الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 فبراير 2022

المذكرة الإيضاحية لقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض 57 لسنة 1959

المذكرة الإيضاحية
للقانون رقم 57 لسنة 1959

يتناول مشروع قانون السلطة القضائية - فيما يتناوله من أحكام - نظام محكمة النقض ويبسط اختصاصها بحيث يشمل كافة الطعون بالنقض في الأحكام التي تصدر من المحاكم الأخرى في إقليمي الجمهورية مما يقضى بطريق اللزوم - توحيد إجراءات الطعن وأحواله أمام هذه المحكمة.
ولما كانت حالات الطعن وإجراءاته إنما ترد بحسب الأصل في القوانين الخاصة بالمرافعات والإجراءات الجنائية إلا أنه نظرا لأن توحيد هذه القوانين لم يتم بعد فقد رؤى تحقيقا للمصلحة العامة التعجيل بوضع مشروع القانون الموافق عن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وفى المواد الجنائية مستهدفا معالجة كثير من العيوب التي دل عليها العمل في التشريعات الحالية.

قانون الإصدار

ومن أهم ما تناوله مشروع قانون الإصدار النص في المادة الرابعة على إبقاء العمل بالنصوص المتعلقة بالطعن بالنقض في المواد الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية بالإقليم السوري ومواد الأحوال الشخصية في كل من الإقليمين فيما عدا ما نص عليه في المادة الأولى.
وكذلك النص في المادة الخامسة على سريان النصوص السابقة بالنسبة للطعون المرفوعة أمام محكمة النقض أو محكمة التمييز عند العمل بهذا القانون رعاية لحقوق ثبتت أو مصالح جديرة بالاعتبار مع مراعاة أن هذا النص تضمن كذلك الأحكام الآتية:
أولا - أنه بالنسبة الى جميع الطعون المرفوعة في المواد المدنية والتجارية في الإقليم السوري وبالنسبة إلى بعض الطعون غير الجزائية في الإقليم المصري أوجبت المادة اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المواد من 9 - 17 فقرة أولى من هذا القانون وعرض تلك الطعون على دائرة فحص الطعون.
ثانيا - توجب المادة تحديد يوم من كل أسبوع لنظر الطعون الخاصة بالإقليم السوري.
ثالثا - ولما كانت المادة 307 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 77 لسنة 1949 تقضى بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها فقد رؤى عدم إجراء هذا الحكم بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل هذا القانون أو التي ترفع بعد العمل به أمام محكمة النقض.
قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
أولا - في الطعن بالنقض في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية:
ولما كان لا مبرر للتفرقة في إجراءات الطعن بالنقض بين المسائل المدنية والتجارية وبين مواد الأحوال الشخصية فقد توخى المشروع توحيد الإجراءات في هذه المسائل كلها سواء فيما يتعلق بإجراءات الطعن أو بميعاده وبدء جريانه أو بالإعلان أو تبادل المذكرات.
ولما كان الأصل أن الطعن بطريق النقض لا يرد إلا بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وفقا لحكم المادة الأولى من المشروع وأن الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية إنما أجيز استثناء على هذا الأصل فقد رؤى قصر هذا الاستثناء على الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم (المادة 2) وذلك نظرا لما لهذه الأحكام من خطر خصوصا وأن مجال عرضها على محكمة تنازع الاختصاص يتطلب صدور أحكام مناقضة لها من محكمة القضاء الإداري. وبهذا يكون المشروع قد منع الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في دعاوى الحيازة وفى مسائل الاختصاص بحسب نوع القضية والغرض من ذلك هو الحد من كثرة الطعون بالنقض خصوصا وأنه لم يعد لهذه الدعاوى من الأهمية والخطر ما يقتضى الإبقاء على فتح باب الطعن بالنقض في الأحكام التي تصدر فيها.
وخول المشروع دائرة فحص الطعون سلطة أوفى في طلبات وقف التنفيذ فأجيز لها كذلك أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا بشرط الإيداع إذا طلب ذلك في تقرير الطعن (المادة 4).
ولما كان المشروع قد راعى -على ما سبق بيانه - توحيد الإجراءات في المسائل المدنية والتجارية وفى مواد الأحوال الشخصية فان ميعاد الطعن المقرر في المادة 5 هو الميعاد المحدد للطعن في هذه المسائل جميعها لانعدام مبرر التفرقة بين مسائل الأحوال الشخصية وبين المواد المدنية والتجارية في هذا الميعاد لأن الطعن بالنقض في هذه المسائل كلها يحتاج ذات الوقت للبحث والدراسة قبل التقرير به.
كما نصت المادة 6 من المشروع على أن يكون بدء جريان ميعاد الطعن في جميع المسائل المذكورة على السواء من تاريخ الحكم الحضوري أو من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة إذا كان الحكم غيابيا وقابلا للمعارضة خلافا لما كان عليه الحال من قبل في المواد المدنية والتجارية باعتبار أن الطعن بالنقض هو طريق استثنائي لا مسوغ لإطالة أمده بتعليق بداية ميعاده على إعلان الحكم وهو إجراء زمامه في يد الخصوم.
وتضمن نص المادة 7 بعض الأحكام المستحدثة الآتية:
أولا - أجير حصول تقرير الطعن إما في قلم كتاب محكمة النقض وإما في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم على أن يقوم قلم الكتاب في هذه الحالة الأخيرة بإرسال جميع الأوراق الخاصة بالطعن إلى محكمة النقض في اليوم التالي للتقرير بالطعن. وقد روعي في ذلك التيسير على المتقاضين وهو إجراء مقرر بالنسبة للطعون الجنائية.
ثانيا - مما يوجبه هذا النص إلزام الطاعن بتقديم صورة الحكم المطعون فيه وصورة الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه ولم يرتب البطلان إلا عند عدم وجود هذه الأوراق بالملف وذلك لأنه وان كان تقديم الأوراق المذكورة تعتبر في حكم الإجراءات إلا أنه في حد ذاته يعد دليلا من أدلة الطعن أو إجراء مختلطا بالدليل فان وجدت تلك الأوراق في ملف الطعن لأى سبب كما في حالة ضم ملف المادة أو إذا كانت هذه الأوراق قد قدمت من المطعون عليه. في مثل هذه الأحوال لا يكون ثمة محل للحكم بالبطلان جزاء عدم تقديمها من الطاعن في الميعاد -أما إذا خلا الملف من هذه الأوراق تعين الحكم ببطلان الطعن.
ثالثا - اشترط في ضم ملف المادة أن يطلب الضم أحد الخصوم حتى نهاية الميعاد المحدد لتقديم مذكرة بدفاعه فللطاعن أن يطلبه حتى نهاية ميعاد مذكرته الشارحة وللمطعون عليه أن يطلبه حتى نهاية الميعاد المحدد لتقديم مذكرته وبهذا يكون قد وضع حد للطلب بتحديد ميعاده. والأمر في إجابة الطلب متروك لرئيس المحكمة عند الاقتضاء.
وتبين المادة 8 من المشروع مقدار كفالة الطعن في كل من الإقليمين وقد رؤى أن يتضمن النص الحكم الوارد في قانون الرسوم في المواد المدنية رقم 90 لسنة 1944 بشأن رسم الطعن مع رفع هذا الرسم إلى خمسة عشر جنيها في الإقليم المصري ومائة وعشرين ليرة سورية في الإقليم السوري.
ويراعى بالنسبة للمادة 11 أنها مستمدة من نص المادة 432 مكررا المضافة إلى قانون المرافعات بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والتي لم ينص فيها صراحة على البطلان في حالة عدم قيام الطاعن بإعلان الطعن في الميعاد إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الطعن في حين أن نص قانون المرافعات في هذا الخصوص (المادة 431) قبل تعديله بالقانون 401 لسنة 1955 كان ينص صراحة على البطلان - وقد رؤى إبقاء النص بوضعه الحالى بغير نص صريح على البطلان حتى يكون خاضعا لحكم الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون المرافعات وأخذا بقضاء محكمة النقض من أن المطعون عليه الذي وقع إعلانه باطلا إذا حضر وقدم مذكرته في الميعاد القانوني لا يصح له أن يتمسك ببطلان إعلانه إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به.
ومن الواضح أن نص المادة 11 يسرى بالنسبة للمواد المدنية والتجارية وكذلك بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية على السواء.
أما المادة 12 فهي تقرر فيما تضمنته فقرتها الأولى حكما جديدا مؤداه أنه يجوز للمدعى عليه في الطعن أن يتمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداءها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها والعلة في ذلك أنه قد يكون في الدفوع التي أبداها أمام محكمة الموضوع ورفضت ما يحسم النزاع ومن قبيل ذلك الدفع بعدم جواز الاستئناف أو بعدم قبول الدعوى أو بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها أو بعدم الاختصاص فأجيز للمدعى عليه في الطعن التمسك بها بشرط أن يكون ذلك في مذكرته. كما رؤى إيضاح عبارة الفقرة الثانية من المادة بما جرى به قضاء محكمة النقض من أن المقصود بالمستندات التي يقدمها الطاعن في الميعاد الثاني إنما هي المستندات التي تؤيد الرد لا الطعن.
ورغبة في التوفيق بين ما عليه الحال في الإقليمين بشأن المرافعة الشفوية أمام محكمة النقض فقد جعل المشروع هذه المرافعة جوازية للمحكمة إذا رأت ضرورة لها (المادتان 19 و20).
وقد تضمنت المادة 24 حكمين هامين أحدهما أن نقض الحكم المطعون فيه قد يكون لغير الخطأ في القانون ومع ذلك تكون القضية صالحة للحكم في الموضوع الذي قبل الطعن فيه ولا مبرر للإعادة، ومن قبيل ذلك نقض الحكم لمخالفته الثابت بالأوراق أو لإغفاله مستندا قاطعا في الدعوى فرؤى أن يعمم حكم الفقرة الأولى من المادة ولا يقصر على حالة نقض الحكم للخطأ في القانون كما عليه الحال في التشريع القائم. كما استحدث الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة وهى مستمدة من المادة 438 من قانون الإجراءات الجنائية إذ لا محل لإطالة إجراءات الفصل في الدعوى بإعادتها إلى محكمة الموضوع إذا طعن للمرة الثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى ففي هذه الحالة الأخيرة أوجب المشروع على محكمة النقض الفصل في الموضوع.
ولما كانت المادة 1025 من قانون المرافعات قد أجازت الطعن بالنقض في مسائل معينة من مواد الولاية على المال وأن المقصود بالقرارات الانتهائية الصادرة في هذه المسائل والتي يجوز الطعن فيها بالنقض والمشار إليها في المادة المذكورة إنما هي تلك التي تصدر من ذات المحاكم المبينة أنواعها فيما أورده المشرع من أحكام عامة عن الطعن بالنقض ومن ذلك ما نصت عليه المادتان 1 و2 من المشروع من قواعد عامة للطعن بالنقض في أحكام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية فرؤى وضع نص المادة 29 من المشروع حتى يكون واضحا أن القواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا الباب هي الواجبة الاتباع أيضا في الحالات التي يجوز فيها الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية.

ثانيا - في الطعن في المواد الجنائية.
لما كان نص المادة 30 من المشروع مستمدا من المادة 420 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي فقد رؤي إيراد الفقرة الثانية من المادة بعد سرد حالات الطعن وهى تفيد قصر الطعن بالنقض من المدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها على حقوقهما المدنية وحدها مما اقتضى استبعاد عبارة فيما يختص بحقوقهم فقط التي كانت واردة في صدر المادة 420 لأن وجودها كان يخلق لبسا إذ المقصود هو انعطاف هذه العبارة على حقوق كل من المسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها دون غيرهما من الخصوم.
وتنص المادة 34 على ميعاد الطعن بحيث أصبح أربعين يوما بدلا من ثماني عشرة يوما كما تنص على بداية جريان هذا الميعاد من تاريخ الحكم الحضوري أو من تاريخ انقضاء المعارضة أو من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة ومن الواضح أن الحكم الصادر في المعارضة ينطوي تحته كل حكم صادر فيها سواء بعدم قبولها شكلا أو بعدم جوازها أو باعتبارها كأن لم تكن أو في موضوع المعارضة ذاته.
ومن الواضح كذلك أن تجاوز الميعاد القانوني سواء في التقرير بالطعن أو في إيداع الأسباب يترتب عليه عدم قبول الطعن لا سقوطه. ويراعى كذلك أنه أستحدث في النص فقرتان جديدتان توجبان أن يكون التوقيع على أسباب الطعن بالنسبة إلى النيابة العامة من رئيس نيابة على الأقل وبالنسبة إلى غيرها من الخصوم من محام مقبول أمام محكمة النقض. والعلة في ذلك هي حصر الطعون في نطاق لا يدخله إلا ذوو التجربة والمران وإغلاقه في وجه غيرهم تحقيقا للصالح العام وتوفيرا للجدية في هذه الطعون.
وقد رفع المشروع مبلغ الكفالة إلى خمسة وعشرين جنيها في الإقليم المصري وجعله مائتي ليرة سورية في الإقليم السوري (المادة 36) وذلك تمشيا مع مبلغ الكفالة المقرر للطعون المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وحدا من الطعون حتى لا يكون هناك إسراف برفع طعون غير جدية في القضايا قليلة الأهمية. وبديهي أن المكلف بأداء الكفالة إنما هو الطاعن إذا لم يكن الطعن مقدما من النيابة أو من المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية.
ورؤى أن تكون المصادرة وجوبية جزاء الحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه او بعدم جوازه أو بسقوطه وعدم قصرها على حالتي عدم قبول الطعن أو رفضه. كما رؤى النص على جواز الحكم في مواد الجنح بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين جنيها على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يقبل طعنه أو قضى برفضه أو بعدم جوازه أو بسقوطه وبذلك يكون للمحكمة سلطة تقدير الغرامة التي ترى الحكم بها في هذه الحالة مع تحديد الحد الأقصى لها دون حدها الأدنى.
ويراعى أن الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 8 من المشروع بشأن مقدار الرسم الثابت للطعن في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية يسرى كذلك بالنسبة للطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية الملحقة بالدعوى الجنائية وذلك بالتطبيق لحكم المادة 18 من قانون الرسوم في المواد الجنائية رقم 93 لسنة 1944
أما المرافعة الشفوية فهي جوازية للمحكمة إذا رأت لزوما لها (المادة 37).
ونص المادة 39 يرتب الحكم بعدم قبول الطعن في حالة تقديمه أو تقديم أسبابه بعد الميعاد ولم يتضمن النص حالة الأسباب غير المقبولة التي وردت في التشريع القائم لأن أتصال الطعن بالموضوع لا يؤدى إلى عدم قبوله بل إلى رفضه نظرا لعدم توافر احدى الحالات المنصوص عليها في المادة 30
وتضمنت المادة 41 فيما تضمنته من أحكام إجازة أخلاء سبيل المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية على النحو الوارد بالمادة.
وأوردت المادة 44 فيما تضمنته حكما جديدا بشأن التزام محكمة الموضوع في جميع الأحوال باتباع المبادئ القانونية التي تقررها الهيئة العامة للمواد الجزائية بمحكمة النقض.
ولما كان العمل قد تكشف عن عدم تطبيق حكم المادة 439 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي فقد وضع نص المادة 46 من المشروع طبقا لمراد الشارع على الوجه الذي يحقق المصلحة العامة فأصبح واجبا على النيابة العامة أن تعرض القضايا المحكوم فيها حضوريا بالإعدام على محكمة النقض على النحو المبين في المادة وذلك بدلا مما كانت تقضى به المادة 439 سابقة الذكر من إسناد ذلك إلى المحامين الذين يحضرون مع المحكوم عليهم بالإعدام أمام محكمة الجنايات.
وقد رؤى إلغاء ما تقرره المادة 440 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي للنائب العام من حق في طلب إلغاء الأحكام أو القرارات الخارجة عن سلطة الهيئة القضائية التي أصدرتها وذلك اكتفاء بما تقرر بشأن مد الميعاد العادي للطعن بالنقض إلى أربعين يوما وهذا الميعاد يجاوز الميعاد الوارد بالمادة 440 إجراءات والذى رآه التشريع الحالي كافيا لتصحيح الأخطاء المشار إليها في هذه المادة.
وتتشرف وزارة العدل بعرض مشروع القانون المرافق على السيد رئيس الجمهورية مفرغا في الصيغة التي أقرها مجلس الدولة رجاء الموافقة عليه وإصداره،

وزير العدل               

الطعن 218 لسنة 27 ق جلسة 20 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 185 ص 1166

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي على، وحافظ بدوي.

-------------

(185)
الطعن رقم 218 لسنة 27 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". إعلان أوراق المحضرين. بطلان.
لم تنص المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 على البطلان جزاء مخالفة الإجراءات المبينة فيها كي يكون خاضعا لحكم المادة 25/ 2 من قانون المرافعات. متى حضر المطعون عليه الذي وقع إعلانه باطلا وقدم مذكرته في الميعاد القانوني فلا يصح له أن يتمسك بالبطلان إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به والضرر الذي لحقه من هذا البطلان. مثال.
(ب) تأمين "دعوى رجوع المؤمن على فاعل الضرر". التزام. "مصادر الالتزام". مسئولية "مسئولية عقدية". "مسئولية تقصيرية". دعوى. "الدفع بعدم قبول الدعوى".
خطأ الغير المسئول عن وقوع الحادث ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من الحادث إذ أن سببه هو عقد التأمين ذاته، الذي يقوم على أساس احتمال تحقق الخطر المؤمن منه في أي وقت وقد كان هذا الاحتمال محل اعتبار المؤمن عند التعاقد. ليس للمؤمن أن يدعى بأن ضررا قد حاق به من جراء وفائه بمبلغ التأمين إذ أن هذا الوفاء من جانبه تنفيذ لالتزامه التعاقدي.
تأسيس الحكم حق شركة التأمين في الرجوع على المسئول عن الضرر بما دفعه للمؤمن له على أساس المسئولية التقصيرية وتوافر الرابطة السببية بين الضرر ووقوع الحادث وقضاؤه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى في هذه الحالة. مخالفة القانون.
(ج) تأمين. "دعوى رجوع المؤمن على فاعل الضرر". "أساسها". التزام "الوفاء مع الحلول". حوالة حق.
حق المؤمن في الرجوع على الغير المسئول عن الحادث لا يقوم على أساس الحلول. رجوع المؤمن على المدين بدعوى الحلول يقتضى أن يكون المؤمن قد وفى الدائن بالدين المترتب في ذمة المدين لا بدين في ذمته هو. وفاء شركة التأمين بمبلغ التأمين يستند إلى الالتزام المترتب في ذمتها للمؤمن له بموجب عقد التأمين.

---------------
1 - تعمد المشرع عدم النص صراحة في المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - على ما يبين من مذكرته الإيضاحية - على البطلان جزاء مخالفة الإجراءات المبينة فيها وذلك كي يكون خاضعا لحكم الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون المرافعات، ومن ثم استقر قضاء محكمة النقض على أنه إذا كان المطعون عليه الذي وقع إعلانه باطلا، قد حضر وقدم مذكرته في الميعاد القانوني فلا يصح له أن يتمسك بالبطلان إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به. فإذا كان الثابت من ورقة إعلان الطعن أن الإعلان قد تم في الميعاد القانوني إلى مدير الشركة المطعون عليها وقد سلمت صورته في مركز إدارتها إلى محامى إدارة القضايا التي لها صفة في النيابة عنها في تسلم الإعلانات الخاصة بها، وكانت الشركة المطعون عليها قد قدمت مذكرتها في الميعاد القانوني ولم تبين وجه مصلحتها في التمسك ببطلان الإعلان - بفرض تحققه - ولم يثبت من جهة أخرى أن ضررا قد لحقها من هذا البطلان المدعى بوقوعه فإنه يتعين رفض الدفع المبدى من هذه الشركة بعدم قبول الطعن لبطلان الإعلان.
2 - خطأ الغير المسئول عن وقوع الحادث ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من هذا الحادث، وإنما سبب هذا الالتزام هو عقد التأمين ذاته فلولا قيام ذلك العقد لما التزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين رغم وقوع الحادث. وينبني على ذلك أنه ليس للمؤمن أن يدعى بأن ضررا قد حاق به من جراء وفائه بمبلغ التأمين إذ أن هذا الوفاء من جانبه لم يكن إلا تنفيذا لالتزامه التعاقدي تجاه المؤمن له مقابل الأقساط التي يؤديها له الأخير، وتنفيذ الالتزام لا يصح اعتباره ضررا لحق بالملتزم، وإذا كان الحادث الذي تسبب الغير في وقوعه هو الذي يجعل مبلغ التأمين مستحقا فإن عقد التأمين يقوم على أساس احتمال تحقق الخطر المؤمن منه في أى وقت وقد كان هذا الاحتمال محل اعتبار المؤمن عند التعاقد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مؤسسا حق شركة التأمين في الرجوع على المسئول عن الضرر بما دفعته للمؤمن له على أساس من المسئولية التقصيرية وتوافر رابطة السببية بين الضرر ووقوع الحادث، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
3 - لا محل لتأسيس حق الشركة المؤمنة في الرجوع على الغير المسئول عن الحادث على أساس الحلول ذلك أن رجوع المؤمن على المدين بدعوى الحلول يقتضى أن يكون المؤمن قد وفى الدائن بالدين المترتب في ذمة المدين لا بدين في ذمته هو مما لا يتحقق بالنسبة لشركة التأمين إذ أن وفاءها بمبلغ التأمين يستند إلى الالتزام المترتب في ذمتها للمؤمن له بموجب عقد التأمين(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه في 16 من يوليه سنة 1946 أقامت شركة مصر للتأمين (المطعون عليها) الدعوى رقم 887 سنة 1946 تجارى كلى القاهرة ضد مصلحة السكة الحديدية (الطاعنة) وطلبت فيها إلزام الأخيرة بأن تدفع لها مبلغ 9676 ج و405 م والمصاريف والأتعاب وذكرت بيانا لدعواها أنه في يوم 21 من يناير سنة 1946 شبت النار في أقطان مملوكة لبنك مصر ومؤمن عليها لديها وذلك أثناء نقلها في قطار البضاعة رقم 495 عند اقترابه من محطة بوش وأتى الحريق على جزء من هذه الأقطان وأتلف جزء آخر وعمل عن هذا الحادث تحقيق قيد برقم 971 سنة 1946 جنح مركز بنى سويف وأنه نظرا لأن مصلحة السكة الحديدية ملزمة أصلا بتوصيل هذه الأقطان سليمة إلى الجهة المرسلة إليها ولأن الحريق قد حدث بإهمال موظفيها وقد قامت الشركة المدعية بدفع قيمة الأقطان التي احترقت والتي أتلفت إلى بنك مصر المؤمن له ولما كان يحق لها الرجوع على المصلحة بما دفعته للأخير فقد رفعت الدعوى ضدهما للمطالبة بهذا المبلغ واستندت إلى إقرار مؤرخ 5 أبريل سنة 1946 صادر إليها من بنك مصر يتضمن أنه قد قبض منها مبلغ 9633 ج و661 م قيمة التعويض المستحق له عن حادث الحريق سالف الذكر وإنه تنازل لها عن جميع حقوقه في مطالبة ومقاضاة أيا كان عن كل ما يتعلق بهذا الحادث. دفعت مصلحة السكة الحديدية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استنادا إلى إنه ليس للشركة المؤمنة أن ترجع على المسئول عن الحادث الذي يترتب عليه التزامها بدفع قيمة التأمين لأن قيامها بدفع هذا المبلغ كان تنفيذا لعقد التأمين المبرم بينها وبين المؤمن له الذي أصابه الضرر ولم يكن نتيجة مباشرة للفعل الضار وردت الشركة المطعون عليها على هذا الدفع بأنها بدفعها مبلغ التأمين لبنك مصر قد اكتسبت حق الحلول القانوني وفوق ذلك فإنه قد تم حلول اتفاقي بتنازل بنك مصر لها عن حقه في مطالبة المسئول عن الحادث. وبتاريخ 24 من مايو سنة 1948 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وحددت جلسة لنظر الموضوع وأقامت قضاءها بذلك على أنه وإن كانت نظرية الحلول بشطريها القانوني والاتفاقي لا تنطبق على هذه الحالة لعدم توافر شرائطهما القانونية كما إن التنازل الذي تستند إليه الشركة المدعية إن صح اعتباره حوالة حق فإن من شروط الحوالة في القانون المدني الأهلي القديم رضاء المدين بها كتابة وهو غير متحقق - إلا أن الرجوع إلى قواعد العدالة المنصوص عليها في المادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تقتضى اعتبار شرط التنازل عقدا من نوع خاص يجب احترامه وإعمال آثاره وفى الأخذ به مسايرة لما قررته التشريعات الأجنبية من حق للمؤمن في الرجوع على المسئول عن الضرر وافتتاحا لمجال النشاط لشركات التأمين وقد استأنف مصلحة السكة الحديدية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 222 سنة 65 ق وقضت تلك المحكمة في 5 يناير سنة 1950 بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها على أن للشركة المؤمنة أن ترجع على الغير المسئول عن وقوع الحادث الذي استحق بسببه مبلغ التأمين على أساس المسئولية التقصيرية وقالت إن الأساس الذي بنى عليه الحكم الابتدائي لا يمكن الأخذ به لأنه بفرض ان عقد التأمين والتنازل الحاصل بشأنه من المؤمن له يعتبران عقدا غير مسمى فان هذا التنازل لا يتعدى أثره الى غير عاقديه - كما نفى هذا الحكم إمكان تأسيس الرجوع على أساس الحلول الاتفاقي أو القانوني لعدم توافر شرائطهما القانونية أو على أساس الحوالة لعدم رضاء المدين بها بتاريخ 29 يناير سنة 1955 قضت محكمة القاهرة الابتدائية في الموضوع بالزام مصلحة السكة الحديدية (الطاعنة) بأن تدفع للمدعية (المطعون عليها) مبلغ 9633 ج و661 م والمصاريف المناسبة وثلاثين جنيها أتعابا للمحاماة. وقد استأنفت مصلحة السكة الحديدية هذا الحكم بالاستئناف رقم 351 سنة 72 ق القاهرة وبتاريخ 19 مارس سنة 1957 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 28 مايو سنة 1957 طعنت مصلحة السكة الحديدية بطريق النقض في هذا الحكم وفى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 5 يناير سنة 1950 برفض الدفع وبقبول الدعوى - وطلبت الطاعنة نقض هذين الحكمين والحكم أصليا بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطيا رفض الدعوى - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8 مارس سنة 1961 وصممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب نقض الحكمين المطعون فيهما وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 6 ديسمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليها دفعت في مذكرتها بعدم قبول الطعن شكلا لبطلان إعلان تقرير الطعن استنادا إلى (أولا) أن صورة الإعلان لم تسلم لأحد الأشخاص المبينين في المادة 14/ 4 من قانون المرافعات إذ أنه رغم توجيه إعلان تقرير الطعن إلى الدكتور محمد على عرفه بصفته الممثل القانوني للشركة المطعون عليها فان هذا الإعلان لم يسلم إليه شخصيا بل إلى أحد تابعيه من موظفي الشركة الذين لا يملكون النيابة عنه أو النيابة القانونية عن الشركة ثانيا أن المحضر لم يثبت في ورقة الإعلان عدم وجود المطلوب إعلانه حتى كان يجوز له أن يسلم الصورة إلى شخص آخر ينوب عنه قانونا (ثالثا) أنه بفرض جواز تسليم صورة الإعلان إلى شخص آخر غير الموجه إليه الطعن ومع التسليم بصحة الإعلان رغم عدم إثبات المحضر تعذر إعلان الموجه إليه الطعن فان القانون يستلزم على الأقل أن يثبت المحضر صفة من استلم الصورة وأنه نائب عن الأصيل وقد خلت ورقة إعلان الطعن من هذا البيان.
وحيث إن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 57 لسنة 1959 في تعليقها على المادة 11 منه التي تحكم إعلان الطعن قد صرحت بأن المشرع قد تعمد عدم النص صراحة في هذه المادة على البطلان جزاء على مخالفة الإجراءات المبينة فيها حتى يكون خاضعا لحكم الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون المرافعات وأخذا بقضاء محكمة النقض من أن المطعون عليه الذي وقع إعلانه باطلا إذا حضر وقدم مذكرته في الميعاد القانوني لا يصح له أن يتمسك ببطلان إعلانه إلا إذا بين وجه مصلحته في التمسك به - ولما كان يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن الإعلان تم في الميعاد القانوني وأنه وجه إلى الأستاذ محمد على عرفه مدير الشركة المطعون عليها وقد سلمت الصورة في مركز إدارتها للأستاذ فخرى عبود المحامي بإدارة قضاياها التي لها صفة النيابة عنها في تسلم الإعلانات الخاصة بها وكانت الشركة المطعون عليها قد قدمت مذكرتها في الميعاد القانوني ولم تبين وجه مصلحتها في التمسك ببطلان الإعلان بفرض تحقق البطلان الذي تدعيه ومن جهة أخرى فلم يثبت أن ضررا ما قد لحقها من هذا البطلان فانه يتعين رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 5 من يناير سنة 1950 والذى قضى برفض الدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى أنه خالف القانون ذلك أنه أقام قضاءه على ما قرره من قيام رابطة سببية بين واقعة الحريق وبين الضرر الذي حاق بالشركة المطعون ضدها والذى يتمثل في رأى الحكم في دفع هذه الشركة مبلغ التأمين للبنك المؤمن له ورتب على ذلك إمكان رجوع شركة التأمين المطعون عليهما على الطاعنة باعتبارها مسئولة عن الحريق لمطالبتها بهذا المبلغ - وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على تكييف خاطئ لعلاقة السببية ذلك أن هذه العلاقة تقتضى وجود رابطة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه المسئول وبين الضرر الذي أصاب المضرور وفى الدعوى المطروحة لم يكن أداء الشركة المطعون عليها مبلغ التأمين للبنك المؤمن له نتيجة حتمية للحريق وإنما كان تنفيذا لعقد التأمين المبرم بينها وبين هذا البنك بحيث لو لم يكن هذا العقد قائما لما دفعت الشركة المبلغ الذي دفعته - ولو كان صحيحا ما ذهب إليه الحكم من قيام رابطة سببية بين الحريق وبين أدائها المبلغ المذكور لما لجأت هذه الشركة إلى أن تحصل من البنك المؤمن له على عقد حوالة يبيح لها الحلول في مقاضاة من عساهم يكونون مسئولين عن حريق الأقطان ولما رفعت الدعوى استنادا إلى هذه الحوالة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن حكم 5 يناير سنة 1950 الذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى أقام قضاءه على قوله في أسبابه "وحيث إن رفع الشركة المدعية (المطعون عليها) دعواها لما أصابها من الضرر إنما بنى على أساس تراه هذه المحكمة أساسا سليما مبناه حصول ضرر تربطه علاقة السببية بحصول الحادث إذ لولا الحادث لما دفعت الشركة المؤمنة قيمة التأمين وكما قال العلامة جوسران بحق أن القضاء له في تكييف السببية بين حصول الحادث والضرر الحال تقدير مطلق مرجعه وجود هذه العلاقة فعلا ولا يمكن إنكارها وهذا الرأي مع اتجاه التشريع المدني المصري الحديث لإعطاء الشركة المؤمنة الحق في المطالبة بقيمة التعويض لما يدل على رأي له سنده ويجب احترامه وترى المحكمة الأخذ به" - وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن خطأ الغير مسئول عن وقوع الحادث ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من هذا الحادث وإنما سبب هذا الالتزام هو عقد التأمين فلو لم يكن هذا العقد قائما لما دفع المؤمن هذا المبلغ رغم وقوع الحادث - كما أنه لا يجوز للمؤمن أن يدعى أن ضررا قد حاق به من جراء وفائه بمبلغ التأمين لان هذا الوفاء من جانبه ليس إلا تنفيذا لالتزامه التعاقدي تجاه المؤمن له مقابل الأقساط التي يؤديها له الأخير - وتنفيذ الالتزام التعاقدي لا يصح اعتباره ضررا لحق بالملتزم - وإذا كان الحادث الذي تسبب الغير في وقوعه قد جعل مبلغ التأمين مستحقا فإن عقد التأمين يقوم على أساس احتمال تحقق الحظر المؤمن منه في أي وقت وقد كان هذا الاحتمال محل اعتبار المؤمن عند التعاقد - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وأسس حق الشركة المطعون عليها في الرجوع على الطاعنة على أساس المسئولية التقصيرية ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه - ولما كان الحكم الثاني المطعون فيه والصادر من محكمة الاستئناف في 19 مارس سنة 1957 والذى فصل في الموضوع. مترتبا على الحكم الأول فإنه أيضا يكون متعينا نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه للأسباب المتقدمة ولأنه لا مجال لتأسيس حق الشركة المؤمنة في الرجوع على الغير المسئول عن الحادث على أساس الحلول ذلك أن رجوع الموفى على المدين بدعوى الحلول يتقضى أن يكون الموفى قد وفى الدائن بالدين المترتب في ذمة المدين لا بدين مترتب في ذمته هو والحال في هذه الدعوى أن الشركة المطعون عليها إذ دفعت لبنك مصر قيمة التأمين فإنها تكون قد وفت بالدين المترتب في ذمتها للمؤمن له بموجب عقد التأمين - ولا محل كذلك لإقامة حق الرجوع على أساس من الحوالة المستفادة من إقرار5 أبريل سنة 1946 الذي تنازل بمقتضاه بنك مصر للشركة المطعون عليها عن جميع حقوقه في مطالبة ومقاضاة أيا كان عن كل ما يتعلق بحادث الحريق إذ يحول دون هذا أن واقعة الدعوى يحكمها نصوص القانون المدني الأهلي القديم الذي حررت في ظله وثيقة التأمين والإقرار المذكور وأن المادة 349 منه تستلزم لصحة الحوالة رضاء المدين بها كتابة وهو الأمر الغير متوافر في واقعة هذه الدعوى حسبما هو ثابت بالأوراق ومسلم به من الطرفين ومن ثم فلم يكن للشركة المطعون عليها في ظل ذلك القانون الرجوع على الطاعنة بما دفعته لبنك مصر المؤمن له (يراجع الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 217 سنة 24 ق بتاريخ أول يناير سنة 1959، ومن ثم يتعين إلغاء الحكمين المستأنفين والقضاء بعدم قبول الدعوى.


 (1)راجع نقض 1/ 1/ 1959 مجموعة المكتب الفنى س 10

الطعن 265 لسنة 27 ق جلسة 20 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 189 ص 1201

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

---------------

(189)
الطعن رقم 265 لسنة 27 القضائية

(أ) رسوم. "رسوم قضائية". أوامر على عريضة. حكم. "النفاذ المعجل".
أوامر تقدير الرسوم القضائية التي يستصدرها قلم الكتاب تختلف عن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم.
الأمر على عريضة أحد الخصوم يصدره قاضي الأمور الوقتية ولم يحدد القانون للتظلم منه ميعادا معينا ويرفع التظلم بتكليف بالحضور أمام المحكمة أو أمام القاضي الآمر نفسه.
الأمر بتقدير الرسوم القضائية يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال وتقدم المعارضة فيه إلى المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر أو إلى القاضي وتحصل المعارضة أمام المحضر عند إعلان الأمر أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة وذلك في الثمانية أيام التالية لتاريخ إعلان الأمر وميعاد استئناف الحكم الصادر في المعارضة هو عشرة أيام من تاريخ صدوره.
أوامر تقدير الرسوم القضائية لا تكون نافذة إلا بعد فوات مواعيد المعارضة. الأوامر على عريضة أحد الخصوم واجبة التنفيذ بقوة القانون.
(ب) دعوى. "نطاق الدعوى". "وصف السرعة". "مناطه". استئناف. "طريقة رفعه". رسوم قضائية.
المناط في تحديد وصف السرعة هو أمر الشارع لا تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. وجوب نص القانون على وصف السرعة صراحة. تقصير ميعاد الاستئناف ليس من شأنه وحده إسباغ وصف السرعة على الدعوى. عدم النص على أن المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية يحكم فيها على وجه السرعة. يرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بعريضة إلى قلم الكتاب لا بتكليف بالحضور.

--------------
1 - تختلف أوامر تقدير الرسوم القضائية التي يستصدرها قلم كتاب المحكمة التي تحكمها المواد من 16 - 19 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الصادر بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق، عن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم (المنصوص عليها في المواد 369 وما بعدها من قانون المرافعات) وذلك من نواحي متعددة: فالأمر على عريضة أحد الخصوم يصدره قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية أو محكمة المواد الجزئية على حسب الأحوال ولم يحدد القانون ميعادا معينا للتظلم منه ويرفع التظلم بتكليف بالحضور أمام المحكمة كما يجوز رفعه للقاضي الآمر نفسه في حين أن الأمر بتقدير الرسوم القضائية يستصدره قلم الكتاب من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال وتقدم المعارضة فيه إلى المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر أو إلى القاضي وتحصل هذه المعارضة أمام المحضر عند إعلان الأمر أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة وذلك في الثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان الأمر ويكون ميعاد استئناف الحكم الذي يصدر في المعارضة هو عشرة أيام من يوم صدوره. كما أن أوامر تقدير الرسوم لا تكون نافذة إلا بعد فوات ميعاد المعارضة وليس هذا شأن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم فهي واجبة التنفيذ بقوة القانون (م 466 مرافعات)
2 - المناط في تحديد الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة هو أمر الشارع لا تقدير المحكمة أو إرادة الخصوم. وتقصير ميعاد الاستئناف ليس من شأنه وحده أن يجعل الدعوى من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة بل يجب أن ينص القانون على ذلك صراحة. وإذن فمتى كان القانون قد خلا من النص على أن المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية الذي يستصدره قلم الكتاب يحكم فيها على وجه السرعة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف عن الحكم الصادر في المعارضة في أمر تقدير الرسوم لرفعه بعريضة - قدمت إلى قلم الكتاب وليس بتكليف بالحضور - يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، في ان قلم كتاب محكمة دمنهور - الطاعن - استصدر ضد المطعون عليهم أمرا بتقدير الرسوم المستحقة في الدعوى رقم 50 لسنة 1954 تجارى كلى دمنهور بمبلغ 1023 جنيها - عارض المطعون عليهم في هذا الأمر وبتاريخ 22/ 12/ 1955 (حكمت محكمة كلى دمنهور الابتدائية بإلغائه وباعتباره كأنه لم يكن) - استأنف قلم الكتاب في هذا الحكم بالاستئناف رقم 474 سنة 11 ق محكمة الإسكندرية، طالبا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بتأييد أمر تقدير الرسوم المعارض فيه - دفع المستأنف ضدهم - المطعون عليهم - ببطلان الاستئناف، وبتاريخ 28/ 3/ 1957 حكمت المحكمة (بقبول الدفع ببطلان الاستئناف والزمت المستأنف المصروفات) طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين في التقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن، وبتاريخ 31/ 5/ 1961 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية - قدم المطعون عليهم بعد ذلك مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها السابقة - وبالجلسة التي حددت أمام هذه المحكمة صمم كل طرف على طلباته وصممت النيابة العامة على ما أوردته في مذكرتيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد، محصله، أنه وقد نظم الشارع بالمواد 16 و17 و18 من القانون رقم 90 لسنة 1944، إجراءات استصدار أوامر الرسوم القضائية، وبين طريقة المنازعة فيها - كل ذلك بأحكام خاصة - فإن هذه الأحكام هي التي تطبق دون القواعد العامة التي وضعها الشارع للأوامر على العرائض ونص عليها في المادة 369 وما بعدها من مواد قانون المرافعات وذلك لما بين الأحكام الخاصة، هذه، وتلك القواعد العامة من فروق جوهرية في عدة وجوه - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وطبق الأحكام العامة الواردة في قانون المرافعات بشأن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم، وأقام على ذلك قضاءه ببطلان الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن أوامر تقدير الرسوم القضائية التي يستصدرها قلم كتاب المحكمة تختلف عن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم، فالأولى نص عليها في المواد 16 و17 و18 و19 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الصادرة بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية وأخضعها المشرع لقواعد خاصة تخالف القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 369 وما بعدها من المواد الواردة في الباب الحادي عشر من قانون المرافعات الخاص بالأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم وذلك من نواح متعددة - فالأوامر على عريضة أحد الخصوم يصدرها قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية أو محكمة المواد الجزئية على حسب الأحوال ولم يحدد القانون ميعادا معينا للتظلم فيها - ويحصل التظلم بتكليف الخصم بالحضور أمام المحكمة، ويجوز رفعه للقاضي الآمر نفسه - بينما يستصدر قلم الكتاب الأمر بتقدير الرسوم من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال وتقدم المعارضة فيه إلى المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر أو إلى القاضي وتحصل هذه المعارضة أمام المحضر عند إعلان الأمر أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة وتقدم في ثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان الأمر وميعاد استئناف الحكم الصادر فيها هو عشرة أيام من يوم صدوره - وأوامر تقدير الرسوم لا تكون نافذة إلا بعد فوات ميعاد المعارضة وليس هذا شأن الأوامر التي تصدر على عريضة أحد الخصوم إذ هي واجبة التنفيذ بقوة القانون طبقا لنص المادة 466 مرافعات - ولما كان ذلك، وكان القانون قد خلا من النص على أن المعارضة في أمر تقدير الرسوم الذي يستصدره قلم الكتاب يحكم فيها على وجه السرعة، وكان المناط في تحديد الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم وعلى أن تقصير ميعاد الاستئناف ليس من شأنه وحده أن يجعل الدعوى من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة بل يجب أن ينص القانون على ذلك صراحة - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف لأنه رفع بعريضة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة ولم يرفع بتكليف بالحضور، بانيا قضاءه على أن المعارضة في أمر تقدير الرسوم الذي يستصدره قلم الكتاب يحكم فيها على وجه السرعة - يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه.

الطعن 44 لسنة 27 ق جلسة 27 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 192 ص 1220

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

(192)
الطعن رقم 44 لسنة 27 القضائية

(أ) إعلان. "إعلان أوراق المحضرين". نقض. "إعلان الطعن".
يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارته أو حرفته موطنا خاصا له - بجانب موطنه الأصلي - جواز مباشرة أي عمل قانوني يتصل بهذه الحرفة أو التجارة في هذا الموطن. توجيه الإعلان إلى محام في مكتبه عن أمر يتصل بمهنته - صحيح في القانون.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". "محكمة الموضوع".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بمستند كدليل على ورقة الضمان المدعى بتزويرها. النعي على الحكم بعدم أخذه به كسند مستقل يغنى بذاته عن تلك الورقة. سبب جديد لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
1 - يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص حرفته موطنا خاصا له - بجانب موطنه الأصلي - وذلك لمباشرة أي شأن قانوني يتصل بهذه الحرفة (م 41 من القانون المدني). فإذا كان موضوع إعلان الطعن يتعلق بعمل المعلن إليه كمحام - في خصوص الإقرار المنسوب صدوره إليه بوصفه وكيلا مفوضا بالإقرار محل دعوى التنصل - فإن توجيه الإعلان لمكتبه عن أمر يتصل بمهنته يكون قد وقع صحيحا.
2 - متى كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بمستند كدليل على صحة ورقة الضمان المدعى بتزويرها لا باعتباره سندا مستقلا يغنى بذاته عن تلك الورقة، فإن النعي على الحكم عدم أخذه به كسند مستقل في الدعوى، يعد سببا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 3/ 2/ 1954 - حصلت الطاعنة على أمر أداء ضد المطعون عليه الأول بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1734 ج و719 م بصفته ضامنا متضامنا مع آخرين بمقتضى ورقة ضمان مؤرخة في 8/ 11/ 1952، عارض المطعون عليه الأول في هذا الأمر بالدعوى رقم 461 سنة 1954 تجارى كلى القاهرة. وطعن في ورقة الضمان المذكورة بالتزوير، فندبت المحكمة الابتدائية خبيرا (مكتب الطب الشرعي) لبيان ما إذا كانت إمضاؤه على تلك الورقة صحيحة أم مزورة، وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن خط التوقيع المنسوب للمطعون عليه الأول على إقرار الضمان يختلف عن توقيعاته على أوراق المضاهاة، قضت المحكمة المذكورة بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1954 برد وبطلان ورقة الضمان وبإلغاء أمر الأداء استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1074 سنة 71 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بصحة ورقة الضمان وتأييد أمر الأداء، وتمسكت في دفاعها بالخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 المنسوب إلى الأستاذ عبد العظيم الجزار المحامي "المطعون عليه الثاني" والذي يقر فيه بصحة الضمان الصادر من موكله المطعون عليه الأول. وبتاريخ 22/ 12/ 1954 قرر المطعون عليه الأول بقلم كتاب محكمة الاستئناف بالتنصل من الإقرار المذكور واختصم المطعون عليه الثاني في دعوى التنصل وبتاريخ 6/ 3/ 1956 قرر المطعون عليه الثاني بصفته الشخصية بالطعن بالتزوير في الخطاب المؤرخ 18/ 12/ 1953 ونظرت المحكمة دعوى التنصل والادعاء بالتزوير في موضوع الاستئناف ودفعت الطاعنة بعدم قبول دعوى التنصل لرفعها بعد مضى ستة أشهر من تاريخ العمل موضوع التنصل طبقا للمادة 813 مرافعات كما دفعت بعدم قبول دعوى التزوير المرفوعة من المطعون عليه الثاني لأنه ليس خصما في الدعوى. وبتاريخ 10 من أبريل سنة 1956 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وحددت جلسة 24 من أبريل سنة 1956 لنظر الموضوع - وفى تلك الجلسة دفعت الطاعنة بعدم قبول دعوى التنصل لأنه كان يجب رفعها بالطرق المعتادة أمام المحكمة الابتدائية طبقا للمادة 814 مرافعات. وقد قضت المحكمة في نفس الجلسة برفض الدفع المذكور، وبتاريخ 31/ 12/ 1956 حكمت في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم وفى الحكمين الصادرين في 10/ 4/ 1956 و24/ 4/ 1956 بطريق النقض بتقرير في 18 من فبراير سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 26/ 3/ 1961 إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ونظر أمامها بجلسة أول نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على الدفع ببطلان إعلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني وطلبت نقض الحكم بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن ما أبدته النيابة من دفع ببطلان إعلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني مبناه أن المطعون عليه الثاني أعلن بتقرير الطعن في مكتبه وأن مكتب المحامي لا يعتبر موطنا له طبقا للمادة 40 من القانون المدني. وأنه بذلك يكون الإعلان وقع باطلا طبقا للمادتين 11 و24 من قانون المرافعات.
وحيث إنه وإن كان الثابت من الأوراق أن تقرير الطعن أعلن للمطعون عليه الثاني في مكتبه بشارع قصر النيل رقم 17 بالقاهرة، غير أنه لما كان واضحا من مراحل النزاع أن موضوع الإعلان يتعلق بعمله كمحام في خصوص الإقرار المنسوب صدوره إليه في 28/ 12/ 1953 بوصفه وكيلا مفوضا بالإقرار عن المطعون عليه الأول، وكانت المادة 41 من القانون المدني تجيز اعتبار محل الحرفة موطنا خاصا للشخص بجانب موطنه الأصلي وذلك لمباشرة أي شيء قانوني يتصل بالحرفة، فإنه بذلك يكون توجيه إعلان التقرير بالطعن لمكتب المطعون عليه الثاني عن أمر يتصل بمهنته قد وقع صحيحا ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه أقيم على ثمانية أسباب تنعى فيها الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال والخطأ في القانون - ويتحصل السبب الأول منها في أن محكمة أول درجة قررت بجلسة 22/ 4/ 1954 إعادة المأمورية للخبير وكلفته بالانتقال لمكتب الشهر العقاري للاطلاع على الأوراق الرسمية التي تكون معاصرة للورقة المطعون فيها وتحمل توقيعات المطعون عليه الأول، إلا أن الخبير لم يفعل ذلك ولم يكلف أحدا من الخصوم إرشاده عن الأوراق المذكورة وقدم تقريرا على أساس أوراق المضاهاة التي لديه، وقد دفعت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعدم الاعتداد بتقريره لعدم قيامه بالمأمورية المذكورة، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وأقامت قضاءها بتزوير الورقة على مجرد مقارنة الإمضاء المطعون عليها بالإمضاء الصحيحة ووجود مغايرة بينهما في الخط والمداد والأداة المستعملة في الكتابة، ولو كان ذلك صحيحا لما كان هنالك داع لندب خبير فنى لفحص الإمضاء المطعون عليها اكتفاء بالمشاهدة النظرية السطحية - ويتحصل السبب الثالث في أن المحكمة استخلصت من امتناع الطاعنة عن تقديم ورقة ضمان ثانية مؤرخة 27/ 4/ 1953 ورد ذكرها على لسان الأستاذ عبد العظيم الجزار المحامي "المطعون عليه الثاني" أنها مصطنعة كسابقتها، كما قرر الحكم أن ورقة الضمان الثانية تعتبر ناسخة لورقة الضمان الأولى المؤرخة 8/ 11/ 1952 وبذلك تكون هذه الورقة قد زال كيانها القانوني فضلا عما ثبت من تزويرها، وهذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص غير سائغ لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها - ويتحصل السبب الرابع في أن ما استخلصه الحكم المطعون فيه من عدم توقيع المطعون عليه الأول على سندات الدين اللاحقة على ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 يؤكد تزوير هذه الورقة هو استخلاص غير سائغ، ذلك أن الطاعنة لم تكن بحاجة إلى توقيع المطعون عليه الأول على سندات الدين بعد أن وقع على إقرار عام بالضمان في حدود مبلغ ثلاثة آلاف جنيه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برد وبطلان ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 إلى ما تبينته المحكمة من وجود خلاف ظاهر بين الإمضاء المنسوبة إلى المطعون عليه الأول على هذه الورقة وبين إمضاءاته الصحيحة على أوراق المضاهاة، وعلى ما لاحظته من مغايرة لأن المداد الذي كتب به اسم المطعون عليه الأول وتاريخ الإقرار بلون المداد الذي كتب به أصل الإقرار ومن أن الأداة المستعملة في كتابة التوقيع والتاريخ تختلف أيضا عن الأداة التي استعملت في كتابة الإقرار، مما يرجح أن التوقيع والتاريخ لم يكتبا في نفس الوقت الذي كتب فيه نص ورقة الضمان وما ثبت لها من التحقيقات التي أجرتها نيابتا عابدين والدرب الأحمر من اختلاف أقوال كل من صمويل تسيكه وزينهم محمود حول ظروف تحرير ورقة الضمان ومكان تحريرها، كما يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد استندت في ثبوت التزوير إلى قرينة أخرى هي أن السندات الصادرة من أحد المدينين بقيمة الدين الوارد في ورقة الضمان المطعون فيها تلك السندات المحررة في تواريخ لاحقة لتاريخ الورقة لم يوقع عليها من المطعون عليه الأول فضلا عن أنه لم يرد بها اسمه كضامن وهذه الأدلة مستساغة وتكفى لحمل الحكم فيما انتهى إليه قضاؤه بتزوير ورقة الضمان أما ما استطرد إليه الحكم فيما قرره من أن ورقة 27/ 4/ 1953 تعتبر ناسخة لورقة الضمان الأولى فتزيد لا يعيب الحكم.
وحيث إن السببين الثاني والسادس يتحصلان في أن الطاعنة تمسكت بالخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 المنسوب صدوره إلى الأستاذ عبد العظيم الجزار "المطعون عليه الثاني" والذى يقر فيه بصحة الضمان الصادر من موكله المطعون عليه الأول على الورقة المؤرخة 8/ 11/ 1952 وقد طعن الأستاذ الجزار في هذا الخطاب بالتزوير، ومع ذلك لم تتعرض المحكمة لموضوع التزوير اكتفاء بما قررته من أنها غير ملزمة بالرد على كل قول أو حجة يثيرها الخصوم في دفاعهم، وفات الحكم المطعون فيه ان الخطاب الصادر من الأستاذ الجزار لم يكن حجة بل سندا يغنى بذاته عن إقرار الضمان الصادر من المطعون عليه الأول ويكفى لحمل دعوى الطاعنة حتى بغير إقرار الضمان المذكور، وكان على المحكمة أن تتحدث عنه وتناقشه كسند مستقل في الدعوى وأن ترتب عليه الأثر المستمد منه، وتضيف الطاعنة أن المطعون عليه الأول أقام دعوى التنصل من إقرار محاميه المطعون عليه الثاني في الخطاب المذكور ومع ذلك ظل المطعون عليه الثاني يحضر عن المطعون عليه الأول كمحام له، وفى ذلك ما يفيد صحة الخطاب الصادر منه واعتباره سندا في الدعوى.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود بأنه لا يبين من الأوراق المقدمة من الطاعنة بملف الطعن أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الخطاب المنسوب صدوره إلى الأستاذ عبد العظيم الجزار يعتبر سندا مستقلا يغني بذاته عن ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 بل الثابت أنها تمسكت به كدليل على صحة ورقة الضمان، ومن ثم يكون ما ورد في هذا الخصوص بتقرير الطعن سببا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن عدم تقديم الطاعنة لأصل الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 أمام محكمة أول درجة يفيد تنازلها عن التمسك به في حين أنها قدمت صورته الفوتوغرافية في ملف الدعوى الابتدائية ثم قدمت أصل الخطاب أمام محكمة الاستئناف وفى هذا ما يؤكد تمسكها به كسند في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولا) بأن الحكم المطعون فيه لم يعتبر عدم تقديم الطاعنة للخطاب المذكور أمام محكمة أول درجة دليلا على تنازلها عن التمسك به أمام محكمة الاستئناف وأن ما ورد في تقريرات الحكم من أنه "طالما أن الشركة المستأنفة "الطاعنة" لم تتقدم بأصل هذا الخطاب إلى محكمة أول درجة بل كان المقدم هو صورة فوتوغرافية أنكرها المحامي بل طالب الشركة بتقديم الأصل حتى يتخذ طريق الطعن فيه فلم تفعل، فليست المحكمة الابتدائية إذن ملزمة بأن تتعرض لدليل لم تتقدم به أو تتمسك به الشركة المستأنفة "الطاعنة" بل هي بعدم تقدميها الأصل وسكوتها عن الرد على مطعن المحامي على هذا الدليل تعتبر في حكم المتنازلة عن التمسك بهذا الخطاب" هذا الذي قرره الحكم لم يكن إلا ردا على دفاع الطاعنة في خصوص تعييبها الحكم الابتدائي بعدم تعويله على الصورة الفوتوغرافية للخطاب المذكور كدليل في الدعوى، ومردود (ثانيا) بما جاء في الرد على السببين الثاني والسادس.
وحيث إن السببين السابع والثامن يتحصلان في أن الطاعنة دفعت بسقوط حق المطعون عليه الأول في دعوى التنصل من إقرار محاميه في الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 لإقامتها بعد مضى أكثر من ستة شهور على العمل المتنصل منه طبقا للمواد 812 - 817 مرافعات كما دفعت بعدم قبول دعوى التنصل لأنه كان يجب رفعها بالطرق المعتادة طبقا للمادة 814 مرافعات، إلا أن المحكمة قضت برفض هذين الدفعين في حكميها الصادرين بتاريخ 10/ 4/ 1956، 24/ 4/ 1956 تأسيسا على أن هذه الدعوى ليست دعوى بالمعنى الصحيح وإنما هي وجه من أوجه الدفاع مما يجوز إبداؤه في أي مرحلة كانت عليها الدعوى وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون.
وحيث إنه يتضح من مطالعة الحكم الموضوعي الصادر بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1956 أن محكمة الاستئناف تبينت أن الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 إنما قدم في مقام الاستدلال على صحة ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 كما يبين من الحكم المذكور أن المحكمة لم تأخذ بهذا الدليل. ولما كانت الطاعنة لم تعيب الحكم في هذا الخصوص، وإنما نعت عليه أنه التفت عن اعتبار هذا الخطاب سندا مستقلا في الدعوى، مما يعتبر سببا جديدا على ما سبق بيانه فإن النعي بهذين السببين يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 272 لسنة 27 ق جلسة 27 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 193 ص 1227

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

---------------

(193)
الطعن رقم 272 لسنة 27 القضائية

(أ) موظفون "سن التقاعد لموظفي المجالس البلدية". مسئولية. مجالس بلدية.
عدم سريان أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 على موظفي المجالس البلدية والمحلية لاستقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة. خضوعهم للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري المؤرخ 28/ 8/ 1915. نص المادة الثامنة من هذا القرار صريح الدلالة في جواز إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش في سن الستين لا موجب للمسئولية المدنية في هذه الحالة.
)ب) موظفون "علاقة الموظف بالسلطة العامة". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". "الحق المكتسب".
علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. للسلطة العامة إصدارها في أي وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظف القائم بالخدمة وقت صدورها. لا مساس في ذلك بحق مكتسب. ليس للموظف الحق في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين.

----------------
1 - تقضى المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 بعدم سريان أحكامه إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وعمال اليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم في ميزانية الحكومة ومن ثم فلا تجرى أحكام هذا القانون على الموظفين والمستخدمين والعمال التابعين للمجالس البلدية والمحلية لاستقلالها بميزانيتها عن ميزانية الدولة وإنما يخضع موظفو هذه المجالس للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28/ 8/ 1915 بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم، وقد قضت المادة الثامنة من هذا القرار صراحة على أن تكون إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش في سن الستين(1).
2 - علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية(2) تحكمها القوانين واللوائح التي السلطة إصدارها في أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها دون أن يعد ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين، إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام الدعوى 147/ 81 سنة 1954 مدنى كلى طنطا وقال في صحيفتها إنه التحق بمجلس ببلدي طنطا في أول يوليو سنة 1909 وظل يمارس عمله إلى أن فصل بتاريخ أول أبريل سنة 1948 وهو لا يتجاوز الستين من عمره وكان يتقاضى مرتبا شهريا مقداره 26 ج و250 م من ذلك ماهية أصلية 19ج و7 ج و250 م علاوة غلاء وأنه لم يكن من بين الموظفين المثبتين الذي تجرى على رواتبهم حكم الاستقطاع للمعاش المنصوص عليه في القانون رقم 37 لسنة 1929 وإنما هو من الموظفين المؤقتين الخارجين عن هيئة العمال الذين ينطبق على حالتهم القانون 5 سنة 1909 التي تنص المادة 14 منه على أن يكون رفت المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال وهم الذين لا حق لهم في المعاش من بلغوا الخامسة والستين ما لم يرخص لهم وزير المالية بالبقاء في الخدمة لمدة معينة بناء على طلبهم ومع ذلك فلا يجوز بأي حال إبقاؤهم في الخدمة بعد السبعين ورتب على ذلك أن المدعى عليهما (الطاعنين) قد جانبا الصواب عندما انهيا عمله قبل بلوغه الخامسة والستين وطالبهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1575 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. دفع المدعى عليهما (الطاعنان) الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى لاختصاص مجلس الدولة بالفصل فيها وقضت المحكمة في 10/ 2/ 1955 برفض هذا الدفع وباختصاص المحكمة بنظر النزاع وفى 13 مارس سنة 1956 قضت المحكمة حضوريا برفض الدعوى مع إلزام المدعى (المطعون عليه) بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهما (الطاعنين) استأنف المطعون عليه هذا القضاء بالاستئناف رقم 192 سنة 6 ق مدنى طنطا وفى 11 يونيه سنة 1957 أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واختصاصها وبرفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف عليهما (الطاعنين) متضامنين بأن يدفعا للمستأنف (المطعون عليه) مبلغ 800 جنيه والمصاريف الخاصة بهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 1000 قرش أتعابا للمحاماة مستندة في ذلك إلى أن محكمة أول درجة أخطأت إذ اعتبرت المستأنف موظفا دائما استنادا إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 10/ 5/ 1945 ذلك أن هذا القرار ليس به ما يفيد انسحاب أثره على الموظفين الذين اكتسبوا حقوقا قبل صدوره فهو لا يسرى إلا على من عينوا بعد صدوره والمستأنف وقد عين في سنة 1909 كان قد اكتسب حقا لبقائه حتى سن الخامسة والستين وبذا لا يؤثر عليه هذا القرار - وأن فيصل التفرقة بين الموظف الدائم والمؤقت طبقا لقانون المعاشات هو أن الأول يجرى على راتبه الاستقطاع للمعاش بخلاف المستخدم المؤقت سواء كان يشغل وظيفة مدرجة بالميزانية أو كان مشتركا في صندوق التوفير والادخار لأن لائحة صندوق التوفير تنص على أن الاستقطاع إلزامى لجميع موظفي المجالس فيما عدا صغارهم وحتى هؤلاء أجيز لهم الاشتراك بشروط خاصة فالمحاجة بأن من اشترك في صندوق الادخار أصبح في عداد الموظفين الدائمين قولا لا يقوم على أساس من القانون ويخالف ما ورد بقانون المعاشات. وبتاريخ 21 يوليو سنة 1957 طعن الطاعنان في هذا القضاء بطريق النقض طلبا فيه للأسباب التي تضمنها التقرير به إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون عليه - وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها القضاء بنقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 18 أبريل سنة 1961 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة. وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 20/ 12/ 1962 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن في أسبابه الثلاثة يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله - ذلك أنه قد خلط بين موظفي المجالس البلدية وموظفي الحكومة مع اختلاف الأحكام المتعلقة بالمعاش بالنسبة للطائفتين إذ أن القانون رقم 5 لسنة 1909 والقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاصين بالمعاشات لا يسريان إلا على موظفي الحكومة ولا يسريان على موظفي الهيئات الإقليمية أو الهيئات العامة الأخرى طبقا لنص المادة 67 من القانون الأول والمادة 66 من القانون الثاني وأن موظفي المجالس البلدية ليسوا من الموظفين الذين ورد النص باستثنائهم وأن ما يجب أن يطبق في حقهم هو اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14/ 7/ 1909 ولائحة صناديق التوفير لموظفي المجالس المحلية المختلطة الصادرة في 14/ 6/ 1913 واللائحة المماثلة الصادرة في 18/ 8/ 1915 بالنسبة إلى جميع موظفي المجالس المحلية والقانون رقم 145 لسنة 1944 بتنظيم المجالس البلدية والقروية وقرار مجلس الوزراء بلائحة استخدام موظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية الصادرة في 9/ 6/ 1945 - وأن المطعون ضده مشترك في صندوق التوفير ومن ثم فإنه يحال إلى المعاش في سن الستين كموظف الحكومة المثبت وإن الحكم إذ قرر أن موظف المجلس البلدي لا يعتبر موظفا دائما إلا إذا جرى عليه حكم الاستقطاع الوارد في قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 رغم اختلاف القواعد السارية على كل من الطائفتين وطبق القانون رقم 37 لسنة 1929 يكون قد أخطأ - كما أن الحكم المطعون فيه - إذ رفض تطبيق لائحة استخدام المجالس البلدية الصادرة في سنة 1945 في شأن تعريف الموظف الدائم وغير الدائم استنادا إلى أنها لم تنص على سريانها بأثر رجعى ومن ثم فلا تمس حقا مكتسبا للمطعون عليه في الايحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين ولا يجوز للسلطة العامة المساس به - قد خالف القانون، هذا إلى أن لائحة سنة 1945 حتى على الفرض جدلا بأنها استحدثت جديدا في هذا الصدد فإنها تسرى على موظفي المجالس البلدية الموجودين في الخدمة وقت صدورها بأثرها الفوري دون أن يكون ذلك تطبيقا لها بأثر رجعى ما دام أن القواعد التي وردت بها لا يقصد بها تعديل مراكز ذاتية تمت فعلا قبل صدورها - وأن الحكم خالف القانون إذ جعل أساس التفرقة بين الموظف الدائم والموظف المؤقت هو استقطاع المعاش وأن الموظف الدائم هو من يسرى عليه حكم الاستقطاع والمؤقت من لا يسرى على مرتبه الاستقطاع.
وحيث إنه لما كانت المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الذي أعمل الحكم المطعون فيه نصوصه في شأن المطعون عليه تنص على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم في ميزانية الحكومة العمومية باستثناء موظفي المصالح الست المشار إليها في تلك المادة" أما غيرهم من الموظفين والمستخدمين أو العمال التابعين إلى مصالح غير مدرجة في الميزانية العامة - ومنهم موظفي المجالس البلدية - فلا تجرى عليهم أحكام قانون المعاشات المذكور لاستقلالها بميزانياتها عن ميزانية الدولة منذ إنشائها - وإنما يخضع هؤلاء الموظفون للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 - بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافأتهم عند تقاعدهم فجعلت المادة الثانية منه الاشتراك في هذا الصندوق إلزاميا لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس مع استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السايرة في الحدود المبينة بالمادة المذكورة. وذلك كله قصد حلول هذا الصندوق محل المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة. ثم نصت المادة الثامنة من هذا القرار - على أن تكون إحالتهم إلى المعاش في سن الستين وهو نص صريح لا لبس فيه ولا غموض، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1945 بلائحة استخدام موظفي المجالس البلدية والقروية المستند إلى القانون 245 سنة 1944 قد عرف الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويجوز له الانتفاع بصندوق التوفير - والقرار المذكور مع القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 يطبقان بأثر فورى على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره لأن علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تملك تلك السلطة إصدارها في أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها ولا يعتبر في ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا في الإيحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين - لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائي وملف خدمة المطعون عليه أنه التحق بالخدمة في سنة 1909 وفى سنة 1948 تقرر بانتهاء خدمته لبلوغه سن الستين وكان عند الاستغناء عنه رئيسا لشبكة المياه بمجلس بلدي طنطا وفى الدرجة السادسة الفنية ووظيفته مدرجة في ميزانية المجلس وأنه مشترك في صندوق الادخار وكان مقتضى ذلك أن تكون إحالته إلى المعاش عملا بالمادة الثامنة من القرار الوزاري آنف الذكر عند بلوغه سن الستين فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بمسائلة الطاعنين وإلزامهما بالتعويض عن السنوات الباقية حتى بلوغه الخامسة والستين باعتباره من الموظفين الحكوميين المؤقتين الذين لا يجرى عليهم حكم الاستقطاع ويسرى عليهم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 - قد خالف القانون ويتعين رفضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف.


 (1)نفس المبدأ نقض 22/ 11/ 1962 في الطعن رقم 180 لسنة 27 ق.
راجع نقض 13/ 4/1961 و30/ 11/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 رقم 49 و123 صـ 365 و743 على التوالي.
(2) راجع نقض 4/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 403 "علاقة الموظف بالمؤسسة العامة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. لا يعيب الحكم استناده إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي طالما أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق".