الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 أغسطس 2021

الطعن 57446 لسنة 60 ق جلسة 6 / 2 / 2016 إدارية عليا مكتب فني 61 ج 1 ق 47 ص 605

جلسة 6 من فبراير سنة 2016

الطعن رقم 57446 لسنة 60 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي، وسعيد عبد الستار محمد سليمان، وهشام السيد سليمان عزب، ود. رضا محمد دسوقي. نواب رئيس مجلس الدولة

-------------

(أ‌) جامعات:
أعضاء هيئة التدريس– تأديبهم- مبدأ (سنوية تشكيل مجلس التأديب)- لا يجوز المساس بتشكيل المجلس حال قيامه وقبل انتهاء السنة المحددة له، إلا لقوة قاهرة أو لظرف طارئ- مبدأ (سنوية التشكيل) من أهم المبادئ التي يقوم عليها النظام القضائي العام، ولذلك لا يجوز تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة شخص بعينه؛ لما في ذلك من مخالفة صارخة للدستور- لما كانت مجالس تأديب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات هي في حقيقتها محاكم تأديبية، فإنها تخضع لمبدأ (سنوية التشكيل)؛ لما في ذلك من ضمانات للتقاضي على وجه يبعث اطمئنان ذوي الشأن- مخالفة هذا المبدأ تستتبع بطلان القرار الصادر عن مجلس التأديب.
- المادة (109) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
- المادة (31) من اللائحة التنفيذية لهيئة الطاقة الذرية، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 47 لسنة 1991.

 (ب‌) جامعات:
أعضاء هيئة التدريس– تأديبهم- مجلس التأديب- سرية المداولة- توقيع سكرتير مجلس التأديب على قرار المجلس يعد إخلالا بسرية المداولة، ويبطل القرار.

 (ج‌) موظف:
تأديب – مبدأ الأصل في المتهم البراءة- كل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يعد بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات- يترتب على هذا الافتراض عدم جواز إدانته بغير أدلة جازمة تخلص إليها المحكمة، فالأحكام تبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين، لا الظن والاحتمال، وكل شك في إثبات الجريمة يجب أن يفسر في مصلحة المتهم.

 (د‌) موظف:
تأديب – الحكم في الدعوى التأديبية – سلطة المحكمة التأديبية في تقدير أدلة الدعوى- العبرة باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه- من حق القاضي التأديبي أن يستخلص من جميع العناصر المطروحة أمامه الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعه، وأن يطرح ما يخالفها من صور أخرى، مادام استخلاصه سائغا، مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق- جعل القانون من سلطة القاضي أن يزن قوة الأدلة في مجال الإثبات، وأن يأخذ منها أية بينة أو قرينة يحتاج إليها دليلا لحكمه، وله أن يزن أقوال الشهود فيأخذ منها ما يطمئن إليه ويطرح ما لا يطمئن إليه، ويكفي أن يتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة؛ إذ إن مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل.

 (هـ) موظف:
تأديب– الاعتراف كدليل في الإثبات- الاعتراف المعول عليه يجب أن يكون محددا وواضحا، لا لبس فيه ولا غموض، وواردا في الواقعة المسندة إليه، ويجب أن يكون من الصراحة والوضوح، بحيث لا يحتمل تأويلا بالاعتراف الغامض، أو يحتمل أكثر من معنى لا يصح التعويل عليه.

 (و) موظف:
تأديب– شهادة الشهود- لا تُقبل شهادة الشاكي وحدها في مجال الإدانة؛ لأنه يقف موقف الخصم من المتهم، ولا يصح بحكم العقل والمنطق أن تكون الإدانة مبنية على شهادة الشاكي فقط، دون أي دليل آخر.

 (ز) دعوى:
الطعن في الأحكام- أثر إلغاء الحكم المطعون فيه للمرة الثانية- إذا قضت محكمة الطعن بإلغاء الحكم المطعون فيه للمرة الثانية، وجب عليها أن تحكم في الموضوع، ولا تعيد الدعوى مرة أخرى إلى محكمة أول درجة.
- المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

-------

الوقائع

في يوم الأربعاء الموافق 20/8/2014 أودع الأستاذ/... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 57446 لسنة 60ق عليا، طعنا في القرار الصادر عن مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بهيئة الطاقة الذرية بجلسة 29/6/2014 في الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2011، فيما قضى به من مجازاته بالعزل من الوظيفة.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءته مما نسب إليه.

وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما نسب إليه.

ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت إحالته إلى دائرة الموضوع، وتدوول نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، حتى قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.

وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءته مما نسب إليه.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصره تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 22/2/2011 أصدر أ.د/ رئيس هيئة الطاقة الذرية قراره رقم 155 لسنة 2011 متضمنا إحالة الدكتور/... الأستاذ المساعد بقسم المفاعلات- شعبة المفاعلات الذريةبمركز البحوث النووية إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالهيئة لمساءلته فيما نسب إليه من نشره بوسائل الإعلام المرئية والمقروءة معلومات وبيانات وإفشاء أسرار عن هيئة الطاقة الذرية وقيادتها وبعض أعضاء البحث العلمي بها، بما يسيء إليهم، ويعرض أمن الوطن للخطر.

وبجلسة 8/6/2011 قرر المجلس مجازاته بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

ولم يلق هذا القرار قبولا لديه فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 11453 لسنة 58ق عليا، وبجلسة 15/6/2013 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بهيئة الطاقة الذرية للفصل فيها من هيئة مغايرة؛ وذلك لعدم إعلان الطاعن بقرار إحالته إلى مجلس التأديب وبموعد جلسة المحاكمة.

ونفاذا لذلك أصدرت الهيئة قرارها رقم 1271 لسنة 2013 بتاريخ 12/12/2013 متضمنا... وإحالة المذكور إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالهيئة لمحاكمته تأديبيا مجددا عن الاتهامات المنسوبة إليه في الدعوى رقم 6 لسنة 2011 بهيئة مغايرة.

وجرى تداول الدعوى التأديبية بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29/6/2014 قرر المجلس مجازاته بالعزل من الوظيفة؛ وذلك على سند من ثبوت المخالفات المنسوبة إليه مما انتهت إليه التحقيقات التي أجريت في هذا الخصوص، والتي أثبتت نسبة المحال إلى مرءوسيه وزملائه من الأساتذة بالهيئة وإلى الهيئة ذاتها على صفحات الصحف وأجهزة الإعلام المرئية وقائع بغير دليل، تمس شرفهم واعتبارهم، ودون سند من الواقع، دون أن ينال من ذلك ما يتمسك به المحال من بطلان التحقيقات التي أجريت في خصوص المخالفات المنسوبة إليه؛ وذلك لتقاعسه عن الحضور أمام المحقق لأسباب راجعة إليه وحده، على نحو يكون هو الذي تسبب في تفويت فرصة الدفاع عن نفسه، ولما كانت المخالفات التي ارتكبها المحال تستوجب معاقبته بالشدة الرادعة، لاسيما وأن الهيئة التي تم نشر أخبارها تعد جزءا من الأمن القومي للوطن، مما يعرضها للخطر والمساس بسمعتها بالهيئات الأجنبية، فإن ذلك يستوجب مجازاته بالعزل من الوظيفة.

وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والغلو في توقيع الجزاء؛ وذلك لبطلان قرار إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب الذي أصدر القرار الطعين؛ لعدم إجراء تحقيق في الوقائع المنسوبة إليه وإعداد تقرير بشأنها للعرض على السلطة المختصة ليحال بموجبه إلى مجلس التأديب، إلا أن الهيئة المطعون ضدها قد اعتمدت على التحقيقات التي أجريت بشأن هذه المخالفات والتي أضحت غير موجودة واقعا أو قانونا؛ لسبق قضاء المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 15/6/2013 في الطعن رقم 11453 لسنة 58ق عليا بإلغاء قرار مجلس التأديب في الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2011 بجلسة 8/6/2011 بمجازاة الطاعن بالعزل من وظيفته مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، بما مقتضاه إلغاء جميع الإجراءات المرتبطة بهذا القرار، ومنها التحقيقات التي أجريت في هذا الخصوص.

كما خلت الأوراق والتحقيقات من أي دليل ينبئ عن صحة ارتكابه للمخالفات التأديبية؛ وذلك لعدم النص عليها ضمن الجرائم والمخالفات الواردة حصرا بقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، وأن ما قام به الطاعن يقتصر على إبلاغ السلطات الرسمية والجهات القضائية ببعض الوقائع التي استوجبت إعلامهم بها في إطار حقه في تقديم الشكوى.

كما التفت مجلس التأديب عما أبداه من أوجه دفاع أمامه تجسدت في عدم إعلانه بقرار إحالته إلى مجلس التأديب وبتقرير الاتهام، وعدم إجراء تحقيق قانوني معه، وعدم إطلاعه على أوراق التحقيقات.

وأخيرا فقد شاب هذا القرار غلو في مجازاة الطاعن عن بعض الوقائع، فحتى لو كانت صحيحة فإنها لا تستدعي كل ذلك، مما يخرج هذه العقوبة عن نطاق المشروعية.

وخلص الطاعن إلى طلب القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وببراءته مما نسب إليه.

وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد نصت على أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة، وأن الدولة تخضع للقانون، وأن استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانة أساسية لحماية الحقوق، وأن العقوبة شخصية، وأنه لا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، وألا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، وأن المحاكم الاستثنائية محظورة.

وحيث إن المادة (31) من اللائحة التنفيذية لهيئة الطاقة الذرية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 47 لسنة 1991 تنص على أن: "تطبق في شأن شاغلي وظائف هيئة البحث العلمي وأعوانهم من المدرسين المساعدين والمعيدين بالهيئة والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين والزائرين، في كل ما يتعلق بالتعيين والترقية والنقل والندب والإعارة والإجازات والإيفاد والواجبات والتأديب وانتهاء الخدمة، أحكام قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، وذلك كله في ما لم يرد به نص خاص في هذه اللائحة، وبما لا يتعارض مع أحكامها".

وتنص المادة (109) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 على أن: "تكون مساءلة جميع أعضاء هيئة التدريس أمام مجلس تأديب يشكل من:

1 أحد نواب رئيس الجامعة يعينه مجلس الجامعة سنويا رئيسا

2 أستاذ من كلية الحقوق أو أحد أساتذة كليات الحقوق في الجامعات التي ليس بها كلية للحقوق يعينه مجلس الجامعة سنويا.

3 مستشار من مجلس الدولة يندب سنويا. عضوين

وفي حالة الغياب أو المانع، يحل النائب الآخر لرئيس الجامعة ثم أقدم العمداء ثم من يليه في الأقدمية منهم محل الرئيس.

ومع مراعاة حكم المادة (105) في شأن التحقيق والإحالة إلى مجلس التأديب, تسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة".

وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن المشرع في المادة (109) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه قضى بسنوية تشكيل مجالس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ومن ثم لا يجوز المساس بتشكيل المجلس حال قيامه وقبل انتهاء السنة المحددة إلا لقوة قاهرة أو لظرف طارئ؛ إذ إن هذا المجلس بمثابة محكمة تأديبية، يطعن في قراراته أمام المحكمة الإدارية العليا، بما يوجب استقرار أعضائه أثناء قيامهم بمباشرة أعمال القضاء المنوطة بهم؛ لما في ذلك من ضمانات للتقاضي على وجه يبعث اطمئنان ذوي الشأن.

وقد أكدت هذه المحكمة أن المشرع في قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 قد خصص الفصل الرابع من الباب الأول للجمعيات العمومية للمحاكم، فأوجب اجتماع جميع أعضاء المحاكم التأديبية بهيئة جمعية عمومية للنظر في المسائل المتعلقة بنظامها وأمورها الداخلية، وتوزيع العمل بين دوائرها قبل بداية كل عام قضائي، ومن ثم فإن سنوية التشكيل من أهم الأركان التي يقوم عليها النظام القضائي العام، ولذلك لا يجوز تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة شخص بعينه؛ لما في ذلك من مخالفة صارخة للدستور الذي لم يجز إنشاء محاكم استثنائية.

ولما كانت مجالس التأديب هي في حقيقتها محاكم تأديبية؛ فإنها تخضع لمبدأ (سنوية التشكيل)، لما في ذلك من ضمانات للتقاضي على وجه يبعث اطمئنان ذوي الشأن. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3410 لسنة 60ق عليا بجلسة 9/5/2015).

وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها أصدرت قرارها رقم 425 لسنة 2014 في 14/4/2014 متضمنا تشكيل مجلس تأديب خاص لنظر الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2011 تنفيذا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 11453 لسنة 58ق.ع بجلسة 15/6/2013 على النحو التالي:

1 أ. د/ نائب رئيس الهيئة لشئون المشروعات البحثية بالهيئة. رئيسا

2 أ.د/ ... أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام بجامعة القاهرة عضوا

3 السيد المستشار/ ... نائب رئيس مجلس الدولة عضوا

وقد جاء بديباجة هذا القرار أن الهيئة سبق أن أصدرت القرار رقم 554 لسنة 2013 بتشكيل مجلس التأديب لمساءلة أعضاء هيئة البحث العلمي بالمركز لمدة عام اعتبارا من 1/6/2013، وقد وافق مجلس إدارة الهيئة بجلسته بتاريخ 19/3/2014 على تشكيل مجلس تأديب خاص لنظر الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2011، مع استمرار عمل مجلس التأديب الحالي بأعضائه الأصليين.

ومن الواضح أن الهيئة بإصدارها القرار رقم 425 لسنة 2014 قد مست قاعدة سنوية تشكيل مجلس التأديب، وشكلت مجلس تأديب خاصا لمحاكمة عضو بعينه (الطاعن)، على نحو لم تستلهم معه الهيئة أحد ضوابط المحاكمة التأديبية، وهو سنوية التشكيل، وأخلت بكنف قاعدة أساسية لتحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان لذوي الشأن، وبذلك يكون مجلس التأديب الخاص الذي تولى محاكمة الطاعن قد شكل بالمخالفة للدستور والقوانين المعمول بها، وجميعها توجب محاكمة المتهم أمام قاضيه الطبيعي، وتحظر إنشاء محاكم أو مجالس تأديب استثنائية، وإذ أعقب كل هذه الإجراءات انعقاد مجلس التأديب وإصدار قراره بعزل الطاعن من وظيفته، فإنذلك يكشفعن توجه الهيئة المطعون ضدها إلى تسخير كل السلطة التي وضعها القانون بين يديها في تحقيق أغراض ومآرب بعيدة عن المصلحة العامة، بل لتحقيق غايات أخرى ترمي إلى الانتقام من الطاعن والتنكيل به، ومن ثم تكون الإجراءات التي اتخذت بشأن محاكمة الطاعن، بدءا من قرار تشكيل مجلس التأديب الخاص، وانتهاء بالقرار الذي أصدره، تكون باطلة، ولا ترتب أي أثر قانوني.

كما فرطت من جانب مجلس التأديب مخالفة جسيمة؛ لسماحه بتوقيع سكرتير مجلس التأديب على مسودة القرار المطعون فيه، على نحو أخل بسرية المداولة بين أعضاء مجلس التأديب قبل إصدار القرار المطعون فيه، والتي ينبغي أن تكون مقصورة على أعضاء مجلس التأديب فقط دون السكرتير، بما يؤكد بطلان القرار المطعون فيه إعمالا لأحكام المواد 166و167 و175 من قانون المرافعات المدنية والتجارية،وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، ومن ذلك حكمها الصادر في الطعن رقم 14185 لسنة 58ق عليا بجلسة 22/2/2014.

ولما كان ما تقدم فإن جميع الإجراءات التي اتخذتها الجهة المطعون ضدها، بدءا من عدم التحقيق مع الطاعن، مرورا بقرار الإحالة، عطفا على قرار تشكيل مجلس التأديب، وانتهاء بالقرار الذي أصدره تكون باطلة، ولا ترتب أي أثر قانوني.

وحيث إن المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه: "... ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية، ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه، وجب عليها أيا كان سبب النقض أن تحكم في الموضوع".

وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق سبق قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 15/6/2013 بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بخصوص الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2011 وإعادة محاكمة الطاعن أمام مجلس التأديب بهيئة مغايرة، وإذ ثبت صدور القرار المطعون فيه مشوبا بالبطلان للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة لا تقضي بإعادة الدعوى التأديبية مرة أخرى إلى مجلس التأديب، بل عليها إعمالا للولاية التي أسبغها عليها القانون أن تتصدى للمنازعة الماثلة، كي تنزل عليها حكم القانون على الوجه الصحيح، وذلك إعمالا لقضاء هذه المحكمة في الطعن رقم 2828 لسنة 53ق. عليا بجلسة 27/3/2010، وحكمها في الطعنين رقمي 15409، 16548 لسنة 50ق. بجلسة 29/12/2012.

وحيث إن المقرر أن كل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها يعد بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات، ويترتب على هذا الافتراض عدم جواز إدانته بغير أدلة جازمة تخلص إليها المحكمة، والعبرة هي اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فمن حقه أن يستخلص من جميع العناصر المطروحة أمامه على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعه، وأن يطرح ما يخالفه من صور أخرى، مادام استخلاصه سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق؛ لذلك جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الأدلة في مجال الإثبات، وأن يأخذ منها أية بينة أو قرينة يحتاج إليها دليلا لحكمه، وله أن يزن أقوال الشهود فيأخذ منها ما يطمئن إليه ويطرح ما لا يطمئن إليه، ويكفي أن يتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة؛ إذ إن مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل.

ويترتب على ذلك أن الأحكام تبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين، لا الظن والاحتمال، وأن كل شك في إثبات الجريمة يجب أن يفسر في مصلحة المتهم، وأن الاعتراف المعول عليه يجب أن يكون محددا وواضحا لا لبس فيه ولا غموض، وواردا في الواقعة المسندة إليه، ويكون من الصراحة والوضوح، بحيث لا يحتمل تأويلا بالاعتراف الغامض، أو يحتمل أكثر من معنى لا يصح التعويل عليه (حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 3410 لسنة 60ق عليا بجلسة 9/5/2015).

وحيث إن أوراق الطعن والتحقيقات الجارية فيه وما ساقته الهيئة المطعون ضدها من سبل لإدانة الطاعن عن تهمتي القيام بنشر معلومات وبيانات عن هيئة الطاقة الذرية، وإفشاء بعض الأسرار عن الهيئة من خلال وسائل الإعلام، وبدون ترخيص من الجهة المختصة، واقتراف أفعال تخدش الشرف والاعتبار لأعضاء هيئة البحث العلمي بالهيئة المطعون ضدها، وتشكل جرائم قذف وسب وإهانة في حق هيئة الطاقة الذرية، لكونها شخصية اعتبارية، وبحق قيادتها وبعض العاملين فيها من أعضاء البحث العلمي بها؛ فهي غير ثابتة بحقه؛ لأن التحقيقات التي أجريت في خصوص هذه المخالفات أتت قاصرة في تحصيل الدليل على ارتكاب الطاعن للمخالفة الأولى، وأيد ذلك تجاهل المحقق وإغفاله إخطار الصحف التي نشرت المقالات محل المخالفات المنسوبة إليه لبيان ما إذا كان الطاعن هو الذي أدلى بالتصريحات الواردة بها من عدمه، واكتفى المحقق بسؤال المشكو في حقهم، كما لم يتم سؤال الطاعن في تلك التحقيقات، ومن ثم فلا يوجد في هذه التحقيقات أي دليل على ارتكاب الطاعن لهذه المخالفة إلا ما قرره الشاكون، والمقرر قانونا أنه لا تقبل شهادة الشاكين وحدها؛ لأنهم يقفون موقف الخصم من المتهم، ولا يصح بحكم العقل والمنطق أن تكون الإدانة مبنية على شهادة الشاكين فقط، دون أي دليل آخر، لاسيما وأن هيئة مفوضي الدولة قد طلبت من الهيئة الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها بجلسات تحضير هذا الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة وعلى الأخص بجلسة 6/5/2015 تقديم الأقراص المدمجة الدالة على ظهور الطاعن في المحطات الفضائية للإدلاء بتلك التصريحات (محل المخالفات المنسوبة إليه)، إلا أنها لم تقدمها، فقررت هيئة مفوضي الدولة حجز الطعن لإعداد التقرير بالرأي القانوني فيه في ضوء نكول الهيئة المطعون ضدها عن تقديم دليل تطمئن إليه هذه المحكمة في إثبات ارتكاب الطاعن للجرم المسند إليه، ومن ثم فإنه قد بات على هذه المحكمة أن تأخذ بما قرره الطاعن ويتمسك به، سواء أمام مجلس التأديب عن طريق وكيله أو أمام هذه المحكمة، من أنه لم يقم بالإدلاء بتلك التصريحات الصحفية أو التلفزيونية، ويتعين براءته.

ومقتضى ما تقدم ولازمه فإن الشق الثاني من المخالفات المنسوبة إليه والقائم على ارتكاب جرائم قذف وسب وإهانة في حق هيئة الطاقة الذرية وقيادتها والعاملين بها أضحى لا وجود له بعد براءة الطاعن من الشق الأول من هذه المخالفات، القائم على الإدلاء بالأحاديث الصحفية أو التلفزيونية، ومن ثم فلا صلة له بمضمون ما ورد بهذه التصريحات أو الأحاديث مدحا أو قدحا، وبات على الهيئة -وكذلك مجلس التأديب- ألا تتمسك بأن هذه البيانات والمعلومات تشكل قذفا وسبا وإهانة في حقهم، وهو ما يتعين معه على هذه المحكمة أن تقضي ببراءته منها أيضا، دون النظر إلى صدور أحكام جنائية بإدانة الطاعن عن جرائم مماثلة لهذه المخالفات؛ وذلك لصدور هذه الأحكام في وقت تال بكثير للوقائع التي أحيل بسببها إلى مجلس التأديب الذي أصدر القرار المطعون فيه.

وإذ نهج القرار المطعون فيه غير هذا النهج، فإنه يكون قد خالف القانون، وواجب الإلغاء، وتبعا لذلك: براءة الطاعن مما نسب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وببراءة الطاعن مما نسب إليه.

الطعن 47277 لسنة 60 ق جلسة 27 / 2 / 2016 إدارية عليا مكتب فني 61 ج 1 ق 58 ص 746

جلسة 27 من فبراير سنة 2016
الطعن رقم 47277 لسنة 60 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين. نواب رئيس مجلس الدولة
----------------
(أ‌) أوراق مالية:
حلت الهيئة العامة للرقابـة المالية محل الهيئة العامة لسوق المال في تطبيق أحكام قانون سوق رأس المـال، وأناط المشرع بها الرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك سوق رأس المال، بحيث تعمل على استقرار هذه الأسواق وتنظيمها، وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, وكذلك توفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق- للهيئة القيام على حماية حقوق المتعاملين فى هذه الأسواق، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش.
- المواد أرقام (1) و(2) و(3) و(4) من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية.

(ب‌) أوراق مالية:
الدور الرقابي للدولة على عمليات تداول الأوراق المالية- ناط المشرع بكل من رئيس بورصة الأوراق المالية ورئيس هيئة الرقابة المالية سلطة وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار، وإلغاء العمليات التي تُعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح، أو التي تتم بسعرٍ لا مبرِّر له، وكذا وقف التعامل على ورقةٍ مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق، أو المتعاملين فيه، فضلا عن الاختصاص الممنوح لهيئة الرقابة المالية في مراقبة سوق المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراقٍ مالية سليمة، وأنه غير مشوب بالغش أو النصب أو الاحتيال أو الاستغلال أو المضاربات الوهمية- يلزم توفر أدلة يقينية على وقوع الضرر أو احتمال وقوعه، فلا يجوز إصدار القرار على أساس ضرر مظنون.
- المادة رقم (21) من قانون سوق رأس المال، الصادر بالقانون رقم (95) لسنة 1992.
------------
الوقائع
بتاريخ 2/7/2014 أودع الأستاذ/... المحامي وكيلا عن الطاعن (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 47277 لسنة 60 القضائية (عليا), وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري فـي الدعـوى رقم 55910 لسنة 65ق بجلسة 3/5/2014، الذي قضى بإلغـاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد 365300 سهم، المملوكة لشركة (.........) في شركة (..........)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مسـتعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وقد جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الوارد بمحضري الإعلان.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/12/2014، وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وخلالها قدم الحاضر عن الطاعن بصفته مذكرة دفاع وحافظة مستندات, وبجلسة 4/5/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/7/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال شهر, وفي هـذا الأجل أودع الطاعن بصفته مذكرة دفاع, وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 17/10/2015, وتدوول نظره أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وخلالها قدم الطاعن بصفته مذكرة دفاع, وقدم الحاضر عن المطعون ضده الأول مذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الطعن، مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وبجلسة 19/12/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/2/2016 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وخلالهما أودع كل من الطاعن بصفته والمطعون ضده الأول مذكـرة دفاع, وبهذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 20/2/2016، ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية, فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أن المطعون ضده الأول كان قد أقام الدعوى رقم 55910 لسنة 65ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/9/2011، طالبا الحكم بقبولها شكلا, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر عن اللجنة الرابعة (تظلمات) بالهيئة العامة للرقابة المالية في التظلم رقم 4 لسنة 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه الأول بصفته (الشركة الطاعنة) المصروفات والأتعاب, وذلك على سند من القول بأنه بتاريخ 6/1/2011 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد من الأسهم، منها 365300 سهم مملوكة لشركة (............)، فتظلمت الشركة المذكورة أمام لجنة التظلمات بالتظلم رقم 4 لسنة 2011، فأصدرت قرارها المطعون فيه بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 2011 المشار إليه الصادر لمصلحة المدعي حماية لحقوقه تجاه هذه الشركة, ونعى المدعي على قرار لجنة التظلمات بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن هذا القرار كان سنده مخالفة القرار رقم 8 لسنة 2011 المشار إليه للقانون، وأنه مشوب بعيب اغتصاب سلطة قاضي التنفيذ الذي عهد إليه المشرع الاختصاص بتنفيذ الأحكام القضائية, والواقع أن القرار المطعون فيه خلط بين سلطة قاضي التنفيذ ودور الهيئة العامة للرقابة المالية في الحفاظ على حقوق المساهمين في الشركات، دون مساس بدور القضاء على وفق أحكام المادة الرابعة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، وكذا المادتين (21) و(43) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، التي بموجبها يكون لرئيس الهيئة سلطة وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين بها, والثابت أن حكما قد صدر في الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق عن محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 3/6/2008 بأحقية المدعي في الاكتتاب في أسهم الزيادة البالغة 272 مليون جنيه، والذي تم خلال عام 1999، ويخصه منها 10880 سهما من أسهم شركة (...............), وصدر حكم محكمة النقض بجلسة 29/3/2009 برفض طلب وقف تنفيذ هذا الحكم, كما صدر حكمها في الطعن رقم 3196 لسنة 78ق بجلسة 23/3/2010 برفض الطعن المقام من السيد/ ............... ضد المدعي (الطاعن في الطعن الماثل) وآخرين، طعنا على حكم الاستئناف المشار إليه, وبعد دراسة الموضوع من قبل الهيئة صدر القرار رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور لآلية قانونية لرد الأسهم المستحقة للمدعي، فانتهت هذه اللجنة إلى أنه في ضوء المذكرات المعدة من قطاع الأدوات والتقارير المالية، والتي خلصت إلى أحقية المذكور في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس مال الشركة الذي تم خلال عام 1999، وكذا في الاكتتابات التالية والتي تمت في صورة أسهم مجانية, وإزاء رد بعض المساهمين الذين تم مطالبتهم برد أسهم الزيادة بأنهم لم يكونوا مختصمين في الحكم الصادر عن محكمة استئناف القاهرة, ولما كان جميع مساهمي الشركة ممن تملكوا أسهم الزيادة في رأس المال ما زالوا يحتفظون بعدد من الأسهم يساوي أو يفوق العدد المستحق للمساهم الصادر لمصلحته الحكم، فيما عدا شركة (.............) التي لم تعد تمتلك أي رصيد من أسهم الشركة، ولما كانت الهيئة ليس منوطا بها تنفيذ الأحكام القضائية إلا ما يدخل في اختصاصها على نحو مباشر, فإنه لا يسعها إلزام المساهمين نقل ملكية تلك الأسهم للمساهم الصادر لمصلحته الحكم, غير أنه بالنظر إلى اختصاصها بالقيام بحماية استقرار سوق رأس المال, وحماية مصالح المتعاملين فيه، يكون من الملائم استخدام السلطة المقررة لرئيس الهيئة في المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المستحقة للمساهم المذكور، وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين فيه، وذلك على نحو مؤقت لحين انتهاء النزاع رضاء أو قضاء، وليتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له, وبناء عليه صدر القرار رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد من الأسهم، منها 365300 سهم المملوكة لشركة (..............)، استنادا إلى المادة المشار إليها سالفا, وبذلك فإن حظر تداول الأسهم التي شملها القرار ليس إلا تدبيرا وقائيا وعملية حسابية لحفظ حقوق المدعي التي ثبتت له بموجب أحكام قضائية باتة.

يضاف إلى ذلك أنه قد سبق أن صدر للمدعي قرار في التظلم رقم 24 لسنة 2010 عن اللجنة الرابعة (تظلمات) بالهيئة بتاريخ 16/8/2010 بإلغاء قرار رفض الهيئة إلزام شركة (............) تقديم عرض شراء إجباري لشراء جميع أسهم المتظلم في شركة (..............), إلا أن الشركة المذكورة لم تنفذ هذا القرار, ومن ثم تكون الهيئة قد أعملت صحيح حكم القانون بإصدارها القرار رقم 8 لسنة 2011، ويكون قرار اللجنة الرابعة (تظلمات) في التظلم رقم 4 لسنة 2011 مخالفا للقانون.

وأضاف المدعى أن هناك سببا آخر لخطأ قرار هذه اللجنة يتمثل في أنها لم تلتزم حدود هذا التظلم المقدم من شركة (.........)، حيث قررت إلغاء قرار رئيس الهيئة المتظلم منه من قبل هذه الشركة، دون غيرها ممن شملهم القرار والذين لم يقوموا بالتظلم منه، مهدرة بإلغاء القرار برمته قاعدة وجوب الالتزام بحدود التظلم وبصفة المتظلم.

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة –بعد إيداع التقرير بالرأي القانوني فيها من قبل هيئة مفوضي الدولة–، وبجلسة 3/5/2014 صدر الحكم بقبولها شكلا, وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 8 لسنة 2011 بتاريخ 6/1/2011 بوقف التعامل على عدد 365300 سهم المملوكة لشركة (...........) في شركة (...........), مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المدعى عليها المصروفات.

وقد شيد هذا الحكم على أساس من أن مفاد المواد (1 و2و4 و3) من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية, والمواد (21 و31 و43 و44) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992, والمادة (93) من لائحته التنفيذية, والمادة (45) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، والمادتين (136 و141) من لائحته التنفيذية –مفادها جميعا– أن المشرع ناط بهيئة سوق المال -ومن بعدها الهيئة العامة للرقابة المالية- سلطة الرقابة والإشراف على سوق رأس المال، بما يكفل شفافية التعامل فى السوق، وكفالة حقوق المتعاملين فيه بمنع الغش والنصب والاحتيال والمضاربات الوهمية, والتأكد من نزاهة عمليات التداول وقيامها على أسس سليمة ومعلومات حقيقية يتساوى الجميع في العلم بها والإحاطة بمضمونها، بما يحقق التوازن بين حقوق ومصالح المتعاملين في السوق, ويحول دون استئثار قلة منهم بالمزايا والمعلومات التي تمكنهم من تحقيق أعلى الأرباح إضرارا بغالبية المتعاملين فى السوق, وتمكينا للهيئة من مباشرة سلطتها، فقد خصها المشرع ببعض السلطات التى تكفل فعالية رقابتها وإشرافها على النحو الذي نصت عليه المادة (21) من قانون سوق رأس المال، التي أجازت وقف عروض طلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار, ووقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل فيها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه عندما تثبت مخالفة الشركة لأحكام القانون المشار إليه أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له, وأجاز المشرع لرئيس البورصة بالنسبة إلى العروض والطلبات التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار أن يصدر قرارا بوقف تلك العروض والطلبات, كما أجاز له وقف التعامل على الورقة المالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه.

وترتيبا على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق أنه على إثر نزاع قضائي بين المدعي والشركة المصرية للأسمنت (......) وبعض المساهمين في هذه الشركة حول أحقيته في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال خلال عام 1999، قضى بأحقيته في الاكتتاب فى الأسهم البالغة 272 مليون جنيه يخصه منها 10880 سهما من أسهم شركة (..........)، وذلك بحكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق بجلسة 3/6/2008 المؤيد بحكم محكمة النقض في الطعن رقم 3196 لسنة 78ق بجلسة 23/3/2010, فقامت الهيئة العامة للرقابة المالية بدراسة الموقف القانوني لهذه الأسهم بناء على هذه الأحكام، وانتهت إلى أحقية المدعي في جميع الحقوق التي للأسهم الأصلية محل النزاع البالغ عددها 15600 سهم قبل التجزئة، مع ما يترتب على ذلك من حق الاكتتاب فى جميع الزيادات النقدية لرأس المال، وكذا حقه في الأسهم المجانية, وبناء عليه قامت الهيئة بمخاطبة شركة (........) بتاريخ 15/9/2010 بالكتاب رقم 20664 بالالتزام بتمكين المدعي من الحصول على الأسهم التي تم بيانها بالكتاب من المساهمين، كل بمقدار ما يجب عليه رده، ومن بينهم الشركة المدعى عليها (الطاعنة في الطعن الماثل) والتى يجب عليها رد 365300 سهم، ثم صدر قرار رئيس الهيئة رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور للآلية القانونية لرد الأسهم المستحقة إلى المدعي, فانتهت اللجنة إلى أن الثابت من دراسة قطاع الأدوات المالية بالهيئة استقرار ملكية الأسهم في ذمة عدد من قدامى المساهمين الذين لم يختصم أي منهم في الدعاوى الصادر بشأنها الأحكام لمصلحة المساهم (المدعي)، ولما كانت الهيئة غير منوط بها تنفيذ هذه الأحكام إلا ما يدخل في اختصاصها على نحو مباشر, فإنها لا يسعها إلزام المساهمين نقل ملكية هذه الأسهم إليه, غير أنه بالنظر إلى اختصاصها بالقيام على حماية استقرار سوق رأس المال وحماية مصالح المتعاملين فيه, وفي ضوء الأحكام القضائية المشار إليها وما انتهى إليه الرأي الفني، فإنه يكون من الملائم استخدام الهيئة للسلطة المقررة لرئيسها بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المملوكة لقدامى مساهمي الشركة يساوي عدد الأسهم المستحقة للمساهم المذكور، وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين به، لاسيما في ضوء المنازعات الجدية المثارة، وعلى نحو مؤقت لحين انتهاء تلك النزاعات رضاء أو قضاء، ولتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له، وبناء عليه صدر قرار رئيس الهيئة رقم 8 لسنة 2011 بوقف التعامل على عدد الأسهم المبينة بالقرار، ومنها 365300 سهم المملوكة لشركة (........)، وأنه لما كان هذا القرار قد صدر تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على ذلك العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين به، لاسيما فى ضوء النزاعات الجدية المثارة وعلى نحو مؤقت لحين انتهائها رضاء أو قضاء، ولتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له، وإعمالا للسلطة المخولة لرئيس الهيئة بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال، ودون تعسف من جانبه في استعمال هذه السلطة أو الانحراف بها إلى غايات غير مشروعة، فمن ثم يكون هذا القرار قد جاء قائما على الأسباب المبررة لإصداره متفقا وأحكام القانون، ويضحى قرار لجنة التظلمات الرابعة فى التظلم رقم 4 لسنة 2011 المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء ذاك القرار بوقف التعامل على عدد 365300سهم المملوكة لشركة (.........) فى شركة (.........)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، قد صدر واقعا في حومة مخالفة القانون خليقا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

واستطردت المحكمة: لا ينال من ذلك ما استند إليه قرار اللجنة من أن قرار وقف التعامل قد جاء معتديا على اختصاص السلطة القضائية؛ إذ إن هذا القول يجافي الفهم القانوني الصحيح للدور الذى منحه المشرع للهيئة والذي يقوم على حماية سوق رأس المال وحماية المتعاملين فيه، والذي ظهر جليا في الدعوى الماثلة حينما قررت وقف التعامل على الأسهم المتنازع عليها؛ حتى لا يقع المتعاملون على هذه الأسهم في صعوبات قانونية بكثرة حلقات النزاع الناتج عن كثرة التداول.

وإذ لم ترتض الشركة الطاعنة هذا الحكم أقامت طعنها الماثل ناعية عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأسباب محصلها:

(1) أن المشرع نظم بمواد القانون الخاص بشركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وبمواد لائحته التنفيذية، الصادرة بقرار وزير شئون الاستثمار والتعاون الدولى رقم 96 لسنة 1982، الآلية الواجب اتباعها فيما يتعلق بزيادة رأس مال الشركة المصدر أو المرخص به، كما أنه في ضوء أحكام مواد هذا القانون أرقام (55 و58 و161) لا يجوز لذوي الشأن رفع دعوى بطلان أي تصرف أو تعامل أو قرار يصدر عن أجهزة الشركة على خلاف حكم القانون بعد مضي سنة من تاريخ علمهم بالقرار المخالف للقانون، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول أسقط حقه في طلب بطلان القرار الصادر عن الشركة بعدم تمكينه من الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال، سواء تم حساب مدة السقوط من تاريخ قرار مجلس إدارة الشركة بزيادة رأس المال، وهو 15/12/1998، وبدعوة المساهمين للاكتتاب فيه، أو من تاريخ صدور الحكم بأحقيته فى الاكتتاب، وهو 3/6/2008، لاسيما أن طلب البطلان لم يكن أحد طلبات المذكور فى الدعوى الصادر فيها هذا الحكم.

(2) أن الفقه والقضاء مستقر على أن ركنا جوهريا من أركان الوظيفة الإدارية يكمن في أن تقتصر الإدارة على ممارسة اختصاص يتعلق بموضوع إداري، ومن ثم فإن القرارات التي تصدر بشأن موضوع يحجزه الدستور صراحة أو ضمنا للمشرع أو للقضاء تكون منعدمة.

(3) أن حجية الأحكام على وفق المادة (101) من قانون الإثبات مقصورة على من كان طرفا في الخصومة الصادر فيها الحكم.

(4) أن القرار رقم 8 لسنة 2011 الصادر عن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف التعامل على عدد من أسهم الشركة ........، ومن بينها 365300 سهم مملوكة للشركة الطاعنة، قد انحرف بسلطاته، حيث أصدر قرارا إداريا لتنفيذ حكم قضائي ضدها، وهي ليست مختصمة في الدعاوى الصادر فيها هذا الحكم سبب القرار، وهو –من ثم– ليس حجة عليها فيما قضى به، ولا يجوز أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر فى التنفيذ على أموالها أو غل يدها عن التصرف فيها دون حق أو مبرر.

(5) أن المقصود بالأحكام القابلة للتنفيذ الجبري هي تلك الأحكام التي تصدر في طلب موضوعي، وتتضمن إلزام أي من الخصمين أداء معينا، بحيث إذا تقاعس عن تنفيذه أمكن إجباره على ذلك بواسطة السلطة العامة، ومن ثم يخرج عن ذلك تلك الأحكام التي تقتصر على تقرير حق دون إلزام بأداء معين، كما هو الشأن بالنسبة للحكم الصادر للمطعون ضده الأول بأحقيته في الاكتتاب فى أسهم الزيادة الحاصل خلال عام 1999، وإذ أصدرت الهيئة قرارها بناء على تفسير هذا الحكم من لجنة مشكلة من قبلها بأن تنفيذه يكون برد الأسهم التى كان يحق للمطعون ضده الأول أن يكتتب فيها ممن اكتتبوا فيها وصارت ملكا لهم، وأن على الشركة أن تمكنه من تلك الأسهم، فإن قرارها يكون هو والعدم سواء، لاسيما وأن هناك اغتصابا لاختصاص المحكمة في تفسير الحكم.

(6) أن هذا القرار جاء بما لم تفصل فيه المحاكم المختصة، حيث قرر وقف التعامل على أسهم أربعة مساهمين فقط من المساهمين بشركة (..........)، وأن حقيقة الأمر أن هذا القرار هو قرار بتوقيع عقوبة لإجبار بعض المساهمين بهذه الشركة للرضوخ إلى ما أفتت به الهيئة لمصلحة المطعون ضده الأول، حيث تم وقف التعامل على أسهم من شملهم القرار إلى أن تتم تسوية النزاع لمصلحة المذكور رضاء أو قضاء دون تحديد ميعاد زمني لذلك، وعلى الرغم من عدم وجود منازعات قضائية قائمة وقت صدور هذا القرار المنعدم من الناحية القانونية.

(7) أن الهيئة قد اغتصبت اختصاص قاضي التنفيذ، وقامت بإصدار قرارها بعد أن ثبت لها استحالة تنفيذ هذا الحكم ضد أطراف الخصومة.

(8) أن المشرع قد حصر حالات بعينها في المادة (21) من قانون سوق رأس المال يستخدم رئيس الهيئة سلطته بشأنها، ومن ذلك سلطة وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق والمتعاملين فيه، وهو الأمر المتعلق بالورقة المالية المقيدة والمتداولة بالبورصة والتي تستلزم الضرورة التدخل من قبل الهيئة بإصدار قرار بوقف التعامل إذا تحققت مظنة قصد التلاعب فى الأسعار أو الإضرار بالسوق، وإلا كان مبرر التدخل مفقودا، كما هو الحال بالنسبة للقرار رقم 8 لسنة 2011 الذي حمل في ديباجته الغاية من إصداره، حيث تضمنت وقف التعامل لحين انتهاء النزاع القائم بين الأشخاص المقيدة باسمهم تلك الأسهم والمساهم (المطعون ضده الأول) رضاء أو قضاء، بما يعني أن هذا القرار لم يصدر لمنع حالة من الحالات التي حصرها المشرع فى المادة (21) المشار إليها، بل صدر لإجبار الشركة وهؤلاء المساهمين (ومنهم الشركة الطاعنة) على تمكين المذكور من تلك الأسهم.

(9) أن نص المادة (31) من قانون سوق رأس المال الذي استند إليه الحكم ليست له أية صلة بموضوع النزاع الماثل.

(10) يضاف إلى ما تقدم افتقاد القرار إلى عنصري الاستعجال والخطر المبررين لتدخل الهيئة بإصداره، حيث إنه مضى على الاكتتاب واعتماد الهيئة لإجراءاته ما يزيد على أربعة عشر عاما، كما أن الحكم الذى استند إليه القرار صدر فى 8/11/2008.

(11) فضلا عما تقدم فإن هذا القرار معدوم لأن الدستور قد صان الملكية الخاصة، فلا يجوز فرض الحراسة عليها أو مصادرتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي.

وخلص الطاعن (بصفته) إلى أن الحكم الطعين قد أخطأ في تفسير وتطبيق النصوص التي ركن إليها، لاسيما أنه ليست هناك نزاعات جدية مثارة؛ لأن مثل هذه النزاعات قد حطت أوزارها منذ عام 2008 بصدور الحكم المقرر لأحقية المطعون ضده الأول في الاكتتاب الحاصل عام 1998, وأنه كان يتعين عليه لتمكينه من الأسهم التي كان له أن يكتتب فيها أن يطلب ذلك في الدعوى الصادر فيها الحكم بأحقيته في الاكتتاب، وهو ما لم يفعله, ومن ثم فلا يجوز لجهة الإدارة أن تصدر قرارا بوقف التعامل فيها، وأن يظل وقفه قائما معلقا على إرادة المطعون ضده الأول.

وقد قام المطعون ضده الأول بالرد على أسباب الطعن بمضمون ما ورد بعريضة الدعوى وبما ذكره من أن القرار رقم 8 لسنة 2011 لم يصدر -كما تزعم الشركة الطاعنة- لتنفيذ الحكم الصادر لمصلحته، بل إن هذا الحكم كان جرس الإنذار بأن استمرار التعامل على الأسهم الصادر بشأنها هذا القرار دون انتهاء النزاع رضاء أو قضاء، ودون الانتهاء من تمكين صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية لتنفيذ الأحكام الصادرة له، سوف يسبب العديد من المشاكل المتمثلة فى الأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذه الأسهم والإضرار بالسوق والمتعاملين فيه, كما أن الخطر والاستعجال متوفرين، وذلك متمثل في تلافي الأضرار المحتملة في ضوء النزاعات القائمة بشأن تلك الأسهم ولفترة مؤقتة حتى تنتهى هذه النزاعات.

يضاف إلى ذلك أن عدم شمول القرار للأسهم التى كانت مملوكة لشركة (.........) يؤكد أن القرار لم يتدخل فى سلطة قاضي التنفيذ, حيث لم يبتغ تنفيذ الحكم الصادر للمطعون ضده، ولو كان يهدف إلى ذلك لشمل الأسهم التى كانت مملوكة لهذه الشركة, لكن مصدر القرار وضع في حسبانه أن هذه الأسهم قد بيعت فعلا إلى شركة (..........)، وصارت مملوكة لها قبل صدور القرار بمنع التداول, مما يدل على أن الهدف الذى ابتغاه القرار هو حماية سوق الأوراق المالية والمتعاملين فيه؛ تلافيا للأضرار المحتملة التى قد تنشأ عن بيع الأسهم التى لم يتم بيعها بعد، فتتعدد البيوع وتتعقد الأمور ويلحق الاضطراب أي تعامل على تلك الأسهم المتبقية، وهو ما لا يتفق مع وجوب الحرص على استقرار وسلامة التعامل على الأوراق المالية في سوق المال.

وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية تنص على أن: "تنشأ هيئة عامة للرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، تسمى الهيئة العامة للرقابة المالية, تكون لها شخصية اعتبارية عامة, وتتبع الوزير المختص...".

وتنص المادة الثانية منه على أنه: "تختص الهيئة بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك أسواق رأس المال, وبورصات العقود الآجلة, وأنشطة التأمين,...".

وتنص المادة الثالثة على أن: "تحل الهيئة محل كل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين, والهيئة العامة لسوق المال, والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري في تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981, وقانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992, وقانون... كما تحل محل تلك الهيئات فيما تختص به في أية قوانين وقرارات أخرى...".

وتنص المادة الرابعة على أن: "تعمل الهيئة على سلامة واستقرار الأسواق المالية غير المصرفية وعلى تنظيمها وتنميتها, وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, كما تقوم بتوفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق وشفافية الأنشطة التي تمارس فيها, وللهيئة في سبيل تحقيق أغراضها على الأخص القيام بما يأتي: 1-... 5- حماية حقوق المتعاملين في الأسواق المالية غير المصرفية واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش فى تلك الأسواق, وذلك مع مراعاة ما قد ينطوي عليه التعامل فيها من تحمل لمخاطر تجارية. 6-...".

وتنص المادة (21) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 على أنه: "يجوز بقرار من رئيس البورصة وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار. ويكون له إلغاء العمليات التي تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها، أو التي تتم بسعر لا مبرر له. كما يجوز له وقف التعامل على ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه, ولرئيس الهيئة أن يتخذ في الوقت المناسب أيا من الإجراءات السابقة".

ومفاد هذه النصوص أن المشرع أناط بالهيئة العامة للرقابة المالية (التي حلت محل الهيئة العامة لسوق المال في تطبيق أحكام قانون سوق رأس المال) الرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك سوق رأس المال، بحيث تعمل على استقرار هذه الأسواق وتنظيمها، وعلى توازن حقوق المتعاملين فيها, وكذلك توفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق, وللهيئة القيام على الأخص بما عددته المادة الرابعة من قانون تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، ومن بين ذلك: حماية حقوق المتعاملين في هذه الأسواق، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات للحد من التلاعب والغش, وأعطى المشرع رئيس البورصة اختصاص إصدار قرارات حال ما إذا كانت عروض وطلبات التداول ترمي إلى التلاعب في الأسعار, وما إذا كانت هناك عمليات تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها، أو تلك التي تتم بسعر غير مبرر, وما إذا كان فى استمرار التعامل بورقة مالية الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه, حيث خوله المشرع في هذه الحالة الأخيرة وقف التعامل على هذه الورقة المالية, وخول المشرع رئيس الهيئة إصدار قرار عن تلك التي يجوز لرئيس البورصة اتخاذها في الحالات المشار إليها في الوقت المناسب لاتخاذ أي منها، ومن ذلك وقف التعامل على الورقة المالية متى توفر مناط ذلك على وفق المادة (21) المذكورة.

ومقتضى ما سلف ذكره في نطاق المادة (21) المشار إليها أن رئيس بورصة الأوراق المالية منوط به مراقبة ما يجري بالبورصة، وأن عليه أن ينشط لاتخاذ ما يلزم من قرارات لمنع التلاعب في الأسعار, ولإجبار المتعاملين في الأوراق المالية على الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها, ولحملهم على التعامل بأسعار متوازنة, وللحيلولة دون الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه من جراء استمرار التعامل بورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها تحقق ذلك الإضرار, وأن رئيس الهيئة مخول -بما للهيئة من اختصاص الرقابة والإشراف على الأسواق، وما يلزم أن تقوم به تحقيقا لسلامتها واستقرارها وتوازن حقوق المتعاملين فيها– باتخاذ أي من تلك القرارات متى استلزم الأمر واستوجب تدخله بتحقق موجب ذلك عند توفر مناط إصدار قرار عنها دون إصداره من قبل رئيس البورصة على وفق المنطق القانوني السديد لتخويل المشرع الاختصاص نفسه لكل منهما, وفي ضوء ما يومئ إليه ما تضمنته تلك المادة من اتخاذ أي من تلك القرارات من قبل رئيس الهيئة "في الوقت المناسب".

وحيث إنه لما كان القرار الذي يتخذ على وفق المادة (21) المذكورة سالفا بوقف التعامل على ورقة مالية منوطا بأن يكون استمرار التعامل بها مرتبا إضرارا بالسوق أو المتعاملين فيه, فإن لازم ذلك أن يكون هناك ضرر محقق يمس سلامة السوق أو المتعاملين فيه, وقع فعلا أو محتمل الوقوع لو لم يتم إيقاف التعامل على الورقة, مما يكون لزاما معه تطبيق هذا الحكم بشأن الحالات الواجب حتما تطبيقه بشأنها، دون توسع فيها, ويتحقق ذلك عندما تتوفر أدلة يقينية على وقوع الضرر أو احتمال تحقق وقوعه, دون أن يكون جائزا إصدار القرار على أساس ضرر مظنون؛ إذ إن وقف التعامل –حالتئذ– على الورقة يكون ملحقا ضررا لذوي الشأن مالكي هذه الورقة تفاديا لضرر غير محقق، بما يناقض مقصود المشرع من إصدار مثل هذا القرار.

وحيث إن الثابت من الأوراق أن هناك نزاعا قام بين المطعون ضده الأول والشركة المصرية للأسمنت, حيث أقام ضدها الدعوى رقم 983 لسنة 2001 أمام محكمة الجيزة الابتدائية، طالبا الحكم بثبوت حقه في الاكتتاب في عدد 10880 سهما من أسهم زيادة رأس مال هذه الشركة، وذلك بتاريخ 8/7/1999, وبجلسة 24/7/2005 صدر الحكم برفض الدعوى, فأقام الاستئناف رقم 4208 لسنة 122ق أمام محكمة استئناف القاهرة، حيث صدر الحكم فيه بجلسة 3/6/2008 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف:... في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس مال الشركة المذكورة, وقد تقدم المطعون ضده الأول عن طريق وكيله إلى الهيئة العامة للرقابة المالية، طالبا إلزام شركة (..............- الشركة .......... سابقا) بتمكين موكله من الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال الذي تم خلال عام 1999 وما تبعها من زيادة أخرى في رأس المال عام 2000, فقام قطاع الأدوات والتقارير المالية بدراسة هذا الطلب، منتهيا إلى أنه بناء على الأحكام النهائية الصادرة بأحقية المذكور في الاكتتاب في أسهم الزيادة البالغة 272 مليون جنيه الذى تم خلال عام 1999، ويخصه منها 10880 سهما من أسهم هذه الشركة, فإنه يكون له جميع الحقوق التي للأسهم الأصلية البالغ عددها 15600 سهم قبل التجزئة، وما يترتب عليها من حق الاكتتاب فى جميع الزيادات النقدية التالية لرأس المال, وكذا الحق فى الأسهم المجانية، وإنه بمراعاة تجزئة السهم من 1000 جنيه إلى 10 جنيهات، يكون ما يجب رده إلى المساهم المذكور هو 1334600 سهم، مع مراعاة حق هذه الأسهم فى التوزيعات النقدية التى تمت فى الفترة اللاحقة لتاريخ كل زيادة, وأن على الشركة الالتزام بتمكينه من الحصول على هذه الأسهم من المساهمين الذين حددهم ذاك القطاع بدراسته، ومن بينهم الشركة الطاعنة, وبناء عليه تم مخاطبة شركة (........) بذلك بكتاب الهيئة رقم 20664 فى 15/9/2010 , ثم صدر قرار رئيس الهيئة رقم 582 لسنة 2010 بتاريخ 28/11/2010 بتشكيل لجنة لإعداد تصور للآلية القانونية لرد الأسهم للمطعون ضده الأول, فانتهت إلى أنه لما كان الثابت بدراسة قطاع الأدوات المالية بالهيئة استقرار ملكية تلك الأسهم فى ذمة عدد من قدامى مساهمي الشركة، والذين لم يختصم أي منهم فى الأحكام الصادرة لمصلحة المساهم المذكور, وكانت الهيئة ليس منوطا بها تنفيذ الأحكام إلا ما يدخل في اختصاصها بشكل مباشر, ومن ثم فليس بوسعها إلزام المساهمين المحددين بتلك الدراسة (ومنهم الشركة الطاعنة) نقل ملكية الأسهم للصادر لمصلحته الحكم (المطعون ضده الأول)، إلا أنه بالنظر إلى اختصاص الهيئة بالقيام على حماية استقرار سوق رأس المال وحماية مصالح المتعاملين فيه وفي حدود الأحكام النهائية، فإنه يكون من الملائم استخدام الهيئة للسلطة المقررة لرئيسها بمقتضى نص المادة (21) من قانون سوق رأس المال بوقف التعامل على عدد من الأسهم المملوكة لقدامى مساهمي الشركة يساوي عدد الأسهم المستحقة للمساهم المذكور, وذلك تلافيا للأضرار المحتملة من استمرار التعامل على هذا العدد من الأسهم بالسوق والمتعاملين فيه، لاسيما في ضوء المنازعات الجدية المثارة بناء على الأحكام القضائية الصادرة, وذلك على نحو مؤقت لحين انتهاء النزاع رضاء أو قضاء, وليتمكن صاحب الشكوى من استكمال الإجراءات القانونية والقضائية تنفيذا للأحكام الصادرة له, وبناء على ذلك صدر القرار رقم 8 لسنة 2011 بتاريخ 6/1/2011 متضمنا النص في مادته الأولى على وقف التعامل على الأسهم المبينة به للورقة المالية (..........) لحين انتهاء النزاع القائم بين الأشخاص المقيدة باسمهم والمساهم السيد/... (المطعون ضده الأول) رضاء أو قضاء, ومن بين هذه الأسهم عدد 365300 سهم مملوكة للشركة الطاعنة, فقامت هذه الشركة بالتظلم من هذا القرار، فصدر قرار لجنة التظلمات رقم 4 لسنة 2011 بتاريخ 14/3/2011 بإلغاء القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار, على سند من أنه صدر بالمخالفة للقانون، ومغتصبا سلطة قاضي التنفيذ الذى عهد إليه المشرع تنفيذ الأحكام القضائية من خلال إدارة التنفيذ, بما يجعل القرار صادرا عن جهة غير مختصة بإصداره.
وحيث إن البادي بجلاء من ذلك أن نهوض الهيئة بإصدار قرارها رقم 8 لسنة 2011 الذي قامت الشركة الطاعنة بالتظلم منه إلى لجنة التظلمات طالبة إلغاءه فيما تضمنه من وقف التعامل على عدد 365300 سهم المملوكة لها، كان بناء على طلب المطعون ضده الأول إلزام الشركة المصرية للأسمنت (........) بتمكينه من الاكتتاب في أسهم الزيادة فى رأس مالها والذى تم خلال عام 1999 وما تبعها من زيادة أخرى عام 2000 – كما ورد صراحة فى مذكرة قطاع الأدوات والتقارير المالية المؤرخة في 21/2/2011–، مستندا فى طلبه إلى ما صدر لمصلحته من حكم بات بأحقيته فى الاكتتاب فى أسهم زيادة رأس مال الشركة, وقد استندت الدراسة التى أعدها قطاع الأدوات والتقارير المالية, وكذا اللجنة التى تم تشكيلها لإعداد تصور للآلية القانونية لرد تلك الأسهم للمطعون ضده الأول, إلى هذا الحكم, وهو ما يبدو منه جليا أن ما تم من دراسة من قبل ذلك القطاع, وما عمدت إليه هذه اللجنة، ومن ثم القرار المشار إليه, لم يكن الملجئ إليه وقوع ضرر فعلا، أو أن هناك ضررا محققا محتمل الوقوع من جراء استمرار التعامل بتلك الأسهم يلحق بالسوق أو المتعاملين فيه, بل كان الدافع إلى ذلك تمكين الصادر لمصلحته الحكم المشار إليه من استكمال إجراءاته القانونية والقضائية تنفيذا لهذا الحكم وحتى انتهاء النزاع الذى زعمت الهيئة قيامه بين المذكور والمساهمين الذين أوقف التعامل على أسهمهم, رغم علمها وإقرارها بأنها ليس منوطا بها تنفيذ ما صدر من حكم ضد الشركة المصرية للأسمنت (...........)، وأن أيا من هؤلاء المساهمين لم يكن خصما فى النزاع الصادر بشأنه هذا الحكم, كما أن الأوراق جاءت جدباء مما يفيد أن هناك نزاعا آخر قام فيما بينهم بشأن تلك الأسهم، بحسبان أن الحكم صدر ضد الشخص المعنوي المذكور، وليس ضد الشركة الطاعنة (أحد مساهمي هذا الشخص المعنوي)، ومن ثم فليس للهيئة اختصاص باتخاذ قرار لتمكين المطعون ضده من تنفيذ هذا الحكم، لاسيما أنها –إضافة إلى ما ذكر– ليست طرفا في الخصومة التي صدر بشأنها, كما أنه ليس هناك ما يحول دون اتخاذ المذكور ما من شأنه نقل ملكية تلك الأسهم إليه على وفق أحكام القانون الواجب اتباعها فى هذا الشأن.

وبناء على ذلك فإن مناط إصدار قرار –على وفق المادة (21) المشار إليها– بوقف التعامل على أسهم الشركة الطاعنة، والذي نازعت فيه الهيئة، غير متوفر, فضلا عن انتفاء موجب تدخل رئيس الهيئة على وفق صحيح حكم هذه المادة الذى استلزم تدخله في الوقت الذى يكون حتما عليه ذلك بعدم تدخل رئيس البورصة، خاصة أن الحالة التى أصدر قراره المشار إليه بشأنها لا تندرج بحال ضمن الحالات التى يطبق بصددها حكم تلك المادة، إذ لم يثبت أن هناك ضررا محققا يحتمل وقوعه يلحق بالسوق أو المتعاملين فيه من جراء التعامل على ذلك العدد من أسهم الشركة الطاعنة, ومن ثم يكون قرار لجنة التظلمات فى التظلم رقم 4 لسنة 2011 بإلغاء ذلك القرار فيما تضمنه من وقف التعامل على هذه الأسهم (والذى أقيمت طعنا عليه الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين) متفقا وصائب حكم القانون للأسباب المذكورة آنفا، بغض الطرف عن ذلك السبب الذي اتخذته هذه اللجنة قواما لقرارها؛ بحسبان أن رقابة المشروعية التى تباشرها المحكمة لا يحدها ذاك السبب الذى استندت إليه اللجنة؛ إعمالا لواسع سلطان المحكمة، بسطا لتلك الرقابة بروافدها التى يستلزمها بسطها, وهو ما تكون معه الدعوى مفتقرة سندا قانونيا للقضاء بما أقيمت لأجله، متعينا القضاء برفضها.
وحيث إن الحكم الطعين ذهب غير هذا المذهب, فإنه يكون مجافيا صواب القانون, بما يتعين معه الحكم بإلغائه, والقضاء مجددا برفض الدعوى.
وحيث إن من يخسر النزاع يلزم مصروفاته عملا بالمادتين (184) و(240) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتى التقاضي.





الاثنين، 9 أغسطس 2021

منشور فني رقم 7 بتاريخ 24 / 2 / 2021 بشأن ميكنة دورة العمل في مأموريات الشهر العقاري

     وزارة العدل

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق

الإدارة العامة للبحوث القانونية

-----------------------

منشور فني رقم 7 بتاريخ 24 / 2 / 2021

إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها

والإدارات العامة بالمصلحة

---------------------

تشهد المصلحة في هذه الآونة تطورا ملحوظا في مجال ميكنة دورة العمل في مأموريات الشهر العقاري الخاضعة للقانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ولائحته التنفيذية بما يعكس إصرار وزارة العدل على تحديث منظومة العمل بمصلحة الشهر العقاري ، وهذا التطور يقتضي النظر في بعض المفاهيم النمطية المتبعة في مأموريات الشهر العقاري دون مخالفة لنص في القانون أو اللائحة التنفيذية ودون تفويت لغرض مقصود في ذاته .

1 - وحيث إن من هذه المفاهيم الدارجة في العمل ما نصت عليه المادة 33 / 3 من التعليمات من مراجعة الطلبات مراجعة أولى ومراجعة ثانية من اثنين من الأعضاء الفنيين بالمأمورية ، فهذا النص لا موجب له من القانون أو اللائحة والأولى أن يكتفى بمراجعة العضو الفني المختص ليقوم رئيس المأمورية بمراجعة واعتماد ما قام به العضو المختص ، فيكون قد حل بهذا محل المراجعة الثانية للطلب ، ولا ريب في أن هذا التعديل سيكون ادنى إلى تيسير الإجراءات وسرعة إنهاء إجراءات الطلبات على ان تبقى مراجعة مشروعات المحررات لرئيس المأمورية كمراجعة ثانية وفقا لما نصت عليه التعليمات القائمة .

وجدير بالذكر ان هذا التعديل لن يثقل كاهل رئيس المأمورية بعبء زائد ؛ لان ميكنة دورة العمل بالمأمورية من شانها تيسير كثير من الإجراءات التي كانت تتم بصعوبة ومشقة في النظام الورقي .

2 - ومن مقتضيات الاستجابة أيضا لدواعي التطوير وتيسير الإجراءات إعادة النظر في طريقة تقديم سند الملكية المشهر للمتصرف في الطلبات التي تبحث فيها الملكية فبدلا من الزام صاحب الشأن بتقديمها ورقيا في الشكل المعتاد اصبح ممكنا استدعاء صور المحررات المشهرة من قاعدة البيانات إن وجدت لان مأموريات الشهر المميكنة مربوطة بهذه القاعدة مع الزام ذوي الشأن في هذه الحالة بدفع رسوم الصور بالمأمورية وذلك وفقا لما قضت به المادة 27 من قانون تنظيم الشهر العقاري والمادة 32 من التعليمات .

3 - وأخيرا فان تشغيل النظام الجديد في مأموريات الشهر العقاري لا يتناسب مع إمساك الدفاتر الورقية ذلك بأن القانون عندما نص على إمساك المأمورية دفتر الطلبات والمشروعات ( م 25 ، م 28 / 1 ) لم يحدد شكل هذه الدفاتر ولم يوجب إمساكها في صورتها الورقية فيجوز إمساك دفاتر مميكنة مشتملة على نفس الخانات والبيانات التي نص عليها القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ولائحته التنفيذية ، كما أن الدفاتر المميكنة المحفوظة على قواعد البيانات تحوز من التامين ما تحوزه الدفاتر الورقية وزيادة كما انه يمكن طباعتها ورقيا كل مدة والاحتفاظ بها في صورة ورقية معدلة كلما دعت الحاجة ، وهو ما ينطبق أيضا على دفاتر الصادر والوارد وسائر الدفاتر التي يوفرها النظام المميكن .

وغني عن البيان أن الحاجة إلى الاستغناء عن الدفاتر الورقية والاستعاضة عنها بنظيرتها المميكنة نابعة من مشقة الجمع بين إمساك الدفاتر الورقية إلى جانب إدخال البيانات على النظام ومن الحاجة إلى عدم ازدواجية أو تكرار إجراءات ودورة العمل الواحدة .

بناء عليه

أولا : تسري أحكام البنود التالية في شأن مأموريات الشهر العقاري المميكنة الخاضعة لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري دون غيرها .

1 - تراجع الطلبات ومشروعات المحررات مراجعة فنية أولى من احد أعضاء المأمورية الفنيين على أن تراجع مراجعة فنية ثانية من رئيس المأمورية .

2 - في طلبات الشهر التي تبحث فيها الملكية على المأمورية المميكنة أن تستدعي صورة المحرر المشهر سند الملكية من قاعدة بيانات النظام إن وجدت ، وفي هذه الحالة تسدد رسوم استخراج الصورة الإليكترونية بالمأمورية ، وتبصم بخاتمها ولا يلزم صاحب الشأن بتقديمها ورقيا .

3 - يستعاض عن الدفاتر الورقية بالدفاتر المميكنة المتوفرة على النظام .

ثانيا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والتفتيش المالي ، والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين ورؤساء مأموريات الشهر المميكنة مراعاة تنفيذ ما تقدم بكل دقة .

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه






الأحد، 8 أغسطس 2021

منشور فني رقم 10 بتاريخ 7 / 4 / 2021 بشأن سداد المستحقات المالية في مشروعات التنمية السياحية

    وزارة العدل

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق

الإدارة العامة للبحوث القانونية

-----------------------

منشور فني رقم 10 بتاريخ 7/ 4 / 2021

إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها

والإدارات العامة بالمصلحة

---------------------

ورد للمصلحة كتاب السيد المستشار / مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق رقم 123 المؤرخ 10/3/2021 مرفقا به كتاب السيد المستشار / مساعد وزير العدل لشئون المكتب الفني رقم 126 بتاريخ 11 / 2 / 2021 في شأن ما تضمنه الكتاب الدوري الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء رقم 17736 بتاريخ 24/6/2019 باستيداء مقابل خدمات عن كل متر مربع من أراضي مشروعات التنمية السياحية لصالح صندوق تطوير العشوائيات للسماح بتنفيذ المشروع السياحي وتسجيل التصرفات الواردة عليه بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق واعتبار ذلك مبدأ عام .

بناء عليه
أولا : يجب على مكاتب الشهر العقاري ومأمورياته قبل السير في إجراءات تسجيل أراضي مشروعات التنمية السياحية التابعة للهيئة العامة للتنمية السياحية ، التأكد من وجود موافقة صريحة من الهيئة العامة للتنمية السياحية على السير في إجراءات الشهر وسداد كامل المستحقات المالية ومنها ما هو مقرر لصالح صندوق تطوير العشوائيات .

ثانيا على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والتفتيش المالي الثلاث ، والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين ورؤساء مأموريات الشهر العقاري مراعاة تنفيذ ما تقدم.

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه





منشور فني رقم 8 بتاريخ 6 / 3 / 2021 بشأن إرجاء العمل بالقانون 186 لسنة 2020

   وزارة العدل

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق

الإدارة العامة للبحوث القانونية

-----------------------

منشور فني رقم 8 بتاريخ 6/ 3 / 2021

إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها

والإدارات العامة بالمصلحة

---------------------

صدر القانون رقم 5 لسنة 2021 وتم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد 9 (مكرر) في 6 مارس سنة 2021 بإرجاء العمل بالقانون 186 لسنة 2020 بتعديل قانون الشهر العقاري 114 لسنة 1946 وبتعديل بعض احكام قانون الضريبة علي الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005

وقرر :

المادة الأولى :  يرجأ العمل بالقانون رقم 186 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري حتي 30 من يونية عام 2023

المادة الثانية :  تُلغي الفقرتان الرابعة والثامنة من المادة (42) من قانون الضريبة علي الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005

المادة الثالثة :  يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .

بناء عليه

أولا : يتم إرجاء العمل بالمنشور الفني 6 بتاريخ 22 / 2 / 2021 حتى تاريخ 30 / 6 / 2023

ثانيا : يلغى العمل بالمنشور الفني 19 لسنة 2018 بشأن الامتناع عن شهر أي تصرف ما لم يقدم صاحب الشأن ما يفيد سداد ضريبة التصرفات العقارية كما تلغى أي تعليمات سابقة تخالف ذلك .

ثالثا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والتفتيش المالي ، والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين ورؤساء المأموريات والمكاتب والفروع مراعاة تنفيذ ما تقدم بكل دقة .

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه .



السبت، 7 أغسطس 2021

حكم الوقف التعليقي لا يُعد حكمًا منهيًا للخصومة في الدعوى ، ويجوز الطعن فيه استقلالاً

الدعوى رقم 1 لسنة 43 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 3 / 7 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يوليه سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من ذى القعدة سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 43 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

شركة الفؤاد فلاور للمطاحن، ويمثلها فؤاد فتحى عبد الحميد عفيفى، بصفته مدير عام الشركة

ضد

1- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات

2- رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات

3- رئيس مصلحة الجمارك

الإجراءات

بتاريخ الثالث من يناير سنة 2021، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: عدم الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 23/10/2007، من محكمة القضاء الإداري بالوقف التعليقى للدعوى رقم 45287 لسنة 70 قضائية. وفى الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/5/2007، في الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، والحكم الصادر بجلسة 2/3/2008، في الدعوى رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، والحكم الصادر بجلسة 4/5/2008، في الدعوى رقم 215 لسنة 26 قضائية "دستورية".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى,

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية، كانت قد أقامت الدعوى رقم 45287 لسنة 70 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة- الدائرة التاسعة عشرة (ضرائب زوجى)، ضد المدعى عليهم، طالبة الحكم بصفة مستعجلة: وقف تحصيل مبالغ ضريبة المبيعات التى لم تسدد، وقدرها1633455 جنيهًا، وفى الموضوع: بعدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات، في فرض وتحصيل ضريبة مبيعات على السلع التى قامت الشركة باستيرادها، وإلزام المطعون ضدهم برد المبالغ التى قامت بسدادها بإجمالي مبلغ 86063 جنيهًا، والفوائد القانونية وقدرها 4% سنويًّا، اعتبارًا من تاريخ رفع الدعوى، حتى تمام السداد. على سند من القول بأن الشركة مسجلة لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، وقد استوردت آلات ومعدات رأسمالية، بغرض تأسيس مصنع، وليس بغرض الاتجار، إلا أن مصلحة الضرائب أخضعت هذه الآلات والمعدات، للضريبة العامة على المبيعات، واضطرت الشركة لسداد جزء من الضريبة، لتتمكن من الإفراج عنها من الجمارك، حتى لا يتعطل نشاطها، وأقامت دعواها بطلباتها السالفة الذكر. وبجلسة 23/10/2019، قضت المحكمة بوقف الدعوى تعليقيًّا لحين الفصل في المسألة المعروضة على المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 102 لسنة 38 قضائية "دستورية"، بشأن مدى خضوع السلع الرأسمالية للضريبة العامة على المبيعات. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن هذا القضاء يشكل عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في الدعاوى الدستورية أرقام: 3 لسنة 23 قضائية، بجلسة 2/2/2008، و28 لسنة 27 قضائية بجلسة 2/3/2008، و215 لسنة 26 قضائية بجلسة 4/5/2008، التي أقرت فيها المحكمة إعفاء السلع والمعدات الرأسمالية المستوردة، وليست المحلية، من الضريبة، متى كان الاستيراد لغير غرض الإتجار؛ حال أن المسألة المطروحة في الدعوى رقم 102 لسنة 38 قضائية "دستورية" تتعلق بسلع محلية، ولا تمتد إلى السلع المستوردة، وكانت السلع التي تطالب الشركة بعدم خضوعها لضريبة المبيعات سلعًا مستوردة، ومن ثم، لا تتأثر بالحكم في هذه الدعوى، ويكون الحكم بوقف الدعوى تعليقًا لحين صدور ذلك الحكم، بمثابة عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا السالفة البيان. ولذلك، فقد أقامت دعواها المعروضة.

وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - كذلك - على أن إعمال آثار الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية، هو من اختصاص محاكم الموضوع. وذلك ابتناءً على أن محكمة الموضوع، هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها، قضاء المحكمة الدستورية العليا؛ باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها. ومن ثم فهي المنوط بها تطبيق نصوص القانون في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا. الأمر الذى يستلزم – كأصل عام – اللجوء إلى محاكم الموضوع بدرجاتها المختلفة، ابتداءً، لإعمال آثار الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء إلى هذه المحكمة هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.

وحيث إن العقبة التي تم تصويرها من قبل الشركة المدعية، تنصرف إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 45287 لسنة 70 قضائية، القاضي: بوقف الدعوى تعليقًا، لحين الفصل في الدعوى رقم 102 لسنة 38 قضائية "دستورية"، طعنًا على عبارة "بغرض الإتجار" الواردة في تعريف "المكلف" و"المستورد"، المنصوص عليهما في المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991. إذ ترى الشركة المدعية، أن الفصل في دستورية هذا النص، لا يرتب انعكاسًا على الفصل في النزاع الموضوعي المقام منها أمام محكمة القضاء الإداري، مما يشكل معه حكمها الصادر بالوقف التعليقي، لحين الفصل في الدعوى الدستورية المار بيانها، عقبة في سبيل تنفيذ الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا، في الدعاوى الدستورية أرقام: 3 لسنة 23، 215 لسنة 26، 28 لسنة 27 قضائية، التي أكدت المحكمة من خلالها عدم خضوع السلع الرأسمالية للضريبة العامة على المبيعات، إذا كان استيرادها لغير قصد الاتجار، خاصة أن المحكمة الدستورية العليا- ذاتها - أكدت في أحكامها الصادرة في هذا الشأن أنها تحوز حجية مطلقة، بما لا يجوز معه مخالفة هذه الحجية، عملاً بأحكام المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

وحيث إن الحكم الصادر بالوقف التعليقي إعمالاً لنص المادة (129) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، لا يُعد حكمًا منهيًا للخصومة في الدعوى الموضوعية، ويجوز الطعن فيه استقلالاً، طبقًا لنص المادة (212) من القانون ذاته، للفصل في مدى وجود ارتباط بين الدعوى الأصلية والمسألة الأولية، أو في جدية تلك المسألة، أو غير ذلك من الأسباب. وكانت الشركة المدعية، قد استبقت الأمر، بإقامة منازعة التنفيذ المعروضة، ابتغاء الحكم بالاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية المشار إليها، وإعمال آثارها على النزاع الموضوعي، بدلاً من سلوك السبيل الطبيعي، بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، صاحبة الاختصاص الموضوعي الأصيل، للتقاضى أمامها، وصولاً إلى تصحيح الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، حال وجود مثالب حياله. وهو الأمر الذى كان يجب اتباعه، إذا ما أرادت الشركة المدعية تصحيح حكم القضاء الإدارى، ليتواكب مع قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه. وإذ لم تتبع الشركة المدعية هذا السبيل بل تنكبته، ملتجئة إلى طريق منازعة التنفيذ؛ فمن ثم تنحل دعواها المعروضة – بهذه المثابة – إلى طعن على الحكم الصادر في النزاع الموضوعى، وهو ما يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، ويتعين بالتالى القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.

وحيث إنه عن الطلب العاجل، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في هذه الدعوى، وإذ انتهى الحكم إلى عدم قبول الدعوى، فإن تولى هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- اختصاص البت في هذا الطلب يكون، على ما جرى به قضاؤها، قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.