الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 أكتوبر 2022

الطعن 4216 لسنة 56 ق جلسة 4 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 191 ص 1002

جلسة ٤ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

-------------

(١٩١)
الطعن رقم ٤٢١٦ لسنة ٥٦ القضائية

(١) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها".
الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في واقعه حكم صادر في موضوع الدعوى.
على المحكمة عند قضائها بانقضاء الدعوى الجنائية. أن تفصل في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية. وإحالتها إلى المحكمة المدنية إذا استلزم الفصل فيها إجراء تحقيق خاص.
(٢) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دعوى مدنية.
الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لا اثر له على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها التي تنقضي بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
(٣) دعوى مدنية. تعويض. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام".
للمدعي بالحقوق المدنية الرجوع إلى ذات المحكمة الجنائية إذا أغفلت الفصل في التعويضات. المادة ١٩٣ مرافعات. عدم جواز الطعن بالنقض من المدعي بالحقوق المدنية في الحكم الذي أغفل الفصل في دعواه المدنية. أساس ذلك؟
الطعن بطريق النقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع.

-------------
١ - من المقرر أن الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في واقعة حكم صادر في موضوع الدعوى فإنه يتعين على المحكمة - عند قضائها بانقضاء الدعوى الجنائية - أن تفصل في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية أو إحالتها إلى المحكمة المدنية إذا استلزم الفصل فيها إجراء تحقيق خاص.
٢ - لما كانت الفقرة الثانية من المادة ٢٥٩ من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها" مما مفاده أن الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لا يكون له تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
٣ - لما كان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية التبعية المرفوعة من الطاعن بصفته كما أن مدوناته لم تتحدث عنها مما مفاده أن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة ١٩٣ من قانون المرافعات المدنية وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن أن الطاعن يبغى بطعنه نقض الحكم فيما قضى به في الدعوى المدنية التي أقامها على المطعون ضده وكان الطعن في الحكم بطريق النقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية.

-------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط: هرب التبغ المبين بالمحضر من الرسوم الجمركية بأن زرعه في أرضه. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم ٩٢ لسنة ١٩٦٤. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بمبلغ ٣٦٠٠ جنيه تعويضاً مدنياً. ومحكمة جنح مركز أبنوب قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة وبإلزامه بدفع ٣٦٠٠ جـ على سبيل التعويض لمصلحة الجمارك.
عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

-------------

المحكمة

من حيث إن المدعي بالحق المدني بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية - أنه اعتراه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة استناداً إلى مضي مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة خلافاً للثابت بالأوراق مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه في يوم ٢٣/ ١٠/ ١٩٧٧ بدائرة مركز أبنوب هرب التبغ المبين بالمحضر من الرسوم الجمركية بأن زرعه في أرضه وطلبت معاقبته طبقاً لأحكام القانون رقم ٩٢ لسنة ١٩٦٤ وأن مصلحة الجمارك ادعت مدنياً لدى محكمة أول درجة مطالبة بتعويض مقداره ثلاثة آلاف وستمائة جنيه قبل المتهم (المطعون ضده) وطلبت من المحكمة تأجيل نظر الدعوى لإعلان المتهم بالدعوى المدنية، وإذ تم الإعلان واستقامت الدعوى المدنية بذاتها بانعقاد الخصومة فيها بالطريق الذي رسمه القانون قضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي لمصلحة الجمارك مبلغ ثلاثة آلاف وستمائة جنيه وجنيهان مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم حيث قضت محكمة ثاني درجة بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف". لما كان ذلك وكان من المقرر أن الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في واقعة حكم صادر في موضوع الدعوى فإنه يتعين على المحكمة - عند قضائها بانقضاء الدعوى الجنائية - أن تفصل في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية أو إحالتها إلى المحكمة المدنية إذا استلزم الفصل فيها إجراء تحقيق خاص. وكانت الفقرة الثانية من المادة ٢٥٩ من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها" مما مفاده أن الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لا يكون له تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية التبعية المرفوعة من الطاعن بصفته كما أن مدوناته لم تتحدث عنها مما مفاده أن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة ١٩٣ من قانون المرافعات المدنية وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن أن الطاعن يبغى بطعنه نقض الحكم فيما قضى به في الدعوى المدنية التي أقامها على المطعون ضده وكان الطعن في الحكم بطريق النقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 4247 لسنة 56 ق جلسة 9 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 193 ص 1010

جلسة ٩ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان.

------------

(١٩٣)
الطعن رقم ٤٢٤٧ لسنة ٥٦ القضائية

حكم "بياناته" "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". سرقة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحكم بالإدانة. بياناته؟ المادة ٣١٠ إجراءات.
عدم بيان الحكم مكان وقوع جريمة السرقة وكيفية الدخول إليه. قصور. علة ذلك؟.

--------------
لما كانت المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ، وإلا كان قاصراً، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه أنه لم يبين مكان وقوع الجريمة، كما لم يبين كيفية الدخول إليه، وهي أركان هامة في خصوصية هذه الدعوى لما يترتب عليها من أثر في تحديد العقوبة وحدها الأدنى مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً سليماً على الواقعة وقول كلمتها في صحيح القانون فيما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

----------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: سرق المصوغات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ..... وكان ذلك عن طريق الكسر والتسور، وطلبت عقابه بالمادة ٣١٦ مكرراً ثالثاً فقرة ٢ من قانون العقوبات والمادتين ١، ١٥/ ٣ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤. ومحكمة جنح أحداث القاهرة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل والنفاذ. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المطعون ضده ثلاثة أشهر مع الشغل لجريمة سرقة مسكن المجني عليه عن طريق الكسر والتسور قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المبين بالفقرة الثانية من المادة ٣١٦ مكرراً ثالثاً من قانون العقوبات وهي ستة أشهر مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه أنه لم يبين مكان وقوع الجريمة، كما لم يبين كيفية الدخول إليه، وهي أركان هامة في خصوصية هذه الدعوى لما يترتب عليها من أثر في تحديد العقوبة وحدها الأدنى مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً سليماً على الواقعة وقول كلمتها في صحيح القانون فيما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة.

الطعن 4248 لسنة 56 ق جلسة 9 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 194 ص 1012

جلسة ٩ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان.

----------------

(١٩٤)
الطعن رقم ٤٢٤٨ لسنة ٥٦ القضائية

(١) أحداث. عقوبة "تطبيقها". إثبات "أوراق رسمية" "خبرة".
عدم جواز الحكم على الحدث الذي لا تتجاوز سنه خمس عشرة سنة بآية عقوبة من تلك الواردة بقانون العقوبات فيما عدا المصادرة وإغلاق المحل. المادة ١٥ من القانون ٣١ لسنة ١٩٧٤.
ارتكاب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة. العقوبة المقررة لذلك السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات. المادة ١٧ من القانون ٣١ لسنة ١٩٧٤.
استظهار سن الحدث. أمر لازم لتوقيع العقوبة المناسبة طبقاً للقانون.
تقدير سن الحدث بوثيقة رسمية أو بواسطة خبير عند عدم وجودها. أساس ذلك؟
(٢) أحداث. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. قصورها".
- تعلق تقدير سن المتهم بموضوع الدعوى. عدم جواز تعرض محكمة النقض له. حد ذلك؟
- القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

--------------------
١ - لما كانت المادة السابعة من القانون ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث تنص على أنه فيما عدا المصادرة وإغلاق المحل لا يجوز الحكم على الحدث الذي لا تتجاوز سنه خمس عشرة سنة ويرتكب جريمة بأية عقوبة مما نص عليه في قانون العقوبات، وإنما يحكم بأحد التدابير التي عددتها المادة المشار إليها، كما نصت المادة ١٥ من ذات القانون في فقرتها الأولى على إنه "إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة، ولا تجاوز ثماني عشرة سنة، جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات" فإن تحديد سن الحدث على نحو دقيق يضحى أمراً لازماً لتوقيع العقوبة المناسبة حسبما أوجب القانون. لما كان ذلك وكانت المادة الثانية والثلاثون من القانون المشار إليه تنص على أن "لا يعتد في تقدير سنة الحدث بغير ورقة رسمية، فإذا تعذر وجودها تقدر سنه بواسطة خبير، ومن ثم فقد بات متعيناً على المحكمة قبل توقيع أية عقوبة على الحدث أو اتخاذ أي تدبير قبله أن تستظهر سنه في هذه الحالة وفق ما رسمه القانون لذلك.
٢ - لما كان الأصل أن تقدير السن هو أمر يتعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن. وإذ كان الحكمان الابتدائي والمطعون فيه - الذي تبنى أسبابه وإن عدل في تقدير العقوبة - لم يعن أيهما البتة باستظهار سن المطعون ضده في مدوناته - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون ويعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى.

--------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح به قانوناً، وطلبت عقابه بالمواد ١، ٢، ٣٤/ أ، ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦، ١، ١٥/ ١ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤. ومحكمة أحداث.... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فعارض المحكوم عليه وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف، ومحكمة..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

---------------

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة مواد مخدرة (حشيش) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. واكتفى بمعاقبته بالحبس ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة فقد شابه خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تزل بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحد الأدنى المقرر لها قانوناً في المادة ١٥ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ والتي تنص على الحد الأدنى للعقاب في مثل هذه الجريمة هو السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، كما أنه نزل بعقوبة الغرامة المقضي بها من ثلاثة آلاف جنيه. إلى خمسمائة جنيه على خلاف نص المادة ٣٤/ ٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠، وذلك رغم أن قانون الأحداث لم يتعرض للنصوص الخاصة بعقوبة الغرامة بأي تعديل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه بتاريخ أول أكتوبر سنة ١٩٨٢ بدائرة قسم السيدة زينب حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد ١، ٢، ٣٤/ أ، ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦ - والمادتين ١، ١٥/ ١ من القانون ٣١ لسنة ١٩٧٤ ومحكمة أحداث القاهرة الجزئية قضت بتاريخ ١٨ من مايو سنة ١٩٧٨ غيابياً بمعاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة، وإذ عارض في هذا الحكم قضت المحكمة بجلسة ٢٠ من أكتوبر سنة ١٩٨٣ بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف هذا القضاء فقضى استئنافياً بتاريخ ٤ من ديسمبر سنة ١٩٨٣ حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة. لما كان ذلك، وكانت المادة السابعة من القانون ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث تنص على أنه فيما عدا المصادرة وإغلاق المحل لا يجوز الحكم على الحدث الذي لا تتجاوز سنه خمس عشرة سنة ويرتكب جريمة - بأية عقوبة مما نص عليه في قانون العقوبات، وإنما يحكم بأحد التدابير التي عددتها المادة المشار إليها، كما نصت المادة ١٥ من ذات القانون في فقرتها الأولى على إنه "إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة، ولا تجاوز ثماني عشرة سنة، جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات" فإن تحديد سن الحدث على نحو دقيق يضحى أمراً لازماً لتوقيع العقوبة المناسبة حسبما أوجب القانون. لما كان ذلك وكانت المادة الثانية والثلاثون من القانون المشار إليه تنص على أن "لا يعتد في تقدير سن الحدث بغير ورقة رسمية، فإذا تعذر وجودها تقدر سنه بواسطة خبير، ومن ثم فقد بات متعيناً على المحكمة قبل توقيع أية عقوبة على الحدث أو اتخاذ أي تدبير قبله أن تستظهر سنه في هذه الحالة وفق ما رسمه القانون لذلك. لما كان ذلك وكان الأصل أن تقدير السن هو أمر يتعلق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن. وإذ كان الحكمان الابتدائي والمطعون فيه - الذي تبنى أسبابه وإن عدل في تقدير العقوبة - لم يعن أيهما البتة باستظهار سن المطعون ضده في مدوناته - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون ويعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 4437 لسنة 56 ق جلسة 10 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 195 ص 1016

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان.

-------------

(195)

الطعن 4437 لسنة 56 ق

(1) محلات عامة . شركات سياحية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

مزاولة أعمال الشركات السياحية المنصوص عليها في القانون رقم 38 لسنة 1977 بدون ترخيص من وزارة السياحة . محظور يرتب جزاء علي مقارفته . أساس وبيان ذلك .

(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

لضباط الشرطة صفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام . انبساط ولايتهم علي جميع أنواع الجرائم . التفات الحكم عن دفاع قانوني ظاهر البطلان . لا يعيبه .

(3) عقوبة " تطبيقها . محكمة النقض " سلطتها ". نقض " نظر الطعن والفصل فيه ".

انزال الحكم بالطاعن عقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر للجريمة خطأ . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . عله ذلك .

(4) عقوبة " تطبيقها . غلق . نقض " حالات الطعن . الخطأ في القانون " . محكمة النقض " سلطتها".

إنزال الحكم بالطاعن عقوبة الغلق التي لم يفرضها القانون . وجوب تصحيح الحكم وإلغاء ما قضى به من عقوبة الغلق .

--------------

1 - لما كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد آخذ الطاعن بمواد القانون رقم 38 لسنة 1977 المعمول به اعتبارا من تاريخ نشره في 30 من يونيه سنة 1977، والذي تنص المادة الثالثة منه على حظر مزاولة أعمال الشركات السياحية المنصوص عليها فيه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة السياحة، وتنص المادة 38 منه على معاقبة مخالفة حكم المادة الثالثة المشار إليها بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه، فإن النعي بأن نشاط الطاعن غير مؤثم وفقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954، لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه.

2 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن محرر محضر الضبط هو الرائد ..... رئيس مباحث الأموال العامة بطنطا، وهو من ضباط الشرطة الذين أسبغت عليهم المادة الثالثة والعشرون من قانون الإجراءات الجنائية، صفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام في دوائر اختصاصهم، مما مؤداه أن تنبسط ولايته المقررة في القانون على جميع أنواع الجرائم بما فيها الجريمة التي دين الطاعن بها، فإن النعي على الحكم تعويله على محضر الضبط وعدم الرد على دفعه ببطلانه يكون على غير أساس ولا على الحكم - بفرض إبداء الطاعن هذا الدفع - إن هو لم يرد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان.

3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر في القانون، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن، وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.

4 - لما كان الحكم المطعون فيه، قد خالف القانون فيما قضى به على الطاعن من عقوبة الغلق، وهي عقوبة لم ينص عليها القانون المطبق على واقعة الدعوى، فإن هذه المحكمة عملاً بالرخصة المخولة لها في المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بادي الذكر، تقضي بتصحيح الحكم في هذا الخصوص بإلغاء ما قضى به من عقوبة الغلق.

------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو ممثل لشركة سياحية (.......) زاولت أعمالها قبل الحصول على ترخيص بذلك من وزارة السياحة، وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 28/1، 38 لسنة 1977 واللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح قسم ...... الجزئية قضت حضورياً اعتباراً .... عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً والغلق. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

فطعن الأستاذ الدكتور/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

--------------

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، إنه إذ دانه بجريمة مزاولة أعمال شركة سياحة بصفته ممثلاً لها قبل الحصول على ترخيص بذلك, من وزارة السياحة, قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, ذلك بأن نشاطه لا يخضع للقانون رقم 453 لسنة 1954 لأن حرفه السياحة ليست من بين الحرف التي تضمنها هذا القانون, وأن محرر الضبط من رجال السياحة, فلا يعتد بما جاء بمحضره, هذا إلى أن الحكم لم يتضمن وصفاً للوقائع ولا أسباباً للإدانة, ولم ترد المحكمة على دفاعه ببطلان محضر الضبط ولا بعدم خضوع مؤسسته للقانون الرقيم 453 لسنة 1954 وأن وزارة السياحة ألغت قرار مفتشها بغلق المكتب, وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إنه لما كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد أخذ الطاعن بمواد القانون رقم 38 لسنة 1977 المعمول به اعتباراً من تاريخ نشره في 30 يونيه سنة 1977, والذي تنص المادة الثالثة منه على حظر مزاولة أعمال الشركات السياحية المنصوص عليها فيه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة السياحة, وتنص المادة 38 منه على معاقبة مخالفة حكم المادة الثالثة المشار إليها بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, فإن النعي بأن نشاط الطاعن غير مؤثم وفقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954, لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محرر محضر الضبط هو الرائد ......... رئيس مباحث الأموال العامة بطنطا, وهو من ضباط الشرطة الذين أسبغت عليه المادة الثالثة والعشرون من قانون الإجراءات الجنائية, صفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام في دوائر اختصاصهم, مما مؤداه أن تنبسط ولايته المقررة في القانون على جميع أنواع الجرائم بما فيها الجريمة التي دين الطاعن بها, فإن النعي على الحكم تعويله على محضر الضبط وعدم الرد على دفعه ببطلانه يكون على غير أساس ولا على الحكم - بفرض إبداء الطاعن هذا الدفع - أن هو لم يرد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان, لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين وقائع الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية بالجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير سند, ويكون الطعن برمته واجب الرفض لما كان ما تقدم, ولئن كان الحكم المطعون فيه قد نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر في القانون, إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاًً من المحكوم عليه, فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن, وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطاعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه, قد خالف القانون فيما قضى به على الطاعن من عقوبة الغلق, وهي عقوبة لم ينص عليها القانون المطبق على واقعة الدعوى, فإن هذه المحكمة عملاً بالرخصة المخولة لها في المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بادي الذكر، تقضي بتصحيح الحكم في هذا الخصوص بإلغاء ما قضى به من عقوبة الغلق.

الطعن 4442 لسنة 56 ق جلسة 10 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 196 ص 1020

جلسة ١٠ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.

---------------

(١٩٦)
الطعن رقم ٤٤٤٢ لسنة ٥٦ القضائية

(١) اختصاص "الاختصاص الولائي". قانون "تفسيره".
المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص. أساس ذلك؟.
إجازة بعض القوانين إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص. أساس ذلك؟.
(٢) اختصاص "الاختصاص الولائي". قضاء عسكري. محكمة عسكرية. قانون "تفسيره".
المحاكم العسكرية. محاكم خاصة ذات اختصاص خاص.
لم يرد في قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون ٢٥ لسنة ١٩٦٦ أو في أي تشريع آخر نص على انفراد القضاء العسكري بالاختصاص إلا بجرائم الأحداث الخاضعين لأحكامه. أساس ذلك؟
(٣) اختصاص "الاختصاص الولائي" "تنازع الاختصاص". قضاء عسكري. قانون "تفسيره". دستور. هيئات قضائية.
النص في المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية أن السلطات القضائية العسكرية وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلاً في اختصاصها أم لا. لا يفيد صراحة أو ضمناً انفراد القضاء العسكري وحده بنظر الجرائم المنصوص عليها في ذلك القانون.
اختصاص الهيئات القضائية وكله الدستور للقانون. مؤدى ذلك؟
تقرير القضاء العسكري اختصاصه بدعوى جنائية. يوجب على الهيئات أو المحاكم الاستئنافية أو الخاصة القضاء بعدم اختصاصها بنظرها إذا رفعت إليها. عدم سريان ذلك على المحاكم العادية. أساس ذلك؟.
(٤) قانون "إلغاؤه" "تفسيره". قضاء عسكري. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إلغاء النص التشريعي لا يكون إلا بتشريع لاحق عليه ينص صراحة على الإلغاء أو اشتماله على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد موضوع ذلك التشريع.
عدم ورود نص تشريعي لاحق بإلغاء المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية. مفاده؟.
التفات الحكم عن دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
(٥) إثبات "بوجه عام" "شهود" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(٦) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(٧) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم. ولو كان وارداً بمحضر الشرطة. متى اطمأنت إليه ولو عدل عنه بعد ذلك.

-----------------
١ - إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢. في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكمة استثنائية أو خاصة، وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، إذ لو أراد الشارع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به، لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه في قوانين عدة منها قانون السلطة القضائية سالف الذكر حين نص في المادة ٨٣ منه التي ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفي شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت، وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٧٢ حين نص في المادة العاشرة منه على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل في المسائل التي حددها، والقانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث حين نص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة والعشرين منه على اختصاص محكمة الأحداث "دون غيرها" بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في الجرائم وعند تعرضه للانحراف، أما غير الحدث - إذا أسهم في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الأحداث - فإن الشارع وإن جعل لمحكمة الأحداث اختصاصها بنظرها بموجب الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين سالفة الذكر، إلا أنه لم يفردها بهذا الاختصاص كما فعل في الفقرة الأولى، وبالتالي لم يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فيها، وقد التزم الشارع هذا النهج ولم يشذ عنه في اللجان التي أضفى عليها اختصاصاً قضائياً، من ذلك ما نص عليه في المادة ١٣ مكررة (١) من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بالإصلاح الزراعي من تشكيل لجان يكون من مهمتها في حالة المنازعة، تحديد ما يجب الاستيلاء عليه من الأراضي الزراعية طبقاً لأحكام هذا القانون، وأنه "استثناء من حكم المادة ١٢ من قانون نظام القضاء، يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها...." وفي المادة الثالثة من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٦ بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية من اختصاصها بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وغيرها" وبوجه خاص تختص اللجنة "وحدها" بالفصل في المسائل الآتية: ( أ ).... (ب).... (ج)...." وفي الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون ذاته من أنه يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات التي تدخل في اختصاص هذه اللجان طبقاً للفقرة ٢ من المادة ٣"، وفي المادة الخامسة من القانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٨٢ في شأن إنهاء الإحكار على الأعيان الموقوفة من اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فيها "دون غيرها" بالفصل في المسائل الواردة في البنود من الأول إلى الخامس منها" وقد آخذ الدستور بهذا المفهوم عندما نص في المادة ١٧٥ منه على أن تتولى المحاكم الدستورية "دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
٢ - لما كانت المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦ بإصدار قانون الأحكام العسكرية إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرها على المحاكم العادية، إذ لم يرد فيه ولا في أي تشريع آخر، نص على انفراد القضاء العسكري بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها وانتهاء بالفصل فيها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه عملاً بنص المادة الثامنة مكرراً منه، لا يقدح في ذلك، ما نصت عليه المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون، من سريان أحكامه على جميع الدعاوى الداخلة في اختصاصه، ما لم تكن قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة، ذلك بأن الشق الأول من النص قد خلا مما يفيد انعقاد الاختصاص بنظر الدعاوى المشار إليها فيه للقضاء العسكري وحده دون غيره والشق الثاني منه يعالج الحالة التي تكون فيها هذه الدعاوى قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة قبل العمل به في أول يونيه سنة ١٩٦٦، فأبقى الاختصاص بنظرها معقوداً لتلك الجهات دون أن يشاركها فيه القضاء العسكري، يؤكد هذا النظر أن الشارع عندما أراد أن يعقد الاختصاص بجرائم الأحداث الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية المشار إليها للقضاء العسكري وحده فقد نص صراحة في المادة الثامنة مكرراً منه والمضافة بالقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٥ - على أن إفراده بذلك الاختصاص إنما هو استثناء من أحكام القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ - بشأن الأحداث، وهو ما يتأدى منه أنه باستثناء ما أشير إليه في تلك المادة من جرائم تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه، وكذلك الجرائم التي تقع من الأحداث الذين تسري في شأنهم أحكامه إذا وقعت الجريمة مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكامه، فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه مانع من القانون، ويكون اختصاص القضاء العسكري بجرائم الأحداث المنصوص عليها في المادة ٨ مكرراً سالفة الذكر، إنما هو خروج على الأصل العام المقرر بقانون السلطة القضائية، أما ما عدا هؤلاء الأحداث وتلك الجرائم مما أسبغت سائر نصوص قانون الأحكام العسكرية على القضاء العسكري اختصاص الفصل فيها، دون أن تفرده بذلك انتزاعاً من المحاكم صاحبة الولاية العامة في القضاء، فإنه ليس ثمة ما يحول بين هذه المحاكم وبين الفصل فيها إعمالاً لحقها الأصيل، إذ لا محل للقول باختصاص استئثاري للقضاء العسكري بها، ويكون الاختصاص في شأنها - بالتعويل على ذلك مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم، لا يمنع نظراً أيهما فيها من نظر الأخرى إلا أن تحول دون قوة الأمر المقضي.
٣ - النص في المادة الثامنة والأربعين من قانون الأحكام العسكرية على أن "السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلاً في اختصاصها أم لا "ذلك أن هذا النص - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يفيد صراحة ولا ضمناً، إنفراد القضاء العسكري وحده بنظر الجرائم المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية، ذلك أن اختصاص الهيئات القضائية - وعلى ما جرى به نص المادة ١٦٧ من الدستور - يحدده القانون، ومن ثم يكون قصارى ما يفيده نص المادة ٤٨ سالفة الذكر، أن السلطات القضائية العسكرية هي وحدها صاحبة القول الفصل عن تنازع الاختصاص، وهو ما يؤكده أن لفظه "وحدها" وردت بعد عبارة "السلطات القضائية العسكرية" ولم ترد بعد لفظة "اختصاصها" في نهاية النص. لما كان ذلك، وكان إعمال مقتضى هذا النص في حالة التنازع الإيجابي بين السلطات المشار إليها فيه، وبين هيئة أو محكمة استئنافية ذات اختصاص قضائي أو محكمة خاصة، أنه متى رفعت الدعوى الجنائية إليها عن جريمة سبق أن قررت القضاء العسكري أنها تدخل في اختصاصه الولائي، تعين عليها أن تحكم بعدم اختصاصها بنظرها، وهو ما لا يسري في المحاكم العادية لأن القضاءين العادي والعسكري قسيمان في الاختصاص بالجرائم المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية.
٤ - لما كان من المقرر وفق القاعدة العامة الواردة في المادة الثانية من القانون المدني أنه "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع" وكان قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦، وقانون كلتا المحكمتين العليا والدستورية، بمنزلة سواء في مدارج التشريع، وكانت القوانين اللاحقة على قانون الأحكام العسكرية سالفة الذكر لم تنص صراحة على إلغاء نص المادة ٤٨ من هذا القانون، بل وخلت نصوصها وديباجتها من أية إشارة إلى قانون الأحكام العسكرية، وكانت القوانين اللاحقة إنما هي تشريعات عامة فيما انتظمته من أحكام في شأن تنازع الاختصاص - إيجاباً وسلباً - بالنسبة للدعاوى التي ترفع عن موضوع واحد أمام مختلف جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعامة، وسواء أكانت تلك الدعاوى مدنية أم إدارية أم جنائية، في حين أن نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية إنما هو نص خاص ورد في تشريع خاص وقصر ولاية السلطات القضائية العسكرية المنصوص عليها فيه على الفصل في تنازع الاختصاص في الدعاوى الجنائية التي تكون فيها تلك السلطات طرفاً في هذا التنازع فحسب، وكان من المقرر أيضاً أن الخاص يقيد العام، فإن نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية يكون قائماً لم ينسخه قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم ٨١ لسنة ١٩٦٩، ولا قانون الإجراءات والرسوم أمام تلك المحكمة الصادر بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٠، ولا قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ والذي خصتها المادة ٢٥ ثانياً منه - دون غيرها - بالفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ويكون لكل من النصين مجال تطبيقه، لا يتداخلان ولا يبغيان. يؤيد بقاء نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية قائماً، استثناء من المنصوص الواردة في التشريعات العامة اللاحقة، أنه ظل ماضياً في تحقيق الغرض الذي سن من أجله تشريع عسكري روعيت فيه - وعلى ما جاء عن هذا النص المذكرة الإيضاحية "اعتبارات خاصة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للجرائم وعقوباتها الأمر الذي أصبح معه حق السلطات العسكرية في تقدير ما إذا كانت الجريمة داخلة في اختصاص التشريع العسكري أو لا حقاً واضحاً يتمشى مع الهدف من القانون العسكري" سواء في ظل قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٦٥ - من قبل - والذي كان ينص في المادة ١٧ منه على محكمة تنازع الاختصاص، أم في ظل قانون كلتا المحكمتين العليا والدستورية - من بعد - الذي نقل الفصل في تنازع الاختصاص - على التعاقب - إليهما، فقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - على تطبيق نص المادة ٤٨ المشار إليه بهذا المفهوم على التنازع السلبي بين السلطات القضائية العسكرية وبين المحاكم العادية، وألزمت هذه المحاكم بالفصل في أية جريمة ترى تلك السلطات عدم اختصاصها بها اعتباراً بأن قراراها في هذا الشأن هو القول الفصل الذي لا يقبل تعقيباً. لما كان ما تقدم، وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على الطاعن أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظرها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون فيه حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون، ويتمحض دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم في حاجة إلى الرد عليه أو حتى إيراده.
٥ - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنساخ سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
٦ - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
٧ - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقة للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب.

----------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: سرق السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة.... وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمادة ٣١٨ من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مدينة نصر الجزئية قضت حضورياً.... عملاً بمادة الاتهام (أولاً): برفض الدفع المبدى من المتهم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. (ثانياً): بحبس المتهم سنتين مع الشغل والنفاذ. استأنف، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعنت الأستاذة/ .... المحامية عن.... بصفتها وكيلة عن زوجها المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

--------------

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة قد أخطأ في القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن عن دفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أنه من أفراد القوات المسلحة الخاضعين لقانون الأحكام العسكرية إلا أن الحكم أطرح الدفع على خلاف ما تقضي به المادة ٤٨ من هذا القانون، وأغفل الرد على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة رغم أنه مندرج بالضرورة في الدفع بعدم الاختصاص وعول في الإدانة على أقوال المجني عليه وتحريات الشرطة واعتراف الطاعن بمحضر الضبط رغم أن أقوال المجني عليه لا تفيد إسناد الاتهام للطاعن ومع أن تحريات الشرطة لا تصلح دليلاً فقد نقل الحكم عنها أن السيارة المسروقة تم ضبطها مباعة بأوراق مزورة بمدينة بلبيس دون أن يبين تلك الأوراق، وقد أنكر الطاعن بالتحقيقات الاعتراف المعزو إليه بمحضر الضبط. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢. في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكمة استثنائية أو خاصة، وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، إذ لو أراد الشارع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به، لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه في قوانين عدة منها قانون السلطة القضائية سالف الذكر حين نص في المادة ٨٣ منه التي ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفي شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت، وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٧٢ حين نص في المادة العاشرة منه على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل في المسائل التي حددها، والقانون رقم ٤٣١ لسنة ١٩٧٤ بشأن الأحداث حين نص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة والعشرين منه على اختصاص محكمة الأحداث "دون غيرها" بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في الجرائم وعند تعرضه للانحراف، أما غير الحدث - إذا أسهم في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الأحداث - فإن الشارع وإن جعل لمحكمة الأحداث اختصاصاً بنظرها بموجب الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين سالفة الذكر، إلا أنه لم يفردها بهذا الاختصاص كما فعل في الفقرة الأولى، وبالتالي لم سلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فيها، وقد التزم الشارع هذا النهج ولم يشذ عنه في اللجان التي أضفى عليها اختصاصها قضائياً، من ذلك ما نص عليه في المادة ١٣ مكررة (١) من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بالإصلاح الزراعي من تشكيل لجان يكون من مهمتها في حالة المنازعة، تحديد ما يجب الاستيلاء عليه من الأراضي الزراعية طبقاً لأحكام هذا القانون، وأنه "استثناء من حكم المادة ١٢ من قانون نظام القضاء، يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها...." وفي المادة الثالثة من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٦ بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية من اختصاصها بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وغيرها" وبوجه خاص تختص اللجنة "وحدها" بالفصل في المسائل الآتية: ( أ ).... (ب).... (ج)...." وفي الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون ذاته من أنه "يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات التي تدخل في اختصاص هذه اللجان طبقاً للفقرة ٢ من المادة ٣"، وفي المادة الخامسة من القانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٨٢ في شأن إنهاء الإحكار على الأعيان الموقوفة من اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فيها "دون غيرها" بالفصل في المسائل الواردة في البنود من الأول إلى الخامس منها" وقد آخذ الدستور بهذا المفهوم عندما نص في المادة ١٧٥ منه على أن تتولى المحاكم الدستورية "دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. لما كان ذلك، وكانت المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦ بإصدار قانون الأحكام العسكرية إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرها على المحاكم العادية إذ لم يرد فيه ولا في أي تشريع آخر، نص على انفراد القضاء العسكري بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها وانتهاء بالفصل فيها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه عملاً بنص المادة الثامنة مكرراً منه، لا يقدح في ذلك، ما نصت عليه المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون، من سريان أحكامه على جميع الدعاوى الداخلة في اختصاصه، ما لم تكن قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة، ذلك بأن الشق الأول من النص قد خلا مما يفيد انعقاد الاختصاص بنظر الدعاوى المشار إليها فيه للقضاء العسكري وحده دون غيره والشق الثاني منه يعالج الحالة التي تكون فيها هذه الدعاوى قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة قبل العمل به في أول يونيه سنة ١٩٦٦، فأبقى الاختصاص بنظرها معقوداً لتلك الجهات دون أن يشاركها فيه القضاء العسكري، يؤكد هذا النظر أن الشارع عندما أراد أن يعقد الاختصاص بجرائم الأحداث الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية المشار إليها للقضاء العسكري وحده فقد نص صراحة في المادة الثامنة مكرراً منه والمضافة بالقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٥ - على أن إفراده بذلك الاختصاص إنما هو استثناء من أحكام القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٤ - بشأن الأحداث، وهو ما يتأدى منه أنه باستثناء ما أشير إليه في تلك المادة من جرائم تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه، وكذلك الجرائم التي تقع من الأحداث الذين تسري في شأنهم أحكامه إذا وقعت الجريمة مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكامه، فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه، مانع من القانون، ويكون اختصاص القضاء العسكري بجرائم الأحداث المنصوص عليها في المادة ٨ مكرراً سالفة الذكر، إنما هو خروج على الأصل العام المقرر بقانون السلطة القضائية، أما ما عدا هؤلاء الأحداث وتلك الجرائم مما أسبغت سائر نصوص قانون الأحكام العسكرية على القضاء العسكري اختصاص الفصل فيها، دون أن تفرده بذلك انتزاعاً من المحاكم صاحبة الولاية العامة في القضاء، فإنه ليس ثمة ما يحول بين هذه المحاكم وبين الفصل فيها إعمالاً لحقها الأصيل، إذ لا محل للقول باختصاص استئثاري للقضاء العسكري بها، ويكون الاختصاص في شأنها - بالتعويل على ذلك - مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم، لا يمنع نظراً أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون قوة الأمر المقضي. ولا ينال من هذا النظر، النص في المادة الثامنة والأربعين من قانون الأحكام العسكرية على أن "السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلاً في اختصاصها أم لا "ذلك أن هذا النعي - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يفيد صراحة ولا ضمناً، انفراد القضاء العسكري وحده بنظر الجرائم المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية، ذلك أن اختصاص الهيئات القضائية - وعلى ما جرى به نص المادة ١٦٧ من الدستور - يحدده القانون، ومن ثم يكون قصارى ما يفيده نص المادة ٤٨ سالفة الذكر، أن السلطات القضائية العسكرية هي وحدها صاحبة القول الفصل عن تنازع الاختصاص، وهو ما يؤكده أن لفظه "وحدها" وردت بعد عبارة "السلطات القضائية العسكرية" ولم ترد بعد لفظة "اختصاصها" في نهاية النص. لما كان ذلك، وكان إعمال مقتضى هذا النص في حالة التنازع الإيجابي بين السلطات المشار إليها فيه، وبين هيئة أو محكمة استئنافية ذات اختصاص قضائي أو محكمة خاصة، أنه متى رفعت الدعوى الجنائية إليها عن جريمة سبق أن قررت القضاء العسكري أنها تدخل في اختصاصه الولائي، تعين عليها أن تحكم بعدم اختصاصها بنظرها، وهو ما لا يسري في المحاكم العادية لأن القضاءين العادي والعسكري قسيمان في الاختصاص بالجرائم المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق القاعدة العامة الواردة في المادة الثانية من القانون المدني أنه "لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع" وكان قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦، وقانون كلتا المحكمتين العليا والدستورية، بمنزلة سواء في مدارج التشريع، وكانت القوانين اللاحقة على قانون الأحكام العسكرية سالفة الذكر لم تنص صراحة على إلغاء نص المادة ٤٨ من هذا القانون، بل وخلت نصوصها وديباجاتها من أية إشارة إلى قانون الأحكام العسكرية، وكانت القوانين اللاحقة إنما هي تشريعات عامة فيما انتظمته من أحكام في شأن تنازع الاختصاص - إيجاباً وسلباً - بالنسبة للدعاوى التي ترفع عن موضوع واحد أمام مختلف جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعامة، وسواء أكانت تلك الدعاوى مدنية أم إدارية أم جنائية، في حين أن نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية إنما هو نص خاص ورد في تشريع خاص وقصر ولاية السلطات القضائية العسكرية المنصوص عليها فيه على الفصل في تنازع الاختصاص في الدعاوى الجنائية التي تكون فيها تلك السلطات طرفاً في هذا التنازع فحسب، وكان من المقرر أيضاً أن الخاص يقيد العام، فإن نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية يكون قائماً لم ينسخه قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم ٨١ لسنة ١٩٦٩، ولا قانون الإجراءات والرسوم أمام تلك المحكمة الصادر بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٠، ولا قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ والذي خصتها المادة ٢٥ ثانياً منه - دون غيرها - بالفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ويكون لكل من النصين مجال تطبيقه، لا يتداخلان ولا يبغيان. يؤيد بقاء نص المادة ٤٨ من قانون الأحكام العسكرية قائماً، استثناء من المنصوص الواردة في التشريعات العامة اللاحقة، أنه ظل ماضياً في تحقيق الغرض الذي سن من أجله تشريع عسكري روعيت فيه - وعلى ما جاء عن هذا النص المذكرة الإيضاحية "اعتبارات خاصة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للجرائم وعقوباتها، الأمر الذي أصبح معه حق السلطات العسكرية في تقدير ما إذا كانت الجريمة داخلة في اختصاص التشريع العسكري أو لا حقاً واضحاً يتمشى مع الهدف من القانون العسكري" سواء في ظل قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٦٥ - من قبل - والذي كان ينص في المادة ١٧ منه على محكمة تنازع الاختصاص، أم في ظل قانون كلتا المحكمتين العليا والدستورية - من بعد - الذي نقل الفصل في تنازع الاختصاص - على التعاقب - إليهما، فقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - على تطبيق نص المادة ٤٨ المشار إليه بهذا المفهوم على التنازع السلبي بين السلطات القضائية العسكرية وبين المحاكم العادية، وألزمت هذه المحاكم بالفصل في أية جريمة ترى تلك السلطات عدم اختصاصها بها اعتباراً بأن قراراها في هذا الشأن هو القول الفصل الذي لا يقبل تعقيباً. لما كان ما تقدم، وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على الطاعن أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظرها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون، ويتمحض دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم في حاجة إلى الرد عليه أو حتى ايراده، فضلاً عن أنه رد عليه رداً سائغاً ومقبولاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعويل الحكم على شهادة المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، وكان الحكم قد حصل في بيانه لمحضري التحريات والضبط الأوراق المزورة التي بيعت بموجبها السيارة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقة للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4099 لسنة 56 ق جلسة 11 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 197 ص 1035

جلسة ١١ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

-------------

(١٩٧)
الطعن رقم ٤٠٩٩ لسنة ٥٦ القضائية

نقض "أسباب الطعن. توقعيها". محاماة. قطاع عام. هيئات عامة. قانون "تفسيره". بطلان.
وجوب توقيع تقرير الأسباب من محام مقبول أمام محكمة النقض. المادة ٣٤ من القانون ٥٧ لسنة ١٩٥٩.
- محامو الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية. عدم جواز مزاولتهم أعمال المحاماة لغير جهة عملهم. مخالفة ذلك. ترتب بطلان العمل. المادة ٨ من القانون ١٧ لسنة ١٩٨٣ المعدل.
توقيع الأسباب. من محام بإحدى شركات القطاع العام لغير جهة عمله. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟.

-------------
لما كان المحكوم عليه قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض وأودعت أسباب الطعن موقعة من الأستاذ/ ..... المحامي في حين أنه محام لإحدى شركات القطاع العام وذلك حسبما هو ثابت من جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق بالحكم، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وبهذا التنصيص على الوجوب يكون المشرع قد دل على أن ورقة الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها. ولما كان القانون رقم ٢٢٧ لسنة ١٩٨٤ بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ والمعمول به من تاريخ نشره في ١٨/ ١٠/ ١٩٨٤ قد استبدل في مادته الأولى بنص المادة ٨ من القانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ النص الآتي: "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً "وهذا النص يدل على أن الشارع قد وضع شرطاً لصحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص هو أن يكون العمل قاصراً على الجهة التي يعمل بها، ورتب جزاء على مخالفته بطلان العمل ومن ثم يكون التوقيع على مذكرة أسباب هذا الطعن باطلاً لخروجه عن دائرة التخصيص التي حددها قانون المحاماة، وتكون ورقة الأسباب بحالتها - وهي من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليه من أصحاب الشأن فيها - ورقة عديمة الأثر في الخصومة وتكون لغواً لا قيمة لها. وإذ كان الثابت أن ورقة الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة وبقت غفلاً من توقيع محام مقبول قانوناً أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد الطعن، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.

-------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - جلب لجمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (حشيشاً) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ١، ٢، ٣، ٣٣أ، ٤٢/ ١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦ والبند ٥٧ من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ مع إعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة والأدوات المستعملة (التليفزيون).
فطعن المحكوم عليه والأستاذ/ ..... المحامي نيابة عنه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

-------------

المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض وأودعت أسباب الطعن موقعة من الأستاذ/ .... المحامي في حين أنه محام لإحدى شركات القطاع العام وذلك حسبما هو ثابت من جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق بالحكم، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وبهذا التنصيص على الوجوب يكون المشرع قد دل على أن ورقة الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها. ولما كان القانون رقم ٢٢٧ لسنة ١٩٨٤ بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ والمعمول به من تاريخ نشره في ١٨/ ١٠/ ١٩٨٤ قد استبدل في مادته الأولى بنص المادة ٨ من القانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ النص الآتي: "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً" وهذا النص يدل على أن الشارع قد وضع شرطاً لصحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص هو أن يكون العمل قاصراً على الجهة التي يعمل بها، ورتب جزاء على مخالفته بطلان العمل ومن ثم يكون التوقيع على مذكرة أسباب هذا الطعن باطلاً لخروجه عن دائرة التخصيص التي حددها قانون المحاماة، وتكون ورقة الأسباب بحالتها - وهي من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليه من أصحاب الشأن فيها - ورقة عديمة الأثر في الخصومة وتكون لغواً لا قيمة لها. وإذ كان الثابت أن ورقة الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة وبقت غفلاً من توقيع محام مقبول قانوناً أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد الطعن، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 4117 لسنة 56 ق جلسة 11 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 198 ص 1039

جلسة ١١ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر وحسن عميره وحسن عشيش ومحمد حسام الدين الغرياني.

--------------

(١٩٨)
الطعن رقم ٤١١٧ لسنة ٥٦ القضائية

(١) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي.
ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة.
للمحكمة أن ترى في التحريات ما يبرر الإذن بالتفتيش وأن تطرحها فيما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام النقض. مثال:
(٢) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". اعتراف". مواد مخدرة.
إثبات الضابط المنوط به القبض والتفتيش مواجهته للمطعون ضده بالمضبوطات واعترافه له بحيازتها بقصد الاتجار. قول يخضع لتقدير المحكمة لا يعد اعترافاً بواقعة الاتجار.
(٣) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. جريمة "أركانها". مواد مخدرة.
وجود مدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر.
(٤) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إحالة. ارتباط. محكمة الجنح. مواد مخدرة. سلاح.
انتهاء محكمة الجنح إلى أن الجنحة المحالة إليها من محكمة الجنايات. مرتبطة بالجناية التي عوقب عنها المتهم ارتباطاً لا يقبل التجزئة. أثره: عدم جواز توقيع عقوبة عنها.
مثال.
(٥) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". ارتباط. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. سلاح.
حق محكمة الجنايات أن تفصل الجنحة المحالة إليها مرتبطة بجناية وإحالتها إلى المحكمة الجزئية. متى تبين لها قبل تحقيقها أنه لا وجه لهذا الارتباط. مخالفة ذلك. لا بطلان. أساس ذلك؟.
عدم التزام محكمة الجنايات ببيان أسباب فصل الجنحة عن الجناية.
مثال:
(٦) مواد مخدرة. تفتيش. التفتيش بإذن" "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس". تلبس. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
متى يجوز تفتيش من يتواجد مع المأذون بتفتيشه؟
تقدير قيام حالة التلبس أو انتفاؤها. موضوعي.
النعي على المحكمة تجاوزها سلطتها في تقدير الدليل. غير جائز. علة ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ لقبول الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
(٧) مواد مخدرة. مصادرة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب تفسير نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ عقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية.
المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة.
عدم جواز القضاء بمصادرة الشيء المضبوط إذا كان مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة.
ثبوت ملكية الدراجة المضبوطة وانقطاع صلة مالكها بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها.

--------------
١ - لما كان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليها في المادة ٣٤ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة وكان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
٢ - لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل في محضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار - كما ذهبت النيابة الطاعنة - وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وأنه قام بشرائها مشاركة هو والمطعون ضده الثاني الذي يتجر معه فيها، وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن كونه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق.
٣ - إن وجود المدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر.
٤ - فصل محكمة الجنايات جنحة إحراز السلاح الأبيض عن جناية إحراز المخدر يترتب عليه ألا توقع محكمة الجنح على المطعون ضده الأول عقوبة عن الجنحة إذا تبين من التحقيق الذي تجريه أنها مرتبطة بالفعل المكون للجناية التي عوقب عليها ارتباطاً يقبل التجزئة.
٥ - لما كانت المادة ٣٨٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمحكمة الجنايات إذا أحيلت إليها جنحة مرتبطة بجناية ورأت قبل تحقيقها أن لا وجه لهذا الارتباط أن تفصل الجنحة وتحيلها إلى المحكمة الجزئية وواضح أن القاعدة التي أتى بها هذا النص إنما هي قاعدة تنظيميه لإعمال محكمة الجنايات ولم يرتب القانون على عدم مراعاتها البطلان ولا هي تعتبر من الإجراءات الجوهرية المشار إليها في المادة ٣٣١ من ذلك القانون. وكانت المحكمة قد قضت في حكمها بفصل جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة للمطعون ضده الأول عن جناية إحراز المخدر بغير قصد من القصود التي دانه عنها وكان لا وجه للارتباط بين هذه الجناية وتلك الجنحة قد يؤثر على الفصل في الدعوى على ما سلف بسطه، وكانت محكمة الجنايات غير ملزمة ببيان الأسباب التي بنت عليها أمرها بفصل الجنحة عن الجناية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
٦ - متى اقتصر الإذن بالقبض والتفتيش على المطعون ضده الأول، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده الثاني إلا إذا توافرت حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية ووجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادة ٣٤/ ٢ من القانون. ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس بالجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها. ولما كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة على نحو ما سلف الإشارة إليها وفي إيراده أقوال شاهدي الواقعة أنه أطرح أقوالهما بصدد ما قرره من أن المطعون ضده الأول ذكر لهما عقب تفتيشه وضبط المخدر معه أنه هو والمتهم الثاني قد ابتاعا المخدر من آخر وتقاسما سوياً ما دفعاه من ثمن وأنهما هدفا من شرائه الاتجار فيه مما يفصح عن عدم اطمئنانه إليهما في هذا الشق، ومن ثم تكون الأوراق قد خلت مما ينبئ عن اتصاله بجريمة إحرازه لمادة المخدر التي ضبطت مع المأذون بتفتيشه ولم تقم به الدلائل الكافية على اتهامه بهما مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط المادة المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
٧ - لما كان نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذي يقضي بمصادرة وسائل نقل المخدر المضبوط في جميع الأحوال إنما يجب تفسيره على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية، وكانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة، أما إذا كان الشيء مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة كما هي واقع الحال بالنسبة للمطعون ضده الثاني، ومن ثم فإن ثبوت ملكيته للدراجة المضبوطة وانقطاع صلته بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.

--------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما المتهم الأول: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ٢ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" المتهم الثاني: أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتهما طبقاً للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ١/ ١، ٢، ٣٧، ٣٨، ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين رقمي ٤٠ لسنة ١٩٦٦، ٦١ لسنة ١٩٧٧ والبند رقم ٥٧ من الجدول رقم ١ المرفق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ مع إعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات والمادة ٣٠٤/ ٢ من قانون الإجراءات الجنائية (أولاً): بمعاقبة.... بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه وبمصادرة المخدر والمطواة المضبوطين. (ثانياً): ببراءة.... من التهمة المسندة إليه. (ثالثاً): بإحالة الجنحة موضوع التهمة الثانية المنسوبة إلى المتهم الأول إلى محكمة الجنح المختصة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه نفي عن المطعون ضده الأول قصد الاتجار دون أن يفطن إلى توافره في حقه من التحريات ومن كبر حجم الكمية المضبوطة ومن ضبط مدية ملوثة بالمخدر ومن اعترافه أثناء الضبط لشاهدي الواقعة بالاتجار فيه، كما أنه قضى - بغير حق بإحالة جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة إليه إلى محكمة الجنح المختصة دون أن يعرض لمدى ارتباطها بالجناية التي دانه بها، هذا فضلاً عن أنه قضى ببراءة المطعون ضده الثاني من تهمة إحرازه جوهر مخدر بقصد التعاطي تأسيساً على بطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة بهما أو قيام حالة التلبس مع أن الثابت لهما عند ضبط المخدر معه أنه ابتاعه هو المطعون ضده الثاني معاً ودفعا سوياً ثمن شرائه بما يبيح لهما القبض عليه وتفتيشه، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه أغفل القضاء بمصادرة الدراجة البخارية المضبوطة والمملوكة للمطعون ضده الثاني والتي استخدمت في نقل المخدر، في حين أن المادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ توجب القضاء بمصادرتها كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "بأنها تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها الرائد.... رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالمحلة الكبرى دلت على أن المتهم..... المقيم بسوق اللبن بقسم أول المحلة الكبرى يحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبناء على ذلك فقد استصدر إذناً من النيابة العامة....... لضبطه وتفتيشه وكذلك تفتيش مسكنه وفي ذات اليوم اتصل به أحد مصادره السرية وأخبره بأن المتهم متواجد في طريق سكة زفتى مستقلاً دراجته البخارية ويقودها له المدعو..... فأسرع بالانتقال إلى ذلك المكان وبرفقته الشاهد الثاني حيث شاهد المتهم يستقل دراجة بخارية يقودها أحد الأشخاص فقام بغلق الطريق أمام الدراجة بمعاونة رجال الشرطة المرافقين له وتمكن من ضبطه وكذلك ضبط قائد الدراجة المتهم الثاني وبتفتيش المتهم الأول.... عثر معه على طربتين من المخدر الحشيش في جيب البالطو الداخلي الأيسر الذي كان يرتديه كما عثر على مبلغ ثمانية جنيهات بجيب الجلباب الأيسر العلوي الخارجي كما عثر على مطواة قرن غزال بجيب البالطو الأيسر الخارجي وبمواجهته بالمخدر المضبوط معه اعترف له بإحرازه، وبتفتيشه المتهم الثاني عثر معه على قطعة صغيرة من مخدر الحشيش مغلفة بورقة سلوفانية صفراء اللون في جيب البنطلون الأيمن العلوي الصغير الذي يرتديه كما ضبط معه مبلغ تسعة جنيهات وقد أورى تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة مع المتهم الأول من مخدر الحشيش وتزن صافياً ٤٠٣.٨ جرام "وأورد على ثبوتها في حق المطعون ضده الأول أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير معامل التحاليل الكيماوية وقد عرض الحكم لقصد الاتجار ونفى توافره في حق المطعون ضده الأول بقوله "وحيث إن النيابة العامة نسبت إلى المتهم الأول أنه أحرز المادة المخدرة المضبوطة بقصد الاتجار فيها ولا تشاطرها المحكمة هذا الرأي وترى عن حق أن الأوراق والتحقيقات قد خلت من دليل يقيني على توافر هذا القصد لديه ولا يغير من هذا النظر ما قرره ضابط الواقعة وزميله في هذا الصدد ترديداً لما سطر في محضر التحريات فتطرحه المحكمة جانباً إذ لم يضبط المتهم وهو يمارس نشاط الاتجار في المخدرات أو ما ينم على أنه مارس الاتجار في المواد المخدرة ولا يغير من هذا الرأي كبر حجم كمية المخدر المضبوط طالما أن الأوراق قد خلت من دليل ثابت وقوي يؤكد ممارسة المتهم الاتجار في المواد المخدرة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليها في المادة ٣٤ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة وكان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل في محضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار - كما ذهبت النيابة الطاعنة - وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وأنه قام بشرائها مشاركة هو المطعون ضده الثاني الذي يتجر معه فيها، وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن كونه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق، كما أن وجود المدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر ما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - أن الإحراز كان بغير قصد من القصود وفي إغفال المحكمة التحدث عنها ما يفيد ضمناً أن المحكمة لم تر فيها ما يدعو إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون النعي في غير محله. لما كان ذلك، وكان فصل محكمة الجنايات جنحة إحراز السلاح الأبيض عن جناية إحراز المخدر يترتب عليه ألا توقع محكمة الجنح على المطعون ضده الأول عقوبة عن الجنحة إذا تبين من التحقيق الذي تجريه أنها مرتبطة بالفعل المكون للجناية التي عوقب عليها ارتباطاً يقبل التجزئة ومن ثم تنتفي مصلحة الطاعنة في النعي على الحكم في هذا الوجه. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٨٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمحكمة الجنايات إذا أحيلت إليها جنحة مرتبطة بجناية ورأت قبل تحقيقها أن لا وجه لهذا الارتباط أن تفصل الجنحة وتحيلها إلى المحكمة الجزئية وواضح أن القاعدة التي أتى بها هذا النص إنما هي قاعدة تنظيميه لإعمال محكمة الجنايات ولم يرتب القانون على عدم مراعاتها البطلان ولا هي تعتبر من الإجراءات الجوهرية المشار إليها في المادة ٣٣١ من ذلك القانون. وكانت المحكمة قد قضت في حكمها بفصل جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة للمطعون ضده الأول عن جناية إحراز المخدر بغير قصد من القصود التي دانه عنها وكان لا وجه للارتباط بين هذه الجناية وتلك الجنحة قد يؤثر على الفصل في الدعوى على ما سلف بسطه، وكانت محكمة الجنايات غير ملزمة ببيان الأسباب التي بنت عليها أمرها بفصل الجنحة عن الجناية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده الثاني على سند من قوله أن إذن التفتيش الصادر لم يكن خاصاً به وأن المطعون ضده الأول هو المقصود بالضبط والتفتيش وبالتالي فلم يصدر إذن بتفتيش المتهم الثاني ولم يضبط في حالة من حالات التلبس التي تبيح لضابط الواقعة تفتيشه كما أن الأوراق قد خلت من ثمة دليل يقيني على ارتباط المتهم الثاني مع المتهم الأول ومن ثم يكون ما وقع عليه من قبض وتفتيش باطلين ويبطل تبعاً لذلك ما نتج عنهما وانتهى الحكم إلى قبول الدفع المبدى من محاميه ببطلان القبض والتفتيش وبإطراح ما أسفر عنه ذلك التفتيش لمخالفته لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأنه وقد اقتصر الإذن بالقبض والتفتيش على أن المطعون ضده الأول، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده الثاني إلا إذا توافرت حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية ووجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادة ٣٤/ ٢ من القانون. ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس بالجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءه لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها إذ أن في ذلك ما يجر في النهاية إلى توقيع العقاب على برئ وهو أمر يؤذي العدالة وتتأذى منه الجماعة مما يتحتم عليه إطلاق يد القاضي في تقدير سلامة الدليل وقوته ودون قيد فيما عدا الأحوال المستثناة قانوناً، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير سائغة وصالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة على نحو ما سلف الإشارة إليها وفي إيراده أقوال شاهدي الواقعة أنه أطرح أقوالهما بصدد ما قرراه من أن المطعون ضده الأول ذكر لهما عقب تفتيشه وضبط المخدر معه أنه هو والمتهم الثاني قد ابتاعا المخدر من آخر وتقاسما سوياً ما دفعاه من ثمن وأنهما هدفا من شرائه الاتجار فيه مما يفصح عن عدم اطمئنانه إليهما في هذا الشق، ومن ثم تكون الأوراق قد خلت مما ينبئ عن اتصاله بجريمة إحرازه لمادة المخدر التي ضبطت مع المأذون بتفتيشه ولم تقم به الدلائل الكافية على اتهامه بها مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط الماد المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم وجود ارتباط بين المطعون ضده الثاني والمتهم الأول الذي دانه بجريمة إحراز المخدر الذي ضبط معه. وكانت الدراجات البخارية غير محرم إحرازها وكان نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذي يقضي بمصادرة وسائل نقل المخدر المضبوط في جميع الأحوال إنما يجب تفسيره على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية، وكانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة، أما إذا كان الشيء مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة كما هي واقع الحال بالنسبة للمطعون ضده الثاني، ومن ثم فإن ثبوت ملكيته للدراجة المضبوطة وانقطاع صلته بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.