جلسة 26 من مايو سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ سمير حسن، محمد عاطف ثابت، أبو بكر أحمد إبراهيم وعلاء الجزار نواب
رئيس المحكمة.
----------------
(98)
الطعنان 14349 ، 14596 لسنة 84 ق
(1 - 5) استئناف "آثار الاستئناف: نطاق
الاستئناف" "الطلبات الجديدة والأسباب الجديدة". بنوك "عمليات
البنوك: القرض المصرفي".
(1) الاستئناف. اعتباره مرحلة ثانية للمحكوم
عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لا يرتضي الحكم الصادر في شأنه.
(2) محكمة الدرجة الثانية. التزامها بنظر
الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من المحكوم عليه من أدلة وأوجه دفاع جديدة وما
سبق تقديمه أمام محكمة الدرجة الأولى.
(3) التقاضي على درجتين. مؤداه. حظر قبول أي
طلب جديد أمام محكمة الدرجة الثانية. التزام الأخيرة بعدم قبول الطلب الجديد من
تلقاء نفسها. عله ذلك. م 235 /1 ق مدني.
(4) الطلب الجديد أمام محكمة الاستئناف.
ماهيته.
(5) قضاء الحكم الابتدائي بعدم قبول طلب
البنك الطاعن إلزام المطعون ضدهم بمبلغ المديونية الناشئة عن القرض محل التداعي
وما يستجد من فوائد وغرامات تأخير وعمولات حتى تمام السداد. زيادة المبلغ محل
المطالبة بالإلزام بقيمة وثائق التأمين وفوائدها أمام محكمة الاستئناف. طلب جديد.
عدم جواز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى
النتيجة الصحيحة. اشتماله على أسباب قانونية خاطئة. لمحكمة النقض تصحيحها دون أن
تنقضه.
(6 - 8) بنوك "عمليات البنوك: الحساب
الجاري: قفل الحساب الجاري".
(6) قفل الحساب الجاري وتصفيته. مناطه.
انتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها. أثره. وقوع
المقاصة العامة فورا وتلقائيا بين مفرداته الموجودة في جانبيه واستخلاص رصيد وحيد
يحل محل جميع حقوق طرفيه كل في مواجهة الآخر.
(7) قفل الحساب الجاري وتسويته.
مقتضاه. اعتبار الرصيد مستحقا بأكمله وصيرورته دينا عاديا محدد المقدار وحال
الأداء. أثره. عدم جواز تقاضي فوائد مركبة عن هذا الرصيد. شرطه. ألا يثبت وجود
عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك. م232 مدني.
(8) تقديم البنك الطاعن كشف
حساب جار بالرصيد النهائي الناشئ عن القرض الممنوح للمطعون ضدها الأولى بضمان باقي
المطعون ضدهم. مؤداه. اعتبار الحساب الجاري مقفولا من هذا التاريخ وتسري على
الرصيد فائدة قانونية. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى حساب الفائدة الاتفاقية من
هذا التاريخ. عدم جواز النزول عنها. عله ذلك.
(9) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى".
استخلاص توافر الصفة في الخصوم. واقع. استقلال قاضي الموضوع به. حسبه
أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. مثال.
(10) التزام "آثار الالتزام: تنفيذ
الالتزام: إعذار المدين".
الإعذار. وضع المدين في حالة التأخر في تنفيذ التزامه. الأصل أن يكون
الإعذار بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه. ما يقوم مقامه. لا يعد
إعذارا إلا إذا سمح العرف التجاري به. تحقق شرط الإعذار بإقامة البنك المطعون ضده
الدعوى بطلب الإلزام بالمديونية.
(11) أعمال تجارية" ما يعد عملا تجاريا".
قرض المصارف. عمل تجاري بالنسبة للمصرف وللمقترض مهما كانت صفة
المقترض أو الغرض الذي خصص له القرض.
(12) فوائد "أنواع الفوائد وبعض صورها:
فوائد العمليات المصرفية: استثناء العمليات المصرفية من الحد الأقصى للفائدة
الاتفاقية".
العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد الحد الأقصى للفائدة المنصوص
عليه في أي تشريع. عله ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(13 ، 14) خبرة "ندب الخبراء: سلطة
محكمة الموضوع في ندب الخبراء" "مباشرة الخبير لمأموريته: دعوة الخبير
الخصوم للحضور".
(13) الأصل في الإجراءات أنها روعيت. إثبات
الخبير إخطاره للطاعنات بخطابات موصي عليها بعلم الوصول. كفايته في إثبات إخطارهن
بذلك.
(14) طلب إعادة المأمورية إلى الخبير. ليس
حقا للخصوم. لمحكمة الموضوع عدم الاستجابة إليه.
(15) نيابة عامة" مسائل متنوعة: إبداء
النيابة العامة رأيها في الدعوى".
رأي النيابة في المسائل التجارية في ظل أحكام قانون التجارة 17 لسنة
1999. ليس من البيانات التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
(16) إرث" التركة: ديون التركة".
انفصال التركة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة. شخصية الوارث
استقلالها عن شخصية المورث. مؤداه. للدائنين عليها حق عيني فيتقاضون ديونهم منها
قبل أن يؤول شيء منها للورثة. ديون المورث. تعلقها بتركته. عدم انتقالها إلى ذمة
المورث إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا
النظر بإلزامه الوارثات دون تحميل الدين على التركة. خطأ.
---------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة
ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي
لم يرتض الحكم الصادر في شأنه.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن
كان القانون أجاز له تدارك ما فاته في المرحلة الأولى للتقاضي من أسباب الدفاع عن
حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة
وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلا عما
سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه
التزاما بالأصل المقرر أن يكون التقاضي على درجتين وتجنبا لاتخاذ الاستئناف وسيلة
لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة أول درجة فقد حظرت الفقرة الأولى من
المادة 235 من قانون المرافعات قبول أي طلب جديد أمام محكمة الاستئناف وأوجبت
عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الطلب
يعد جديدا إذا كان يختلف مع الطلب المبدي أمام محكمة أول درجة في موضوعه حتى وإن
تطابق معه في نوعه بحيث يمكن رفع دعوى جديدة بدون الاحتجاج بحجية الحكم السابق.
5 - إذ كانت طلبات البنك الطاعن قد تحددت
أمام محكمة أول درجة في طلب إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا له مبلغ 3512650.82 جنيه
قيمة المديونية الناشئة عن القرض محل التداعي حتى 28/2/2006 وما يستجد من فوائد
وغرامات تأخير وعمولات حتى تمام السداد، وإذ قضى بعدم قبول دعواه، فقد استأنف هذا
الحكم وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى طلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأن
يؤدوا له رصيد المديونية البالغ مقدارها 7046537 جنيها حتى 31/10/2012 متضمنا ذلك
ما يستجد من فوائد وعمولات وفقا لطلباته أمام محكمة أول درجة سالفة البيان كما ضمن
طلباته قيمة وثائق التأمين وفوائدها والمقدرة بمبلغ 240056.61 جنيه، وكانت الأوراق
قد خلت مما يفيد المطالبة بهذا المبلغ الأخير، أمام محكمة أول درجة وهو ما أقر به
البنك الطاعن فيما تمسك به في مذكرة دفاعه المؤرخة 4/12/2013 الثابت تقديمها أمام
محكمة الاستئناف بما يعتبر ذلك طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة في الاستئناف
التزاما بأن يكون التقاضي على درجتين، بما كان من المتعين على المحكمة أن تقضي
بعدم قبوله عملا بنص المادة 235 سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى
قضائه برفض طلب البنك بقيمة وثائق التأمين وفوائدها وهو ما يتساوى في نتيجته مع
عدم قبوله فلا يعيبه ما اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض
تصحيحها دون أن تنقضه، وهو ما يضحى معه النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الحساب
الجاري ينتهي بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها
وفقا لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها.
7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه متى
تقرر قفل الحساب فإنه تتم تصفيته ويترتب على ذلك وقوع المقاصة فورا وتلقائيا بين
مفرداته الموجودة في جانبيه وتستخلص من هذه المقاصة رصيدا وحيدا هو الذي يحل محل
جميع حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر، ويعتبر الرصيد مستحقا بأكمله بمجرد قفل
الحساب وتسويته ويصبح هذا الرصيد دينا عاديا محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز
معه وفقا للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود
عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك باعتبار أن تحديد الحد الأقصى للفوائد من القواعد
الآمرة التي لا يصح الاتفاق على مخالفتها وتسري عليه الفوائد القانونية لا الفوائد
الاتفاقية ما دام العقد قد خلا من الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب.
8 - إذ كان الثابت بالأوراق أن العلاقة بين
طرفي الدعوى تستند إلى عقد قرض مؤرخ 31/7/2002 بموجبه منح البنك الطاعن الجمعية
المطعون ضدها الأولى قرضا بمبلغ 2900000 جنيه لتمويل شراء عدد 25 سيارة ميني باص
بضمان باقي المطعون ضدهم، قدم البنك عنه كشف حساب جار بالرصيد النهائي حتى
31/10/2012 وهو ما اتخذه الحكم تاريخا لقفل الحساب بما يصبح الرصيد المستحق دينا
عاديا تسري عليه من هذا التاريخ الفوائد القانونية لا الفوائد الاتفاقية إذ خلا
الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب، إلا أنه ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى
إلى حساب الفوائد من التاريخ سالف البيان حسب الحدود القصوى لقرارات البنك
المركزي، ومن ثم يتعين عدم النزول عن هذه النسبة إعمالا لمبدأ عدم جواز إضرار
الطاعن بطعنه، وهو ما يضحى معه النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن استخلاص
توافر الصفة في الخصوم هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى الذي يستقل به قاضي
الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان النص في المادة الأولى
من القانون 117 لسنة 1976- في شأن البنك ..... - المعمول به اعتبارا من 9 سبتمبر
سنة 1976 على أن "تحول المؤسسة ..... إلى هيئة عامة قابضة يكون لها شخصية
اعتبارية مستقلة تسمى "البنك ..... ويتبع وزير المالية، وتتبع بنوك ......
الحالية بالمحافظات والمنشأة طبقا لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي
وتسمى بنوك ..... وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها
...." يدل على أن البنك الرئيسي ...... قد تحول شكله القانوني إلى هيئة
عامة قابضة تتبع وزير الزراعة وتتبعه بنوك التنمية الزراعية بالمحافظات. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص توافر صفة البنك المطعون ضده الأول في
إقامة الدعوى من أن الثابت بالأوراق أن التعاقد تم في ظل تبعية بنك محافظة الجيزة
لبنك محافظة القاهرة والذي تم نقل تبعيته للبنك الرئيسي وصار الأخير صاحب صفة في
إقامة الدعوى وهو استخلاص سائغ له معينه من الأوراق وباعتبار أن جميع بنوك التنمية
بالمحافظات المنشأة طبقا للقانون 105 لسنة 1964 تتبع البنك الرئيسي وهو ما يكفي
لحمل قضاء الحكم بما ينحل معه النعي عليه في هذا الخصوص إلى جدل فيما تستقل محكمة
الموضوع بسلطة تقديره مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي غير مقبول.
10 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن
الإعذار هو وضع المدين في موضع المتأخر في تنفيذ التزامه ويكون ذلك بإنذاره بورقة
رسمية من أوراق المحضرين أو ما يقوم مقامه، وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها
إعذارا، لما كان ذلك، وكان البنك المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى بطلب إلزام
الطاعنات بالمديونية محل النزاع فإن شرط الإعذار يكون قد تحقق فضلا عن أنه يجوز في
المسائل التجارية أن يكون الإعذار بورقة عرفية أو شفويا وهو ما جرى به العرف
التجاري، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
11 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن القروض
التي تعقدها المصارف تعتبر عملا تجاريا بالنسبة لكل من البنك وعميله المقترض مهما
كانت صفته أو الغرض الذي خصص له القرض.
12 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص
في المادة الثانية من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن "تسري على
المواد التجارية أحكام الاتفاق بين المتعاقدين ...." كما أنه وفقا لنصوص
قانون البنك المركزي فإن لكل بنك سلطة تحديد معدلات العائد عن العمليات المصرفية
التي يقوم بها دون التقيد بالحدود والأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر. لما
كان ذلك، وكان البين من عقد القرض محل التداعي سند العلاقة بين الطرفين أنه تضمن
في بنده الثالث الاتفاق على حساب فائدة على هذا القرض بواقع 13% سنويا بالإضافة
إلى 2 % مصاريف خدمة على الرصيد المدين كل عام فضلا عن 1% غرامة تأخير عن السداد
ومن ثم يسري بشأن القرض محل التداعي الفوائد الاتفاقية إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة
دون التقيد بالحدود والأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر وطبق الفائدة الاتفاقية على القرض محل التداعي طوال مدة
سريانه حتى قفل الحساب فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يعيبه التفاته عن
دفاع الطاعنات الوارد بوجه النعي إذ أنه دفاع ظاهر الفساد ولا يستند إلى أساس
قانوني سليم، ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
13 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأصل
في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل على ما يدعيه. لما
كان ذلك، وكان الثابت بتقرير الخبير المقدم صورته بالأوراق إخطار الخبير للطاعنات
بكتب موصى عليها مصحوبة بعلم الوصول للحضور أمامه أثناء مباشرته المأمورية المنوط
بها، وكان ذلك دليلا كافيا على حصول الإخطار، ولم تقدمن ما يفيد عدم وصول
الإخطارات إليهن.
14 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن طلب
إعادة الدعوى للخبير ليس حقا للخصوم يتحتم على محكمة الموضوع إجابته إليهن بل هو
متروك لتقديرها فلها أن ترفضه إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها
للحكم فيها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى ووجدت فيه
وباقي الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها فلا عليها إن هي التفتت عن الاستجابة لهذا
الطلب ويكون النعي على غير أساس.
15 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن بيان
رأي النيابة في المسائل التجارية أضحى أمرا غير حتمي في ظل قانون التجارة رقم 17
لسنة 1999 ولا يعد من البيانات التي يترتب على إغفالها في الحكم بطلانه، ومن ثم
فإن النعي يكون على غير أساس.
16 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التركة
منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن شخصية الوارث مستقلة عن شخصية
المورث، ومن ثم فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها
حق عيني فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة ولا تنشغل بها ذمة
ورثته فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثا إلا في حدود ما
آل إليه من أموال التركة. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الدعوى أقيمت ابتداء من
البنك المطعون ضده الأول مختصما الطاعنات باعتبارهن وارثات/ .... لاقتضاء
المديونية التي كفلها مورثهن، وكان مقتضى قضاء الحكم المطعون فيه بمبلغ التداعي
لصالح المطعون ضده الأول أن يتوجب تحميله على تركة هذا المورث وأن يكون إلزام
الطاعنات به باعتبارهن وارثات في حدود ما آل إليهن منها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه
هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنات بأشخاصهن بأداء المبلغ المقضي به دون تحميله على
تركة مورثهن، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول في الطعن الأول أقام الدعوى رقم .... لسنة
2006 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنات والمطعون ضدهم من الثاني للرابع
بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 3521650.82 جنيه حتى 28/2/2006
بخلاف ما يستجد من فوائد وعمولات وغرامات حتى تمام السداد، على سند أنه يداين
الجمعية المطعون ضدها الثانية بهذا المبلغ بموجب عقد قرض بضمان مورث الطاعنات
والمطعون ضدهما الثالث والرابع، وإذ تقاعسوا عن السداد فأقام دعواه، وبتاريخ
28/11/2007 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. استأنف البنك
المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 125ق لدى محكمة استئناف
القاهرة والتي ندبت خبيرا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 2/6/2014 بإلزام
الطاعنات والمطعون ضدهم من الثاني للرابع في الطعن الأول بأن يدفعوا للبنك المطعون
ضده الأول- في ذات الطعن- مبلغ 680480.63 جنيه مقدار رصيد الدين في 31/10/2012
بخلاف ما يستجد من فوائد هذا الدين حسب الحدود القصوى لقرارات البنك المركزي في
هذا الشأن وحتى تمام السداد. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن
الأول، كما طعن البنك المطعون ضده الأول فيه بذات الطريق بالطعن الثاني وأودعت
النيابة مذكرة في كلا الطعنين أبدت الرأي فيهما بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض
الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضم الطعن
الثاني للأول للارتباط، والتزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: الطعن رقم 14596 لسنة 84 ق:
حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي البنك الطاعن بالأول منهما على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق
الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يقض له بمبلغ 240056.61 جنيه قيمة وثائق
التأمين وفوائده استنادا إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير من عدم أحقيته في
المطالبة باحتساب فوائد بسعر 12% على بوالص التأمين لخلو الأوراق من اتفاق على دفع
هذه الفوائد، في حين أن البند العاشر من عقد القرض نص على التزام الجمعية المطعون
ضدها الأولى بقيمة وثائق التأمين على السيارات محل الصفقة المبرمة بين الطرفين وهو
ما تمسك به بمذكرته المؤرخة 4/12/2013 بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه في المرحلة
الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لم يرتض الحكم الصادر في شأنه، ولئن كان القانون
أجاز له تدارك ما فاته في المرحلة الأولى للتقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن
يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على
تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلا عما سبق تقديمه
إلى محكمة الدرجة الأولى إلا أنه التزاما بالأصل المقرر أن يكون التقاضي على
درجتين وتجنبا لاتخاذ الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة
أول درجة فقد حظرت الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات قبول أي طلب
جديد أمام محكمة الاستئناف وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها، والطلب يعد
جديدا إذا كان يختلف مع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة في موضوعه حتى وإن تطابق
معه في نوعه بحيث يمكن رفع دعوى جديدة بدون الاحتجاج بحجية الحكم السابق. لما كان
ذلك، وكانت طلبات البنك الطاعن قد تحددت أمام محكمة أول درجة في طلب إلزام المطعون
ضدهم بأن يؤدوا له مبلغ 3512650.82 جنيه قيمة المديونية الناشئة عن القرض محل
التداعي حتى 28/2/2006 وما يستجد من فوائد وغرامات تأخير وعمولات حتى تمام السداد،
وإذ قضى بعدم قبول دعواه، فقد استأنف هذا الحكم وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا في
الدعوى طلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا له رصيد المديونية البالغ مقدارها
7046537 جنيها حتى 31/10/2012 متضمنا ذلك ما يستجد من فوائد وعمولات وفقا لطلباته
أمام محكمة أول درجة سالفة البيان كما ضمن طلباته قيمة وثائق التأمين وفوائدها
والمقدرة بمبلغ 240056.61 جنيه، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد المطالبة بهذا
المبلغ الأخير، أمام محكمة أول درجة وهو ما أقر به البنك الطاعن فيما تمسك به في
مذكرة دفاعه المؤرخة 4/12/2013 الثابت تقديمها أمام محكمة الاستئناف بما يعتبر ذلك
طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة في الاستئناف التزاما بأن يكون التقاضي على
درجتين، بما كان من المتعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله عملا بنص المادة 235
سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه برفض طلب البنك بقيمة وثائق
التأمين وفوائدها وهو ما يتساوى في نتيجته مع عدم قبوله فلا يعيبه ما اشتمل عليه
من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض تصحيحها دون أن تنقضه، وهو ما يضحى معه
النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه
قضى بما يستجد من فوائد على المبلغ المقضي به حسب الحدود القصوى لقرارات البنك
المركزي بالمخالفة للبند الثالث من عقد القرض والمتفق فيه على فائدة القرض بنسبة
13% إضافة إلى 2% مصاريف خدمة، 1% غرامة تأخير بما جملته 16% تستحق حتى تمام
السداد بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة-
أن الحساب الجاري ينتهي بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم
الاستمرار فيها وفقا لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، وأنه
متى تقرر قفل الحساب فإنه تتم تصفيته ويترتب على ذلك وقوع المقاصة فورا وتلقائيا بين
مفرداته الموجودة في جانبيه وتستخلص من هذه المقاصة رصيدا وحيدا هو الذي يحل محل
جميع حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر، ويعتبر الرصيد مستحقا بأكمله بمجرد قفل
الحساب وتسويته ويصبح هذا الرصيد دينا عاديا محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز
معه وفقا للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود
عادة أو قاعدة تجارية تقضي بذلك باعتبار أن تحديد الحد الأقصى للفوائد من القواعد
الآمرة التي لا يصح الاتفاق على مخالفتها وتسري عليه الفوائد القانونية لا الفوائد
الاتفاقية ما دام العقد قد خلا من الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب، لما كان
ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن العلاقة بين طرفي الدعوى تستند إلى عقد قرض مؤرخ
31/7/2002 بموجبه منح البنك الطاعن الجمعية المطعون ضدها الأولى قرضا بمبلغ
2900000 جنيه لتمويل شراء عدد 25 سيارة ميني باص بضمان باقي المطعون ضدهم، قدم
البنك عنه كشف حساب جار بالرصيد النهائي حتى 31/10/2012 وهو ما اتخذه الحكم تاريخا
لقفل الحساب بما يصبح الرصيد المستحق دينا عاديا تسري عليه من هذا التاريخ الفوائد
القانونية لا الفوائد الاتفاقية إذ خلا الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب، إلا
أنه ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى حساب الفوائد من التاريخ سالف البيان
حسب الحدود القصوى لقرارات البنك المركزي، ومن ثم يتعين عدم النزول عن هذه النسبة
إعمالا لمبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه، وهو ما يضحى معه النعي عليه بهذا السبب
على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 14349 لسنة 84ق:
حيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب تنعي الطاعنات بالأول منها على
الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بتوافر صفة
البنك المطعون ضده الأول في إقامة دعواه استنادا إلى نقل تبعية الإدارة العامة
لفرع البنك بالقاهرة إلى فرع البنك الرئيسي بما في ذلك أصوله وخصومه استنادا إلى
قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 1448 لسنة 2003, 1480 لسنة 2004 في حين خلت الأوراق
من هذين القرارين وأن ما تم تقديمه هو قرار رئيس مجلس الإدارة وهو يتعارض مع قراري
مجلس الوزراء سالفي البيان بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه
المحكمة- أن استخلاص توافر الصفة في الخصوم هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى الذي
يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان النص في
المادة الأولى من القانون 117 لسنة 1976- في شأن البنك ...... - المعمول به
اعتبارا من 9 سبتمبر سنة 1976 على أن "تحول المؤسسة ...... إلى هيئة
عامة قابضة يكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى "البنك ...... ويتبع وزير
المالية، وتتبع بنوك ...... الحالية بالمحافظات والمنشأة طبقا لأحكام
القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك ..... وتتولى تحقيق أغراض
البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها ...." يدل على أن البنك الرئيسي
..... قد تحول شكله القانوني إلى هيئة عامة قابضة تتبع وزير الزراعة وتتبعه
بنوك التنمية الزراعية بالمحافظات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص
توافر صفة البنك المطعون ضده الأول في إقامة الدعوى من أن الثابت بالأوراق أن
التعاقد تم في ظل تبعية بنك محافظة الجيزة لبنك محافظة القاهرة والذي تم نقل
تبعيته للبنك الرئيسي وصار الأخير صاحب صفة في إقامة الدعوى وهو استخلاص سائغ له
معينه من الأوراق وباعتبار أن جميع بنوك التنمية بالمحافظات المنشأة طبقا للقانون
105 لسنة 1964 تتبع البنك الرئيسي وهو ما يكفي لحمل قضاء الحكم بما ينحل معه النعي
عليه في هذا الخصوص إلى جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بسلطة تقديره مما لا تجوز
إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنات تنعين بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون، إذ لم يسبق الدعوى توجيه تنبيه عليهن بدفع المديونية وأن الإنذار المؤرخ
3/8/2006 الموجه لهن لم يتم إعلانهن به وتكون معه الدعوى غير مقبولة بما يعيب
الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
الإعذار هو وضع المدين في موضع المتأخر في تنفيذ التزامه ويكون ذلك بإنذاره بورقة
رسمية من أوراق المحضرين أو ما يقوم مقامه، وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها
إعذارا، لما كان ذلك، وكان البنك المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى بطلب إلزام
الطاعنات بالمديونية محل النزاع فإن شرط الإعذار يكون قد تحقق فضلا عن أنه يجوز في
المسائل التجارية أن يكون الإعذار بورقة عرفية أو شفويا وهو ما جرى به العرف
التجاري، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل نعي الطاعنات بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه
الإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكن بدفاع مؤداه أن الخبير الذي أقام عليه الحكم قضاءه
احتسب فائدة على القرض مقدارها 17% في حين أن نص المادة 42 من القانون رقم 110
لسنة 1975 بشأن التعاون الإنتاجي حرم زيادة الفائدة على القروض التي تحصل عليها
الجمعيات التابعة لها من بنوك التنمية عن الفائدة التي تحصل عليها الجمعيات
التعاونية الزراعية من ذات البنوك، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع الجوهري
فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
القروض التي تعقدها المصارف تعتبر عملا تجاريا بالنسبة لكل من البنك وعميله
المقترض مهما كانت صفته أو الغرض الذي خصص له القرض، وأن النص في المادة الثانية من
قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن "تسري على المواد التجارية أحكام
الاتفاق بين المتعاقدين ...." كما أنه وفقا لنصوص قانون البنك المركزي فإن
لكل بنك سلطة تحديد معدلات العائد عن العمليات المصرفية التي يقوم بها دون التقيد
بالحدود والأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر. لما كان ذلك، وكان البين من عقد
القرض محل التداعي سند العلاقة بين الطرفين أنه تضمن في بنده الثالث الاتفاق على
حساب فائدة على هذا القرض بواقع 13% سنويا بالإضافة إلى 2% مصاريف خدمة على الرصيد
المدين كل عام فضلا عن 1% غرامة تأخير عن السداد ومن ثم يسري بشأن القرض محل
التداعي الفوائد الاتفاقية إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة دون التقيد بالحدود
والأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
وطبق الفائدة الاتفاقية على القرض محل التداعي طوال مدة سريانه حتى قفل الحساب
فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يعيبه التفاته عن دفاع الطاعنات الوارد بوجه
النعي إذ أنه دفاع ظاهر الفساد ولا يستند إلى أساس قانوني سليم، ويضحى النعي بهذا
السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات تنعين بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه البطلان،
إذ اعتمد على تقرير الخبير الذي شابه البطلان لمباشرة المأمورية دون إخطارهن
بالحضور أمامه، كما التفت عن دفاعهن بإعادة الدعوى للخبير، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى
من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل على ما يدعيه. لما كان ذلك، وكان الثابت بتقرير
الخبير المقدم صورته بالأوراق إخطار الخبير للطاعنات بكتب موصى عليها مصحوبة بعلم
الوصول للحضور أمامه أثناء مباشرته المأمورية المنوط بها، وكان ذلك دليلا كافيا
على حصول الإخطار، ولم تقدمن ما يفيد عدم وصول الإخطارات إليهن، كما أن طلب إعادة
الدعوى للخبير- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- ليس حقا للخصوم يتحتم على محكمة
الموضوع إجابته إليهن بل هو متروك لتقديرها فلها أن ترفضه إذا ما وجدت في أوراق
الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للحكم فيها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير
الخبير المقدم في الدعوى ووجدت فيه وباقي الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها فلا
عليها إن هي التفتت عن الاستجابة لهذا الطلب ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات تنعين بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه البطلان
لخلوه من بيان رأي النيابة في موضوع الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن بيان رأي النيابة في المسائل
التجارية أضحى أمرا غير حتمي في ظل قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ولا يعد من
البيانات التي يترتب على إغفالها في الحكم بطلانه، ومن ثم فإن النعي يكون على غير
أساس.
وحيث إن حاصل نعي الطاعنات بالسببين الثاني والسابع على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بإلزامهن بأشخاصهن بالتضامن مع باقي
المحكوم عليهم بدفع المبلغ المقضي به رغم أن هذا الالتزام متعلق بشخص مورثهن فيكون
الالتزام بالدين على عاتق تركته وأنهن باعتبارهن ورثته لا يلزمن بما عليه من دين
إلا في حدود ما آل إليهن من أموال من هذه التركة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن شخصية الوارث مستقلة عن شخصية
المورث، ومن ثم فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها
حق عيني فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة ولا تنشغل بها ذمة
ورثته فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثا إلا في حدود ما
آل إليه من أموال التركة، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الدعوى أقيمت ابتداء من
البنك المطعون ضده الأول مختصما الطاعنات باعتبارهن وارثات/ .... لاقتضاء
المديونية التي كفلها مورثهن، وكان مقتضى قضاء الحكم المطعون فيه بمبلغ التداعي
لصالح المطعون ضده الأول أن يتوجب تحميله على تركة هذا المورث وأن يكون إلزام
الطاعنات به باعتبارهن وارثات في حدود ما آل إليهن منها، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنات بأشخاصهن بأداء المبلغ المقضي به دون تحميله
على تركة مورثهن، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه
نقضا جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع فيما تم نقضه من الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه،
ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء بإلزام الطاعنات بالمبلغ المحكوم به في حدود ما آل
إلى كل منهن من نصيب في تركة مورثهن ....