جلسة 4 من نوفمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/
صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة
مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.
----------------
(180)
الطعن رقم 23 لسنة 39 ق
"أحوال شخصية"
أحوال شخصية
"المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". حكم. "عيوب التدليل".
إقامة دعوى التطليق على
سببين. جنون الزوج وإضراره بالزوجة. نفي الحكم للجنون وإغفاله بحث الضرر المدعى
به. قصور.
-----------------
إذ كان يبين من الرجوع
إلى الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب التطليق من زوجها المطعون ضده على
سببين، أولهما جنونه وثانيهما إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين
أمثالهما وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعنة مكتفياً ببحث ما ادعته
الزوجة من جنون الزوج ولم يعرض لما ادعته من إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام
العشرة بين أمثالهما فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/...... أقامت
الدعوى رقم 201 سنة 1965 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية ضد والد زوجها...... تطلب
الحكم بإقامته قيماً عليه والإذن لها بمخاصمته والحكم بتطليقها منه طلقة بائنة، ثم
تركت الخصومة بالنسبة لوالد زوجها ووجهتها إلى زوجها وطلبت الحكم عليه بتطليقها
منه طلقة بائنة وأمره بعدم التعرض لها في أمور الزوجية مع إلزامه بالمصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لدعواها إنها زوجة للمدعى عليه بعقد شرعي صحيح
ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولا زالت في عصمته وقد فقد قواه العقلية الأمر
الذي أدخل بسببه مستشفى "بهمان" ثم مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية
وبعد مغادرته هذه المستشفى الأخيرة عاوده المرض، كما أدمن على شرب الخمر وتعاطى
المخدرات ولعب الميسر في منزل الزوجية ولما اعترضت على سلوكه اعتدى عليها بتوجيه
الألفاظ النابية وبالضرب المبرح الذي ترك عاهة في أذنها فضلاً عن أنه دأب على ترك
منزل الزوجية لفترات طويلة بسبب انهماكه في ملذاته غير المشروعة مما أضر بها ضرراً
بالغاً وانتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 23/ 10/ 1966 حكمت المحكمة
(أولاً) بإثبات ترك الخصومة قبل المدعى عليه الأول (والد زوجها). (وثانياً) وقبل
الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة الطرق ومنها
البينة أن زوجها المدعى عليه قد ألحق بها من أوجه الاعتداء والضرر ما لا يستطاع
معه العشرة بينهما ووجه ذلك وللمدعى عليه النفي بذات الطرق. وبعد سماع شاهدي
المدعية عادت وبتاريخ 21/ 5/ 1967 فحكمت حضورياً بتطليق المدعية طلقة بائنة، بها
تبين على المدعى عليه بينونة كبرى مع إلزامه المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب
المحاماة. استأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه
والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 72 سنة 84 ق، وبتاريخ 6/ 4/ 1968 حكمت
المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مصلحة الطب الشرعي
لوزارة العدل لتندب طبيباً شرعياً متخصصاً لأداء المأمورية المبينة في منطوق
الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 17/ 5/ 1969 فحكمت حضورياً في
موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف عليها بالمصروفات
عن الدرجتين وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم
بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث تنازلت
الطاعنة عن السببين الأول والثاني وأصرت على طلب نقض الحكم لباقي الأسباب ولم يحضر
المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى التطليق مستنداً في ذلك
إلى عدم قيام حالة الجنون بالمطعون عليه واكتفى بإعمال حكم المادة التاسعة من
القانون رقم 25 لسنة 1920، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن الطاعنة تمسكت
أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه أضر بها ضرراً بالغاً يستحيل معه دوام العشرة
بينهما وعددت أسباباً للضرر فضلاً عن تمسكها بقيام حالة الجنون بالمطعون عليه ولكن
الحكم المطعون فيه اقتصر على بحث حالة الجنون وأغفل مناقشة عناصر الضرر التي
عددتها ولو عني بمناقشتها لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله،
ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب التطليق من زوجها
المطعون ضده على سببين (أولهما) جنونه (وثانيهما) إضراره بها بما لا يستطاع معه
دوام العشرة بين أمثالهما لإدمانه الخمر والمخدرات ولعب الميسر في منزل الزوجية
واعتدائه عليها بالألفاظ النابية والضرب المبرح الذي ترك عاهة في أذنها لاعتراضها
على سلوكه، ودأبه على ترك منزل الزوجية لفترات طويلة بسبب انهماكه في ملذاته غير
المشروعة، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة
على ما قرره من أن المطعون عليه لم يدخل مستشفى الأمراض العقلية بعد خروجه من
مستشفى بهمان وأنه يبين من البند الثاني من تقرير الخبير أنه هادئ وانفعالاته
عادية وأن حالته العقلية تحسنت بدرجة كبيرة بحيث لم يبن عليه أي عرض ظاهر لمرض
عقلي وأن المحكمة ترى أن ما ذكر بالتقرير يدل على شفائه، وإذ اكتفى الحكم المطعون
فيه ببحث ما ادعته الزوجة من جنون الزوج ولم يعرض لما ادعته من إضراره بها بما لا
يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.