الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

الطعن 23 لسنة 39 ق جلسة 4 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 أحوال شخصية ق 180 ص 1114

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(180)
الطعن رقم 23 لسنة 39 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". حكم. "عيوب التدليل".
إقامة دعوى التطليق على سببين. جنون الزوج وإضراره بالزوجة. نفي الحكم للجنون وإغفاله بحث الضرر المدعى به. قصور.

-----------------
إذ كان يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب التطليق من زوجها المطعون ضده على سببين، أولهما جنونه وثانيهما إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعنة مكتفياً ببحث ما ادعته الزوجة من جنون الزوج ولم يعرض لما ادعته من إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/...... أقامت الدعوى رقم 201 سنة 1965 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية ضد والد زوجها...... تطلب الحكم بإقامته قيماً عليه والإذن لها بمخاصمته والحكم بتطليقها منه طلقة بائنة، ثم تركت الخصومة بالنسبة لوالد زوجها ووجهتها إلى زوجها وطلبت الحكم عليه بتطليقها منه طلقة بائنة وأمره بعدم التعرض لها في أمور الزوجية مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لدعواها إنها زوجة للمدعى عليه بعقد شرعي صحيح ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولا زالت في عصمته وقد فقد قواه العقلية الأمر الذي أدخل بسببه مستشفى "بهمان" ثم مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية وبعد مغادرته هذه المستشفى الأخيرة عاوده المرض، كما أدمن على شرب الخمر وتعاطى المخدرات ولعب الميسر في منزل الزوجية ولما اعترضت على سلوكه اعتدى عليها بتوجيه الألفاظ النابية وبالضرب المبرح الذي ترك عاهة في أذنها فضلاً عن أنه دأب على ترك منزل الزوجية لفترات طويلة بسبب انهماكه في ملذاته غير المشروعة مما أضر بها ضرراً بالغاً وانتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 23/ 10/ 1966 حكمت المحكمة (أولاً) بإثبات ترك الخصومة قبل المدعى عليه الأول (والد زوجها). (وثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة الطرق ومنها البينة أن زوجها المدعى عليه قد ألحق بها من أوجه الاعتداء والضرر ما لا يستطاع معه العشرة بينهما ووجه ذلك وللمدعى عليه النفي بذات الطرق. وبعد سماع شاهدي المدعية عادت وبتاريخ 21/ 5/ 1967 فحكمت حضورياً بتطليق المدعية طلقة بائنة، بها تبين على المدعى عليه بينونة كبرى مع إلزامه المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 72 سنة 84 ق، وبتاريخ 6/ 4/ 1968 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مصلحة الطب الشرعي لوزارة العدل لتندب طبيباً شرعياً متخصصاً لأداء المأمورية المبينة في منطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 17/ 5/ 1969 فحكمت حضورياً في موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف عليها بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث تنازلت الطاعنة عن السببين الأول والثاني وأصرت على طلب نقض الحكم لباقي الأسباب ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى التطليق مستنداً في ذلك إلى عدم قيام حالة الجنون بالمطعون عليه واكتفى بإعمال حكم المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه أضر بها ضرراً بالغاً يستحيل معه دوام العشرة بينهما وعددت أسباباً للضرر فضلاً عن تمسكها بقيام حالة الجنون بالمطعون عليه ولكن الحكم المطعون فيه اقتصر على بحث حالة الجنون وأغفل مناقشة عناصر الضرر التي عددتها ولو عني بمناقشتها لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب التطليق من زوجها المطعون ضده على سببين (أولهما) جنونه (وثانيهما) إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما لإدمانه الخمر والمخدرات ولعب الميسر في منزل الزوجية واعتدائه عليها بالألفاظ النابية والضرب المبرح الذي ترك عاهة في أذنها لاعتراضها على سلوكه، ودأبه على ترك منزل الزوجية لفترات طويلة بسبب انهماكه في ملذاته غير المشروعة، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على ما قرره من أن المطعون عليه لم يدخل مستشفى الأمراض العقلية بعد خروجه من مستشفى بهمان وأنه يبين من البند الثاني من تقرير الخبير أنه هادئ وانفعالاته عادية وأن حالته العقلية تحسنت بدرجة كبيرة بحيث لم يبن عليه أي عرض ظاهر لمرض عقلي وأن المحكمة ترى أن ما ذكر بالتقرير يدل على شفائه، وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه ببحث ما ادعته الزوجة من جنون الزوج ولم يعرض لما ادعته من إضراره بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.

الطعن 69 لسنة 36 ق جلسة 23 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 111 ص 689

جلسة 23 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(111)
الطعن رقم 69 لسنة 36 القضائية

(أ) إعلان. "إجراءات الإعلان". تزوير.
المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان متى انتقل إلى موطن الشخص المراد إعلانه وذكر أنه سلم صورة الإعلان إلى أحد أقارب أو أصهار المعلن إليه المقيمين معه. الطعن بالتزوير في صفة مستلم الإعلان. غير منتج.
(ب) بطلان. "بطلان إجراءات المرافعات". إعلان. حكم.
البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان. بطلان نسبي لا يعدم الحكم وإن كان يجعله مشوباً بالبطلان. صيرورته نهائياً يجعله بمنجى من الإلغاء دالاً بذاته على صحة إجراءاته.

----------------
1 - متى انتقل المحضر إلى موطن الشخص المراد إعلانه وذكر أنه سلم صورة الإعلان إلى أحد أقارب أو أصهار المعلن إليه المقيمين معه فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - لا يكون مكلفاً بالتحقق من صفة من تسلم منه الإعلان. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنات قد اقتصرن في طعنهن بالتزوير على أن المخاطب في الإعلان قد ادعى صفة القرابة والإقامة معهن على غير الحقيقة دون الطعن في صحة انتقال المحضر إلى محل إقامتهن وتسليم صورة الإعلان، وانتهى من ذلك إلى اعتبار أن الإعلان قد تم صحيحاً وأن الطعن بالتزوير في صفة مستلم الإعلان غير منتج فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان هو بطلان نسبي لا يعدم الحكم بل يظل قائماً موجوداً وإن كان مشوباً بالبطلان فينتج كل آثاره ما لم يقض ببطلانه بالطعن عليه بإحدى طرق الطعن المقررة قانوناً فإن مضت مواعيد الطعن أو كان غير قابل لهذا الطعن، فقد أصبح بمنجى من الإلغاء حائزاً لقوة الشيء المقضي دالاً بذاته على صحة إجراءاته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدتين فهيمة وعائشة محمد إسماعيل، أقامتا الدعوى 339 سنة 1954 كلي سوهاج ضد الطاعنات طلبتا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى وكف المنازعة، تأسيساً على أن جدهما مورث الطاعنات أوصى لهما بها بالوصية العرفية المؤرخة 22 ديسمبر سنة 1927 بسبب وفاة والدهما قبله وأنهما وضعتا اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ تاريخ الوصية، وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1954 قضت المحكمة في غيبة الطاعنات بتثبيت الملكية، وبتاريخ أول أغسطس سنة 1960 أقامت الطاعنات معارضة في هذا الحكم ودفعت المعارض ضدهما بعدم قبول المعارضة لرفعها بعد الميعاد إذ أنهما أعلنتا الحكم الغيابي في 2 مايو سنة 1955 وصورة تنفيذية منه في 7 يونيه سنة 1955، وطعنت المعارضات بتزوير هذين الإعلانين وكذلك تزوير إعلان صحيفة الدعوى، وفي 10/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنات تزوير الإعلانات الثلاثة، وبعد سماع أقوال الشهود عادت وبتاريخ 27/ 12/ 1964 فحكمت برد وبطلان هذه الإعلانات وبقبول المعارضة شكلاً وببطلان الحكم الغيابي المعارض فيه. واستأنفت المدعيتان هذا الحكم لدى محكمة استئناف سوهاج وطلبتا إلغاءه والقضاء بعدم قبول المعارضة لرفعها بعد الميعاد وقيد استئنافهما برقم 25 سنة 1940 قضائية وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1965 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الحق في المعارضة. وطعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنات على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليهما رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول المعارضة لرفعها بعد الميعاد، مستنداً في ذلك إلى أن إعلان الحكم الغيابي يعتبر صحيحاً ولو ادعى من تسلم الإعلان صلة القرابة بالمطلوب إعلانه على خلاف الحقيقة وكذلك لو ادعى أنه يقيم معه ما دام أن الإعلان قد سلم في محل إقامة المعلن إليه، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون إذ توجب المادة 12 من قانون المرافعات السابق في حالة غياب المطلوب إعلانه تسليم صورة الإعلان لمن يكون ساكناً معه عن أقاربه أو أصهاره فإذا سلم الإعلان إلى شخص لا تربطه صلة بالمعلن إليه كان الإعلان باطلاً، ولما كانت الطاعنات قد طعن بالتزوير فيما جاء بإعلان الحكم الغيابي من أن مستلم الإعلان هو أحد الأقارب المقيم معهن، وكان الحكم الابتدائي قد قضى بتزوير هذا الإعلان ولم ينف الحكم المطعون فيه هذا التزوير ولم يرد على أسباب الحكم الابتدائي في هذا الخصوص، فإن الإعلان يكون مزوراً والمعارضة مرفوعة قبل تمام الإعلان فهي مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى انتقل المحضر إلى موطن الشخص المراد إعلانه وذكر أنه سلم صورة الإعلان إلى أحد أقارب أو أصهار المعلن إليه المقيمين معه فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لا يكون مكلفاً بالتحقق من صفة من تسلم منه الإعلان، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنات قد اقتصرن في طعنهن بالتزوير على أن المخاطب في الإعلان قد ادعى صفة القرابة والإقامة معهن على غير الحقيقة، دون الطعن في صحة انتقال المحضر إلى محل إقامتهن وتسليم صورة الإعلان، وانتهى من ذلك إلى اعتبار أن الإعلان قد تم صحيحاً وأن الطعن بالتزوير في صفة مستلم الإعلان غير منتج فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم المطعون فيه لم يعول على الطعن بالتزوير في إعلان صحيفة افتتاح الدعوى استناداً إلى ما قرره من أنه لا تأثير لهذا الإعلان على قبول أو عدم قبول المعارضة وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ أنه لو ثبت أن إعلان صحفية الدعوى وقع باطلاً لتزويره فإن الحكم الغيابي المترتب على هذا الإعلان يكون منعدماً، لأن المحكمة لا تتصل بالدعوى بغير إعلان صحيح لصحيفتها وتعتبر الأحكام المنعدمة والباطلة غير موجودة ويصح الطعن عليها حينما يعلم المحكوم عليه بصدورها دون الاعتداد بالمواعيد التي يقررها القانون للطعن بالمعارضة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان هو بطلان نسبي لا يعدم الحكم بل يظل قائماً موجوداً وإن كان مشوباً بالبطلان فينتج كل آثاره ما لم يقض ببطلانه بالطعن عليه بإحدى طرق الطعن المقررة قانوناً، فإن مضت مواعيد الطعن أو كان غير قابل لهذا الطعن فقد أصبح بمنجى من الإلغاء حائزاً لقوة الشيء المقضي ودالاً بذاته على صحة إجراءاته. وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 5/ 3/ 1959 مجموعة المكتب الفني السنة 10 ص 199.
نقض 17/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 318.

الطعن 115 لسنة 36 ق جلسة 28 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 118 ص 730

جلسة 28 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

------------

(118)
الطعن رقم 115 لسنة 36 القضائية

)أ، ب) تنفيذ عقاري. "معنى الحائز". "الاعتراض على قائمة شروط البيع".
)أ ) الحائز هو من اكتسب حقاً عينياً على عقار مرهون بموجب سند سابق في تسجيله على تسجيل تنبيه نزع الملكية دون أن يكون مسئولاً عن الدين المضمون. الدائن العادي - مباشر الإجراءات - ينفذ في حقه تصرف المدين المسجل قبل تسجيل التنبيه. إنذار المتصرف إليه لا محل له.
)ب) ملكية المدين للعقار المنفذ عليه شرط لصحة التنفيذ. جواز تمسك المدين بذلك بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 1060/ 2 من القانون المدني والمادة 626/ 1 من قانون المرافعات السابق، أن الحائز في التنفيذ العقاري هو من اكتسب ملكية عقار مرهون أو حقاً عينياً عليه يجوز رهنه وذلك بموجب سند مسجل سابق في تسجيله على تسجيل تنبيه نزع الملكية دون أن يكون مسئولاً شخصياً عن الدين المضمون (1) وأن إنذار الحائز وما يترتب على الإنذار وعدمه لا شأن له - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بالنسبة للدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الاختصاص الذي حكمه حكم المرتهن، بما له من حق تتبع العقار في أي يد يكون، أما الدائن العادي، ففكرة الحيازة الواجب إنذار صاحبها منتفية بالنسبة له تماماً، ذلك أنه متى كان المدين قد تصرف في العقار تصرفاً شهر قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، فإن التصرف ينفذ في حق هذا الدائن العادي، ولا يجوز له وهو لا يملك حقاً عينياً على العقار المذكور يحتج به على من تنتقل إليه الملكية، أن يتخذ إجراءات التنفيذ على ذلك العقار الذي خرج من ملكية مدينه.
2 - المنازعة في تخلف شرط من الشروط الموضوعية لصحة التنفيذ، هي كون جزء من العقار المنفذ عليه مملوكاً للمدين المنفذ ضده، تعتبر بهذه المثابة من أوجه البطلان التي يجوز إبداؤها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع، ومن حق المدين أن يتمسك بها وتؤدي إن صحت إلى إلغاء إجراءات التنفيذ بالنسبة لهذا الجزء من العقار الذي خرج من ملكية المدين واستمراره بالنسبة للجزء الباقي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الخزانة - الطاعنة - اتخذت ضد مدينها المطعون عليه إجراءات التنفيذ العقاري على فدانين باعتبار أنهما مملوكان له وفاء لمبلغ 279 ج و864 م محكوم به ضده في الدعوى رقم 733 سنة 11 ق مدني استئناف طنطا، ثم أودعت قائمة شروط البيع بتاريخ 2/ 6/ 1963، وقرر المطعون عليه بالاعتراض عليها في قلم كتاب المحكمة، وبنى اعتراضه على عدة أسباب من بينها سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية لأن السيدة إنعام محمود خفاجي حائزة لجزء من العقار موضوع التنفيذ بمقتضى عقد مسجل قبل تسجيل التنبيه ولم تقم الطاعنة بإنذارها بدفع الدين أو تخلية هذا الجزء من العقار، وقيد الاعتراض برقم 323 سنة 1963 شبين الكوم الابتدائية. وبتاريخ 29/ 3/ 1964 حكمت محكمة أول درجة ببطلان إجراءات التنفيذ التي اتخذتها الطاعنة، واستندت المحكمة في قضائها إلى سبب الاعتراض المشار إليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 173 سنة 14 ق طنطا. وبتاريخ 27/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري التي اتخذتها الطاعنة ضد المطعون عليه تأسيساً على أن السيدة إنعام محمود خفاجي حائزة لجزء مساحته 20 ط من العقار المنفذ عليه آل إليها من أخيها المطعون عليه بعقد بيع مسجل قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، وأن الطاعنة لم تقم بما توجبه المادتان 626، 628 من قانون المرافعات السابق من إنذار الحائزة المذكورة بالدفع أو التخلية مما يترتب عليه سقوط تسجيل التنبيه وبطلان إجراءات التنفيذ، في حين أن الطاعنة ليست إلا دائنة عادية فلا تعتبر المتصرف إليها في جزء من العقار المنفذ عليه حائزة يلزم إنذارها، ذلك أنه يشترط كي يعتبر المتصرف إليه في العقار المنفذ عليه حائزاً له أن يكون هذا العقار مثقلاً بحق رهن أو اختصاص أو امتياز، وأن يباشر الدائن صاحب هذا الحق العيني إجراءات التنفيذ على هذا العقار بما له من حق التتبع، وإذ لم يبين الحكم المطعون فيه كيف حصل توافر الشروط القانونية على النحو سالف البيان والتي تعتبر بموجبها المتصرف إليها حائزة يلزم إنذارها، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب. هذا إلى أن الحكم قرر أن بطلان إجراءات التنفيذ لعدم إنذار الحائزة لا يقتصر على الجزء المتصرف فيه من العقار المنفذ عليه، بل يشمل العقار بأكمله وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن منازعة المطعون عليه بهذا الوجه من الاعتراض تنطوي في الحقيقة على تخلف شرط من الشروط الموضوعية لصحة التنفيذ وهي كون العقار المنفذ عليه مملوكاً للمدين المنفذ ضده، وإذ لم تتناول هذه المنازعة إلا جزءاً من العقار المنفذ عليه الذي انتقلت ملكيته إلى الغير، فإن إجراءات التنفيذ لا توقف إلا بالنسبة لهذا الجزء.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 1060/ 2 من القانون المدني قد نصت على أنه "ويعتبر حائزاً للعقار المرهون كل من انتقلت إليه بأي سب من الأسباب ملكية هذا العقار أو أي حق عيني آخر عليه قابل للرهن، دون أن يكون مسئولاً مسئولية شخصية عن الدين المضمون بالرهن"، ونصت المادة 626/ 1 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم الدعوى على أنه "إذا كان العقار المرهون في يد حائز آل إليه بعقد مسجل قبل تسجيل التنبيه وجب إنذاره بدفع الدين أو تخليته العقار وإلا جرى التنفيذ في مواجهته". وكان مفاد هذين النصين مرتبطين أن الحائز في التنفيذ العقاري هو من اكتسب ملكية عقار مرهون أو حقاً عينياً عليه يجوز رهنه وذلك بموجب سند مسجل سابق في تسجيله على تسجيل تنبيه نزع الملكية دون أن يكون مسئولاً شخصياً عن الدين المضمون، وكان إنذار الحائز وما يترتب على الإنذار وعدمه لا شأن له - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بالنسبة للدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الاختصاص الذي حكمه حكم المرتهن بما له من حق تتبع العقار في أي يد يكون، أما الدائن العادي ففكرة الحيازة الواجب إنذار صاحبها منتفية بالنسبة له تماماً، ذلك أنه متى كان المدين قد تصرف في العقار تصرفاً شهر قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، فإن التصرف ينفذ في حق هذا الدائن العادي، ولا يجوز له وهو لا يملك حقاً عينياً على العقار المذكور يحتج به على من تنتقل إليه الملكية، أن يتخذ إجراءات التنفيذ على ذلك العقار الذي خرج من ملكية مدينه. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان إجراءات التنفيذ تأسيساً على قبول الوجه الأول من اعتراضات المدين المطعون عليه، ومبناه أن الطاعنة أغفلت إنذار الحائزة السيدة إنعام محمود خفاجي التي آل إليها جزء من العقار المنفذ عليه ومساحته 20 ط بتصرف مسجل قبل تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية، دون أن يبين ما إذا كان للطاعنة على العقار المنفذ عليه حق عيني تبعي وما إذا كانت السيدة إنعام محمود خفاجي قد آل إليها جزء من هذا العقار بعد قيد الحق العيني وقبل تسجيل تنبيه نزع الملكية حتى تعتبر حائزة يتعين على الطاعنة أن تنذرها عند اتخاذ إجراءات التنفيذ بما لها من حق التتبع على العقار، أم أن الطاعنة مجرد دائنة عادية فلا يجوز لها التنفيذ على ما تم التصرف فيه إلى السيدة المذكورة وانتقل إليها ملكيته قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، وكان هذا البيان هو مما يتعين على محكمة الموضوع تحصيله حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة تطبيق القانون بشأنه، وإذ ينطوي الاعتراض سالف الذكر في نفس الوقت على تخلف شرط من الشروط الموضوعية لصحة التنفيذ، هي كون العقار المنفذ عليه مملوكاً للمدين المنفذ ضده، لما قرره هذا الأخير من أنه تصرف في جزء من العقار موضوع التنفيذ إلى السيدة إنعام محمود خفاجي بعقد بيع تم شهره قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، وكانت المنازعة بهذه المثابة كما بينها الحكم المطعون فيه تعتبر من أوجه البطلان التي يجوز إبداؤها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع ومن حق المدين أن يتمسك بها وتؤدي إن صحت إلى إلغاء إجراءات التنفيذ بالنسبة لهذا الجزء من العقار الذي خرج من ملكية المدين واستمراره بالنسبة للجزء الباقي، وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن هذا البحث واكتفى بالقول بأن السيدة إنعام محمود خفاجي حائزة ولم تنذر دون أن يبين الأسباب التي استند إليها في اعتبارها حائزة ورتب الحكم على عدم إنذارها سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية وبطلان إجراءات التنفيذ بالنسبة للعقار بأكمله، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


 (1) نقض 27 ديسمبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1985.

الطعن 19 لسنة 38 ق جلسة 1 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 أحوال شخصية ق 88 ص 545

جلسة أول إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(88)
الطعن رقم 19 لسنة 38 ق: "أحوال شخصية"

حكم. "عيوب التدليل". "قصور. ما يعد كذلك". أحوال شخصية. "دعوى التطليق للضرر". استئناف.
إقامة الحكم الابتدائي قضاءه بالتطليق على دعامتين مختلفتين مستقلتين. تعرض الحكم الاستئنافي لإحدى هاتين الدعامتين دون الأخرى. قصور.

--------------
إذا أقام الحكم الابتدائي قضاءه بتطليق الطاعنة على دعامتين مختلفتين تستقل إحداهما عن الأخرى، واكتفى الحكم المطعون فيه - في إلغائه للحكم الابتدائي - بالرد على إحدى هاتين الدعامتين دون أن يعرض لبحث الدعامة الأخرى وهي دعامة جوهرية فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ سونيا أفاديس تشاكجيان أقامت الدعوى رقم 730 سنة 1965 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد زوجها أغاس نيقول زهراب مدغشيان تطلب فيها الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وبعدم تعرضه لها في أمور الزوجية مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجت بالمدعى عليه بعقد رسمي مؤرخ 8/ 4/ 1957 موثق بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة برقم 5060 سنة 1957 وأشهر في بطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة في 5/ 5/ 1957، وقد رزقت منه بابنتين في حضانتها. ولكنها ما لبثت أن تكشفت أنه شاب عصبي، تلازمه نوبات ضجر وسأم تتطور إلى هياج شديد، وكلما حاولت رده إلى حالته الطبيعية أساء معاملتها واعتدى عليها بالضرب ومنعها من زيارة والديها، بل وكثيراً ما تظهر عليه علامات تهيج شديد تفقد أثناءها الأمن في كنفه، كما أنه يأتي معها تحت الضغط والإكراه أفعالاً تبلغ من القبح وسوء السلوك غايتهما مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وأنها صبرت عليه طويلاً دون جدوى مما اضطرها إلى ترك منزل الزوجية، وقد طال هذا الخلاف واستمرت الفرقة لمدة جاوزت الخمس سنوات فشلت خلالها كل محاولات الصلح أو الإصلاح فاتفقا على إنهاء العلاقة الزوجية، وتحرر بذلك إقراراً تاريخه 12/ 5/ 1965 وقع عليه الزوج وأقر فيه بوجود الخلف واستمراره وإخفاق المساعي التي بذلت في إزالة أسبابه، وإذ كانت هي مسيحية بروتستانية وهو مسيحي أرثوذكسي وتخضع أحوالهما الشخصية لأحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز التطليق للضرر، فضلاً عن أن المدعى عليه كان قد اعتنق الدين الإسلامي ثم ارتد عنه، مما يوجب الفرقة بين الزوجين. فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. وأنكر المدعى عليه اعتناقه الإسلام وردته عنه. ثم طلب الحكم برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أنه والمدعية أرمن أرثوذكس ومتحدان في الطائفة والملة وتحكمهما شريعتهما. وبتاريخ 25/ 3/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن المدعى عليه أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما على أن يكون للمدعى عليه النفي بذات الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين، عادت بتاريخ 16/ 12/ 1965 فحكمت حضورياً بتطليق المدعية من المدعى عليه طلقة بائنة وألزمته بالمصروفات وبمبلغ 200 قرشاً مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 127 سنة 84 قضائية. وبتاريخ 25/ 5/ 1968 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف موضوعاً ورفض الدعوى وألزمت المستأنفة بالمصروفات وخمسة عشر جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، أن الحكم الابتدائي أقام قضاءه بتطليقها من المطعون عليه على نتيجة التحقيق الذي تولته المحكمة وعلى سبب أساسي آخر هو إقرار المطعون عليه في عقد الاتفاق المؤرخ 12 مايو سنة 1965 الموقع عليه منه والذي أقر فيه بصحة سبب الدعوى فضلاً عن الأوراق الأخرى التي أشار إليها الحكم تفصيلاً. ولكن الحكم المطعون فيه - وهو بسبيل إلغاء الحكم الابتدائي - اكتفى باستبعاد الدليل المستمد من البينة مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن نصاب الشهادة في هذه الدعوى رجلان أو رجل وامرأتان وأن شرط صحة شهادة المرأتين سماعهما معاً في مجلس واحد، ثم خلا خلواً تاماً مما يدل على أن المحكمة اطلعت على عقد 12 مايو سنة 1965 الذي هو أساس الدعوى أو على غيره من الأوراق أو أنها عنيت ببحث هذه المستندات، وأنه لما كان القضاء ببطلان التحقيق لا يؤثر في الأدلة الأخرى التي أقيم عليها الحكم الابتدائي وهي أدلة جوهرية وكافية وحدها لحمل قضائه فإن الحكم المطعون فيه وقد أبطل البينة ثم أغفل ما عداها من الأدلة يكون مشوباً بالقصور وبالإخلال بحق الطاعنة في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي يبين أنه أقام قضاءه بتطليق الطاعنة من المطعون عليه على ما قرره من أن "الثابت من أقوال شهود الإثبات الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم أن الزوج المدعى عليه اعتدى على زوجته المدعية اعتداءاً جسيماً وأساء معاملتها" وأن ذلك تأيد "من مجريات الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ومدلول الاتفاق الصادر في 12 مايو سنة 1965 الذي أقر فيه المدعى عليه باستحكام الخلف بينه وبينها وكانت الأفعال التي قارفها المدعى عليه والتصرفات المهينة لكرامتها والمؤذية لشعورها وهي طالبة جامعية مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها" وهو بذلك يكون قد أقام قضاءه بتطليق الطاعنة - من المطعون عليه - على دعامتين مختلفتين تستقل إحداهما عن الأخرى "أولاهما" ما حصلته المحكمة من أقوال شهود الإثبات "وثانيهما" ما استخلصته من مجريات الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ومدلول الاتفاق المؤرخ 12 مايو سنة 1965. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي على ما قرره من أنه "من ضمن الشروط الموضوعية اللازمة لصحة الدليل أن تكون الاثنين من النساء معاً في مجلس واحد عند سماع الشهادة لأن الفقه الحنفي نص على أن القاضي لا يفرق بين الشاهدتين كما يفرق بين الشاهدين" وأن "محكمة أول درجة قد أخطأت حينما استمعت إلى شهادة كل من الشاهدتين الثانية والرابعة على انفراد" وأنه بذلك "لم يبق في الدعوى سوى شهادة الشاهد الثالث وعلى فرض صحتها فهي لا يبنى عليها حكم لأنها شهادة فرد ولابد لمثل هذه الدعوى من النصاب في الشهادة وهو رجلان أو رجل وامرأتان" فإنه بذلك يكون قد عرض لإحدى دعامتي الحكم الابتدائي وهي "البينة" وغفل عن دعامته الثانية وهي "الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ودلالة الاتفاق الصادر في 12 مايو سنة 1965" وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه في إلغائه للحكم الابتدائي بالرد على إحدى دعامتيه المختلفتين دون أن يعرض لبحث دعامته الباقية وهي دعامة جوهرية فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

الطعن 139 لسنة 37 ق دستورية عليا جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 139 لسنة 37 قضائية "دستورية"، المحالة من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، بحكمها الصادر بجلسة 9/ 3/ 2015، في الدعويين رقمي 25872، 25873 لسنة 61 قضائية.

المقامة أولاهما من
علاء زهدي زكي فرّاج، بصفته أمين عام نقابة المهندسين بالبحيرة
ضد
1- وزير العدل 2- مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري 3- وزير الأشغال العامة والموارد المائية 4- أمين عام مصلحة الشهر العقاري 5- رئيس مكتب توثيق دمنهور
والمقامة ثانيتهما من
سعيد عبد القادر عبد المالك قريطم، بصفته رئيس لجنة تسيير أمور نقابة المهندسين بالبحيرة
ضد
1- وزير العدل 2- رئيس محكمة دمنهور الابتدائية 3- رئيس قلم كتاب محكمة دمنهور الابتدائية

-------------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثاني من سبتمبر سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعويين رقمي 25872، 25873 لسنة 61 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 9/ 3/ 2015، بوقف الدعويين، وإحالة أوراقهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة رقم (51) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، فيما نصت عليه من إعفاء النقابة من كافة الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها، وكذا إعفاء أموال النقابة العامة والنقابات الفرعية، الثابتة منها والمنقولة، وجميع أموال صندوق المعاشات والإعانات، والإيرادات الاستثمارية من جميع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أيًّا كان نوعها أو تسميتها. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه بمناسبة فرض الحراسة القضائية على نقابة المهندسين والنقابات الفرعية، تقدم أمين عام النقابة الفرعية بالبحيرة - المُدّعي في الدعوى الموضوعية الأولى - إلى مكتب توثيق دمنهور النموذجي، طالبًا عمل إقرار بالتخالص عن مديونية عدد من أعضاء النقابة، وقدم لإثبات صفته التوكيل العام رقم 2416 ب لسنة 1999، ورفض المكتب التصديق على الإقرارات؛ على سند من أن وكالة المدعى لا تبيح له التوقيع على المخالصات أمام الشهر العقاري، وعدم اعتماد محضر نقابة المهندسين من الوزارة المختصة، فضلًا عن عدم حصوله على توكيل في القضايا من الحارس القضائي المعين لإدارة النقابة من قبل المحكمة، فأقام الدعوى رقم 25872 لسنة 61 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ قرار مكتب توثيق دمنهور السلبى، بالامتناع عن إجابته لطلبه المشار إليه؛ على سند من أن حكم الحراسة القضائية على نقابة المهندسين قاصر على النواحي المالية دون الإدارية والمهنية.
ومن جانب آخر، أقام المُدّعي في الدعوى الموضوعية الثانية دعواه الرقيمة 25873 لسنة 61 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، طالبًا القضاء بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعفاء النقابة الفرعية بدمنهور، من جميع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أي سلطة عامة أخرى، وما يترتب على ذلك من آثار. وتساند في هذه الدعوى إلى أن النقابة، كانت قد وجهت إنذارات قضائية إلى مهندسين من أعضائها، بسداد مبالغ نقدية مستحقة لها، فقام قلم المحضرين بفرض رسوم على تلك الإنذارات، حال أن النقابة معفية من الرسوم بموجب نص المادة (51) من قانونها رقم 66 لسنة 1974.
وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين، ليصدر فيهما حكم واحد، قضت فيهما بجلسة 9/ 3/ 2015، بوقف الدعويين، وإحالة أوراقهما إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية النص المشار إليه، على سند من أن المشرع لم يُبين علة إعفاء النقابة من كافة الضرائب والرسوم، ولم يمنح هذا الإعفاء لأى من أشخاص القانون الخاص، أو لغيرها من أشخاص القانون العام، المحملة بالأعباء ذاتها التي تتحملها النقابة، بما يخل بمبدأ المساواة.
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين تنص على أن" تعفى نقابة المهندسين والنقابات الفرعية من جميع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها. وتعفى أموال النقابة والنقابات الفرعية، الثابتة منها أو المنقولة، وجميع أموال صندوق المعاشات والإعانات، والإيرادات الاستثمارية من جميع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أيًّا كان نوعها أو تسميتها".
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، لعدم توافر المصلحة، فإنه مردود بأن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. وقوام هذه المصلحة أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية. متى كان ذلك، وكانت طلبات المدعي في الدعوى الموضوعية رقم 25873 لسنة 61 قضائية، تتحدد في إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعفاء النقابة الفرعية بدمنهور، من رسوم الإنذارات القضائية، فإن الفصل في دستورية الفقرة الأولى من المادة (51) من قانون نقابة المهندسين المشار إليه، فيما نص عليه من إعفاء النقابة من جميع الرسوم، يرتب انعكاسًا أكيدًا وأثرًا مباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، مما يتوافر معه شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما نصت عليه تلك الفقرة من إعفاء نقابة المهندسين والنقابات الفرعية، من سداد جميع الرسوم، أيًّا كان نوعها أو تسميتها، دون غيرها من باقي أحكام نصى فقرتي تلك المادة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن النصوص القانونية التي ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
وحيث إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يَرْتَئِيه محققا للصالح العام. وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأى سبب، وذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) من الدستور، بما مؤداه: أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص التشريعي - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن إنشاء النقابات على أساس ديمقراطي حقٌّ يكفله القانون، بما لها من شخصية اعتبارية تمارس من خلالها نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. والأمر ذاته بالنسبة للنقابات المهنية، فينظم القانون إنشاءها وإدارتها على أساس ديمقراطى يكفل استقلالها ويحدد مواردها، وفقًا لنصى المادتين (76، 77) من الدستور، بما يشمله ذلك من ضرورة توفير الرعاية الاجتماعية لأعضائها وتقرير المعاشات التى تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها.
وحيث إن تنظيم المهن الحرة، ومنها مهنة الهندسة، باعتبارها مرافق عامة، مما يدخل في صميم اختصاص الدولة، بوصفها قوامة على المصالح والمرافق العامة، فإذا رأت الدولة أن تتخلى عن هذا الأمر، لأعضاء المهنة أنفسهم - من خلال النقابات التى ينتسبون إليها - لكونهم الأقدر عليه، وتخويلهم نصيبًا من السلطة العامة يستعينون به على تأدية رسالتهم، مع الاحتفاظ بحقها في الإشراف والرقابة تحقيقًا للصالح العام، فإن مؤدى ذلك أن تقوم الهيئات التمثيلية لهذه المهن بما تلتزم به الدولة تجاه أصحابها.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى النص في عجز الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن" يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأى متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة "، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة للدولة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، فإن ما يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التى أعدت مشروع الدستور - أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفى أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد المالية في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة - بحسبانها استثناءً من الأصل العام - أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعى صريح ذى طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه، سواء كان ذلك التخصيص بطريق مباشر لهذا المصرف، أو بطريق غير مباشر، من خلال إعفائه من أداء أحد الموارد العامة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الرسم مبلغ من النقود تحصله الدولة جبرًا من شخص معين، مقابل خدمة يؤديها له أحد مرافقها، ومن ذلك مرفق القضاء، ومناط استحقاق الرسم قانونًا أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، عوضًا عما تتكبده الدولة من نفقات لأداء الخدمة التي تتولاها في سبيل تسيير مرفق العدالة.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط محددة تعتبر تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. ويتمثل جوهر هذه السلطة في المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التى تتزاحم فيما بينها على تنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها غير الحلول التى يقدر مناسبتها أكثر من غيرها لتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعى مرتبطًا منطقيًّا بهذه الأغراض - وبافتراض مشروعيتها - كان هذا التنظيم موافقًا للدستور.
وحيث كان ذلك، وكانت المادة (2) من القانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن نقابة المهندسين، قد بينت أهداف النقابة، ومن بينها الارتقاء بالمستوى العلمى والمهنى للمهندسين، والمحافظة على كرامة المهنة، ووضع وتطبيق الأسس الكفيلة بتنظيم ممارستها وأداء أعضائها لواجبهم في خدمة البلاد، وتعبئة قوى أعضاء النقابة وتنظيم جهودهم في خدمة المجتمع لتحقيق الأهداف القومية وأهداف التنمية الاقتصادية ومواجهة مشكلات التطبيق واقتراح الحلول المناسبة لها، والاشتراك الإيجابى في العمل الوطنى، والعمل على رفع مستوى الأعضاء من النواحى الهندسية والاجتماعية والمادية وتأمين حياتهم، ورعاية أسرهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا وصحيًّا وثقافيًّا، والإسهام في دراسة خطط التنمية الاقتصادية والمشروعات الصناعية والهندسية، والعمل على ربط البحوث العلمية والهندسية بمواقع الإنتاج، وذلك بدراسة أساليب الإنتاج ووسائل تحسينه وزيادته وخفض تكاليفه، والعمل على نشر الوعى الهندسى.
وحيث إنه تمكينًا لنقابة المهندسين من تحقيق الأهداف المتقدمة، فقد أعفاها المشرع - بموجب النص التشريعى المحال - من جميع الرسوم التى تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى، مهما كان نوعها أو تسميتها، وذلك في إطار استعماله لسلطته التقديرية في تنظيم الأعباء المالية العامة، والمحمل بأدائها، وحالات الإعفاء منها، على نحو يحقق المصلحة العامة، ويُمكّن تلك النقابة من تحقيق الأغراض التي حددها لها على الوجه الأكمل، من خلال مواردها المالية الذاتية، دون أن يقتطع منها جزءًا لتخصيصه للوفاء بالرسوم التي أعفاها منها، ذلك أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق هو إطلاقها، باعتبار أن جوهرها تلك المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم التشريعى، موازنًا بينها، مرجحًا ما يراه أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها لأكثر المصالح ثُقلاً في مجال إنفاذها.
متى كان ذلك، وكان المشرع في مجال سلطته في الاختيار بين البدائل المتاحة أمامه، عند إقراره أحكام النص المطعون فيه، قد فاضل بين وجهين من أوجه المصلحة العامة، أولهما: يتمثل في استيفاء الدولة لهذه الرسوم باعتبارها موارد سيادية، الأمر الذي يصب بشكل مباشر في المصلحة العامة، وينعكس إيجابًا على إيرادات الخزانة العامة، وقدرتها على الوفاء بما هو موكول إليها. وثانيهما: المصلحة العامة المتعينة في تمكين نقابة المهندسين من الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للمهندسين، والمحافظة على كرامة المهنة، وتعبئة قوى أعضائها، وتنظيم جهودهم في خدمة المجتمع لتحقيق لأهداف القومية، وأهداف التنمية الاقتصادية، وغيرها من الأهداف التي من أجلها قامت النقابة، ويتعذر تحقيقها إلا بالحفاظ على مواردها المالية وتدعيمها. الأمر الذي قدّر معه المشرع أولوية الوفاء بالهدف الأخير، لكونه الأقرب لتحقيق الصالح العام، من خلال إعفاء النقابة من جميع الرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها. ومن جانب آخر، فقد توافرت في هذا الإعفاء كافة الضوابط الدستورية المقررة لتخصيص أحد الموارد العامة لهذه النقابة من خلال الإعفاء من أدائه، إذ تقرر بموجب قانون، ولتحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، متوخيًا من ذلك عدم الانتقاص من الموارد المالية للنقابة، بمقدار الرسوم محل الإعفاء، حتى تتمكن من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، وتقديم الخدمات المنوطة بها، التى تُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته. ومن ثم يكون هذا التخصيص - عن طريق الإعفاء المشار إليه - قد وافق الغايات الصريحة للدستور.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم قالة مخالفة النص التشريعى المحال لمبدأ المساواة المقرر بالمادة (53) من الدستور، ذلك أن النقابة تتمتع ببعض امتيازات السلطة العامة، ومنحت قسطًا من السلطة العامة بالقدر الذي يمكنها من أداء رسالتها، ومن ثم فإنها تُعد من الأشخاص الاعتبارية العامة. ويتباين مركزها القانونى عن مركز آحاد الناس من المواطنين، ومن ثم، يجوز للسلطة التشريعية أن تغاير، وفقًا لمقاييس منطقية، بين ما تقرره من أحكام لتلك المراكز التي لا تتحد معطياتها، وتتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها. ولا يغير من ذلك أن الإعفاء من الرسوم خص به المشرع نقابة المهندسين، دون غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، المحملة بأعباء تماثل تلك التى تقوم عليها نقابة المهندسين، فذلك مردود بأن المساواه تقوم عند اتحاد المراكز القانونية في مجمل عناصرها، أما في حالة اختلاف المراكز القانونية أو عنصر من عناصرها، فلا مجال لإعمال قاعدة المساواة، إذ يرتبط الإعفاء من كل أو بعض الرسوم بالملاءة المالية للشخص الاعتبارى العام، وطبيعة الأهداف التى أنشئ لتحقيقها. فضلا عن أن المشرع، ساوى في هذا الإعفاء بين سائر النقابات المهنية.
وحيث كان ما تقدم، وكان الإعفاء من جميع الرسوم، الوارد بالنص التشريعى المحال، قد تقرر في حدود السلطة التقديرية التى يملكها المشرع، منضبطًا بالأداة الدستورية الصحيحة، متوخيًا تحقيق أهداف تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى سعى لتحقيقها من وراء هذا الإعفاء، دون أن ينطوى ذلك على إخلال بمبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتكافئة، أو بأى من أحكام الدستور الأخرى، الأمر الذى تقضى معه المحكمة برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الطعن 118 لسنة 32 ق دستورية عليا جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 118 لسنة 32 قضائية "دستورية".

المقامة من
طارق حسن أحمد محمد الحصرى
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3 - وزير العدل
4 - النائب العام

--------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثالث من يونيه سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (503) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، فيما تضمنه من استثناء الشيكات المسطرة من الوفاء بقيمتها في تاريخ إعطائها، ووفائها في التاريخ المبين بها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- في أن النيابة العامة قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح سيدى جابر، في الدعوى رقم 18904 لسنة 2019، بوصف ارتكابه جريمة إصدار الشيك البنكي رقم (03217277)، المسحوب على بنك فيصل الإسلامي المصري فرع الإسكندرية لصالح البنك المسحوب عليه، بمبلغ (29535) جنيهًا، لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. قضت المحكمة بجلسة 7/12/2009، بعدم اختصاصها محليًا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها. فأعيد قيد الدعوى برقم 2672 لسنة 2010 جنح العطارين، وقدمت النيابة العامة المدعى للمحاكمة الجنائية، بالوصف ذاته، وحال نظر الدعوى، ادعى البنك مدنيًّا قبل المتهم، طالبًا إلزامه بأداء مبلغ (5001) جنيه على سبيل التعويض المؤقت، واعتصم المدعى في دفاعه بأن الشيك محل هذه الدعوى تحرر لتسوية مديونية عليه لصالح البنك، تحرر عنها عدد 166 شيكًا بتاريخ 6/1/2006، من بينها الشيك محل هذه الدعوى، وإذ اتُفِقَ على استحقاقه بتاريخ 23/6/2008، ونفاذَا لذلك سطر بسطرين متوازيين في جانبه لتأكيد استحقاقه في التاريخ المدون عليه، ودفع بعدم دستورية نص المادة (503) من قانون التجارة، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وأثناء إجراءات تحضير الدعوى الدستورية أمام هيئة المفوضين، قدم وكيل المدعى إلى محكمة الجنح إقرارًا بالتخالص عن قيمة الشيك من البنك المسحوب عليه، فقضت تلك المحكمة بجلسة 13/12/2010، بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها- أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وإن كانت الدعوى الدستورية تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، فإن هاتين الدعويين لا تنفكان عن بعضهما من زاويتين، أولاهما: أن المصلحة في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلب الموضوعي المرتبط بها، وثانيتهما: أن يصبح الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفًا على الفصل في الدعوى الدستورية، بما مقتضاه أن يكون النزاع الموضوعي ما زال قائما عند الفصل في الدعوى الدستورية، وإلا أصبح قضاء المحكمة الدستورية دائرًا في نطاق الحقوق النظرية البحتة، بزوال المحل الموضوعي الذى يمكن إنزاله عليه. لما كان ذلك، وكان المدعى قد أقام الدعوى الدستورية طالبًا الحكم بعدم دستورية النص المطعون فيه فيما تضمنه من استثناء الشيكات المسطرة من الوفاء بقيمتها في تاريخ إعطائها، ووفائها في التاريخ المبين بها. وكانت محكمة الموضوع قضت بجلسة 13/12/2010، بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح، وهو قضاء يعادل في أثره براءة المدعى من الاتهام المسند إليه، ومن ثم فإن الفصل في الدعوى الدستورية لم يعد لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.