر في تحقيق هذا الإقرار وفي الفصل فيما قد يتضمنه من تحفظات خاضعاً لتقدير الجهة التي ناط بها القانون تحقيق الإقرارات فإذا كانت هذه الجهة قد قبلت التحفظ الوارد بإقرار المالك - ومؤداه أن يحتفظ بالقدر المبيع منه ضمن المائتي فدان وذلك في حالة عدم الاعتداد بعقد البيع - وأعملت مقتضاه لما رأته من قيامه على سند صحيح من القانون، فإنه لا يكون للمشترى من هذا المالك أن يجادل في صحة ذلك التحفظ أو يعترض عليه.
2 - صغار الزراع وغيرهم ممن نص عليه في المادتين 9 و10 من القانون رقم 178 لسنة 1952 على أن توزع عليهم الأرض المستولى عليها، لا يتعلق حقهم بالأرض الخاضعة للاستيلاء بمقتضى القانون المذكور وهى الزائدة عن المائتي فدان التي يستبقيها المالك لنفسه - إلا بعد أن يتم الاستيلاء عليها وبعد أن توزع عليهم أما قبل هذا التوزيع فلاً يكون لهم أية حقوق عليها.
3 - لم يحظر القانون رقم 178 لسنة 1952 على المالك التصرف فيما يستبقيه لنفسه في حدود المائتي فدان ولم يضع أي قيد على هذا التصرف ومن ثم فلاً يترتب على صدور هذا القانون استحالة تنفيذ التزام المالك بنقل ملكية القدر الذي باعه من تلك الأطيان. فإذا كان البائع لم يدرج في إقراره القدر المبيع ضمن الأطيان التي اختارها لنفسه بصفة أصلية وامتنع بذلك نقل الملكية للمشترى في الفترة بين تقديم هذا الإقرار وموافقة جهة الإصلاح الزراعي على إعمال مقتضى التحفظ الوارد فيه بشأن هذا القدر واعتباره ضمن الأطيان المتحفظ بها للمالك، وكان هذا المانع المؤقت لم يترتب عليه - في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع - زوال المنفعة المرجوة من العقد فلا يكون له من أثر سوى تأجيل تنفيذ الالتزام في الفترة التي قام فيها ولا يؤدى إلى انفساخ العقد بقوة القانون.
4 - عدم الاعتداد بعقد البيع الصادر من المالك الخاضع لقانون الإصلاح الزراعي قبل 23 يوليه سنة 1952 - في حق جهة الإصلاح الزراعي - لعدم ثبوت تاريخه لا يعنى بطلانه بل إن هذا العقد يبقى صحيحاً نافذاً بين عاقديه متى تم صحيحاً وفقاً لأحكام القانون العام. ومن ثم فإذا كانت جهة الإصلاح الزراعي قد وافقت على إدراج القدر المبيع ضمن ما اختاره البائع في حدود القدر الذي يجيز له القانون الاحتفاظ به لنفسه من أطيانه فإن العين المبيعة تكون بمنجاة من الاستيلاء ولا يكون لجهة الإصلاح الزراعي أن تعترض بعد ذلك على التصرفات الواردة عليها بل يبقى العقد صالحاً لنقل ملكية المبيع إلى المشترى وبالتالي فلاً تعارض بين قرار اللجنة القضائية بعد الاعتداد بالبيع - قبل موافقة جهة الإصلاح الزراعي سالفة الذكر - وبين الحكم، بعد ذلك، بإلزام المشترى بدفع باقي ثمن المبيع على أساس قيام العقد ونفاذه. (2)
5 - مفاد النص المادة 13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952 - وما ورد بلائحته التنفيذية والمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 225 لسنة 1953 - أن اختصاص اللجنة القضائية مقصور على الفصل فيما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات المقدمة منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أرضهم، أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعى ملكية الأرض التي تقرر الاستيلاء عليها بحسب أحكام قانون الإصلاح الزراعي وتعيين أصحاب الحق في التعويض عنها، أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم، والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها فلاً اختصاص للجنة بنظرها ولو تأثرت التزاماتهم المترتبة على تلك الاتفاقات بقانون الإصلاح الزراعي وإنما يكون الاختصاص للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثني بنص خاص. فإذا كانت جهة الإصلاح الزراعي لم تنازع المالك إدخال القدر المبيع منه، ضمن المائتي فدان الجائز له الاحتفاظ بها فإنه لا تكون ثمة منازعة في هذا الخصوص تختص اللجنة القضائية بنظرها.
6 - ما يصدر من إدارة الاستيلاء التابعة للجنة العليا للإصلاح الزراعي - الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - التي ناط بها المشرع تنفيذ أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 والقيام على عمليات الاستيلاء والتوزيع، يعتبر صادراً من اللجنة العليا باعتبار أن هذه اللجنة قد فوضت تلك الإدارة في إصدار كل ما يتعلق بمسائل الاستيلاء.
7 - تنص المادة 147/ 2 من القانون المدني على أنه "... إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة لقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول..." وإذ يبين من هذا النص أن المشرع قد أطلق التعبير بالالتزام التعاقدي دون أن يخصص نوعاً من الالتزام التعاقدي بعينه وإنما أورد النص عاماً بحيث يتسع لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدى إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات للعاقدين لتحقق حكمة التشريع في الحالتين وهى إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة وذلك برفع العنت عن المدين تمكيناً من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير وهذا الإرهاق كما يحدث في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية أو مستمرة يحدث كذلك في الالتزامات المؤجلة التنفيذ على أنه يشترط لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة ألا يكون تراخى تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الحادث الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين إذ لا يجوز له أن يستفيد في هذه الحالة من تقصيره، كما أن هذه النظرية لا تنطبق على "عقود الغرر" إذا أنها تعرض - بطبيعتها - العاقدين لاحتمال كسب كبير أو خسارة فادحة. (3)
8 - لا ينال من تطبيق نظرية الحوادث الطارئة على عقود البيع التي يكون فيها الثمن كله أو بعضه مؤجلاً القول بأن إرجاء دفع الثمن قصد به التيسير على المشتري فلا ينبغي أن يضار به البائع ذلك أن الأجل شرط من شروط التعاقد على الصفقة أصلاً لولاه لما تمكن البائع من إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه فلا يعتبر والحال كذلك تأجيل تنفيذ التزام المشترى بدفع الثمن تفضلاً من البائع.
9 - تطبيق حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني على عقود البيع التي يكون فيها الثمن مؤجلاً أو مقسطاً لا يحول دون إعمال الجزاء المنصوص عليه فيها - وهو رد الالتزام إلى الحد المعقول - على الوجه الذي يتطلبه القانون ذلك أن القاضي لا يعمل هذا الجزاء إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشترى لها قد أصبح بسبب وقوع الحادث الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة أما باقي الأقساط المستقبلة فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً بزوال أثر ذلك الحادث عند استحقاقها ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة.
10 - الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ قد توافرت في قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً عاماً كما أنه حادث استثنائي لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه. ولا يغير من ذلك كونه تشريعاً ذلك أن نص المادة 147/ 2 من القانون المدني قد أطلق التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية. والنتيجة التي رتبها القانون رقم 452 لسنة 1953 - وما تضمنته مذكرته الإيضاحية - لا يمكن تفسيرها إلى على أساس اعتبار قانون الإصلاح الزراعي ظرفاً طارئاً. (4)
11 - إذا كان القانون رقم 452 لسنة 1953 قد اقتصر على إعمال أثر نظرية الحوادث الطارئة على خصوصية بعينها وهى حالة ما إذا استولت الحكومة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي على أرض كان المستولى لديه قد اشتراها بعقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين لوفائه بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ فإن تدخل المشرع في هذه الحالة لم يقصد به قصر إعمال النظرية عليها وحده وإنما قصد به تنظيم العلاقة فيما بين البائع والمشترى على وجه معين عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها. وقد حرص القانون رقم 452 لسنة 1953 على أن ينص في نهاية المادة الأولى على أن حكمه لا يخل بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة لباقي الصفقة ومن هذه الأحكام، حكم الظروف الطارئة. ولو كان اتجاه المشرع إلى قصر تطبيق الحكم المذكور بالنسبة لعقود البيع المؤجل فيها الثمن على الخصوصية التي عالجها في تلك المادة وإلى إنفاذ حكم العقد فيما عداها لقرر أن باقي الصفقة يخضع لحكم العقد أو لأغفل الإشارة كلية إلى ما يتبع في شأنه. (5)
12 - لا يكفي في نفي قيام شرط الإرهاق - كشرط لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة - القول بأن قانون الإصلاح الزراعي ليس سبباً في هبوط ثمن الأطيان وإنما يرجع ذلك على انخفاض أسعار القطن ذلك أن علاوة على أن المشرع قد قرر في مذكرته الإيضاحية للقانون رقم 452 لسنة 1953 بأنه قد ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي انخفاض أثمان الأراضي الزراعية وتحديد قيمتها الايجارية، فإنه يجب أن ينظر عند تقدير الإرهاق إلى الصفقة التي أبرم في شأنها العقد مثار النزاع مما يتعين معه على المحكمة أن تبحث أثر هذا القانون على ذات الصفقة محل التعاقد. (6)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما في 26 من يناير سنة 1953 الدعوى رقم 631 سنة 1953 كلي مصر ضد المطعون عليه ووزير الزراعة بصفته رئيس اللجنة العليا للإصلاح الزراعي والأمين العام لمصلحة الشهر العقاري وطلباً إلزام المطعون عليه في مواجهة الآخرين بأن يدفع لهما مبلغ 4500 جنيه وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية والمصاريف والأتعاب وذكراً في بيان دعواهما أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 10 إبريل سنة 1952 باع لهما المطعون عليه أطياناً زراعية قدرها 16 ف و20 ط و4 س كائنة بمركز السنبلاوين نظير قمن قدره 7700 جنيه دفعاً منه مبلغ 4500 جنيه واتفق على سداد الباقي في 15 أكتوبر سنة 1952 ريثما يتم العقد النهائي. وقد صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 في 9 سبتمبر سنة 1952 قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير ذلك العقد وقبل أن يأخذ تاريخاً ثابتاً بوجه رسمي ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون قد نصت على عدم الاعتداد في تطبيق أحكامه بتصرفات المالك التي لم يثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان المطعون عليه البائع ممن انطبق عليهم القانون المذكور فقد رفض الشهر العقاري اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير عقد البيع النهائي وشهره وإزاء ذلك قام الطاعنان بإنذار المطعون عليه برد ما قبضه من الثمن ما دام أن العقد أصبح غير قابل للتنفيذ طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي سالف الذكر ولما لم يجد هذا الإنذار رفع الطاعنان هذه الدعوى ضده مطالبين برد هذا المبلغ وفوائده القانونية وأثناء نظر الدعوى صدر القانون رقم 131 لسنة 1953 الذي عدل بالقانون رقم 225 لسنة 1953 وبموجب هذين القانونين أضيفت إلى القانون رقم 178 لسنة 1952 مادة برقم 13 مكررة نصت على تشكيل اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وأن تكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإقرارات وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام القانون المذكور ومنعت هذه المادة المحاكم من نظر تلك المنازعات وبجلسة 9 مايو سنة 1953 حكمت المحكمة بناء على اتفاق الطرفين بوقف الدعوى حتى يتسنى لهما عرض أمر التصرف محل النزاع على تلك اللجنة وقد عرض عليها وقررت في 26 أكتوبر سنة 1953 عدم الاعتداد به وصدقت اللجنة العليا للإصلاح الزراعي على هذا القرار وبصحيفة معلنة في 24 مايو سنة 1954 عجل الطاعنان دعواهما وطلبا الحكم بطلباتهما المبينة بصحيفتها وبجلسة 15 يناير سنة 1955 تنازلاً عن مخاصمة وزير الزراعة والأمين العام لمصلحة الشهر العقاري وحكمت المحكمة بإثبات هذا التنازل وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1955 وجه المطعون عليه إلى الطاعنين دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 3200 جنيه باقي الثمن وفوائده بواقع 7% من أول يونيه سنة 1952 تأسيساً على أن الطاعنين دفعا له عند تحرير العقد الابتدائي في 10 إبريل سنة 1952 مبلغ 4000 جنيه وتعهدا في هذا العقد بأن يسددا الباقي وقدره 3700 جنيه على قسطين الأول وقدره 1000 جنيه في آخر مايو سنة 1952 والثاني وقدره 2700 جنيه في 15 أكتوبر سنة 1952 وأنهما دفعا له من القسط الأول مبلغ 500 جنيه فقط ثم صدر قانون الإصلاح الزراعي ولما كان يملك أكثر من مائتي فدان فقد قام بما يفرضه عليه هذا القانون من تقديم إقرار بما يريد الاحتفاظ به من أطيانه في حدود هذا القدر ولخوفه من عدم اعتداد جهة الإصلاح الزراعي بعقد البيع الصادر منه إلى الطاعنين فقد تحفظ في هذا الإقرار وحفظه لنفسه الحق في إدراج القدر المبيع بموجب هذا العقد في حالة عدم الاعتداد به - ضمن المائتي فدان المصرح له باستبقائها لنفسه وبعد صدور قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بعدم الاعتداد بالعقد المذكور تقدم إلى اللجنة العليا طالباً تنفيذ هذا التحفظ وقد استجابت هذه اللجنة إلى طلبه هذا وأدخلت القدر المبيع ضمن المائتي فدان التي استبقاها لنفسه مقابل استيلائها على مساحة مماثلة من الأطيان التي كان قد احتفظ بها أصلاً في الإقرار وبذلك أصبح من الميسور له توقيع عقد البيع النهائي ونقل الملكية إلى الطاعنين وبالتالي فقد انهار الأساس الذي أقاما عليه دعواهما وبقى حقه في اقتضاء باقي الثمن منهما قائماً - واستند في تأييد دفاعه هذا إلى شهادة رسمية قدمها إلى المحكمة صادرة بتاريخ 12 يونيه سنة 1954 من إدارة الاستيلاء التابعة للجنة العليا للإصلاح الزراعي تفيد أن القدر المبيع منه للطاعنين وارد ضمن المائتي فدان التي احتفظ بها لنفسه وأن هذه الشهادة محررة لتقديمها للشهر العقاري كما قدم إلى المحكمة إخطاراً صادراً من محكمة الشهر العقاري في 18 ديسمبر سنة 1954 بقبول الشهر عن عقد البيع الصادر منه للطاعنين - وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1955 قررت المحكمة الابتدائية ندب أحد أعضائها للانتقال إلى مقر لجنة الإصلاح الزراعي للاطلاع على الملف الخاص بالاستيلاء على أطيان المطعون عليه وعلى الإقرار المقدم منه لإثبات ما يرى لزوماً لإثباته على أن يتم ذلك في حضور طرفي الخصومة وقد تم هذا الانتقال وأثبت العضو المنتدب في محضر الانتقال أنه تبين له من الاطلاع على الملف المذكور أن أول إقرار قدمه المطعون عليه كان في 29 نوفمبر سنة 1952 وقد احتفظ فيه لنفسه بمائتي فدان لم يكن من بينها القدر الوارد في عقد البيع مثار النزاع غير أنه أورد في هذا الإقرار تحفظاً في حالة عدم الاعتداد بهذا العقد مضمونة أنه يحفظ لنفسه الحق في هذه الحالة في تنفيذ التزاماته قبل المشترين على أن يبدل القدر المبيع بمساحة مماثلة من المائتي فدان التي احتفظ بها وأنه عقب صدور قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 26/ 10/ 1953 بعدم الاعتداد بعقد البيع المذكور أحالت إدارة الاستيلاء التابعة للجنة العليا للإصلاح الزراعي موضوع التحفظ الوارد في الإقرار بشأن المساحة المبيعة إلى إدارة الشئون القانونية بالإصلاح الزراعي لإبداء الرأي فيه وكان ذلك بناء على طلب تقدم به المطعون عليه في 18 مارس سنة 1954 فأفتت هذه الإدارة بإعمال هذا التحفظ لاستناده إلى سند قانوني وبإخطار المالك بذلك ليقوم بتعيين المساحة التي يرى تركها للاستيلاء عوضاً عن المساحة التي سيحتفظ بها لنفسه وبناء على هذه الفتوى طلبت إدارة الاستيلاء من الطاعن تقديم إقرار معدل لإقراره الأول فقدم الإقرار المطلوب في 12 يونيه سنة 1954 أورد فيه القدر المبيع منه للطاعنين ضمن المائتي فدان التي استبقاها لنفسه وبناء على هذا التعديل قررت إدارة الاستيلاء تعديل ربط الضريبة الإضافية عليه وفيقاً لهذا التعديل وأعطته الشهادة التي قدمها إلى المحكمة وقرر وكيل الإدارة المذكورة لعضو المحكمة المنتدب أنه حتى يوم 10 مارس سنة 1955 الذي جري فيه الانتقال لم يكن قد تم الاستيلاء على الأطيان المطعون عليه الزائدة على المائتي فدان التي احتفظ بها لنفسه وبتاريخ 7 مايو سنة 1955 حكمت المحكمة الابتدائية: أولاً - برفض دعوى المدعيين (الطاعنين) الأصلية وبإلزامهما بمصاريفها. ثانياً - في الدعوى الفرعية بإلزام المدعى عليهما فيها (الطاعنين) بأن يدفعا للمدعى فرعياً (المطعون عليه) مبلغ 3200 جنيه وفوائده بواقع 7% سنوياً من تاريخ أول يونيه سنة 1952 حتى السداد والمصاريف ومبلغ خمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة - وقد رفع الطاعنان عن هذا الحكم الاستئناف رقم 865 سنة 72 ق القاهرة وطلباً في طلباتهما الختامية القضاء أصلياً بإلغاء الحكم المستأنف في جميع أجزائه والحكم في دعواهما الأصلية بطلباتهما ورفض الدعوى الفرعية واحتياطياً بمعاملتهما بالنسبة لهذه الدعوى الأخيرة بحكم المادة 147/ 2 من القانون المدني والنزول بالثمن إلى الحد الذي يمنع عنهما الإرهاق الذي نتج عن قانون الإصلاح الزراعي باعتباره حادثاً استثنائياً طرأ بعد العقد وبتاريخ 26/ 2/ 1956 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف - وفي 24 مايو سنة 1956 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 يناير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم في خصوص الدعوى الفرعية وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 22/ 12/ 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أثني عشر سبباً انصب السببان العاشر وإلحادي عشر على قضاء الحكم في الدعوى الفرعية أما باقي الأسباب فإنها خاصة بقضاء الحكم في الدعوى الأصلية.
(أولاً) عن أسباب الطعن الخاصة بقضاء الحكم في الدعوى الأصلية.
وحيث إن محصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن محكمة الاستئناف قررت في أسبابه بصريح اللفظ أنها لم تنظر الاستئناف على أساس ما كان قد قدم إلى محكمة أول درجة من أدلة ودفوع وأوجه دفاع وإنما نظرته على أساس ما قدم إليها هي من ذلك كله دون غيره وفي ذلك مخالفة لنص المادة 410 من قانون المرافعات التي توجب على محكمة الاستئناف أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى.
وحيث إن هذه النعي مردود بأنه لما كان يبين من فقرات الحكم التي أوردها الطاعن في تقرير الطعن للتدليل على صحة هذا النعي أنها لا تتضمن تصريحاً ولا تلميحاً من المحكمة بشيء مما يدعى الطاعن بأنها صرحت به في هذا الحكم وكل ما تفيده هذه الفقرات أن المحكمة أحالت في بيان وقائع النزاع وأطواره إلى ما ورد بشأنها في أسباب الحكم الابتدائي وقالت إنه لا وجه لإعادة الحديث فيها إلا بقدر ما يقتضيه الفصل في أسباب الاستئناف لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يبينا ماهية أوجه دفاعهما التي قدماها إلى محكمة الدرجة الأولى وأغفلت محكمة الاستئناف بحثها فإن النعي يكون مجهلاً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أن الحيثية التي استهل بها أسبابه تنطق بأن محكمة الاستئناف قد أيدت الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن تصرح بذلك ودون أن تفصل السبب أو الأسباب التي دعتها إلى هذا التأييد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه إنه لم يحل إلى أسباب الحكم الابتدائي إلا فيما يتعلق ببيان وقائع النزاع وأدواره وفيما عدا هذا فقد أقام قضاءه على أسباب مستقلة - على أنه مع ذلك فإن محكمة الاستئناف إذ أحالت إلى أسباب الحكم الابتدائي أو بعضها فإن هذه الإحالة تفيد بذاتها إقرار المحكمة للأسباب التي أحالت إليها.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور ذلك أنه أغفل إغفالاً تاماً الرد على الحجج والنصوص القانونية التي استند إليها الطاعنان في إثبات بطلان التحفظ الذي ذيل به المطعون عليه الإقرار المقدم منه إلى الإصلاح الزراعي في 28 نوفمبر سنة 1952 وحاصل هذه الحجج أن المشرع إذ حدد ميعاداً حتمياً لتقديم الإقرارات وفرض عقوبة على من يتجاوز هذا الميعاد فإنه لا يجوز بعد ذلك للملاك الذين ينطبق عليهم قانون الإصلاح الزراعي أن يقرنوا إقراراتهم بشروط أو تحفظات لا تتحقق إلا بعد الميعاد المحدد لتقديم تلك الإقرارات إذ لا معنى لتعليق الإقرار كله أو بعضه على مثل هذا الشرط إلا التأخير الفعلي عن تقديم الإقرار في ذلك الميعاد وهو ما حرمه المشرع بنصوص صريحة قاطعة من المرسوم الصادر في 15 يناير سنة 1953 - بتعديل قانون الإصلاح الزراعي الذي تعتبر أحكامه من النظام العام فإذا قدم أحد الملاك إقراره في الميعاد القانوني وحدد فيه المائتي فدان التي يريد الاحتفاظ بها ثم ذيل إقراره بتحفظ من شأنه تعديل هذا الاختيار في ميعاد لاحق على الميعاد المحدد أصلاً لتقديم الإقرار - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن الإقرار يصح و يبطل التحفظ ويترتب على بطلان التحفظ الوارد في إقرار المطعون عليه بطلان الفتوى التي أصدرها مدير الشئون القانونية للإصلاح الزراعي بإعمال مقتضى هذا التحفظ الباطل وبطلان الإقرار الثاني الذي طلبت إدارة الاستيلاء من المطعون ضده تقديمه وقدمه في 12 يونيه سنة 1954 وكذلك بطلان الشهادة التي أعطتها له الإدارة المذكورة بناء على تلك الفتوى وبطلان إخطار قبول الشهر عن الأطيان المبينة الصادرة إليه من مصلحة الشهر العقاري والذي بني على تلك الشهادة الباطلة ويترتب بالتالي على بطلان جميع هذه الإجراءات - وهو بطلان من النظام العام - استحالة شهر عقد البيع الصادر للطاعنين وعدم تقيد جهة الإصلاح الزراعي به حتى لو تم شهره الأمر الذي يجعل الأطيان المبيعة مهددة باستحقاق هذه الجهة لها.
ويتحصل السبب الرابع من أسباب الطعن في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بتقريره صحة التحفظ الوارد في الإقرار المقدم من المطعون ضده بالمخالفة لنص المادة الثانية من المرسوم الصادر في 15 يناير سنة 1953 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وبالمخالفة أيضاً لنص المادة 17 من القانون الأخير.
ويتحصل السبب الخامس في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب لإغفاله الرد على الأدلة القانونية التي استند إليها الطاعنان في التدليل على أن القانون لا يبيح للمطعون ضده تقديم إقرار ثان معدل لإقراره الأول وقد استند الحكم في رده على هذه الأدلة إلى رأى خاطئ لأحد الشراح مؤداه أن ملكية ما يزيد على المائتي فدان تبقى للمالك حتى تمام الاستيلاء على أطيانه الزائدة على هذا القدر وبذلك يملك تعديل إقراره حتى التاريخ الذي يتم فيه هذا الاستيلاء ويذكر الطاعنان أنه فضلاً عن أن صاحب هذا الرأي أورده بصدد حالة ما إذا زادت ملكية المالك عن المائتي فدان بسبب الميراث أو الوصية بعد تقديم الإقرار - وهى حالة لا تنطبق على واقعة الدعوى - فإن هذا الرأي يجافى التفسير الصحيح للقانون إذ أن الأطيان التي لا يحتفظ بها المالك في إقراره وتكون زائدة على المائتي فدان تتعلق بها على الفور طبقاً لأحكام القانون حقوق لطوائف معينة من الناس هم صغار الزراع وغيرهم ممن ورد ذكرهم في المادتين 9 و10 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الذي تعتبر أحكامه من النظام العام ويترتب على ذلك أن هذه الأطيان وإن بقيت تحت يد المالك حتى يستولى عليها فإنها تكون مخصصة بحكم القانون للتوزيع على هذه الطوائف عندما يتم الاستيلاء عليها وليس بقاؤها تحت يد المالك في الفترة السابقة على حصول هذا الاستيلاء واعتباره مالكا لها ومسئولاً عنها إلا وضعاً عملياً مؤقتاً استلزمه التيسير على الحكومة في تنفيذ القانون.
ويتحصل السبب السادس في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون بمجاراته الحكم الابتدائي في اعتماد الإقرار الثاني الذي قدمه المطعون ضده إلى الإصلاح الزراعي بعد الميعاد القانوني.
وحيث إن النعي بالأسباب الأربعة المتقدمة مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه رداً على ما أثاره الطاعنان في خصوص بطلان التحفظ الوارد في الإقرار الأول المقدم من المطعون عليه وعدم جواز تعديل هذا الإقرار بإقرار آخر لا حق له يأتي: "وحيث إن ما ذكره المستأنفان (الطاعنان) خاصاً بعدم جواز نقل الأطيان المبيعة من دائرة الأطيان الخارجة عما استبقاه البائع لنفسه إلى ما استبقاه لنفسه والقول بعدم أحقية إدارة الاستيلاء بالإصلاح الزراعي في عمل هذا التعديل لخروجه عن ولايتها وما قيل من أن حق صغار الزراع قد تعلق بهذه الصفقة وامتنع على أية سلطة من السلطات أن تخرجهم من هذا الحق وتحول بينهم وبين توزيع تلك الأطيان عليهم - كل هذا الذي قيل ليس من القانون في شيء بل ويبعد عنه بعداً كبيراً ذلك لأن حق الحكومة في الاستيلاء على الأرض الزائدة عن القدر الذي أباح القانون للأفراد تملكه لا ينشأ ولا يخلق إلا بعد أن يتخير المالك ما يرى أن يستبقيه لنفسه من الأطيان وهو صاحب الحق في الاختيار والإقرار الذي تفرض المادة الثانية من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952 على الملاك تقديمه هو الفيصل في ذلك - أعني أنه هو الذي يبين هذا وذاك. ومن حيث إن المحكمة كانت قد قررت الانتقال إلى مقر اللجنة العليا للإصلاح الزراعي وبأن من محضر انتقالها أن المقر وإن استبعد هذه الأطيان المبيعة من دائرة ما احتفظ به لنفسه إلا أن هذا الاستبعاد كان مقيداً بشرط واضح وهو الاعتداد بالبيع الصادر منه للمستأنفين فإن رأت الجهة ذات الولاية عدم الاعتداد بالعقد المذكور فإن البائع يطلب إلى الجهة القائمة على الاستيلاء على الأرض الزائدة اعتبار الأطيان المبيعة ضمن ما استبقاه لنفسه مقابل اندراج مساحة مساوية مما احتفظ به لنفسه - والإقرار على هذا النحو إقرار سليم خال من الشوائب لأن تعليق الوضع النهائي للأرض موضوع العقد المطعون فيه على ما تراه الجهة القانونية للهيئة المشرفة على تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي لا يتعارض مع القانون في شيء لأن التعليق لم يكن على أمر من عمله وإنما هو من عمل الجهة القضائية التي ستفصل في جواز الاعتداد بالعقد وعدم جواز ذلك... فإذا جاءت اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي ورأت عدم الاعتداد بالعقد فلا تثريب عليها في ذلك لأن ما ارتأته يدخل في حدود ولايتها - وإذا رأت هيئة الإصلاح الزراعي القائمة على عملية تنفيذ القانون رقم 178 لسنة 1952 أن الرجل لم يتجاوز حقه في التحفظ الذي قيد به إقراره المقدم منه على النحو السالف الذكر فإنها تكون قد أعملت حكم القانون ويستوي بعد هذا أن يكون قبول التعديل في الإقرار صادراً من إدارة الاستيلاء أو من أية إدارة أخرى لأن نظام العمل قد اقتضى هذا التخصيص الداخلي الذي يعتبر بمثابة تفويض من اللجنة العليا للإصلاح الزراعي. ومن حيث إن القول بتعلق حقوق صغار الزراع بهذه الأرض المبيعة بعد أن استبعدت مما استبقاه البائع لنفسه - هو قول غير سديد لا أصل له في القانون ذلك لأن هذا الاستبعاد لم يكن استبعاداً نهائياً وإنما كان مشروطاً بشرط الحكم بالاعتداد بالتصرف الحاصل للمستأنفين (الطاعنين) وما دام أن الشرط لم يتحقق فقد زالت حجتهما - والقول بأن هذا التحفظ وأمثاله من التحفظات لم يقصد به إلا مجرد التأخير في تقديم الإقرار في ميعاده القانوني الذي لا يصح تجاوزه قول بعيد كل البعد عن دائرة الصواب. ذلك لأن المقر لم يمانع في أن ينظر في طلبه على وجه السرعة فإذا كان الفصل في طلبه قد تأخر بعض الوقت فلا إثم عليه في هذا التأخير وليس بصحيح ما يقال من أن هذا التأخير من شأنه أن يسقط التحفظ إذ أن الشارع لم يمنع أهل الإقرارات من تضمين إقراراتهم ما يشاءون من إقرارات والمشرع يفترض أن هذه الإقرارات ستراجع بعد انتهاء مدتها وقد تستغرق مراجعتها شهوراً وأعواماً - وما كان ذلك ليسقط شيئاً مما حوته من تحفظات". وخلص الحكم إلى أنه "يبين من كل ما تقدم أن البائع قد خلص العقار المبيع من جميع الشوائب التي تخيلها المشتريان اللذان يسعيان جهدهما للخلاص من الصفقة لما يعتقدان من هبوط أسعار الأطيان هبوطاً كبيراً مما يجعل تلك الصفقة خاسرة وهما يصران أصلياً على اعتبارها مفسوخة وقد أحجما عن إتمام عقد البيع وتوقيعه وتسجليه وموقفهما هذا ينبذه القانون ويأباه لأنه ما دام المبيع خالياً من الشوائب ولم يمسسه ما يحول دون نقل ملكيته إليهما والانتفاع به انتفاعاً كاملاً فقد لزمهما الثمن دون نقاش ولا مجادلة" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد الكافي على جميع ما أثاره الطاعنان أمام محكمة الموضوع في شأن بطلان التحفظ الوارد في الإقرار الأول المقدم من المطعون عليه في الميعاد القانوني وعدم جواز تقديم إقرار ثان بعد هذا الميعاد معدل للإقرار الأول - ذلك أنه ليس في القانون رقم 178 لسنة 1952 ولا في القوانين المعدلة له ما يمنع المالك الذي انطبق عليه ذلك القانون لامتلاكه أكثر من مائتي فدان من أن يضمن إقراره ما شاء من التحفظات ما دام الآمر في تحقيق هذا الإقرار وفي الفصل في هذه التحفظات خاضعاً في النهاية لتقدير الجهة التي ناط بها القانون تحقيق الإقرارات فإذا انتهت هذه الجهة إلى قبول التحفظ الوارد في الإقرار وإعمال مقتضاه وذلك لما رأته من أنه يستند إلى سند قانوني صحيح فهذا شأنها وحدها ولا يكون للطاعنين بعد ذلك أن يعترضا على هذا الرأي - أما عن القول بأن حق صغار الزراع وغيرهم ممن نص في المادتين 9 و10 من القانون رقم 178 لسنة 1952 على أن توزع عليهم الأرض المستولى عليها يتعلق بالأطيان الزائدة عن المائتي فدان التي يستبقيها المالك لنفسه بمجرد انتهاء الميعاد المقرر لتقديم الإقرار فإنه قول يجافى القانون ذلك أن حق هؤلاء لا يتعلق بالأرض الخاضعة للاستيلاء بمقتضى القانون سالف الذكر إلا بعد أن يتم الاستيلاء عليها وبعد أن توزع عليهم وقبل هذا التوزيع لا يكون لهم أية حقوق عليها - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص ما أثاره الطاعنان في الأسباب الأربعة المتقدم ذكرها على أسباب مستقلة ولم يحل في هذا الخصوص على أسباب الحكم الابتدائي وكان ما يعيبه الطاعنان على الحكم من تقرير أن حق المالك في تعديل إقراره يظل قائماً حتى يتم الاستيلاء على أطيانه الزائدة ومن استناده في ذلك إلى قول لأحد الشراح - هذا الذي يعيبه الطاعنان إنما ينصرف إلى ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي التي لم يحل إليها الحكم المطعون فيه فإنه لا محل لمناقشته.
وحيث إن حاصل السببين السابع والثامن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنه بفرض التسليم بصحة إعمال التحفظ الوارد في الإقرار الأول فإنه لا يترتب على ذلك قيام عقد البيع الابتدائي المبرم بين الطرفين ذلك أن هذا العقد قد بقى مستحيل التنفيذ منذ صدور قانون الإصلاح الزراعي في 9 سبتمبر سنة 1952 وبسبب صدوره إلى أن منحت إدارة الاستيلاء المطعون ضده شهادتها الباطلة في 12 يونيه سنة 1954 وقد ترتب على هذه الاستحالة طوال هذه الفترة انفساخ العقد من تلقاء نفسه وبقوة القانون وبغير حاجة إلى إعذار أو حكم من القضاء وذلك بالتطبيق لنص المادتين 159 و373 من القانون المدني ويقول الطاعنان في السبب السابع إن الحكم المطعون فيه لم يتضمن أي رد على هذا الدفاع رغم أنه أشار إليه في أسبابه عندما لخص أسباب الاستئناف بينما يقول الطاعنان في السبب الثامن إن الحكم خالف القانون فيما هو قاطع في الدعوى وذلك بمخالفته نص المادتين المذكورتين.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردوداً بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر في أسبابه "وحيث إنه يبين من كل ما تقدم أن البائع قد خلص العقار المبيع من جميع الشوائب التي تخيلها المشتريان اللذان يسعيان جهدهما للخلاص من الصفقة لما يعتقدان من هبوط أسعار الأطيان هبوطاً كبيراً مما يجعل تلك الصفقة خاسرة وهما يصران أصلياً على اعتبارها مفسوخة وقد أحجما عن إتمام البيع وتوقيعه وتسجيله - وموقفهما هذا ينبذه القانون ويأباه لأنه ما دام المبيع خالياً من كل الشوائب لم يمسسه ما يحول دون نقل ملكيته إليهما والانتفاع به انتفاعاً كاملاً فقد لزمهما الثمن دون نقاش ولا مجادلة" إذ قرر الحكم ذلك فإنه يكون قد نفي قيام المانع الذي يحول دون تنفيذ البائع لالتزامه بنقل الملكية وبالتالي نفى استحالة التنفيذ المدعاة مما لا يدع بعد ذلك محلاً للاستناد للمادتين 159 و373 من القانون المدني اللتين تتحدثان عن انقضاء الالتزام بسبب استحالة تنفيذه - وما قرره الحكم في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن القانون رقم 178 لسنة 1952 لم يحظر على الملاك التصرف فيما يستبقونه لأنفسهم في حدود المائتي فدان ولم يضع أي قيد على هذا التصرف وما دام الأمر فقد انتهى إلى اعتبار القدر المبيع من المطعون عليه إلى الطاعنين داخلاً ضمن المائتي فدان التي احتفظ بها الأول لنفسه فإنه لم يبق ثمة وجه للقول بأنه ترتب على صدور القانون المذكور استحالة تنفيذ البائع لالتزاماته بنقل ملكية هذا القدر إلى المشترين وإذا كان قد ترتب على عدم إدراج المطعون عليه ذلك القدر ضمن الأطيان التي اختارها لنفسه بصفة أصلية في إقراره الأول أن أصبح من الممتنع عليه نقل ملكيته إلى المشترين (الطاعنين) في الفترة ما بين تقديم هذا الإقرار وبين موافقة جهة الإصلاح الزراعي على أعمال مقتضى التحفظ الوارد فيه بشأن هذا القدر وبإدراجه ضمن الأطيان المحتفظ بها المالك (المطعون عليه) إلا أن هذا المانع لم يكن سوى مانع مؤقت وقد رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أنه لم يترتب عليه زوال المنفعة المرجوة من العقد وبالتالي فلاً يكون له من أثر سوى تأجيل تنفيذ الالتزام في الفترة التي قام فيها المانع ولا يؤدى هذا المانع إلى انفساخ العقد بقوة القانون.
وحيث إن حاصل السبب التاسع أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن المادة 13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952 توجب في حالة قيام المنازعة عرض الأمر على اللجنة القضائية المشكلة وفقاً لما نص عليه في هذه المادة - لتقوم بتحقيق الإقرار وفحص الملكية وتحديد الأطيان التي يستولى عليها ثم عرض القرار الذي تصدره على اللجنة العليا للإصلاح الزراعي لاعتماده ولما كان الحاصل في الدعوى الحالية أنه كانت هناك منازعة تدور على ملكية الأطيان المبيعة وما تضمنه إقرار البائع بشأنها فالبائع وهو المطعون ضده قد زعم أن هذه الأطيان خرجت من ملكه وأن لعقد البيع تاريخاً ثابتاً قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 ونازع الطاعنان في ذلك وقالا بأن العقد ليس له تاريخ ثابت قبل ذلك اليوم ومن ثم فإن القدر المبيع يعتبر باقياً في ملكية البائع ولا يجوز له نقل ملكيته إليهما وقد رفضت مصلحة الشهر العقاري بالفعل شهر العقد لهذا السبب وقد عرض الطاعنان هذا النزاع على محكمة مصر بالدعوى الحالية وأثناء نظرها صدر القانون رقم 131 لسنة 1953 الذي عدل بالقانون رقم 225 لسنة 1953 وأضاف المادة 13 مكررة فقررت المحكمة وقف الدعوى حتى تفصل اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في هذا النزاع وقد عرض عليها فعلاً وقررت عدم الاعتداد بعقد البيع الابتدائي واعتمدت اللجنة العليا هذا القرار وحرك الطاعنان الدعوى أمام محكمة القاهرة لتقضى لهما برد ما كانا قد دفعاه من الثمن بعد أن زال سبب هذا الالتزام غير أن المطعون ضده كان قد التجأ إلى مدير الشئون القانونية للإصلاح الزراعي لا إلى اللجنة القضائية ولا إلى اللجنة العليا وحصل منه على فتوى بقبول إدراج القدر المبيع ضمن المائتي فدان التي احتفظ بها لنفسه وبجواز شهر عقد البيع الابتدائي وقد تمسك الطاعنان أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص الجهة التي أصدرت هذه الفتوى بإصدارها وبأن الاختصاص في تقرير ذلك هو للجنة القضائية وللجنة العليا دون غيرهما وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاعهما هذا بأن اللجنة القضائية لا يلجأ إليها إلا في حالة قيام نزاع حول بيان من البيانات الواردة في الإقرار وبأن تحفظ المطعون عليه الوارد في إقراره الأول لم يكن محل نزاع من الجانبين ويقول الطاعنان إن هذا الذي قرره الحكم غير صحيح وذلك أن المادة 13 مكررة من قانون الإصلاح الزراعي لم تقصر اختصاص اللجنة القضائية على حالة قيام نزاع حول بيان من البيانات الواردة في الإقرار ولكنها بسطت اختصاصها على جميع المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة والمنازعة القائمة في الدعوى الحالية من هذا القبيل أما عن القول بعدم قيام النزاع على التحفظ الوارد في الإقرار فإنه يتعارض مع الوقائع الثابتة إذ لا شك أن هناك نزاعاً بين الطرفين على جواز شهر العقد وعدم جوازه وقد أقرت اللجنة القضائية وجهة نظر الطاعنين بعدم جواز الشهر وذلك بتقريرها عدم الاعتداد بالعقد ولا شك أن ذلك النزاع يشمل حتماً مسألة إعمال التحفظ الوارد في إقرار المطعون عليه لأن مقتضى أعماله جواز شهر العقد والعكس صحيح ومن ثم فلم يكن يجوز قانوناً بأي حال اتخاذ إجراء في النزاع القائم حول شهر العقد دون الرجوع إلى اللجنة القضائية واللجنة العليا في مواجهة الطرفين وكان لذلك يتعين على محكمتي الموضوع اعتبار المطعون عليه عاجزاً عن إثبات جواز شهر العقد لعدم تقديمه ما يفيد موافقة اللجنتين المذكورتين على إعمال تحفظه أو في القليل أن تحكما بوقف الدعوى حتى يرجع المطعون عليه إلى هاتين اللجنتين وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا التطبيق الصحيح للقانون فإنه يكون مخالفاً له.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بقوله "وحيث إن المستأنفين (الطاعنين) قد أطالا الكلام بغير جدوى في صدد اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وخلصاً من ذلك إلى أنه كان يتعين عرض أمر الموافقة على التحفظ الذي تضمنه إقرار المستأنف ضده (المطعون عليه) على اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي ثم على اللجنة العليا وما دام أن ذلك لم يحصل فيعتبر القرار الصادر من إدارة الاستيلاء بقبول التحفظ قراراً باطلاً - وهذا كله ضرب في غير مضرب نظراً لأن اللجنة القضائية لا يلجأ إليها إلى في حالة قيام نزاع حول بيان من البيانات الواردة في الإقرار - ولما كان النزاع هنا منصباً على أمر واحد وهو جواز أو عدم جواز الاعتداد بالعقد الصادر للمستأنفين فقد بسط الأمر على اللجنة وقررت قرارها المتقدم الذكر أما التحفظ فلا نزاع فيه من الجانبين إذ هو لا يعتدي طلب المقر إدخال قدر معين من الأطيان التي يملكها ضمن ما يستبقيه لنفسه ولم تنازعه جهة من الجهات في حقه هذا حتى يعرض الأمر على اللجنة القضائية وقال الحكم في موضع آخر "إنه يستوي بعد ذلك أن يكون قبول التعديل في الإقرار صادراً من إدارة الاستيلاء أو من أية إدارة أخرى لأن نظام العمل قد اقتضى هذا التخصيص الداخلي الذي يعتبر بمثابة تفويض من اللجنة العليا للإصلاح الزراعي" - وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المادة 13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة أصلاً بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانون رقم 225 لسنة 1953 قد حددت اختصاص اللجنة القضائية بأن تكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإجراءات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولي عليها وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون - ثم أضاف القانون رقم 381 لسنة 1956 اختصاصاً أخر للجنة وهو الفصل في المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها - ومفاد نص المادة 13 مكررة المذكورة وما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 225 لسنة 1953 وفي اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الصادر في 18 يونيه سنة 1953 أن اختصاص اللجنة القضائية مقصورة على الفصل فيما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات المقدمة منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أرضهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعى ملكيته للأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الملاك الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي - وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون وتعيين أصحاب الحق في التعويض طبقاً لما تقضى به هذه الأحكام أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها فإنه لا اختصاص للجنة بنظرها ولو تأثرت التزاماتهم المترتبة على تلك الاتفاقات بقانون الإصلاح الزراعي وإنما يكون الاختصاص للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص - ولما كان الثابت من الوقائع السالف بيانها أن جهة الإصلاح الزراعي التي جمع المشرع في يدها سلطة تنفيذ القانون رقم 178 لسنة 1952 لم تنازع المطعون عليه في إدخال القدر المبيع منه للطاعنين ضمن المائتي فدان التي أجاز له القانون الاحتفاظ بها لنفسه - فإنه لا تكون ثمة منازعة في هذا الخصوص تختص اللجنة بنظرها ولا شأن للطاعنين في أثارة منازعة ما فيه أما قول الطاعنين بأن مقتضى قرار اللجنة بعدم الاعتداد بالعقد المبرم بينهما وبين المطعون عليه هو بقاء القدر المبيع في ملكية البائع (المطعون عليه) وعدم إمكان شهر هذا العقد فإنه مردود بأن عدم الاعتداد بالعقد لعدم ثبوت تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952 لا يعنى بطلانه بل إن هذا العقد متى تم صحيحاً طبقاً لأحكام القانون العام فإنه يظل صحيحاً ونافذاً بين عاقديه فإذا وافقت جهة الإصلاح الزراعي على إدراج القدر المبيع فيما اختاره البائع في حدود القدر الذي يجير له القانون الاحتفاظ به لنفسه من أطيانه فإن العين المبيعة تكون بمنجاة من الاستيلاء ولا يكون لجهة الإصلاح أن تعترض بعد ذلك على التصرفات الواردة عليها - وكذلك فإنه لا وجه لاعتراض الطاعنين على اختصاص الجهة التي أقرت إعمال التحفظ الوارد في إقرار المطعون عليه ووافقت على إدخال القدر المبيع ضمن ما استبقاه لنفسه ذلك أن هذه الموافقة قد صدرت من إدارة الاستيلاء وهى إحدى الإدارات التابعة للجنة العليا للإصلاح الزراعي - التي تغير اسمها فيما بعد بمقتضى قرار رئيس الجمهورية المؤرخ 10/ 7/ 1957 إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - والتي ناط بها المشرع تنفيذ أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 والقيام على عمليات الاستيلاء والتوزيع وكل ما يصدر من تلك الإدارة مما يتعلق بمسائل الاستيلاء يعتبر صادراً من اللجنة العليا اعتباراً بأن هذه اللجنة قد فوضت الإدارة المذكورة في إصداره - أما الإدارة القانونية التي استشارتها إدارة الاستيلاء قبل أن تصدر موافقتها فإنها تعتبر من الفنيين الذين أجازت المادة 12 من القانون رقم 178 لسنة 1952 للجنة العليا الاستعانة بهم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني عشر على الحكم المطعون فيه أنه فصل في النزاع على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به وهو الحكم الصادر من اللجنة العليا للإصلاح الزراعي بتاريخ 16 من يناير سنة 1954 باعتماد قضاء اللجنة القضائية الصادر في 26 من أكتوبر سنة 1953 بعدم الاعتداد بعقد البيع موضوع النزاع ولم تصدر اللجنتان المذكورتان حكمهما بذلك إلا بعد أن ثبت لهما قيام مصلحة محققة للطاعنين في الاعتراض على عقد البيع وقد جاء الحكم المطعون فيه مهدراً لهذه المصلحة مناقضاً لحكم اللجنتين الذي يعتبر حكماً نهائياً وقاطعاً لكل نزاع في أصل الملكية طبقاً لنص المادة 13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سلف ذكره في الرد على السبب التاسع من أن قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بعدم الاعتداد بعقد البيع المبرم بين الطرفين لا يعنى أكثر من اعتبار التصرف الوارد في هذا العقد غير نافذ في حق جهة الإصلاح الزراعي بالقدر الذي يتعارض فيه هذا التصرف مع أحكام قانون الإصلاح الزراعي ويبقى التصرف بعد ذلك صحيحاً ونافذاً بين عاقديه متى كان قد تم صحيحاً وفقاً لأحكام القانون العام فإذا دخل القدر المبيع ضمن ما أجاز القانون للبائع الاحتفاظ به لنفسه فليس لجهة الإصلاح الزراعي أن تعترض على هذا التصرف ويبقى العقد صالحاً لنقل ملكية المبيع إلى المشترى ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا يكون هناك تعارض بين قرار اللجنة القضائية بعدم الاعتداد بعقد البيع المبرم بين الطرفين وبين قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين بدفع الباقي في ذمتهما من الثمن على أساس قيام العقد ونفاذه.
ثانياً - عن أسباب الطعن المتعلقة بقضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى الفرعية:
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب العاشر على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق وتفسير الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني التي استندا إليها فيما طلباه في الدعوى الفرعية المقامة ضدهما من المطعون عليه - من رد ثمن المبيع إلى الحد المعقول بعد أن هبطت أثمان الأراضي وهبط إيجارها هبوطاً يتهددهما - بالخسارة الفادحة وذلك من جراء صدور قانون الإصلاح الزراعي وقد رفض الحكم إجابة هذا الطلب استناداً إلى ما قاله من أن حكم الفقرة المذكورة لا ينطبق إلا على العقود الزمنية المتراخية وإلى أن قانون الإصلاح الزراعي لا يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً إذ هو لا يعدو أن يكون تشريعاً صدر من السلطة التي تملكه ويقول الطاعنان إن كلا هذين الأمرين خطأ، ذلك أن نص الفقرة سالفة الذكر يبحث في عموم عن الالتزام التعاقدي فلا يجوز والحال كذلك تخصيصه بالالتزامات المتراخية كما أن الأعمال التحضيرية تنطق بأن المشرع قصد بإطلاق التعبير أن يجعل الحكم الوارد في الفقرة المذكورة منطبقاً على كل التزام تعاقدي يصبح تنفيذه مرهقاً للمدين - كذلك فإن قانون الإصلاح الزراعي يعتبر حادثاً استثنائياً لأن الظروف التي صدر فيها لم تكن ظروفاً مألوفة بل كانت ثورة تاريخية لولاها ما صدر هذا القانون إذ هو أحد أهدافها الرئيسية وهذه الثورة لم يكن من المستطاع توقعها وبالتالي فإن قانون الإصلاح الزراعي الذي لازم قيام تلك الثورة هو كالثورة نفسها حادث استثنائي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض ما طلبه الطاعنان من تخفيض الثمن طبقاً للفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على نظر حاصلة أن نص هذه الفقرة استثناء من حكم الفقرة الأولى التي تجعل من العقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز التوسع في تطبق هذا الاستثناء وأنه وإن كان المشرع لم يحدد العقود التي تطبق عليها نظرية الظروف الطارئة إلا أن المفهوم والمعقول أن يكون العقد الذي يراد إخضاعه لأحكامها من بين العقود التي تحتم بطبيعتها إرجاء التنفيذ وتراخيه إما لأن الزمن يكون أساسه وإما لأن العمل المراد تحقيقه يستغرق تنفيذه فترة من الزمن كما هو الحال في عقد الاستصناع أما بقية العقود التي يكون إرجاء التنفيذ فيها ليس من طبيعتها بل هو من عمل المتعاقدين واتفاقهم بقصد تسهيل التنفيذ على المدين فلا تنطبق عليها تلك النظرية وإنه مما يدعم هذا الرأي أن تطبيق النظرية المذكورة برد الالتزام إلى الحد المعقول لا يكون إلا بالنسبة للحاضر فقط من غير مساس بمستقبل العقد بمعنى أنه بزوال أثر الحادث الطارئ يرجع العقد إلى ما كان عليه قبل التعديل وتعود إليه قوته الملزمة وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان العقد من طبيعته أو خاصته التعاقب بمعنى أنه يتضمن عدة أداءات يمكن أن يعتبر كل منها محلاً لعقد مستقل فإذا طرأت ظروف تجعل التزام المدين مرهقاً بالنسبة لأحدها خفف عنه العبء بالنسبة إلى هذا الأداء فقط تحت تأثير الظروف التي يتحتم عليه أداءها فيها أما بالنسبة للأداءات الأخرى فتبقى خاضعة لحكم العقد ولا يمتد إليها قضاء القاضي ولما كان البيع بطبيعته عقداً فورياً تنتقل فيه الملكية دفعة واحدة ولا يتصور أن يتحلل العقد إلى عدة عقود بقدر الأقساط حتى ولو كان الثمن مقسطاً تسهيلاً على المدين في الوفاء فإنه يمتنع على المشترى أن يحتج بظرف طارئ بغية الوصول إلى تخفيف عبء الثمن في الوقت الذي تخلي فيه البائع عن الملكية نهائياً ولم يدفعه إلى هذا التخلي إلا أنه اعتبر الصفقة مجزية بالنسبة له فتخلى عن الملكية مقابل الثمن المتفق عليه ولو أن الظرف الطارئ كان ربحاً للمشترى لا خسارة لما استطاع البائع أن يعدل عن الصفقة - ثم قال الحكم إنه علاوة على ذلك فإن قانون الإصلاح الزراعي لا يمكن اعتباره حادثاً استثنائياً عاماً لأنه لا يعدو أن يكون تشريعاً صدر من السلطة التي تملكه ولم يكن التشريع في يوم ما حادثاً استثنائياً كما أن هذا القانون - في خصوص ثمن الأطيان، لا يطبق إلا على ما تستولي عليه الحكومة من الأطيان الزائدة عن المائتي فدان التي أباح الشارع تملكها أما ما زاد على هذا الحد فقد أجاز الشارع للملاك التصرف فيه إلى صغار الزراع في نطاق المادة الرابعة من القانون المذكور وترك تحديد الثمن لإرادة المتعاقدين اللهم إلا تلك الخصوصية التي جاء ذكرها في القانون 452 سنة 1953 الذي يتضح من مذكرته الإيضاحية أن نية المشرع اتجهت في غير موضع إلى إعمال عقود الشراء واحترام نصوصها رغم صدور قانون الإصلاح الزراعي ولم يهدف الشارع بالقانون 452 سنة 1953 إلى إعمال حكم الظروف الطارئة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 147 مدني إلا على هذه الحالة الوحيدة التي عالجها ذلك القانون - ثم قال الحكم إنه علاوة على ما تقدم فإن قانون الإصلاح الزراعي لم يكن هو السبب في هبوط ثمن الأطيان وإنما السبب الجوهري في ذلك يرجع إلى الكساد الذي أصاب الحالة الاقتصادية عقب انخفاض أسعار القطن ذلك المحصول الرئيسي الذي ترتبط به أثمان الأطيان ارتباطاً لا يمكن حله.
وحيث إن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني تنص على أنه" ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك" ويبين من هذا النص أن المشرع في إطلاقه التعبير بالالتزام التعاقدي لم يخصص نوعاً من الالتزام التعاقدي بعينه بل أورد النص بصيغة عامة تتسع لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدى إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين يجاوز حدود السعة - ومن ثم فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات العاقدين - وذلك لتحقيق حكمة التشريع في الحالتين وهى إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة وذلك برفع العنت عن المدين تمكيناً له من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير وهذا الاختلال كما قد يحدث في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية أو مستمرة فإنه يحدث أيضاً في الالتزامات المؤجلة التنفيذ - على أنه يشترط لتطبيق النظرية ألا يكون تراخى تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين إذ لا يجوز له أن يستفيد في هذه الحالة من تقصيره كما أن النظرية لا تطبق على عقود الغرر لأنها بطبيعتها تعرض العاقدين لاحتمال كسب كبير أو خسارة فادحة - ولا يصح الاحتجاج على تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود البيع التي يكون فيها الثمن كله أو بعضه مؤجلاً بما احتج به الحكم المطعون فيه من أن إرجاء دفع الثمن إنما قصد به تيسير التنفيذ على المشترى فلا ينبغي أن يضار به البائع ذلك أن الأجل شرط من شروط التعاقد على الصفقة أصلاً لولاه لما تمكن البائع من إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه فلا يعتبر والحال كذلك تأجيل تنفيذ التزام المشترى بدفع الثمن تفضلاً من البائع - كذلك فإن الحجة التي استند إليها الحكم من أن إعمال الجزاء الذي ترتبه الفقرة الثانية من المادة 147 على وقوع الظرف الطارئ وهو رد الالتزام إلى الحد المعقول بالنسبة للحاضر دون المستقبل لا بتأتي إلا إذا كان العقد من طبيعته التعاقب بمعنى أن يتضمن عدة أداءات يمكن معها تخفيف العبء عن المدين بالنسبة للأداء الذي تأثر بالطارئ دون غيره من الأداءات المستقبلة - هذه الحجة مردودة بأن تطبيق الحكم الوارد في الفقرة المذكورة على عقود البيع التي يكون فيها الثمن مؤجلاً أو مقسطاً لا يحول دون إعمال هذا الجزاء على النحو الذي يتطلبه القانون ذلك أن القاضي لا يعمل الجزاء إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشتري لها قد أصبح بسبب وقوع الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة أما باقي الأقساط المستقبلية فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً لزوال أثر ذلك الحادث عند استحقاقها ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة أما عن الأمر الثاني الذي استند إليه الحكم وهو أن قانون الإصلاح الزراعي لا يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً في مدلول الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني فإنه أيضاً غير صحيح ذلك أن الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ قد توافرت في قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً عاماً.
وهو يعد حادث استثنائي لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه ولا يغير من اعتباره كذلك كونه تشريعاً ذلك أن نص الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني قد أطلق في التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية - وغير صحيح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 وما تضمنته مذكرته الإيضاحية يؤيد وجهة نظره ذلك أن النتيجة التي رتبها القانون المذكور على صدور قانون الإصلاح الزراعي لا يمكن تفسيرها إلا على أساس اعتبار القانون الأخير ظرفاً طارئاً - وإذا كان القانون رقم 452 لسنة 1953 قد اقتصر على إعمال أثر نظرية الظروف الطارئة على خصوصية بعينها وهى حالة ما إذا استولت الحكومة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي على أرض كان المستولي لديه قد اشتراها بعقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين لوفائه بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ - إلا أن تدخل المشرع في هذه الحالة لم يقصد به قصر إعمال النظرية عليها وحدها وإنما قصد به تنظيم العلاقة فيها بين البائع والمشترى على وجه معين عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها - وقد حرص القانون رقم 452 لسنة 1953 على أن ينص في نهاية المادة الأولى التي أورد فيها هذا الحكم على أن ذلك الحكم لا يخل بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة - وبديهي أن من هذه الأحكام التي رأى المشرع أن يخضع لها باقي الصفقة الذي لم يشمله الاستيلاء - حكم الظروف الطارئة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 147 ولو كان اتجاه المشرع إلى قصر تطبيق الحكم المذكور بالنسبة لعقود البيع المؤجل فيها الثمن على الخصوصية التي علاجها في تلك المادة وإلى إنفاذ حكم العقد فيما عداها لقرر أن باقي الصفقة يخضع لحكم العقد أو لأغفل الإشارة كلية إلى ما يتبع في شأنه.
وحيث إن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 لم يكن السبب في هبوط ثمن الأطيان وإنما يرجع هذا الهبوط إلى انخفاض أسعار القطن - هذا القول لا يصلح قانوناً لنفي قيام شرط الإرهاق في الدعوى الحالية ذلك أن علاوة على أن المشرع قد أقر في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 452 لسنة 1953 بأنه ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي المذكور انخفاض أثمان الأراضي الزراعية وتحديد قيمة الأجرة عنها فإنه يجب أن ينظر عند تقدير الإرهاق الذي ترتب على الحادث الطارئ إلى الصفقة التي أبرم في شأنها العقد مثار النزاع ومن ثم فإنه لتقرير ما إذا كان قد ترتب أو لم يترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي إرهاق للطاعنين بالمعنى الذي يتطلبه القانون في الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني يتعين على المحكمة أن تبحث أثر هذا القانون على ذات الصفقة محل التعاقد وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النطاق كما أخطأ في تفسير الفقرة المذكورة على النحو السالف بيانه فإنه يتعين نقضه في خصوص ما قضى به في الدعوى الفرعية وذلك دون حاجة إلى بحث السبب الحادي عشر من أسباب الطعن المتضمن النعي على الحكم لما قضى به من فوائد عن المبلغ المحكوم به في الدعوى المذكورة.


 (1) مثل هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 259 لسنة 28 ق - جلسة 21/ 3/ 1963 - بالعدد الحالي رقم 36.
 (2) راجع نقض 3/ 5/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 565 "عدم الاعتداد بتصرفات المالك غير الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952. عدم نفاذها بالنسبة لجهة الإصلاح الزراعي التي تعد من طبقه الغير بالنسبة لهذا التصرفات. ليس معنى عدم الاعتداد بطلانها الأمر في شأن العقد غير الثابت التاريخ أو عدم نفاذه في حق جهة الإصلاح منوط بموقف المتصرف من الأطيان موضوع ذلك العقد وما إذا كانت قد دخلت فيما اختاره أو لم تدخل وما إذا كان قد استولى عليها أم لا".
 (3) راجع نقض 8/ 11/ 1951 مجموعة المكتب الفني س 3 رقم 5 "قوام نظرية الحوادث الطارئة أو عمل المحاكم أن يكون الحادث استثنائياً وغير متوقع وقت انعقاد العقد" وراجع نقض 31/ 5/ 1961 مجموعة المكتب الفني س 12 رقم 69 "مناط تطبيق نظرية الحوادث الطارئة قيام الالتزام بين الطرفين. امتناع تطبيقها عند تغيير الالتزام". وراجع نقض 20/ 12/ 1962 في الطعن رقم 245 لسنة 27 ق "إذا كان الالتزام قد نفذ فإنه ينقضي وعندئذ يمتنع انطباق هذه النظرية لأنها إنما ترد على التزام نائم لم تنفذ بعد".
 (4) راجع نقض 20 ديسمبر سنة 1962 في الطعن رقم 240 لسنة 27 ق.
 (5) راجع نقض 10/ 5/ 1962 مجموعة المكتب القني س 13 ص 629 "عدم انطباق المادة الأولى من ق 452 لسنة 1953 إلا على الأطيان التي تستولي عليها الحكومة فعلاً تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي".
 (6) راجع نقض 7/ 12/ 1961 مجموعة المكتب القني س 12 ص 752 "مناط تحقيق شرط الإرهاق المهدد بالخسارة الفادحة للمشتري النظر إلى الصفقة محل التعاقد ذاتها. تقدير تأثر الصفقة محل النزاع بالظروف الاستثنائية مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع" وراجع نقض 10/ 5/ 1962 مجموعة المكتب الفني ص 13 ص 625 "تدخل القاضي لرد الالتزام إلى الحد المعقول طبقاً للمادة 147/ 2 مدني رخصة من القانون يجب لاستعمالها تحقيق شروط معينه".

الطعن رقم 1 لسنة 41 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 17 / 12 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع عشر من ديسمبر سنة 2022م، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 41 قضائية دستورية"

المقامة من
علاء الدين سعد خطاب موسى
ضــــد
1- رئيس مجلــس الوزراء
2- وزيــر المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
3- رئيس مصلحة الضرائب المصرية، بصفته رئيس مجلس إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب المصرية
--------------

" الإجـراءات "
بتاريخ الثامن من يناير سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية البندين ( أ، ب) من الفقرة (3) من المادة (19) من النظام الأساسي لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب العامة الصادر بقرار وزير المالية رقم 1522 لسنة 2003، المستبدلة بقرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدم المدعي مذكرة صمم فيها على طلباته، وطلب الحكم بإلزام المدعى عليه الثالث بصرف ما لم يُصرف له من منحة نهاية الخدمة. وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.

--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 8718 لسنة 70 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، طالبًا الحكم بإلزامهما بصرف منحة نهاية الخدمة من صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب العامة، بواقع خمسمائة شهر، وصرف مقابـل ما لم يصرف له منها ومقداره ثلاثمائة وعشرون شهرًا، مع الفوائد المستحقة قانونًا. وقال شرحًا لدعواه، إنه عُين بمصلحة الضرائب بتاريخ 1/ 7/ 1985، واستمر في العمل بها حتى شغل وظيفة بدرجة مدير عام، وعقب حصوله على درجة الدكتوراه في الحقوق، عُين مدرسًا بكلية الحقوق - جامعة حلوان، فتقدم باستقالته من العمل بمصلحة الضرائب المصرية بتاريخ 30/ 11/ 2014، وصُرفت له منحة نهاية الخدمة من صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بالمصلحة، بمقدار مائة وثمانين شهرًا، من آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه، رغم قضائه ثلاثين عامًا في الخدمة، واستحقاقه تلك المنحة كاملة أسوة بزملائه. وبجلسة 27/ 2/ 2017، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية. ونفاذًا لهذا الحكم قُيدت الدعوى أمامها برقم 2255 لسنة 2017 عمال كلي، وبجلسة 24/ 4/ 2018، قضت المحكمة برفض الدعوى، استنادًا إلى نص المادة (19) من النظام الأساسي لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب، التي حددت منحة نهاية الخدمة في حالة استقالة العضو الذي تجاوز سن الخمسين، بواقع ستة أشهر من آخر مرتب أساسي تقاضاه، عن كل سنة من سنوات الخدمة. وإذ لم يرتض المدعي ذلك الحكم، طعن عليه أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4164 لسنة 135 قضائية، وحال نظره، دفع الحاضر عن المدعي بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (19) من النظام الأساسي لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب المصرية، بعد تعديلها بقرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه مخالفته ديباجة الدستور، ونصوص المواد (4، 8، 9، 12، 17، 23، 53، 92، 227) منه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها يسبق الخوض في شروط قبولها أو موضوعها. ولما كان الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه، إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بيًّن اختصاصاتها وحدد ما يدخل في ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية أيًا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التى ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة - تبعًا لذلك - عما سواها.
وحيث إن المادة الثانية والخمسين من القانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية، قبل إلغائه بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قد نصت على أن تؤول حصيلة الغرامات والتعويضات المحكوم بها نهائيًّا طبقًا لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 والقانون رقم 99 لسنة 1949 المشار إليهما إلى صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحــة الضرائب.
ويصدر قرار من وزير المالية بتحديد نظام هذا الصندوق وموارده الأخرى وأغراضه وكيفية إدارته، وعلى الجهات المختصة بتحصيل المبالغ المشار إليها في الفقرة السابقة أن تقوم بتوريدها إلى الصندوق في المواعيد التي يحددها وزير المالية بقرار منه.
وإعمالاً لهذا التفويض التشريعي، أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد القرار رقم 19 لسنة 1981، متضمنًا إنشاء صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب، مبينًا أهدافه، وكيفية إدارته، وموارده، والخدمات التي يضطلع بها حيال أعضائه، وكافة ما يتعلق بنظامه الأساسي.
وحيث إنه بتاريخ 4/ 11/ 2003، أصدر وزير المالية القرار رقم 1522 لسنة 2003 في شأن تعديل النظام الأساسي لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب العامة - على سند من نص المادة (195) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، مستبدلاً بالأحكام التي تضمنها قرار نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد رقم 19 لسنة 1981 أحكامًا جديدة. ونصت المادة (19) من قرار وزير المالية المشار إليه على أن يقدم الصندوق للأعضاء الخدمات الاجتماعية الآتية:
(أ)...... (ب)........
(ج) في حالة استقالة العضو من المصلحة (استقالة صريحة أو ضمنية) تُصرف له منحة توازى مرتب شهرين من آخر مرتب أساسي تقاضاه عن كل سنة من سنوات خدمته بها مخصومًا منها ما استفاد به من خدمات وتُجبر كسور السنة لصالح العضو.
..............
وبتاريخ 3/ 3/ 2011، أصدر رئيس مصلحة الضرائب المصرية القرار رقم 185 لسنة 2011 المطعون فيه، ناصًا على أن يُستبدل بنص المادة (19) فقرة (أ) من لائحة صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للعاملين بالضرائب العامة النص التالي:
مادة (19): يُقدم الصندوق للأعضاء الخدمات الاجتماعية الآتية:
- منحة توازى 500 شهر من المرتب الأساسي (خمسمائة شهر من المرتب الأساسي) في الحالات الآتية:
(1) عند إحالة العضو للتقاعد بسبب بلوغ السن القانونية أو بسبب الحالة الصحية العجز الكلى أو الجزئي المنهي للخدمة ويُشترط لصرف المنحة كاملة عند الإحالة للتقاعد بسبب بلوغ السن القانونية أن يكون العضو قد أمضى خمسة وعشرين سنة على الأقل في خدمة المصلحة وإلا قُسمت المنحة على خمسة وعشرين جزءًا ويُمنح له القدر الذى يتناسب مع سنوات خدمته التي سدد عنها اشتراكات الصندوق وتُجبر كسور السنة لصالح العضو.
(2) عند وفاة العضو تُصرف هذه المنحة لورثته الشرعيين وتُقسم بينهم طبقًا لقانون الميراث.
(3) في حالة استقالة العضو من المصلحة ( استقالة صريحة أو ضمنية) تُصرف له منحة على النحو التالي:
أ - بالنسبة لمن لم يبلغ سن الخمسين عامًا وقت الاستقالة - توازى أربعة أشهر من آخر مرتب أساسي تقاضاه عن كل سنة من سنوات خدمته بها.
ب - بالنسبة لمن تجاوز سن الخمسين عامًا تكون المنحة بواقع ستة أشهر من آخر مرتب أساسي تقاضاه عن كل سنة من سنوات خدمته بها.
...............
متى كان ما تقدم، وكان القرار المطعون فيه، قد جاء متضمنًا قواعد تنظيمية، عامة مجردة، تسري على المخاطبين بها، في مجال تأمينهم صحيًّا واجتماعيًّا، فإنه ينحل بهذه المثابة، إلى تشريع بمعناه الموضوعي، على النحو الذي قصده الدستور والقانون، وعلى ضوء مضمونه تتحدد دستوريته. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية هذا القرار يدخل في نطاق الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية القوانين واللوائح، مما يغدو معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب المدعي صرف منحة نهاية الخدمة المستحقة له بما يقابل خمسمائة شهر من آخر مرتب أساسي تقاضاه، وصرف ما لم يُصرف له منها، وكان نص المادة (19) من قرار وزير المالية رقم 1522 لسنة 2003، المستبدلة بقرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011، هو المحدد لأحوال استحقاق تلك المنحة - شروطًا ومقدارًا - وكان المدعي قد تجاوز سن الخمسين عامًا وقت تقديم استقالته، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها في البند (ب) من الفقرة (3) من المادة (19) من قرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011 السالف الذكر.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما قررته ديباجة دستور جمهورية مصر العربية تعتبر مدخلاً إليه، وتكوّن مع الأحكام التي ينتظمها كلاً غير منقسم، ذلك أن الديباجة - التي تسميها بعض الدساتير العربية بالتوطئة، دلالة على اتصالها بالدستور واندماجها في أحكامه - يعبران معًا عن الإرادة الشعبية ونتاجها في مجتمعاتها، لتؤكد به الدولة القانونية عزمها على أن تصوغ بمختلف سلطاتها، تصرفاتها وأعمالها وفق أحكامه، باعتباره القاعدة الأسمى لنظام الحكم فيها، وعمادًا للحياة الدستورية بكل أقطارها.
وحيث إن ديباجة الإعلان الدستوري الصادر في 13/ 2/ 2011 - الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل به - تنص في فقرتها الثانية على: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن إيمانًا راسخًا بأن حرية الإنسان وسيادة القانون، وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية واجتثاث جذور الفساد، هي أسس المشروعية لأي نظام حكم يقود البلاد في الفترة المقبلة.
وحيث إن تعطيل العمل بأحكام دستور 1971، بمقتضى الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير سنة 2011، ولئن جاء عامًّا، لم يخص الأحكام المتعلقة بنظام الحكم في الدولة وحدها، فإن تعطيل الأحكام المتعلقة بالحقوق والحريات والواجبات العامة وسيادة القانون، تنهـدم - في حال التسليم به - سائر أطـر الدولة القانونية، إذ من غير الجائز - بحال - أن تكون الأحكام المتعلقة بحقوق وحريات الأفراد محلاً للتعطيل، لأنها أحكام - وإن خلت من بعضها الوثيقة الدستورية -فإنها تندمج بالضرورة مع سائر أحكامها، في وحدة عضوية متماسكة، اعتبارًا بأن طبيعتها تتأبى على الوقف، وتستعصي على التعطيل، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تسلط - دومًا - رقابتها الدستورية، على سائر التشريعات الأصلية والفرعية التي تنظم الحقوق والحريات والواجبات العامة، وإن سكتت عن بيانها الوثيقة الدستورية، صونًا لها من أي تعدٍ، ينـال من جوهرهـا، أو يُهدر مدلولها، أو يطأ مفهومها.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تخل تشريعات الدولة بالحقوق التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان، ومنها الحقوق المتصلة بالحرية الشخصية.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول بها حين صدورها.
وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقيم بنيانها، وكان تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها - مع افتقارها لقوالبها الشكلية - لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدًا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعمالها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نشر القاعدة القانونية ضمانٌ لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يُعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها - وهم من الأغيار في مجال تطبيقها - متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفَصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تُنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية والحق في الملكية.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن قرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011 - المطعون فيه - لم يُنشر في الجريدة الرسمية الوقائع المصرية، ومن ثم فإن تطبيقه دون نشره، يخالف مفهوم الدولة القانونية، ويجترِئ على الحرية الشخصية، مما لزامه الحكم بعدم دستوريته.
وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا - بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخًا آخر لسريانه. لما كان ذلك، وكان إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم دستورية القرار المطعون فيه، مؤداه رد العاملين بمصلحة الضرائب - ومن بينهم المدعي - المبالغ السابق أداؤها إليهم، إعمالاً للقرار ذاته، وهو ما يترتب عليه - حال إعمال الأثر الرجعي لهذا الحكم - تحميل هؤلاء العاملين بأعباء مالية جسيمة، تجاوز قدرتهم على ردها، ومن ثم فإن المحكمة تُعمِل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره.
وحيث إنه عن طلب المدعي، المبدى بمذكرته المقدمة إلى هذه المحكمة بجلسة 15/ 10/ 2022، بإلزام المدعى عليه الثالث بصرف ما يقابل ثلاثمائة وعشرين شهرًا مع الفوائد التأخيرية، فإنه ينحل إلى طلب موضوعي يخرج البت فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين الالتفات عنه.
فلهذه الأسبـاب
حكمت المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية قرار رئيس مصلحة الضرائب المصرية رقم 185 لسنة 2011، بتعديل المادة (19) من النظام الأساسي لصندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب العامة الصادر بقرار وزير المالية رقم 1522 لسنة 2003.
ثانيًا : بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره.
ثالثًا : بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 67 لسنة 19 ق جلسة 6 / 12 / 1951 مكتب فني 3 ج 1 ق 31 ص 161

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1951
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطى خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان المستشارين.

--------------

(31)
القضية رقم 67 سنة 19 القضائية
بيع جزاف.

وقوعه لازماً مهما كان مقداره أقل مما أمله المشتري. مثال. عقد استخراج نطرون من منطقة معينة. تكييفه.

------------------
إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من أوراق الدعوى أن الطاعن تعاقد مع المطعون عليها (وزارة المالية) على أن يقوم باستغلال النطرون الجاف بمستنقعات منطقتين رسا مزادهما عليه مقابل ثمن معين، وعلى أن يدفع للمطعون عليها علاوة على هذا الثمن إتاوة بواقع كذا جنيهاً عن كل طن يستخرج زيادة على 1500 طن من المنطقة الأولى وألف من المنطقة الثانية، كما استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن المطعون عليها لم تتفق مع الطاعن على حد أدنى لكمية النطرون الذي يقوم باستخراجه مقابل الثمن الذي رسا به المزاد عليه وأن مقداري الألف والخمسمائة طن والألف طن لم يردا في أوراق التعاقد إلا لتحديد الإتاوة التي اشترط على الطاعن دفعها، فهذا العقد موضوعه محصول طبيعي غير متجدد وليس ثمرة أو ريعاً للمستنقعات المذكورة لكونه جزاء منها لا بد من نفاده يوماً ما، وحقيقته - مهما كان قد ورد فيه من ألفاظ "المؤجرة" و "الإيجار" و "المستأجر" - أنه عقد بيع للنطرون لا عقد إيجار للمستنقعات، و المبيع بموجبه هو عين معينة هي كل النطرون الموجود بالمستنقعات بلا حاجة إلى وزن وثمنه قد حدد دون توقف على وزن فيما عدا مبلغ الإتاوة، وينبني على ذلك اعتباره - وفقاً للمادة 240 من القانون المدني القديم - بيعاً جزافاً، فهو يقع لازماً مهما كان مقدار المبيع أقل مما أمله المشتري.


الوقائع

في يوم 11 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 27 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 59 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلزام المطعون عليها بأن تدفع إليه مبلغ 1779 ج وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء ومبلغ 7790 ج على سبيل التعويض مع المصروفات بما فيها مصروفات دعوى إثبات الحالة واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 من مايو سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن وفي 30 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 13 من يونيه سنة 1949 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 27 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 19 من مارس سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وفي 8 من نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتحصل حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة في الطعن في أن الطاعن أقام على المطعون عليها في 18 من مارس سنة 1944 الدعوى رقم 1964 كلي مصر سنة 1943 وقال بياناً لها أن المطعون عليها أخبرته في 10 من يونيه سنة 1943 برسو المزاد عليه لاستغلال النطرون الموجود بالمستنقعات المملوكة للحكومة والكائنة بنواحي الخليلية وبريك والزاقوة (منطقة أولى) ونواحي زاوية أبو شوشه وقبور الأمراء والبستان (منطقة ثانية) بمركز الدلنجات مديرية البحيرة في موسم سنة 1943 الذي يبدأ من أول مايو وينتهي في آخر أكتوبر وذلك مقابل 60 قرش صاغ عن كل طن من كمية النطرون المبينة بشروط المزايدة ومقدارها 2500 طن و20 قرش صاغ عن كل طن يستخرج زيادة عليها وأن الطاعن دفع للمطعون عليها ثمن الكمية المذكورة ومقدارها 1500 ج ومبلغ 375 ج بصفة تأمين ولكنه لما قام باستغلال المستنقعات لم يجد مادة النطرون في بعضها كما حصل له تعرض من الغير في البعض الآخر فضلاً عن أن المطعون عليها لم تحدد له المستنقعات المملوكة لها ولم تسلمه الخرائط التي تمكنه من الاهتداء إليها ولذا إنذارها في 19 من أغسطس سنة 1943 بأنه تسلمه خلال أسبوع المناطق التي رسا عليه مزادها ولكنها لم تفعل شيئاً فأقام عليها في 4 من سبتمبر سنة 1943 دعوى إثبات الحالة رقم 2217 مستعجل مصر سنة 1943 وقضى فيها بندب خبير هندسي آخر كيميائي وقدم الخبير الكيمائي تقريره مثبتاً به أن الطاعن لم يتمكن إلا من استخراج 72 طناً من المنطقة الأولى و88 طناً من المنطقة الثانية وأنه ضاع عليه بسبب تعرض الغير 2172 طناً وأنه لذلك أقام دعواه المشار إليه طالباً الحكم بإلزام المطعون عليها بأن ترد إليه مبلغ 1779 ج منه مبلغ التأمين الآنف ذكره ومبلغ 1404 ج ما دفعه إليها من ثمن كميات النطرون التي لم يتمكن من استخراجها وبأن تدفع إليه أيضاً مبلغ 7790 ج بصفة تعويض منه مبلغ 500 ج لعدم تنفيذها شروط التعاقد الذي تم بينها ومبلغ 7290 ج مقابل ما ضاع عليه من مكسب وما لحقته من خسارة ودفعت المطعون عليها هذه الدعوى بأنها لم تتعاقد مع الطاعن على أساس كمية محددة من النطرون مقدارها 2500 طن تضمن له استخراجها من المنطقتين اللتين رسا عليه مزادهما ولا على سعر معين لكل طن مقداره 60 قرش صاغ كما يدعي وإنما تعاقدت معه كما يبين من أوراق التعاقد على استغلال مادة النطرون الجاف الموجود بالمستنقعات المملوكة لها في المنطقتين السالفتي الذكر بالثمن الذي رسا به عليه المزاد ومقداره 900 ج عن المنطقة الأولى و600 ج عن المنطقة الثانية وبشرط أن يدفع إليها علاوة على هذا الثمن إتاوة بواقع 20 قرش صاغ عن كل طن يستخرج زيادة على 1500 طن من المنطقة الأولى و1000 طن من المنطقة الثانية وبأن الطاعن أقر في أوراق التعاقد بأنه عاين مستنقعات المنطقتين المذكورتين وقدر تحت مسئوليته كمية النطرون الموجودة بها وبأنها سلمته هذه المستنقعات وقام باستغلالها فعلاً سواء بنفسه أم بواسطة الأشخاص الذين تعاقد معهم وبأن التعرض الذي ادعاه كان فيما لم يحصل عليه الاتفاق بينهما فضلاً عن أن المطعون عليها عملت على منعه بأن تقرير الخبير المقدم في دعوى إثبات الحالة لا قيمة له لمخالفته مقتضى التعاقد الذي تم بينهما ورد الطاعن على هذا الدفاع بأن التعاقد المذكور يعتبر من عقود الإذعان الباطلة قانوناً وبأن المطعون عليها إذ قدرت كمية النطرون المنتظر استخراجه من المستنقعات بالقدر الآنف بيانه قد أغرته على أن يرفع الثمن إلى المبلغ الذي رسا به عليه المزاد وبذلك تكون قد أدخلت عليه الغش فضلاً عما شاب إرادته من غلط في جوهر التعاقد. وفي 22 من مايو سنة 1947 قضت محكمة مصر الابتدائية برفض الدعوى واستأنف الطاعن هذا الحكم فقضت محكمة استئناف مصر في 27 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 59 سنة 65 قضائية بتأييده بناء على الأسباب التي أوردتها وعلى أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض معها وهو الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في التكييف القانوني للعقد الذي تم بين الطاعن والمطعون عليها إذ وصفته المحكمة بأنه من عقود المجازفة التي يتعلق فيها مصير كل من الطرفين بمحض الحظ والصدفة مع أنه يبين من أوراق التعاقد أنها خلو من أي عنصر من عناصر المجازفة أو الاحتمال ذلك أن نية الطرفين لم تنصرف إلى المضاربة في الشيء موضوع التعاقد بحيث يلزم الطاعن بدفع كامل الثمن سواء أظهر أم لم يظهر نطرون في المستنقعات التي رسا عليه مزادها إنما تم التعاقد على أساس أن هناك نطروناً موجوداً بها قدرت المطعون عليها ما يمكن استخراجه منها كحد أدنى بألفين وخمسمائة طن كما وافقت على أن يكون ثمن هذه الكمية مبلغ ألف وخمسمائة جنيه أي بسعر ستين قرشاً للطن وذلك علاوة على عشرين قرشاً بدفعها الطاعن ثمناً لكل طن يستخرج زيادة عليها وهو ثمن كبير روعي في تحديده أن يكون متناسباً معها وهذا مما يقطع في أن العقد ليس من العقود الاحتمالية المعلقة على مجرد الأمل والحظ كعقود التأمين والرهان والمقامرة وإنما هو عقد حدد فيه المقابل الذي يحصل عليه كل من المتعاقدين بمقتضاه ولما كان قد اتفق فيه على استغلال محصول طبيعي هو النطرون الموجود بالمستنقعات وعلى دفع ثمنه جملة بالنسبة إلى الكمية التي حددت فيه و على أساس سعر الوحدة بالنسبة إلى ما يزيد عليها فيكون تكييفه القانوني الصحيح على ما جرى به الفقه والقضاء هو أنه عقد بيع كمية محددة من النطرون لا عقد إيجار كما قالت المطعون عليها في دفاعها ولا عقد من عقود المجازفة كما ذهب الحكم وأنه لما تقدم ولما ثبت من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة من أن الطاعن لم يستخرج من المستنقعات التي رسا مزادها عليه سوى 160 طناً من النطرون ووفقاً لحكم القانون في البيع يحق له فسخ التعاقد ومطالبة المطعون عليها برد ما دفعه إليها من الثمن بغير مقابل مع تعويض الخسائر التي لحقته والأرباح التي ضاعت عليه وهو ما طلبه في دعواه وقضت المحكمة برفضه تأسيساً على ذلك الوصف الخاطئ.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بناء على ما استخلصته من أوراق التعاقد وهي قائمة شروط المزايدة وأورنيك العطاء الموقع من الطاعن في 18 من إبريل سنة 1943 والإقراران الصادران منه في 8 من مايو سنة 1943 والكتاب المرسل إليه من المطعون عليها في 10 من يونيه سنة 1943 والذي أخبرته فيه برسو المزاد عليه من أنه اتفق فيها على أن يقوم الطاعن باستغلال النطرون الجاف الموجود وقتذاك بمستنقعات المنطقتين اللتين رسا مزادهما عليه مقابل ثمن معين مقداره 900 ج للنطرون الموجود بالمنطقة الأولى و600 ج للنطرون الموجود بالمنطقة الثانية وعلى أن يدفع للمطعون عليها علاوة على هذا الثمن إتاوة بواقع 20 قرشاً صاغاً عن كل طن يستخرج زيادة على 1500 طن من المنطقة الأولى وألف طن من المنطقة الثانية يبين من ذلك أن المحكمة بناء على هذا الذي استخلصته من الأوراق قررت أن المطعون عليها لم تتفق مع الطاعن على تعيين حد أدنى لكمية النطرون الذي يستخرجه من مستنقعات المنطقتين المذكورتين وإن المقدارين المشار إليهما لم يردا في أوراق التعاقد إلا لتحديد الإتاوة التي قبل الطاعن أن يدفعها إليها عن كل طن يستخرج زيادة عليهما كما قررت في موضع آخر "أن العقد الذي تم بينه (الطاعن) وبينها (المطعون عليها) إنما هو عقد من عقود المجازفة التي يتعلق فيها مصير كل من الطرفين بمحض الحظ والصدفة وكما أنه لم يستخرج من المستنقعات إلا ما يزيد على الـ 300 طن بين جيد ورديء وليس منها إلى 160 طناً فقط أمكن الاتجار فيها كذلك كان يمكن أن يستخرج منها أضعاف الكمية التي كان يؤمل استخراجها وعلى هذا الأمل قد تعاقد وعقود المجازفة من العقود الصحيحة التي يلتزم الطرفان وتنتج جميع آثارها القانونية ولئن كانت قد خابت آماله في كمية النطرون التي استخرجها فليست خيبته هذه سبباً في الطعن في العقد بعد تنفيذه".
ومن حيث إنه لما كان موضوعاً العقد الذي تم بين الطاعن والمطعون عليها هو وكما جاء بالحكم، النطرون الجاف الموجود بالمستنقعات وهو محصول طبيعي غير متجدد وليس ثمرة أو ريعاً للمستنقعات لكونه جزءاً منها لا بد من نفاده يوماً الأمر الذي يفيد أن حقيقة العقد المذكور هي أنه عقد بيع للنطرون لعقد إيجار للمستنقعات على الرغم مما ورد فيه من ألفاظ "الإيجار" و "المؤجرة" "و المستأجر" وأن المبيع بموجبه هو عين معينة هي كل النطرون الموجود بالمستنقعات - لما كان ذلك وكان من مقتضى ما قررته المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية من أن المطعون عليها لم تتفق مع الطاعن على حد أدنى لكمية النطرون الذي يقوم باستخراجه من المستنقعات مقابل الثمن الذي رسا به عليه المزاد ومقداره 900 ج للمنطقة الأولى و600 ج للمنطقة الثانية وأن مقداري الألف وخمسمائة طن والألف طن لم يردا في أوراق التعاقد إلا لتحديد الإتاوة التي اشترط على الطاعن دفعها إلى المطعون عليها بواقع عشرين قرشاً عن كل طن يستخرج زيادة عليهما كان من مقتضى ذلك كله "أن يكون المبيع المشار إليه قد عين بلا حاجة إلى وزنه وأن يكون الثمن قد حدد دون توقف على هذا الوزن فيما عدا تحديد مبلغ الإتاوة الأمر الذي ينبني عليه اعتبار البيع جزافاً وفقاً للمادة 240 من القانون المدني (القديم) ومما يؤكد هذا المعنى ما قررته المحكمة من أنه وإن كان الطاعن لم يستخرج من المستنقعات سوى ما يزيد قليلاً على 300 طن وليس منها غير 160 طناً أمكن الاتجار بها إلا أنه كان يمكن أن يستخرج منها أضعاف الكمية التي كان يؤملها وأنه لم يتعاقد إلا على هذا الأمل وأن خيبته فيه لا تصلح سبباً للطعن على العقد وهذا الوصف ينطبق تماماً على البيع الجزاف الذي يقع لازماً أياً كان مقدار المبيع أي حتى ولو ظهر أنه أقل مما أمله المشتري، لما كان ذلك كذلك تكون المحكمة لم تخطئ في التكييف ومن ثم يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن طلب في دعواه إبطال العقد الذي أبرم بينه وبين المطعون عليها لسببين أحدهما أن إرادته قد شابها غلط جوهري في أصل الموضوع المعتبر في العقد والآخر أن محل التعاقد أي المستنقعات الواقع فيها النطرون المبيع لم يكن معيناً أو قابلاً للتعين فرفضت المحكمة هذا الطلب بسببه استناداً إلى ما قررته من أن العقد تم جزافاً وأن الطاعن أقر وقت إبرامه بأنه عاين منطقتي المستنقعات اللتين رسا مزادهما عليه مع أنه (أولاً) يبين من أوراق التعاقد أن المطعون عليها قدرت كمية النطرون الذي يستخرج من المنطقتين بما لا يقل عن 1500 طن في الأولى وألف طن في الثانية كما حددت الثمن الأساسي للمزايدة بناء على هذا التقدير بمبلغ 300 ج للأولى و220 ج للثانية ودخل الطاعن المزايدة على هذا الأساس فقدم عطاءه بمبلغ 900 ج عن الأولى و600 ج عن الثانية معتقداً أن النطرون الذي يستخرج من كل منهما لا تقل كميته عن الحد الأدنى المذكور الذي قدرته المطعون عليها ولم يقم في ذهنه أي شك في صحة هذا التقدير لاطمئنانه إلى مركزها بوصفها جهة حكومية وإلى كامل درايتها في الموضوع بل أكد هذا الاعتقاد لديه الإتاوة التي فرضتها عليه بواقع عشرين قرشاً عن كل طن يستخرج زيادة عليها كما اتخذها كل منهما أساساً لتحديد الثمن من جهته بل كانت هي الدافع الرئيسي له على التعاقد ولما كان قد تبين في النهاية أنه لم يستخرج من المنطقتين رغم الثمن الكبير الذي دفعه سوى 160 طناً من النطرون على ما هو ثابت بأوامر الإفراج الصادرة من المطعون عليها أي ما يقل كثيراً عن الكمية التي قدرتها فيكون العقد والحالة هذه قابلا للإبطال لهذا الغلط الجوهري الذي شاب إرادته (وثانياً) أن كل ما ورد في أوراق التعاقد عن تعيين محله هو ما جاء في البند السادس عشر من قائمة شروط المزايدة من أن يقوم من يرسو عليه المزاد تحت مسئوليته باستغلال النطرون الجاف الموجود بمستنقعات الحكومة في المنطقة التي يرسو عليه مزادها "والمحددة بزمام الناحية المبينة في عطائه المقبول حسب الأرنيك المرفق وطبقاً للتقسيم الإداري المبين على لوحة المساحة رقم 88 - 44 مصر كفر الزيات بقياس 1 - 100000" وهو بيان يقصر عن تعين المستنقعات التي يوجد فيها النطرون المبيع لخلوه من أي إيضاح عن عددها ومواقعها وحدودها ومساحتها بل ويجعلها مجهلة غير قابلة للتعين يضاف إلى ذلك أن العقد أحال في تحديد المنطقة التي تقع فيها هذه المستنقعات على خريطة المساحة الآنف ذكرها وقد طالب الطاعن المطعون عليها بتسليمها له فأبت محتجة بأن وزارة الدفاع اعتبرتها سرية وهو عذر لا يحلها من ضرورة إيجاد وسيلة أخرى تمكن الطاعن من الاهتداء إليها وهو ما لم تقم به المطعون عليها هذا فضلاً عما تبين من أن مندوبيها الذين رافقوا خبير دعوى إثبات الحالة عجزوا عن تعيينها أما ما استندت إليه المحكمة من أن العقد هو من عقود المجازفة فإنه حتى لو كان هذا الوصف صحيحاً فإنه لا يمنع من إبطال العقد لعدم تعيين محله لأن عنصر المجازفة إنما ينصب على مقدار النطرون الذي يستخرج من المستنقعات لا على وجود هذه المستنقعات في الطبيعة ولا على مواقعها وحدودها ومساحتها أما ما اعتمدت عليه المحكمة من إقرار الطاعن بمعاينته المستنقعات فلا قيمة له لأنه من جهة يخالف الواقع إذ لم يقم الطاعن بهذه المعاينة فعلاً ولأنه من جهة أخرى لا يجعل محل العقد معيناً متى كان مجهلاً وقت إبرامه.
ومن حيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بما سبق بيانه من أن العقد الذي أبرم بين الطاعن والمطعون عليها هو بيع جزاف، المبيع فيه هو كل النطرون الموجود بالمستنقعات دون تجديد لكميته وبما جاء في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه من أن الطاعن أقر في أورنيك العطاء المقدم منه في 18 من إبريل سنة 1943 بأن عاين المستنقعات التي قدم عنها هذا العطاء وقدر كمية النطرون الموجود بها تحت مسئوليته وحده وهذا يفيد أن الطاعن قد أقدم على التعاقد مغامراً و مدركاً أن أمله في كمية النطرون التي قدرها بنفسه قد لا يتحقق وهو ما ينفى ادعاءه بوقوعه في غلط في هذه الكمية وقت التعاقد أما قوله بأنه لم يشترك في المزايدة إلا على اعتقاده أن النطرون الموجود بالمستنقعات لا تقل كميته عن 2500 طن فقد قررت المحكمة أنه لا دليل عليه.
ومن حيث إن الوجه الثاني من هذا السبب مردود أولاً بما جاء في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه من أن الطاعن أقر في أورنيك العطاء بمعاينته المستنقعات التي قدم عنها عطاءه ومن أن المدة التي مضت في إعلان المزايدة في يناير سنة 1943 وتقديم عطائه في إبريل سنة 1943 وتوقيعه على إقراري رسو المزاد عليه في مايو سنة 1943 كانت كافية للمعاينة والاستعانة بأهل الخبرة وتحرى وجه الحقيقة في الموضوع ومن أنه لا قيمة لتمسكه بعدم تسلمه خريطة المساحة لأنه فضلاً عن أنه لم يتفق على ذلك في أوراق التعاقد فإنه كان يعلم بمواقع المستنقعات وظروفها كما أنه بعد أن مانعت وزارة الدفاع في تسليمها إليه كان في مقدوره أن يطلع عليها وهى بالمصلحة ومردود كذلك بما قررته المحكمة من أن الطاعن تسلم المستنقعات التي رسا مزادها عليه وقام باستغلالها فعلاً واستخرج منها ما أمكنه استخراجه من النطرون وذلك بناء على الأدلة التي اعتمدت عليها في هذا الخصوص والآتي بيانها في الرد على الوجه الأول من السبب الثالث ومن أنه وقد أقر بمعاينة المستنقعات لا يكون مقبولاً منه أنه يطعن بعدم حصول هذه المعاينة وبأنها لا تطابق الواقع ومن أنه لا يؤبه لما أثاره في دفاعه من اعتبار محل التعاقد مجهلاً لعدم بيان حدود ومواقع المستنقعات في أوراق التعاقد ولعدم تسليمه خريطة المساحة متى كان قد قبل تنفيذ التعاقد رغم ما يدعيه من تجهيل محله مما يفيد أن محل التعاقد كان معلوماً للطاعن علماً نافياً للجهالة ومن ثم فلا مبرر لما ينعاه في هذا الوجه من خطأ في القانون. ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم مشوب بالقصور والتخاذل في الأسباب والمسخ والتحريف لشروط العقد من وجهين (الأول) إذ رفضت المحكمة طلب فسخ التعاقد الذي أسسه الطاعن على عدم وفاء المطعون عليها بالتزامها بتسليم المستنقعات التي رسا مزادها عليه وذلك بناء على ما قررته من أن الطاعن قبل تنفيذ التعاقد وتسلم المستنقعات واستغلها فعلاً ودفع جميع الثمن المستحق على التنفيذ الكامل وهي أسباب لا تصلح رداً على طلب الفسخ ذلك أنه متى كانت المستنقعات محل التعاقد مجهلة ولم تستطع المطعون عليها تسليمها إلى الطاعن كما أنها لم تأذن له بتسلم خريطة المساحة التي تمكنه من الاهتداء إليها فإن التسليم الذي استندت إليه المحكمة يكون تسليماً صورياً لا قيمة له وأنه لا يكفى أن يقال أن المطعون عليها تركت الطاعن ينتفع بالمستنقعات لأن تركه ينتفع بمحل مجهل معناه استحالة الانتفاع بهذا المحل كما أنه لا يؤبه للقول بأن الطاعن قام باستغلال المستنقعات لأنه في الواقع لم ينتفع على ما يبين من أوامر الإفراج عن النطرون المستخرج ومن تقرير خبير دعوى إثبات الحالة إلا بمستنقع واحد وهذا يفيد على الأقل أن التسليم الذي تم كان تسليماً جزئياً في حين أن التسليم الصحيح هو التسليم الكامل الذي ينصب على كل العين محل التعاقد (والوجه الآخر) إذ لم تعول المحكمة على ما تمسك به الطاعن من حصول تعرض له في بعض المستنقعات استناداً إلى ما قررته من أن التعرض الذي وقع له سواء من مشعل أو من السنهوري لا تأثير له في الدعوى لأن التعاقد على ما هو ثبات بالأوراق مقصور على المستنقعات المملوكة للحكومة ومن ثم لا يشمل ما هو غير مملوك لها وإنه ما دام السنهوري قد أثبت ملكيته لجزء من المستنقعات فيكون هذا الجزء غير داخل في التعاقد - مع أن التعرض الذي حصل للطاعن قد بناه المتعرضون على سبب قانوني هو ملكيتهم للمستنقعات التي تعرضوا فيها وذلك بطريق الشراء من المطعون عليها وأعقبوه بإنذارات رسمية أعلنوها إلى الطاعن وبدعوى أقيمت عليه وعلى المطعون عليها من السنهوري وقضى فيها لمصلحته وهو ما كان ينبني عليه القضاء للطاعن برد الثمن والتعويضات وفقاً للمادة 304 من القانون المدني (القديم) - وأنه كان يجب على المحكمة أن تتثبت. أولاً مما إذا كانت هناك مستنقعات مملوكة للحكومة وأخرى غير مملوكة لها وذلك حتى تفصل في دفاع الطاعن، أما أن تكتفي في ذلك بقولها أن التعاقد لا يشمل المستنقعات غير المملوكة للحكومة فهو تسبيب قاصر لا يعتبر رداً قانونياً كافياً على دفاعه فضلاً عما فيه من مسخ لنصوص العقد، لأن الطاعن لا توجد تحت يده المستندات المثبتة لملكية الحكومة للمستنقعات موضوع التعاقد كما أن المطعون عليها لم تساعده في إثبات ملكتيها إليها بل تركته وشأنه مع المعترضين - يضاف إلى ذلك أن حالة الشيوع في المستنقع الذي تعرض فيه السنهوري لم تمكن الطاعن من استغلال نصيب الحكومة فيه.
ومن حيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بما جاء في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه من أنه تبين من أوراق الدعوى أن مفتش مصلحة المناجم المساعد بالإسكندرية انتقل مع الطاعن في يوم 19 من يونيه سنة 1943 وسلمه المنطقتين اللتين رسا مزادهما عليه ومكنه من البدء في استغلالهما وأنه يؤيد ذلك العقود التي اتفق بموجبها الطاعن مع أشخاص آخرين على استخراج النطرون من مستنقعات المنطقتين المذكورتين والطلبات التي قدمها إلى المطعون عليها في شهري يونيه ويوليه سنة 1943 بالإذن له ينقل الكميات التي استخرجها من نطرونها، وبما قررته المحكمة من أنه ما أن وصل الطاعن كتاب المصلحة المحرر في 10 من يونيه سنة 1943 والذي أخبرته فيه برسو المزاد عليه وكلفته بسرعة دفع الثمن حتى بادر إلى دفعه في 14 من يونيه سنة 1943 ثم تسلم بعد ذلك المنطقتين وقام باستغلالهما واستخرج منهما ما أمكن استخراجه من النطرون، وهذه الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة تكفي لحمل تقريرها بتسليم الطاعن مستنقعات المنطقتين اللتين رسا مزادهما عليه وقيامه باستغلالهما وما نعاه عليها في هذه الوجه لا يعدو كونه مجادلة فيما تملكه المحكمة من تقرير موضوعي أما تمسكه فيه بتجهيل محل التعاقد فهو ترديد لما نعاه على الحكم في الوجه الثاني من السبب الثاني و هو ما سبق الرد عليه.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الثالث مردود بما جاء في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه بشأن التعرض الذي ادعاه الطاعن من أنه فيما يختص ببركة مشعل فإنه وإن كانت الحكومة قد باعت هذه البركة إلى مشعل بموجب عقد محرر في 2 من مارس سنة 1942 إلا أنها احتفظت فيه بحقها في استغلالها في موسم سنة 1943 وإنها لما علمت بتعرض مشعل فيها أخذت عليه تعهدا بعدم التعرض ثم انتهى الأمر باتفاق الطاعن معه على أن يستخرج له جميع نطرونها بالأجرة المعتادة ومن أنه فيما يختص ببركة الشراقوة فإنه وإن كان قد تبين أن السنهوري تملك ثلثها إلا أن الحكومة تدخلت في النزاع الذي قام عليها بين الطاعن والسنهوري و انتهى الأمر فيه إلى اتفاقهما على أن يقوم الطاعن باستغلالها ويحاسب السنهوري على نصيبه فيها ومن أنه لذلك يكون اعتراض الطاعن بحصول التعرض المشار إليه على غير أساس ومردود كذلك بما جاء في الحكم المطعون فيه من أن "التعرض الذي صادفه المستأنف (الطاعن) سواء من مشعل بإنذاره الذي أعلنه للمستأنف أو من السنهوري بالدعوى التي رفعها ضد المستأنف ومصلحة المناجم والتي حضرت فيها الحكومة وقررت بأن لا شان لها في النزاع لا تأثير له في الدعوى إزاء ما قررته الحكومة في شروط المزايدة بأن التعاقد إنما يقوم على المستنقعات المملوكة لها فيخرج بذلك قطعا ما هو غير مملوك لها وما دام السنهوري قد أثبت بعقد مسجل ملكيته لجزء من هذه المستنقعات فيكون هذا الجزء خارجاً على التعاقد الذي تم بين المستأنف والمصلحة لم يكن للمستأنف حق التعرض له لأن العقد الذي بينه وبين المستأنف عليها لا يبيح له استغلال جزء من المستنقعات غير المملوكة للحكومة" وهذه الأسباب تكفى لحمل تقريرها بعدم التعويل على ما أستند إليه الطاعن من حصول تعرض له المستنقعات وما نعاه عليها في هذا الوجه لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أخطأ في تحصيل فهم الواقع الثابت بالأوراق من ثلاثة أوجه (الأول) إذ قررت المحكمة أن الطاعن استخرج من المستنقعات ما يقرب من الـ 2500 طن المذكورة في أوراق التعاقد وذلك استناداً إلى الكميات المدونة في طلبات الإخراج عن النطرون المقدمة من الطاعن إلى المطعون عليها وفي عقود الاستغلال التي عقدها مع بعض الأشخاص مع أن هذه الكميات ليست إلا ما كان يؤمل الطاعن استخراجه من المستنقعات وأن العبرة إنما هي بالكمية التي استخرجها فعلاً وهي على ما ثبت بأوامر الإفراج الصادرة من المطعون عليها ومن تقرير خبير دعوى إثبات الحالة لم تجاوزه 160.5 طن (والوجه الثاني) إذ لم تأخذ المحكمة بنتيجة تقرير الخبير المشار إليه بمقولة أنها لا ترتاح إلا لقيامه بأبحاثه في وقت زيادة مياه الرشح بالمستنقعات وذوبان مادة النطرون فيها مع أنه أثبت بتقريره أنه وإن كانت هذه المادة تختفي عن النظر إلا أنها تظل كما هي بكمياتها وخواصها في الماء الذي تذوب فيه ويمكن اكتشافها بالطرق الفنية (والوجه الثالث) إذ قالت المحكمة بعدم حصول تعرض للطاعن في انتفاعه بالمستنقعات مع أن هذا التعرض ثابت من تقرير الخبير والإنذارات التي أعلنت إلى الطاعن.
ومن حيث إن الوجهين الأولين من هذا السبب مردودان بما سبق بيانه في الرد على السبب الأول من أن العقد الذي أبرم بين الطاعن والمطعون عليها هو بيع جزاف مما ينبني عليه ألا تكون لكمية النطرون التي استخرجها الطاعن فعلاً أهمية في الدعوى ومما يكون معه غير منتج ما ينعاه على الحكم الابتدائي فيما ورد به في هذا الخصوص. أما الوجه الثالث فغير صحيح لما يبين من أسباب الحكم الابتدائي الذي أخذ بها الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تنف حصول العرض للطاعن وإنما قالت أنه لم يذكر في إنذاره المعلن في 9 من أغسطس سنة 1943 ولا في مذكرته المقدمة إليها أن شخصاً آخر خلاف مشعل والسنهوري تعرض له في انتفاعه بالمستنقعات.
وحيث إنه بناء على جميع ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.

الطعن 124 لسنة 28 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 65 ص 417

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(65)
الطعن رقم 124 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى. "الوكالة في الخصومة". وكالة.
انقضاء الخصومة صحيحة بين الطرفين إذا أقيمت الدعوى من شخص بصفته ولياً أو وكيلاً. لا محل لإعمال قاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه". إذا أفصح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله.
(ب) دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "انقطاع سير الخصومة". بطلان. "بطلان غير متعلق بالنظام العام".
بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع الخصومة. بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم.
(ج) بيع "الزيادة في المبيع". "تقدير الثمن". "البيع الجزافي والبيع بالتقدير". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
العبرة في أحقية المشتري في أخذ الزيادة في البيع بلا مقابل أو عدم أحقيته في ذلك هي بما إذا كان الثمن قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة. التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير أمر يتعلق بتحديد وقت انتقال الملكية وبمن تقع عليه تبعة الهلاك قبل التسليم - الاستناد في القضاء بأحقية المشتري في الزيادة بلا مقابل إلى مجرد اعتبار البيع جزافاً. قصور.

------------------
1 - إذا كان يبين من حكم محكمة أول درجة أن الدعوى أقيمت من شخص بصفته ولياً على ولده ووكيلاً عن آخرين فإن الخصومة تكون قد انعقدت صحيحة بين المدعين والمدعى عليه ويكون التمسك بقاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه" في غير موضعه ذلك أنه لا محل لإعمال هذه القاعدة عندما يفصح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله.
2 - بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم حتى لا تتخذ هذه الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم.
3 - إذا وجدت زيادة بالمبيع المعين بالذات أو المبين المقدار في عقد البيع، ولم يكن هناك اتفاق خاص بين الطرفين بخصوصها أو عرف معين بشأنها فإن العبرة في معرفة أحقية المشتري في أخذ هذه الزيادة بلا مقابل أو عدم أحقيته في ذلك على مقتضى حكم المادة 433 من القانون المدني هي بما إذا كان الثمن المبيع قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة، أما التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير فأمر يتعلق بتحديد الوقت الذي تنتقل فيه ملكية المبيع للمشتري في كل منهما وتعيين ما إذا كان البائع أو المشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم. وإذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأحقية المشتري في أخذ الزيادة التي ظهرت بالمبيع بلا مقابل عملاً بالمادة 433 مدني على مجرد اعتباره البيع جزافاً مع أنه ليس من مؤدى ذلك حتماً إعمال حكم هذه المادة ومناطه أن يتفق على ثمن المبيع جملة لا بحساب سعر الوحدة، فإن الحكم يكون قاصراً البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم جاد قنديل بصفته ولياً طبيعياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل - المطعون عليه الأول - وبصفته وكيلاً عن أولاده المطعون عليهم الثلاثة الآخرين، أقام أمام محكمة دمنهور الابتدائية الدعوى رقم 382 سنة 1951 وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 المتضمن بيع الطاعن إليه - بصفتيه المذكورتين 244 ف و21 ط و13 س بالحدود والأوصاف الواردة في العقد، لقاء ثمن قدره 42 ألف جنيه - مع باقي الطلبات المبينة في الصحيفة - وفي بيان الدعوى قال إنه اشترى من الطاعن القرية المسماة بعزبة سامي وذكر في العقد أن مساحتها 240 فداناً ثم تبين فيما بعد أن مساحتها الحقيقية 244 ف و21 ط و13 س وأنه دفع من الثمن 25600 جنيه وأودع الباقي منه وقدره 16400 جنيه خزينة المحكمة، ولما لم يجبه البائع إلى طلب تسجيل العقد اضطر إلى رفع هذه الدعوى - وأقام الطاعن بدوره أمام نفس المحكمة الدعوى رقم 396 سنة 1951 وقال فيها إن القدر المتعاقد على بيعه مساحته 240 فداناً فقط، لكن المطعون عليهم يزعمون على غير الحقيقة، أن المساحة تزيد على هذا القدر ولم يوفوا من الثمن سوى 20000 جنيه ولا يزال الباقي منه وقدره 22 ألف جنيه مستحقاً له في ذمتهم، وأنه إذ تبين له تعمدهم إقامة العراقيل في سبيل تعطيل إتمام العقد النهائي فإنه يطلب الحكم بفسخ عقد البيع لعدم قيام المشترين بالوفاء بالتزاماتهم - وكذلك أقام الطاعن أمام نفس المحكمة دعوى أخرى رقم 37 لسنة 1952 طالباً الحكم ببطلان الإيداع واعتباره غير مبرئ للذمة وذلك للأسباب التي فصلها في صحيفة الدعوى - ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث، وبتاريخ 2/ 2/ 1954 حكمت: أولاً - في الدعوى رقم 382 سنة 1951 بإثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27/ 3/ 1951 الصادر من السيد/ علي أبو الفتوح وذلك عن المساحة البالغ مقدارها 244 ف و21 ط و13 س الموضحة الحدود والمعالم بالكشف المرفق بصحيفة الدعوى مقابل الثمن وقدره 42857 ج و42 م وبإلزام المشترين أن يدفعوا للسيد/ علي أبو الفتوح الطاعن مبلغ 17257 ج و240 مليماً قيمة الباقي من ثمن المساحة المذكورة وإلزامهم مصروفات هذه الدعوى. ثانياً - في الدعوى رقم 396 سنة 1951 برفضها وإلزام المدعى عليهم فيها مصروفاتها. ثالثاً - في الدعوى رقم 37 سنة 1952 - ببطلان الإيداع الحاصل من الدكتور جاد قنديل في 6/ 11/ 1951 والتصريح للسيد/ علي أبو الفتوح بصرف قيمة الوديعة وقدرها 16237 ج و620 م من خزانة المحكمة بلا قيد ولا شرط وذلك من أصل المبلغ المحكوم له به وألزمت المدعى عليهم في هذه الدعوى مصروفاتها - وقد ذكرت المحكمة في أسباب هذا الحكم أن النزاع الأساسي بين الخصوم يدور حول ما إذا كانت مساحة الأطيان المبيعة 240 فداناً كما هو وارد في عقد البيع أم أنها 244 فداناً وكسوراً باعتبار أن هذه هي المساحة التي يشملها التحديد الوارد في عقد البيع، وإذا كانت كذلك فهل يحسب الثمن على اعتبار أن الثمن مقدر في العقد بحساب الوحدة أم على اعتبار أن المقدر في العقد هو ثمن إجمالي - وأقامت المحكمة قضاءها على أن النص في عقد البيع على أن كل نقص في المساحة الواقعية عن المساحة الواردة بالعقد يخصم ثمنه من الثمن الباقي للبائع يفيد أن ثمن هذا النقض لابد من حسابه على أساس سعر الوحدة، وهذا السعر هو حاصل قسمة الثمن الكلي وهو 42000 ج على المساحة الواردة بالعقد وهي 240 فداناً، وأنه من ذلك يبين أن البيع لم يكن جزافاً وإنما علق تحديد الثمن النهائي على تحديد الشيء المبيع وهو مساحة الأطيان - وذكرت المحكمة أن التزام البائع برد ثمن ما يظهر من نقص في المساحة المبيعة لابد يقابله التزام في ذمة المشتري بدفع ثمن ما يزيد - وانتهت المحكمة من ذلك إلى إلزام المشترين بدفع ثمن ما زاد على 240 فداناً، على أساس 175 ج للفدان الواحد، وإلى أنه بعد استنزال ما دفعه المشتري وقدره 25600 ج يكون الباقي في ذمتهم من الثمن 17257 ج و42 م وهو ما يجب عليهم أداؤه للبائع - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 317 سنة 10 ق وأقام المطعون عليهم استئنافاً فرعياً قيد برقم 334 سنة 10 ق - وطلب الطاعن في استئنافه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من دخول الزيادة في المساحة وقدرها 4 أفدنة و21 قيراطاً و13 سهماً ضمن القدر المبيع، وهذا تأسيساً على أن ما باعه هو 240 فداناً قابلة للنقص لا للزيادة وعلى أن الثمن وإن حدد في العقد جملة واحدة إلا أنه في حقيقته محدد بسعر الوحدة الذي يتمثل في حاصل قسمة هذا الثمن على مساحة المبيع المبينة في العقد - أما المطعون عليهم فقد طلبوا إلغاء الحكم المستأنف في قضائه بإلزامهم بثمن القدر الزائد في مساحة المبيع، وأسسوا استئنافهم على أنهم يستحقون هذه الزيادة دون مقابل لأن البيع الصادر إليهم من الطاعن هو بيع خزافي - وبتاريخ 25/ 1/ 1958 حكمت المحكمة "... في موضوع الاستئناف الأصلي...... برفضه...... وفي موضوع الاستئناف الفرعي: أولاً - بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى 381 كلي دمنهور سنة 1951 وبإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 والمتضمن بيع السيد/ علي أبو الفتوح إلى الدكتور جاد قنديل بصفته 244 فداناً و21 قيراطاً و13 سهماً وذلك مقابل ثمن إجمالي قدره 42.000 جنيه وبإلزام الدكتور قنديل بصفته بأن يدفع للسيد/ علي أبو الفتوح باقي الثمن ومقداره 16400 جنيه وبالتصريح لهذا الأخير بصف مبلغ 16237 جنيهاً و620 مليماً المودع على ذمته بخزينة محكمة طنطا... خصماً من باقي الثمن... إلخ" - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وتقدمت النيابة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 29/ 10/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - قدمت النيابة بعد ذلك مذكرة تكميلية أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلباته وأصرت النيابة العامة على ما أوردته بمذكرتيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه البطلان لسببين، أولهما هو أن الحكم المطعون فيه أورد أسماء المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة باعتبارهم خصوماً في الدعوى حالة أنه لم تنعقد خصومة بينهم وبين الطاعن إذ أقيمت الدعوى من والدهم بصفته وكيلاً عنهم في حين أنه لا يجوز لأحد أن يقاضى بوكيل ومن ثم كان إيراد أسماء المطعون عليهم المذكورين في الحكم المطعون فيه منافياً للحقيقة ومخالفاً لقواعد المرافعات والسبب الثاني هو أن والد المطعون عليه الأول كان يباشر الخصومة نيابة عنه بصفته ولياً عليه، لقصره، حالة أن الثابت من صورة الحكم المطعون فيه، المعلنة للطاعن، أن لمطعون عليه المذكور بالغ سن الرشد وبذلك تكون الخصومة قد انقطعت قانوناً قبل جلسة المرافعة الأخيرة عملاً بحكم المادة 294 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول، بأنه لما كان يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى أن الدعوى أقيمت من الدكتور جاد قنديل "بصفته ولياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل، ووكيلاً عن كل من الدكتور عمر الفاروق قنديل والدكتور عبد الفتاح فهمي والسيدة فاطمة الزهراء قنديل - المطعون عليهما لثاني والثالث والرابعة" فإن الخصومة تكون قد انعقدت صحيحة بين الطاعن والمطعون عليهم الثلاثة المذكورين، ويكون التمسك بقاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه" في غير موضعه، لأنه محل لإعمال هذه القاعدة عندما يكون الوكيل قد أفصح عن صفته وعن اسم موكله - كما أن هذا النعي مردود أيضاً في وجه الثاني بأن بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم حتى لا تتخذ الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم - فليس للطاعن إذن أن يتمسك بهذا البطلان، بفرض قيام سببه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن أيضاً على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه افترض أن الطرفين اتفقا على تقدير الثمن جملة واحدة وليس على أساس سعر الوحدة، واعتبر البيع جزافاً وبني على ذلك قضاءه بأحقية المشترين - المطعون عليهم - في الأفدنة الزائدة على المساحة المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433/ 2 من القانون المدني - حالة أن عقد البيع وإن لم يذكر به صراحة أن الثمن قد قدر بحساب سعر الواحدة، إلا أنه تضمن ما يفيد تقدير الثمن على هذا الأساس، ذلك أنه جاء به أن المبيع مساحته 240 فداناً، ونص فيه على أن كل نقص في هذه المساحة يستنزل ثمنه من الثمن الباقي للبائع - الطاعن - مما مفاده أن الثمن في واقع الأمر، قد قدر بحساب سعر الواحدة باعتبار أن ثمن الفدان الواحد هو حاصل قسمة جملة الثمن المبين في العقد وهو 42000 ج على المساحة المبيعة الوارد مقدارها فيه، وهي 240 فداناً، وهو ما يعادل 175 ج ومن أجل ذلك فإن الحكم المطعون فيه، بقضائه على خلاف هذا النظر يكون مخطئاً في تطبيق المادة 433 من القانون المدني معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليهم - في أساسه - كان دائراً أمام محكمة الموضوع حول ما إذا كان الثمن قد قدر في عقد البيع جملة واحدة بذلك تكون الزيادة التي ظهرت في المبيع، عن مساحته المبين مقدارها في العقد هي من حق المشترين دون مقابل، أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة وبذلك لا تكون هذه الزيادة من حقهم - ولما كان الحكم المطعون فيه، قضى للمطعون عليهم بهذه الزيادة دون مقابل عملاً بالمادة 433 من القانون المدني وبني قضاءه في هذا الخصوص على ما يأتي (وحيث إن الحكم المستأنف فيما قضى به على هذا النحو يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الثابت من عقد بيع 27 مارس سنة 1951 أنه تناول شراء الدكتور قنديل كامل عزبة السيد علي أبو الفتوح المسماة بعزبة سامي بمنشأة فاروق بالدلنجات بما عليها من مساكن ومباني ووابور ري ثابت وما يتبعها من حقوق ارتفاق بثمن إجمالي 42000 جنيه، فمثل هذا البيع يعتبر من البيوع الجزافية ولا ينبغي عنه طبيعته تلك أن يكون العقد قد نص على أن مساحتها هي 240 فداناً لأن تلك التسمية تعتبر من قبيل الوصف لا من مميزات البيع ولا أن يكون العقد المذكور قد شرط فيه لصالح المشتري حقه في إنقاص الثمن إذا ما نقصت المساحة الفعلية عن هذا القدر المعين ذلك أن المادة 433 من التقنين المدني الجديد وهي التي تحكم النزاع قد نصت على أن البائع يضمن للمشتري القدر الذي عينه للمبيع بحيث إذا نقص عنه كان للمشتري إنقاص الثمن بقدر ما أصابه من ضرر لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الثمن بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة أما إذا زاد المبيع عن القدر المعين وكان الثمن جملة واحدة فيبقى المبيع ولا يطالب المشتري بزيادة الثمن لأن تحديد القدر المبيع يكون في هذه الحالة من قبيل الوصف الذي لا يقابله ثمن وذلك كله ما لم يتفق في العقد على خلاف ذلك - ومتى كان الأمر هو ذلك فإن الحكم المستأنف يكون قد أصاب في اعتبار تلك الزيادة داخلة فيما اشتراه الدكتور قنديل وأخطأ في إلزامه بدفع ثمن تلك الزيادة مما يتعين معه تعديله في هذا الخصوص ولما كان المبيع المعين بالذات والمبين مقداره في عقد البيع: إذا وجدت به زيادة ولم يكن هناك اتفاق خاص بين المتبايعين في خصوصها أو عرف معين بشأنها، فإن العبرة عندئذ في معرفة أحقية المشتري في أخذ هذه الزيادة دون مقابل لها، أو عدم أحقيته في ذلك على مقتضى حكم المادة 433 من القانون المدني هي بما إذا كان ثمن المبيع، قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة - أما التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير فأمر يتعلق بتحديد الوقت الذي تنتقل فيه ملكية المبيع إلى المشتري في كل منها وتعيين ما إذا كان البائع أو المشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون عليهم في أخذ الزيادة التي ظهرت في المبيع عن مساحته المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433 من القانون المدني، بنى قضاءه على مجرد اعتباره البيع جزافاً، حالة أن هذا الاعتبار وحده ليس من مؤداه حتماً إعمال حكم هذه المادة، وإنما العبرة في ذلك في النزاع الحالي، على ما سلف بيانه، هي بما إذا كان ثمن المبيع، اتفق عليه فيما بين المتبايعين، جملة واحدة، أم بحساب سعر الوحدة، وهو الأمر الذي قصر الحكم المطعون فيه عن بيانه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.