الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 مايو 2022

القضية 4 لسنة 18 ق جلسة 9 / 5 / 1998 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 2 تنازع ق 19 ص 1546

جلسة 9 مايو 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله،

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (19)
القضية رقم 4 لسنة 18 قضائية "تنازع"

(1) دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي "مناط قبولها".
مناط قبول طلب هذا التنازع هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها.
(2) دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي "عدم إرفاق الأوراق" - منازعة إدارية "تحضير".
عد إرفاق ما يدل على تمسك إحدى الجهتين القضائيتين باختصاصها بنظر الدعوى يتعين معه عدم قبول الدعوى - المتنازعة الإدارية لا تعتبر أثناء تحضيرها أمام هيئة مفوضي الدولة معروضة على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها - افتراض صدور قضاء عنها في شأن اختصاصها وقتئذ يعتبر لغواً.

---------------
1 - مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي - وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون هذه المحكمة، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها.
2 - الشركة المدعية لم ترفق بطلبها تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع الماثل - وعملاً بنص المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا - ما يدل على أن محكمة القضاء الإداري قد قضت باختصاصها بالفصل في المنازعة المطروحة أمامها، أو أنها مضت في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها حتى يمكن القول بأن تنازعاً إيجابياً على الاختصاص مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، قائم بين جهتي القضاء العادي والإداري.
ولا ينال مما تقدم، إرفاق المدعية بطلبها فض التنازع على الاختصاص، ما يدل على أن هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري تتولى تحضير الدعوى رقم 1224 لسنة 1 قضائية، ذلك أن المنازعة الإدارية - وعملاً بنص المادتين 27 و28 من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - لا تُطْرح على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها، إلا بعد أن تتولى هيئة مفوضي الدولة بها تحضيرها وتهيئتها للمرافعة، بما يحيط بوقائعها، ويستظهر ما غمض من مسائلها، ويستكمل بالتحقيق ما نقص منها، ويكفل كذلك لحقوق الدفاع فرصها. وعليها بعد إتمام تهيئتها للدعوى، أن تعد تقريراً مشتملاً على الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع، ورأيها مسبباً فيها، ثم عرض الأوراق جميعها بعد إيداع هذا التقرير على رئيس المحكمة ليحدد للدعوى تاريخاً معيناً لنظرها.
متى كان ذلك، وكانت المنازعة الإدارية لا تعتبر أثناء تحضيرها، معروضة على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها، فإن افتراض صدور قضاء عنها في شأن اختصاصها بنظرها - صريحاً كان أم ضمنياً - يعتبر لغواً.


الإجراءات

بتاريخ 5 مايو سنة 1996 أقامت الشركة المدعية الدعوى الماثلة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة طالبة تعيين الجهة القضائية المختصة من بين جهتي القضاء الإداري والعادي بنظر النزاع بينها وبين المدعى عليهم..
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 10/ 1963، صدر قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 344 لسنة 1963، بتقرير صفة النفع العام لمشروع إقامة فندق سياحي على الحديقة وقطعة الأرض المقام عليها منزل ورثة باسيلي بشارة اندراوس بالأقصر. وبعد الاستيلاء على الأرض المشار إليها تم تسليمها إلى الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق "إيجوث"، فأقام المدعى عليهم العشرة الأول الدعاوى أرقام 5053 و5362 و5387 و6716 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب تعويضهم عن هذا الاستيلاء بعد أن سقط مفعول القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة لعقار النزاع، وذلك عملاً بالمادتين 9 و10 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة - المعمول به آنئذ - اللتين تتطلبان توقيع أصحاب الحقوق التي لم تقدم في شأنها معارضات على نماذج خاصة لنقل ملكيتها للمنفعة العامة، فإذا تعذر الحصول على توقيعاتهم على هذه النماذج، صدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص؛ على أن تودع النماذج أو القرار مكتب الشهر العقاري المختص خلال ستين يوماً من تاريخ نشر قرار تقرير المنفعة العامة في الجريدة الرسمية؛ وإلا سقط مفعول هذا القرار في شأن العقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها.
وبجلسة 13/ 12/ 1985 قضت المحكمة المذكورة بتعويض المدعين في تلك الدعاوى بمبلغ 1091444.440 جنيهاً. وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 15/ 2/ 1995 في قضايا الاستئناف المنضمة إلى بعضها أرقام 414 و487 و542 لسنة 103 قضائية و3196 و4035 و5423 و10600 لسنة 9 قضائية، فطعنت عليه بالنقض الشركة المدعية، وقيد طعنها برقم 4376 سنة 65 قضائية ولم يفصل فيه بعد.
وإذ كان ما تقدم، وكان المدعى عليهم الخمسة الأول قد أقاموا كذلك الدعوى رقم 2297 لسنة 1989 مدني كلي الأقصر طالبين الحكم بسقوط القرار رقم 2344 لسنة 1963 الصادر بتقرير صفة النفع العام للمشروع، قولاً منهم بأن هذا القرار صار معدوماً لعدم إيداع النماذج أو إيداع قرار نزع الملكية مكتب الشهر العقاري المختص خلال المدة المحددة قانوناً؛ وكانت محكمة الأقصر الابتدائية قد قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر هذه الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بقنا للفصل فيها. وقد قيدت بجدولها - بعد إحالتها إليها - برقم 1224 لسنة 1 قضائية حيث تتولى هيئة مفوضي الدولة تحضيرها؛ وكانت الشركة المدعية قد ارتأت أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري، فقد أقامت الدعوى الماثلة بطلب الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع.
وحيث إن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي - وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون هذه المحكمة، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها.
وحيث إن الشركة المدعية لم ترفق بطلبها تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع الماثل - وعملاً بنص المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا - ما يدل على أن محكمة القضاء الإداري قد قضت باختصاصها بالفصل في المنازعة المطروحة أمامها، أو أنها مضت في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها حتى يمكن القول بأن تنازعاً إيجابياً على الاختصاص مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، قائم بين جهتي القضاء العادي والإداري.
ولا ينال مما تقدم، إرفاق المدعية بطلبها فض التنازع على الاختصاص، ما يدل على أن هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري تتولى تحضير الدعوى رقم 1224 لسنة 1 قضائية، ذلك أن المنازعة الإدارية - وعملاً بنص المادتين 27 و28 من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - لا تُطرح على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها، إلا بعد أن تتولى هيئة مفوضي الدولة بها تحضيرها وتهيئتها للمرافعة، بما يحيط بوقائعها، ويستظهر ما غمض من مسائلها، ويستكمل بالتحقيق ما نقص منها، ويكفل كذلك لحقوق الدفاع فرصها. وعليها بعد إتمام تهيئتها للدعوى، أن تعد تقريراً مشتملاً على الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع، ورأيها مسبباً فيها، ثم عرض الأوراق جميعها بعد إيداع هذا التقرير على رئيس المحكمة ليحدد للدعوى تاريخاً معيناً لنظرها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المنازعة الإدارية لا تعتبر أثناء تحضيرها، معروضة على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها، فإن افتراض صدور قضاء عنها في شأن اختصاصها بنظرها - صريحاً كان أم ضمنياً - يعتبر لغواً. ولا يتصور بالتالي أن يكون النزاع الموضوعي الماثل مردداً بين جهتين قضائيتين مختلفتين كان لكل منهما فيه قضاء باختصاصها بنظره.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

القضية 14 لسنة 18 ق جلسة 9 / 5 / 1998 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 2 تنازع ق 20 ص 1551

جلسة 9 مايو 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وعدلي محمود منصور،

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (20)
القضية رقم 14 لسنة 18 قضائية "تنازع"

(1) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "مناط قبولها".
مناط قبول طلب الفصل في هذا التنازع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين متناقضين هو أن يكون أحدهما صادراً من جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي وثانيهما من جهة أخرى منها - وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بما يتعذر تنفيذهما معاً.
(2) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "وحدة الموضوع".
عدم قيام التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا في فضه إذا كان موضوع الحكمين المدعى تناقضهما متغايراً.
(3) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "تغاير الموضوع: عدم قبول".
تغاير الحكم الصادر من محكمة الاستئناف برفض دعوى المدعي بطلب تعويضه عما ادعاه من ضرر لحق به من جراء مسلك المدعى عليهما أدى إلى إدانته جنائياً، عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتعويضه بالمبلغ المحكوم به عن الأضرار التي لحقته من جراء قرار فصله غير المشروع - وذلك بتغاير موضوعيهما - مؤدى ذلك: عدم قبول الدعوى.

------------------
1 ، 2 - مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، بما مؤداه أن إعمال هذه المحكمة لولايتها في مجال فضها التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاًَ، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعيهما؛ ثم من تناقض قضاءيهما بتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب هذا الموضوع. فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض - بداهة - إذا كان موضوعهما مختلفاً.
3 - البين من مقارنة الحكمين النهائيين المدعى تناقضهما في النزاع الماثل، أنهما تناولا موضوعين مغايرين، ولا يتصور بالتالي أن يكونا قد تعامدا على محل واحد، أو فصلا فيه بقضاءين يتعذر تنفيذهما معاً. ذلك أن دعوى التعويض التي أقامها المدعى عليه في النزاع الماثل أمام جهة القضاء المدني - والتي صدر برفضها، وبتأييد الحكم المطعون فيه، قضاء المحكمة الاستئنافية لبني سويف مأمورية المنيا في الطعن المقيد بجدولها برقم 681 لسنة 26 قضائية - كان موضوعها أن المستأنف عليهما الأول والثاني - وهما تابعان لبنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - كانا قد كلفا من النيابة العامة بفحص أعمال المدعى عليه، وأن ما انتهيا إليه كان سبباً لاتهامه بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، ثم إدانته جنائياً، وحرمانه من مورد الرزق الذي يعتمد عليه فضلاً عن تشريد عائلته. وقد خلص قضاء المحكمة الاستئنافية إلى أن دعواه هذه لا سند لها تأسيساً على أمرين: أولهما: أن الحكم الجنائي الذي أدان المدعى عليه خلا من كل شبهة تدل على أن المستأنف ضدهما الأول والثاني استغلا وظيفتيهما فيما أدياه من أعمال الفحص، أو أنهما اعتمدا عليها لتسهيل ارتكابهما لعمل غير مشروع توخي الإضرار بالمدعى عليه. ثانيهما: انتفاء كل دليل بالأوراق على أن أغراضاً شخصية وجهتهما فيما باشراه من أعمال الفحص، التي كلفتهما النيابة العامة بها، أو أن سوء القصد قد خالطها، أو أنهما استهدفا بها مصلحة متبوعهما. ولا كذلك موضوع الطعن الذي فصلت فيه المحكمة الإدارية العليا في حدود ولايتها، والمقيد بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق. ع، وذلك أن حكمها فيه بني على أن قرار فصل المدعى عليه من الخدمة كان غير مشروع لصدوره مفتقداً إلى سبب صحيح يمكن أن يحمل عليه قانوناً؛ وأن البنك المطعون ضده، مسئول عن الأضرار التي ألحقها قرار الفصل بالمدعى عليه لتوافر أركان المسئولية التقصيرية في شأنه جميعها، والتي تتمثل في إصداره قراراً غير مشروع بالفصل، وفيما نجم عن هذا القرار من أضرار يبلورها حرمان المدعي من راتبه وغيره من المزايا الوظيفية طوال الفترة التي ظل مفصولاً فيها، فضلاً عن الإساءة إليه نفسياً واجتماعياً، وعجزه عن الإنفاق على أسرته، والحط من قدره أمام زملائه وعشيرته.


الإجراءات

بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً أولاً: بصفة مستعجلة الأمر بوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 20/ 8/ 1996 من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 582 لسنة 38 ق. ع وذلك حتى يفصل في النزاع، ثانياً: وفي الموضوع الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 24/ 3/ 1992 من محكمة استئناف بني سويف - مأمورية المنيا - في الاستئناف رقم 681 لسنة 26 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى عليه - السيد/ سمير أمين جرجس - وآخرين بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، وقيدت الواقعة جناية أمن دولة عليا المنيا برقم 1070 لسنة 1979 حيث حكم بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وبغرامة مقدارها 300 جنيه.
وقد طعن المدعى عليه في هذا الحكم أمام محكمة النقض التي نقضته وأحالت الأوراق إلى دائرة أخرى، حيث حكم ببراءته من التهمة المنسوبة إليه.
ثم أقام المدعى عليه ضد بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - المدعي في الدعوى الراهنة - دعواه رقم 783 لسنة 1989 مدني كلي المنيا التي طلب فيها إلزامه بأن يؤدي إليه تعويضاً مقداره 100.000 جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب التهمة المخلة بشرفه التي وجهت إليه، مما أدى إلى احتقاره بين أهله وذويه، وعجزه عن الإنفاق على أولاده وتعليمهم وتزويج إخوته، بعد أن صار مريضاً مكتئباً نفسياً، محروماً من مورد رزقه الوحيد واضطراره إلى بيع أثاث منزله ليؤدي منه أتعاباً لمحاميه.
وإذ قُضي برفض دعواه هذه، فقد طعن على حكمها أمام المحكمة الاستئنافية، ببني سويف (مأمورية المنيا) وقيد استئنافه أمامها برقم 681 لسنة 26 قضائية، حيث قُضي برفضه وبتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن جهة أخرى، كان المدعى عليه في النزاع الراهن، قد أقام الطعن التأديبي رقم 2 لسنة 10 قضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة. طالباً الحكم بإلغاء قرار فصله من الخدمة الصادر في 15/ 9/ 1975. وأداء راتبه إليه بدءاً من هذا التاريخ.
إلا أن هذه المحكمة أحالت هذا الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط لاختصاصها بنظره. وبعد أن أحيل إليها، قيد بجدولها تحت رقم 89 لسنة 3 قضائية، حيث قُضي بعدم قبوله شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه. وقد طعن المدعى عليه في حكمها هذا أمام المحكمة الإدارية العليا حيث قيد بجدولها تحت رقم 3261 لسنة 27 قضائية، ثم صدر حكمها فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط التي قضت بجلستها المعقودة في 17/ 12/ 1991 بإلغاء قرار الفصل بعد أن صدر فاقداً لركن السبب المشروع، وبرفض طلبه صرف راتبه إليه اعتباراً من تاريخ فصله، تأسيساً على أن مناط استحقاق الأجر هو أداء العمل.
وإذ لم يرتض المدعى عليه في النزاع الماثل هذا الحكم في الشق الخاص بمرتبه، فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد الطعن بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق بعد أن عَدَّل طلبه إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضده - المدعي في النزاع الماثل - بأن يؤدي إليه مبلغ 100000 جنيه تعويضاً عن حرمانه من مرتبه عن المدة من 1975 حتى 1992، ولجبر الأضرار التي أصابته هو وأسرته خلال المدة المذكورة، سواء أكانت هذه الأضرار أدبية أم مادية.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن بجلستها المعقودة في 20/ 8/ 1996 بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم منح الطاعن - المدعى عليه في النزاع الراهن - تعويضاً عن قرار فصله، والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن على سبيل التعويض أربعين ألفاً من الجنيهات.
وحيث إن رئيس المحكمة الدستورية العليا قرر بتاريخ 29/ 12/ 1996 - وأثناء نظره الشق المستعجل من النزاع إعمالاً لسلطته المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة 32 من قانون هذه المحكمة - رفض طلب المدعي وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 582 لسنة 38 ق. ع.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، بما مؤداه أن إعمال هذه المحكمة لولايتها في مجال فضها التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاًَ، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما؛ ثم من تناقض قضاءيهما بتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب هذا الموضوع. فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض - بداهة - إذا كان موضوعهما مختلفاً.
وحيث إن البين من مقارنة الحكمين النهائيين المدعي تناقضهما في النزاع الماثل، أنهما تناولا موضوعين مغايرين، ولا يتصور بالتالي أن يكونا قد تعامدا على محل واحد، أو فصلا فيه بقضاءين يتعذر تنفيذهما معاً.
ذلك أن دعوى التعويض التي أقامها المدعى عليه في النزاع الماثل أمام جهة القضاء المدني - والتي صدر برفضها، وبتأييد الحكم المطعون فيه، قضاء المحكمة الاستئنافية لبني سويف مأمورية المنيا في الطعن المقيد بجدولها برقم 681 لسنة 26 قضائية - كان موضوعها أن المستأنف عليهما الأول والثاني - وهما تابعان لبنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - كانا قد كلفا من النيابة العامة بفحص أعمال المدعى عليه، وأن ما انتهيا إليه كان سبباً لاتهامه بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، ثم إدانته جنائياً، وحرمانه من مورد الرزق الذي يعتمد عليه فضلاً عن تشريد عائلته. وقد خلص قضاء المحكمة الاستئنافية إلى أن دعواه هذه لا سند لها تأسيساً على أمرين: أولهما: أن الحكم الجنائي الذي أدان المدعى عليه خلا من كل شبهة تدل على أن المستأنف ضدهما الأول والثني استغلا وظيفتيهما فيما أدياه من أعمال الفحص، أو أنهما اعتمدا عليها لتسهيل ارتكابهما لعمل غير مشروع توخي الإضرار بالمدعى عليه. ثانيهما: انتفاء كل دليل بالأوراق على أن أغراضاً شخصية وجهتهما فيما باشراه من أعمال الفحص، التي كلفتهما النيابة العامة بها، أو أن سوء القصد قد خالطها، أو أنهما استهدفا بها مصلحة متبوعهما.
ولا كذلك موضوع الطعن الذي فصلت فيه المحكمة الإدارية العليا في حدود ولايتها، والمقيد بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق ع، ذلك أن حكمها فيه بني على أن قرار فصل المدعى عليه من الخدمة كان غير مشروع لصدوره مفتقداً إلى سبب صحيح يمكن أن يحمل عليه قانوناً؛ وأن البنك المطعون ضده، مسئول عن الأضرار التي ألحقها قرار الفصل بالمدعى عليه لتوافر أركان المسئولية التقصيرية في شأنه جميعها، والتي تتمثل في إصداره قراراً غير مشروع بالفصل، وفيما نجم عن هذا القرار من أضرار يبلورها حرمان المدعي من راتبه وغيره من المزايا الوظيفية طوال الفترة التي ظل مفصولاً فيها، فضلاً عن الإساءة إليه نفسياً واجتماعياً، وعجزه عن الإنفاق على أسرته، والحط من قدره أمام زملائه وعشيرته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان التناقض بين حكمين نهائيين بالمعنى المقصود في قانون المحكمة الدستورية العليا، يفترض وحدة الموضوع الذي فصلا فيه؛ وكان هذا الموضوع مختلفاً في النزاع الراهن على ما تقدم، فإن الطلب الماثل يكون غير مقبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن 14089 لسنة 83 ق جلسة 20 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 22 ص 146

جلسة 20 من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ سالم سرور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ زياد غازي، محمد جلال عبد العظيم، سامح إبراهيم وحسن إسماعيل نواب رئيس المحكمة.
---------------

(22)
الطعن رقم 14089 لسنة 83 القضائية

(1) قانون "القانون واجب التطبيق".
عدم جواز الرجوع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات".
لمحكمة الموضوع سلطة في تقدير طريق الإثبات الذي تأمر به وفي الأخذ بنتيجته من عدمه.
شرطه. ألا يكون المشرع قد أوجب طريقا معينا للإثبات لا يقبل غيره. عدم جواز التعويل على دليل آخر خلاف ما حدده القانون.
(3 ، 4) سجل عيني: القيد في السجل العيني: أثره".
(3) إثبات ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العيني. لازمه. تقديم صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادة المستخرجة من السجل. مبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني. مقصوده. كل ما هو مقيد فيه حقيقة بالنسبة للغير. م 48 ق 142 لسنة 1964 بشأن نظام السجل العيني.
(4) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى ثبوت ملكية المطعون ضده لأعيان التداعي مستندا إلى شرائه لها من المالكة الأصلية بموجب عقد قضى بصحته ونفاذه وتقرير خبير الدعوى وقضاؤه بطرد الطاعن منها. عدم استناده في بحث أصل الملكية إلى صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادة المستخرجة من السجل العيني رغم خضوع الأرض لذلك النظام ورفضه دفاعهم بتملك مورثهم لها بوضع اليد المدة الطويلة مغفلا شهادتي قيود السجل العيني. خطأ وقصور. علة ذلك.

--------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه مع قيام القانون الخاص، لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام، فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان الأصل أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير طريق الإثبات الذي تأمر به، فتأخذ بنتيجته أو لا تأخذ بها، وأن تكون عقيدتها مما أمرت به من إجراء أو غيره مما في الدعوى من القرائن والمستندات، إلا أن ذلك مشروط ألا يكون المشرع قد أوجب طريق معين في الإثبات لا يقبل غيره في مقام التدليل على الواقعة القانونية أو التصرف محل الإثبات، فلا يجوز التعويل في هذا المقام على دليل آخر خلاف ما حدده القانون.

3 - مفاد النص في المادة 48 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن نظام السجل العيني أن المشرع أوجب في إثبات أصل ملكية العقارات الخاضعة لذلك النظام تقديم صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني، إذ إنه أخذ في هذا القانون بمبدأ القوة المطلقة للقيد في هذا السجل، ويمثل المبدأ حجر الزاوية لهذا النظام، وبما يعني أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو حقيقة بالنسبة للغير.

4 - إذ كان الحكم المطعون فيه - والمؤيد للحكم الابتدائي - قد انتهى في أسبابه إلى ثبوت ملكية المطعون ضده الأول للأرض والمحل موضوع الدعوى استنادا إلى شرائه لهما من المالكة الأصلية - المطعون ضدها الثانية - بموجب عقد مؤرخ 5/ 3/ 2007 والمقضي بصحته ونفاذه بالدعوى رقم ... لسنة 2007 مدني جزئي كوم أمبو أخدا من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والشهادة الصادرة من مديرية المساحة بأسوان، ورتب على ذلك قضاءه بطرد الطاعنين منها، ولم يستند في بحث إثبات أصل الملكية إلى طريق الإثبات الوحيد الذي حددته المادة 48 من قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 للأماكن الخاضعة لذلك النظام وهو صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني رغم تقديم الطاعنين شهادة تفيد خضوع القرية الواقع بها عقار التداعي لنظام السجل العيني، وكذا شهادتي القيود والمطابقة الخاصين به، ورفض دفاعهم بتملك مورثهم لعين التداعي بوضع اليد المدة الطويلة للملكية على ما أورده من أن شاهديهما قررا عدم علمهما بملكية مورثهم للأرض من عدمه، وعول في قضائه على شهادة المساحة رغم صدورها من جهة لم يختصها القانون سالف البيان بإصدارها، فإنه يكون قد أغفل دلالة شهادتي القيود والمطابقة سالفتي الذكر، وانتهى إلى استنتاج ينطوي على خروج على مدلولهما، فضلا عن التفاته عن طريق الإثبات الذي حدده المشرع لبحث أصل ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العيني، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنين بشأن ملكيتهم لعقار التداعي، ولا يصلح ردا عليه، مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسيب.

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين من الأول للخامس والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2007 محكمة أسوان الابتدائية - مأمورية كوم أمبو - بطلب الحكم بطرد الطاعنين من الأرض والمحل المبينين بصحيفة الدعوى مع التسليم، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد بيع مؤرخ 5/ 3/ 2007 أشترى من المطعون ضده الثاني الأرض والمحل سالفي البيان، وأوفى كامل ثمنهما للأخير، إلا أن الطاعنين الخمسة الأول تعرضوا له في وضع يده عليها فقد أقام الدعوى. أدخل الطاعنون المذكورون المطعون ضدها السادسة خصما في الدعوى بصفتها الحائزة لعقار النزاع. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت بالطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 28 ق قنا "مأمورية أسوان". أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع شهود الطرفين قضت بتاريخ 28/ 5/ 2013 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن المادة 48 من قانون نظام السجل العيني رقم 42 لسنة 1964 قصرت إثبات أصل ملكية العقارات الخاضعة لذلك النظام على صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة فيه، وكان العقار موضوع الدعوى يقع ضمن الأماكن الخاضعة لنظام السجل العيني، إلا أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه في شأن إثبات ملكية المطعون ضدها لعقار التداعي إلى أدلة إثبات أخرى مخالفة للأدلة التي حددها القانون، حيث أخد بتقرير الخبير الذي عول في ملكية المطعون ضده الأول على عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5/ 3/ 2007 الصادر له من الشركة المطعون ضدها الثانية وأغفل الثابت بشهادتي القيود والمطابقة الصادرتين من إدارة السجل العيني بأسوان الثابت منها عدم ملكية الشركة الأخيرة لعقار التداعي، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه مع قيام القانون الخاص، لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام، فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون، وأنه ولئن كان الأصل أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير طريق الإثبات الذي تأمر به فتأخذ بنتيجته أو لا تأخذ بها، وأن تكون عقيدتها مما أمرت به من إجراء أو غيره مما في الدعوى من القرائن والمستندات، إلا أن ذلك مشروط ألا يكون المشرع قد أوجب طريق معين في الإثبات لا يقبل غيره في مقام التدليل على الواقعة القانونية أو التصرف محل الإثبات، فلا يجوز التعويل في هذا المقام على دليل آخر خلاف ما حدده القانون، وأن النص في المادة 48 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن نظام السجل العيني "لا يقبل في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني سوى صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني". مفاده أن المشرع أوجب في إثبات أصل ملكية العقارات الخاضعة لذلك النظام تقديم صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني، إذ إنه أخذ في هذا القانون بمبدأ القوة المطلقة للقيد في هذا السجل ويمثل المبدأ حجر الزاوية لهذا النظام، وبما يعني أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو حقيقة بالنسبة للغير.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - والمؤيد للحكم الابتدائي - قد انتهى في أسبابه إلى ثبوت ملكية المطعون ضده الأول للأرض والمحل موضوع الدعوى استنادا إلى شرائه لهما من المالكة الأصلية - المطعون ضدها الثانية - بموجب عقد مؤرخ 5/ 3/ 2007 والمقضي بصحته ونفاذه بالدعوى رقم ... لسنة 2007 مدني جزئي کوم أمبو أخدا من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والشهادة الصادرة من مديرية المساحة بأسوان، ورتب على ذلك قضاءه بطرد الطاعنين منها، ولم يستند في بحث إثبات أصل الملكية إلى طريق الإثبات الوحيد الذي حددته المادة 48 من قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 للأماكن الخاضعة لذلك النظام وهو صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني رغم تقديم الطاعنين شهادة تفيد خضوع القرية الواقع بها عقار التداعي لنظام السجل العيني، وكذا شهادتي القيود والمطابقة الخاصين به ورفض دفاعهم بتملك مورثهم لعين التداعي بوضع اليد المدة الطويلة للملكية على ما أورده من أن شاهديهم قررا عدم علمهما بملكية مورثهم للأرض من عدمه، وعول في قضائه على شهادة المساحة رغم صدورها من جهة لم يختصها القانون سالف البيان بإصدارها، فإنه يكون قد أغفل دلالة شهادتي القيود والمطابقة سالفتي الذكر وانتهى إلى استنتاج ينطوي على خروج على مدلولهما، فضلا عن التفاته عن طريق الإثبات الذي حدده المشرع لبحث أصل ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العيني، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنين بشأن ملكيتهم لعقار التداعي، ولا يصلح ردا عليه مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبب بما يوجب نقضه.

الطعن 11492 لسنة 75 ق جلسة 19 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 21 ص 141

جلسة 19 من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفي، رفعت هيبة وأحمد فاروق عبد الرحمن رئيس المحكمة.
--------------

(21)
الطعن رقم 11492 لسنة 75 القضائية

(1 ، 2) بيع "التزامات البائع: الالتزام بنقل الملكية" "التزامات المشتري: الوفاء بالثمن".
(1) الأصل. التزام المشتري باتخاذ إجراءات التسجيل وتحمل الرسوم ونفقاته والتزام البائع بما هو ضروري لتيسير نقل الملكية ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف ذلك. م 428 ، 46 مدني.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بأن التزام المطعون ضدها بالوفاء بباقي الثمن لم يحل أجله إلا بعد تنفيذ الطاعن بالتزامه بتسجيل حصتها من أرض النزاع استنادا إلى عقد البيع المبرم بينهما رغم خلوه مما يفيد ذلك والتفاته عن دفاع الطاعن من عدم تقصيره في تنفيذ التزامه بنقل الملكية وما قدمه من مستندات تفيد براءة ذمته من ذلك الالتزام. فساد وخطأ.

--------------

1 - مؤدى نص المادتين 428، 462 مدني أنه إذا لم يتفق المتعاقدان على تعيين من يقوم منهما باتخاذ إجراءات التسجيل ويتحمل الرسوم المستحقة عليه ونفقاته، فإن الأصل هو التزام المشتري بالقيام بجميع إجراءات التسجيل بما فيها إعداد العقد النهائي ومباشرة إجراءات المساحة وغير ذلك من الإجراءات اللازمة للتسجيل وتحصيل رسوم ومصروفات هذا التسجيل ويلتزم البائع بما هو ضروري لتيسير نقل الملكية كتقديم المستندات التي تتصل به اللازمة لإتمام إجراءات التسجيل والتصديق على توقيعه على البيع.

2 - إذ كان النص إلى البند الثالث من عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1991 المبرم بين الطرفين على أن الباقي من الثمن ومقداره ... جنيه يدفع عند الانتهاء من تسجيل حصة الأرض الخاصة بالوحدات المبيعة، لا يفيد صراحة أو ضمنا اتفاق المتعاقدين على أن يقوم البائع - الطاعن - بإجراءات التسجيل أو تحمل تكاليفه، فإن القيام بهذه الإجراءات وما تطلبه من نفقات يقع على عاتق المشترية - المطعون ضدها -، وإذ فسر الحكم المطعون فيه عبارات ذلك البند بأنها تضع على عاتق الطاعن التزام القيام بإجراءات التسجيل، ورتب على ذلك عدم حلول أجل استحقاق الباقي من الثمن إلا بعد تنفيذ هذا الالتزام، فإنه يكون قد خرج في تفسيره لذلك البند عما تحتمله عباراته وجاوز المعنى الظاهر لها، وإذ لم تدع المطعون ضدها اتخاذ إجراءات التسجيل، وخلت الأوراق من دليل على تقصير الطاعن في الوفاء بما يفرضه عليه القانون من التزامات بنقل الملكية وتيسير انتقالها إليها متدارج عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1991 حتى تاريخ تحرير عقد جديد بتاريخ 18/ 1/ 1996 بين المدعى العام الاشتراكي البائع له والمطعون ضدها التي وقعت على هذا العقد بصفتها مشترية منه مباشرة لحصتها من أرض النزاع، وكان توقيع المطعون ضدها على ذلك العقد باعتبارها مشترية من البائع للطاعن يجعله بمثابة اتفاق مباشر بين المطعون ضدها كدائن بالتزام نقل الملكية وبين المدعى العام الاشتراكي كمحال عليه حل بمقتضاه الأخير محل الطاعن المدين الأصلي في هذا الالتزام وفقا لنص المادة 321 من القانون المدني، وهو ما يترتب عليه براءة ذمة الطاعن المدين الأصلي من ذلك الالتزام من تاريخ إلزام العقد المؤرخ 18/ 1/ 1996، ومن ثم استحقاقه للباقي من الثمن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.

---------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن - بصفته - أقام الدعوى ... لسنة 2002 م. ك الإسكندرية بطلب الحكم بإلزام الجمعية المطعون ضدها أن تؤدي له مبلغ مقداره ... جنيها والتعويض ، وذلك على سند من أنه بموجب عقد مؤرخ 7/ 11/ 1991 باع الطاعن 48 وحدة سكنية - بمشروع ... - للجمعية المطعون ضدها التي تسلمت الوحدات وسددت 90% من الثمن الوارد بالعقد، إلا أنها توقفت عن سداد مبلغ ... جنيها يمثل 10% من الثمن ومبلغ ... جنيه قيمة إدخال بعض التعديلات لبعض الوحدات وذلك رغم المطالبات الودية، ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره قضت بإلزام الجمعية المطعون ضدها أن تؤدي له مبلغ ... جنيها والفوائد القانونية بحكم استأنفته المطعون ضدها برقم ... لسنة 60 ق الإسكندرية، وبتاريخ 18/ 5/ 2005 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ غرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه على أن التزام المطعون ضدها بالوفاء بباقي الثمن لا يحل أجله إلا بعد تنفيذ الطاعن التزامه بتسجيل حصتها من أرض النزاع وفقا للبند الثالث من عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1991 المبرم بينهما، في حين أن هذا البند خلا مما يفيد التزامه بالقيام بإجراءات التسجيل التي يقع على المطعون ضدها عبء اتخاذها ، ودون أن يعرض الحكم لما تمسك في دفاعه من أنه لم يقصر في تنفيذ التزامه بنقل الملكية، ودلل على ذلك بتحرير عقد جديد بتاريخ 18/ 1/ 1996 بين المدعي العام الاشتراكي البائع له والمطعون ضدها ووقعت عليه باعتبارها مشتريه منه مباشرة الحصة المبيعة، كما تمسك بأنه قدم للمطعون ضدها جميع المستندات اللازمة لنقل الملكية، إلا أن الحكم أغفل الرد على دفاعه المتقدم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 428 من القانون المدني على أنه "يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري وأن يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلا أو عسيرا ". وفي المادة 462 منه على أن "نفقات عقد البيع ورسوم "الدمغة" والتسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك". يدل على أنه إذا لم يتفق المتعاقدان على تعيين من يقوم منهما باتخاذ إجراءات التسجيل ويتحمل الرسوم المستحقة عليه ونفقاته، فإن الأصل هو التزام المشتري بالقيام بجميع إجراءات التسجيل بما فيها إعداد العقد النهائي ومباشرة إجراءات المساحة وغير ذلك من الإجراءات اللازمة للتسجيل وتحمل رسوم ومصروفات هذا التسجيل ويلتزم البائع بما هو ضروري لتيسير نقل الملكية كتقديم المستندات التي تتصل به اللازمة لإتمام إجراءات التسجيل والتصديق على توقيعه على البيع . لما كان ذلك، وكان النص في البند الثالث من عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1991 المبرم بين الطرفين على أن الباقي من الثمن ومقداره ... جنيها يدفع عند الانتهاء من تسجيل حصة الأرض الخاصة بالوحدات المبيعة، لا يفيد صراحة أو ضمنا اتفاق المتعاقدين على أن يقوم البائع - الطاعن - بإجراءات التسجيل أو تحمل تكاليفه فإن القيام بهذه الإجراءات وما تتطلبه من نفقات يقع على عاتق المشترية - المطعون ضدها -، وإذ فسر الحكم المطعون فيه عبارات ذلك البند بأنها تضع على عاتق الطاعن التزام بالقيام بإجراءات التسجيل ورتب على ذلك عدم حلول أجل استحقاق الباقي من الثمن إلا بعد تنفيذ هذا الالتزام، فإنه يكون قد خرج في تفسيره لذلك البند عما تحتمله عباراته وجاوز المعنى الظاهر لها، وإذ لم تدع المطعون ضدها اتخاذ إجراءات التسجيل وخلت الأوراق من دليل على تقصير الطاعن في الوفاء بما يفرضه عليه القانون من التزامات بنقل الملكية وتيسير انتقالها إليها منذ إبرام عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1991 حتى تاريخ تحرير عقد جديد بتاريخ 18/ 1/ 1996 بين المدعي العام الاشتراكي البائع له والمطعون ضدها التي وقعت على هذا العقد بصفتها مشترية منه مباشرة لحصتها من أرض النزاع، وكان توقيع المطعون ضدها على ذلك العقد باعتبارها مشترية من البائع للطاعن يجعله بمثابة اتفاق مباشر بين المطعون ضدها كدائن بالتزام نقل الملكية وبين المدعي العام الاشتراكي كمحال عليه حل بمقتضاه الأخير محل الطاعن المدين الأصلي في هذا الالتزام وفقا لنص المادة 321 من القانون المدني ، وهو ما يترتب عليه براءة ذمة الطاعن المدين الأصلي من ذلك الالتزام من تاريخ إبرام العقد المؤرخ 18/ 1/ 1996، ومن ثم استحقاقه للباقي من الثمن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 31414 لسنة 86 ق جلسة 22 / 5 / 2017 مكتب فني 68 ق 46 ص 392

جلسة 22 من مايو سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفى كمال ، مهاد خليفة ، أيمن الصاوي ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة .
-------------

(46)

الطعن رقم 31414 لسنة 86 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات . مناط تحققها ؟

تدليل سائغ لتوافر جريمة الاختلاس .

(2) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

تقدير القوة التدليلية لآراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على الطعون الموجهة إليها . حد ذلك ؟

(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات . موضوعي . للمحكمة التعويل عليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .

(4) اختلاس أموال أميرية .

الأمناء على الودائع : كل شخص من ذوي الصفة العمومية ائتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال . لا يشترط أن تكون وظيفته حفظ الأمانات والودائع . كفاية أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري .

(5) دفوع " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكابها . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة من المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض.

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . غير جائز .

(7) اختلاس أموال أميرية . دعوى جنائية " انقضاؤها بالتصالح " .

المادة 18 مكرراً/ب إجراءات جنائية . مفادها ؟

لا أثر لتصالح الطاعنين مع الشركة المجني عليها وسدادهما للمبلغ محل الاختلاس . ما دام لم يستوفيا كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون عقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوى في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً ، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفى كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعنان للبضائع التي أشار إليها في مدوناته ، وعلى توافر جريمة اختلاس تلك البضائع في حقهما بركنيها المادي والمعنوي ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .

2- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنه لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاءت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه .

3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الامر فيها لمحكمة الموضوع والتي لها متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .

4- من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوى الصفة العمومية ائتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفى أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري ، وكان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعنان من أنهما ليسا من الأمناء على الودائع واطرحه استناداً إلى القرار الإداري المؤرخ .... الثابت به أن الطاعن الأول يشغل وظيفة مدير المعرض والثاني مساعداً له ، فإن الحكم إذ اعتبرهما من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن غير سديد .

5- من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ـــ في الأصل رداً ـــ طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليه ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنهما أنه اطرحها ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعنين بانتفاء سيطرتهما الكاملة على مخزن الشركة ووقوع سرقة به وعدم إجراء جرد فعلى ورد الحكم على ذلك الدفاع بقول سائغ في اطراحه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

6- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبا من المحكمة سماع شهود ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.

7- لما كانت المادة 18 مكرراً (ب) قد نصت على أنه : " يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي .... " ومفاد ذلك النص أنه يشترط للقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح أن يكون التصالح بناء على تسوية تمت بمعرفة لجنة من الخبراء مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء ، وأن يحرر محضر بذلك يوقعه جميع الأطراف وأن يعرض ذلك المحضر على مجلس الوزراء لاعتماده ، ويكون ذلك الاعتماد شرطاً لنفاذ ذلك التصالح ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محامياً عن الشركة المجنى عليها قد مثل وقرر بتصالح الشركة مع الطاعنين وأنهما قاما بسداد المبلغ محل الاختلاس ، فإن ذلك التصالح لا يكون له من أثر لعدم استيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً على نحو ما سلف بيانه ، مما يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :

- بصفتهما موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع - الأول مدير معرض .... التابع لشركة .... والثاني مساعد مدير هذا المعرض - اختلسا بضائع " .... " والبالغ قيمتها .... جنيه والمملوكة لجهة عملهما والتي وجدت في حيازتهما بسبب وظيفتهما .

- بصفتهما سالفة الذكر حصلا لنفسيهما دون وجه حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفتهما بأن ارتكبا الجريمة الموصوفة بالبند (1) على النحو المبين بالتحقيقات .

- بصفتهما سالفة الذكر أضرا عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعملان بها بأن ارتكبا الجريمتين الموصوفتين بالبندين (1، 2) مما ترتب عليه إلحاق ضرراً جسيماً بتلك الجهة بلغ قدره .... جنيه قيمة البضائع المختلسة على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/1 ، 2 بند أ ، 115 ، 116 مكرراً/1 ، 118 ، 118 مكرراً ، 119/ز ، 119مكرراً /ه من قانون العقوبات مع إعمال نص المادتين 17 ، 32/2 من ذات القانون ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما بالتضامن مبلغ قدره .... وعزلهما من وظيفتهما .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الاختلاس حال كونهما من الأمناء على الودائع والتربح والإضرار العمدي شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه لم يدلل على توافر الركن المادي لجريمة الاختلاس في حقهما تدليلاً سائغاً ، وأن تقرير لجنة الجرد وإن انتهى إلى وجود عجز إلا أنه ليس دليلاً على اقترافهما لفعل الاختلاس ، وعول الحكم على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها مطرحاً دفعهما في هذا الشأن بما لا يسوغ اطراحه ، كما رد بما لا يصلح رداً على دفعهما بأنهما ليسا من أمناء الودائع ، ورغم أن الطاعنين دفعا بشيوع الاتهام وعدم ارتكابهما للواقعة وأن مرتكبها أحد عمال المعرض ويدعى .... الذي قام بسرقة البضائع محل الواقعة ، وأن الجرد كان مكتبياً لا فعلياً ، إلا أن المحكمة لم تعن بتحقيق ذلك الدفاع بسماع شهود نفى ، وأخيراً فإن الطاعنين قد تصالحا مع الشركة المجنى عليها وأقر وكيلها بالسداد والتخالص بما كان يوجب إعمال نص المادة 18 مكرر (ب) من قانون الإجراءات الجنائية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

    وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنان بها ، ودلل على ثبوتها في حقه بأدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون عقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوى في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً ، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفى كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعنان للبضائع التي أشار إليها في مدوناته ، وعلى توافر جريمة اختلاس تلك البضائع في حقهما بركنيها المادي والمعنوي ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاءت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع والتي لها متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوى الصفة العمومية ائتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفى أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري ، وكان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعنان من أنهما ليسا من الأمناء على الودائع واطرحه استناداً إلى القرار الإداري المؤرخ .... الثابت به أن الطاعن الأول يشغل وظيفة مدير المعرض والثاني مساعداً له ، فإن الحكم إذ اعتبرهما من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر ان الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة وان مرتكبها شخص آخر ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ـــ في الأصل رداً ـــ طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليه ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنهما أنه اطرحها ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعنين بانتفاء سيطرتهما الكاملة على مخزن الشركة ووقوع سرقة به وعدم إجراء جرد فعلى ورد الحكم على ذلك الدفاع بقول سائغ في اطراحه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبا من المحكمة سماع شهود ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . لما كان ذلك ، وكانت المادة 18 مكرراً (ب) قد نصت على أنه :" يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ...." ومفاد ذلك النص أنه يشترط للقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح أن يكون التصالح بناء على تسوية تمت بمعرفة لجنة من الخبراء مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء ، وأن يحرر محضر بذلك يوقعه جميع الأطراف وأن يعرض ذلك المحضر على مجلس الوزراء لاعتماده ، ويكون ذلك الاعتماد شرطاً لنفاذ ذلك التصالح ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محامياً عن الشركة المجنى عليها قد مثل وقرر بتصالح الشركة مع الطاعنين وأنهما قاما بسداد المبلغ محل الاختلاس ، فإن ذلك التصالح لا يكون له من أثر لعدم استيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً على نحو ما سلف بيانه ، مما يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ